موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      معمل التجارب السرية - رواية غامضة

      معمل التجارب السرية

      2025, أحمد هشام

      فلسفية

      مجانا

      بنت اسمها ديانا، بتصحى تلاقي نفسها متكتفة في سرير في مكان غريب مش مستشفى، بعد عملية معرفش إيه هي. بتكتشف إن اللي عامل فيها كده واحد اسمه دكتور سويني، بيحاول يعمل عليها تجربة عشان تبقى إنجازه الأكبر. ديانا بتحاول تهرب منه وتفهم إيه اللي حصلها، وهو بيرفض يسيبها عشان بيقول إنها هتموت من غيره، وبيفضل يراقبها ويتحكم فيها لحد ما بيفك إيديها عشان تشوف النتيجة اللي عملها.

      ديانا

      بنت جامعية بتصحى تلاقي نفسها محبوسة ومتكتفة في مكان غريب بعد عملية مش فاكراها. بتكتشف إنها ضحية تجربة غريبة، وبتحاول تفهم إيه اللي حصلها وتهرب من اللي خطفها. شخصيتها قوية وبتحاول تقاوم رغم كل اللي بتمر بيه من وجع وقلق.

      دكتور سويني

      خطف ديانا وعملها العملية الغريبة. شخصية غامضة بيشوف ديانا كـ "إنجازه" كلامه بارد ومخيف وواضح إنه مريض نفسي بيعمل تجارب على البشر. هدفه إنه ينجّح تجربته بغض النظر عن أي حاجة تانية.
      تم نسخ الرابط
      معمل التجارب السرية - رواية غامضة

      من ساعة ما دخلت الجامعة السنة اللي فاتت، كان فيه ليالي كتير بصحى فيها سكرانة ومش فاكرة حاجة، وألاقي نفسي في أوضة نوم صاحبتي. بس بطريقة ما، قبل ما أفتح عيني، عرفت إن الصبح ده مختلف.
      
      وجع انتشر في صدغي واشتد وبقى نار ماقدرش أتحملها ورا عيني. بوقي كان ناشف، وحرقان نزل في زوري وأنا باخد نفس عميق. كان فيه حكة تحت مناخيري. مديت إيدي عشان أهرش، بس حاجة حفرت في رسغي. شديت دراعي بس ما اتحركتش كتير قبل ما معدن ساقع يضغط على جسمي. شديت دراعي تاني، وكان فيه صوت طنين معدني. سحبت دراعي التاني ناحية وشي، بس نفس الحلقة المعدنية المزعجة كانت ماسكاني مكاني.
      
      وجع حاد نزل على جنب جمجمتي. حاولت أفتح عيني عشان أبص على رسغيني. لما فتحت عيني، لقيت الدنيا ضلمة. جاتلي رغبة إني أمد إيدي وألمس وشي، بس كنت محبوسة. حاولت أشد نفسي وضهر إيدي وجعني.
      
      كنت بنهج بصعوبة. كان فيه صوت صفير خفيف وثابت جنبي. فتحت بوقي عشان أتكلم، بس ما طلعش غير صوت ضعيف. قفلت بوقي وحاولت أجمع ريق عشان أبل لساني.
      
      "مساعدة."
      
      كنت عايزة أصرخ، بس صوتي يا دوبك كان همس.
      
      "ساعدوني." صوتي كان خشن. ما كانش صوتي أنا. "من فضلكم، حد."
      
      قبضت إيدي وعملتها كفوف وسحبت دراعاتي. كان فيه طنين تاني للمعدن ووجع حاد في رسغيني.
      
      دي ما كانتش صحوة من ليلة سكر. أنا مشربتش أي حاجة إمبارح. افتكرت وأنا مروحة من التمرين والمزيكا عالية في وداني لما حد مسكني من ورا. إيد كبيرة اتحطت على بوقي وبعدها إحساس بوخزة حادة في دراعي.
      
      ضغط اتكون في صدري وأنا لسه بحاول أحرر نفسي. الصفير اللي جنبي زادت سرعته وبقى أسرع.
      
      "من فضلكم!" صرخت. لفيت ضهري وأنا بحاول أزق نفسي من السرير اللي كنت نايمة عليه. "من فضلكم، ساعدوني!"
      
      الصافير زاد سرعته أكتر.
      
      كان فيه صدى خطوات. كتمت نفسي ورجعت نمت على السرير. الخطوات زادت بصوت أعلى لما شخص قرب مني.
      
      "من فضلك، من فضلك سيبني أمشي،" قلت.
      
      الخطوات وقفت والعجل عمل صوت صرير. إيد استقرت على راسي. اتحركت فجأة للجنب وبعيد عن الشخص. جزيت على سناني والوجع نزل في رقبتي. الإيد طبطبت على شعري وحاولت أبعد نفسي عن الشخص.
      
      "اهدي يا ديانا،" قال صوت راجل. "إنتي محتاجة ترتاحي."
      
      "أنا فين؟" سألت.
      
      "إنتي في فترة النقاهة،" قال. "العملية نجحت. بس ده مش معناه إنك بقيتي في أمان. أنا كان عندي مريضة واحدة بس قبل كده وماتت بعد العملية بيوم واحد."
      
      شفايفي ارتعشت. الراجل رجّع خصلة من شعري ورا وداني. ظبط حاجة تحت مناخيري، وخمنت إنها كانت أنبوبة أكسجين.
      
      "إنت عملت فيا إيه؟" سألت. "إنت عرفت اسمي منين؟"
      
      "ما كنتش متهور. لقيت كارنيه الصحة بتاعك في محفظتك،" قال لي. "أما بالنسبة للعملية، هقولك عنها بعدين. مش عايز قلقك يأثر على تعافيكي."
      
      "من فضلك -"
      
      "نبضك عالي والأكسجين منخفض،" قاطعني. "خدي نفس عميق."
      
      عضيت على شفتي وسحبت رسغيني ضد أي حاجة كانت ماسكاني. إيد الراجل الدافية غطت رسغي اللي كان أقرب له.
      
      ---
      
      "ديانا، أنا عايزك تعملي كده،" قال. "لو مهدتيش هضطر أديكي مهدئ. في حالتك الحالية ده ممكن يسبب تثبيط الجهاز التنفسي وده هيبوظ كل تعبي."
      
      "إنت عملت فيا إيه؟" سألت.
      
      الوجع الشديد ورا عيني زاد. قبضت صوابعي على الملايات. شميت وساعتها أدركت إني ببكي.
      
      "اتنفسي عشاني،" قال الراجل.
      
      ما كنتش عارفة إيه اللي بيحصل، بس كنت عارفة إني مش عايزة أموت. قفلت بوقي وخدت نفس عميق من مناخيري. عملت كده مرتين كمان قبل ما أحس إن الراجل حط إيده تاني على راسي.
      
      "برافو عليكي يا شاطرة،" قال لي. "حاولي تتنفسي من مناخيرك. هبص عليكي كمان ساعة. لو ما اتحسنتيش هضطر أديكي قناع أكسجين."
      
      إيده نزلت على إيدي. لف رسغي عشان يفحصه.
      
      "إنتي كنتي بتقاومي القيود بتاعتك،" قال. "ما ينفعش تعملي كده. إنتي رسغيكي اتكدمت والكانولا بتاعتك اتحركت من مكانها. لو عشتي ووصلتي للعشا، عايز أقدر أوريكي من غير أي علامات."
      
      "عشا إيه؟" سألت.
      
      "مفيش داعي تقلقي دلوقتي."
      
      شهقت لما حسيت بوخزة حادة في ضهر إيدي. ضغط عليها. سمعت الراجل بيفتش في درج. معدن وعبوات بلاستيكية كانوا بيعملوا صوت خربشة ضد بعض. سائل بارد اتمسح على داخل دراعي تحت كوعي مباشرة. ساب ضهر إيدي.
      
      "آه!" صرخت لما كان فيه وخزة تانية في دراعي.
      
      "دي ما تطلعيهاش،" قال. "مش هضطر أعملها تاني."
      
      "من فضلك، سيبني أروح البيت،" قلت. "أوعدك لو سبتني أمشي مش هقول لأي حد عن ده."
      
      عجل كرسي الراجل عمل صوت صرير. خد نفس عميق والكرسي صر.
      
      "ما اقدرش أسيبك تمشي،" قال. "هتموتي من غيري."
      
      "إنت هتموتني؟" صوتي اتكسر.
      
      "هأموتك؟" كرسيه صر تاني. "ديانا، ده آخر حاجة عايزها. هعمل أي حاجة عشان أخليكي عايشة. لو التجربة دي نجحت، هتبقي أكبر إنجازاتي."
      
      "إنت عملت فيا إيه؟"
      
      
      
      
      
      "متقلقيش يا قطة."
      
      الراجل مشي حوالين السرير. مياه كانت بتنزل من حنفية. وقفت، وخطوات قربت، والمخدات اتشدت من ورايا. ده خلاني أقعد مستقيمة أكتر. حاجة ساقعة لمست شفايفي ونطيت.
      
      "إنتي محتاجة تشربي،" قال.
      
      المياه نزلت على دقني وهو بيرفع الكوباية. المياه كانت زي الجنة على لساني الناشف وزوري. سحب الكوباية بعيد ومسح إيده على شعري تاني.
      
      "خدي قسط من الراحة،" قال لي. "أنا اديتلك شوية مسكنات عشان تهدي الوجع. هنزل أبص عليكي كمان ساعة."
      
      سمعت خطواته وهو بيبعد عني. كان فيه صوت طقة لما الباب اتقفل.
      
      المسكنات اللي الراجل إداهالي أكيد بدأت تشتغل. الوجع اللي في صدغي بقى مجرد نبضات محتملة. النار لسه بتحرق ورا عيني.
      
      لفيت راسي للجنب وحسيت بحاجة بتتحرك على عيني. هزيت راسي للجنب التاني والقماش اتحرك على وشي. حاولت أنفضه، بس الوجع رجع لراسي.
      
      شديت رسغيني ضد القيود، بس ده كان بلا فايدة. كنت متكتفة في السرير. سحب دراعي هيبوظ الكانولا بتاعتي، وهضطر يركبلي واحدة تانية.
      
      الراجل المريض ده خدرني وجاب جسمي فاقد الوعي لمستشفى عشان يعملي عملية من نوع معين. إيه نوع المستشفى اللي ممكن تسمح بده؟ مش هيكون مريب إني متكتفة في السرير؟
      
      كتمت نفسي. كل اللي قدرت اسمعه كان صوت الصفير بتاع الجهاز اللي جنبي. فين الممرضات؟ المرضى التانيين؟ كان صوتي كأني الوحيدة اللي هنا.
      
      "ألو؟" ناديت.
      
      صمت.
      
      اتنهدت بصعوبة وحاولت أقوم، بس ماقدرتش أبعد كتير. رفست رجلي وكاحلي كان حر. سحبت رجلي على السرير لحد ما وصلت للطرف. حاولت أطلع البطاطين من حوالين رجلي. هوا ساقع لمس صوابعي. سحبت رجلي التانية على السرير. خبطت في أنبوبة بلاستيك. تتبعتها بصوابعي عشان أشوف إيه هي واكتشفت إنها كانت ماشية بين رجلي. رجلي الاتنين كانوا متدليين من طرف السرير. كنت عايزة أسيح من السرير على الأرض. نزلت رجلي لتحت، بس ماقدرتش أحس بالأرض. رسغيني منعوني إني أنزل أكتر من كده. سحبت نفسي تاني على السرير.
      
      الراجل قالي إني هحتاج أرتاح وإلا هموت. كنت محتاجة أهدى لحد ما يفك رسغيني ويشيل أي حاجة مغطية عيني.
      
      سندت ضهري على كوم المخدات وحاولت أروّق دماغي عشان أقدر أنام.
      
      ---
      
      اتنهدت بصعوبة وراسي كانت بتندفع لقدام. مديت إيدي لقدام عشان أزق الشخص بعيد، بس المعدن كان حافر في رسغيني. حاجة اتثبتت حوالين ضهري قبل ما أتسند تاني على المخدات. بلاستيك حفر في وشي وكان محاوط مناخيري وبوقي. دفع من الهوا خبط في وشي. لفيت راسي للجنب، بس الماسك ما اتحركش. إيد استقرت على راسي.
      
      "اتنفسي يا ديانا،" قال الراجل. "مستويات الأكسجين عندك منخفضة."
      
      البطاطين اتقفلِت عليا جامد. كان بيظبط البطاطين اللي أنا رفستها من عليا.
      
      "افتكرت إني قولتلك ترتاحي،" قال.
      
      "كنت برتاح،" قلت. صوتي اتردد من خلال الماسك. "أنا بتحرك وأنا نايمة."
      
      خد نفس عميق.
      
      "إيه المستشفى دي؟" سألت.
      
      "إنتي مش في مستشفى." الكرسي صر وهو بيتحرك ناحيتي. "إنتي في المعمل بتاعي."
      
      "من فضلك، سيبني أمشي،" قلت. "سيبني أروح مستشفى."
      
      "ما اقدرش أسيبك تمشي،" قال. "إنتي محتاجاني. إنتي عملتي عملية فريدة جداً، وإنتي محتاجاني عشان تفضلي عايشة. إنتي قعدتي عايشة أكتر من أي مريض من مرضاي التانيين."
      
      "كام واحد تاني كان فيه؟"
      
      "إنتي المريضة رقم اتناشر."
      
      كان فيه صفارة تانية، بس دي كانت أعلى صوت وأسرع. كانها تليفون محمول.
      
      "لازم أرد على دي،" قال. طبطب على راسي. "حاولي تنامي شوية."
      
      الكرسي صر وإيده سابت شعري.
      
      "دكتور سويني بيتكلم،" قال. "آه، أيوه يا سيد كارلايل. الكلية الجديدة بتاعتك عاملة إيه؟"
      
      صوته خفت وهو بيبعد أكتر عن السرير.
      
      
      
      
      
      
      كنت بغفل وبصحى. صوت الصفارة اللي جنبي والوجع اللي ورا عيني كانوا بيخلوني صاحية. كل مرة كنت بصحى فيها، قلبي كان بيدق بسرعة، وكنت بنسى أنا فين، وكنت بشد المعدن اللي حوالين رسغيني. ما سمعتش دكتور سويني وهو بيرجع المعمل تاني.
      
      راسي كانت لسه بتوجعني بنبض، وكان فيه وجع جديد في بطني. معدتي كانت بتصوصو. آخر مرة أكلت فيها كانت وقت الغدا قبل ما أروح تمرين المضمار. ماكنتش أعرف ده كان من قد إيه.
      
      ---
      
      الخطوات رددت ودكتور سويني رجع. دفع راسي لقدام وسحب القناع البلاستيك من وشي. حشر حاجة في ودني وكان فيه صوت صفارة.
      
      "مفيش سخونية،" قال. "إنتي أحسن بكتير الصبح ده. جعانة؟ جبتلك أكل."
      
      "أيوه،" قلت.
      
      استخدمت كوعي عشان أزق نفسي لفوق أكتر على السرير. الكرسي صر وهو بيتحرك ناحيتي.
      
      "افتحي بوقك،" قال لي.
      
      "أقدر أعملها لوحدي،" قلت. "فك إيدي."
      
      "مش هفك الضمادات بتاعتك،" قال. "ما اقدرش أشيلها غير بالليل."
      
      "ممكن تخلي الضمادات. بس سيب إيدي."
      
      خد نفس عميق. العجل صر وكان فيه صوت خشخشة. مسك إيدي وفك رسغيني.
      
      فركت الجلد اللي كان بيوجعني وزقيت نفسي لفوق أكتر على السرير. لمست وشي. شاش ناعم كان تحت أطراف صوابعي. نزلت إيدي على صدري. كان فيه روب خفيف بيغطيني. أسلاك كانت لازقة في جلدي وتتبعتها وهي رايحة لجنب السرير. صوابعي خبطت في أنبوبة بلاستيك بتاعة الكانولا بتاعتي. سويني حط إيده على كتفي.
      
      "متشديش أي حاجة ولا تحاولي تقومي،" قال لي. "لو عملتي كده هضطر أحبسك بعد ما أفك الضمادات بتاعتك."
      
      "هتشيل القيود لما ده يتشال من وشي؟"
      
      "أيوه، بس لو التزمتي."
      
      حط حاجة خفيفة على رجلي.
      
      "عملتلك ساندوتش،" قال.
      
      كرسيه صر، وبعدين سمعت صوت نقر كيبورد. نزلت إيدي على الحاجة اللي على رجلي. مشيت صوابعي على الطبق البارد لحد ما حسيت بالعيش. خدت قضمة من الساندوتش. العيش كان ناشف، وطعم المستردة والبولوغنا المقرف ملى بوقي. مفيش حاجة في الدنيا بكرهها أكتر من المستردة.
      
      "فيه حاجة غلط؟" سأل.
      
      يا نهار أبيض.
      
      أكيد كنت بعمل وش قرف وأنا باكل.
      
      "ما بحبش المستردة،" قلت.
      
      "هفتكر ده،" قال.
      
      خلصت الساندوتش وسويني كان بيكتب على اللي افترضت إنه كومبيوتر. فكرت إني أرمي البطاطين من عليا وأجري، بس ده كان ملوش لازمة. كنت متوصلة بأسلاك وأنابيب كتير لدرجة إني كنت هتكعبل وأقع على الأرض. سويني كان هيمسكني ويربطني تاني في السرير. مش هيسيبني أبداً، ومش هيكون عندي فرصة تانية إني أجري. مين عارف إيه اللي هيحصل لما أشيل الضمادات دي أصلاً؟ ممكن أكون عميا، وساعتها مش هعرف أجري فين.
      
      سويني ناولني كوباية مياه. فضيت الكوباية. خطفها من إيدي وشال الطبق.
      
      "الوجع عامل إيه؟" سأل.
      
      "أحسن، بس لسه بيوجعني،" قلت. "هموت؟"
      
      "عندي إحساس حلو بخصوصك،" قال. "أعتقد إنك هتقدري تكملي. مش قادر أستنى لما أشوف إبداعي."
      
      مسك رسغي، والحلقة المعدنية ضيقت على جلدي.
      
      "من فضلك، لا،" قلت. مسكت رسغي الحر ورا جسمي. "أوعدك إني مش هجري."
      
      "لازم يكون كده يا قطة،" قال. "ما اقدرش أخليكي تبوظي شغلي عشان تبدأي تتوتري."
      
      صوابعه اللي بتعرق لفت حوالين رسغي الحر. شديت دراعي بعيد. مسك رسغي تاني وداده لفة حادة. صرخت والوجع طلع في دراعي. استغل لحظة ضعفي عشان يدفع رسغي لتحت ويقفله تاني في القيد.
      
      "خدي قسط من الراحة،" قال لي.
      
      
      
      
      
      
      ---
      الوقت كان بيمشي ببطء شديد. سويني كان بيجي كل ساعة تقريباً، بس عمره ما اتكلم معايا. كنت بتظاهر إني نايمة لما كان بيمشي حوالين السرير. الكرسي كان بيصر وكنت بسمعه وهو بيكتب على الكيبورد كام دقيقة.
      
      ---
      
      كتلة كونت في زوري لما سمعته بيقرب بالكرسي ناحية السرير. صوابعه لمست باطن دراعي. قشعريرة سرت في العمود الفقري بتاعي.
      
      "صاحية يا ديانا؟" سأل.
      
      ماقدرش أمثل إني نايمة للأبد. هو قال إنه هيشيل الضمادات بتاعتي الليلة وهيفك رسغيني. ده غالباً السبب إنه نزل هنا.
      
      "أيوه،" قلت قبل ما أطلع نفس متقطع.
      
      "حاسة بإيه؟"
      
      "راسي لسه بتوجعني،" قلت. "هتفضل كده لحد إمتى؟"
      
      "مش متأكد. هخليكي على المسكنات بتاعتك الكام يوم اللي جايين."
      
      شد الجزء العلوي من الروب بتاعي لتحت، وحاجة ساقعة لمست صدري. بعدت عن سويني ورفعت إيدي. كنت عايزة أبعده، بس ماقدرتش أبعد إيدي كتير.
      
      "اهدي،" قال. "أنا بسمع صدرك. خدي كام نفس عميق عشاني."
      
      خدت نفس عميق. قبضت صوابعي في كف إيدي. حرك السماعة الطبية بتاعته على صدري. برودة الهوا على صدري العريان. كنت عايزة أشد الروب بتاعي لفوق وأتكوّر على نفسي.
      
      ---
      
      لما خلص، شد الروب بتاعي لفوق تاني. عجل كرسيه صر، وسمعته بيفتش في درج. كنت بتمنى إنه يكون بيدور على مفتاح القيود. سمعته وهو بيمشي حوالين الأوضة. مجموعة جديدة من العجل كانت بتتحرك ناحيتي.
      
      سويني شد البطاطين لورا. مسكت حفنة من الملايات قبل ما يقدر يسحبهم لتحت. شديت الجزء الصغير اللي معايا تاني على جسمي. هو قعد يحاول يفك صوابعي عشان يسحبهم.
      
      "ديانا، متقاوميش،" قال. "لازم أشيل القسطرة بتاعتك."
      
      خطف البطاطين من إيدي.
      
      قسطرة؟
      
      أختي الكبيرة، مارسي، كانت ممرضة. لما كانت لسه بتدرس، كانت بتحكيلي كل قصصها المقرفة لما كانت بترجع البيت في الإجازات. حكتلي عن تعلم تركيب القسطرة. ساعتها أدركت إنها الأنبوبة البلاستيك اللي بين رجلي. ما كنتش عايزاه ينزل تحت، بس كنت عارفة إني ماليش اختيار.
      
      افتكرت إن الموضوع كان محرج لما كان بيلمس صدري، بس ده كان أسوأ بكتير. لما شد الجزء السفلي من الروب بتاعي لفوق، عضيت جامد على شفتي اللي تحت. صوابعي اتكوّرت في الملاية اللي بتغطي المرتبة. قلبي كان بيدق وهو بيلمس جلدي. كنت بفضل أفكر نفسي إنه دكتور وإنه بيشوف الناس عريانة طول الوقت.
      
      إحساس بالراحة غمرني لما نزل الروب بتاعي ورجع البطاطين عليا. مشي بعيد عني وحرك حاجة في الأوضة.
      
      ---
      
      كان فيه صوت خشخشة، وبعدين إيد سويني على رسغي. فتح القفل اللي كان حوالين إيدي. مد إيده عبر السرير وحرر إيدي التانية. زقيت نفسي عشان أقعد مستقيمة أكتر. رفعت ركبتي لصدري ولفيت دراعاتي حوالين نفسي. دراعي كان بيوجعني، واللصق اللي ماسك الكانولا كان بيشد جلدي.
      
      "مش قادر أستنى لما أشوف شغلي،" قال سويني.
      
      السرير نزل لتحت لما قعد على طرف المرتبة. حط إيده على ركبتي.
      
      "جاهزة إني أشيل الضمادات؟" سأل.
      
      خدت نفس عميق وقبضت صوابعي على جلدي قبل ما أهز راسي بالموافقة.
       
      

      رواية صليب مدنس - قسيس يقع في الخطيئة

      صليب مدنس

      2025, مينا مسعود

      رواية فلسفية

      مجانا

      قسيس اسمه أمياس فيتيلو، بيعترف بخطيئته الكبيرة مع كاتبة جديدة اسمها لانا ألور. هو استخدم سلطته ككاهن عشان يوقعها في حبه، و بقا مهووس بيها و بيستمتع بإيذائها جسدياً. الغريب إنها كمان بتحب ده و بتستمتع بالألم، و ده بيخليه يدمن عليها أكتر. شخصيته معقدة ومظلمة. بيعترف إنه كسر وعوده الدينية وارتكب خطيئة كبيرة مع لانا. هو مهووس بيها وبيستمتع بإيذائها جسديًا

      أمياس

      قسيس كسر وعوده الدينية وارتكب خطيئة كبيرة مع لانا. هو مهووس بيها وبيستمتع بإيذائها جسديًا، وده بيورّي قد إيه هو متناقض بين منصبه الديني ورغباته المظلمة.

      لانا

      كاتبة أمريكية شابة، انتقلت لإيطاليا عشان تعيش حلمها. لانا بتبان لطيفة وبتستمتع بالحاجات البسيطة زي قراءة الكتب. لكن شخصيتها فيها جانب غامض، لأنها بتستمتع بالألم وبتوصف نفسها إنها "مدمنة ألم"، وده بيخلي علاقتها بأمياس أعقد بكتير.
      تم نسخ الرابط
      رواية  صليب مدنس

      على ركبي قدام تمثال المسيح المقدس، و أنا لابس هدوم الكاهن و الصليب حوالين رقبتي، موطي راسي و بعترف بخطيتي.
      
      "سامحني يا أبونا، أنا خطيت. أنا كسرت عهودي، أنا دنست المكان المقدس ده..." بتردد و إيدي بتترعش و أنا ماسك سبحة الوردية. "أنا..." ببلع ريقي بصعوبة.
      
      "أنا نمت مع ست يا أبونا. أخدت بكارتها و الصليب حوالين رقبتي."
      
      بقبض على السبحة أكتر، صوابعي ابيضت.
      
      بكمل بصوت واطي و متوتر "ما كانتش أي ست يا أبونا. دي لانا ألور. الكاتبة اللي نقلت الحي الأسبوع اللي فات. أنا... أنا بقيت مهووس بيها." بسكت، نفسي بيبقى قليل.
      
      "استغليت منصبي ككاهن عشان أتحكم فيها، عشان أخليها بتاعتي. أنا أذيتها يا أبونا. و استمتعت بإيذائها. أصوات وجعها، متعتها... ملت الكنيسة دي."
      
      صوتي بيتحول لوشوشة و أنا بعترف بأغمق أجزاء هوسي.
      
      "ربطتها في أوضة الاعتراف يا أبونا. ضربتها على مؤخرتها، سيبت علامات على جلدها المثالي. خليتها تمص... هدومي الكهنوتية." بسكت، وشي بيتغير من الخجل و الإثارة.
      
      "و الأسوأ يا أبونا... إني عايز أعمل كده تاني. عايز أربطها، عايز أسمعها تتوسل للرحمة، للمزيد."
      
      "عايز أعلم على جسمها عشان الكل يعرف إن راجل لمسها." بكمل اعترافي المظلم.
      
      "عايز أخليها تقول لي 'أبونا' و أنا جواها. عايز أخليها تعيط، عايز أخليها تصرخ. و الأسوأ، إنها بتحب كده."
      
      "هي مدمنة ألم يا أبونا." بوشوش، صوتي فيه نوع من التبجيل. "بتحب لما أضربها، لما أشد شعرها، لما أقولها 'بنت وسخة'. بتوصل لذروتها بقوة لما بأذيها."
      
      "و ربنا يسامحني، أنا بحب أخليها توصل لذروتها. بحلم بطرق جديدة عشان أأذيها، عشان أخليها تصرخ. زي إني أربطها بالكراسي، أفتح رجليها..." بلسان على شفايفي لا إرادياً. "أو إني أستخدم المية المقدسة عشان أخليها رطبة."
      
      "بقيت مدمن على وجعها يا أبونا. الطريقة اللي بتأن بيها لما بقرص حلماتها، الطريقة اللي بتقوس بيها ضهرها لما بضربها على مؤخرتها... و دموعها. ربنا يسامحني، بس دموعها أجمل حاجة شفتها في حياتي." بمرر صباعي على شفتي اللي تحت، فاكر طعم دموعها مخلوطة بالمني.
      
      "بخطئ كل ما أفكر فيها." بسكت، بتنفس بصعوبة.
      
      "و أنا بفكر فيها طول الوقت."
      
      باخد نفس عميق.
      
      "أنا أمياس فيتيلو و ده اعترافي ككاهن أخطأ."
      ______
      
      
      
      الفصل الأول
      
       لانا 
      
      "شكراً يا جماعة على مساعدتكم" بقول و أنا بألوح بإيدي للرجالة اللطيفة اللي ساعدوني أنقل حاجتي لشقتي الجديدة. مش مصدقة إني أخيراً نقلت لبلد أحلامي.
      
      ببدأ أفضّي كتبي و أرصها في الرفوف. ككاتبة، أنا بحب القراية و كتابة كتبي الخاصة. أنا ممتنة لنفسي و أنا عندي ستاشر سنة لما حبيت الكتب و قررت أكتب قصصي الخاصة، اللي دلوقتي خلّتني و أنا عندي اتنين و عشرين سنة أعيش حياة أحلامي.
      
      ببدأ أفضّي بقية الحاجات و أرصها في أماكنها. أخيراً بعد خمس ساعات، خلصت فض و تزيين أوضتي. من كتر التعب، بطلب أكل جاهز و بقعد على كنبتي في هدوء. بطلع اللاب توب بتاعي و ببدأ أشتغل على روايتي الجديدة.
      
      بعد نص ساعة، الأكل بيوصل و بنقض عليه زي واحدة ميتة من الجوع و بقع على الكنبة و بنام.
      
      الصبح بدري
      
      "صباح الخير يا إيطاليا!!" بصرخ بسعادة و أنا بفرد دراعاتي. مش من عادتي أكون سعيدة و عندي طاقة كده الصبح، بس بما إني في بلد جديد، ده استثناء. باخد شاور بسرعة و ببدأ أجهز لليوم. شفت كنيسة في الحي فقررت أزورها النهارده.
      
      بلبس فستاني الميدي اللبني الفاتح اللي بحمالات رفيعة و بلبس فوقيه كارديجان أبيض. بربط شعري البني الطويل كحكة واطية و بلبس كعبي الأبيض. بعمل مكياج خفيف و بلبس حلق الفراشة البسيط و السلسلة.
      
      باخد موبايلي و شنطتي بسرعة و بطلع برا. بقفل الباب و بلف ناحية المنظر الجميل اللي قدامي. مع نسيم الخريف المنعش اللي بيحرك الشجر، الحي بيتحول للوحة مرسومة بألوان البرتقالي و الأحمر و الدهبي.
      
      "بونجورنو سينورا" شاب طويل شعره أشقر بيسلم عليا بابتسامة.
      
      بابتسم له "بونجورنو سينوري" برد التحية. لازم أشكر صاحبتي المقربة ميا إنها علمتني كام كلمة أساسية بالإيطالي.
      
      "سيي نُوفو نيل كوارتييري؟" بيسألني و بضحك بتوتر و أنا بحاول أفهم هو قال إيه.
      
      بيشوفني بتلخبط فبيضحك هو كمان "سألت لو حضرتك جديدة في الحي" بيترجم لي.
      
      بضحك بهدوء لما بفهم إني اتكشفت.
      
      "أيوه، أنا لسه نقلت امبارح." برد بابتسامة.
      
      "أنا ليام ريتشي" بيقدم نفسه و بيمد إيده.
      
      بصافحه و أنا بقدم نفسي "أنا لانا ألور."
      
      "أمريكية؟" بيسأل و بهز راسي بالإيجاب.
      
      قبل ما يتكلم أكتر، تليفونه بيرن و بيبدأ يتكلم إيطالي. أنا واقفة مش عارفة أعمل إيه. يا خسارة، ليه لازم أقابله هو بالذات. مش قصدي إهانة بس أنا بجد فاشلة في الاختلاط بالناس.
      
      بيخلص المكالمة و بيلف لي بابتسامة اعتذار. "شكله لازم أقول باي دلوقتي. كان لطيف إني قابلتك يا لانا، أتمنى نتقابل تاني."
      
      "طبعاً" بقول بأدب. أخيراً بيلف و بيمشي.
      
      باخد نفس طويل و ببدأ أروح ناحية الكنيسة. لما بوصل الكنيسة، بتطلع مني شهقة. الكنيسة كانت غير أي حاجة شفتها قبل كده... كانت فريدة في كل حاجة.
      
      الكنيسة كانت عاملة زي ما تكون طالعة من فيلم قوطي. شامخة فوق معمار المدينة المحيط بيها، الكنيسة باينة كإنها قلعة مظلمة من العصور الوسطى. أبراجها المدببة بتوصل للسما، في حين دعاماتها الطائرة بتمتد زي أذرع هيكل عظمي.
      
      الأبواب الخشبية الضخمة، اللي منحوت عليها تفاصيل مشاهد من الكتاب المقدس، بتتفتح بصوت عالي عشان تكشف عن جو داخلي غرقان في شبه الظلمة. شبابيك ضيقة من الزجاج الملون بتلقي ضوء ملون على أرضيات حجرية باردة، بتصور مشاهد استشهاد و قديسين. دكك خشبية تقيلة مبطنة الممر الرئيسي، بتوصل العين للمذبح، حيث صليب ضخم بيرمي بظله.
      
      بدخل جوه و عيني بتتسع بانبهار. جوه الكنيسة الكئيبة، الهوا تقيل بريحة البخور و شمع العسل. الأقواس المدببة و القناطر المضلعة في السقف بتمتد لفوق جداً، و بتختفي تقريباً في الضلمة.
      
      أعمدة حجرية ضخمة بتسند وزن المبنى الشاهق، و وشوشها الغامضة بتبص لتحت زي حراس صامتين. على طول الحيطان، صفوف من وشوش حجرية منحوتة، معروفة باسم التماثيل القبيحة، بتبص من أماكنها العالية، كإنها بتحرس أسرار الكنيسة.
      
      واقف قدام تمثال المسيح كاهن. جسمه طويل، و جبته السودا متناغمة مع الظلال اللي بترميها الشموع المتراقصة. شعر أسود ناعم بيطل من تحت ياقته الكهنوتية، متسرح كويس و لكن فيه لمسة بسيطة من الفوضى، كإنه اتلخبط من رياح تفكير مش مرئية.
      
      كتافه العريضة بتعلى و بتنزل ببطء مع أنفاس محسوبة، بتوحي بتركيز عميق أو صلاة. جو من الغموض بيطلع من الشكل الهادي، الصامت، بيلمح لأعباء غير منطوقة أو أسرار سماوية بتقع على وشه اللي مش باين.
      
      ببص حواليا بلاقي الكنيسة فاضية. الوجود الوحيد في الكنيسة هو الكاهن الغامض ده و أنا. بكل شجاعتي، بتقدم خطوة و بتكلم "الكنيسة دي جميلة أوي."
      
      لما بيلف راسه شوية، بلمح جزء من وشه الجانبي – فك قوي، عظام خد عالية، شعر غامق و الأكتر إثارة للانتباه، عينين فضية خارقة كإنها بتحمل أسرار الكون.
      
      لو كان الوسامة الشيطانية دي شخص، كان هيبقى هو.
      
      لبسه ده درس في البساطة الصارمة و الأناقة الهادية. جبته السودا متفصلة على مقاس جسمه الطويل و الرياضي، القماش ناعم و مفهوش عيوب، نازل على طول لحد جزمته السودا اللامعة. الياقة بيضا ناصعة، بارزة بحدة ضد قماش جبته الغامق.
      
      صليب فضة بسيط متعلق بسلسلة رفيعة حوالين رقبته، مستقر كويس على القماش الأبيض. أكمامه طويلة و مستقيمة، و مفيش عليها أي زينة غير زرار كم فضي صغير على كل إيد.
      
      العينين الفضية السماوية دي بتقابل عيني الخضرا، ثابتة و مش مقروءة، كإنها بتحمل أسرار الكون أو يمكن، حاجة شخصية أكتر.
      
      فجأة أدركت إني كنت بحدق فيه. احمرار بيزحف على وشي و بدعي ربنا إنه مياخدش باله.
      
      "أنا لانا. لانا ألور." بقدم نفسي عشان أكسر الصمت المحرج ده بما إنه مرضش على كلامي اللي فات. بفترض إني قلت حاجة ملهاش رد مناسب.
      
      بيتدبس فيا للحظة قبل ما يلف ناحيتي بالكامل. بيمشي ناحيتي برشاقة تبدو خارقة للطبيعة تقريباً، كل خطوة واثقة بتقربه مني. قماش جبته السودا المتجمع بيتحرك بهدوء مع حركاته، كإنه بيتحرك بفعل نسيم غير مرئي. عينيه الفضية بتفضل متثبتة على عيني، لمعانها الجليدي كإنه بيزيد و هو بيقرب.
      
      وشه الوسيم مبيبانش عليه أي مشاعر، مجرد جو من الغموض المتأمل. لما بيقرب أكتر، بشم ريحة بخور و حاجة رجولية بشكل مميز، يمكن برفانه أو مجرد وجوده.
      
      "أنا الأب أمياس، كاهن كنيسة أدوراتوري دي ديو." بيقول، صوته رخيم و ناعم زي المخمل و فيه لكنة إيطالية واضحة. كل كلمة بتخرج من لسانه زي الصلاة، لحنية و لكن موزونة. بيميل راسه شوية، شعره الغامق بيعكس ضوء الشمع.
      
      

      قصر ميسلثويت | الفصل الأول

      قصر ميسلثويت

      2025, Adham

      كلاسيكي

      مجانا

      5

      طفلة صغيرة أنانية تُرسل للعيش مع عمها في قصر غامض بعد وفاة والديها بالكوليرا في الهند. تجد نفسها في مكان كئيب ومليء بالأسرار، حيث تبدأ في اكتشاف حقائق عن عائلتها وعن القصر الذي يخبئ حديقة سرية ستغير حياتها. إنها رحلة اكتشاف الذات والتعافي في بيئة غير مألوفة. للمؤلف Adham

      ماري لينوكس

      تُقدم في البداية على أنها طفلة أنانية، سريعة الغضب، وذات وجه عبوس، لم تعتد على الحب أو الرعاية الحقيقية. تتغير شخصيتها تدريجيًا مع الأحداث.

      السيدة مدلوك

      مدبرة منزل عم "ماري" في قصر "ميسلثويت". امرأة بدينة، ذات شخصية حادة وصريحة، تُظهر عدم اهتمام كبير بماري في البداية، وتتعامل معها بحزم.

      السيد أرشيبالد كرافن

      عم "ماري" وولي أمرها. رجل أحدب، غامض، وكئيب يعيش في عزلة، وقد جعله فقدانه لزوجته شخصًا منعزلًا لا يبالي بالآخرين.

      المربية (الآية):

      عم "ماري" وولي أمرها. رجل أحدب، غامض، وكئيب يعيش في عزلة، وقد جعله فقدانه لزوجته شخصًا منعزلًا لا يبالي بالآخرين.

      باسل

      أحد أبناء رجل الدين الإنجليزي الذي استضاف "ماري" في البداية. طفل وقح يضايق "ماري" ويطلق عليها لقب "سيدتي ماري المتقلبة جدًا".
      تم نسخ الرابط
      قصر ميسلثويت

      لمحة عن الرواية
      
      عندما أُرسلت "ماري لينوكس" إلى قصر "ميسلثويت" لتعيش مع عمها، قال الجميع إنها كانت أبشع طفلة على الإطلاق. وهذا كان صحيحًا. فقد كان لها وجه صغير نحيل وجسد صغير نحيل، وشعر خفيف نحيل وتعبير وجه عبوس. كان شعرها أصفر، ووجهها أصفر لأنها وُلدت في الهند وكانت دائمًا مريضة بطريقة أو بأخرى. كان والدها يشغل منصبًا تحت الحكومة الإنجليزية وكان دائمًا مشغولًا ومريضًا بنفسه، وكانت والدتها فاتنة جميلة لا تهتم إلا بالذهاب إلى الحفلات والترفيه عن نفسها مع الناس المرحين. لم تكن تريد طفلة صغيرة على الإطلاق، وعندما وُلدت "ماري" سلمتها إلى رعاية مربية هندية (آية)، التي جُعلت تفهم أنه إذا أرادت إرضاء السيدة (ميم صاحبة) فعليها إبقاء الطفلة بعيدًا عن الأنظار قدر الإمكان. وهكذا، عندما كانت طفلة رضيعة هزيلة، كثيرة التذمر، وقبيحة، كانت تُبعد عن الأنظار، وعندما أصبحت هزيلة، كثيرة التذمر، وبدأت في المشي، كانت تُبعد عن الأنظار أيضًا. لم تتذكر أبدًا رؤية أي شيء مألوف سوى الوجوه الداكنة لمربيتها والخدم المحليين الآخرين، وبما أنهم كانوا دائمًا يطيعونها ويعطونها ما تريد في كل شيء، لأن السيدة (ميم صاحبة) ستغضب إذا أزعجها بكاؤها، بحلول الوقت الذي بلغت فيه ست سنوات، كانت مستبدة وأنانيّة مثل الخنزير الصغير الذي لم يعش مثله أحد. المربية الإنجليزية الشابة التي جاءت لتعلمها القراءة والكتابة كرهتها كثيرًا لدرجة أنها تركت مكانها في ثلاثة أشهر، وعندما جاءت مربيات أخريات لمحاولة شغل المكان، كن يرحلن دائمًا في وقت أقصر من الأولى. لذلك، لو لم تختر "ماري" أن ترغب حقًا في معرفة كيفية قراءة الكتب، لما تعلمت حروفها على الإطلاق.
      
      في صباح شديد الحرارة، عندما كانت في حوالي التاسعة من عمرها، استيقظت وهي تشعر بالضيق الشديد، وازداد ضيقها عندما رأت أن الخادمة التي كانت تقف بجانب سريرها ليست مربيتها (الآية).
      
      قالت للمرأة الغريبة: "لماذا جئتِ؟ لن أسمح لك بالبقاء. أرسلي مربيتي إلي."
      
      بدت المرأة خائفة، لكنها تمتمت فقط بأن المربية لا تستطيع الحضور، وعندما ألقت "ماري" بنفسها في نوبة غضب وضربتها وركلتها، بدت أكثر خوفًا وكررت أنه ليس ممكنًا للمربية أن تأتي إلى الآنسة (ميسي صاحبة).
      
      كان هناك شيء غامض في الجو ذلك الصباح. لم يتم فعل أي شيء بانتظامه المعتاد، وبدا أن العديد من الخدم المحليين مفقودون، بينما أولئك الذين رأتهم "ماري" كانوا يتسللون أو يهرعون بوجوه رمادية وخائفة. لكن لم يقل لها أحد أي شيء، ولم تأتِ مربيتها. تُركت وحدها بالفعل مع مرور الصباح، وفي النهاية تجولت في الحديقة وبدأت تلعب وحدها تحت شجرة بالقرب من الشرفة. تظاهرت بأنها كانت تُعد سريرًا من الزهور، وألصقت أزهار الكركديه القرمزية الكبيرة في أكوام صغيرة من التراب، طوال الوقت كانت تزداد غضبًا وتتمتم لنفسها بالأشياء التي ستقولها والأسماء التي ستنادي بها "سايدي" عندما تعود.
      
      قالت: "يا خنزيرة! يا خنزيرة! يا ابنة الخنازير!"، لأن مناداة أحد السكان الأصليين بـ "خنزير" هو أسوأ إهانة على الإطلاق.
      
      كانت تطحن أسنانها وتردد هذا مرارًا وتكرارًا عندما سمعت والدتها تخرج إلى الشرفة مع شخص ما. كانت مع شاب وسيم ووقفا يتحدثان معًا بصوت منخفض غريب. عرفت "ماري" الشاب الوسيم الذي بدا كصبي. كانت قد سمعت أنه ضابط صغير جدًا جاء للتو من إنجلترا. حدقت الطفلة به، لكنها حدقت أكثر في والدتها. كانت تفعل هذا دائمًا عندما تسنح لها فرصة رؤيتها، لأن السيدة (ميم صاحبة) — "ماري" اعتادت أن تناديها بذلك أكثر من أي شيء آخر — كانت شخصًا طويل القامة، نحيلًا، وجميلًا جدًا، وكانت ترتدي ملابس رائعة. كان شعرها كالحرير المجعد، وكان لها أنف صغير رقيق بدا وكأنه يزدري الأشياء، وكانت لها عيون واسعة ضاحكة. كانت جميع ملابسها رقيقة وفضفاضة، وقالت "ماري" إنها "مليئة بالدانتيل". بدت أكثر امتلاءً بالدانتيل من أي وقت مضى هذا الصباح، لكن عينيها لم تكن تضحك على الإطلاق. كانت واسعة وخائفة ورفعت بتضرع إلى وجه الضابط الصبي الوسيم.
      
      سمعتها "ماري" تقول: "هل الأمر بهذا السوء؟ أوه، هل هو كذلك؟"
      
      أجاب الشاب بصوت مرتجف: "فظيع. فظيع، يا سيدة "لينوكس". كان يجب عليك الذهاب إلى التلال قبل أسبوعين."
      
      عصرت السيدة (ميم صاحبة) يديها.
      صرخت: "أوه، أعلم أنني كان يجب أن أفعل ذلك! بقيت فقط لأذهب إلى تلك الحفلة العشاء السخيفة. يا له من حمقاء كنت!"
      في تلك اللحظة بالذات، انبعث صوت صراخ عالٍ من مساكن الخدم لدرجة أنها أمسكت بذراع الشاب، ووقفت "ماري" ترتجف من رأسها حتى قدميها. ازداد الصراخ جنونًا. قالت السيدة "لينوكس" وهي تلهث: "ما هذا؟ ما هذا؟"
      أجاب الضابط الصبي: "لقد مات شخص ما. لم تقولي إن الوباء انتشر بين خدمك."
      
      
      
      
      
      "لم أعرف!" صرخت السيدة (ميم صاحبة). "تعال معي! تعال معي!" واستدارت وركضت إلى داخل المنزل.
      
      بعد ذلك، حدثت أمور مروعة، واتضح لـ "ماري" غموض الصباح. كان الكوليرا قد تفشى بأشد أشكاله فتكًا، وكان الناس يموتون كأنهم ذباب. كانت المربية (الآية) قد مرضت في الليل، وبسبب وفاتها للتو، صرخ الخدم في الأكواخ. قبل اليوم التالي، مات ثلاثة خدم آخرين، وفر آخرون في رعب. كان هناك ذعر في كل مكان، وأناس يحتضرون في جميع الأكواخ الصغيرة.
      
      خلال الارتباك والذهول في اليوم الثاني، اختبأت "ماري" في غرفة الأطفال ونسيها الجميع. لم يفكر فيها أحد، لم يردها أحد، وحدثت أشياء غريبة لم تعرف عنها شيئًا. تناوبت "ماري" بين البكاء والنوم لساعات طويلة. عرفت فقط أن الناس مرضى وأنها سمعت أصواتًا غامضة ومخيفة. ذات مرة، تسللت إلى غرفة الطعام ووجدتها فارغة، على الرغم من وجود وجبة غير مكتملة جزئيًا على الطاولة، وبدت الكراسي والأطباق وكأنها دُفعت على عجل عندما نهض المتناولون فجأة لسبب ما. أكلت الطفلة بعض الفاكهة والبسكويت، ولأنها كانت عطشانة، شربت كأسًا من النبيذ كان شبه ممتلئ. كان حلوًا، ولم تعرف مدى قوته. سرعان ما جعلها شديدة النعاس، وعادت إلى غرفة الأطفال وأغلقت على نفسها مرة أخرى، خائفة من الصرخات التي سمعتها في الأكواخ ومن صوت الأقدام المتسارع. جعلها النبيذ تشعر بالنعاس الشديد لدرجة أنها بالكاد تستطيع إبقاء عينيها مفتوحتين، واستلقت على سريرها ولم تعد تعرف شيئًا لفترة طويلة.
      
      حدثت أشياء كثيرة خلال الساعات التي نامت فيها بعمق شديد، لكنها لم تزعجها الصرخات وصوت الأشياء التي تُحمل داخل وخارج الكوخ الصغير.
      
      عندما استيقظت، بقيت مستلقية تحدق في الحائط. كان المنزل هادئًا تمامًا. لم تعرفه بهذا الصمت من قبل. لم تسمع أصواتًا ولا خطوات أقدام، وتساءلت عما إذا كان الجميع قد شُفوا من الكوليرا وأن كل المتاعب قد انتهت. تساءلت أيضًا من سيهتم بها الآن بعد وفاة مربيتها. سيكون هناك مربية جديدة، وربما تعرف قصصًا جديدة. كانت "ماري" قد سئمت إلى حد ما من القصص القديمة. لم تبكِ لأن مربيتها ماتت. لم تكن طفلة عاطفية ولم تهتم كثيرًا بأي شخص من قبل. كان الضجيج والسرعة والصراخ بسبب الكوليرا قد أخافها، وكانت غاضبة لأنه لا أحد يتذكر أنها على قيد الحياة. كان الجميع في حالة ذعر شديد لدرجة أنهم لم يفكروا في طفلة صغيرة لا يحبها أحد. عندما يصاب الناس بالكوليرا، يبدو أنهم لا يتذكرون شيئًا سوى أنفسهم. ولكن إذا تعافى الجميع مرة أخرى، فمن المؤكد أن شخصًا ما سيتذكرها ويأتي للبحث عنها.
      
      لكن لم يأتِ أحد، وبينما كانت مستلقية تنتظر، بدا المنزل يزداد صمتًا. سمعت شيئًا يخشخش على الحصيرة، وعندما نظرت إلى الأسفل، رأت ثعبانًا صغيرًا ينزلق على طول الحصيرة ويراقبها بعيون تشبه الجواهر. لم تخف، لأنه كان مخلوقًا صغيرًا غير مؤذٍ لن يؤذيها، وبدا وكأنه في عجلة من أمره للخروج من الغرفة. انزلق تحت الباب وهي تراقبه.
      
      قالت: "كم هو غريب وهادئ. يبدو وكأن لا أحد في الكوخ الصغير سواي أنا والثعبان."
      
      في الدقيقة التالية تقريبًا، سمعت خطوات أقدام في الساحة، ثم على الشرفة. كانت خطوات أقدام رجال، ودخل الرجال الكوخ الصغير وتحدثوا بأصوات منخفضة. لم يذهب أحد لمقابلتهم أو التحدث معهم، وبدوا وكأنهم يفتحون الأبواب وينظرون إلى الغرف. سمعت صوتًا يقول: "يا للخراب! تلك المرأة الجميلة، الجميلة! أفترض الطفلة أيضًا. سمعت أنه كان هناك طفل، على الرغم من أن لا أحد رآها أبدًا."
      
      كانت "ماري" تقف في منتصف غرفة الأطفال عندما فتحوا الباب بعد بضع دقائق. بدت مخلوقًا صغيرًا قبيحًا وعبوسًا، وكانت تعبس لأنها بدأت تشعر بالجوع والإهمال المخزي. الرجل الأول الذي دخل كان ضابطًا كبيرًا كانت قد رأته مرة يتحدث مع والدها. بدا متعبًا ومضطربًا، لكن عندما رآها، ذهل لدرجة أنه كاد أن يقفز إلى الخلف.
      
      صاح: "بارني! هناك طفلة هنا! طفلة وحيدة! في مكان كهذا! رحمة بنا، من هي؟!"
      
      قالت الطفلة الصغيرة، وهي تنتصب بقوة: "أنا "ماري لينوكس"." اعتقدت أن الرجل كان وقحًا جدًا لوصف كوخ والدها بـ "مكان كهذا!" "لقد نمت عندما أصيب الجميع بالكوليرا، وقد استيقظت للتو. لماذا لا يأتي أحد؟"
      
      صاح الرجل، ملتفتًا إلى رفاقه: "إنها الطفلة التي لم يرها أحد أبدًا! لقد نُسيت بالفعل!"
      
      قالت "ماري"، وهي تدق قدمها على الأرض: "لماذا نُسيت؟ لماذا لا يأتي أحد؟"
      
      نظر الشاب الذي كان اسمه "بارني" إليها بحزن شديد. حتى أن "ماري" اعتقدت أنها رأته يغمض عينيه وكأنه يطرد الدموع.
      
      قال: "يا لها من طفلة مسكينة! لم يبقَ أحد ليأتي."
      
      وبهذه الطريقة الغريبة والمفاجئة، اكتشفت "ماري" أنها لم يتبقَ لها أب ولا أم؛ أنهما قد ماتا وتم حملهما بعيدًا في الليل، وأن الخدم المحليين القلائل الذين لم يموتوا قد غادروا المنزل بأسرع ما يمكنهم، ولم يتذكر أي منهم حتى أن هناك آنسة (ميسي صاحبة). ولهذا السبب كان المكان هادئًا جدًا. كان صحيحًا أنه لم يكن هناك أحد في الكوخ الصغير سوى هي والثعبان الصغير الخشخش.
      
      
      
      
      
      
      كانت "ماري" تحب النظر إلى والدتها من بعيد، وكانت تظنها جميلة جدًا، ولكن بما أنها لم تكن تعرف عنها سوى القليل جدًا، فلا يمكن توقع أن تحبها أو تفتقدها كثيرًا عندما رحلت. في الواقع، لم تفتقدها على الإطلاق، وبما أنها كانت طفلة منغمسة في ذاتها، فقد كرست كل تفكيرها لنفسها، كما اعتادت دائمًا. لو كانت أكبر سنًا، لكانت بلا شك قلقة جدًا من تركها وحدها في العالم، لكنها كانت صغيرة جدًا، وبما أنها كانت دائمًا تلقى الرعاية، فقد افترضت أنها ستظل كذلك دائمًا. ما فكرت فيه هو أنها تود أن تعرف ما إذا كانت ستذهب إلى أناس لطفاء، سيتعاملون معها بلباقة ويعطونها ما تريد كما فعلت مربيتها والخدم المحليون الآخرون.
      
      علمت أنها لن تبقى في منزل رجل الدين الإنجليزي حيث أُخذت في البداية. لم تكن تريد البقاء. كان رجل الدين الإنجليزي فقيرًا ولديه خمسة أطفال جميعهم تقريبًا في نفس العمر، وكانوا يرتدون ملابس رثة ويتشاجرون دائمًا وينتزعون الألعاب من بعضهم البعض. كرهت "ماري" كوخهم غير المرتب وكانت سيئة الخلق معهم لدرجة أنه بعد اليوم الأول أو الثاني، لم يلعب معها أحد. بحلول اليوم الثاني، أطلقوا عليها لقبًا جعلها غاضبة جدًا.
      
      كان "باسل" هو أول من فكر فيه. كان "باسل" طفلاً صغيرًا بعينين زرقاوين وقحتين وأنف مرفوع، وكانت "ماري" تكرهه. كانت تلعب وحدها تحت شجرة، تمامًا كما كانت تلعب في اليوم الذي تفشت فيه الكوليرا. كانت تصنع أكوامًا من التراب ومسارات لحديقة، وجاء "باسل" ووقف بالقرب ليراقبها. سرعان ما أصبح مهتمًا إلى حد ما وقدم اقتراحًا فجأة.
      
      قال: "لماذا لا تضعين كومة من الحجارة هناك وتتظاهرين أنها حديقة صخرية؟ هناك في المنتصف،" وانحنى فوقها ليشير.
      
      صاحت "ماري": "ابتعد! لا أريد أولادًا. ابتعد!"
      
      للحظة بدا "باسل" غاضبًا، ثم بدأ يضايقها. كان دائمًا يضايق أخواته. رقص حولها وصنع وجوهًا وغنى وضحك.
      
      "سيدتي "ماري"، المتقلبة جدًا،
      كيف تنمو حديقتك؟
      بأجراس فضية، وقواقع،
      وآذريون مصطفة في صف واحد."
      
      غنى ذلك حتى سمعه الأطفال الآخرون وضحكوا أيضًا؛ وكلما زاد غضب "ماري"، زاد غناؤهم "سيدتي "ماري"، المتقلبة جدًا"؛ وبعد ذلك، طالما بقيت معهم، كانوا ينادونها "سيدتي "ماري" المتقلبة جدًا" عندما يتحدثون عنها لبعضهم البعض، وكثيرًا ما كانوا ينادونها بذلك عندما يتحدثون إليها.
      
      قال "باسل" لها: "ستُرسلين إلى المنزل في نهاية الأسبوع. ونحن سعداء بذلك."
      
      أجابت "ماري": "أنا سعيدة بذلك أيضًا. أين المنزل؟"
      
      قال "باسل"، بازدراء في السابعة من عمره: "لا تعرف أين المنزل! إنه إنجلترا، بالطبع. جدتنا تعيش هناك، وأختنا "مابل" أُرسلت إليها العام الماضي. أنتِ لن تذهبي إلى جدتكِ. ليس لديكِ جدة. أنتِ ذاهبة إلى عمكِ. اسمه السيد "أرشيبالد كرافن"."
      
      ردت "ماري" بانزعاج: "لا أعرف عنه شيئًا."
      
      أجاب "باسل": "أعلم أنكِ لا تعرفين. الفتيات لا يعرفن شيئًا أبدًا. سمعت أبي وأمي يتحدثان عنه. إنه يعيش في منزل قديم كبير، مهجور في الريف، ولا أحد يقترب منه. إنه سيء المزاج لدرجة أنه لن يسمح لهم، ولن يأتوا حتى لو سمح لهم. إنه أحدب، وهو فظيع." قالت "ماري": "لا أصدقك"؛ وأدارت ظهرها ووضعت أصابعها في أذنيها، لأنها لم تعد تريد أن تستمع أكثر.
      
      لكنها فكرت في الأمر كثيرًا بعد ذلك؛ وعندما أخبرتها السيدة "كروفورد" تلك الليلة أنها ستسافر إلى إنجلترا في غضون أيام قليلة وتذهب إلى عمها، السيد "أرشيبالد كرافن"، الذي يعيش في قصر "ميسلثويت"، بدت متصلبة وغير مهتمة بعناد لدرجة أنهم لم يعرفوا ماذا يفكرون بها. حاولوا أن يكونوا لطفاء معها، لكنها فقط أدارت وجهها عندما حاولت السيدة "كروفورد" تقبيلها، وتمسكت بجسدها بصلابة عندما ربّت السيد "كروفورد" على كتفها.
      
      قالت السيدة "كروفورد" بشفقة بعد ذلك: "إنها طفلة بسيطة جدًا. وكانت والدتها مخلوقًا جميلًا جدًا. كان لديها سلوك جميل جدًا أيضًا، و"ماري" لديها أسوأ الطباع التي رأيتها في طفل. الأطفال ينادونها "سيدتي "ماري" المتقلبة جدًا"، وعلى الرغم من أن ذلك أمر سيء منهم، لا يستطيع المرء إلا أن يفهمه."
      "ربما لو كانت والدتها قد أظهرت وجهها الجميل وأخلاقها الجميلة في غرفة الأطفال في كثير من الأحيان، لكانت "ماري" قد تعلمت بعض التصرفات الجميلة أيضًا. إنه أمر محزن جدًا الآن، بعد أن رحلت تلك الجميلة المسكينة، أن نتذكر أن الكثير من الناس لم يعرفوا حتى أنها أنجبت طفلاً على الإطلاق."
      تنهدت السيدة "كروفورد": "أعتقد أنها بالكاد نظرت إليها. عندما ماتت مربيتها، لم يكن هناك من يهتم بالطفلة الصغيرة. فكر في الخدم الذين فروا وتركوها وحدها في ذلك الكوخ المهجور. قال العقيد "ماكجرو" إنه كاد أن يقفز من جلده عندما فتح الباب ووجدها تقف وحدها في منتصف الغرفة."
      
      قامت "ماري" بالرحلة الطويلة إلى إنجلترا تحت رعاية زوجة ضابط، كانت تأخذ أطفالها لتتركهم في مدرسة داخلية. كانت منغمسة جدًا في طفلها الصغير وطفلتها، وكانت سعيدة نوعًا ما بتسليم الطفلة إلى المرأة التي أرسلها السيد "أرشيبالد كرافن" لمقابلتها في لندن. كانت المرأة هي مدبرة منزله في قصر "ميسلثويت"، واسمها السيدة "مدلوك". كانت امرأة بدينة، ذات خدود حمراء جدًا وعينين سوداوين حادتين. كانت ترتدي فستانًا أرجوانيًا جدًا، وعباءة من الحرير الأسود مع شرابات سوداء عليها وقبعة سوداء بها أزهار مخملية أرجوانية كانت منتصبة وتهتز عندما تحرك رأسها. لم تحبها "ماري" على الإطلاق، ولكن بما أنها نادرًا ما كانت تحب الناس، فلم يكن هناك شيء غريب في ذلك؛ بالإضافة إلى ذلك، كان من الواضح جدًا أن السيدة "مدلوك" لم تكن تفكر فيها كثيرًا.
      قالت: "يا إلهي! إنها قطعة صغيرة عادية من السلع! وقد سمعنا أن والدتها كانت فاتنة. لم تورث الكثير من ذلك، أليس كذلك يا سيدتي؟"
      قالت زوجة الضابط بلطف: "ربما ستتحسن كلما كبرت. إذا لم تكن شاحبة جدًا وكان لديها تعبير أجمل، فملامحها جيدة إلى حد ما. الأطفال يتغيرون كثيرًا."
      أجابت السيدة "مدلوك": "سيتعين عليها أن تتغير كثيرًا. وليس هناك ما يحتمل أن يحسن الأطفال في "ميسلثويت" - إذا سألتني!" اعتقدوا أن "ماري" لا تستمع لأنها كانت تقف بعيدًا عنهم قليلاً عند نافذة الفندق الخاص الذي ذهبوا إليه. كانت تراقب الحافلات وسيارات الأجرة والناس المارة، لكنها سمعت جيدًا جدًا وأصبحت فضولية جدًا بشأن عمها والمكان الذي يعيش فيه. أي نوع من الأماكن كان، وكيف سيكون شكله؟ ما هو الأحدب؟ لم ترَ واحدًا من قبل. ربما لم يكن هناك أحدب في الهند.
      منذ أن كانت تعيش في بيوت الآخرين ولم يكن لديها مربية (آية)، بدأت تشعر بالوحدة وتفكر بأفكار غريبة كانت جديدة عليها. بدأت تتساءل لماذا لم تبدو أبدًا تنتمي إلى أي شخص حتى عندما كان والدها ووالدتها على قيد الحياة. بدا أن الأطفال الآخرين ينتمون إلى آبائهم وأمهاتهم، لكنها لم تبدو أبدًا وكأنها حقًا طفلة أي شخص. كان لديها خدم، وطعام وملابس، لكن لم يهتم بها أحد. لم تكن تعلم أن هذا كان بسبب أنها كانت طفلة مزعجة؛ ولكن بالطبع، لم تكن تعلم أنها مزعجة. كثيرًا ما فكرت أن الآخرين كذلك، لكنها لم تكن تعلم أنها كذلك بنفسها.
      
      اعتقدت أن السيدة "مدلوك" هي أكثر شخص مزعج رأته على الإطلاق، بوجهها العادي، شديد الألوان، وقبعتها العادية الفاخرة. عندما انطلقوا في اليوم التالي في رحلتهم إلى "يوركشاير"، سارت عبر المحطة إلى عربة القطار ورأسها مرفوع وتحاول أن تبقى بعيدًا عنها قدر الإمكان، لأنها لم تكن تريد أن تبدو وكأنها تنتمي إليها. كان ذلك سيجعلها غاضبة أن تعتقد أن الناس يتخيلون أنها طفلتها الصغيرة.
      لكن السيدة "مدلوك" لم تزعجها هي وأفكارها على الإطلاق. كانت من نوع النساء اللواتي "لا يتسامحن مع أي هراء من الصغار". على الأقل، هذا ما كانت ستقوله لو سُئلت. لم تكن تريد الذهاب إلى لندن عندما كانت ابنة أختها "ماريا" على وشك الزواج، لكن كان لديها مكان مريح جيد الأجر كمدبرة منزل في قصر "ميسلثويت"، والطريقة الوحيدة التي يمكنها من خلالها الحفاظ عليه هي أن تفعل فورًا ما يطلبه منها السيد "أرشيبالد كرافن". لم تجرؤ أبدًا حتى على طرح سؤال.
      
      
      
      
      
      قال السيد "كرافن" بطريقته القصيرة والباردة: "لقد مات النقيب "لينوكس" وزوجته بالكوليرا. كان النقيب "لينوكس" شقيق زوجتي وأنا وليّ ابنتهما. يجب إحضار الطفلة إلى هنا. عليكِ الذهاب إلى لندن وإحضارها بنفسكِ."
      
      وهكذا، حزمت حقيبتها الصغيرة وقامت بالرحلة.
      
      جلست "ماري" في زاوية عربة القطار وبدت عادية ومتذمرة. لم يكن لديها شيء لتقرأه أو تنظر إليه، وقد شبكت يديها الصغيرتين الرقيقتين المغلفتين بالقفاز الأسود في حجرها. جعلها فستانها الأسود تبدو أكثر اصفرارًا من أي وقت مضى، وشعرها الخفيف الناعم يتدلى من تحت قبعتها السوداء المصنوعة من الكريب.
      
      فكرت السيدة "مدلوك": "لم أرَ في حياتي طفلة تبدو بهذا القدر من السوء." (كلمة "ماريد" هي كلمة من لهجة "يوركشاير" وتعني مدلل وسريع الغضب.) لم ترَ قط طفلة تجلس بهذا الهدوء دون أن تفعل أي شيء؛ وفي النهاية سئمت من مراقبتها وبدأت تتحدث بصوت حاد وحازم.
      
      قالت: "أفترض أنه من الأفضل أن أخبركِ شيئًا عن المكان الذي ستذهبين إليه. هل تعرفين شيئًا عن عمكِ؟"
      
      قالت "ماري": "لا."
      
      "لم تسمعي والدكِ ووالدتكِ يتحدثان عنه أبدًا؟"
      
      قالت "ماري" وهي تعبس: "لا." عَبست لأنها تذكرت أن والديها لم يتحدثا إليها أبدًا عن أي شيء على وجه الخصوص. بالتأكيد لم يخبراها بأي شيء.
      
      تمتمت السيدة "مدلوك" وهي تحدق في وجهها الغريب غير المستجيب: "همف." لم تقل شيئًا آخر لبضع لحظات ثم بدأت من جديد.
      
      "أفترض أنه قد يكون من الأفضل أن تُخبري بشيء - لتحضيركِ. أنتِ ذاهبة إلى مكان غريب."
      
      لم تقل "ماري" أي شيء على الإطلاق، وبدت السيدة "مدلوك" مستاءة إلى حد ما من لامبالاتها الواضحة، ولكن بعد أن أخذت نفسًا، تابعت.
      
      "ليس الأمر أنه ليس مكانًا كبيرًا ومهيبًا بطريقة كئيبة، والسيد "كرافن" فخور به بطريقته - وهذا كئيب بما فيه الكفاية أيضًا. المنزل عمره ستمائة عام ويقع على حافة المرتفعات، وهناك ما يقرب من مائة غرفة فيه، على الرغم من أن معظمها مغلق ومقفل. وهناك صور وأثاث قديم فاخر وأشياء موجودة منذ عصور، وهناك حديقة كبيرة تحيط به وحدائق وأشجار تتسرب فروعها إلى الأرض - بعضها." توقفت وأخذت نفسًا آخر. "لكن لا يوجد شيء آخر،" أنهت فجأة.
      
      بدأت "ماري" في الاستماع رغماً عنها. بدا كل شيء مختلفًا تمامًا عن الهند، وأي شيء جديد كان يجذبها إلى حد ما. لكنها لم تكن تنوي أن تبدو مهتمة. كان ذلك أحد طباعها التعيسة وغير السارة. لذلك جلست ساكنة.
      
      قالت السيدة "مدلوك": "حسنًا، ما رأيك في الأمر؟"
      
      أجابت: "لا شيء. لا أعرف شيئًا عن مثل هذه الأماكن."
      
      هذا جعل السيدة "مدلوك" تضحك ضحكة قصيرة نوعًا ما.
      
      قالت: "إيه! لكنكِ تشبهين عجوزًا. ألا يهمكِ الأمر؟"
      
      قالت "ماري": "لا يهم إن كنتُ أهتم أم لا."
      
      قالت السيدة "مدلوك": "أنتِ محقة تمامًا في ذلك. لا يهم. لماذا ستبقين في قصر "ميسلثويت" لا أعرف، إلا إذا كان ذلك أسهل طريقة. لن يزعج نفسه بكِ، هذا أمر مؤكد. إنه لا يزعج نفسه بأي أحد."
      
      توقفت وكأنها تذكرت شيئًا في الوقت المناسب.
      
      قالت: "ظهره معوج. هذا جعله سيئًا. كان شابًا عبوسًا ولم يستفد من كل أمواله ومكانه الكبير حتى تزوج."
      
      التفتت عينا "ماري" نحوها رغم نيتها عدم إظهار الاهتمام. لم تفكر أبدًا في أن الأحدب قد تزوج وكانت متفاجئة قليلاً. رأت السيدة "مدلوك" ذلك، وبما أنها كانت امرأة ثرثارة، تابعت باهتمام أكبر. كانت هذه طريقة لتمضية بعض الوقت، على أي حال.
      
      "كانت لطيفة وجميلة، وكان سيسير العالم بأسره ليجلب لها ورقة عشب أرادتها. لم يعتقد أحد أنها ستتزوجه، لكنها فعلت، وقال الناس إنها تزوجته من أجل ماله. لكنها لم تفعل - لم تفعل، بالتأكيد. عندما ماتت-"
      
      قفزت "ماري" قفزة صغيرة لا إرادية.
      
      صرخت: "أوه! هل ماتت!" تمامًا دون أن تقصد ذلك. تذكرت للتو قصة خيالية فرنسية قرأتها مرة بعنوان "ريكيه ذو العُرف". كانت عن أحدب فقير وأميرة جميلة، وقد جعلتها تشعر فجأة بالأسف على السيد "أرشيبالد كرافن".
      
      أجابت السيدة "مدلوك": "نعم، ماتت. وهذا جعله أغرب من أي وقت مضى. إنه لا يهتم بأحد. لن يرى الناس. في معظم الأوقات يذهب بعيدًا، وعندما يكون في "ميسلثويت" يغلق على نفسه في الجناح الغربي ولن يسمح لأحد برؤيته سوى "بيتشير". "بيتشير" رجل عجوز، لكنه اعتنى به عندما كان طفلاً وهو يعرف طباعه."
      
      بدا الأمر وكأنه شيء في كتاب، ولم يجعل "ماري" تشعر بالبهجة. منزل بمائة غرفة، كلها تقريبًا مغلقة ومقفل أبوابها - منزل على حافة مرتفعات - أيًا كانت المرتفعات - بدا كئيبًا. رجل بظهر معوج يغلق على نفسه أيضًا! حدقت من النافذة وشفتاها مضمومتان، وبدا طبيعيًا تمامًا أن المطر قد بدأ يهطل بخطوط رمادية مائلة ويرش ويتدفق على زجاج النوافذ. لو كانت الزوجة الجميلة على قيد الحياة، لربما جعلت الأمور مبهجة بكونها تشبه والدتها، وبالركض والدخول والخروج والذهاب إلى الحفلات كما فعلت في فساتين "مليئة بالدانتيل". لكنها لم تعد موجودة.
      
      قالت السيدة "مدلوك": "لا داعي أن تتوقعي رؤيته، لأنه في عشر حالات من كل عشر لن تريه. ويجب ألا تتوقعي أن يكون هناك أناس تتحدثين إليهم. سيكون عليكِ اللعب والاعتناء بنفسكِ. سيُقال لكِ أي الغرف يمكنكِ دخولها وأي الغرف يجب أن تبتعدي عنها. هناك حدائق كافية. ولكن عندما تكونين في المنزل، لا تتجولي وتدخلي الأنوف في كل شيء. السيد "كرافن" لن يقبل ذلك."
      
      قالت "ماري" الصغيرة العابسة: "لن أرغب في التدخل في كل شيء." وبنفس السرعة التي بدأت بها تشعر بالأسف على السيد "أرشيبالد كرافن"، بدأت تتوقف عن الشعور بالأسف وتعتقد أنه كان سيئًا بما يكفي ليستحق كل ما حدث له.
      
      وأدارت وجهها نحو زجاج نافذة عربة القطار المتدفق بالمطر وحدقت في العاصفة المطرية الرمادية التي بدت وكأنها ستستمر إلى الأبد. راقبتها لفترة طويلة وثابتة لدرجة أن الرمادية أصبحت أثقل وأثقل أمام عينيها ونامت.
       
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء