موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        روايه سفر الأقدار - عالم غريب بانتظاركم

        سفر الأقدار

        2025,

        خيال علمي

        مجانا

        يا زين هذي الرواية! تبدأ بسوالف عن زخات شهب نادرة، بس كل شيء يتلخبط لما بطلتنا جيانغ هوي تحاول تاكل اندومي بعد يوم شاق. مكالمة عمل تزعجها، وتنتقم من الكمبيوتر، اللي يسبب كارثة كهربائية. وفجأة، تلقى نفسها في مكان ثاني، في عالم غريب بعد ما روحتها انسلخت من جسمها وراحت في الفضاء.

        جيانغ

        موظفة كادحة تتعرض لضغوط الشغل ولسانها سليط. حياتها مليانة حظ سيء، لدرجة إنها ما قدرت تاكل وجبة اندومي بسبب مكالمات العمل اللي ما تخلص. شخصيتها قوية وتتحمل، بس عندها حد للصبر، وفي الأخير يخلص وتنفجر.

        الفريق الفلكي الصيني

        هم أعلنوا عن زخات الشهب

        الناس العاديين في الكوكب الأزرق والكوكب 732

        ..
        تم نسخ الرابط
        روايه سفر الأقدار - عالم غريب بانتظاركم

        الساعة 3:45 العصر بتوقيت بكين، عالم الفلك الصيني المشهور "جيا منغ" وفريقه الفلكي، اللي يعتبرون الأفضل في البلد، أعلنوا أول توقع لهم عن حدث فلكي ضخم، هو زخات شهب بتكون بالآلاف. الزخات هذي تنبأوا إنها بتمر أقرب مدار لكوكبنا الأزرق من أي شيء شافه الإنسان من قبل. القياسات الحالية تدل على وجود جسم سماوي ضخم في المنطقة الإشعاعية اللي حولها، ممكن يكون ثقب أسود...
        
        "هنا، هنا... إيوه، اللي رقمها الأخير 7474، هذي هي. عطني إياها، يعطيك العافية." طلعت البنت نص جسمها من الباب ومدت يدها، وأخذت الطرد من الرجال.
        
        ظل حق التوصيل يطالع في الباب اللي تسكر وهو شوي يهتز. الكلام اللي كان يبغى يقوله ما لحق يطلعه، وبقى بس آخر "يعطيك العافية" تتردد في الجو.
        
        آه، ليش شباب هالزمن كذا مستعجلين؟ كان وده يسولف شوي، حتى لو جملة ولا جملتين. هذي خامس مرة اليوم يتقفل الباب في وجهه كذا.
        
        آه، في هالزمن، صار صعب مرة الواحد يسولف؟ متى صارت المسافة بين الناس بعيدة كذا...؟ فيلسف حق التوصيل لحظة، وحس إن الموضوع له علاقة شوي بمادة علم الاجتماع اللي درسها في الجامعة.
        
        أما عن ليش واحد مثقف ومتخرج من الجامعة صار يوصل طلبات – فهذا موضوع ثاني يحتاج دراسة اجتماعية لحاله.
        
        وبوجهه البايخ وشفايفه النازلة، حق التوصيل ما كان عنده خيار غير إنه يمشي وهو محبط، لأن الوقت كان يضغط عليه عشان يوصل الطلب اللي بعده.
        
        كان في الأصل يبغى يخبر الناس بآخر الأخبار ويقول لهم عن زخات الشهب اللي توقعوها، لكن مع قرب المغرب، ما لقى ولا أحد مهتم يسمع.
        
        هذا كان الطلب قبل الأخير له، بعده بس طلب واحد ويخلص دوامه لليوم. الأخبار قالت إن فيه فرصة كبيرة إنهم يشوفون زخات الشهب الليلة، وحجمها يعتبر حدث يصير مرة كل مليون سنة.
        
        عشان يستعد، استأجر كاميرا كبيرة ومعدات، وكان يأمل إنه يلتقط مجموعة صور فلكية خرافية. بهذي الصور، يمكن يقدر ينقز لمستوى أفضل في شغله وفي المجتمع.
        
        بس... كل هذا ممكن يستنى. السواليف ممكن تستنى. أول شيء، لازم يخلص توصيلاته. توصيل طلبات! لأنه مهما كانت أحلامك كبيرة، لازم بالأول تاكل.
        
        على فكرة، وش ذا الشيء اللي كان معلق عند البنت قبل شوي؟ تعليقة؟ جرس؟ كانت لونها رمادي ومغبر، وألوانها متخلطة، لا هي حديد ولا بلاستيك، وشغلها كان خشن، كأنه قطعة فنية انحتت على السريع.
        
        أشياء زي كذا صارت في كل مكان في هالزمن. الناس اليوم متعودين على فكرة إن الشيء الغريب شكله، كل ما كان أحسن. إذا ما فهمته، معناته إنه شيء كويس. أكيد إنه حير كثير ناس - زي حق التوصيل.
        
        في اللحظة اللي لف فيها وجهه، حس شعور غريب إن لون التعليقة كان شوي غريب. كأنه... كان يلمع؟ كان نوع من النور الغريب اللي يشد الانتباه على طول، يلمع بطريقة ما توصف، وصعب إنك تعبر عنها بأي لغة نعرفها - ما هو شعور عادي يعرفه الناس.
        
        بس بعدها، في طرفة عين، رجعت كأنها تعليقة عادية، رمادية وباهتة، عادية وشكلها شين لدرجة خلته يشك إذا اللي شافه قبل شوي كان وهم. حق التوصيل ضحك على نفسه لأنه قاعد يحلم. أكيد هذا من كثر ما يقرأ - حتى صار يتخيل أشياء خارقة للطبيعة. بس للأسف، العالم ما فيه هالكثر من الغرائب.
        
        حس على نفسه على طول إنه يمشي أسرع واتجه للجهة الثانية من المبنى.
        
        طيب، وش كانت البنت، اللي أخذت الطلب وخلت حق التوصيل يطنقر شوي، قاعدة تسوي الحين؟ أكيد في هالوقت كانت قاعدة تاكل طلبها، صح؟
        
        إيه، ومو إيه.
        
        
        
        
        
        
        
        
        بالفعل، هي استلمت الطلب. وبمجرد ما فتحت الغطا، ريحة المرق الحار اللي تشهي انتشرت في المكان، والمكونات شكلها كان يفتح النفس ولذيذ. شهيتها، اللي كانت ضايعة من كثر الشغل الإضافي طول اليوم، رجعت فجأة. بسرعة، مسكت قطعة بطاطا طرية وما قدرت تستنى تاكلها.
        
        فرحتها بسرعة تحولت لكارثة. لأنها استعجلت في الأكل، حرقها الأكل في فمها، وصارت فقاعة كبيرة. الألم كان حاد، وفي ردة فعل سريعة، كبت جزء من المرق الحار. ومن بعدها، الموضوع صار أسوأ - صار زي سلسلة ردود فعل. وشعرها صار منكوش على جوانب وجهها، ونجحت في إنها تكب كل قدر المرق الحار، بما فيه القطعة اللي كانت ماسكتها.
        
        الأكل انكب عليها كلها، والجلد اللي كان ظاهر صار أحمر من الحرق. وزيادة على كذا، ما أكلت ولا لقمة من مرقها الحار.
        
        البنت على طول صار شكلها كأنها بتنفجر، وبعدها تغير تعبير وجهها لخليط من القهر وقلة الحيلة، وتحاول تكتم مشاعرها.
        
        يا ربي. هذا هو اللي يسمونه الحظ الشين، اللي حتى لو تشرب موية تغص؟ حتى المرق الحار صار يتهاوش معي اليوم!
        
        بس بعد سنوات من مواجهة الحياة الصعبة، ما كانت من النوع اللي ينهار عشان موقف بسيط. وبعدين، ما كان فيه أحد حولها يشوف قهرها. في هالشقة الكبيرة، هي لحالها - لمين بتوري حزنها أصلاً؟
        
        بعدين، كلها قدر مرق حار انكب. ما عصبت حتى لما أجبروها يشتغلون زيادة ويعدلون العقد نفسه 43 مرة اليوم. بعد اليوم هذا، حست إن صبرها وهدوءها تحسنوا كثير. كانت ممكن تشكر العالم وعملائها لأنهم أعطوها هالفرصة، وهي تبتسم.
        
        جمعت نفسها، ونظفت الفوضى، وأخذت لها لبس بيت أي كلام، وراحت بسرعة للحمام تاخذ لها دش منعش.
        
        عدلت مزاجها بسرعة بعد ما طلعت، ورجعت طبيعية.
        
        لكن... العشاء لسه راح عليها. تطلب وجبة ثانية يعني بتجلس تستنى أكثر من ساعة. "جيانغ هوي" ما كان عندها هالكثر صبر، خصوصاً إن عميلها "الحبيب" لسه يستناها تعدل العقد للمرة الـ 44. هدي أعصابك!
        
        فقررت، بعد ما فكرت شوي، إنها تاخذ كيس اندومي من المطبخ، وتتصرف فيه للعشاء. كانت ميته من الجوع.
        
        بعد ما طلعت من المطبخ، مشت لطاولة الأكل وغلت موية. التلفزيون كان لسه يعرض أخبار عن زخات الشهب، والخبراء يستخدمون أقوى الكلمات عشان يوصفون كم هي نادرة وعظيمة بتكون.
        
        هي ما كانت مهتمة كثير في البداية، بس بما إنها كانت تستنى الموية تغلي، وصوت المعلق كان مرة جذاب، لقت نفسها سرحانة شوي، وقاعدة تعض على شوكتها.
        
        صوت الموية وهي تغلي رجعها للواقع. بسرعة كبت الموية على الاندومي، وبعدين شالتها ورجعت لمكتبها عشان تكمل شغل.
        
        الاندومي ما المفروض يجلس وقت طويل، بس برضو يحتاج وقت. وهي حاطة يدها على ذقنها، طالعت في الشباك الكبير اللي جنب الكمبيوتر. من البلكونة الواسعة، كانت لسه تقدر تشوف الليل برا. وفي نفس الوقت، الشخص اللي في التلفزيون وراها كان لسه يتكلم بحماس عن زخات الشهب.
        
        آه، يازين الطفش. متى بتجي زخات الشهب هذي؟ ممكن... في اللحظة الجاية؟ لا، مافيه أمل إني أشوفها بالصدفة. وبعدين، أنا في المدينة، مو أحسن مكان عشان أطالع في النجوم.
        
        طيب ليش قاعدة تفكر في الموضوع أصلاً؟ هل فعلاً تأثرت من كلام الناس؟ الحين، الأفضل إنها تركز على إنها تشبع بطنها.
        
        آه، الاندومي استوى، وهي مرة جوعانة.
        
        
        
        
        
        
        إلا إنها، وهي على وشك إنها تشيل غطا الاندومي...
        
        "رن رن رن، رن رن رن، رن رن رن..." دق جوالها.
        
        جيانغ هوي عصبت مرة لدرجة إنها بغت ترمي الشوكة في الصالة. وبعيون معصبة وجبين مكرمش، طالعت في الاندومي وكأنه أسوأ عدو لها.
        
        الواقع مؤلم. أنسى موضوع زخات الشهب - هل هي، اللي تعتبر عبدة مسكينة للشركات، ما تستاهل حتى تاكل كوب اندومي حار وطازج؟
        
        بآخر نظرة حزينة على الاندومي، مسكت جوالها من الطاولة، وخلت شوكتها غارزة في طرف الكوب، وراحت وهي معصبة عشان ترد.
        
        ما يحتاج تخمن - أكيد كان العميل اللي مسؤول عن الـ 43 تعديل اللي قبل. حنه وتدقيقه كان أسوأ شيء مرت فيه جيانغ هوي، وصل لمستوى سخيف.
        
        فيه عملاء كثير يدقون بعد الدوام يطلبون شغل إضافي، بس قد سمعت عن واحد يطلب منك تعدل جملة وحدة ثلاث مرات، وتدققها ثلاث مرات، وبعدين يلقى جزء جديد ويطلب تعديله؟ وإذا ما سويت له اللي يبغاه، يشتكي ويقول إنك مو محترف ويهدد إنه يشتكي عليك. وإذا تجاهلته، يروح يشتكي عليك صدق.
        
        ممكن البعض يقول إن التعامل مع عميل زي كذا ما يستاهل المشاكل، وإن خسارة جزء من الراتب بسبب شكوى أفضل. بس هذي ما هي المشكلة الحقيقية. المشكلة هي إن العميل بيضايق مديرها بنفس الطريقة، ويجننه... وفي النهاية، المشكلة بترجع لجيانغ هوي.
        
        هذي مو حلقة مفرغة وتخوف؟! جيانغ هوي لها سنة بس في الشركة، وتعاملت مع هالعميل أربع مرات. وهذي كانت المرة الرابعة، وفي كل مرة كان يعذبها لدرجة إنها تفكر بجدية إنها تستقيل.
        
        لكن، كل مرة، مديرها كان يقدر يرجعها بكلامه الحلو - غالباً عشان الراتب كان زين. عشان نكون منصفين، مديرها اضطر يتدخل مادياً عشان يقنعها، لأن إيجاد أحد صبور كفاية عشان يتحمل عميل زي هذا وبسعر رخيص مو سهل.
        
        بعد ما خلصت المكالمة، رجعت جيانغ هوي، ووجهها معصب - عيونها، خشمها، فمها، كل شيء - وهي ماسكة جوالها بقوة.
        
        طالعت في كوب الاندومي، اللي صار شكله فاضي وذابح، كأنها فضت كل اللي فيها في دقايق.
        
        وحست إنها تائهة، طاحت على الكرسي بقوة، وخلت الكرسي الخشب يطلع صوت قوي. عيونها راحت من غطا كوب الاندومي إلى مؤشر الوقت اللي في الزاوية اليمين تحت من شاشة كمبيوترها.
        
        هي اشتغلت زيادة سبع ساعات اليوم. ما تقدر حتى تاكل وجبة حارة؟!
        
        جيانغ هوي ضربت يدها اليسار على المكتب كم مرة بقهر، وهي مو مهتمة إن يدها صارت توجعها. وفي الأخير، ما قدرت تتحمل أكثر، وطلعت قهرها بأنها ضربت بقوة على الزر اللي في الزاوية اليسار فوق من الكيبورد. لما تسيطر المشاعر، يسوي الواحد أشياء غبية، وهي ما كانت تفكر زين أبد.
        
        مع إنها استخدمت إصبعين بس هالمرة، القوة ما كانت أقل من لما ضربت المكتب بيدها كلها قبل شوي. وبمجرد ما أصابعها ضربت الزر، كوب الاندومي اللي على المكتب نط وزحف قدام نص بوصة، وصار طرفه لاصق تماماً في جانب الكيبورد.
        
        وفي نفس الوقت، في مكان ما تشوفه جيانغ هوي، التعليقة اللي كانت معلقة برا نطت شوي، وطلعت نور خافت ومجموعة أصوات خفيفة كأن في شيء اشتغل.
        
        "بيب بيب بيب-" صوت طلع لفترة، بس ما كان واضح هل هو من التلفزيون ولا من صوت الساعة.
        
        عقلها صار فاضي. يا ويلي، كارثة! هل حذفت كل شيء بالغلط؟!
        
        وفي حالة من الهلع، حسّت ببرودة تمشي من ورا راسها لين رقبتها وعمودها الفقري. ظهرها صار بارد، بس وجهها وصدرها كانوا حارين. التناقض بين البرودة والحرارة خلى جيانغ هوي تحس إنها بتنجن.
        
        لو كل شيء انحذف صدق، بيصير كأني رجعت لنقطة البداية. وش اللي خلاني اطلع قهري على الكمبيوتر؟ وليش كنت كأني في حرب مع كوب اندومي؟ هل خلاص انجننت من طلب التعديل الـ 44 من العميل؟
        
        جيانغ هوي كانت تعرف إن الشيء اللي المفروض تقلق منه الحين ما هو مشاعرها، لكن هل العقد اللي قضت اليوم كله تعدل فيه جزء جزء راح بسبب تصرفاتها المتهورة.
        
        بس بعدها، فجأة جاتها فكرة غريبة. حسّت إنها فقدت عقلها، حتى فكرت إن لو العقد راح، يمكن خلاص بترتاح. هل لازم تستقيل؟
        
        فكرة إن الملف ممكن يكون راح، والكمبيوتر ممكن يكون اخترب، ملتها بشعور غريب من الفرح، كأنها طايرة في الهواء. شعور سري بالفرح والترقب طلع فيها.
        
        لحظة، وش قاعدة تفكر فيه أصلاً؟!
        
        هل هي تحت تأثير سحر، ولا عقلها فصل؟ كيف ممكن تجيها أفكار زي كذا؟
        
        
        
        
        
        
        
        آآآآآه، فكرت في نفسها، "أنا عدلت العقد هذا 43 مرة، وعلى وشك أبدأ التعديل الـ44! الوقت من ذهب - كل هذا عشان الفلوس، وما أقدر أضيعه."
        
        تغير تعبير وجهها بسرعة، وجهها صار أحمر، بعدين شاحب، وبعدها أخضر باهت، وعيونها رجعت تلمع مرة ثانية.
        
        الوقت كان يمشي ببطء. وهي تطالع في الكمبيوتر، اللي ومض كم مرة بس في النهاية رجع على الشاشة الأصلية، طلعت زفرة طويلة من الراحة - كأن الكون مو ضدها بالكامل، والتعديل الـ 44 في أمان.
        
        لكن، لسبب ما، لسه كانت حاسة بخيبة أمل شوي.
        
        آه، فكرت في نفسها، "بخلص التعديل هذا بس، وبطفي الكمبيوتر، وبنسى كل شيء ثاني."
        
        جيانغ هوي حطت يدها على الكيبورد، واليد الثانية مسكت فيها كوب الاندومي، عشان تحطه على جنب. من طرف عينها، لمحت المرق اللامع والاندومي اللي بدأ يلين، ويدها وقفت تلقائياً.
        
        "آه... يمكن آكل لقمة أول،" فكرت. "ولا ممكن أموت من الجوع قبل ما أخلص شغلي. مرت نص يوم، وما أكلت ولا لقمة. لقمة وحدة ما هي طلب كبير، صح؟"
        
        في النهاية، استسلمت لشهيتها، جيانغ هوي وطت راسها شوي، وعيونها على تحت وهي تغرز شوكتها في كم حبة اندومي.
        
        ما انتبهت لليل المظلم برا، اللي كان فيه ضباب خفيف يلمع، ومعاه صوت خفيف حاد يتردد جوا وبرا الغرفة.
        
        وبينما الاندومي كان يقرب من فمها، عيونها راحت لشاشة الكمبيوتر، اللي توها صارت سوداء. عيونها اتسعت وهي تطالع، وشافت الشاشة مليانة بسلسلة من رسائل خطأ حمراء ما تنفهم، وقاعدة تنزل زي الشلال، حمراء زي الدم اللي كان ينبض في قلبها.
        
        عقلها كان على وشك الانهيار، بس يدها تلقائياً كملت حركتها لقدام. المرق اللي كان لسه حار انكب عليها، وخلعها، وسبب إن الاندومي يطيح على ظهر يدها. الصدمة سببت سلسلة ردود فعل في عقلها وجسمها؛ يدها بسرعة ضربت، وكبت كوب الاندومي كله، وغرقت اللابتوب بالمرق.
        
        - وخلاص انتهى الموضوع.
        
        جيانغ هوي ما قدرت تكتم صرخة قصيرة وحادة، والمرق من الاندومي انكب على كمبيوترها كله، وكون شبكة من النور اللي ومض زي البرق. وفي نفس الوقت، الشاشة السوداء للكمبيوتر كملت تنزل سيل لا نهاية له من الكلام الأحمر اللي ما ينفهم.
        
        وفي هاللحظة اللي كانت كارثية مرة، شهب نزلت من السماء، زي النجوم وهي تطيح من السحاب.
        
        جيانغ هوي حست بمئات وآلاف التيارات الحادة تقرب منها من ورا، وتلفها، وتلف الأرض، والطاولة، وكمبيوترها بقوة هائلة. وفي النهاية، كل اللي حولها جرفته موجة كبيرة.
        
        وبين زخات الشهب، فقدت وعيها.
        
        
        
        
        
        
        
        ---
        
        يُقال إن سرعة الضوء هي أسرع سرعة عرفتها البشرية، بينما الزمن هو كمية فيزيائية شاملة تحدد حالات الحركة والسكون لكل شيء.
        
        على الكوكب الأزرق، هناك أسطورة قديمة: عندما يستطيع الإنسان تجاوز سرعة الضوء ويحقق زخماً معيناً، قد يتمكن من عكس تدفق الزمن أو حتى السفر عبر الزمان والمكان.
        
        إذًا، ماذا لو كان العكس صحيحًا؟ إذا استطاع شخص ما عبور تيار الزمن، فهل يمكنه أن يشهد سرعة الضوء؟
        
        في الليلة التي هطلت فيها زخات الشهب، لم يكن أحد يعلم أن نسمة من الروح من الكوكب الأزرق قد جرفتها تيارات الزمن، لتنجرف في الفضاء الواسع للكون.
        
        طفقت تسبح ببطء داخل نهر الزمن، مصاحبةً لسرعة تريليونات من الضوء، تسير جنبًا إلى جنب مع الشمس والقمر والنجوم، غير مدركة لوجهتها.
        
        في نهاية المطاف، استيقظ هذا الجزء من الوعي من سبات طويل، وكأنه عبر برية قديمة، يهبط ببطء وفي النهاية انجذب نحو نقطة مألوفة.
        
        في لحظة، في نفَس، عادت نسمة من الروح، وتفتحت زهرة حياة من جديد.
        
        في عام 9983 من العصر الثامن للتقويم النجمي، كانت منطقة داخل اللوحة القارية المركزية للنظام النجمي الدائم، المسمى "الكوكب 732"، تشهد أيضًا زخات شهب.
        
        ومع ذلك، فقد اعتاد الناس هنا على مثل هذه المشاهد منذ زمن طويل ولم يتوقفوا عندها بسببها.
        
        في إحدى البنايات السكنية، انطفأت الأضواء في أحد المنازل فجأة، وساد الصمت في الغرفة، ولم يُسمع أي صوت لفترة طويلة.
        
        عندما لم يتم رصد أي حركة من الكائنات الحية، انطفأت أضواء الاستشعار التلقائية بسرعة مرة أخرى. وبعد فترة، بدأ صوت أنين منخفض يتردد في الغرفة، يشبه صوت حيوان صغير، مرتبكًا ومحتارًا بعض الشيء، وكأنه لا يفهم تمامًا الوضع.
        
        في الظلام، انفتحت عينا جيانغ هوي ببطء. وفي لحظة، وميض غريب في بؤبؤ العينين، وسرعان ما تدفق من زوايا العينين.
        
        "آه... هذا مؤلم"، صاحت جيانغ هوي التي كانت مستلقية على الأرض، فزعةً من الألم. ومع ذلك، يبدو أنها كانت لا تزال تكافح للتحكم في وظيفة كانت كامنة لفترة طويلة، مما جعل كل شيء يبدو بطيئًا. كان كلامها أيضًا غير واضح، مع لدغة شديدة في الكلام.
        
        لحسن الحظ، في تلك اللحظة، لم تكن تتحدث مع أحد؛ كانت فقط تتمتم لنفسها، لذلك لم يكن هناك حاجة لأي شخص آخر أن يجهد نفسه لفهمها.
        
        بعد فترة طويلة، تمكنت هذه الهيئة الصغيرة أخيرًا من أن ترفع نفسها قليلاً، لكن يبدو أنها فقدت أيضًا الإحساس بيديها وقدميها وأطرافها. كافحت قليلاً للتحكم في أطرافها، وحاولت أن ترفع نفسها ثلاث مرات قبل أن تستقر أخيرًا نصف جسدها.
        
        عندما استشعرت حركاتها، اشتغل الضوء الفوتولومينيسينتي تلقائيًا مرة أخرى، وفي هذه المرة، أضاءت الأضواء في غرفة النوم، ثلاثة صفوف من الأمام والخلف، لتنير الغرفة بشكل ساطع.
        
        فجأة انذهلت الفتاة من الضوء الساطع، وأغمضت عينيها بشكل غريزي حيث شعرت عينا جيانغ هوي بألم حاد.
        
        مع رفع نفسها قليلاً، كان نظرها مشوشًا، وعقلها لا يزال مضطربًا، غير قادر على التمييز بين الواقع والوهم. كان دماغها فارغًا، ومليئًا بصوت طنين مستمر.
        
        أين... هذا؟
        
        بعد فترة طويلة، تواصلت أفكارها أخيرًا مع عقلها، وتومضت مشاهد من قبل أن تفقد وعيها أمام عينيها، تلتها مساحات شاسعة من الضوء والظلام غير الواضحين، وفوضوية، وغير واضحة، حتى وصلت إلى اللحظة التي فتحت فيها عينيها للتو.
        
        لا يمكن أن تكون قد ماتت بصعقة كهربائية بسبب وعاء من الاندومي، أليس كذلك؟
        
        لا، انتظري، هل ستشعر بالألم إذا كانت ميتة؟ آه، هذا يؤلم حقًا.
        
        كانت الأرض باردة، وشعرت ببلل على ظهرها، مما جعلها ترتجف. كانت هناك رائحة معدنية غريبة على طرف أنفها، وفمها كان جافًا ومؤلماً. كم كان الأمر سيئاً لدرجة جعلها تشعر وكأنها أصيبت بالزكام على الفور؟
        
        يجب عليها فقط أن تجلس من الأرض. لماذا شعرت بالدوار والارتباك قليلاً؟ كان مؤخرة رأسها أيضًا مخدرة، ربما لأنها سقطت للتو إلى الوراء وضربت رأسها على الأرض.
        
        يا له من حظ سيء هذا! هل يجب أن تكون ممتنة لأنها لم تمت أو تتلف فصها القذالي؟ بعد كل شيء، كانت لا تزال لديها أفكار واضحة نسبيًا... آه، لم تعد متأكدة بعد الآن. هل يمكن أن تكون قد أصيبت بالفعل في فصها القذالي؟
        
        لماذا يبدو تخطيط الغرفة وكأنه تغير بشكل كبير؟ من فضلكم لا تجعلوا الأمر أن بصرها قد تضرر، مما يشوه إحساسها بالوعي المكاني الطبيعي... وإلا، كيف يمكن أن تشعر جيانغ هوي بأنها لا تتعرف على منزلها الخاص؟
        
        وسعت جيانغ هوي عينيها وتفحصت محيطها، وهي تحدق في الفراغ لفترة طويلة قبل أن ترمش بقوة.
        
        لا، هذه ليست غرفتها! إلى جانب ذلك، تذكرت أنها كانت عند مكتب الكمبيوتر في غرفة المعيشة، وهنا—هذه من الواضح أنها غرفة نوم غريبة.
        
        أين هي بالضبط؟ من أنقذها وأحضرها إلى هنا؟ كيف انتهى بها الأمر مستلقية على الأرض بدون سبب... أسئلة كثيرة، فكرت جيانغ هوي. لقد أخذت قيلولة فقط؛ كيف يمكن أن تستيقظ لتجد أن العالم بأكمله قد تغير؟
        
        قبل أن تتمكن من الاستمرار في فهم الوضع الحالي، انطفأت الأضواء فجأة، مما أغرق كل شيء في الظلام مرة أخرى.
        
        "×&%¥#@..." عبرت جيانغ هوي عن إحباطها، مدركةً أنه عندما يكون شخص ما في حالة سيئة، حتى شرب الماء البارد يمكن أن يعلق في أسنانه. ما الذي يحدث الآن؟ انقطاع في التيار الكهربائي؟
        
        لم تفهم، لذا ترنحت ووقفت، وساقيها ترتجفان حيث شعرت بثقل في جسدها وتعب، وتعتمد على جانب شيء لا يمكنها أن تعرف ما إذا كان طاولة أو شيئًا آخر لمساعدتها على الوقوف.
        
        في هذا الوضع الصعب للغاية، تمكنت جيانغ هوي أخيرًا من النهوض من الأرض اللعينة، ولم تعد تشعر بالبرودة. اشتعلت أضواء الغرفة فجأة مرة أخرى، لتنير المساحة بأكملها.
        
        بعد نصف دقيقة، نظرت جيانغ هوي حولها في هذا المكان الغريب تمامًا، وشعرت بالضياع. الآن يمكنها أن تؤكد أن فصها القذالي لم يتضرر وأنها لم تكن مخطئة؛ هذا ببساطة ليس منزلها.
        
        كانت هذه غرفة واسعة جدًا، حوالي أربعين إلى خمسين مترًا مربعًا، بدون حساب المدخلين الجانبيين اللذين كانا مخفيين جزئيًا بأبواب مصممة بشكل أنيق، مما جعل من المستحيل رؤية نوع التخطيط في الداخل. خمنت جيانغ هوي أنهما قد يؤديان إلى حمام أو غرفة ملابس، حيث كان المظهر العام واسعًا جدًا.
        
        كانت الجدران مبطنة بألواح بيضاء طويلة ومربعة مصنوعة من مادة غير معروفة. تحت الضوء، لم تكن تبدو ساطعة؛ بل كانت تنبعث منها وهج ناعم، مما يعطي إحساسًا بالتصميم الرفيع.
        
        في وسط الغرفة، كان السرير الكبير له مخطط ألوان بسيط. كان إطار السرير عاديًا جدًا، وكانت مفارش السرير داكنة ومشبّعة، مع لوح السرير الذي يمتد إلى منصة خشبية كبيرة حوله. تحت ذلك كانت أرضية الغرفة الخشبية بشكل عام، والتي كانت تتميز بأنماط داكنة خفيفة. مقابل المنصة، تركت مساحة كبيرة مفتوحة، مغطاة بستائر ثقيلة تبدو وكأنها نوافذ من الأرض إلى السقف. بدت الستائر سميكة جدًا، وكأنها مصنوعة من تطريز فضي، تمنع أي ضوء وتمنع رؤية المنظر الخارجي.
        
        كانت هناك أيضًا طاولات بجانب السرير، ومكتب كتابة، ورف كتب كبير من الأرض إلى السقف، وبعض الزخارف الكبيرة التي لم يكن غرضها واضحًا... صاحب هذه الغرفة كان يوحي بأنه "لا ينقصه المال".
        
        ربما كان هذا هو النوع من الأسلوب الذي كانت تحبه جيانغ هوي أكثر من غيره؛ كانت قد حلمت مرة بتزيين غرفتها بهذه الطريقة. لو لم يكن الوضع الحالي، لكانت على الأرجح أكثر من مستعدة للتقدم والإعجاب به.
        
        ومع ذلك، مقارنةً بالإعجاب بغرفة شخص غريب، كانت جيانغ هوي أكثر شوقًا لمعرفة ما حدث. كيف استيقظت في مثل هذا المكان الغريب تمامًا؟
        
        بالمناسبة، أين هذا بالضبط؟
         
        

        نُزل الغابرين - روايه فانتازيا

        نُزل الغابرين

        2025,

        فانتازيا

        مجانا

        تنطلق ستيلا في مغامرة. تجد نفسها مع شابين غريبين في مكان معزول، حيث يكشف سوار غامض عن بوابة سرية إلى عالم "أوترالمونديه" المثير. هل يمتلك هذا السوار قوى خفية؟ وماذا يخبئ هذا الباب الخشبي العتيق خلف ضوئه الساطع؟ استعد لرحلة مليئة بالتشويق والأسرار، حيث القدر ينتظرهم خلف كل منعطف!

        ستيلا

        شابة إيطالية من روما، تزور خالتها في بلدة "أوبيدولا" الهادئة. تتسم بالفضول وحب الاستكشاف، وتجد نفسها في قلب مغامرة غير متوقعة عندما تكتشف سوارًا غامضًا يقودها إلى باب سري.

        سيلستين

        تعيش في أوبيدولا. تبدو على دراية بأسرار عائلية قديمة، وهي التي تمرر السوار الغامض لـ ستيلا.

        إدموند

        شاب فرنسي يقابل ستيلا في ظروف غامضة بعد أن سحبته نفس القوة الغريبة إلى نفس المكان. يبدو أكثر حذرًا وتفكيرًا من جون.

        جون

        شاب فرنسي آخر، يبدو أصغر سنًا من إدموند، ويظهر فجأة في نفس المكان بعد أن سحبته القوة الغامضة. يبدو أكثر اندفاعًا وشجاعة.
        تم نسخ الرابط
        نُزل الغابرين

        كانت أمسية باردة ومعتمة في شهر نوفمبر في مكان ما في جنوب إيطاليا. 
        
        ونسيم الخريف يبعث أنفاسه الباردة على العالم.
        في بلدة أوبيدولا القديمة، شقت امرأة ذات شعر داكن في منتصف الثلاثينات من عمرها طريقها على عجل نحو مبنى مهجور بالقرب من ضواحي المدينة.
        
        توقفت أمام المبنى، الذي كان هادئًا وفارغًا بشكل غريب، 
        ملاحظة الكلمات المكتوبة فوق الأعمدة الضخمة.
        
        مستودع الميناء القديم
        
        
        تسللت خلف الأعمدة وتوقفت أمام باب معدني. المدخل. أخرجت مفتاحًا من حقيبتها الجلدية وفتحت الباب المعدني. أغلقته خلفها، وأشعلت الأضواء فدبت الحياة في الغرفة. كانت الغرفة ميتة، بالأحرى. بعينيها العسليتين الداكنتين رأت صناديق وصناديق معدنية، مغطاة بأغطية بيضاء ولن تفتح أو تشحن أبدًا؛ جدران رمادية باهتة بها تشققات عديدة، تتساقط منها رقائق الطلاء؛ أرضية خرسانية غير مستوية؛ ومصابيح صفراء متقطعة، تتدلى من السقف المتعب. أخذت قطعة قماش بيضاء من حقيبتها. ثم حملتها بين ذراعيها، وتجولت مرورًا بالمكعبات الصدئة.
        
        نزلت إلى الطابق السفلي. بحثت عن الباب الكبير، عيناها تتجولان من السقف إلى الأرض، ووقفت أمامه. باب خشبي. كانت عليه رموز مبالغ فيها محفورة بدقة وكان عليه بصمة يد سوداء مضغوطة في المنتصف. كان الأكثر لفتًا للانتباه هو الأبجدية الغريبة التي كانت مكتوبة عليه. القلائل المختارون فقط هم من يستطيعون فهم ما كتب.
        
        أوترالمونديه
        
        غطت الباب بالغطاء الأبيض وربطته بالسقف بمساعدة خطافات وخيوط. كانت قد ثبتت الخطافات في السقف قبل بضعة أيام، وهكذا تمكنت أخيرًا من استخدامها. ثم لم يعد هناك باب؛ مجرد غطاء أبيض عادي يتدلى أمام الحائط. ابتعدت بسرعة وأطفأت الأضواء. ثم أغلقت الباب المعدني خلفها. مشكلة صغيرة واحدة فقط، خطأ صغير ارتكبته.
        
        تركت الباب المعدني مفتوحًا.
        
        خرجت المرأة مسرعة من المبنى. نظرت إلى سوارها الفضي الساحر، معجبة به. كانت السلسلة قوية جدًا وفضفاضة إلى حد ما على معصمها الصغير. في منتصف السوار الفضي كانت هناك حلقة واحدة على شكل نجمة بأربع نقاط، بحجم ظفر طفل. كانت ملكها آنذاك، ولكن ليس بعد الآن. أعجبت بها للمرة الأخيرة قبل وضعها في صندوق مخملي أحمر، وحفظتها في حقيبتها الجلدية.
        
        لقد وعدتهم بأنها ستعطيها لابنتها إذا أنجبت واحدة. لكنها لم تنجب أطفالًا أبدًا، ولا حتى زوجًا! لكن كان لديها ابنة أخت. ابنة أختها. لم يكن لديها خيار سوى أن تمررها إليها. لكن هل يمكنها أن تثق بها للحفاظ عليها؟ كان ذلك محتملاً. لكن ابنة أختها كانت تعيش بعيدًا جدًا عن منزلها، ولم تتمكن من إرسالها بالبريد في طرد. يمكنها أن تعطيها لها لاحقًا، خلال الصيف، بعد بضع سنوات من الآن. نعم، يمكنها ذلك.
        
        فتحت المرأة باب سيارتها، وصعدت، وقادت إلى المنزل.
        
        
        
        
        
        "من هنا"، قالت امرأة.
        
        سحبت ستيلا حقيبتها على الأرض وهي تتبع خالتها. كانت هذه أول مرة تسافر فيها مع شخص آخر غير والديها، وتمنت لو أنهما قد جاءا معها. بالتأكيد، العمة سيلستين كانت قريبتها، ولكن قبل ذلك اليوم، التقيا بضع مرات فقط. كان الوضع برمته محرجًا لـ ستيلا، على أقل تقدير. بعد خمس دقائق أو أقل، وصلتا إلى سيارة سيدان قديمة. وضعت ستيلا حقيبتها في الصندوق وجلست في المقعد الأمامي للراكب قبل أن تبدأ خالتها القيادة.
        
        وصلتا إلى المنزل بعد ساعات على الطريق. كان المنزل مبنى ضيقًا من طابقين. وبما أنه لا يوجد مرآب، فقد كانت السيارة متوقفة أمام المنزل مباشرةً. كانت أول غرفة تظهر عند الدخول هي غرفة المعيشة، والتي بدت أكبر مما كان من المفترض أن تكون عليه. ستائر بيضاء سميكة غطت النوافذ، قطعة قماش بيضاء سميكة غطت طاولة القهوة، في الزوايا كانت هناك مزهريات بيضاء تحمل أزهارًا ملونة، ولوحة في إطار أبيض معلقة فوق الأريكة البيضاء. كانت المطبخ في الجزء الخلفي من المنزل، وكان أكبر بكثير من غرفة المعيشة. طاولة بيضاء مع ثلاثة كراسي بيضاء جلست بين غرفة المعيشة والمطبخ، وبجانبها كانت الدرج المطلي باللون الأبيض. كان أقل منزل ملون زارته ستيلا على الإطلاق.
        
        "إذن كيف أعجبك المنزل؟" سألت سيلستين.
        
        "يبدو مريحًا"، أجابت ستيلا، "وأبيض جدًا. هل هذا لونك المفضل؟"
        
        "المفضل الثاني. أحب اللون الأرجواني الداكن أكثر، لكن منزلي لن يبدو جميلًا به، أليس كذلك؟ الأبيض يبدو أفضل."
        
        خلعت المرأة حذاءها ووضعته على رف أحذية قريب. ثم ارتدت زوجًا من النعال وأعطت زوجًا آخر لـ ستيلا، قائلة: "يمكنك استعارة هذا مؤقتًا." خلعت ستيلا حذاءها الرياضي ووضعته على الرف. ثم أدخلت قدميها في النعال. قادت المرأة ستيلا إلى الطابق العلوي وإلى غرفة الضيوف. وضعت ستيلا حقيبتها على أحد الجدران.
        
        "سأدعك تستقرين وتستريحين. إذا احتجتِ أي شيء، يمكنك النزول للأسفل والبحث عني. فهمتِ؟"
        
        "فهمتُ"، قالت ستيلا.
        
        تُركت وحدها. استلقت ستيلا على السرير ونظرت حول غرفتها. أمام سريرها كان هناك خزانة خشبية قديمة؛ النصف الأيسر كان مليئًا بالملابس القديمة ولكن الصالحة للاستعمال، بينما النصف الأيمن كان فارغًا. في الزاوية اليمنى من الغرفة، مقابل السرير، وقفت مصباح أرضي بلمبة صفراء دافئة. مكتب وكرسي خشبيان كانا يقعان بين المصباح الأرضي والخزانة. إلى يسارها كانت هناك رف كتب، يحوي حوالي ثلاثين كتابًا قديمًا، وحقيبتها التي لا تزال مغلقة. إلى يمينها كانت النافذة التي، بالطبع، كانت مغطاة بستائر بيضاء. نهضت ستيلا وسحبت الستائر للسماح بدخول المزيد من الضوء. ثم تمشت نحو رف الكتب.
        
        تصفحت ستيلا مجموعة الكتب. بعضها كان عن التاريخ، والبعض الآخر روايات، وأحدها لم يكن له عنوان. رفعت ستيلا الكتاب الذي لا يحمل عنوانًا وقلبت الصفحات. كانت فارغة. تساءلت في قرارة نفسها لماذا يحتفظ شخص بكتاب فارغ على رف كتبه، لكنها تجاهلت الأمر وأعادته إلى رف الكتب. كان هناك أمتعة لتفريغها. فتحت حقائبها وبدأت في تفريغها، ووضعت ملابسها في النصف الفارغ من الخزانة.
        
        صرير.
        
        ماذا كان ذلك؟ طرقت يدها الجزء الخلفي من الخزانة وشعرت بقطعة خشبية مرتخية. أزالتها. لم يكن هناك شيء سوى حجرة فارغة. غريب. أعادت اللوح الخشبي وأغلقت الخزانة.
        
        تثاؤب خرج من فمها. آه، إرهاق السفر. لا شيء لا يستطيع قيلولة علاجه. نهضت وسارت نحو السرير، وبينما كانت تفعل ذلك، لاحظت أن إحدى ألواح الأرضية كانت مرتخية. فتحتها. هذه المرة لم تكن الحجرة المخفية فارغة، بل كانت تحتوي على صندوق مخملي صغير. نظرت ستيلا حولها. لم يكن أحد يراقبها. مدت يدها ببطء نحو الصندوق وفتحته. بداخله كان سوار فضي لامع. عندما لمسته ستيلا، توهج. كان الأمر كما لو أنه تعرف عليها.
        
        دوت خطوات من خلف الباب. أغلقت ستيلا الصندوق بسرعة، ووضعته داخل الحجرة، وغطته بلوح الأرضية. قفزت على سريرها قبل أن يُفتح الباب.
        
        "كيف حالك؟" سألت خالتها، وهي تطل من المدخل.
        
        "أنا بخير. كنت على وشك تفريغ حقائبي ثم أخذ قيلولة، في الواقع،" أجابت وهي تتثاءب.
        
        "حسنًا إذن. فقط استيقظي قبل الحادية عشرة؛ سيكون العشاء جاهزًا بحلول ذلك الوقت."
        
        "الحادية عشرة؟" وسعت ستيلا عينيها. "هذا متأخر جدًا!"
        
        "هنا في الجنوب، نأكل العشاء حوالي العاشرة أو الحادية عشرة." غمزت خالتها. "اذهبي لترتاحي، لا بد أنك متعبة من السفر."
        
        أغلقت خالتها الباب قبل أن تتمكن من النطق بكلمة أخرى. على الفور تقريبًا، نزلت ستيلا من السرير وركعت حيث كانت لوح الأرضية المرتخية. أعادت فتح الحجرة المخفية. كان الصندوق يجلس هناك، ينتظر بشكل جميل كما لو كان يتوقع أن يأخذه أحدهم. انحنت ستيلا وهي تنتزع الصندوق من مخبئه، ثم فتحته. دلكت إصبعها السبابة اليمنى السلسلة الرفيعة للسوار. لا شيء. رفعت ستيلا حاجبها – هل كانت تتخيل في وقت سابق، أم أن السوار توهج حقًا عندما لمسته لأول مرة؟
        
        جالت عيناها العسليتان إلى الباب، ثم إلى قطعة المجوهرات. لا ينبغي أن يكون هناك ضرر في تجربتها، طالما أنها أعادتها قبل أن تُكتشف. قرصت ستيلا السوار ورفعته من صندوقه؛ بدت السلسلة قصيرة قليلاً، وتساءلت عما إذا كانت ستناسبها حتى. تلاعبت أصابعها بالمشبك على شكل نجمة، والذي عمل أيضًا كقلادة، ثم لفت السوار حول معصمها. لم يكن فضفاضًا، كما هو متوقع، لكنه لم يخنق معصمها كما ظنت. كان الأمر كما لو أنه صُنع لها.
        
        ظهر تثاؤب آخر. على الرغم من أن الظهيرة كانت لا تزال مشرقة، إلا أن جسدها كان يطالب بالراحة بعد الرحلة الشاقة في وقت سابق. لمحت ستيلا الباب مرة أخرى. لا، لا يمكنها النوم والسوار في يدها. قد تدخل خالتها وتلتقطها وهي ترتديه بينما كانت تغفو. فكت ستيلا السوار وأعادته إلى صندوقه قبل أن تدفنه تحت لوح الأرضية. ثم صعدت إلى سريرها، ووضعت حقيبة كتفها على منضدة سريرها، وأغلقت عينيها.
        
        
        
        
        
        
        
        كانت الشمس لا تزال تترنح فوق الأفق عندما استيقظت ستيلا من قيلولتها. تمددت وفركت عينيها، ثم انطلقت جانبًا لإحضار هاتفها من حقيبتها. كانت الساعة السادسة بالفعل. تبقى حوالي خمس ساعات على العشاء، ولم تكن تعرف ماذا تفعل. آه، صحيح. لا يزال هناك أمتعة لتفريغها. نزلت من السرير، ثم قضت الثلاثين دقيقة التالية في تفريغ أمتعتها وإزالة الغبار من النصف الأيمن من الخزانة قبل أن تحتفظ ببعض ملابسها وممتلكاتها هناك.
        
        ثم ضربتها موجة من الملل بمجرد أن أدركت أنه لم يعد لديها شيء لتفعله. في البداية، لم تكن تعرف كيف تملأ وقتها - كانت متعبة جدًا لأخذ قيلولة أخرى، ولم تكن في مزاج للقراءة، ولم تشعر بالتقارب الكافي مع خالتها لتتحدث معها لساعات. وصلت في النهاية إلى هاتفها الخلوي ولعبت سودوكو وسنيك، وهما من الألعاب الوحيدة المتاحة.
        
        مرت ساعات وهي تلعب، ولم تتوقف إلا بعد أن أصبح السماء مظلمة تمامًا. لا بد أن الوقت قريب من موعد العشاء، تساءلت. ذهبت ستيلا إلى الحمام لتنعش نفسها قبل أن تتجه إلى الطابق السفلي. كانت خالتها مسترخية على الأريكة، غارقة في رواية. نظرت ستيلا إلى عنوان الكتاب - "حبوب القهوة وتأملات الصباح". لم تسمع به من قبل. هل هو إصدار جديد؟ غلاف الكتاب البالي أخبرها خلاف ذلك. جلست على أحد المقاعد المريحة.
        
        رفعت سيلستين رأسها من كتابها. "آه، لقد استيقظتِ. كيف كانت قيلولتكِ؟"
        
        "كانت جيدة، شكرًا لكِ"، أجابت. جالت عينيها العسليتان إلى الكتاب مرة أخرى؛ براندون دي بيلفور كان مؤلفه. "هل لي أن أسأل عن الكتاب الذي تقرأينه؟"
        
        "أوه، هذا؟ عنوانه 'حبوب القهوة وتأملات الصباح'. كتبه صديق لي."
        
        "لديكِ صديق مؤلف؟" سألت ستيلا بانبهار.
        
        ابتسمت سيلستين بخفة. "نعم. لم يكن مشهورًا جدًا، على الرغم من ذلك. على أي حال" - وضعت الكتاب جانبًا ووقفت - "لدي شيء لأعطيكِ إياه. انتظري هنا."
        
        صعدت إلى الطابق العلوي ودخلت غرفة الضيوف. خرجت من الغرفة بعد لحظة، حاملة صندوقًا مخمليًا صغيرًا. بدا تمامًا مثل الذي رأته تحت لوح الأرضية قبل بضع ساعات. نزلت المرأة الدرج وسلمته لـ ستيلا. عندما فتحته، رأت السوار الفضي بداخله.
        
        "سوار؟"
        
        "ليس أي سوار فقط"، قالت سيلستين وهي تغمز. "هذا إرث عائلي ثمين، ينتقل من جيل إلى جيل. كما تعلمين، ليس لدي أطفال، لذلك سأورثه لكِ. هل تعدينني ألا تخلعيه؟"
        
        "أعدك."
        
        "جيد." نظرت إلى ساعة الحائط. "إنها الساعة العاشرة، هل تمانعين في مساعدتي في إعداد العشاء؟"
        
        "آه، بالتأكيد، لا أمانع."
        
        نهضت ستيلا من الأريكة لمساعدة خالتها في إعداد العشاء وتجهيز الطاولة. تم تقديم العشاء قبل الحادية عشرة إلا ربع، وتجاذبت الاثنتان أطراف الحديث وهما يأكلان.
        
        "إذن، كيف هي الحياة في روما؟" سألت سيلستين.
        
        "إنها جيدة. أحب العيش هناك،" أجابت ستيلا.
        
        "هل تحب والدتكِ العيش هناك؟"
        
        "نعم، إنها تحب ذلك كثيرًا. لا تريد الانتقال إلى أي مكان آخر."
        
        "آه، أرى،" قالت خالتها مبتسمة. ارتشفت بعض النبيذ قبل أن تتناول لقمة أخرى من معكرونتها.
        
        سألتها ستيلا: "هل يعجبكِ العيش هنا؟"
        
        "نعم، كثيرًا. أحب المدن الهادئة أكثر من المدن الصاخبة، طالما أنها ليست هادئة جدًا."
        
        "حقًا؟ أخبرتني أمي أنكِ أحببتِ ميلانو، ولكن لسبب ما، أنتِ عالقة هنا."
        
        "كان ذلك عندما كنت صغيرة. الآن بعد أن عرفت مدى صخب المدن، أفضل البقاء هنا. إنه أنسب لي،" قالت. ثم سألت: "هل أخبرتكِ والدتكِ أي قصص تتعلق بخالتكِ؟"
        
        "أخبرتني أنكِ كنتِ تحبين السفر مع الأولاد، وأنكِ لم تكوني مثل الفتيات الأخريات."
        
        "إذن لقد أخبرتكِ شيئًا،" همست سيلستين لنفسها.
        
        انتهيا من العشاء. ساعدت ستيلا خالتها في غسل الأطباق وتجفيفها، ثم صعدت الدرج إلى غرفة نومها. تفقدت الوقت؛ كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل إلا نصف ساعة. غيرت ملابسها إلى ملابس النوم، صعدت إلى سريرها، واستأنفت لعب الألعاب حتى شعرت بالنعاس. بحلول الساعة 12:00 صباحًا، وضعت هاتفها على المنضدة الليلية، تزحلقت تحت بطانيتها، وغرقت في نوم عميق.
        
        لم تكن خالتها نائمة بعد. كانت تمسك هاتفها في يديها بينما تنتظر في غرفة نومها. ثم تلقت رسالة: "مرحبًا سيلستين! لقد وصلنا للتو. التدريب يبدأ بعد غد، أليس كذلك؟"
        
        كتبت سيلستين ردًا: "نعم."
        
        وضعت هاتفها جانبًا، وتلت صلاة قصيرة، ثم نامت بعمق.
        
        
        
        
        
        
        
        اخترقت أشعة شمس الصباح الستائر. أدارت **ستيلا** ظهرها للنافذة وتثاءبت. لقد حل يومها الثاني في أوبيدولا. أمسكت بملابسها، واستحمت، ثم توجهت إلى الطابق السفلي لتناول الإفطار. كانت **سيلستين** قد استيقظت للتو.
        
        "مستيقظة بالفعل؟ إنها الخامسة فقط!" صاحت.
        
        "في روما، أستيقظ عادة في السادسة،" أوضحت **ستيلا**.
        
        "أنتِ مثل أمكِ إذن. هي تحب الاستيقاظ مبكرًا،" قالت **سيلستين**.
        
        كان الإفطار عبارة عن كوبين من القهوة السوداء الساخنة وطبق كبير مليء بقطع البريوش الحلوة. من اللقمة الأولى، أصبح البريوش طعام الإفطار المفضل لـ **ستيلا**، ليحل محل الكرواسون. ومع ذلك، كانت القهوة قوية جدًا بالنسبة لذوقها. توقعت **سيلستين** ذلك وأعدت بعض الحليب مسبقًا. بعد الإفطار، نظفت **ستيلا** أسنانها وملأت كوبها بالماء البارد. كانت حقيبة كتفها تحتوي على كل ما تحتاجه: محفظتها، مرطب الشفاه، معقم اليدين، وغيرها من الضروريات. كل ما كانت تحتاجه هو إذن **سيلستين**. وجدتها في غرفة المعيشة.
        
        "يا خالتي، هل يمكنني الذهاب واستكشاف البلدة؟ سأعود قبل الظهر كما قلتي بالأمس،" سألت **ستيلا**.
        
        "بالتأكيد،" أجابت **سيلستين**، "فقط كوني حذرة."
        
        "شكرًا لكِ!"
        
        قبلت **ستيلا** خالتها وودعتها وخرجت من المنزل. كانت تنظر إلى الوراء كل دقيقة أو أقل، تتتبع خطواتها للتأكد من أنها لن تضل طريقها. لم يكن بعيدًا عن منزل خالتها صف من المقاهي والمتاجر الصغيرة، وعلى بعد قليل من هناك كانت ساحة كبيرة. تجولت **ستيلا** في الشارع، يدها اليمنى تتأرجح بحرية ويدها اليسرى تستقر على حقيبة كتفها.
        
        شد. اهتز معصمها الأيمن بعنف إلى اليمين كما لو أن شخصًا ما أمسك بذراعها فجأة. نظرت إلى جانبها. لا أحد. ما هذا؟ وقفت **ستيلا** ساكنة للحظة، تنتظر أي حركة غريبة لتتكرر، لكن شيئًا لم يحدث. أتمنى أنني كنت أتخيل ذلك، فكرت قبل أن تتجاهل الأمر وتواصل سيرها.
        
        شد. حدث ذلك مرة أخرى! هذه المرة كان أقوى بكثير. نظرت **ستيلا** إلى يمينها ولم تر أحدًا بجانبها. ماذا كان يحدث؟ وضعت يدها اليمنى في جيبها وواصلت السير. ربما سيتوقف إذا لم تدع يدها تتأرجح بحرية.
        
        يبدو أن الأمر قد نجح. كانت تتجول في البلدة لما يقرب من ساعة وظلت يدها اليمنى في جيبها. استدارت **ستيلا** وبدأت طريق عودتها إلى منزل خالتها. مرت ببعض المباني وكانت على وشك الانعطاف يمينًا... انتظر، هل ذهبت في هذا الاتجاه؟ أم أنها جاءت من اليسار؟ نظرت في كلا الاتجاهين. بدت الشوارع متشابهة جدًا بحيث لا يمكنها التمييز. سأذهب إلى اليسار فقط، فكرت **ستيلا**، وإذا كان خطأ فسأذهب إلى اليمين.
        
        انعطفت يسارًا. للحظات قليلة، شعرت وكأنها اتخذت القرار الصحيح. بدت المباني أكثر فأكثر ألفة كلما سارت. إذا تذكرت بشكل صحيح، يجب أن تسير مباشرة لمدة خمس عشرة دقيقة أخرى قبل الانعطاف يسارًا بعد التراتوريا. ابتسمت وهي تتجول، ثم توقفت.
        
        أدى المسار بها مباشرة إلى غابة. أقسمت أنه كان من المفترض أن يكون هناك صف طويل من المنازل الصغيرة. ربما كانت مخطئة. وضعت **ستيلا** قدمًا خلفها وبدأت بالاستدارة.
        
        شد! انطلقت ذراعها اليمنى من جيبها وسحبتها نحو الغابة. "آه!" صرخت. قوة غير طبيعية سحبت جسدها عبر الغابة مثل صنارة صيد تسحب سمكة ضعيفة. اختفت البلدة بسرعة من نظرها حيث أحاطت بها الأشجار فجأة. حاولت أن تغرس قدميها في الأرض فقط لينتهي بها الأمر بتجريفها. أمسكت بأقرب غصن لينكسر. "أيوتو!" صرخت، لكن صوتها لم يصل إلى أحد. كانت محاولاتها للمقاومة عقيمة.
        
        ثود. سقطت على الأرض ككيس ثقيل. وقفت **ستيلا** ببطء، تنفض الغبار عن ملابسها، وألقت نظرة على محيطها. أمامها كانت الغابة، وعلى الرغم من أن الفجوات بين الأشجار كانت واسعة إلى حد ما، لم تتمكن من رؤية البلدة على الإطلاق. من يدري إلى أي مدى ذهبت؟
        
        ---
        
        لا، لم تستطع أن تتقطع بها السبل في مكان مجهول. يجب أن يكون هناك طريقة للعودة! انطلقت **ستيلا** بسرعة إلى الغابة ونحو البلدة -
        
        أمسكتها نفس القوة من معصمها الأيمن ورمتها خارج الغابة مرة أخرى. سقطت على ظهرها هذه المرة، في نفس المكان الذي أُسقطت فيه في وقت سابق.
        
        دفعت **ستيلا** نفسها عن الأرض مرة أخرى. دلكت يداها صدغيها وهي تحاول تهدئة أنفاسها. كانت الغابة محظورة. ماذا عن مسار آخر إلى المدينة؟ واجهت الاتجاه الآخر. رصدت عيناها ساحلاً قريبًا، مع سفن صغيرة ترسو في ميناء قريب. يجب أن يكون هناك أشخاص يمكنهم المساعدة، لكنها لم تكن متأكدة حتى مما إذا كان آمنًا. وكان بعيدًا جدًا أيضًا - من يدري كم من الوقت سيستغرق للوصول إلى هناك سيرًا على الأقدام؟ وماذا لو حدث لها شيء في الطريق؟
        
        ترقرقت عيناها بالدموع. أرادت فقط أن تتجول، لا أن تُجرّ إلى أي شيء يحدث. هددت فكرة عدم العودة إلى المنزل أبدًا بتسرب الدموع. يجب أن يكون هناك طريقة، يجب أن يكون هناك طريقة...
        
        خالتها. يمكنها أن تساعد! مدت **ستيلا** يدها في حقيبتها وتلمست هاتفها.
        
        لم يكن هناك هاتف. كان قلبها ينبض بقوة. أين هو؟ هل أسقطته؟ هل فقدته في الغابة؟ آلاف الأفكار تدور في ذهنها. ثم خطر لها أنها كانت تشحنه في منزل خالتها. "ماناجيا!" لعنت. ما بدأ كصباح مليء بالسعادة والعجب تحول إلى يوم مليء بالذعر والإحباط. نظرت إلى معصمها الأيمن وحدقت في السوار. وعدت ألا تخلعه، لكنها لم تهتم. بحثت عن المشبك، لكنه لم يكن موجودًا. حاولت سحب السوار، لكنه لم يخرج.
        
        "آه!" صرخ أحدهم.
        
        وجهت **ستيلا** انتباهها إلى الغابة. تم قذف شخصية ذكر من الغابة قبل أن ينهار أمامها. بالحكم من المظهر، بدا وكأنه أجنبي: شعره القصير كان أشقر كراميل؛ عيناه الحادتان، على شكل لوز، بلون تركوازي داكن، برزتا من وجهه الشاحب؛ أنفه النحيل والمستقيم كان منحوتًا فوق شفتيه الرقيقتين والورديتين؛ وعلى الرغم من أنه كان أطول منها بكثير، إلا أنه لم يبد أكبر سنًا بكثير.
        
        ---
        
        نهض الشاب، يتمتم لنفسه، وعلى الرغم من أنها لم تستطع فهمه، إلا أنها استطاعت أن تدرك أنه كان مذعورًا أيضًا - فصوته المرتعش وعيناه الواسعتان كشفا ذلك. استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يلاحظها، وعندما فعل ذلك، تجمد لفترة وجيزة.
        
        "إيه... بونجورنو؟" قال بصعوبة.
        
        "بونجورنو،" قالت بنفس الصعوبة.
        
        "كم كنتِ واقفة هناك؟"
        
        "إيه، دقيقة واحدة فقط."
        
        "إذن رأيتني وأنا، إيه، 'أُسحب'؟" أشار، محاكيا حركة سحب.
        
        "نعم. كنتُ، أه، 'أُسحب' إلى هنا أيضًا."
        
        "أنتِ أيضًا!" صاح، ثم وضع يديه على جانبي وجهه. "إذن أنا لست وحدي الذي أصبح مجنونًا. إيه، حسنًا، هل تم سحبكِ أيضًا من أوبيدولا أم من مكان آخر—"
        
        "جئتُ من هناك." أشارت **ستيلا** في اتجاه الغابة.
        
        
        
        
        
        "آه، مثلي." وضع يديه على خصره. نظر إلى الغابة. "حاولت العودة، لكن شيئًا ما ظل يسحبني إلى هنا."
        
        "ربما إذا ذهبنا معًا، فسنخرج."
        
        رفع حاجبيه. "هل تعتقد أن ذلك سينجح؟"
        
        "يمكننا أن نحاول."
        
        بدأت تسير في الغابة. تبعها. لم يحدث شيء غير عادي في البداية. خطوة، خطوتان، ثلاث خطوات... شد! رفعتهم قوة غير طبيعية عن أقدامهم ورمتهم مرة أخرى إلى حيث كانوا. نهض الاثنان، نفضا الغبار عن ملابسهما، وحدقا في الغابة.
        
        "نحن عالقون هنا،" تنهد الشاب.
        
        "انتظر، أعتقد أن عمتي يمكنها مساعدتنا،" قالت ستيلا. "هل لديك هاتف؟"
        
        "ليس لديه إشارة. حاولت."
        
        "ربما يمكننا المحاولة مرة أخرى. هل يمكنني استعارة هاتفك؟"
        
        نظر إليها نظرة. "إيه، بالتأكيد،" تردد. "لكنني أشك في أنه سيعمل."
        
        أخرج هاتفه من جيبه. لدهشتها، كان أحد أحدث الهواتف في ذلك الوقت. حقيقة أنه يحتوي على شاشة لمس بدلاً من الأزرار المادية تعني أنه كان أغلى بكثير مما تملكه. فتح هاتفه الذكي ونقر على الشاشة قبل أن يعطيها إياه لفترة وجيزة. اتصلت ستيلا برقم هاتف خالتها وحاولت الاتصال بها. بعد فترة، هزت رأسها وأعادته إليه.
        
        "لا إشارة."
        
        زفر، متقاطعًا ذراعيه أمام صدره. "إذن نحن عالقون هنا حقًا."
        
        وقف الاثنان في صمت. نظرا إلى الغابة، غير متأكدين مما يجب فعله بعد ذلك. نظرت إليه. "بالمناسبة، ما اسمك؟"
        
        "إيه، اسمي إدموند،" أجاب. "وأنتِ؟"
        
        "أنا ستيلا،" قالت. مدت يدها. "سررت بلقائك."
        
        "سررت بلقائك أيضًا."
        
        تصافحا بإيجاز. كادت ترتجف عند لمس يده؛ كانت باردة نوعًا ما. بعد ذلك، سألته: "ومن أين أنت؟ بريطاني؟"
        
        "لا. فرنسي،" أخبرها، "وأنتِ...؟"
        
        "إيطالية."
        
        "آه. إذن هل أنتِ من أوبيدولا، أم..."
        
        "أنا من روما، لست من هنا."
        
        "فهمت."
        
        سمعوا صوت حفيف قادم من الغابة. ظهرت شخصية من الغابة، تطير بسرعة الرصاصة قبل أن تسقط أمامهما مباشرة. كان صبيًا: شعر قصير، فوضوي، بني شوكولاته؛ عيون واسعة، شابة، بنية اللون تتناسب مع وجهه المستدير والسمرة؛ وعلى الرغم من أنه لم يكن واقفًا، إلا أن ستيلا استطاعت أن ترى أنه كان أطول منها بقليل.
        
        "جون!"
        
        "إدموند؟" صاح الصبي.
        
        "هل تعرفان بعضكما؟" سألت ستيلا الاثنين، متفاجئة.
        
        "التقينا الأسبوع الماضي في ميلانو،" أجاب إدموند. أمسك بيد جون وساعده على الوقوف. وتابع: "جون، هذه ستيلا. ستيلا، قابل جون."
        
        "سررت بلقائك، جون."
        
        "سررت بلقائك أيضًا،" قال. تصافحا بإيجاز. ثم سأل: "هل رأيتما أحدًا يسحبني عندما كنت أطير إلى هنا؟"
        
        "لا. لقد تم سحبي أنا أيضًا إلى هنا بواسطة شيء ما،" أجاب إدموند.
        
        "أنا أيضًا،" قالت ستيلا.
        
        تبادل الثلاثة النظرات. لماذا يا ترى تم إحضارهم إلى هذا المكان المجهول؟ هل كان هناك شيء - أو شخص - يختبئ في مكان قريب؟
        
        "حسنًا، لقد تم سحبنا جميعًا نحن الثلاثة إلى هذا المكان المجهول. و- لا أعرف إذا كنت قد حاولت يا جون بعد - لا يمكننا الخروج من حيث أتينا. أعتقد أن شيئًا ما يحاول أن يقودنا إلى شيء ما،" قال إدموند.
        
        "لكن إلى ماذا؟ لا يوجد شيء هنا سوى الأشجار و..." كاد جون أن ينطق بشيء، لكنه توقف.
        
        "و؟" حثه على الاستمرار. لم يقل جون شيئًا. أشار إلى شيء خلف إدموند وستيلا.
        
        كان مبنى مهجورًا. كان لونه أبيض باهت، مع نباتات خضراء فاتحة تزحف على أعمدته وتشققات تظهر في جدرانه الأسمنتية. اقترب الثلاثة من المبنى القديم. لافتة ملطخة، بالكاد تلتصق بسلاسلها الصدئة، كشفت عن اسمه.
        
        مستودع الميناء القديم
        
        حدقت ستيلا في اللافتة لبعض الوقت. هل صادفت هذا الاسم من قبل؟
        
        "هل يجب أن ندخل؟" سألت ستيلا.
        
        "لدي شعور سيء حيال هذا،" أجاب إدموند.
        
        "لكننا هنا لسبب، أليس كذلك؟ أنا سأدخل أولًا،" قال جون. سار عدة خطوات أمامهما قبل أن يتوقف، ويستدير، ويعود إليهما. "لا يهم، أنتَ ادخل أولًا."
        
        مر الثلاثي من الأعمدة. كانت البوابات الأمامية للمبنى مغلقة بالمسامير ومغطاة بالألواح. لم يكن هناك سبيل للمرور من هناك. ساروا نحو الجانب الأيسر ووجدوا بابًا معدنيًا أصغر بكثير. لدهشتهم، كان مفتوحًا. مشوا بتردد داخل المبنى. بحث أحدهم عن مفتاح الإضاءة وقلبه. اشتعلت المصابيح واحدًا تلو الآخر؛ لم تكن ساطعة، لكنها لم تكن خافتة جدًا. لم يكن هناك سوى صناديق معدنية وهياكل تشبه الصناديق مغطاة بأغطية بيضاء. كانت الجدران بها شقوق وطلاء متقشر. نظر الثلاثة حولهم، محاولين معرفة لماذا تم توجيههم إلى المبنى.
        
        "انظر." أشار جون إلى درجتين. كانت الدرج الذي يؤدي إلى الطوابق العلوية مغلقًا بالألواح. بقي الآخر مفتوحًا ولكنه يؤدي إلى الطابق السفلي إلى غرفة مظلمة. ثم قال: "لن ننزل إلى هناك، أليس كذلك؟ لا بد أنه مظلم جدًا."
        
        "لا أريد النزول إلى هناك،" قال إدموند.
        
        "لكننا لا نستطيع الخروج من الغابة،" ذكرته ستيلا. "ربما يجب علينا، إيه، النزول أولًا والعثور على ما تريده القوة منا."
        
        تنهد. "يمكنكما الذهاب أولاً."
        
        تبادل جون وستيلا النظرات. أشار جون إلى الدرج برأسه. بتردد، قادت ستيلا الطريق. تبعها جون إلى الطابق السفلي بينما تبع إدموند الاثنان، ناظرًا فوق كتفه بين الحين والآخر. بمجرد وصولهم إلى الطابق السفلي، مر الأخير يده على الحائط، باحثًا عن مفتاح الإضاءة، ثم قلبه. اشتعلت الأضواء. بدا الطابق السفلي تمامًا مثل الطابق الأرضي، باستثناء أنه كان فارغًا بشكل أكبر. واصل الثلاثة السير ورأوا غطاءً أبيض يغطي شيئًا على الحائط. رفعه جون وشهق.
        
        "ما هذا؟" سألت ستيلا.
        
        "أعتقد أنه باب،" قال جون ببطء. سحب الغطاء الأبيض ليكشف عما وجده.
        
        ما كان أمامهم كان هيكلاً خشبيًا غريبًا عليه رموز غريبة محفورة. وعلى الرغم من أنه لم يكن يحتوي على مقبض أو مقبض أو أي طريقة واضحة لفتحه، إلا أنهم كانوا متأكدين من أنه مدخل من نوع ما. كانت بصمة يد سوداء فحمية مطبوعة في المنتصف، وفوقها كانت كلمة محفورة. قرأت ستيلا الكلمة في ذهنها لتكشف عن اسم مكان.
        
        أوترالمونديه
        
        "يا له من باب،" تمتمت ستيلا.
        
        "كيف تفتحه؟"
        
        "هل يجب أن نفتحها؟" سأل إدموند. ألقى نظرة سريعة على بقية الغرفة. "ربما القوة تريدنا فقط أن نجد الباب، والآن بعد أن وجدناه، دعونا نحاول العودة إلى المنزل الآن."
        
        استدار على عقبيه وبدأ طريقه إلى الدرج عندما سحبته قوة إلى الباب، وسحبته من حافة قميصه. نظر إلى الباب. "علينا فتحه."
        
        "ربما ندفعه،" قال جون، بينما بدأ يدفع الباب. لم يتحرك قيد أنملة.
        
        "دعني أساعد،" قال إدموند، بينما دفع هو وجون الباب معًا. لم يتحرك بعد. "ربما إذا دفعنا من جانب واحد فإنه سيدور،" اقترح بعد ذلك، واضعًا يديه على الجانب الأيمن من الباب. ما زال يرفض الفتح. لم يهم مقدار القوة التي طبقوها أو أي جانب دفعوه. ببساطة لن يتحرك.
        
        "ربما يمكننا سحبه."
        
        "لكن لا يوجد مقبض،" قالت، "فقط بصمة يد."
        
        "أي بصمة يد؟" سأل الصبيان في وقت واحد. حدقت ستيلا في منتصف الباب.
        
        "تلك البصمة،" أجابتهم، بينما وضعت يدها اليمنى عليها.
        
        فتح الباب على مصراعيه وظهر ضوء ساطع من الجانب الآخر.
        
         
        

        رواية ثليج بلا نهاية - خيال علمي

        ثليج بلا نهاية

        2025,

        خيال علمي

        مجانا

        عالم غمره الثلج بعد طوفان مطري لا يتوقف، تقاتل بطلة وحيدة تدعى كاليستيا من أجل البقاء. تواجه كاليستيا العصابات التي تستعبد الناجين وتتذكر كلمات أمها الأخيرة عن أهمية الحب. في لحظة حاسمة، تجد نفسها أمام معضلة: هل تنقذ مجموعة من الأسرى وتجازف بحياتها، أم تتركهم لمصيرهم؟ تختار كاليستيا مواجهة الخطر، متذكرة أن الحفاظ على الإنسانية هو السبيل الوحيد للنجاة في هذا العالم القاسي.

        كاليستيا

        شابة نجت في عالم غطاه الثلج والجليد. تتميز بشجاعتها وقوتها، ولكنها تعاني من صراع داخلي بين غريزة البقاء والتعاطف مع الآخرين. تتذكر وصية أمها عن أهمية الحب في عالم قاسي فقد إنسانيته. على الرغم من خبراتها السابقة في تجنب العصابات الخطيرة، إلا أنها تقرر المخاطرة بحياتها لإنقاذ الأبرياء.

        كولين

        أخو كاليستيا

        أفراد العصابة

        مجموعة من الناجين الذين تحولوا إلى عصابة تستغل الآخرين لخدمة مصالحها. هم القسوة والوحشية التي انتشرت في العالم بعد الكارثة. يعتمدون على العبودية والتبادل التجاري للبشر للحفاظ على سيطرتهم وقوتهم.
        تم نسخ الرابط
        رواية ثليج بلا نهاية - خيال علمي

        بدأ الأمر بنقطة.
        
        كان من المفترض أن يستمر ليوم واحد فقط.
        
        
        المطر كان يضرب بقوة نوافذ البيت، وينزل على الزجاج تاركًا أصابع مبللة خلفه.
        
        لقد طهّر العالم، غاسلاً الأوساخ والرماد.
        
        
        
        ازداد المطر سوءًا عندما تحولت الساعة الرقمية إلى منتصف الليل على طاولتي بجانب السرير.
        
        صوت الطرقات الموسيقي على سطح بيتي غنّى لي حتى نمت.
        
        ليلة. بعد ليلة. بعد ليلة.
        
        أُلغيت المدرسة في ذلك اليوم. كانوا يتوقعون أن تبدأ في اليوم التالي والأسبوع الذي يليه. أتذكر أنني كنت أحدق في السماء المظلمة من فراشي المخطط بملابس نوم قطنية، أنتظر أن تتوقف السماء.
        
        لكنها لم تتوقف أبدًا.
        
        لم أرَ ممرات مدرستي الثانوية المبلطة منذ أن بدأ المطر.
        
        لقد غمر كل شيء: الشوارع، محلات البقالة، البيوت. وفقط عندما كان المحيط على وشك أن يبتلع الناس، توقف. قبل أن أضطر للمشي في مجرى مياه كلما خرجت من السرير، وقبل أن يتم إخلاء مانهاتن والمدن الساحلية الأخرى.
        
        فرح الجميع. صرخوا، رفعوا قبضاتهم في الهواء، وصاحوا للعالم أنهم سينجون، نفس العالم الذي كان يحاول طردهم. صرخوا بالنصر. تم تحديد موعد بدء الدراسة مرة أخرى. كان الناس يخططون للذهاب إلى العمل مرة أخرى. كان العالم مستعدًا لإعادة البناء. أجرى العلماء دراسات رسمية للكارثة الطبيعية، وأعطوها اسمًا وحاولوا شرح من أين أتى كل هذا الماء.
        
        كان الجميع مشتتًا جدًا بفرحهم لدرجة أنهم لم يلاحظوا رقاقات الثلج البريئة تتساقط على رؤوسهم.
        
        لم يلاحظوا إلا بعد فوات الأوان.
        
        تطاير المسحوق الأبيض في الهواء كما تساقط المطر خلال الشهر الماضي، والجليد يغطي الأرصفة، والثلج يغطي كل شيء بطبقة خفيفة من البياض.
        
        المدة بين المطر والثلج كانت مجرد عين العاصفة.
        
        والأسوأ من ذلك؟ العاصفة لم تنتهِ بعد. المطر كان مجرد تمهيد، الكلمة الافتتاحية، المقدمة. الأسوأ لم يأتِ بعد ولا يزال كذلك.
        
        بدأ الثلج بالتساقط منذ ستة أشهر.
        
        لم يتوقف الثلج عن التساقط منذ ذلك الحين.
        
        ----
        
        
        
        
        توقف تساقط الثلج.
        
        في لحظة، كان ينزل، يدمر الأرض بزوابعه البيضاء، تمامًا كما كان يفعل طوال الأشهر الستة الماضية.
        
        ثم اختفى.
        
        لا رقائق تتساقط في الهواء. لا برد قارس يدمر كل شيء في طريقه.
        
        فقط سماء غائمة مظلمة.
        
        مددت أطراف أصابعي نحو السحاب، وقفازاتي الرمادية المهترئة توفر حماية قليلة جدًا من البرد. لون رمادي غطى الأرض. انتظرت بصبر، عالمًا أن رقاقة ثلج ستسقط. لا بد أن هذا وهم. فردت أصابعي في الهواء. شعرت بالنسيم المتجمد على جلدي الجاف المتشقق.
        
        لا شيء.
        
        سقط ذراعي إلى جانبي؛ وفمي مفتوح وأنا أحدق في السماء. لقد توقف. توقف الثلج. لم أستطع استيعاب الأمر بالسرعة الكافية. كيف؟ لماذا الآن؟
        
        ثم فكرة أخرى: لن يدوم طويلاً.
        
        هذا هو الخطأ الذي ارتكبناه في المرة الأخيرة التي توقفت فيها السماء عن محاولة قتلنا. الفرق الوحيد الآن هو أن السماء قد دمرتنا بالفعل.
        
        الإنسانية ماتت.
        
        ربما كان هناك ناجون، لكن ليست الإنسانية.
        
        كان علي أن أواصل التحرك. التوقف يعني الموت. السقوط يعني الموت. البقاء في الخارج لفترة طويلة في منطقة مفتوحة مثل الحقل الأبيض الذي أقف فيه الآن يعني الموت. كان علي أن أصل إلى الدفء. الأمان.
        
        كنت أعرف وجهتي. رأيت هدفي أمامي. مجرد فكرة المأوى الدافئ أبقتني مستمرًا. كان مجرد أمل بالطبع: أن المتجر الذي كنت متوجهًا إليه سيكون لديه كهرباء بطريقة ما. أمل غير محتمل جدًا في ذلك. على الأقل، يمكنني جمع الإمدادات منه.
        
        كان هذا هو الشيء الوحيد المتبقي الذي يحافظ على إنسانيتي: الأمل. ولن أتركه يذهب.
        
        أجبرت نفسي على رفع حذائي الثقيل من الثلج وإنزاله مرة أخرى. شققت طريقي بصعوبة عبر البرد، مركزًا على الوصول إلى مأوى. لقد مضت ساعة منذ أن رأيته لأول مرة - قمة متجر تبرز من المشهد الطبيعي. أي راحة من رحلتي المستمرة عبر البرد كانت رحمة.
        
        لقد مر وقت طويل منذ أن بدأت هذه المسيرة المؤلمة، محاولًا الابتعاد قدر الإمكان عن مكاني الأصلي. هناك حيث سار كل شيء خطأ.
        
        قشعريرة سرت في عمودي الفقري.
        
        بيت ضواحي ب ألواح زرقاء. عشب مقصوص تمامًا. ثلاث غرف نوم: واحدة لأمي، وواحدة لأخي كولين، وواحدة لي.
        
        هبة رياح مفاجئة ضربت وجهي وحجبتها بذراعي غريزيًا. فقط أبعد قليلاً. دفعت نفسي للتحرك أسرع، لأجر نفسي أسرع قليلاً...
        
        ثم رأيتها.
        
        لمحة ضوء وسط الزوابع الدائرية التي دفعتها الرياح القاسية في الهواء. تسارعت ضربات قلبي. تقدمت بخطوات أسرع بينما كانت الرياح تصفعني. علقت قدمي في كتلة جليد كثيفة بشكل خاص وتعثرت، واندفع جسدي إلى الأمام. سقطت على وجهي، وأصابعي متفرقة على سطحه المتجمد.
        
        رفعت رأسي.
        
        كان يقف أمامي أعلى مبنى كبير بجدران مطلية باللون الأبيض مغطاة برسومات جرافيتي متعددة الألوان. كلمات من عصر مضى، قبل أن يتجمد كل شيء، تزين الطوب.
        
        دفعت نفسي عن الأرض، وتركيزي بدلًا من ذلك على الضوء الأبيض الذي تسرب من النوافذ الزجاجية للمتجر. علقت لافتة بشكل مائل فوق المدخل بكلمات كان من المستحيل قراءتها، تشوهاتها كبيرة جدًا بحيث لا يمكن تمييز أي حروف واضحة.
        
        لقد ابتلع الثلج معظم المبنى، لكنه كان طويلًا بما يكفي ليظل ظاهرًا. كانت النوافذ في واجهة المتجر مفتوحة قليلًا، مما خلق مدخلًا.
        
        بذهول، تعثرت نحوها. استغرق الأمر مني لحظة لأدرك أنني لم أعد أسير بصعوبة عبر أكوام الثلج. الآن، كان جليدًا فقط. كدت أنزلق مرة أخرى لكنني تمالكت نفسي. ضغطت بيدي على جدار الطوب، أصابعي خدرة جدًا لدرجة أنني لم أشعر به.
        
        كان ركن المتجر على بعد بضعة أقدام. بمجرد أن أتجاوز تلك الحافة، سأتمكن من الرؤية في الداخل.
        
        خطوت خطوة أخرى، وحذائي أحدث صوت طقطقة في بركة ضحلة. كان الصوت طقطقة حادة على النقيض من الصفير الناعم للرياح. ضرب الضوء وجهي عندما اقتربت من النافذة. حجبت عيني، وأعميتني السطوع للحظة قبل أن أتمكن من رؤية ما بالداخل.
        
        لم يكن يجب علي أن أخرج إلى هنا أبدًا.
        
        في ثوانٍ، كان ظهري ملتصقًا بالطوب الأبيض، وقلبي ينبض عشر مرات أسرع من المعتاد. الدم يتدفق بسرعة في عروقي. لقد انطبعت الصورة في دماغي.
        
        كانت الغرفة في الطابق الثاني من مبنى. السلالم في الزاوية تؤدي إلى منطقة تحت الأرض لم تستخدم منذ شهور. لكن هذا لم يكن ما أرعبني.
        
        كان رجل وامرأة يقفان على جانب واحد من المتجر، وكلاهما مضروبان بنفس القدر بملابس قذرة مثل تلك التي أرتديها. عبرهما كان يقف رجل أضخم يحمل كومة من العملات المعدنية في يده.
        
        الأكثر إزعاجًا كان العضو الرابع في مجموعتهم: صبي في حوالي الرابعة عشرة. كان يقف بينهم، ملابسه ممزقة، شفتاه متشققين وزرقاوين، بالكاد يستطيع الوقوف على قدميه بسلاسل تتدلى من معصميه إلى يد الرجل الأضخم بينما كان يقدم العملات المعدنية للرجل والمرأة.
        
        حتى الآن، كنت أسمع الدمدمة الخافتة للنقاش فوق هبوب الرياح الناعم.
        
        لم أكن قد عثرت على أي متجر. لقد تم الاستيلاء عليه من قبل عصابات المنطقة، كمكان يمكنهم فيه تبادل الإمدادات، الطعام، المخدرات...
        
        البشر.
        
        كنت أعلم أنني كان يجب أن أبقى بعيدًا عندما رأيت الضوء. الكهرباء كانت نادرة – كانت رفاهية. كان يجب أن أعلم أن أناسًا مثلهم سيكونون هنا.
        
        
        
        
        
        
        
        
        أغلقت عينيّ، محاولًا إبعاد الصورة. أردت أن أنسى أنني رأيتها على الإطلاق. كنت أعلم بهذا بالفعل - لقد رأيت الأشخاص الذين تم أسرهم وإجبارهم على العبودية من قبل. عادةً، كانت العصابات تفترس أولئك الأذكياء بما يكفي للهروب من منازلهم قبل أن يغطيهم الثلج بالكامل. كانوا هم من يتجولون في المناظر الطبيعية العاجية القاحلة بمفردهم.
        
        لكن هؤلاء الناس، أولئك الذين ما زال لديهم ما يكفي من الأمل لمواصلة التجوال، غير مدركين بحماقة للحقيقة حول العصابات، سيكتشفون قريبًا أنه لا يوجد ضوء في نهاية هذا النفق. لا يوجد مرشدون لإنقاذهم. الجميع وحيدون. الجميع يهتمون فقط باحتياجاتهم الخاصة، بقائهم على قيد الحياة. تشكلت التحالفات من أجل الحفاظ على الذات. الحب مات. التعاطف مات.
        
        تمامًا كما ماتت الإنسانية.
        
        جزء منها مات عندما سقطت رقائق الثلج الأولى تلك، محطمة الأمل الذي بُعث في الناس في اللحظة التي توقف فيها المطر. ثم، على مدار بضعة أشهر، استمرت في الموت، مع كل نشرة أخبار يومية تعلن عن تقارير مروعة. الأخبار الجيدة الوحيدة جاءت في الأيام التي كانت فيها درجة الحرارة أعلى قليلًا، وكان ارتفاع الثلج ينخفض بشكل ضئيل. بمرور الوقت، فقد الناس كل الأمل.
        
        تردد صوت خطوات من داخل المتجر.
        
        "كما هو مخطط له،" رد آخر. فجأة، كان المتحدث يمشي في اتجاهي.
        
        كنت أعلم بالفعل كيف يعاملون الأشخاص الذين يجدونهم عاجزين في أكوام الثلج. لقد نجوت بما يكفي لأعرف متى يجب أن أهرب، وهذا كان أحد تلك الأوقات.
        
        مع اقتراب الخطوات، تراجعت خطوات صغيرة، محتفظًا بالصمت. ضوضاء كثيرة وقد يجدونني.
        
        كان هناك صرير خفيف بينما فتح أحدهم النافذة. ثم، انفجار مفاجئ من الدفء انبعث من الداخل. شعرت به على الرغم من بعدي.
        
        ضغطت بظهري على الحائط بينما توقف شخصان عن الحركة خارج المدخل مباشرة، وظهراهما نحو المكان الذي كنت أختبئ فيه في الظلام. سمعت همسات لكن لم أستطع فهم أي شيء من الشذرات.
        
        جاءت فكرة غريبة إلى ذهني. كان هناك رجل واحد فقط في المتجر مع الصبي المقيد بالسلاسل. رجل واحد، بدا قويًا للغاية، ولكن إذا تمكنت من مفاجأته...
        
        قد أتمكن من تحرير الصبي. كان لدي سكين مدسوس في حذائي. شعرت به يضغط على كاحلي. كل ما كان علي فعله هو التسلل عبر الباب. ثم، عندما لا ينظر الرجل، أهاجم. لن يكون الأمر صعبًا للغاية. هذا الصبي لا يستحق ما كان سيحدث له.
        
        ثم مرة أخرى، ستكون المحاولة بأكملها مخاطرة. إذا تم القبض علي، فلن يكون هناك أحد في الخارج لإنقاذي من أهوال أن أصبح خادمًا للعصابة.
        
        كل شخص يقاتل من أجل نفسه. الأبطال لم يعودوا موجودين.
        
        وعلى الرغم من أنني لم أرغب أبدًا في الاعتراف بذلك، فقد كنت ميتًا من الداخل أيضًا.
        
        حدقت في الزوجين الواقفين أمام المتجر، والفكرة تتلاشى من ذهني.
        
        ثم، استدار أحدهما.
        
        استطعت أن أحدد اللحظة بالضبط التي ثبتت فيها عيناه المظلمتان المفترستان على عينيّ.
        
        تدفقت الأدرينالين في جسدي، وكل عضلة عادت للحياة في تلك الثانية بالضبط. توقف العالم للحظة بينما كان يحدق في عينيّ.
        
        "يا!" وانكسرت اللحظة.
        
        طاقت قدماي على الرصيف الزلق. في الثانية التالية، كنت أركض بصعوبة عبر الثلج، أحذية تعلق كل بضع ثوانٍ. كان الأمر مثل الركض في الماء: كلما حاولت الإسراع، كلما شعرت أنني أتباطأ. ذكرني ذلك بتلك الأحلام حيث لا أكون سريعًا بما يكفي للهروب، بغض النظر عن مدى صعوبة المحاولة.
        
        علقت حذائي في كومة عميقة من الثلج. بينما كنت أحاول انتزاعها، مر نسيم خفيف بجانب خدي. نظرت إلى الخلف لأرى الرجل يسحب زناد بندقية. لا رصاص - فقط سهام. بالكاد انحنيت في الوقت المناسب.
        
        كنت أعرف ما تعنيه السهام. لم يرغبوا في قتلي، أرادوا استخدامي. هكذا ازدهرت مجتمعات العصابات - من عمل العبيد من الناجين.
        
        بدأت أسحب حذائي بيأس. ارتفع الذعر، وارتفع مثل الأصلة. لا، لا، لا. كان علي أن أهرب. كان علي فقط أن أسحب بقوة أكبر قليلاً...
        
        شعرت بانفكاك بينما ترك الثلج قبضته على قدمي. باستثناء... كانت قدمي فقط. كان حذائي ما زال عالقًا في الثلج.
        
        لم يكن لدي وقت لمحاولة سحب حذائي. في تلك اللحظة بالضبط، شعرت بشيء يقرص كتفي الأيمن. مددت يدي إلى الخلف بأسرع ما يمكن وانتزعت السهم، رميته بعيدًا. اللعنة. وقفت مرة أخرى وركضت. أو حاولت الركض. انزلق الدواء في عروقي، يسمم دمي بينما كنت أتحرك، مما جعل رؤيتي ضبابية وساقاي ثقيلتين كالرصاص. لكن كان علي أن أواصل السير. لم أستطع التوقف الآن.
        
        دوى صوت الأحذية ورائي. صليت أن ينزلق أحدهم على الجليد.
        
        انقبضت مع كل خطوة بينما كانت قدمي العارية تضغط في الثلج. كان الأمر مثل الركض عبر بحر من الإبر. بينما استهلك الظلام الحواف الخارجية لرؤيتي، زحفت خلف جذع شجرة جليدي كبير. حثثت نفسي على تسلقه كما فعلت مرات عديدة من قبل، ملفًا ساقي حول اللحاء وأسحب نفسي للأعلى، باستثناء أنه لم ينجح. كلما بذلت جهدًا أكبر، كلما بدا السواد يغطي رؤيتي أكثر. سقط جسدي على الأرض، خفف الصدمة كومة ثلج. تباطأ تنفسي. تمايلت فروع الأشجار الثلجية ذهابًا وإيابًا فوقي في الرياح العاتية. جزء من دماغي كان يصرخ في وجهي لأنهض، لكن صوتًا أكثر إقناعًا أخبرني أن أسترخي. أن أستسلم لهذا المصير. لم أعد أشعر بالبرد اللاذع على قدمي، حتى عندما بدأ الثلج في التساقق مرة أخرى، يدفنني.
        
        اختفى العالم تمامًا، والظلام يستهلك مجال رؤيتي. كانت قبضته علي مريحة تقريبًا بينما توقفت أعصابي عن العمل.
        
        تخلى جسدي عن المقاومة. ماذا كان هناك لأقاتل من أجله؟
        
        لم يبقَ شيء.
        
        لا حب. لا أبطال أو نهايات سعيدة.
        
        لم تعد موجودة.
        
        ليس بعد الآن.
        
        
        
        
        
        
         "كاليستيا،" همست أمي، يداها تحتضنان جانبي وجهي. امتلأت عيناها الزرقاوان الفاتحتان بالدموع وانسابت ببطء على خديها. "أنا آسفة."
        
        ارتعش جسدي من بقايا الأدرينالين. مددت يدي وأمسكت بيدها الرقيقة. كيف كان وجهها شاحبًا هكذا؟ لم أستطع تصديق أن حياتها كانت تستنزف منها وأنا أجلس هناك. بالكاد استطعت التحدث فوق الغصة في حلقي. الدموع التي قطرت على خدي بالكاد شعرت بها وهي تسقط على قميصها الملطخ بالدماء. "أمي، لا،" تمتمت. أردت أن أصرخ، لكنني كنت أشعر وكأنني أختنق. "ستكونين بخير. يمكنني مساعدتك. يمكنني..."
        
        تلاشت كلماتي بينما ركزت عيناها في مكان آخر. "كاليستيا...."
        
        لم يبقَ شيء لأقوله. كل ما كان بوسعي فعله هو المشاهدة.
        
        "قبل سبعة عشر عامًا، عندما رأيت طفلتي للمرة الأولى... ابتسمتِ لي." ارتجف جسدها وهي تسعل. "ابتسامتك... هي كل ما أردت أن أراه على الإطلاق." بالكاد استطعت الرؤية من خلال ضباب دموعي. "تذكري أنني أحبك. إذا كان هناك شيء واحد... سينقذك... فهو الحب... لا... لا...." بدأت تسعل بعنف.
        
        ثم التفتت إليّ للمرة الأخيرة، وألمها يتلاشى بالفعل. "لا تفقدي ذلك...."
        
        فتحت عيناي على مصراعيهما.
        
        جليد. برد. ألم.
        
        كنت لا أزال تحت الشجرة.
        
        استغرق مني الأمر لحظة لأتذكر ما حدث. بشكل غير مفاجئ، كنت مغطاة بالثلج على الأقل بضعة سنتيمترات ارتفاعًا. مرت بضع ساعات. بطريقة ما، لم أقتل أو أسر خلال ذلك الوقت.
        
        مررت بلقاءات قريبة مع العصابات، لكن لم يكن أي منها قريبًا كهذا. زحف جلدي عند التفكير في مدى سوء ما كان يمكن أن يحدث. لمرة واحدة، كنت ممتنة لوجودي في الثلج.
        
        كانت العصابات مجرد عقبة أخرى في حياتي الآن.
        
        كانوا موجودين منذ المطر. خلال ذلك الشهر الأول، ارتفعت معدلات الجريمة بشكل كبير. معظم الناس اعتقدوا أنها نهاية العالم. النهب والسرقة كانا طريقة حياة. كان الناس أنانيين عندما يتعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة.
        
        كان صباح يوم أحد، والمطر لا يزال يضرب في الخارج، عندما عادت قناة الأخبار المفضلة لأمي للحياة وأعلنت عن "التهديد الخطير للجريمة المنظمة التي تغزو مدننا."
        
        على ما يبدو، العمل الجماعي جعل الحياة أسهل. بدلًا من السرقة بمفردهم، كان الناس يسرقون في جماعات. هذا جعل إيقافهم أكثر صعوبة.
        
        استسلمت الشرطة. انضموا إليهم. لا أستطيع أن أنكر أنني كنت أميل للانضمام في نقطة ما. كان ذلك قبل أن أعرف عن أساليبهم المروعة.
        
        بحلول الوقت الذي بدأ فيه الثلج، كانت العديد من العصابات موجودة منذ فترة. لم أكن أعرف متى بدأوا في اختطاف الناس كعبيد. لم أكن أعرف لماذا سيجد أي شخص ذلك مقبولًا، حتى في نهاية العالم.
        
        كنت أعلم فقط أن أبقى بعيدًا عنهم قدر الإمكان. هؤلاء الناس كانوا بلا رحمة. لم يهتموا بأي شيء، طالما بقوا في قمة السلسلة الغذائية.
        
        بالكاد استطعت أن أشعر بيديّ ولم أستطع أن أشعر بقدمي التي بلا حذاء على الإطلاق. كان ذلك مقلقًا بعض الشيء، لكنني لن أتمكن من الاعتناء بها حتى أخرج من الثلج.
        
        وقفت، أمسح رقائق الثلج عن جسدي المتيبس. انقبضت عندما اصطدمت قدمي بالأرض المتجمدة. الأولوية الأولى: استعادة حذائي. وإلا، لم أكن متأكدة من المدة التي سأصمد فيها قبل أن أصاب بقضمة الصقيع - إذا لم أكن مصابة بها بالفعل.
        
        ماذا لو كان أفراد العصابة لا يزالون هناك؟ افترضت أن علي خوض تلك المخاطرة. الأسر المحتمل أفضل من العجز الدائم.
        
        عرجت بعيدًا عن الشجرة. كان نقص الإحساس في أصابع قدمي مقلقًا. بعد بضع دقائق من البحث، وجدت المكان الذي تم تخديري فيه. كانت كتلة بنية عالقة في كومة الثلج.
        
        "تبًا لك،" تمتمت بينما انتزعت الحذاء من الثلج. نظرت إلى المتجر. للحظة، تسارعت ضربات قلبي عندما لاحظت الشكل المظلم يتحرك نحوه من الاتجاه المعاكس، بعيدًا بما يكفي بحيث لن يروني. كان علي التحرك.
        
        كان حذائي رطبًا وباردًا عندما ارتديته. مقزز. السكين الذي كنت أحتفظ به في الأربطة كان لا يزال هناك. على الرغم من أنني لم أجد الفرصة لاستخدامه وافتقر إلى مهارات القتال، إلا أنه كان مريحًا.
        
        سقط الثلج بغزارة بينما كنت أعود. الدقائق القليلة من الراحة كانت مجرد شذوذ.
        
        بينما كنت أسير مبتعدة، خطرت لي فكرة أخرى.
        
        ذكرت العصابة اجتماعًا الليلة. الشكل المظلم البعيد الذي رأيته ربما كان يتجه إلى هناك من أجل الصفقة. سيتم بيع ناجٍ آخر. عادة، يمكنني تجاهل وخز التعاطف لدي، لكن بعد ما شهدته...
        
        رؤية صفقة شخصيًا آلمني. وجه الصبي عالق في ذاكرتي.
        
        لم أكن بطلة.
        
        ومع ذلك، كان من غير المرجح أن أجد موقعًا تجاريًا آخر كهذا. معظمها كان موجودًا أقرب إلى...
        
        المكان الذي سمعت عنه شائعات فقط. خط الاستواء.
        
        قبل أشهر، عندما بدأ الثلج في التساقط لأول مرة، ذكرت أمي ذلك بهمسات خافتة لأخي. حاولت ألا أستمع كثيرًا - شعرت بالسوء من التجسس. كانوا يتجادلون. أرادت أمي من أخي أن يأخذني في الرحلة الطويلة إلى خط الاستواء. أخي لم يرغب في تركها ورائه.
        
        لم يفلح في ذلك أبدًا. لن يفلح أبدًا. ارتجفت.
        
        كان خط الاستواء منارة أمل للناجين الوحيدين. لم يكن الثلج سيئًا هناك. أو لم يكن مميتًا. على ما يبدو، كانت هناك حضارة من اللاجئين يعملون معًا ويعيشون في سلام.
        
        على الأقل، الشائعات تقول إنهم كانوا يعيشون. تساءلت أحيانًا ما إذا كان كل ذلك مجرد مزحة لإعطاء أناس مثلي الأمل.
        
        
        
        
        
        
        
        
        على أي حال، لم يكن أي من ذلك يهم. الآن، كنت أفكر في أن أكون متهورة.
        
        كانت لدي فرصة لإنقاذ حياة شخص ما. في الليلة السابقة لم أنتهزها. كنت ذكية بما يكفي لعدم المخاطرة بنفسي. على الرغم من المخاطرة، كل ما شعرت به هو شعور مألوف بالذنب يلح عليّ. كان يأتي في كل مرة أرى فيها أفراد العصابة وأختبئ. يمكنني فقط أن أتخيل الصبي وأين هو الآن... ماذا يمر به.
        
        تساءلت عما كنت سأفكر فيه لو كنت مكانه. تخيلته صديقًا لي.
        
        لو كان أخي...
        
        لم أستطع إجبار نفسي على الابتعاد. عادة كنت أستطيع، لكن كل ما كنت أفكر فيه هو وجه أمي من أحلامي.
        
        معظم الوقت، كنت أتعثر في موقع تجاري بالصدفة. هذه المرة، كنت مستعدة. كنت أعرف الوقت. كنت أعرف الموقع. وبصراحة، كنت متعبة من التجوال في البرية بلا هدف.
        
        أعني، كنت سأموت يومًا ما على أي حال. ربما قريبًا إذا لم يتوقف الثلج.
        
        سيكون من الأذكى تجاهل غرائزي التعاطفية والتركيز على إنقاذ نفسي، لكن أليس الرضا بالواقع سيئًا مثل الشعور بالذنب؟
        
        وكنت متهورة لسبب آخر لم أرغب في الاعتراف به.
        
        ربما كان التعاطف مجرد عذري. لم يعد لدي ما أخسره.
        
        استدرت، متجاهلة شكوكي، وتوجهت نحو المتجر. سأختبئ في نفس المكان كما في السابق، ملتزمة بالظلال. ثم، عندما أرى فرصة للضرب، سأفعل.
        
        اجتاحتني الذكريات من ساعات سابقة بينما كنت أسير بصعوبة نحو المبنى الأبيض. لم أكن متأكدة من الوقت، لكن السماء الرمادية قد أظلمت. هذا لا يمكن أن يعني إلا أنني قللت من تقدير المدة التي فقدت فيها الوعي.
        
        مر الوقت بسرعة. في ثانية، كان الشكل المظلم مجرد بقعة، في الثانية التالية سمعت خطوات وفتح النافذة بينما تسلل شخص إلى الداخل. بعد بضع دقائق، المزيد من الخطوات. هذه المرة، ثلاث أزواج مميزة.
        
        تحققت مرة أخرى من السكين في حذائي، متأكدة من أنني لم أفقده. كان كل ما لدي.
        
        عندما سمعت النافذة تغلق، تسللت نحو المدخل، حريصة على البقاء بعيدًا عن الأنظار. لم أستطع إخفاء عرجي. سيطر تركيزي على أي أفكار تتعلق بقدمي.
        
        "أنا متفاجئ أن ديفيد وافق على الصفقة،" قال الصوت الخشن بصوت عالٍ.
        
        "إنها صفقة جيدة."
        
        "جيد." طنين العملات المعدنية بينما تم تمريرها. نظرت بحذر من النافذة. تمامًا كما في السابق، وقف أفراد العصابة الثلاثة في المنتصف مع ورقة تبادل مختلفة. هذه المرة، كانت فتاة تبدو في مثل عمري تقريبًا بشعر أحمر داكن وخوف في عينيها البنيتين. لم تكن وحدها. بجانبها وقف صبي بنفس الشعر ووجه مطابق تقريبًا لوجهها. بدوا وكأنهم توأمان.
        
        كلاهما كان يرتدي سلاسل حول معصميهما. قامت عضوة العصابة الأنثى من قبل بشدها بمرح. تعثر الصبي فقط. ضحكت قبل أن تسلمهما، السلاسل تصدر صوتًا عاليًا. لم أتردد. أمسكت بمقبض النافذة، فتحتها، وتسللت إلى الداخل، كل ذلك بينما أخفى صوت السلاسل أي ضوضاء أحدثتها. ضغطت بظهري على الزاوية الداخلية للمتجر حيث كنت مختبئة في الظلال. جاء الضوء الوحيد من مستطيل فلورسنت واحد في منتصف الغرفة فوق رؤوس أفراد العصابة.
        
        سحبت سكينني من حذائي، أخرجتها من قطعة القماش التي لففتها فيها لتجنب قطع كاحلي. لفتت أصابعي حول المقبض. بينما اقتربت من الرجل الضخم الذي كان يحمل الآن سلاسل السجناء الاثنين، أبقيت سكينني جاهزة.
        
        "أربعون قطعة نقدية، كما وعدت،" قال، ملقيًا حفنة من المعدن اللامع في أصابع المرأة النحيلة. سكبتها في كيس عند خصرها. "من الأفضل أن يكونوا عمالًا جيدين."
        
        "إنهم كذلك،" أجابت المرأة. "وإذا هددت أحدهما، سيفعل الآخر أي شيء. أنت تعرف كيف يعمل التوأمان."
        
        أظن أن هذا أجاب عن تكهناتي.
        
        استدارت، وشعرها الأسود القصير يلمع تحت الضوء الصناعي. "هيا بنا،" تمتمت لشريكها.
        
        عبست. لم يكن هناك سبيل لمواجهة أفراد العصابة الثلاثة دفعة واحدة. بالكاد كنت أعرف كيف أستخدم السكين على أي حال.
        
        ولكن إذا غادر عضوا العصابة اللذان سلما التوأم قبل أن يغادر الرجل الضخم...
        
        سيظل الأمر صعبًا - كنت متأكدة جدًا من أنني سأخسر أمام هذا الرجل في قتال. لكن يمكنني أن أفاجئه، وإذا ترك تلك السلاسل...
        
        ثلاثة ضد واحد بدا كاحتمالات جيدة جدًا.
        
        كانت الفكرة جامحة ومتهورة. كنت أعتمد على أن العبدين قادران بما يكفي على المساعدة. ولكن إذا نجح الأمر، فسنكون خارج المتجر قبل أن يتمكن أي شخص من إطلاق بندقية مهدئة.
        
        كانت هذه أفضل فرصة سأحصل عليها، حتى لو كانت فكرة طعن شخص ما تزعجني.
        
        
        
        
        
        
        
        بينما وصل الاثنان إلى النافذة، خطوت خطوة إلى الأمام، وقلبي يخفق بعنف في صدري.
        
        تجمدت.
        
        لأن الرجل الذي يمسك بالسلاسل كان فجأة على ركبتيه، يمسك جانبه. استغرق الأمر مني لحظة لربط الصوت الحاد الذي سمعته بالرجل النازف أمامي.
        
        أحدهم أطلق عليه النار.
        
        ولم أكن أنا.
        
        أعادتني الغريزة إلى الجدار. اختفت ثقتي. لم يكن لدي أي فكرة من أين جاء إطلاق النار. لا يمكن أن يكون من العصابة الأخرى، لأنهم كانوا يحدقون في الرجل بعيون متسعة، مصدومين مثلي.
        
        في تلك اللحظة لاحظت لمعان معدن أسود. شيء ما تحرك في الزاوية المقابلة للمتجر. أصابع أمسكت بزناد.
        
        أفراد العصابة الآخرون جمعوا القطع أسرع مني. المرأة على اليمين أخرجت مسدسًا حقيقيًا، صوبت، وسحبت الزناد. انحنيت خلف صندوق قريب مع انطلاق الرصاصة. بناءً على صوت الطنين، أخطأت هدفها.
        
        من خلف الصندوق، رأيت الاثنين يطوقان مطلق النار. خرج من أمان الظلام، ويديه مرفوعتين فوق رأسه. لكن على عكس الخوف الغالب الذي رأيته في عيني الفتاة المقيدة بالسلاسل، رأيت تمردًا. كان تصميمًا غير مرئي في هذه الأرض القاحلة الباردة.
        
        نزف الرجل على الأرض بينما أمسك رفيق السيدة سلاسل التوأم من الأرض.
        
        "يبدو أننا كنا محظوظين،" قال لشريكته.
        
        ابتسمت؛ عظام وجنتيها بارزة بفضل قصتها القصيرة. "لا أعتقد أننا كنا سنفعل أفضل. ديفيد سيكون سعيدًا." أخرجت زوجًا من الأصفاد من حزامها وقيدت مطلق النار، وعلى وجهها ابتسامة رضا.
        
        بينما كانت تشد الأصفاد، همست للصبي ببهجة، "شكرًا لقتلك شريكنا التجاري."
        
        بصق في وجهها. تجهمت وابتعدت.
        
        لم أكن متأكدة مما يجب فعله. لقد فقدت عنصر المفاجأة. هذا الصبي أفسد ميزتي.
        
        من كان هذا الصبي؟ بعض المدافعين عن مواقع التجارة لم أرهم من قبل؟ كنت منزعجة قليلاً لأكون صادقة.
        
        يمكنني الانتظار حتى يغادر أفراد العصابة وأهرب. كما قلت، لم أكن بطلة. بينما بدأت أستسلم لذلك، ضميري مرة أخرى أزعجني. هل يمكنني المغادرة الآن؟ لقد وصلت إلى هذا الحد.
        
        محاولة المساعدة ستكون انتحارًا.
        
        لكن ربما يستحق الأمر.
        
        ماذا كان لدي لأخسره؟
        
        لقد جئت إلى هنا لغرض.
        
        إذا كان هناك شيء واحد سينقذك، فهو الحب. لا تفقديه. كلمات أمي. لم أستطع إخراجها من رأسي.
        
        لا تفقده.
        
        لم أستطع أن أفقد نفسي، حتى لو شعرت بالضياع.
        
        خرجت من خلف الصندوق وهاجمت.
         
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء