موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        بنت البشر في عالم الجان

        بنت البشر في عالم الجان

        2025,

        فانتازيا

        مجانا

        بنت بشرية عايشة وسط جنيات بيكرهوها في عالم "إليسيا" السحري السام ليها. بتواجه خطر الموت لو راحت حفلة الربيع، وبتتعرض للتنمر المستمر من جنيات تانية. لكن بيظهر الأمير كاليات، جني من بلاط معادي، وبينقذها في لحظة حرجة. الرواية بتستكشف صراعها من أجل البقاء والأمان، ودورها كإنسانة ضعيفة في عالم مليان قوى سحرية.

        مورجانا

        يتيمة عايشة في بلاط جولاه الملكي. بتعاني من سحر "إليسيا" السام للبشر، ومن التنمر من الجنيات حواليها. بتدور على الأمان والقبول في عالم غريب عنها.

        الأمير ديمون

        الأخ بالتبني لمورجانا، أمير من بلاط جولاه، وجني قوي بيتحكم في المايه والتراب. بيحاول يحمي مورجانا ويهتم بيها، لكنه مشغول بواجباته الملكية.

        الملكة لارانيا

        الأم بالتبني لمورجانا وملكة بلاط جولاه. بتهتم بمورجانا بطريقتها، لكنها مقيدة بتقاليد مجتمع الجنيات الصارمة، خصوصاً في ما يخص زواج الإناث

        الأمير كاليات

        أمير من بلاط أيبروس المعادي لبلاط جولاه. بيظهر في لحظة حرجة وينقذ مورجانا، وبيتميز بقوته وجماله.
        تم نسخ الرابط
        بنت البشر في عالم الجان

        مورجانا كانت عارفة إنها لو راحت حفلة الربيع الليلة، الأغلب إنها هتموت.
        
        زورها كان ناشف وهي بتخلص آخر جملة في مقالها عن حرب الساحرات. دي كانت آخر مهمة ليها، سابتها للآخر عشان تشغل نفسها بيها عن اللي المفروض كانت بتعمله بجد.
        
        "إنتي ليه لسه مجهزتيش؟"
        
        مورجانا اتنفضت واتلفتت، ودلقت زجاجة حبر أسود على المكتب كله.
        
        أخوها بالتبني، الأمير ديمون من بلاط جولاه، كان واقف في باب أوضتها. لابس بدلة لبني فاتح ماشية مع لون عينيه. تاج دهبي بيلمع على شعره الأشقر القصير.
        
        "شوفي إنتي عملتي إيه." وش مورجانا احمر. الحبر كان واقع على كتاب مفتوح، "تاريخ حرب الساحرات". طبطبت على البقعة بكم فستانها الغامق واتنهدت. يا ريت لو كانت جنية زي ديمون، بتعرف تتحكم في الماية والتراب، كانت قدرت تشيل الحبر بسهولة.
        
        بس للأسف، هي إنسانة.
        
        ديمون اتريق ووشاور بإيده، واستخدم سحره المائي عشان يمسح الحبر اللي على الكتاب والمكتب. بص على الهالات السودا اللي تحت عينيها.
        
        "ماعرفتيش تنامي تاني إمبارح بالليل؟" ريحته اللي عاملة زي القرنفل والياسمين فاقت وهو داخل أوضتها.
        
        الشمس الغايبة كانت داخلة من البلكونة المفتوحة ومعدية على الكتب اللي على مكتبها وعلى الحيطان اللي لونها روز كوارتز. كان فيه شجرة برقوق صغيرة في الركن، بيطير فيها اليراع بين الورق. ديمون سند على مراية دهبي عليها فراشات زرقا بتتحرك وكتف دراعاته. "عشان كده سبتي مهمتك لآخر لحظة؟"
        
        "إنت بتعمل إيه هنا؟"
        
        "كنت جاي أشوفك لو جهزتي لحفلة الربيع."
        
        بطن مورجانا اتلخبطت. حفلة الربيع دي كانت واحدة من الحفلات اللي بتتعمل تكريمًا لاحتفالات الفصول اللي فيها الجنيات الأرستقراطيات والأغنيا بيشكروا الآلهة عشان خلقت أرض إليسيا، وعشان ادتهم التحكم في العناصر: الهوا والنار والتراب والمايه. التراب كان يعتبر أقوى عنصر لأنه بيدي اللي بيستخدمه القدرة على التحكم في جاذبية إليسيا.
         

        من رأي الجنيات، التحكم في العناصر بيديهم الحق إنهم يحكموا جنات إليسيا عشان دي قوة خاصة بيهم هما بس. بس جنيات العيلة المالكة كانوا أقوى. ملوك بلاط أيبروس وبلاط جولاه الاتنين بيتحكموا في عنصرين. الفرق الوحيد بينهم هو إن ملك وملكة بلاط أيبروس قوتهم جاتلهم من أليجرا، أقوى ساحرة على مر العصور، قبل ما الملك إريك من بلاط جولاه يعدمها. ملوك بلاط جولاه بيتولدوا بقدرتهم على التحكم في عنصرين، وده خلاهم يفتكروا إنهم أعلى من ملوك أيبروس. "لازم أروح بجد؟" مورجانا همست. "أيوه،" ديمون رد. "انتي قربتي تبقي بالغة وانتي جزء من العيلة دي. انتي عارفة إن الإناث لازم يتشافوا في مجتمع الجنيات." غضب كده قعد يطفي ويولع جوه صدر مورجانا. "عشان الإناث زي الخنازير اللي بتتباع في المزاد في القرية؟" ديمون اتنهد. "دي عادة وأمي مستنياكي هناك. كان المفروض تتعرفي على مجتمع الجنيات السنة اللي فاتت، بس عرفتي تتهربي من الموضوع ده." "هتم تمنتاشر سنة كمان يومين؛ مش أحسن نستنى حفلة الصيف؟" "التقليد إنك تخرجي في حفلة الربيع."

        "تقليد." مورجانا اتريقت. "إنت عمرك ما اتعرضت على البلاط؟" بصت بغيظ على الجني اللي عنده 300 سنة بس شكله أصغر منها بكام سنة بس. عمر البني آدم بالنسبة للجنيات لحظة، زي عمر حشرة. "أنتي عارفة الإجابة على ده." ديمون بصلها بصة كلها توبيخ. "اخدتي جرعتك الصبح؟" شاور على الإبريق الكريستال المليان سائل بنفسجي بيلمع كان على ترابيزة جنب السرير. خلطة مورجانا كانت محتاجة تاخدها كل يوم عشان بتساعدها تعيش مع سحر إليسيا اللي كان سام للبشر. الإكسير ده كان بيبطئ امتصاصها للسحر من أرض إليسيا، بس من غيره كانت هتفقد عقلها في خلال أسابيع والسحر كان هيمزقها. كانت معجزة إنها عاشت المدة دي كلها، بس خطر الموت، خطر إنها تمتص كتير من سحر إليسيا بجسمها البشري الضعيف، ده كان حاجة بتفكر فيها باستمرار. الآثار الجانبية للإكسير ما كانتش بتساعد. لما مورجانا خدته لأول مرة وهي طفلة، كان بيجيلها صداع يومي وقئ، بس مع الوقت الآثار الجانبية اتحسنت. لحد الكام شهر اللي فاتوا لما بدأت تسوء تاني. "طبعًا أخدته."

        "على الأقل ده حماية أكتر شوية للمراسم." "يارب،" مورجانا اتنهدت. "لو السحر ما موتنيش يبقى الملل هيموتني، مش هلاقي حد أتكلم معاه في الحفلة الغبية دي." "هتكوني معايا." "هتكون مشغول أوي مع أعضاء المجلس." "هفضى ليكي لحظة لما أقدر. فلين وفاليريو هيكونوا هناك، هيتسلوكي." "دول أصحابك إنت."

        "طب يمكن الحفلة دي تكون فرصة كويسة إنك تعملي صحاب." ديمون بصّلها بصة ليها معنى. "مع مين؟ كل الناس بتكرهني." "مش كل الناس." صمت محرج عدّى، وديمون بص في الأرض. "لازم تستعجلي وتجهزي. أنا هراجع مقالك وهتأكد إنه كويس كفاية للمدرس بتاعك." سند على مكتبها وقراه بصوت عالي، "في يوم من الأيام، الساحرات كانوا زي الجنيات بالظبط وكانوا بيقدروا يستخدموا عنصر واحد. لكن، مع كل جيل جديد من الساحرات بقوا بيقدروا يستخدموا الأربعة عناصر، وده خلاهم أقوى مخلوقات في إليسيا. "بس قائدة مجمع العذراوات، أليجرا، اتمردت على جنيات بلاط جولاه واعترضت على القرار اللي كان بيحمي الجنيات والجنيين من سحر الساحرات السام. هي اللي أشعلت حرب الساحرات وقسمت بلاط الجنيات من ألف سنة. "قبل الحرب، إليسيا كانت تحت حكم بلاط جولاه، لحد ما الخونة من الجنيات انضموا للساحرات وسموا نفسهم بلاط أيبروس. الأيبروسيين والساحرات خسروا الحرب ونتيجة لكده كل الساحرات اتعدموا، وحاجاتهم اتحرقت." "إيه رأيك؟" ديمون كشر مناخيره. مورجانا قامت وخطفت المقال منه. "شكرًا على التشجيع." "كون إنها آخر سنة ليكي، مش معناه إنك تبقي كسلانة." "أنا مش كسلانة!" "المفروض تذاكري كويس." "علشان إيه؟ عشان أتجوز بارون عنده هوس بالبشر؟" "مورجانا!" خدود ديمون احمرت. مورجانا كتّفت دراعاتها. "إيه؟ الأم دايمًا عايزة أيليس وأنا نتجوز جوازة كويسة. ده واجبنا، عكس واجبك إنت. أنا عندي لحد ما أكمل خمسة وعشرين سنة عشان ألاقي عريس ولا هيطردوني من القلعة." "فاضل ليكي شوية لحد ما توصلي للسن ده. ممكن تعملي اللي إنت عايزاه لما دروسك تخلص. ممكن تكملي دراستك لو عايزة." مورجانا اتريقت. كأن أمها هتسمح لديمون يقف في طريق أي خطوبة محتملة. وكأن مورجانا ممكن تذاكر في فصل كله جنيات، تاني أبدًا. "متقلقيش كتير من الخطوبة. اتبسطي الليلة، لمرة واحدة بس،" ديمون قال. "مقدرش أخلي حذري يقل." "ممكن. ده مكان عام وأنا هكون موجود. محدش هيحاول يعمل أي حاجة." مورجانا بلعت ريقها، افتكرت آخر مرة كانت فيها في مكان عام. كان من سنتين تقريبًا ورا شجر في المدرسة لما إلفينيا، جنية رفيعة شعرها كراميل وعنيها شريرة، ولعت شعر مورجانا بالكبريت. زمايلها الجنيات ضحكوا زي الغربان، ومورجانا صرخت لحد ما واحد من المدرسين المناوبين جري وجه وطفاها بسحره المائي. لما روحت البيت الضهر ده، وديمون ولارانيا سألوها إيه اللي حصل، كدبت وقالت إن خلطة في الفصل باظت. لكن ديمون مصدقش مورجانا. وغضبان، ديمون طرد الحارس اللي كان المفروض يحميها لأنه كان في الحمام وقت الهجوم. "بس افتكري تدريب القتال بتاعك وهتبقي كويسة. يلا بقى، استعجلي وجهزي نفسك للحفلة. أنتي عارفة الأم بتكره قد إيه لما بنكون متأخرين." ديمون خبط بإيديه على كتاف مورجانا، مشتتًا ذاكرتها. وبعدين سابها عشان يقابل فلين، قائد الحرس، وفاليريو، قائد الجواسيس، عشان يتأكدوا إن الأمن هيكون مشدود في الحفلة. وبالإضافة لكونهم قادة، فلين وفاليريو كانوا أحسن أصحاب ديمون. مع إن ديمون كان واثق من سلامتها، مورجانا كانت عارفة إن فرصة إنها تخرج حية هتكون ضعيفة لو قابلت اللي بيضايقوها في الحفلة. عشان كده كانت خايفة أوي تروح الليلة. مش بس كده، دي كانت أول حفلة ليها. ماكانتش عايزة تجذب أي عرسان. كانت عايزة تتساب في حالها وفي أمان.

        مورجانا قررت إن حمام دافي هيساعد يهدي الأعصاب والقلق اللي كان بيتحرك في بطنها زي عش نمل. دخلت حمامها الخاص، اللي حيطانه كانت معموله من زجاج بحري لونه تركواز، والأرضية كانت بلاط شفاف مليان قواقع ونجوم بحر. التسريحة بتاعتها كانت منورة بياقوتة كبيرة وكانت متزينة كمان بمرجان مجفف. الحمام كله كان متصمم على طريقة جزر الأندين. مجموعة جزر في جنوب إليسيا حيث بيعيش الجنيات والجنيين المائيين. كان بيحكمها اللورد ناصر أندين، جني مائي قوي لدرجة إنه كان بيقدر يتحكم في مد وجزر محيط أندين. لكن بالرغم من قوته، زي كل اللوردات في بلاط جولاه، كان لسه بيسمع كلام الملك إريك. مورجانا طلعت في البانيو بتاعها اللي عامل زي الصدفة الضخمة، مليان فقاقيع دافية بريحة اللافندر. بس عضلاتها كانت لسه مشدودة ومتقشفة. عقلها كان شارد، بيفكر في كل الطرق اللي ممكن اللي بيضايقوها يأذوها أو يقتلوها الليلة. دول جنيات وكل العناصر تحت تصرفهم وهي مجرد إنسانة ضعيفة من غير سحر. وبسرعة، كانت بتلبس فستان أبيض بيلمع وجميل. مورجانا ما لحقتش توصله لوسطها لما بابها اتفتح بعنف والملكة لارانيا دخلت الأوضة وهي ماشية، فستانها النبيتي الفخم بيخشول. شعرها البني الغامق كان معمول كعكة واطية ومعقدة، وتاج من الألماس والياقوت مزين راسها. ريحة الورد بتاعة لارانيا ملت الأوضة، ومناخيرها اتسعت لما شافت مورجانا نص لابسة. "هكون جاهزة قريب،" مورجانا صرخت بصوت رفيع. "بجد؟ مش باينلي كده. شعرك لسه منشفش." لارانيا لوحت بإيدها ومسحت المايه اللي مضايقة من شعر مورجانا. "استعجلي. الوفود من بلاط أيبروس هيوصلوا قريب. أنا هستناكي بره." وبعدين لفت وخرجت من الأوضة. رفض لارانيا المفاجئ ماكانش علامة كويسة. مورجانا جريت على دولابها وفتشت في علبة مجوهرات بتلمع وخدت قطعة شعر ألماس. جرت للمراية وحشرتها في شعرها الأسود المجعد. على الأقل الفستان كان ماشي مع بشرتها الخمرية. لكن بطن مورجانا اتلوت كأن تعبان ملفوف حوالين أمعائها. هي بجد ماكانتش عايزة تروح حفلة الربيع. ومش بس عشان اللي بيضايقوها، سحر احتفال الربيع كمان كان هيقربها من الموت. احتفال الجنيات هيشاركوا فيه قبل بداية الحفلة. بالرغم من كده، مورجانا أجبرت نفسها إنها تخرج بصعوبة للصالة، حيث كانت الملكة لارانيا قاعدة على كنبة فاتحة ومعاها اتنين حراس على جنبها. التكشيرة اللي على وش لارانيا لانت. "يا حبيبتي. إنتي جميلة أوي أنا متأكدة إنك هتلاقي عريس قبل نهاية الليلة." مورجانا فضلت ساكتة وزورها اتقفل. ماكانتش عايزة تتجوز أي جني وتضطر تسيب القلعة، كأنها حيوان أليف مش مرغوب فيه بيتقدم لمالك جديد. الهبل الذكوري ده بتاع الإناث اللي بيتقدموا لأرستقراطية بلاط جولاه لازم يموت في رأيها. "يلا بينا، احنا اتأخرنا أصلاً." لارانيا شَبَكِت دراعها في دراع مورجانا. سحبتها في ممرات القلعة، اللي كانت مصنوعة من روز كوارتز. ويستاريا بنفسجية كانت متدلية من السقف، ونباتات متسلقة مليانة ورد من البوغينفيليا كانت بتتسلق على الحيطان زي ستاير بينك. ريحة الورد كانت مسكرة أوي. خانقة. قلب مورجانا كان بيدق بعنف.

        الحراس كانوا واقفين عند المداخل زي الحراس الفضية، لابسين دروع مصنوعة من الإيروديوم، نوع من الصلب موجود بس في إليسيا. "داين وألستون وإلفينيا هيروحوا حفلة الربيع؟" "طبعًا." لارانيا هدت مشيتها. "هما جزء من الأرستقراطية." إصبع بارد نزل على ضهر مورجانا. "بس مفيش حاجة تقلقي منها يا حبيبتي. هتكوني في أمان." لارانيا طبطبت على دراع مورجانا كأنها بتطبطب على راس كلب. بصمت، مورجانا مشيت ورا لارانيا في سلم حلزوني ملفوف حوالين شجرة عملاقة بيطير فيها العفاريت الصغيرة واليَراع بين الأغصان. رجعت بذاكرتها لآخر مرة شافت فيها المتنمرين دول. كان من سنة لما ألستون وداين حاصروها في الفصل في الشتا. ألستون كان ابن البارون فينش، وداين كان ابن الإيرل ألفرج، وهما من أبشع الجنيات اللي قابلتهم مورجانا في حياتها. إلفينيا كانت هي القائدة بتاعتهم وكانت بتكره البشر كره خاص عشان أهلها كانوا دايمًا بيدافعوا عن طرد المواطنين نص جنيات من إليسيا. بالنسبة ليهم، البشر ليهم نفس حقوق التراب. التلاتة دول كانوا بيتنمروا على مورجانا طول سنين دراستها وكانوا دايمًا بيعملوا خطة عشان يخلوا حياتها جحيم. بس في الليلة المشؤومة دي كانوا استنوا الفصل يخلص عشان إلفينيا تسد الباب. المدرس كان أول واحد يمشي، وده ادى إلفينيا الفرصة إنها تخلي بقية الفصل يخرج ماعدا مورجانا. الخوف زحف في بطن مورجانا كأنها بلعت أم أربع وأربعين. الحارس اللي كان المفروض يكون معاها كان سابها لوحدها في آخر حصة. كان قال إن فيه مشكلة في العربة وكان لازم يرتب عربية جديدة عشان تاخدها البيت. المتنمرين دول شافوها فرصة مثالية عشان يضربوا. لما بقوا هما الأربعة بس اللي فاضلين، مورجانا جريت على الشبابيك، فاكرة إنها ممكن تهرب. مكاتب كانت بتخبط في فخدها، وضحكات حادة أحاطت بيها زي قطيع ضباع. ألستون كان ماشي وراها بخطوات هادية، عينيه فاضية وغامقة زي بيرين ناشفين. شعره الأسود وبشرته الشاحبة فكرت مورجانا بمخلوق في قصص البشر اللي ديمون اديهالها مرة. مخلوق اسمه مصاص دماء بيطارد المقابر. داين كان عكس ألستون في الشكل، كان شكله ملاك بشعره الأشقر الفاتح ووشه الطفولي. سد طريق مورجانا، وهي جريت لآخر الفصل. محاصرة، زي غزال بيواجه أسود. "ارجوكوا سيبوني لوحدي." توسل مورجانا كان ضعيف، خافت، زي كحة عفريت صغير. خدودها كانت مبلولة بالدموع. "زبالة بشرية زيك مش مكانها هنا،" إلفينيا اتريقت. ألستون لزق مورجانا في الحيطة بسحره الترابي. شريط منه اتلف حوالين زورها زي تعبان. هي شاطت برجليها، ورئتها مولعة، صرختها فاضية. مرة تانية، هي اتنقذت بالصدفة المحضة لما طالب أكبر منها عدى جنب الفصل وشاف اللي بيحصل وجاب مدرس. التلاتة المتنمرين دول كلهم خدوا حجز.

        مورجانا روحت البيت وهي بتعيط وورّت لارانيا العلامة الحمرا حوالين رقبتها، بتترجى إنها تخرجها من المدرسة. وشها أبيض، لارانيا وافقت إنها تذاكر في القلعة. ديمون قرر يدربها على القتال. دلوقتي، مورجانا واجهت احتمال إنها تشوف المتنمرين الفظيعين دول تاني. لفت ركن، وباب قاعة الرقص الكبيرة بان. كانوا دهب وعليهم ورد محفور بشكل معقد. جنب الأبواب كان أخوها وأختها بالتبني. ديمون كان بيتكلم مع الأميرة أيليس، اللي كانت مديّة ضهرها للارانيا ومورجانا. أصوات كانت بتهمس من ورا الباب. كان فيه جنيات كتير أوي في قاعة الرقص دي. جنيات كتير أوي. "إيه اللي مأخرهم كده؟" أيليس اشتكت. من الشبابيك العالية دخلت شمس العصر، اللي خلت شعر أيليس الدهبي بيلمع كأنه مرشوش بتراب الجنيات. ديمون ابتسم ابتسامة سريعة للارانيا ومورجانا. أيليس لفت وعنيها علقت على فستان مورجانا زي الشوك اللي بيشبك في قميص. بطن مورجانا انقبضت. بالمقارنة بأيليس، هي حست إنها فلاحة. أيليس كانت لابسة فستان حرير أزرق وتاج من الألماس اللي بيشع. مورجانا ماقدرتش ماتلاحظش إزاي لون فستان أيليس ماشي مع بنطلون وجاكيت ديمون. ثنائي ملكي حقيقي. "مورجانا ماكانتش جاهزة عشان كده اتأخرنا." لارانيا ضمت شفايفها. "بس الجمال بياخد وقت." "مش شايفة ليه مورجانا المفروض تكون هنا أصلاً. ده تقليد إن إناث الجنيات يتقدموا للبلاط." أيليس كشرت مناخيرها. ديمون بص لتوأمه، يعني اتكلمي كويس. "إيه؟" أيليس هزت كتفها. مورجانا كشرت. كانت هتدي أي حاجة عشان تكون في أي مكان تاني. وبعدين لارانيا دخلتهم على السجادة الحمرا وعملوا صف. مورجانا كانت في الآخر. المذيع، جن قزم لابس بدلة مخملية زرقاء، انحنى للارانيا. "جاهزين للإعلان عنكوا يا صاحبة الجلالة؟" "أيوه." قلب مورجانا كان بيدق بسرعة، وإيديها بتعرق، وهي بتفكر في كل العيون اللي هتكون عليها. عيون هتكون مليانة قرف وازدراء. ليه ماقدرتش تفضل في أوضتها زي ما كانت بتعمل دايمًا لما يكون عندهم حفلات الفصول دي؟ عشان إنتي قربتي تبقي بالغة. كأن ديمون حس قلقها بص ورا كتفه. "إنتي تقدري تعمليها يا مورجانا." "شكرًا،" هي قالت بصوت خشن. الجن القزم مسك مقابض الأبواب وفتحهم على آخرهم.

        الهمس في قاعة الرقص اختفى. بطن مورجانا اتقلبت كأنها شربت لبن رايب. "جلالة الملكة، الملكة لارانيا ملكة بلاط جولاه!" أعلن القزم. الملكة لارانيا انزلقت من الأبواب برشاقة البجعة، راسها مرفوعة. شوية تصفيق وراها، وبق مورجانا نشف وهي بتبص للسقف. وبسرعة أوي أعلنوا عن ديمون، وبعدين أيليس. قلب مورجانا كان بيدق بعنف وهي بتقف عند الأبواب، رنين عالي في ودانها. "الليدي مورجانا من بلاط جولاه!" صوت القزم رجع صدى، كأنه بيزعق من قاع بير عميق. خطت مورجانا عبر المدخل، وريحة ورود وفاكهة مسكرة لفت حواليها كأنها شريط لذيذ. سقف قاعة الرقص كانت بتنزل منه الويستاريا، واليَراع كان بيرقص بين البتلات. تحت رجليها الأرض كانت مفروشة بفسيفساء من بتلات مختلفة. على الأعمدة البيضا من الكوارتز كانت ورد، وأوركيد، وزنابق. شجر صغير كان متناثر في الأرض وجنبهم ترابيزات مليانة توت مسكر، وخوخ، وتفاح. كان فيه كاسات شمبانيا بتلمع ونبيذ ياقوتي، جاهزين للأخذ. "اتحركي،" القزم همس. مورجانا ماكانتش واخدة بالها إنها ثابتة في المدخل. وشها بيسخن، أسرعت على السجادة الحمرا وخدت لفة حادة لمكان كان فيه زحمة من الجنيات الأرستقراطيين والأغنياء. كانوا مبهرين في فساتين وبدل بكل الألوان. دم مورجانا كان بيتدفق بعنف، والجنيات الجميلة والأنيقة كانوا بيلفوا عليها زي الذئاب اللي شامة أرنب. شفايف ابتسمت وسنان كشرت. عيون مورجانا راحت للأرض. حاولت ما تدورش على اللي بيضايقوها. كانت عارفة إنهم موجودين. كانت حاسة بده. السجادة الحمرا كانت ماشية وسط الزحمة لحد منصة، حيث عيلتها قاعدة على عروش مصنوعة من الدهب والأحجار الكريمة. كرسي فاضي لمورجانا كان على المنصة تحت أيليس. في النص كان الملك إريك على أفخم عرش في النص. كان لابس بدلة من قطيفة غامقة وعليها تاج دهبي على شعره البلاتيني الطويل. بص لمورجانا بتعبير جامد. واقفين تحت المنصة كان فيه جنيتان بيعملوا أول ظهور ليهم الربيع ده. كانوا لابسين فساتين بيضا بتلمع زي فستان مورجانا، رمز لكونهم لسه في أول ظهور. لكن، مورجانا حست إن فستانها بيرمز ليها كطعم للقروش. بصت لديمون اللي كان باصص عليها وعينيه واسعة. هز راسه كأنه بيقول، اتحركي. مورجانا رمشت وأجبرت رجليها اللي كانت مخدرة إنها تمشي وسط بحر الأرستقراطيين اللي بيسخروا. بطنها كانت بتتقلب وهي بتنحني لأمها. مورجانا وقفت جنب أوكتافيا، زميلة سابقة ليها بشرتها شاحبة، شعرها بينك، وريحتها بتونيا. فستان لارانيا خشخش وهي بتقف. "يا أعضاء بلاط جولاه الكرام. أنا فخورة بتقديم الليدي سيلا، والليدي أوكتافيا، والليدي مورجانا كأول ظهور ليهم الربيع ده!" تصفيق وراها. "الستات دول أعضاء استثنائيين في مجتمعنا واللي هياخدهم زوجات هيكون جني محظوظ بجد." لارانيا ابتسمت. "الليدي سيلا موهوبة بشكل خاص في الرقص، بتحب القراءة، وهي واحدة من أحسن مستخدمي النار." لارانيا أشارت لجنية جميلة شعرها لافندر وبشرتها غامقة. "الليدي أوكتافيا عندها حس في الطبخ واستخدمت سحر التراب بتاعها عشان تساعد في بناء بيوت في قرية جولاه."

        همسات إعجاب انتشرت في الزحمة والستات واللوردات بصوا لأوكتافيا باهتمام. "الليدي مورجانا هي عضو في عائلة جولاه، بتحب الجناين والخياطة." مورجانا رمشت. هي عمرها ما زرعت حاجة في حياتها، وهي بتكره الخياطة. "كإنسانة هي قدرت تنجو من سحر إليسيا وده بيعبر عن قوة شخصيتها. هتكون إضافة رائعة لأي بيت." لارانيا ابتسمت بحرارة لابنتها بالتبني. خدود مورجانا احمرت ورجعت وشها للزحمة، بتتمنى لو تقدر تزحف في كهف وتموت. أغلب الجنيات كانوا بيحاولوا يكتموا ضحكتهم ورا شفايفهم مضمومة. ماكانوش هيفكروا فيها بجد للجواز. خصوصًا لما الجواز بيتم على أساس القوة العنصرية، أو المكانة. بعد الإعلان المهين ده، مورجانا قعدت على كرسيها، سعيدة إن الموضوع خلص. الباقيات اللي بيعملوا أول ظهور ليهم اختفوا في الزحمة. لوردات بلاط جولاه كانوا متفرقين في الزحمة. اللورد أوسياه إلوين، صاحب مناجم الإيروديوم وحاكم أراضي إلوين كان قريب من الأمام. كان بيستخدم سحر الهواء ولابس بدلة برتقالي محروق من الشمس بتكمل بشرته الغامقة. جفونه كانت بتلمع دهب من بودرة الفراشات. جنبه كان اللورد ديفلين دراناداك، أبو الملكة لارانيا. كان بيستخدم سحر الماء بوش صارم وشعر أبيض قصير. ديفلين كان لابس بدلة كحلي بسيطة، مش بيحب الزينة أو المجوهرات. أرضه كانت مزدهرة عن طريق مزارع الخضروات والمواشي.

        الزحمة هدت، لما القزم أعلن، "أقدم لكم، الليدي أورورا فريجارد والليدي ويلو فريجارد من بلاط أيبروس!" جنيتان شكلهم أكبر من مورجانا بحوالي عشر سنين مشيوا على السجادة الحمرا. كانوا لابسين دروع غامقة وسوايف مربوطة في وسطهم ومجموعة سكاكين متخبية في أحزمتهم. ويلو وأورورا كانوا توأم، بشرتهم بني، شعرهم كستنائي، وعيونهم عسلية. اللي اسمها ويلو كان عندها وشم وحش على رقبتها كان شبه الأساونج أوي، جنية متوحشة بتحب تاكل قلوب وكبد البشر. رعب اتلف في بطن مورجانا، لما همسات طلعت بين الزحمة. بعض الجولايتس همسوا إهانات للمستجدين. عيون أيليس ضاقت لما الجنيتان الأيبروسيتين قربوا. ملامح إريك ولارانيا تحولت لأقنعة باردة. وشفايف ديمون اتقرفت. لأ، الأيبروسيين ماكانوش مرحب بيهم في بلاطهم. من ساعة ما انضموا للساحرات في الحرب، عداوة كانت بتنمو بين البلاطين. الجنيتان الأيبروسيتين كان وشوشهم فاضية، كأنهم متعودين على المعاملة دي. مورجانا كانت مذهولة بوجودهم لأنها عمرها ما شافت حارسة سيدة. دي كانت خطوة تقدمية غريبة من الأيبروسيين لأن ولا واحدة من السيدات في بلاط جولاه كان مسموح ليها تكون جزء من الحرس. تحت حكم الملك إريك، أعلى إنجاز وهدف أساسي ممكن سيدة تحققه هو الجواز والأمومة. الأيبروسيتين الاتنين وقفوا قدام العرش ووقفوا باهتمام. "أقدم الملك ماجنوس، والملكة أوديسا، والأمير كاليات من بلاط أيبروس،" أعلن القزم. مورجانا مالت لقدام، فضولها زاد. كانت متحمسة تشوف شكل العائلة الملكية الأيبروسية عامل إزاي. اليوم ده كان أول مرة تشوف فيها أي أيبروسي. الملك ماجنوس والملكة أوديسا مشيوا لقدام، دراع في دراع، وعيون مورجانا وسعت. الملك ماجنوس كان جني ملفت للنظر ببشرة زيتونية، عيون برونزية، وشعر أسود قصير. كان لابس تاج بسيط من الدهب الأبيض، وبدلة سودا فخمة عليها تطريز نبات الثعبان الأبيض. الملكة أوديسا كانت إلهية بنفس القدر ببشرة شاحبة، عيون ياقوتية، وشعر ناري لامع. كانت لابسة تاج متناسق من الدهب الأبيض، وفستان أسود بطبقات من الأورجانزا الفضية، خلاها تبدو كأنها متغطية بسماء الليل.

        مورجانا كانت سمعت كل أنواع الحكايات عن الأيبروسيين في البلاط، عن إنهم أشرار وإنهم بيفرحوا بألم الآخرين. كانت متخيلة إن العائلة المالكة هتكون مخيفة زي السلوغ، جنيات مرعبة بعيون بتلمع، أسنان ومخالب حادة، بيصطادوا في قطعان وبيمزقوا الجنيات. كان بيتقال إن السلوغ هما تجسيد للأموات اللي عملوا أعمال لا تغتفر. كانوا بيعيشوا في الجبال اللي بتفصل بين البلاطين، مستقلين عن حكم بلاط أيبروس أو جولاه. لكن لأ، الملك والملكة الأيبروسيين ماكانوش شكلهم وحوش ولا باين عليهم الشر. بس مورجانا كانت عارفة إن المظاهر ممكن تكون خداعة. وراهم كان ابنهم، الأمير كاليات، اللي كان باين عليه نفس سن مورجانا. نفسها انحبس في زورها. كاليات كان أجمل جني شافته في حياتها. بشرته زيتونية، عظام خد عالية، وشفايف مليانة. كاليات كان لابس بدلة غامقة عليها تطريز نبات البلادونا على الياقة والأساور. تاج من الدهب الأبيض كان ملفوف حوالين شعره الغامق الكثيف. خدود مورجانا اتحرقت لما عيون كاليات الزمردية الجذابة قابلت عينيها. بصت بعيد، بطنها اتقلبت. صمت متوتر ساد المكان. كاليات بص بعيد عنها وكان دلوقتي بيبص لديمون بغيظ. "أهلاً بكم في احتفال الربيع، يا مواطني بلاط جولاه وبلاط أيبروس،" أعلن الملك إريك. "النهاردة بنرد الجميل للآلهة على النعم اللي قدمتهالنا خلال موسم الربيع. الشكر للآلهة." الزحمة همست شكرها. "يا ريت تنضموا ليا واحنا خارجين للمراسم. بعد كده، هنتغذى على ثمار الربيع وهنفتكر ده كوقت خير، وإثمار، وبدايات جديدة." تصفيق انتشر في الأوضة لما الملك إريك وقف. الأيبروسيين بعدوا ووقفوا على حافة السجادة الحمرا عشان يفسحوا الطريق لإريك. مشي من قدامهم، وبعده لارانيا، ديمون، وبعدين أيليس. مورجانا كانت آخر واحدة. اتجرأت تبص تاني للأمير كاليات وعينيه قابلت عينيها تاني. وشه كان فاضي كأنه بيبص على حاجة مش مهمة. مش ملفتة للنظر. مورجانا بصت بعيد، بطنها كانت بترف لما حمرة زحفت على رقبتها. الجنيات عدوا من بابين زجاج مزدوجين وخرجوا على الساحات الواسعة اللي ورا القلعة. الهوا النقي كان راحة مرحب بيها من الروائح المسكرة والمخنقة للورود في قاعة الرقص. ألوان بنفسجي ودهبي خططت السما من الشمس الغايبة وهما ماشيين على طريق حجري وطلعوا فوق تل. في المسافة كانت الغابة اللي بتمتد لأميال. نسيم بارد حرك الشجر. تحت شجرة بلوط عملاقة كان واقف الرائي الأعلى؛ جني محني، مجعد اسمه بالتازار عنده كتلة شعر أبيض. كان لابس رداء أبيض عليه حواف عليها علامات دهبية من طائفة الرائيين وكان ماسك عصاية. عند رجليه كان فيه خط من الأرض اللي لسه متقلبة ومزروعة بالبذور. كرات مليانة نور كانت طايرة في الهوا جنبه. "روحي هناك يا مورجانا. الجزء ده مش ليكي." لارانيا أشارت لمكان تحت شجرة صفصاف.

        مورجانا مشيت بعيد، وعيلتها وقفت صف قدام التراب ومعاهم الأيبروسيين. بقية الجنيات اتجمعوا وراهم، زي المتفرجين اللي على وشك يتفرجوا على مسرحية. الرائي الأعلى داس بعصايته، وسكت الهمس اللي طالع من الزحمة. "النهاردة لازم نكرم الآلهة من خلال احتفال الربيع. كرمز لامتناننا، لازم أقوى جنيات إليسيا يغذوا الأرض بدمهم،" قال بالتازار. "الشكر للآلهة،" همست الزحمة. العائلات المالكة في بلاط جولاه وبلاط أيبروس رفعوا دراعهم وكفوف إيديهم في وش التراب. الرائي الأعلى خبط بعصايته وقطع كفوف إيديهم بسحر التراب. الدم نقط من إيديهم على الأرض، عامل ريحة حديد في الهوا. الجنيات الملكيين رجعوا لورا لما فروع طلعت من الأرض وكبرت وبقت شجر صغير. جروحهم خفت في ثواني. السحر كان بيطن، بيتردد على جلد مورجانا، ورفع شعرها. ريحته كانت زي وردة بتتفتح، إحساسه زي الشمس وهي بتشرق على الأرض، وطعمه زي بق مليان فراولة حلوة ومُعصير. الجنيات كلهم أخدوا نفس عميق لما سحر الربيع غطاهم. بس قلب مورجانا كان بيدق بعنف وهي بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان تخبي قلقها. قد إيه الضرر اللي عمله سحر الاحتفال؟ قد إيه قربت من الموت بسببه؟ هل إكسيرها هيكون كفاية إنه يوقفه؟ نقطة عرق نزلت على رقبتها، وهي غمضت عينيها، وحاولت تهدّي نفسها. "وبكده، سحر الربيع بينتشر لأبعد أركان إليسيا وبنشكر الآلهة على هداياها!" قال الرائي الأعلى. مع انتهاء الاحتفال، كل الجنيات رجعوا يمشوا ناحية القلعة ويتكلموا في مجموعات ودودة. مورجانا فضلت قريبة ورا ديمون، مش متأكدة من مكانها في كل ده. الرقص كان شغال على ودنه ومورجانا مستخبية ورا شجرة دردار صغيرة. ترابيزة فاكهة ونبيذ جنبها، حاجز ممتاز، عشان الجنيات كانوا مهتمين بالأكل أكتر منها. كانت بتبص على الجنيات وهما بيرقصوا برشاقة في قاعة الرقص، ضحكاتهم وثرثرتهم بتنتشر في الهوا زي أجراس الرياح. المزيكا كانت حيوية، ومورجانا كانت هتحب ترقص لو ماكانتش متأكدة أوي إن الجنيات هيضحكوا عليها.

        بدل كده، قضت وقتها وهي بتدور على المتنمرين بتوعها في الزحمة. لمحة شعر أشقر على يمينها خلت مورجانا تنط، فاكرة إنه داين. بس كانت أيليس بس، حاطة دراعها الشاحب حوالين بريجيد تارجون. بريجيد كانت أحسن صديقة لأيليس، وبنت تاجر غني. كانت جميلة بفستان بيشع، وشعرها أسود مجعد، وبشرتها غامقة. كانوا بيضحكوا، ويخبطوا كاسات النبيذ بتاعتهم ببعض. صداقتهم خلت الوحدة تزيد في بطن مورجانا، زي الأعشاب اللي بتخنق الحياة من جنينة. لما كان عندها عشر سنين، حاولت تخلي أيليس تلعب معاها على أمل إنهم يكونوا أخوات. بدل كده، أيليس وبختها وكانت دايمًا مشغولة أوي إنها تلعب. مناخيرها كانت بتكشر كأن مورجانا حشرة مقرفة دوست عليها. "مش شايفة إن عندي حاجات تانية أعملها؟" أيليس وبختها. مورجانا حاولت تاني لما كان عندها خمستاشر سنة، المرة دي طلبت من أيليس تساعدها تختار لبس للمدرسة. أيليس اتريقت، "ليه؟ كأن حد مهتم شكلك عامل إزاي." بعد كده مورجانا وقفت محاولات. مورجانا مسحت الزحمة بعنيها عشان تشوف أخوها. ديمون كان في آخر قاعة الرقص، بيتكلم مع العمة جوين. جنية شاحبة شعرها بلاتيني ولابسة فستان فضي. كده بقى يعني هيفضل معاها زي ما وعد. إلياس، لورد إقليم أورون انضم ليهم. كان ابن جوين، وجني وسيم بعيون زرقا وشعر غامق. إقليم أورون غني بمناجم الدهب والأحجار الكريمة وكان هو السبب في أغلب ثروة بلاط جولاه. أخت إلياس، سيرينا، كان عندها بشرة أمها الشاحبة وشعر أبوها اللي لونه شوكولاتة. بالرغم من إنهم كانوا قرايب بالتبني، سيرينا ماكانتش بتعترف بوجود مورجانا. كانت بتمشي جنب مورجانا كأنها جزء من الديكور جنب الترابيزات وحضنت أيليس. مورجانا ما اهتمتش، كأنها هي وسيرينا أصحاب. شكل مألوف لفت نظر مورجانا وتلج جمّد اللي جواها. على طرف قاعة الرقص كان ألستون، لابس بدلة بنفسجي من البروكار وشارب كاس نبيذ أحمر. جنبه كان داين، لابس بدلة لونها زي قيء البيبي. وهناك كانت إلفينيا، اللي كانت لابسة فستان بشع مليان حجر التوباز. من كشرة إلفينيا وتململها، الفستان كان مش مريح زي ما باين عليه. مورجانا رجعت لورا في الضلمة، بتأمل إنهم ما شافوهاش. بس بطريقة ما عيون ألستون الغامقة لقيتها، زي نسر بيشوف فأر صغير بيهرب في العشب الطويل. هي اتجمدت، قلبها بيدق بسرعة. ابتسامة مصاص دماء بطيئة انتشرت على وشه. بلعت صرختها. ديمون كان بعيد أوي، ومورجانا ماكانتش تقدر تعتمد على إريك أو أيليس لأي مساعدة. بس هناك، في الزحمة كانت لارانيا، بتشق طريقها ناحية أنطونيو أندين اللي كان لابس فستان أزرق سماوي. كان جنب جوزها، ناصر أندين، لورد جزر الأندين اللي كان لابس بدلة خضرا فاتحة زي رغوة البحر. مورجانا جريت ناحية أمها، الذعر بيخرمش زورها زي حيوان بري. خبطت في جنيات بيرقصوا. لارانيا لفت في اتجاه مورجانا.

        "يا أمي!" مورجانا لوحت بإيدها، بس زوجين بيرقصوا خبطوها على الأرض. ألم هز ركبتيها. الزوجين كملوا رقص كأنها ولا حاجة. وشها أحمر، مورجانا قامت بصعوبة. لحسن الحظ، كان فيه حتة فاضية قدام، حيث كان ملك وملكة بلاط أيبروس بيدوروا. الجنيات كانوا بيجروا من طريقهم، زي أسراب السمك اللي بتهرب من زوج قروش. مورجانا هتقدر توصل لأمها أسرع لو راحت ناحية ملك وملكة أيبروس. الأمير كاليات كان قريب معاهم الحارسين الأيبروسيين، ابتسامة مبهرة على وشه وهو بيتكلم معاهم. فجأة، كاليات بص فوق وقابل نظرة مورجانا. ابتسامته اهتزت وحواجبه كشرت. مورجانا بصت بعيد، يائسة إنها توصل لأمها. الزحمة اتحركت وسدت طريقها لما ملك وملكة أيبروس مشيوا. "لأ!" عيون مورجانا لسعتها الدموع. إيد نزلت على كتفها. "رايحة فين؟" ألستون سأل. لفت. داين وإلفينيا كانوا حواليه، ابتسامات سخرية على وشوشهم. "سيبوني لوحدي." مورجانا بعدت إيد ألستون. "بقالنا كتير ماشفناكيش." عيون إلفينيا سابت أثرها على مورجانا زي جزار على وشك يقطع بقرة. "عيلتي هنا." عيون داين الزرقا اتلفتت على الزحمة. "طب وإيه؟ هما مش بيتفرجوا." "وغير كده، احنا بنتكلم بس. مفيش حاجة غلط في كده." ألستون مرر صباعه على خد مورجانا. هي اتنفضت ورجعت خطوة لورا. إلفينيا مسكت رسغها، ضوافرها بتغرز زي الكماشة. "مش هتفلتّي المرة دي." "فيه جنيات كتير أوي حوالينا. مش هتقدري تعملي حاجة." "مش هقدر؟" إلفينيا شدت مورجانا لقدام، كانت قريبة كفاية إنها تشم ريحة النبيذ في نفس إلفينيا. "ولا واحد من الجنيات مهتم بيكي." وكأنها عايزة تثبت وجهة نظرها، مجموعة صحاب أيليس رقصوا من جنبهم زي ورق الشجر اللي بيدور في جدول مياه بيضحك. أيليس ما لاحظتش مورجانا خالص. بدل كده، كانت بتضحك مع بريجيد ورايحة ناحية نص قاعة الرقص. "ولما نخلص منك، هما هيفتكروا إن واحد من الأيبروسيين عملها." إلفينيا ابتسمت بخبث. "أيوه، زي الجني اللي نص جني ده لوكاس اللي اتقتل على إيد واحد من الأيبروسيين الأسبوع اللي فات في القرية،" قال داين. "غرق في بحيرة جولاه." "أيوه، دايماً بيتورطوا في مشاكل،" ألستون وافق. "هيكون سهل نلوم واحد منهم." هز راسه ناحية الأيبروسيين الملكيين، ورا مورجانا. الأمير كاليات كان باصص عليهم، وتكشيرته زادت. أمل كبير نبت في صدر مورجانا. يمكن هو يقدر يساعدها؟ مورجانا اتحركت في اتجاهه، بس إلفينيا شدتها لورا. "ماتفكريش حتى. الأيبروسيين بيكرهوا البشر." وبكده، أمل مورجانا اختفى زي حلم مع أول شعاع شمس. "مش فاهم ليه العيلة المالكة محتفظة بيها،" داين قال لألستون.

        "هي زي حيوان أليف ليهم." ألستون مال راسه. "ياريت كان عندي حيوان أليف بشري." راس مورجانا دارت. هل كان الخوف اللي مخليها دايخة أوي كده؟ ولا كان عرق الجنيات الخانق اللي ريحته زي ورد بايظ تحت الشمس الحامية؟ "دايماً كنت عايز أقتل بني آدم." ألستون قرب وشه من وش مورجانا وكان كأنها بتبص في عيون تعبان. من غير تفكير تاني، مورجانا خبطته براسها وألم انفجر في جبهتها. ألستون صرخ، دم طلع من مناخيره. مورجانا فكت نفسها وجريت وسط الزحمة. صرخات طلعت وهي بتخبط الجنيات على جنب. دورت في الزحمة على أمها، بس لارانيا كانت اختفت. شهقة مخنوقة خرجت من شفايفها، وجريت لمكان الزحمة اللي كان أخف. لو قدرت تخرج بره، هتقدر تفقدهم. مورجانا اندفعت من البابين الزجاج المزدوجين. مجموعات صغيرة من الجنيات بصوا عليها بتركيز. بعضهم رفع حواجبه واتريّق، وآخرين رجعوا لمحادثاتهم كأن مفيش حاجة حصلت. القمر كان بيشع ونسيم بارد لمس جبين مورجانا. جنيات مختلفين كانوا بيتحركوا في الساحات، بيشربوا، وبيتكلموا. مورجانا بصت ورا كتفها. داين وألستون وإلفينيا اختفوا، بس ده ماكانش معناه إنها في أمان. كانت محتاجة تفضل تتحرك. مورجانا جريت على طريق محاوط القلعة. خطواتها كانت بتعمل صوت خربشة على الزلط وهي بتهرب عبر الشجيرات والممرات البلورية المقوسة، لحد ما وصلت لضهر القلعة حيث كانت الحدائق. كل حاجة كانت ساكتة، ماعدا دقات الدم في ودانها. انحنت على حيطة القلعة والعرق بينزل على رقبتها. بعد لحظة بصت من ورا الركن، عشان تشوف لو هي في أمان. ماكانش فيه حد هناك. مورجانا اتنهدت براحة. هي فقدتهم. بس لو لقوها، كانت واثقة إنها هتقدر تهرب منهم في المتاهة، بالنظر لإنها كانت على بعد أمتار قليلة بس. اليراع كان بيتحرك في المتاهة، زي فوانيس عايمة شايلها أشباح. ضحكات خافتة كانت بتيجي من الضلمة، جنيات سكرانين مستمتعين باللي المتاهة بتقدمه. بالرغم من إن ديمون كان دربها على القتال، مورجانا كانت عارفة إنها ماعندهاش أي فرصة ضد إلفينيا وداين وألستون. من فترة كانت سألت ديمون تعمل إيه لو اتحاصرت على إيد جني تاني. هو بصلها بصة جادة أوي لدرجة إن رعشة نزلت على رقبتها. "تجري،" قال. مورجانا كانت محتاجة تلاقي ديمون أو لارانيا وتقولهم إيه اللي حصل. قامت وكانت بتنفض فستانها وهي بتلف الركن. في اللحظة دي مورجانا خبطت في صدر حد.

        وقفت أنفاسها وهي بتبص للشخص اللي خبطت فيه. كان الأمير كاليات. بصت فيه لثواني، عينيها مليانة دموع وخوف. كان وشه فاضي من أي تعبير، بس نظراته كانت حادة ومثبتة عليها. "أنتِ كويسة؟" سأل بصوت هادي، بس كان فيه نبرة قلق. قبل ما تقدر ترد، ظهر ألستون وداين وإلفينيا من وراها، وابتساماتهم الشريرة على وشوشهم. "يا هلا بيكي يا مورجانا،" إلفينيا قالت بصوت ساخر. "كنتِ فاكرة إنك هتفلتي مننا؟" كاليات بص ليهم ببرود، وعينيه ضاقت. "إيه اللي بيحصل هنا؟" "ولا حاجة يا سمو الأمير، مجرد سوء تفاهم بسيط،" ألستون رد بسرعة، وابتسامته اختفت. مورجانا بصت لكاليات، حاسة بقلبها بيدق بعنف. هل ممكن يساعدها بجد؟ كاليات بص لمورجانا تاني، وبعدين رجع بص للمتنمرين. "أنا مش حابب منظركم هنا. امشوا." عيون إلفينيا وسعت بصدمة، وداين وألستون رجعوا خطوة لورا. ماقدروش يعترضوا على أمر أمير من بلاط أيبروس، خصوصًا الأمير كاليات اللي كان معروف بقوته.

        "حاضر يا سمو الأمير،" ألستون قال بصوت مخنوق، وسحب داين وإلفينيا معاه. اختفوا بسرعة في الضلمة. كاليات بص لمورجانا، والبرود اللي في عينيه اختفى وحل محله تعبير هادي. "أنتِ بخير بجد؟" مورجانا هزت راسها ببطء، مش قادرة تصدق اللي حصل. "أيوه... شكرًا." كاليات ابتسم ابتسامة خفيفة. "إيه اللي بتعمليه هنا لوحدك؟" "كنت... كنت بدور على أمي." "تعالي معايا، أنا هوصلك ليها." كاليات مد إيده. مورجانا ما اترددتش لحظة، حطت إيدها في إيده. كانت إيده دافية وقوية، وإحساس الأمان غمرها زي موجة دافية. مشيت جنبه، حاسة إنها لأول مرة من وقت طويل، في أمان بجد.

        روايه أستحق حبها

        أستحق حبها

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        كائن بيراقب إلويز اللي بيحبها حب امتلاك، وبيحاول يقرب منها بأشكال مختلفة. لما بتدخل إلويز في علاقة مع كاميرون، الكائن ده بيتعذب وبيقرر يتخلص من كاميرون عشان ياخد مكانه. في النهاية، بينجح في ده وبيسكن في جسد كاميرون، لكن بيكتشف إن إلويز خايفة من كاميرون (اللي هو دلوقتي)، وبيصمم يصلح الثقة اللي كاميرون القديم كسرها عشان يحصل على حبها.

        إلويز

        عندها قدرة على التعاطف مع الناس والحيوانات. في البداية كانت سعيدة في علاقتها بكاميرون، لكن مع الوقت بتظهر عليها علامات الحزن والخوف بسبب معاملته ليها. هي شخصية بريئة وواثقة، وده بيخليها عرضة للأذى.

        كاميرون

        خطيب إلويز. في البداية كان لطيف وحنون، لكن مع الوقت بيتحول لشخص غيور ومتملك وبيسيء معاملة إلويز جسدياً ونفسياً. الكائن بيعتبره عائق وبيكرهه بشدة، وبيشوف إنه لا يستحق إلويز.

        السارد

        كائن غريب بيقدر يغير شكله وياخد أشكال مختلفة (بشر وحيوانات). بيحب إلويز بجنون لدرجة التملك، وبيراقبها وبيحاول يقرب منها. بيتعذب لما بتدخل في علاقة مع كاميرون، وبيقرر يتخلص منه عشان ياخد مكانه ويبقى معاها. هو ذكي وملاحظ، بس في نفس الوقت بيعاني من الوحدة والألم، وبيظهر عليه جنون العظمة في حبه.
        تم نسخ الرابط
        روايه أستحق حبها

        بقالها يومين. يومين من آخر مرة شفت فيها كاميرون، حبيبي. يومين من التعافي والشد العصبي.
        
        الكدمات اللي على خدي وكتفي لونها بقى مصفر ودلوقتي مبقتش بتوجعني أوي لما بلمسها. لسه بتعب وأنا بحاول متكلمش عليها لما بغسل سناني أو باخد دش. بس بقدر أتحكم في نفسي.
        
        كاميرون بيعمل كده ساعات، بيختفي يوم يشرب مع أصحابه. عادةً بعد واحدة من نوباته العصبية.
        
        مكنش كده في الأول. كان حنين وطيب، غيور حبتين بس كانت غيرته كيوت قد إيه كان باين عليه بيهتم بيا. بس بعد حوالي سنة من العلاقة، لحظات الغيرة الصغيرة اتحولت لنوبات تملك وعصبية، والحنية الدافية بالبطيء اتحولت للحظات لامبالاة باردة أو، نادرًا، لخبطات بالإيد.
        
        صوت المفتاح في البفل بيخلي قلبي يدق بسرعة. لحظة الاسترخاء الصغيرة بتاعتي اتكسرت.
        
        بجري بسرعة على الطرقة، بوقف نفسي جنب السلم أول ما الباب بيتفتح. خجولة وممتنة، زي ما بيحب بالظبط. "حمدلله على السلامة."
        
        كاميرون مبيدخلش على طول. بيقف في المدخل، بيبصلي وبس.
        
        بتحرك بتوتر، بحاول أقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيقرب مني بسرعة، إيديه بتطلع تمسك دراعي. ريحة الفودكا خفيفة، مش قوية زي العادة خالص.
        
        فيه حاجة غريبة في طريقة بصه ليا، عينيه بتتحرك على وشي كأنه بيحاول يحفظ تعبيرات وشي. عينيه واسعة ومتلخبطة، كأن دي أول مرة يشوفني فيها. مبيتكلمش. بيبص وبس.
        
        هو ممكن يكون سكران قد إيه؟
        
        الصمت بيبدأ يتقل عليا والهوا بيبان كأنه بيتقل، زي بطانية تقيلة بتلف دراعاتي ورجليا. desperate for a positive reaction، أي رد فعل، بتكلم. "وحشتني."
        
        التوتر بيتشال فجأة وابتسامة بتشق وشه. بقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيوطي وبيطبع بوسة على جبيني.
        
        "لما بسمعك بتقولي كده ده بيخليني سعيد" بوسة على خدي، "سعيد أوي" بوسة على الخد التاني، "أوي" وأخيرًا بوسة على طرف مناخيري.
        
        بيتحرك على الجنب وبيحط إيده على ضهري من تحت، بالإيد التانية بيشاور على أوضة المعيشة. إيده دافية. "نخش؟"
        
        مش عارفة إيه اللي جاله، بس مش عايزة أديله أي سبب عشان تجيله نوبة عصبية تانية. عشان كده، بمشي وراه.
        
        النهاردة بالليل كان غريب.
        
        كاميرون حنين زيادة عن اللزوم. هادي زيادة عن اللزوم. تقريبًا زي ما كان في الأول ومع ذلك مش شبهه خالص زي ما كان متعود.
        
        ساعات، بيوترني باختياره للكلمات. بيفضل يهزر إني شكل حلو أوي يتاكل وبيقول على أكلي إنه لذيذ زيي.
        
        دلقت كوكاكولا على ركبته، وهو بس ضحك. قالي يا حلوتي الخايبة وراح المطبخ يمسح نفسه. مفيش صوابع بتترعش ولا علامات غضب. مفيش ضغط في صوته. مفيش علامات تحذير. ده بيوتر.
        
        بشوف حركة بطرف عيني، كأنه بيبتسم. فيه حاجة في وشه مخيفة. عينيه واسعة أوي وسودة. ابتسامة بتشق وشه، بتوصل من شحمة ودنه لشحمة ودنه التانية. بس لما بلف راسي عشان أبص، شكله طبيعي، بيبصلي بابتسامة حنونة ومحبة.
        
        بعد ما غسلنا المواعين سوا، بيشدني أرقص معاه بالراحة في المطبخ على أنغام أغنية 'You've got the Love' اللي كانت شغالة من الراديو. إيديه دافية. لمسته حنونة.
        
        حاسة كأننا في شهر العسل تاني.
        
        جزء مني بيحتفل بالتغيير ده. أخيرًا، شكله بقى كاميرون القديم، اللي وقعت في حبه تاني. بس جزء أصغر (غريب، بس صوته أعلى) مني بيصرخ إن فيه حاجة غلط، فيه حاجة وحشة جاية.
        
        الأسئلة بتتجمع جوايا لحد ما، قبل ما نستعد للنوم على طول، مقدرتش أمسك نفسي إني أمد إيدي على دراع كاميرون. صوابعي يا دوب لمست كم قميصه قبل ما هو يقف.
        
        بيستدير يواجهني بابتسامة واسعة.
        
        "أمم، كاميرون." بفضل العب في طرف توبي. حاسة كأن فيه حاجة بتزن في صدري. "كل حاجة تمام؟"
        
        "طبعًا، يا روحي." بيبعد خصلة شعر من على وشي بالراحة. ابتسامة حنونة ومحبة بتعمل تجاعيد حوالين عينيه الزرقا اللي تقريبًا لونها فضي.
        
        الإدراك فجأة بيصدم قلبي. إحساس بالهبوط، زي حجر وقع في معدتي. كأن الأرض اتفتتت من تحتي، وأنا واقفة على حافة رفيعة فوق الهاوية.
        
        عيون كاميرون لونها بني.
        
        
        
        
        
        
        الجو ساقعة. بشد الجاكت بتاعي أكتر على جسمي. الراجل اللي وشه ده كان متخفي ورا طبقات من التراب والوساخة وهدوم كبيرة أوي، لكنه كان ضعيف وباين عليه مشرد.
        "معلش."
        صوت هادي. بلتفت. فيه إنسان بيبصلي، واقف على بعد خطوتين بالظبط.
        "إحنا بنوزع وجبات." بتلف نص لفة، وبتشاور على مجموعة من الناس اللي بيتكلموا بصوت عالي ومتجمعين حوالين عربية مفتوحة وراها. "عايز واحدة؟"
        بهز راسي. الأكل دايماً حاجة كويسة؛ والأكل المجاني أحسن بكتير.
        ابتسامت.
        بغمض عيني في هالة النور اللي حواليهم، بضيق حدقة عيني لحد ما ملامحها بتوضح. محاطة بنور الشمس، شكلها ملاك.
        هدية إلهية مبعوثة من السما.
        فرصة تانية.
        فرصتي السادسة التالتة التامنة اتنين وخمسين.
        بخلى حركاتي بطيئة، إيدي بتترعش تقريباً، صورة للضعف.
        ابتسامتها بتفضل صبورة ومتفهمة. صوابعي بتلمس صوابعها وأنا باخد الشنطة.
        بحس بصدمة، زي حقنة من الهدوء والأغاني المريحة مباشرة في دمي.
        يا إلهي، قد إيه عقلهم لازم يكون رائع ومفتوح.
        هي مبتتنفضش. مبتشدش إيدها بحركة مفاجئة زي ما كتير عملوا قبل كده لما بيشوفوا الوش ده.
        بسرعة أوي بتلف وشها وتمشي. الاتصال بينقطع قبل ما يتكون.
        باخد نفس عميق. بقبض على الشنطة الورق كأنها الطرف اللي عايز أخطفه. بركز على ريحة الورق والبلاستيك. مش هخطف إيدهم، هسحب إيدي، هكون بطيء.
        الست بتلف وبترجع للناس التانيين. وهي ماشية وجاكتها بيترفرف في الهوا، ريحة مغرية بتخبط في وشي. حلوة أوي.
        جوع قديم ومألوف بيظهر تاني. الوخزة الوهمية لأنيابي بتهدد إنها تشق اللثة بتاعت الوش ده. تمزيق. تقطيع. التهام.
        لا! بقطع الشنطة، وبسيب محتوياتها تقع على حجري. الغطا البلاستيك للساندويتش بيتقطع بأسنان التنكر بتاعتي التخينة. طبقات العيش الهش والجبنة والخص بيتبعوا، بيتزحلقوا من سناني وبتنزل في حلقي. ببلع بشراهة، ومبتعبش نفسي أمضغ. أول ما الساندويتش بيخلص، بيتبعه الموز وكيس الزبادي. في مكان عام زي ده، مبفتكرش أقشر الموز إلا في آخر لحظة. أنا بس محتاج أملى بطني، أوقف الجوع، وأفضل مسيطر على نفسي.
        تمام. حاسس أحسن. أهدى. كويس. يلا نبقى إنسان. ممكن نبقى طبيعيين. أنا ممكن أبقى طبيعي.
        هم بيتحركوا. مجموعة المتطوعين، بيتفرقوا. بميل لقدام شوية، وداني بتتشد لقدام. ركز. أطول الأعصاب، أغير الخلايا. اسمع.
        "إلويز."
        إيه ده؟
        "أشوفك بعدين يا بنتي."
        آه، هي بتبتسم.
        "باي، إلويز."
        ده لازم يكون اسمها.
        بلف الاسم في بوقي، بتذوق حروف العلة وبقلب المقاطع.
        "إلويز." يا له من روعة.
        آه، استنى. هي ماشية. ماشية جنب اتنين من المتطوعين، رايحين في اتجاه وسط البلد، بينما التلاتة المتطوعين التانيين ماشيين في الاتجاه المعاكس أعمق في الحديقة.
        
        هي لسه بتبتسم، ابتسامة صغيرة ومش متأكدة. إيديها مليانة بشنط وجبات. "هنروح فين دلوقتي؟"
        صوتها يبدو لطيفاً أوي. جميل أوي. عايز أسمع أكتر، بس هم بقوا بعيد أوي دلوقتي.
        عايز أعرفهم.
        لازم أعرف أكتر.
        هتابعهم. لشويه صغيرين بس.
        سهل أوي إني ألبس وشوش قديمة. سهل أوي إني أستدعي ذكريات قديمة لعلاقات سابقة عشان أندمج مع الزحمة.
        بس بسرعة أوي، ده بيخلص. مهمتهم بتخلص. كل المتطوعين بيلموا حاجتهم وماشيين. وهي كمان.
        هي بتستخدم ابتسامتين مختلفتين. واحدة بتستخدمها مع الغرباء، هادية وودودة، بس فيها تحفظ. وواحدة بتستخدمها مع الأصدقاء، مشرقة وجميلة، زي نور القمر.
        البشر عندهم ابتسامات كتير أوي.
        عايز أعرف أكتر.
        عايز أعرف روتينها. إيه اللي بتحبه. إيه اللي مبتحبوش.
        عايز أشوف إيه الابتسامة اللي هتديهالحد بتحبه. دموعها. غضبها. شكها. فرحتها.
        ممكن أستمر في متابعتها. أنا اتدربت كتير أوي.
        
        أيام.
        أسابيع.
        شهور.
        
        
        
        
        
        
        بغير الوشوش اللي لبستها كتير قبل كده.
        بيبقى أصعب إني أفضل هادي لما بتتكلم معايا، بس سنين التدريب على إني أحافظ على شكلي هي اللي بتمنعني إني أطلع من الشخصية.
        أنا عارف إن بعض الوشوش دي مش مثالية. الارتباط العقلي بيها مكنش كامل وذكرياتها عمرها ما اتبلعت بالكامل. بس أنا محتاجهم، إلويز بتحب الوشوش دي. الوشوش دي بتاخد هبة الابتسامة، مع تدفق الدم تحت الجلد. الوشوش دي، بتخلي قلبها يدق أسرع. أنا متأكد إني أقدر أصلح أي تناقضات باستخدام ملامح من شكل كامل. ممكن أبقى إنسان.
        أنا اتعلمت كتير أوي.
        إلويز ذكية، ومتعلمة كويس. عندها شهادات فيها دواير بتلمع في الزاوية ومتبروزة على الحيطة بتاعتهم. بتتكلم وتكتب بطلاقة أوي. ممكن أسمعها تتكلم ساعات.
        ساعات، في طريقة تعاملها مع الناس، بحس إن إلويز بتعرف العقل زيي بالظبط. بتقدر تتواصل مع التانيين بسهولة أوي. وهي طيبة. طيبة بشكل رائع.
        مستعدة تسيب مكانها في الأتوبيس لغريب شكله مرهق أوي، الغريب مش لازم يكون كبير في السن أو حامل. مستعدة تقعد وتسمع ساعات لطفل صغير، تطمنه وتوعده إنها هتفضل معاه لحد ما مامته ترجع.
        جميلة أوي.
        مثالية أوي.
        مثالية ليا أوي.
        بس الوحدة بتنضح منها زي النهر المر.
        هي عايشة بعيد عن أهلها. المكالمات التليفونية والزيارات السنوية متقدرش تعوض الوجود المستمر للناس اللي عايشين معاك في نفس البيت.
        أنا مبحبش ريحة العزلة. عايز أحضنها قريبة مني، أملس على شعرها وأنا حاضن جسمها الضعيف قريبة مني، وأشيل عنها الإحساس ده.
        بس ساعات بتبقى غضبانة... حذرة.
        بتزقني بعيد.
        الوش ده مش مثالي.
        أحاول تاني.
        مش مثالي.
        تاني...
        مش صح.
        ...وتاني...
        
        قف! يمكن أنا بتسرع.
        لازم أمشي بالراحة.
        أعرف إلويز بتحب إيه. أكسب ثقتها في شكل مش بيهدد، شكل محبوب. حاجة متقدرش إلا إنها عايزه تحتفظ بيها قريبة منها. وبعدين بالراحة أطور نفسي لشكل إنساني. أيوه. أيوه! ده هينفع.
        
        أنا مبحبش أستخدم أشكال الحيوانات. جلدي بيبقى مشدود أوي، بيخنقني، وبعد وقت طويل بيبقى صعب أتنفس. كل خلية في جسمي بتترعش وبتشد قيود الشكل. بس أشكال الحيوانات مفيدة. المخلوقات الصغيرة اللي ليها عيون كبيرة وفرو ناعم، زي القطط والكلاب والغزلان والتعالب؛ كل الأشكال دي شكلها بتسحر العقل البشري، بتغريهم إنهم يدللوا ويبقوا لطاف ويخفضوا دفاعاتهم.
        الطيور بالذات ممتازة لجمع المعلومات، وكنت هاخد شكل طائر لو قدرت أعرف إزاي أخلي الجناحات تشتغل وشكل الريش يبقى مظبوط.
        مش مهم ده.
        بختار شكل قطة ضالة. بفضل حوالين طريق إلويز المفضل للمشي في نص اليوم، بستنى لحد ما تيجي ماشية بالراحة.
        هي هناك. دي لحظتي. أبدو كيوت. أكون متعالي. أجذب انتباههم.
        هي شافتني.
        آه، هل هي؟ أيوه. هي بتناديني، بتستخدم الصوت الصغير بتاع "شوش" ده وبتعمل حركات إيدها اللطيفة دي.
        لازم أجذبها. الأول، لازم أتصرف بتعالي.
        أبص.
        أبص بعيد.
        أتردد.
        أتردد.
        أستسلم للحركات والصوت.
        أموء بشكل مثير للشفقة وألف حوالين كاحلها.
        أجري بعيد.
        أرجع.
        ده شغال.
        ده إحساس... هي بتلمسني!
        صوابع ناعمة بتمر في فروي. دافيين. يا لها من ابتسامة جميلة. ده نشوة. عايز أكتر!
        المسني. المسني. المسني.
        لا! استنى، من فضلك. مت مشيش لسه.
        ارجعي. من فضلك.
        تمام. ده كويس. هستنى لبكرة.
        الجو هادي أوي. هادي أوي.
        أنا جعان.
        محتاج أتمدد. الشكل ده صغير أوي.
        أغير. أحرر. أشد وأفرد العضلات والأوتار. أتمدد. أحرك العظام. أغير.
        أنا جعان.
        التغيير ده نشوة. طعم الحياة الحلو أحلى.
        ثعلب تاه زيادة عن اللزوم في المدينة. غراب طار واطي أوي. وبعدين عش مليان بحياة جديدة.
        النور بيرجع.
        أغير. أكرر. أمرر الأوتار فوق العظام، أضع طبقة دهون تحت العضلات. أتحرك. أنفخ وأمدد القشور. أغير.
        ده يوم جديد.
        هم رجعوا!
        إلويز! إلويز بتاعتي!
        هي بتبتسم لي. آه، من فضلك، المسني. المسني. المسني.
        
        بقالنا كام أسبوع دلوقتي، استقرينا على روتين مريح. أنا برافق إلويز في مشيتها الصباحية، وهي في المقابل بتديني حنان وبتحكيلي عن يومها.
        هي بدأت تسيب طبق أكل قطط جنب باب الحديقة اللي بنتقابل فيها. يا لها من لفتة رائعة.
        هي بتهتم بيا!
        دايماً سعيدة أوي لما بتشوفني. ده مُرضي أوي، إني أسمع صوتها، إني أعرف إني أنا سبب ابتسامتها.
        الأسبوع اللي فات، إلويز سألتني لو عندي شريحة واتكلمت كتير عن التبني. اضطريت إني أبعد مسافة شوية بعد كده. مكنتش أقدر أخاطر إني أروح لدكتور بيطري، حتى لو ده كان معناه إنها عايزة تاخدني بيتها.
        استنى!؟ هي عايزة تاخدني بيتها!
        أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه.
        هبقى كويس أنا أوعدك. خديني بيتك. خديني بيتك معاكي.
        أول ما الشمس بتلمس قمم الشجر، باخد مكاني جنب بوابة الحديقة، مستنيها.
        بياخد مجهود زيادة شوية عشان أوقف فروي من إنه يقف، حاسس بإثارة سائلة بتتردد في دمي.
        ديلي مش طويل أوي صح؟ وداني متناسبة؟ فروي كله نفس الطول؟
        كل حاجة مثالية. كويس.
        هي هناك!
        أهلاً! أهلاً! عاملة إيه! وحشتيني أوي!
        دفء. نور. لمسات حنونة بتجري في فروي وبتحك وداني.
        أنا بحب... أنا بحب... من فضلك، كملي كلامك. احكيلي كل حاجة. من فضلك.
        الشغل كان مرهق. آه يا حبيبتي، متقلقيش، خديني بيتك وأنا أقدر أساعد. آه من فضلك. آه من فضلك. آه من فضلك.
        أيوه! أخيراً، ده وقتها. إحنا ماشيين البيت. هي مقالتش باي أو طردتني ناحية الطبق. ده لازم يكون معناه إنها عايزة آجي بيتها معاها.
        أخيرًا، أنا خطوة واحدة أقرب لحياتنا سوا. أنا عايزهم... أنا عايز...!
        هم بيقفوا. أنا باخد كام خطوة زيادة قبل ما ألف أبصلهم.
        ليه مش بتتحركي؟ هل فيه حاجة غلط؟
        ليه هي مش بتتحرك؟
        هي بتوطي لمستوايا. وشها مكشر. ليه شكلها حزين؟
        "أنا آسفة يا حبيبي الصغير. مقدرش أخدك بيتي. خطيبي عنده حساسية."
        استنى... إيه!
        
        
        
        
        
        
        إلويز لقت حد. راجل. واحد من جنسها.
        كان لازم أدرك ده. مكنش لازم أستنى كل ده. لازم أقطعه حتت، ألتهمه. إزاي يتجرأ يلمس اللي بتاعي. لا! لأ. هم مش بتوعي لسه.
        ركز. بص على ابتسامتها. إلويز مبتسمتليش كده أبداً. لازم أكون سعيد عشانها. لازم أكون طبيعي في الموضوع ده... لازم... لازم أتفرج. لشويه صغيرين بس. أيوه، صح كده. هتفرج دلوقتي، بس عشان أتأكد إنها في أمان.
        يمكن... لو أنا محظوظ. إلويز هتزهق من ده وتسيبه.
        هتيجيلي فرصة تانية.
        وحتى لو مجاتش... يمكن أقدر أخلق واحدة.
        
        اسمه كاميرون، الحقير ناكر الجميل!
        مبيقدرش الهدية اللي ربنا من عليها بيه.
        بقالها سنة وسبع شهور. بالظبط سنة، وسبع شهور، ويومين، و13 ساعة من العذاب.
        في الأول، قدرت أتحمله.
        إلويز كانت سعيدة.
        الألم الوحيد كان بتاعي، بس ابتسامتها، آه ابتسامتها كانت سلوتي. مشياتنا الصباحية في البارك كانت جنتي. قصصها كانت مليانة بحكايات السعادة ولما كنت بفتكر إني مقدرش أستحمل أكتر من كده وأسيبها وأمشي، كانت بتدور عليا، همسات ذهبية زي العسل تسحبني تاني.
        هم عايزيني.
        هي لسه بتهتم. بتبذل مجهود عشان تفضل تشوفني، بالرغم من الروتين الإضافي للتنظيف اللي هتضطر تمر بيه لما ترجع لكاميرون الغالي بتاعها.
        إزاي ممكن محبش الصمود ده... الاستقلالية دي.
        قوتها وفرحتها، ده ألهمني إني أفضل.
        كنت عايز أوي أكشف عن نفسي. عشان أثبت إني أقدر أقدملها كل اللي هو يقدر يقدمه. أو مجرد إني أديها سبب تاخدني بيتها.
        في وقت من الأوقات كدت أسمحلها تمسكني في قفص، الطبيب البيطري هيقدر يأكد إن فروي مش هيسبب حساسية لكاميرون وبعدين تقدر تاخدني بيتها. أي تواصل أحسن من مفيش.
        استعصمت في الوقت المناسب وجريت. مقدرش أتحمل مخاطر غير ضرورية.
        كل يوم كنت بصطاد وأكل وأستناها. بتمتع بلقاءاتنا القصيرة وبستمتع بدفئها.
        روتينا استمر. لحد ما في يوم، بعد سنة من الوجود في طي النسيان، الروتين اتغير.
        بالتدريج، قصصها خدت منعطف غريب، بقت مملة ومفيهاش حياة. يوم بعد يوم، أسبوع بعد أسبوع، الزيارات للبارك بقت أقل. إلويز كانت بتعتذر على التأخير، والأكثر إثارة للقلق، كانت بتبدو إنها بتلاقي صعوبة أكبر في الابتسام. لحد ما في النهاية... هي ببساطة... مبقتش بتيجي تزورني.
        ليه؟ ليه؟ مكنتش كويس كفاية؟ متقدريش تسيبيني دلوقتي!
        حاولت ألاقي طريقة تانية أدخل بيها حياتها. قطة من غير شعر، كلب ضال، تعلب ودود، طائر أبو الحناء بجناح مكسور، كل ده أثبت إنه غطاء صعب أوي؛ خطيبها مبيحبش أي حيوانات شكلها كده.
        بما إني مكنتش مرحب بيا في بيتهم، مقدرتش غير إني أتمشى في المنطقة. بس مقدرتش أعرف كتير غير من لمحات من الشبابيك المقفولة ولقطات متقطعة من المحادثات اللي بسمعها وأنا ماشي بين العربية والباب الأمامي.
        صوت كاميرون كان بيجرح وداني، مليان ضغط وسم. صوت إلويز كان ناعم وبيسرب اعتذارات حزينة.
        كان باين إن سعادتهم الرومانسية اتغيرت للأسوأ.
        
        ده كان لازم يخليني سعيد. فكرة رحيله الوشيك من حياة حبيبتي كان لازم تملاني ببهجة الانتصار والراحة.
        بس محصلش كده.
        بدل كده، حسيت... بسخونة... وغضب. كأن فيه جمرة مولعة في صدري، بتلسع لحمي وبتحرق كل اللي باكله لرماد، عشان كده الجوع مبيخفش مهما حاولت أشبعه. مهما غيرت شكلي أو بصيت جوايا، مقدرتش ألاقي مصدر الألم.
        ومهما استنيت، كاميرون ممشيش. هم مبعتوهوش بعيد.
        بس أنا مقدرش أمشي دلوقتي. لازم أعرف ليه. ليه مش هيمشي؟ ليه مش هيتخلصوا منه؟ ليه مش هيبصولي؟
        كان لازم أعمل تحقيق أعمق. عشان كده، رجعت للطرق الأقدم، اللي اتجربت قبل كده.
        طفل محتاج مساعدة.
        غريب في الأتوبيس.
        كاشير جديد في محلهم المحلي.
        في النهاية، جهودي نجحت. متابعتهم أداني بعض الإجابات. بينما متابعة كاميرون... أداني كام إجابة زيادة.
        عرفت إيه اللي كان غلط.
        عرفت ليه اتغيروا.
        كاميرون.
        هو المسؤول.
        هو بوظها. الشرارة دي قلت. نورها اتخنق بكلمات سامة وأكاذيب مؤذية. القوة اتسحبت من صوتها. جلدها الغالي تشوه ببقايا كدمات زرقا ومصفرة باينة من تحت ياقة أو متخبية بكونسيلر محطوط وحش. هو جرحها. إزاي يتجرأ يجرحها!
        ومع ذلك، هي لسه بتبتسم له. هي لسه عايزاه.
        إلويز مثالية أوي، واثقة أوي، رائعة أوي، طيبة أوي، مسامحة أوي. هو ميستاهلهاش.
        هي لازم تكون بتاعتي. بتاعتي! حبيبتي. إلويز بتاعتي!
        استنى. طبعاً! إزاي مفكرتش في كده قبل كده!
        هي إلهية أوي، بتشتت أوي. كنت منغمس أوي في نشوة إني بتفرج عليها، إني بتكلم معاها، لدرجة إني نسيت... أنا أقدر أمتلكهم.
        أنا أقدر أكون أي حد أنا عايزه.
        بس هي مش عايزة أي حد. هي عايزة كاميرون.
        القذر ده! هو ميستاهلهمش.
        لو كانت بتاعتي، عمري ما كنت هأذيها زي ما هو عمل. إزاي يتجرأ يحاصرها بالأكاذيب وهو حتى مش عايزها.
        بس تمام، عشان أنا عايزها. هخلق الفرصة عشان أخليها بتاعتي.
        أقدر أخد مكانه. هعيد بناءها تاني. أقدر أديها كل اللي هو بيرفض يديهولها.
        أنا أستحق ابتسامتها.
        أنا أستحق حبها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        الألم في صدري مرحش لسه، بس أنا عارف هو إيه دلوقتي. جوع لأكثر من مجرد غذاء. لأكثر من مجرد دم ونخاع. أنا بتضور جوعاً لألمه، لحياته. هشبع ده. عشان حبيبتي، هشبع.
        
        مقرف قد إيه سهل إني ألف راسه – إني أغريه وأخليه يضل زي ما يكونش عنده هدية إلهية مستنياه في البيت.
        بلف وأعيد تشكيل جسمي لحد ما ألبس وش قاتل متسلسل التهمته من سنين. حلو بس مش لدرجة الازدراء. رشيق وجميل بس مش لدرجة التهديد. جمال وسيم بشكل عام بصوت مريح.
        روتينه ممل أوي... سهل أوي إني أقطعه.
        لقاء "بالصدفة" هنا، اجتماع "بالصدفة" هناك، وبسرعة بنكون بنشرب في بار وبنتبادل الأرقام.
        التمويه ده سطحي، بس هو مش باين عليه مهتم. كاميرون بيتغر بسهولة بكلامي الذكي وتمثيلي للضعف. لازم يكون أعمى، عشان يفكر إن الشكل ده أحلى من شكلها، وميشوفش ورا التمثيل اشمئزازي اللي بالعافية متخفي من لمسته. مش مهم، جهله وغبائه بيخلوا الموضوع أسهل عليا.
        شويه مغازلة بتؤدي لدعوة للرجوع "مكاني" وهو بيمشي برغبته في الفخ بتاعي.
        التكييف مبيشتغلش في العربية المستعملة اللي استأجرتها بالليل؛ بالكاش، مفيش أثر. ريحة أغطية الكراسي البلاستيك متعارضة مع روائح الفودكا، التوت البري، وعينات السوشي اللي اتقدمت في البار. بطوي طبقة من الجلد فوق مناخيري، بسدها من جوه.
        كاميرون باين عليه مش واخد باله من الريحة، مركز أوي في تمثيل أي قصة بيحكيها وبيحاول يمسك فخذي. عايز أقلع إيده.
        بمتنع عن ده، (دلوقتي)، وببقى عيني على الطريق وإيدي على عجلة القيادة.
        
        
        
        
        
        
        فيه مخزن في منطقة صناعية قريبة، مهجور بقاله خمس سنين. سلسلة جرايم قتل نزلت من قيمة العقار، وفضل مهجور ومنسي في آخر شارع مسدود في المنطقة من ساعتها. يافطة "للإيجار" المتربة اللي كانت برا صدت ووقعت ورا شجرة. ده غير البنية التحتية اللي بتصدي وال"أحداث الغريبة" اللي كانت كافية إنها تبعد الأطفال الفضوليين والمستكشفين الحضريين.
        ده المكان المثالي إني احتفظ بكاميرون فيه لحد ما أخلص منه.
        بوقف العربية قبل الرصيف بشوية. ببطل الموتور بلفة قوية ومقصودة للمفتاح.
        الكحول في جسم كاميرون بيبطأ أفكاره وبيخليه يتكلم ببطء. "إحنا فين؟"
        يا لسوء حظه. سكران أوي لدرجة إنه مبيحسش بالخوف. مش مهم، هيفوق قريب.
        "إيه اللي بتعمله ده؟"
        بلف عشان أواجهه، ابتسامة مهددة بتشد جلدي، وأنيابي باينة. هتأكد إن دي آخر كلمات هينطقها.
        الكحول اللي في جسمه بيخلي الكلوروفورم ميعملش مجهود كبير. ضوافره التخينة وركله اللي ملوش لازمة مبيمنعونيش إني أغطي بوقه ومناخيره بالقماشة وأسد مجاري الهواء بتاعته. صرخاته مكتومة تحت مخالبي، وبتضعف مع كل ثانية. لحد ما، مع آخر رعشة مفاجئة، بيسقط في كرسيه، من غير حركة.
        التاكسي حاسس إنه صغير أوي... أو يمكن أنا كبير أوي. أكيد كبرت لما كنت مشتت.
        باخد لحظة أتنفس بعمق.
        أتغير. أتكمش. أسحب الأوتار جوه وأجمع العظام مع بعضها.
        أول ما شكلي بيستقر تاني، بفتح الباب. نسمة الليل منعشة، برد الليل بيساعد على شحذ عقلي ويخليني مركز على المهمة اللي جاية.
        كاميرون مش تقيل بالنسبة لي. لو الأمر كان يرجع لي، كنت سحبته على وشه على الأرض، بس أنا محتاجه سليم إلى حد ما... دلوقتي.
        
        كرسي فولاذ جديد، كلابشات، علبة رباط بلاستيك، وحبل مستنيين في نص أوضة صغيرة شبه دولاب في مؤخرة المخزن.
        بربطه في الكرسي، وبتبع روتين مألوف طلعته من ذكريات الوش ده. كلابشات في الرسغين والكاحلين، وبعدين رباط بلاستيك في تلات نقط في كل الأطراف، وبعدين الحبل حوالين الصدر. أربطه جامد، بس مش جامد أوي. مش فارق معايا لو فقد أطرافه، بس ده هيخلي الأمور أصعب عليا لو جاله غرغرينا أو مات بتسمم الدم. آخر حاجة، بلف حواليه غلاف حراري بلاستيك.
        ده راحة أكتر مما يستحق.
        نفسه مستقر. نبضه مضطرب شوية بس ده متوقع.
        أتغير. أخلع الشكل ده وأتمدد. حكة بتنتشر على أطرافي، بتبدأ تحك قبل ما تهدأ أخيراً. ده بيحصل كل مرة باخد شكلي الحقيقي تاني، لما الأوردة اللي مش مقيدة بتتملي بتدفق دم جديد. بهز وأخبط رجلي وأفرد مخالبي.
        ممكن أستغنى عن أي إلهاءات وأنا بأكل.
        الأوضة حاسة إنها صغيرة أوي ولازم أدفع الكرسي لقدام عشان أقدر أقعد ورا كاميرون براحة.
        بميل راسه لقدام، ساند جبينه بكف إيد واحدة وساند نفسي على الأرض بالإيد التانية. راسه صغيرة في كفي. هيكون سهل أوي إني أقبض على إيدي وأحس بالدفء بيتسرب بين مخالبي. مش دلوقتي.
        بوّطي وبحط بوقي حوالين رقبته من ورا؛ الأنياب بتلمس تحت مفصل الجمجمة بالظبط. فوق حزمة أعصاب حيوية موجودة في العمود الفقري بالظبط.
        ريحته وحشة، لو مكنتش بقدر أقفل حاسة الشم عندي كنت غسلته الأول.
        أتمنى طعمه يكون أحسن من ريحته.
        بمد أنيابي الداخلية. الأسنان الرفيعة زي الإبرة بتتمد من سقف بوقي.
        بعض تحت مفصل العمود الفقري والجمجمة بالظبط.
        ذكرياته بتغمر حواسي.
        باكل.
        
        هي دي اللحظة. مش مصدق إن ده بيحصل أخيراً. باخد لحظة أستمتع بيها، راسي موطية تحت الباب زي راجل بيقدم احترام عند مذبح. بجهز نفسي ذهنياً لأول نظرة حقيقية ليا جوه عش إلويز.
        بحاول أحط المفتاح في البفل بالمقلوب في الأول. الذكريات اللي خدتها النهاردة لسه محتاجة وقت عشان تستقر، عشان تتهضم. بنجح في النهاية، وداني بتتشد مع صوت قفل البفل.
        أخيراً.
        الباب بيتفتح وأنا بتجمد.
        هي هنا. مستنية. واقفة في أسفل السلم، ساندة على الدرابزين في وضع مفتوح مغري.
        هي بتبصلي وبتتبسم. هي ابتسامة صغيرة، بس ابتسامة برضه.
        فضلي بصيلي. فضلي بصيلي. فضلي بصيلي.
        عايز أقرب. فبتحرك.
        هي صغيرة أوي. مثالية أوي. ناعمة أوي تحت مخالبي. أقدر أحس بنبض قلبها. أشم ريحتها، الرائحة اللطيفة بتغيم على حواسي. ده مسكر.
        أخيراً هي في إيدي. فليه هي مش حاسة بنفس الإحساس. فيه حاجة ناقصة في الاتصال.
        باين عليها قلقانة. هل عملت حاجة غلط؟ هل شكلي غلط؟ بحول عقلي لجوه. براجع كل تفاصيل الشكل ده. أنا متأكد إني نسخته بالظبط، إيه الغلط. إيه الغلط. إيه الغلط! إيه الغلط!
        
        "وحشتني."
        هم اتكلموا. آه، صوتهم جميل أوي، لطيف أوي، كيوت أوي، وجميل، وبقوا بتوعي دلوقتي. استنى، إيه اللي قالوه؟
        باخد ثانية أفكّر في كلامهم.
        هم وحشتهم؟ هم وحشتهم! لأ، هم وحشهم كاميرون، بس أنا كاميرون دلوقتي فده معناه إنهم وحشهم هو/أنا. هم وحشوني!
        أنا محتاجهم. أنا عايز...
        بكتفي ببوسة على الجبين. كدت أقع في نعومتهم، وبلاقي نفسي محتاج أكتر.
        "لما بسمعك بتقولي كده، ده بيخليني سعيد أوي،" بحط بوسة على خدها، "أوي،" بوسة على الخد التاني، "سعيد،" أخيراً، بوسة على طرف مناخيرها.
        الدفء. الصوت الصغير اللطيف اللي بيخرج منها. بحب كل ده. عايز أكتر. أكتر! صبر!
        الطرقة ساقعة؛ درجة الحرارة أقل من المثالية للبشر. مقدرش أخليها تاخد برد.
        بلف وبحط إيدي على ظهرها من تحت. "نخش؟"
        رعشة الانكماش بتتردد تحت كفي، اهتزاز خفي لعضلاتها صغير أوي لدرجة إن الإنسان الطبيعي مياخدش باله منه. بعدين بتتحرك معايا، بتبتدي من غير شكوى أو حتى تغيير بسيط في التوتر. جميلة ومطيعة أوي.
        مطيعة زيادة عن اللزوم.
        متحمسة زيادة عن اللزوم للإرضاء. نبض الخوف الخفي بيتدفق تحت جلدها.
        ده مش صح.
        أنا شفتها بتلمع قبل كده. سمعت صوتها لما كان قوي، مش مقيد بالخوف. حسيت بعضة غضبها، لمست قوة إيمانها، وسمعت اللحن الجميل المريح لقلبها في أقصى هدوئه.
        من إيه هم خايفين؟ الشكل ده مثالي، فإيه المشكلة؟
        أتحرك. هم يتجمدوا.
        أبتسم. هم يتجمدوا.
        هم بيخافوا... من الإيدين دي... والوش ده؟
        افتكرت دلوقتي. إزاي قدرت أتشتت لدرجة إني أنسى؟
        حتى لو الذكريات محتاجة وقت عشان تستقر، ده مش عذر لنسيان اللي شفته.
        دلوقتي أنا شايف ذكرياته. أصوات عالية. أكاذيب سامة متهامسة. إيد مرفوعة عشان تضرب حبيبتي... إيدي! إزاي قدرت؟ إزاي... لا! دي إيده، مش إيدي. أنا معملتش كده... مكنش أنا!
        كان كاميرون.
        في اللحظة اللي هيكون عندي كل اللي محتاجه، هقتله.
        إزاي يتجرأ يخلي ده أصعب عليا وهو حتى مش هنا! لازم أقطع الحقير ده حتت... بس مش دلوقتي.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة.
        هي أخيراً بتاعتي. عندي كل الوقت في العالم دلوقتي.
        إلويز ناعمة أوي. ريحتها حلوة أوي. رقيقة أوي مقارنة بيا. أقدر أحس بانحناء عمودها الفقري، نبضها، قد إيه جلدها ناعم، التغيرات الطفيفة عند لمسي... صعب أوي إني أمسك نفسي. عايز ألتهم كل إحساس جديد، وليمة من الحواس متخلصش.
        عايز أحضنها قريبة مني. عايز ألتف حوالين جسمها ومسيبهاش أبداً. عايز أعيد بناءها وأشوف النور ده يرجع. عايز أخليه بتاعي. عايز ألتهمه...قف! اهدى! اصبر.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة. أصلح الثقة اللي هو كسرها قبل ما أقدر أستمتع بحبهم.
        
        
        
        
        
        
        
        مبقتش عايزه أخوفها. مرفعش إيدي بسرعة أوي. متحركش بسرعة أوي. أخلّي وجودي معروف قبل ما أقرب. مبوظش ده زي ما بوظت حاجات كتير قبل كده. أبقى إنسان. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. برجع أركز تاني وأنا بحس بإحساس بارد ومبلل بيتسرب في فخذي. المشروب اتدلق. آه، بص عليهم. خايبين أوي. قد إيه كيوت. استنى. لأ. شكلهم متوتر. من فضلك متبصليش كده. هنضفه. "يا كيوتي الخايب." بخلي صوتي خفيف على قد ما أقدر. بحافظ على حركاتي ثابتة. برمي العلبة في الزبالة، بمتص أسوأ جزء من البقعة بقطعة قماش، وبجبيلك حبيبتي كوباية مياه فريش. كده أحسن. شكلها مش خايفة أوي دلوقتي. بقعة صغيرة مش حاجة بالنسبة لي. مش فارق. مفيش حاجة فارقة غير إني أخلي ده ينجح. لازم أخلي ده ينجح. الراديو بيشوش شوية لما المحطة بتتغير. لحن أغنية "You've got the Love" لفلورنس أند ذا ماشين بيبدأ يدخل الأوضة بالتدريج. مثالي! سمعتها بتسمع الأغنية دي قبل كده، أكيد دي واحدة من أغانيها المفضلة. إلويز بتتحرك بألطف الإيماءات، بتتبع قيادتي في التحرك مع الإيقاع. بحب قد إيه هي دافية. قد إيه هي بتلائم ذراعي بشكل مثالي. عايز ده يبقى للأبد. لازم أخلي ده ينجح.
        عايز حاجة؟ لمستها خفيفة أوي على ذراعي، عابرة أوي.
        أبتسم. أخليها ناعمة، مأوريش أسناني كتير. كده تمام، مثالي. الابتسامات مطمئنة للبشر. الابتسامات آمنة.
        "أه، كاميرون. كل حاجة تمام؟"
        إلويز بتلعب في طرف توبها وهي بتتكلم. أتمنى إنها مكنتش قلقانة أوي بس ده تمام، كل حاجة هتبقى تمام.
        "طبعاً يا روحي." خصلات شعر بلون العسل بتغطي عينيها. خليني أصلح ده.
        بلطف ابتسامتي وأنا برفع إيدي ببطء، بدمج حركة أكبر في ضيق عيني بدل ما أظهر أسناني. دافية أوي. ناعمة أوي.
        كويس، هي باين عليها كانت راضية بالجواب ده تقريباً.
        حاجة بتلوّي ملامحها بس بتختفي بسرعة.
        إيه التعبير ده؟ ميكونش... أكيد هو الخوف. هو كسر ثقتها، بس أنا مش هعمل كده.
        هخلي ده ينجح.
        شكلهم جميل أوي وهما نايمين. كل الحذر راح وهي مسترخية. جميلة أوي. دافية أوي. أنا مبضغطش عليها بس، من اللي أقدر أحس بيه، الأفكار اللي بتدور في عقلها هادية. كويس. هي تستاهل إنها تستريح بعد اللي عمله فيها.
        هم بتوعي دلوقتي.
        بحط بوسة بريئة على راسها.
        هي صغيرة أوي. حاسة إنها هشة أوي، ومع ذلك، مقدرش إلا إني أشد قبضتي على جسمها.
        انتي بتاعتي دلوقتي.
        بتاعتي عشان أحبها.
        بتاعتي عشان أحميها.
        بتاعتي عشان أحتفظ بيها.
        لازم أخلي ده ينجح.
        لازم... مقدرش... مقدرش أتحمل فشل تاني. مش فاكر إني أقدر أتحمل أي ألم تاني. من فضلك.
        الريحة المهدئة دي بتحاوطني.
        من فضلك، حبيني.
        وزنها في ذراعي مريح.
        حبيني.
        نبضها اللي بيرن تحت مخالبي.
        حبيني.
        أنا عايزهم.
        حبيني!
        أنا عايز كل حاجة.
        من فضلك.
         
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء