موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        روايه اسطورة الملك الاسود - قبل 1500 عام

        اسطورة الملك الاسود

        2025, سما أحمد

        رومانسية

        مجانا

        في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.

        ......

        ......
        تم نسخ الرابط
        اسطورة الملك الاسود

          
        قبل 1500 عام، في قاعة الاجتماعات التي تجمع الملوك الأربعة، كان النقاش محتدمًا حول معاهدة سلام تهدف إلى الحفاظ على استقرار الممالك الأربعة. لكن، وبكل هدوء، دخلت الساحرة، وهي امرأة ذات جمال غريب وقوة ساحرة لا يمكن تجاهلها، لتقلب الأوضاع رأسًا على عقب. بخطوات واثقة، اقتربت منهم
        وقالت بصوت هادئ لكن حازم:
        
        "هناك طفل سيولد قريبًا، ولن يدمر فقط عروشكم، بل سيكون مصدر تهديد لنهاية كل ما بنيتموه."
        
        نظر إليها الملوك الأربعة بنظرات مليئة بالتجاهل، واستخفوا بكلامها. لم يصدق أحدهم ما قالته، وتجاهلوا تحذيرها. في تلك اللحظة، ظنوا أن كلامها ليس سوى هراء، لكنها كانت الحقيقة التي لم يرغبوا في مواجهتها.
        
        مرّت أيام وشهور، وكلما تذكروا كلماتها، زادت الأجواء توترًا. بدأ الخوف يدب في قلوبهم، خصوصًا عندما شعروا أن مصيرهم أصبح مرتبطًا بتلك التهديدات الغامضة. في أحد الاجتماعات التي عُقدت في قاعة العرش، اجتمع الملوك الأربعة مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان هناك أمر أكبر من أي معاهدة أو اتفاق، كان لديهم هدف واحد: القضاء على هذا الطفل قبل أن يولد، قبل أن يهدد ممالكهم.
        
        قرروا أن يصنعوا سلاحًا قادرًا على قتل هذا الطفل من ضربة واحدة، سلاحًا لا مثيل له في قوته. وبقوة دمائهم الأربعة، صنعوا سيفًا من الظلام، سيفًا مشبعًا بالطاقة السوداء. كان هذا السيف قويًا لدرجة أن أي نور يقترب منه يختفي، ويحل الظلام مكانه. ولكن، كان هناك خلاف بين الملوك الأربعة حول من سيحصل على هذا السيف. كل منهم أراد أن يمتلكه ليحمي نفسه وعرشه، ويتفوق على الأخرين. كانت الطمع والشكوك تملأ القلوب، وكان الصراع على السيف يهدد بتدميرهم جميعًا.
        
        في لحظة صراعهم، اختفى السيف فجأة كما لو لم يكن موجودًا، تاركًا وراءه فقط الألم والخيبة.
        
        ومع ولادة الطفل المتوقع، اشتد خوف الملوك الأربعة، وأصبحوا في حالة من الذعر الشديد. لم يكن لديهم سوى حل واحد: صنع سيف آخر، ولكن هذه المرة، سيفًا أقل قوة من الأول. سيفًا يتحكم في العناصر: الماء، الهواء، الرعد. كان هذا السيف شديد القوة، لكن لم يكن له نفس قوة السيف الأول.
        
        ومثلما حدث مع السيف الأول، اختلف الملوك الأربعة حول من يجب أن يمسك هذا السيف، ومن يجب أن يكون القاتل. وفي صراعهم الدائم، اختفى السيف الثاني أيضًا، في ظروف غامضة.
        
        في النهاية، أُثيرت أسطورة بين الجميع: "السيف لا يختاره سيده، بل هو الذي يختار من يكون. لا أحد يمكنه السيطرة عليه". وفي غمرة الطمع والحروب التي اندلعت بينهم، أصبح كل ملك يعتقد أن الآخر قد أخذ السيف. وفي لحظة انتقامية، قتلهم الملك الأسود، صاحب القوة الظلامية، مُنهيًا وجودهم وتدمير سلالاتهم.
        
        ومن هنا بدأت الأسطورة حول السيوف الظلامية، والتي كانت محط أنظار الجميع، ولكن لا أحد كان قادرًا على امتلاكها أو السيطرة عليها.
        
        حينما قضى "اسكاي" الملك الأسود، عليهم وانهى وجود الملوك الأربعة نهائيًا، بدا وكأنهم لم يكونوا في الوجود من قبل، كأنهم لم يولدوا من ألاصلً. سيطر على الممالك الأربعة وأسس مملكة جديدة تتوسط هذه الممالك.
        
        في أحد الأيام، بينما كان يتجول في مكان محظور على البشر وأي جنس آخر، عثر على مكان يختلف عن أي مكان مر به من قبل. كانت هذه الأرض قاحلة، مليئة بالجبال المهدمّة، الأشجار البالية، والطيور المتوحشة التي تأكل اللحوم. كان مكانًا متوحشًا، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه.
        
        اسكاي، وهو يمشي مع حراسه، لاحظ الخوف الذي سيطر على أفراد حراسته. توقفوا جميعًا في مكانهم، لم يستطيعوا أن يتقدموا خطوة واحدة بسبب رهبة هذا المكان. لكن اسكاي، بكل ثقة، قرر استكشافه بنفسه. طلب من "ليو" أن يبقى مع باقي الحراس في مكانهم، وذهب وحده لاستكشاف هذا المكان المجهول.
        
        عندما دخل اسكاي، لم يشعر بأي خوف. بل كان يتصرف وكأن هذا المكان ملكه. الأشجار المتشابكة والأغصان الملتفة كانت تتباعد عن طريقه كأنها ترحب به. الوحوش البشعة التي كانت تسكن هذا المكان، تنحني له، لم يكن ذلك مفاجئًا له، بل كان يتوقعه.
        
        بينما كان يتقدم، وصل إلى جبل ضخم، وعليه كهف مظلم تنبعث منه رائحة كريهة. لم تزعجه الرائحة أو الكآبة التي تحيط بهذا المكان، بل كان لديه شعور غريب بأنه يجب عليه الدخول. عبَر الكهف، وفي داخله كانت خفافيش ضخمة قد تجمعت في الزوايا. عندما رآه اسكاي، ارتبكت هذه الخفافيش، وعادت إلى جحورها، لم تتحرك، كما لو كانت هيبة اسكاي قد غطت المكان كله.
        
        استمر اسكاي في التقدم داخل الكهف، الذي كان مظلمًا تمامًا، حيث لا توجد أي إضاءة. لكن بفضل دمائه المختلطة بين ملك الذئاب، ملك التنانين، وملك مصاصي الدماء، استطاع أن يرى في الظلام بوضوح تام.
        
        تابع اسكاي السير في الكهف، حتى وصل إلى حافة عميقة جدًا، لا يصلها ضوء، وفجأة شعر بشيء مرعب يصيبه. فكر لحظة، ثم قرر أن يتحول إلى التنين، تحوّل إلى المخلوق الضخم ذو الجناحين اللذين يمتدان في الهواء، وشرع في النزول إلى الحفرة العميقة، حيث شعور غريب لا يتركه، وكأن شيئًا غير عادي ينتظره في الأسفل.
        وصل اسكاي إلى قاع الحفرة، ليجد مكانًا مختلفًا تمامًا عما كان يتوقعه. بركة مياه عذبة نقية كالفضة، محاطة بأشجار كثيفة وهادئة. في وسط المكان، كانت شجرة ضخمة ترفرف أغصانها برقة، كأنها جزء من عالم آخر، مدفونة في أعماق الكهف. تحرك اسكاي في المكان، جالًا ببصره في كل الزوايا، لكنه لم يرَ شيئًا غريبًا... حتى بدأ السواد يغطي المكان.
        
        تحولت المياه إلى اللون الأسود الداكن، وعم الظلام في المكان. الأشجار التي كانت خضراء تحولت إلى سواد قاتم، وكأنها صارت جزءًا من الكابوس. ثم بدأ الدم ينتشر، يشق الشجرة الكبيرة نصفين، كأنه عرق قديم غير مرئي. وسرعان ما انتشر الدم إلى أن وصل إلى اسكاي، لكن نظراته لم ترف. ظل ثابتًا، يتأمل الشجرة التي انفتحت بسبب الدماء.
        
        في تلك اللحظة، ظهرت شرارة سيف عتيق في قلب الظلام، سيف مشبع بهالة من الشر، يضيء بين التوهجات السوداء والحمراء. اقترب منه اسكاي، ومسكه بحذر. تألَّق السيف للحظة قبل أن يخف توهجه. اسكاي نظر إليه بتعجب، ثم قال في نفسه: "هذا السيف ليس له قيمة."
        
        رماه بعيدًا بكل قوة، ثم تحوَّل مجددًا إلى شكل التنين، محلقًا عائدًا إلى السطح، بعيدًا عن الحفرة وعمق الكهف المظلم. طار في السماء، متجاوزًا الغابة والأشجار الميتة، عائدًا إلى حراسته.
        
        عندما وصل، رآه ليو، حارسه الشخصي، فركَّز عليه قائلاً: "هل أنت بخير، سيدي؟" كان اسكاي يراقب المكان بحذر،
        فأجاب برأسه متحركًا قليلًا: "نعم."ثم أضاف ليو، وهو يشير إلى السيف: "ما هذا السيف، سيدي؟ لم أره معك من قبل."
        نظر اسكاي إلى المكان الذي كان يشير إليه ليو، ليرى السيف الذي رماه في الحفرة. همس لنفسه قبل أن يعود ليمسك السيف مرة أخرى، ويرميه بعيدًا عنه. "لا حاجة لهذا السيف."
        ظل اسكاي يرمي السيف بعيدًا عنه، لكن السيف كان يعود إليه كل مرة. حاول مرارًا وتكرارًا، ولكن كلما رماه، عاد إليه كأن شيئًا غير مرئي يجذبه. حتى جاء اليوم الذي شعر فيه سكاي بالتعب، وملَّ من هذا الفعل المتكرر. أمسك بالسيف بقوة وقال: "لماذا تلاحقني؟ لماذا لا تتركني؟ أنا لا أريدك."
        
        في لحظة غامضة، تحول السيف إلى رماد كثيف. ومع تفرق الرماد في الهواء، بدأت أجزاؤه تتجمع، مكونة شكلًا بشريًا غريبًا. تجسد الرماد إلى شخص، وانحنى هذا الشخص أمام اسكاي وقال: "سيدي ومولاي، أنا خادمك المطيع، تحت أمرك في أي وقت. أنت سيدي، وأنا خادمك المخلص."
        
        نظر اسكاي إليه بتعجب وقال ببرود: "أنا لا أريد خدمًا. لا أريدك."
        
        أجاب الشخص، وقد امتلأ صوته بالخشوع: "سيدي، لا أستطيع تركك. أنت مولاي وسيدي، ولا أحد غيرك. أنا صنعت خصيصًا لك."
        
        رد عليه اسكاي بحدة: "أنت صنعت خصيصًا لكي تقتلني،؟ لتكون سيفي القاتل."
        
        قال الشخص، أو السيف، بصوت هادئ: "لا، سيدي. أنا اخترتك لتكون سيدي، وليس لكي تكون ضحيتي. أرجوك، فلتكن سيدي، أنت الذي تحملني."
        
        فكر اسكاي لحظة، ثم قال بعينين متقدتين: "حسنًا، إذا كان الأمر كذلك، فلتكن. لكن ما اسمك؟"
        
        أجاب السيف، وقد بدا عليه بعض الحيرة: "ليس لدي اسم، سيدي. فلتسميني أنت."
        
        فكر اسكاي قليلًا، ثم رد بثقة: "إذن، سيكون اسمك سيث."
        
        وأصبح سيث خادم اسكاي المطيع، ولكن في هيئته كـ سيف لا يتخلى عن مولاه أبدًا، يتحرك بين يديه في لحظات الحاجة، دائمًا في الظل، لكن تأثيره في حياة اسكاي كان كبيرًا.
        
        في مكان آخر، كان السيف الثاني ملكًا للوريث الوحيد لملك العالم الآخر، لورانس.
        ابنه الوحيد كان سايلوس، الصديق اسكاي.
        سايلوس، منذ أن كان في العاشرة من عمره، كان يحمل هذا السيف العجيب الذي وجده في الغابة. كان سيفًا عاديًا في البداية، بلا طاقة أو ضوء، لونه فضي، لكن شكله كان غريبًا عن باقي السيوف في عالمه.
        كان سايلوس يهتم بالسيف كثيرًا، وكان يتدرب به يوميًا.
        
        في يوم من الأيام، اكتشف لورانس، الملك، السيف في يد ابنه وقرر أن يحاول حمله. لكنه لم يستطع تحريكه أو حمله، فتعجب
        وسأل ابنه: "من أين لك هذا السيف؟ وكيف يمكنك حمله؟ إنه ثقيل جدًا."
        رد عليه سايلوس قائلاً: "يا أبي، إنه خفيف جدًا بالنسبة لي. لقد جربته في الغابة منذ سنتين."
        
        فقرر لورانس أن يأخذ السيف إلى خبراء السيوف. وبعد فحص دقيق، قال الخبراء إن هذا السيف ليس من عالمهم. بل هو سيف مصنوع من دماء الملوك الأربعة الذين قتلهم الملك الأسود.
        تحدث الخبراء عن الأسطورة التي تقول إن السيف يختار صاحبه، ولا يختاره احد
        وفي لحظة معينة، لاحظ سايلوس أن نصل السيف قد حُفر عليه اسمه. كان النقش دقيقًا وواضحًا، وبجانب الحفر كان هناك توهج فضي خفيف، كما لو أن السيف يعلن عن تبعيته لسايلوس.
        وبالفعل، عندما تطورت قدرات سايلوس السحرية، وتفجرت طاقاته، بدأ السيف يتفاعل معه. ظهر توهج فضي على نصل السيف، وأرسل طاقة روحية حول سايلوس، مما عزز قوته بشكلٍ غير طبيعي.
        أصبح سايلوس بعدها لا يُقهر، لكن سيفه لم يكن قويًا مثل سيف اسكاي، فلم يكن له خادم مثل سيف اسكاي، لأنه كان أقل قوة من سيف اسكاي.
        
        وحد الله ♥
        The end ♥
        
        
          

        روايه اسطورة الملك الاسود - البارت

        اسطورة الملك الاسود

        2025, سما أحمد

        رومانسية

        مجانا

        في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.

        ......

        ......
        تم نسخ الرابط
        اسطورة الملك الاسود

        "الآن... أنتِ لي، ولن يستطيع أحد أخذك مني."
        
        كانت تلك الجملة كافية ليشعر الجميع بثقلها، وكأنها ختم لا يمكن كسره.
        
        انتهى اسكاى من تقبيل ليان تحت أنظار الجميع، وكانت الصدمة تعكس على وجوه الحاضرين. لكن الصدمة التي كانت فيها ليان كانت تفوق كل الخيال.
        
        غضب جيفان كان يشتعل في ملامحه، بينما كان يصرخ بغضب: "هل تعتقد أنك ستختارها بتلك الطريقة؟ لا، لم تصب، ولن يكون لك ما تريد!"
        
        تكلم أسكاي، وابتسامة استهزائية ترتسم على شفتيه، مستفزًا بألفاظه:
        
        "حقًا، لن تختارني؟ أوه، كم حزنت. أيها الصغير، لم أفعل ذلك لكي تختارني. هي، بطبعها، ستختارني أنا، لكني فعلت ذلك فقط لأنني أريد. هل ترى؟ شفتيها... جميلة جدًا، وأنا رجل."
        
        نظر إليه بثقة، وكأن كل شيء في يده، حتى مشاعر الآخرين.
        نزل كلامه على الجميع كالصاعقة التي تدمر كل شيء، ولكن تلك الصاعقة دمرت عقول الجميع. كانت ردة فعل الحاضرين غير مصدقة لما قاله أسكاي، وكأن الكلمات لم تُستوعب بعد.
        
        قال ليو، وقد علت الدهشة وجهه:
        "ماذا قال الملك أسكاي؟ توجد فتاة أغرته؟ هذه أعجوبة!"
        
        لقد كان المشهد مفاجئًا جدًا، وكل الحضور في حالة من الحيرة والذهول.
        
        كانت ردة فعل ليان مختلفة عن الجميع، فقد تجمدت في مكانها، قلبها يدق بشدة، وفكرها يغرق في دوامة من الأسئلة والشكوك.
        
        "هل قال شفتيها جميلة؟ هل أثرته؟" تساءلت في نفسها، وعينيها تراقبانه بحذر.
        "هل يريد أن أختاره؟ هل هو جن؟ ولكن... إذا لم أختاره، سيقتل عائلتي أمام عيني، ماذا أفعل؟ وإذا اخترته، سوف أكون أسيرته إلى الأبد..."
        
        كانت أسئلة تدور في ذهنها كالعاصفة، وكل إجابة لها كانت تزيد من تعقيد الموقف. كان اختيارها يعني الكثير، وكل خيار يحمل في طياته أعباء لا تستطيع تحمّلها.
        
        قال جيفان بتكبر، وهو يرفع حاجبه وكأن ما يقوله لا يقبل الجدل:
        "أنت واثق من نفسك كثيرًا، أيها الملك، وأيضًا مغرور حقًا. إذاً، ليان، فلتحطمي غرور ذلك الملك، وقولي: ليان، من ستختارين، أنا أم هو؟"
        
        أنهى كلمته وهو يعقد ذراعيه على صدره، وبدا وكأنه يتوقع أن تكون الإجابة لصالحه، فهو واثق أن ابنة عمه سوف تختاره.
        
        نظرت ليان إلى جيفان بغضب شديد، وعينيها تتألق بالكراهية، لكنها كانت تفكر في نفسها:
        "أيها الأحمق الغبي، ماذا تقول؟ هل تريد أن أحطم غروره؟ حسنًا، إذا سمعت كلامك هذا، فاعلم أن هذا هو من سيحطمنا جميعًا، وسوف يرسلنا إلى التهلكة. أنت الأحمق، حقًا!"
        
        كانت مشاعرها متضاربة، لكنها كانت على يقين من أن أي خطوة خاطئة قد تؤدي إلى مصير لا يمكن تصوره.
        
        استمرت ليان في التفكير، محاولة إيجاد مخرج من هذا المأزق:
        "سوف أقول لهم إنني أختاركم أنتم الاثنين، وبهذا أكون قد خرجت من هذا المأزق،" فكرت وهي تحاول إيجاد طريقة لتجنب الاختيار الصعب الذي يواجهها.
        
        ولكن قبل أن تتمكن من تنفيذ خطتها، جاء الرد الصادم من أسكاي، وكأن كلماته قد جمدت الزمن لحظة:
        "ليان عزيزتي، لا تقولي إنك ستختارين الاثنين. لن تختاري إلا واحدًا فقط. ستقضين بقية حياتك معي، أو مع هو. اختاري الآن."
        
        كان صوته حادًا، مليئًا بالثقة، وكأن قرارها قد حُسم بالفعل في ذهنه.
        
        قالت ليان في نفسها بصوت منخفض لكنها متألمة:
        "يالهِ من مصير! ماذا فعلت في حياتي ليحدث لي هذا؟ أبي دائمًا يقول لي أن أتصرف بعقلانية، وأن أوزن قراراتي جيدًا، ولكن الآن، هل جاء دور العقل؟ أين هو عقلي الآن؟"
        
        ثم نظرت حولها بثقة، محاولة إخفاء ما يعتمل في قلبها، وقالت بصوت مسموع:
        "جيفان، أخي، أنا اختارك أنت بالطبع."
        
        كانت تلك الكلمات كالصاعقة التي ضربت المكان، وكأنها برق في سماء هادئة، مفاجئة للجميع. لكن، لم تكن المفاجأة الأكثر تأثيرًا هي الكلمات نفسها، بل ردة فعل جيفان. فرحته كانت واضحة على وجهه، قلبه كان يرقص داخل صدره، وكأنه انتصر في معركة حاسمة. لكن، تلك الفرحة لم تدم طويلًا.
        
        قبل أن يستطيع أن يستمتع بلحظة انتصاره، استمرت ليان في الكلام، لتكمل ما بدأته.
        نظرت إلى جيفان بعينيها التي حاولت إخفاء مشاعرها،
        وقالت بصوت متماسك رغم الألم الذي يعتصر قلبها:
        
        "أخي، أنا اختارك كأخ، فقد عشت معك أجمل طفولة، ولن أنسى أبدًا تلك الأيام الجميلة التي قضيناها معًا. ولكن... حان الوقت لكي أرحل. أتعلم ماذا قالت العائلة؟ أنني سأغادر ذات يوم، لأنني سأذهب مع زوجي، ولن أظل معكم كثيرًا. واليوم،..... جاء اليوم الذي سأذهب فيه مع زوجي، الملك أسكاى. هو زوجي، وسأبقى معه طوال حياتي، بينما تبقى ذكريات طفولتي معك، جيفان."
        
        تلك الكلمات كانت بمثابة طعنة مؤلمة في قلب جيفان، فبدت كأنها لحظة نهاية لمرحلة من حياته، وأن التغيير قد جاء لا محالة.
        
        قال جيفان بانكسار، وصوته يرتجف من الألم:
        "أخ... لماذا، ليان؟ لماذا ترينني كأخ فقط؟ لمَ لا ترين فيّ الحبيب... أو الزوج الذي كان يحلم بأن يملأ حياتك سعادة؟"
        
        قالت ليان والدموع تتلألأ في عينيها، وصوتها يرتجف بشدة:
        "صدقني، جيفان... لا أستطيع، لا أقدر أن أراك بشيء أكثر من أخي العزيز... الأخ الوحيد الذي ملك قلبي بحنانه، لا بشغفه. أنت جزء مني... ولكن بطريقة
        مختلفة، بطريقة لا تسمح لقلبي أن يحبك كما تريد."
        
        قال جيفان بصوت مكسور، تخنقه العبرة:
        "حسنًا... لا تريني كحبيب، ولا حتى كزوج... لكن قولي لي، لماذا هو؟ لماذا ترينه هو... وليس أنا؟"
        
        ثم اكمل بغضب شديد، وصوته يعلو ليملأ المكان:
        "لماذا؟! لماذا أسكاى؟! لماذا الملك الأسود؟! لماذا هو بالذات؟"
        
        كانت كلماته مليئة بالانفعال، وعيناه تتوهجان بالغضب. ثم استمر، متسائلًا بشدة:
        "هل بسبب تلك الأسطورة التافهة؟ هل تصدقين تلك الكذبة الكبيرة؟! إنها هراء، ليان! جدي هو من اخترع هذه القصة كي يمنعني من إزعاجك بسبب شعرك! مجرد قصة لا أكثر!"
        ثم، وفي لحظة انهيار، تغيرت نبرته تمامًا، وبدت ندمًا وحزنًا شديدًا في عينيه وهو يقترب منها، متوسلاً:
        "أرجوكِ، ليان، صغيرتي... أنا أحبك. لا تختاريه! هو وحش، حقير! لا يحبك، لا يستطيع أن يحبك! أنا أحبك، وأنا هنا من أجلك! هو فقط يخدعك ليحرق قلبي! سأتخلى عن كل شيء، سأقتله، لا تذهبي معه... أرجوكِ لا تتركيني!"
        
        تلك الكلمات، رغم تأثرها الشديد، كانت تظهر مدى تمسكه بها، ورغبته المفرطة في عدم فقدانها، حتى ولو كان ذلك على حساب كل شيء آخر.
        
        ثم، وفي لحظة من الجنون، أخرج جيفان سيفه بسرعة كبيرة، عازمًا على الهجوم على أسكاى. لكن في تلك اللحظة، حدث شيء غير متوقع. توقفت كل الحركات من حوله كما لو أن الزمن نفسه قد تجمد، ورغم أن العالم من حوله ظل ثابتًا، إلا أن ليان تحركت بسرعة البرق، لتلقي صفعًا قويًا على خده.
        
        كانت الصدمة شديدة لدرجة أن وجهه تدور في الاتجاه الآخر، وتحولت ملامحه إلى مزيج من الألم والدهشة. الصفع لم يكن مجرد رد فعل سريع، بل كان أقوى من أي شيء توقعه. ليان، عيونها مليئة بالغضب والحزن، نظرت إليه بشدة،قالت ليان، والغضب يرتجف في صوتها ودموع الألم تلمع في عينيها:
        "جيفان، ارجع إلى رشدك! لن أسمح لك أن تدمر حياتي ولا حياة العائلة... ولا حتى حياتك أنت!
        أنت لا تدرك ماذا تقول... لقد قلتها لك بوضوح: هذا زوجي!
        زوجي الذي اخترته بإرادتي!
        ثم... ألا تدرك من يكون؟ إنه الملك الأسود! خصمك ليس شابًا بسيطًا، إنه ملك، جيفان... ملك لا يرحم أعداءه!
        أرجوك... كفاك جنونًا، لا تحطم ما تبقى بيننا من ذكريات جميلة..."
        ثم خنقها البكاء، وأخفضت رأسها، تكمل بصوت متهدج:
        "كفى عنادًا... أرجوك، كفى..."
        
        كانت تلك اللحظة هي اللحظة التي فصلت بين الماضي والحاضر، بين الألم الذي كان يسكن قلبها وبين القرار الحاسم الذي اتخذته لتدافع عن مستقبلها.
        
        ثم تكلمت ليان بغضب شديد، وهي تشد على يد جيفان بقبضة قوية، وكأنها تريد أن تهز عقله من داخله.
        
        "هل جننت؟ هل أنت بعقلك؟ هل تريد قتل الملك الأسود؟ الملك، وليس أي ملك، إنه زوجي! زوجي! هل فهمت؟ لقد شتمته بما فيه الكفاية، والآن تريد أن تقتله؟!"
        قالت تلك الكلمات بنبرة حادة، وجسدها يرتجف من شدة الغضب.
        
        ثم، أخذت نفسًا عميقًا، وأكملت كلامها، بصوت مليء بالحزن:
        "استمع جيدًا، أنا لست لك، ولا أنتمي إلى العائلة الآن. الآن، سأصنع عائلة جديدة. ليست بيدَي من أختار، إنه القدر! إنه قدري يا جيفان! لا أستطيع تغييره! وليس بسبب تلك الأسطورة الغبية، لا... إنه القدر، ولن أستطيع التراجع عنه!"
        
        كان وجهها مليئًا بالألم، لكن عيونها كانت تلمع بعزم، وكأنها تأخذ القرار الأخير في حياتها.
        تكلمت ليان بحزن، وهي تسند يدها على وجه جيفان، وقالت بصوت يملؤه الألم:
        
        "ماذا لو نودع بعضنا بكل حب؟ لأن الآن، ستكون نهاية طفولتنا معًا. لنترك وراءنا أي كره، أو سوء تفاهم، أو مشاكل كانت تقف بيننا. الآن، آن الأوان لنزيل كل ذلك."
        
        كان جيفان يبكي بحرقة، كانت دموعه تتساقط كالمطر على وجنتيه، بينما كانت ليان تبكي هي الأخرى، لكن بعينين ممتلئتين بالدموع والألم.
        
        أجاب جيفان بصوت ضعيف، مشوب بالحزن:
        
        "نعم... ولكن..."
        
        لكن ليان قاطعته، وهي تحدق فيه بعينيها المليئتين بالحزن، وأجابته بحسم:
        
        "لا يوجد لكن، جيفان. ما زلتِ ابنة عمك، ولن أبتعد عنك، لكن سأنتقل إلى منزل جديد... مع زوجي."
        
        في تلك اللحظة، كان كل شيء في حياتهم يتحول، كانت النهاية بالنسبة لهم لحظة قاسية.
        
        اقترب جيفان منها، واحتضنها بشدة، وكأنهما يودعان الحياة القديمة بكل ما فيها. تحت أنظار الجميع، تساقطت دموعهما في صمت. لكن الوداع كان مؤلمًا جدًا، كان فراقًا لا يستطيع أحد تحمله.
        وفجأة، في تلك اللحظة الحزينة، شعر الجميع بوجود شيء مختلف. كانت دموع ليو وتيريزا تتساقط، شاهدوا الوداع المؤلم بينهما، بينما كان أسكاى يقف هناك، مبتسمًا بابتسامة باردة، في حين بدا مشمئزًا من كل ما يحدث.
        
        في لحظة، تقدم أسكاى نحوهم ببرود، وقطع الهدوء في الجو، وهو ينظر إليهما نظرة مليئة باللامبالاة. فصل بينهما فجأة، ثم سحب ليان إلى حضنه، وقال بنبرة متعالية:
        
        "هل انتهت تلك الدراما المثيرة للاشمئزاز؟"
        
        تكلمت ليان بصوت منخفض، وعيونها مليئة بالحزن:
        
        "انتهت... نعم، انتهت."
        
        أما جيفان، فصوته كان يملؤه الرجاء، بينما كانت عينيه غارقة في الندم:
        
        "جلالتك... أرجوك، احمِ ليان! لا تدعها تحزن. هي لطيفة، طيبة القلب، لا تستحق كل هذا الألم..."
        
        تنهد أسكاى بملل شديد، ثم نظر إلى جيفان بعينين مليئتين باللامبالاة، وقال بصوت هادئ ولكن مليء بالقسوة:
        
        "لا تقلق، أنا أعرف جيدًا كيف أحمي زوجتي. وكيف أتعامل معها... وهي أيضًا تعلم ذلك. لأنني أشعر الآن بصداع رهيب بسبب هذا كله."
        
        تلك الكلمات، رغم هدوئها، كانت بمثابة صاعقة، كأنها تزيل آخر آثار الود بين جيفان وليان.
        
        ركب أسكاى على حصانه، وأمسك بيد ليان بلطف ليجذبها لركوب الحصان أمامه. أما ليو وتيريزا فقد ركبا معًا على نفس الحصان.
        
        قبل أن يتحركوا، نظرت ليان إلى أسكاى وقالت بصوت منخفض، يملؤه القلق:
        
        "ولكن ماذا عن جيفان؟"
        
        رد أسكاى بنبرة حادة، وكأن الكلمات تخرج من فمه بحذر، محاولًا السيطرة على غضبه:
        
        "صغيرتي، أرجوكِ لا تذكري اسمه أمامي. قبل أن أتهور وأقتله، وأنتِ بالطبع لا تردين هذا، أليس كذلك؟"
        
        هزت ليان رأسها بسرعة، مجيبة بنعم، ولكن قلبها كان مليئًا بالحيرة.
        
        ثم تدخل ليو بسرعة، محاولًا تهدئة الموقف:
        
        "سيدتي، لا داعي للقلق بشأن جيفان. هو سوف يركب العربة التي أتيتم بها، لا تقلقي عليه."
        
        تحركوا بسرعة نحو القصر، وسط صمت ثقيل يخيم على الأجواء، بينما كان أسكاى يواصل ركوبه دون أن ينطق بكلمة أخرى.
        
        وصلوا إلى القصر، ودخلوا جميعًا بهدوء، حيث استقبلهم أهل ليان بابتسامات مشوبة بالقلق.
        
        اقتربت ليان من أمها، واحتضنتها بشدة وكأنها كانت بحاجة لهذا العناق أكثر من أي وقت مضى. كانت العيون مليئة بالدموع، لكن ليان حاولت أن تكون قوية في وجه عائلتها.
        
        تكلمت أمها بصوت يشوبه القلق، وهي تضع يدها على كتف ابنتها:
        
        "ليان، أين كنتِ عزيزتي؟ عندما ذهب الملك ورائك، انتهت الحفلة، وعندما رحل الملك، أين ذهبتم؟ وأين جيفان؟"
        
        كان صوت الأم يحمل الخوف، وكأنها تشعر بأن شيئًا غير طبيعي حدث. ليان رفعت نظرها إلى أمها، وفجأة شعرت بأنها عاجزة عن إخبارها بكل ما حدث.
        
        تبادل الجميع النظرات، وأصبح الجو مشحونًا بالكثير من الأسئلة والتوتر.
        
        تنهدت ليان قليلاً، ثم ردت بصوت منخفض، يبدو عليها عدم الارتياح:
        
        "لا أعلم، أمي، أين جيفان... كنت فقط أتجول مع أسكاى."
        
        لكن والدها، سيد أودين، قطع الصمت فجأة وهو يوجه إليها نظرة غاضبة، وكأن غضبه قد انفجر فجأة:
        
        "ليان! كيف تكونين هكذا؟ بدون أي رسميات؟ كيف تقولين اسم الملك هكذا؟"
        
        كانت ليان في حيرة من أمرها، لكنها كانت على وشك أن ترد، لكن أسكاى كان أسرع منها بكثير.
        
        أجاب أسكاى بثقة شديدة، وهو يضع يده على كتف ليان، كما لو كان يحاول تهدئة الموقف بشكل حاسم:
        
        "سيد أودين، إنها زوجتي، وهي تملكني. تفعل ما تشاء، وتقول ما تشاء. وإذا كان هناك أي شخص يعترض على ذلك، يمكنه أن يأتي إلي مباشرة، وأنا سأريه كيف يعترض على أفعال زوجتي. هل تعترض على ذلك؟"
        
        كانت كلمات أسكاى قوية جدًا، وأصبح الهواء مشحونًا بالتوتر. الجميع في الغرفة توقفوا عن التنفس للحظة، وكانت النظرات تتنقل بين أسكاى ووالد ليان.
        
        أما ليان، فكان قلبها ينبض بسرعة. شعرت بوزن الموقف وأثر كلمات أسكاى، فهي لم تكن متأكدة من كل ما يجري، وكانت تفكر في كيف يمكن أن يتطور الأمر بين أسكاى ووالدها.
        
        والد ليان، سيد أودين، نظر إلى أسكاى بعينيه المتجمدة، لم يرد على الفور. لكن كانت هناك لحظة صمت طويلة، وكأن الحرب الكلامية قد انتهت مؤقتًا.
        
        أما ليان، فقد شعرت بالتوتر يزداد، وكانت تعلم أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا مما كانت تتصور.
        
        رد والد ليان بصوتٍ جاد، يحاول إخفاء مشاعر القلق التي تعتصر قلبه:
        
        "لا، جلالتك، لا يوجد أي اعتراض. لكن، إذا كانت الأمور هكذا، فلا يمكنني أن أغير الواقع. لقد وقع الأمر، ولا مفر منه."
        
        نظر أسكاى إلى والد ليان بعينيه الثاقبتين، ثم تحول نظره إلى ليان بابتسامة غامضة على وجهه، وكأنه يشعر بنشوة انتصار.
        
        قال أسكاى بجدية، لكن بصوتٍ منخفض يعكس قراره الحازم:
        
        "جيد، إذاً غدًا سيكون الزفاف، ولا يوجد أي تأجيل. سنجعلها ليلة لا تُنسى."
        
        تبدلت مشاعر الحضور فجأة بين الصمت والترقب. الجميع كان يعلم أن هذا القرار يعني بداية مرحلة جديدة تمامًا في حياة ليان، وأنه لا عودة الآن.
        
        أما ليان، فقد شعرت بشيء من الصدمة، ولم تكن قد استعدت تمامًا لما يحدث. الزفاف؟ غدًا؟ كل شيء كان يتسارع بسرعة تفوق قدرتها على التفاعل، وعقلها كان في حالة من الفوضى الداخلية.
        
        قالت ليان بصوتٍ منخفض وهي تحاول جمع شتات نفسها:
        
        "غدًا؟"
        
        أجاب أسكاى بحزم، وكأن القرار قد تم بالفعل ولا مجال للرجوع فيه:
        
        "نعم، غدًا. الوقت قد حان."
        
        ابتسم أسكاى ابتسامة غامضة، لكن ليان لم تكن متأكدة إذا كانت هذه الابتسامة تحمل وراءها الكثير من القوة، أم أنها مجرد بداية لعاصفة جديدة في حياتها.
        
        بينما كان الجميع يراقبون ما يحدث في الصمت، كانت ليان تفكر في ما ينتظرها غدًا. لم تكن تعلم كيف ستسير الأمور، لكن كان واضحًا لها أن الحياة التي كانت تعرفها قد انتهت، وأن الطريق الذي يسلكونه معًا هو طريق غير قابل للتراجع عنه.
        
        وحد الله ♥
        the end ♥
        
        
         

        حين يذوب الجليد - روايه اسطوره الملك الأسود

        حين يذوب الجليد

        2025, سما أحمد

        رومانسية

        مجانا

        في قاعة تجمع ملوك الممالك الأربعة، تدخل تيريزا الساحرة الأقوى، محذرة من مستقبل قاتم ينتظرهم. تتنبأ بولادة الملك الأسود أسكاي، الهجين الذي سيحمل قوة لا تُقهر، ويهدد بانقراض السلالة الملكية. كلماتها تترك الجميع في صمت مشحون بالخوف والتردد أمام المصير المحتوم.

        ......

        ......
        تم نسخ الرابط
        اسطورة الملك الاسود

        قبله لا فكاك منها
        
        في مكان بعيد عن أنظار الجميع، كان ضوء القمر الخافت يرسم ظلالًا طويلة على الأرض. الهواء البارد ينساب بهدوء، محمّلًا بصمت الليل.
        
        كانت ليان تحاول تحرير يدها من قبضة جيفان، لكن قبضته كانت قوية وثابتة. خطواتها المتعثرة تكشف عن محاولاتها المستميتة للتوقف، لكن جيفان لم يلتفت.
        
        واصل جرّها خلفه حتى توقفا أمام عربة داكنة اللون، بدت كأنها جزء من العتمة نفسها. التفت إليها أخيرًا، نظراته غامضة، صوته منخفض لكنه نافذ:
        
        "اصعدي."
        
        لم يكن طلبًا، بل أمرًا.
        
        تراجعت ليان خطوة للخلف، نظراتها متوترة وهي تحدق في جيفان.
        
        "إلى أين تأخذني؟" سألت بصوت مرتجف، تحاول السيطرة على قلقها.
        
        اقترب منها جيفان، عينيه لا تحملان أي تردد. "مكان آمن... بعيدًا عن كل هذا الصخب."
        
        شد قبضته على يدها بلطف لكنه لم يمنحها فرصة للاعتراض. دفعها برفق نحو العربة، فتح الباب، وانتظر دون أن ينطق بكلمة.
        
        كانت ليان تشعر بأن الأمور خرجت عن سيطرتها. نظرت للخلف، إلى قصر الاحتفال الذي لا تزال أصداء الموسيقى والضحكات تنبعث منه، ثم عادت لتنظر إلى جيفان.
        
        كان بإمكانها الرفض، لكن في أعماقها، شعرت أن هذه اللحظة ستغير كل شيء.
        
        ببطء، صعدت إلى العربة.
        
        أغلق جيفان الباب خلفها وجلس مقابلها، عيناه تراقبانها بصمت وهي تحاول استيعاب ما يحدث.
        
        تحركت العربة بثبات على الطريق المظلم، تتمايل قليلًا مع اهتزاز العجلات فوق الأرض غير المستوية. كانت الأجواء باردة، لكن التوتر داخل العربة أشد برودة من أي ريح ليلية.
        
        جلست ليان مقابلة لجيفان، عيناها تضيقان بغضب مكبوت، وصوتها يحمل ارتجافة لم تكن بسبب الطقس.
        
        "لماذا تفعل هذا؟ لماذا؟"
        
        أدار جيفان وجهه نحوها، عيناه حادتان، لكن في أعماقهما صراع لا يظهره بسهولة. رد بصوت هادئ، لكنه قاطع، كأنه يلقي حكمًا لا مجال لنقضه:
        
        "لأنني لا أريدك أن تتزوجي الملك الأسود. إنه مجرم، ليس في قلبه رحمة."
        
        اقترب منها قليلًا، مسندًا كوعه إلى فخذه، وصوته يزداد برودًا.
        
        "ولن أصدق أبدًا أنك تحبينه، أو أنه يحبك."
        
        ضحك بسخرية قصيرة، ثم أضاف، ناظرًا إليها بنظرة تحدٍّ:
        
        "إن حاولتِ إقناعي بأن الملك الأسود يحبك، فكأنك تحاولين إقناعي بأن الثور يمكنه أن يُنجب."
        
        لم تستطع ليان منع نفسها من التحديق فيه، كلماتها عالقة في حلقها. هل كان يسخر منها؟ أم أنه كان يخشى شيئًا آخر؟
        
        نظرت ليان مباشرة إلى عينيه، تراقب ملامحه المتجمدة، ثم قالت بصوت هادئ لكنه يحمل شيئًا من التحدي:
        
        "هل أنت خائف عليّ منه؟"
        
        ظل جيفان صامتًا لوهلة، كأن السؤال باغته بطريقة لم يتوقعها. نظراته لم تتغير، لكنها أصبحت أكثر عمقًا، وكأنه يحاول قراءة ما وراء كلماتها.
        
        ابتسمت ليان بخفة وأضافت بثقة:
        
        "لا تقلق... هو لن يؤذيني."
        
        ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة، لكنها لم تكن تحمل أي سخرية هذه المرة، بل كان فيها شيء من المرارة، شيء لم تستطع تفسيره بسهولة. ثم قال بصوت منخفض، لكنه حاد:
        
        "هذا ما تخالينه."
        
        شدّ جيفان قبضته على يديها كأنه يحاول إيقاظها من وهم تراه حقيقة، ثم قال بلهجة ممتزجة بالغضب واليأس:
        
        "إنه لا يحبكِ يا ليان، عزيزتي... إنه وحش! كيف تتزوجين أحدًا مثله؟! سوف نهرب، أنا وأنتِ، بعيدًا عن هذا الجنون!"
        
        توسعت عيناها من الصدمة، ثم سحبت يدها بقوة من قبضته وهي ترد بحدة:
        
        "هل جننت؟! وماذا عن العائلة؟! ماذا ستكون ردة فعلهم؟!"
        
        أخذ نفسًا عميقًا، كأنه يكافح للحفاظ على هدوئه، ثم قال بصوت منخفض لكنه لا يزال يحمل بعض الحدة:
        
        "هل تظنين أن أحدًا منهم يهتم حقًا بمشاعركِ؟ كل هذا مجرد لعبة سياسية، وأنتِ مجرد ورقة فيها!"
        
        ارتجفت أنفاسها، لكن عينيها لم تهتزّا وهي ترد:
        
        "حتى لو كان ذلك صحيحًا... لن أهرب."
        
        "حسنا لماذا تساعدني؟ هل تحبني يا جيفان؟ ولماذا تفعل هذا معي؟"
        
        نظر إليها، تجمدت ملامحه للحظة وكأن الكلمات عجزت عن الخروج. همس بصوت منخفض، "ماذا؟ أنا... أنا..."
        
        ولكن قبل أن يتمكن من إكمال كلامه، توقفت العربة
        
        نظرا الاثنين من النافذة، وكانت المفاجأة...
        أدركت أنه الملك الأسود.
        
        قالت في نفسها: "كيف؟ كيف أتى إلى هنا؟ كيف فعل ذلك؟ وكيف عرف مكاننا؟"
        
        بدأ قلبها ينبض بسرعة، عيناها كانت متسعة بالصدمة، أنفاسها متقطعة، لم تستطع تصديق ما تراه أمامها. الذئب الضخم الذي يحدق بها لم يكن مجرد وحش، كان هو.
        
        فلاش باك
        
        قبل أن تتلاشى تريزا من أمامه، ظهرت لورين فجأة.
        
        "ابنتي! أين الملك؟"
        
        نظر إليها سكاي بثبات وقال: "أنا الملك، سيدة لورين. لقد عدنا إلى أجسادنا."
        
        اتسعت عيناها بفرح، لمعت دموع الراحة في عينيها: "حقًا؟ لقد عدتم؟! إذن، أين هي ابنتي؟"
        
        تجمد للحظة قبل أن يجيبها، كأنه يدرك الآن فقط غياب ليان. نظر حوله سريعًا، لم تكن هناك.
        
        سألته لورين بقلق متزايد: "ألم تكن معكم؟ أين ذهبت؟"
        
        شعر بشيء لم يفهمه، توتر غريب في صدره، لكنه حاول أن يظل هادئًا. نظر إليها وقال: "لا أعلم، سأتحقق مما إذا كانت مع والدها..."
        
        انصرفت لورين من أمام سكاي، لكن قبل أن يتحرك، ظهرت تيريزا أمامه بسرعة، نظرتها مليئة بالخبث.
        
        قالت بابتسامة ماكرة: "أيها الملك، هل تنوي البحث عنها؟ هل تريد معرفة مكانها حتى بعد أن عدتم إلى أجسادكم؟"
        
        رمقها سكاي بنظرة باردة، ثم قال بصوت ثابت: "ما هذا الهراء؟ بالطبع لا أريدها، ولا يهمني أين ذهبت."
        
        لكن، رغم كلماته الحادة، كان هناك شيء ما بداخله يضطرب.
        
        قبل أن ترد تيريزا، قاطعهم صوت خطوات سريعة.
        
        تقدم ليو نحو سكاي، عيناه مليئتان بالفضول، لكن تعابيره هادئة كعادته. انحنى قليلًا بطريقة متصنعة، ثم قال بسخرية خفية: "أيتها الفتاة، أين الملك؟"
        
        ابتسمت تيريزا ببرود، ثم أجابته: "إنه أمامك، لقد عادا إلى أجسادهما."
        
        رفع سكاي حاجبه ببرود وهو ينظر إلى ليو، الذي كان يلهث قليلًا بسبب الجري.
        
        "حقًا، جلالتك؟ مبارك لك، ولكن كيف حدث هذا؟"
        
        قال سكاي بصوت هادئ لكن حازم: "إنها قصة طويلة… ولكن قل لي، لماذا كنت تجري؟ ماذا كنت تريد أن تخبرني؟"
        
        تردد ليو للحظة، ثم قال بسرعة: "آه، ليان… لقد اختفت! عائلتها تبحث عنها وعن جيفان، ولا أحد يعلم أين هما."
        
        تيريزا وضعت يدها على فمها وكأنها مصدومة، لكنها سرعان ما ردت بنبرة مصطنعة: "أوه، كم هذا… مأساوي! يبدو أن جيفان قد خطفها ليمنعها من الزواج بك."
        
        ثم، دون أن يلاحظ أحد، ضربت ليو بمرفقها بخفة، تلميحًا له ليجاريها في التمثيل.
        
        نظر إليها ليو بطرف عينه، ثم تمتم وهو يتنهد وكأنه اقتنع: "نعم… هذا منطقي جدًا."
        
        تضيق عينا سكاي قليلًا، لكن ملامحه ظلت جامدة.
        
        قال ليو، مستمرًا في التمثيل: "جلالتك، ألم تلاحظ كيف كانت ردة فعل ذلك الطفل حين طلبت يدها؟ وكأنه يحبها ويريد الزواج منها! هل ستسمح له بأن يخطف زوجتك؟"
        
        تيريزا، بابتسامة خفيفة، أكملت بسرعة: "صحيح، جلالتك… هل ستسمح للملوك والممالك الأخرى أن تهمس في مجالسها بأن عروس الملك الأسود هربت قبل موعد زفافها؟ هل ستدعهم يقولون إنك ضعيف، لأنك لم تستطع إحضار زوجتك؟"
        
        تقدم ليو خطوة، نبرته تحمل شيئًا من التحدي المحسوب: "هل ستدع ذلك الطفل يجعلك أضحوكة في نظر شعبك؟ هل ستدع سمعتك، التي بنيتها بقرون من القوة، تتحطم؟ هل ستسمح لأعدائك بالشماتة فيك؟"
        
        ظل سكاي صامتًا لوهلة، ثم رفع عينيه الباردتين نحوهم، وقال بصوت منخفض لكنه مشحون بالغضب: "أين هي؟"
        
        ابتسمت تيريزا بخبث وهي تلتفت إلى ليو قائلة:
        
        "أنا أعلم مكانها، فلنسرع قبل أن يفوت الأوان."
        
        تحرك سكاي دون تردد، خطواته كانت حازمة وكأنها تحمل تهديدًا صامتًا، بينما تيريزا تبعته بسرعة. لكن قبل أن يتحرك ليو، أوقفت تيريزا يده وهمست له:
        
        "إن لم نساعده الآن، وإن لم نجعله يلين قلبه، فسيدمر العالم ونفسه معه. ساعدني في جعل هذين الاثنين يقعان في الحب."
        
        نظر ليو إليها للحظات، عينيه تبحثان عن جدية نواياها، ثم تنهد ببطء وقال بصوت خافت:
        
        "أنتِ تلعبين بالنار، تيريزا... لكن لا بأس، سأساعدك."
        
        ابتسمت تيريزا بمكر:
        
        "رائع، إذاً فلنتحرك قبل أن يدمر شيئًا في طريقه."
        
        على بعد مسافة، كان سكاي يسير بخطوات ثابتة لكنها تحمل توترًا مخيفًا. عيناه المتقدتان كالجمر تحت ضوء القمر لم تعكسا سوى الغضب، لكن شيئًا آخر كان يشتعل داخله، شيء لم يكن يريد الاعتراف به.
        
        فجأة، توقفت خطواته، وانخفض جسده قليلًا إلى الأمام، ثم في لحظة خاطفة، انطلقت هالة ضخمة من حوله، وتحولت ملامحه البشرية إلى هيئة ذئب عملاق قاتم الفراء، عيناه تشتعلان كوهج النار.
        
        بمجرد اكتمال تحوله، انطلق كالسهم، يركض بسرعة هائلة مخلفًا دوامات من الغبار خلفه. الأرض تهتز تحت قوته، والهواء يندفع بقوة كلما زاد من سرعته.
        
        صرخت تيريزا وهي تحاول اللحاق به:
        
        "اللعنة! لقد تحول! ليو، علينا الإسراع!"
        
        لكن ليو نظر إليها بوجه شاحب ثم إلى أحصنتهم التي بدت وكأنها لن تصمد أمام هذه السرعة، وقال بسخرية يائسة:
        
        "إذا كنتِ تعتقدين أننا سنلحق به، فأنتِ تحلمين."
        
        وبدون خيار آخر، قفزا إلى ظهر الخيول وانطلقا بأقصى سرعة، لكن الفرق كان واضحًا. سكاي كان يقترب من العربة، بينما هم بالكاد يستطيعون رؤية ظله في الأفق.
        
        توقف سكاي أمام العربة، جسده العملاق بدأ يتوهج للحظات قبل أن يتراجع فراءه الأسود تدريجيًا، عظامه تعيد تشكيل نفسها حتى عاد إلى هيئته البشرية. كان واقفًا هناك، طويل القامة، مهيبًا كما كان دائمًا، لكن نظراته هذه المرة كانت أشرس من أي وقت مضى.
        
        داخل العربة، لم تكن ليان قادرة على التنفس بشكل طبيعي. كيف وصل بهذه السرعة؟ كيف عرف مكانها؟ قلبها كان يخفق بجنون، يداها متشنجتان فوق ركبتيها، لكنها لم تجرؤ على التحرك.
        
        بصوت هادئ لكنه حاد كالشفرة، قال سكاي: "انزلي."
        
        بقيت متجمدة في مكانها، غير قادرة على الرد.
        
        وفي تلك اللحظة، وصل ليو وتيريزا أخيرًا، يلهثان من شدة الإرهاق، بعدما تخلفا عن سكاي بسبب سرعته التي تجاوزت سرعة خيولهما بكثير. قفزا من على الأحصنة، واندفعا نحو العربة.
        
        صرخ ليو، محاولًا كسر التوتر: "سكاي! على الأقل دعها تلتقط أنفاسها!"
        
        لكن سكاي لم يرد، لم ينظر إليهم حتى. كان تركيزه منصبًا بالكامل على ليان، وعلى حقيقة أنها ما زالت جالسة داخل العربة، تتجنبه بعينيها المرتجفتين.
        
        "قلتُ انزلي."
        
        كان صوته أكثر عمقًا هذه المرة، وكأن صبره بدأ ينفد.
        
        نزلت ليان بسرعة، جسدها يرتجف، عيناها متسعتان من الرعب أمام هالته التي تكاد تخنق الهواء من حولها. لم تكد تخطو خطوة حتى أمسك سكاي بمعصمها بقوة، سحبها خلفه دون كلمة واحدة.
        
        لكن فجأة، أوقفه شيء.
        
        يد جيفان أمسكت بيد ليان الأخرى، شدّها نحوه وكأنه يحاول انتزاعها من قبضة الملك الأسود. عينيه كانتا مليئتين بالتحدي، لكن يده كانت ترتجف قليلًا. لم يكن أحمق، كان يعرف من يواجه.
        
        قال جيفان بصوت ثابت لكنه مليء بالتوتر: "لن تأخذها."
        
        لم يتغير تعبير سكاي، لم يُظهر غضبًا أو استياءً. فقط رفع عينيه الباردتين نحو جيفان، وفي جزء من الثانية، شد ليان نحوه بقوة كادت تقتلعها من مكانها.
        
        "أنا لا أطلب الإذن."
        
        بضربة واحدة، انفصلت يد جيفان عنها، ليجد نفسه مدفوعًا بعنف إلى الخلف، بينما سقطت ليان داخل صدر سكاي، جسدها ارتطم بعضلاته القوية، أنفاسها تعلقت في حلقها.
        
        حرارة جسده كانت مرتفعة، شديدة كما لو كان يحترق من الداخل. قلبها بدأ ينبض بجنون، لم تستطع رفع رأسها، لكن رغماً عنها، وجدت نفسها ترفع عينيها ببطء.
        
        كان وجهه قريبًا جدًا، ملامحه القاسية، عينيه التي لم تتغير، باردة كالجليد لكنها مليئة بشيء آخر... شيء جعلها تشعر بأن أي كلمة أو مقاومة ستكون بلا فائدة.
        
        اختنق صوتها في حلقها، شعرت برغبة في البكاء، لكن الدموع لم تخرج. كانت محاصرة بين خوفها منه... وبين إحساس غريب لم تستطع فهمه.
        
        أمسك سكاي بيد ليان وسلمها إلى تيريزا، ثم نظر إليها بعينين متوهجتين، وهالة الظلام تحيط بجسده، وقال بصوت منخفض لكنه محمل بالتهديد:
        
        "لا تدَعيها تهرب، وإلا ستكونين التالية."
        
        أومأت تيريزا برأسها بسرعة، تدرك جيدًا أنه لا يمزح.
        
        استدار سكاي نحو جيفان، الذي كان يحدق به بعناد، لكن قبل أن يتمكن من قول أي شيء، بدأت ملامح سكاي تتغير. جلده شحب أكثر، أنيابه امتدت، وعيناه تحولتا إلى اللون الأحمر القاتم. انتشرت هالته المرعبة كالعاصفة، وانخفضت درجة الحرارة من حوله.
        
        في لحظة، اختفى سكاي من مكانه وظهر أمام جيفان، وأطبق على معصمه بقبضة حديدية. لم يُمنح جيفان حتى فرصة لاستيعاب ما يحدث، إذ شعر بريح عاصفة تضربه، وفي غمضة عين، انتقل مع سكاي بسرعة مرعبة، تاركين الجميع خلفهم.
        
        عندما توقفا، وجدا نفسيهما في منطقة نائية، حيث لا أثر للحراس أو أي شخص آخر. وقف جيفان مذهولًا، يحاول استعادة توازنه بعد الانتقال المفاجئ.
        
        أفلت سكاي يده ودفعه للخلف قليلًا، ثم نظر إليه بازدراء وسأله بصوت بارد:
        
        "إذن، أيها الطفل، لماذا أخذت زوجتي؟"
        
        حدّق به جيفان بغضب، ورغم خوفه، ردّ دون تردد:
        
        "لن أسمح لها بالزواج منك، أيها الوحش!"
        
        ضاقت عينا سكاي، لكن جيفان تابع بصوت ثابت:
        
        "ليان فتاة لطيفة، ولن أدعها تقع في يديك."
        
        نظر سكاي إلى جيفان ببرود، عيناه تضيقان وكأنه يقيّمه. وقف أمامه بثبات، بينما كان جيفان يحاول السيطرة على أنفاسه بعد الرحلة العنيفة.
        
        "هل تحبها؟ هل تريد الزواج منها؟"
        
        تصلب جسد جيفان، لكنه لم يتراجع. قبضته كانت مشدودة، لكنه رفع رأسه بتحدٍّ وقال بصوت قاطع:
        
        "نعم، أحبها. لن أدعها تقع بين يديك."
        
        ظل سكاي صامتًا للحظات. نظراته كانت هادئة، غير متأثرة بالكلمات التي خرجت من فم جيفان. ثم، بخطوة واحدة، اقترب حتى أصبح الفارق بينهما شبه معدوم، مما جعل جيفان يشعر بضغط هائل على جسده، كأن الهواء المحيط به قد اختفى.
        
        "أنت تتحداني، إذن؟"
        
        ابتلع جيفان ريقه، لكنه لم يحدّق بعيدًا. قال بصوت أكثر هدوءًا، لكنه لا يزال يحمل عنادًا:
        
        "ليان ليست شيئًا لتأخذه بالقوة. هي تملك الحق في اختيار من تكون معه."
        
        ضحك سكاي، ضحكة قصيرة بلا أي دفء.
        
        "وهل تظن أنها ستختارك؟"
        
        لم يمنح جيفان وقتًا للرد، بل تابع بصوت منخفض لكنه ممتلئ بالقوة:
        
        "ليان تخصني. سواء أحبّت ذلك أم لا، سواء أحببت ذلك أنت أم لا. الفرق بيني وبينك... أنني لا أطلب إذنًا."
        
        مد يده بسرعة، قبض على عنق جيفان بقوة كافية لتثبيته، لكن ليس لقتله. انحنى قليلًا، حتى باتت أعينهم على مستوى واحد، ثم همس:
        
        "سأريك من هو الوحش الحقيقي."
        
        إذن، هل ستقتلني؟ هل تظن أن بفعلك هذا ستجعل ليان تحبك؟ هل ستسامحك العائلة؟ هل سيسامحك الشعب؟ ماذا سيقولون عنك؟ هل فكرت في ذلك؟"
        
        ظل سكاي يحدق به للحظات، ثم انفجر ضاحكًا. كانت ضحكته باردة، خالية من أي مشاعر. توقف فجأة، وعيناه المتوهجتان تلمعان بخطورة.
        
        "هل تعتقد أنني سأقتلك؟ هل أنت غبي إلى هذا الحد؟" قالها بصوت ساخر، ثم اقترب أكثر حتى كاد أن يلتصق به.
        
        "على العكس، لن أقتلك. الموت بالنسبة لك سيكون راحة، وأنا لا أمنح أحدًا الراحة."
        
        مال برأسه قليلًا، نظراته كالسكاكين تخترق جيفان.
        
        "أنت حالة استثنائية، ولن أعذبك جسديًا، بل سأحطمك نفسيًا، أيها الطفل الأحمق."
        
        ابتسم بسخرية، ثم أكمل بصوت خافت لكنه حمل تهديدًا واضحًا:
        
        "سأجعلك تتمنى الموت، لكنك لن تحصل عليه."
        
        أمسك سكاي جيفان بقوة، وعيناه تومضان بوهج دموي. في لحظة، اختفى كلاهما وسط دوامة من الظلال، وعادوا بسرعة البرق إلى حيث كانت تيريزا، ليو، وليان.
        
        بمجرد وصولهم، ألقى سكاي بجيفان جانبًا بلا اكتراث، وكأنه لا شيء. ترنح الأخير قليلًا، يحاول استعادة توازنه، لكن سكاي لم يُعره أي اهتمام.
        
        تقدم بخطوات ثابتة نحو ليان، عينيه مثبتتين عليها، نظراته تحمل مزيجًا من الغضب والامتلاك. لم يمنحها فرصة للهرب أو حتى التفكير، بل شدّها إليه بقوة، ليصطدم جسدها بصدره الصلب.
        
        تسارعت أنفاسها، حاولت التراجع، لكنه كان أكثر حزمًا، قبضته حول معصمها كانت قوية، لا تسمح لها بأي مقاومة.
        
        اقترب سكاي أكثر، عيناه الرماديتان تلتهمان تفاصيل وجهها المصدوم. كانت أنفاس ليان متقطعة، قلبها ينبض بجنون، عقلها يصرخ بأنها يجب أن تتراجع، لكن جسدها لم يتحرك.
        
        كانت يد سكاي على خصرها مشتعلة، وكأنها تحرقها بلهيب غير مرئي، لكنها لم تستطع مقاومته. أصابعه التي مررها على خدها جعلت قشعريرة تسري في جسدها، لم يكن لمسته خشنة، بل كانت ناعمة بشكل غير متوقع، كأنه يتعامل مع كنز يخشى أن يتحطم بين يديه.
        
        وحين همس في أذنها، تجمدت أنفاسها. صوته كان منخفضًا، لكنه حمل معه وعدًا مظلمًا وخطيرًا.
        
        "ليان... جريني في جنوني، وإلا سأقتل ذلك الطفل وأمزق عائلتك أمام عينيك."
        
        ارتعش جسدها. لم تكن كلماته تهديدًا فارغًا، كانت تعرف أنه يعني كل حرف قاله. لكنه لم يمنحها فرصة للرد، فقد عاد إلى وضعه المستقيم، لكن قبضته عليها لم تتراخَ.
        
        اقترب وجهه من وجهها، حتى كادت أنفاسه الساخنة تلامس شفتيها. نظر إليها بعمق، عيناه كانتا أشبه بتعويذة سحرية، وكأنهما تغرقانها في دوامة لا مهرب منها. شعرت أن ساقيها أصبحتا واهنتين، وكأن قوتها كلها تلاشت أمامه.
        
        ثم... فعلها.
        
        اختفى الفراغ بينهما، وغطاها دفء شفتيه، ساحرًا ومجنونًا في الوقت ذاته. لم يكن مجرد لمسة عابرة، بل كان امتلاكًا، سيطرة، وانجذابًا لا يمكن الفرار منه. كانت أنفاسها قد انقطعت تمامًا، عقلها توقف عن العمل، كل شيء من حولها تلاشى، ولم يتبقَ سوى إحساسها به.
        
        جسدها تجمد للحظة، ثم ارتعش بخفة، لم تكن تعرف ما يجب أن تفعله، لكن يده التي كانت تشدها إليه لم تمنحها خيارًا سوى الاستسلام. لم يكن الأمر مجرد قبلة، بل كان إعلانًا، وعدًا، وربما تهديدًا.
        
        أما من حولهم، فقد وقفوا مذهولين.
        
        تيريزا غطت فمها بيدها، عيناها متسعتان بصدمة غير مصدقة لما تراه.
        
        ليو كان يحدق بهما، حاجباه مرفوعان بدهشة نادرة، وكأنه لم يكن يتوقع أن سكاي قد يفعل شيئًا كهذا.
        
        أما جيفان، فقد كان يرتجف من الغضب، قبضتيه مشدودتان بقوة حتى كادت عروقه تنفجر، لكنه لم يستطع فعل شيء.
        
        لم يكن هذا مجرد مشهد عادي، بل كان لحظة غيرت كل شيء.
        
        بعد لحظات، ابتعد سكاي قليلًا، لكنه لم يتركها، ظل ممسكًا بها كأنها قد تهرب في أي لحظة. نظر في عينيها المرتبكتين، ثم ابتسم بخفوت وقال بصوت منخفض:
        
        "الآن... أنتِ لي، ولن يستطيع أحد أخذك مني."
        
        كانت تلك الجملة كافية ليشعر الجميع بثقلها، وكأنها ختم لا يمكن كسره.
        
        وحد الله ♥
        The end ♥
         
         

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء