موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        رواية بنت عربية في اوروبا - يومياتها مع الشباب والدراسة

        بنت عربية في اوروبا

        2025,

        اجتماعية

        مجانا

        بنت عاشت فترة في أوروبا وتحديداً هنغاريا، وتشاركنا تجربتها بكل صراحة. تتكلم عن ثقافتهم المختلفة، من ناحية الشباب اللي ما يعجبونها، ونظام المدارس اللي تشوفه غريب، وكمان عن الأكل اللذيذ اللي جربته. البنت هذي تلاحظ قد إيش الموضة والموسيقى الأمريكية توصل أوروبا متأخر، وفي النهاية تشرح لنا بعض الكلمات الهنغارية بطريقة فكاهية.

        الشباب الأوروبي

        مؤدبين ولا محترمين مثل الشباب في كندا وأمريكا

        نظام المدرسة

        غير عملي وفيه فوضى كبيرة

        العادات الاجتماعية

        الناس في أوروبا نادرًا ما يبتسمون أو يسلمون على الغرباء في الشارع
        تم نسخ الرابط
        رواية بنت عربية في اوروبا - يومياتها مع الشباب والدراسة

        الشباب الأوربيين...
        
        ...
        
        وش كنت تفكر فيه قبل شوي؟ كنت تفكر إني بتكلم عن قد إيش الشباب اللي هنا مزز ويهبلون؟ يا شيخ انقلع.
        
        لا.
        
        أنا آسفه جداً، بس الشباب الأوربيين ما يعجبوني.
        
        ماعدا زين مالك، ونايل هوران، وبيودي باي، ما قد شفت ولد/رجال يستاهل لقب "عارض أزياء".
        
        أنا آسفه يا بنات، بس إذا هذا سبب تفكيركم في السفر لأوروبا، روحوا مكان ثاني. ما بتشوفون إلا الخيبة.
        
        وأنت يا أستاذ، أقل منافسة لك، صح؟
        
        ما راح أستخدم هذي النظرة النمطية مرة ثانية أبداً.
        
        الشباب اللي هنا لا هم مؤدبين ولا محترمين، لا هم شيء إذا قارناهم بالشباب اللي بكندا أو أمريكا.
        
        ما فيه شيء اسمه "صديق ولد" هنا. كان عندي صديق أمريكي عايش هنا، وكنا نقضي وقت كثير مع بعض. كل ما رحت معاه مكان، كل اللي أسمعه وأنا طالعة من المدرسة هو "يا زين ميرسيد وصديقها!!" أو شيء زي كذا.
        
        ليش؟
        
        ما أشوفكم تقولون "يا زين ميرسيد وصديقتها!" لما أطلع مع بنت. أنا ما أقول "يا زين فلان/فلانة مع صديقها/صديقتها!" فلا تسوونها معي.
        
        أنا أحب أطلع مع أصدقائي الشباب، يا ليتكم تشوفون قد إيش إنتم كول! بس إذا ما قدرت أطلع من المدرسة معاك من دون ما يكون فيه مصورين من الطلاب والمدرسين يسألون إذا أنا أواعدك، أو أنام معاك، أو أتباوس معاك، يمكن ما راح أطلع معك بعد كذا.
        
        ويا ليت توقفون عن لمس مؤخرتي. ما يهمني إذا كان هذا الشيء عادي بأوروبا، أنا مو أوروبية، وما راح أتعود على هالشيء.
        
        أدري إن هذا الشيء عادي بكل مكان، بس يا إلهي، وش سالفة الشباب وغرورهم؟
        
        مثلاً، إذا قلت رد ذكي، لا تسوي مشكلة، أنت بس كذا تخلي شكلك غبي. أو إذا ما تبي تلعب "ميتا" (وهي لعبة زي الكيك بول، أو أحياناً البيسبول) بحصة الرياضة، لا تفكر تلقائياً إن مسموح لك ما تسوي حصة الرياضة. هذا مو قرارك، تقدر ما تسويها إذا كنت تعبان، أو مو لابس لبس الرياضة، بس ما تقدر ما تسويها عشان الأشياء مو ماشية على كيفك.
        
        هل إنت لابس تاج؟ لا؟ أجل لا تتصرف كأنك أميرة.
        
        شكراً.
        
        وأخيراً، تحية لكل الشباب الأوربيين الكويسين، أنتم تعرفون أنفسكم.
        
        وهنا سؤالي لكم، مدرس الرياضة حقك وش كان يسوي إذا فيه أحد رد عليه، أو ببساطة رفض يسوي حصة الرياضة؟ همم؟
        
        مع حبي،
        
        
        
        ---------
        
        
        
        المدرسة...
        
        نظام المدارس هنا مو عملي أبد.
        
        في بعض الأيام، أبوي يضطر يروح لمدرستي، بعدين يروح للمدرسة الثانوية، بعدين يرجع لمدرستي، وبعدين يروح للمدرسة الثانوية مرة ثانية عشان اجتماعات التخطيط.
        
        وبرضو يعطون مدرسين يدرسون مواد المفروض ما يدرسونها. كان عندي مدرس السنة اللي فاتت ترك المدرسة بسبب هالشيء. هو مدرس إنجليزي متخصص، لكنهم خلوه يدرس علوم بس. فيزياء، ورياضيات، وأحياء، وكيمياء. طلابه المساكين ما كانوا يتعلمون أي شيء! أنا عارفة هالشيء لأني عشت التجربة، ولحسن حظي هو ما درسني إلا رياضيات، بس بما إني ما أتكلم اللغة الهنغارية، وهو ما كان يجي إلا مرة بالأسبوع، مع نهاية السنة كنت ما تعلمت إلا نص المنهج.
        
        الشيء الثاني اللي يغث بشكل مو طبيعي هو إن المدرسين يحسبون إنهم عادي يقطعون عن الشغل فجأة. يعني، مو من الاحترافية إنك تقول لهم قبل ما تترك الشغل؟ إذا بتستقيل، لازم يكون عندك الجرأة تسويها وتقول لهم ليش. ما راح يتعلمون إلا كذا. أنا كان عندي ثلاث مدرسين موسيقى وأربع مدرسين رياضيات السنة اللي فاتت. واحد من مدرسين الموسيقى حتى ما علم صاحب البيت اللي هو مستأجره إنه بيمشي. فجأة كذا مشى.
        
        الجداول. يا. إلهي.
        
        أنا آسفه على كلماتي، بس يا ربي.
        
        خلال شهر، جدوليني تغيروا يمكن خمس مرات. والتغيرات مو بسيطة، تغيرات كاملة يعني كل شيء كتبته لازم تمسحه وتكتبه من جديد. أصلا، واحد من جداولي توه تغير مرة ثانية لأن مدرس العلوم حقي مشى.
        
        كون إن عندي جدولين (أسبوع أ، وأسبوع ب) هذا شيء سخيف. وش رأيكم يوم واحد، ويوم اثنين؟ أو جدول واحد بس؟ وليش عندي ٧ حصص بيوم وخمسة أو ستة باليوم الثاني؟ أنا متأكدة إن فيه طريقة منطقية أكثر عشان يسوونها. يا جماعة.
        
        ببساطة، الدراسة هنا صعبة زي الدراسة بأي مكان ثاني، وإذا ما كانت أصعب.
        
        تنويه: هذا الكلام من تجربتي الشخصية في هنغاريا. ما قد درست بأي دولة ثانية.
        
        
        
        -----
        
        
        
        الأكل الأوروبي رهيب.
        
        أكلتي الهنغارية المفضلة إلى الآن هي شيء يسمونه "لانغوش".
        
        هي عجينة مقلية، مع الإضافات اللي تختارها. القشطة والجبن خيار شعبي، وزي القشطة لحالها (مرة مشهورة هنا، ما فيه طبق رئيسي تاكله إلا معها)، بس ممكن تاخذ لانغوش حالي يكون فيه مربى، أو سكر بس، أو نوتيلا، أو صوص شوكولاتة. صوص الشوكولاتة والنوتيلا مو نفس الشيء! صوص الشوكولاتة طعمه مو مرة، مو حالي. كأنه قهوة سوداء مع لمسة شوكولاتة. اختاروا النوتيلا أحسن.
        
        أكلتي الألمانية المفضلة هي "براتورست" (آسفة للألمان، ما عندي كيبورد ألماني - ما أدري إذا كتبتها صح) وهي سجق أبيض، ينوكل بالغالب مع خردل حالي.
        
        في سلوفاكيا، أكلت نيوكي مع زبدة وسكر مطحون. مرة ودي أرجع آكل منه.
        
        في النمسا أكلنا ماكدونالدز بس. ما أدري ليش... كان شيء يزعل.
        
        في كثير من رحلاتنا كنا نطبخ أكلنا بأنفسنا، بس جربت سلطة الأخطبوط في كرواتيا، وكانت لذيذة بشكل مفاجئ، وأكلت كثير من الكريب في سلوفينيا.
        
        أقدر أقول إن الأكل الأوروبي لذيذ.
        
        
        
        
        ------
        
        
        
        الأكل الأوروبي رهيب.
        
        أكلتي الهنغارية المفضلة إلى الآن هي شيء يسمونه "لانغوش".
        
        هي عجينة مقلية، مع الإضافات اللي تختارها. القشطة والجبن خيار شعبي، وزي القشطة لحالها (مرة مشهورة هنا، ما فيه طبق رئيسي تاكله إلا معها)، بس ممكن تاخذ لانغوش حالي يكون فيه مربى، أو سكر بس، أو نوتيلا، أو صوص شوكولاتة. صوص الشوكولاتة والنوتيلا مو نفس الشيء! صوص الشوكولاتة طعمه مو مرة، مو حالي. كأنه قهوة سوداء مع لمسة شوكولاتة. اختاروا النوتيلا أحسن.
        
        أكلتي الألمانية المفضلة هي "براتورست" (آسفة للألمان، ما عندي كيبورد ألماني - ما أدري إذا كتبتها صح) وهي سجق أبيض، ينوكل بالغالب مع خردل حالي.
        
        في سلوفاكيا، أكلت نيوكي مع زبدة وسكر مطحون. مرة ودي أرجع آكل منه.
        
        في النمسا أكلنا ماكدونالدز بس. ما أدري ليش... كان شيء يزعل.
        
        في كثير من رحلاتنا كنا نطبخ أكلنا بأنفسنا، بس جربت سلطة الأخطبوط في كرواتيا، وكانت لذيذة بشكل مفاجئ، وأكلت كثير من الكريب في سلوفينيا.
        
        أقدر أقول إن الأكل الأوروبي لذيذ.
        
        
        
        -------
        
        
        الناس بالشوارع:
        
        
        هذا شيء ما أقدر أقول إني معاه أو ضده.
        
        يمكن هذا شيء أمريكي بس، لكن لما تمشي بالشارع تبتسم، أو على الأقل تقول "أهلاً" إذا ما كان الشخص مشغول بمحادثة. صح ولا لا؟
        
        هنا، إذا مريت بأحد وقلت له "أهلاً"، بيطالع فيك كأنه مسكك مع شريك حياته. وإذا ابتسمت، بيشك فيك فوراً، ويبعد عنك كم متر.
        
        زي ما قلت، ما أدري إذا عجبني هذا الشيء أو لا.
        
        في بعض الأيام، إذا أحد قال لي "أهلاً" بابتسامة، يمكن أصفقه. وفي أيام ثانية، أكون محتاجة أحد يفرحني، وأحياناً ولد مزيون يقول "أهلاً"، يجنن. وأحياناً يكون عندي مزاج أسولف...
        
        وأنا ما أتكلم هذي اللغة. أنا أفهم "أهلاً"، وبعض الكلمات الثانية. لكن إذا طاحت علي عجوز، وبدت تسولف لي عن قصة ركبتها اللي تعورها، الكلمات الوحيدة اللي بفهمها هي أي أرقام، وبعض الكلمات اللي تربط الجمل ببعض، أو كلمات عشوائية مو مهمة.
        
        فمن هالناحية، شيء كويس إن الغرباء ما يسولفون معي فجأة. موقف محرج.
        
        والذوق هنا سيء. إذا كنت في الباص، وركبت عجوز تمشي بصعوبة، تعطيها مكانك. هذا من الأدب.
        
        بس لا.
        
        أمي شافت هذي الحرمة في الباص، كانت رافعة رجلينها على الكرسي اللي جنبها وحاطة شنطتها. وركبت عجوز. هل تحركت؟ لا. ركبت عجوز ثانية. لسا ما تحركت. وركبوا ولدين شباب حلوين؟ حطت رجلينها وشنطتها على حجرها بسرعة.
        
        بعض الناس، وش نقول.
        
        
        
        -------
        
        
        يمكن تفكر إن شيء مشهور زي أغنية "غانغنام ستايل" (للمغني ساي، إذا ما تعرفها لسا، أكيد إنك عايش تحت صخرة)، أو فيديو "لايك ماي ستاتس" (فيديو على يوتيوب لـ "مايلز جاي برودكشنز"، أنصح فيه بقوة)، أو "سموش" (قناة يوتيوب)، أو "شاين داوسون"، أو أي أغنية أو فيلم مشهور، راح ينتشر بسرعة بالخارج، صح؟ أكيد، أصلها من أمريكا بس الإنترنت ينتشر زي النار في الهشيم...
        
        طيب، لا. مثال واضح هو أغنية "أشر" هذي، تعرفونها "بيبي تونايت ذا دي جيز قاوت أس فولين إن لوف أقين". صح؟ أنا سمعتها أول ما نزلت. جيت هنا، بعد سنة تقريباً، وما عندهم أي فكرة وش أنا أتكلم عنه. ولا شيء.
        
        أنا اللي علمتهم على كثير من الفيديوهات المختلفة، "غراديول ريبورت"، "أويشي هاي سكول باتل"، "بيو دي باي". والأغاني والفنانين. أنا اللي عرفتهم على الدب ستيب العجيب. ومن اللي نصحهم بـ "بلود أون ذا دانس فلور"؟ أنا. "سليبينغ ويث سايرنز"؟ أنا.
        
        شيء غريب. يشغلون أغنية بحفلة، تكون مرة مشهورة في كندا، وأنا وشخص واحد ثاني بس اللي نعرف كل الكلمات.
        
        أنا مرة أحط نفسي بموقف "وش؟ أنت ما تعرف هذي الأغنية؟!".
        
        "هلا ليندا، قد سمعتي بـ "مارياناس ترينش"؟"
        
        "لا"
        
        "هلا فيري، قد سمعتي بـ "مايكل بوبليه"؟"
        
        "لا أبداً"
        
        "هلا بيلي، قد سمعتي بـ "كرويلا"؟"
        
        "أمم لا"
        
        شيء يغث أحياناً.
        
        ومو بس بالموسيقى أو يوتيوب.
        
        أكون على انستقرام (@merci_penguinsarecute، تابعوني! [ترويج لنفسي بدون خجل]) وأشوف شورتات كثيرة، اللي واضحة إنها موضة، وما تنتشر هنا إلا بعد شهور.
        
        مرة سويت أظافر بنقشة الأزتيك، ما كان فيه أحد شايفها قبل، مع إن كثير منهم عندهم "تمبلر". (اللي برضو أخذ شهور لين انتشر).
        
        "الكروب توب" (البلوزة القصيرة) موضة هنا بقوة، بس هذي الموضة قديمة في كندا. لأن الموضة هنا لسبب ما، تاخذ سنة وزيادة عشان تنتشر.
        
        أشياء زي "البلانكينغ" برضو. يعني، أنتم كذا تفوتون على أنفسكم مرحلة المراهقة هنا!
        
        خلصتتتتتت رأيكم.. للعلم اني عراقيه عشت بأمريكا 8 سنوات فبعرف كتير عنها وعن الحياه بأوروبا
        
        

        روايه سفر الأقدار - عالم غريب بانتظاركم

        سفر الأقدار

        2025,

        خيال علمي

        مجانا

        يا زين هذي الرواية! تبدأ بسوالف عن زخات شهب نادرة، بس كل شيء يتلخبط لما بطلتنا جيانغ هوي تحاول تاكل اندومي بعد يوم شاق. مكالمة عمل تزعجها، وتنتقم من الكمبيوتر، اللي يسبب كارثة كهربائية. وفجأة، تلقى نفسها في مكان ثاني، في عالم غريب بعد ما روحتها انسلخت من جسمها وراحت في الفضاء.

        جيانغ

        موظفة كادحة تتعرض لضغوط الشغل ولسانها سليط. حياتها مليانة حظ سيء، لدرجة إنها ما قدرت تاكل وجبة اندومي بسبب مكالمات العمل اللي ما تخلص. شخصيتها قوية وتتحمل، بس عندها حد للصبر، وفي الأخير يخلص وتنفجر.

        الفريق الفلكي الصيني

        هم أعلنوا عن زخات الشهب

        الناس العاديين في الكوكب الأزرق والكوكب 732

        ..
        تم نسخ الرابط
        روايه سفر الأقدار - عالم غريب بانتظاركم

        الساعة 3:45 العصر بتوقيت بكين، عالم الفلك الصيني المشهور "جيا منغ" وفريقه الفلكي، اللي يعتبرون الأفضل في البلد، أعلنوا أول توقع لهم عن حدث فلكي ضخم، هو زخات شهب بتكون بالآلاف. الزخات هذي تنبأوا إنها بتمر أقرب مدار لكوكبنا الأزرق من أي شيء شافه الإنسان من قبل. القياسات الحالية تدل على وجود جسم سماوي ضخم في المنطقة الإشعاعية اللي حولها، ممكن يكون ثقب أسود...
        
        "هنا، هنا... إيوه، اللي رقمها الأخير 7474، هذي هي. عطني إياها، يعطيك العافية." طلعت البنت نص جسمها من الباب ومدت يدها، وأخذت الطرد من الرجال.
        
        ظل حق التوصيل يطالع في الباب اللي تسكر وهو شوي يهتز. الكلام اللي كان يبغى يقوله ما لحق يطلعه، وبقى بس آخر "يعطيك العافية" تتردد في الجو.
        
        آه، ليش شباب هالزمن كذا مستعجلين؟ كان وده يسولف شوي، حتى لو جملة ولا جملتين. هذي خامس مرة اليوم يتقفل الباب في وجهه كذا.
        
        آه، في هالزمن، صار صعب مرة الواحد يسولف؟ متى صارت المسافة بين الناس بعيدة كذا...؟ فيلسف حق التوصيل لحظة، وحس إن الموضوع له علاقة شوي بمادة علم الاجتماع اللي درسها في الجامعة.
        
        أما عن ليش واحد مثقف ومتخرج من الجامعة صار يوصل طلبات – فهذا موضوع ثاني يحتاج دراسة اجتماعية لحاله.
        
        وبوجهه البايخ وشفايفه النازلة، حق التوصيل ما كان عنده خيار غير إنه يمشي وهو محبط، لأن الوقت كان يضغط عليه عشان يوصل الطلب اللي بعده.
        
        كان في الأصل يبغى يخبر الناس بآخر الأخبار ويقول لهم عن زخات الشهب اللي توقعوها، لكن مع قرب المغرب، ما لقى ولا أحد مهتم يسمع.
        
        هذا كان الطلب قبل الأخير له، بعده بس طلب واحد ويخلص دوامه لليوم. الأخبار قالت إن فيه فرصة كبيرة إنهم يشوفون زخات الشهب الليلة، وحجمها يعتبر حدث يصير مرة كل مليون سنة.
        
        عشان يستعد، استأجر كاميرا كبيرة ومعدات، وكان يأمل إنه يلتقط مجموعة صور فلكية خرافية. بهذي الصور، يمكن يقدر ينقز لمستوى أفضل في شغله وفي المجتمع.
        
        بس... كل هذا ممكن يستنى. السواليف ممكن تستنى. أول شيء، لازم يخلص توصيلاته. توصيل طلبات! لأنه مهما كانت أحلامك كبيرة، لازم بالأول تاكل.
        
        على فكرة، وش ذا الشيء اللي كان معلق عند البنت قبل شوي؟ تعليقة؟ جرس؟ كانت لونها رمادي ومغبر، وألوانها متخلطة، لا هي حديد ولا بلاستيك، وشغلها كان خشن، كأنه قطعة فنية انحتت على السريع.
        
        أشياء زي كذا صارت في كل مكان في هالزمن. الناس اليوم متعودين على فكرة إن الشيء الغريب شكله، كل ما كان أحسن. إذا ما فهمته، معناته إنه شيء كويس. أكيد إنه حير كثير ناس - زي حق التوصيل.
        
        في اللحظة اللي لف فيها وجهه، حس شعور غريب إن لون التعليقة كان شوي غريب. كأنه... كان يلمع؟ كان نوع من النور الغريب اللي يشد الانتباه على طول، يلمع بطريقة ما توصف، وصعب إنك تعبر عنها بأي لغة نعرفها - ما هو شعور عادي يعرفه الناس.
        
        بس بعدها، في طرفة عين، رجعت كأنها تعليقة عادية، رمادية وباهتة، عادية وشكلها شين لدرجة خلته يشك إذا اللي شافه قبل شوي كان وهم. حق التوصيل ضحك على نفسه لأنه قاعد يحلم. أكيد هذا من كثر ما يقرأ - حتى صار يتخيل أشياء خارقة للطبيعة. بس للأسف، العالم ما فيه هالكثر من الغرائب.
        
        حس على نفسه على طول إنه يمشي أسرع واتجه للجهة الثانية من المبنى.
        
        طيب، وش كانت البنت، اللي أخذت الطلب وخلت حق التوصيل يطنقر شوي، قاعدة تسوي الحين؟ أكيد في هالوقت كانت قاعدة تاكل طلبها، صح؟
        
        إيه، ومو إيه.
        
        
        
        
        
        
        
        
        بالفعل، هي استلمت الطلب. وبمجرد ما فتحت الغطا، ريحة المرق الحار اللي تشهي انتشرت في المكان، والمكونات شكلها كان يفتح النفس ولذيذ. شهيتها، اللي كانت ضايعة من كثر الشغل الإضافي طول اليوم، رجعت فجأة. بسرعة، مسكت قطعة بطاطا طرية وما قدرت تستنى تاكلها.
        
        فرحتها بسرعة تحولت لكارثة. لأنها استعجلت في الأكل، حرقها الأكل في فمها، وصارت فقاعة كبيرة. الألم كان حاد، وفي ردة فعل سريعة، كبت جزء من المرق الحار. ومن بعدها، الموضوع صار أسوأ - صار زي سلسلة ردود فعل. وشعرها صار منكوش على جوانب وجهها، ونجحت في إنها تكب كل قدر المرق الحار، بما فيه القطعة اللي كانت ماسكتها.
        
        الأكل انكب عليها كلها، والجلد اللي كان ظاهر صار أحمر من الحرق. وزيادة على كذا، ما أكلت ولا لقمة من مرقها الحار.
        
        البنت على طول صار شكلها كأنها بتنفجر، وبعدها تغير تعبير وجهها لخليط من القهر وقلة الحيلة، وتحاول تكتم مشاعرها.
        
        يا ربي. هذا هو اللي يسمونه الحظ الشين، اللي حتى لو تشرب موية تغص؟ حتى المرق الحار صار يتهاوش معي اليوم!
        
        بس بعد سنوات من مواجهة الحياة الصعبة، ما كانت من النوع اللي ينهار عشان موقف بسيط. وبعدين، ما كان فيه أحد حولها يشوف قهرها. في هالشقة الكبيرة، هي لحالها - لمين بتوري حزنها أصلاً؟
        
        بعدين، كلها قدر مرق حار انكب. ما عصبت حتى لما أجبروها يشتغلون زيادة ويعدلون العقد نفسه 43 مرة اليوم. بعد اليوم هذا، حست إن صبرها وهدوءها تحسنوا كثير. كانت ممكن تشكر العالم وعملائها لأنهم أعطوها هالفرصة، وهي تبتسم.
        
        جمعت نفسها، ونظفت الفوضى، وأخذت لها لبس بيت أي كلام، وراحت بسرعة للحمام تاخذ لها دش منعش.
        
        عدلت مزاجها بسرعة بعد ما طلعت، ورجعت طبيعية.
        
        لكن... العشاء لسه راح عليها. تطلب وجبة ثانية يعني بتجلس تستنى أكثر من ساعة. "جيانغ هوي" ما كان عندها هالكثر صبر، خصوصاً إن عميلها "الحبيب" لسه يستناها تعدل العقد للمرة الـ 44. هدي أعصابك!
        
        فقررت، بعد ما فكرت شوي، إنها تاخذ كيس اندومي من المطبخ، وتتصرف فيه للعشاء. كانت ميته من الجوع.
        
        بعد ما طلعت من المطبخ، مشت لطاولة الأكل وغلت موية. التلفزيون كان لسه يعرض أخبار عن زخات الشهب، والخبراء يستخدمون أقوى الكلمات عشان يوصفون كم هي نادرة وعظيمة بتكون.
        
        هي ما كانت مهتمة كثير في البداية، بس بما إنها كانت تستنى الموية تغلي، وصوت المعلق كان مرة جذاب، لقت نفسها سرحانة شوي، وقاعدة تعض على شوكتها.
        
        صوت الموية وهي تغلي رجعها للواقع. بسرعة كبت الموية على الاندومي، وبعدين شالتها ورجعت لمكتبها عشان تكمل شغل.
        
        الاندومي ما المفروض يجلس وقت طويل، بس برضو يحتاج وقت. وهي حاطة يدها على ذقنها، طالعت في الشباك الكبير اللي جنب الكمبيوتر. من البلكونة الواسعة، كانت لسه تقدر تشوف الليل برا. وفي نفس الوقت، الشخص اللي في التلفزيون وراها كان لسه يتكلم بحماس عن زخات الشهب.
        
        آه، يازين الطفش. متى بتجي زخات الشهب هذي؟ ممكن... في اللحظة الجاية؟ لا، مافيه أمل إني أشوفها بالصدفة. وبعدين، أنا في المدينة، مو أحسن مكان عشان أطالع في النجوم.
        
        طيب ليش قاعدة تفكر في الموضوع أصلاً؟ هل فعلاً تأثرت من كلام الناس؟ الحين، الأفضل إنها تركز على إنها تشبع بطنها.
        
        آه، الاندومي استوى، وهي مرة جوعانة.
        
        
        
        
        
        
        إلا إنها، وهي على وشك إنها تشيل غطا الاندومي...
        
        "رن رن رن، رن رن رن، رن رن رن..." دق جوالها.
        
        جيانغ هوي عصبت مرة لدرجة إنها بغت ترمي الشوكة في الصالة. وبعيون معصبة وجبين مكرمش، طالعت في الاندومي وكأنه أسوأ عدو لها.
        
        الواقع مؤلم. أنسى موضوع زخات الشهب - هل هي، اللي تعتبر عبدة مسكينة للشركات، ما تستاهل حتى تاكل كوب اندومي حار وطازج؟
        
        بآخر نظرة حزينة على الاندومي، مسكت جوالها من الطاولة، وخلت شوكتها غارزة في طرف الكوب، وراحت وهي معصبة عشان ترد.
        
        ما يحتاج تخمن - أكيد كان العميل اللي مسؤول عن الـ 43 تعديل اللي قبل. حنه وتدقيقه كان أسوأ شيء مرت فيه جيانغ هوي، وصل لمستوى سخيف.
        
        فيه عملاء كثير يدقون بعد الدوام يطلبون شغل إضافي، بس قد سمعت عن واحد يطلب منك تعدل جملة وحدة ثلاث مرات، وتدققها ثلاث مرات، وبعدين يلقى جزء جديد ويطلب تعديله؟ وإذا ما سويت له اللي يبغاه، يشتكي ويقول إنك مو محترف ويهدد إنه يشتكي عليك. وإذا تجاهلته، يروح يشتكي عليك صدق.
        
        ممكن البعض يقول إن التعامل مع عميل زي كذا ما يستاهل المشاكل، وإن خسارة جزء من الراتب بسبب شكوى أفضل. بس هذي ما هي المشكلة الحقيقية. المشكلة هي إن العميل بيضايق مديرها بنفس الطريقة، ويجننه... وفي النهاية، المشكلة بترجع لجيانغ هوي.
        
        هذي مو حلقة مفرغة وتخوف؟! جيانغ هوي لها سنة بس في الشركة، وتعاملت مع هالعميل أربع مرات. وهذي كانت المرة الرابعة، وفي كل مرة كان يعذبها لدرجة إنها تفكر بجدية إنها تستقيل.
        
        لكن، كل مرة، مديرها كان يقدر يرجعها بكلامه الحلو - غالباً عشان الراتب كان زين. عشان نكون منصفين، مديرها اضطر يتدخل مادياً عشان يقنعها، لأن إيجاد أحد صبور كفاية عشان يتحمل عميل زي هذا وبسعر رخيص مو سهل.
        
        بعد ما خلصت المكالمة، رجعت جيانغ هوي، ووجهها معصب - عيونها، خشمها، فمها، كل شيء - وهي ماسكة جوالها بقوة.
        
        طالعت في كوب الاندومي، اللي صار شكله فاضي وذابح، كأنها فضت كل اللي فيها في دقايق.
        
        وحست إنها تائهة، طاحت على الكرسي بقوة، وخلت الكرسي الخشب يطلع صوت قوي. عيونها راحت من غطا كوب الاندومي إلى مؤشر الوقت اللي في الزاوية اليمين تحت من شاشة كمبيوترها.
        
        هي اشتغلت زيادة سبع ساعات اليوم. ما تقدر حتى تاكل وجبة حارة؟!
        
        جيانغ هوي ضربت يدها اليسار على المكتب كم مرة بقهر، وهي مو مهتمة إن يدها صارت توجعها. وفي الأخير، ما قدرت تتحمل أكثر، وطلعت قهرها بأنها ضربت بقوة على الزر اللي في الزاوية اليسار فوق من الكيبورد. لما تسيطر المشاعر، يسوي الواحد أشياء غبية، وهي ما كانت تفكر زين أبد.
        
        مع إنها استخدمت إصبعين بس هالمرة، القوة ما كانت أقل من لما ضربت المكتب بيدها كلها قبل شوي. وبمجرد ما أصابعها ضربت الزر، كوب الاندومي اللي على المكتب نط وزحف قدام نص بوصة، وصار طرفه لاصق تماماً في جانب الكيبورد.
        
        وفي نفس الوقت، في مكان ما تشوفه جيانغ هوي، التعليقة اللي كانت معلقة برا نطت شوي، وطلعت نور خافت ومجموعة أصوات خفيفة كأن في شيء اشتغل.
        
        "بيب بيب بيب-" صوت طلع لفترة، بس ما كان واضح هل هو من التلفزيون ولا من صوت الساعة.
        
        عقلها صار فاضي. يا ويلي، كارثة! هل حذفت كل شيء بالغلط؟!
        
        وفي حالة من الهلع، حسّت ببرودة تمشي من ورا راسها لين رقبتها وعمودها الفقري. ظهرها صار بارد، بس وجهها وصدرها كانوا حارين. التناقض بين البرودة والحرارة خلى جيانغ هوي تحس إنها بتنجن.
        
        لو كل شيء انحذف صدق، بيصير كأني رجعت لنقطة البداية. وش اللي خلاني اطلع قهري على الكمبيوتر؟ وليش كنت كأني في حرب مع كوب اندومي؟ هل خلاص انجننت من طلب التعديل الـ 44 من العميل؟
        
        جيانغ هوي كانت تعرف إن الشيء اللي المفروض تقلق منه الحين ما هو مشاعرها، لكن هل العقد اللي قضت اليوم كله تعدل فيه جزء جزء راح بسبب تصرفاتها المتهورة.
        
        بس بعدها، فجأة جاتها فكرة غريبة. حسّت إنها فقدت عقلها، حتى فكرت إن لو العقد راح، يمكن خلاص بترتاح. هل لازم تستقيل؟
        
        فكرة إن الملف ممكن يكون راح، والكمبيوتر ممكن يكون اخترب، ملتها بشعور غريب من الفرح، كأنها طايرة في الهواء. شعور سري بالفرح والترقب طلع فيها.
        
        لحظة، وش قاعدة تفكر فيه أصلاً؟!
        
        هل هي تحت تأثير سحر، ولا عقلها فصل؟ كيف ممكن تجيها أفكار زي كذا؟
        
        
        
        
        
        
        
        آآآآآه، فكرت في نفسها، "أنا عدلت العقد هذا 43 مرة، وعلى وشك أبدأ التعديل الـ44! الوقت من ذهب - كل هذا عشان الفلوس، وما أقدر أضيعه."
        
        تغير تعبير وجهها بسرعة، وجهها صار أحمر، بعدين شاحب، وبعدها أخضر باهت، وعيونها رجعت تلمع مرة ثانية.
        
        الوقت كان يمشي ببطء. وهي تطالع في الكمبيوتر، اللي ومض كم مرة بس في النهاية رجع على الشاشة الأصلية، طلعت زفرة طويلة من الراحة - كأن الكون مو ضدها بالكامل، والتعديل الـ 44 في أمان.
        
        لكن، لسبب ما، لسه كانت حاسة بخيبة أمل شوي.
        
        آه، فكرت في نفسها، "بخلص التعديل هذا بس، وبطفي الكمبيوتر، وبنسى كل شيء ثاني."
        
        جيانغ هوي حطت يدها على الكيبورد، واليد الثانية مسكت فيها كوب الاندومي، عشان تحطه على جنب. من طرف عينها، لمحت المرق اللامع والاندومي اللي بدأ يلين، ويدها وقفت تلقائياً.
        
        "آه... يمكن آكل لقمة أول،" فكرت. "ولا ممكن أموت من الجوع قبل ما أخلص شغلي. مرت نص يوم، وما أكلت ولا لقمة. لقمة وحدة ما هي طلب كبير، صح؟"
        
        في النهاية، استسلمت لشهيتها، جيانغ هوي وطت راسها شوي، وعيونها على تحت وهي تغرز شوكتها في كم حبة اندومي.
        
        ما انتبهت لليل المظلم برا، اللي كان فيه ضباب خفيف يلمع، ومعاه صوت خفيف حاد يتردد جوا وبرا الغرفة.
        
        وبينما الاندومي كان يقرب من فمها، عيونها راحت لشاشة الكمبيوتر، اللي توها صارت سوداء. عيونها اتسعت وهي تطالع، وشافت الشاشة مليانة بسلسلة من رسائل خطأ حمراء ما تنفهم، وقاعدة تنزل زي الشلال، حمراء زي الدم اللي كان ينبض في قلبها.
        
        عقلها كان على وشك الانهيار، بس يدها تلقائياً كملت حركتها لقدام. المرق اللي كان لسه حار انكب عليها، وخلعها، وسبب إن الاندومي يطيح على ظهر يدها. الصدمة سببت سلسلة ردود فعل في عقلها وجسمها؛ يدها بسرعة ضربت، وكبت كوب الاندومي كله، وغرقت اللابتوب بالمرق.
        
        - وخلاص انتهى الموضوع.
        
        جيانغ هوي ما قدرت تكتم صرخة قصيرة وحادة، والمرق من الاندومي انكب على كمبيوترها كله، وكون شبكة من النور اللي ومض زي البرق. وفي نفس الوقت، الشاشة السوداء للكمبيوتر كملت تنزل سيل لا نهاية له من الكلام الأحمر اللي ما ينفهم.
        
        وفي هاللحظة اللي كانت كارثية مرة، شهب نزلت من السماء، زي النجوم وهي تطيح من السحاب.
        
        جيانغ هوي حست بمئات وآلاف التيارات الحادة تقرب منها من ورا، وتلفها، وتلف الأرض، والطاولة، وكمبيوترها بقوة هائلة. وفي النهاية، كل اللي حولها جرفته موجة كبيرة.
        
        وبين زخات الشهب، فقدت وعيها.
        
        
        
        
        
        
        
        ---
        
        يُقال إن سرعة الضوء هي أسرع سرعة عرفتها البشرية، بينما الزمن هو كمية فيزيائية شاملة تحدد حالات الحركة والسكون لكل شيء.
        
        على الكوكب الأزرق، هناك أسطورة قديمة: عندما يستطيع الإنسان تجاوز سرعة الضوء ويحقق زخماً معيناً، قد يتمكن من عكس تدفق الزمن أو حتى السفر عبر الزمان والمكان.
        
        إذًا، ماذا لو كان العكس صحيحًا؟ إذا استطاع شخص ما عبور تيار الزمن، فهل يمكنه أن يشهد سرعة الضوء؟
        
        في الليلة التي هطلت فيها زخات الشهب، لم يكن أحد يعلم أن نسمة من الروح من الكوكب الأزرق قد جرفتها تيارات الزمن، لتنجرف في الفضاء الواسع للكون.
        
        طفقت تسبح ببطء داخل نهر الزمن، مصاحبةً لسرعة تريليونات من الضوء، تسير جنبًا إلى جنب مع الشمس والقمر والنجوم، غير مدركة لوجهتها.
        
        في نهاية المطاف، استيقظ هذا الجزء من الوعي من سبات طويل، وكأنه عبر برية قديمة، يهبط ببطء وفي النهاية انجذب نحو نقطة مألوفة.
        
        في لحظة، في نفَس، عادت نسمة من الروح، وتفتحت زهرة حياة من جديد.
        
        في عام 9983 من العصر الثامن للتقويم النجمي، كانت منطقة داخل اللوحة القارية المركزية للنظام النجمي الدائم، المسمى "الكوكب 732"، تشهد أيضًا زخات شهب.
        
        ومع ذلك، فقد اعتاد الناس هنا على مثل هذه المشاهد منذ زمن طويل ولم يتوقفوا عندها بسببها.
        
        في إحدى البنايات السكنية، انطفأت الأضواء في أحد المنازل فجأة، وساد الصمت في الغرفة، ولم يُسمع أي صوت لفترة طويلة.
        
        عندما لم يتم رصد أي حركة من الكائنات الحية، انطفأت أضواء الاستشعار التلقائية بسرعة مرة أخرى. وبعد فترة، بدأ صوت أنين منخفض يتردد في الغرفة، يشبه صوت حيوان صغير، مرتبكًا ومحتارًا بعض الشيء، وكأنه لا يفهم تمامًا الوضع.
        
        في الظلام، انفتحت عينا جيانغ هوي ببطء. وفي لحظة، وميض غريب في بؤبؤ العينين، وسرعان ما تدفق من زوايا العينين.
        
        "آه... هذا مؤلم"، صاحت جيانغ هوي التي كانت مستلقية على الأرض، فزعةً من الألم. ومع ذلك، يبدو أنها كانت لا تزال تكافح للتحكم في وظيفة كانت كامنة لفترة طويلة، مما جعل كل شيء يبدو بطيئًا. كان كلامها أيضًا غير واضح، مع لدغة شديدة في الكلام.
        
        لحسن الحظ، في تلك اللحظة، لم تكن تتحدث مع أحد؛ كانت فقط تتمتم لنفسها، لذلك لم يكن هناك حاجة لأي شخص آخر أن يجهد نفسه لفهمها.
        
        بعد فترة طويلة، تمكنت هذه الهيئة الصغيرة أخيرًا من أن ترفع نفسها قليلاً، لكن يبدو أنها فقدت أيضًا الإحساس بيديها وقدميها وأطرافها. كافحت قليلاً للتحكم في أطرافها، وحاولت أن ترفع نفسها ثلاث مرات قبل أن تستقر أخيرًا نصف جسدها.
        
        عندما استشعرت حركاتها، اشتغل الضوء الفوتولومينيسينتي تلقائيًا مرة أخرى، وفي هذه المرة، أضاءت الأضواء في غرفة النوم، ثلاثة صفوف من الأمام والخلف، لتنير الغرفة بشكل ساطع.
        
        فجأة انذهلت الفتاة من الضوء الساطع، وأغمضت عينيها بشكل غريزي حيث شعرت عينا جيانغ هوي بألم حاد.
        
        مع رفع نفسها قليلاً، كان نظرها مشوشًا، وعقلها لا يزال مضطربًا، غير قادر على التمييز بين الواقع والوهم. كان دماغها فارغًا، ومليئًا بصوت طنين مستمر.
        
        أين... هذا؟
        
        بعد فترة طويلة، تواصلت أفكارها أخيرًا مع عقلها، وتومضت مشاهد من قبل أن تفقد وعيها أمام عينيها، تلتها مساحات شاسعة من الضوء والظلام غير الواضحين، وفوضوية، وغير واضحة، حتى وصلت إلى اللحظة التي فتحت فيها عينيها للتو.
        
        لا يمكن أن تكون قد ماتت بصعقة كهربائية بسبب وعاء من الاندومي، أليس كذلك؟
        
        لا، انتظري، هل ستشعر بالألم إذا كانت ميتة؟ آه، هذا يؤلم حقًا.
        
        كانت الأرض باردة، وشعرت ببلل على ظهرها، مما جعلها ترتجف. كانت هناك رائحة معدنية غريبة على طرف أنفها، وفمها كان جافًا ومؤلماً. كم كان الأمر سيئاً لدرجة جعلها تشعر وكأنها أصيبت بالزكام على الفور؟
        
        يجب عليها فقط أن تجلس من الأرض. لماذا شعرت بالدوار والارتباك قليلاً؟ كان مؤخرة رأسها أيضًا مخدرة، ربما لأنها سقطت للتو إلى الوراء وضربت رأسها على الأرض.
        
        يا له من حظ سيء هذا! هل يجب أن تكون ممتنة لأنها لم تمت أو تتلف فصها القذالي؟ بعد كل شيء، كانت لا تزال لديها أفكار واضحة نسبيًا... آه، لم تعد متأكدة بعد الآن. هل يمكن أن تكون قد أصيبت بالفعل في فصها القذالي؟
        
        لماذا يبدو تخطيط الغرفة وكأنه تغير بشكل كبير؟ من فضلكم لا تجعلوا الأمر أن بصرها قد تضرر، مما يشوه إحساسها بالوعي المكاني الطبيعي... وإلا، كيف يمكن أن تشعر جيانغ هوي بأنها لا تتعرف على منزلها الخاص؟
        
        وسعت جيانغ هوي عينيها وتفحصت محيطها، وهي تحدق في الفراغ لفترة طويلة قبل أن ترمش بقوة.
        
        لا، هذه ليست غرفتها! إلى جانب ذلك، تذكرت أنها كانت عند مكتب الكمبيوتر في غرفة المعيشة، وهنا—هذه من الواضح أنها غرفة نوم غريبة.
        
        أين هي بالضبط؟ من أنقذها وأحضرها إلى هنا؟ كيف انتهى بها الأمر مستلقية على الأرض بدون سبب... أسئلة كثيرة، فكرت جيانغ هوي. لقد أخذت قيلولة فقط؛ كيف يمكن أن تستيقظ لتجد أن العالم بأكمله قد تغير؟
        
        قبل أن تتمكن من الاستمرار في فهم الوضع الحالي، انطفأت الأضواء فجأة، مما أغرق كل شيء في الظلام مرة أخرى.
        
        "×&%¥#@..." عبرت جيانغ هوي عن إحباطها، مدركةً أنه عندما يكون شخص ما في حالة سيئة، حتى شرب الماء البارد يمكن أن يعلق في أسنانه. ما الذي يحدث الآن؟ انقطاع في التيار الكهربائي؟
        
        لم تفهم، لذا ترنحت ووقفت، وساقيها ترتجفان حيث شعرت بثقل في جسدها وتعب، وتعتمد على جانب شيء لا يمكنها أن تعرف ما إذا كان طاولة أو شيئًا آخر لمساعدتها على الوقوف.
        
        في هذا الوضع الصعب للغاية، تمكنت جيانغ هوي أخيرًا من النهوض من الأرض اللعينة، ولم تعد تشعر بالبرودة. اشتعلت أضواء الغرفة فجأة مرة أخرى، لتنير المساحة بأكملها.
        
        بعد نصف دقيقة، نظرت جيانغ هوي حولها في هذا المكان الغريب تمامًا، وشعرت بالضياع. الآن يمكنها أن تؤكد أن فصها القذالي لم يتضرر وأنها لم تكن مخطئة؛ هذا ببساطة ليس منزلها.
        
        كانت هذه غرفة واسعة جدًا، حوالي أربعين إلى خمسين مترًا مربعًا، بدون حساب المدخلين الجانبيين اللذين كانا مخفيين جزئيًا بأبواب مصممة بشكل أنيق، مما جعل من المستحيل رؤية نوع التخطيط في الداخل. خمنت جيانغ هوي أنهما قد يؤديان إلى حمام أو غرفة ملابس، حيث كان المظهر العام واسعًا جدًا.
        
        كانت الجدران مبطنة بألواح بيضاء طويلة ومربعة مصنوعة من مادة غير معروفة. تحت الضوء، لم تكن تبدو ساطعة؛ بل كانت تنبعث منها وهج ناعم، مما يعطي إحساسًا بالتصميم الرفيع.
        
        في وسط الغرفة، كان السرير الكبير له مخطط ألوان بسيط. كان إطار السرير عاديًا جدًا، وكانت مفارش السرير داكنة ومشبّعة، مع لوح السرير الذي يمتد إلى منصة خشبية كبيرة حوله. تحت ذلك كانت أرضية الغرفة الخشبية بشكل عام، والتي كانت تتميز بأنماط داكنة خفيفة. مقابل المنصة، تركت مساحة كبيرة مفتوحة، مغطاة بستائر ثقيلة تبدو وكأنها نوافذ من الأرض إلى السقف. بدت الستائر سميكة جدًا، وكأنها مصنوعة من تطريز فضي، تمنع أي ضوء وتمنع رؤية المنظر الخارجي.
        
        كانت هناك أيضًا طاولات بجانب السرير، ومكتب كتابة، ورف كتب كبير من الأرض إلى السقف، وبعض الزخارف الكبيرة التي لم يكن غرضها واضحًا... صاحب هذه الغرفة كان يوحي بأنه "لا ينقصه المال".
        
        ربما كان هذا هو النوع من الأسلوب الذي كانت تحبه جيانغ هوي أكثر من غيره؛ كانت قد حلمت مرة بتزيين غرفتها بهذه الطريقة. لو لم يكن الوضع الحالي، لكانت على الأرجح أكثر من مستعدة للتقدم والإعجاب به.
        
        ومع ذلك، مقارنةً بالإعجاب بغرفة شخص غريب، كانت جيانغ هوي أكثر شوقًا لمعرفة ما حدث. كيف استيقظت في مثل هذا المكان الغريب تمامًا؟
        
        بالمناسبة، أين هذا بالضبط؟
         
        

        رواية ذكريات بيتنا القديم

        ذكريات بيتنا القديم

        2025,

        اجتماعية

        مجانا

        بنوته بتدرس فنون في ويلز، بتحوش عشان تشتري بيت خاص بيها. لما زميلتها في السكن بتطلب منها تسيب الشقة، بتلاقي إعلان عن بيت متهالك للبيع في مزاد بسعر رخيص. بالرغم من إن أصحابها بيحاولوا يمنعوها، إلا إنها بتصمم تروح تشوف البيت، وبتنبهر بمنظره على المدينة. بتقرر تدخل المزاد، على أمل إنها تقدر تشتري البيت وتحوله لبيتها الخاص.

        رايلي

        بتدرس فنون في جامعة أبيريستويث. بتحب الفن وبتتمنى تكون فنانة مشهورة. عندها تصميم وإرادة قوية، وده اللي خلاها تسيب كاليفورنيا وتنتقل لويلز. شخصية مستقلة وبتحب الهدوء، عشان كده نفسها تلاقي بيت لوحدها تركز فيه على رسمها.

        ليلى

        زميلة رايلي في السكن

        ديكلان جونسون

        سمسار العقارات اللي بيعرض البيت اللي في المزاد
        تم نسخ الرابط
        ذكريات بيتنا القديم

        أنا عندي أربعة وعشرين سنة وبدرس فنون في جامعة أبيريستويث. أنا جيت هنا من كاليفورنيا من حوالي سنتين.
        فاكر إن ماما وبابا اتصدموا لما قلت لهم إني هسيب كاليفورنيا وأمشي. بس بعد ما أقنعتهم شوية، فهموا ليه أنا عايزة أروح أبيريستويث.
        "أظن إنك بتعملي زي ما إحنا عملنا بالظبط، يا رايلي،" فاكر ماما وهي بتبتسم شوية، بس لسه زعلانة إني همشي.
        لما كانوا قد سني كده، هما الاتنين سابوا سيدني وراحوا كاليفورنيا عشان يبدأوا شغلهم. ماما فتحت معرض فنون هناك، والمعرض ده دلوقتي الناس كلها في أمريكا بتتكلم عنه. بيجيلها سياح كتير من أماكن تانية في أمريكا عشان يشوفوا اللوحات اللي هي رسمتها. أظن إني ورثت موهبة الرسم دي منها.
        أما بابا، فهو مدير بنك من أكبر البنوك في العالم. بس هو ما بيحبش يتكلم عن الموضوع ده.
        ~ ~ ~ ~ ~
        ماكنش سهل إني أسيب أهلي وأروح الناحية التانية من العالم، بعيدة عنهم بمسافات طويلة. بس إحنا وعدنا بعض إننا هنيجي نزور بعض على قد ما نقدر ونتكلم في التليفون كل ما يكون فيه فرصة. بس ساعات بيكون صعب إنك تتكلم مع أهلك في التليفون لما بيكون فيه فرق تمان ساعات بين كاليفورنيا وأبيريستويث.
        ~ ~ ~ ~ ~
        وأنا صغيرة، ماما كانت بترسم معايا كتير، وده اللي خلاني أحب الفن. عشان كده، كان حلمي طول عمري إني أدرس فنون ويبقى عندي أمل إني في يوم من الأيام أبقى فنانة مشهورة زي فان جوخ أو بيكاسو.
        أنا اخترت جامعة أبيريستويث، عشان من ناحية، كنت عايزة أسافر وألف العالم وأشوف إيه إحساس العيشة في ويلز، اللي دايماً كانت بتبهرني بمناظرها الطبيعية الجميلة والأراضي الواسعة، ودي بتديني إلهام كبير للرسم. ومن الناحية التانية، المبنى الرئيسي بتاع الجامعة، اللي فيه كلية الفنون، بيبص على خليج كارديجان، وده منظر تحفة.
        بس أنا طول عمري وأنا عايزة أعيش في أبيريستويث. السبب الرئيسي في كده إن أبيريستويث مليانة ثقافة فنية. مثلاً، فيه مركز أبيريستويث للفنون، اللي الفنانين بيقضوا وقتهم فيه بيرسموا ويعملوا تماثيل من الخزف. أبيريستويث كمان فيها المكتبة الوطنية بتاعة ويلز، اللي مليانة كل أنواع الفن، ولوحات أو بورتريهات لفنانين ويلزيين مشهورين، زي ماري لويد ديفيز، أو سيري ريتشاردز أو كيفين ويليامز. أبيريستويث مليانة إلهام فني وجامعة أبيريستويث فيها واحد من أحسن الكورسات الفنية في العالم. وده كمان سبب إني مخططة ألاقي بيت حقيقي ليا هناك. أنا بقالي سنين بحوش مخصوص عشان الموضوع ده. عارفة إن أهلي ماكنوش مبسوطين أوي لما قلت لهم أول مرة إني مش بس عايزة أدرس هناك، لأ ده كمان عايزة أقضي بقية حياتي هناك. بس تجاربهم الخاصة خلتهم يغيروا رأيهم ويدعموني على قد ما يقدروا.
        ~ ~ ~ ~ ~
        فـ بقالي السنتين اللي فاتوا، أنا عايشة في سكن طلبة جنب الجامعة بالظبط.
        زميلتي في الشقة ليلى، اللي أنا مقيمة معاها طول الفترة دي، قررت إنها عايزة خطيبها يعيش معاها.
        والشقة بصراحة صغيرة أوي على تلاتة، فهي بكل ذوق سألتني إذا كنت بفكر أجيب مكان لوحدي ولا لأ. أكيد أنا كنت بشتكي كتير من المساحة الضيقة في أوضتي.
        غير كده، أنا وليلى عمرنا ما كنا متفاهمين أوي، فـ كنا بنحاول على قد ما نقدر نبعد عن سكة بعض.
        ببساطة، السبب الوحيد اللي خلاني أعيش في المكان ده هو إنه قريب جداً من الجامعة، فـ مش محتاجة عربية ولا تذكرة أتوبيس. وده كمان بيخليني أحوش فلوسي لحاجات أهم أنا محتاجاها في دروس الفن أو إني أرسم في وقت فراغي لما يكون ليا مزاج.
        أظن جه الوقت إني أدور على مكان تاني أعيش فيه. أوضتي بقت صغيرة عليا أنا كمان بصراحة. معدات الرسم بتاعتي واخدة معظم المساحة اللي في الأوضة، فـ مفيش مكان أتحرك فيه أصلاً.
        وبسبب المعدات دي، كل اللي عندي في الأوضة هو سرير ودولاب صغير أحط فيه هدومي.
        فـ ليه لأ أدور على مكان أكبر بقى؟ خصوصاً مكان ليا لوحدي. حاجة أنا كنت عايزاها بقالي فترة كبيرة. وساعتها هيكون عندي مساحة كفاية أعلق فيها كل لوحاتي، اللي حالياً مرمية في ركن صغير في أوضتي.
        يمكن، يمكن ألاقي بيت صغير بالصدفة – مش كبير أوي ومش غالي أوي – ويكون فيه جنينة صغيرة. ساعتها هقدر أخيراً أرسم برة في هدوء.
        الوقت الوحيد اللي بعرف أرسم فيه برة في هدوء هو لما بروح الأرض الواسعة اللي على أطراف أبيريستويث. بس ده مشوار طويل وصعب عليا إني أروح هناك وأنا شايلة كل معداتي، زي الحامل ولوحة الرسم. في اللحظات دي بتمنى يكون عندي عربية. هتساعدني أوي إني أشيل كل معداتي بسهولة.
        بس المشكلة دي ممكن تبقى ماضي، لو بس كان عندي مكان لوحدي بجنينة حلوة وصغيرة. ساعتها هقدر أرسم برة في أي وقت أنا عايزاه ومش هضطر أروح حتة بعيدة.
        ممكن كمان أبني سقف صغير على البلكونة وبعدين أشتري حامل مخصوص للبرة وأسيبه هناك.
        
        
        
        
        
        
        فـ كل اللي هكون محتاجاه من البيت هو لوحة رسم وألوان وفرش. كل اللي ناقصني دلوقتي هو إني ألاقي مكان زي ده.
        
        "أنا ممكن أساعدك تدوري على مكان تقدر عليه," ليلى قالتلي، وباين عليها إنها حاسة بذنب شوية عشان طردتني من الشقة.
        
        أنا بصراحة ماكنتش فاكرة إنها هتهتم أصلاً. بس أنا كنت غلطانة. هي أكيد بتحاول تعمل حاجة، عشان تاني يوم جت ومعاها جرنال مليان إعلانات عن بيوت وشقق للبيع في المنطقة.
        
        "خدي، عديت على المحل وجبت ده. فكرت يمكن يساعد."
        
        "شكراً على مساعدتك," قولتلها وأنا ببتسملها وآخد منها الجرنال وأبدأ أقلب فيه.
        
        "ده أقل حاجة أعملها عشانك. أنا عمري ما كان قصدي إني أطردك. لو عايزة، أنا وآندي ممكن ندور على مكان تاني لينا، وإنتي تفضلي هنا," هي قالتلي وهي بتبصلي وبتضحك ضحكة خفيفة.
        
        "شكراً يا ليلى. ده ذوق منك بجد، بس متقلقيش," رديت عليها وأنا ببتسملها.
        
        فجأة عيني جت على حاجة في الصفحة اللي قدامي.
        
        مزاد على عقار هيبدأ يوم 6 يونيو 2019.
        
        بيت بيتباع من غير حد أدنى. مفيش أي سعر أقل للمزايدة على العقار ده. البيت مفروش بالكامل وفيه جنينة بمنظر روعة على أبيريستويث من تحت. فيه بيانات الاتصال تحت لو حابين تبصوا على العقار قبل المزاد.
        
        "مثالي," قولتها بصوت عالي.
        
        "في إيه؟ لقيتي حاجة؟" ليلى قالت بصوت مهزوز. أكيد خضيتها.
        
        "آه، هو ده," قولتها وأنا مبسوطة. "هتصل بيهم حالاً."
        
        ليلى بصت على المقال وعلى الصورة اللي تحته، اللي أنا حتى ماكنتش واخدة بالي منها من كتر حماسي.
        
        "إنتي عايزة تعيشي هناك؟" شكلها كان مصدوم.
        
        "آه، إيه اللي فيها؟" سألتها.
        
        "والله، هو شكله بيت مسكون بالنسبة لي في الصورة. هو متهالك خالص، وشكله مكان فاضي بقاله قرون."
        
        "هي صورة بس. يمكن متصورة من زاوية وحشة. أنا كده كده هروح أبص عليه," قولتلها بعد ما بصيت على الصورة كويس.
        
        أنا عارفة إن دي الفرصة الوحيدة ليا إني آخد بيت لوحدي، عشان أنا معيش فلوس كتير أوي عشان أشتري بيت جديد مثلاً. منين تاني هقدر أجيب بيت أرخص من غير مقدم؟
        
        "ماشي، ده اختيارك بقى," ليلى ردت. "عايزاني أجي معاكي عشان نشوفه؟ عينين أحسن من عين واحدة."
        
        "آه، ياريت. شكراً يا ليلى," ابتسمتلها. وبعدين مسكت التليفون وبدأت أتصل.
        
        
        
        
        
        --------
        
        الراجل اللي كلمته في التليفون قالي ممكن أجي أشوف البيت لو أنا مهتمة. ناس كتير بتحب تشوف البيوت اللي هتنزل المزاد بنفسها الأول قبل ما يقرروا يزايدوا عليها في المزاد.
        
        عشان أنا كنت واخدة قراري بسرعة، قررت أروح أشوفه تاني يوم على طول. هستنى ليه أكتر من كده؟ وبعدين، إحنا خلاص يوم 4 يونيو، فـ مفيش وقت كتير فاضل على المزاد وأنا طبعاً مش عايزاه يفوتني.
        
        
        
        
        
        الساعة اتنين تاني يوم، انطلقنا عشان نشوف البيت اللي هينزل المزاد. آندي، صاحب ليلى، كان ذوق منه إنه يوصلنا بالعربية، عشان مش ناخد أتوبيس ولا قطر.
        
        سوقنا في شوارع ضيقة. فيه بيوت لازقة في الشارع، من غير حتى رصيف يفصلها عن الطريق والعربيات اللي بتعدي. لو كنت عايشة في حتة زي دي، هخاف كل ما أطلع من باب بيتي عشان ممكن عربية تدوسني بالغلط. مش عايزة حتى أتخيل إيه اللي ممكن يحصل لو كان فيه حادثة قدام بيتك بالظبط، أو الأسوأ من كده، لو عربية دخلت غلط وراحت في أوضة قعدتك.
        
        يارب المكان اللي بفكر أشتريه يكون قدامه ممر صغير قبل ما يوصل للشارع.
        
        وإحنا ماشيين، شفت يافطة بتقول إننا بنسيب أبيريستويث. بعدها بشوية، شفت يافطة تانية بتقول إننا دخلنا شارع "بو ستريت". ده الشارع اللي المفروض البيت يكون فيه.
        
        كنا على وشك نفوت الشارع عشان كان متغطي بشجر كثيف.
        
        آندي طلع في الممر الصغير اللي بيوصل للبيت اللي شفته في الجرنال إمبارح.
        
        المشوار كله أخد مننا سبع دقايق بالعربية، فـ لحسن الحظ مش بعيد عن الجامعة.
        
        سمسار العقارات، اللي بيوري الناس البيوت قبل ما تتباع، كان مستنينا برة البيت أول ما وصلنا.
        
        ~ ~ ~ ~ ~
        
        الانطباع الأول عن البيت من برة كان مخيف شوية. ليلى كان عندها حق، البيت شكله بالظبط زي الصورة اللي في الجرنال اللي إدتهولي إمبارح.
        
        فيه حتت من السقف متكسرة. الشبابيك فيها شروخ. البيت نفسه كان أبيض في وقت من الأوقات، بس دلوقتي بقى لونه رمادي وحش من كتر الأوساخ، والطحالب لفت حوالين معظم الحيطة اللي برة. الطريق بتاع العربية كمان متكسر، كأن حد جاب شاكوش وكسر كل الحجارة.
        
        بس برضه، كل ده ما بيخوفنيش. في الآخر هو بيت، وعندي فرصة إني آخده بسعر رخيص أوي، أرخص من أي بيت تاني. وبعدين، أنا متأكدة إنه هيبقى شكله حلو، لما يتجدد ويتعمل ديكور جديد.
        
        "أهلاً، مرحب بكم. أنا اسمي ديكلان جونسون، بس ممكن تنادوني ديكلان," الراجل سلم علينا بابتسامة دافية.
        
        هو أطول مني بحاجة بسيطة وشعره أشقر كيرلي. لابس بدلة سودة وفي إيده الشمال شنطة سفر ماشية مع البدلة بالظبط.
        
        "أهلاً. أنا اسمي رايلي ريفرز ودول ليلى وآندي," عرفتهم علينا.
        
        "تمام، وإنتي بتدوري على مكان ليكي لوحدك، صح؟"
        
        "آه. عايزة يكون عندي شوية هدوء وسلام. ده بيساعدني أركز أكتر على رسمي," شرحتله.
        
        "يبقى المكان ده مثالي. البيت ده للبيع من غير حد أدنى. مفيش أقل سعر ممكن تزايدوا عليه في البيت ده، فـ ممكن تبدأوا المزايدة بالسعر اللي يناسبكم... طب يلا بينا ندخل بقى؟" ديكلان سأل وهو بيشاورلنا نتبعه.
        
        "الموضوع يخض شوية، مش كده؟" ليلى بصتلي بقلق.
        
        "آه، إنتي بجد بتفكري تعيشي في الخرابة دي... دي بصراحة..." آندي بدأ يتكلم بس ليلى قاطعته.
        
        "...متكسرة من كل حتة," هي كملت جملة آندي.
        
        "آه، أنا عارفة، بس أنا شايفة إنه بشوية شغل، ممكن يبقى شكله حلو أوي," رديت عليهم وأنا ببتسم من فكرة إن البيت ده ممكن يبقى بيتي في يوم من الأيام.
        
        
        
        
        
        
        دخلنا من الباب الأمامي ولقينا نفسنا في أوضة المعيشة على طول.
        
        كل حاجة كانت ضلمة والأثاث لسه موجود في كل حتة، بس فيه حد مغطي الأثاث ده بملايات بيضاء عشان يخليك بس تقدر تميز شكل الحاجات اللي تحتها.
        
        "فـ الأثاث ده بتاع المالك اللي فات. هو رجع ألمانيا من حوالي 49 سنة وماكنش عايز ياخد أي حاجة معاه. ممكن يكون ليه علاقة بـ إن مراته اختفت ومحدش لقاها. أظن إن الحاجات دي كانت بتفكره بيها أوي. بس هو ساب البيت زي ما هو. من الواضح إنه ماكنش قادر يسيبه خالص. بس بعدين، من تمن سنين، صاحب البيت دخل دار مسنين وما بقاش قادر يدفع تكاليف البيت ده، فـ الدولة قررت دلوقتي تبيعه من غير حد أدنى," هو شرح.
        
        "في حد اختفى هنا؟" ليلى كان شكلها مصدوم.
        
        "ده بيوضح الأجواء المرعبة اللي في المكان هنا," آندي همس لها، بس أنا سمعته برضه عشان أنا كنت واقفة جنب ليلى بالظبط.
        
        "آه، راجل في العشرينات كان عايش هنا مع مراته. كان معروف باسم المحقق إم. سي. كراوس، ألماني، جه هنا وفتح مكتب تحقيقات خاص بيه. كان مشهور هنا، وحل ألغاز كتير محدش كان عارفها. ومراته، كان اسمها جين كراوس، كانت من "لاندريندود ويلز"، على ما أتذكر، وكانت عندها محل ورد صغير تحت عند الخليج," ديكلان شرح. "بس كفاية كلام عن كده. نكمل الجولة في البيت؟"
        
        هزيت راسي ومشيت. ديكلان ورانا كل أوضة في البيت لحد ما فاضل الجنينة بس.
        
        طلعنا على الجنينة، واللي شفته هناك خلاني أقف مكاني. المنظر على أبيريستويث والخليج كان يخطف الأنفاس. ده أكيد هيديني أفكار كتير للوحات جديدة.
        
        "الله," قولتها بصوت عالي. "المكان جميل ومثالي بجد."
        
        "إنتي بجد بتفكري تشتريه في المزاد؟" ليلى كان شكلها مصدوم.
        
        "آه," قولتلها وأنا ببتسملها بحماس.
        
        "هشوفك في المزاد بقى؟" ديكلان سأل وهو طالع من الباب.
        
        "آه، هنكون هناك," رديت عليه.
        
        ~ ~ ~ ~ ~
        
        وبعدين إحنا التلاتة رجعنا على شقتنا.
        
        "هنيجي معاكي المزاد، لو عايزة," ليلى عرضت علينا في الطريق للبيت.
        
        "ياريت," ابتسمتلها بصدق.
        
        
        
        
        
        
        تاني يوم صحينا بدري أوي عشان المزاد هيبدأ الساعة عشرة الصبح.
        
        في الطريق، ليلى حاولت تقنعني إن البيت ده مش المكان المناسب ليا.
        
        "أنا متأكدة إن فيه أماكن أحسن ممكن تعيشي فيها في أبيريستويث وتشتريها. حتى شقة صغيرة أحسن من بيت رعب غريب. إنتي بجد مش بتتكلمي جد، يا رايلي. خلاص خليكي عايشة في الشقة اللي إحنا فيها دلوقتي وأنا وآندي هنحاول نلاقي مكان تاني لنفسنا، صح؟" ليلى بصت على آندي واستنته يوافق.
        
        "آه، عندك حق خالص، يا حبيبتي," ده كان الرد الوحيد من آندي.
        
        أولاد، عادي، فكرت في سري. هو أكيد ماكنش سامع في الأول وخد باله بس إن ليلى سألته سؤال. فـ رد بالرد التقليدي اللي كل الأولاد بيقولوه لما مايكونوش مركزين، وهو إنه يوافق صاحبته أو أي ست بشكل عام.
        
        ليلى نفسها كان باين عليها إنها متضايقة من رده القصير، عشان بصتله بضيق قبل ما ترجع تبص عليا. "شفتي، الموضوع مش مشكلة خالص، بوعدك!"
        
        "شكراً يا جماعة، بس أنا أخدت قراري," رديت وأنا ببتسم.
        
        ليلى دلوقتي مش عارفة تعمل إيه بالظبط، وبصت برة من الشباك بدل ما تبص عليا وأنا قاعدة في الكنبة اللي ورا، زي ما كانت بتعمل من شوية.
        
        آه، أنا فعلاً أخدت قراري. لو مكنش فيه مزايدين كتير على البيت النهارده والسعر مايعديش الميزانية بتاعتي، فـ فرصة إن البيت ده يبقى بتاعي في المستقبل عالية أوي.
         
        

        روايات Mohammed SKOURI

        الأعمال

        الاَراء

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء