موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      عالم مصاصي الدماء

      عالم مصاصي الدماء

      2025, هاني ماري

      فانتازيا

      مجانا

      5

      بتدخل عالم مصاصي الدماء المبهر في قصر "بيل مورت" كمتبرعة دم، مش عشان الشهرة أو الفلوس زي الباقيين، لكن عشان تكتشف إيه اللي حصل لأختها "جون" اللي دخلت القصر ده واختفت. في رحلتها، بتواجه "ريني" عالم مليان رفاهية وقواعد غريبة، وبتقابل شخصيات قوية زي "إدموند" الغامض، وبتفضل تحاول تكشف الحقيقة ورا اختفاء أختها، بالرغم من كل الأسرار والمخاطر اللي بتحاوطها.

      ريني

      شابة مش همها الشهرة ولا الفلوس، كل اللي شاغلها إنها تعرف إيه اللي حصل لأختها "جون" اللي اختفت في قصر مصاصي الدماء. هي ذكية ومتحفظة، وبتفضل تبحث عن الحقيقة بنفسها.

      جون

      أخت "ريني" الكبيرة، مدمنة على كل حاجة ليها علاقة بمصاصي الدماء. دخلت قصر "بيل مورت" كمتبرعة دم قبل "ريني" بفترة واختفت فجأة، وده اللي دفع "ريني" إنها تيجي تدور عليها.

      إدموند

      مصاص دماء وسيم وغامض في قصر "بيل مورت". شخصيته هادية وقوية، وعينيه حادة. فيه سر كبير يخصه ويربطه بأحداث الرواية، وبيتصرف بطريقة مختلفة عن باقي مصاصي الدماء.

      روكس

      زميلة "ريني" في الأوضة، متحمسة جداً لعالم مصاصي الدماء والشهرة. هي سطحية شوية وبتحب المظاهر، وبتستمتع بكل تفاصيل الحياة المترفة في القصر.
      تم نسخ الرابط
      عالم مصاصي الدماء

      ريني
      
      أول مرة أشوف فيها قصر بيل مورت كانت لما الليموزين عدا على قمة تل طريق متعرج. قصر مصاصي الدماء كان في آخر مدينة وينشستر، اللي المباني التاريخية المبنية بالخشب فيها كانت بتفتح على المساحة الخضرا الشاسعة لمنتزه ساوث داونز الوطني.
      
      السور المسور اللي بيحيط بالقصر كان متغطي أكتره بجمهور من المصورين الصحفيين. كانوا بيتخانقوا عشان يلقوا نظرة على الكائنات اللي بقوا أشهر المشاهير في العالم – ومعاهم أي حد مرتبط بيهم. من أسبوعين، أنا بقيت واحدة من الناس دول، لما طلب التقديم بتاعي عشان أبقى متبرعة دم اتقبل.
      
      الليموزين خبط في مطب، بطني اتلخبطت. نزلت كوباية الشمبانيا بتاعتي. كنت متوترة أصلاً؛ الكحول مش هيساعد.
      
      "مش قادرة أستنى!" صرخت بنت جنبي على الشمال. "فيليب وجدعون وإتيان – آه، وإدموند." فضلت تقول أسماء مصاصي الدماء بتوع بيل مورت وكأنهم أصحابها القدام.
      
      ما كانتش لوحدها في حبها الشديد ده. مصاصي الدماء دلوقتي بقوا قمة الشهرة – كائنات خالدة غامضة وجميلة خرجت من الضلمة من عشر سنين وأثبتت إنهم موجودين بجد. دلوقتي العالم مش بيكتفي منهم. المشاهير الكبار نزلوا لمستوى أقل، وأي حد أقل منهم تقريباً اختفى من الخريطة. المجلات الفضائحية، أعمدة النميمة، جلسات التصوير، وبرامج الحوارات – كل ده بقى ملك مصاصي الدماء دلوقتي.
      
      معظم الناس عجبهم الموضوع ده.
      أنا لأ.
      
      "ميريام هي المفضلة عندي،" قال الولد اللي قصادي. "مش قادر أستنى لما تخلي أنيابها تغرز فيا."
      
      ولد تاني هز راسه. "آه، ميريام صاروخ، بس لو حد هيعضني، أنا عايزها ملكة الثلج نفسها: يسان مورو." تعبير حالم بان على وشه.
      
      البنت اللي جنبي سخرت. "أنت مش بتختار مين يعضك."
      
      "آه، بس الواحد يحلم."
      
      رجعت لورا في كُرسيي، بهز راسي في عقلي. بيل مورت كان واحد من خمس بيوت مصاصي دماء في المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا، وكل اللي في الليموزين ده رايحين البيت ده كمتبرعين دم. في عالمنا الحديث، مصاصي الدماء مبقوش بيصطادوا فرائسهم من الضلمة، لكن بيدفعوا للناس زينا عشان يسمحولهم يشربوا دمهم.
      
      الموضوع كان يبان صفقة كويسة – تقدم عشان تبقى متبرع، تتقبل، تنتقل لبيت مصاصي دماء وتعيش في رفاهية شهور، تسيب مصاصي الدماء يشربوا منك، وفي الآخر تمشي وحسابك في البنك مليان. ناس زيي، جايين من عيلة فقيرة وبيعانوا عشان يلاقوا شغل ثابت، كانوا محتاجين الفلوس دي أوي.
      
      لكن ما قدرتش أنسى قصص الدم والجثث والموت والشر اللي شفتها كتير في الأفلام والكتب، قبل ما مصاصي الدماء يتخيلوا أبطال رومانسيين بدل الأشرار. أكيد كان فيه شوية حقيقة في الأساطير دي.
      
      كل ما كنا بنقرب من القصر، وميض الكاميرات زاد جنوناً، واضطريت أقبض على إيدي جامد عشان أخليهم ثابتين. يمكن دي كانت غلطة. المتبرعين بيفضلوا في البيت لحد ما مصاصي الدماء يزهقوا منهم – ده ممكن يكون أسابيع، شهور، أو حتى سنين – فبمجرد ما دخلت بيل مورت، ما كنتش أعرف إمتى هطلع. ده ما كانش هيبقى مشكلة لو كنت عاملة كل ده عشان الفلوس أو المظاهر، زي كل اللي قدموا.
      
      لكن أنا لأ.
      
      من خمس شهور، أختي دخلت البيت ده. عمرها ما خرجت منه تاني، وكل التواصل معاها انتهى فجأة من كام أسبوع. أنا قدمت عشان أبقى متبرعة عشان أعرف ليه بس.
      
      البنت اللي جنبي على اليمين نفشت قصة شعرها القصيرة. "لازم أبقى في أحسن صورة للكاميرات،" قالت لما شافتني ببص عليها.
      
      لما بوابات الحديد المشغول اللي كانت سادة الطريق لبيل مورت اتفتحت، والليموزين زحف لقدام، وميض الكاميرات والأصوات العالية بقت حاجة مش طبيعية. لفيت راسي عشان ستارة من شعري البني المحمر تغطي وشي. على عكس المتبرعين التانيين، ما يهمنيش إذا صورتي طلعت على وش مجلة.
      
      تلات مصاصي دماء طلعوا من ساحة القصر، على جنبيهم أمن بشري بلبس أسود. مصاصي الدماء كانوا أقوى بكتير من إنهم يصدوا الصحافة المتحمسة لوحدهم، لكنهم كانوا عاملين صورة لأنفسهم إنهم كائنات خالدة أنيقة وغامضة. رمي نسور الإعلام زي اللعب الرخيصة كان هيبقى له تأثير سلبي على صورتهم العامة، عشان كده الأمن البشري كان بيعمل شغلهم القذر.
      
      الليموزين وقف قريب من البوابات وحد فتح الباب عشان ننزل. لما جه دوري عشان أخرج، لقيت نفسي ببص لفوق على راجل في الأربعينات، ابتسامة عاملة خطوط رفيعة عند زاوية عينيه، ضوء القمر بيلمع على راسه الأصلع.
      
      "ديكستر فلين، رئيس الأمن،" قالها وهو بيساعدني أخرج من العربية.
      
      وطيت راسي تاني لما الصحافة اتلمت حوالي، بتصرخ بأسئلة وبتنادي اسمي.
      
      "ريني مايفيلد . . ."
      ". . . إحساسك إيه بخصوص . . ."
      ". . . بتأملي تحققي إيه . . ."
      ". . . مصاصي الدماء . . ."
      
      مصاص دماء اتحرك لجنبي، بيبص بغضب على الصحافة لما قربوا أوي. "اهدوا كده. سيبوا الست براحتها،" حذرهم.
      
      زي كل مصاصي الدماء، كان وسيم بشكل كلاسيكي، شعره الأحمر الغامق كان عامل تضاد صارخ مع عينيه الزرقا، ولما ابتسم كانت ابتسامة محكمة؛ ما قدرتش أشوف أنيابه.
      
      إتيان بانفيل. قبل ما أكمل طلب التبرع بتاعي، عملت بحث على قد ما أقدر عشان أعرف أنا داخلة على إيه. بشكل حتمي، دخلت في دوامة فن المعجبين وقصص المعجبين، واستطلاعات الرأي عن مصاصي الدماء والمتبرعين المفضلين، ومنتديات لا نهائية بتخمن مين من مصاصي الدماء نايم مع مين. كل ده كان يبان سخيف أوي، بس على الأقل كنت أعرف أسماء الكل.
      
      تعبير إتيان دبل لما بصلي. ما كانش عندي أي فكرة ليه.
      
      كنت عايزة أعدي من ممر الصحافة ده في أسرع وقت ممكن، من غير ما أقف أرد على أي أسئلة، لكن راجل واحد قرب أوي، تقريباً خبطني في وشي بالميكروفون بتاعه. رجعت لورا، اتخبطت في أجمل مصاص دماء شفته في حياتي.
      
      خصل شعر أسود زي الغراب بتلعب حوالين ملامح وشه الباهتة، عظم الوجنتين حاد لدرجة إنه ممكن يقطع زجاج، وعينيه كانت غامقة وصلبة زي حجر الجزع. إدموند دانتيس.
      
      "كفاية كده،" قالها وهو بيزق الراجل لورا.
      
      الراجل رجع لورا، لكن الكاميرات فضلت تعمل كليك وتومض. وداعاً لرغبتي في إني أبعد عن الأضواء. بكرة صور ليا ولإدموند هتكون في صدر كل مجلة نميمة وموقع مصاصي دماء في البلد – يمكن حتى في العالم. هوس مصاصي الدماء ما كانش مقتصر على المملكة المتحدة؛ كان فيه بيوت في كل حتة في العالم، وعشاق مصاصي الدماء الجادين – أو الفلاديكت، زي ما كانوا بيحبوا يسموا نفسهم – كانوا دايماً في أشد الحاجة للمزيد من النميمة.
      
      إدموند أشار لديكستر، اللي جه ماشي بسرعة.
      
      "سيطر على الموقف ده. الناس دي مش المفروض يقدروا يلمسوا المتبرعين،" إدموند زمجر.
      
      "حاضر يا فندم،" قال ديكستر.
      
      إدموند بصلي. "أنت كويسة؟" سأل، صوته بقى أنعم دلوقتي، لكنة فرنسية خافتة بتلف حوالين الكلمات.
      
      فجأة، حسيت إني مش قادرة أتنفس، ورعشة مشيت في جسمي كله. إدموند رفع حاجب واحد غامق.
      
      "أنا كويسة،" تمتمت، وحسيت إني غبية. كل المرات اللي كنت بسخر فيها من الناس اللي بيعاملوا مصاصي الدماء كآلهة، وأول مرة أتكلم فيها مع واحد فيهم اتلخبطت خالص. برافو عليكي يا ريني.
      
      بهز راسه بسرعة، إدموند مشي. البنت اللي كانت قاعدة على شمالي في الليموزين بصتلي بصة حسد، وشبه قاتلة، لكن البنت اللي شعرها قصير غمزتلي. على الأقل هي كانت مستمتعة، بتبرطم وبتبعت بوسات وكأنها بتتهادى على السجادة الحمرا، وعارفة إن صورها هتظهر في كل مكان. الفلاديكت وغيرهم من عشاق مصاصي الدماء كانوا دايماً عايزين يعرفوا عننا – سواء المتبرعين الجداد اللي داخلين القصر أو اللي عقودهم انتهت ورجعوا لحياتهم القديمة، واللي كانوا بيطلعوا في برامج حوار، وينزلوا كتب، ويشاركوا في برامج تلفزيون الواقع.
      
      "خلاص، كفاية كده،" ديكستر زعق، وهو بيستخدم دراعه عشان يزق مصور تاني متحمس زيادة عن اللزوم. "يلا ندخل المتبرعين جوه."
      
      البوابات اتقفلت ورانا بصوت عالي. ما كانش مسموح لأي حد يدخل من غير إذن من يسان مورو، سيدة البيت. طبعاً، هي ما كانتش سيدة بالمعنى الحرفي – ده كان مجرد لقب بتستخدمه حاكمات بيوت مصاصي الدماء في معظم أوروبا وأمريكا الشمالية.
      
      رفعت راسي وبصيت للقصر. متنور بأضواء كاشفة ضخمة محطوطة في الساحة، كان مصمم عشان يبان قديم – مبنى قوطي ضخم من الحجر الرمادي، بنوافذ بارزة واقفة على حوامل مزخرفة، والزاز بتاعها متغطي من جوه بشيش بيمنع الأشعة فوق البنفسجية. فوق الباب اللي فيه مسامير نحاس، نقش حجري بارز بيوضح اسم البيت – بيل مورت. الموت الجميل. مناسب أوي.
      
      إزاي جون حست لما جت هنا؟ أختي كانت فلاديكت أصيلة، غارقة في هوس مصاصي الدماء بتاع العشر سنين اللي فاتوا، فده كان هيبقى أعظم حاجة في العالم بالنسبة لها.
      
      أكيد فيه سبب مقنع لإنها قطعت التواصل. ماما كانت فاكرة إني ببالغ، وبتشاور على إن مفيش ولا متبرع اتأذى من مصاص دماء، ولو أي حاجة حصلت غلط، بيل مورت ما كانتش هتقبل أخت جون كمتبرعة، لكن ما قدرتش أتخلص من الخوف. وبما إن المتبرعين مش مسموح لهم بزيارات، طريقتي الوحيدة للدخول كانت إني أبقى واحدة منهم.
      
      وإحنا ماشيين على الطريق المرصوف بالحجر للباب الأمامي الضخم اللي ديكستر كان بيفتحه، صدري اتقبض.
      
      مفيش رجوع دلوقتي. أنا هنا، ومفيش حاجة هتمنعني إني أعرف إيه اللي حصل لأختي.
      
      ديكستر دخلنا لبهو واسع أرضيته خشب باركيه وحوائطه مكسوة بالخشب الماهوجني، متنور بثريا كريستال نازلة. قواعد رخامية فوقها أوعية مليانة ورد كانت على جانبي الباب، وستاير عنابي طويلة لدرجة إنها مفرودة على الأرض كانت متعلقة على جانبي الشبابيك. فتحات مقوسة مختلفة كانت بتؤدي لخارج الغرفة، وسلم عريض بدرابزين مزخرف كان في آخر الغرفة.
      
      ناس كتير في منتديات الفلاديكت على الإنترنت كانوا بيخمنوا إن فيه ممرات سرية مستخبية في أعماق القصر، بس دول غالباً نفس الناس اللي كانوا بيعتقدوا إن مصاصي الدماء ملائكة أو كائنات فضائية.
      
      مصاصي الدماء كانوا متجمعين على السلم، باصين علينا بتركيز. إدموند كان واقف في المقدمة، جنبه إيزابو أجيلون، ست طويلة ونحيلة، شعرها الكستنائي الكيرلي كان نازل تقريباً لحد وسطها. كانت بتفحصنا بهدوء متوازن اللي كان بيبان سهل أوي على مصاصي الدماء. ما كانش فيه أي أثر لمصاصة الدماء اللي كنت متوقعاها – يسان نفسها. بيل مورت كان بيتها، وكل مصاص دماء هنا كان بيخضع لها؛ بمعنى أصح، طول ما إحنا هنا، إحنا ملكها.
      
      بعيداً عن فريق الأمن، ما كانش فيه أي أثر لأي موظفين بشر، بس كانت قرب منتصف الليل. يمكن يكونوا روحوا.
      
      "بالنيابة عن سيدة البيت، أهلاً بكم رسمياً في بيل مورت،" قالت إيزابو. "الدور الأول متاح بالكامل تقريباً للمتبرعين، وبيشمل قاعة الرقص، قاعة الطعام، المكتبة، البار، غرف التغذية، غرف الفن، غرفة الموسيقى، غرفة التأمل، والمسرح. المطابخ وغرف المخزون ممنوعة على المتبرعين.
      
      "الدور الثاني بيتكون من أربع أجنحة. الجناح الشمالي هو اللي بننام فيه. ممنوع أي متبرع يدخله. الجناح الشرقي فيه غرف مخزون إضافية. ممكن تزوروها لو عايزين، لكن ما أتخيلش إنكم هتلاقوا فيها أي إثارة. الجناح الجنوبي هو اللي بينام فيه المتبرعين.
      
      "الجناح الغربي ممنوع على الكل." صوت إيزابو أخد نبرة تحذيرية؛ من غير ما تحرك عضلة واحدة، بقت . . . مختلفة. سكون جسمها غير الطبيعي، صلابة وشها الهادية، النظرة العميقة في عينيها كانت بتصرخ إنها مش بشرية. "قواعد بيل مورت بتتاخد بجدية شديدة، ومفيش قاعدة أهم من الجناح الغربي." عينيها نزلت على كل واحد فينا بالتتابع، بتلسع زي الليزر. "أي مخالفة للقاعدة دي هتؤدي لإنهاء عقدكم فوراً."
      
      قلبت عيني. إيه اللي موجود فوق ده – وردة حمرا في قبة زجاج؟
      
      
      
      
      
      إيزابو استنت لما الكلام ده استوعبوه قبل ما تكمل: "القواعد التانية بتاعت البيت موجودة في عقدكم، وفيه نُسخ في كل الأوض، بس أنا هراجع الأساسيات تاني. المتبرعين المفروض يحافظوا على صحتهم كويسة. كل الوجبات بتتوفر، ولازم المتبرعين ياكلوا بالظبط اللي بيتقدم لهم. التغذية الكويسة ضرورية لإن الدم يكون صحي. التدخين والمخدرات من أي نوع ممنوعة تماماً. الشرب مسموح بيه، بس ما تتجاوزوش الحدود. كل الهدوم بتتوفر، وكمان أي مستحضرات تجميل ضرورية، هتلاقوها في أوضكم. لو احتجتوا أي حاجة تانية، ممكن تملوا استمارة طلب. مفيش أجهزة كمبيوتر في بيل مورت، وتليفونات المحمول أو أي وسائل تانية للوصول للإنترنت مش مسموح بيها."
      
      آخر كلمات طلعت من بوقها غريبة، كأن التكنولوجيا الحديثة دي حاجة لسه بتعاني معاها.
      
      "ممكن تكتبوا لأحبابكم زي ما تحبوا. كل الرسايل هتتفتش قبل ما تتبعت."
      
      الولد اللي جنبي كان باين عليه الذهول من الكلام ده، كأنه نسي إن القلم والورقة لسه موجودين.
      
      "لحد ما عقدكم يخلص، المتبرعين ما يقدروش يرفضوا أي مصاص دماء عايز يشرب منهم،" إيزابو كملت. "لكن العلاقات العاطفية بين البشر ومصاصي الدماء ممنوعة تماماً."
      
      بصيت من إيزابو لإدموند، واقف ساكت جنبها، شعره أسود زي الأبنوس وبشرته زي ضوء القمر. ماشي، فهمت ليه الناس مفتونة بالكائنات الجميلة دي، بس لسه ما بثقش فيهم. إيه اللي هيحصل لو العالم زهق والمتبرعين مبقوش يسجلوا؟ هل مصاصي الدماء هيبدأوا يطاردوا في الشوارع ويجروا الفريسة للضلمة زي مصاصي الدماء اللي في الأساطير؟
      
      عين إيزابو وقعت عليا بسرعة وحاجة اتغيرت على وشها؛ كانت سريعة لدرجة إني ما قدرتش أحددها، بس خلتني مش مرتاحة.
      
      البنت اللي شعرها قصير من الليموزين خبطتني على كتفي. أنا طولي متوسط بس هي كانت أطول مني بكام بوصة؛ اضطريت أميل راسي عشان أبصلها. "أهلاً يا زميلتي في الأوضة!" قالتها.
      
      "إيه؟"
      
      "ما كنتيش بتسمعي؟ إحنا زملاء أوضة."
      
      "آه. تمام." ما يهمنيش أوي؛ أنا هنا عشان ألاقي جون، مش عشان أعمل أصحاب.
      
      "أنا روكس." قدمت إيديها. شكلها حوالي تمنتاشر سنة، زيي بالظبط – واضح إن الدم الصغير أحلى – وملامحها الحادة ورجليها الطويلة خلتها تبان كأنها عارضة أزياء.
      
      "ريني،" قلت، وسلمت عليها. صوابعها كانت طويلة ورفيعة، وضوافرها متلمعة.
      
      روكس ابتسمت، ولاحظت حلق أحمر صغير في مناخيرها، بيلمع زي نقطة دم. ده كان بيثير مصاصي الدماء؟ أعتقد إنها هتعرف.
      
      المتبرعين الجداد والمتبرعين القدام عمرهم ما كانوا بيتقابلوا في نفس الليلة، المفروض عشان يدوا فرصة للجداد يتأقلموا، عشان كده مش هشوف جون غير الصبح، بس مصاص دماء أشقر اسمه جيديون كان بياخدنا لأوض نومنا المخصصة، كنت بدرس كل باب بنعدي عليه، بتساءل يا ترى إيه فيهم أوضة جون.
      
      جيديون ما كانش بيتكلم كتير، بس أعتقد إننا كنا مجرد أكل للكائنات دي. ما كانش فيه داعي إنهم يتواصلوا اجتماعياً.
      
      "كنت أتمنى إننا نبدأ نأكل مصاصي الدماء الليلة دي،" همس الولد اللي ماشي جنبنا. يمكن أكبر مني بسنة أو اتنين، كان عنده نفس شكل العارضات الحلو بتاع روكس، شعره متسرح وبشرة مثالية وملامح حادة. "أنا جيسون بالمناسبة."
      
      بعدين استوعبت اللي قاله – أكل. الكلمة زحفت جوايا، وقاومت الرغبة في إني أرتعش. لما قدمت طلبي، كنت عارفة إني هقدم عروقي لمصاصي الدماء عشان يمصوا منها، بس ما قدرتش أتخيل إن ده هيحصل بجد.
      
      جيسون بص على كتف جيديون العريض، ووسطه النحيف، ورجليه الطويلة. "أنا نفسي في إن التحفة دي تختارني."
      
      جيديون وقف فجأة. جيسون كان مشغول أوي بإنه بيعجب بيه لدرجة إنه تقريباً خبط في ضهر مصاص الدماء. لحسن الحظ، جيديون ما لاحظش.
      
      "روكس وإيرين، دي أوضتكم،" قالها.
      
      اتضايقت من اسمي الكامل. أنا كنت ريني من يوم ما اتولدت وجون، اللي كانت لسه طفلة، ما كانتش بتقدر تنطق إيرين.
      
      "تحفة، شكراً،" قالت روكس. "أشوفك بكرة يا جيسون."
      
      جيسون جرى ورا جيديون لما روكس فتحت باب أوضتنا، وأنا مشيت وراها جوه.
      
      "واو،" قالت وهي بتاخد نفس.
      
      كررت الشعور ده بصمت.
      
      الأوضة كانت واسعة بشكل سخي، الحيطان متغطية بورق حائط مخملي ذهبي فاتح جداً، السجادة الكريمي سميكة لدرجة إنها كأنك ماشي على سحابة. ستاير ذهبية أغمق كانت محوطة الشبابيك، بالرغم من إنها كانت متركبة بشيش ما نقدرش نفتحه. على الأقل نقدر نخرج بره بالنهار.
      
      السريرين كانوا تقريباً وش بعض، الاتنين بضهر سرير من الماهوجني المنقوش بشكل مزخرف ومتغطين بمفارش حرير. دولاب ضخم كان مسيطر على حيطة واحدة، وتسريحة طويلة الحيطة التانية. جنب سرير منهم، تمثال برونزي لفينوس دي ميلو كان محطوط على كومودينو، وجنب التاني، باب مفتوح كان بيدخل على حمام ببلاط كريمي. ثريا كريستال تانية كانت متعلقة في السقف. الأوضة كلها كانت ريحتها ورد خفيف.
      
      كانت بعيدة كل البعد عن أوضة النوم الصغيرة اللي جون وأنا كنا بنشاركها طول حياتنا.
      
      روكس صرخت ونطت على السرير اللي جنب الحمام، ووقعت المخدات على الأرض. "المكان ده تحفة."
      
      ما قدرتش أجادل، بس ما عجبنيش. عيلتي ما كانش معاها فلوس كتير، وكان ده الترف اللي شد جون، وعرض عليها عالم لامع بعيد أوي عن العالم اللي عرفناه طول عمرنا.
      
      روكس نزلت من السرير وجريت للدولاب، فتحت البابين، وفضلت تدور في الهدوم.
      
      "اللي اختار الحاجات دي ذوقه سكسي جداً." رفعت حاجة كان شكلها كورسيه في وشي.
      
      المتبرعين ما كانش مسموح لهم يجيبوا أي حاجة معاهم؛ بدل كده كان لازم ندي مقاساتنا ومقاسات الأحذية في استمارة التقديم عشان الهدوم تتوفر، بس أساليبنا المفضلة ما كانتش بتتاخد في الاعتبار أبداً. كل اللي كان يهم هو اللي مصاصي الدماء عايزينه، وهما ما كانوش بيلبسوا كاجوال – مش مستغرب طبعاً بما إن كتير منهم جايين من عصر الكورسيهات والجيبات المنفوشة.
      
      "يا لهوي على الجمال،" روكس غنت، وهي بتطلع فستان دانتيل لونه عاجي.
      
      الهدوم الجديدة كانت رفاهية عمر جون وأنا ما عرفناهاش – كنا بنعتمد على هدوم مستعملة من الأصحاب والجيران، وبالرغم مني، كنت مشدودة للدولاب. لمست كم جاكت جلد ناعم احتمال يكون تمنه ثروة. يا ريت لو نقدر ناخد الهدوم دي معانا لما نمشي – بيعها هيجيب فلوس أكتر بكتير من اللي ممكن أكسبها من مجالسة الأطفال أو تمشية الكلاب.
      
      جون كانت جاية هنا أساساً عشان مصاصي الدماء، بس كانت كمان بتأمل إن الفلوس اللي هتوفرها كمتبرعة هتساعدها تبدأ جامعتها، بينما أنا كنت عارفة إني عمري ما هقدر أدخل. حتى لو الفلوس ما كانتش مشكلة، كنت هدرس إيه؟ أنا ما كنتش بحلم زي ما جون كانت بتحلم.
      
      روكس فضلت تدور في الدولاب شوية كمان، بعدين نطت تاني على سريرها.
      
      "ها،" قالت، وهي ساندة دقنها على إيديها. "عندك حد مميز في بالك عشان يقوم بالواجب؟" كشفت عن أسنانها، وقلدت العض.
      
      "لأ."
      
      "يمكن يجيلك إدموند."
      
      "إيه اللي خلاكي تقولي كده؟"
      
      "هو نزل عشان ينقذك من الكاميرات في حين إن الأمن كان ممكن يتعامل."
      
      "إتيان ساعد كمان."
      
      "صح." روكس لفت على ضهرها وبصت للسقف. "تفتكري هو إدموند دانتيس بتاع الرواية؟"
      
      قعدت على سريري، بقاوم الرغبة في إني أمرر إيدي على الحرير الناعم والمخدات المحشية ريش. هو سرير، مش أكتر. ولو فيه أي حظ، مش هنام فيه كتير. بمجرد ما أعرف إن جون كويسة، أنا ماشية من هنا.
      
      "قصدك إيه؟" قلت.
      
      "أنت عارفة، كونت مونت كريستو." روكس ضحكت على تعبير وشي الفاضي. "الكتاب بتاع ألكسندر دوماس، نفس الراجل اللي كتب الفرسان التلاتة. أي حاجة من دي تفكرك بحاجة؟"
      
      "سمعت عن الفرسان."
      
      "الكتاب ده عن راجل اسمه إدموند دانتيس بيتحبس ظلم، بيهرب، وبيخطط للانتقام من الناس اللي حبسوه. ده مش اسم منتشر، وكمية كبيرة من مصاصي الدماء كانوا موجودين لما الكتاب اتكتب، فهل هي فعلاً مبنية على أحداث حقيقية، ولا إدموند سمى نفسه على اسم الشخصية؟"
      
      "إزاي تعرفي كل ده؟"
      
      "أنا مش مجرد وش حلو. يمكن لو عضك، تقدري تسأليه عن العلاقة."
      
      "غالباً مش هيطلبني." يا ريت ما يعملش كده. ذكرى عينيه كانت كافية تعمل حاجات غريبة في دقات قلبي.
      
      "أنا بتمنى إن الوسيم الأشقر ده يطلبني." روكس قلبت على ضهرها تاني على السرير.
      
      "مين، جيديون؟"
      
      "لأ، اللي عامل ديل حصان – لودوفيك."
      
      سكتوا شوية، بعدين روكس قعدت تاني. "تفتكري العضة بجد بتحسس بالمتعة زي ما الناس بتقول؟"
      
      "مش عارفة. هما بيدخلوا إبر كبيرة أوي في عروقنا."
      
      "كويس إني مش بخاف من الإبر."
      
      "ولا أنا، بس أنا قلقانة من إن حد يعضني ويشرب دمي."
      
      وش روكس بان عليه الحزن، وحسيت بوخزة ذنب. مش غلطتها إني ما بحبش بيل مورت.
      
      "الناس مش هتفضل تسجل عشان تكون متبرعة لو كان الموضوع مؤلم،" طمنتها.
      
      "تفتكري صح إن الناس ممكن تدمن العضات؟"
      
      "ممكن، بس غالباً ده بيحصل في الظروف القصوى بس." كنت لسه بحاول أطمنها، بس كل اللي قدرت أفكر فيه هو قد إيه الناس شكلهم مش مستوعبين إن مصاصي الدماء ممكن يكونوا خطرين.
      
      ما كنتش عايزة أنسى إيه اللي ممكن يكونوا قادرين عليه بجد.
      
      وإحنا روكس عمالة ترغي عن إيه اللي هتكون عليه الحياة هنا، أنا نمت على سريري وفكرت في جون.
       
       
       
      443qwb2BfmfbsdrAntQt

      مدينة الناجين - روايه فانتازيا

      مدينة الناجين

      2025, Adham

      خيال علمي

      مجانا

      عالم غمرته كارثة الزومبي، تجد ديان نفسها مجبرة على الفرار من منزلها بعد حريق غابة. تتبع صديقيها كايلي وإيفان إلى قاعدة عسكرية، في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر طرق موبوءة بالزومبي. يكشف وصولهم إلى القاعدة عن تحديات جديدة، حيث يجب عليهم التكيف مع نظام صارم وتحديد أدوارهم في مجتمع الناجين، بينما يواجهون حقيقة أن حياتهم لن تعود أبدًا إلى طبيعتها.

      إيفان

      صديق مشترك لديان وكايلي. يعمل ميكانيكيًا ولديه خبرة واسعة في إصلاح السيارات والمركبات الثقيلة. يتسم بالهدوء والواقعية، ولديه روح الدعابة الخفيفة.

      ديان

      شابة في الخامسة والعشرين من عمرها، تعاني من حالة صحية نادرة تتطلب نشاطًا بدنيًا منتظمًا. تتميز بمعرفتها بالنباتات البرية الصالحة للأكل، وقدرتها على إيجاد حلول عملية في الأزمات. تتسم بالهدوء والملاحظة الدقيقة لما يدور حولها.

      كايلي

      صديقة ديان المقربة، تبلغ من العمر أربعة وعشرين عامًا. تُعرف بشخصيتها المفرطة الحماس والعصبية، وتجد صعوبة في التكيف مع الوضع الجديد. قبل الكارثة، كانت تعمل في محل بقالة، وتبرع في الطهي والتنظيف.
      تم نسخ الرابط
      مدينة الناجين

      تفقدت الساعة بينما أُجهّز بعض البيض للإفطار. توقعت أن يرن هاتفي في أي لحظة الآن. كان الأول من أبريل، وهذا يعني أنه يوم كذبة أبريل. كان من الجيد أنني أعيش على بعد عشر دقائق بالسيارة من منزل صديقتي، فقد تلومني كايلي على ما فعله إيفان.
      
      بدأ هاتفي يرن، وألقيت نظرة على شاشة المكالمات قبل أن أجيب. "مرحباً، كايلي."
      
      "لا أصدق ذلك! ديان، هل ترين هذا؟!" كانت دائماً مفرطة الحماس…
      
      تظاهرت بأنني ليس لدي أي فكرة عما تتحدث عنه. "أرى ماذا؟"
      
      "شغّلي التلفاز على الأخبار. لن تصدقي هذا..."
      
      لم يكن ذلك هو الرد الذي توقعته. "أعطيني ثانية."
      
      سحبت البيض عن الموقد وذهبت إلى غرفة معيشتي لتشغيل التلفاز. ملأت صور لأشخاص يصرخون ويهاجمون بعضهم البعض كالحيوانات المسعورة الشاشة وصدمت أذني.
      
      قلّبت عيني من إغفالها. "كايلي. أي يوم هو اليوم؟"
      
      "آه... السبت. لماذا؟"
      
      "أي يوم من الشهر؟ أتذكرين تلك المدونة الإلكترونية التي أريتني إياها الأسبوع الماضي؟"
      
      "الأول من أبريل - أووه... صحيح، تلك المجموعة الحاسوبية الضخمة وعدت بمحاولة اختراق محطات الأخبار. انتظري لحظة – ديان، ماذا فعلتِ؟"
      
      "لا شيء. أنا بريئة هذه المرة."
      
      ارتفع صوت كايلي في عدم تصديق. "لا أصدقك! ماذا فعلتِ؟"
      
      "تحققي مع إيفان، قد يكون لديه فكرة. يجب أن أذهب، أتحدث معك لاحقًا!"
      
      "ديان-" طق.
      
      ربما ستظل تلومني حتى لو كنت بريئة بالفعل. ابتسمت بينما تخيلت وجهها ونظرت فوق كتفي للتأكد مرة أخرى من أن الباب الأمامي لا يزال مغلقًا. كانت كيس دوريتوس مُلصقًا بالفعل بالجانب الآخر من الباب كعرض صلح في حال ظهرت وتمكنت بطريقة ما من الحصول على مفتاح للتسلل إلى الداخل.
      
      ضحكت وعدت إلى المطبخ بينما رفعت شعري البني الطويل حتى الخصر في ذيل حصان. أعدت مقلاة البيض إلى الموقد بينما استمر مراسل الأخبار على الشاشة يتحدث بسرعة، "الناس يصابون بأعراض شبيهة بداء الكلب ويحاولون عض أي شخص يمكنهم الإمساك به. التقارير تأتي من العديد من البلدان، وجميعها تبلغ عن نفس الشيء. المستشفيات مكتظة، ويُنصح الناس بالبقاء في الداخل-"
      
      أوقفت طلقات نارية مراسل الأخبار. نظرت إلى الشاشة لأرى أشخاصًا يرتدون زي الشرطة الأجنبية يطلقون مسدساتهم على أشخاص بعيون حمراء. اهتزت أجسادهم بالرصاص، لكنهم لم يُظهروا أي علامة على الألم وهم يواصلون السير نحو الضباط.
      
      زومبي... إلى أي مدى يمكن أن يصبحوا غير واقعيين؟ إذا نزف شخص حتى الموت، فإنه يموت. أو على الأقل، ينهار لأن العضلات لم تعد تحتوي على أي أكسجين. يبدو أن هؤلاء المتسللين نسوا عرض هذا على عدد قليل من أصدقائهم لأغراض ضمان الجودة... أو ربما كانوا مواطنين صالحين بضمان أن معظم الناس سيدركون أن هذه الفيديوهات مزيفة بوضوح.
      
      رن. رن. كان هاتفي يرن أكثر من المعتاد هذا الصباح، وهو ما لم يكن دائمًا شيئًا جيدًا. نظرت بحذر إلى الاسم على الشاشة، لكنه كان إيفان فقط.
      
      بابتسامة مرتاحة، أجبت. "صباح الخير، إيفان. أفترض أن كايلي اتصلت بك؟"
      
      سمعت ضحكات في الخلفية، بالإضافة إلى أدوات كهربائية. كان صوت إيفان خفيفًا يملؤه المرح بينما جاء عبر الهاتف. "نعم، هل أخبرتيها بما فعلته؟"
      
      "لا، لم أفعل، لكنها تحاول لومي. ما كل هذا الضحك في الخلفية؟ هل قمت بمزحة أحدهم هناك أيضًا؟"
      
      "لا، الجميع في العمل يشاهدون الأخبار ويضحكون على هذه المزحة السخيفة ليوم كذبة أبريل. لا يمكن أن يظهر وباء في أكثر من نصف دول العالم خلال اثنتي عشرة ساعة."
      
      نظرت إلى الساعة مرة أخرى. "لماذا أنت في العمل مبكرًا جدًا؟"
      
      شهق بخفة على سبيل المزاح. "فقط لأتأكد أن كايلي لا تستطيع العثور علي بسهولة. بمجرد أن تفكر في الأمر، ستعرف أنني مذنب بوضع لمعان في مجفف شعرها. شاهدتني أشتريه الشهر الماضي."
      
      "حسنًا،" قلت، "استمتع بوقتك!"
      
      "لا يُفترض أن يستمتع الناس عندما يكونون مختبئين." أغلق إيفان الهاتف بينما نادى أحدهم اسمه في الخلفية.
      
      جلست كايلي وإيفان بصمت بجانبي على الأريكة بينما كنا نستمع إلى الراديو القديم. لم يكن أحد يضحك الآن. في الواقع، ما لا يقل عن ربع سكان العالم إما ماتوا أو أصبحوا أحياءً أمواتًا. لم نكن الوحيدين الذين تجاهلوا مقاطع الفيديو باعتبارها مزحة كذبة أبريل – فقد كلف ذلك الكثير من الناس حياتهم.
      
      الزومبي كانوا حقيقيين.
      
      كنت لا أزال أحاول استيعاب ذلك. ظهرت الحالات الأولى التي عُرضت على محطات الأخبار قبل خمسة أيام، وكان خطؤنا أننا رفضناها باعتبارها مزحة. سكتت معظم البلدان، ولم تعد ترسل أي نوع من الاتصالات بينما أصبحت مدن بأكملها ملاعب للزومبي – والفيروس لا يزال ينتشر بسرعة جنونية.
      
      تأثرت المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في جميع أنحاء العالم بشدة وسقطت بسرعة، على الرغم من أن الآثار كانت تُشعر بها حتى في بلدتنا النائية في ألبرتا. ساعد التوزيع السكاني الأكثر تشتتًا في كندا، ولكن على الرغم من عدم الإبلاغ عن العديد من الزومبي في البلاد، فقد فقدنا الطاقة هذا الصباح، مما أجبرنا نحن الثلاثة على البحث في لوازم التخييم القديمة الخاصة بي.
      
      كان صوت امرأة لا يزال يأتي من راديوي الذي يعمل بالبطارية بينما كانت تنقل آخر الأخبار التي لديهم. كنا قد سمعنا كل ذلك بالفعل هذا الصباح، لكننا لم نستطع أن ندفع أنفسنا لتغيير القناة. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن هناك شيء على الأثير سوى هذا الحدث الأخير الذي كان يدمر الإنسانية والحضارة ويسقطها على ركبتيها. إيقافه سيؤدي إلى الصمت – وهو شيء لم نرغب به حقًا أيضًا.
      
      "تدعي تقارير المختبر أن هذا الفيروس هو في الواقع طفرة من سلالة تم إنشاؤها في المختبر وصُممت لمكافحة الفيروسات والبكتيريا. إنه شديد العدوى وأي اتصال بسوائل الجسم سينشره. أبلغ العديد من الأشخاص عن إصابتهم بصداع نصفي قبل دقائق من تحولهم، ولكن بخلاف ذلك، لا توجد أعراض حتى تحدث النوبات."
      
      الفيروس الأصلي كان ينتشر عن طريق العطس بدون أي آثار جانبية أخرى، وهذا ما جعله ينتقل إلى كل بلد تقريبًا دون suspicion. بطريقة ما، كان للفيروس مؤقت داخلي تسبب في تحوره في نفس الوقت تقريبًا وبنفس التأثير.
      
      "هذا سيء حقًا،" قال إيفان، متأوهًا بخفة من الإحباط. "حتى لو كان الفيروس الحالي لا ينتشر إلا عن طريق الدم أو اللعاب، فإن فترة حضانة هذا الفيروس الجديد تتفاوت بشكل كبير لدرجة أنها تجعل الاحتواء شبه مستحيل."
        
      
      
       لم يرد كل من كايلي ولا أنا. كنا جميعًا نعلم أنه ينتشر كالنار في الهشيم. كان الناس الفارين من الفوضى يركضون بلا هدى وهم يحاولون الهروب من الخطر، وبالتأكيد سيصاب البعض، لكن الزومبي أنفسهم كانوا الخطر الرئيسي.
      
      لم يكن هؤلاء الزومبي يلتزمون بقواعد هوليوود أيضًا. فقد تم الإبلاغ عن عدة حالات حيث دخلت رذاذ الدم إلى فم شخص أو عينيه أثناء إطلاق النار على زومبي. وقد تحولوا هم أنفسهم إلى زومبي.
      
      تومض عينا كايلي بتوتر إلى النوافذ المختلفة، بدت أكثر قلقًا من إيفان. نظرت إليّ، التقت عيناها البنيتان الفاتحتان بعينيّ البنيتين الداكنتين، قبل أن تعود إلى إيفان مرة أخرى.
      
      قالت: "أسوأ جزء هو أننا ليس لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كان شخص ما مصابًا أم لا. لم يقل أحد كم من الوقت لدى المصابين قبل أن يتحولوا إلى زومبي. على حد علمنا، تلك النوبة التحسسية التي أصابتني قبل شهرين كانت في الواقع الفيروس الأول وأنا مجرد قنبلة موقوتة."
      
      "لا،" قال إيفان، وهو يهز رأسه معترضًا. "كانت تلك عطلة نهاية الأسبوع التي حاولت فيها تنظيف علية منزلك. لقد حذرتك من استخدام قناع الغبار، لكنك لم تفعلي. نحن لسنا مصابين، لكن من يدري كم من الناس المسافرين قد يكونون كذلك."
      
      نظرنا جميعًا نحو النوافذ. كانت الستائر مفتوحة للسماح بدخول الضوء – وأيضًا للسماح لنا برؤية طريق خلفي مرصوف حيث كان عدد كبير بشكل غير عادي من المركبات يتجه شمالًا. بالنظر إلى عدد المركبات التي كانت تتسابق على هذا الطريق السريع الصغير والنائي خلال الأيام الأربعة الماضية، فإن كلمات إيفان لم تكن مطمئنة تمامًا.
      
      كسرت كايلي الصمت. "إذن، حتى يصاب شخص ما بنوبات ويستيقظ فجأة بعيون حمراء ساطعة ومحتقنة بالدم، نحن آمنون إلى حد ما؟ لقد اجتاح الزومبي جميع الولايات الجنوبية تقريبًا في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في الشرق، والولايات الشمالية بالكاد صامدة. لا توجد طريقة تتوقف بها الزومبي عند الحدود وتطلب بأدب السماح لها بالدخول."
      
      كانت محقة. لم أكن متأكدة حتى من أنني أريد التفكير في مدى ازدحام الطرق السريعة الرئيسية. كان الناس يفرون شمالًا إلى كندا في محاولة للهروب من الأهوال التي خلفهم. الفيروس – والزومبي – محتم أن يتبعهم. ومما زاد الطين بلة، كان هؤلاء الزومبي يكادون يكونون من المستحيل القضاء عليهم بشكل ديدم. لا شيء يبدو أنه يزعجهم.
      
      يمكن أن ينزفوا دون أي رد فعل ولا يمكن إفقادهم الوعي تمامًا. تذكرت الفيديو من القناة الإخبارية الذي يظهر الشرطة تفرغ مئات الطلقات في زوج من الزومبي المقتربين، وبصرف النظر عن الارتداد الخلفي للرصاص، لم يتأثروا أو حتى يتباطأوا كثيرًا بالجروح.
      
      شهق إيفان بخفة على سبيل المزاح من مزحتها غير المقصودة. "الزومبي في الأفلام لم يطلبوا قط، وأشك بشدة أنهم سيفعلون ذلك في الحياة الواقعية."
      
      "أتذكر تلك الأفلام التي قالت إن أي إصابة في الدماغ ستقتل الزومبي؟" سألت كايلي. "هل تتخيل لو كان هذا مثل (شون الموتى)؟ سيكون هذا أسهل بكثير لو كان كذلك..."
      
      ارتعش إيفان قليلًا. "نعم، كانوا مخطئين. لقد ظن الكثيرون أن الأمر سيكون بهذه البساطة، وهم ليسوا على قيد الحياة بالضبط ليندموا على ذلك. الطريقة الوحيدة لقتل تلك الكائنات هي قطع الرأس عن الجسم تمامًا، وهذا ليس سهلاً بالضبط – خاصة إذا أخذت في الاعتبار تناثر الدم."
      
      واصلت الصمت وأنا أخلع نظارتي وأفرك عيني بتعب. الأشخاص الذين اعتمدوا على الأسلحة النارية لم يعيشوا طويلًا بما يكفي ليتعلموا من أخطائهم. لقد استعدت الحكومات للعديد من المواقف، مثل الحرب والفيضانات وحرائق الغابات والأعاصير والزلازل، وحتى اصطدام نيزكي...
      
      الزومبي. تخيل!
      
      حتى خطط النجاة من الزومبي للأفراد المتطرفين كانت تعتمد على إصابات الدماغ لإيقاف الزومبي. لم يكن غزو الزومبي سهل النجاة منه كما توقع الناس. ربما كان عدد قليل منهم في مأمن في بعض المخابئ تحت الأرض، لكن الأغلبية كانوا يحاولون ببساطة البقاء على قيد الحياة – وهذا يعني الابتعاد عن الزومبي.
      
      صوّرت العديد من الأفلام الزومبي على أنهم مخلوقات بطيئة ومتعثرة ومشتتة تشبه إلى حد كبير مراهقًا سكرانًا بشدة. مرة أخرى، أخطأت هوليوود.
      
      بثت محطات الأخبار أكبر عدد ممكن من مقاطع الفيديو التي تمكنت من إقناع طواقم الأخبار بتصويرها. كان معظم الزومبي يمكنهم الحفاظ على وتيرة أسرع من المشي السريع. كما أنهم يستطيعون الرؤية جيدًا ولديهم حاسة شم جيدة. على الرغم من أنهم، بأسلوب هوليوود النموذجي، لم يتعبوا أبدًا. كان هذا مزيجًا خطيرًا أنهى بشكل دائم مسيرة أكثر من عدد قليل من طواقم الأخبار.
      
      ومع ذلك، لم تكن الزومبي أذكى المخلوقات. كانوا عاجزين إلى حد كبير عن التسلق الحقيقي، لدرجة أنهم فشلوا في إدراك أنهم يمكنهم تسلق سياج شبكي بطول ستة أقدام. لكنهم كانوا أقوياء، وإذا دفع بضعة عشرات من الزومبي سياجًا كهذا أثناء محاولتهم الوصول إلى شخص ما، فلن يدوم السياج طويلًا. بمجرد أن يتحول الشخص المصاب، فإنه يتحرك ببطء أكثر، ولكنه يصبح أقوى بكثير.
      
      باستثناء السريعين.
      
      لسبب ما، بين الحين والآخر، لن يكون الزومبي بطيئًا. في الواقع، يمكنهم التحرك أسرع من معظم الناجين. كانوا خطرين للغاية لأنهم ينجذبون بشدة إلى الحركة وسيتخلون عن ضحية مصابة مفضلين مطاردة الآخرين الذين يهربون. بسبب سرعتهم، أُطلق عليهم اسم السريعين من قبل القليل جدًا من الناجين الذين تمكنوا من الخروج من المنطقة أحياءً.
      
      كانت كايلي تتصفح ببطء العديد من الصفحات على الطاولة. كنت سعيدة جدًا لأنني قمت بطباعتها قبل انقطاع الكهرباء. معظم ما طبعته كان أدلة حول النباتات الصالحة للأكل، على الرغم من أنني كنت أعرف أكثر من معظم الناس في منطقتي بسبب حبي للأنشطة الخارجية.
      
      بدون كهرباء، لم يعد حاسوبي وطابعتي خيارًا، على الرغم من أن هواتفنا كانت لا تزال تعمل. لم يكن هذا يعني الكثير، حيث اختفت المزيد والمزيد من المواقع الإلكترونية في صحراء الإنترنت – ومن المحتمل أن تكون غرف خوادمها بلا طاقة أيضًا. ومع تعطل حاسوبي، فقدت أيضًا دليلي المفضل – جوجل. أدركت أخيرًا مدى تكراري استخدام جوجل للبحث عن الأشياء، وكوني محاصرة في الداخل أثناء كارثة الزومبي جعلني أفتقد وجوده حقًا.
      
      كانت كايلي وإيفان يقيمان في منزلي لأن منازلهما كانت في وسط المدينة وأرادا تجنب الناس في حال الإصابة. كنا نأمل أن يزول كل هذا في غضون أسابيع قليلة وأن تعود الحياة إلى طبيعتها تقريبًا. بالنظر إلى عدد البلدان التي انهارت بالفعل، كان أملًا مشكوكًا فيه – وكان الجميع يعلم ذلك.
      
      وضعت كايلي الأوراق والتقطت هاتفها الخلوي لإجراء فحص سريع. شهقت بقلق، ونظر كلانا إليها بقلق، متسائلين عما كانت تراه. بعينين واسعتين، رفعت هاتفها حتى نتمكن من رؤيته.
      
      "هذه هي صفحة تويتر الجديدة لـ رصد زومبي ألبرتا. كان هناك أكثر من اثني عشر مشاهدة لزومبي في كالجاري في الساعة الأخيرة."
      
      دبّت القشعريرة في عمودي الفقري بينما تمتمت، "هذا ليس جيدًا. كالجاري تبعد ساعتين فقط عن هنا بالسيارة."
      
      نقرت كايلي على هاتفها بضع مرات أخرى بينما حاولت بسرعة فرز الفوضى للحصول على مزيد من المعلومات. عندما تحدثت، اهتز صوتها، "هناك حالات مؤكدة في ما لا يقل عن اثنتي عشرة مدينة أخرى في ألبرتا أيضًا."
      
      تأوه إيفان قبل أن يسقط رأسه بين يديه، متمتمًا، "حسنًا، كنا نعلم أن الزومبي سيظهرون في كندا في النهاية. ماذا عن المقاطعات الأخرى؟"
      
      "أممم... دعني أتحقق." حدقت بصمت في الشاشة لبعض الوقت قبل أن تمرر هاتفها ببساطة إلى إيفان.
      
      أخذها في حيرة، متفحصًا الخط الصغير على الشاشة. بعد لحظة صمت، نظر إليّ وبدأ يتحدث بصوت مشدود، "لقد شوهد الزومبي في كل مقاطعة وإقليم في كندا – والمشاهدات تتزايد بشكل جنوني." توقف، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتابع، "في الوقت الحالي، صفحات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت لمدينة تورنتو لتتبع الزومبي غارقة. ربع المنشورات من أولئك الذين ما زالوا يبلغون عن مشاهدات جديدة، وربع المنشورات يسألون عما إذا كان قد شوهد زومبي في مناطق معينة، وحوالي نصف المنشورات من أشخاص يتوسلون للمساعدة حيث يحاول الزومبي اقتحام منازلهم."
      
      كل ما استطعت فعله هو الجلوس هناك والنظر إليه في صدمة. كانت كايلي قد تحققت من تلك الصفحات مساء أمس، وباستثناء بعض الحوادث المعزولة حيث تم احتواء أو محاصرة الزومبي بسرعة، بدت الأمور طبيعية إلى حد ما. بدا الأمر وكأن الأمور أسوأ بكثير في شرق كندا في الوقت الحالي.
      
      جلست كايلي وإيفان أيضًا بهدوء، غير راغبين في كسر الصمت. لم يرغب أي منا في قول ذلك، لكننا جميعًا كنا نعلم الحقيقة. الحياة لن تعود إلى طبيعتها قريبًا.
      
      جعلنا صوت التشويش ننظر جميعًا إلى الراديو. المحطة التي كنا نستمع إليها لم تعد تبث، وهذا دليل آخر على انهيار الحضارة. مدت كايلي يدها للإمساك بالراديو وبدأت تتلاعب بالمفتاح بينما كانت تحاول العثور على محطة أخرى مباشرة. كانت معظم محطات الراديو تتوقف واحدة تلو الأخرى خلال الأيام القليلة الماضية. لقد استغرق منا الأمر خمس دقائق تقريبًا لالتقاط هذه المحطة هذا الصباح.
      
      حدق إيفان في الهاتف الخلوي الذي لا يزال في يده وتنهد. "مع انقطاع التيار الكهربائي، تعمل أبراج الهواتف الخلوية على بطاريات احتياطية. هل تدركون أن هذه البطاريات لن تدوم أكثر من يوم واحد على الأقل؟ لقد توقفت الهواتف الأرضية عن العمل بالفعل."
      
      نظرت كايلي وأنا إلى بعضنا البعض عندما تلقينا هذا الخبر غير السار. كنت أعتقد أن بطارية هاتفها الخلوي ستكون هي الحد الأقصى. لم يخطر ببالي أن هاتفها يعتمد على تلك الأبراج للوصول إلى الإنترنت.
      
      تجرأت كايلي على الرد. "أمم... أعتقد أننا نعلم الآن؟" نظرت إلى الأسفل في صمت بينما كانت تتلاعب بالراديو، ولم تُكافأ إلا بالتشويش.
      
      فجأة، كان الراديو ينطق بكلمات، والتي اختفت بنفس السرعة في التشويش عندما تصفحت القناة عن طريق الخطأ.
      
      قفز إيفان بحماس. "ارجعي! أرجعي المفتاح، بسرعة!"
      
      كانت كايلي تحاول بالفعل تحديد التردد العشوائي الذي وجدته دون قصد. بعد لحظات، ملأت الكلمات الغرفة.
      
      "-لا تغادروا مواقعكم إذا كنتم آمنين وترون مصابين في الخارج. أكرر، من فضلكم لا تغادروا مواقعكم إذا كنتم آمنين وترون مصابين في الخارج. لأولئك الذين ليسوا في موقع آمن وغير قادرين على العثور على واحد، قاعدة واينرايت العسكرية في ألبرتا لا تزال تعمل..."
      
      استمر البث لمدة خمس دقائق تقريبًا قبل أن يكرر نفسه. أطفأنا الراديو ونظرنا إلى بعضنا البعض. هل نبقى أم نذهب؟ كانت واينرايت شمال غربنا، على بعد ساعتين بالسيارة تقريبًا - إذا لم نواجه أي تأخير أو مشاكل.
      
      بعد بعض النقاش، قررنا البقاء. يمكننا الركض لاحقًا إذا احتجنا لذلك.
      
      
      
      
      
      
      بعد يومين، استيقظت على رائحة دخان خفيفة. بعد ساعات قليلة، أصبحت الرائحة أقوى بكثير وبدأت أشعر بالقلق. صعد إيفان شجرة بسرعة ثم نزل أسرع مما صعد.
      
      تحدث على عجل: "حريق غابة، والرياح تهب في هذا الاتجاه. يجب أن نغادر من هنا، بسرعة."
      
      لقد فُرض علينا الأمر. كان علينا المغادرة.
      
      قمنا بتحميل سياراتنا على عجل بأكبر قدر ممكن من الأغراض وبدأنا القيادة. كان هناك وقت كافٍ فقط لرمي الضروريات في سياراتنا، ولي لأخذ بضع صور لإيفان وكايلي ونفسي من مكتبي. كانت سحب الدخان تهب نحونا بفعل الرياح التي تزداد قوة.
      
      تبعت سيارة جيب إيفان خارج الممر والدموع تشوش رؤيتي قليلًا. كان هذا منزلي، وبه صور وذكريات لوالدي وأصدقائي قد لا أراها مرة أخرى. كان والداي يسافران في مكان ما في الجانب الآخر من العالم، ولم يكن لدي أي أقارب آخرين على قيد الحياة.
      
      أن أُجبر على الخروج منه كان أمرًا فظيعًا، خاصة وأنني لم أكن أعلم ما إذا كان سيبقى قائمًا بعد يومين. لم أكن أعلم حتى إذا كنت سأتمكن من العودة إلى هذا المكان. كان الزومبي يسيطرون على العالم وكان حريق غابة يهدد منزلي. لم يكن هذا من أفضل أيامي.
      
      لم يشهد الطريق الحصوي الوعر أمام منزلي الكثير من حركة المرور، لكن الطريق السريع المعبد الأكبر في المسافة كان قصة مختلفة. لا بد أن آخرين سمعوا البث الإذاعي، أو ربما كانوا يحاولون ببساطة الفرار من المدن الكبرى أو حريق الغابة. على الرغم من مرور أسبوع على تفشي الوباء، كانت الطرق لا تزال مزدحمة إلى حد ما.
      
      حرصت على إبقاء سيارة جيب إيفان في مرمى بصري، ممسكًا بقبضة قوية على عجلة القيادة بينما تمر بنا مركبات مختلفة وكأننا واقفون. كل بضع دقائق كنا نمر بمركبة مهجورة تركت متوقفة على جانب الطريق أو في الخندق؛ ربما نفد منها الوقود أو واجهت مشاكل ميكانيكية. كان مقياس الوقود في سيارتي يشير إلى أن لدي الكثير من الوقود المتبقي.
      
      بمجرد أن وصلنا إلى منتصف الطريق إلى واينرايت، انعطفنا إلى طريق سريع أكبر. كان به المزيد من المركبات المهجورة على جانب الطريق. تركت الأبواب مفتوحة وكأن الركاب كانوا في عجلة من أمرهم لإغلاقها.
      
      مددت عنقي عندما رأيت حركة أمامي – عدد قليل من الناس يركضون على حافة الطريق. كانت شاحنة مهجورة تحجب معظم رؤيتي في تلك اللحظة، ولكن بمجرد أن مررت بها، ألقيت نظرة أفضل على المجموعة. كان هناك بالغان وثلاثة أطفال. في نفس اللحظة، رأيت أيضًا أول زومبي لي. ثلاثة منهم على وجه الدقة، وجميع الثلاثة كانوا مغطين بكمية كبيرة من الدم.
      
      انقلب معدتي عندما لاحظت أن أحدهم كان فاقدًا لذراع. من الطريقة التي كان يحاول بها الإسراع بخطوة خلطية غريبة، لا بد أنه كان لديه عدد قليل من الإصابات الأخرى أيضًا. تسارع نبض قلبي عندما أدركت أن الزومبي كانوا يطاردون العائلة المذعورة بسرعة تشبه المشي السريع. كانت العائلة تتفوق على خصومها الأبطأ بسرعة كافية، لكنهم كانوا يتعبون. مما أتذكر، فإن الزومبي لن يتعبوا أو يتباطأوا.
      
      انحرفت سيارة جيب إيفان إلى جانب الطريق عندما ضغط على الفرامل بقوة، متوقفة أمام العائلة مباشرة. رأيت كايلي تقفز وتفتح الباب الخلفي بقوة، وتصرخ عليهم ليركضوا أسرع ويدخلوا. كان الزومبي خلفهم بحوالي عشرة أطوال سيارات. فكرت بسرعة، وسحبت سيارتي إلى جانب الطريق السريع. كان الزومبي أقرب إليّ منهم إلى كايلي، ولكن ليس بكثير.
      
      فتحت بابي ووقفت. أمسكت بأول شيء جاء في يدي ورميت علبة حساء عليهم بينما صرخت: "مرحباً، إلى هنا!"
      
      لطالما عرفت أن هدفي كان سيئًا، لذا حقيقة أنني أصبت أحدهم في الكتف صدمتني، على الرغم من أن الزومبي بدا أكثر حيرة مني. توقف ليحدق بصمت في العلبة التي ارتدت عن كتفه وكانت تتدحرج ببطء. توصلت إلى استنتاج مفاده أن هذا الرجل لم يكن الأذكى قبل إصابته.
      
      لقد تباطأ الزومبيين المتبقيين لرؤية ما كان يفتش عنه الآخر عن كثب. ثم نظر الأول إلى حيث أتى صوتي ورآني. لقد تفاجأت إلى حد ما بعينيه. كنت أعلم أنهما ستكونان حمراوين، لكنني لم أتوقع أن تكونا بهذا اللون الأحمر الزاهي. بعد مباراة تحديق استمرت ثلاث ثوانٍ، انطلق في اتجاهي بأقصى سرعة بدا أنها بنفس سرعة مشي السريع. كان صديقاه يتبعان عن كثب.
      
      إنه لأمر مدهش كم هو متغير البعد. خمسة عشر مترًا عند رمي علبة حساء على جسم متحرك هي مسافة هائلة. خمسة عشر مترًا مع ثلاثة زومبي يقتربون وهم مغطون بالدم هي مسافة قريبة جدًا لدرجة عدم الراحة.
      "حسنًا، حان وقت الذهاب،" تمتمت، وسرعان ما انخفضت إلى السيارة التي لا تزال تعمل قبل أن أضغط على دواسة الوقود.
      
      كان إيفان يبتعد ببطء بالفعل، ربما كان يراقبني أنا والسائقين الانتحاريين الآخرين في مراياه. كان السائقون المجانين في الغالب في المسار الأيمن، لحسن الحظ. اختفت الزومبي في الأفق، وانخفض معدل ضربات قلبي ببطء بينما كنا نقود أبعد.
      ظللت أفكر فيما حدث للتو. تمنيت ألا يكون أي من أفراد العائلة قد أصيب، أو أسوأ من ذلك، تعرض للعض. لكن عقلي ظل يعود إلى الزومبي. الغريب أن الزومبي لم يبدوا مميتين تمامًا كما صورتهم التقارير الإخبارية. مخيفين، نعم. مميتين، ليس تمامًا. كلما فكرت في الأمر أكثر، كلما عقدت العزم على تجنب التقليل من شأنهم لأنهم كانوا يسيطرون على بلدان بأكملها بمعدل ينذر بالخطر.
      
      لم أكن في أفضل حالاتي، لكن كان بإمكاني تجاوزهم لفترة قصيرة، آمل أن تكون طويلة بما يكفي ليجدوا شيئًا آخر أكثر إثارة للاهتمام. أو قد أتعثر في المزيد منهم، وفي هذه الحالة سأكون في مشكلة خطيرة إذا كنت متعبة بالفعل. وإذا صادفت أحد تلك الكائنات السريعة، فسأكون قد انتهيت. ربما كان أفضل طريق لنا هو تجنب الزومبي تمامًا...
      أوقفت أضواء الفرامل أفكاري عندما توقف إيفان بعد فترة وجيزة من فقدان الزومبي من أعيننا. ركنت خلفه وراقبت بينما خرج الجميع. كان غريبًا جدًا رؤية سبعة أشخاص يخرجون من سيارة جيب بها أربعة مقاعد فقط. هززت رأسي وأنا أخرج من سيارتي وسرت نحوهم.
      
      لم أستطع فهم ما كانوا يقولونه حقًا لأن الجميع كان يتحدث في وقت واحد. كانت الأم تبكي بارتياح وهي تعانق كايلي بامتنان. الفتاة الصغرى كانت لا تزال تصرخ وتتشبث بساق والدتها في نوبة هستيرية.
      سار إيفان بالقرب مني. "نفد الوقود من حافلتهم الصغيرة، وبينما كانوا يسيرون، عبر هؤلاء الثلاثة... الزومبي... الطريق وبدأوا في مطاردتهم. كنا أول من توقف للمساعدة."
      
      أومأت برأسي، لاحظت أنه يجد صعوبة في قول كلمة "زومبي". الكلمة لم تخرج من لسانه بسهولة. سألت: "هل أصيب أي منهم؟"
      "لا، كان ذلك أول شيء سألنا عنه."
      
      بتنهيدة عميقة من الارتياح، استرخيت، على الرغم من أنني ما زلت ألقي نظرة عليهم وأنا أبحث عن أي دم أو إصابات. آخر ما كنا نحتاجه هو أن يتحول أحدهم إلى زومبي بينما كانوا في السيارة.
      
      "يمكنني أن آخذ ثلاثة منهم،" قلت، "لكنني أفضل عدم أخذ الفتاة الصارخة. لديها رئة قوية جدًا."
      ضحك على ترددي في أخذ الفتاة. "تصويب جيد رغم ذلك. لا أصدق أنك تمكنت من إصابة ذلك الشيء. لا يمكنك رمي كرة تنس لإنقاذ حياتك، لكن يمكنك إصابة زومبي عبر مسافة مماثلة."
      
      كنت أعلم أن تصويبي سيء، لكن ليس بهذا السوء. أو على الأقل، كنت متأكدة من أنه ليس بهذا السوء. أخرجت لساني له، وضحك على رد فعلي.
      "ماذا رميت على أي حال؟" سأل.
      
      "آه، قد نكون أو لا نكون قد فقدنا علبة حساء..."
      ضحك بصوت عالٍ بما يكفي ليلفت انتباه الآخرين. هز رأسه بفكاهة، واستدار ليواجه رفاق سفرنا الجدد.
      
      بعد بعض التعارف وتبادل المؤن، تمكننا من إفراغ مقاعد كافية للجميع. جاء الأب والولدان معي، بينما ذهبت الأم والفتاة مع إيفان وكايلي.
      
      بالكاد وصلنا إلى سرعة الطريق السريع قبل أن نرى رجلاً يسير بالقرب من الأشجار التي تحد الطريق السريع. بدأ إيفان في التباطؤ، مما جعل الرجل يستدير وينظر إليه بعيون حمراء. ثم زاد إيفان سرعته مرة أخرى.
      
      واصلنا القيادة على الطريق السريع. كلما اقتربنا من وجهتنا، زاد عدد الزومبي والمركبات الفارغة التي مررنا بها. في بعض الأحيان، كانت الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كانوا زومبي هي من خلال عيونهم الحمراء. لم نرَ أي ناجين أحياء آخرين. مع تزايد أعداد الموتى الأحياء في الخنادق وعلى الطريق، كنت سعيدة لأنني لا يزال لدي أكثر من نصف خزان وقود. مع بقاء خمس عشرة دقيقة فقط في رحلتنا، يجب أن يكون ذلك أكثر من كافٍ. لم أكن أرغب في نفاد الوقود في هذه المرحلة.
      انعطفنا عن الطريق السريع الرئيسي لنتجه المسافة القصيرة المتبقية إلى حصن واينرايت. لقد تفاجأت أن معظم المركبات لم تنعطف هنا. لا بد أنهم لم يسمعوا البث الإذاعي بعد كل شيء. تساءلت عما إذا كانوا يعرفون إلى أين يتجهون أو ما إذا كانوا يحاولون فقط وضع أكبر مسافة ممكنة بينهم وبين ما خلفهم.
      
      أشار أحد الصبيان من المقعد الخلفي: "انظروا!"
      نظرت إلى الجانب، ورأيت عدة دراجات رباعية تستدرج الزومبي بعيدًا. كان الجنود على المركبات الرباعية يقودون الزومبي بعيدًا عن الطريق والقاعدة العسكرية. وبناءً على عدم وجود الزومبي بعد هذه النقطة، فقد كانوا ينجحون. ارتجفت قليلاً عند التفكير في القيام بهذه المهمة إذا ارتفعت درجة حرارة الدراجة الرباعية أو نفد منها الوقود.
       
      
      
      وجهت لافتة كبيرة مرسومة باليد جميع المركبات إلى "التهدئة إلى 30 كم/ساعة". كنت آمل أن تكون البقع الحمراء على اللافتة طلاء. لكن كان علي أن أعترف بأنها جعلت الجميع يهدأ. تباطأنا إلى الزحف عندما وصلنا إلى صف طويل من المركبات.
      بقيت قريبة من سيارة جيب إيفان عندما اقتربنا من نوع من نقطة التفتيش. كانت عدة صفوف من المركبات تتوقف للتحدث مع الجنود. في النهاية، كان دور إيفان، ورأيته يشير إلينا. أومأ الجندي برأسه قبل أن يواصل الحديث. بعد دقيقة، لوح لإيفان بالمرور ولي بالتقدم. خفضت نافذتي عندما توقفت بجانبه.
      
      سأل عن أسمائنا، وإذا كنا على اتصال بأي مصابين، ومن أين أتينا، وبعض التفاصيل الأخرى بينما كان يدخل كل شيء في جهاز كمبيوتر محمول صغير. أجبته عن نفسي، وأجاب الأب عن نفسه وأولاده.
      أعطى الجندي توجيهات إلى موقف السيارات الذي كان من المفترض أن أركن فيه، وبعد أن سجل رقم لوحة الترخيص، لوح لي بالمرور. قدت إلى الأمام ومررت عبر البوابة ذات المظهر الجديد. كان إيفان ينتظرني، وتبعته إلى منطقة وقوف السيارات التي وُجهنا إليها.
      
      السبب الوحيد الذي جعلني أعرف أن المنطقة العشبية كانت موقف سيارات هو بسبب المركبات المتوقفة بالفعل وأماكن وقوف السيارات المطلية بالرش. عندما ركنت بجانب إيفان، ألقيت نظرة على العديد من المركبات ومجموعات الأشخاص بقلق.
      خرجنا من المركبات، وعلقت حقيبتي على كتفي عندما أغلقت بابي. اجتمعت العائلة التي أنقذناها وتعانقوا بينما كنت أسير نحو إيفان وكايلي.
      
      "الدخول كان سهلاً للغاية،" علقت بهدوء. "كان بإمكاني إحضار أحد أصدقائنا من جانب الطريق في الصندوق على حد علمه. يمكن أن يكون أي شخص هنا مصابًا."
      عبست كايلي وهي تلقي نظرة حولها بعصبية. "أعرف ما تعنيه. آمل ألا تكون قد ذكرت مغامراتنا في وقت سابق؟"
      
      "لا."
      تنهدت بارتياح لإجابتي لكنها لم تبد أفضل حالًا. علق إيفان: "تمت إضافة موقف السيارات هذا مؤخرًا - انظر إلى مدى حداثة هذا السياج. علامات الطباشير لم يتم غسلها بعد، لذلك لا يمكن أن تكون هذه المنطقة مسيجة لأكثر من أسبوع. ربما وضعوها للتو للحفاظ على سلامة الناس حتى يتمكنوا من إدخالهم إلى الداخل."
      
      قاطعتنا امرأة ترتدي الزي الرسمي في كتلة زاوية وهي تنادي في مكبر الصوت: "الرجاء من جميع الأشخاص قفل مركباتهم والاحتفاظ بمفاتيحهم. ثم يرجى القدوم لرؤيتي للتسجيل."
      نظرنا إلى بعضنا البعض وهزنا أكتافنا قبل أن نسير. تبعتنا العائلة. أومأت المرأة بترحيب سريع من حيث كانت تقف خلف منصة مع جهاز كمبيوتر محمول.
      قالت: "لدي التفاصيل الأساسية من نقطة التفتيش. أحتاج فقط إلى المزيد. الاسم الأول والعمر."
      
      "إيفان، خمسة وعشرون."
      "كايلي، أربعة وعشرون."
      
      "ديان، خمسة وعشرون."
      نظرت إلى مجمع المباني الكبير على الجانب بينما قدم ركابنا إجاباتهم.
      
      "أي مهارات أو قدرات خاصة، أو أي شيء قد يكون مفيدًا للمساعدة في استمرار هذا المكان في العمل؟ حتى لو كنت جيدًا في غسيل الملابس، فهذا رائع."
      بدأ إيفان أولاً مرة أخرى. "ميكانيكي. يمكنني فعل معظم الأشياء في السيارات ولدي بعض التدريب على مركبات الفئة 1."
      
      تبعت كايلي: "أمم... كنت كاتبة بقالة. لا أمانع في التنظيف، ويمكنني طهي حساء جيد."
      أومأت السيدة التي ترتدي الزي الرسمي ونظرت إلي. حاولت أن أفكر في المهارات التي قد تكون مفيدة هنا.
      
      "حسنًا، أعرف عددًا قليلاً من أنواع النباتات البرية الصالحة للأكل في المنطقة. لقد تدربت على قوس منحني، لكنني لم أطلق النار على أي شيء آخر غير الأهداف."
      أومأت واستمرت في النزول في الصف. تخطت الأطفال، قائلة إنهم سيحضرون المدرسة بفصول تدور حول الأساسيات مثل الرياضيات الأساسية ومهارات البقاء على قيد الحياة، مع بعض الأعمال الروتينية الأساسية على الجانب.
      
      "أي حالات طبية أو حساسية؟" سألت. "نحتاج إلى معرفة كل شيء، حتى الأشياء الصغيرة، فقط في حالة."
      هز كل من إيفان وكايلي رأسيهما بالنفي. تنهدت وفركت رقبتي بيدي في حرج طفيف. نظرت إليّ السيدة، منتظرة أن أتحدث.
      
      "نوع نادر من اضطراب المناعة المفرط النشاط، تحديدًا مع نشاط الخلايا التائية المفرط النشاط. لا شيء خطير، لكنه يمكن أن يسبب إحساسًا غير مريح بالوخز والإبر إذا لم أحصل على نشاط بدني منتظم. لا يمكنني الجلوس طوال اليوم."
      لقد أخاف إحساس الوخز والإبر والدي في البداية، واستغرق الأطباء شهورًا لمعرفة ما هو. ينظر إليّ معظم الناس بغرابة إذا أخبرتهم وحاولت صياغتها بطريقة يفهمونها كان صعبًا. لا بد أن هذه السيدة كانت تفعل هذا لفترة من الوقت لأنها لم ترمش حتى.
      
      كانت السيدة التي ترتدي الزي الرسمي تكتب. "التفاصيل والأمثلة."
      "أمم... إذا قضيت اليوم كله على الأريكة أشاهد الأفلام، فسأشعر بالوخز والإبر بحلول المساء. الركض لمدة خمس عشرة دقيقة في الصباح والمساء يبقي الأمر تحت السيطرة. غالبًا ما تصاحب الحمى الوخز والإبر كجزء من الاستجابة المناعية." نظرت إلى السيدة، منتظرة لمعرفة ما إذا كان لديها المزيد من الأسئلة.
      
      "حسنًا، هل تعاني من أي آثار جانبية أخرى؟"
      "ليس ما لاحظته." بدت راضية بما يكفي بردّي والتفتت إلى العائلة الأخرى.
      
      أخذت نفسًا عميقًا ونظرت إلى السماء الزرقاء، متظاهرة بعدم رؤية النظرات الغريبة التي كان يلقيها علينا ركابنا. لهذا السبب حاولت تجنب التحدث عن حالتي الطبية – كنت دائمًا أحصل على نظرات غريبة. أنهت السيدة التي ترتدي الزي الرسمي أسئلتها والتقطت بعض الأشياء المغلفة بالبلاستيك.
      خاطبتنا جميعًا: "حسنًا. أول الأشياء أولاً. النظافة مهمة. يجب على كل من يدخل هذا المكان أن يستحم. هذه مناشف يمكن التخلص منها. امشوا على طول الطريق المحدد وعبر البوابات. ادخلوا الباب الأول واتبعوا الممر. هناك لافتات في مكانها، على الرغم من وجود منعطف واحد فقط لليسار للوصول إلى الحمامات. يستخدم الرجال المدخل الأيسر وتستخدم النساء المدخل الأيمن. ستكون هناك طاولة عليها ملابس نظيفة؛ خذوا مجموعة لأنفسكم وارموا ملابسكم الحالية في القمامة. ستؤدي الأبواب على كلا الجانبين إلى غرفة الاستقبال التالية، حتى تتمكنوا من لم شملكم مع العائلة والأصدقاء هناك بمجرد أن تكونوا نظيفين."
      
      مررت لنا الطرود البلاستيكية، على الرغم من أنني وجدت أنه من الغريب نوعًا ما أن يتم إعطاؤنا مناشف حمام كبيرة الحجم يمكن التخلص منها. بدا الأمر وكأنه مضيعة بالنسبة لي. ثم مرة أخرى، لم أكن أرغب في غسل هذا العدد الكبير من المناشف أيضًا، وكان رائحة بعض الأشخاص الذين يدخلون الغرفة وكأنهم لم يلمسوا الماء منذ ظهور أول الزومبي.
      
      مشينا على طول الطريق، على الرغم من أنه لم يكن من الممكن حقًا تفويت البوابة الكبيرة لأنها كانت بها نصف دزينة من الحراس حولها. كان العديد منهم في أبراج حراسة مرتفعة، والخشب لا يزال غير مبيض بالشمس. كانت اللافتات والأسهم الكبيرة تعني أن الضياع يجب أن يكون قرارًا متعمدًا. كان الوافدون الجدد الآخرون يتسللون أيضًا على طول هذا الطريق في تيار بطيء ولكن ثابت.
      بمجرد وصولنا إلى الحمامات، توجه إيفان إلى قسم الرجال وهو يقول: "سأقابلك في غرفة الاستقبال."
      
      أومأنا أنا وكايلي برأسنا ودخلنا قسم النساء. تبعتنا العائلة التي تخلفت عنا الأم والابنة أكثر فأكثر. كانت غرفة الاستحمام بها كبائن فردية تصطف على كلا الجانبين، وكل واحدة مقسمة للخصوصية. على طول أحد الجدران، كانت هناك عدة طاولات مكدسة بملابس زرقاء باهتة بجميع الأحجام. أمسكت أنا وكايلي بمجموعة من الملابس الجديدة قبل اختيار كبينتين جنبًا إلى جنب.
      داخل كشك الاستحمام، كان هناك خزانة مقاومة للماء معلقة على الحائط. وضعت ملابسي الجديدة وحقيبتي ومنشفتي فيها قبل إلقاء ملابسي المتسخة على الأرض. بينما كنت أمشي تحت الماء الدافئ، كنت سعيدًا برؤية موزعات الصابون والشامبو والبلسم على الحائط لأنني لم أحضر أي شيء معي سوى حقيبتي.
      
      لكنني وجدت نفسي أفتقد فرشاة شعري. سيكون شعري الطويل حتى الخصر متشابكًا للغاية بحلول نهاية اليوم. بمجرد أن أصبحت نظيفة، جففت نفسي وارتديت ملابسي. كانت كايلي تنتظرني بجانب الباب وهي تحاول تجديل شعرها. أسقطت منشفتي وملابسي القديمة في سلة المهملات وسرت نحوها.
      ألقينا نظرة على بعضنا البعض بنفس النظرة المستسلمة على شعرنا المبلل والمتشابك. ندبت كايلي على حالة شعرها: "أحتاج بجدية إلى فرشاة شعر."
      
      "نعم، أنا أيضًا،" قلت. "يجب أن نذهب قبل أن يصاب إيفان بنوبة هلع."
      أومأت بالموافقة، وسرنا عبر الأبواب إلى الغرفة التالية حيث كان جميع الرجال ينتظرون بفارغ الصبر رفقائهم من الإناث. كان إيفان ينتظر أيضًا وجاء بسرعة. لم أرَ أي شخص من العائلة التي أنقذناها، لذلك ربما كانوا لا يزالون في الحمامات.
      
      لم يكن لدينا حتى وقت للتحدث قبل أن تنادي امرأة على المكتب: "التالي!" بينما كانت تنظر إلينا بوضوح.
      "حسنًا،" قالت، وسرعان ما شرعت في العمل. "يرجى الجلوس. هذا مركز إنقاذ، لكنه يتطلب مساعدة الجميع للحفاظ على تشغيله حتى تعود الأمور إلى طبيعتها. ما هي أسماؤكم؟"
      
      أعطينا أسماءنا، وتابعت المرأة: "تم تقييم مهاراتكم. إيفان، لقد تم قبولك كميكانيكي. كايلي، يحتاج الطهاة إلى مساعدة، لذلك ستكونين في المطابخ. ديان، ستنضمين إلى الباحثين عن الطعام. إذا كنت ترغبين في الحصول على منصب أكثر أمانًا لاحقًا، فيمكننا نقلك إلى رعاية الماشية."
      أومأت بقبول دوري. لم أكن أطيق فكرة أن أكون محبوسة داخل هذا المكان طوال اليوم وكل يوم مع كل هؤلاء الأشخاص المحشورين هنا. في الوقت الحالي، كنت سأتجنب التفكير في حقيقة وجود المئات من القتلة المسعورين خارج الجدران...
      
      تابعت: "ممتاز. سأدون ذلك. إليكم بطاقات أسمائكم وجداولكم. يرجى الاستمرار في أسفل القاعة إلى غرفتنا الطبية. أوه، ولا تفقدوا بطاقة اسمكم. يتطلب الأمر الكثير من الأعمال الورقية لاستعادتها." سلمتنا كل واحد منا بضع أوراق وبطاقة اسم بلاستيكية لتثبيتها على قمصاننا.
      ألقيت نظرة على بطاقتي وأنا أضعها. كان اسمي هو الأكبر، وكان منصبي أسفله بحروف أصغر، وكان هناك رقم صغير في الزاوية اليمنى السفلية؛ "ديان - باحثة عن الطعام – 0723". نظرت إلى الأوراق الثلاث. كان هناك جدول، ومجموعة من القواعد، وخريطة.
      
      أمسكت كايلي بذراعي وقادتني إلى أسفل القاعة. "هيا. لننتقل حتى يتمكن الآخرون من المرور. يجب أن يكون هناك طعام هنا في مكان ما. أنا أتضور جوعًا – وتركت جميع وجباتي الخفيفة في سيارة الجيب!"
      زمجر معدتي موافقة بينما كنا الثلاثة نواصل السير في أسفل القاعة. ألقيت نظرة إلى الوراء، لكنني لم أرَ أي شخص من العائلة التي أنقذناها. كان الوافدون الجدد الآخرون يسيرون في الممر، وكان هناك العديد من الحراس يقفون في محطات على طول جدار الممر وهم يراقبوننا. كانت بنادقهم في الحافظات، لكن كان لدى كل منهم سكين منجل في أيديهم.
      
      كان الأمر منطقيًا، لكنه تسبب في ظهور قشعريرة على ذراعي عندما أدركت أن الأشخاص هنا ربما كانوا يعرفون مدى سهولة الدخول من الأبواب الأمامية – وكانوا مستعدين لأي شخص كذب بشأن احتمال إصابته. نظرت حولي بقلق، متسائلة كيف لا يزال هذا المكان قائمًا عندما يسمحون لأي شخص بالدخول.
      راقبت كايلي الحراس المسلحين بعينين واسعتين، لكنها لم تجرؤ حتى على الهمس. كان إيفان هادئًا كعادته بينما كنا نواصل السير في الممر القصير.
      
      

      رواية الروح الاخيرة - فانتازيا

      الروح الاخيرة

      2025, سعود بن عبالعزيز

      رواية فانتازيا

      مجانا

      قاعدة تعيش حياتها للمرة الخامسة. كل مرة تموت بسبب أختها من أبوها، راشيل. أوديت حاولت تكون شريرة وطيبة وتهرب، بس كل الطرق كانت ترجعها لنفس المصير المؤلم. الحين هي في حياتها الخامسة، وتبغى هالمرة تكون الأخيرة، وتخطط كيف تغير مسار الأحداث عشان تنقذ غيرها وتوقف سلسلة المآسي اللي تتكرر.

      أوديت

      تعيش نفس حياتها وتتكرر عليها المآسي خمس مرات. ذكية، بس كانت في البداية طفولية ومدللة، ومع كل حياة قاعدة تتعلم من أخطائها وتحاول تكسر دائرة القدر.

      راشيل

      الأخت غير الشقيقة لأوديت، وهي السبب الرئيسي وراء كل المصايب اللي تصير لأوديت. تبدو بريئة وجميلة ومباركة من الآلهة، ودائماً محاطة بالخطاب، لكنها في نفس الوقت هي المحور اللي تدور حوله كل الأحداث المأساوية.

      الدوق سيسيل

      أبو أوديت وزوج أم راشيل. يحب راشيل أكثر من أوديت، وينظر لأوديت كأداة لتحقيق أهدافه العائلية. تصرفاته تزيد من معاناة أوديت وتهميشها
      تم نسخ الرابط
      رواية الروح الاخيرة - فانتازيا

      جالسة أفكّر كيف أعيش حياتي الخامسة.
      
      إيه، حياتي الخامسة. قاعدة أعيش نفس الحياة للمرة الخامسة. جربت الموت حرقاً، وبالمقصلة، وبالشنق، وبالطعن. وكل نهاياتي المأساوية كانت بسبب شخص واحد، أختي من أبويا، راشيل.
      
      اليوم أم راشيل بتتزوج أبوي، الدوق سيسيل. وهذا يعني نهاية حياتي كأميرة مدللة. بعد ما عشت كل شيء أربع مرات، عرفت إني ما كنت الأميرة المدللة والمحبوبة اللي كنت أظنها. كنت مجرد أداة. أداة عشان نربط أقوى عائلتين في القارة.
      
      أبوي ما كان يحبني. إذا راشيل اللي كانت أهدأ وأجمل وأحسن طبع ممكن تحل مكاني، فليكن. مقارنة براشيل، أنا كنت مجرد خيبة أمل. وحدة معروفة بسوء طبعها، وساذجة ما تعرف إلا تصرف الفلوس. ومع مرور الوقت، صرت مجرد وحدة تجلب العار للعائلة. كان ممكن يتبرون مني لو كبرياؤهم سمح لهم.
      
      في حياتي الأولى، كنت أميرة طفولية ومدللة لأبعد الحدود. كنت أحتقر راشيل، وكنت أظنها مجرد بنت قروية ساذجة وما عندها ذوق. عمرها ما راح تصير في مستواي. حتى إنها كانت بتخليني أظهر أفضل. كنت طفولية كذا. بس كنت غلطانة، أنا اللي كنت مجرد درجة لراشيل.
      
      راشيل كان عندها ذوق وأخلاق مثالية عكس طبعي السيء المعروف. راشيل كانت جميلة بينما أنا كنت مجرد وحدة ملامحها حلوة. راشيل كان عندها مواهب أكثر مني في السحر. راشيل كانت تبرق في كل شيء، وأنا كنت أرتجف في ظلها.
      
      هذا ما كان اللي توقعته. ما كان المفروض أكون أنا اللي أختبئ في الظل. كبريائي ما تحمل هالشيء. كنت مليانة حسد. ولما خطيبي بعد طاح في غرام راشيل وقال لأبوي إنه يبغى يتزوج راشيل بدالي، هذي كانت القشة اللي قصمت ظهر البعير. صرت الشريرة الخبيثة في كل قصة رومانسية.
      
      لو رجعت بالذاكرة، عرفت إنها كانت طفولية وما تستاهل. اللي كنت أسويه كان مجرد مزحة بايخة لراشيل.
      
      بس هل استاهل الطريقة اللي مت فيها؟ إني أنحرق حية على عمود قدام الكل؟ تعرفون قد إيش كان مؤلم الحرق؟ تعرفون كيف الشعور لما تشم ريحة جلدك وأنسجتك تتحول رماد؟ تعرفون اليأس لما تعرف إن حياتك قاعدة تنحرق شوي شوي؟
      
      أنا عمري ما آذيت أحد جسدياً. كلها كانت مجرد كلام غضب ونوبات هيستيرية زي أي أميرة مدللة تطلع حرتها. أسوأ شيء سويته كان محاولة الغش عشان أفوز عليها في مبارزة سحرية. كنت غبية مرة بصراحة. وهذا كيف وقعت في فخ واحد من خطاب راشيل ونهيت حياتي المأساوية. وبدأت هذا الجحيم اللي ما يخلص.
      
      لما وعيت إني انولدت من جديد في حياتي الثانية، كنت مليانة كره وغضب، وكنت أبغى أنتقم. لدرجة إن حياتي الثانية انتهت أسرع بكثير من حياتي الأولى.
      
      تعلمت من موتاتي اللي قبل. قررت أتجنب راشيل وخطابها بأي ثمن في حياتي الثالثة. راشيل كانت كأنها بطلة في قصة. كل الآلهة كانت بصفها، ومعها سلسلة من الخطاب اللي يسوون أي شيء تقوله راشيل أو تلمح له. عشت أطول فترة في هذيك الحياة. في سعيي لتجنب راشيل بأي ثمن، هربت من البيت وتهربت عبر البحر للقارة اللي يكرهون أهل قارتنا.
      
      بعد سبع سنين، ظنيت إني أخيراً أقدر أوقف أختبئ بخوف في بلد غريب. ظنيت إني أقدر أرجع لبلدي. كنت مخططة أستقر في فيلا صغيرة في الريف. وبمجرد ما اشتريت فيلتي الصغيرة، انمسكت. انقال لي إن أبوي اللي ما كنت على تواصل معه لسنين كان يخطط للخيانة طول الوقت. وإني كنت لازم أساعد أبوي سراً.
      
      أما أختي الغالية من أبويا اللي كانت البنت المثالية لأبوي الغالي طول السنين، طبعاً ما كانت تعرف شيء زي كذا! كانت نقية زي الثلج! كانت بريئة! انقال لي إن عقوبتي صارت أسوأ في محاولة تشويه سمعة الإمبراطورة المقدسة راشيل. زي ما هو متوقع من الأخت الشريرة اللي كانت تتنمر على راشيل. ما كان عندي أي فكرة كيف صرت الأخت الشريرة وأنا هربت أول ما راشيل دخلت الساحة. انشنقت.
      
      رميت كبريائي في حياتي الرابعة. ما عاد أقدر أتحمل هذا التقمص اللي ما يخلص. ظنيت لو أقدر أموت زي الناس العادية، التعذيب راح ينتهي. تظاهرت إني أحسن أخت. أي شيء تبغاه راشيل، أعطيها إياه. حتى صرت صديقتها المفضلة. رميت نفسي في هالعملية، كنت مجرد دمية تسوي كل اللي تطلبه راشيل. انتهى كل شيء لما جت وحدة منكوبة، خطيبها من الطفولة تركها عشان راشيل، وركضت لاجتماعنا حق الشاي وهي هيستيرية ومعها سكين. راشيل اختفت وراي في الوقت المناسب وانطعنت. ما توقعتها أبد، كنت مشغولة أقدم لراشيل الشاي. حتى ما قدرت أنطق تعويذة حماية.
      
      وأنا أفكر في كل محاولاتي الفاشلة للعيش، كان عندي أمل قليل لحياتي الخامسة.
      
      هذا كان الوقت اللي سارة دخلت الغرفة وهي تصيح: "وصلوا، يا سيدة أوديت!"
      
      لازم أوقف من نومي على السرير. لازم أبدأ أواجه حياتي الخامسة.
      
      خلنا نخلي هالحياة هي الأخيرة. خلنا نموت بجد هالمرة.
      
      
      
      "أوديت!" قالت راشيل وبخجل بسيط على وجهها. صار صوتها أهدأ وواثق، وكأنها خايفة مني، "أقدر أناديكِ أوديت؟ أنا... أتمنى ما أكون تجاوزت حدودي. بس أنا جد أبغانا نكون أخوات قريبات، أوديت." ابتسمت بطيب خاطر وعيونها البنفسجية اللي كأنها ضباب.
      
      قبل ما أقول أي شيء، أبوي قال: "طبعاً تقدرين يا راشيل. كلنا عائلة." ابتسم لها بحب وطالعني بنظرة معناها واضح.
      
      أخذت رشفة من كاسة الشاي حقتي وابتسمت: "طبعاً يا راشيل. كلنا عائلة."
      
      الزواج أمس عدى بسلام. راشيل صارت حديث العاصمة بفستانها الأحمر المبهر، اللي أبرز بشرتها البيضاء الناصعة وعيونها البنفسجية اللي تشبه عيون الغزال. أنا اخترت فستان بسيط لونه أزرق غامق، ما عاد صرت غبية لدرجة إني أظن إني أقدر أقلل من قيمتها بلبس فستان مشابه زي ما سويت في حياتي الأولى.
      
      قررت أبقى متفرجة بريئة حالياً. ما راح أهرب مرة ثانية، أثبتت إنها مو فعالة. ما راح أرمي نفسي وكرامتي بس عشان أرضي راشيل، كل اللي قادت له كان إني أستخدم كدرع لما يجي الخطر.
      
      لو فكرت فيها، الفترة اللي كنت فيها عدوة لراشيل في حياتي الثانية كانت الأسعد بين حيواتي الأربع. يمكن لازم أفكر أكون شريرة مرة ثانية؟ الأفضل أعيش بسعادة بدل ما أعاني إذا كان لازم أكرر هالشيء مرة ورا مرة.
      
      أدري إنها مو غلطة راشيل، هي ببساطة محظوظة من الآلهة. وأنا كنت الغلطانة حتى لو في النهاية تلقيت عقاب أكثر مما أستحق. أعترف إني ما كنت بنت طيبة القلب. كنت أحب أقارن نفسي باللي حولي وصرت وحش مرير ومكروه لما الناس يطلعون أفضل مني. عمري ما قدرت اللي عندي. بفضل واحد نبهني على هالشيء في وحدة من حيواتي اللي فاتت، صرت أعرف عيوبي زين.
      
      قررت إني أمشي مع التيار حالياً.
      
      "أوديت، إيش بتسوين اليوم؟ خلنا نطلع مع بعض! إذا... إذا ما عندك مانع طبعاً." ابتسمت راشيل بخجل. "ما أعرف أحد هنا."
      
      "أوديت، خذي راشيل معك. روحي قابلي كم صديقة." أمر أبوي.
      
      "حنة مسوية حفلة شاي بكرة. باخذ راشيل معي."
      
      تذكرت حفلة شاي حنة. مهما غيرت، ومهما تصرفت، حفلة شاي حنة كانت حدث ما يتغير. راشيل راح تنذل هناك. مهما حاولت أوقف الإذلال من الحدوث، كان كأنه جزء ثابت من قصة، دائماً يظهر بنفس المسار اللي المفروض يمشي فيه.
      
      إذا ما شاركت، قائدة مجموعة الناس اللي أهانوا راشيل راح تصير وريثة عائلة ثانية مرموقة. إذا وقفت بصف راشيل وحاولت أدافع عنها، دفاعي اللي كان منمق راح ينقلب علي وكأني كنت أرمي كلام ساخر على راشيل. نفس الإشاعات عن كرهي لأختي راح تنتشر اليوم اللي بعده. حاولت أختبئ مرة عشان ما أتورط في الإذلال كله. لما رجعت، راشيل كانت بتغمز بعيونها اللي كأنها عيون غزال مليانة دموع وتطالعني بإدانة صامتة. كل اللي عندهم عيون راح يبدون يظنون إني أنا اللي أمرت صديقاتي يسوون كذا.
      
      ما في مهرب من هالشيء. مهما سويت، شيئين راح يطلعون من حفلة الشاي هذي. إشاعات راح تنتشر عن كرهي لراشيل وراشيل راح تنقذ من الإذلال من واحد من خطابها.
      
      من تجربتي في حياتي الأخيرة، كان ممكن أبقى صديقة لراشيل بعد هالواقعة، بس إذا كانت تكرهني سراً، ما كان عندي أي فكرة.
      
      إيش لازم أسوي هالمرة؟ إيش لو ما جبت راشيل لحفلة الشاي؟ في بعض الحيوات أبوي كان يجبرني آخذها هناك وبعد فترة أستسلم لأني كنت أبغى أذلها في الحفلة كالأخت الشريرة اللي كنت عليها. في حيوات ثانية، ظنيت بدون ما أثير أنا هالمهزلة، الإذلال ما راح يصير.
      
      طبعاً لا. أنا صرت أعرف أحسن الحين. كان فيه أحداث رئيسية لازم تصير مهما كان. كانت زي أعمدة أساسية لمبنى. زي حفلة الشاي اللي لازم راشيل تنذل فيها وبالتالي تقابل واحد من خطابها.
      
      لحظة... خطاب؟ لو فكرت فيها، كل هالأعمدة الأساسية كانت تتضمن راشيل وسلسلة خطابها بطريقة أو بأخرى.
      
      هل أقدر أغير هالشيء؟ إيش لو راشيل ما قدرت تقابل خطيبها رقم واحد في حفلة الشاي؟ خطيبها رقم واحد كان اللورد هانك، ولد دوق. هذا الدوق كان كاهن قوي يخدم إله الرعد.
      
      بلادنا فيها معابد مختلفة تخدم آلهة مختلفة. كل عائلة نبيلة كان عندها إله تخدمه. النبلاء يرسلون أولادهم عشان يدرسون في المعابد. الأولاد اللي يتم اختيارهم راح يصيرون كهنة أو كاهنات لذاك المعبد. عادة عملية اختيار الكهنة والكاهنات تتضمن إنهم يتصارعون مع بعض بسحرهم. الناس في قارتنا، عكس اللي يعيشون في القارة اللي عبر البحر، يقدرون يمارسون السحر أو الشعوذة اللي تصير أكثر تخصص بعد الدراسة في المعبد.
      
      معظم قوة بلادنا كانت مقسمة وممسوكة بين الكهنة والكاهنات في المعابد المختلفة. عشان كذا الأرستقراطيين دائماً يرسلون أولادهم للمعابد، بأمل إن أولادهم راح يصيرون كهنة أو كاهنات. وبوصولهم للسلطة، عائلتهم راح تصير أقوى بعد. عائلتي كان عندها أمل فيني، بس للأسف ما كنت موهوبة مرة بالسحر. عشان كذا في النهاية لجأوا لراشيل اللي كانت موهوبة أكثر حتى لو ما كانت من العائلة بالدم.
      
      نرجع للورد هانك، هو في الواقع كان مخطوب لليدي فلورنس من صغره وكان الكلام إنهم متفقين مرة. بس هو وقع في الحب من أول نظرة مع راشيل. الليدي فلورنس كانت وحدة من المرشحات الكاهنات لإلهها. في اليوم اللي صار فيه الاختيار النهائي في حيواتي السابقة، وصلها خطاب كتبه هانك عن فسخ خطوبتهم. هالشيء أثر عليها بشكل سيء، انصابت في هالعملية وخسرت المباراة. هي صارت كاهنة، الثانية في القيادة لخصمتها، بس وجهها صار فيه ندبة بعد هذيك المباراة.
      
      هذي فعلاً مأساة. إيش لو هانك ما قابل راشيل في حفلة الشاي؟ وقتها فلورنس ما راح تتشتت في اختيارها بعد كم يوم. خطوبتهم راح تنتهي بطريقة أو بأخرى. هانك راح يقابل راشيل عاجلاً أم آجلاً ويقع في الحب. بس إيش لو أقدر أأخر لقاءهم لين ينتهي اختيار فلورنس؟ فعلاً ما تستاهل تخسر مكانك ووجهك عشان واحد متقلب.
      
      بس كيف أقدر أوقف حفلة الشاي هذي من إنها تصير؟
      
      
      
      
      
      "أوديت!" قالت راشيل وبخجل بسيط على وجهها. صار صوتها أهدأ وواثق، وكأنها خايفة مني، "أقدر أناديكِ أوديت؟ أنا... أتمنى ما أكون تجاوزت حدودي. بس أنا جد أبغانا نكون أخوات قريبات، أوديت." ابتسمت بطيب خاطر وعيونها البنفسجية اللي كأنها ضباب.
      
      قبل ما أقول أي شيء، أبوي قال: "طبعاً تقدرين يا راشيل. كلنا عائلة." ابتسم لها بحب وطالعني بنظرة معناها واضح.
      
      أخذت رشفة من كاسة الشاي حقتي وابتسمت: "طبعاً يا راشيل. كلنا عائلة."
      
      الزواج أمس عدى بسلام. راشيل صارت حديث العاصمة بفستانها الأحمر المبهر، اللي أبرز بشرتها البيضاء الناصعة وعيونها البنفسجية اللي تشبه عيون الغزال. أنا اخترت فستان بسيط لونه أزرق غامق، ما عاد صرت غبية لدرجة إني أظن إني أقدر أقلل من قيمتها بلبس فستان مشابه زي ما سويت في حياتي الأولى.
      
      قررت أبقى متفرجة بريئة حالياً. ما راح أهرب مرة ثانية، أثبتت إنها مو فعالة. ما راح أرمي نفسي وكرامتي بس عشان أرضي راشيل، كل اللي قادت له كان إني أستخدم كدرع لما يجي الخطر.
      
      لو فكرت فيها، الفترة اللي كنت فيها عدوة لراشيل في حياتي الثانية كانت الأسعد بين حيواتي الأربع. يمكن لازم أفكر أكون شريرة مرة ثانية؟ الأفضل أعيش بسعادة بدل ما أعاني إذا كان لازم أكرر هالشيء مرة ورا مرة.
      
      أدري إنها مو غلطة راشيل، هي ببساطة مباركة من الآلهة. وأنا كنت الغلطانة حتى لو في النهاية تلقيت عقاب أكثر مما أستحق. أعترف إني ما كنت بنت طيبة القلب. كنت أحب أقارن نفسي باللي حولي وصرت وحش مرير ومكروه لما الناس يطلعون أفضل مني. عمري ما قدرت اللي عندي. بفضل واحد نبهني على هالشيء في وحدة من حيواتي اللي فاتت، صرت أعرف عيوبي زين.
      
      قررت إني أمشي مع تيار الحياة حالياً.
      
      "أوديت، إيش بتسوين اليوم؟ خلنا نطلع مع بعض! إذا... إذا ما عندك مانع طبعاً." ابتسمت راشيل بخجل. "ما أعرف أحد هنا."
      
      "أوديت، خذي راشيل معك. روحي قابلي كم صديقة." أمر أبوي.
      
      "حنة مسوية حفلة شاي بكرة. باخذ راشيل معي."
      
      تذكرت حفلة شاي حنة. مهما غيرت، ومهما تصرفت، حفلة شاي حنة كانت حدث ما يتغير. راشيل راح تنذل هناك. مهما حاولت أوقف الإذلال من الحدوث، كان كأنه جزء ثابت من قصة، دائماً يظهر بنفس المسار اللي المفروض يمشي فيه.
      
      إذا ما شاركت، قائدة مجموعة الناس اللي أهانوا راشيل راح تصير وريثة عائلة ثانية مرموقة. إذا وقفت بصف راشيل وحاولت أدافع عنها، دفاعي اللي كان منمق راح ينقلب علي وكأني كنت أرمي كلام ساخر على راشيل. نفس الإشاعات عن كرهي لأختي راح تنتشر اليوم اللي بعده. حاولت أختبئ مرة عشان ما أتورط في الإذلال كله. لما رجعت، راشيل كانت بتغمز بعيونها اللي كأنها عيون غزال مليانة دموع وتطالعني بإدانة صامتة. كل اللي عندهم عيون راح يبدون يظنون إني أنا اللي أمرت صديقاتي يسوون كذا.
      
      ما في مهرب من هالشيء. مهما سويت، شيئين راح يطلعون من حفلة الشاي هذي. إشاعات راح تنتشر عن كرهي لراشيل وراشيل راح تنقذ من الإذلال من واحد من خطابها.
      
      من تجربتي في حياتي الأخيرة، كان ممكن أبقى صديقة لراشيل بعد هالواقعة، بس إذا كانت تكرهني سراً، ما كان عندي أي فكرة.
      
      إيش لازم أسوي هالمرة؟ إيش لو ما جبت راشيل لحفلة الشاي؟ في بعض الحيوات أبوي كان يجبرني آخذها هناك وبعد فترة أستسلم لأني كنت أبغى أذلها في الحفلة كالأخت الشريرة اللي كنت عليها. في حيوات ثانية، ظنيت بدون ما أثير أنا هالمهزلة، الإذلال ما راح يصير.
      
      طبعاً لا. أنا صرت أعرف أحسن الحين. كان فيه أحداث رئيسية لازم تصير مهما كان. كانت زي أعمدة أساسية لمبنى. زي حفلة الشاي اللي لازم راشيل تنذل فيها وبالتالي تقابل واحد من خطابها.
      
      لحظة... خطاب؟ لو فكرت فيها، كل هالأعمدة الأساسية كانت تتضمن راشيل وسلسلة خطابها بطريقة أو بأخرى.
      
      هل أقدر أغير هالشيء؟ إيش لو راشيل ما قدرت تقابل خطيبها رقم واحد في حفلة الشاي؟ خطيبها رقم واحد كان اللورد هانك، ولد دوق. هذا الدوق كان كاهن قوي يخدم إله الرعد.
      
      بلادنا فيها معابد مختلفة تخدم آلهة مختلفة. كل عائلة نبيلة كان عندها إله تخدمه. النبلاء يرسلون أولادهم عشان يدرسون في المعابد. الأولاد اللي يتم اختيارهم راح يصيرون كهنة أو كاهنات لذاك المعبد. عادة عملية اختيار الكهنة والكاهنات تتضمن إنهم يتصارعون مع بعض بسحرهم. الناس في قارتنا، عكس اللي يعيشون في القارة اللي عبر البحر، يقدرون يمارسون السحر أو الشعوذة اللي تصير أكثر تخصص بعد التعلم في معبد.
      
      معظم قوة بلادنا كانت مقسمة وممسوكة بين الكهنة والكاهنات في المعابد المختلفة. عشان كذا الأرستقراطيين دائماً يرسلون أولادهم للمعابد، بأمل إن أولادهم راح يصيرون كهنة أو كاهنات. وبوصولهم للسلطة، عائلتهم راح تصير أقوى بعد. عائلتي كان عندها أمل فيني، بس للأسف ما كنت موهوبة مرة بالسحر. عشان كذا في النهاية لجأوا لراشيل اللي كانت موهوبة أكثر حتى لو ما كانت من العائلة بالدم.
      
      نرجع للورد هانك، هو في الواقع كان مخطوب لليدي فلورنس من صغره وكان الكلام إنهم متفقين مرة. بس هو وقع في الحب من أول نظرة مع راشيل. الليدي فلورنس كانت وحدة من مرشحات الكاهنات لإلهها. في اليوم اللي صار فيه الاختيار النهائي في حيواتي السابقة، وصلها خطاب كتبه هانك عن فسخ خطوبتهم. هالشيء أثر عليها بشكل سيء، انصابت في هالعملية وخسرت المباراة. هي صارت كاهنة، الثانية في القيادة لخصمتها، بس وجهها صار فيه ندبة بعد هذيك المباراة.
      
      هذي فعلاً مأساة. إيش لو هانك ما قابل راشيل في حفلة الشاي؟ وقتها فلورنس ما راح تتشتت في اختيارها بعد كم يوم. خطوبتهم راح تنتهي بطريقة أو بأخرى. هانك راح يقابل راشيل عاجلاً أم آجلاً ويقع في الحب. بس إيش لو أقدر أأخر لقاءهم لين ينتهي اختيار فلورنس؟ فعلاً ما تستاهل تخسر مكانك ووجهك عشان واحد متقلب.
      
      بس كيف أقدر أوقف حفلة الشاي هذي من إنها تصير؟
      هل عندك أي أفكار جديدة عن كيف ممكن نوقف حفلة الشاي هذي؟
       
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء