نوفيلا الكتاب الملعون
نوفيلا الكتاب الملعون
2025,
فانتازيا
مجانا
تدور احداث نوفيلا "الكتاب الملعون" عن ليانا، الفتاة الشابة التي تجد نفسها محاصرة في عالم من السحر المظلم بعد أن تعثر على كتاب قديم يحمل قوى هائلة. الكتاب ليس مجرد أداة سحرية، بل هو بوابة لعوالم أخرى، ويجب على ليانا مواجهة تهديدات مظلمة لا تقتصر على الكتاب نفسه، بل تمتد لتشمل مصيرها. في صراعها لاختيار طريقها، تكتشف أن قوتها تكمن في اتخاذ القرار الصحيح مهما كانت التحديات.
ليانا
....
نوفيلا الكتاب الملعون بقلم مديحة ممدوح عارف الإهداء إلى كل من يجرؤ على الغوص في أعماق المجهول، إلى أولئك الذين يسعون وراء الحقيقة حتى وإن كانت مرعبة، أهديكم هذه النوفيلا. "الكتاب الملعون" ليس مجرد حكاية عن السحر والظلام، بل هو دعوة للوقوف أمام أعمق مخاوفنا، وصراع داخلي لا ينتهي بين الضوء والظلال. في صفحات هذا الكتاب ستجدون ليانا، الفتاة التي حملت على عاتقها إرثاً من القوة والمصير المظلم. مع كل كلمة، مع كل لحظة، ستكتشفون أن السحر ليس مجرد قوة، بل هو اختبار للروح، وقرار نواجهه جميعاً: هل نختار الاستسلام أم نختار الصمود؟ فلتكن هذه النوفيلا مرشدًا لكم في رحلة من الغموض، والتشويق، والمخاطر التي تكمن خلف كل زاوية. ومع كل خطوة تخطوها في عالم "الكتاب الملعون"، تذكروا أن الخيارات التي نختارها تحدد مصيرنا، وأن الظلام أحيانًا لا يكون سوى وجه آخر للضوء. المقدمة أكبر معركة يخوضها الإنسان ليست مع القوى التي تحيط به، بل مع نفسه، مع اختياراته، ومع ما يعتقده عن القوة والمصير. كانت السماء ملبدة بالغيوم الثقيلة، وكأنها تحبس المطر كدموعٍ ثقيلة تنتظر أن تسقط. القرية الصغيرة بدت وكأنها عالقة بين اليقظة والكابوس، أجراسها تُدق بصوت متقطع ومخيف، تتخلله أصوات الرياح وهي تصفر كأنها أرواح تائهة بين أعمدة المنازل الخشبية القديمة. "ليانا"، فتاة ذات شعر داكن يتماوج كألسنة دخان في عاصفة، كانت واقفة أمام أطلال منزلها المحترق. قدماها عاريتان مغبرتان، وملابسها ممزقة تفوح منها رائحة الدخان. كان المشهد أشبه بلوحة مرسومة من الألم. الحجارة المتفحمة تناثرت حولها، والدخان ما زال يتصاعد في خيوط رمادية كثيفة، وكأنه يروي الحكاية المأساوية التي شهدها هذا المكان قبل ساعات فقط. حاولت أن تتنفس، لكن الهواء كان خانقًا؛ ليس بسبب الدخان فقط، بل بسبب الخسارة. في كل زاوية من هذا الدمار كانت وجوه عائلتها تلوح أمامها، مبتسمة كما كانت دائمًا، لكنها الآن اختفت إلى الأبد، مدفونة تحت هذا الليل الذي لا نهاية له. كانت تبلغ من العمر عشرة أعوام فقط، لكنها شعرت وكأنها تعيش في جسد عجوز هرِم، أنهكه الحزن. تلك الليلة كانت محفورة في ذاكرتها بأدق تفاصيلها: صرخات متقطعة قادمة من المنازل المجاورة، الهمسات السحرية التي صدرت من الظلال الغريبة بين الأشجار، والضوء الأحمر المخيف الذي اخترق ظلام الليل قبل أن يلتهم كل شيء. ………………………………… وسط هذا الركام، وبينما كانت قدماها تجرّانها بلا هدف، لفت نظرها شيء صغير يبرز من بين الحجارة المتفحمة. كانت لوحًا خشبيًا من أرضية المنزل قد انفلق بفعل الحرارة، وتحته، ظهر غلاف كتاب غريب، مغطى بالرماد. عيناها اتسعتا بذهول وهي تنحني لتلتقطه. كان الكتاب ثقيلًا على نحو غريب، غلافه الجلدي يحمل رموزًا محفورة بدقة، رموزًا بلغة غامضة لم ترها من قبل. وعلى الفور، شعرت وكأن أصابعها تلتصق به، وكأنه كان ينتظرها طوال هذا الوقت. كان هناك شيء غامض فيه، شعورٌ يشبه نداءً صامتًا يتردد في أعماقها. ………………………………….. "ليانا!" كان الصوت مألوفًا ومليئًا بالقلق. استدارت ببطء لتجد "ريو"، صديق طفولتها، يركض نحوها. وجهه كان شاحبًا، وعيونه تتأرجح بين الخوف والذهول. وقف أمامها، يلهث بشدة، ويده تشير إلى الدمار حولها. "هذا ليس مكانًا آمنًا. علينا أن نرحل الآن!" قال بصوت مرتجف. لكن ليانا لم ترد. عيناها كانتا مثبتتين على الكتاب، و يديها تضمانه إلى صدرها كما لو كان كنزها الأخير. شعرت وكأن الكلمات التي نطق بها ريو لم تصل إليها، وكأنها محجوبة عن العالم الخارجي. ……………………. مرت الدقائق ثقيلة قبل أن تستجيب ليانا لصوت ريو الذي جرّها من ذراعها وأخذها بعيدًا عن المكان. كان الجو مثقلًا بالصمت، لكن داخلها كان يعج بالأسئلة. من أين جاء هذا الكتاب؟ ولماذا كانت عائلتها الضحية الوحيدة لتلك الكارثة؟ وبينما كانت تتبع خطوات ريو بلا وعي، كانت تعرف في قرارة نفسها أن هذا الكتاب يحمل الإجابة، وأنه سيكون المفتاح لحياة لن تشبه حياتها القديمة أبدًا. على مدى الأيام التالية، كان الكتاب الغامض رفيقها الوحيد. تقلب صفحاته دون أن تفهم محتواها، لكنها شعرت وكأنه يهمس لها أشياء، أشياءً لم تكن قادرة على تفسيرها، لكنها كانت واثقة أن ما حدث في تلك الليلة لم يكن مجرد مصادفة. …………………………….. مرّت السنوات ببطء، لكنها لم تحمل معها إلا العذاب. ليانا كبرت في مدينة مزدحمة بعيدًا عن قريتها. عملت في كل شيء لتبقى على قيد الحياة: غسل الصحون في الحانات المظلمة، سرقة العملات من جيوب المارة في الأسواق، وأحيانًا النوم في الأزقة الباردة تحت رحمة النجوم الغائبة. رغم ذلك، لم يتركها الكتاب يومًا. كان معها دائمًا، مخبأً في حقيبة قديمة، كأنه ظلها الذي يرفض الرحيل. ومع كل ليلة كانت تنظر إليه، كانت تشعر بأن داخله شيء ينتظرها، شيء يغلي في أعماقه، ويغلى في أعماقها أيضًا. ……………………….. كانت ليلة باردة في أزقة المدينة، وليانا تجلس أمام نار صغيرة جمعتها من بقايا الخشب. كانت تفرك يديها لتتدفأ عندما سمعت صوت خطوات هادئة تقترب. رفعت عينيها بحذر لتجد أمامها رجلًا غريبًا. كان يرتدي رداءً أسود طويلًا، وعيناه الهادئتان تلمعان بشكل غير طبيعي في ضوء النار. "أنت تبحثين عن السر، أليس كذلك؟" قالها الرجل بصوت منخفض وهادئ، لكنه يحمل وزنًا ثقيلًا. نظرت إليه ليانا بحدة، ويدها تتحسس الخنجر الصغير في جيبها. "من أنت؟ وكيف تعرفني؟" ابتسم الرجل بخفة، وقال بصوت هادئ لكنه مليء بالثقة: "اسمي كيرا، وأعرف عنك أكثر مما تتخيلين. رأيت الليلة التي احترق فيها منزلك، ورأيت الكتاب الذي تحرصين عليه. إذا كنت تريدين معرفة الحقيقة، إذا كنت تريدين القوة... فعليك أن تتبعيني." كانت كلمات كيرا كالسهم في قلبها. رغم شكوكها و شعورها بالخطر، كان هناك شيء في داخلها يشدّها. ربما كان خوفها، أو فضولها، أو ذلك النداء الغريب الذي شعرت به يوم أمسكت الكتاب للمرة الأولى. وقفت ليانا دون أن تنطق بكلمة، وتبعت كيرا إلى المجهول. قاد كيرا ليانا عبر ممرات ضيقة وشوارع لا تعرفها، حتى انتهى بهما المطاف خارج المدينة. الطريق كان يمتد نحو غابة كثيفة مظلمة، حيث بدأ العالم وكأنه يتقلص إلى ظلال متراقصة بفعل الرياح الباردة. شعرت ليانا بوخز غريب في جسدها كلما خطت خطوة نحو الداخل، وكأن الغابة نفسها تنظر إليها بعينين خفيتين. "إلى أين تأخذني؟" قالتها ليانا بحذر، ويديها تضمان حقيبتها بشدة. "إلى شخص يعرف الحقيقة. شخص يمكنه أن يُريَكِ ما لم يُرَ بعد." أجابها كيرا دون أن يلتفت إليها، وكأنما كانت الغابة تتحدث معه وتوجهه. بعد ساعات من السير في صمت، ظهرت أمامهما أطلال برج مهجور، يعلوه طوق من الضباب الذي بدا وكأنه ينبض بالحياة. كان البرج ضخمًا، جدرانه القديمة متآكلة من أثر الزمن، لكن رموزًا محفورة على حجارته كانت تلمع بخفوت تحت ضوء القمر. "من يعيش هنا؟" قالتها ليانا بصوت مرتعش. "داريوس، المعلم المنفي. الوحيد الذي يستطيع فك ألغاز هذا الكتاب." داخل البرج كان الجو كثيفًا ومشحونًا بطاقة غريبة، وكأن الجدران تخبئ داخلها أرواحًا لا ترى. ظهر أمامهما رجل عجوز جالس على كرسي خشبي متهالك، شعره الأبيض الطويل ينحدر على كتفيه، وعيناه الزرقاوان تخترقان الظلام كالشعلة. "لماذا أتيت بها إلى هنا، كيرا؟" قالها داريوس بنبرة حملت مزيجًا من الغضب والحزن. "لأنها بحاجة إلى إجابات، وأنت الوحيد الذي يملكها." قالها كيرا بثقة وهو يشير إلى ليانا. داريوس حدق في ليانا طويلاً، وكأنما كان يقرأ كل ما مرت به. أخيرًا قال: "الكتاب الذي تحملينه ليس مجرد كتاب. إنه لعنة. لعنة صنعتها قوى أقدم من البشر أنفسهم. إذا اخترتِ السير في طريقه، فلن تكون هناك عودة." تقدمت ليانا بخطوة، عيناها تلمعان بالغضب والعزم: "إذا كان هذا الكتاب هو مفتاح الحقيقة، فأنا مستعدة. علمني كل ما لا أعرفه لقد فقدت عائلتي فى ليلة وضحاها واعتقد هذا الكتاب هو سبب خسارتي لعائلتي وافق داريوس على مضض أن يدرب ليانا، لكنه حذرها من البداية: "السحر ليس قوة عادية. إنه يستهلكك ببطء. وإذا كنتِ تحاولين الانتقام، فاعلمي أن الانتقام ثمنه دائمًا أغلى مما تتصورين." بدأت ليانا تدريباتها تحت إشراف داريوس. كانت جلسات التدريب مرهقة وخطيرة، حيث كان السحر في داخلها يخرج بعنف يفوق ما توقعه داريوس. في إحدى المرات، بينما كانت تتعلم استدعاء طاقة بسيطة، انفجرت القوة من يديها، محطمة الجدران القديمة من حولها وكادت تودي بحياة كيرا الذي كان يراقب من بعيد. "هذا ليس طبيعيًا"، قالها داريوس بحذر في إحدى الليالي. "هناك شيء مظلم في داخلك، شيء مرتبط بالكتاب." …………………………… بدأت ليانا في دراسة الكتاب بتمعن أكثر. كل صفحة كانت تحمل رموزًا ولغات غير مفهومة، لكنها شعرت بأنها مألوفة بطريقة ما. مع الوقت، بدأت ترى رؤى غريبة كلما حدقت في الصفحات لفترة طويلة: وجوه مظلمة، طقوس سحرية قديمة، وأصوات تهمس باسمها. أدركت لاحقًا أن الكتاب ليس مجرد تعاويذ، بل هو أشبه بخريطة. خريطة لعالم مخفي مليء بالأرواح والطاقة الغامضة. داريوس أخبرها أن الكتاب كان ملكًا لجماعة سحرية تُعرف باسم "أخوية الليل"، جماعة دمرت كل شيء في طريقها بحثًا عن القوة المطلقة. لكن الصدمة الكبرى جاءت عندما اكتشفت أن والدها كان يومًا عضوًا في هذه الأخوية، وأنه سرق الكتاب وهرب به في محاولة لتدميرهم. …………………………… قررت ليانا مواجهة الأخوية، لكنها كانت بحاجة إلى قوة أكبر وإجابات أعمق. انطلقت مع داريوس وكيرا و"ريو"، الذي انضم إليهم رغم خوفه، في رحلة للعثور على أطلال قديمة يُقال إنها تحمل أسرارًا عن الأخوية. في الطريق، واجهت المجموعة مخاطر غير متوقعة: مخلوقات روحانية حارسة للطريق، معارك مع أتباع الأخوية، وأهوال من رؤى الماضي التي كادت تلتهم عقولهم. عند وصولهم إلى الأطلال، اكتشفت ليانا أن والدها لم يكن مجرد عضو عادي في الأخوية، بل كان أحد أعمدتها الرئيسية. تركها هذا الاكتشاف في صراع داخلي كبير: هل كان والدها ضحية أم جلادًا؟ المعركة الأخيرة كانت داخل معبد قديم مغمور بالطاقة السحرية. وقفت ليانا أمام قائد الأخوية، رجل بعينين تشتعلان بسحر أحمر قاتم، وقوة تشبه العاصفة. "أنتِ تشبهين والدكِ كثيرًا، ضعيفة وبلا أمل." قالها القائد بسخرية وهو يقترب منها. لكن ليانا لم تكن تلك الطفلة التي فقدت كل شيء. باستخدام كل ما تعلمته، استدعت قوة الكتاب، لكن الأمر لم يكن سهلًا. القوة التي استخدمتها كادت تستهلكها بالكامل، وجعلتها ترى أجزاءً من روحها تتلاشى في الظلام. في اللحظة الأخيرة، ظهرت روح والدها، مُحذرة إياها من أن تكرر نفس أخطائه. بتوجيه من والدها، كانت ليانا قد اقتربت من هزيمة القائد وإنهاء سيطرة الأخوية على الكتاب.لكنه استطاع الهرب كانت المعركة على أشدها، والأجواء مليئة بطاقة سحرية غير مسبوقة. كانت ليانا في مواجهة قائد الأخوية، هذا الكائن الذي بدا وكأنه لا ينتمي إلى هذا العالم. عيون القائد، التي تشتعلان بسحر أحمر قاتم، كانت تتنقل بينها وبين الكتاب الذي كانت تحمله بقوة، وكأن الكتاب نفسه يعترف بأن ليانا هي الوريثة الوحيدة لقوته المدمرة. "أنتِ لا تستطيعين الفوز، ليانا"، قالها القائد، بصوت عميق ومتهكم. "هذا الكتاب سيستهلكك. كما استهلكني من قبلك، سيأخذ منك كل شيء." لكن ليانا لم تتراجع. على العكس، شعرت بأنها تملك قوة لا مثيل لها، قوة كانت تنتظر هذه اللحظة منذ أن فقدت عائلتها في تلك الليلة المظلمة. ابتسمت، وأغمضت عينيها، مدفوعةً بالعزم والإصرار. استخدمت كل ما تعلمته، كل ما اكتسبته من سحرٍ مظلمٍ ونورٍ قديم، وأطلقت صاعقة سحرية ضخمة نحو القائد. لكن شيئًا غير متوقع حدث. في لحظة الهجوم، كانت الطاقة السحرية التي تجمعها قديمة جدًا وقوية بشكل يفوق قدرتها على التحكم. انفجرت في الهواء، محدثةً دوامة سحرية عارمة. كادت أن تبتلع كل شيء في محيطها، بما في ذلك ليانا نفسها. فجأة، ومع تدفق الطاقة الكارثية، ظهر والدها أمامها. كانت روحه قد انتقلت بالفعل، ولكن لم يكن قد رحل تمامًا. كان يظهر أمامها الآن في لحظة مفصلية، محاولًا أن يمنعها من تكرار الأخطاء التي وقع فيها. "ليانا، توقفي!" صرخ والدها، وصوته يتردد في الأرجاء. "القوة التي تمتلكينها قد تكون نهايتك. لا تضحي بنفسك كما فعلت أنا!" كان والدها قد فهم الآن المدى الرهيب للكتاب، وما كان يمكن أن يفعله به. فقد كان هو من سرق الكتاب في البداية، ولكن لم يكن يعلم حقًا مدى تأثيره عليه حتى أصبح جزءًا منه. في اللحظة التي أدركت فيها ليانا تحذير والدها، كان القائد قد استغل ضعفها. استخدم قوة الكتاب للانقضاض عليها، واستطاع أن يخترق سحرها بينما كانت مشوشة. وفي تلك اللحظة الحاسمة، دفع القائد بكل قوته ليفتح بوابة سحرية ضخمة، لتبتلع كل شيء في محيطها. لكن ليانا لم تكتفِ بالاستسلام. بينما كانت قوته تستهلكها، استخدمت آخر ما تبقى لها من قوة لتغلق البوابة، محبطةً بذلك محاولات القائد للاستيلاء على الكتاب بشكل نهائي. ومع تلك اللحظة الفاصلة، وقع القائد في مصيدة السحر التي كانت قد أعدتها له. ومع أن ليانا استطاعت كسر طوق القوة الذي كان يسيطر عليها، إلا أن الهجوم كان قد أصابها في مقتل. مع سقوط القائد، كانت روح الكتاب قد ابتلعت جزءًا آخر من ليانا، ليصبح المصير لا مفر منه. لكنها كانت تعلم أن الخطر الأكبر قد زال. مع هروب القائد، كان الكتاب قد استعاد بعض من قوته المظلمة، مما يعني أن المراحل القادمة لن تكون سهلة. لقد تركت وراءها في سعيها نحو الانتقام والعدالة جزءًا من روحها، لكن لم تكتمل المعركة. مع الهروب المفاجئ للقائد واحتباسه داخل سجنٍ سحريٍ، خيم الصمت الثقيل على ساحة المعركة. اختفت طاقة المعركة تمامًا، وعمّ الظلام حول ليانا، إلا أن الكتاب في يدها كان ينبض بحياةٍ غريبة، وكأن روحه تمتزج مع روحها في معركةٍ خفية. كانت آثار الطوفان السحري واضحة على جسدها، حيث شعرت وكأن الأوجاع تنتقل من داخلها إلى قلبها، كأنها تحمل عبئًا لا يمكن تحمله. ورغم أن القائد قد هرب، لم يكن الخطر قد انتهى. كان الكتاب قد استعاد جزءًا من قوته المظلمة، وهو ما يعني أن هناك تهديدًا قادمًا، تهديدًا قد يكون أكثر فتكًا من قبل. عادت ليانا منهكة وظلت مريضة هزيلة الفراش فقدت قوتها فى تلك المعركة وبعد عدة أيام اجتاحت رياح قوية منزلها حطمت عليها جدران المنزل اسقطتها ارضا وبينما كانت ليانا تنهض بصعوبة، تستشعر الآلام التي تشق جسدها، انفجر فجأة شعاع سحري أسود في السماء. تجمدت في مكانها، قلبها ينبض بسرعة، وعينيها تتسعان من الهلع. كان القائد قد عاد، ولكن هذه المرة لم يكن وحيدًا. ظهرت أمامها صورة مرعبة للقائد وهو يلوح بيديه، ممسكًا بقوة ظلامية أفظع من قبل. بدت عيناه وكأنها مليئة بالغضب، وكل جزء من جسده مشحون بطاقة سحرية قاتمة. مع عودة قوته، أصبح أكثر قوة وفتكًا، وظهرت حوله دوامات من الظلال. "ظننتِ أنكِ قد هزمتني؟" قالها القائد بصوت خشن، يتخلله ضحكة شنيعة. "أنا لم أهرب، بل كنت أترقب لحظة عودتي. والآن، سأستعيد الكتاب، وأخذ كل ما بقي منكِ!" عادت الظلال لتلتف حول ليانا، وكانت أقوى من أي وقت مضى، مما جعلها تكاد لا تستطيع التنفس. كان القائد قد فهم الآن كيفية استعادة طاقته، وكان قد جمع حوله كل القوة التي فقدها، ليتوجه نحو الكتاب، وهو يبتسم بسخرية. بدأت المعركة الثانية، وكانت أكثر قسوة من أي وقت مضى. استخدم القائد كل ما في جعبته من سحر مظلم، بينما كانت ليانا تستنفر ما تبقى لها من قوى سحرية لتدافع عن نفسها. لكن الكتاب، الذي كان في يديها، كان ينبض بقوة غريبة وكأنها تقاوم القائد وتُخفي شيئًا أكبر منها. "أنتِ لا تعرفين قوة هذا الكتاب!" قالها القائد بينما أمسك بيدها وأجبرها على التركيز عليه. "لقد كانت قوتكِ ضعيفة عندما كنتِ وحدك، دون مساعدة والدك لكن الآن... الآن الكتاب سيعود إلى مكانه!" في تلك اللحظة، لم تستطع ليانا مقاومة الزخم المظلم الذي كان يزداد حولها. وجدت نفسها تَغرق في قوة الكتاب المظلمة التي كانت تسيطر عليها. ومع ذلك، في أعماقها، شعرت بشيء غريب، شيء غير مرئي يزداد قوة. لم يكن الكتاب الذي كان بين يديها مجرد أداة سحرية، بل كانت جزءًا منها، من روحها. ……………………………… مع تصاعد الهجوم، كانت ليانا في لحظة ضعيفة، لكنها تذكرت كلمات داريوس: "السحر ليس فقط قوة، إنه اختيار." في اللحظة التي كان القائد على وشك استعادة الكتاب بالكامل، ابتسمت ليانا رغم الألم الذي كان يعتصر جسدها. قالت بصوت هادئ، لكنه مليء بالعزم: "إن كنتَ تريد الكتاب، يجب أن تعرف أنه لن يذهب إلى أي مكان إلا إذا اختار ذلك وفي لحظة مفاجئة، أغلقت عينيها بقوة، وبنغمة من السحر القديم، أطلقت كلمات قديمة من الكتاب نفسه، كلمات كانت قد تعلمتها أثناء تدريبها مع داريوس، كلمات تفتح بوابة سحرية. اندفعت طاقة سحرية من ليانا، واخترقت القائد قبل أن يتمكن من الهجوم مجددًا. كأنما الأرض قد انشقت، وانتشرت دوامة سحرية حوله، مشدودة ومكبلة بأصفاد سحرية من أعماق الكتاب. شعر القائد بالمصير المحتوم يقترب منه بينما كانت الطاقات السحرية تجذبه نحو الكتاب، وهو يحاول مقاومة الاحتجاز. "لا!" صرخ القائد، وهو يقاوم بكل قوته، ولكن لم يكن هناك مهرب. مع اللمسة الأخيرة من طاقة ليانا، انغلق الكتاب حوله بشكل مفاجئ، وابتلعه في داخله كما لو أن الأرض قد ابتلعته تمامًا. صمتٌ ثقيل عمَّ المكان بعد اختفاء القائد في الكتاب. كان الكتاب قد أُغلق مرة أخرى، ولكن لم يكن كما كان من قبل. كانت الروح التي تم حبسها داخله الآن محاصرة إلى الأبد. أخذت ليانا تنهض بتعبٍ، جسدها محطم من المعركة ولكن روحها أقوى من أي وقت مضى. عرفت أنها قد انتصرت، ولكن الثمن كان غاليًا. كانت قد أنقذت نفسها والعالم من تهديد القائد، لكنها كانت قد وضعت نفسها في معركة لا تنتهي أبدًا مع القوة التي لا تزال تنبض في الكتاب. بينما كانت ليانا تستعيد أنفاسها بصعوبة، وتحدق في الكتاب المغلق بين يديها، شعرت ببرودة غريبة تتسرب إلى جسدها، وكأن الجو حولها أصبح ثقيلًا بشكل غير طبيعي. كانت الأرض تهتز ببطء، وكأن العالم نفسه يتنفس بصعوبة. ثم، فجأة، ظهرت أمامها صورة ضبابية، شكل غامض يتلوى في الظلام. "ليانا..." جاء الصوت ضعيفًا في البداية، ثم تصاعد تدريجيًا ليصبح أكثر وضوحًا، ولكن كان مليئًا بالغموض. "لقد أغلقت الكتاب، ولكنكِ لم تحبسي الحقيقة داخله." تجمدت ليانا في مكانها، وشعرت بشيء غريب في قلبها. كانت هناك قوة أخرى تتسرب من الكتاب، قوى أعمق وأكثر ظلامًا، كان لزامًا عليها أن تواجهها. "من أنت؟" همست ليانا، وهي تشعر بالقشعريرة تنتشر في جسدها. "ماذا تريد؟" من داخل الضباب ظهر شكل إنساني غريب. كان يبدو غير واضح تمامًا، كما لو كان يطفو بين الأبعاد، لكن ما كان يميز ذلك الكائن هو العينان اللامعتان التي كانت تلمعان في الظلام، عميقة كما لو كانت تحمل آلاف الأسرار. "أنا الحارس." قالها ذلك الكائن، وكأن صوته ينبعث من أعماق الأرض نفسها. "لقد حُبِسَت قائد قوى الكتاب داخل هذا السجن السحري، لكن لا شيء يبقى محبوسًا إلى الأبد. لقد تمكنتِ من هزيمة القائد، ولكنكِ لن تستطيعين الهروب من عواقب أفعالك." كانت ليانا تشعر بالدماء تتجمد في عروقها. "ما الذي تعنيه؟" سألته بصوت مرتعش. "القوة التي تم حبسها في الكتاب ليست مجرد سحر، بل هي جزء من عالم أوسع وأخطر. لقد أغلقت فصلاً، لكن الكتاب ما يزال يحمل معه مفتاحًا لعالم مفقود." قالها الحارس وهو يقترب منها. بدا أن الكلمات التي قالها كانت تؤثر في ليانا. كانت تعلم أنها لم تكمل معركتها بعد، وأن الكتاب كان يحمل أسرارًا تتجاوز فهمها. لكن قبل أن تتمكن من الرد، انفجر فجأة ضوء أبيض لامع، وشعرت بشيء ثقيل يثقل قلبها. كانت على وشك الانهيار عندما عاد الحارس ليقول: "إذا كنتِ ترغبين في حل اللغز... يجب عليكِ دفع ثمن جديد." ومع تلك الكلمات، اختفى الحارس في سحابة من الظلال، تاركًا ليانا في مواجهة قوى كانت قد ظنَّت أنها قد هزمتها. كان العالم أمامها قد تغير، وكانت الحقيقة قد أصبحت أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. شعرت ليانا بصدمة غامرة وهي تقف هناك، تتنفس بصعوبة، بينما يلفها الظلام من كل جانب. الكلمات التي تركها الحارس ما زالت تتردد في ذهنها: "دفع ثمن جديد." كانت تلك الكلمات بمثابة دقات ساعة تصاعدت في قلبها، وكلما فكرت فيها أكثر، ازدادت الحيرة والقلق. كان الكتاب بين يديها، ثقيلًا كما لم يكن من قبل، وكأن داخله يخفي شيئًا أكبر من مجرد سحر مظلم. كانت تتساءل عن هذا المفتاح الذي ذكره الحارس، وما قد يعنيه ذلك بالنسبة لها. لكن لم يكن هناك وقت للتفكير، حيث شعرَت بتسارع غير متوقع للطاقة داخل الكتاب، وكأن شيئًا يتراكم بداخله. نظرت إلى الكتاب، ووجدت أن سطحه بدأ يلمع، عينيها تلاحق الحروف الغامضة التي كانت تظهر وتختفي على صفحاته. ثم، فجأة، حدث شيء غير متوقع. انفتح الكتاب ببطء، وكأن شيئًا داخله يستيقظ، ينفجر على شكل طاقة هائلة. قوة عظيمة خرجت من الصفحات، تتناثر في الهواء حولها، وتحتل المكان بأسره. شعرت ليانا وكأنها تغرق في دوامة من الطاقة المتلاطمة، ولكنها تمسكت بالكتاب بأيدٍ مرتجفة، محاولةً أن تسيطر على ما يحدث. "ماذا يحدث؟" همست لنفسها، وهي تحاول التركيز على السيطرة على القوة التي لا تستطيع فهمها. وعند تلك اللحظة، حدثت المفاجأة الأكبر. ظهر كائن غريب جديد أمامها، كأنه متجسد من الطاقة نفسها. كان ملامح وجهه غير واضحة، لكنه كان يتألف من طيف من الألوان الزاهية التي كانت تتداخل مع الظلال. كانت عيناه تومضان بظلام غريب، وكأنهما يشعان بالقوة القديمة التي كانت محبوسة في الكتاب. "أنتِ أفسدتِ التوازن..." قالها ذلك الكائن بصوت هادر، وكان صوته يشبه الموجات الصوتية التي تنبعث من أعماق البحر. "لقد أطلقَتِ طاقةً كانت نائمة لأجيال، لكنكِ لستِ مستعدة بعد لمواجهة ما سيأتي." فهمت ليانا أنه ليس مجرد كائن أو روح، بل هو جزء من تلك القوة القديمة التي كانت موجودة في الكتاب. كانت روحًا أعمق من كل ما عرفته. شعرَت بالخوف يتسلل إليها، لكن في الوقت نفسه، كان هناك شعور غريب من الفضول والتحدي. "من أنت؟" سألَت ليانا بصوتٍ خافت، بينما كانت قبضتها تتشبث بالكتاب. "أنا الحارس الحقيقي لهذا الكتاب... ما كنتِ تعتقدين أنه هزيمة، كان مجرد بداية." قالها ذلك الكائن وهو يقترب منها. "سوف تحتاجين إلى قوة أكبر مما تظنين إذا كنتِ ترغبين في إغلاق هذا الباب نهائيًا." وبينما كانت الكلمات تخرج من فمه، بدأ الكتاب في يديها ينبض بحياة جديدة، وكأنها كانت تأخذ جزءًا من روحه. ولكنها كانت تدرك شيئًا عميقًا... مع هذه القوة، ستجد نفسها على وشك الدخول في صراع أكبر بكثير مما كانت تتخيله، عالم مليء بالأسرار والكائنات الغامضة التي تتخطى حدود فهمها. وهكذا، بدأت ليانا في فهم أن القتال لم يكن ضد القائد فقط. القتال الأكبر كان ضد نفسها، وضد كل شيء كان حابسًا في هذا الكتاب، وأن المعركة التالية ستكون من أجل فتح بوابة جديدة، بوابة لا رجعة فيها. كان هذا الكائن أمام ليانا يتحرك في أرجاء المكان بشكل غير طبيعي، وكأن الأبعاد نفسها كانت تلتوي حوله. كلماته تتردد في الهواء، مثل صدى بعيد، تملأ الفضاء بشعور من الرهبة. لم يكن مجرد حارس للكتاب، بل كان جزءًا من الوجود نفسه، من القوة التي كانت تشكل نواة هذا السحر المظلم. "إذا كنتِ تظنين أن كل شيء قد انتهى بعد أن حبس القائد داخل الكتاب، فأنتِ مخطئة، ليانا. هذا الكتاب هو أكثر من مجرد أداة. هو عقد بين العوالم، وهو بوابة للذين يأتون بعدك. لكنكِ الآن جزء من هذه القوة، ولستِ قادرة على الهروب منها." كان قلب ليانا ينبض بسرعة أكبر، والضغط يزداد حولها، وكأنها تقف على حافة الهاوية. هذا الكائن، الذي كان يتحدث بهذه الطريقة، لم يكن مجرد تهديد، بل كان يحمل في طياته تحذيرًا لا مفر منه. ومع ذلك، كان هناك شيء في داخلها، شيئًا قد أضاء في قلبها، لم يسمح لها بالاستسلام. "لن أسمح لك بالتحكم في مصيري،" قالتها ليانا بصوت قوي، على الرغم من الضعف الذي كان يسيطر عليها. "لقد خضت معركة من أجل هذا الكتاب، ولدي القوة الآن لأواجه كل ما يخبئه لي." ابتسم الكائن بتبجح، وكأن كلماتها لم تكن سوى رياح عابرة. "الطاقة التي في يديك الآن هي مجرد بداية، وليست النهاية. ستكتشفين في وقت لاحق أنها تحمل عبئًا لا يمكنك تحمله. القوة التي أنتِ فيها الآن ستجذب انتباه كيانات أخرى، ولن تكون وحيدة." سحب الكائن يده، وظهرت دوامة سحرية أخرى، أكبر وأكثر كثافة من تلك التي كانت قد تراكمت حول ليانا سابقًا. كانت تلك دوامة من الظلال والضوء تتداخل مع بعضها البعض، مما جعل ليانا تكاد تفقد وعيها. لكن في تلك اللحظة، شعرَت بشيء غريب ينبض في داخلها. كانت روح الكتاب تتواصل معها، كما لو كانت تحاول مساعدتها في الوصول إلى شيء غير مرئي. فجأة، تذكرت كلمات داريوس مرة اخرى: "السحر ليس فقط قوة، إنه اختيار." تحولت الأنظار إلى الكتاب في يديها، بينما كان ينبض بطاقة هائلة. أدركت ليانا في تلك اللحظة أن الكتاب لم يكن مجرد وسيلة للسيطرة على القوة، بل كان مفتاحًا لفهمها. لم تكن قد قرأت فصوله بالكامل بعد، بل كانت تحاول فقط السيطرة على الطاقة التي كانت تتسرب منها. ومع ذلك، كان هنالك شيء واحد أكيد يجب عليها أن تتخذ الخيار الصحيح الآن، إن كانت تريد النجاة. "أنت محق في شيء واحد فقط..." قالتها ليانا بصوت هادئ، وثبات ينبع من أعماقها. "أنا جزء من هذه القوة، ولكنني لست خائفة منها. سأستخدمها لإغلاق البوابات إلى الأبد." بيد واحدة، رفعت الكتاب عاليًا، وأغمضت عينيها، تاركةً كل شيء خلفها، عازمة على فتح البوابة التي كانت تختبئ خلف الكلمات القديمة. في تلك اللحظة، بدأت الكلمات تتراقص في الهواء حولها، تتكاثف حتى امتزجت مع الأضواء والظلال التي كانت تحيط بها. وفجأة، تلاشى الكائن في فراغ من الضوء، وصوت خافت صرخ في الأرجاء: "ستندمين يومًا، ليانا، لأنك اخترت هذا الطريق." لكن ليانا لم تلتفت وراءها. كانت قد قررت، وتعلمت أنه مهما كان الثمن، فإن قوتها لا تكمن في الهروب أو الاستسلام. بل في الاختيار. بينما كان الكائن يختفي تمامًا في الضوء المتلألئ، شعرَت ليانا بأن العالم حولها بدأ يتغير بشكل غريب. كانت الكلمات التي تراقصت في الهواء حولها، بدأت تتحول إلى أشكال واضحة، كأنها شفرات سحرية تتنقل بين الظلال والضوء. كانت الأبعاد تتأرجح بشكل غير مرئي، لكنها كانت على يقين أن الكتاب هو المفتاح لكل شيء. عندما رفعت الكتاب أعلى، بدأت القوة تتسرب من بين صفحات الكتاب، وكأنها تمسك بالعالم بأسره بين يديها. كانت تلك القوة لا تُقاس ولا يمكن السيطرة عليها بالكامل، ولكن ليانا شعرت بشيء في أعماقها يرفض الاستسلام، حتى وإن كانت هذه الطاقة تهدد بابتلاعها. "إما أن تسيطر عليها أو تدمرها"، همست ليانا لنفسها، وبدأت في التفكير بما يجب فعله. ما كانت تعلمه هو أن هذا الكتاب، وهذه القوة، ليست مجرد أداة للسيطرة أو للفتح، بل كانت اختبارًا. اختبارًا حاسمًا في مصيرها. ثم فجأة، اندفعت طاقة هائلة من الكتاب، اندفاع لم تكن تتوقعه. كانت الهمسات التي كانت تسمعها من قبل أصبحت واضحة الآن. كانت كلمات قديمة تنبض بالحياة، تلك الكلمات التي كانت مختبئة في كل زاوية من الكتاب، تنبض بحياة جديدة. كان عالمها ينفتح أمامها. لم تكن قادرة على التراجع الآن، ولا حتى أن تسيطر على هذا التحول. ومع ذلك، فهمت شيئًا واحدًا: كانت هذه اللحظة، وهذه القوة، اختبارًا حقيقيًا لوجودها. أغمضت عينيها، وتذكرت كلمات داريوس مرة أخرى: "السحر ليس فقط قوة، إنه اختيار." في تلك اللحظة، قررت ليانا أنها لن تكون ضحية لهذه القوة، بل ستكون هي التي تختار كيف ستنتهي القصة. رفعت الكتاب أكثر، وأغمضت عينيها بشدة، واختارت أن تكون المسؤولة عن مصيرها، مهما كانت العواقب. ومع ذلك، في اللحظة التي اختارت فيها، بدأت الأبعاد تتشوه بشكل عميق. شعرت بنفَسٍ ثقيل، ثم تجمد كل شيء في مكانه. الكائن اختفى تمامًا، لكن لم يكن هناك راحة، بل كان هناك شعور غريب. شعور بأن كل شيء قد تغير، ولكن لم يكن واضحًا ما الذي سيحدث بعد ذلك. ثم جاء الصوت. صوت خافت في أعماقها. "لقد اخترت، ليانا... لكن الأبواب لا تُغلق بهذه السهولة." فتحت عينيها على عالم جديد، عالم لم يكن هو نفس العالم الذي عرفته. كانت القوة التي امتلكتها قد أعادت تشكيل كل شيء من حولها. في الأفق، ظهرت ظلال جديدة، لم تكن واضحة، لكنها كانت تقترب. لكن ليانا، على الرغم من الشكوك التي كانت تساورها، كانت مستعدة. لإنهائها في النهاية، اختارت. "لقد اخترت، ولن أتراجع." وانطلقت للأمام، عازمة على مواجهة كل ما سيأتي حتى لو كان نهاية هذا الكتاب هو نهاية حياتها أيضاً. تمت بحمد الله ♥ بقلم مديحة ممدوح عارف