موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      روايه البلدة الخفية

      البلدة الخفية

      2025, أدهم محمد

      تاريخية

      مجانا

      بلد مستخبية تحت الأرض، الفصول الأربعة فيها مش معناها صيف وشتا، دي معناها حروب على المكانة والجواز. وسط الدسائس والفضيحة، عيلة "إيفرارد" الغنية بتواجه تحدي كبير: بناتهم لسه متجوزوش. وفجأة، الأخ الكبير "بينديكت"، اللي الكل شايفه غامض وجاد، بيعلن إنه هيتجوز، الخبر ده بيقلب الدنيا في العيلة كلها، وخصوصًا عند المربية "أجاثا" اللي بيثير فضولها دايماً.

      أجاثا

      هي مدرسة. ليست من طبقة النبلاء ولكنها متعلمة جيدًا. تعمل لدى عائلة "إيفرارد" وتحب القراءة والعلوم ولكن توائم "إيفرارد" يفضلون القصص الرومانسية. تتميز بذكائها وهدوئها، ويبدو أنها تكن فضولًا خاصًا تجاه "بينديكت إيفرارد".

      إيما

      واحدة من أصغر بنات "إيفرارد"، وتُعتبر توأمًا لإيزابيلا رغم الفارق البسيط في السن. مرحة ومغامرة، وتبدو متمردة على فكرة الزواج والقيود الاجتماعية، وتفضل الحرية.

      ليدي

      والدة الأبناء الثمانية، سيدة قلقة على مستقبل أبنائها، خصوصًا بناتها اللاتي لم يتزوجن بعد. تحاول جاهدة تزويج بناتها وتصف تصرفاتهن بالطفولية أحيانًا.
      تم نسخ الرابط
      روايه البلدة الخفية

      في بلد مش بعيد، كان فيه مكان عايش في الماضي. المؤسسين سموه "البلدة".
      اسم غريب لمكان، ومكانه خلاه أغرب.
      تحت الأرض، البلدة كانت مستخبية، أسرارها متلمستش.
      تحت صخور عالية ضخمة، المكان اللي جمال الطبيعة قابل شطارة البشر، كهوف واسعة اتقلبِت لمدن مليانة حياة.
      
      هنا، الأرض اتشكّلت لقرى صغيرة وطرق متعرجة، وفوق الرؤوس، الفتحات الضخمة اللي سموها "خروم" 
      
      كانت بتخلي شمس وهوا نضيف ينزلوا لتحت.
      وسط المتاهة اللي تحت الأرض دي، أهل البلدة – نبلاء وتجار وعمال زي بعض – كلهم كان ليهم هدف واحد: يعرفوا يتعاملوا مع الفصول الأربعة ويستمروا في الحياة.
      
      
      فصول البلدة مكنتش تعني دفء الشمس اللطيف أو صوت المطر الهادي، ولا حفيف ورق الشجر اللي وقع أو سكون التلج. لأ، خالص. العناصر اللي فوق الأرض كانت بتبعد عن الدورات الخطيرة في البلدة، عشان هنا، الفصول الأربعة كانت معناها حرب.
      كل ربع سنة كان ساحة معركة مليانة دسائس وطموح. معركة يائسة على المكانة والجواز. الجنود؟ أمهات بتعرف تتلاعب، بنات لسه طالعة ومستعجلة، ورجالة مش عايزة. أسلحتهم، ممكن تسأل؟ دهب العروسة بيتشال زي السيف، الفساتين زي الدروع (أو عدم وجودها كمناورة ذكية)، فن الإغراء كخنجر متخبي في دانتيل ومحادثات مثيرة، والأقوى من كل دول: الفضيحة. حلوة ومخيفة، مستعدة تدمر السمعة والعلاقات على حد سواء.
      فصل "الشيلز" كان بين يوليو وسبتمبر. وبالرغم من سمعته عن الحفلات الباهتة والترفيه الممل، الفصل ده كان بيوعد برومانسية ملهاش مثيل.
      الفصل اللي فات ده كان مجرد مشي بطيء لأقل فصول إثارة على الإطلاق. فصل "جرانفيل" اللي كان بيتعمل في أكتر بلدة متدينة، كان أكتر فصل فيه قيود. الفساتين متكنش ينفع تكون تحت عضم الرقبة، ولا ست واحدة تمشي في قاعة الرقص من غير جوانتي، والأدب الاجتماعي كان بيطلب مسافة متقلش عن خمسة قدم – أي مخالفة للقاعدة دي كانت بتنتهي بالجواز تحت أنف رجل ورع مدين. بس الأجرأ والأيأس هم اللي كانوا بيستجرأوا يتحدوا الفصل ده، ويا رب أرواحهم الشجاعة ترتاح في سلام لحد اللعنة الأبدية. آمين.
      الأمل كان بيرجع تاني مع بداية يناير في فصل "ويلوفير". لما البرلمان بيكون في جلسة، الأمهات وبناتهم كانوا بيفرحوا لما بيقلعوا فساتينهم المرعبة. النفوس الشجاعة دي، البطلات الحقيقيات لساحة المعركة الاجتماعية، كانوا بيخططوا للجوازات والخطوبات بتفاصيل موجعة، من المجوهرات اللي بتلمع اللي بتزين شعرهم لحد الحرير حوالين رجليهم الرقيقة (نعال قوية للرقص المستمر أفضل بكتير). للي بيعتبروا نفسهم يستاهلوا، فصل "ويلوفير" كان بيوعد بسحر لو الواحد عرف يعمل الخلطة الصح من الشقاوة والأدب.
      بس مفيش حد يقدر يختلف إن أكتر الفصول المنتظرة والفاضحة على الإطلاق كان فصل "ويكهيرست". كان أكتر بكتير في التبذير من باقي الفصول، ودي كانت مناسبة السحر الشقي.
      الست مكنش ينفع أبداً تحضر فصل "ويكهيرست" وهي لابسة أقل من منافساتها. الجوانتيات، اللي يا دوب أرق من الهمس، كانت بتضمن إن مفيش راجل يقدر ينكر الدفء الرقيق للمسة البنت. الفساتين كانت خفيفة على قد ما مصممين الأزياء يقدروا يعملوها، عشان لو الراجل كان غبي لدرجة إنه مياخدش باله من اللمسة الرقيقة، أكيد مكنش هيكون أعمى لدرجة إنه مياخدش باله من جاذبية جسم الست.
      ده كان فصل أحلام كتير من البنات اللي لسه طالعة. وبالنسبة لكتير من الرجالة، كان مكان صيد لمهر أكبر (الجوانتيات الخفيفة والفساتين الخفيفة مكنتش دايماً أحسن أسلحة للي ميعرفوش يستخدموها كويس).
      وفي الوقت اللي قادة البلدة كانوا بيتقابلوا مع المجلسين للجولة التانية من اللعبة السياسية للسنة، باقي المجتمع الراقي كان لابس دروعه الأنيقة، خبيثين بشكل مستخبي زي ما المفروض يكونوا.
      الجوازات الفاضحة، المليانة شغف وغضب خلال فصل "ويكهيرست" مكنتش حاجة غريبة.
      وده كان صح، عشان الربع التاني من السنة كان أحسن تسلية. بعد كل ده، مين مش عايز يشوف فضيحة حلوة؟ والأكتر من كده لو الفضيحة دي كانت فيها حد من عيلة "إيفرارد"؟
      
      
      
      
      
      
      أي حد هيتفق إن الشغل عند أغنى عيلة في "ويكهيرست" كان فرصة الكل بيتمناها، وبالأخص لو العيلة دي كانت عيلة "إيفرارد".
      
      العيلة دي مجاتش من أصل بسيط. هما اتولدوا في عز، أو بالأصح، ورثوه. تاريخ عيلتهم المحير بيقول إنهم كانوا من أوائل الناس اللي جم مع المؤسسين عشان يبنوا البلدة من قرون فاتوا.
      
      بجانب ألقاب وعقارات لا تعد ولا تحصى، عيلة "إيفرارد" كانت بتملك كمان المناجم اللي بره "ويكهيرست"، وخط المجوهرات الفاخر بتاعهم كان بيزين كتير من صفوة البلدة. ثروتهم ومكانتهم كانت حق مكتسب متوارث بعناية لقرون. اسمهم كان بيجيب حلم الثراء والفخامة. كل الناس كانت عايزة تبقى صاحبتهم وكل الناس كانت عايزة تبقى سلف لورثتهم.
      
      بس نسل "إيفرارد" الحالي كان على وشك الموت البطيء. الأطفال، كلهم تمنية، مكنوش مستعجلين إنهم يجيبوا لأمهم الحية، السيدة "أليس إيفرارد"، حفيد. والأسوأ من كده، إن الأطفال كانوا بيعتقدوا إن مستقبل المربية أهم بكتير من إنهم يلاقوا مستقبل ليهم هما.
      
      "أنتوا الاتنين هتظهروا في الموسم ده. مش هتحتاجوا أجاثا تاني"، قالت السيدة "أليس".
      
      أصغر طفلين من عيلة "إيفرارد"، إيما و إيزابيلا، بصوا لأمهم بسرعة، وعنيهم كانت مفتوحة على آخرها من الرعب. "بس يا ماما!" قالوا في نفس واحد. "أجاثا بقى لها معانا سنة وسبع شهور بس!" صرخت إيما.
      
      "يا دوب علمتنا أي حاجة لحد دلوقتي!" إيزابيلا ضافت.
      
      "أنتوا اتعلمتوا كفاية من السنين الكتير والمربيات الكتير اللي جم ومشيوا. أنتوا الاتنين هتعملوا كويس لو بطلتوا تتصرفوا زي الأطفال،" قالت أمهم بهدوء وسهولة، وكأن أحدث مشاغبة لبناتها الاتنين مكلفتهاش عربية وعجلتها وحصان ضايع.
      
      أجاثا فضلت ساكتة في ركن، شفايفها بترسم ابتسامة مستخبية. هي مكنتش عايزة حد يقول عليها مربية. المربيات عادة كانوا ستات من طبقة النبلاء الصغار اللي بيلاقوا نفسهم محتاجين يكسبوا فلوس. أجاثا كانت محتاجة فلوس، بس هي مكنتش من النبلاء. هي كانت مجرد خادمة لحد ما معلمتها السابقة، ماري هافرستون، علمتها القراءة ووفّرت لها مدرسين عشان تكمل تعليمها العالي.
      
      هي كانت بتفضل إنهم يقولوا عليها مدرسة بدل مربية، وهي كانت عارفة إن عيلة "إيفرارد" عارفين ده كويس جداً. هي نادراً ما كانت بتدي تلامذتها دروس عن الأتيكيت الصح أو الأدب، عشان لو ركزوا فيه، كانوا أحسن منها. خبرتها كانت في الحساب والعلوم، بس التوأم، بالرغم من إمكانياتهم الكبيرة، مكنوش بيبينوا اهتمام كبير بالمواد دي. في الحقيقة، هما كانوا بيحبوا القصص أكتر – الرومانسية بالذات.
      
      إيما و إيزابيلا إيفرارد مكنوش توأم بجد. هما اتولدوا بفارق تسع شهور بس، وإيما كانت الأصغر فيهم. اتولدت بدري، وكل الناس كانت فاكرة إنها مش هتعيش. لكن، إيما المغامرة والذكية جداً كبرت وبدأت تعمل مشاكل جنب أختها الكبيرة، إيزابيلا.
      
      كل الناس كانت بتقول عليهم توأم، وهما مكنوش بيعترضوا. الاتنين كان شعرهم أسود وعنيهم خضرا زي كل أطفال عيلة "إيفرارد"، بس إيما كان وشها أنحف شوية بينما إيزابيلا كان وشها مليان من الأطراف.
      
      "أنتوا الاتنين لازم تلاقوا عريس قبل الموسم الثاني أو الثالث ليكم،" صوت السيدة "أليس" كان بيقول، وده رجع انتباه أجاثا تاني جوه صالون عيلة "إيفرارد" الكبير.
      
      "هي لازم تلاقي عريس الأول،" قالت إيزابيلا وهي بتشاور على أختهم الكبيرة، مارجريت، اللي كانت قاعدة بهدوء على كرسي وكتاب في إيدها.
      
      مارجريت، زي أجاثا، كانت عدت سن الجواز وهي عندها سبعة وعشرين سنة. أجاثا كانت دايماً بتتساءل ليه الست دي مفيش عندها أي اهتمام بالجواز. مش عشان مكنش عندها عرسان، بالعكس أخت "إيفرارد" الخامسة كانت من أكتر الناس اللي بيتمناها في "ويكهيرست". مع شكل عيلة "إيفرارد" المميز من الشعر الأسود والعينين الخضرا، أنفها الرقيق وبشرتها المشرقة ضافوا لمسة من الكمال لجمالها. بس عقلها الذكي هو اللي كان بيدهش أجاثا أكتر حاجة. مارجريت كان ممكن تتجوز أي حد تتمناه.
      
      "أنا مش فاكرة إني—" بدأت مارجريت، بس إيما قاطعتها وقالت، "مش لازم نتجوز بجد،" وهي بتقلب عينيها. "لو جبنا أطفال، مش هياخدوا اسم "إيفرارد". فليه نتعب نفسنا بجد؟ عندنا الإخوة اللي يجيبوا ورثة كتير للألقاب اللي عمرنا ما هنورثها."
      
      "طب، أنا عكسك أنتي وماجي، أنا ناوية أتجوز. بس أتفق إن دلوقتي مش الوقت المناسب،" إيزابيلا قالت لإيما، وهي بتقوم من مكانها. "عشان كده لسه فيه حاجة لأجاثا."
      
      "ممكن تبقى رفيقتي،" اقترحت مارجريت، وعينيها نورت فجأة من الحماس. "أجاثا، تحبي تكوني رفيقتي؟"
      
      "هتبقى رفيقتنا لو اختارت إنها تبقى رفيقة يا ماجي،" إيما اعترضت.
      
      أجاثا كحت عشان تكسر صمتها. "أنا بتفق إن خدماتي كمربية مبقتش ضرورية لأي واحدة فيكم،" قالت للتوأم.
      
      التوأم بدأوا يعترضوا، بس أجاثا كملت بهدوء وقالت، "أنتوا الاتنين عندكم سبعة عشر سنة وهتظهروا لأول مرة في موسم "جرانفيل" ده."
      
      "هموت في الموسم ده، أقسم بالله،" إيما قالت، وهي بتقلب عينيها. "لو مش من الملل الشديد، يبقى أكيد من الياقات العالية السخيفة."
      
      "أجاثا هتكون الرفيقة المثالية للموسم الأول لينا،" إيزابيلا قاطعت.
      
      "أنا مش شايفه إن فيه دور ليا هنا—"
      
      "زي ما قلت، ممكن تكوني رفيقتي،" مارجريت أصرت.
      
      "أنتِ عملياً فاتك سن الجواز يا ماجي،" إيما قالت بملل. "مش محتاجة رفيقة."
      
      السيدة "أليس" تنهدت تنهيدة طويلة. "إحنا خرجنا خالص عن موضوعنا الأول. كنا بنتكلم عن العرسان المناسبين في "ويكهيرست" قبل ما الاتنين دول يحرفوا مسارنا عمداً." ضيقت عينيها على التوأم. "وأنتوا الاتنين محتاجين عريس."
      
      "عريس؟ لينا إحنا الاتنين؟ وهنشاركه؟ يا ماما، أكيد فيه رجالة كفاية في البلدة!" إيزابيلا صرخت برعب مصطنع.
      
      "ده مش اللي قصدته!" صوت السيدة "أليس" الحاد خلى الكل يتألموا وهي بتهوي على نفسها بإيدها. "أنتوا يا عيال بتموتوني."
      
      "أنا أعتقد إن القتل أقل أولوياتنا—"
      
      "إيما،" حذرت أجاثا، وهي بتهز راسها. البنت قفلت بقها واتأففت. "أنا آمل ألاقي شغل جديد قبل ما الموسم ده يخلص."
      
      "أجاثا وأنا بالفعل ناقشنا خططها،" قالت السيدة "أليس" فوق أنينهم. "مفيش حاجة تقدروا تعملوها."
      
      "مفيش حاجة تقدروا تعملوها في إيه؟" سأل صوت من مدخل الباب. كل الرؤوس لفت في نفس واحد. "إيه اللي بيحصل؟"
      
      بعينيه الخضرا الثاقبة وحاجبه المرفوع علامة استفهام، "بينديكت إيفرارد" استكشف الغرفة. نظره لمس أجاثا بسرعة قبل ما يحول انتباهه بسرعة لأمه وأخواته.
      
      
      
      
      
      
      "بينديكت!" صرخت إيزابيلا.
      "أنت لسه واصل حالا؟" سألت السيدة أليس.
      "أيوه. الظاهر ولادك سابوا شغل كتير مش خلصان قبل ما يختفوا في رحلة الصيد بتاعتهم."
      "بس أنت بتخلص كل شغلك في ديفونشاير،" قالت مارجريت وهي متلخبطة.
      "أنا كنت فاكراك مش هترجع البيت إلا بعد الأجازات؟" إيما ضافت وهي مكشرة.
      "عندي حاجات مهمة تانية لازم أتعامل معاها في ويكهيرست،" قال وهو بيتكلم بلامبالاة. "محدش رد على سؤالي."
      "مفيش حاجة. إحنا كنا بنناقش قلة المتجوزين في العيلة دي،" مارجريت كدبت بسلاسة.
      "أنا معرفش عن الباقيين، بس أنا هتجوز – أتمنى يكون قريب،" قال بنديكت، فكه المستطيل كان صلب كالعادة، والندوب البيضا اللي على وشه – اتنين طوال على اليمين، وواحدة تانية على الشمال، كانوا شبه شفافين تحت ضوء الصالون.
      
      حواجبه الكثيفة كانت مرفوعة شوية، وكأنه متوقع إن عيلته هتضحك على كلامه. بس مفيش حد عمل كده. كانوا لسه بيفكروا إذا كان بيهزر ولا لأ.
      أجاثا كانت من ضمنهم. في التسعة عشر شهر اللي قضتهم مع عيلة إيفرارد، أجاثا شافت بنديكت إيفرارد في مناسبات قليلة جداً. بما إنه كان بيقضي معظم وقته في عزبة ديفونشاير بتاعته، ومبيجيش ويكهيرست إلا كل فترة عشان يطمن على العيلة أو يتعامل مع أمور الشغل، أجاثا كانت تقدر تعد على صوابع إيد واحدة المرات اللي حاول فيها يهزر. للأسف، مفيش ولا لحظة من اللحظات دي جابت ضحك تلقائي أو تسلية.
      كأكبر أولاد إيفرارد، ورب البيت، بنديكت إيفرارد، لورد ديفونشاير، كان بيعتبره كل الناس تقريباً – بما فيهم اللي مش من العيلة، بس بالذات العيلة – ممل وجاف جداً. وشه اللي مليان ندوب، واللي دايماً كان بيبان جاد زيادة عن اللزوم، مغيرش كتير من نظرة الناس ليه، ولا هو حاول يغير آراءهم. بنديكت إيفرارد مكنش من النوع اللي بيتكلم كلام فاضي، وكان بيفضل الصمت على الكلام.
      هي كمان كانت تقدر تعد على صوابعها المرات اللي لف فيها ورمى سؤال عليها لما كانوا في نفس الأوضة. وكل الأسئلة كانت دايماً عن أخواته. ممكن الواحد يقول إنهم غرب. هو ميعرفش عنها حاجة، وهي بطريقة ما عملت انطباع إنها مش مهتمة تعرف عنه أكتر، بالرغم من إن كل حاجة عن بنديكت إيفرارد كانت بتثير فضولها.
      أولاً، مصدر ندوبه، الموضوع اللي مفيش مرة اتناقش جوه البيت، كان لغز كبير بالنسبة لها. أجاثا كمان ساعات كانت بتتساءل إزاي يقدر يمضي يوم كامل من غير ما ينطق كلمة واحدة. ساعات، زي النهاردة كده، هي مكنتش بتاخد بالها إنه رجع ويكهيرست إلا لما بيكون مشي.
      يمكن من الأسباب الكتير اللي خلت بنديكت إيفرارد ميتعتبرش أبداً ساحر هو إنه محاولش أبداً يكون كده. حضوره كان بيجذب الانتباه من غير ما يحتاج يعلي صوته؛ كلامه، لو اتكلم أصلاً، كان ممكن يكون جارح. في المرات القليلة اللي قعدت فيها في نفس الأوضة معاه، هو نادراً ما كان بيتحمل عدم الكفاءة، أو الغباء، أو الجهل، ومفيش حاجة كانت بتضايقه أكتر من لما الناس ميفهموش هو بيتكلم عن إيه.
      هو الوحيد في عيلته اللي كان بياخد الأمور بجدية تامة عشان إخواته مكنوش مختلفين عن الباقيين. هو بنديكت إيفرارد اللي عيلته كانت بتنظر له بمزيج من الاحترام والخوف، وأمه بالذات كانت كده. مجرد إشارة من إيده كانت ممكن تسكت الكل، ونظرة واحدة كانت ممكن تخلي التوأم ساكتين لساعات.
      أجاثا سمعت خادمة بتقول إنه كان لورد ديفونشاير بقاله فترة طويلة لدرجة إن ده ممكن يكون خلاه صلب زي المجوهرات اللي بيطلعوها من المناجم. هو شال كل المسئوليات لما أبوهم مات، وهو أخدها بجدية زيادة عن اللزوم. هي سمعت السيدة أليس بتشتكي من نفس الحاجة دي مرات لا تحصى.
      "إيه قصدك إنك هتتجوز؟" كانت السيدة أليس هي اللي كسرت الصمت أخيراً.
      أجاثا بصت في وشه بتركيز، وهي بتدور بيأس على أي إشارة للي بيفكر فيه أو حاسس بيه، بس مفيش فايدة. هو كان صعب إنك تفهمه.
      "طلبت إيد ليدي فرانسيس هايمور. أنا لسه مستني، بس أنا متفائل إنها هي وعيلتها هيوافقوا." الطريقة العادية اللي قال بيها الخبر هي اللي خلت الكل يصعب عليه يصدق. ومع ذلك، هو كمان الاسم اللي ذكره هو اللي خلى الكل يشهقوا من المفاجأة.
      أجاثا شافت وش بنديكت بيتشنج، إشارة خفية لابتسامة. "هما هيجوا يتعشوا معانا بعد تلات أيام من دلوقتي، وأنا متوقع مفيش غير أحسن تصرف." عينيه مسحت الأوضة، ووقفت تاني على أجاثا لثانية واحدة بس قبل ما تبعد. "بس كده،" قال للسيدات اللي كانوا فاتحين بقهم من الصدمة. قبل ما يخرج من الصالون، ضاف، "أنا هشتغل في مكتبي وأتمنى محدش يزعجني."
      بينديكت اختفى في لحظة، زي دايماً. أجاثا رمشت كذا مرة، مش متأكدة من اللي شافته، أو إذا كان هو موجود أصلاً.
      "إحنا كلنا سمعنا نفس الحاجة؟" كانت إيما هي اللي كسرت الصمت أخيراً. "إيسا، قوليلي إيه اللي سمعتيه بنديكت قاله."
      "طلب إيد ليدي فرانسيس هايمور للجواز. وهما هيتعشوا معانا."
      وبعدين قامت القيامة.
      "يا إلهي! أكيد ده حقيقي! لازم يكون حقيقي!" السيدة أليس قامت وجريت بره الباب، ووراها مارجريت وبعدين التوأم. "بينديكت!" صوت السيدة أليس اختفى وهي وبناتها بيجروا ورا بنديكت.
      لما فضلت لوحدها، أجاثا أجبرت ابتسامتها اللي متعودة عليها بينما أصوات سيدات إيفرارد الفرحانة كانت طالعة من مكان ما من فوق.
      بينديكت إيفرارد؟ هيتجوز؟ أجاثا كانت مذهولة. هو دايماً كان بيرفض الفكرة، ومحدش كان بيسترأ يفرضها عليه.
      "هايمور!" صوت السيدة أليس تردد من مكان ما.
      "بس هما شقر!" إيما أو إيزابيلا ناحت. "هي مش رفيعة زيادة عن اللزوم؟" إيما أو إيزابيلا ضافوا.
      "أنتِ متأكدة إنهم هيوافقوا؟ هما مش بيحبونا،" سألت مارجريت.
      أجاثا سمعت الشائعات اللي بتقول إن عيلة هايمور كانت من القليلين اللي مكنوش بيحبوا عيلة إيفرارد. كان بيتقال في الهمس إن في وقت من الأوقات، لورد هايمور اتهم عيلة إيفرارد إنهم بيطاردوا مناجم الياقوت بتاعته. القيل والقال كمان قال إن ليدي هايمور حذرت صاحباتها إنهم يبعدوا بناتهم عن إخوة إيفرارد الأشرار.
      "اخرسوا بقى يا تلاتة،" قالت السيدة أليس. "فرانسيس العزيزة مش زي أهلها خالص."
      أجاثا بلعت الإحساس بعدم الارتياح اللي كان بيتكون جواها. رمشت كذا مرة قبل ما تحاول تقف، بس لقت نفسها مش قادرة تتحرك.
      سخرت بعدم تصديق.
      بينديكت إيفرارد، الوحش، هيتجوز؟
       
      

      الملك الجذامي (بالدوين) - رواية تاريخية

      الملك الجذامي (بالدوين)

      2025, أدهم محمد

      تاريخية

      مجانا

      فتاة تصنع آلة زمن لإنقاذ جدها من الحرب، لكنها تُنقل عن طريق الخطأ إلى القدس في زمن الملك الأبرص بالدوين الرابع. تجد نفسها عالقة في الماضي، وتكتشف أن آلتها محطمة. بعد محادثات طويلة، تقرر الفتاة استخدام معرفتها الطبية لعلاج الملك بالدوين، متجاهلةً عواقب تغيير الجدول الزمني، وتتفق معه على سرية العلاج.

      الملك بالدوين الرابع

      ملك القدس، رغم مرضه ووضعه الصعب. يتمتع بذكاء كبير وفضول، ويستقبل قصة الفتاة بجدية واهتمام. على الرغم من استسلامه لقدره بسبب مرضه، إلا أنه يمتلك جانبًا خفيًا من الأمل والرغبة في الشفاء. تُظهر الرواية تقديره واحترامه للفتاة وقدرتها

      الفتاة

      كرست سنوات مراهقتها لصنع آلة زمن لإنقاذ جدها. لديها معرفة طبية وتتسم بالعزيمة والشجاعة، لكنها أيضًا عصبية وتجد صعوبة في التكيف مع الوضع غير المتوقع الذي وجدت نفسها فيه.

      السيد ستارك

      المالك الأصلي للمعدات التي استخدمتها الفتاة لصنع آلة الزمن. لم يظهر في القصة، لكن الفتاة ذكرت أنه منحها الإذن بالوصول إلى معداته. يعكس وجوده دعمًا ضمنيًا لمشروع الفتاة، حتى لو لم يكن يعلم بغرضه الحقيقي
      تم نسخ الرابط
      الملك الجذامي (بالدوين) - رواية تاريخية

      وأخيرًا صنعتها. آلة الزمن.
      
      كنت في برج السيد ستارك،
      فقد منحني الإذن باستخدام معداته لصنع آلة زمن.
      وبعد أن أمضيت سنوات مراهقتي كلها في هذا، صنعتها أخيرًا.
      
      هذه فرصتي لأعود وأنقذ جدي.
      
      كنت قد استعددت لهذه اللحظة بالفعل، فقد حزمت حقائب بها أدوية وهواتف بها مستندات محملة وكل ما أحتاجه لهذه "الرحلة".
      
      على الرغم من حبي واحترامي الكبير للسيد ستارك، إلا أن قراري باستخدام الآلة لن يكون بمعرفته. لم أرد أن يكون أحد عائقًا لرحلتي.
      
      ومع ذلك، التقطت أغراضي ودخلت الآلة.
      
      ضغطت على كل الأزرار اللازمة واستعدت لمواجهة حقيقة الحرب ووجه جدي.
      
      بينما كنت بداخلها، كأنني أغمي عليّ تقريبًا. ضعفت جميع حواسي.
      
      سمعت ضجيجًا غريبًا قادمًا من الآلة، ولكن بسبب حالتي لم أستطع استيعابه.
      
      لا أعرف كم من الوقت مر عندما وصلت أخيرًا إلى وجهتي.
      
      بسقوط مدوٍ، سقطت على الأرض مع أغراضي. "لقد نجحت"، فكرت في نفسي.
      
      ومع ذلك، لم أستعد وعيي بالكامل بعد. كل ما كان بإمكاني سماعه هو صوت مكتوم يتحدث وأدركت ما شعرت به وكأنه أرضية حجرية تحت يدي.
      
      عندما تمكنت أخيرًا من الرؤية، بعقل مشوش، واجهت رجلاً يرتدي الأبيض، كأنه شبح تقريبًا. كان وجهه مغطى بقناع فضي منحوت بملامح رجولية، مما جعله يبدو كإله يوناني.
      
      "من أنت أيها المتسلل؟" قال الرجل بصوت قوي موجهًا سيفه الفضي نحو ذقني بينما كنت ما زلت على الأرض.
      
      "أنت لست جدي."
      
      صمت.
      ----
      
      بالطبع لم يكن جدي، كان بعيدًا كل البعد عنه. لكن لم أكن أعرف سوى القليل.
      
      "ماذا تتحدث عنه؟" قال الرجل بصوت حازم لم يغير وضعيته.
      
      نظرت إليه عن كثب، كان الأمر كما لو أنني رأيته من قبل ولكن لم أتذكر أين.
      
      "أنا آسف، أين أنا؟" سألت، غير مستوعبة للموقف الذي كنت فيه.
      
      "كيف لا تعرف أين أنت أيها المتسلل؟"
      
      "أرجوك سيدي، أنا لست متسللاً، أنا فقط أحاول معرفة أين أنا وكيف وصلت إلى هنا" قلت حريصة على معرفة أي أرض أقف عليها.
      
      "أنت في مملكة السماء، القدس بالطبع" قال الرجل، الآن بنبرة أكثر حيرة في صوته.
      
      حينها أدركت. عرفت من هو. لقد قرأت الكتاب عن مملكة السماء والملك الأبرص، الذي كان رجلاً لا مثيل له.
      
      "القدس؟ لا، هذا لا يمكن أن يحدث، أنا- لا يمكن أن أكون هنا، إنه خطأ" قلت وأنا أقف الآن وأتحرك بحركات حادة وعصبية ذهابًا وإيابًا على الأرضية الرخامية الباردة، غير مدركة للملك الذي لم يتركني بسيفه.
      
      "ماذا تتحدثين أيها الغريبة، كيف لا تعرفين المملكة التي أنت فيها؟"
      
      لم أركز حقًا على كلماته، ما زلت مشوشة بحقيقة أن آلتي لم تعمل بالطريقة التي خططت لها.
      
      هذا لا يمكن أن يحدث لي.
      
      "لا، أنت لا تفهم، كان من المفترض أن أجد جدي، في عام 1940، في ألمانيا، لا لا، كان بإمكاني إنقاذه، كان عليّ أن أنقذه" بدأت أتمتم كما لو أن الرجل يمكن أن يفهم ما أقوله، ولكن من الواضح أنني كنت أحاول تهدئة نفسي لا مخاطبته.
      
      "هل جننت أيتها الغريبة، ما هذا الذي تتحدثين عنه؟" تحدث بصوت يكاد يكون غاضبًا ولكنه لا يزال هادئًا، محولًا انتباهي إليه.
      
      صحيح، هو هنا أيضًا وعليّ أن أجعله يفهم الموقف. وإلا فقد ينتهي بي الأمر مقطوعة الرأس.
      
      يا للسهولة.
      
      "آه، أنا من المستقبل وكنت أخطط لإنقاذ جدي لكن شيئًا ما حدث خطأ وانتهى بي المطاف هنا" ارتجف صوتي عندما أدركت مدى سوء وضعي. كانت كلماتي واضحة وصادقة، لكنني علمت أنه مهما قلت هذا سيظهر له كشيء خارق للعادة ومربك.
      
      "مستقبل؟ هل أنت ساحرة؟ سأستدعي رجالي لاعتقالك في هذه اللحظة بالذات."
      
      "لا، أرجوك سيدي، أنا لست ساحرة، أنا أفهم أن ما أقوله يبدو خياليًا ولكن أرجوك يجب أن تصدقني" توسلت، راكعة أمامه وركبتي تحدثان دويًا عاليًا على الأرض تحتي. لا أريد أن أموت هنا.
      
      "أنت تخاطبينني بالملك، لا يا سيدي، الآن قفي، سأستدعي حراسي" طلب الرجل الذي سأخاطبه الآن بالملك.
      
      "أنا آسفة يا ملكي، ولكن أرجوك يمكنني أن أثبت لك أنني لا أكذب."
      
      أمال الرجل رأسه المقنع ومد ذراعه، وكأنه يتحداني أن أجعله يصدقني.
      
      قبلت هذا التحدي، حيث كنت محظوظة للغاية لعدم رميي في السجن بالفعل.
      
      بدأت أشرح موقفي وأحدثه عن قصته، بقدر ما ذكرت الكتب، وعن المستقبل وكيف عشته، من أجل إضافة قوة لكلماتي.
      
      ولحسن حظي، بدا الرجل مفتونًا بحديثي حيث خفض السيف من يده الملفوفة بالضمادات وفحص بعناية كل كلمة وحركة مني.
      
      عندما قدمت مقدمة قصيرة لقصتي، بدأت أوريه معداتي التي أحضرتها معي. كان الأمر كما لو كنت أعلم طفلاً عن العالم. لكنه ليس طفلاً، إنه ملك ويجب أن أكون حذرة.
      
      لم يجادل ولم يكن لديه أي إشارة تدل على عدم الإيمان بكلماتي. جلس بوجوده المخيف والهادئ في نفس الوقت، يراقب ويظهر اهتمامًا بقصصي.
      
      بدا وكأنه وجد أخيرًا بعض الحقيقة فيّ.
      
      أو على الأقل آمل ذلك.
      
      
      
      
      
      أمضت ساعات وأنا والملك نتحدث عن وضعي وأمور أخرى في العالم الحديث. خلال ذلك، اتفقنا على أن جميع المعلومات المشتركة ستبقى بيننا، وإلا فإن العواقب على الجدول الزمني والتاريخ الحديث ستكون مأساوية.
      
      بالطبع، كان لا يزال من الصعب عليه استيعاب كل هذا، لكنه بذل قصارى جهده. في الواقع، وجدتُ ذكاءه وجاذبيته مثيرتين للإعجاب، خاصة بالنسبة لشخص في مثل عمره وعصره.
      
      تعرفتُ أيضًا على القليل عنه. أخبرني أن اسمه بالدوين. بدأ يتحدث عن قصته وحالته وبعض اهتماماته.
      
      "ماذا ستفعلين الآن؟" سأل بالدوين بقلق صادق.
      
      سؤال منطقي.
      
      الأمر هو أنني وبالدوين أدركنا أثناء حديثنا أن آلتي لم تعد تعمل. لقد احترقت تمامًا وأصبحت الآن مجرد قطعة خردة، لكنني لم أتفاجأ. كنت قد فكرت أن هذه قد تكون النتيجة. فقط ليس هنا.
      
      "حسنًا، بما أنني لا أستطيع العودة، سأضطر للبقاء هنا، لا أعرف ما ستكون نهايتي، ربما يمكنني أن أصبح خادمة."
      
      نظر بالدوين إليّ من خلال قناعه، وعيناه تظهران عدم موافقته على كلماتي.
      
      "لا.. لا أستطيع أن أسمح لك بذلك. بما أنك قلت إن لديك معرفة طبية، يمكنك أن تصبحي طبيبتي" اقترح وهو يومئ إليّ بذقنه.
      
      فكرت في الأمر. أعني، ستكون فرصة عظيمة لي بما أنني عالقة هنا ومهاراتي الوحيدة تتعلق بالعلوم.
      
      "أعتقد أنني أستطيع ذلك إذا أردت يا ملكي."
      
      "همم، هذا رائع إذن، من هذه اللحظة أنتِ المسؤولة عن صحتي، على الرغم من أنني لا أعرف إلى متى سأعيش لأحتاجك في هذه الوظيفة" قال الرجل وهو يتقبل تمامًا موته الوشيك.
      
      حينها أدركت. لقد كنت جاهلة جدًا لدرجة أنني لم أفكر في هذا من قبل.. لديّ جميع الأدوية واللقاحات لعلاجه... لكن لا أستطيع، سيخلط ذلك الجدول الزمني.
      
      ولكن مرة أخرى، ما الذي يهمني، أنا عالقة هنا بالفعل وسيكون إنقاذه هدية لهذه المملكة. العواقب لا يمكن أن تكون بهذا السوء.
      
      وبهذه الفكرة، أقنعت نفسي بإنقاذه.
      
      "ماذا تفكرين يا عزيزتي؟" سأل بالدوين، مخرجًا إياي من أفكاري مع لقب جديد يضاف إلى وجودي.
      
      "بالدوين - أعني يا ملكي، أمم، لديّ في الواقع المعدات المناسبة لعلاج البرص لديك، أعني، يمكن أن يغير ذلك المستقبل ولا يجب أن يعرف أحد، لكن يمكنني علاجك" تحدثت بوضوح، غير راغبة في مخاطبة أي شخص بالملك.
      
      نظر بالدوين إليّ، وتعبيره الهادئ الدائم تغير الآن إلى تعبير مصدوم. ليس لأنني سأفهم الكثير خلف قناعه، لكن عينيه اتسعتا بما يكفي لكي أظن ذلك.
      
      "هذا- هذا يبدو مغريًا حقًا.." تمتم، غير متأكد من رأيه الخاص.
      
      "أرجوك يا سيدي، دعني أساعدك، أنت تستحق ذلك."
      
      "أخشى أنني لا أستحق، لقد خطط الله هذا المرض لي لسبب ما" قال بالدوين وهو يرتخي قليلاً في كرسيه، مما يدل على أنه مهزوم.
      
      "ربما أخطأ الله والآن أرسلني إلى هنا لإصلاح ذلك.." تحدثت، مقتربة منه، حريصة الآن على أن يقبل عرضي.
      
      نظر إليّ، وعيناه تتحولان إلى لينة كاستجابة غير متبادلة لقراري، مستسلمًا له.
      
      "أفترض أن هذا يمكن أن ينجح أيضًا" قال، محاولًا إخفاء حماسه في صوته.
      
      "عظيم!" صرخت، سعيدة بموافقته. لا أعرف لماذا أردت مساعدته كثيرًا، يبدو أنه يستحق بعض السلام في حياته.
      
      "قبل أن نبدأ العلاج، نحتاج إلى توضيح بعض الأمور" ذكرت، راغبة في بدء عملية شفائه على الفور.
      
      "تفضلي يا عزيزتي" تحدث الملك وهو يشبك يديه ويميل نحوي. حتى عندما كنا جالسين، كان يهيمن عليّ، مضيفًا المزيد من الهيبة إليه.
      
      "أولاً وقبل كل شيء، أريدك أن تدرك أن ندوبك الكبيرة، خاصة تلك التي على وجهك، لن تختفي" قلت، متوقعة أنني سأخذله، لكنه بدا غير منزعج.
      
      "أفهم. ماذا أيضًا؟"
      
      "نحتاج أن نكون الوحيدين اللذين يعرفان عن هذا، لا يمكن لأي رجل أو طبيب آخر أن يعرف، لا يمكن أن يكونوا على علم بأنه قد تم العثور على علاج أو أنك شفيت."
      
      بقي بالدوين صامتًا. لم أستطع فك شفرة نظرته.
      
      "هذا جيد بالنسبة لي، سأستغني عن جميع أطبائي، وسأضع ثقتي بك" قال، وعيناه مركزتان عليّ الآن، تظهران امتنانه خلفهما.
      
      "شكرًا لك يا ملكي، إذن سنبدأ."
      
      وبناءً على ذلك، نهضت وأحضرت جميع الأدوية والمعدات اللازمة بينما استرخى هو في كرسيه، يصطادني بعينيه كما لو كنت فريسة.
      
      كان من المنطقي بالطبع أنه أراد تفحصني، بالنظر إلى أنني غريبة، سيعتقد أي شخص آخر أنني مجنونة بقصتي عن السفر عبر الزمن.
      
      أولاً، كنت بحاجة لرؤية وتنظيف ندوبه التي عرفت أن البرص سيسببها.
      
      "يا سيدي، أحتاج أن أرى حالة جلدك."
      
      نظر بالدوين إليّ بإيجاز قبل أن يومئ وبدأ بخجل في إزالة ضماداته.
      
      سارعت لمساعدته حيث أمسكت يديه وأزلت جميع ضماداته بلطف. كانت يداه رجوليتين مليئتين بجروح عميقة انتشرت في جلده، لكنني لم أمانع، كان من المنطقي أن يكون في هذه الحالة.
      
      بدأت أضع المرهم والكريم على كل جرح بعناية، باستخدام منفاخ ويديّ.
      
      أثناء ذلك، لم يتوقف بالدوين عن النظر إليّ بعينيه الزرقاوين الثاقبتين، وهو ما جعلني أكثر توترًا، بالنظر إلى أن هذه هي المرة الأولى التي أعالج فيها أبرصًا.
      
      "ألا تشعرين بعدم الارتياح أو الخوف مما ترينه؟" همس بالدوين أخيرًا عبر المعدن، مخرجًا أفكاره.
      
      "لا يوجد شيء يجعلني أشعر بذلك، بل على العكس تمامًا، أعتقد أن ندوبك تضفي عليك مظهرًا أكثر رجولة" قلت بصدق.
      
      "ها، هذه نظرة مثيرة للاهتمام، كل شخص آخر عالجني كان يشعر بالاشمئزاز، حتى لو لم يخبروني بذلك، كان بإمكاني رؤيته في وجوههم" قال بضحكة بينما ارتفع صدره للحظة.
      
      "حسنًا، خسارتهم أنهم يرونها بهذه الطريقة، أعتقد أنها تجعلك جميلًا حقًا."
      
      بمجرد أن أنهيت كلماتي اتسعت عيناي.
      
      لم أكن أستطيع التجول وأنا أنادي الملك بجميل.
      
      "أنا آسفة يا سيدي، أنا- لم أقصد ذلك بهذا الشكل" قلت، وقد احمر وجهي من كلماتي الخاصة.
      
      "لا بأس. أنا سعيد لأنك تشعرين بهذا الشكل" تجعدت عيناه الآن، مما يدل على ابتسامته.
      
      مر بعض الوقت، وبحلول هذا الوقت كنت قد عالجت معظم جروحه. بقي جزء واحد فقط.
      
      "يا سيدي، هل ستخلع قناعك لأعالجك؟" قلت بشكل طبيعي، وسرعان ما ندمت على ذلك عندما رأيت رد فعله.
       
      

      سحر النجمة - روايه خيال علمي

      سحر النجمة

      2025, أدهم محمد

      خيال علمي

      مجانا

      شابة بتصحى فاقدة الذاكرة بعد هجوم غامض، بتكتشف إن عندها قوى غريبة، وتكتشف إنها جيدي. بتلاقي نفسها في قاعدة المقاومة، وبتحاول تتأقلم مع حياتها الجديدة واسمها الجديد بمساعدة بو دامرون. في نفس الوقت، كايلو رن بيكتشف إنها لسه عايشة، وبينطلق في مهمة عشان يرجعها، وهو غاضب من فشله في حمايتها.

      أستريد

      بتصحى فاقدة للذاكرة تماماً بعد هجوم عنيف. بتكتشف إن عندها قوى غريبة، وبتعرف إنها من الجيداي. بتتميز بعزيمتها وإصرارها على فهم ماضيها وبناء مستقبل جديد لنفسها، رغم إنها كانت بتعاني من تهور في شخصيتها قبل فقدان الذاكرة.

      كايلو

      قائد في الفيرست أوردر وبيستخدم الجانب المظلم من القوة. كان هو المرشد لثيو (أستريد)، وعلاقته بيها فيها مزيج من الغضب والاهتمام. بيبان عليه القسوة والصرامة، لكن داخله بيصارع مشاعره، وبيحس بذنب كبير بعد اختفاء

      بو دامرون

      طيار ماهر وشجاع من المقاومة. بيظهر كمنقذ لأستريد بعد ما بيلتقط إشارة استغاثتها. بيتمتع بشخصية ودودة ومرحة، وبيساعد أستريد في التغلب على فقدان ذاكرتها وبناء هويتها الجديدة. بيمثل الأمل والمساعدة في عالم مليان صراعات.
      تم نسخ الرابط
      سحر النجمة

      "تاني."
      
      "أنا بكرهم."
      
      "دي مش الإجابة. تاني."
      
      "كتير أوي."
      
      "لسه مش الإجابة."
      
      "سيبني في حالي يا حمار،" ثيو قالت وهي بتتأوه وبتسند على جنبها وهي بتقوم من الأرض. هي وكايلو كانوا بيتدربوا، وهو بصفته المرشد، قرر إن فكرة كويسة يشتغلوا على مهاراتهم في السيف الضوئي ويسألها عن الأنواع المختلفة لأساليب القتال وهو بيوريهالها.
      
      "شيلي سيفك الضوئي،" قالها، وهي بصتله بغضب قبل ما تشيل السلاح وتستعد. سيفها الضوئي كان ماسك كويس في إيدها، والمقبض المقوس كان بيخليها تمسك أحسن. هو رفع سيفه الضوئي وهاجمها.
      
      صدت هجومه بس تركيزها اتلخبط خالص لما صرخ "إيه الشكل؟"، واللي خلاها تتعثر شوية.
      
      "الشكل التاني!" صرخت رداً عليه، سيفها الضوئي بيتخبط مع سيفه. هو فضل يهجم عليها بسيفه الضوئي، وهي حاولت بكل طاقتها تتفادى الهجمات. بعد وابل من الضربات السريعة، سيفهم الضوئي أخيراً خبطوا في بعض، الاتنين منعوا التاني من الحركة. فضلوا على وقفتهم، الشفرات بتزيق وهي بتلمس بعض. هو بص عليها ووقف سلاحه، وهي عملت نفس الكلام بسعادة.
      
      "أنتِ مش بتحاولي أصلاً. ده كان الشكل التالت،" قالها بوضوح.
      
      "طب ما هو صعب أركز لما حد يكون بيزعقلي،" قالت وهي مكتفة إيدها على صدرها.
      
      هو قلب عينه. "هناخد استراحة دقيقة واحدة."
      
      "يا سيد رن، كرمك ده بيبهرني. أنا مش مستاهلة كل الكرم ده في حياتي،" قالت بتمثيل. هو قلب عينه تاني بس ابتسامة خفيفة ظهرت على وشه.
      
      الاتنين قعدوا على أرض التدريب، الاتنين تعبانين من ساعات التدريب اللي كانوا فيها.
      
      من ساعة ما انضمت من تلات سنين، كايلو رن كان مكلف بتدريبها. لقوها على ستويجون خلال غارة من الفيرست أوردر. هناك، كايلو قابل البنت وحس بالقوة جواها. قوة ما كانتش تعرف إنها عندها. كان بدون سؤال إنه جابها للسوبيريم ليدر سنوكي، وهناك اتقرر إن كايلو هيعلمها طرق القوة، وبالتحديد الجانب المظلم من القوة.
      
      كانت بتتعلم بسرعة، بس كانت عاطفية زيادة عشان تكون مستخدمة قوة من الجانب المظلم. دايماً كان عندها مشكلة في التحكم في عواطفها، بس اللي كان ناقصها في المنطقة دي، كانت بتعوضه بإصرارها على النجاح، عشان تلاقي إحساس بالانتماء. ده كان بيجي مع تهورها، وده كان بيضايقه، بس بغض النظر، هي كانت مستخدمة القوة الوحيدة التانية غيره.
      
      "تمام. يلا نبدأ،" قال وهو بيقف.
      
      "احنا خدنا استراحة 50 ثانية بس،" قالت بصوت واطي بس قامت برضه عشان تكمل تدريب. "أنا تعبانة."
      
      "يمكن لو بدأتي تركزي أكتر، ماكناش هنفضل هنا كل ده،" قالها.
      
      "يا بارد."
      
      "قلتي إيه؟"
      
      "لا ولا حاجة، ولا حاجة."
      
      شفايف كايلو ابتسمت ابتسامة خفيفة، وهز راسه. "أنتِ هتجيبي أجلي."
      
      "بحبك أنا كمان يا رن،" هي قالت وهي بتداعبه قبل ما تسكت، وهي بتدرك اللي قالته. ودانها احمرت. كايلو سمع تعليقها بس اختار ما يتكلمش أكتر، وهو ملاحظ إحراجها.
      
      "استعدي،" قالها قبل ما يهجم عليها تاني بالسيف الضوئي الأحمر الملتهب.
      
      "أنا هموت."
      
      "بطل دراما."
      
      "مش حاسة برجلي... مش حاسة برجلي،" قالت وهي بتتنفس بصعوبة وهي نايمة على الأرض بعد جلسة التدريب اللي قعدت خمس ساعات، وهي بتتنفس بصعوبة.
      
      هو قلب عينه للمرة الألف في اليوم ده. ولما كان لسه هيزعقلها عشان هي رخمة، أبواب غرفة التدريب اتفتحت، وكشفت عن جنرال طويل لابس بدلة رمادي وشعره البرتقالي متسرح بعناية على الجنب.
      
      وقفته اتغيرت تماماً وهو وقف مستقيم وابتسامته اتحولت لعبوس. "جنرال هاكس،" كايلو قال وهو بيسلم. ثيو قامت من الأرض فوراً، وسلمت على هاكس بصوت واطي.
      
      "القائد الأعلى عايز يشوفك،" هاكس قال بنبرة عمل. "وياريت ماتخليهوش يستنى."
      
      ثيو بصت لكايلو وهو بيتوتر لمجرد ذكر القائد الأعلى، وشافت تصرفه يتغير لتصرف كايلو رن الشرير اللي الناس تعرفه، ومش كايلو اللي عرفته لما كانوا لوحدهم.
      
      "هكون هناك،" قال بجمود ولف لثيو. "التدريب خلص للنهارده."
      
      مشي من غير كلمة زيادة.
      
      "أنت اللي هتقود القوات للبحث عن سكاي ووكر،" سنوكي قال. الهولوجرام الطويل لشكله بيطل على كايلو رن وهو بيظهر قدامه. الشخص ده كان لابس عبايته السودا المعتادة ومعاها قناعه الأيقوني اللي مخبي وشه.
      
      "أيوة يا سيدي،" كايلو رد باخلاص. مغير الصوت في قناعه خلى صوته أعمق، تقريباً زي روبوت ملوش عقل بيتبع الأوامر.
      
      "خد البنت معاك."
      
      ده خلى كايلو رن يرفع راسه باستغراب لسيده. صحيح، تعابير الصدمة بتاعته كانت مخفية ورا القناع، بس هو برضه ماقدرش يخفي استغرابه.
      
      "البنت مش جاهزة،" قالها.
      
      "أنت بتشكك في قراري يا ولد؟" ده كان رد سنوكي اللي كان باين عليه السخرية.
      
      "مستحيل يا قائد أعلى،" كايلو رد بجمود. "أنا مجرد بقول ملاحظة لاحظتها وأنا بشرف على تدريبها. بعد حادثة نابو، عندي شكوك لو هي قادرة على-"
      
      "خدها معاك. مش هتقدر تخبيها عن ساحة المعركة للأبد. مش هنضيع وقت في اكتمالها الكامل للجانب المظلم."
      
      كايلو جز على سنانه جامد قبل ما يحني راسه بالموافقة ويطلع من الأوضة.
      
      "أيوة!" ثيو قالت فوراً لما قالها الأخبار.
      
      "مش عايزك تروحي،" قالها.
      
      "طب ما هو القائد الأعلى أمر بكده، مش كده؟" سألته بابتسامة عريضة. "مش هخذلك. هكون أحسن مقاتلة في ساحة المعركة وممكن-"
      
      "مش هيكون فيه قتال،" قال وهو بيقطع كلامها. "على الأقل مش لما تكوني أنتِ موجودة."
      
      هي بصتله كده. "بس أنا بعرف أقاتل."
      
      "شوفي إيه اللي حصل آخر مرة يا ثيو. ولا نسيتي؟" قالها. هو تقريباً حس بالذنب لما حس بمزاجها بيتغير بشكل كبير من خلال رابط القوة بتاعهم.
      
      "ده كان من سنة..." تمتمت. "أنا عارفة إني عملت غلطة المرة دي، بس أنا لسه بعرف أقاتل-"
      
      "ممكن يكون خطر. مش هقدر أخاطر إنك تتصابي-" هو وقف نفسه. "أنتِ عبء."
      
      "أسلوبك حلو في الكلام يا رن،" قالت وهي بتداعبه بخفة مع إنها ماكانتش بنفس الحماس المعتاد في كلامها، وهي بتقوم من قعدتها على الكنبة في مكتبه.
      
      "هكون كويسة. أنا اتدربت بجد أوي عشان فرصة تانية. مش هعمل أي مشاكل. مش هكرر نفس الأخطاء اللي عملتها في نابو،" قالت بإصرار. بصتله واتفاجئت بالغضب الواضح في عينيه. ومن خلال رابط القوة بتاعهم، حست بلسعة غضب.
      
      
      
      "رن؟" سألته، مش متأكدة من مزاجه.
      
      "لما تكوني في ساحة المعركة، هتفضلي جنبي،" قال وصوته بقى بارد، وده رجّع ثيو لسنة تدريبها الأولى لما كان بيعاملها بعدائية. العدائية دي خفت على مر السنين، بس من الواضح، مش بالقدر اللي ثيو كانت فاكراه. "مش هتهاجمي إلا لما أقولك، ومش هتسيبيني لحظة واحدة. أنا مفهوم كلامي؟"
      
      هزت راسها في صمت.
      
      "قوليها."
      
      "مش هسيب جنبك، ومش ههاجم،" كررت.
      
      "هنمشي الفجر،" قال قبل ما يقعد على مكتبه، وده كان إشارة لنهاية كلامهم. ثيو فضلت في مكانها، مش لاقية كلام تقوله. لما كمل شغله كأن مفيش حاجة حصلت، قامت وطلعت من الأوضة.
      
      لما جه وقت المهمة، ثيو كانت لابسة عباية سودة ببطانة حمرا زي الدم، ومعاها عباية سودا طويلة بغطاء راس. على عكس كايلو، ما كانش عندها قناع كامل. كان عندها خيار باندانا حمرا زي الدم عشان تغطي الجزء السفلي من وشها، فاختارتها. الدرع، كانت لازم تعترف، خلاها تحس إنها جامدة جداً، وملاها أدرينالين، متحمسة جداً لمهمتها اللي جاية.
      
      قابلت كايلو وعساكر العاصفة في الهنجر، وبسرعة، مشيوا لوجهتهم. ثيو انضمت لكايلو في المقاتلة بتاعته، بينما عساكر العاصفة راحوا في سفينة أكبر. ثيو حاولت تفضل هادية، بس لقت الموضوع صعب أكتر وأكتر تفضل ثابتة على فكرة إنها هترجع ساحة المعركة تاني.
      
      "بطلة حركة،" جه الصوت الميكانيكي من وراها، وهي اتخضت في رد فعلها، ونسيت تقريباً إنه موجود.
      
      "مش قادرة أتحكم في نفسي. أنا متحمسة،" قالت، بس عملت مجهود إنها تفضل ثابتة. كايلو، اللي كان مركز على قيادة المقاتلة، لقى حماسها ده مشتت جداً. حتى لو بطلت تتحرك، كان بيحس بالأدرينالين بتاعها من خلال الرابط بتاعهم في القوة. وهو بيقلب عينه، ركز على إنه يوصل للوجهة بس.
      
      "ليه أنتِ متحمسة أوي ترجعي للقتال بعد الحادثة دي؟" سألها.
      
      "دي فرصتي. أخيراً هقدر أصلح الأمور،" جاوبت، وهي مكشرة شوية. "أنا عارفة إن المهمة فاتت غلط شوية-"
      
      "ده أقل ما يقال."
      
      "ماشي، بس دلوقتي القائد الأعلى بيديني فرصة تانية بجد. مش هقدر أبوظها. هقتل أي حد محتاجة أقتله-"
      
      "مش هتقتلي أي حد."
      
      "بس-"
      
      "مش هتقتلي،" قالها. "مش هتمدي إيدك على أي حد. مش هتهاجمي إلا لو اتهاجمتي. سيبي الباقي عليا."
      
      تكشيرة ثيو زادت وهي بتغرق أكتر في كرسيها. "بطل تعاملني زي الأطفال."
      
      هو اختار يتجاهل كلامها، وده خلاها متضايقة أكتر. بعدين لفت بالكامل، وبتتكلم لظهر خوذته وهما قاعدين بضهر بعض في المقاتلة الصغيرة. "أنت دايماً بتتكلم عن قتل الماضي. فليه بتحس إنك لازم تتمسك بالجزء ده من حياتي وتخليه يحددني؟"
      
      "أنتِ بتكبتي الذكرى دي، همم؟" سألها وهو بيبصلها من فوق كتفه، مزاجه كان بيغلي. "كنتِ في حالة صعبة بعد المهمة دي. نسيتي اللي عملته فيكي؟ ودلوقتي فاكرة إنك ممكن تجري على معركة تقتلي أي حد تشوفيه؟"
      
      "أنا مش ضعيفة!"
      
      "أنا عمري ما قلت إنك ضعيفة،" قالها. "دلوقتي، بطلي كلام."
      
      لحسن حظه، هي فعلاً بطلت كلام. ماكانش شايف إيه اللي بتعمله، بس كان ممكن يخمن إنها بتبص بغضب من الشباك. لما وصلوا الكوكب أخيراً، كايلو وقف عشان يبصلها. "فاكرة اللي قلته؟"
      
      "مفيش قتال. مفيش تسيب جانبي. مفيش تصرفات مستفزة،" ردت من خلال قناعها.
      
      "ثيودوسيا، أنا بتكلم جد،" قالها. هي ما كانتش شايفة وشه من ورا القناع، بس كانت ممكن تعرف إنه مكشر عليها.
      
      "هكون حريصة،" وعدت، وهي بتسحب غطاء راسها لفوق، وده خبا معظم وشها وهي ماسكة سيفها الضوئي في إيدها.
      
      لما نزلوا من السفينة، عساكر العاصفة كانوا واقفين صف، مستنيين الأوامر.
      
      كايلو أداهم أمر يبحثوا في المنطقة. ثيو اتحركت معاهم، بس هو مسكها من رسغها وشدها.
      
      "ما تسيبينيش،" قالها. هي طلعت تنهيدة صغيرة وفضلت جنبه، سيفها الضوئي المتفعل كان متعلق في إيدها بشكل مش مفيد.
      
      كايلو خد طريق مختلف عن القوات، رايح للأماكن الهادية في الكوكب. طلعوا الجبال على الكوكب.
      
      "ليه ما قدرناش نطير بالسفينة وندور؟" سألته، وهي بتتنفس بصعوبة بعد ما مشيوا حوالي نص ساعة.
      
      "لأن ده كان هيجذب انتباه كتير،" رد، وهو بيقود الطريق وهو بيطلع الجبل. كان فيه كلام إن فيه راجل في المنطقة عارف مكان لوك سكاي ووكر. كايلو كان ممكن بسهولة يجيب الإجابة من أي حد عن مكان الراجل ده لولا إن ثيو كانت موجودة. مهاجمة ناس الكوكب ممكن يحطها في خطر ملوش لازمة وغير كده، هو كان عنده إحساس إنها مش جاهزة لمعركة. مش دلوقتي على الأقل. هي لسه محتاجة وقت.
      
      "أنا عارفة إن المفروض ندور على الراجل سكاي ووكر ده وأيوة، هو جيدي وكل ده بس إيه اللي هيتحقق لما نلاقيه؟"
      
      كايلو تجاهلها. هي كشرت شوية بس ساعدته في البحث في المنطقة. "أنت قابلته قبل كده؟" كملت.
      
      "ماليش أي علاقة بالراجل ده،" جه رده الميكانيكي.
      
      "أنا ما سألتش إذا كنتوا قرايب، أنا بس-"
      
      "بطلة كلام،" قال، وهو بيشاورلها بصابعه.
      
      "إيه دلوقتي؟" سألت، بس هو سكتها وهو بيغطي بوقها. عينيه لفت حوالين المنطقة، وفعل سيفه الضوئي، وسابها. من بين الأشجار، بحث عن أي مصدر حياة. خرج من مكانه في اللحظة اللي طلقة ضربت ناحيته. بسهولة، سيد رن وقف الطلقة في الهوا.
      
      طلع من أماكن اختباء مختلفة مجموعة من المهاجمين متغطيين بعبايات بني. ثيو انضمت لكايلو جنبه. هي بصعوبة فاتت طلقة وهي رايحة هناك.
      
      "إذن بالقتال؟" سألت.
      
      كايلو كان عايز يقلب عينه. هي بس اللي ممكن تعمل نكتة في موقف زي ده. "مسموح."
      
      الاتنين بدأوا يهاجموا الناس. سيوفهم الضوئية بترمي أضواء حمرا في كل مكان. ثيو ابتسمت وهي بتحس بالأدرينالين بيعلى فيها، طلعت صرخة معركة ماكانتش مبررة لقتال صغير زي ده، بس بغض النظر، طلعت صرخة المعركة وهجمت بسيفها الضوئي بغضب، قتلت معظم المهاجمين، الاندفاع ده خلاها تحس بإثارة جامدة.
      
      جنبها، كايلو كان بيقاتل بسهولة، كل حركة بيعملها كانت محسوبة بس متهورة، تقريباً رشيقة في طريقة مسكته للسيف الضوئي.
      
      المهاجمين ظهروا أكتر وأكتر، وثيو رجعت لورا لما مجموعة من ستة منهم ركزوا انتباههم عليها. إثارة القتال كانت بتموت بالبطيء لما جثث أكتر وقعت على الأرض بعد ما قابلت لسعة سيفها الضوئي. الإثارة كانت بتستبدل تدريجياً بالذنب، وقتالها بطّأ، وفقدت حيويتها. هي قاومتهم بس مع كل هجوم، كانت بتبعد أكتر. بتبعد عن كايلو.
      
      كانت بتسمع كايلو بينادي اسمها، بس هي كانت مشغولة جداً بقتال المهاجمين عشان ترد.
      
      المهاجمين صرخين حاجة مش مسموعة لثيو. فوق صرخاتهم، سمعت كايلو، صوته كان يا دوب مسموع بسبب المسافة.
      
      "ثيو! خليكي مكانك. أنا هلاقيكي!"
      
      "أنا هنا! أنا-"
      
      في اللحظة دي، واحد من المهاجمين من وراها خبط عصايته في جنب راسها. كان فيه انفجار حاد من الألم قبل ما الدنيا تسود.
      
      "ثيو!" كايلو صرخ. هو كان لسه قاتل مجموعة المهاجمين. وهو بيتنفس بصعوبة من القتال، مشي في الاتجاه اللي سمع فيه صوتها. لف الزاوية ورفع سيفه الضوئي. مالقاش أي أثر ليها. كل حاجة بقت صامتة. تبع آثار الأقدام اللي كانت محفورة في التراب.
      
      على الأرض، لمح سيفها الضوئي وشاله بحذر، وهو بيفحصه في إيده.
      
      "ثيو،" نادى تاني. الصمت رد عليه. غمض عينيه ومد إيده من خلال رابط القوة بتاعهم لأي علامة ليها. مالقاش حاجة. إحساس بالذنب تقيل ملاه. هو فشل يحافظ عليها آمنة في أول مهمة ليها بعد ما رجعت.
      
      سمع خطوات تقيلة وراه، وهو لف بسرعة، وهو بيرفع سلاحه. عساكر العاصفة كانوا لسه وصلوا.
      
      "سيد رن-" عسكري عاصفة بدأ يقول.
      
      "لاقتوها!" كايلو صرخ، وده خض عسكري العاصفة. "فتشوا المنطقة وماتقفوش إلا لما تلاقوها،" أمر وعساكر العاصفة مضيعوش وقت في الانتشار عشان يدوروا على ثيو.
      
      كايلو طلع زئير وضرب بسيفه الضوئي، دمر كل حاجة قدامه. هي اختفت. صرخ بغضب وهو بيدمر الغطاء النباتي اللي حواليه، وهو بيطلع غضبه. وغضبه كان بيغذيه حاجة واحدة بس بتشغل تفكيره: هو فشل يحميها.
      
      ومش هيوقف لحد ما يلاقيها.
      
      
      
      
      
      صحيت في فزع، جسمها اتنفض من على الأرض. وقفت حركتها، وهي بتتأوه لما الدنيا حواليها بدأت تلف. راسها بدأت توجعها ألم شديد، وسندت على الحيطة عشان تحافظ على توازنها، وهي بتستحمل موجة غثيان. صوابعها راحت لجانب راسها حيث حست بانتفاخ. سحبت إيدها لقت عليها دم.
      
      فين هي؟
      
      بصت حواليها، مش قادرة تتعرف على أي حاجة. كانت في مكان إضاءته خافتة. مكان شكله مهجور. كشرت حواجبها، وهي بتحاول تفتكر إزاي وصلت لهنا. إزاي أصلاً وصلت لهنا؟ بالرغم من كده، الحقيقة الوحيدة اللي قلقتها أكتر كانت:
      
      مين هي؟
      
      راسها وجعتها أكتر كل ما فكرت. إيه اسمها؟ مش قادرة تفتكر حتى. بصت على نفسها. كانت لابسة عباية سودة، العباية كانت متقطعة في كذا حتة. كانت في خناقة؟ لا، هي اتهاجمت. بس مين اللي هاجمها؟
      
      اتأوهت من الألم. راسها وجعتها أكتر. خدت وقت شوية بس في النهاية قدرت تقف مستقيمة، وأول ما قدرت، خدت خطوات مهزوزة ناحية الباب. اتفاجئت إنه مش مقفول. طلعت بره.
      
      دخلت أوضة فيها كذا واحد متغطيين بهود، بيبصوا على شاشات وأجهزة، بيتكلموا مع بعض.
      
      "...وإيه أخبار الجيدي؟" واحد من الشخصيات المتغطية سأل. "هي عندنا تحت، بس هيكون خطر إننا نخليها هنا."
      
      "الفيرست أوردر هيجي ورانا،" شخصية تانية قالت.
      
      "يبقى مفيش قدامنا حل تاني،" واحد تاني قال بجمود. "هنضطر نقتلها."
      
      يمكن كانت بتلاقي صعوبة في التذكر، بس هي عرفت كويس إنها الشخص اللي بيتكلموا عنه. عينيها وسعت، وطاطت عشان تلاقي مكان تستخبى فيه. لازم تطلع. بس إزاي؟
      
      عينيها مسحت الأوضة. بصرها وقع على باب مفتوح بيخرج منه نور. راحت ناحيته. كانت أوضة الاتصال الداخلي. بصت جواها لقتها فاضية. جريت ناحية أقرب جهاز اتصال داخلي، ودست على زرار أحمر كبير كانت بس بتتمنى يكون زرار التوصيل.
      
      صوت عالي خرج من الأوضة، وهي كشرت. دست على أزرار أكتر وأكتر لحد ما سمعت أخيراً صوت وشوشة. "ألو؟ حد موجود؟" قالت في المايك. وشوشة أكتر جت من الطرف التاني.
      
      "أرجوكم! أي حد هناك، أنا محتاجة مساعدة. أنا...اتخطفت، وأنا فاكرة إنهم هيقتلوني- وأنا حتى مش عارفة أنا فين!" توسلت بيأس، الدق اللي في راسها بيزيد. الشخصيات المتغطية هتلاقيها قريب.
      
      "تم رصد إشارة استغاثة. تم استلام الإحداثيات. مين بكلم؟" جه صوت من الناحية التانية. هي طلعت نفس بارتياح.
      
      "أنا...أنا مش فاكرة اسمي، بس أنا مش عايزة أذى لأي حد. أنا بريئة، أنا فاكرة؟ أيوه، أنا بس اتأخدت. أنا بس محتاجة مساعدة-"
      
      "تمام، أنا عايزك تفضلي هادية. اسمي بو دامرون. هكون هناك في-"
      
      "يا سلام، شوف مين عندنا هنا،" حد قال من وراها. واحد من الشخصيات المتغطية شاور عليها بعصايته.
      
      "لا، استنوا. ممكن أشرح!" حاولت. ما كانتش عارفة بتقول إيه في اللحظة دي. إيه في الكون ممكن تستخدمه عشان تشرح الموقف؟ كانت هتقول أي حاجة عشان تفضل عايشة. "أنا مش هأذيكم!"
      
      "بتغيري كلامك دلوقتي بعد ما كايلو رن مش هنا، أنا فاهم،" الشخص المتغطي قال بغضب. ثيو كشرت حواجبها. كايلو... اتأوهت لما ألم حاد انتشر في راسها.
      
      "مش عارفة مين اللي بتتكلم عنه. مش أنا-"
      
      "بلاش كدب يا بنتي. مش هتطلعي من هنا عايشة،" قال بتهديد وبغضب، ورمى نفسه عليها.
      
      "تباً-" مسكت أقرب حاجة ممكنة، جهاز هولوغرافي كان مرمي، ورمته على الراجل. هو تفاداه بسهولة، وهي نطت فوق الترابيزة عشان تحمي نفسها. هو بدأ يضرب الترابيزة اللي كانت مستخبية تحتها، كل ضربة كانت بتخلي الدق في راسها يسوء.
      
      "شوف، مش ممكن نتكلم ونتفاهم؟" صرخت عليه. "زي ناس عاقلين؟"
      
      ردها الوحيد كان مزيد من الهمهمات وفجأة نط فوق الترابيزة وشدها من تحت ملجأها. "سيبني يا حيوان-"
      
      كلامها اتقطع لما خبط العصاية في الأرض جنب راسها بالظبط. عينيها وسعت. حاولت تقف على رجليها بس اترمت تاني على الحيطة بضربة. اتأوهت، غمضت عينيها وهي بتحس بالدنيا بتلف حواليها. فتحت عينيها للحظة وشافت الراجل بيهجم عليها. رفعت إيدها للدفاع، قوة غير مرئية انفجرت من إيدها، ورمت الراجل لورا، وطرحته أرضاً فوراً. طلعت شهقة.
      
      "ما كنتش أقصد..." بصت على إيديها. "أنت كويس؟" الراجل طبعاً ما كانش كويس. في اللحظة دي، حست باستكشاف لطيف في عقلها، وكشرت حواجبها. فيه حاجة في الوجود ده كانت مألوفة. كانت يائسة ومحتاجة. كانت بتتوسل. مش عارفة تعمل إيه، ضغطت صوابعها على صدغها وحاولت تركز على الوجود ده. فجأة حست باتصال بالوجود ده، وكان مريح جداً. صوت عالي من خارج الأوضة شتتها عن الوجود ده. وقررت إن ده مش أحسن وقت عشان تفهم قدراتها الجديدة، جريت تاني لجهاز الاتصال الداخلي.
      
      "أنت لسه موجود؟!" صرخت. ماكانش فيه صوت من الناحية التانية. لعنت وبدأت تمشي ناحية المخرج. مهاجمين أكتر وأكتر بدأوا يتدفقوا، كلهم أسلحتهم موجهة ناحيتها.
      
      رفعت إيديها، بابتسامة ملتوية. "ما أعتقدش إنك هتحب تتفاوض على شروط الاستسلام؟" سألت. القائد صرخ بأمر، وكلهم هجموا عليها.
      
      "تمام، تمام. اعملي الحركة دي تاني،" قالت لنفسها، وهي بترفع إيديها ناحيتهم، صوابعها مفتوحة. "تباً. تمام، مش شغالة! مش شغالة!"
      
      سمعت دوي عالي من ورا المجموعة، وراجل بشعر أسود مجعد طلع منه، بيحمل مسدس ليزر. "يا جماعة، نزلوا أسلحتكم!" صرخ. الشخصيات المتغطية لفت ناحيته.
      
      "صدفة تعرف حد اسمه بو دامرون؟" سألت. هو حول انتباهه ناحيتها بابتسامة خفيفة.
      
      "سعيد إنك سألتي،" رد، بس في اللحظة دي، المهاجمين بدأوا يهاجموا، وانقسموا لمجموعتين، واحدة بتهاجم بو وواحدة بتهاجمها. وهي من غير دفاع، فضلت ترمي عليهم أي حاجة عشوائية، وأحياناً كانت بتلكمهم وتركلهم بقوة. الأدرينالين اللي اتقلب مع الألم اللي حست بيه، عمل اندفاع كبير جواها لدرجة إنه لما مجموعة منهم قربت منها، رفعت إيدها وطلعت صرخة انفجار قوة من إيدها رمتهم على الحيطة تاني بقوة، وده طلع صوت كسر عظم مقرف، وهي ماسكاهم هناك.
      
      بو، اللي كان لسه مخلص على المهاجمين التانيين، لف يبص على البنت في صدمة. كانوا هما الاتنين بس اللي فاضلين. هي نزلت إيديها والجثث الفاقدة للوعي للمهاجمين وقعت على الأرض. بصت على بو، وهي بتتنفس بصعوبة من المجهود. الدنيا كانت بتلف. نفسها بقى صعب. وبسرعة، رجليها سابتها والدنيا اسودت.
      
      "هي محتاجة مسعف دلوقتي!"
      
      ..... 
      
      
      
      "القائد دامرون، مين دي؟"
      "لو سمحت، هي محتاجة مساعدة."
      "لقيتها فين؟"
      "بص، هي بتنزف كتير. خبطت راسها بعد ما أغمى عليها. لو سمحت بس ساعدها. أنا هشرح كل حاجة بعدين."
      
      "...دخلوها."
      "هتكوني كويسة. هتكوني كويسة..."
      في لحظات الوعي القصيرة، كانت يا دوب قادرة تفهم إيه اللي بيحصل. بس لما أخيراً حست إن جسمها بيرجع للحياة ببطء، فتحت عينيها، ورمشت كذا مرة عشان الأضواء القوية اللي كانت موجهة عليها. حركت صوابعها شوية، وهي بتحاول تمسك أي حاجة تساعدها تقوم. إيدها خبطت في الجانب بتاع السرير، مسكته قبل ما تشد نفسها وتقوم. طلعت أنين خفيف.
      
      بو، اللي كان نام على كرسي غرفة العنبر، صحي على صوتها. نط على رجليه. "إيه، إيه. بالراحة،" قال وهو ماسك دراعها. هي بصتله، وكشرت حواجبها لما عرفته.
      
      "دامرون؟" سألته، صوتها كان خشن. هو بسرعة صبلها كوباية مية، وهي قبلتها بامتنان، وشربتها كلها.
      
      "أيوة، أنا. بو،" قال وهو بيبتسم. "أنتِ في العيادة الطبية في قاعدة المقاومة."
      
      "المقاومة؟" كررت. "إيه...إيه اللي حصل؟"
      
      "وصلني إشارة استغاثة منك. تتبعت إحداثياتك ولقيتك في السفينة دي مع المهاجمين وطلعتك. مع إني شايف إنك كنتِ ممكن تتصرفي بنفسك،" جاوبها. هي حاولت تقوم، وهو ساعدها ساند جسمها عشان تخليها في وضعية قعدة مريحة أكتر. "كنتِ فاقدة الوعي حوالي يوم. الممرض لقى جرح في راسك قبل ما تقعي، وأنا فاكر إن إغمائك ما ساعدش في أي حاجة، عشان كده لازم تتحركي ببطء عشان تتجنبي أي مضاعفات."
      
      هي كانت فاكرة المهاجمين بس مش فاكرة نفسها. "صدفة تعرف اسمي؟" سألته، صوتها كان مش متأكد.
      
      "يعني أنتِ مش فاكرة أي حاجة؟" قالها. هي كانت قالتها قبل كده، لما كانت نادت على إشارة الاستغاثة، بس هو كان بيتمنى إن ده كان مجرد صدمة.
      
      "أنا...أنا فاكرة إني صحيت في الأوضة الضلمة دي وبعدين كان فيه المهاجمين دول...و-" شهقت، عقلها افتكر الحادثة اللي في أوضة الاتصال الداخلي. "أنا هاجمتهم بـ...بـ قوة كده أو حاجة. زي درع قوة غير مرئي حماني،" سكتت، وبصت على إيديها. ضحكت ضحكة مالهاش روح. "أكيد فاكرني مجنونة."
      
      "لا، مش فاكرك كده،" قالها. هي بصتله. "أنا شفتها. أنتِ استخدمتي القوة."
      
      "القوة؟"
      
      "أيوة، القوى اللي عند الجيداي. أنا عمري ما شفتها بتشتغل قبل كده. بصراحة، كنت فاكر معظم الجيداي اختفوا، ورغم كده أنتِ هنا،" قال وهو بيهز راسه بذهول. هي فكرت في لما خرجت أول مرة من الأوضة اللي كانت فيها، لما واحد من الشخصيات المتغطية نادى عليها جيدي.
      
      "جيدي..." تمتمت. هزت راسها، وهي بتحاول تفتكر أي قوى سابقة للقوة اللي لسه اكتشفتها. كان فيه نوع من الضباب في راسها، وجود غامض بيخليها تحس إن كل ذكرياتها على طرف صوابعها ومش موجودة أصلاً. ده خلاها تحس إنها ضعيفة جداً.
      
      "أنتِ كويسة؟" بو سأل، وهو شايفها سكتت. "ممكن أجيب الممرضة-"
      
      "أيوة، أنا بس..." عملت ابتسامة مزيفة. "أنا فاكرة إني محتاجة اسم جديد، صح؟" مازحت بخفة رغم شعورها بالعجز.
      
      بو ضحك. "أعتقد كده. فيه أي أسماء في بالك؟"
      
      هي ابتسمت وفكرت شوية. "الأفضل تفكري كويس. مش كلنا بنقدر نختار أسامينا،" علق بابتسامة تشجيع.
      
      "همم، ممكن أسمي نفسي حاجة جامدة أوي زي روان، مش كده؟" هي ماشيت معاه في اللعب. "أو يمكن حاجة شيك زي أناستازيا؟"
      
      بو رفع إيديه مستسلم. "اختيارك."
      
      ابتسامة صغيرة ظهرت على وشها، وما كانتش مصطنعة زي اللي قبلها. "بس،" قالت وهي بتبص من الشباك الصغير بتاع العنبر اللي كانت شايفة منه النجوم في المجرة. "أنا فاكرة إني هختار أستريد."
      
      "أستريد؟" بو كرر باستغراب. "مفيش أسماء شيك لولادتك الجديدة؟"
      
      "لأ،" ابتسمت. "أنا أستريد. أستريد وبس."
      
      "طيب، أهلاً يا أستريد وبس. أنا بو دامرون،" قال وهو بيغمز.
      
      "يا عم غور!" قالت وهي بتضحك، وبو ضحك معاها.
      
      "أهلاً بيكي في الدنيا يا أستريد..." سكت، وساب السؤال غير المنطوق معلق. هي فكرت شوية.
      
      "جونز،" قالت أخيراً.
      
      "أهلاً بيكي في الدنيا يا أستريد جونز!" بو صرخ بصوت عالي، صوته علا وهو بيرفع كوباية مية. "نخب أستريد جونز، جيدي الـ-"
      
      "إشششش!" المعالجة اللي كانت بره الأوضة وبابها كان مفتوح شوية، لمت شفايفها بسرعة، وكشرت عليه. بو عمل وش وحط إيده على بوقه، وده خلاها تضحك.
      
      بصوت واطي، كمل نخبه ليها، وشربوا ميتهم عشان كده. كانت فيه لحظة لما أستريد حست إنها في سلام تقريباً رغم وضعها الحالي. وبالرغم من إنها كانت بتتمنى تفتكر ماضيها، إلا إنها اتساءلت إذا كانت دي فرصة عشان تبدأ من جديد. تعيش حياة جديدة.
      
      دردشت مع بو شوية كمان قبل ما الممرضة، الممرضة أوزوالد، دخلت. الممرضة طلعت جهاز هولوغرافي وبدأت تسأل أستريد أسئلة.
      
      "ممكن تفتكري اسمك اللي اتولدتي بيه؟"
      
      "لا..." أستريد ردت بصوت واطي.
      
      "عندك كام سنة؟" الممرضة سألت، وهي بتعلم على حاجة في الجهاز الهولوغرافي.
      
      "اممم...خمسة وعشرين؟" حاولت.
      
      "إيه آخر حاجة ممكن تفتكريها قبل إصابتك؟"
      
      "مش متأكدة...أنا بس فاكرة إحساس انفجار الألم ده على جانب راسي، واللي بعده عرفته إني صحيت في قاعدة المهاجمين اللي بو لقاني فيها."
      
      الممرضة أوزوالد قعدت معاها وكملت تسألها أسئلة عشان تشوف قد إيه من ذاكرتها ضاعت. وكما اتضح، هي فعلاً عانت من فقدان ذاكرة كامل. هيكون تمام، الممرضة قالت، ممكن يعملوا اختبارات معرفية وفحوصات عشان يتأكدوا من نشاط دماغها. بعد ساعة من مجرد أسئلة أستريد ماقدرتش تلاقي إجابات ليها، الممرضة قالتلها تستريح قبل ما تطلع من الأوضة.
      
      "أنا فاكرة إني هنام،" قالت وهي بتكتم تثاؤب.
      
      بو وافق وساعدها ترجع تنام. "شكراً إنك أنقذتني يا بو،" قالت بابتسامة. "كنت فاكرة إني هموت هناك، فشكراً."
      
      ابتسملها. "مفيش مشكلة، يا أستريد."
      
      إحساس بالفرحة غلبها لما سمعت اسمها الجديد. أيوة، دي كانت فرصتها عشان تبدأ من جديد. نامت ولقيت النعاس غلبها بسرعة، وهي يا دوب واعية إن بو رجع لكرسيه جنب سريرها، قبل ما ينام.
      
      كايلو رن كان غضبان. غضبان لأن ثيو اختفت. غضبان لأنها غالباً كانت بتعاني في مكان ما في المجرة لو ما كانتش ماتت بالفعل. هو قاعد في بقايا مكتب كان بوظه قبل كده بسيفه الضوئي، ريحة البلاستيك والمعدن المحروق كانت بتخنقوا تقريباً. ما ردش لما هاكس دخل بعد ما كسر نظام التحكم. الجنرال بس بص عليه بنظرة غير راضية وشال أي حاجة متبقية من التكنولوجيا الغالية، حتى ما اتكلمش عن ضيقه. ساب كايلو في الأوضة، والراجل الأصغر فضل قاعد، سانده ضهره على الحيطة وركبه مرفوعة على صدره. بس في اللحظة دي، لما سكت الفوضى اللي في دماغه، حس بانفجار في القوة.
      
      عينيه اتفتحت بسرعة. هو عرف توقيع القوة. وجود مألوف في دماغه كان سكت اليوم اللي فات. دي كانت ثيو. غمض عينيه، وحس بيها من خلال الرابط بتاعهم. قدر يحس بخوفها. حواجبه كشرت. هي كانت خايفة. مد إيده ناحيتها من خلال الرابط بتاعهم، وهو بيتمنى يتواصل معاها. وهو حاسس بالعجز، فضل يحاول يتواصل معاها، وللحظة، جزء من الثانية، اتصلوا، قبل ما وجودها يتسحب منه. وطلع زئير غضب، كايلو شال سيفه الضوئي، وحس بإحساس جديد بالانتقام بيستهلكه وهو متجه ناحية الهنجر. هي كانت عايشة. ده كل اللي كان محتاجه.
      
      يتبع-- 
      
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء