موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        رواية بنت عربية في اوروبا - يومياتها مع الشباب والدراسة

        بنت عربية في اوروبا

        2025,

        اجتماعية

        مجانا

        بنت عاشت فترة في أوروبا وتحديداً هنغاريا، وتشاركنا تجربتها بكل صراحة. تتكلم عن ثقافتهم المختلفة، من ناحية الشباب اللي ما يعجبونها، ونظام المدارس اللي تشوفه غريب، وكمان عن الأكل اللذيذ اللي جربته. البنت هذي تلاحظ قد إيش الموضة والموسيقى الأمريكية توصل أوروبا متأخر، وفي النهاية تشرح لنا بعض الكلمات الهنغارية بطريقة فكاهية.

        الشباب الأوروبي

        مؤدبين ولا محترمين مثل الشباب في كندا وأمريكا

        نظام المدرسة

        غير عملي وفيه فوضى كبيرة

        العادات الاجتماعية

        الناس في أوروبا نادرًا ما يبتسمون أو يسلمون على الغرباء في الشارع
        تم نسخ الرابط
        رواية بنت عربية في اوروبا - يومياتها مع الشباب والدراسة

        الشباب الأوربيين...
        
        ...
        
        وش كنت تفكر فيه قبل شوي؟ كنت تفكر إني بتكلم عن قد إيش الشباب اللي هنا مزز ويهبلون؟ يا شيخ انقلع.
        
        لا.
        
        أنا آسفه جداً، بس الشباب الأوربيين ما يعجبوني.
        
        ماعدا زين مالك، ونايل هوران، وبيودي باي، ما قد شفت ولد/رجال يستاهل لقب "عارض أزياء".
        
        أنا آسفه يا بنات، بس إذا هذا سبب تفكيركم في السفر لأوروبا، روحوا مكان ثاني. ما بتشوفون إلا الخيبة.
        
        وأنت يا أستاذ، أقل منافسة لك، صح؟
        
        ما راح أستخدم هذي النظرة النمطية مرة ثانية أبداً.
        
        الشباب اللي هنا لا هم مؤدبين ولا محترمين، لا هم شيء إذا قارناهم بالشباب اللي بكندا أو أمريكا.
        
        ما فيه شيء اسمه "صديق ولد" هنا. كان عندي صديق أمريكي عايش هنا، وكنا نقضي وقت كثير مع بعض. كل ما رحت معاه مكان، كل اللي أسمعه وأنا طالعة من المدرسة هو "يا زين ميرسيد وصديقها!!" أو شيء زي كذا.
        
        ليش؟
        
        ما أشوفكم تقولون "يا زين ميرسيد وصديقتها!" لما أطلع مع بنت. أنا ما أقول "يا زين فلان/فلانة مع صديقها/صديقتها!" فلا تسوونها معي.
        
        أنا أحب أطلع مع أصدقائي الشباب، يا ليتكم تشوفون قد إيش إنتم كول! بس إذا ما قدرت أطلع من المدرسة معاك من دون ما يكون فيه مصورين من الطلاب والمدرسين يسألون إذا أنا أواعدك، أو أنام معاك، أو أتباوس معاك، يمكن ما راح أطلع معك بعد كذا.
        
        ويا ليت توقفون عن لمس مؤخرتي. ما يهمني إذا كان هذا الشيء عادي بأوروبا، أنا مو أوروبية، وما راح أتعود على هالشيء.
        
        أدري إن هذا الشيء عادي بكل مكان، بس يا إلهي، وش سالفة الشباب وغرورهم؟
        
        مثلاً، إذا قلت رد ذكي، لا تسوي مشكلة، أنت بس كذا تخلي شكلك غبي. أو إذا ما تبي تلعب "ميتا" (وهي لعبة زي الكيك بول، أو أحياناً البيسبول) بحصة الرياضة، لا تفكر تلقائياً إن مسموح لك ما تسوي حصة الرياضة. هذا مو قرارك، تقدر ما تسويها إذا كنت تعبان، أو مو لابس لبس الرياضة، بس ما تقدر ما تسويها عشان الأشياء مو ماشية على كيفك.
        
        هل إنت لابس تاج؟ لا؟ أجل لا تتصرف كأنك أميرة.
        
        شكراً.
        
        وأخيراً، تحية لكل الشباب الأوربيين الكويسين، أنتم تعرفون أنفسكم.
        
        وهنا سؤالي لكم، مدرس الرياضة حقك وش كان يسوي إذا فيه أحد رد عليه، أو ببساطة رفض يسوي حصة الرياضة؟ همم؟
        
        مع حبي،
        
        
        
        ---------
        
        
        
        المدرسة...
        
        نظام المدارس هنا مو عملي أبد.
        
        في بعض الأيام، أبوي يضطر يروح لمدرستي، بعدين يروح للمدرسة الثانوية، بعدين يرجع لمدرستي، وبعدين يروح للمدرسة الثانوية مرة ثانية عشان اجتماعات التخطيط.
        
        وبرضو يعطون مدرسين يدرسون مواد المفروض ما يدرسونها. كان عندي مدرس السنة اللي فاتت ترك المدرسة بسبب هالشيء. هو مدرس إنجليزي متخصص، لكنهم خلوه يدرس علوم بس. فيزياء، ورياضيات، وأحياء، وكيمياء. طلابه المساكين ما كانوا يتعلمون أي شيء! أنا عارفة هالشيء لأني عشت التجربة، ولحسن حظي هو ما درسني إلا رياضيات، بس بما إني ما أتكلم اللغة الهنغارية، وهو ما كان يجي إلا مرة بالأسبوع، مع نهاية السنة كنت ما تعلمت إلا نص المنهج.
        
        الشيء الثاني اللي يغث بشكل مو طبيعي هو إن المدرسين يحسبون إنهم عادي يقطعون عن الشغل فجأة. يعني، مو من الاحترافية إنك تقول لهم قبل ما تترك الشغل؟ إذا بتستقيل، لازم يكون عندك الجرأة تسويها وتقول لهم ليش. ما راح يتعلمون إلا كذا. أنا كان عندي ثلاث مدرسين موسيقى وأربع مدرسين رياضيات السنة اللي فاتت. واحد من مدرسين الموسيقى حتى ما علم صاحب البيت اللي هو مستأجره إنه بيمشي. فجأة كذا مشى.
        
        الجداول. يا. إلهي.
        
        أنا آسفه على كلماتي، بس يا ربي.
        
        خلال شهر، جدوليني تغيروا يمكن خمس مرات. والتغيرات مو بسيطة، تغيرات كاملة يعني كل شيء كتبته لازم تمسحه وتكتبه من جديد. أصلا، واحد من جداولي توه تغير مرة ثانية لأن مدرس العلوم حقي مشى.
        
        كون إن عندي جدولين (أسبوع أ، وأسبوع ب) هذا شيء سخيف. وش رأيكم يوم واحد، ويوم اثنين؟ أو جدول واحد بس؟ وليش عندي ٧ حصص بيوم وخمسة أو ستة باليوم الثاني؟ أنا متأكدة إن فيه طريقة منطقية أكثر عشان يسوونها. يا جماعة.
        
        ببساطة، الدراسة هنا صعبة زي الدراسة بأي مكان ثاني، وإذا ما كانت أصعب.
        
        تنويه: هذا الكلام من تجربتي الشخصية في هنغاريا. ما قد درست بأي دولة ثانية.
        
        
        
        -----
        
        
        
        الأكل الأوروبي رهيب.
        
        أكلتي الهنغارية المفضلة إلى الآن هي شيء يسمونه "لانغوش".
        
        هي عجينة مقلية، مع الإضافات اللي تختارها. القشطة والجبن خيار شعبي، وزي القشطة لحالها (مرة مشهورة هنا، ما فيه طبق رئيسي تاكله إلا معها)، بس ممكن تاخذ لانغوش حالي يكون فيه مربى، أو سكر بس، أو نوتيلا، أو صوص شوكولاتة. صوص الشوكولاتة والنوتيلا مو نفس الشيء! صوص الشوكولاتة طعمه مو مرة، مو حالي. كأنه قهوة سوداء مع لمسة شوكولاتة. اختاروا النوتيلا أحسن.
        
        أكلتي الألمانية المفضلة هي "براتورست" (آسفة للألمان، ما عندي كيبورد ألماني - ما أدري إذا كتبتها صح) وهي سجق أبيض، ينوكل بالغالب مع خردل حالي.
        
        في سلوفاكيا، أكلت نيوكي مع زبدة وسكر مطحون. مرة ودي أرجع آكل منه.
        
        في النمسا أكلنا ماكدونالدز بس. ما أدري ليش... كان شيء يزعل.
        
        في كثير من رحلاتنا كنا نطبخ أكلنا بأنفسنا، بس جربت سلطة الأخطبوط في كرواتيا، وكانت لذيذة بشكل مفاجئ، وأكلت كثير من الكريب في سلوفينيا.
        
        أقدر أقول إن الأكل الأوروبي لذيذ.
        
        
        
        
        ------
        
        
        
        الأكل الأوروبي رهيب.
        
        أكلتي الهنغارية المفضلة إلى الآن هي شيء يسمونه "لانغوش".
        
        هي عجينة مقلية، مع الإضافات اللي تختارها. القشطة والجبن خيار شعبي، وزي القشطة لحالها (مرة مشهورة هنا، ما فيه طبق رئيسي تاكله إلا معها)، بس ممكن تاخذ لانغوش حالي يكون فيه مربى، أو سكر بس، أو نوتيلا، أو صوص شوكولاتة. صوص الشوكولاتة والنوتيلا مو نفس الشيء! صوص الشوكولاتة طعمه مو مرة، مو حالي. كأنه قهوة سوداء مع لمسة شوكولاتة. اختاروا النوتيلا أحسن.
        
        أكلتي الألمانية المفضلة هي "براتورست" (آسفة للألمان، ما عندي كيبورد ألماني - ما أدري إذا كتبتها صح) وهي سجق أبيض، ينوكل بالغالب مع خردل حالي.
        
        في سلوفاكيا، أكلت نيوكي مع زبدة وسكر مطحون. مرة ودي أرجع آكل منه.
        
        في النمسا أكلنا ماكدونالدز بس. ما أدري ليش... كان شيء يزعل.
        
        في كثير من رحلاتنا كنا نطبخ أكلنا بأنفسنا، بس جربت سلطة الأخطبوط في كرواتيا، وكانت لذيذة بشكل مفاجئ، وأكلت كثير من الكريب في سلوفينيا.
        
        أقدر أقول إن الأكل الأوروبي لذيذ.
        
        
        
        -------
        
        
        الناس بالشوارع:
        
        
        هذا شيء ما أقدر أقول إني معاه أو ضده.
        
        يمكن هذا شيء أمريكي بس، لكن لما تمشي بالشارع تبتسم، أو على الأقل تقول "أهلاً" إذا ما كان الشخص مشغول بمحادثة. صح ولا لا؟
        
        هنا، إذا مريت بأحد وقلت له "أهلاً"، بيطالع فيك كأنه مسكك مع شريك حياته. وإذا ابتسمت، بيشك فيك فوراً، ويبعد عنك كم متر.
        
        زي ما قلت، ما أدري إذا عجبني هذا الشيء أو لا.
        
        في بعض الأيام، إذا أحد قال لي "أهلاً" بابتسامة، يمكن أصفقه. وفي أيام ثانية، أكون محتاجة أحد يفرحني، وأحياناً ولد مزيون يقول "أهلاً"، يجنن. وأحياناً يكون عندي مزاج أسولف...
        
        وأنا ما أتكلم هذي اللغة. أنا أفهم "أهلاً"، وبعض الكلمات الثانية. لكن إذا طاحت علي عجوز، وبدت تسولف لي عن قصة ركبتها اللي تعورها، الكلمات الوحيدة اللي بفهمها هي أي أرقام، وبعض الكلمات اللي تربط الجمل ببعض، أو كلمات عشوائية مو مهمة.
        
        فمن هالناحية، شيء كويس إن الغرباء ما يسولفون معي فجأة. موقف محرج.
        
        والذوق هنا سيء. إذا كنت في الباص، وركبت عجوز تمشي بصعوبة، تعطيها مكانك. هذا من الأدب.
        
        بس لا.
        
        أمي شافت هذي الحرمة في الباص، كانت رافعة رجلينها على الكرسي اللي جنبها وحاطة شنطتها. وركبت عجوز. هل تحركت؟ لا. ركبت عجوز ثانية. لسا ما تحركت. وركبوا ولدين شباب حلوين؟ حطت رجلينها وشنطتها على حجرها بسرعة.
        
        بعض الناس، وش نقول.
        
        
        
        -------
        
        
        يمكن تفكر إن شيء مشهور زي أغنية "غانغنام ستايل" (للمغني ساي، إذا ما تعرفها لسا، أكيد إنك عايش تحت صخرة)، أو فيديو "لايك ماي ستاتس" (فيديو على يوتيوب لـ "مايلز جاي برودكشنز"، أنصح فيه بقوة)، أو "سموش" (قناة يوتيوب)، أو "شاين داوسون"، أو أي أغنية أو فيلم مشهور، راح ينتشر بسرعة بالخارج، صح؟ أكيد، أصلها من أمريكا بس الإنترنت ينتشر زي النار في الهشيم...
        
        طيب، لا. مثال واضح هو أغنية "أشر" هذي، تعرفونها "بيبي تونايت ذا دي جيز قاوت أس فولين إن لوف أقين". صح؟ أنا سمعتها أول ما نزلت. جيت هنا، بعد سنة تقريباً، وما عندهم أي فكرة وش أنا أتكلم عنه. ولا شيء.
        
        أنا اللي علمتهم على كثير من الفيديوهات المختلفة، "غراديول ريبورت"، "أويشي هاي سكول باتل"، "بيو دي باي". والأغاني والفنانين. أنا اللي عرفتهم على الدب ستيب العجيب. ومن اللي نصحهم بـ "بلود أون ذا دانس فلور"؟ أنا. "سليبينغ ويث سايرنز"؟ أنا.
        
        شيء غريب. يشغلون أغنية بحفلة، تكون مرة مشهورة في كندا، وأنا وشخص واحد ثاني بس اللي نعرف كل الكلمات.
        
        أنا مرة أحط نفسي بموقف "وش؟ أنت ما تعرف هذي الأغنية؟!".
        
        "هلا ليندا، قد سمعتي بـ "مارياناس ترينش"؟"
        
        "لا"
        
        "هلا فيري، قد سمعتي بـ "مايكل بوبليه"؟"
        
        "لا أبداً"
        
        "هلا بيلي، قد سمعتي بـ "كرويلا"؟"
        
        "أمم لا"
        
        شيء يغث أحياناً.
        
        ومو بس بالموسيقى أو يوتيوب.
        
        أكون على انستقرام (@merci_penguinsarecute، تابعوني! [ترويج لنفسي بدون خجل]) وأشوف شورتات كثيرة، اللي واضحة إنها موضة، وما تنتشر هنا إلا بعد شهور.
        
        مرة سويت أظافر بنقشة الأزتيك، ما كان فيه أحد شايفها قبل، مع إن كثير منهم عندهم "تمبلر". (اللي برضو أخذ شهور لين انتشر).
        
        "الكروب توب" (البلوزة القصيرة) موضة هنا بقوة، بس هذي الموضة قديمة في كندا. لأن الموضة هنا لسبب ما، تاخذ سنة وزيادة عشان تنتشر.
        
        أشياء زي "البلانكينغ" برضو. يعني، أنتم كذا تفوتون على أنفسكم مرحلة المراهقة هنا!
        
        خلصتتتتتت رأيكم.. للعلم اني عراقيه عشت بأمريكا 8 سنوات فبعرف كتير عنها وعن الحياه بأوروبا
        
        

        بحر عيونه - مراهقه ثانويه

        بحر عيونه

        2025,

        روايات مراهقين

        مجانا

        بنت تعاني من حيرة تجاه زميلها بيرسي، الذي عاد إلى المدرسة بعد غياب غامض دام لعدة أشهر. تلاحظ فيريس التغييرات الكبيرة في شخصيته، من كونه طالباً مرحاً إلى رجل محطم يحمل أسراراً ثقيلة. تتساءل هي وأصدقاؤها عن سر غيابه وما حدث له، بينما يسعى طالب آخر يدعى بيرس لمضايقته، ليكتشف أن بيرسي الجديد ليس ضعيفاً كما كان.

        فيريس غايفر

        تفضل العزلة، إلا أن عودة بيرسي أثارت فضولها وشعورها بالضياع الذي شعرت به في غيابه.

        بيرسي

        عاد إلى المدرسة بعد غياب طويل كشخص مختلف تماماً. كان في الماضي مرحاً وساحراً، أما الآن فهو رجل مكتئب، حذر، ويحمل على كتفيه هموم الدنيا. يبدو وكأنه خاض تجربة قاسية غيرت شخصيته تماماً.

        آية

        ابنة لاجئ من السعودية. تبدو أكثر هدوءاً وحساسية من أليس، وتميل إلى البحث عن السلام وتجنب الدخول في الخلافات.
        تم نسخ الرابط
        رواية بحر عيونه - حب

        فيريس غايفر
        
        
        أنا عارف إن الكلام ده ممكن يبدو وحش أوي، بس أنا كنت على أمل إنه ما يرجعش. كان فيه حاجة غريبة فيه أنا ما كنتش قادر أفهمها. فكرة إني ما أعرفش الحاجة دي كانت مضايقاني. ما كنتش عارف ليه أنا مش عايزه يرجع تاني، وده كان مضايقني أكتر وأكتر.
        
        نرجع بالزمن لورا.
        
        في أول سنة في الثانوية، الكل كان قلقان من السنة الجديدة. "يا ترى هعمل صحاب؟" "هنجح في المواد؟" "هعرف كام خشب بيحدف الراجل اللي بيحدف خشب؟" كان فيه صوت وشوشة خفيف من الناس اللي بتتكلم في الطرقة. ناس صوتهم عالي وناس واطي، وناس كلامهم كله سخرية، وناس كلامهم كله وجع. أياً كان، مفيش حد كان زي بيرسي جاكسون. هو ما كانش بيتكلم مع حد خالص. كان بيقعد في آخر الفصل، يطلع كراسة زرقا واحدة متطبقة من الشنطة بتاعته، ويبص من الشباك وهو بيلعب بقلم.
        
        هو ما كانش باين عليه إنه زعلان. أغلب العيال اللي ما بيتكلموش مع حد وبيقعدوا في الآخر بيكونوا دايماً مضايقين من أي حاجة في الدنيا. يا إما ده، يا إما بيلبسوا أسود كتير. وممكن الاثنين. بيرسي ما كانش كده ولا كده. بالعكس، كان باين عليه إنه مرتاح. كان قاعد مرجع ضهره لورا في الكرسي، واخد نفس عميق ومستريح خالص في قعدة الكرسي. كان بيلف القلم، والقلم كان بيتزحلق على صوابعه بشكل مرح. وشه كان هادي. حواجبه مرفوعة شوية، وعينيه صاحية، وشفايفه عليها ابتسامة خفيفة. كان باين عليه وكأنه كان في وسط بحر هايج، وبعد ما العاصفة هديت، هو بيتفرج على قوس قزح.
        
        أنا فاكر بيرسي جاكسون ده. بيرسي جاكسون اللي كان بيضحك ويعمل حاجات هبلة عشان يضحك غيره. اللي كان بيستمتع باللحظة. أغلب الناس، ده كان كل اللي بيشوفوه. ما كانوش بيشوفوا الأجزاء الغريبة. يمكن شافوها من غير ما يحسوا، هو عمره ما كان عنده صحاب كتير بالرغم من شخصيته اللطيفة. كان فيه حاجة مش مظبوطة. كل ما كان بيرجع ضهره لورا في الكرسي، كتفه كان بيبقى مفرود، جاهز. عينيه الصاحية كانت بتدور على أعداء ومخارج، جاهزة. دماغه كانت بتتحرك دايماً، رجليه كانت بتبقى على أطراف صوابعها وهو قاعد، الطريقة اللي كان ماسك بيها القلم، هو كان جاهز. جاهز دايماً. أنا بس ما كنتش عارف جاهز لإيه.
        
        وبعدين اختفى. في نص سنة تانية ثانوي، خرج في إجازة نص السنة وما رجعش. ومحدش اهتم، حتى لو لاحظوا. هو كان لسه العيل اللي بيقعد في آخر الفصل وما بيتكلمش غير لو حد كلمه. كله نسى الموضوع لما ما رجعش بقية السنة. هما افترضوا إنه اتطرد لما سمعوا إشاعات عن طرد حصل قبل كده للمراهق ده.
        
        أنا ما كنتش فاكر إني هشوفه تاني. وبشكل ما، أنا لسه ما شفتوش. بيرسي جاكسون اللي فاكره من حوالي تمن شهور بس، ده راح من زمان. هو مات. في آخر الفصل قاعد واحد تاني. راجل. آه، شعره لسه أسود فحمي وبيلمع في النور ومكعبل زي كابلات سماعات الأذن. عينيه لسه لون البحر، بس بدل ما تكون زي ينبوع هادي، هي كانت بنفس لون الماية اللي حوالين سفينة غرقانة من قريب. لسه بتقلب. سودا بشكل مستحيل من اليأس.
        
        كتفه محني من وزن الدنيا. خطوط الضحك اللي كانت حوالين عينيه اختفت ودوائر سودة جات مكانها. لابس كاب بيعمل ضل على وشه وبنطلون جينز باين عليه إنه اتغسل مع سلك شائك مصدي. هو لسه غريب. بس غريب بشكل مختلف. بدل ما يكون جاهز، هو كانه مستني حاجة وحشة تحصل. وكأنها مسألة وقت بس.
        
        المرة الوحيدة اللي شفت فيها حد بتعبير وشه ده كانت في فيديو لأبطال حرب كانوا بيوعوا الناس بمرض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
        
        يا ترى إيه اللي حصل لبيرسي جاكسون ده.
        
        
        
        
        في أول يوم في سنة تالتة ثانوي، وزي أول سنة بالظبط، كان فيه وشوشة مش مفهومة. بس الفرق دلوقتي إننا بقى عندنا السلطة إننا نبص باحتقار على نص المدرسة. كانت الحصة الأولى، إنجليزي مع الأستاذة دريتس. ست ناشفة وكشرية زي اسمها. بيرسي كان رجع مكانه في آخر الفصل.
        
        أنا قعدت جنبه. كرسي واحد بس بعيد عن الشباك.
        
        "بيرسي؟" هو اتخض شوية ولف وشه ليا.
        
        "أهلاً، فيريس." دايماً كانت بتفاجئني ازاي كان فاكر اسم كل الناس بالرغم من إنهم يا دوب كانوا بيخطروا على باله.
        
        "أهلاً بيك. فين كنت كل الفترة دي؟" لهجتي بقت أكتر حدة. بالرغم من إنه كان دايماً مختلف، أنا كمان كنت كده. أنا كنت بقول اللي في بالي بسرعة، وكنت بفضل إني أتفرج على الناس من بعيد. بصراحة، كنت اتعودت على وجوده. ولما مشي، أنا ما كنتش عايز الراحة دي ترجع. كنت عايز أكون لوحدي، من غير ارتباطات. دلوقتي إنه رجع، أنا مضطر إني أعيش حزن اختفاءه لأول مرة.
        
        "كنت موجود" هو رد.
        
        "موجود؟ ما كانش فيه شبكة 'موجود'؟" أنا تجاهلت فكرة إني عمري ما اديته رقمي أساساً.
        
        "أنا معنديش تليفون ولا رقمك، والحاجتين دول مهمين أوي عشان أكلمك." صوته بان فيه لمحة سخرية بسيطة وهو بيقول الكلمة دي. للحظة، هو كان موجود بجد.
        
        "كان ممكن تعمل حاجة، تقول لي إنك مسافر، بس أنت اختفيت فجأة."
        
        "أنا كنت فاكر إني هرجع بعد إجازة نص السنة." أنا بصيت على وشه الغرقان في ضل الكاب بتاعه. ما قدرتش ألومه.
        
        "إيه اللي حصل؟" هو أخد نفس كبير وطلع الكراسة الزرقا بتاعته اللي متطبقة. صوت الحلقات المعدن خبطت في الديسك.
        
        "ده..." هو لف وشه ليا ومركز بعينيه فيا تماماً. هو كان مديني اهتمامه. "...مالكش دعوة بيه." وبعدين عينيه رجعت للكراسة وهو فتح صفحة جديدة وبدأ يفهم المكتوب على السبورة.
        
        مرور الوقت على الغدا
        
        أنا قعدت في الفناء واستنيت أصحابي. هما كانوا اتنين بس، وهما في الأساس كانوا بيسيبوني في حالي. السبب الوحيد إني صاحبتهم هو إنهم كانوا مختلفين زيي بالظبط. أليس كانت مهاجرة إيطالية، وآية كانت بنت لاجئ من السعودية. احنا اتقابلنا قبل أول سنة ثانوي في توجيه منفصل للناس اللي الإنجليزي مش لغتهم الأم. أليس كانت بتتكلم إيطالي، آية بتتكلم عربي، وأنا كنت بتكلم برتغالي برازيلي عشان أمي ما كانتش بتتكلم أي حاجة تانية. هي أصلاً من البرازيل، جات أمريكا عشان أبويا اللي سابها بعد ما عرف إنها حامل. هي فضلت هناك عناد.
        
        من ورايا، سمعت الكلام المميز بتاع أليس وآية. لهجتهم بقت ضعيفة على مر السنين بس لسه مميزة.
        
        "فيريس، خمني إيه!" أليس زعقت وهي لسه على بعد كام متر.
        
        "إيه؟"
        
        "فاكرة الولد جاكسون؟ اللي اختفى السنة اللي فاتت؟"
        
        "آه..."
        
        "هو رجع!" أليس قالت بحماس.
        
        "أنا عارف!" أنا قلدتها.
        
        "أنتي عارفة؟"
        
        "آه، هو كان معايا في أول حصة."
        
        "يااه." هما قعدوا على التربيزة القديمة اللي كنا واخدينها من زمان.
        
        "هو كان باين عليه إنه زعلان،" آية علقت وهي بتبص على التربيزة وعلبة الغدا بتاعتها.
        
        "هو باين عليه إنه واحد ما شوفناهوش من تمن شهور. أنتي حساسة زيادة عن اللزوم،" قالت أليس. هي دايماً صريحة وبتجرح بكلامها. آية كان باين عليها إنها اتضايقت وفتحت بوقها عشان تعترض، بس قفلته بسرعة لما شافت وش أليس. هي كانت مبتسمة. مستنية معركة من الشتائم عارفة إنها هتكسبها.
        
        "أياً كان،" آية اتنهدت. أنا ضحكت ضحكة خفيفة.
        
        "بس آية عندها حق. أنا قعدت جنبه. هو اتغير،" أنا فكرت في حوارنا. زعلان كانت كلمة غير مكتملة للغز اللي كان اسمه بيرسي جاكسون.
        
        "سيبي الولد في حاله، هو يمكن يكون تعبان بس،" أليس قالت.
        
        من وراها مشي موضوع نقاشنا. هو كان أطول. بعضلات أكتر. هو كان من النوع اللي لو كنت بنت، كان هيبهرني.
        
        "أهلاً، بيرسي!" أنا ناديت. ليه عملت كده؟ احنا مش أصحاب بجد. أنا مش زعلانة عليه. ولا أنا زعلانة؟ فات الأوان، هو سمعني. هو جه وقعد بطريقة غريبة جنبي. أنا بصيت لآية اللي كان باين عليها إنها مستعدة تواسيه على أي حاجة. هي بصت لي بغضب.
        
        كان فيه لحظات محدش اتكلم فيها. بيرسي كان بيقعد معانا ساعات، بس دايماً كان بيبقى رايح في حتة للغدا وما كانش بيعرف يقعد.
        
        "فايه، هو أنت موت ورجعت للحياة؟ البنت لازم تعرف،" أليس اتحمست وكسرت الصمت. بيرسي ضحك.
        
        "حاجة زي كده." هو ابتسم وكشر حواجبه شوية. "أنتي فكرتيني ببنت عمي،" هو ضاف.
        
        
        
        
        
        "يبقى بنت عمك دي أكيد جامدة أوي" أليس قالت وهي فخورة بنفسها ومبتسمة.
        "هي عنيفة. وصوتها عالي. عالي أوي كمان."
        "هو ده المفروض يبقى حاجة وحشة؟"
        "لأ، بس حاسس إني لازم أقول إني ممكن أكسبها في خناقة." أنا كنت معجب بأليس عشان عندها قدرة غريبة إنها تكسر أي جو محرج أنا ممكن أعمله بجملتين هزار بس. بيرسي كان مرتاح في قعدته وحاطط كوعه على الترابيزة وبيتلاعب بالقلم ده. في نص كلامهم كده، كان كمان شال الكاب بتاعه. أنا لمحت كام بنت من الناحية التانية من الفناء بيبصوا عليه.
        "أراهنك إنك ما تعرفش تكسبني في خناقة" أليس قالتها بطريقة كانت تحدي أكيد.
        "يا سلام" بيرسي قال وهو مرجع ضهره لورا ولف عينيه بطريقة مبالغ فيها. "هفرمك زي النملة." هو مسك صباعه السبابة والإبهام وعصرهم في بعض. "هرش."
        "أنا فلوسي على أليس" أنا قلت بسرعة. أليس على طول رفعت إيدها في الهوا.
        "خبط يا جدع!" هي قالت.
        "أنا اتضايقت" بيرسي قال بابتسامة على وشه باين إنه مش متضايق خالص. "إيه رأيك يا آية؟ أنتي في فريقي؟"
        "أنا مش هتدخل." كلامها كان قاطع بشكل غريب بالنسبة لكلام بيصالح، بس دي كانت آية. أنا كنت متوقع نص نص إن بيرسي هيتحايل عليها عشان تاخد صفه، بس هو ما عملش كده. الغبي ده رجع لخبطني تاني. الموضوع ده كان مضايقني.
        "ده عادي" هو رجع استرخى تاني.
        
        واحدة من البنات اللي كانوا من شوية كانت باين عليها إنها بتتشجع عشان تعمل حاجة. خدودها كانت حمرة وكانت حاطة طبقة جديدة من ملمع الشفايف. هي كانت حلوة. شعرها أحمر، منمشة، عينيها خضرا، وجسمها صغير. أنا فاكرة إن اسمها كان سيسيليا أو حاجة زي كده. آه، كان أكيد اسمها سيسيليا، هي ساعدتني في الكيمياء السنة اللي فاتت. أنا اتفرجت عليها وهي بتقوم وبتمشي ناحية تربيزتنا في الضلة وأليس وبيرسي لسه بيتكلموا مين فيهم عنده لكمة أقوى. آية كانت بتاكل تفاح. هي ناولتي واحدة. أحسن تفاحة في حياتي.
        "أهلاً، بيرسي، صح؟" البنت سألت بهدوء. خدودها كانت حمرة تقريباً زي شعرها والنمش بتاعها بدأ يندمج مع اللون.
        "آه، وأنتي سيسي. أنا فاكرك من حصة الإنجليزي. خير؟" هو كان باين عليه إنه مش واخد باله خالص من ازاي عينيها لمعت عشان هو فاكر اسمها. ولا من ازاي مسحت العرق من على إيدها في البنطلون الجينز الأسود بتاعها. هو كان باين عليه إنه شايف زميلة قديمة وبس.
        "أنا كنت آممم..." هي بصت لتحت. "أنا كنت بس بتساءل لو آممم، تحب نروح فيلم أو حاجة؟ يعني، بعد المدرسة؟" هي كانت متوترة.
        "لازم أشوف خططي، مين كمان رايح؟" يا بيرسي يا مسكين.
        "يا غبي، هي بتطلب منك معاد غرامي" ودي الصراحة القوية من أليس. عين بيرسي وسعت شوية ناحيتها. هو بص تاني لسيسيليا اللي كان باين عليها إنها ارتاحت من حمل التوضيح، بس لقت نفسها محشورة مع فيل في الأوضة وملهاش مخرج. هي ابتسمت.
        "آه! أنا آسف" وشها سقط على طول. "ماقدرش، بس شكراً على كل حال."
        "لأ، عادي. كان غباء مني إني أسأل أساساً، أنا بس هسيبك لوحدك، آسفة إني ضايقتك يا بيرسي" هي قالت الكلام ده بسرعة وهي بتجري بعيد. أول ما بعدت ومبقوش سامعين، أليس ضربت كتف بيرسي بضهر إيدها.
        "آي!" بيرسي قال.
        "إيه ده؟ كان المفروض تقول آه!" أليس قالت بصوت عالي.
        "أنا موافقة، هي لطيفة جداً. هي مرة اديتني كيس تفاح" آية ضحكت.
        "هي كويسة، بس أنا مقدرش أخرج معاها في معاد غرامي."
        "وليه ما تقدرش يا أخ؟"
        "عشان ده هيبقى خيانة لخطيبتي،" هو قال بوضوح. كأنه مش خبر صاعق.
        "أنت عندك خطيبة؟" أنا سألت، وبحاول أكون هادية عشان خاطر سيسي.
        "آه، بقالي سنة كاملة دلوقتي، ليه؟"
        "إزاي احنا ما نعرفش ده؟" أنا كملت وكلامي اتقابل بتردد.
        "معلش، بس احنا ما كناش أصحاب جامد أبداً." هو كان عنده حق، أنا كنت عارفة إنه صح. بس، ده كان بيحسسني إن الولد اللي في آخر الفصل ده فجأة عنده حياة سرية.
        غريب.
        
        
        
        
        
        
        
         بيرس جريسون
        
        فيمكن، مجرد يمكن، إني كنت معجب بسيسيليا. مجرد احتمال، تخمين لو حبيت. بعد كده هي راحت تتكلم مع الولد الفاشل ده اللي أنا أقسم بالله ما شفته من نص السنة. أسوأ حاجة إنه بقى بجسم أقوى. هو كان ممكن يبقى حاجة غير مجرد عيل ساكت في آخر الفصل ملوش أي لقب غير رقم الخزانة بتاعته. أنا كرهته.
        
        مرور الوقت بعد المدرسة
        
        أنا اتفرجت عليه وهو بيتمخطر خارج من المدرسة. كان لازم يزق الناس عشان يمشي وسط الزحمة اللي ما كانتش واخدة بالها من وجوده. اللي عملته بعد كده كان بصراحة غبي، بس أنا عملته برضه.
        
        "أهلاً يا جاكسون!" أنا زقيت كتفه فلف وشه ليا. وشه اتحرك ناحية إيدي اللي لسه كانت محطوطة على كتفه بقوة. حواجبه كانت متكشرة وبقه مفتوح شوية، هو كان باين عليه وكأنه لسه واخد باله من دبانة على كتفه وبيحاول يحس بالأسف عليها قبل ما يفعصها.
        
        الغريبة، إن مش لما رفع نظره ليا إلا لما عرفت إني في ورطة كبيرة. حاجة كده في طريقة فكه أو الضلمة اللي في عينيه. ده ما كانش الغبي الرفيع اللي مشي في الشتا اللي فات. أنا شلت إيدي من على كتفه.
        
        "إيه" هو رد. مفيش رجوع، أنا مش هعرف أتراجع.
        
        "أتمنى إنك ما كنتش متوقع ترحيب كبير بالرجوع يا فاشل." يا نهار أبيض. هو رفع حاجبة باستمتاع خفيف.
        
        "بس كده؟ أنت جاي بس تكلمني عن إيه، بتتمرن على شتائم فاشلة؟ يا جدع، أنت محتاج حياة." هو ضحك وبدأ يمشي.
        
        "أنت فاكر نفسك مين؟" هو كمل مشي وأنا بدأت أمشي وراه بسرعة. "يا عم أنا بكلمك!"
        
        "أنا واخد بالي. أتمنى إنك تبطل بجد." أنا مديت إيدي وزقيته على الحيطة بتاعة المدرسة. أو على الأقل، دي كانت خطتي. هو باين عليه كان شايفها وهي جاية ومسك رسغي. رماه بعيد قبل ما ألحق أستوعب إيه اللي بيحصل.
        
        "سيبني في حالي يا غبي" هو اتنهد. أنا اتفرجت عليه وهو بيركب عربية بريوس متقطعة وبيسوق بعيد. أنا هنتقم منه عشان اللي عمله ده"
         
        

        نسيم إيطالي - رواية اجتماعية

        نسيم إيطالي

        2025,

        اجتماعية

        مجانا

        بتسافر مع أهلها وأختها الصغيرة "نانسي" لإيطاليا في آخر إجازة صيف قبل ما تدخل الجامعة. بيوصلوا فيرناتزا عند خالتها وخالها اللي بيكتشفوا إنهم حوامل، وده بيفرح هايدي أوي. بعد ما بيوصلوا البيت وبيكتشفوا إنه مليان تراب، بيضطروا ينضفوه كلهم. في الآخر، هايدي بتقرر تخرج تتعشى لوحدها في البلد عشان تستمتع بالجو، وهناك بتقابل شاب وسيم في المطعم.

        هايدي

        شابة على وشك دخول الجامعة. بتحب السفر والاستكشاف، ومتحمسة للإجازة في إيطاليا بالرغم من قلقها من أمها. بتحب الموسيقى والقراءة، وبتظهر عليها علامات الاستقلالية.

        نانسي

        أخت هايدي الصغيرة، طفلة بريئة ومتحمسة، بتحب الشيبسي وبتظهر عليها علامات الفرحة بالرحلة والطيارة.

        ميشيل

        أم هايدي ونانسي، منظمة جداً ومهووسة بالتخطيط لكل تفصيلة في الرحلة. قلقة على بنتها هايدي اللي هتروح الجامعة، وعايزة تقضي معاها أكبر وقت ممكن.
        تم نسخ الرابط
        نسيم إيطالي

        عمال أقلّب في تليفوني من غير هدف، مستني الإعلان عن ميعاد ركوب الطيارة. أختي الصغيرة، نانسي، قاعدة قصادي - إيديها غاطسة جوه كيس شيبسي. بتطلع قبضة كبيرة، وبشوفها وهي بتحشرهم في بقها ومبوزة. عيني بتروح على طول على الفتافيت اللي مالية بلوفرها البينك الفاتح وصوابعها التخينة اللي متغطية بطبقة تخينة من بودرة الجبنة.
        
        يا لهوي على المنظر ده على الصبح بدري.
        
        أمي قاعدة جنبها، عمالة تراجع الجدول بتاعها أكتر من مرة، بالرغم إننا جايين بدري كذا ساعة. أبويا، على الناحية التانية، نايم نوم عميق. النضارة الغامقة اللي على طرف مناخيره بتقول كل حاجة.
        
        دي إجازة الصيف قبل ما أدخل الجامعة وأهلي قالوا مفيش أحسن من إننا نختم السنة بإجازة عائلية أخيرة... في إيطاليا. الفكرة كانت مغرية في الأول، بس أنا وصلت لنتيجة إني مش طايقة إني هقعد ماشية جنب أمي على طراطيف صوابعي طول الوقت.
        
        خالي تيرون وخالتي فيينا عندهم بيت صغير في فيرناتزا، تشينكوي تيري، بقاله سنين طويلة محدش سكنه. اتفقنا نتقابل هناك ونقضي تلات أسابيع سوا.
        
        "هايدي، لو فضلتي باصة في التليفون ده، هيجيلك صداع،" أمي بتقول، وعيني بتيجي في عينيها. "قربنا نركب؛ عايزة تدخلي الحمام؟" بتسأل وكأني طفلة ومش قادرة أتصرف وألاقي حمام لو احتاجت.
        
        "لأ يا أمي، مش عايزة أدخل الحمام وأنا متأكدة إن دماغي هتبقى كويسة." ابتسمت لها ابتسامة خفيفة.
        
        نظرتها راحت بسرعة من عندي قبل ما ترجع تستقر على نانسي. كرمشت كيس الشيبسي قبل ما تقوم من الكرسي بتاعها وتتمشى ناحية الباسكت. "الرحلة قد إيه يا ماما؟" صوتها الصغير بيسأل نفس السؤال اللي كررته نص ساعة اللي فاتت.
        
        "حوالي ساعتين، إن شاء الله مفيش تأخيرات تاني،" أمي بتقول وهي بتراجع خط سير الرحلة، تاني. "نضفي نفسك، وقعتي شيبسي على هدومك أكتر ما أكلتي،" بتقول كده وفجأة أبويا بيشخر.
        
        أمي بتخبطه على دراعه بالورق اللي في إيدها وهو بيفوق بسرعة. "إيه ده كان ليه؟" بيرمي دراعاته في الهوا، مصدوم من إنه مكنش مستعد لتصرفات أمي.
        
        "سيباستيان! إحنا في مطار، وأنت بتشخر كأن حياتك متوقفة على كده. اصحى، مش عايزين نتأخر،" صوتها بيعلى والناس كلها بتبص ناحيتنا. عايزة الأرض تتشق وتبلعني، فبغطس أكتر في الكرسي بتاعي.
        
        "يا حبيبتي، أنا آسف-" صوت ست في السماعة قطع كلام أبويا.
        
        "ده إعلان الصعود المبكر للرحلة B172 المتجهة إلى بيزا، إيطاليا. بننصح دلوقتي المسافرين اللي معاهم أطفال صغيرين، وأي مسافرين محتاجين مساعدة خاصة، بالبدء في الصعود. يرجى تجهيز تذكرة الصعود والهوية. الصعود العادي هيبدأ خلال عشر دقايق تقريباً. شكراً."
        
        أول ما صوت الست بيظهر، بقوم من الكرسي وبلم شنطي بسرعة. عمري ما كنت شاكرة لأختي اللي عندها ست سنين أكتر من كده. كل ما نركب الطيارة بدري، كل ما أقدر أحس بالنسيم الدافي لإيطاليا على خدي بدري. مجرد الفكرة بتخلي رجلي تمشي أسرع على السجادة المتهالكة.
        
        الأبواب الزجاجية بتتفتح والزحمة بتتحرك ناحية البوابات بجنون. بنورّي الباسبورات بتاعتنا، وبحس بالراحة لما بيدونا إذن إننا نركب الطيارة أخيراً. في خلال أربع ساعات بالظبط، هقدر أخيراً أسترخي في شمس إيطاليا. أفكاري بتخليني أحس بدوخة وإحنا ماشيين بره، الهوا الساقع بيثلج الدفا اللي في عروقي، ورايحين ناحية السلم اللي بيوصل للطيارة.
        
        "ماما، شوفي! شوفي الطيارة كبيرة قد إيه!" نانسي بتصرخ من قدامنا وهي بتنطط ولأول مرة الصبح ده، أمي بتتبسم. بتبتسم ابتسامة عريضة باينة فيها أسنانها. مقدرش أنكر إن المنظر ده بيخليني ابتسم ابتسامة صغيرة أنا كمان.
        
        الشمس طالعة بألوان بنفسجي وبمبي تحفة ورا جسم الطيارة، وكنت هفضل باصة عليها لحظة كمان لولا أمي اللي بتزقنا طول الوقت.
        
        "قريب جداً رجلينا هتكون على أرض إيطالية! مش عارف إزاي مش فرحانين ومبسوطين كلكم. دي النهاية الكبيرة بتاعتنا قبل ما هايدي الصغيرة تروح الجامعة،" أبويا بيرجع يتكلم بحنية تاني. "يا دوبك حاسس إن مبارح بس كنا رايحين المستشفى عشان نستقبلك في الدنيا."
        
        "فهمنا يا بابا،" طلعت ضحكة صغيرة على تصرفاته. "وبعدين هتكمل الجزء اللي بتحذرني فيه من حمل المراهقات وبتنصحني أبعد كل الولاد عني لحد ما يبقى عندي خمسين سنة."
        
        صمت بيمتد بينا قبل ما أبويا يرد، وهو بيبتسم لي ابتسامة خجولة. "ده هيكون صح... بس، هايدي، إحنا كنا فاكرين إننا شباب ومرحين وقتها. أنا مش ندمان عليكي، ولا ذرة، بس لو أقدر أديكي أي نصيحة... ابعدي الأولاد عن الموضوع،" أبويا بيكمل كلامه الكتير.
        
        "كفاية يا سيب. هايدي كبيرة كفاية عشان تفهم إن الحم-" قطعتها قبل ما تكمل كلامها. مش متأكدة إذا كانوا عارفين ولا لأ بس إحنا حوالينا ناس كتير جداً، وهنقعد معاهم في نفس المكان الضيق ده لمدة ساعتين جايين، عشان نتكلم في الموضوع ده.
        
        
        
        
        
        
        
        "يلا بينا،" بقول من بين سناني والصف بيبدأ يتفرّق وناس أكتر تركب الطيارة.
        
        على متن الطيارة
        
        ماسك البوردينج باس بتاعي، بتوقع لحظة إني أدخل الطيارة وأرمي نفسي على الكراسي اللي مش مريحة أبداً دي. هم ساعتين بس، بس الساعتين دول ممكن يبقوا عمر بحاله لما يبقى فيه عيال بتعيط أو حد عمال يرزع في ضهر الكرسي بتاعك. كل اللي محتاجه عشان أعدي الرحلة دي هو ال playlist اللي عاملها بعناية، وفرحة إني قاعد جنب الشباك.
        
        بدأنا نطلع السلالم، رجلينا بتخبط في المعدن الخشن، وتوقعي بيزيد. أول ما بورّي البوردينج باس بتاعي والمضيفة بتدينا إشارة إننا نعدي، بسيب حماسي يفرّحني. نانسي بتصرخ جنبي وإحنا ماشيين في الممر، بنحاول ندور على أماكنا.
        
        "هنا،" أبويا بيشاور، وبقعد في الكرسي اللي جنب الشباك. أبويا بيقعد جنبي، وبعدين نانسي جنبه، وبعدين أمي بتقعد على الممر عشان هي الوحيدة اللي بتحتاج الحمام كل خمس دقايق. "حزام الأمان يا جماعة،" بيقول، وضحكة بتطلع مني من حماسه.
        
        لحظة الإقلاع
        
        أول ما الكل استقر، الإجراءات الروتينية للسلامة بتبدأ - المضيفين بيشاوروا على مخارج الطوارئ والحركات بتظهر على الشاشات اللي قصادنا. أول ما بتخلص، بطلع سماعاتي من جيبي وبحطها – بحاول أغرق نفسي عن اللي حواليا والمحادثات المملة اللي دايرة جنبي.
        
        لما الطيارة بتبدأ تتحرك، بتفرج بانبهار وهي بتسرع قبل ما الأرض تبعد عننا. دايماً كنت بحب الطيران، بس دايماً بيكون عندي قلق خفي منه. فكرة إن حياتنا في إيد قطعة المعدن التقيلة الطايرة دي اللي بتودينا للمكان اللي عايزينه، والطيارين اللي بيسوقوا المعدن التقيل ده، مش بتريحني. قلق بيتمتم في معدتي.
        
        باخد نفس عميق.
        
        بتفرج والسحاب بيغطي المنظر قبل ما ينزل تحتنا. والمزيكا شغالة في وداني، بركز على التلات أسابيع اللي جايين. اللي يا إما هيبقوا جحيم بعينه يا إما جنة زي ما بتمنى.
        
        الهبوط في إيطاليا
        
        حاجة بتخبط على كتفي، وبصحى من غفوة مكنتش واخدة بالي إني نمتها أصلاً. بلوي راسي بسرعة، بلاقي أبويا بيبص لي بترقب. بطلع سماعة واحدة، وببصله ببصة فيها سؤال.
        
        "هنهبط كمان حوالي تلاتين دقيقة؛ عايزة تاكلي حاجة؟" بيسأل بس أنا بهز راسي بالنفي.
        
        "لأ، شكراً." أنا بقالي فترة مقللة سناكس وشوكولاتة عشان السفرية دي. ملوش لازمة أوقف دلوقتي. بيهز راسه قبل ما يرجع لأمي وأنا برجع السماعة وببص من الشباك.
        
        قبل ما أحس، المحيط بيظهر، والطيارة بتبدأ تهبط. حماسي بيزيد لما مدينة بيزا بتبان. أنا مبهورة بالكامل وأنا بتفرج على الاقتراب منها، عيني لازقة في العالم اللي بره الشباك.
        
        خبطة تانية على كتفي. "لازم ناخد شنطنا بأسرع ما يمكن، الأتوبيس بتاعنا بيمشي بعد وقت قليل من هبوط الطيارة،" أمي بتقول بصوت أعلى من صوت المزيكا الخافت بتاعي، وهي بتكرر جدولها. رحلة الأتوبيس ساعتين كمان لحد ما نقدر نرتاح، والحقيقة دي بتخليني أطلع تنهيدة جوه مني.
        
        بطلع السماعات بتاعتي، وبحطها في جيبي وإحنا بنستعد للهبوط. "اقعدي يا نانسي،" أمي بتقول، وأنا بركز على المدينة اللي بتقرب.
        
        الوصول إلى فيرناتزا
        
        في النهاية، عجلات الطيارة بتلمس الأرض والطيارة بتتهز. نانسي بتطلع صوت كده بين الصرخة والعياط مخلي أهلي الاتنين يلفوا ويطمنوها. دي تاني مرة نانسي تركب طيارة، بس هي مش فاكرة أول مرة. دي تعتبر كلها حاجة جديدة بالنسبة لها.
        
        "فرحانة قد إيه يا نانسي؟" أمي بتقول والكل بيجهز عشان يسيب الطيارة. أنا تعبانة جداً من إننا صحينا بدري الصبح، بس عارفة إني ممكن أضيع وقت بالنوم في الأتوبيس اللي هيودينا فيرناتزا.
        
        "فرحانة أوووي،" صوتها الصغير بيطول كلمة "أووي" وأنا ببتسم لها.
        
        الوقت كان بيعدي ببطء شديد وإحنا بناخد شنطنا ورايحين على مكان الأتوبيس. طبعاً، حصلت تأخيرات، واستنينا وقت أطول بكتير مما كنا متوقعين. أمي كانت عايزة تتحرك، وجدولها بقى متأخر ساعات. حسيت بالشفقة عليها، هي بقالها شهور بتخطط، بس هوسها بتخطيط كل حاجة بالثانية مش ممكن يكون صحي.
        
        "معلش، إحنا تقريباً وصلنا خلاص وعملنا كل اللي خططتي له... متأخرين بس كام ساعة عن اللي كنتي عايزاه." بحط إيدي على إيد أمي والأتوبيس بيقرب من بلدة فيرناتزا الصغيرة.
        
        "أنا بس عايزة ده يكون مثالي... أنتي عارفة أنا وباباكي إزاي. إحنا مش مستعدين نسيبك تمشي، عايزن نقضي أكبر وقت ممكن معاكي قبل ما تروحي مغامراتك لوحدك مع كالي." ذكر كالي بيفكرني إني أبعت لها رسالة.
        
        أنا وأهل كالي كنا أصحاب سنين طويلة قبل ما إحنا نتولد، وده اللي خلى أنا وكالي نمشي على خطاهم – ماعدا جزء حمل المراهقات.
        
        "أنا عارفة وهيبقى مثالي. ومجرد إني رايحة الجامعة مش معناه إني هختفي من وش الدنيا، ومش هتتشاف تاني. أنا لسه هبقى هنا، وهعمل وقت لكم كلكم على قد ما أقدر. أنا مش رايحة في أي حتة." عيون أمي بتلمع تحت أنوار الأتوبيس الساطعة.
        
        "أنتي عارفة... لما أنا وماندي كنا أصغر، جينا المكان ده بالذات. وده اللي خلى تيرون يحبه هنا وإزاي في النهاية قابل فيينا. كانت دي سنين عمرنا – لما مكنش عندنا أي هم في الدنيا. أتمنى إنك تلاقي نفس الحب لفيرناتزا،" بتقول.
        
        "أتمنى ده أنا كمان،" برد عليها والأتوبيس بيقف.
        
        
        
        
        
        
        
        
        
        فيرناتزا: جمال لم يسبق له مثيل
        
        فيرناتزا ولا زي أي حاجة شفتها في حياتي. وأنا باصة من التل، البلدة الهادية دي مليانة مباني متلونة بألوان باستيل كتير – أصفر، أخضر، برتقالي، بينك. شط رملي صغير على آخر البلد، بيوصل لمحيط أزرق على طول ومقدرش أشيل عيني من عليه. الشمس الساطعة بتنور البحر اللي بيلمع، فبيبقى شكله كأن الأمواج مليانة بريق. حرارة نار بتيجي على خدي والبلدة اللي تحت بتضج بالحياة. أصوات ضحك ومواتير موتوسيكلات خافتة بتملى حواسي، عاملة دوشة غريبة.
        
        أنا مبهورة تماماً ومقدرش أنكر ده.
        
        لم شمل العائلة
        
        "هايدي، كبرتي خالص!" صوت بيقطع أفكاري. راسي بتتلوى ناحية الصوت وعيني بتيجي في عيون عمتو فيينا البني الدافية. قبل ما أقدر حتى أخطو خطوة ناحيتها، بتحاوطني في حضن قوي.
        
        "فيينا!" بصرخ وصوتي فيه ابتسامتي الواضحة. "بقالنا كتير مشوفناش بعض." بتبعد وبتمسكني من كتافي.
        
        "يا لهوي على الجمال اللي بقيتي عليه،" صوابعها بتعدي على أطراف شعري البني. عمي بييجي مكانها ويسحبني في حضن تاني. بحضنه جامد وبستمتع بإحساس لم الشمل معاهم كلهم.
        
        "إزيك؟" عمي بيقول وهو بيبعد ويقف جنب عمتي. بيبص لي بابتسامة واسعة ودراعه بيتحاوط وسط فيينا. دايماً كنت بحسد الحب اللي بينهم... حياتي العاطفية مكنتش مثمرة زي ما كنت أتمنى. آه، ماعدا أمبروز... بس دي قصة لوقت تاني.
        
        "أنا كويسة،" ببتسم. "أنتوا الاتنين؟" بسأل وهما بيبصوا لبعض. بحس إن فيه حاجة بتحصل هنا أنا مش فاهماها. ببص لهم ببصة استفهام. كل اللي حوالينا بيتبادلوا المجاملات قبل ما يردوا.
        
        "أنتي قولي لهم، أنا خايفة أعيط لو قلت أنا،" فيينا بتزق وعمي بيهز راسه. القلق بيملا قلبي. الكل بيسكت حوالينا، بالرغم من السياح التانيين اللي عمالين يتزاحموا وياخدوا شنطهم من الأتوبيس.
        
        "اتفقنا أنتي اللي هتقولي لهم يا حبيبتي،" عمي بيقول وبيشد عليها أكتر، حضنها جنبه. "ماشي، هنقول لهم سوا،" عمي بيستسلم لعناد عمتي وبيرمي لنا ابتسامة عريضة.
        
        "...إحنا حوامل!" الاتنين بيقولوا في نفس واحد، أصواتهم مليانة فرحة صافية وعمي بيبوس خدها. مقدرش أمسك الدموع اللي بتحرق في عيني وأنا بحضن فيينا حضن تاني.
        
        "مبروك!" بتبسم.
        
        "شكراً، شكراً،" فيينا بتقول، وببلع كتلة المشاعر اللي طالعة في زوري. ده خبر رائع. أنا طايرة من الفرحة عشانهم. هما الاتنين دايماً كانوا بيتكلموا قد إيه هما عايزين عيال، ودلوقتي بعد ما ده بقى حقيقة، مقدرش غير إني أكون مليانة سعادة مطلقة. "كفاية كده،" بتقول لما بتلاحظ الدموع في عيني.
        
        "الوقت مش بيستنى حد. هنوريكم البيت وتقدروا تاخدوا راحتكم. أكيد كلكم تعبانين بعد الرحلة. أنا متوقع إن ميشيل سحبتكم من السرير قبل الفجر بكتير،" عمي بيبص لأمي، وأنا بضحك.
        
        "أنا بحب أكون مستعدة وكلنا وصلنا سالمين وده لازم يقول حاجة،" أمي بتتبسم لأخوها وأنا خلاص عارفة إن الإجازة دي هتكون حاجة مميزة.
        
        "يلا بينا، اركبوا،" عمي بيشاور ناحية عربية البيك أب وعيني بتوسع. "ارموا نفسكم وشنطكم ورا، أنا وفيينا هنكون قدام،" بيضحك لما عينه بتيجي في عيني – واضح إنه لقى نكتة في تعبير وشي.
        
        قبل ما أقدر أنطق بكلمة تانية، نانسي بتشدني ناحية العربية. "يلا يا هايدي!" بتصرخ، وأمي بترفعها في الخلف. كلنا بنتزاحم جوا مع حاجتنا والموتور بيبدأ يدور. سياح كتير بيتفرجوا على العربية وهي بتبعد وإحنا بنسوق على التلال المتعرجة ورايحين ناحية البلدة.
        
        رحلة في الشاحنة
        
        بطلع تليفوني عشان أشتت نفسي عن القلق الشديد اللي بيملى جسمي وأنا في ضهر عربية نقل من غير أي أمان، وبقرر أبعت رسالة لكالي.
        
        هايدي: "هاي يا صاحبتي! لسه واصلة فيرناتزا والمكان تحفة. وحشتيني أوي. مش مصدقة إنك مقدرتيش تيجي؛ قلبي مكسور. بس فيه خبر جامد، فيينا وتيرون حوامل. يا حلاوة!"
        
        بركز في البيوت اللي بنعدي عليها وأنا مستنية رد، بس قبل ما أقدر حتى ألاحظ إحنا فين، تليفوني بيهتز في جيبي.
        
        كالي: "يا لهوي، حاجة تفرح، أنا مبسوطة أوي عشانهم! لازم تبعتي لي صور للمكان. قولي لي لو فيه أي رجالة إيطاليين حلوين. لازم توقعي كام واحد ولا أنا هزعل منك أوي. وحشتيني أنا كمان. بكره الدراسة اللي بتبوظ خططي. اعملي لي فيس تايم لما تفضي."
        
        هايدي: "هبقى أراقب لك لينا إحنا الاتنين، ممكن أدي كام واحد منهم رقمك ;) هكلمك قريب."
        
        بضحك لنفسي قبل ما أحط تليفوني تاني في جيبي وأحس بالشمس بتدفي جلدي. دي حاجة ممكن أتعود عليها. إحساس السعادة المطلقة والرياح بتمرر صوابعها في شعري، وبتشبك نفسها بين الخصلات، وأنا مغمضة عيني. أصوات عيلتي بتختفي وببقى عالقة في أرض مافيهاش غير شمس ودفى. المكان الوحيد اللي محتاجاه عشان أعيش هو ده.
        
        الوصول إلى البيت
        
        في النهاية، العربية بتقف، وبفتح عيني على البيت الأزرق القديم اللي قدامنا. شبابيكه متقفلة بشيش قديم وكرسي وحيد قاعد على البلكونة. ببص على اليمين، بلاقي مجموعة سلالم مخصصة للطريق اللي باين إنها بتودي مباشرة لقلب فيرناتزا. دي هتبقى مفيدة جداً.
        
        المكان ببساطة جميل.
        
        عيني بتروح ناحية السواق وعمي بيرزع باب العربية وبيفتحلنا الباب الخلفي عشان ننزل - وبياخد كام شنطة عشان يساعد. تقريباً وقعت من العربية، وبمشي ناحية البيت وبتفرج على عمتي وهي بتفتح الباب، وبتفتحه بصوت صرير عالي.
        
        بمشي وراها جوا، بلاحظ طبقة التراب السميكة اللي مغطية المكان. أوضة معيشة مريحة على شمالنا، والمطبخ على اليمين. سلم منحني بيوصل للدور التاني، ومقدرش أتخيل قد إيه المكان ده كان فاضي. ألوان البحر بتملى المكان بألوان مختلطة من الأزرق والأبيض. مش مصدقة إنهم سابوا بيت جميل زي ده مش متسكن كل المدة دي.
        
        "المكان هنا تحفة. بقالكم قد إيه مجتوش هنا آخر مرة؟" بسأل وعمتي بتقلب في الدولاب وباقي عيلتي بتدخل من الباب الأمامي. نانسي بتعطس لما شوية تراب بيطلعوا في الهوا.
        
        "سنين أكتر بكتير مما كان المفروض. إحنا عمرنا ما لقينا وقت نرجع مع شغل تيرون وكل ده. هو كان مشغول جداً. خسارة نشوف بيتنا اللي بنحبه بالمنظر ده،" فيينا بتقول وهي بتطلع أدوات تنظيف من الدولاب. "انسوا تعبكم كلكم... أول شغلانة هي تنظيف البيت!"
        
        بجعر وشي بس باخد منها ممسحة برضه. "طب يلا بينا، لو عايزين نخلص قبل ما الإجازة تخلص،" بهزر وأبويا بيضحك من جنبي، وهو بياخد ممسحة لنفسه.
        
        "أنا مصدوم، فيينا. عمري ما كنت أتخيل إنك تسيبى بيتك يتوسخ كده،" أبويا بيقول بهزار وفيينا بتبص له نظرة تحذير. "بمزح... نوعاً ما،" بيضحك، وبسمع ضحكة خفيفة من نانسي.
        
        بالرغم من البداية الغريبة للإجازة، الكل بيجتمع وينظف المكان. أقدر أقول بيقين تام إني مكنتش متوقعة إن التنظيف هيكون أول حاجة أعملها في إيطاليا، بس إحنا هنا. تيرون قدر يصلح التكييف في نص عملية التنظيف، وده أنقذ الكل من الإغماء في نص المطبخ. غسلنا الأرضيات، مسحنا التراب من كل سطح باين، غسلنا ملايات السرير، رتبنا السراير ونظفنا لحد ما مبقناش قادرين نتحرك تاني.
        
        
        
        
        
        البيت بيلمع من النضافة
        
        بمسح العرق اللي على جبيني بضهر إيدي، وبطلع نفس عميق. "المنظر بقى أحسن بكتير من الأول،" بقول للكل وإحنا واقفين جنب الباب وبنطل على المكان. بصراحة، بقى شكله مختلف تماماً.
        
        "ده خد مننا معظم الليل وشغل يكسر الضهر،" عمي تيرون بيتنهد وبيرمي نفسه على الكنبة. الكل بيشاركوا في أوضة المعيشة، وأنا بستمتع بالكنبة المريحة اللي بتشيل وزني. بطني بتكركب وهنا أدركت قد إيه أنا جعانة.
        
        الظاهر إن الكل حس بده كمان.
        
        "هنطلب أكل من بره من واحد من المحلات اللي في البلد، أنا تعبانة أوي ومش قادرة أخرج،" فيينا بتقول والكل بيتمتم موافقين، واضح إنهم حاسين بنفس الإحساس. مقدرتش أمسك خيبة الأمل. أنا تعبانة بس مش لدرجة إني أفوت لحظة واحدة في فيرناتزا.
        
        "أنا هنزل أتمشى في البلد وأكل هناك لو مفيش مانع،" بقول وببص لأمي، متوقعة إن عدم الموافقة هتكون باينة في عينيها. بس لقيت حاجة مختلفة فيهم.
        
        "آه، تمام. خلي تليفونك قريب وابعثي لي رسالة لما تلاقي مكان تاكلي فيه... أنتي متأكدة إنك عايزة تروحي لوحدك؟" بتسأل، وأنا بهز راسي. أحب أبص حواليا قبل ما الشمس تغيب. "ماشي، خلي بالك من نفسك."
        
        "شكراً،" بغني وبجري على السلالم، الحماس هو اللي بيحركني. آه، أنا قانونياً بالغة، بس مقدرش أنكر إني لسه بفرح زي العيال الصغيرين يوم الكريسماس لما بكون متحمسة.
        
        استعداداتي للمشي
        
        دخلت اللي هسميه أوضة نومي لمدة التلات أسابيع الجايين، وبتحرك ناحية الدولاب اللي بقى فيه هدومي متلخبطة. بقلب في أكوام الهدوم، وبطلع فستان صيفي أبيض وصندل أبيض ماشي معاه. بحط مكياج خفيف وبعمل كام لفة في شعري، وبستعجل عشان أخرج قبل غروب الشمس.
        
        بمسك شنطتي، وبنزل السلم تاني وبشوف الكل لسه في نفس المكان اللي كانوا فيه من عشر دقايق. "هرجع كمان كام ساعة،" بنادي من عند الباب، وهما كلهم بيصرخوا "مع السلامة" قبل ما أخرج وأخطو تاني في الشمس.
        
        مغامرة في فيرناتزا
        
        بطلع تليفوني من شنطتي، وببحث بسرعة على أقرب مطاعم عشان مابقاش ماشية على الفاضي بالساعات بحاول ألاقي مكان آكل فيه. وأنا ماشية ناحية السلم، أول خيار بيطلع لي هو مكان اسمه إيميليانو. لقيت المراجعات كويسة، بحطه في الخرايط وبمشي ورا الطريق.
        
        كل ما بقرب من قلب فيرناتزا، الأصوات بتعلى، والحياة بتبقى أحلى. فوانيس مالية الحيطان، وبتبدأ تنور بالراحة والشمس بتبدأ تتجه ناحية الأفق. بتبع الطريق، وبوصل عند مفترق طرق وكنت هخطو لقدام بس وقفت فجأة لما موتوسيكل قطع طريقي في عجلة. قلبي فاته نبضة قبل ما أقدر أستعيد هدوئي وأكمل.
        
        البلد مليانة حياة، ومقدرتش أمسك قلبي وهو بيكبر من كتر ما بشوف ابتسامات مشرقة كتير. رجلي بتخبط على الرصيف مش المتساوي وبحاول أمشي لازقة في المباني تحسباً لو موتوسيكل تاني حاول يدوسني.
        
        بلاحظ مكتبة على يميني وبحس إني عايزة أدخلها بس بفكر نفسي إن قدامي وقت كتير وإن لازم أهدى. عشا، لازم أروح أتعشى. دي أولويتي. بخزن المكتبة في آخر دماغي وبدخل في الزقاق الضيق، وبكمل في مجموعة سلالم تانية.
        
        العشاء في إيميليانو
        
        أول ما المطعم بيبان، بمشي لناحية راجل تخين واقف عند المدخل. "أقدر أساعدك إزاي؟" لهجته قوية، وبلاحظ إن المكان مليان ناس.
        
        "عندك أي ترابيزات فاضية؟" بسأل، والشك بيقطر من كلماتي. بتفرج عليه وهو بياخد دفتر من ترابيزة جنبه وبيبدأ يقلب فيه. شكي بيتضاعف في كل ثانية وهو بيرجع الدفتر مكانه.
        
        "حظك حلو... فيه ترابيزة واحدة. ترابيزة ستة وعشرين، أحسن مكان في المطعم. تعالى ورايا يا مدام،" بيقول وبيبدأ يتلوى بين الترابيزات، بيوديني لأبعد نقطة في المطعم. "اتفضلي."
        
        "شكراً،" ببتسم وأنا بقعد، وهو بيحط قائمة الطعام قدامي قبل ما يمشي بسرعة. المنظر مش عادي. الأمواج بتتكسر في البعيد، وبستمتع بريحة البحر المالحة. فوانيس صغيرة بتزين المكان، والشمس بتبدأ تغيب بسرعة، تاركة السما بلون نار.
        
        ببص في قائمة الطعام، بلاقي صعوبة في الاختيار بما إن كل حاجة شكلها أحلى من اللي بعدها. أخيراً بستقر على طبق جنوكي سورينتينا، وبتأكد إني أبعت رسالة لأمي قبل ما تتجنن خالص وتقلب البلد كلها عليّ.
        
        هايدي: "هاي، لقيت مكان آكل فيه. قاعدة في أحسن مكان في المطعم على ما يبدو. المنظر تحفة. كل حاجة تمام."
        
        بترد في ثواني تقريباً.
        
        الأم: "ده عظيم. ابعتي لي رسالة لما تكوني راجعة أو لو احتجتي أي حاجة."
        
        "بوناسيرا (مساء الخير بالإيطالي)،" صوت تخين بيظهر، وببص بسرعة، نظرتي بتقابل نظرة زرقا غامقة شبه المحيط نفسه. بتفاجئ بشعره البني الغامق، تقريباً أسود، والتاتوهات اللي باينة من تحت ياقة قميصه.
        
        على أمل إن الإيطالي بتاعي ميكونش صدأ، برد بكلمة بسيطة، "تشاو (أهلاً)."
         
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء