موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        نسيم إيطالي - رواية اجتماعية

        نسيم إيطالي

        2025,

        اجتماعية

        مجانا

        بتسافر مع أهلها وأختها الصغيرة "نانسي" لإيطاليا في آخر إجازة صيف قبل ما تدخل الجامعة. بيوصلوا فيرناتزا عند خالتها وخالها اللي بيكتشفوا إنهم حوامل، وده بيفرح هايدي أوي. بعد ما بيوصلوا البيت وبيكتشفوا إنه مليان تراب، بيضطروا ينضفوه كلهم. في الآخر، هايدي بتقرر تخرج تتعشى لوحدها في البلد عشان تستمتع بالجو، وهناك بتقابل شاب وسيم في المطعم.

        هايدي

        شابة على وشك دخول الجامعة. بتحب السفر والاستكشاف، ومتحمسة للإجازة في إيطاليا بالرغم من قلقها من أمها. بتحب الموسيقى والقراءة، وبتظهر عليها علامات الاستقلالية.

        نانسي

        أخت هايدي الصغيرة، طفلة بريئة ومتحمسة، بتحب الشيبسي وبتظهر عليها علامات الفرحة بالرحلة والطيارة.

        ميشيل

        أم هايدي ونانسي، منظمة جداً ومهووسة بالتخطيط لكل تفصيلة في الرحلة. قلقة على بنتها هايدي اللي هتروح الجامعة، وعايزة تقضي معاها أكبر وقت ممكن.
        تم نسخ الرابط
        نسيم إيطالي

        عمال أقلّب في تليفوني من غير هدف، مستني الإعلان عن ميعاد ركوب الطيارة. أختي الصغيرة، نانسي، قاعدة قصادي - إيديها غاطسة جوه كيس شيبسي. بتطلع قبضة كبيرة، وبشوفها وهي بتحشرهم في بقها ومبوزة. عيني بتروح على طول على الفتافيت اللي مالية بلوفرها البينك الفاتح وصوابعها التخينة اللي متغطية بطبقة تخينة من بودرة الجبنة.
        
        يا لهوي على المنظر ده على الصبح بدري.
        
        أمي قاعدة جنبها، عمالة تراجع الجدول بتاعها أكتر من مرة، بالرغم إننا جايين بدري كذا ساعة. أبويا، على الناحية التانية، نايم نوم عميق. النضارة الغامقة اللي على طرف مناخيره بتقول كل حاجة.
        
        دي إجازة الصيف قبل ما أدخل الجامعة وأهلي قالوا مفيش أحسن من إننا نختم السنة بإجازة عائلية أخيرة... في إيطاليا. الفكرة كانت مغرية في الأول، بس أنا وصلت لنتيجة إني مش طايقة إني هقعد ماشية جنب أمي على طراطيف صوابعي طول الوقت.
        
        خالي تيرون وخالتي فيينا عندهم بيت صغير في فيرناتزا، تشينكوي تيري، بقاله سنين طويلة محدش سكنه. اتفقنا نتقابل هناك ونقضي تلات أسابيع سوا.
        
        "هايدي، لو فضلتي باصة في التليفون ده، هيجيلك صداع،" أمي بتقول، وعيني بتيجي في عينيها. "قربنا نركب؛ عايزة تدخلي الحمام؟" بتسأل وكأني طفلة ومش قادرة أتصرف وألاقي حمام لو احتاجت.
        
        "لأ يا أمي، مش عايزة أدخل الحمام وأنا متأكدة إن دماغي هتبقى كويسة." ابتسمت لها ابتسامة خفيفة.
        
        نظرتها راحت بسرعة من عندي قبل ما ترجع تستقر على نانسي. كرمشت كيس الشيبسي قبل ما تقوم من الكرسي بتاعها وتتمشى ناحية الباسكت. "الرحلة قد إيه يا ماما؟" صوتها الصغير بيسأل نفس السؤال اللي كررته نص ساعة اللي فاتت.
        
        "حوالي ساعتين، إن شاء الله مفيش تأخيرات تاني،" أمي بتقول وهي بتراجع خط سير الرحلة، تاني. "نضفي نفسك، وقعتي شيبسي على هدومك أكتر ما أكلتي،" بتقول كده وفجأة أبويا بيشخر.
        
        أمي بتخبطه على دراعه بالورق اللي في إيدها وهو بيفوق بسرعة. "إيه ده كان ليه؟" بيرمي دراعاته في الهوا، مصدوم من إنه مكنش مستعد لتصرفات أمي.
        
        "سيباستيان! إحنا في مطار، وأنت بتشخر كأن حياتك متوقفة على كده. اصحى، مش عايزين نتأخر،" صوتها بيعلى والناس كلها بتبص ناحيتنا. عايزة الأرض تتشق وتبلعني، فبغطس أكتر في الكرسي بتاعي.
        
        "يا حبيبتي، أنا آسف-" صوت ست في السماعة قطع كلام أبويا.
        
        "ده إعلان الصعود المبكر للرحلة B172 المتجهة إلى بيزا، إيطاليا. بننصح دلوقتي المسافرين اللي معاهم أطفال صغيرين، وأي مسافرين محتاجين مساعدة خاصة، بالبدء في الصعود. يرجى تجهيز تذكرة الصعود والهوية. الصعود العادي هيبدأ خلال عشر دقايق تقريباً. شكراً."
        
        أول ما صوت الست بيظهر، بقوم من الكرسي وبلم شنطي بسرعة. عمري ما كنت شاكرة لأختي اللي عندها ست سنين أكتر من كده. كل ما نركب الطيارة بدري، كل ما أقدر أحس بالنسيم الدافي لإيطاليا على خدي بدري. مجرد الفكرة بتخلي رجلي تمشي أسرع على السجادة المتهالكة.
        
        الأبواب الزجاجية بتتفتح والزحمة بتتحرك ناحية البوابات بجنون. بنورّي الباسبورات بتاعتنا، وبحس بالراحة لما بيدونا إذن إننا نركب الطيارة أخيراً. في خلال أربع ساعات بالظبط، هقدر أخيراً أسترخي في شمس إيطاليا. أفكاري بتخليني أحس بدوخة وإحنا ماشيين بره، الهوا الساقع بيثلج الدفا اللي في عروقي، ورايحين ناحية السلم اللي بيوصل للطيارة.
        
        "ماما، شوفي! شوفي الطيارة كبيرة قد إيه!" نانسي بتصرخ من قدامنا وهي بتنطط ولأول مرة الصبح ده، أمي بتتبسم. بتبتسم ابتسامة عريضة باينة فيها أسنانها. مقدرش أنكر إن المنظر ده بيخليني ابتسم ابتسامة صغيرة أنا كمان.
        
        الشمس طالعة بألوان بنفسجي وبمبي تحفة ورا جسم الطيارة، وكنت هفضل باصة عليها لحظة كمان لولا أمي اللي بتزقنا طول الوقت.
        
        "قريب جداً رجلينا هتكون على أرض إيطالية! مش عارف إزاي مش فرحانين ومبسوطين كلكم. دي النهاية الكبيرة بتاعتنا قبل ما هايدي الصغيرة تروح الجامعة،" أبويا بيرجع يتكلم بحنية تاني. "يا دوبك حاسس إن مبارح بس كنا رايحين المستشفى عشان نستقبلك في الدنيا."
        
        "فهمنا يا بابا،" طلعت ضحكة صغيرة على تصرفاته. "وبعدين هتكمل الجزء اللي بتحذرني فيه من حمل المراهقات وبتنصحني أبعد كل الولاد عني لحد ما يبقى عندي خمسين سنة."
        
        صمت بيمتد بينا قبل ما أبويا يرد، وهو بيبتسم لي ابتسامة خجولة. "ده هيكون صح... بس، هايدي، إحنا كنا فاكرين إننا شباب ومرحين وقتها. أنا مش ندمان عليكي، ولا ذرة، بس لو أقدر أديكي أي نصيحة... ابعدي الأولاد عن الموضوع،" أبويا بيكمل كلامه الكتير.
        
        "كفاية يا سيب. هايدي كبيرة كفاية عشان تفهم إن الحم-" قطعتها قبل ما تكمل كلامها. مش متأكدة إذا كانوا عارفين ولا لأ بس إحنا حوالينا ناس كتير جداً، وهنقعد معاهم في نفس المكان الضيق ده لمدة ساعتين جايين، عشان نتكلم في الموضوع ده.
        
        
        
        
        
        
        
        "يلا بينا،" بقول من بين سناني والصف بيبدأ يتفرّق وناس أكتر تركب الطيارة.
        
        على متن الطيارة
        
        ماسك البوردينج باس بتاعي، بتوقع لحظة إني أدخل الطيارة وأرمي نفسي على الكراسي اللي مش مريحة أبداً دي. هم ساعتين بس، بس الساعتين دول ممكن يبقوا عمر بحاله لما يبقى فيه عيال بتعيط أو حد عمال يرزع في ضهر الكرسي بتاعك. كل اللي محتاجه عشان أعدي الرحلة دي هو ال playlist اللي عاملها بعناية، وفرحة إني قاعد جنب الشباك.
        
        بدأنا نطلع السلالم، رجلينا بتخبط في المعدن الخشن، وتوقعي بيزيد. أول ما بورّي البوردينج باس بتاعي والمضيفة بتدينا إشارة إننا نعدي، بسيب حماسي يفرّحني. نانسي بتصرخ جنبي وإحنا ماشيين في الممر، بنحاول ندور على أماكنا.
        
        "هنا،" أبويا بيشاور، وبقعد في الكرسي اللي جنب الشباك. أبويا بيقعد جنبي، وبعدين نانسي جنبه، وبعدين أمي بتقعد على الممر عشان هي الوحيدة اللي بتحتاج الحمام كل خمس دقايق. "حزام الأمان يا جماعة،" بيقول، وضحكة بتطلع مني من حماسه.
        
        لحظة الإقلاع
        
        أول ما الكل استقر، الإجراءات الروتينية للسلامة بتبدأ - المضيفين بيشاوروا على مخارج الطوارئ والحركات بتظهر على الشاشات اللي قصادنا. أول ما بتخلص، بطلع سماعاتي من جيبي وبحطها – بحاول أغرق نفسي عن اللي حواليا والمحادثات المملة اللي دايرة جنبي.
        
        لما الطيارة بتبدأ تتحرك، بتفرج بانبهار وهي بتسرع قبل ما الأرض تبعد عننا. دايماً كنت بحب الطيران، بس دايماً بيكون عندي قلق خفي منه. فكرة إن حياتنا في إيد قطعة المعدن التقيلة الطايرة دي اللي بتودينا للمكان اللي عايزينه، والطيارين اللي بيسوقوا المعدن التقيل ده، مش بتريحني. قلق بيتمتم في معدتي.
        
        باخد نفس عميق.
        
        بتفرج والسحاب بيغطي المنظر قبل ما ينزل تحتنا. والمزيكا شغالة في وداني، بركز على التلات أسابيع اللي جايين. اللي يا إما هيبقوا جحيم بعينه يا إما جنة زي ما بتمنى.
        
        الهبوط في إيطاليا
        
        حاجة بتخبط على كتفي، وبصحى من غفوة مكنتش واخدة بالي إني نمتها أصلاً. بلوي راسي بسرعة، بلاقي أبويا بيبص لي بترقب. بطلع سماعة واحدة، وببصله ببصة فيها سؤال.
        
        "هنهبط كمان حوالي تلاتين دقيقة؛ عايزة تاكلي حاجة؟" بيسأل بس أنا بهز راسي بالنفي.
        
        "لأ، شكراً." أنا بقالي فترة مقللة سناكس وشوكولاتة عشان السفرية دي. ملوش لازمة أوقف دلوقتي. بيهز راسه قبل ما يرجع لأمي وأنا برجع السماعة وببص من الشباك.
        
        قبل ما أحس، المحيط بيظهر، والطيارة بتبدأ تهبط. حماسي بيزيد لما مدينة بيزا بتبان. أنا مبهورة بالكامل وأنا بتفرج على الاقتراب منها، عيني لازقة في العالم اللي بره الشباك.
        
        خبطة تانية على كتفي. "لازم ناخد شنطنا بأسرع ما يمكن، الأتوبيس بتاعنا بيمشي بعد وقت قليل من هبوط الطيارة،" أمي بتقول بصوت أعلى من صوت المزيكا الخافت بتاعي، وهي بتكرر جدولها. رحلة الأتوبيس ساعتين كمان لحد ما نقدر نرتاح، والحقيقة دي بتخليني أطلع تنهيدة جوه مني.
        
        بطلع السماعات بتاعتي، وبحطها في جيبي وإحنا بنستعد للهبوط. "اقعدي يا نانسي،" أمي بتقول، وأنا بركز على المدينة اللي بتقرب.
        
        الوصول إلى فيرناتزا
        
        في النهاية، عجلات الطيارة بتلمس الأرض والطيارة بتتهز. نانسي بتطلع صوت كده بين الصرخة والعياط مخلي أهلي الاتنين يلفوا ويطمنوها. دي تاني مرة نانسي تركب طيارة، بس هي مش فاكرة أول مرة. دي تعتبر كلها حاجة جديدة بالنسبة لها.
        
        "فرحانة قد إيه يا نانسي؟" أمي بتقول والكل بيجهز عشان يسيب الطيارة. أنا تعبانة جداً من إننا صحينا بدري الصبح، بس عارفة إني ممكن أضيع وقت بالنوم في الأتوبيس اللي هيودينا فيرناتزا.
        
        "فرحانة أوووي،" صوتها الصغير بيطول كلمة "أووي" وأنا ببتسم لها.
        
        الوقت كان بيعدي ببطء شديد وإحنا بناخد شنطنا ورايحين على مكان الأتوبيس. طبعاً، حصلت تأخيرات، واستنينا وقت أطول بكتير مما كنا متوقعين. أمي كانت عايزة تتحرك، وجدولها بقى متأخر ساعات. حسيت بالشفقة عليها، هي بقالها شهور بتخطط، بس هوسها بتخطيط كل حاجة بالثانية مش ممكن يكون صحي.
        
        "معلش، إحنا تقريباً وصلنا خلاص وعملنا كل اللي خططتي له... متأخرين بس كام ساعة عن اللي كنتي عايزاه." بحط إيدي على إيد أمي والأتوبيس بيقرب من بلدة فيرناتزا الصغيرة.
        
        "أنا بس عايزة ده يكون مثالي... أنتي عارفة أنا وباباكي إزاي. إحنا مش مستعدين نسيبك تمشي، عايزن نقضي أكبر وقت ممكن معاكي قبل ما تروحي مغامراتك لوحدك مع كالي." ذكر كالي بيفكرني إني أبعت لها رسالة.
        
        أنا وأهل كالي كنا أصحاب سنين طويلة قبل ما إحنا نتولد، وده اللي خلى أنا وكالي نمشي على خطاهم – ماعدا جزء حمل المراهقات.
        
        "أنا عارفة وهيبقى مثالي. ومجرد إني رايحة الجامعة مش معناه إني هختفي من وش الدنيا، ومش هتتشاف تاني. أنا لسه هبقى هنا، وهعمل وقت لكم كلكم على قد ما أقدر. أنا مش رايحة في أي حتة." عيون أمي بتلمع تحت أنوار الأتوبيس الساطعة.
        
        "أنتي عارفة... لما أنا وماندي كنا أصغر، جينا المكان ده بالذات. وده اللي خلى تيرون يحبه هنا وإزاي في النهاية قابل فيينا. كانت دي سنين عمرنا – لما مكنش عندنا أي هم في الدنيا. أتمنى إنك تلاقي نفس الحب لفيرناتزا،" بتقول.
        
        "أتمنى ده أنا كمان،" برد عليها والأتوبيس بيقف.
        
        
        
        
        
        
        
        
        
        فيرناتزا: جمال لم يسبق له مثيل
        
        فيرناتزا ولا زي أي حاجة شفتها في حياتي. وأنا باصة من التل، البلدة الهادية دي مليانة مباني متلونة بألوان باستيل كتير – أصفر، أخضر، برتقالي، بينك. شط رملي صغير على آخر البلد، بيوصل لمحيط أزرق على طول ومقدرش أشيل عيني من عليه. الشمس الساطعة بتنور البحر اللي بيلمع، فبيبقى شكله كأن الأمواج مليانة بريق. حرارة نار بتيجي على خدي والبلدة اللي تحت بتضج بالحياة. أصوات ضحك ومواتير موتوسيكلات خافتة بتملى حواسي، عاملة دوشة غريبة.
        
        أنا مبهورة تماماً ومقدرش أنكر ده.
        
        لم شمل العائلة
        
        "هايدي، كبرتي خالص!" صوت بيقطع أفكاري. راسي بتتلوى ناحية الصوت وعيني بتيجي في عيون عمتو فيينا البني الدافية. قبل ما أقدر حتى أخطو خطوة ناحيتها، بتحاوطني في حضن قوي.
        
        "فيينا!" بصرخ وصوتي فيه ابتسامتي الواضحة. "بقالنا كتير مشوفناش بعض." بتبعد وبتمسكني من كتافي.
        
        "يا لهوي على الجمال اللي بقيتي عليه،" صوابعها بتعدي على أطراف شعري البني. عمي بييجي مكانها ويسحبني في حضن تاني. بحضنه جامد وبستمتع بإحساس لم الشمل معاهم كلهم.
        
        "إزيك؟" عمي بيقول وهو بيبعد ويقف جنب عمتي. بيبص لي بابتسامة واسعة ودراعه بيتحاوط وسط فيينا. دايماً كنت بحسد الحب اللي بينهم... حياتي العاطفية مكنتش مثمرة زي ما كنت أتمنى. آه، ماعدا أمبروز... بس دي قصة لوقت تاني.
        
        "أنا كويسة،" ببتسم. "أنتوا الاتنين؟" بسأل وهما بيبصوا لبعض. بحس إن فيه حاجة بتحصل هنا أنا مش فاهماها. ببص لهم ببصة استفهام. كل اللي حوالينا بيتبادلوا المجاملات قبل ما يردوا.
        
        "أنتي قولي لهم، أنا خايفة أعيط لو قلت أنا،" فيينا بتزق وعمي بيهز راسه. القلق بيملا قلبي. الكل بيسكت حوالينا، بالرغم من السياح التانيين اللي عمالين يتزاحموا وياخدوا شنطهم من الأتوبيس.
        
        "اتفقنا أنتي اللي هتقولي لهم يا حبيبتي،" عمي بيقول وبيشد عليها أكتر، حضنها جنبه. "ماشي، هنقول لهم سوا،" عمي بيستسلم لعناد عمتي وبيرمي لنا ابتسامة عريضة.
        
        "...إحنا حوامل!" الاتنين بيقولوا في نفس واحد، أصواتهم مليانة فرحة صافية وعمي بيبوس خدها. مقدرش أمسك الدموع اللي بتحرق في عيني وأنا بحضن فيينا حضن تاني.
        
        "مبروك!" بتبسم.
        
        "شكراً، شكراً،" فيينا بتقول، وببلع كتلة المشاعر اللي طالعة في زوري. ده خبر رائع. أنا طايرة من الفرحة عشانهم. هما الاتنين دايماً كانوا بيتكلموا قد إيه هما عايزين عيال، ودلوقتي بعد ما ده بقى حقيقة، مقدرش غير إني أكون مليانة سعادة مطلقة. "كفاية كده،" بتقول لما بتلاحظ الدموع في عيني.
        
        "الوقت مش بيستنى حد. هنوريكم البيت وتقدروا تاخدوا راحتكم. أكيد كلكم تعبانين بعد الرحلة. أنا متوقع إن ميشيل سحبتكم من السرير قبل الفجر بكتير،" عمي بيبص لأمي، وأنا بضحك.
        
        "أنا بحب أكون مستعدة وكلنا وصلنا سالمين وده لازم يقول حاجة،" أمي بتتبسم لأخوها وأنا خلاص عارفة إن الإجازة دي هتكون حاجة مميزة.
        
        "يلا بينا، اركبوا،" عمي بيشاور ناحية عربية البيك أب وعيني بتوسع. "ارموا نفسكم وشنطكم ورا، أنا وفيينا هنكون قدام،" بيضحك لما عينه بتيجي في عيني – واضح إنه لقى نكتة في تعبير وشي.
        
        قبل ما أقدر أنطق بكلمة تانية، نانسي بتشدني ناحية العربية. "يلا يا هايدي!" بتصرخ، وأمي بترفعها في الخلف. كلنا بنتزاحم جوا مع حاجتنا والموتور بيبدأ يدور. سياح كتير بيتفرجوا على العربية وهي بتبعد وإحنا بنسوق على التلال المتعرجة ورايحين ناحية البلدة.
        
        رحلة في الشاحنة
        
        بطلع تليفوني عشان أشتت نفسي عن القلق الشديد اللي بيملى جسمي وأنا في ضهر عربية نقل من غير أي أمان، وبقرر أبعت رسالة لكالي.
        
        هايدي: "هاي يا صاحبتي! لسه واصلة فيرناتزا والمكان تحفة. وحشتيني أوي. مش مصدقة إنك مقدرتيش تيجي؛ قلبي مكسور. بس فيه خبر جامد، فيينا وتيرون حوامل. يا حلاوة!"
        
        بركز في البيوت اللي بنعدي عليها وأنا مستنية رد، بس قبل ما أقدر حتى ألاحظ إحنا فين، تليفوني بيهتز في جيبي.
        
        كالي: "يا لهوي، حاجة تفرح، أنا مبسوطة أوي عشانهم! لازم تبعتي لي صور للمكان. قولي لي لو فيه أي رجالة إيطاليين حلوين. لازم توقعي كام واحد ولا أنا هزعل منك أوي. وحشتيني أنا كمان. بكره الدراسة اللي بتبوظ خططي. اعملي لي فيس تايم لما تفضي."
        
        هايدي: "هبقى أراقب لك لينا إحنا الاتنين، ممكن أدي كام واحد منهم رقمك ;) هكلمك قريب."
        
        بضحك لنفسي قبل ما أحط تليفوني تاني في جيبي وأحس بالشمس بتدفي جلدي. دي حاجة ممكن أتعود عليها. إحساس السعادة المطلقة والرياح بتمرر صوابعها في شعري، وبتشبك نفسها بين الخصلات، وأنا مغمضة عيني. أصوات عيلتي بتختفي وببقى عالقة في أرض مافيهاش غير شمس ودفى. المكان الوحيد اللي محتاجاه عشان أعيش هو ده.
        
        الوصول إلى البيت
        
        في النهاية، العربية بتقف، وبفتح عيني على البيت الأزرق القديم اللي قدامنا. شبابيكه متقفلة بشيش قديم وكرسي وحيد قاعد على البلكونة. ببص على اليمين، بلاقي مجموعة سلالم مخصصة للطريق اللي باين إنها بتودي مباشرة لقلب فيرناتزا. دي هتبقى مفيدة جداً.
        
        المكان ببساطة جميل.
        
        عيني بتروح ناحية السواق وعمي بيرزع باب العربية وبيفتحلنا الباب الخلفي عشان ننزل - وبياخد كام شنطة عشان يساعد. تقريباً وقعت من العربية، وبمشي ناحية البيت وبتفرج على عمتي وهي بتفتح الباب، وبتفتحه بصوت صرير عالي.
        
        بمشي وراها جوا، بلاحظ طبقة التراب السميكة اللي مغطية المكان. أوضة معيشة مريحة على شمالنا، والمطبخ على اليمين. سلم منحني بيوصل للدور التاني، ومقدرش أتخيل قد إيه المكان ده كان فاضي. ألوان البحر بتملى المكان بألوان مختلطة من الأزرق والأبيض. مش مصدقة إنهم سابوا بيت جميل زي ده مش متسكن كل المدة دي.
        
        "المكان هنا تحفة. بقالكم قد إيه مجتوش هنا آخر مرة؟" بسأل وعمتي بتقلب في الدولاب وباقي عيلتي بتدخل من الباب الأمامي. نانسي بتعطس لما شوية تراب بيطلعوا في الهوا.
        
        "سنين أكتر بكتير مما كان المفروض. إحنا عمرنا ما لقينا وقت نرجع مع شغل تيرون وكل ده. هو كان مشغول جداً. خسارة نشوف بيتنا اللي بنحبه بالمنظر ده،" فيينا بتقول وهي بتطلع أدوات تنظيف من الدولاب. "انسوا تعبكم كلكم... أول شغلانة هي تنظيف البيت!"
        
        بجعر وشي بس باخد منها ممسحة برضه. "طب يلا بينا، لو عايزين نخلص قبل ما الإجازة تخلص،" بهزر وأبويا بيضحك من جنبي، وهو بياخد ممسحة لنفسه.
        
        "أنا مصدوم، فيينا. عمري ما كنت أتخيل إنك تسيبى بيتك يتوسخ كده،" أبويا بيقول بهزار وفيينا بتبص له نظرة تحذير. "بمزح... نوعاً ما،" بيضحك، وبسمع ضحكة خفيفة من نانسي.
        
        بالرغم من البداية الغريبة للإجازة، الكل بيجتمع وينظف المكان. أقدر أقول بيقين تام إني مكنتش متوقعة إن التنظيف هيكون أول حاجة أعملها في إيطاليا، بس إحنا هنا. تيرون قدر يصلح التكييف في نص عملية التنظيف، وده أنقذ الكل من الإغماء في نص المطبخ. غسلنا الأرضيات، مسحنا التراب من كل سطح باين، غسلنا ملايات السرير، رتبنا السراير ونظفنا لحد ما مبقناش قادرين نتحرك تاني.
        
        
        
        
        
        البيت بيلمع من النضافة
        
        بمسح العرق اللي على جبيني بضهر إيدي، وبطلع نفس عميق. "المنظر بقى أحسن بكتير من الأول،" بقول للكل وإحنا واقفين جنب الباب وبنطل على المكان. بصراحة، بقى شكله مختلف تماماً.
        
        "ده خد مننا معظم الليل وشغل يكسر الضهر،" عمي تيرون بيتنهد وبيرمي نفسه على الكنبة. الكل بيشاركوا في أوضة المعيشة، وأنا بستمتع بالكنبة المريحة اللي بتشيل وزني. بطني بتكركب وهنا أدركت قد إيه أنا جعانة.
        
        الظاهر إن الكل حس بده كمان.
        
        "هنطلب أكل من بره من واحد من المحلات اللي في البلد، أنا تعبانة أوي ومش قادرة أخرج،" فيينا بتقول والكل بيتمتم موافقين، واضح إنهم حاسين بنفس الإحساس. مقدرتش أمسك خيبة الأمل. أنا تعبانة بس مش لدرجة إني أفوت لحظة واحدة في فيرناتزا.
        
        "أنا هنزل أتمشى في البلد وأكل هناك لو مفيش مانع،" بقول وببص لأمي، متوقعة إن عدم الموافقة هتكون باينة في عينيها. بس لقيت حاجة مختلفة فيهم.
        
        "آه، تمام. خلي تليفونك قريب وابعثي لي رسالة لما تلاقي مكان تاكلي فيه... أنتي متأكدة إنك عايزة تروحي لوحدك؟" بتسأل، وأنا بهز راسي. أحب أبص حواليا قبل ما الشمس تغيب. "ماشي، خلي بالك من نفسك."
        
        "شكراً،" بغني وبجري على السلالم، الحماس هو اللي بيحركني. آه، أنا قانونياً بالغة، بس مقدرش أنكر إني لسه بفرح زي العيال الصغيرين يوم الكريسماس لما بكون متحمسة.
        
        استعداداتي للمشي
        
        دخلت اللي هسميه أوضة نومي لمدة التلات أسابيع الجايين، وبتحرك ناحية الدولاب اللي بقى فيه هدومي متلخبطة. بقلب في أكوام الهدوم، وبطلع فستان صيفي أبيض وصندل أبيض ماشي معاه. بحط مكياج خفيف وبعمل كام لفة في شعري، وبستعجل عشان أخرج قبل غروب الشمس.
        
        بمسك شنطتي، وبنزل السلم تاني وبشوف الكل لسه في نفس المكان اللي كانوا فيه من عشر دقايق. "هرجع كمان كام ساعة،" بنادي من عند الباب، وهما كلهم بيصرخوا "مع السلامة" قبل ما أخرج وأخطو تاني في الشمس.
        
        مغامرة في فيرناتزا
        
        بطلع تليفوني من شنطتي، وببحث بسرعة على أقرب مطاعم عشان مابقاش ماشية على الفاضي بالساعات بحاول ألاقي مكان آكل فيه. وأنا ماشية ناحية السلم، أول خيار بيطلع لي هو مكان اسمه إيميليانو. لقيت المراجعات كويسة، بحطه في الخرايط وبمشي ورا الطريق.
        
        كل ما بقرب من قلب فيرناتزا، الأصوات بتعلى، والحياة بتبقى أحلى. فوانيس مالية الحيطان، وبتبدأ تنور بالراحة والشمس بتبدأ تتجه ناحية الأفق. بتبع الطريق، وبوصل عند مفترق طرق وكنت هخطو لقدام بس وقفت فجأة لما موتوسيكل قطع طريقي في عجلة. قلبي فاته نبضة قبل ما أقدر أستعيد هدوئي وأكمل.
        
        البلد مليانة حياة، ومقدرتش أمسك قلبي وهو بيكبر من كتر ما بشوف ابتسامات مشرقة كتير. رجلي بتخبط على الرصيف مش المتساوي وبحاول أمشي لازقة في المباني تحسباً لو موتوسيكل تاني حاول يدوسني.
        
        بلاحظ مكتبة على يميني وبحس إني عايزة أدخلها بس بفكر نفسي إن قدامي وقت كتير وإن لازم أهدى. عشا، لازم أروح أتعشى. دي أولويتي. بخزن المكتبة في آخر دماغي وبدخل في الزقاق الضيق، وبكمل في مجموعة سلالم تانية.
        
        العشاء في إيميليانو
        
        أول ما المطعم بيبان، بمشي لناحية راجل تخين واقف عند المدخل. "أقدر أساعدك إزاي؟" لهجته قوية، وبلاحظ إن المكان مليان ناس.
        
        "عندك أي ترابيزات فاضية؟" بسأل، والشك بيقطر من كلماتي. بتفرج عليه وهو بياخد دفتر من ترابيزة جنبه وبيبدأ يقلب فيه. شكي بيتضاعف في كل ثانية وهو بيرجع الدفتر مكانه.
        
        "حظك حلو... فيه ترابيزة واحدة. ترابيزة ستة وعشرين، أحسن مكان في المطعم. تعالى ورايا يا مدام،" بيقول وبيبدأ يتلوى بين الترابيزات، بيوديني لأبعد نقطة في المطعم. "اتفضلي."
        
        "شكراً،" ببتسم وأنا بقعد، وهو بيحط قائمة الطعام قدامي قبل ما يمشي بسرعة. المنظر مش عادي. الأمواج بتتكسر في البعيد، وبستمتع بريحة البحر المالحة. فوانيس صغيرة بتزين المكان، والشمس بتبدأ تغيب بسرعة، تاركة السما بلون نار.
        
        ببص في قائمة الطعام، بلاقي صعوبة في الاختيار بما إن كل حاجة شكلها أحلى من اللي بعدها. أخيراً بستقر على طبق جنوكي سورينتينا، وبتأكد إني أبعت رسالة لأمي قبل ما تتجنن خالص وتقلب البلد كلها عليّ.
        
        هايدي: "هاي، لقيت مكان آكل فيه. قاعدة في أحسن مكان في المطعم على ما يبدو. المنظر تحفة. كل حاجة تمام."
        
        بترد في ثواني تقريباً.
        
        الأم: "ده عظيم. ابعتي لي رسالة لما تكوني راجعة أو لو احتجتي أي حاجة."
        
        "بوناسيرا (مساء الخير بالإيطالي)،" صوت تخين بيظهر، وببص بسرعة، نظرتي بتقابل نظرة زرقا غامقة شبه المحيط نفسه. بتفاجئ بشعره البني الغامق، تقريباً أسود، والتاتوهات اللي باينة من تحت ياقة قميصه.
        
        على أمل إن الإيطالي بتاعي ميكونش صدأ، برد بكلمة بسيطة، "تشاو (أهلاً)."
         
        

        روايه ابتسم لأجلي

        ابتسم لأجلي

        2025,

        عائلية

        مجانا

        مراهقة بتعاني من أستاذها الحقود مستر جرانت، اللي بيعاملها وحش وبيديها حجز على طول. في نفس الوقت، هي بتواجه فكرة غياب باباها اللي في الجيش وإن إخواتها مقتنعين إنه مش هيرجع. ديانا بتحاول تذاكر وتتعايش مع الوتر اللي في حياتها، وبتلاقي راحة في المذاكرة مع مستر جوزيف اللطيف اللي بيكشف علاقتها بيه الأستاذ جرانت من غير قصد. وسط كل ده، وحدة ديانا وخوفها من المستقبل بيبقوا واضحين، خصوصاً مع قلة نومها ومحاولاتها المستمرة إنها متخافش من مواجهة أستاذها وتتجنب إخواتها اللي بيعاملوها كأنها طفلة.

        ديانا

        بتعاني من قلة النوم والوحدة بسبب غياب والدها. بتحاول تكون قوية وتواجه الصعوبات، خصوصاً مع أستاذها مستر جرانت

        مستر جرانت

        أستاذ الرياضيات، شخصية عصبية وحادة الطباع، بيكره ديانا وبيتعمد يضايقها. بيبدو إنه بيعاني من مشاكل شخصية بتخليه غاضب طول الوقت.

        بيلي، وكريس. أوستن

        إخوة ديانا الكبار. بيحبوا ديانا وبيخافوا عليها أوي، بس ساعات بيتعاملوا معاها كأنها طفلة صغيرة، وده بيضايقها. هما مقتنعين إن أبوهم مش هيرجع.
        تم نسخ الرابط
        روايه ابتسم لأجلي

        "مش لازم تفضل هنا بصحيح..." أنا قولت له، خايفة يزعق لي تاني.
        
        وهو زعق. "لأ، لازم أفضل. عشان بنت مراهقة مش مسموحلها تدخل أوضة الرسم لوحدها، وأنا لازق لها زي المربية." مستر جرانت قالها بمرارة، ومش فارق معاه يخبي إحباطه.
        
        أنا اتنهدت وضغطت إيدي على بعض، بحاول أكتم التوتر المخيف اللي أستاذي كان بيديهوني. هو كان بيخوفني، كتير. كان دايماً وقح أوي.
        
        محدش كان بيحب مستر جرانت. طبعاً، كل البنات حبوه في أول السنة، أنا كنت شايفاه جذاب. كل الناس كانوا كده. ولسه، بس هو كان وحش أوي، وده خلى الكل يكرهوه ويكرهوا حصته.
        
        وأنا، لسبب ما. كنت دايماً بتفاهم مع أساتذتي، كنت عارفة أقول إيه لمين بالظبط- بس مش مستر جرانت. كان صعب أوي في وقاحته وعدوانه في كلامه. بالذات ليا أنا.
        
        ميس رين كانت أستاذة الرسم المتقدم بتاعي، وكنا أصحاب أوي لما الموضوع كان بيخص الحصة دي. آه، هي كانت في الأربعينات وبدأت شعرها يبقى فيه شيب، بس هي علمتني كل اللي أعرفه. كانت بتثق فيا في كل حاجة. بالذات أوضة الرسم اللي أنا ومستر جرانت كنا واقفين فيها.
        
        لما صوابعي ضغطت على بعض، حطيتها في حجري وامتنعت عن إني أتنفس تاني. "ميس رين بعتت الإيميل ده عشان ده قانون، ممكن حضرتك تمشي وهي هتكون كويسة. ممكن أكلمها وهي هتقول لحضرتك إنك ممكن تروح البيت." أنا كنت بتكلم بعقل، بس مهما أقول هو هيرد بتعليق سخيف. كأن كل كلمة أقولها بتخليه يكرهني أكتر.
        
        عادتاً كان بيتضايق أوي من كل الطلاب التانيين لدرجة إنه كان بيبصلهم بحدة وهما كانوا بيسكتوا، بس معايا أنا. لسبب ما، كان بيعاملني أسوأ من أي حد تاني. أنا كنت من العشرة الأوائل في دفعتي- اللي كان فيها ألف وميتين طالب.- يعني كان إنجاز كبير. مكنش يهمني علاقاتي مع أساتذتي، طالما كنت مصممة على الكمال في حصصي وكنت بفهم طريقتهم في التدريس.
        
        أنا عمري ما فهمت طريقة مستر جرانت، واضطريت أجيب مدرس خصوصي رياضة عشان أتجنب هاله المرعبة.
        
        دلوقتي كان عندي مشروع رسم لازم أعمله عن الجمال والهدوء، ومع وجوده أكيد مكنتش هعرف أعمله.
        
        "يلا ابدأ وخلص بسرعة، أنا مش هروح البيت وأقع في مشكلة عشان طالبة قالتلي كده." هو تمتم من بين فكه المشدود. كنت أقدر أشوف على وشه الحلو إنه كان غضبان أكتر ما شفته قبل كده.
        
        مكنتش أعرف عنه كتير، يمكن كان عنده عيلة يروحلها. مكنتش عايزة أخليه هنا وأبوظ مشروعي في النهاية. "أنا مروحة البيت بقى." أنا قولت بصوت واطي ولميت حاجتي اللي كنت لسه حطاها.
        
        هو بصلي تاني المرة دي، أنا مشفتهوش، بس حسيت بيه. مكنتش بعرف أعمل أي حاجة صح بالنسبة له. درجاتي في حصته كانت عالية نسبياً بس بسبب المدرس الخصوصي بتاعي اللي بالعافية بقدر أتحمل تكاليفه. "بس. يلا. بسرعة." هو كان خلاص هيتجنن. كنت عارفة لو قولت كلمة زيادة هيتفجر.
        
        عمره ما كان يهمني هو بيحبني ولا لأ، بس كان يهمني هو عايز يحافظ على درجتي عالية ولا لأ. فقولت، "سلام يا مستر جرانت." وطلعت وأنا حاسة إني عاملة حاجة غلط. أنا عمري ما اتكلمت بالنبرة المستفزة دي، 'البنت الكيوت' دي مع مدرس قبل كده. مش مهم! المشروع مكنش عشانه أصلاً.
        
        سرعت خطواتي بعد ما سمعت لعنة غاضبة، ورزعة باب. غالباً باب أوضة الرسم عشان بيطلع الصرخة دي لما بيتحك في المعادن اللي مصدية.
        
        هيكون أسوأ وأحرج حاجة لو بطأت ومشيت ببطء وهو عدى من جنبي وأنا رايحة عربيتي، فلهيت نفسي بتليفوني وشفت كام مكالمة فاتتني من إخواتي.
        
        أول ما كنت هكلم أوستن- أخويا الكبير- تاني، أخويا الكبير التاني، كريس، كلمني.
        
        أنا مسالمتوش لما رديت على التليفون، عمري ما عملت كده، ولا واحد فينا كان بيعمل كده.
        
        
        
        
        
        
        "هو انتي مروحة البيت خلاص؟" سأل بسرعة. كنت عايزة أسأله ليه يهمه، ده مش بيته يعني، بس مكنتش عايزة أضيع وقت في خناق معاه، أنا أصلاً مش بحب أتكلم مع إخواتي.
        
        "أنا في طريقي،" وسمعت بعد ما وصلت لعربيتي الجيب، أبواب المدرسة الأمامية اتقفلت بطقطقة جامدة، وخطوات واضحة على الأسفلت. جزمة مستر جرانت الإيطالي الغالية اللي كانت بتلمع أوي، وبتطقطق كأنه ملك أو حاجة. هو غالباً كان فاكر نفسه كده.
        
        "إحنا جايين كمان عشر دقايق." هو قال.
        
        أنا متعنتش أسأل ليه مع إن الموضوع خلاني أتساءل. هما عادتاً بيطمنوا عليا بما إني عايشة لوحدي. كلهم اتخرجوا ودخلوا الجامعة، أو لسه متخرجين من الجامعة زي كريس- اللي كان أقرب واحد لعمري. بيلي، الأخ اللي في النص اللي أكبر مني بست سنين لسه متخرج من جامعة هارفارد. أوستن، الأخ الكبير، اتخرج من جامعة ديوك. كريس كان أكبر مني بخمس سنين ولسه راجع من جامعة ييل لما بدأت أنا سنة تالته ثانوي. فالسنة دي كانت أول سنة من فترة إخواتي فيها راجعين.
        
        هما كانوا بيحموني بشكل مبالغ فيه، بس مكنوش بيحتاجوا يبذلوا مجهود كبير بما إن كل اللي كنت بعمله هو المذاكرة والقراية.
        
        بابا كان في الجيش، وبقاله سنين غايب. قبل كده رجع يومين بس عشان يمشي تاني، وهو عمل كل ده عشانا. هو وماما جابوا أوستن، أخويا الكبير، وهما عندهم خمسة عشر سنة بس. كانوا كبار على طول واتنبذوا من كل الناس وبنوا عيلة. بعد تلات صبيان وقفوا. أهلي كانوا تمنتاشر سنة وتعبوا من إنهم بدأوا المسؤولية بدري. استنوا خمس سنين، يشتغلوا ويشتغلوا، وبالعافية بيعيشوا بالفلوس القليلة اللي بيجيبوها من شغلهم البسيط. ده مكنش عدل عشان مكنش ينفع يكملوا ثانوي. ومكنش ينفع يدخلوا جامعة كده بسهولة- ولا واحد فيهم كان معاه شهادة.
        
        هما كانوا فاكرين إنهم خلصوا من الأطفال في أوائل العشرينات، بس لما تمنوا بنت جابوا بنت. وأنا كنت الحرف الرابع في الأبجدية- ديانا.
        
        أوستن، بيلي، كريس، وديانا. كنا متسميين بالترتيب. أمي ماتت وأنا عندي ست سنين، فمفتكراش أوي قد إيه كانت جميلة. بعد كده بابا مكنش عارف يوفرلنا إزاي.
        
        إخواتي احتفظوا باسم عيلة ماما الأخير احتراماً ليها، وكانوا مؤمنين إنها تستاهل إن اسم العيلة يستمر. أنا احتفظت باسم بابا. ديانا أبولو. أمي كانت أنا فاليانت- بتوصفها بالظبط- حسب كلام بابا.
        
        هو كان أذكى راجل ممكن تقابله. هو عمره ما خلص ثانوي وعمره ما دخل جامعة، بس كان بيقرأ أي حاجة ممكن تحصل على الأرض. جسم الإنسان، تاريخ العالم، كان عارف الأرقام كأنه عنده أسرع آلة حاسبة في العالم في دماغه، وكان عارف النجوم. النجوم كانت أكتر حاجة بحبها معاه.
        
        بابا كان ممكن يعمل حاجات كتير أوي، ومكنش محتاج شهادة ولا أي حاجة قريبة لكده عشان أي خريج جامعة مكنش هيصمد قدام عقله الحكيم. هو كان حزين، من غير أمي. وقرر إن الجسم أهم من العقل، وحارب عشان بلدنا.
        
        اتضح إن لما أمي ماتت سابت لنا ثروة. من أجدادها.
        
        بابا مكنش عايز أي حاجة منها، فإحنا استخدمناها لاحتياجاتنا. وسرعان ما جمعنا فلوس أكتر وأكتر بسبب شغل إخواتي. دكتور، محامي، وكريس لسه بيبدأ شغله كطبيب نفسي.
        
        دلوقتي، أنا عايشة لوحدي.
        
        
        
        
        في البيت، كل إخواتي كانوا واقفين في المطبخ، عمالين ياكلوا أي حاجة يشوفوها وواقفين فوق التلاجة. أنا كنت واقفة وببصلهم وبس، مستنية إنهم يلاحظوني، مستنية إنهم يشرحوا هما هنا ليه.
        
        أخيراً بيلي شافني ووقف في نص ما كان بيحط معلقة بودنج في بقه. "إزيك يا ديانا." ابتسم، ومبين حتة شوكولاتة على سنانه.
        
        بيلي كان بتاع الهزار، بس لما كان بيحتاج، كان بيقلب جد على طول. دلوقتي هو كان في النص. "إنتوا هنا ليه؟" سألتهم.
        
        كلهم ركزوا معايا وأوستن قعد على كرسي البار. "بنتطمن عليكي." قال ببساطة. كانوا بيطمنوا عليا كتير أوي الفترة اللي فاتت.
        
        بعد ما بصينا لبعض شوية، استدار ولف حوالين الجزيرة وهو بيفكر. "المدرسة كانت عاملة إيه؟"
        
        "كويسة."
        
        "إحنا مش فاكرين إن بابا هيرجع." كريس قال أخيراً بإحباط.
        
        اللي قالوه ده خلاني أغضب. في الأول، رجعت لورا بعيون واسعة- كنت مصدومة أوي. بس عيوني ضاقت في نظرة غضب وهما اللي رجعوا لورا المرة دي، هما التلاتة.
        
        "إنتوا معندكوش ثقة في أبونا؟" قولت لهم وهما بصوا لبعض، مش عارفين يقولوا إيه.
        
        "هو مش هيرجع." أوستن قال.
        
        "فين دليلكوا؟" زعقت فيه. في بيتي الهادي والدافئ. عمري ما زعقت لهم قبل كده. ده خلاهم يرجعوا لورا تاني. وهما مصدومين تماماً. كنت مغلوبة على أمري. لما وصلت البيت كل اللي فكرت فيه كان الواجب اللي عليا، ودلوقتي هما بيدوني حاجات زيادة أقلق عليها.
        
        "ده واضح، ماشي؟" بيلي مشي وحاول يحضني بس أنا بعدت عنه.
        
        بيلي وأنا كنا أقرب لبعض واحنا بنكبر. هو دايماً كان بياخدني أماكن، وكنا دايماً بنتفق. كريس، عشان هو أقرب واحد ليا في السن، دايماً كان بيلاقي طريقة يضايقني بيها. أنا عمري ما كنت بحب أعمل مشاكل، عمري ما كنت بحب أتخانق. عمري ما عملت كده. كنت دايماً "الهادية المتماسكة" في العيلة، زي ما بابا كان بيقول.
        
        "صعبة، أنا عارف. بس لازم نواجهها."
        
        أنا مفكرتش مرتين في الموضوع ده، كنت عارفة إنها مش حقيقة. هما فعلاً كانوا مصدقين إنه مش هيرجع. ده كان سخيف. "ممكن تيجي تعيشي مع واحد فينا!" بيلي اقترح.
        
        "أو ممكن إحنا اللي نعيش هنا." أوستن عرض.
        
        هزيت راسي وكريس بصلي بصدمة. "يا ديانا، إنتي أكيد بتحسي بالوحدة هنا."
        
        هزيت راسي ليهم. "لأ، مش حاسة." كنت فاكرة إني بقولهم الحقيقة. أنا مكنتش حاسة بالوحدة، كنت حزينة. لو فضلوا معايا هيتكلموا مع بعض. وهيكونوا قريبين زي دايماً- وده اللي كان بيخليني أحس بالوحدة.
        
        
        
        
        
        
        
        الطريقة اللي مشينا بيها اليوم اللي قبله كانت مريحة ليا أوي. سيبنا الأمور زي ما هي، وعملنا نفسنا كإن محدش فيهم جاب سيرة بابا خالص.
        كنت قلقانة وأنا رايحة المدرسة. الموضوع هيكون محرج، وكنت عايزة أتجنب دولابي اللي بالصدفة كان قصاد دولاب مستر جرانت بالظبط، بس ده مكنش ممكن.
        مستر جرانت كان من النوع ده من المدرسين اللي بيمشوا في الممرات عشان يهدوا أعصابهم، وده كان دايماً. عمري ما كنت متأكدة هو بيعمل كده ليه أصلاً، لأنه دايماً كان بيشوفني وبيتعصب أكتر.
        النهاردة الصبح كان رايح جاي في الممرات المزدحمة وكوبايه القهوة في إيده. ولما كان بياخد رشفة، عينيه كانت بتدمع والبخار كان بيضرب وشه جامد ويطلع لبره. أقسم بالله كان بيشربها سخنة مولعة عشان يؤذي نفسه وبس.
        هو لسه مشافنيش، بس حس بنظراتي الحذرة، وأول ما لف عشان يبصلي بغضب، أنا لفيت بسرعة وفتحت دولابي بسرعة عشان أمشي في أسرع وقت ممكن.
        كان يوم "أيه"، بس ده عمره ما كان بيفرق. أنا كنت باخده كل يوم. هو كان الحصة الثامنة والأخيرة في اليوم، والغريب إني كنت بشفق عليه شوية عشان أنا في حصته كل يوم. أكيد صعب إنك تتجبر تدرس لحد بتكرهه كراهية عميا، وخصوصاً إنك مش بتعلمه أي حاجة غير إزاي يمسك نفسه ميردش على أستاذه.
        "ديانا، ده جميل." أستاذة الرسم بتاعتي قالتلي. فضلت واقفة لدقيقة قصيرة قبل ما أروح حصتي الأخيرة. "أنا آسفة إني اضطريت أقوله إنه يفضل بعد الحصة عشان يراقبك. أنا عارفة إن ده مكنش ضروري خالص، مكنش المفروض أبعتله الإيميل."
        كأن اليوم بتاعي كان الحصة الأولى- الثانية- الثالثة- الرابعة- الثامنة-ة-ة-ة-ة حصة... كانت طويلة أوي مع مستر جرانت، عشان كلنا كنا بنكرهه.
        في حصته كنت قاعدة جنب واحد من أكتر الشباب الجذابين في مدرستي. هو مكنش متواضع أوي، بس كان محترم جداً. ليا أنا، على الأقل. اسمه كان رايان.
        "ديانا، عملتي إيه في مشروع الرسم ده؟" سألني وهو بيفكر.
        "كان..." فكرت دقيقة. "مش زي ما كنت عايزاه يطلع." اتجرأت أبص لمستر جرانت ولقيته بيبصلي بنظرات غضب، أنا احمر وشي على طول وبصيت بعيد. "بس عادي."
        "آه، آسف." ابتسم لي ابتسامته الطفولية المشهورة. كنت هحبه لو مكنش طفل أوي كده. "هتيجي حفلة أفري جونسون الجمعة دي؟"
        هزيت راسي. أنا عمري ما رحت حفلات، دي مش جوي. دايماً كنت بحس إني مش في مكاني هناك. "ليه لأ؟" سألني وأنا رفعت كتفي. "طيب، عايزة تكوني مرافقتي هناك؟" واداني الابتسامة الطفولية دي تاني.
        "إممم-"
        "خلاص." مستر جرانت قام من كرسيه المتحرك واتكلم بصوت عالي وبشدة. "هنكمل شغل امبارح بما إن معظمكم مش عارفين بتعملوا إيه." بصق الكلمة، ووزع ورقة فيها ملاحظات مطبوعة. "دي مش بتاعتي، دي بتاعة مستر جوزيف." مستر جرانت تمتم لنفسه، كأنه مكسوف إنه ممكن يتشك إنه عمل حاجة كويسة لمرة واحدة.
        "هديكم عشر دقايق تبصوا عليهم، لو اتكلمتوا هخليكم تمشوا." اتكلم بشدة وببرود وهو قعد وبدأ يكتب على الكمبيوتر بتاعه.
        أنا بصيت عليهم وفهمت تماماً. أنا كنت بحب مستر جوزيف أوي، وهو كان اللي بيدرسلي خصوصي. هو راجل كبير في أوائل الستين، ولطيف جداً وكان بيراجع معايا كتير أوي عشان أفهم شغله. وأنا أكدت عليه إن الموضوع ده يكون سر إنه بيدرسلي خصوصي. كنت خايفة مستر جرانت يغضب ويصرخ فيا عشان غبية أو حاجة.
        "خلاص، الوقت خلص." قال بسرعة بعد حوالي خمس دقايق.
        في الفصل سمعت تنهدات محبطة وإيدين غاضبة بتحاول متهبدش أوي على المكاتب. أنا مكملتش قراية الملاحظات برضه.
        "حاجة تحزن إننا لازم نراجع حاجات زي دي عشان في عدد كبير منكم ساقطين." مستر جرانت وقف في تصلب.
        حاولت أتخيله هادي، سعيد. يمكن معاه بيرة في إيده أو حاجة، مكنتش متأكدة. حاولت أتخيله في مكان واحد من إخواتي: ساند كوعه على الرخامة بابتسامة سعيدة وبيشرب بيرة وهو بيتفرج على البيسبول. كان مستحيل. مكنتش قادرة أتخيله مبتسم خالص، لأني عمري ما شفته بيعمل كده.
        أنا مكنتش ساقطة في حصته. زي ما قولت قبل كده، أنا متأكدة إني كنت من أوائل طلابه، بس ده كان بسبب مستر جوزيف.
        بعد ما مستر جرانت راجع الدرس مرة تانية، الحصة خلصت. وده معناه إن المدرسة خلصت وإني قدرت أمشي من الجو اللي مليان كراهية بتاعه. كل الناس طلعوا قبل ما ألحق حتى أمسك شنطتي، فكنت آخر واحدة تقف.
        حسيت بعينيه عليا وحسيت كإني لازم أكون هادية عشان أمشي، وإلا هيضرب. زي الحيوان.
        وبعدين اتكلم، "ديانا."
        
        
        
        
        
        
        اتخشبت مكاني كأني اتمسكت بعمل حاجة غلط. إيه ده؟ إيه اللي عملته وحش أوي كده؟ ولا حاجة.
        
        "نعم؟" لفيت وبصيتله باحترام، وكنت عايزة أمشي بجد.
        
        ربّع دراعاته على صدره وبصلي بغضب. كده وبس، رجع لورا واداني النظرة الشريرة الفظيعة دي. كان عايزني أروح لدولابه. فروحت، بحذر. كل خطوة مكنتش بطيئة أوي - بس ثابتة. كنت الغزالة اللي بتهرب من الصياد، بس أنا مكنتش سريعة كفاية عشان أمشي من غير ما يتشاف. دلوقتي لازم أهرب وعينيه عليا.
        
        "هديكي حجز عشان إمبارح."
        
        نزلت شنطتي والحتة المعدن عملت صوت عالي، صدى في أوضته الرمادية اللي بتجيب الكآبة. "أنا آسفة، ليه؟" مكنتش مهذبة، لأني كنت غضبانه.
        
        "المنظر بتاعك كان قلة احترام." هو اتكلم بغضب.
        
        "منظري؟ بتاعي أنا؟ إنت اللي كنت بتشتكي طول الوقت إن عندك حاجات أهم تعملها من إنك تلعب دور المربية، لما أنا قولتلك بالذات إنك ممكن تمشي. ده كان غلطتك إنت!" زعقت فيه. أنا زعقت. أنا عمري ما رديت على مدرس قبل كده، ناهيك عن إني أزعق في واحد. أنا كده خلصت.
        
        هو قام فجأة، وأنا شفت إنه كان متوقع إني هخاف وأرجع خطوة لورا، بس أنا رجعتله نظرة الموت بتاعته. وده ضايقه. "لو مش هتتخانقي معايا دلوقتي، مش هيتسجل في سجلك. دلوقتي هتقعدي وتعملي أي حاجة بهدوء لحد ما أقول غير كده."
        
        مقعتش. "إنتي عارفة قد إيه سجل الحجوزات ده بيفرق مع الناس اللي بتبص عليكي للجامعة؟" سخر، وكنت عايزة أضربه بالقلم. بدل كده، قعدت على مضض وطلعت كتاب من المكتبة لجون ستاينبيك. على أمل إن كتابته العلاجية تهدّي روحي.
        
        بعد نص ساعة من الحجز بتاعي تليفوني رن. كان على وضع الاهتزاز بس كان هدوء تام في أوضته، هو أنا وبس. فإحنا الاتنين سمعناه وهو هزلي راسه.
        
        بصيت عليه كده كده وبعدين بصيتله تاني. هو مكنش باصصلي، عينيه كانت صلبة زي الحجر بتبص على الكمبيوتر بتاعه كأنه أنا. "ده... أخويا." قولتله بخجل وهو مقالش ولا كلمة. "لو بيتصل يبقى في حاجة مهمة." قولت بصوت أعلى المرة دي.
        
        هو بصلي أخيراً. "يلا بسرعة." تمتم وأنا رديت بسرعة قبل ما بيلي يقفل الخط.
        
        "إزيك يا ديانا الجميلة." قال بنبرة اعتذار.
        
        "إيه اللي حصل؟" استعجلته.
        "بتعملي إيه؟" سأل بلطف.
        
        "أنا في الحجز، عايز إيه؟"
        على الطرف التاني كان فيه ضحكة عالية، وسمعت صوت أخواتي الاتنين التانيين بيسألوا إيه اللي مضحك أوي كده. "هي بتقول إنها في 'الحجز'." ضحك تاني.
        
        "معنديش وقت للكلام ده، ليه اتصلت؟"
        أخويا رجع لجدية بسرعة مع تكحيرة خفيفة. "بخصوص إمبارح... كنا عايزينك تفهمي إن لما فرد من العيلة بيكون-"
        
        مسمعتش الباقي لأني قفلت السكة بسرعة وخبطت تليفوني على المكتب. وشي كان متغطي بالإحراج.
        إخواتي بيتكلموا معايا كأني طفلة. كأني طفلة مش فاهمة معنى الحرب. أو إن في يوم من الأيام مش هنكون كلنا مع بعض.
        
        مكنتش بكره حاجة أكتر من إني أتحسس بالتقليل مني. وبعدين في الحقيقة الغبية إنهم فعلاً مصدقين إننا مش هنشوفه تاني. ممكن تكون صح، بس أنا مكنتش مصدقاها عشان بابا من النوع اللي تحس إنه هيعيش للأبد.
        تليفوني رن تاني واتحرك على الترابيزة. أوستن كلمني المرة دي، بس أنا رفضت المكالمة وحطيت تليفوني في شنطتي.
        
        التلاتين دقيقة اللي بعد كده كانت كلها عبارة عن إني بفكر في طرق أتجنبهم بيها، عشان أكيد هيحاولوا يجوا البيت. "تمام،" مستر جرانت وقف واتكلم بجرأة، خلاني أتخض. "خلصنا."
        ولم حاجته في شنطة شغل وأنا لميت حاجتي برضه. حاولت أطلع بسرعة على قد ما أقدر، أحاول أتجنب أي احتكاك بيه. بس إحنا الاتنين وصلنا للباب في نفس الوقت وبصينا لبعض دقيقة، بنستغرب مين اللي هيطلع الأول.
        
        مستر جرانت فاجئني إنه طلع صوت خفيف ورجع لورا عشان يوسع الباب عشان أطلع أنا الأول. سمعت باب أوضته بيتقفل ورايا وأنا بطلع. خطواته سرّعت عشان يمشي قبلي وخلص بينا الحال واحنا ماشيين جنب بعض في صمت محرج مؤلم. وصلنا للأبواب المزدوجة ولما مديت إيدي للمقبض، هو مسكه وفتحهولي. بصيتله عشان أشوف وشه الغاضب اللي مش صبور، فمتعبتش نفسي إني أشكره واندفعت لعربيتي.
        لما وصلت البيت، مكنش فيه حد. بس ده اللي كنت بحبه.
        
        كلت كورن فليكس للعشا وخلصت واجبي، وبعدين رحت أنام بدري. بس ده كان غبي، لأني مكنتش عارفة أنام. مكنش فيه طريقة أنام بعمق لأني كنت قاعدة بفكر في بابا. فمسكت قلم وكتبتله.
        كتبتله عن المدرسة، اتكلمت عن أساتذتي، عن الراجل الحقير اللي بيكرهني من غير سبب، وقولتله إني كويسة في الدراسة واتكلمت عن درجاتي، واتكلمت عن إخواتي، وقبل ما أعرف، كانت الساعة واحدة الفجر. بعد كده كنت صاحية تماماً.
        
        مكنتش عارفة أنام، كنت عمالة أتمشى في أوضتي وأسأل نفسي قد إيه أنا تعبانة. كنت تعبانة. بس مكنتش قادرة أستنى نايمة، مكنتش قادرة أقفل عيني ومكنتش قادرة أنام. شربت شاي بابونج، أكلت موزة، كلت كام كرزة، سخنت لبن وعسل، بس ولا حاجة كانت هتخليني أنام.
        قعدت وبصيت على الرسالة تاني مرة، وبعدين مرتين. مكنتش هقدر أبعتها. مكنش فيه حد أبعتها له، مكنش عندي أي فكرة إزاي أعمل كده. والأولاد أكيد مش هيساعدوني في ده.
        
        لما كانت الساعة ستة الصبح أخيراً بدأت أحس إني ممكن أنام. وكان لازم أصحى بعد ربع ساعة.
        مكنش فيه طريقة أخبي بهتان بشرتي أو النعاس اللي في عيني. كل اللي كان عليا أعمله إني أحاول أفضل صاحية ومركزة، بس ده كان صعب أوي.
        
        
        
        
        
        
        كنت قدرت أعمل كل ده، بس فوتت الغدا ونمت شوية في المكتبة. بعد أقل من نص ساعة نوم، حسيت إني تعبانة أكتر وأكتر لحد ما وصلت لآخر حصة ليا مع مستر جرانت.
        
        دخلت بعد كل الناس، وحاولت أخبي وشي. كان مستحيل. هو قام واتكلم عن الحاجات اللي محتاجين نطلعها. بعدين راجعنا الملاحظات المكتوبة العادية اللي خلتني أحس إني مش فاهمة بكتب إيه. متعبتش نفسي إني أركز. كنت منهكة أوي وبحاول أصحى، مكنش فيه أي طريقة أقدر أركز بيها.
        
        كأنها الأبدية لحد ما الجرس رن وقمت بسرعة، بس قعدت أول ما قمت لأني دوخت أوي. لميت نفسي وقمت تاني، أبطأ المرة دي، واتجهت للباب.
        "رايحة فين؟" صوته العالي زأر فيا وخلاني أتنفض. راسي كانت بتوجعني من ألم النوم وبصيتله بتوهان.
        
        "البيت؟"
        "شكلي مكنتش واضح كفاية." قاللي. "عندك حجز معايا بقية الأسبوع."
        
        قلبي وقع وكنت عايزة أعيط بسبب لخبطة الهرمونات اللي عندي من قلة النوم الرهيبة. بس أنا قعدت تاني وسندت راسي على دراعاتي، ونمت.
        ...
        
        "ديانا." حد زقني بالراحة. "ديانا، اصحي."
        دفنت راسي في دراعاتي وتجاهلت توسلاته. "ديانا!" دراعي اتسحب من تحتي وبصيت في عينيه البنية الدافية واتنفضت.
        
        بعدين أدركت مين ده وقمت بسرعة، وده عملي صداع تاني مؤلم وكنت هقع لورا، بس مسكت نفسي قبل ما هو يمسكني. "ممكن تروحي." قال بشدة.
        تجاهلته وفضلت واقفة، ساندة على المكتب اللي ورايا وبدعك راسي.
        
        هو وقف عند الباب واستنى بفارغ الصبر. "ديانا؟" قال اسمي تاني. كان بدأ يضايقني. كنت بتحول لوحش نعسان. "روحي البيت ونامي عشان تقدري تركزي في حصتي." قاللي ببرود.
        راسي كانت بتلف وكنت عايزة أروح البيت وبس، بس كنت خايفة أنام وأنا سايقة. جاتلي فكرة، فكرة إني أنام في شنطة عربيتي الجيب لحد ما أصحى. كان قرب نوفمبر، يعني الجو كان برد أوي. كان دايماً عندي بطانية في شنطة عربيتي كمان، عادتاً عشان السينما اللي في العربية في إينيس.
        
        لميت حاجتي وطلعت معاه.
        "إنتي كويسة تسوقي،" ده مكنش سؤال مهم أوي. الطريقة اللي قال بيها مكنتش حتى لطيفة. هو سألها عشان لازم، ولو مسألهاش وحصلي حاجة وحشة هيكون هو في مشكلة. أنا هزيتله راسي وبس.
        
        لما وصلت لعربيتي أخيراً دخلت في الكنبة اللي ورا واتكورت كويس في اللحاف بتاعي. بعدين سمعت اسمي تاني. قعدت وفتحت الباب والنسيم البارد خلاني أقرب أكتر من البطانيات بتاعتي.
        "إيه اللي إنتي بتعمليه ده؟" مستر جرانت طلب بغضب. هل هو مسموحله يكلمني كده؟
        
        "أنا باخد غفوة." قولت بوضوح.
        "إنتي مش متوقعة إني هقدر أسيبك كده مش كده؟ ممكن حد يسرقك أو يقتلك." هو متعبش نفسه إنه يحاول يبدو صادق، لأنه مكنش صادق. بدل كده هو فضل واقف هناك وبصلي بغضب.
        
        "تمام." قولت وبس وقفل بابي ونمت أخيراً.
        ...
        
        تليفوني كان بيرن بصوت عالي. كان الجو مكتوم في عربيتي وبدأت أحس إني ممكن أتخنق. فتحت الباب على آخره واستنشقت الهوا النقي، والجو بره كان ضلمة كحل. "ألو؟" رديت بانتباه وببص على الساعة.
        "ديانا، الساعة تسعة ونص وإنتي لسه مش في البيت." كريس زعق فيا.
        
        "آه.. صح آسفة. أنا... نمت في عربيتي." قولتله، وطلعت من عربيتي عشان أروح لمقعد السواق وسوقت للبيت وأنا تايهة وتعبانة.
        
        أخدت كام محاضرة. واحدة من كل أخ، بس كانوا طوال ومملين. أنا حتى مركّزتش معاهم. كانوا معظمهم عن إني أكون في البيت في الميعاد، وأكون مسؤولة لو عايزة أعيش لوحدي.
        بصراحة أنا مكنتش عايزة أعيش لوحدي. من غيرهم، كنت عايزة. بس كنت عايزة بابا يرجع. استحمت وخلصت واجبي على قد ما قدرت. ورحت أنام تاني.
        
        ...
        "آه، أوستن كلم أخويا وهو متجنن عشان مكنتيش بتردي على تليفونك." كول جرايز قاللي، وهو ساند جنب الدولاب اللي جنب دولابي.
        
        كول كان أخو تايلر جرايز. تايلر كان أقرب صاحب لأوستن. أنا كنت معجبة بتايلر زمان، بس استقريت على إني أحب كول. ده كان في سابع ابتدائي. "يا لهوي." قولت ببساطة وهو ضحك معايا. لازم أعترف إني لسه معجبة بيه شوية. بس ده كان الجانب الناضج منه اللي عجبني. إحنا كنا أصدقاء مقربين أكتر من أي حاجة.
        "صحيتي دلوقتي؟" سألني، وهو بيقرص كوعي بمرح.
        
        "أكيد. أنا بس عايزة الأسبوع ده يخلص." اتنهدت، وكان ليها معنيين. الأغلب عشان كنت عايزة أخلص من حجز مستر جرانت.
        وهكذا بدأ بقية اليوم اللي سرعان ما بدأ حصتي مع مستر جرانت ونظراته الغاضبة في الفصل عشان كلنا مكنش عندنا أي فكرة هو بيتكلم عن إيه.
        
        "لو بتاخدوا حصة متقدمة، لازم تكونوا قادرين تتعلموا." قال ورايان بصلي بعيون واسعة ومتضايقة.
        "يا له من حقير." قالها بهمس وأنا هزيت راسي.
        
        وقف قدام الفصل وراح جاي بعصبية. أنا كنت بتابع رجليه الطويلة وهي بتخبط كل خطوة كأنه بيدوس على صف كبير وشرير من الحشرات.
        
        
        
        
        
        
        افتكرت اليوم اللي فات لما صحيت على غير متوقع ولقيت نفسي ببص له مباشرة. عمري ما كنت قريبة منه كده قبل كده. كان غريب وده خلاني مش مرتاحة. عمري ما أدركت بجد إن عينيه بني. كانت بني كراميل سخن، بتحرق وأنت بتبص فيها. الفكرة دي خلت وشي يحمر.
        بعد ساعة من تدريس ملوش لازمة، كان وقت الحجز بتاعي.
        كنت حاسة إني جريئة. "مستر جرانت؟" لفيت وبصيتله، وصوابعه اللي كانت على الكيبورد وقفت مكانها وبصلي وهو مكشر. كان متلخبط تماماً ليه أنا بتكلم معاه. هو عارف إني بخاف منه، وده اللي هو عايزه. طب ده كان سخيف، ومش هخاف تاني. "ليه بتكرهني؟"
        هو بص تاني على شاشة الكمبيوتر بتاعه كأني مقلتش أي حاجة وفضل يكتب. أنا بصيتله بغضب، جامد، بس هو متحركش.
        فلفيت جسمي كله وبصيتله.
        طول الوقت، كنت براقب كل حركة بيعملها لحد ما بان غضبه. "لفي وشك!" زعق.
        فضلت مكاني.
        "ديانا، مش هطلعك من الحجز." هو همهم.
        "أنا بس عايزة أعرف عملت إيه عشان تكررهني أوي كده." لفيت تاني وبدأت أخبط على مكتبي بصوابعي بنفاذ صبر.
        هو لسه مردش.
        مكنش يفرق كده كده، دي آخر سنة ليا وبعدين هروح الجامعة ويمكن أقنع بابا ميرجعش الجيش تاني أبداً. كنت بكره أشوفه حزين ووحيد.
        قبل ما أعرف، راسي كانت على دراعاتي تاني وكنت نمت نوم عميق.
        ...
        رمالي قلم. رمالي قلم. ده كان خطر أوي. أنا لسه مصحيتش بجد غير لما كان بيزعق اسمي. "ديانا!"
        "إيه." قعدت وفردت جسمي.
        "متناميش في الحجز." بصقها.
        بصيت في الساعة واتخضيت. كان عندي حصة خصوصي مع مستر جوزيف وكانت بدأت خلاص. لميت حاجتي بسرعة بس مكنتش هقدر أشرحله إني باخد خصوصي في نفس المادة اللي هو بيدرسها مع حد تاني.
        فجأة باب مستر جرانت اتفتح وظهر وش راجل عجوز مبتسم. "أهلاً يا تشارلز." قال لمستر جرانت.
        "أهلاً يا مستر جوزيف." لقيت ده لطيف ومحترم إن مستر جرانت لسه عايز ينادي الراجل الأكبر منه باسمه الصحيح. بس الفكرة اختفت لما هو بعتلي نظرة سريعة زي الخنجر.
        مستر جوزيف بصلي بسرعة. "ها... هنعملها هنا مش كده؟"
        أنا اتوترت من جوايا. هو كان جاي يقعد قدامي. وبعدين قعد قدامي، ومستر جرانت كان بيتفرج.
        "بتعملوا إيه؟" مستر جرانت سأل.
        مستر جوزيف البريء بص عليه بابتسامة. "بندي حصة خصوصي."
        "في... إيه؟" نبرته كانت حذرة. كانت تحذير، بتقول لو كنت غبية كفاية إني أرد عليه صح، هيقتلني.
        "رياضيات طبعاً."
        ومستر جوزيف فتح كتابه بسرعة وبدأ الشغل. "إيه اللي عملتيه النهاردة؟" وأنا اديته الملاحظات اللي كنت نسختها. الموضوع بقى أسوأ وأسوأ والراجل العجوز بيتكلم.
        "ده بسيط أوي بصراحة..." وفضل يحكيلي إيه اللي مستر جرانت كان بيدرسه. أسوأ حاجة كانت إني فهمت الموضوع كويس أوي من مستر جوزيف وأستاذي الصغير الشرير شاف ده. وهو مكنش مبسوط خالص.
        "يا سيدي، مكنتش أعرف إنك بتدي حصص خصوصي مجانية. يا له من شيء لطيف." نبرة "تشارلز" كانت واضحة. وهو مبصليش، الحمد لله.
        "لأ، مش مجانية. أنا مبديش حصص خصوصي. هي جات ترجتني وقالت إنها هتدفع أكتر من اللي بياخده أي مدرس خصوصي!" هو ضحك بسعادة. "بس أنا برضه سمحتلها تدفع المبلغ الصح." الراجل العجوز ضافها وهو بيزق كتفي بمرح.
        أنا كنت بحب مستر جوزيف. كنت بحس براحة أوي حواليه. هو كان كل حاجة مستر جرانت مشها. لطيف، عجوز، أهبل، ومرح. كان زي الجد اللي دايماً كنت عايزاه. كنت أقدر أعرف إنه بيحبني برضه. حتى إنه قالي مرة إنه كان يتمنى إني أكون حفيدته بدل سيسيل جوزيف، اللي كانت في سنة تانية ثانوي واللي كانت مجرد عيلة قليلة الأدب.
        لسوء الحظ، مستر جوزيف كان عجوز ومرح أوي لدرجة إنه مفهمش التوتر المحرج اللي كان بيني وبين مستر جرانت.
        أخيراً لما خلصوا، مستر جوزيف سلم بسعادة وبعتلي تحياته وخربش شعري زي ما أي جد هزار بيعمل. ضحك على تعبير وشي اللي كان بيقول "عادي يعني." "مع السلامة يا حبيبتي!" قاللي، وبعدين لوح لمستر جرانت بسعادة. "مع السلامة يا تشارلز!"
        وهو مشي. كنت أتمنى إنه مكنش مشي.
         
        

        روايه أستحق حبها

        أستحق حبها

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        كائن بيراقب إلويز اللي بيحبها حب امتلاك، وبيحاول يقرب منها بأشكال مختلفة. لما بتدخل إلويز في علاقة مع كاميرون، الكائن ده بيتعذب وبيقرر يتخلص من كاميرون عشان ياخد مكانه. في النهاية، بينجح في ده وبيسكن في جسد كاميرون، لكن بيكتشف إن إلويز خايفة من كاميرون (اللي هو دلوقتي)، وبيصمم يصلح الثقة اللي كاميرون القديم كسرها عشان يحصل على حبها.

        إلويز

        عندها قدرة على التعاطف مع الناس والحيوانات. في البداية كانت سعيدة في علاقتها بكاميرون، لكن مع الوقت بتظهر عليها علامات الحزن والخوف بسبب معاملته ليها. هي شخصية بريئة وواثقة، وده بيخليها عرضة للأذى.

        كاميرون

        خطيب إلويز. في البداية كان لطيف وحنون، لكن مع الوقت بيتحول لشخص غيور ومتملك وبيسيء معاملة إلويز جسدياً ونفسياً. الكائن بيعتبره عائق وبيكرهه بشدة، وبيشوف إنه لا يستحق إلويز.

        السارد

        كائن غريب بيقدر يغير شكله وياخد أشكال مختلفة (بشر وحيوانات). بيحب إلويز بجنون لدرجة التملك، وبيراقبها وبيحاول يقرب منها. بيتعذب لما بتدخل في علاقة مع كاميرون، وبيقرر يتخلص منه عشان ياخد مكانه ويبقى معاها. هو ذكي وملاحظ، بس في نفس الوقت بيعاني من الوحدة والألم، وبيظهر عليه جنون العظمة في حبه.
        تم نسخ الرابط
        روايه أستحق حبها

        بقالها يومين. يومين من آخر مرة شفت فيها كاميرون، حبيبي. يومين من التعافي والشد العصبي.
        
        الكدمات اللي على خدي وكتفي لونها بقى مصفر ودلوقتي مبقتش بتوجعني أوي لما بلمسها. لسه بتعب وأنا بحاول متكلمش عليها لما بغسل سناني أو باخد دش. بس بقدر أتحكم في نفسي.
        
        كاميرون بيعمل كده ساعات، بيختفي يوم يشرب مع أصحابه. عادةً بعد واحدة من نوباته العصبية.
        
        مكنش كده في الأول. كان حنين وطيب، غيور حبتين بس كانت غيرته كيوت قد إيه كان باين عليه بيهتم بيا. بس بعد حوالي سنة من العلاقة، لحظات الغيرة الصغيرة اتحولت لنوبات تملك وعصبية، والحنية الدافية بالبطيء اتحولت للحظات لامبالاة باردة أو، نادرًا، لخبطات بالإيد.
        
        صوت المفتاح في البفل بيخلي قلبي يدق بسرعة. لحظة الاسترخاء الصغيرة بتاعتي اتكسرت.
        
        بجري بسرعة على الطرقة، بوقف نفسي جنب السلم أول ما الباب بيتفتح. خجولة وممتنة، زي ما بيحب بالظبط. "حمدلله على السلامة."
        
        كاميرون مبيدخلش على طول. بيقف في المدخل، بيبصلي وبس.
        
        بتحرك بتوتر، بحاول أقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيقرب مني بسرعة، إيديه بتطلع تمسك دراعي. ريحة الفودكا خفيفة، مش قوية زي العادة خالص.
        
        فيه حاجة غريبة في طريقة بصه ليا، عينيه بتتحرك على وشي كأنه بيحاول يحفظ تعبيرات وشي. عينيه واسعة ومتلخبطة، كأن دي أول مرة يشوفني فيها. مبيتكلمش. بيبص وبس.
        
        هو ممكن يكون سكران قد إيه؟
        
        الصمت بيبدأ يتقل عليا والهوا بيبان كأنه بيتقل، زي بطانية تقيلة بتلف دراعاتي ورجليا. desperate for a positive reaction، أي رد فعل، بتكلم. "وحشتني."
        
        التوتر بيتشال فجأة وابتسامة بتشق وشه. بقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيوطي وبيطبع بوسة على جبيني.
        
        "لما بسمعك بتقولي كده ده بيخليني سعيد" بوسة على خدي، "سعيد أوي" بوسة على الخد التاني، "أوي" وأخيرًا بوسة على طرف مناخيري.
        
        بيتحرك على الجنب وبيحط إيده على ضهري من تحت، بالإيد التانية بيشاور على أوضة المعيشة. إيده دافية. "نخش؟"
        
        مش عارفة إيه اللي جاله، بس مش عايزة أديله أي سبب عشان تجيله نوبة عصبية تانية. عشان كده، بمشي وراه.
        
        النهاردة بالليل كان غريب.
        
        كاميرون حنين زيادة عن اللزوم. هادي زيادة عن اللزوم. تقريبًا زي ما كان في الأول ومع ذلك مش شبهه خالص زي ما كان متعود.
        
        ساعات، بيوترني باختياره للكلمات. بيفضل يهزر إني شكل حلو أوي يتاكل وبيقول على أكلي إنه لذيذ زيي.
        
        دلقت كوكاكولا على ركبته، وهو بس ضحك. قالي يا حلوتي الخايبة وراح المطبخ يمسح نفسه. مفيش صوابع بتترعش ولا علامات غضب. مفيش ضغط في صوته. مفيش علامات تحذير. ده بيوتر.
        
        بشوف حركة بطرف عيني، كأنه بيبتسم. فيه حاجة في وشه مخيفة. عينيه واسعة أوي وسودة. ابتسامة بتشق وشه، بتوصل من شحمة ودنه لشحمة ودنه التانية. بس لما بلف راسي عشان أبص، شكله طبيعي، بيبصلي بابتسامة حنونة ومحبة.
        
        بعد ما غسلنا المواعين سوا، بيشدني أرقص معاه بالراحة في المطبخ على أنغام أغنية 'You've got the Love' اللي كانت شغالة من الراديو. إيديه دافية. لمسته حنونة.
        
        حاسة كأننا في شهر العسل تاني.
        
        جزء مني بيحتفل بالتغيير ده. أخيرًا، شكله بقى كاميرون القديم، اللي وقعت في حبه تاني. بس جزء أصغر (غريب، بس صوته أعلى) مني بيصرخ إن فيه حاجة غلط، فيه حاجة وحشة جاية.
        
        الأسئلة بتتجمع جوايا لحد ما، قبل ما نستعد للنوم على طول، مقدرتش أمسك نفسي إني أمد إيدي على دراع كاميرون. صوابعي يا دوب لمست كم قميصه قبل ما هو يقف.
        
        بيستدير يواجهني بابتسامة واسعة.
        
        "أمم، كاميرون." بفضل العب في طرف توبي. حاسة كأن فيه حاجة بتزن في صدري. "كل حاجة تمام؟"
        
        "طبعًا، يا روحي." بيبعد خصلة شعر من على وشي بالراحة. ابتسامة حنونة ومحبة بتعمل تجاعيد حوالين عينيه الزرقا اللي تقريبًا لونها فضي.
        
        الإدراك فجأة بيصدم قلبي. إحساس بالهبوط، زي حجر وقع في معدتي. كأن الأرض اتفتتت من تحتي، وأنا واقفة على حافة رفيعة فوق الهاوية.
        
        عيون كاميرون لونها بني.
        
        
        
        
        
        
        الجو ساقعة. بشد الجاكت بتاعي أكتر على جسمي. الراجل اللي وشه ده كان متخفي ورا طبقات من التراب والوساخة وهدوم كبيرة أوي، لكنه كان ضعيف وباين عليه مشرد.
        "معلش."
        صوت هادي. بلتفت. فيه إنسان بيبصلي، واقف على بعد خطوتين بالظبط.
        "إحنا بنوزع وجبات." بتلف نص لفة، وبتشاور على مجموعة من الناس اللي بيتكلموا بصوت عالي ومتجمعين حوالين عربية مفتوحة وراها. "عايز واحدة؟"
        بهز راسي. الأكل دايماً حاجة كويسة؛ والأكل المجاني أحسن بكتير.
        ابتسامت.
        بغمض عيني في هالة النور اللي حواليهم، بضيق حدقة عيني لحد ما ملامحها بتوضح. محاطة بنور الشمس، شكلها ملاك.
        هدية إلهية مبعوثة من السما.
        فرصة تانية.
        فرصتي السادسة التالتة التامنة اتنين وخمسين.
        بخلى حركاتي بطيئة، إيدي بتترعش تقريباً، صورة للضعف.
        ابتسامتها بتفضل صبورة ومتفهمة. صوابعي بتلمس صوابعها وأنا باخد الشنطة.
        بحس بصدمة، زي حقنة من الهدوء والأغاني المريحة مباشرة في دمي.
        يا إلهي، قد إيه عقلهم لازم يكون رائع ومفتوح.
        هي مبتتنفضش. مبتشدش إيدها بحركة مفاجئة زي ما كتير عملوا قبل كده لما بيشوفوا الوش ده.
        بسرعة أوي بتلف وشها وتمشي. الاتصال بينقطع قبل ما يتكون.
        باخد نفس عميق. بقبض على الشنطة الورق كأنها الطرف اللي عايز أخطفه. بركز على ريحة الورق والبلاستيك. مش هخطف إيدهم، هسحب إيدي، هكون بطيء.
        الست بتلف وبترجع للناس التانيين. وهي ماشية وجاكتها بيترفرف في الهوا، ريحة مغرية بتخبط في وشي. حلوة أوي.
        جوع قديم ومألوف بيظهر تاني. الوخزة الوهمية لأنيابي بتهدد إنها تشق اللثة بتاعت الوش ده. تمزيق. تقطيع. التهام.
        لا! بقطع الشنطة، وبسيب محتوياتها تقع على حجري. الغطا البلاستيك للساندويتش بيتقطع بأسنان التنكر بتاعتي التخينة. طبقات العيش الهش والجبنة والخص بيتبعوا، بيتزحلقوا من سناني وبتنزل في حلقي. ببلع بشراهة، ومبتعبش نفسي أمضغ. أول ما الساندويتش بيخلص، بيتبعه الموز وكيس الزبادي. في مكان عام زي ده، مبفتكرش أقشر الموز إلا في آخر لحظة. أنا بس محتاج أملى بطني، أوقف الجوع، وأفضل مسيطر على نفسي.
        تمام. حاسس أحسن. أهدى. كويس. يلا نبقى إنسان. ممكن نبقى طبيعيين. أنا ممكن أبقى طبيعي.
        هم بيتحركوا. مجموعة المتطوعين، بيتفرقوا. بميل لقدام شوية، وداني بتتشد لقدام. ركز. أطول الأعصاب، أغير الخلايا. اسمع.
        "إلويز."
        إيه ده؟
        "أشوفك بعدين يا بنتي."
        آه، هي بتبتسم.
        "باي، إلويز."
        ده لازم يكون اسمها.
        بلف الاسم في بوقي، بتذوق حروف العلة وبقلب المقاطع.
        "إلويز." يا له من روعة.
        آه، استنى. هي ماشية. ماشية جنب اتنين من المتطوعين، رايحين في اتجاه وسط البلد، بينما التلاتة المتطوعين التانيين ماشيين في الاتجاه المعاكس أعمق في الحديقة.
        
        هي لسه بتبتسم، ابتسامة صغيرة ومش متأكدة. إيديها مليانة بشنط وجبات. "هنروح فين دلوقتي؟"
        صوتها يبدو لطيفاً أوي. جميل أوي. عايز أسمع أكتر، بس هم بقوا بعيد أوي دلوقتي.
        عايز أعرفهم.
        لازم أعرف أكتر.
        هتابعهم. لشويه صغيرين بس.
        سهل أوي إني ألبس وشوش قديمة. سهل أوي إني أستدعي ذكريات قديمة لعلاقات سابقة عشان أندمج مع الزحمة.
        بس بسرعة أوي، ده بيخلص. مهمتهم بتخلص. كل المتطوعين بيلموا حاجتهم وماشيين. وهي كمان.
        هي بتستخدم ابتسامتين مختلفتين. واحدة بتستخدمها مع الغرباء، هادية وودودة، بس فيها تحفظ. وواحدة بتستخدمها مع الأصدقاء، مشرقة وجميلة، زي نور القمر.
        البشر عندهم ابتسامات كتير أوي.
        عايز أعرف أكتر.
        عايز أعرف روتينها. إيه اللي بتحبه. إيه اللي مبتحبوش.
        عايز أشوف إيه الابتسامة اللي هتديهالحد بتحبه. دموعها. غضبها. شكها. فرحتها.
        ممكن أستمر في متابعتها. أنا اتدربت كتير أوي.
        
        أيام.
        أسابيع.
        شهور.
        
        
        
        
        
        
        بغير الوشوش اللي لبستها كتير قبل كده.
        بيبقى أصعب إني أفضل هادي لما بتتكلم معايا، بس سنين التدريب على إني أحافظ على شكلي هي اللي بتمنعني إني أطلع من الشخصية.
        أنا عارف إن بعض الوشوش دي مش مثالية. الارتباط العقلي بيها مكنش كامل وذكرياتها عمرها ما اتبلعت بالكامل. بس أنا محتاجهم، إلويز بتحب الوشوش دي. الوشوش دي بتاخد هبة الابتسامة، مع تدفق الدم تحت الجلد. الوشوش دي، بتخلي قلبها يدق أسرع. أنا متأكد إني أقدر أصلح أي تناقضات باستخدام ملامح من شكل كامل. ممكن أبقى إنسان.
        أنا اتعلمت كتير أوي.
        إلويز ذكية، ومتعلمة كويس. عندها شهادات فيها دواير بتلمع في الزاوية ومتبروزة على الحيطة بتاعتهم. بتتكلم وتكتب بطلاقة أوي. ممكن أسمعها تتكلم ساعات.
        ساعات، في طريقة تعاملها مع الناس، بحس إن إلويز بتعرف العقل زيي بالظبط. بتقدر تتواصل مع التانيين بسهولة أوي. وهي طيبة. طيبة بشكل رائع.
        مستعدة تسيب مكانها في الأتوبيس لغريب شكله مرهق أوي، الغريب مش لازم يكون كبير في السن أو حامل. مستعدة تقعد وتسمع ساعات لطفل صغير، تطمنه وتوعده إنها هتفضل معاه لحد ما مامته ترجع.
        جميلة أوي.
        مثالية أوي.
        مثالية ليا أوي.
        بس الوحدة بتنضح منها زي النهر المر.
        هي عايشة بعيد عن أهلها. المكالمات التليفونية والزيارات السنوية متقدرش تعوض الوجود المستمر للناس اللي عايشين معاك في نفس البيت.
        أنا مبحبش ريحة العزلة. عايز أحضنها قريبة مني، أملس على شعرها وأنا حاضن جسمها الضعيف قريبة مني، وأشيل عنها الإحساس ده.
        بس ساعات بتبقى غضبانة... حذرة.
        بتزقني بعيد.
        الوش ده مش مثالي.
        أحاول تاني.
        مش مثالي.
        تاني...
        مش صح.
        ...وتاني...
        
        قف! يمكن أنا بتسرع.
        لازم أمشي بالراحة.
        أعرف إلويز بتحب إيه. أكسب ثقتها في شكل مش بيهدد، شكل محبوب. حاجة متقدرش إلا إنها عايزه تحتفظ بيها قريبة منها. وبعدين بالراحة أطور نفسي لشكل إنساني. أيوه. أيوه! ده هينفع.
        
        أنا مبحبش أستخدم أشكال الحيوانات. جلدي بيبقى مشدود أوي، بيخنقني، وبعد وقت طويل بيبقى صعب أتنفس. كل خلية في جسمي بتترعش وبتشد قيود الشكل. بس أشكال الحيوانات مفيدة. المخلوقات الصغيرة اللي ليها عيون كبيرة وفرو ناعم، زي القطط والكلاب والغزلان والتعالب؛ كل الأشكال دي شكلها بتسحر العقل البشري، بتغريهم إنهم يدللوا ويبقوا لطاف ويخفضوا دفاعاتهم.
        الطيور بالذات ممتازة لجمع المعلومات، وكنت هاخد شكل طائر لو قدرت أعرف إزاي أخلي الجناحات تشتغل وشكل الريش يبقى مظبوط.
        مش مهم ده.
        بختار شكل قطة ضالة. بفضل حوالين طريق إلويز المفضل للمشي في نص اليوم، بستنى لحد ما تيجي ماشية بالراحة.
        هي هناك. دي لحظتي. أبدو كيوت. أكون متعالي. أجذب انتباههم.
        هي شافتني.
        آه، هل هي؟ أيوه. هي بتناديني، بتستخدم الصوت الصغير بتاع "شوش" ده وبتعمل حركات إيدها اللطيفة دي.
        لازم أجذبها. الأول، لازم أتصرف بتعالي.
        أبص.
        أبص بعيد.
        أتردد.
        أتردد.
        أستسلم للحركات والصوت.
        أموء بشكل مثير للشفقة وألف حوالين كاحلها.
        أجري بعيد.
        أرجع.
        ده شغال.
        ده إحساس... هي بتلمسني!
        صوابع ناعمة بتمر في فروي. دافيين. يا لها من ابتسامة جميلة. ده نشوة. عايز أكتر!
        المسني. المسني. المسني.
        لا! استنى، من فضلك. مت مشيش لسه.
        ارجعي. من فضلك.
        تمام. ده كويس. هستنى لبكرة.
        الجو هادي أوي. هادي أوي.
        أنا جعان.
        محتاج أتمدد. الشكل ده صغير أوي.
        أغير. أحرر. أشد وأفرد العضلات والأوتار. أتمدد. أحرك العظام. أغير.
        أنا جعان.
        التغيير ده نشوة. طعم الحياة الحلو أحلى.
        ثعلب تاه زيادة عن اللزوم في المدينة. غراب طار واطي أوي. وبعدين عش مليان بحياة جديدة.
        النور بيرجع.
        أغير. أكرر. أمرر الأوتار فوق العظام، أضع طبقة دهون تحت العضلات. أتحرك. أنفخ وأمدد القشور. أغير.
        ده يوم جديد.
        هم رجعوا!
        إلويز! إلويز بتاعتي!
        هي بتبتسم لي. آه، من فضلك، المسني. المسني. المسني.
        
        بقالنا كام أسبوع دلوقتي، استقرينا على روتين مريح. أنا برافق إلويز في مشيتها الصباحية، وهي في المقابل بتديني حنان وبتحكيلي عن يومها.
        هي بدأت تسيب طبق أكل قطط جنب باب الحديقة اللي بنتقابل فيها. يا لها من لفتة رائعة.
        هي بتهتم بيا!
        دايماً سعيدة أوي لما بتشوفني. ده مُرضي أوي، إني أسمع صوتها، إني أعرف إني أنا سبب ابتسامتها.
        الأسبوع اللي فات، إلويز سألتني لو عندي شريحة واتكلمت كتير عن التبني. اضطريت إني أبعد مسافة شوية بعد كده. مكنتش أقدر أخاطر إني أروح لدكتور بيطري، حتى لو ده كان معناه إنها عايزة تاخدني بيتها.
        استنى!؟ هي عايزة تاخدني بيتها!
        أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه.
        هبقى كويس أنا أوعدك. خديني بيتك. خديني بيتك معاكي.
        أول ما الشمس بتلمس قمم الشجر، باخد مكاني جنب بوابة الحديقة، مستنيها.
        بياخد مجهود زيادة شوية عشان أوقف فروي من إنه يقف، حاسس بإثارة سائلة بتتردد في دمي.
        ديلي مش طويل أوي صح؟ وداني متناسبة؟ فروي كله نفس الطول؟
        كل حاجة مثالية. كويس.
        هي هناك!
        أهلاً! أهلاً! عاملة إيه! وحشتيني أوي!
        دفء. نور. لمسات حنونة بتجري في فروي وبتحك وداني.
        أنا بحب... أنا بحب... من فضلك، كملي كلامك. احكيلي كل حاجة. من فضلك.
        الشغل كان مرهق. آه يا حبيبتي، متقلقيش، خديني بيتك وأنا أقدر أساعد. آه من فضلك. آه من فضلك. آه من فضلك.
        أيوه! أخيراً، ده وقتها. إحنا ماشيين البيت. هي مقالتش باي أو طردتني ناحية الطبق. ده لازم يكون معناه إنها عايزة آجي بيتها معاها.
        أخيرًا، أنا خطوة واحدة أقرب لحياتنا سوا. أنا عايزهم... أنا عايز...!
        هم بيقفوا. أنا باخد كام خطوة زيادة قبل ما ألف أبصلهم.
        ليه مش بتتحركي؟ هل فيه حاجة غلط؟
        ليه هي مش بتتحرك؟
        هي بتوطي لمستوايا. وشها مكشر. ليه شكلها حزين؟
        "أنا آسفة يا حبيبي الصغير. مقدرش أخدك بيتي. خطيبي عنده حساسية."
        استنى... إيه!
        
        
        
        
        
        
        إلويز لقت حد. راجل. واحد من جنسها.
        كان لازم أدرك ده. مكنش لازم أستنى كل ده. لازم أقطعه حتت، ألتهمه. إزاي يتجرأ يلمس اللي بتاعي. لا! لأ. هم مش بتوعي لسه.
        ركز. بص على ابتسامتها. إلويز مبتسمتليش كده أبداً. لازم أكون سعيد عشانها. لازم أكون طبيعي في الموضوع ده... لازم... لازم أتفرج. لشويه صغيرين بس. أيوه، صح كده. هتفرج دلوقتي، بس عشان أتأكد إنها في أمان.
        يمكن... لو أنا محظوظ. إلويز هتزهق من ده وتسيبه.
        هتيجيلي فرصة تانية.
        وحتى لو مجاتش... يمكن أقدر أخلق واحدة.
        
        اسمه كاميرون، الحقير ناكر الجميل!
        مبيقدرش الهدية اللي ربنا من عليها بيه.
        بقالها سنة وسبع شهور. بالظبط سنة، وسبع شهور، ويومين، و13 ساعة من العذاب.
        في الأول، قدرت أتحمله.
        إلويز كانت سعيدة.
        الألم الوحيد كان بتاعي، بس ابتسامتها، آه ابتسامتها كانت سلوتي. مشياتنا الصباحية في البارك كانت جنتي. قصصها كانت مليانة بحكايات السعادة ولما كنت بفتكر إني مقدرش أستحمل أكتر من كده وأسيبها وأمشي، كانت بتدور عليا، همسات ذهبية زي العسل تسحبني تاني.
        هم عايزيني.
        هي لسه بتهتم. بتبذل مجهود عشان تفضل تشوفني، بالرغم من الروتين الإضافي للتنظيف اللي هتضطر تمر بيه لما ترجع لكاميرون الغالي بتاعها.
        إزاي ممكن محبش الصمود ده... الاستقلالية دي.
        قوتها وفرحتها، ده ألهمني إني أفضل.
        كنت عايز أوي أكشف عن نفسي. عشان أثبت إني أقدر أقدملها كل اللي هو يقدر يقدمه. أو مجرد إني أديها سبب تاخدني بيتها.
        في وقت من الأوقات كدت أسمحلها تمسكني في قفص، الطبيب البيطري هيقدر يأكد إن فروي مش هيسبب حساسية لكاميرون وبعدين تقدر تاخدني بيتها. أي تواصل أحسن من مفيش.
        استعصمت في الوقت المناسب وجريت. مقدرش أتحمل مخاطر غير ضرورية.
        كل يوم كنت بصطاد وأكل وأستناها. بتمتع بلقاءاتنا القصيرة وبستمتع بدفئها.
        روتينا استمر. لحد ما في يوم، بعد سنة من الوجود في طي النسيان، الروتين اتغير.
        بالتدريج، قصصها خدت منعطف غريب، بقت مملة ومفيهاش حياة. يوم بعد يوم، أسبوع بعد أسبوع، الزيارات للبارك بقت أقل. إلويز كانت بتعتذر على التأخير، والأكثر إثارة للقلق، كانت بتبدو إنها بتلاقي صعوبة أكبر في الابتسام. لحد ما في النهاية... هي ببساطة... مبقتش بتيجي تزورني.
        ليه؟ ليه؟ مكنتش كويس كفاية؟ متقدريش تسيبيني دلوقتي!
        حاولت ألاقي طريقة تانية أدخل بيها حياتها. قطة من غير شعر، كلب ضال، تعلب ودود، طائر أبو الحناء بجناح مكسور، كل ده أثبت إنه غطاء صعب أوي؛ خطيبها مبيحبش أي حيوانات شكلها كده.
        بما إني مكنتش مرحب بيا في بيتهم، مقدرتش غير إني أتمشى في المنطقة. بس مقدرتش أعرف كتير غير من لمحات من الشبابيك المقفولة ولقطات متقطعة من المحادثات اللي بسمعها وأنا ماشي بين العربية والباب الأمامي.
        صوت كاميرون كان بيجرح وداني، مليان ضغط وسم. صوت إلويز كان ناعم وبيسرب اعتذارات حزينة.
        كان باين إن سعادتهم الرومانسية اتغيرت للأسوأ.
        
        ده كان لازم يخليني سعيد. فكرة رحيله الوشيك من حياة حبيبتي كان لازم تملاني ببهجة الانتصار والراحة.
        بس محصلش كده.
        بدل كده، حسيت... بسخونة... وغضب. كأن فيه جمرة مولعة في صدري، بتلسع لحمي وبتحرق كل اللي باكله لرماد، عشان كده الجوع مبيخفش مهما حاولت أشبعه. مهما غيرت شكلي أو بصيت جوايا، مقدرتش ألاقي مصدر الألم.
        ومهما استنيت، كاميرون ممشيش. هم مبعتوهوش بعيد.
        بس أنا مقدرش أمشي دلوقتي. لازم أعرف ليه. ليه مش هيمشي؟ ليه مش هيتخلصوا منه؟ ليه مش هيبصولي؟
        كان لازم أعمل تحقيق أعمق. عشان كده، رجعت للطرق الأقدم، اللي اتجربت قبل كده.
        طفل محتاج مساعدة.
        غريب في الأتوبيس.
        كاشير جديد في محلهم المحلي.
        في النهاية، جهودي نجحت. متابعتهم أداني بعض الإجابات. بينما متابعة كاميرون... أداني كام إجابة زيادة.
        عرفت إيه اللي كان غلط.
        عرفت ليه اتغيروا.
        كاميرون.
        هو المسؤول.
        هو بوظها. الشرارة دي قلت. نورها اتخنق بكلمات سامة وأكاذيب مؤذية. القوة اتسحبت من صوتها. جلدها الغالي تشوه ببقايا كدمات زرقا ومصفرة باينة من تحت ياقة أو متخبية بكونسيلر محطوط وحش. هو جرحها. إزاي يتجرأ يجرحها!
        ومع ذلك، هي لسه بتبتسم له. هي لسه عايزاه.
        إلويز مثالية أوي، واثقة أوي، رائعة أوي، طيبة أوي، مسامحة أوي. هو ميستاهلهاش.
        هي لازم تكون بتاعتي. بتاعتي! حبيبتي. إلويز بتاعتي!
        استنى. طبعاً! إزاي مفكرتش في كده قبل كده!
        هي إلهية أوي، بتشتت أوي. كنت منغمس أوي في نشوة إني بتفرج عليها، إني بتكلم معاها، لدرجة إني نسيت... أنا أقدر أمتلكهم.
        أنا أقدر أكون أي حد أنا عايزه.
        بس هي مش عايزة أي حد. هي عايزة كاميرون.
        القذر ده! هو ميستاهلهمش.
        لو كانت بتاعتي، عمري ما كنت هأذيها زي ما هو عمل. إزاي يتجرأ يحاصرها بالأكاذيب وهو حتى مش عايزها.
        بس تمام، عشان أنا عايزها. هخلق الفرصة عشان أخليها بتاعتي.
        أقدر أخد مكانه. هعيد بناءها تاني. أقدر أديها كل اللي هو بيرفض يديهولها.
        أنا أستحق ابتسامتها.
        أنا أستحق حبها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        الألم في صدري مرحش لسه، بس أنا عارف هو إيه دلوقتي. جوع لأكثر من مجرد غذاء. لأكثر من مجرد دم ونخاع. أنا بتضور جوعاً لألمه، لحياته. هشبع ده. عشان حبيبتي، هشبع.
        
        مقرف قد إيه سهل إني ألف راسه – إني أغريه وأخليه يضل زي ما يكونش عنده هدية إلهية مستنياه في البيت.
        بلف وأعيد تشكيل جسمي لحد ما ألبس وش قاتل متسلسل التهمته من سنين. حلو بس مش لدرجة الازدراء. رشيق وجميل بس مش لدرجة التهديد. جمال وسيم بشكل عام بصوت مريح.
        روتينه ممل أوي... سهل أوي إني أقطعه.
        لقاء "بالصدفة" هنا، اجتماع "بالصدفة" هناك، وبسرعة بنكون بنشرب في بار وبنتبادل الأرقام.
        التمويه ده سطحي، بس هو مش باين عليه مهتم. كاميرون بيتغر بسهولة بكلامي الذكي وتمثيلي للضعف. لازم يكون أعمى، عشان يفكر إن الشكل ده أحلى من شكلها، وميشوفش ورا التمثيل اشمئزازي اللي بالعافية متخفي من لمسته. مش مهم، جهله وغبائه بيخلوا الموضوع أسهل عليا.
        شويه مغازلة بتؤدي لدعوة للرجوع "مكاني" وهو بيمشي برغبته في الفخ بتاعي.
        التكييف مبيشتغلش في العربية المستعملة اللي استأجرتها بالليل؛ بالكاش، مفيش أثر. ريحة أغطية الكراسي البلاستيك متعارضة مع روائح الفودكا، التوت البري، وعينات السوشي اللي اتقدمت في البار. بطوي طبقة من الجلد فوق مناخيري، بسدها من جوه.
        كاميرون باين عليه مش واخد باله من الريحة، مركز أوي في تمثيل أي قصة بيحكيها وبيحاول يمسك فخذي. عايز أقلع إيده.
        بمتنع عن ده، (دلوقتي)، وببقى عيني على الطريق وإيدي على عجلة القيادة.
        
        
        
        
        
        
        فيه مخزن في منطقة صناعية قريبة، مهجور بقاله خمس سنين. سلسلة جرايم قتل نزلت من قيمة العقار، وفضل مهجور ومنسي في آخر شارع مسدود في المنطقة من ساعتها. يافطة "للإيجار" المتربة اللي كانت برا صدت ووقعت ورا شجرة. ده غير البنية التحتية اللي بتصدي وال"أحداث الغريبة" اللي كانت كافية إنها تبعد الأطفال الفضوليين والمستكشفين الحضريين.
        ده المكان المثالي إني احتفظ بكاميرون فيه لحد ما أخلص منه.
        بوقف العربية قبل الرصيف بشوية. ببطل الموتور بلفة قوية ومقصودة للمفتاح.
        الكحول في جسم كاميرون بيبطأ أفكاره وبيخليه يتكلم ببطء. "إحنا فين؟"
        يا لسوء حظه. سكران أوي لدرجة إنه مبيحسش بالخوف. مش مهم، هيفوق قريب.
        "إيه اللي بتعمله ده؟"
        بلف عشان أواجهه، ابتسامة مهددة بتشد جلدي، وأنيابي باينة. هتأكد إن دي آخر كلمات هينطقها.
        الكحول اللي في جسمه بيخلي الكلوروفورم ميعملش مجهود كبير. ضوافره التخينة وركله اللي ملوش لازمة مبيمنعونيش إني أغطي بوقه ومناخيره بالقماشة وأسد مجاري الهواء بتاعته. صرخاته مكتومة تحت مخالبي، وبتضعف مع كل ثانية. لحد ما، مع آخر رعشة مفاجئة، بيسقط في كرسيه، من غير حركة.
        التاكسي حاسس إنه صغير أوي... أو يمكن أنا كبير أوي. أكيد كبرت لما كنت مشتت.
        باخد لحظة أتنفس بعمق.
        أتغير. أتكمش. أسحب الأوتار جوه وأجمع العظام مع بعضها.
        أول ما شكلي بيستقر تاني، بفتح الباب. نسمة الليل منعشة، برد الليل بيساعد على شحذ عقلي ويخليني مركز على المهمة اللي جاية.
        كاميرون مش تقيل بالنسبة لي. لو الأمر كان يرجع لي، كنت سحبته على وشه على الأرض، بس أنا محتاجه سليم إلى حد ما... دلوقتي.
        
        كرسي فولاذ جديد، كلابشات، علبة رباط بلاستيك، وحبل مستنيين في نص أوضة صغيرة شبه دولاب في مؤخرة المخزن.
        بربطه في الكرسي، وبتبع روتين مألوف طلعته من ذكريات الوش ده. كلابشات في الرسغين والكاحلين، وبعدين رباط بلاستيك في تلات نقط في كل الأطراف، وبعدين الحبل حوالين الصدر. أربطه جامد، بس مش جامد أوي. مش فارق معايا لو فقد أطرافه، بس ده هيخلي الأمور أصعب عليا لو جاله غرغرينا أو مات بتسمم الدم. آخر حاجة، بلف حواليه غلاف حراري بلاستيك.
        ده راحة أكتر مما يستحق.
        نفسه مستقر. نبضه مضطرب شوية بس ده متوقع.
        أتغير. أخلع الشكل ده وأتمدد. حكة بتنتشر على أطرافي، بتبدأ تحك قبل ما تهدأ أخيراً. ده بيحصل كل مرة باخد شكلي الحقيقي تاني، لما الأوردة اللي مش مقيدة بتتملي بتدفق دم جديد. بهز وأخبط رجلي وأفرد مخالبي.
        ممكن أستغنى عن أي إلهاءات وأنا بأكل.
        الأوضة حاسة إنها صغيرة أوي ولازم أدفع الكرسي لقدام عشان أقدر أقعد ورا كاميرون براحة.
        بميل راسه لقدام، ساند جبينه بكف إيد واحدة وساند نفسي على الأرض بالإيد التانية. راسه صغيرة في كفي. هيكون سهل أوي إني أقبض على إيدي وأحس بالدفء بيتسرب بين مخالبي. مش دلوقتي.
        بوّطي وبحط بوقي حوالين رقبته من ورا؛ الأنياب بتلمس تحت مفصل الجمجمة بالظبط. فوق حزمة أعصاب حيوية موجودة في العمود الفقري بالظبط.
        ريحته وحشة، لو مكنتش بقدر أقفل حاسة الشم عندي كنت غسلته الأول.
        أتمنى طعمه يكون أحسن من ريحته.
        بمد أنيابي الداخلية. الأسنان الرفيعة زي الإبرة بتتمد من سقف بوقي.
        بعض تحت مفصل العمود الفقري والجمجمة بالظبط.
        ذكرياته بتغمر حواسي.
        باكل.
        
        هي دي اللحظة. مش مصدق إن ده بيحصل أخيراً. باخد لحظة أستمتع بيها، راسي موطية تحت الباب زي راجل بيقدم احترام عند مذبح. بجهز نفسي ذهنياً لأول نظرة حقيقية ليا جوه عش إلويز.
        بحاول أحط المفتاح في البفل بالمقلوب في الأول. الذكريات اللي خدتها النهاردة لسه محتاجة وقت عشان تستقر، عشان تتهضم. بنجح في النهاية، وداني بتتشد مع صوت قفل البفل.
        أخيراً.
        الباب بيتفتح وأنا بتجمد.
        هي هنا. مستنية. واقفة في أسفل السلم، ساندة على الدرابزين في وضع مفتوح مغري.
        هي بتبصلي وبتتبسم. هي ابتسامة صغيرة، بس ابتسامة برضه.
        فضلي بصيلي. فضلي بصيلي. فضلي بصيلي.
        عايز أقرب. فبتحرك.
        هي صغيرة أوي. مثالية أوي. ناعمة أوي تحت مخالبي. أقدر أحس بنبض قلبها. أشم ريحتها، الرائحة اللطيفة بتغيم على حواسي. ده مسكر.
        أخيراً هي في إيدي. فليه هي مش حاسة بنفس الإحساس. فيه حاجة ناقصة في الاتصال.
        باين عليها قلقانة. هل عملت حاجة غلط؟ هل شكلي غلط؟ بحول عقلي لجوه. براجع كل تفاصيل الشكل ده. أنا متأكد إني نسخته بالظبط، إيه الغلط. إيه الغلط. إيه الغلط! إيه الغلط!
        
        "وحشتني."
        هم اتكلموا. آه، صوتهم جميل أوي، لطيف أوي، كيوت أوي، وجميل، وبقوا بتوعي دلوقتي. استنى، إيه اللي قالوه؟
        باخد ثانية أفكّر في كلامهم.
        هم وحشتهم؟ هم وحشتهم! لأ، هم وحشهم كاميرون، بس أنا كاميرون دلوقتي فده معناه إنهم وحشهم هو/أنا. هم وحشوني!
        أنا محتاجهم. أنا عايز...
        بكتفي ببوسة على الجبين. كدت أقع في نعومتهم، وبلاقي نفسي محتاج أكتر.
        "لما بسمعك بتقولي كده، ده بيخليني سعيد أوي،" بحط بوسة على خدها، "أوي،" بوسة على الخد التاني، "سعيد،" أخيراً، بوسة على طرف مناخيرها.
        الدفء. الصوت الصغير اللطيف اللي بيخرج منها. بحب كل ده. عايز أكتر. أكتر! صبر!
        الطرقة ساقعة؛ درجة الحرارة أقل من المثالية للبشر. مقدرش أخليها تاخد برد.
        بلف وبحط إيدي على ظهرها من تحت. "نخش؟"
        رعشة الانكماش بتتردد تحت كفي، اهتزاز خفي لعضلاتها صغير أوي لدرجة إن الإنسان الطبيعي مياخدش باله منه. بعدين بتتحرك معايا، بتبتدي من غير شكوى أو حتى تغيير بسيط في التوتر. جميلة ومطيعة أوي.
        مطيعة زيادة عن اللزوم.
        متحمسة زيادة عن اللزوم للإرضاء. نبض الخوف الخفي بيتدفق تحت جلدها.
        ده مش صح.
        أنا شفتها بتلمع قبل كده. سمعت صوتها لما كان قوي، مش مقيد بالخوف. حسيت بعضة غضبها، لمست قوة إيمانها، وسمعت اللحن الجميل المريح لقلبها في أقصى هدوئه.
        من إيه هم خايفين؟ الشكل ده مثالي، فإيه المشكلة؟
        أتحرك. هم يتجمدوا.
        أبتسم. هم يتجمدوا.
        هم بيخافوا... من الإيدين دي... والوش ده؟
        افتكرت دلوقتي. إزاي قدرت أتشتت لدرجة إني أنسى؟
        حتى لو الذكريات محتاجة وقت عشان تستقر، ده مش عذر لنسيان اللي شفته.
        دلوقتي أنا شايف ذكرياته. أصوات عالية. أكاذيب سامة متهامسة. إيد مرفوعة عشان تضرب حبيبتي... إيدي! إزاي قدرت؟ إزاي... لا! دي إيده، مش إيدي. أنا معملتش كده... مكنش أنا!
        كان كاميرون.
        في اللحظة اللي هيكون عندي كل اللي محتاجه، هقتله.
        إزاي يتجرأ يخلي ده أصعب عليا وهو حتى مش هنا! لازم أقطع الحقير ده حتت... بس مش دلوقتي.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة.
        هي أخيراً بتاعتي. عندي كل الوقت في العالم دلوقتي.
        إلويز ناعمة أوي. ريحتها حلوة أوي. رقيقة أوي مقارنة بيا. أقدر أحس بانحناء عمودها الفقري، نبضها، قد إيه جلدها ناعم، التغيرات الطفيفة عند لمسي... صعب أوي إني أمسك نفسي. عايز ألتهم كل إحساس جديد، وليمة من الحواس متخلصش.
        عايز أحضنها قريبة مني. عايز ألتف حوالين جسمها ومسيبهاش أبداً. عايز أعيد بناءها وأشوف النور ده يرجع. عايز أخليه بتاعي. عايز ألتهمه...قف! اهدى! اصبر.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة. أصلح الثقة اللي هو كسرها قبل ما أقدر أستمتع بحبهم.
        
        
        
        
        
        
        
        مبقتش عايزه أخوفها. مرفعش إيدي بسرعة أوي. متحركش بسرعة أوي. أخلّي وجودي معروف قبل ما أقرب. مبوظش ده زي ما بوظت حاجات كتير قبل كده. أبقى إنسان. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. برجع أركز تاني وأنا بحس بإحساس بارد ومبلل بيتسرب في فخذي. المشروب اتدلق. آه، بص عليهم. خايبين أوي. قد إيه كيوت. استنى. لأ. شكلهم متوتر. من فضلك متبصليش كده. هنضفه. "يا كيوتي الخايب." بخلي صوتي خفيف على قد ما أقدر. بحافظ على حركاتي ثابتة. برمي العلبة في الزبالة، بمتص أسوأ جزء من البقعة بقطعة قماش، وبجبيلك حبيبتي كوباية مياه فريش. كده أحسن. شكلها مش خايفة أوي دلوقتي. بقعة صغيرة مش حاجة بالنسبة لي. مش فارق. مفيش حاجة فارقة غير إني أخلي ده ينجح. لازم أخلي ده ينجح. الراديو بيشوش شوية لما المحطة بتتغير. لحن أغنية "You've got the Love" لفلورنس أند ذا ماشين بيبدأ يدخل الأوضة بالتدريج. مثالي! سمعتها بتسمع الأغنية دي قبل كده، أكيد دي واحدة من أغانيها المفضلة. إلويز بتتحرك بألطف الإيماءات، بتتبع قيادتي في التحرك مع الإيقاع. بحب قد إيه هي دافية. قد إيه هي بتلائم ذراعي بشكل مثالي. عايز ده يبقى للأبد. لازم أخلي ده ينجح.
        عايز حاجة؟ لمستها خفيفة أوي على ذراعي، عابرة أوي.
        أبتسم. أخليها ناعمة، مأوريش أسناني كتير. كده تمام، مثالي. الابتسامات مطمئنة للبشر. الابتسامات آمنة.
        "أه، كاميرون. كل حاجة تمام؟"
        إلويز بتلعب في طرف توبها وهي بتتكلم. أتمنى إنها مكنتش قلقانة أوي بس ده تمام، كل حاجة هتبقى تمام.
        "طبعاً يا روحي." خصلات شعر بلون العسل بتغطي عينيها. خليني أصلح ده.
        بلطف ابتسامتي وأنا برفع إيدي ببطء، بدمج حركة أكبر في ضيق عيني بدل ما أظهر أسناني. دافية أوي. ناعمة أوي.
        كويس، هي باين عليها كانت راضية بالجواب ده تقريباً.
        حاجة بتلوّي ملامحها بس بتختفي بسرعة.
        إيه التعبير ده؟ ميكونش... أكيد هو الخوف. هو كسر ثقتها، بس أنا مش هعمل كده.
        هخلي ده ينجح.
        شكلهم جميل أوي وهما نايمين. كل الحذر راح وهي مسترخية. جميلة أوي. دافية أوي. أنا مبضغطش عليها بس، من اللي أقدر أحس بيه، الأفكار اللي بتدور في عقلها هادية. كويس. هي تستاهل إنها تستريح بعد اللي عمله فيها.
        هم بتوعي دلوقتي.
        بحط بوسة بريئة على راسها.
        هي صغيرة أوي. حاسة إنها هشة أوي، ومع ذلك، مقدرش إلا إني أشد قبضتي على جسمها.
        انتي بتاعتي دلوقتي.
        بتاعتي عشان أحبها.
        بتاعتي عشان أحميها.
        بتاعتي عشان أحتفظ بيها.
        لازم أخلي ده ينجح.
        لازم... مقدرش... مقدرش أتحمل فشل تاني. مش فاكر إني أقدر أتحمل أي ألم تاني. من فضلك.
        الريحة المهدئة دي بتحاوطني.
        من فضلك، حبيني.
        وزنها في ذراعي مريح.
        حبيني.
        نبضها اللي بيرن تحت مخالبي.
        حبيني.
        أنا عايزهم.
        حبيني!
        أنا عايز كل حاجة.
        من فضلك.
         
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء