موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        بحر عيونه - مراهقه ثانويه

        بحر عيونه

        2025,

        روايات مراهقين

        مجانا

        بنت تعاني من حيرة تجاه زميلها بيرسي، الذي عاد إلى المدرسة بعد غياب غامض دام لعدة أشهر. تلاحظ فيريس التغييرات الكبيرة في شخصيته، من كونه طالباً مرحاً إلى رجل محطم يحمل أسراراً ثقيلة. تتساءل هي وأصدقاؤها عن سر غيابه وما حدث له، بينما يسعى طالب آخر يدعى بيرس لمضايقته، ليكتشف أن بيرسي الجديد ليس ضعيفاً كما كان.

        فيريس غايفر

        تفضل العزلة، إلا أن عودة بيرسي أثارت فضولها وشعورها بالضياع الذي شعرت به في غيابه.

        بيرسي

        عاد إلى المدرسة بعد غياب طويل كشخص مختلف تماماً. كان في الماضي مرحاً وساحراً، أما الآن فهو رجل مكتئب، حذر، ويحمل على كتفيه هموم الدنيا. يبدو وكأنه خاض تجربة قاسية غيرت شخصيته تماماً.

        آية

        ابنة لاجئ من السعودية. تبدو أكثر هدوءاً وحساسية من أليس، وتميل إلى البحث عن السلام وتجنب الدخول في الخلافات.
        تم نسخ الرابط
        رواية بحر عيونه - حب

        فيريس غايفر
        
        
        أنا عارف إن الكلام ده ممكن يبدو وحش أوي، بس أنا كنت على أمل إنه ما يرجعش. كان فيه حاجة غريبة فيه أنا ما كنتش قادر أفهمها. فكرة إني ما أعرفش الحاجة دي كانت مضايقاني. ما كنتش عارف ليه أنا مش عايزه يرجع تاني، وده كان مضايقني أكتر وأكتر.
        
        نرجع بالزمن لورا.
        
        في أول سنة في الثانوية، الكل كان قلقان من السنة الجديدة. "يا ترى هعمل صحاب؟" "هنجح في المواد؟" "هعرف كام خشب بيحدف الراجل اللي بيحدف خشب؟" كان فيه صوت وشوشة خفيف من الناس اللي بتتكلم في الطرقة. ناس صوتهم عالي وناس واطي، وناس كلامهم كله سخرية، وناس كلامهم كله وجع. أياً كان، مفيش حد كان زي بيرسي جاكسون. هو ما كانش بيتكلم مع حد خالص. كان بيقعد في آخر الفصل، يطلع كراسة زرقا واحدة متطبقة من الشنطة بتاعته، ويبص من الشباك وهو بيلعب بقلم.
        
        هو ما كانش باين عليه إنه زعلان. أغلب العيال اللي ما بيتكلموش مع حد وبيقعدوا في الآخر بيكونوا دايماً مضايقين من أي حاجة في الدنيا. يا إما ده، يا إما بيلبسوا أسود كتير. وممكن الاثنين. بيرسي ما كانش كده ولا كده. بالعكس، كان باين عليه إنه مرتاح. كان قاعد مرجع ضهره لورا في الكرسي، واخد نفس عميق ومستريح خالص في قعدة الكرسي. كان بيلف القلم، والقلم كان بيتزحلق على صوابعه بشكل مرح. وشه كان هادي. حواجبه مرفوعة شوية، وعينيه صاحية، وشفايفه عليها ابتسامة خفيفة. كان باين عليه وكأنه كان في وسط بحر هايج، وبعد ما العاصفة هديت، هو بيتفرج على قوس قزح.
        
        أنا فاكر بيرسي جاكسون ده. بيرسي جاكسون اللي كان بيضحك ويعمل حاجات هبلة عشان يضحك غيره. اللي كان بيستمتع باللحظة. أغلب الناس، ده كان كل اللي بيشوفوه. ما كانوش بيشوفوا الأجزاء الغريبة. يمكن شافوها من غير ما يحسوا، هو عمره ما كان عنده صحاب كتير بالرغم من شخصيته اللطيفة. كان فيه حاجة مش مظبوطة. كل ما كان بيرجع ضهره لورا في الكرسي، كتفه كان بيبقى مفرود، جاهز. عينيه الصاحية كانت بتدور على أعداء ومخارج، جاهزة. دماغه كانت بتتحرك دايماً، رجليه كانت بتبقى على أطراف صوابعها وهو قاعد، الطريقة اللي كان ماسك بيها القلم، هو كان جاهز. جاهز دايماً. أنا بس ما كنتش عارف جاهز لإيه.
        
        وبعدين اختفى. في نص سنة تانية ثانوي، خرج في إجازة نص السنة وما رجعش. ومحدش اهتم، حتى لو لاحظوا. هو كان لسه العيل اللي بيقعد في آخر الفصل وما بيتكلمش غير لو حد كلمه. كله نسى الموضوع لما ما رجعش بقية السنة. هما افترضوا إنه اتطرد لما سمعوا إشاعات عن طرد حصل قبل كده للمراهق ده.
        
        أنا ما كنتش فاكر إني هشوفه تاني. وبشكل ما، أنا لسه ما شفتوش. بيرسي جاكسون اللي فاكره من حوالي تمن شهور بس، ده راح من زمان. هو مات. في آخر الفصل قاعد واحد تاني. راجل. آه، شعره لسه أسود فحمي وبيلمع في النور ومكعبل زي كابلات سماعات الأذن. عينيه لسه لون البحر، بس بدل ما تكون زي ينبوع هادي، هي كانت بنفس لون الماية اللي حوالين سفينة غرقانة من قريب. لسه بتقلب. سودا بشكل مستحيل من اليأس.
        
        كتفه محني من وزن الدنيا. خطوط الضحك اللي كانت حوالين عينيه اختفت ودوائر سودة جات مكانها. لابس كاب بيعمل ضل على وشه وبنطلون جينز باين عليه إنه اتغسل مع سلك شائك مصدي. هو لسه غريب. بس غريب بشكل مختلف. بدل ما يكون جاهز، هو كانه مستني حاجة وحشة تحصل. وكأنها مسألة وقت بس.
        
        المرة الوحيدة اللي شفت فيها حد بتعبير وشه ده كانت في فيديو لأبطال حرب كانوا بيوعوا الناس بمرض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
        
        يا ترى إيه اللي حصل لبيرسي جاكسون ده.
        
        
        
        
        في أول يوم في سنة تالتة ثانوي، وزي أول سنة بالظبط، كان فيه وشوشة مش مفهومة. بس الفرق دلوقتي إننا بقى عندنا السلطة إننا نبص باحتقار على نص المدرسة. كانت الحصة الأولى، إنجليزي مع الأستاذة دريتس. ست ناشفة وكشرية زي اسمها. بيرسي كان رجع مكانه في آخر الفصل.
        
        أنا قعدت جنبه. كرسي واحد بس بعيد عن الشباك.
        
        "بيرسي؟" هو اتخض شوية ولف وشه ليا.
        
        "أهلاً، فيريس." دايماً كانت بتفاجئني ازاي كان فاكر اسم كل الناس بالرغم من إنهم يا دوب كانوا بيخطروا على باله.
        
        "أهلاً بيك. فين كنت كل الفترة دي؟" لهجتي بقت أكتر حدة. بالرغم من إنه كان دايماً مختلف، أنا كمان كنت كده. أنا كنت بقول اللي في بالي بسرعة، وكنت بفضل إني أتفرج على الناس من بعيد. بصراحة، كنت اتعودت على وجوده. ولما مشي، أنا ما كنتش عايز الراحة دي ترجع. كنت عايز أكون لوحدي، من غير ارتباطات. دلوقتي إنه رجع، أنا مضطر إني أعيش حزن اختفاءه لأول مرة.
        
        "كنت موجود" هو رد.
        
        "موجود؟ ما كانش فيه شبكة 'موجود'؟" أنا تجاهلت فكرة إني عمري ما اديته رقمي أساساً.
        
        "أنا معنديش تليفون ولا رقمك، والحاجتين دول مهمين أوي عشان أكلمك." صوته بان فيه لمحة سخرية بسيطة وهو بيقول الكلمة دي. للحظة، هو كان موجود بجد.
        
        "كان ممكن تعمل حاجة، تقول لي إنك مسافر، بس أنت اختفيت فجأة."
        
        "أنا كنت فاكر إني هرجع بعد إجازة نص السنة." أنا بصيت على وشه الغرقان في ضل الكاب بتاعه. ما قدرتش ألومه.
        
        "إيه اللي حصل؟" هو أخد نفس كبير وطلع الكراسة الزرقا بتاعته اللي متطبقة. صوت الحلقات المعدن خبطت في الديسك.
        
        "ده..." هو لف وشه ليا ومركز بعينيه فيا تماماً. هو كان مديني اهتمامه. "...مالكش دعوة بيه." وبعدين عينيه رجعت للكراسة وهو فتح صفحة جديدة وبدأ يفهم المكتوب على السبورة.
        
        مرور الوقت على الغدا
        
        أنا قعدت في الفناء واستنيت أصحابي. هما كانوا اتنين بس، وهما في الأساس كانوا بيسيبوني في حالي. السبب الوحيد إني صاحبتهم هو إنهم كانوا مختلفين زيي بالظبط. أليس كانت مهاجرة إيطالية، وآية كانت بنت لاجئ من السعودية. احنا اتقابلنا قبل أول سنة ثانوي في توجيه منفصل للناس اللي الإنجليزي مش لغتهم الأم. أليس كانت بتتكلم إيطالي، آية بتتكلم عربي، وأنا كنت بتكلم برتغالي برازيلي عشان أمي ما كانتش بتتكلم أي حاجة تانية. هي أصلاً من البرازيل، جات أمريكا عشان أبويا اللي سابها بعد ما عرف إنها حامل. هي فضلت هناك عناد.
        
        من ورايا، سمعت الكلام المميز بتاع أليس وآية. لهجتهم بقت ضعيفة على مر السنين بس لسه مميزة.
        
        "فيريس، خمني إيه!" أليس زعقت وهي لسه على بعد كام متر.
        
        "إيه؟"
        
        "فاكرة الولد جاكسون؟ اللي اختفى السنة اللي فاتت؟"
        
        "آه..."
        
        "هو رجع!" أليس قالت بحماس.
        
        "أنا عارف!" أنا قلدتها.
        
        "أنتي عارفة؟"
        
        "آه، هو كان معايا في أول حصة."
        
        "يااه." هما قعدوا على التربيزة القديمة اللي كنا واخدينها من زمان.
        
        "هو كان باين عليه إنه زعلان،" آية علقت وهي بتبص على التربيزة وعلبة الغدا بتاعتها.
        
        "هو باين عليه إنه واحد ما شوفناهوش من تمن شهور. أنتي حساسة زيادة عن اللزوم،" قالت أليس. هي دايماً صريحة وبتجرح بكلامها. آية كان باين عليها إنها اتضايقت وفتحت بوقها عشان تعترض، بس قفلته بسرعة لما شافت وش أليس. هي كانت مبتسمة. مستنية معركة من الشتائم عارفة إنها هتكسبها.
        
        "أياً كان،" آية اتنهدت. أنا ضحكت ضحكة خفيفة.
        
        "بس آية عندها حق. أنا قعدت جنبه. هو اتغير،" أنا فكرت في حوارنا. زعلان كانت كلمة غير مكتملة للغز اللي كان اسمه بيرسي جاكسون.
        
        "سيبي الولد في حاله، هو يمكن يكون تعبان بس،" أليس قالت.
        
        من وراها مشي موضوع نقاشنا. هو كان أطول. بعضلات أكتر. هو كان من النوع اللي لو كنت بنت، كان هيبهرني.
        
        "أهلاً، بيرسي!" أنا ناديت. ليه عملت كده؟ احنا مش أصحاب بجد. أنا مش زعلانة عليه. ولا أنا زعلانة؟ فات الأوان، هو سمعني. هو جه وقعد بطريقة غريبة جنبي. أنا بصيت لآية اللي كان باين عليها إنها مستعدة تواسيه على أي حاجة. هي بصت لي بغضب.
        
        كان فيه لحظات محدش اتكلم فيها. بيرسي كان بيقعد معانا ساعات، بس دايماً كان بيبقى رايح في حتة للغدا وما كانش بيعرف يقعد.
        
        "فايه، هو أنت موت ورجعت للحياة؟ البنت لازم تعرف،" أليس اتحمست وكسرت الصمت. بيرسي ضحك.
        
        "حاجة زي كده." هو ابتسم وكشر حواجبه شوية. "أنتي فكرتيني ببنت عمي،" هو ضاف.
        
        
        
        
        
        "يبقى بنت عمك دي أكيد جامدة أوي" أليس قالت وهي فخورة بنفسها ومبتسمة.
        "هي عنيفة. وصوتها عالي. عالي أوي كمان."
        "هو ده المفروض يبقى حاجة وحشة؟"
        "لأ، بس حاسس إني لازم أقول إني ممكن أكسبها في خناقة." أنا كنت معجب بأليس عشان عندها قدرة غريبة إنها تكسر أي جو محرج أنا ممكن أعمله بجملتين هزار بس. بيرسي كان مرتاح في قعدته وحاطط كوعه على الترابيزة وبيتلاعب بالقلم ده. في نص كلامهم كده، كان كمان شال الكاب بتاعه. أنا لمحت كام بنت من الناحية التانية من الفناء بيبصوا عليه.
        "أراهنك إنك ما تعرفش تكسبني في خناقة" أليس قالتها بطريقة كانت تحدي أكيد.
        "يا سلام" بيرسي قال وهو مرجع ضهره لورا ولف عينيه بطريقة مبالغ فيها. "هفرمك زي النملة." هو مسك صباعه السبابة والإبهام وعصرهم في بعض. "هرش."
        "أنا فلوسي على أليس" أنا قلت بسرعة. أليس على طول رفعت إيدها في الهوا.
        "خبط يا جدع!" هي قالت.
        "أنا اتضايقت" بيرسي قال بابتسامة على وشه باين إنه مش متضايق خالص. "إيه رأيك يا آية؟ أنتي في فريقي؟"
        "أنا مش هتدخل." كلامها كان قاطع بشكل غريب بالنسبة لكلام بيصالح، بس دي كانت آية. أنا كنت متوقع نص نص إن بيرسي هيتحايل عليها عشان تاخد صفه، بس هو ما عملش كده. الغبي ده رجع لخبطني تاني. الموضوع ده كان مضايقني.
        "ده عادي" هو رجع استرخى تاني.
        
        واحدة من البنات اللي كانوا من شوية كانت باين عليها إنها بتتشجع عشان تعمل حاجة. خدودها كانت حمرة وكانت حاطة طبقة جديدة من ملمع الشفايف. هي كانت حلوة. شعرها أحمر، منمشة، عينيها خضرا، وجسمها صغير. أنا فاكرة إن اسمها كان سيسيليا أو حاجة زي كده. آه، كان أكيد اسمها سيسيليا، هي ساعدتني في الكيمياء السنة اللي فاتت. أنا اتفرجت عليها وهي بتقوم وبتمشي ناحية تربيزتنا في الضلة وأليس وبيرسي لسه بيتكلموا مين فيهم عنده لكمة أقوى. آية كانت بتاكل تفاح. هي ناولتي واحدة. أحسن تفاحة في حياتي.
        "أهلاً، بيرسي، صح؟" البنت سألت بهدوء. خدودها كانت حمرة تقريباً زي شعرها والنمش بتاعها بدأ يندمج مع اللون.
        "آه، وأنتي سيسي. أنا فاكرك من حصة الإنجليزي. خير؟" هو كان باين عليه إنه مش واخد باله خالص من ازاي عينيها لمعت عشان هو فاكر اسمها. ولا من ازاي مسحت العرق من على إيدها في البنطلون الجينز الأسود بتاعها. هو كان باين عليه إنه شايف زميلة قديمة وبس.
        "أنا كنت آممم..." هي بصت لتحت. "أنا كنت بس بتساءل لو آممم، تحب نروح فيلم أو حاجة؟ يعني، بعد المدرسة؟" هي كانت متوترة.
        "لازم أشوف خططي، مين كمان رايح؟" يا بيرسي يا مسكين.
        "يا غبي، هي بتطلب منك معاد غرامي" ودي الصراحة القوية من أليس. عين بيرسي وسعت شوية ناحيتها. هو بص تاني لسيسيليا اللي كان باين عليها إنها ارتاحت من حمل التوضيح، بس لقت نفسها محشورة مع فيل في الأوضة وملهاش مخرج. هي ابتسمت.
        "آه! أنا آسف" وشها سقط على طول. "ماقدرش، بس شكراً على كل حال."
        "لأ، عادي. كان غباء مني إني أسأل أساساً، أنا بس هسيبك لوحدك، آسفة إني ضايقتك يا بيرسي" هي قالت الكلام ده بسرعة وهي بتجري بعيد. أول ما بعدت ومبقوش سامعين، أليس ضربت كتف بيرسي بضهر إيدها.
        "آي!" بيرسي قال.
        "إيه ده؟ كان المفروض تقول آه!" أليس قالت بصوت عالي.
        "أنا موافقة، هي لطيفة جداً. هي مرة اديتني كيس تفاح" آية ضحكت.
        "هي كويسة، بس أنا مقدرش أخرج معاها في معاد غرامي."
        "وليه ما تقدرش يا أخ؟"
        "عشان ده هيبقى خيانة لخطيبتي،" هو قال بوضوح. كأنه مش خبر صاعق.
        "أنت عندك خطيبة؟" أنا سألت، وبحاول أكون هادية عشان خاطر سيسي.
        "آه، بقالي سنة كاملة دلوقتي، ليه؟"
        "إزاي احنا ما نعرفش ده؟" أنا كملت وكلامي اتقابل بتردد.
        "معلش، بس احنا ما كناش أصحاب جامد أبداً." هو كان عنده حق، أنا كنت عارفة إنه صح. بس، ده كان بيحسسني إن الولد اللي في آخر الفصل ده فجأة عنده حياة سرية.
        غريب.
        
        
        
        
        
        
        
         بيرس جريسون
        
        فيمكن، مجرد يمكن، إني كنت معجب بسيسيليا. مجرد احتمال، تخمين لو حبيت. بعد كده هي راحت تتكلم مع الولد الفاشل ده اللي أنا أقسم بالله ما شفته من نص السنة. أسوأ حاجة إنه بقى بجسم أقوى. هو كان ممكن يبقى حاجة غير مجرد عيل ساكت في آخر الفصل ملوش أي لقب غير رقم الخزانة بتاعته. أنا كرهته.
        
        مرور الوقت بعد المدرسة
        
        أنا اتفرجت عليه وهو بيتمخطر خارج من المدرسة. كان لازم يزق الناس عشان يمشي وسط الزحمة اللي ما كانتش واخدة بالها من وجوده. اللي عملته بعد كده كان بصراحة غبي، بس أنا عملته برضه.
        
        "أهلاً يا جاكسون!" أنا زقيت كتفه فلف وشه ليا. وشه اتحرك ناحية إيدي اللي لسه كانت محطوطة على كتفه بقوة. حواجبه كانت متكشرة وبقه مفتوح شوية، هو كان باين عليه وكأنه لسه واخد باله من دبانة على كتفه وبيحاول يحس بالأسف عليها قبل ما يفعصها.
        
        الغريبة، إن مش لما رفع نظره ليا إلا لما عرفت إني في ورطة كبيرة. حاجة كده في طريقة فكه أو الضلمة اللي في عينيه. ده ما كانش الغبي الرفيع اللي مشي في الشتا اللي فات. أنا شلت إيدي من على كتفه.
        
        "إيه" هو رد. مفيش رجوع، أنا مش هعرف أتراجع.
        
        "أتمنى إنك ما كنتش متوقع ترحيب كبير بالرجوع يا فاشل." يا نهار أبيض. هو رفع حاجبة باستمتاع خفيف.
        
        "بس كده؟ أنت جاي بس تكلمني عن إيه، بتتمرن على شتائم فاشلة؟ يا جدع، أنت محتاج حياة." هو ضحك وبدأ يمشي.
        
        "أنت فاكر نفسك مين؟" هو كمل مشي وأنا بدأت أمشي وراه بسرعة. "يا عم أنا بكلمك!"
        
        "أنا واخد بالي. أتمنى إنك تبطل بجد." أنا مديت إيدي وزقيته على الحيطة بتاعة المدرسة. أو على الأقل، دي كانت خطتي. هو باين عليه كان شايفها وهي جاية ومسك رسغي. رماه بعيد قبل ما ألحق أستوعب إيه اللي بيحصل.
        
        "سيبني في حالي يا غبي" هو اتنهد. أنا اتفرجت عليه وهو بيركب عربية بريوس متقطعة وبيسوق بعيد. أنا هنتقم منه عشان اللي عمله ده"
         
        

        روايه ابتسم لأجلي

        ابتسم لأجلي

        2025,

        عائلية

        مجانا

        مراهقة بتعاني من أستاذها الحقود مستر جرانت، اللي بيعاملها وحش وبيديها حجز على طول. في نفس الوقت، هي بتواجه فكرة غياب باباها اللي في الجيش وإن إخواتها مقتنعين إنه مش هيرجع. ديانا بتحاول تذاكر وتتعايش مع الوتر اللي في حياتها، وبتلاقي راحة في المذاكرة مع مستر جوزيف اللطيف اللي بيكشف علاقتها بيه الأستاذ جرانت من غير قصد. وسط كل ده، وحدة ديانا وخوفها من المستقبل بيبقوا واضحين، خصوصاً مع قلة نومها ومحاولاتها المستمرة إنها متخافش من مواجهة أستاذها وتتجنب إخواتها اللي بيعاملوها كأنها طفلة.

        ديانا

        بتعاني من قلة النوم والوحدة بسبب غياب والدها. بتحاول تكون قوية وتواجه الصعوبات، خصوصاً مع أستاذها مستر جرانت

        مستر جرانت

        أستاذ الرياضيات، شخصية عصبية وحادة الطباع، بيكره ديانا وبيتعمد يضايقها. بيبدو إنه بيعاني من مشاكل شخصية بتخليه غاضب طول الوقت.

        بيلي، وكريس. أوستن

        إخوة ديانا الكبار. بيحبوا ديانا وبيخافوا عليها أوي، بس ساعات بيتعاملوا معاها كأنها طفلة صغيرة، وده بيضايقها. هما مقتنعين إن أبوهم مش هيرجع.
        تم نسخ الرابط
        روايه ابتسم لأجلي

        "مش لازم تفضل هنا بصحيح..." أنا قولت له، خايفة يزعق لي تاني.
        
        وهو زعق. "لأ، لازم أفضل. عشان بنت مراهقة مش مسموحلها تدخل أوضة الرسم لوحدها، وأنا لازق لها زي المربية." مستر جرانت قالها بمرارة، ومش فارق معاه يخبي إحباطه.
        
        أنا اتنهدت وضغطت إيدي على بعض، بحاول أكتم التوتر المخيف اللي أستاذي كان بيديهوني. هو كان بيخوفني، كتير. كان دايماً وقح أوي.
        
        محدش كان بيحب مستر جرانت. طبعاً، كل البنات حبوه في أول السنة، أنا كنت شايفاه جذاب. كل الناس كانوا كده. ولسه، بس هو كان وحش أوي، وده خلى الكل يكرهوه ويكرهوا حصته.
        
        وأنا، لسبب ما. كنت دايماً بتفاهم مع أساتذتي، كنت عارفة أقول إيه لمين بالظبط- بس مش مستر جرانت. كان صعب أوي في وقاحته وعدوانه في كلامه. بالذات ليا أنا.
        
        ميس رين كانت أستاذة الرسم المتقدم بتاعي، وكنا أصحاب أوي لما الموضوع كان بيخص الحصة دي. آه، هي كانت في الأربعينات وبدأت شعرها يبقى فيه شيب، بس هي علمتني كل اللي أعرفه. كانت بتثق فيا في كل حاجة. بالذات أوضة الرسم اللي أنا ومستر جرانت كنا واقفين فيها.
        
        لما صوابعي ضغطت على بعض، حطيتها في حجري وامتنعت عن إني أتنفس تاني. "ميس رين بعتت الإيميل ده عشان ده قانون، ممكن حضرتك تمشي وهي هتكون كويسة. ممكن أكلمها وهي هتقول لحضرتك إنك ممكن تروح البيت." أنا كنت بتكلم بعقل، بس مهما أقول هو هيرد بتعليق سخيف. كأن كل كلمة أقولها بتخليه يكرهني أكتر.
        
        عادتاً كان بيتضايق أوي من كل الطلاب التانيين لدرجة إنه كان بيبصلهم بحدة وهما كانوا بيسكتوا، بس معايا أنا. لسبب ما، كان بيعاملني أسوأ من أي حد تاني. أنا كنت من العشرة الأوائل في دفعتي- اللي كان فيها ألف وميتين طالب.- يعني كان إنجاز كبير. مكنش يهمني علاقاتي مع أساتذتي، طالما كنت مصممة على الكمال في حصصي وكنت بفهم طريقتهم في التدريس.
        
        أنا عمري ما فهمت طريقة مستر جرانت، واضطريت أجيب مدرس خصوصي رياضة عشان أتجنب هاله المرعبة.
        
        دلوقتي كان عندي مشروع رسم لازم أعمله عن الجمال والهدوء، ومع وجوده أكيد مكنتش هعرف أعمله.
        
        "يلا ابدأ وخلص بسرعة، أنا مش هروح البيت وأقع في مشكلة عشان طالبة قالتلي كده." هو تمتم من بين فكه المشدود. كنت أقدر أشوف على وشه الحلو إنه كان غضبان أكتر ما شفته قبل كده.
        
        مكنتش أعرف عنه كتير، يمكن كان عنده عيلة يروحلها. مكنتش عايزة أخليه هنا وأبوظ مشروعي في النهاية. "أنا مروحة البيت بقى." أنا قولت بصوت واطي ولميت حاجتي اللي كنت لسه حطاها.
        
        هو بصلي تاني المرة دي، أنا مشفتهوش، بس حسيت بيه. مكنتش بعرف أعمل أي حاجة صح بالنسبة له. درجاتي في حصته كانت عالية نسبياً بس بسبب المدرس الخصوصي بتاعي اللي بالعافية بقدر أتحمل تكاليفه. "بس. يلا. بسرعة." هو كان خلاص هيتجنن. كنت عارفة لو قولت كلمة زيادة هيتفجر.
        
        عمره ما كان يهمني هو بيحبني ولا لأ، بس كان يهمني هو عايز يحافظ على درجتي عالية ولا لأ. فقولت، "سلام يا مستر جرانت." وطلعت وأنا حاسة إني عاملة حاجة غلط. أنا عمري ما اتكلمت بالنبرة المستفزة دي، 'البنت الكيوت' دي مع مدرس قبل كده. مش مهم! المشروع مكنش عشانه أصلاً.
        
        سرعت خطواتي بعد ما سمعت لعنة غاضبة، ورزعة باب. غالباً باب أوضة الرسم عشان بيطلع الصرخة دي لما بيتحك في المعادن اللي مصدية.
        
        هيكون أسوأ وأحرج حاجة لو بطأت ومشيت ببطء وهو عدى من جنبي وأنا رايحة عربيتي، فلهيت نفسي بتليفوني وشفت كام مكالمة فاتتني من إخواتي.
        
        أول ما كنت هكلم أوستن- أخويا الكبير- تاني، أخويا الكبير التاني، كريس، كلمني.
        
        أنا مسالمتوش لما رديت على التليفون، عمري ما عملت كده، ولا واحد فينا كان بيعمل كده.
        
        
        
        
        
        
        "هو انتي مروحة البيت خلاص؟" سأل بسرعة. كنت عايزة أسأله ليه يهمه، ده مش بيته يعني، بس مكنتش عايزة أضيع وقت في خناق معاه، أنا أصلاً مش بحب أتكلم مع إخواتي.
        
        "أنا في طريقي،" وسمعت بعد ما وصلت لعربيتي الجيب، أبواب المدرسة الأمامية اتقفلت بطقطقة جامدة، وخطوات واضحة على الأسفلت. جزمة مستر جرانت الإيطالي الغالية اللي كانت بتلمع أوي، وبتطقطق كأنه ملك أو حاجة. هو غالباً كان فاكر نفسه كده.
        
        "إحنا جايين كمان عشر دقايق." هو قال.
        
        أنا متعنتش أسأل ليه مع إن الموضوع خلاني أتساءل. هما عادتاً بيطمنوا عليا بما إني عايشة لوحدي. كلهم اتخرجوا ودخلوا الجامعة، أو لسه متخرجين من الجامعة زي كريس- اللي كان أقرب واحد لعمري. بيلي، الأخ اللي في النص اللي أكبر مني بست سنين لسه متخرج من جامعة هارفارد. أوستن، الأخ الكبير، اتخرج من جامعة ديوك. كريس كان أكبر مني بخمس سنين ولسه راجع من جامعة ييل لما بدأت أنا سنة تالته ثانوي. فالسنة دي كانت أول سنة من فترة إخواتي فيها راجعين.
        
        هما كانوا بيحموني بشكل مبالغ فيه، بس مكنوش بيحتاجوا يبذلوا مجهود كبير بما إن كل اللي كنت بعمله هو المذاكرة والقراية.
        
        بابا كان في الجيش، وبقاله سنين غايب. قبل كده رجع يومين بس عشان يمشي تاني، وهو عمل كل ده عشانا. هو وماما جابوا أوستن، أخويا الكبير، وهما عندهم خمسة عشر سنة بس. كانوا كبار على طول واتنبذوا من كل الناس وبنوا عيلة. بعد تلات صبيان وقفوا. أهلي كانوا تمنتاشر سنة وتعبوا من إنهم بدأوا المسؤولية بدري. استنوا خمس سنين، يشتغلوا ويشتغلوا، وبالعافية بيعيشوا بالفلوس القليلة اللي بيجيبوها من شغلهم البسيط. ده مكنش عدل عشان مكنش ينفع يكملوا ثانوي. ومكنش ينفع يدخلوا جامعة كده بسهولة- ولا واحد فيهم كان معاه شهادة.
        
        هما كانوا فاكرين إنهم خلصوا من الأطفال في أوائل العشرينات، بس لما تمنوا بنت جابوا بنت. وأنا كنت الحرف الرابع في الأبجدية- ديانا.
        
        أوستن، بيلي، كريس، وديانا. كنا متسميين بالترتيب. أمي ماتت وأنا عندي ست سنين، فمفتكراش أوي قد إيه كانت جميلة. بعد كده بابا مكنش عارف يوفرلنا إزاي.
        
        إخواتي احتفظوا باسم عيلة ماما الأخير احتراماً ليها، وكانوا مؤمنين إنها تستاهل إن اسم العيلة يستمر. أنا احتفظت باسم بابا. ديانا أبولو. أمي كانت أنا فاليانت- بتوصفها بالظبط- حسب كلام بابا.
        
        هو كان أذكى راجل ممكن تقابله. هو عمره ما خلص ثانوي وعمره ما دخل جامعة، بس كان بيقرأ أي حاجة ممكن تحصل على الأرض. جسم الإنسان، تاريخ العالم، كان عارف الأرقام كأنه عنده أسرع آلة حاسبة في العالم في دماغه، وكان عارف النجوم. النجوم كانت أكتر حاجة بحبها معاه.
        
        بابا كان ممكن يعمل حاجات كتير أوي، ومكنش محتاج شهادة ولا أي حاجة قريبة لكده عشان أي خريج جامعة مكنش هيصمد قدام عقله الحكيم. هو كان حزين، من غير أمي. وقرر إن الجسم أهم من العقل، وحارب عشان بلدنا.
        
        اتضح إن لما أمي ماتت سابت لنا ثروة. من أجدادها.
        
        بابا مكنش عايز أي حاجة منها، فإحنا استخدمناها لاحتياجاتنا. وسرعان ما جمعنا فلوس أكتر وأكتر بسبب شغل إخواتي. دكتور، محامي، وكريس لسه بيبدأ شغله كطبيب نفسي.
        
        دلوقتي، أنا عايشة لوحدي.
        
        
        
        
        في البيت، كل إخواتي كانوا واقفين في المطبخ، عمالين ياكلوا أي حاجة يشوفوها وواقفين فوق التلاجة. أنا كنت واقفة وببصلهم وبس، مستنية إنهم يلاحظوني، مستنية إنهم يشرحوا هما هنا ليه.
        
        أخيراً بيلي شافني ووقف في نص ما كان بيحط معلقة بودنج في بقه. "إزيك يا ديانا." ابتسم، ومبين حتة شوكولاتة على سنانه.
        
        بيلي كان بتاع الهزار، بس لما كان بيحتاج، كان بيقلب جد على طول. دلوقتي هو كان في النص. "إنتوا هنا ليه؟" سألتهم.
        
        كلهم ركزوا معايا وأوستن قعد على كرسي البار. "بنتطمن عليكي." قال ببساطة. كانوا بيطمنوا عليا كتير أوي الفترة اللي فاتت.
        
        بعد ما بصينا لبعض شوية، استدار ولف حوالين الجزيرة وهو بيفكر. "المدرسة كانت عاملة إيه؟"
        
        "كويسة."
        
        "إحنا مش فاكرين إن بابا هيرجع." كريس قال أخيراً بإحباط.
        
        اللي قالوه ده خلاني أغضب. في الأول، رجعت لورا بعيون واسعة- كنت مصدومة أوي. بس عيوني ضاقت في نظرة غضب وهما اللي رجعوا لورا المرة دي، هما التلاتة.
        
        "إنتوا معندكوش ثقة في أبونا؟" قولت لهم وهما بصوا لبعض، مش عارفين يقولوا إيه.
        
        "هو مش هيرجع." أوستن قال.
        
        "فين دليلكوا؟" زعقت فيه. في بيتي الهادي والدافئ. عمري ما زعقت لهم قبل كده. ده خلاهم يرجعوا لورا تاني. وهما مصدومين تماماً. كنت مغلوبة على أمري. لما وصلت البيت كل اللي فكرت فيه كان الواجب اللي عليا، ودلوقتي هما بيدوني حاجات زيادة أقلق عليها.
        
        "ده واضح، ماشي؟" بيلي مشي وحاول يحضني بس أنا بعدت عنه.
        
        بيلي وأنا كنا أقرب لبعض واحنا بنكبر. هو دايماً كان بياخدني أماكن، وكنا دايماً بنتفق. كريس، عشان هو أقرب واحد ليا في السن، دايماً كان بيلاقي طريقة يضايقني بيها. أنا عمري ما كنت بحب أعمل مشاكل، عمري ما كنت بحب أتخانق. عمري ما عملت كده. كنت دايماً "الهادية المتماسكة" في العيلة، زي ما بابا كان بيقول.
        
        "صعبة، أنا عارف. بس لازم نواجهها."
        
        أنا مفكرتش مرتين في الموضوع ده، كنت عارفة إنها مش حقيقة. هما فعلاً كانوا مصدقين إنه مش هيرجع. ده كان سخيف. "ممكن تيجي تعيشي مع واحد فينا!" بيلي اقترح.
        
        "أو ممكن إحنا اللي نعيش هنا." أوستن عرض.
        
        هزيت راسي وكريس بصلي بصدمة. "يا ديانا، إنتي أكيد بتحسي بالوحدة هنا."
        
        هزيت راسي ليهم. "لأ، مش حاسة." كنت فاكرة إني بقولهم الحقيقة. أنا مكنتش حاسة بالوحدة، كنت حزينة. لو فضلوا معايا هيتكلموا مع بعض. وهيكونوا قريبين زي دايماً- وده اللي كان بيخليني أحس بالوحدة.
        
        
        
        
        
        
        
        الطريقة اللي مشينا بيها اليوم اللي قبله كانت مريحة ليا أوي. سيبنا الأمور زي ما هي، وعملنا نفسنا كإن محدش فيهم جاب سيرة بابا خالص.
        كنت قلقانة وأنا رايحة المدرسة. الموضوع هيكون محرج، وكنت عايزة أتجنب دولابي اللي بالصدفة كان قصاد دولاب مستر جرانت بالظبط، بس ده مكنش ممكن.
        مستر جرانت كان من النوع ده من المدرسين اللي بيمشوا في الممرات عشان يهدوا أعصابهم، وده كان دايماً. عمري ما كنت متأكدة هو بيعمل كده ليه أصلاً، لأنه دايماً كان بيشوفني وبيتعصب أكتر.
        النهاردة الصبح كان رايح جاي في الممرات المزدحمة وكوبايه القهوة في إيده. ولما كان بياخد رشفة، عينيه كانت بتدمع والبخار كان بيضرب وشه جامد ويطلع لبره. أقسم بالله كان بيشربها سخنة مولعة عشان يؤذي نفسه وبس.
        هو لسه مشافنيش، بس حس بنظراتي الحذرة، وأول ما لف عشان يبصلي بغضب، أنا لفيت بسرعة وفتحت دولابي بسرعة عشان أمشي في أسرع وقت ممكن.
        كان يوم "أيه"، بس ده عمره ما كان بيفرق. أنا كنت باخده كل يوم. هو كان الحصة الثامنة والأخيرة في اليوم، والغريب إني كنت بشفق عليه شوية عشان أنا في حصته كل يوم. أكيد صعب إنك تتجبر تدرس لحد بتكرهه كراهية عميا، وخصوصاً إنك مش بتعلمه أي حاجة غير إزاي يمسك نفسه ميردش على أستاذه.
        "ديانا، ده جميل." أستاذة الرسم بتاعتي قالتلي. فضلت واقفة لدقيقة قصيرة قبل ما أروح حصتي الأخيرة. "أنا آسفة إني اضطريت أقوله إنه يفضل بعد الحصة عشان يراقبك. أنا عارفة إن ده مكنش ضروري خالص، مكنش المفروض أبعتله الإيميل."
        كأن اليوم بتاعي كان الحصة الأولى- الثانية- الثالثة- الرابعة- الثامنة-ة-ة-ة-ة حصة... كانت طويلة أوي مع مستر جرانت، عشان كلنا كنا بنكرهه.
        في حصته كنت قاعدة جنب واحد من أكتر الشباب الجذابين في مدرستي. هو مكنش متواضع أوي، بس كان محترم جداً. ليا أنا، على الأقل. اسمه كان رايان.
        "ديانا، عملتي إيه في مشروع الرسم ده؟" سألني وهو بيفكر.
        "كان..." فكرت دقيقة. "مش زي ما كنت عايزاه يطلع." اتجرأت أبص لمستر جرانت ولقيته بيبصلي بنظرات غضب، أنا احمر وشي على طول وبصيت بعيد. "بس عادي."
        "آه، آسف." ابتسم لي ابتسامته الطفولية المشهورة. كنت هحبه لو مكنش طفل أوي كده. "هتيجي حفلة أفري جونسون الجمعة دي؟"
        هزيت راسي. أنا عمري ما رحت حفلات، دي مش جوي. دايماً كنت بحس إني مش في مكاني هناك. "ليه لأ؟" سألني وأنا رفعت كتفي. "طيب، عايزة تكوني مرافقتي هناك؟" واداني الابتسامة الطفولية دي تاني.
        "إممم-"
        "خلاص." مستر جرانت قام من كرسيه المتحرك واتكلم بصوت عالي وبشدة. "هنكمل شغل امبارح بما إن معظمكم مش عارفين بتعملوا إيه." بصق الكلمة، ووزع ورقة فيها ملاحظات مطبوعة. "دي مش بتاعتي، دي بتاعة مستر جوزيف." مستر جرانت تمتم لنفسه، كأنه مكسوف إنه ممكن يتشك إنه عمل حاجة كويسة لمرة واحدة.
        "هديكم عشر دقايق تبصوا عليهم، لو اتكلمتوا هخليكم تمشوا." اتكلم بشدة وببرود وهو قعد وبدأ يكتب على الكمبيوتر بتاعه.
        أنا بصيت عليهم وفهمت تماماً. أنا كنت بحب مستر جوزيف أوي، وهو كان اللي بيدرسلي خصوصي. هو راجل كبير في أوائل الستين، ولطيف جداً وكان بيراجع معايا كتير أوي عشان أفهم شغله. وأنا أكدت عليه إن الموضوع ده يكون سر إنه بيدرسلي خصوصي. كنت خايفة مستر جرانت يغضب ويصرخ فيا عشان غبية أو حاجة.
        "خلاص، الوقت خلص." قال بسرعة بعد حوالي خمس دقايق.
        في الفصل سمعت تنهدات محبطة وإيدين غاضبة بتحاول متهبدش أوي على المكاتب. أنا مكملتش قراية الملاحظات برضه.
        "حاجة تحزن إننا لازم نراجع حاجات زي دي عشان في عدد كبير منكم ساقطين." مستر جرانت وقف في تصلب.
        حاولت أتخيله هادي، سعيد. يمكن معاه بيرة في إيده أو حاجة، مكنتش متأكدة. حاولت أتخيله في مكان واحد من إخواتي: ساند كوعه على الرخامة بابتسامة سعيدة وبيشرب بيرة وهو بيتفرج على البيسبول. كان مستحيل. مكنتش قادرة أتخيله مبتسم خالص، لأني عمري ما شفته بيعمل كده.
        أنا مكنتش ساقطة في حصته. زي ما قولت قبل كده، أنا متأكدة إني كنت من أوائل طلابه، بس ده كان بسبب مستر جوزيف.
        بعد ما مستر جرانت راجع الدرس مرة تانية، الحصة خلصت. وده معناه إن المدرسة خلصت وإني قدرت أمشي من الجو اللي مليان كراهية بتاعه. كل الناس طلعوا قبل ما ألحق حتى أمسك شنطتي، فكنت آخر واحدة تقف.
        حسيت بعينيه عليا وحسيت كإني لازم أكون هادية عشان أمشي، وإلا هيضرب. زي الحيوان.
        وبعدين اتكلم، "ديانا."
        
        
        
        
        
        
        اتخشبت مكاني كأني اتمسكت بعمل حاجة غلط. إيه ده؟ إيه اللي عملته وحش أوي كده؟ ولا حاجة.
        
        "نعم؟" لفيت وبصيتله باحترام، وكنت عايزة أمشي بجد.
        
        ربّع دراعاته على صدره وبصلي بغضب. كده وبس، رجع لورا واداني النظرة الشريرة الفظيعة دي. كان عايزني أروح لدولابه. فروحت، بحذر. كل خطوة مكنتش بطيئة أوي - بس ثابتة. كنت الغزالة اللي بتهرب من الصياد، بس أنا مكنتش سريعة كفاية عشان أمشي من غير ما يتشاف. دلوقتي لازم أهرب وعينيه عليا.
        
        "هديكي حجز عشان إمبارح."
        
        نزلت شنطتي والحتة المعدن عملت صوت عالي، صدى في أوضته الرمادية اللي بتجيب الكآبة. "أنا آسفة، ليه؟" مكنتش مهذبة، لأني كنت غضبانه.
        
        "المنظر بتاعك كان قلة احترام." هو اتكلم بغضب.
        
        "منظري؟ بتاعي أنا؟ إنت اللي كنت بتشتكي طول الوقت إن عندك حاجات أهم تعملها من إنك تلعب دور المربية، لما أنا قولتلك بالذات إنك ممكن تمشي. ده كان غلطتك إنت!" زعقت فيه. أنا زعقت. أنا عمري ما رديت على مدرس قبل كده، ناهيك عن إني أزعق في واحد. أنا كده خلصت.
        
        هو قام فجأة، وأنا شفت إنه كان متوقع إني هخاف وأرجع خطوة لورا، بس أنا رجعتله نظرة الموت بتاعته. وده ضايقه. "لو مش هتتخانقي معايا دلوقتي، مش هيتسجل في سجلك. دلوقتي هتقعدي وتعملي أي حاجة بهدوء لحد ما أقول غير كده."
        
        مقعتش. "إنتي عارفة قد إيه سجل الحجوزات ده بيفرق مع الناس اللي بتبص عليكي للجامعة؟" سخر، وكنت عايزة أضربه بالقلم. بدل كده، قعدت على مضض وطلعت كتاب من المكتبة لجون ستاينبيك. على أمل إن كتابته العلاجية تهدّي روحي.
        
        بعد نص ساعة من الحجز بتاعي تليفوني رن. كان على وضع الاهتزاز بس كان هدوء تام في أوضته، هو أنا وبس. فإحنا الاتنين سمعناه وهو هزلي راسه.
        
        بصيت عليه كده كده وبعدين بصيتله تاني. هو مكنش باصصلي، عينيه كانت صلبة زي الحجر بتبص على الكمبيوتر بتاعه كأنه أنا. "ده... أخويا." قولتله بخجل وهو مقالش ولا كلمة. "لو بيتصل يبقى في حاجة مهمة." قولت بصوت أعلى المرة دي.
        
        هو بصلي أخيراً. "يلا بسرعة." تمتم وأنا رديت بسرعة قبل ما بيلي يقفل الخط.
        
        "إزيك يا ديانا الجميلة." قال بنبرة اعتذار.
        
        "إيه اللي حصل؟" استعجلته.
        "بتعملي إيه؟" سأل بلطف.
        
        "أنا في الحجز، عايز إيه؟"
        على الطرف التاني كان فيه ضحكة عالية، وسمعت صوت أخواتي الاتنين التانيين بيسألوا إيه اللي مضحك أوي كده. "هي بتقول إنها في 'الحجز'." ضحك تاني.
        
        "معنديش وقت للكلام ده، ليه اتصلت؟"
        أخويا رجع لجدية بسرعة مع تكحيرة خفيفة. "بخصوص إمبارح... كنا عايزينك تفهمي إن لما فرد من العيلة بيكون-"
        
        مسمعتش الباقي لأني قفلت السكة بسرعة وخبطت تليفوني على المكتب. وشي كان متغطي بالإحراج.
        إخواتي بيتكلموا معايا كأني طفلة. كأني طفلة مش فاهمة معنى الحرب. أو إن في يوم من الأيام مش هنكون كلنا مع بعض.
        
        مكنتش بكره حاجة أكتر من إني أتحسس بالتقليل مني. وبعدين في الحقيقة الغبية إنهم فعلاً مصدقين إننا مش هنشوفه تاني. ممكن تكون صح، بس أنا مكنتش مصدقاها عشان بابا من النوع اللي تحس إنه هيعيش للأبد.
        تليفوني رن تاني واتحرك على الترابيزة. أوستن كلمني المرة دي، بس أنا رفضت المكالمة وحطيت تليفوني في شنطتي.
        
        التلاتين دقيقة اللي بعد كده كانت كلها عبارة عن إني بفكر في طرق أتجنبهم بيها، عشان أكيد هيحاولوا يجوا البيت. "تمام،" مستر جرانت وقف واتكلم بجرأة، خلاني أتخض. "خلصنا."
        ولم حاجته في شنطة شغل وأنا لميت حاجتي برضه. حاولت أطلع بسرعة على قد ما أقدر، أحاول أتجنب أي احتكاك بيه. بس إحنا الاتنين وصلنا للباب في نفس الوقت وبصينا لبعض دقيقة، بنستغرب مين اللي هيطلع الأول.
        
        مستر جرانت فاجئني إنه طلع صوت خفيف ورجع لورا عشان يوسع الباب عشان أطلع أنا الأول. سمعت باب أوضته بيتقفل ورايا وأنا بطلع. خطواته سرّعت عشان يمشي قبلي وخلص بينا الحال واحنا ماشيين جنب بعض في صمت محرج مؤلم. وصلنا للأبواب المزدوجة ولما مديت إيدي للمقبض، هو مسكه وفتحهولي. بصيتله عشان أشوف وشه الغاضب اللي مش صبور، فمتعبتش نفسي إني أشكره واندفعت لعربيتي.
        لما وصلت البيت، مكنش فيه حد. بس ده اللي كنت بحبه.
        
        كلت كورن فليكس للعشا وخلصت واجبي، وبعدين رحت أنام بدري. بس ده كان غبي، لأني مكنتش عارفة أنام. مكنش فيه طريقة أنام بعمق لأني كنت قاعدة بفكر في بابا. فمسكت قلم وكتبتله.
        كتبتله عن المدرسة، اتكلمت عن أساتذتي، عن الراجل الحقير اللي بيكرهني من غير سبب، وقولتله إني كويسة في الدراسة واتكلمت عن درجاتي، واتكلمت عن إخواتي، وقبل ما أعرف، كانت الساعة واحدة الفجر. بعد كده كنت صاحية تماماً.
        
        مكنتش عارفة أنام، كنت عمالة أتمشى في أوضتي وأسأل نفسي قد إيه أنا تعبانة. كنت تعبانة. بس مكنتش قادرة أستنى نايمة، مكنتش قادرة أقفل عيني ومكنتش قادرة أنام. شربت شاي بابونج، أكلت موزة، كلت كام كرزة، سخنت لبن وعسل، بس ولا حاجة كانت هتخليني أنام.
        قعدت وبصيت على الرسالة تاني مرة، وبعدين مرتين. مكنتش هقدر أبعتها. مكنش فيه حد أبعتها له، مكنش عندي أي فكرة إزاي أعمل كده. والأولاد أكيد مش هيساعدوني في ده.
        
        لما كانت الساعة ستة الصبح أخيراً بدأت أحس إني ممكن أنام. وكان لازم أصحى بعد ربع ساعة.
        مكنش فيه طريقة أخبي بهتان بشرتي أو النعاس اللي في عيني. كل اللي كان عليا أعمله إني أحاول أفضل صاحية ومركزة، بس ده كان صعب أوي.
        
        
        
        
        
        
        كنت قدرت أعمل كل ده، بس فوتت الغدا ونمت شوية في المكتبة. بعد أقل من نص ساعة نوم، حسيت إني تعبانة أكتر وأكتر لحد ما وصلت لآخر حصة ليا مع مستر جرانت.
        
        دخلت بعد كل الناس، وحاولت أخبي وشي. كان مستحيل. هو قام واتكلم عن الحاجات اللي محتاجين نطلعها. بعدين راجعنا الملاحظات المكتوبة العادية اللي خلتني أحس إني مش فاهمة بكتب إيه. متعبتش نفسي إني أركز. كنت منهكة أوي وبحاول أصحى، مكنش فيه أي طريقة أقدر أركز بيها.
        
        كأنها الأبدية لحد ما الجرس رن وقمت بسرعة، بس قعدت أول ما قمت لأني دوخت أوي. لميت نفسي وقمت تاني، أبطأ المرة دي، واتجهت للباب.
        "رايحة فين؟" صوته العالي زأر فيا وخلاني أتنفض. راسي كانت بتوجعني من ألم النوم وبصيتله بتوهان.
        
        "البيت؟"
        "شكلي مكنتش واضح كفاية." قاللي. "عندك حجز معايا بقية الأسبوع."
        
        قلبي وقع وكنت عايزة أعيط بسبب لخبطة الهرمونات اللي عندي من قلة النوم الرهيبة. بس أنا قعدت تاني وسندت راسي على دراعاتي، ونمت.
        ...
        
        "ديانا." حد زقني بالراحة. "ديانا، اصحي."
        دفنت راسي في دراعاتي وتجاهلت توسلاته. "ديانا!" دراعي اتسحب من تحتي وبصيت في عينيه البنية الدافية واتنفضت.
        
        بعدين أدركت مين ده وقمت بسرعة، وده عملي صداع تاني مؤلم وكنت هقع لورا، بس مسكت نفسي قبل ما هو يمسكني. "ممكن تروحي." قال بشدة.
        تجاهلته وفضلت واقفة، ساندة على المكتب اللي ورايا وبدعك راسي.
        
        هو وقف عند الباب واستنى بفارغ الصبر. "ديانا؟" قال اسمي تاني. كان بدأ يضايقني. كنت بتحول لوحش نعسان. "روحي البيت ونامي عشان تقدري تركزي في حصتي." قاللي ببرود.
        راسي كانت بتلف وكنت عايزة أروح البيت وبس، بس كنت خايفة أنام وأنا سايقة. جاتلي فكرة، فكرة إني أنام في شنطة عربيتي الجيب لحد ما أصحى. كان قرب نوفمبر، يعني الجو كان برد أوي. كان دايماً عندي بطانية في شنطة عربيتي كمان، عادتاً عشان السينما اللي في العربية في إينيس.
        
        لميت حاجتي وطلعت معاه.
        "إنتي كويسة تسوقي،" ده مكنش سؤال مهم أوي. الطريقة اللي قال بيها مكنتش حتى لطيفة. هو سألها عشان لازم، ولو مسألهاش وحصلي حاجة وحشة هيكون هو في مشكلة. أنا هزيتله راسي وبس.
        
        لما وصلت لعربيتي أخيراً دخلت في الكنبة اللي ورا واتكورت كويس في اللحاف بتاعي. بعدين سمعت اسمي تاني. قعدت وفتحت الباب والنسيم البارد خلاني أقرب أكتر من البطانيات بتاعتي.
        "إيه اللي إنتي بتعمليه ده؟" مستر جرانت طلب بغضب. هل هو مسموحله يكلمني كده؟
        
        "أنا باخد غفوة." قولت بوضوح.
        "إنتي مش متوقعة إني هقدر أسيبك كده مش كده؟ ممكن حد يسرقك أو يقتلك." هو متعبش نفسه إنه يحاول يبدو صادق، لأنه مكنش صادق. بدل كده هو فضل واقف هناك وبصلي بغضب.
        
        "تمام." قولت وبس وقفل بابي ونمت أخيراً.
        ...
        
        تليفوني كان بيرن بصوت عالي. كان الجو مكتوم في عربيتي وبدأت أحس إني ممكن أتخنق. فتحت الباب على آخره واستنشقت الهوا النقي، والجو بره كان ضلمة كحل. "ألو؟" رديت بانتباه وببص على الساعة.
        "ديانا، الساعة تسعة ونص وإنتي لسه مش في البيت." كريس زعق فيا.
        
        "آه.. صح آسفة. أنا... نمت في عربيتي." قولتله، وطلعت من عربيتي عشان أروح لمقعد السواق وسوقت للبيت وأنا تايهة وتعبانة.
        
        أخدت كام محاضرة. واحدة من كل أخ، بس كانوا طوال ومملين. أنا حتى مركّزتش معاهم. كانوا معظمهم عن إني أكون في البيت في الميعاد، وأكون مسؤولة لو عايزة أعيش لوحدي.
        بصراحة أنا مكنتش عايزة أعيش لوحدي. من غيرهم، كنت عايزة. بس كنت عايزة بابا يرجع. استحمت وخلصت واجبي على قد ما قدرت. ورحت أنام تاني.
        
        ...
        "آه، أوستن كلم أخويا وهو متجنن عشان مكنتيش بتردي على تليفونك." كول جرايز قاللي، وهو ساند جنب الدولاب اللي جنب دولابي.
        
        كول كان أخو تايلر جرايز. تايلر كان أقرب صاحب لأوستن. أنا كنت معجبة بتايلر زمان، بس استقريت على إني أحب كول. ده كان في سابع ابتدائي. "يا لهوي." قولت ببساطة وهو ضحك معايا. لازم أعترف إني لسه معجبة بيه شوية. بس ده كان الجانب الناضج منه اللي عجبني. إحنا كنا أصدقاء مقربين أكتر من أي حاجة.
        "صحيتي دلوقتي؟" سألني، وهو بيقرص كوعي بمرح.
        
        "أكيد. أنا بس عايزة الأسبوع ده يخلص." اتنهدت، وكان ليها معنيين. الأغلب عشان كنت عايزة أخلص من حجز مستر جرانت.
        وهكذا بدأ بقية اليوم اللي سرعان ما بدأ حصتي مع مستر جرانت ونظراته الغاضبة في الفصل عشان كلنا مكنش عندنا أي فكرة هو بيتكلم عن إيه.
        
        "لو بتاخدوا حصة متقدمة، لازم تكونوا قادرين تتعلموا." قال ورايان بصلي بعيون واسعة ومتضايقة.
        "يا له من حقير." قالها بهمس وأنا هزيت راسي.
        
        وقف قدام الفصل وراح جاي بعصبية. أنا كنت بتابع رجليه الطويلة وهي بتخبط كل خطوة كأنه بيدوس على صف كبير وشرير من الحشرات.
        
        
        
        
        
        
        افتكرت اليوم اللي فات لما صحيت على غير متوقع ولقيت نفسي ببص له مباشرة. عمري ما كنت قريبة منه كده قبل كده. كان غريب وده خلاني مش مرتاحة. عمري ما أدركت بجد إن عينيه بني. كانت بني كراميل سخن، بتحرق وأنت بتبص فيها. الفكرة دي خلت وشي يحمر.
        بعد ساعة من تدريس ملوش لازمة، كان وقت الحجز بتاعي.
        كنت حاسة إني جريئة. "مستر جرانت؟" لفيت وبصيتله، وصوابعه اللي كانت على الكيبورد وقفت مكانها وبصلي وهو مكشر. كان متلخبط تماماً ليه أنا بتكلم معاه. هو عارف إني بخاف منه، وده اللي هو عايزه. طب ده كان سخيف، ومش هخاف تاني. "ليه بتكرهني؟"
        هو بص تاني على شاشة الكمبيوتر بتاعه كأني مقلتش أي حاجة وفضل يكتب. أنا بصيتله بغضب، جامد، بس هو متحركش.
        فلفيت جسمي كله وبصيتله.
        طول الوقت، كنت براقب كل حركة بيعملها لحد ما بان غضبه. "لفي وشك!" زعق.
        فضلت مكاني.
        "ديانا، مش هطلعك من الحجز." هو همهم.
        "أنا بس عايزة أعرف عملت إيه عشان تكررهني أوي كده." لفيت تاني وبدأت أخبط على مكتبي بصوابعي بنفاذ صبر.
        هو لسه مردش.
        مكنش يفرق كده كده، دي آخر سنة ليا وبعدين هروح الجامعة ويمكن أقنع بابا ميرجعش الجيش تاني أبداً. كنت بكره أشوفه حزين ووحيد.
        قبل ما أعرف، راسي كانت على دراعاتي تاني وكنت نمت نوم عميق.
        ...
        رمالي قلم. رمالي قلم. ده كان خطر أوي. أنا لسه مصحيتش بجد غير لما كان بيزعق اسمي. "ديانا!"
        "إيه." قعدت وفردت جسمي.
        "متناميش في الحجز." بصقها.
        بصيت في الساعة واتخضيت. كان عندي حصة خصوصي مع مستر جوزيف وكانت بدأت خلاص. لميت حاجتي بسرعة بس مكنتش هقدر أشرحله إني باخد خصوصي في نفس المادة اللي هو بيدرسها مع حد تاني.
        فجأة باب مستر جرانت اتفتح وظهر وش راجل عجوز مبتسم. "أهلاً يا تشارلز." قال لمستر جرانت.
        "أهلاً يا مستر جوزيف." لقيت ده لطيف ومحترم إن مستر جرانت لسه عايز ينادي الراجل الأكبر منه باسمه الصحيح. بس الفكرة اختفت لما هو بعتلي نظرة سريعة زي الخنجر.
        مستر جوزيف بصلي بسرعة. "ها... هنعملها هنا مش كده؟"
        أنا اتوترت من جوايا. هو كان جاي يقعد قدامي. وبعدين قعد قدامي، ومستر جرانت كان بيتفرج.
        "بتعملوا إيه؟" مستر جرانت سأل.
        مستر جوزيف البريء بص عليه بابتسامة. "بندي حصة خصوصي."
        "في... إيه؟" نبرته كانت حذرة. كانت تحذير، بتقول لو كنت غبية كفاية إني أرد عليه صح، هيقتلني.
        "رياضيات طبعاً."
        ومستر جوزيف فتح كتابه بسرعة وبدأ الشغل. "إيه اللي عملتيه النهاردة؟" وأنا اديته الملاحظات اللي كنت نسختها. الموضوع بقى أسوأ وأسوأ والراجل العجوز بيتكلم.
        "ده بسيط أوي بصراحة..." وفضل يحكيلي إيه اللي مستر جرانت كان بيدرسه. أسوأ حاجة كانت إني فهمت الموضوع كويس أوي من مستر جوزيف وأستاذي الصغير الشرير شاف ده. وهو مكنش مبسوط خالص.
        "يا سيدي، مكنتش أعرف إنك بتدي حصص خصوصي مجانية. يا له من شيء لطيف." نبرة "تشارلز" كانت واضحة. وهو مبصليش، الحمد لله.
        "لأ، مش مجانية. أنا مبديش حصص خصوصي. هي جات ترجتني وقالت إنها هتدفع أكتر من اللي بياخده أي مدرس خصوصي!" هو ضحك بسعادة. "بس أنا برضه سمحتلها تدفع المبلغ الصح." الراجل العجوز ضافها وهو بيزق كتفي بمرح.
        أنا كنت بحب مستر جوزيف. كنت بحس براحة أوي حواليه. هو كان كل حاجة مستر جرانت مشها. لطيف، عجوز، أهبل، ومرح. كان زي الجد اللي دايماً كنت عايزاه. كنت أقدر أعرف إنه بيحبني برضه. حتى إنه قالي مرة إنه كان يتمنى إني أكون حفيدته بدل سيسيل جوزيف، اللي كانت في سنة تانية ثانوي واللي كانت مجرد عيلة قليلة الأدب.
        لسوء الحظ، مستر جوزيف كان عجوز ومرح أوي لدرجة إنه مفهمش التوتر المحرج اللي كان بيني وبين مستر جرانت.
        أخيراً لما خلصوا، مستر جوزيف سلم بسعادة وبعتلي تحياته وخربش شعري زي ما أي جد هزار بيعمل. ضحك على تعبير وشي اللي كان بيقول "عادي يعني." "مع السلامة يا حبيبتي!" قاللي، وبعدين لوح لمستر جرانت بسعادة. "مع السلامة يا تشارلز!"
        وهو مشي. كنت أتمنى إنه مكنش مشي.
         
        

        رواية أروقة الثانوية

        أروقة الثانوية

        2025,

        مراهقة

        مجانا

        مارسي وأنجل، طالبين جديدين في المدرسة الثانوية يواجه كل منهما تحدياته الخاصة في التأقلم. مارسي فتاة خجولة ومنطوية تجد صعوبة في تكوين الصداقات، بينما أنجل شاب منعزل يواجه صراعات داخلية تتعلق بوفاة والدته. تتشابك حياة مارسي مع مجموعة من الطلاب الشعبيين الذين يستغلون ذكاءها الأكاديمي، بينما يتكشف ماضي أنجل المؤلم الذي يفسر سلوكه الحالي.

        مارسيلا

        فتاة خجولة ومنطوية في يومها الأول بالمدرسة الثانوية. تعاني من الوحدة وصعوبة تكوين الصداقات منذ انتقال صديقتها الوحيدة في المرحلة الابتدائية. ذكية أكاديميًا، خاصة في الرياضيات، وتحصل على درجات ممتازة، مما يلفت انتباه بعض الطلاب الآخرين.

        أنجل

        طالب جديد في المدرسة الثانوية يتميز بشخصية منعزلة وباهتة. يبدو بلا روح وغير مهتم بما حوله. يحمل في داخله حزناً عميقاً بسبب ماضيه المؤلم المتعلق بوالدته، وهو ما يفسر طبيعته الهادئة وانعزاله عن الآخرين.

        ستارلا

        فتاة شعبية في المدرسة، تجلس أمام مارسي في حصة الجبر. تسعى لاستغلال ذكاء مارسي لمساعدتها هي وأصدقائها في الواجبات المدرسية، وتُظهر وجهاً ودوداً لتحقيق مآربها.

        سيلينا

        الصديقة المقربة لستارلا وحبيبة سي جاي. تشارك ستارلا في خطتها للاستفادة من مارسي، وهي مشجعة في فريق المدرسة.
        تم نسخ الرابط
        رواية أروقة الثانوية

        الاثنين، 14 أغسطس
        ---
        
        مرحباً بك في اليوم الأول من المدرسة الثانوية. أو بعبارة أخرى، المكان الرائع حيث كتابة المقالات التي تتراوح كلماتها بين 1000 و 2000 كلمة، ومعاناة حل جيب تمام الزاوية 30° أو مشتق 5س²، والتعامل مع ضغوط أخذ كل مواد تحديد المستوى المتقدم في العالم لمجرد التقديم للجامعة، كل هذا يجعلك تشعر أنك بالفعل في الجامعة... لكن مهلاً، ليس كل شيء سيئًا، إنه أيضاً المكان الذي يمكنك فيه التعرف على أصدقاء جدد بينما تقوي روابط الأصدقاء الذين لديك بالفعل، أو حتى تجد شريك أحلامك في المدرسة الثانوية ؛).
        
        على الرغم من أن هذا النوع من الأشياء يأتي بسهولة للعديد من الناس، إلا أنه في بعض الأحيان لا يأتي كذلك للآخرين. وعندما يتعلق الأمر بهذه الفتاة، فهي ليست استثناءً لهذه العبارة.
        
        ادخل مارسيلا روبي سانتياغو، ويفضل اختصار اسمها الأول إلى مارسي. بشرة بلون الزيتون/المائل للصفرة، شعر أسود طويل، ترتدي نظارة مستديرة، وسترة صوفية أرجوانية كبيرة الحجم. الأيام الأولى هي للانطباعات الأولى، لكن مارسي تحاول حقاً أن تكون غير ملحوظة في يومها الأول على الإطلاق في المدرسة الثانوية. سارت مارسي على الفور إلى فصلها الأول، ورؤية كل هذه الحشود الكبيرة في الطريق جعلها تسرع خطاها ورأسها إلى الأسفل.
        
        *دق الجرس*
        
        بدأ المعلم بأخذ الحضور. استجاب الطلاب كما ينبغي، "هنا!" "موجود!" "مرحباً!" مع مرور المعلم بالأسماء بترتيب أبجدي، اسم شخص ما يكون قرب نهاية القائمة. سمِّها رد فعل مبالغ فيه، لكن الشعور بأن دورك يقترب أكثر فأكثر مع مرور الوقت، حتى لو كل ما تفعله هو تأكيد وجودك، يمكن أن يكون مسبباً للتوتر الشديد.
        
        "مارسيلا؟" نادى المعلم.
        
        "هنا..." قالت مارسي بصوت خافت. شخصان فقط سمعا ذلك، لكن المعلم لم يسمع. ثبت ذلك عندما بدأت بمسح الفصل.
        
        "مارسيلا؟"
        
        خوفاً من قولها مرة أخرى، رفعت يدها ببطء حتى تعرف عليها المعلم.
        
        "آه، ها أنتِ! لا بأس في التحدث بصوت عالٍ، لذا من فضلك افعلي ذلك في المرة القادمة، حسناً يا مارسيلا؟"
        
        "ما-مارسي." قالت بسرعة قبل أن ينتقل المعلم إلى الاسم التالي.
        
        "عفواً؟"
        
        "أم... أود أن ينادوني مارسي من فضلك؟"
        
        "حسناً جداً، مارسي."
        
        لبقية وقت الحضور ووقت الفصل، غرقت مارسي في أفكارها. ليس فقط لأنها تبالغ في التفكير فيما حدث للتو، ولكن بسبب إدراك أنها ستحتاج إلى المرور بهذا مرة أخرى في حوالي ستة فصول دراسية أخرى.
        
        عندما حانت فترة الغداء، هرع الطلاب من فصولهم الدراسية في الفترة الرابعة للقتال من أجل مقدمة طوابير الكافتيريا. من المفترض أن يكون وقت الغداء وقتًا للتواصل الاجتماعي وإشباع الشهية، إلا إذا كان عليك تناول طعام الكافتيريا. لسوء حظ مارسي، إنه مجرد تذكير آخر بمدى وحدتها الحقيقية. كانت تتجول في الممرات، وترى الجميع متجمعين معاً كما لو كان ذلك قد تحدد بالفعل منذ المدرسة الابتدائية أو الإعدادية. ومع انشغال الجميع بفعل ما يخصهم، لا يبدون مرحبين بأي شخص في الوقت الحالي.
        
        مع هذا الإدراك، وجدت مارسي مكاناً بالقرب من فصلها التالي وتناولت غداءها بمفردها ببساطة. ستكون كاذبة إذا قالت إنها كانت تشعر بالاكتئاب من هذه الوحدة، لكن في الوقت نفسه، اعتادت عليها الآن إلى حد ما. بعد أن فقدت صديقتها الوحيدة (بسبب الانتقال) في المدرسة الابتدائية، لطالما كافحت في محاولة تكوين صداقات، ناهيك عن التحدث إلى الناس في محادثة عادية. وصلت الأمور في بعض النقاط في المدرسة الإعدادية إلى درجة أن هدوئها كان يجعلها تتعرض للمضايقة بين الحين والآخر. لم يكن الأمر مهيناً بقدر ما كان مزعجاً، سماع زملاء الدراسة يدلون بتعليقات قليلة وسريعة مثل "تبدو وحيدة." "أعتقد أنها دائماً حزينة هكذا." "هل سمعتها تتحدث على الإطلاق في هذا الفصل؟" "لا تبعد رأسها عن جهازها المحمول 3دي إس خلال الغداء." "أحتاج إلى استعارة مقصها، ما اسمها مرة أخرى؟ مار... مارينا؟ ماركيز؟ ماريو؟" لكن من أسوأ الأشياء التي سمعتها كانت خلال حصة التربية البدنية، عندما كان شخصان يقومان بتشكيل فريقيهما للعبة "التقاط العلم"، وكانت مارسي آخر من يتم اختياره. الكابتن الذي اختارها قال بشكل غير محترم، "انتظر، من أين جاءت هذه؟"
        
        بالنظر إلى أن طبيعتها الخجولة والخجولة للغاية لا تدفع الناس بعيداً فحسب، بل تدفع نفسها بعيداً عن الناس دون وعي، فلا عجب أن مارسي ليس لديها أي أصدقاء على الإطلاق. ليس لديها حياة اجتماعية، تقضي مارسي وقتها في كل عام دراسي في إنجاز الواجبات المنزلية والدراسة فقط. ليس الأمر أنها تريد ذلك، حيث لديها هوايات أخرى أيضاً، مثل ممارسة ألعاب الفيديو والاستماع إلى الموسيقى. ولكن مع انشغال والديها بالعمل دائماً، لم يكن لديها أي خطط سوى البقاء في المنزل بمفردها. ومع ذلك، يمكن لذلك أيضاً أن يفسر سبب ميل مارسي الأكاديمي، حتى أنها تستطيع التفوق في حصة الرياضيات من بين جميع المواد. معدل درجاتها 4.0 وحده يمكن أن يجذب بعض الأصدقاء، ولكن من سيرغب في أن يكون صديقاً لمهووسة خجولة ومنطوية؟ لم ينجح الأمر خلال المدرسة الإعدادية، فلماذا يبدأ الآن؟
         
         
         
         
         
         
        "حسناً يا أنجل، نحن هنا! هل أنت مستعد ليومك الأول في المدرسة الثانوية!؟"
        "أعتقد ذلك."
        "ماذا تقصد بـ 'أعتقد ذلك'؟ المدرسة الثانوية كانت تجربة رائعة بالنسبة لي ويجب أن تكون لك أيضاً!"
        "حسناً..."
        "فقط ثق بي في هذا. مثل المدرسة الابتدائية والإعدادية، لديك فرصة واحدة فقط لمثل هذه التجربة. كل ما عليك فعله هو استغلالها إلى أقصى حد، هل تفهم ما أعنيه؟"
        "نعم... حسناً."
        "...هم، فقط... تذكر هذا المكان، سأتأكد من أن أحضرك من هنا كل يوم، مفهوم؟"
        "بالتأكيد." يخرج من السيارة
        "أتمنى لك يوماً أول رائع يا أنجل، أحبك!"
        "..." يغلق الباب بقوة
        إذا أردت أن تعرف كيف كان تعبير أنجل طوال هذا التبادل، ما عليك سوى استخدام هذا الرمز التعبيري: 😐
        
        أنجيليكو سوريانو شخص معقد. لو كان لديه دولار في كل مرة ضحك فيها على أي شيء، لكان أكثر إفلاساً مما هو عليه بالفعل. وليس الأمر أن أنجل لديه مشكلة في محاولة التعبير عن نفسه، بل إنه فقط... بلا روح. لا توجد طريقة أخرى لقول ذلك، تعبيره الباهت الدائم جنباً إلى جنب مع سلوكه البارد لا يجذب أحداً نحوه على الإطلاق. ليس وكأنه يهتم بتكوين صداقات جديدة أو حتى يهتم بأي شيء، ولا حتى طريقة لباسه. لا يهم أن سترته الجلدية السوداء تبدو الأروع، أو أن بشرته السمراء وشعره متوسط الطول هو نوع الأسلوب الذي يمكن أن يجذب بعض الفتيات. أنجل ببساطة لا يريد هذا الاهتمام، أو حتى لا يريد الذهاب إلى المدرسة. خذوا صف أنجل الأول على سبيل المثال.
        دق الجرس
        "حسناً أيها الجميع،" قال المعلم، "حان وقت كسر الجليد! في مجموعاتكم المكونة من أربعة أشخاص، قدموا أنفسكم واذكروا شيئين فعلتموهما خلال الصيف."
        كان أنجل آخر من يتحدث، وأطلق تنهيدة كبيرة قبل أن يتكلم بأقل عدد ممكن من الكلمات. "مرحباً. أنا أنجل، ولم أفعل شيئاً هذا الصيف لذا لا أستطيع أن أقول شيئين." بالنظر إلى أن زملاء الطاولة الثلاثة الآخرين قدموا إجابات مطولة وحتى أجروا حديثاً قصيراً منها، تفاجأ الجميع بمدى قصر إجابته وارتبكوا بشأن كيفية الرد بعد ذلك. لذا لم يفعلوا، رأوا النظرة في عينيه وعرفوا أنه لن يهتم بما يكفي للمتابعة أو بدء محادثة.
        هل تعرف تلك اللحظة عندما يكون هناك صمت محرج في انتظار انتهاء كل مجموعة أخرى؟ تلك اللحظة حلت على مجموعة أنجل لبقية جلسة كسر الجليد تلك.
        ليس مبالغة عندما يقال إن وجه أنجل الباهت وغير المهتم كان ملتصقاً به طوال اليوم. ناهيك عن أنه ينظر إلى الأسفل دائماً، لذا خلال الغداء، لم ير قط الناس يتقاتلون على مقدمة طابور الغداء، والمجموعات القليلة من الناس التي تنظر إلى مدى روعة تصميم سترته، وتلك الفتاة الجالسة بالقرب من فصل دراسي بمفردها.
        الشيء المحزن بشأن أنجل وشخصيته الباردة هو أنه لم يكن هكذا قبل سنوات قليلة. عندما كان طفلاً، كان دائماً محبوباً من قبل عائلته لكونه الطفل اللطيف والسعيد. كان وكأنه تجسيد لاسم الدلع الخاص به، كان ملاكاً (أنجل). لم يسبب أي مشاكل قط، كان دائماً يريد لعب الألعاب ويرقص عشوائياً على أي موسيقى.
        كان أيضاً مغرماً جداً بابنة عمه الكبرى، روزالينا، أو روزا للاختصار، وكانت روزا مغرمة جداً بأنجل أيضاً حتى أنها سرعان ما أصبحت جزءاً من حياته منذ ولادته. كانت علاقتهما وثيقة جداً لدرجة أنه إذا كان على أي شخص أن يتولى دور والدة أنجل، فستكون روزا بلا شك. ومفاجأة: هذا ما حدث بالفعل. قد تظن أن أنجل سيكون بخير مع تولي روزا رعايته من الناحية القانونية، لكنه ليس كذلك. قد يكون السبب في هذا هو الأكثر وضوحاً، ولكن لأي شخص لا يزال يتساءل، هناك دليل على ما حدث بعد يوم أنجل الأول في المدرسة.
        لقد مر باليوم الأول من المدرسة وتم اصطحابه من حيث قالت روزا. "مرحباً! كيف كانت المدرسة؟" سألت روزا بحماس، متمنية دائماً إجابة مختلفة.
        "بخير،" أجاب أنجل ببعض الانزعاج.
        "بخير بمعنى...؟"
        "إنه اليوم الأول، لا يفترض أن يحدث أي شيء."
        "أنا... أعتقد أن هذا منطقي، لكن مهلاً، لقد وضعت قدماً بالفعل في الباب الآن، كل الأجزاء الجيدة في المدرسة الثانوية ستأتي على مدار العام. حدث ذلك معي لذا يجب أن يحدث معك."
        "نعم، أعتقد ذلك..." قال أنجل بنبرة مختلفة قليلاً. تمكنت روزا من ملاحظة ذلك لأنها عرفت ما هو هذا اليوم أيضاً.
        "انظر يا أنجل، أنا أعرف تماماً مثلك ما هو هذا اليوم. وأنا آسفة لأنني حاولت دفع ذلك بعيداً، أردت فقط أن تقدر نفسك وأنت تصل إلى هذا الحد في تعليمك لأنني أعرف أن والدتك--"
        "ليس الأمر عن ذلك. هل يمكننا أن نذهب إلى المنزل الآن؟" أجاب أنجل فجأة.
        "...حسناً."
        كانت رحلة السيارة إلى المنزل صامتة.
        دخل أنجل غرفته واستلقى على سريره فوراً. كان لديه بعض إطارات الصور على طاولته الجانبية لكنه التقط واحدة لها معنى خاص لينظر إليها عن كثب...
        "عيد ميلاد سعيد يا أمي."
        
        
        
        
        
        
        
        
        
        الجمعة، 18 أغسطس
        
        كانت حصة مارسي في الفترة الرابعة، قبل الغداء مباشرة، هي الجبر. كان لا يزال الأسبوع الأول، لكن الدروس بدأت بعد اليوم الأول. لذلك لإنهاء الأسبوع، أعد المعلم، السيد جونسون، اختباراً مفاجئاً غطى الدروس الثلاثة الماضية.
        
        وكما هو متوقع، صُدم الجميع بوجود اختبار مفاجئ. على الأقل لن يستغرق كل وقت الحصة، وهذا أمر جيد أو سيئ حسب رؤية المرء له، لأن ذلك يعني أن هناك درساً آخر سيتبع هذا الاختبار.
        
        الاثنين، 21 أغسطس
        
        "حسناً يا صف، أتمنى أن تكونوا قد قضيتم عطلة نهاية أسبوع رائعة، فقد قضيت أنا عطلتي في تصحيح جميع واجباتكم المنزلية واختباراتكم المفاجئة،" قال السيد جونسون، "ويمكنني القول إن معظمكم أبلوا بلاءً حسناً جداً! لذا بينما تسلمون جميعاً واجبات يوم الجمعة الماضي، سأوزع عليكم اختباراتكم لتروا مدى أدائكم."
        
        حصلت مارسي على اختبارها بعد بضع دقائق، لكن شيئاً ما كان مختلفاً في اختبارها. كان هناك مصاصة ملصقة على ظهر الورقة. من الواضح أنها كانت مرتبكة بعض الشيء، فشرح السيد جونسون. "أنا أقدم المصاصات لأي شخص يحصل على درجة كاملة في أي نوع من الاختبارات، وكما ترون أنتم الوحيدون الذين حصلوا على 100% في اختباري. عمل رائع يا مارسي!"
        
        "أوه، شكـ... شكراً!" قالت مارسي وهي لا تزال متفاجئة.
        
        "أوه، يا له من توقيت مناسب،" قال السيد جونسون وهو ينظر إلى الاختبار التالي في الكومة، ثم إلى الشخص الجالس أمام مارسي، "ستارلا، إليكِ اختباركِ."
        
        "شكراً،" قالت ستارلا وهي تنظر إلى الاختبار باشمئزاز لأنها أخطأت في سؤال واحد.
        
        لم تكن مارسي تعلم أن ستارلا استمعت إلى التسلسل الكامل الذي حدث خلفها، والأهم من ذلك الجزء الذي حصلت فيه على 100. قبل أن يدق جرس الغداء، كشفت ستارلا الأمر بينما كانت تتحدث إلى صديقتها المقربة (وصديقها).
        
        "صفر؟! يا سي جاي، كيف بحق الجحيم فعلت ذلك؟"
        
        "يا رجل توقفي، يا سلينا، لا شيء من هذا الهراء منطقي بالنسبة لي!" قال سي جاي بانزعاج.
        
        "حتى بعد عام واحد من أخذ نفس هذا الصف بالذات؟ أنت الطالب الوحيد في الصف الثاني في هذا الصف!" قالت سلينا وهي تضحك.
        
        "بجانبك أنتِ وستارلا. يا رجل، إنه هراء كيف أننا الوحيدون الذين رسبوا في الصف العام الماضي."
        
        "لكي نكون منصفين، كيف أمسكت بنا السيدة لي ونحن نغش بعد أن أجرينا الاختبار النهائي سيظل دائماً لغزاً..." تدخلت ستارلا.
        
        "لقد أصبتِ،" قال سي جاي الآن مكتئباً، "يا رجل، أنا في ورطة كبيرة. لا أريد أن أُطرد من الفريق بسبب رسوبي في هذا الصف الغبي."
        
        "وكذلك كل صف آخر لديك؟" داودت سلينا.
        
        "حبيبتي، اصمتي..."
        
        "حسناً... أعتقد أن هذا هو الوقت المثالي لقول هذا، أيها الشباب، هل ترون تلك الفتاة قرب الباب التي ترتدي نظارات؟" قالت ستارلا وهي تشير إلى مارسي.
        
        "أعتقد ذلك، نعم، ما بها؟" سألت سلينا.
        
        "إنها تجلس خلفي، وسمعت السيد جونسون يقول إنها الوحيدة التي حصلت على مائة في ذلك الاختبار!"
        
        "يا إلهي، إذن هي الوحيدة التي عرفت إجابة السؤال الأخير الذي فشل فيه الجميع؟"
        
        "نعم، وأنت تعلم كيف أن الواجب المنزلي يعتمد على الدقة؟"
        
        "هممم... أعتقد أن هذا كان مجرد شيء خاص بالسيدة لي، لقد كانت صارمة جداً بدون سبب."
        
        "حسناً، لا نعرف بعد مع السيد جونسون، لكن ما نعرفه هو سياسته بشأن التأخير في المنهج. لذا دعنا نجعلها تقوم بواجبنا المنزلي لنا على أي حال. بالإضافة إلى سي جاي، إنها خطوة واحدة فقط نحو أن ترى صغيرتك تشجعك وأنت تسجل لمسات الهبوط مرة أخرى." اقترحت ستارلا وهي تداعب سلينا.
        
        "سياسة التأخير! أوه، يا رجل..." قال سي جاي مبتسماً كعاشق صغير لسلينا، "أي شيء لأراكِ تهتفين لي وأنا أفوز... حسناً، لنذهب لنتحدث معها."
        يدق جرس الغداء
        
        
        
        
        
        
        الجمعة، 18 أغسطس
        
        كانت مارسي تتجول في الممرات قبل أن تجد مكانها المعتاد للجلوس قبل أن يفاجئها ثلاثة أفراد بالاقتراب منها من الأمام، وهم ستارلا وسيلينا وسي جاي. كانت مارسي خجولة بالفعل، فتراجعت خطوة للوراء. "أوه لا لا لا، لن نؤذيك يا مارسي،" قالت ستارلا وهي ترى مارسي مرتبكة بشأن كيف عرفت اسمها، "هل تتذكرينني؟ أنا التي تجلس أمامك في حصة الجبر؟"
        
        "نـ... نعم..." قالت مارسي، وهي لا تزال مرتبكة بعض الشيء.
        
        "تعالي، دعونا نقدم أنفسنا، أنا ستارلا مينديز، وهذان الاثنان معنا في نفس الفصل أيضاً. هذه صديقتي المقربة، سيلينا ميتشل، وهذا صديق سيلينا، سي جاي مايكلز."
        
        "مرحباً..." قالت مارسي بهدوء وهي تلوح قليلاً.
        
        "حسناً الآن بعد أن عرفتِنا أفضل قليلاً، نحن هنا لأننا نحتاج بعض المساعدة منكِ..."
        
        "أوه، حسناً أم... كيف يمكنني مساعدتك؟"
        
        وبصوت واحد، سألوا جميعاً: "هل يمكننا أن نرى واجبك المنزلي من يوم الجمعة الماضي؟"
        
        كان هذا بالطبع طلباً كبيراً، خاصة عندما بدأت للتو في التحدث مع هؤلاء الأشخاص وما زلتِ مصدومة من المفاجأة.
        
        "أم... هل يمكنني أن أسأل لماذا؟" ردت مارسي، لا تزال مصدومة من ذلك السؤال الوحيد.
        
        "حسناً ترين، نحن جميعاً رياضيون!" أوضحت ستارلا، "سيلينا مشجعة، وسي جاي لاعب نجم في فريق كرة القدم بالمدرسة، وأنا..." أدركت الكذبة الصغيرة التي وقعت فيها لأن ستارلا لا تمارس أي رياضة... ستارلا هي فقط الفتاة الشعبية التي تفوز في كل انتخابات الطلاب، لكن هذا ليس مهماً هنا.
        
        "كرة الطائرة!" صرخت سيلينا فجأة لتغطية على ستارلا، "إنها تمارس الكرة الطائرة، لا بد أنها نسيت ذلك بعد أن أصابتها الكرة في الرأس الأسبوع الماضي، أليس كذلك يا ستارلا؟!" قالت الآن وهي تجبر نفسها على الضحك.
        
        "نعم... ههه، بالتأكيد... لكن على أي حال، بدأنا ننغمس كثيراً في أنشطتنا لدرجة أنه سيكون من الصعب الموازنة بين ذلك والدراسة. خاصة وأننا نحب ما نقوم به، ونأمل أن ننتقل إلى مستوى أعلى بشيء نهتم به، هل تفهمين؟" أوضحت ستارلا.
        
        "أنا لا أمارس الرياضة، لكنني أعتقد أنني أفهم..." ردت مارسي.
        
        "أليس كذلك؟ ونحن لا نطلب منك فعل هذا لأي من فصولنا الأخرى، فقط لهذا الفصل. لذا من فضلك؟"
        
        عرفت مارسي الصواب من الخطأ، لكن الطريقة التي كانت بها ستارلا لطيفة جداً، سواء في طريقة حديثها أو طلبها. وحتى لو كان تعبيرها يبدو إلى حد ما وكأنها تبتسم بشكل مبالغ فيه كطفل يغطي خطأ أمام والديه، إلا أنها هي والاثنان الآخران بداوا صادقين بما فيه الكفاية.
        
        ولكن الأهم من ذلك، هل ستصبح صديقة لهما بالفعل إذا فعلت هذا؟ مرت هذه الفكرة في رأس مارسي وتركتها في النهاية لتكون العامل الحاسم في ما ستفعله بعد ذلك...
        
        وبينما كانت تمد يدها في حقيبتها، وجدت مارسي الواجب المنزلي الذي كان مستحقاً يوم الجمعة الماضي. أعطت الورقة ببطء لستارلا وشاهدتها هي والاثنان الآخران يبتهجون.
        
        "شكراً جزيلاً لكِ يا مارسي! أنتِ حقاً على وشك إنقاذنا من بعض المتاعب." قالت سيلينا وهي تبدو ممتنة.
        
        "وخاصة أنا!" قال سي جاي بفخر، "أنتِ الآن تنقذين مسيرتي المهنية، لذا شكراً لكِ، شكراً لكِ، شكراً لكِ!"
        
        "عـ... عفواً..." قالت مارسي، وهي تحمر خجلاً من هذا الثناء، "وعفواً أيضاً لكِ وكرة الطائرة أفترض..." تابعت مع ستارلا.
        
        "أوه!... أمم، نعم، ممتنة جداً!" قالت ستارلا متفاجئة بأنها ذكرتها، "ربما يجب أن نذهب الآن، لدي حملة لأديرها وأشعر بالعطش."
        
        "نعم، أعرف ما تعنيه..." قالت سيلينا بابتسامة ماكرة.
        
        "... ... ... شكراً مرة أخرى يا مارسي، نراكِ في الصف غداً!" قالت ستارلا قبل أن تسحب سيلينا وسي جاي بحرج.
        
        "نعم، أراكم يا رفاق!" قالت مارسي بثقة أكبر قليلاً، ربما لأنها شعرت أنها أجرت محادثة بنجاح دون أن تكون محرجة.
        
        ملاحظة جانبية مهمة، مارسي لم تسأل لماذا الآن لأنها تعرف أيضاً عن سياسة التأخير.
        
        سياسة التأخير للسيد جونسون هي أساساً أن الطلاب يحصلون على يومين إضافيين لتسليم الواجبات المنزلية قبل تطبيق خصومات التأخير. لذا إذا كان شيء ما مستحقاً غداً، فإنه في الواقع مستحق بعد يومي دراسة من غد. لكن لا أحد يحب أن يكون متأخراً بأيام طوال الوقت... إلا إذا كان شخص ما لا يهتم لأنه ليس سوى رياضي يائس... سيفعل كل ما يلزم للتمسك بمكانته كـ "ظاهرة المدرسة الثانوية" هذه.
        
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء