عالم مصاصي الدماء
عالم مصاصي الدماء
2025, هاني ماري
فانتازيا
مجانا
5
بتدخل عالم مصاصي الدماء المبهر في قصر "بيل مورت" كمتبرعة دم، مش عشان الشهرة أو الفلوس زي الباقيين، لكن عشان تكتشف إيه اللي حصل لأختها "جون" اللي دخلت القصر ده واختفت. في رحلتها، بتواجه "ريني" عالم مليان رفاهية وقواعد غريبة، وبتقابل شخصيات قوية زي "إدموند" الغامض، وبتفضل تحاول تكشف الحقيقة ورا اختفاء أختها، بالرغم من كل الأسرار والمخاطر اللي بتحاوطها.
ريني
شابة مش همها الشهرة ولا الفلوس، كل اللي شاغلها إنها تعرف إيه اللي حصل لأختها "جون" اللي اختفت في قصر مصاصي الدماء. هي ذكية ومتحفظة، وبتفضل تبحث عن الحقيقة بنفسها.جون
أخت "ريني" الكبيرة، مدمنة على كل حاجة ليها علاقة بمصاصي الدماء. دخلت قصر "بيل مورت" كمتبرعة دم قبل "ريني" بفترة واختفت فجأة، وده اللي دفع "ريني" إنها تيجي تدور عليها.إدموند
مصاص دماء وسيم وغامض في قصر "بيل مورت". شخصيته هادية وقوية، وعينيه حادة. فيه سر كبير يخصه ويربطه بأحداث الرواية، وبيتصرف بطريقة مختلفة عن باقي مصاصي الدماء.روكس
زميلة "ريني" في الأوضة، متحمسة جداً لعالم مصاصي الدماء والشهرة. هي سطحية شوية وبتحب المظاهر، وبتستمتع بكل تفاصيل الحياة المترفة في القصر.
ريني أول مرة أشوف فيها قصر بيل مورت كانت لما الليموزين عدا على قمة تل طريق متعرج. قصر مصاصي الدماء كان في آخر مدينة وينشستر، اللي المباني التاريخية المبنية بالخشب فيها كانت بتفتح على المساحة الخضرا الشاسعة لمنتزه ساوث داونز الوطني. السور المسور اللي بيحيط بالقصر كان متغطي أكتره بجمهور من المصورين الصحفيين. كانوا بيتخانقوا عشان يلقوا نظرة على الكائنات اللي بقوا أشهر المشاهير في العالم – ومعاهم أي حد مرتبط بيهم. من أسبوعين، أنا بقيت واحدة من الناس دول، لما طلب التقديم بتاعي عشان أبقى متبرعة دم اتقبل. الليموزين خبط في مطب، بطني اتلخبطت. نزلت كوباية الشمبانيا بتاعتي. كنت متوترة أصلاً؛ الكحول مش هيساعد. "مش قادرة أستنى!" صرخت بنت جنبي على الشمال. "فيليب وجدعون وإتيان – آه، وإدموند." فضلت تقول أسماء مصاصي الدماء بتوع بيل مورت وكأنهم أصحابها القدام. ما كانتش لوحدها في حبها الشديد ده. مصاصي الدماء دلوقتي بقوا قمة الشهرة – كائنات خالدة غامضة وجميلة خرجت من الضلمة من عشر سنين وأثبتت إنهم موجودين بجد. دلوقتي العالم مش بيكتفي منهم. المشاهير الكبار نزلوا لمستوى أقل، وأي حد أقل منهم تقريباً اختفى من الخريطة. المجلات الفضائحية، أعمدة النميمة، جلسات التصوير، وبرامج الحوارات – كل ده بقى ملك مصاصي الدماء دلوقتي. معظم الناس عجبهم الموضوع ده. أنا لأ. "ميريام هي المفضلة عندي،" قال الولد اللي قصادي. "مش قادر أستنى لما تخلي أنيابها تغرز فيا." ولد تاني هز راسه. "آه، ميريام صاروخ، بس لو حد هيعضني، أنا عايزها ملكة الثلج نفسها: يسان مورو." تعبير حالم بان على وشه. البنت اللي جنبي سخرت. "أنت مش بتختار مين يعضك." "آه، بس الواحد يحلم." رجعت لورا في كُرسيي، بهز راسي في عقلي. بيل مورت كان واحد من خمس بيوت مصاصي دماء في المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا، وكل اللي في الليموزين ده رايحين البيت ده كمتبرعين دم. في عالمنا الحديث، مصاصي الدماء مبقوش بيصطادوا فرائسهم من الضلمة، لكن بيدفعوا للناس زينا عشان يسمحولهم يشربوا دمهم. الموضوع كان يبان صفقة كويسة – تقدم عشان تبقى متبرع، تتقبل، تنتقل لبيت مصاصي دماء وتعيش في رفاهية شهور، تسيب مصاصي الدماء يشربوا منك، وفي الآخر تمشي وحسابك في البنك مليان. ناس زيي، جايين من عيلة فقيرة وبيعانوا عشان يلاقوا شغل ثابت، كانوا محتاجين الفلوس دي أوي. لكن ما قدرتش أنسى قصص الدم والجثث والموت والشر اللي شفتها كتير في الأفلام والكتب، قبل ما مصاصي الدماء يتخيلوا أبطال رومانسيين بدل الأشرار. أكيد كان فيه شوية حقيقة في الأساطير دي. كل ما كنا بنقرب من القصر، وميض الكاميرات زاد جنوناً، واضطريت أقبض على إيدي جامد عشان أخليهم ثابتين. يمكن دي كانت غلطة. المتبرعين بيفضلوا في البيت لحد ما مصاصي الدماء يزهقوا منهم – ده ممكن يكون أسابيع، شهور، أو حتى سنين – فبمجرد ما دخلت بيل مورت، ما كنتش أعرف إمتى هطلع. ده ما كانش هيبقى مشكلة لو كنت عاملة كل ده عشان الفلوس أو المظاهر، زي كل اللي قدموا. لكن أنا لأ. من خمس شهور، أختي دخلت البيت ده. عمرها ما خرجت منه تاني، وكل التواصل معاها انتهى فجأة من كام أسبوع. أنا قدمت عشان أبقى متبرعة عشان أعرف ليه بس. البنت اللي جنبي على اليمين نفشت قصة شعرها القصيرة. "لازم أبقى في أحسن صورة للكاميرات،" قالت لما شافتني ببص عليها. لما بوابات الحديد المشغول اللي كانت سادة الطريق لبيل مورت اتفتحت، والليموزين زحف لقدام، وميض الكاميرات والأصوات العالية بقت حاجة مش طبيعية. لفيت راسي عشان ستارة من شعري البني المحمر تغطي وشي. على عكس المتبرعين التانيين، ما يهمنيش إذا صورتي طلعت على وش مجلة. تلات مصاصي دماء طلعوا من ساحة القصر، على جنبيهم أمن بشري بلبس أسود. مصاصي الدماء كانوا أقوى بكتير من إنهم يصدوا الصحافة المتحمسة لوحدهم، لكنهم كانوا عاملين صورة لأنفسهم إنهم كائنات خالدة أنيقة وغامضة. رمي نسور الإعلام زي اللعب الرخيصة كان هيبقى له تأثير سلبي على صورتهم العامة، عشان كده الأمن البشري كان بيعمل شغلهم القذر. الليموزين وقف قريب من البوابات وحد فتح الباب عشان ننزل. لما جه دوري عشان أخرج، لقيت نفسي ببص لفوق على راجل في الأربعينات، ابتسامة عاملة خطوط رفيعة عند زاوية عينيه، ضوء القمر بيلمع على راسه الأصلع. "ديكستر فلين، رئيس الأمن،" قالها وهو بيساعدني أخرج من العربية. وطيت راسي تاني لما الصحافة اتلمت حوالي، بتصرخ بأسئلة وبتنادي اسمي. "ريني مايفيلد . . ." ". . . إحساسك إيه بخصوص . . ." ". . . بتأملي تحققي إيه . . ." ". . . مصاصي الدماء . . ." مصاص دماء اتحرك لجنبي، بيبص بغضب على الصحافة لما قربوا أوي. "اهدوا كده. سيبوا الست براحتها،" حذرهم. زي كل مصاصي الدماء، كان وسيم بشكل كلاسيكي، شعره الأحمر الغامق كان عامل تضاد صارخ مع عينيه الزرقا، ولما ابتسم كانت ابتسامة محكمة؛ ما قدرتش أشوف أنيابه. إتيان بانفيل. قبل ما أكمل طلب التبرع بتاعي، عملت بحث على قد ما أقدر عشان أعرف أنا داخلة على إيه. بشكل حتمي، دخلت في دوامة فن المعجبين وقصص المعجبين، واستطلاعات الرأي عن مصاصي الدماء والمتبرعين المفضلين، ومنتديات لا نهائية بتخمن مين من مصاصي الدماء نايم مع مين. كل ده كان يبان سخيف أوي، بس على الأقل كنت أعرف أسماء الكل. تعبير إتيان دبل لما بصلي. ما كانش عندي أي فكرة ليه. كنت عايزة أعدي من ممر الصحافة ده في أسرع وقت ممكن، من غير ما أقف أرد على أي أسئلة، لكن راجل واحد قرب أوي، تقريباً خبطني في وشي بالميكروفون بتاعه. رجعت لورا، اتخبطت في أجمل مصاص دماء شفته في حياتي. خصل شعر أسود زي الغراب بتلعب حوالين ملامح وشه الباهتة، عظم الوجنتين حاد لدرجة إنه ممكن يقطع زجاج، وعينيه كانت غامقة وصلبة زي حجر الجزع. إدموند دانتيس. "كفاية كده،" قالها وهو بيزق الراجل لورا. الراجل رجع لورا، لكن الكاميرات فضلت تعمل كليك وتومض. وداعاً لرغبتي في إني أبعد عن الأضواء. بكرة صور ليا ولإدموند هتكون في صدر كل مجلة نميمة وموقع مصاصي دماء في البلد – يمكن حتى في العالم. هوس مصاصي الدماء ما كانش مقتصر على المملكة المتحدة؛ كان فيه بيوت في كل حتة في العالم، وعشاق مصاصي الدماء الجادين – أو الفلاديكت، زي ما كانوا بيحبوا يسموا نفسهم – كانوا دايماً في أشد الحاجة للمزيد من النميمة. إدموند أشار لديكستر، اللي جه ماشي بسرعة. "سيطر على الموقف ده. الناس دي مش المفروض يقدروا يلمسوا المتبرعين،" إدموند زمجر. "حاضر يا فندم،" قال ديكستر. إدموند بصلي. "أنت كويسة؟" سأل، صوته بقى أنعم دلوقتي، لكنة فرنسية خافتة بتلف حوالين الكلمات. فجأة، حسيت إني مش قادرة أتنفس، ورعشة مشيت في جسمي كله. إدموند رفع حاجب واحد غامق. "أنا كويسة،" تمتمت، وحسيت إني غبية. كل المرات اللي كنت بسخر فيها من الناس اللي بيعاملوا مصاصي الدماء كآلهة، وأول مرة أتكلم فيها مع واحد فيهم اتلخبطت خالص. برافو عليكي يا ريني. بهز راسه بسرعة، إدموند مشي. البنت اللي كانت قاعدة على شمالي في الليموزين بصتلي بصة حسد، وشبه قاتلة، لكن البنت اللي شعرها قصير غمزتلي. على الأقل هي كانت مستمتعة، بتبرطم وبتبعت بوسات وكأنها بتتهادى على السجادة الحمرا، وعارفة إن صورها هتظهر في كل مكان. الفلاديكت وغيرهم من عشاق مصاصي الدماء كانوا دايماً عايزين يعرفوا عننا – سواء المتبرعين الجداد اللي داخلين القصر أو اللي عقودهم انتهت ورجعوا لحياتهم القديمة، واللي كانوا بيطلعوا في برامج حوار، وينزلوا كتب، ويشاركوا في برامج تلفزيون الواقع. "خلاص، كفاية كده،" ديكستر زعق، وهو بيستخدم دراعه عشان يزق مصور تاني متحمس زيادة عن اللزوم. "يلا ندخل المتبرعين جوه." البوابات اتقفلت ورانا بصوت عالي. ما كانش مسموح لأي حد يدخل من غير إذن من يسان مورو، سيدة البيت. طبعاً، هي ما كانتش سيدة بالمعنى الحرفي – ده كان مجرد لقب بتستخدمه حاكمات بيوت مصاصي الدماء في معظم أوروبا وأمريكا الشمالية. رفعت راسي وبصيت للقصر. متنور بأضواء كاشفة ضخمة محطوطة في الساحة، كان مصمم عشان يبان قديم – مبنى قوطي ضخم من الحجر الرمادي، بنوافذ بارزة واقفة على حوامل مزخرفة، والزاز بتاعها متغطي من جوه بشيش بيمنع الأشعة فوق البنفسجية. فوق الباب اللي فيه مسامير نحاس، نقش حجري بارز بيوضح اسم البيت – بيل مورت. الموت الجميل. مناسب أوي. إزاي جون حست لما جت هنا؟ أختي كانت فلاديكت أصيلة، غارقة في هوس مصاصي الدماء بتاع العشر سنين اللي فاتوا، فده كان هيبقى أعظم حاجة في العالم بالنسبة لها. أكيد فيه سبب مقنع لإنها قطعت التواصل. ماما كانت فاكرة إني ببالغ، وبتشاور على إن مفيش ولا متبرع اتأذى من مصاص دماء، ولو أي حاجة حصلت غلط، بيل مورت ما كانتش هتقبل أخت جون كمتبرعة، لكن ما قدرتش أتخلص من الخوف. وبما إن المتبرعين مش مسموح لهم بزيارات، طريقتي الوحيدة للدخول كانت إني أبقى واحدة منهم. وإحنا ماشيين على الطريق المرصوف بالحجر للباب الأمامي الضخم اللي ديكستر كان بيفتحه، صدري اتقبض. مفيش رجوع دلوقتي. أنا هنا، ومفيش حاجة هتمنعني إني أعرف إيه اللي حصل لأختي. ديكستر دخلنا لبهو واسع أرضيته خشب باركيه وحوائطه مكسوة بالخشب الماهوجني، متنور بثريا كريستال نازلة. قواعد رخامية فوقها أوعية مليانة ورد كانت على جانبي الباب، وستاير عنابي طويلة لدرجة إنها مفرودة على الأرض كانت متعلقة على جانبي الشبابيك. فتحات مقوسة مختلفة كانت بتؤدي لخارج الغرفة، وسلم عريض بدرابزين مزخرف كان في آخر الغرفة. ناس كتير في منتديات الفلاديكت على الإنترنت كانوا بيخمنوا إن فيه ممرات سرية مستخبية في أعماق القصر، بس دول غالباً نفس الناس اللي كانوا بيعتقدوا إن مصاصي الدماء ملائكة أو كائنات فضائية. مصاصي الدماء كانوا متجمعين على السلم، باصين علينا بتركيز. إدموند كان واقف في المقدمة، جنبه إيزابو أجيلون، ست طويلة ونحيلة، شعرها الكستنائي الكيرلي كان نازل تقريباً لحد وسطها. كانت بتفحصنا بهدوء متوازن اللي كان بيبان سهل أوي على مصاصي الدماء. ما كانش فيه أي أثر لمصاصة الدماء اللي كنت متوقعاها – يسان نفسها. بيل مورت كان بيتها، وكل مصاص دماء هنا كان بيخضع لها؛ بمعنى أصح، طول ما إحنا هنا، إحنا ملكها. بعيداً عن فريق الأمن، ما كانش فيه أي أثر لأي موظفين بشر، بس كانت قرب منتصف الليل. يمكن يكونوا روحوا. "بالنيابة عن سيدة البيت، أهلاً بكم رسمياً في بيل مورت،" قالت إيزابو. "الدور الأول متاح بالكامل تقريباً للمتبرعين، وبيشمل قاعة الرقص، قاعة الطعام، المكتبة، البار، غرف التغذية، غرف الفن، غرفة الموسيقى، غرفة التأمل، والمسرح. المطابخ وغرف المخزون ممنوعة على المتبرعين. "الدور الثاني بيتكون من أربع أجنحة. الجناح الشمالي هو اللي بننام فيه. ممنوع أي متبرع يدخله. الجناح الشرقي فيه غرف مخزون إضافية. ممكن تزوروها لو عايزين، لكن ما أتخيلش إنكم هتلاقوا فيها أي إثارة. الجناح الجنوبي هو اللي بينام فيه المتبرعين. "الجناح الغربي ممنوع على الكل." صوت إيزابو أخد نبرة تحذيرية؛ من غير ما تحرك عضلة واحدة، بقت . . . مختلفة. سكون جسمها غير الطبيعي، صلابة وشها الهادية، النظرة العميقة في عينيها كانت بتصرخ إنها مش بشرية. "قواعد بيل مورت بتتاخد بجدية شديدة، ومفيش قاعدة أهم من الجناح الغربي." عينيها نزلت على كل واحد فينا بالتتابع، بتلسع زي الليزر. "أي مخالفة للقاعدة دي هتؤدي لإنهاء عقدكم فوراً." قلبت عيني. إيه اللي موجود فوق ده – وردة حمرا في قبة زجاج؟ إيزابو استنت لما الكلام ده استوعبوه قبل ما تكمل: "القواعد التانية بتاعت البيت موجودة في عقدكم، وفيه نُسخ في كل الأوض، بس أنا هراجع الأساسيات تاني. المتبرعين المفروض يحافظوا على صحتهم كويسة. كل الوجبات بتتوفر، ولازم المتبرعين ياكلوا بالظبط اللي بيتقدم لهم. التغذية الكويسة ضرورية لإن الدم يكون صحي. التدخين والمخدرات من أي نوع ممنوعة تماماً. الشرب مسموح بيه، بس ما تتجاوزوش الحدود. كل الهدوم بتتوفر، وكمان أي مستحضرات تجميل ضرورية، هتلاقوها في أوضكم. لو احتجتوا أي حاجة تانية، ممكن تملوا استمارة طلب. مفيش أجهزة كمبيوتر في بيل مورت، وتليفونات المحمول أو أي وسائل تانية للوصول للإنترنت مش مسموح بيها." آخر كلمات طلعت من بوقها غريبة، كأن التكنولوجيا الحديثة دي حاجة لسه بتعاني معاها. "ممكن تكتبوا لأحبابكم زي ما تحبوا. كل الرسايل هتتفتش قبل ما تتبعت." الولد اللي جنبي كان باين عليه الذهول من الكلام ده، كأنه نسي إن القلم والورقة لسه موجودين. "لحد ما عقدكم يخلص، المتبرعين ما يقدروش يرفضوا أي مصاص دماء عايز يشرب منهم،" إيزابو كملت. "لكن العلاقات العاطفية بين البشر ومصاصي الدماء ممنوعة تماماً." بصيت من إيزابو لإدموند، واقف ساكت جنبها، شعره أسود زي الأبنوس وبشرته زي ضوء القمر. ماشي، فهمت ليه الناس مفتونة بالكائنات الجميلة دي، بس لسه ما بثقش فيهم. إيه اللي هيحصل لو العالم زهق والمتبرعين مبقوش يسجلوا؟ هل مصاصي الدماء هيبدأوا يطاردوا في الشوارع ويجروا الفريسة للضلمة زي مصاصي الدماء اللي في الأساطير؟ عين إيزابو وقعت عليا بسرعة وحاجة اتغيرت على وشها؛ كانت سريعة لدرجة إني ما قدرتش أحددها، بس خلتني مش مرتاحة. البنت اللي شعرها قصير من الليموزين خبطتني على كتفي. أنا طولي متوسط بس هي كانت أطول مني بكام بوصة؛ اضطريت أميل راسي عشان أبصلها. "أهلاً يا زميلتي في الأوضة!" قالتها. "إيه؟" "ما كنتيش بتسمعي؟ إحنا زملاء أوضة." "آه. تمام." ما يهمنيش أوي؛ أنا هنا عشان ألاقي جون، مش عشان أعمل أصحاب. "أنا روكس." قدمت إيديها. شكلها حوالي تمنتاشر سنة، زيي بالظبط – واضح إن الدم الصغير أحلى – وملامحها الحادة ورجليها الطويلة خلتها تبان كأنها عارضة أزياء. "ريني،" قلت، وسلمت عليها. صوابعها كانت طويلة ورفيعة، وضوافرها متلمعة. روكس ابتسمت، ولاحظت حلق أحمر صغير في مناخيرها، بيلمع زي نقطة دم. ده كان بيثير مصاصي الدماء؟ أعتقد إنها هتعرف. المتبرعين الجداد والمتبرعين القدام عمرهم ما كانوا بيتقابلوا في نفس الليلة، المفروض عشان يدوا فرصة للجداد يتأقلموا، عشان كده مش هشوف جون غير الصبح، بس مصاص دماء أشقر اسمه جيديون كان بياخدنا لأوض نومنا المخصصة، كنت بدرس كل باب بنعدي عليه، بتساءل يا ترى إيه فيهم أوضة جون. جيديون ما كانش بيتكلم كتير، بس أعتقد إننا كنا مجرد أكل للكائنات دي. ما كانش فيه داعي إنهم يتواصلوا اجتماعياً. "كنت أتمنى إننا نبدأ نأكل مصاصي الدماء الليلة دي،" همس الولد اللي ماشي جنبنا. يمكن أكبر مني بسنة أو اتنين، كان عنده نفس شكل العارضات الحلو بتاع روكس، شعره متسرح وبشرة مثالية وملامح حادة. "أنا جيسون بالمناسبة." بعدين استوعبت اللي قاله – أكل. الكلمة زحفت جوايا، وقاومت الرغبة في إني أرتعش. لما قدمت طلبي، كنت عارفة إني هقدم عروقي لمصاصي الدماء عشان يمصوا منها، بس ما قدرتش أتخيل إن ده هيحصل بجد. جيسون بص على كتف جيديون العريض، ووسطه النحيف، ورجليه الطويلة. "أنا نفسي في إن التحفة دي تختارني." جيديون وقف فجأة. جيسون كان مشغول أوي بإنه بيعجب بيه لدرجة إنه تقريباً خبط في ضهر مصاص الدماء. لحسن الحظ، جيديون ما لاحظش. "روكس وإيرين، دي أوضتكم،" قالها. اتضايقت من اسمي الكامل. أنا كنت ريني من يوم ما اتولدت وجون، اللي كانت لسه طفلة، ما كانتش بتقدر تنطق إيرين. "تحفة، شكراً،" قالت روكس. "أشوفك بكرة يا جيسون." جيسون جرى ورا جيديون لما روكس فتحت باب أوضتنا، وأنا مشيت وراها جوه. "واو،" قالت وهي بتاخد نفس. كررت الشعور ده بصمت. الأوضة كانت واسعة بشكل سخي، الحيطان متغطية بورق حائط مخملي ذهبي فاتح جداً، السجادة الكريمي سميكة لدرجة إنها كأنك ماشي على سحابة. ستاير ذهبية أغمق كانت محوطة الشبابيك، بالرغم من إنها كانت متركبة بشيش ما نقدرش نفتحه. على الأقل نقدر نخرج بره بالنهار. السريرين كانوا تقريباً وش بعض، الاتنين بضهر سرير من الماهوجني المنقوش بشكل مزخرف ومتغطين بمفارش حرير. دولاب ضخم كان مسيطر على حيطة واحدة، وتسريحة طويلة الحيطة التانية. جنب سرير منهم، تمثال برونزي لفينوس دي ميلو كان محطوط على كومودينو، وجنب التاني، باب مفتوح كان بيدخل على حمام ببلاط كريمي. ثريا كريستال تانية كانت متعلقة في السقف. الأوضة كلها كانت ريحتها ورد خفيف. كانت بعيدة كل البعد عن أوضة النوم الصغيرة اللي جون وأنا كنا بنشاركها طول حياتنا. روكس صرخت ونطت على السرير اللي جنب الحمام، ووقعت المخدات على الأرض. "المكان ده تحفة." ما قدرتش أجادل، بس ما عجبنيش. عيلتي ما كانش معاها فلوس كتير، وكان ده الترف اللي شد جون، وعرض عليها عالم لامع بعيد أوي عن العالم اللي عرفناه طول عمرنا. روكس نزلت من السرير وجريت للدولاب، فتحت البابين، وفضلت تدور في الهدوم. "اللي اختار الحاجات دي ذوقه سكسي جداً." رفعت حاجة كان شكلها كورسيه في وشي. المتبرعين ما كانش مسموح لهم يجيبوا أي حاجة معاهم؛ بدل كده كان لازم ندي مقاساتنا ومقاسات الأحذية في استمارة التقديم عشان الهدوم تتوفر، بس أساليبنا المفضلة ما كانتش بتتاخد في الاعتبار أبداً. كل اللي كان يهم هو اللي مصاصي الدماء عايزينه، وهما ما كانوش بيلبسوا كاجوال – مش مستغرب طبعاً بما إن كتير منهم جايين من عصر الكورسيهات والجيبات المنفوشة. "يا لهوي على الجمال،" روكس غنت، وهي بتطلع فستان دانتيل لونه عاجي. الهدوم الجديدة كانت رفاهية عمر جون وأنا ما عرفناهاش – كنا بنعتمد على هدوم مستعملة من الأصحاب والجيران، وبالرغم مني، كنت مشدودة للدولاب. لمست كم جاكت جلد ناعم احتمال يكون تمنه ثروة. يا ريت لو نقدر ناخد الهدوم دي معانا لما نمشي – بيعها هيجيب فلوس أكتر بكتير من اللي ممكن أكسبها من مجالسة الأطفال أو تمشية الكلاب. جون كانت جاية هنا أساساً عشان مصاصي الدماء، بس كانت كمان بتأمل إن الفلوس اللي هتوفرها كمتبرعة هتساعدها تبدأ جامعتها، بينما أنا كنت عارفة إني عمري ما هقدر أدخل. حتى لو الفلوس ما كانتش مشكلة، كنت هدرس إيه؟ أنا ما كنتش بحلم زي ما جون كانت بتحلم. روكس فضلت تدور في الدولاب شوية كمان، بعدين نطت تاني على سريرها. "ها،" قالت، وهي ساندة دقنها على إيديها. "عندك حد مميز في بالك عشان يقوم بالواجب؟" كشفت عن أسنانها، وقلدت العض. "لأ." "يمكن يجيلك إدموند." "إيه اللي خلاكي تقولي كده؟" "هو نزل عشان ينقذك من الكاميرات في حين إن الأمن كان ممكن يتعامل." "إتيان ساعد كمان." "صح." روكس لفت على ضهرها وبصت للسقف. "تفتكري هو إدموند دانتيس بتاع الرواية؟" قعدت على سريري، بقاوم الرغبة في إني أمرر إيدي على الحرير الناعم والمخدات المحشية ريش. هو سرير، مش أكتر. ولو فيه أي حظ، مش هنام فيه كتير. بمجرد ما أعرف إن جون كويسة، أنا ماشية من هنا. "قصدك إيه؟" قلت. "أنت عارفة، كونت مونت كريستو." روكس ضحكت على تعبير وشي الفاضي. "الكتاب بتاع ألكسندر دوماس، نفس الراجل اللي كتب الفرسان التلاتة. أي حاجة من دي تفكرك بحاجة؟" "سمعت عن الفرسان." "الكتاب ده عن راجل اسمه إدموند دانتيس بيتحبس ظلم، بيهرب، وبيخطط للانتقام من الناس اللي حبسوه. ده مش اسم منتشر، وكمية كبيرة من مصاصي الدماء كانوا موجودين لما الكتاب اتكتب، فهل هي فعلاً مبنية على أحداث حقيقية، ولا إدموند سمى نفسه على اسم الشخصية؟" "إزاي تعرفي كل ده؟" "أنا مش مجرد وش حلو. يمكن لو عضك، تقدري تسأليه عن العلاقة." "غالباً مش هيطلبني." يا ريت ما يعملش كده. ذكرى عينيه كانت كافية تعمل حاجات غريبة في دقات قلبي. "أنا بتمنى إن الوسيم الأشقر ده يطلبني." روكس قلبت على ضهرها تاني على السرير. "مين، جيديون؟" "لأ، اللي عامل ديل حصان – لودوفيك." سكتوا شوية، بعدين روكس قعدت تاني. "تفتكري العضة بجد بتحسس بالمتعة زي ما الناس بتقول؟" "مش عارفة. هما بيدخلوا إبر كبيرة أوي في عروقنا." "كويس إني مش بخاف من الإبر." "ولا أنا، بس أنا قلقانة من إن حد يعضني ويشرب دمي." وش روكس بان عليه الحزن، وحسيت بوخزة ذنب. مش غلطتها إني ما بحبش بيل مورت. "الناس مش هتفضل تسجل عشان تكون متبرعة لو كان الموضوع مؤلم،" طمنتها. "تفتكري صح إن الناس ممكن تدمن العضات؟" "ممكن، بس غالباً ده بيحصل في الظروف القصوى بس." كنت لسه بحاول أطمنها، بس كل اللي قدرت أفكر فيه هو قد إيه الناس شكلهم مش مستوعبين إن مصاصي الدماء ممكن يكونوا خطرين. ما كنتش عايزة أنسى إيه اللي ممكن يكونوا قادرين عليه بجد. وإحنا روكس عمالة ترغي عن إيه اللي هتكون عليه الحياة هنا، أنا نمت على سريري وفكرت في جون.