موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        رواية صراع العروش

        صراع العروش

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        20

        تروي القصة رحلة رينفري ابنة الملك روبرت في عالم مليء بالدسائس والمؤامرات داخل قصر كينجز. بعد وفاة والدها المفاجئة، تكتشف رينفري الحقائق المظلمة حول عائلتها، وخاصة سرّ نسب إخوتها. بين حزنها على فقدان والدها وشعورها بالوحدة كـ"غزالة روبرت الوحيدة"، تُجبر على مواجهة واقع أن عليها القتال من أجل بقائها وربما من أجل المطالبة بعرش لا تعرف إن كانت تريده، فهل ستختار الحفاظ على روابط الدم أم ستنحاز للحقيقة؟

        رينفري

        الابنة الكبرى للملك روبرت باراثيون والملكة سيرسي لانيستر. تتميز بشعرها الداكن وعينيها العسلية، وتشبه والدها في الشكل والطباع أكثر من إخوتها. ذكية، قوية، ومحبة لعائلتها، لكنها تكتشف أسراراً صادمة ستغير مجرى حياتها.

        روبرت

        ملك الممالك السبعة، ووالد رينفري. رجل ضخم وقوي، معروف بحبه للصيد والخمر. يفضل رينفري بشكل واضح عن باقي أبنائه، ويرى فيها "الغزالة" الحقيقية الوحيدة من نسله.

        سيرسي

        ملكة الممالك السبعة، ووالدة رينفري وجوفري وميرسيلا وتومين. امرأة جميلة وقوية الإرادة، لكنها تخفي أسراراً عميقة تتعلق بنسب أبنائها. تهتم بشدة بالحفاظ على سمعة عائلتها ومكانتها.

        جوفري

        الأخ الأصغر لـ رينفري، وولي العهد المفترض. يظهر بميول قاسية وعنيفة، ويفتقر إلى التعاطف، مما يثير مخاوف المحيطين به بشأن قدرته على حكم المملكة.

        ميرسيلا

        الأخت الصغرى لـ رينفري

        جون سنو

        لقيط نيد ستارك، وشخصية تلتقي بها رينفري في وينترفيل. يتشارك الاثنان لحظات خاصة ويظهر بينهما ترابط غريب.
        تم نسخ الرابط
        رواية صراع العروش

        المقدمة
        
        مع إنها مدينة مليانة ناس وزحمة، بس كانت ليلة هادية بشكل مش طبيعي. الأجراس بطلت تدق، والستات غسلوا الأطباق اللي فاضلة من العشا، وشوية شوية، النور في الشبابيك طفى، وسكان كينجز لاندينج راحوا يناموا في سرايرهم، مستسلمين لإغراء الليل الساحر.
        
        على الأقل، معظم السكان.
        - هي دي الليلة اللي مات فيها جون آرين -
        
        
        على أطراف القصر كان فيه حانة، حانة كانت دايماً زحمة ومعروفة بأسعارها الغالية وخمرتها الوحشة. أكيد فيه حانات أحسن منها جوه المدينة، بس الجنود اللي كانوا بيروحوا الحانة دي مكنش فارق معاهم، وكانوا مكملين في الحانة دي بالذات، زي ما كانوا بيعملوا أجيال ورا أجيال. كان فيه سببين لكده: الأول، إن الحانة كانت لازقة في الثكنات، فالموقع مكنش فيه زيها. والتاني، إن الحانة كانت معروفة إنها بتجذب بنات من عامة الشعب بيدوروا على أي جندي يتجوزوه.
        
        واحدة من البنات دول كانت قاعدة لوحدها على ترابيزة في أقصى زاوية في الحانة، بتشرب من مج خمرة وحشة كانت دافعة فيه كتير أوي. عينيها كانت بتلمع كل شوية ناحية الباب. كانت بتفحص كل وش يدخل.
        
        "إيه رأيك في دي؟" صاحبها قال وهو بيفكر، وبيبص على وش البنت بحرص. كانت ست قوية، عينيها عسلية غامقة ودايماً بتبص بحدة - بس صاحبها كان يعرفها كويس أوي، وكان ممكن يشوف من الفروقات اللي بتظهر عليها.
        
        البنت بصت على حامل الراية الأشقر اللي اتشاور عليه. كان عنده فك قوي وخصلات دهبية متسرحة لورا، ولابس درع باراثيون مفيش فيه ولا خدش. البنت كشرت مناخيرها.
        
        "أشقر أوي،" ردت بسخرية. "وحلو أوي. مفيش فيه ولا خدش واحد. ممكن يكون لابس درع باراثيون، بس ده راجل لانيستر لو أنا عمري ما شوفتش واحد."
        
        "إنتي بتنقّي زيادة عن اللزوم، كالعادة." صاحبها عدل قعدته، وخد بوق من الخمرة بتاعته وعمل وش مش عاجبه. "أنا كنت أكلته على العشا."
        
        "وأواجه غضب عمي الغيور؟ إنت مش للدرجة دي غبي يا لوراس."
        
        "يمكن أكون لأ،" لوراس لف جسمه ناحيتها وابتسم. "بس إنتي ممكن تكوني. إنتي مسافرة على وينترفيل مع أول نور، وإنتي قاعدة هنا في حانة بتدوري إنك تكوني غماد لسيف حارس قوي. الملكة كانت هتعلق راسك على رمح لو عرفت."
        
        "لو هكون تحت مراقبة مستمرة في الرحلة للشمال، يبقى لازم أعمل الحاجات اللي بحبها دلوقتي. ربنا ما يوريك إني أستمتع شوية."
        
        باب الحانة اتفتح تاني والبنت رفعت راسها، بعدت نفسها عن الكلام. الراجل اللي دخل بص حوالين الأوضة، وعينيه الرمادية وقعت عليها. طويل وعريض، وراسه فيها شعر بني كيرلي ودقن متشذبة.
        
        البنت عدلت قعدتها، شفايفها الوردية المليانة رجعت لورا عشان تكشف عن ابتسامة مبهرة.
        
        "آه،" لوراس ضحك. "لقيتي سيفك."
        
        لوراس شافها وهي بتتزحلق من على كرسي البار وخطت ناحية نور النار، جيبات فستانها بتاع النادلة بتحك في الأرضية الخشبية الوسخة. الفتحة الواطية للفستان كشفت عن أكتر بكتير من صدرها اللي مكنش مسموحلها تظهره غير كده، النور بيرمي ضلال على عظم ترقوتها البارز وكتفها العريض، القماش لازق على ميل وسطها ومنحنى أردافها.
        
        مع إن لوراس عمره ما كان عنده شهية للستات، بس كان لازم يعترف إن صاحبته الغالية كانت جميلة زي ما تخيل الواحد ممكن يكون. ويبدو إن رجالة كينجز لاندينج كانوا موافقين - عمره ما شافها اترفضت.
        
        البنت عدت الأوضة، ولسه ماسكة مج الخمرة بتاعها، مطنشة النظرات من الجنود التانيين وعينيهم بتفحص جسمها. الراجل مسك مج من صينية بار قريبة، واتحرك عشان يقابلها في نص الحانة.
        
        "إنتي بعيدة عن بيتك بشكل غريب،" قال وهو بيفكر وهما واقفين قصاد بعض، ساند كوعه على ترابيزة عالية قريبة، ولهجته بتاعت ستورملاند واضحة.
        
        "لا أبداً، في الحقيقة." البنت قالت وهي بتفكر، ورفعت راسها بصتله من خلال رموشها الكثيفة الغامقة. "اسمي كوكانورا، بس معظم الناس بتنادي عليا كوكي."
        
        "جيمس كير من بيت ميليجان." رفع حواجبه باستغراب. "طيب يا كوكي، إنتي عايشة قريب من القلعة الحمرا؟"
        
        "أنا وصيفة للأميرة. هي بتحب تخلي قريباتي منها."
        
        "أنهي أميرة؟" اهتمام كير زاد، والبنت لاحظت إزاي لغة جسده اتغيرت وهو بيحرك جسمه أقرب ليها. "الدبة ولا الشبلة؟"
        
        الدبة ولا الشبلة؟ السؤال رن في دماغها. هي كانت دايماً بتكره الاسم المستعار ده - الدبة. الدبة كانت شعار بيت مورمونت، والبنت مفيش فيها أي دم من مورمونت. السبب الوحيد اللي كان بيتريقوا عليها بالاسم ده هو إنها كانت سوء حظها إنها ورثت طول أبوها - طويلة، عريضة، وشعرها غامق.
        
        "الحلوة،" جاوبت بدلع. "قابلتها؟"
        
        "لا،" كير هز راسه، عينيه بترقص على وشها. "ما ليش الشرف. قابلت أبوهم بقى. بتقضي وقت كتير مع الملك؟"
        
        "لو بتسأل إذا كنت أنا عاهرة الملك روبرت، الإجابة لأ." مالت راسها لورا، وخصلات شعرها السودا اتحركت على منحنى عمودها الفقري. "أبدو كعاهرة في نظرك يا اللورد كير؟"
        
        عينين كير تتبعت جسمها، شفايفه مفتوحة شوية. "حسناً، ما تبديش كوصيفة للدرجة دي."
        
        البنت مالت لقدام ببطء، وكير عدل قعدته، والإثارة بتلمع ورا عينيه الرمادية. وقفت قبل ودنه بشوية صغيرة.
        
        "وإنت ما كنتش شكلك بيتكلم كتير كده." غمغمت في ودنه، شفايفها قريبة أوي لدرجة إن كير كان ممكن يحس اهتزاز الكلمات وهي بتتكلم.
        
        كير مسكها من وسطها، وسحبها على حجره وهو وقع على كرسي بار، وإيد واحدة نزلت تحت جيبها وبتعمل أشكال على فخدها. البنت ضحكت بفرحة، ماسكاه من كتفه وهي بتقع عليه. شفايف كير لقيت رقبتها، ونفسها اتحبس في زورها.
        
        باب الحانة اتفتح تاني، وعينين البنت طلعت لفوق بسرعة. الحانة سكتت.
        
        
        
        
        
        
        بسرعة، زقت كير عشان تبعد راسه عن جلدها. كير، متضايق، بص ناحية الباب. وشه بهت.
        
        جايمي لانيستر بص في وسط الزحمة، عينيه وقعت بسرعة على كير والبنت. لابس الدرع الدهبي بتاع حراس الملك، خصلات شعره الشقرا متسرحة لورا، ومأطرة وش كان صلب زي الحجر. عينيه لمعت ناحية لوراس اللي كان في الزاوية اللي ورا، واللي كان منكمش جوه درعه، وبعدين رجعت للبنت.
        
        مرت لحظة طويلة من الصمت.
        
        "يا سيدة،" جايمي اتكلم أخيراً، وهز راسه ناحية البنت مباشرة. "الملك بعتلك."
        
        البنت حست كير بيبصلها باستغراب، شعر رقبتها وقف. غمضت عينها وطلعت نفس بصوت عالي.
        
        "كدابة،" كير زقها من على حجره. "إنتي واحدة من عاهرات الملك روبرت."
        
        اترجحت وهي بتحاول تثبت نفسها، وبصت لـ كير بصة وسخة. عدلت فستانها، وحطت إيديها على صدرها.
        
        "وبيت ميليجان كله جبنا وقوادين، بس إنت مش شايفني بحكم." ردت بغضب. كير قام على رجليه بسرعة، وإيده على مقبض سيفه، ومناخيره مكرمشة من الغضب.
        
        زي ومضة البرق، جايمي كان موجود، بيتحرك بسرعة في الأوضة لدرجة إنك لو كنت غمضت عينك مكنتش هتشوفه بيتحرك خالص. مسك إيد السير كير بعنف، وبصله بغضب بعينين بتحرق زي الفحم.
        
        "مش هيكون من الحكمة إنك تحاول تأذي بنت الملك روبرت المفضلة." جايمي حذر. "هي هتتوصى تاخد بالها من لسانها. دلوقتي سيب الموضوع."
        
        كير بص لـ جايمي، بس ساب مقبض سيفه بهدوء. بعد لحظة، جايمي ساب إيده ومسك البنت من دراعها، وسحبها ناحية الباب.
        
        البنت رمت بصة غاضبة ناحية لوراس، اللي رفع إيديه بلا حول ولا قوة، قبل ما يختفي من قدامها.
        
        أول ما الحانة اختفت من النظر، جايمي رمى البنت في الطين تقريباً، وهو بيئن من الإحباط.
        
        "غير مسؤولة، طايشة، متهورة، غبية، وحمقا بكل معنى الكلمة." قال وهو بيوبخها، ورفع إيديه. "كان المفروض أسيبك هناك تتبهدلي وتتحملي، بما إنك عايزة تبوظي حياتك بالشكل الفوضوي ده بوضوح!"
        
        "دي كانت مجرد شوية متعة بريئة!" البنت خبطت رجلها زي الأطفال، وحطت إيديها على صدرها تاني وهي ماشية قدام جايمي ناحية المدخل الخلفي للقلعة الحمرا. "عمرهم ما بيسمحولي أعمل أي حاجة."
        
        "عشان إنتي الأميرة!" جايمي ضحك بطريقة متعالية، وهو ماشي وراها بغضب، وشه بيحمر. "إنتي أكبر أولاد الملك روبرت باراثيون، سيد الأندال والرجال الأوائل! إنتي بنت أختي، وعندك دم لانيستر، والـ لانيسترز مش أغبيا."
        
        "أنا مش لانيستر." البنت نبحت، لهجتها كانت تحذير. "أنا باراثيون."
        
        "هو ده مربط الفرس!" جايمي أن، وهو بيعدي إيده في شعره. دخلوا السلم الخلفي، وبدأوا يطلعوا السلالم الملتوية. "إنتي باراثيون، من دم الملك، وإنتي في حانة لابسة زي عاهرة بار، وبتفتحي رجلك لرجالة كانوا هيتقتلوا لو اتقفشتي. يا إلهي، كان المفروض أسحبك لأمك وارميكي تحت رجليها."
        
        "طب ليه ما عملتش كده؟" بصت من فوق كتفها عليه وهما بيطلعوا السلالم ببطء، وشها مكرمش من الضيق.
        
        "لو فيه 'مرة تانية'، هعمل." جايمي رد بغضب. "وسيرسي هتكون أقبح في رد فعلها مني بكتير."
        
        وصلوا لأعلى السلالم. جايمي مد إيده فوق كتف البنت، وفتح الباب وزقها جوه أوضتها. وقف بره العتبة، وذراعيه متقاطعين.
        
        "متوقع أشوفك مع أول نور، مغسولة ولابسة بشكل مناسب-"
        
        رزعت الباب في وشه، وبتتنفس بصعوبة. بعد لحظة طويلة، خطواته أخيراً بدأت تتراجع عن الباب.
        
        البنت طلعت زفير طويل، وسندت جبهتها على اللوح الخشبي.
        
        "يا أميرة رينفري، إنتي كويسة؟" جه صوت صغير.
        
        رينفري لفت، واسترخت. هزت راسها، والإرهاق غمرها مع تلاشي الأدرينالين.
        
        "آه يا كوكي، أنا كويسة. ممكن تحضريلي حمام؟"
        
        كوكي، بنت قصيرة وشعرها فئراني وعينين أكبر بكتير من وشها، هزت راسها وجرت بسرعة ناحية غرفة الاستحمام. رينفري تنهدت، ومدت إيدها لورا ضهرها عشان تفك أربطة فستانها.
        
        الفستان وقع على الأرض ورينفري طلعت منه، هوا الأوضة الكبيرة البارد بيقرص جلدها العريان. رجليها مشيت بهدوء على الأرض وهي بتشق طريقها ناحية غرفة الاستحمام، بتفرك التعب من عينيها.
        
        من غير كلام، رينفري دخلت الحمام، وسمحت للمية الدافية إنها تحتضن جلدها البارد. بصت للسقف المقوس بينما كوكي بدأت تتكلم، بتحكي عن كل الفساتين الحلوة اللي جهزتها لرحلة رينفري للشمال.
        
        رينفري غمضت عينها، وخلت راسها تغوص تحت المية.
        
        اتخيلت إنها المحيط.
        
        
        
        
        
        ______
        
        لفصل الأول
        نجوم وينترفيل
        "إحنا ليه كان لازم نيجي؟ الجو هنا برد زيادة عن اللزوم."
        
        "آه يا أخويا. إحنا في الشمال. هو كده."
        
        جوفري بص لأخته بصة قذرة، وعدّل قعدته. العربة بتاعتهم كانت ماشية على الطريق الحجري، ورينفري كانت بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان تتجاهل دوخة السفر وتحافظ على اللي في بطنها جواها. سندت راسها على حيطة العربة، بتاخد أنفاس عميقة من مناخيرها.
        
        "إنتي تعبانة يا رين؟" أختها الصغيرة سألت، ومدت إيدها ولمست إيد رينفري. رين مسكت إيد ميرسيلا، وعدلت قعدتها وابتسمت للبنت الصغيرة الشقرا.
        
        "إحنا بقالنا شهور على الطريق العبيط ده، وأنا خايفة إن معدتي تكون زهقت منه ببساطة." رين قالت وهي بتفكر، وبتسرح شعر ميرسيلا الدهبي ورا ودانها بإيدها الفاضية. "شكله أنا الوحيدة فينا اللي معدتها مش حديد."
        
        "بابا بيقول إن لما بتكون تعبان، لازم تشرب خمرة عشان تحس أحسن." تومين قال وهو بيلف حوالين رينفري بعينيه الزرقا الكبيرة. رين كتمت ضحكتها.
        
        "هو قصده لما تكون تعبان من الشرب يا توم، مش تعبان من الحركة." رينفري شرحت، وعينيها بتتنقل بين تومين وجوفري وهما قاعدين قصادها هي وميرسيلا.
        
        "بس-" تومين كشر. "لو إنت تعبان من الشرب، إزاي الشرب زيادة يخليك تحس أحسن؟"
        
        "دي بتنفع بس لو إنت سكران تخين." جوفري بص لـ تومين وابتسم ابتسامة مقرفة. "ولما أبقى ملك، هحظر إن الواحد يبقى سكران تخين."
        
        رينفري قلبت عينيها. "جوف، إنت ما تقدرش تحظر إن الواحد يبقى-"
        
        في البعيد، بوق ضرب بصوت عالي، وخلص المحادثة فوراً. رينفري اتحركت بحماس، زقت ستاير الشباك على جنب وطلعت راسها.
        
        وينترفيل.
        
        القلعة كانت بتبان ضخمة في الأفق، ونور الضهر بيخبط في الحجر الرمادي، والرجالة واقفين على الممرات العالية. رايات كبيرة متعلقة من أقواسها، وشعار الذئب بتاع بيت ستارك بيبص على رينفري بعيون قاسية وفاضية.
        
        العربة دخلت الساحة بزحمة، ورحلتهم بقت ناعمة من الحصى المفكك بتاع طريق الملوك لحجر وينترفيل. أول ما العربة وقفت، رينفري أشارت لـ تومين إنه يقعد جنبها، عشان ينزل من العربة الأول.
        
        باب العربة اتفتح، ورين شافت حارس لانيستر وهو بيمد إيده، وبيساعد كل واحد من إخواتها ينزل من العربة واحد ورا التاني. من فوق رؤوسهم الدهبية، رين قدرت تشوف بصعوبة الحشد اللي كان مستنيهم. لقطت لمحات من شعر أحمر، وعبايات سودا، وسيوف، وجيبات.
        
        أخيراً، لما جوفري نزل، الحارس لف ناحيتها. رينفري وطت راسها وهي بتنزل في هوا الضهر النقي، الحارس مد إيده ومسكها من وسطها. مسكت كتفه وهو بينزلها بهدوء على الأرض، ولفت عشان تواجه الزحمة.
        
        رينفري بصت على عيلة ستارك اللي واقفة قصادها. أصغر أفراد العيلة واقفين في آخر الصف، ورغم إنهم كانوا صغار، إلا إنهم كانوا واقفين بضهر مستقيم ونظرات صلبة وجادة. افتكرت دروسها مع السيد العظيم بايسل، بتطلع أساميهم من ورا دماغها. الصغير، بشعر كيرلي رملي ووش مدور، هيكون ريكون، وجنبه أخوه، براندون، بشعر بلون الكاكاو اللي مأطر وشه العظمي، ومش أكبر من تومين ولا يوم واحد. جنب براندون لازم تكون آريا الصغيرة، ولما رينفري قابلت نظرتها، البنت الصغيرة بصتلها تاني. عينيها البنية كانت أكبر بكتير من وشها اللي عامل زي البيضة، بس نظرتها كانت فيها فضول وإثارة.
        
        على جنب آريا كانت سانسا، اللي كانت أقرب لسن ميرسيلا، بس أطول بكتير وأكثر جمالاً، بشعر أحمر زي لهب متوحش، ولابسة درجة أزرق بريئة. بعدين جه روب، اللي رينفري افتكرته من طفولتها، لما كانوا بيناموا في نفس السرير - كان عنده ركب بارزة وشعر منكوش وقتها، بس روب كبر وبقى راجل، عنده كتفين عريضين وعباية سودا من فرو الذئب.
        
        هو في الحقيقة حلو أوي.
        
        رينفري قبلت إيد الحارس اللي كان مستنيها، وسمحتله يوصلها عشان تسلم على العيلة النبيلة. وقفت جنب أمها، قدام اللورد ستارك ومراته مباشرة.
        
        اللورد والليدي ستارك انحنوا، وكل واحد مسك إيد أمها وباسها بخفة.
        
        "يا ملكتي،" اللورد ستارك قال وهو بيقوم. عينيه اتحركت ناحية رينفري. "يا أميرة."
        
        "يا اللورد ستارك." رينفري قالت، ابتسامة مهذبة انتشرت على وشها. "جميل إني أشوفك تاني."
        
        "آخر مرة كنتي هنا، كان وشك كله نمش وسنان ناقصة." الليدي ستارك قالت وهي بتفكر. "إنتي كبرتي وبقيتي ست جميلة."
        
        "إنتي لطيفة أوي يا ليدي ستارك." رينفري وطت راسها. "أنا متحمسة إني ألحق كل اللي حصل."
        
        واقف ورا عيلة ستارك، ثيون جريجوي مال لقدام، وخبط روب ستارك في كتفه. روب لف ببطء، وعلامات ترقب على وشه.
        
        "سمعت حكايات عن بتاعة الأميرة دي،" ثيون ضحك بخبث ووشه فيه نظرة غرور. "يمكن أشوف هي إيه الحكاية اللي عاملينها عليها دي."
        
        جنب ثيون، جون سنو خبطه، جامد. ثيون رمى لـ جون نظرة وسخة، بس جون بص بعيد، ونظرته استقرت للحظة على الأميرة.
        
        لفاجئته، الأميرة كانت بتبصله. جون اتفاجئ، بس هدي لما فهم إن لأ، أميرة ويستروس مش بتبص عليه، بس على سانسا، اللي كانت قدامه مباشرة.
        
        شاف الأميرة وهي بتلم جيبات فستانها الأخضر الحريري، وبتعدي جنب أمها وناحية الليدي ستارك الصغيرة. وقفت تماماً قدام سانسا، وهي بتبص عليها من فوق لتحت بفرحة.
        
        "يا أميرة!" سانسا صرخت. استعجلت عشان تعمل انحناءة، بس الأميرة ضحكت وهزت راسها. ضحكتها كانت عميقة وقوية، على عكس الضحك المتصنع بتاع الستات النبيلات التانيين اللي جون قابلهم.
        
        "مفيش داعي للمجاملات دي يا ذئبتي الصغيرة." الأميرة ضحكت. "إنتي أكيد مش فاكراني. كنت بحكيلك قصص جنب سريرك وإنتي لسه بيبي."
        
        جون اتفاجئ بصوت الأميرة. كان متوقع إن صوتها يكون زي معظم البنات النبيلات - صوت مصطنع وعالي وزي ما يكون بينقط فخامة ورشاقة. بدل كده، صوت الأميرة كان زي العسل السايح. عميق ودافي ومرحب، بلهجة جنوبية وفيه شوية خشونة زي خشونة الدب.
        
        "إنتي جميلة أوي يا أميرة." سانسا تلعثمت، واضح إنها اتفاجئت بطبيعة الأميرة المرحبة. "يا ريت كان شعري زيك. الكيرلي ده جميل أوي."
        
        "يا ريت كان شعري زيك." الأميرة ابتسمت، ومدت إيدها ولفت خصلة من شعر سانسا الناعم حوالين صباعها. "إنتي متباسة بالنار يا حبيبتي. وأنا متأكدة إنك سهل تتشافي في التلج."
        
        "شكراً يا أميرة-"
        
        "يا رين. من فضلك. ناديني رين يا ذئبتي الصغيرة. تقريباً كله بيعمل كده." الأميرة سابت إيدها من شعر سانسا ورجعت لورا، ورفعت حواجبها، ومدت إيدها. "دلوقتي، هتوريني تطريزاتك؟ ولا لازم أدور عليها بنفسي؟"
        
        بإثارة، جون شاف سانسا وهي بتمسك إيد رين وبسرعة بتدخلها جوه. بص وراهم وهما بيبعدوا، وشفايفه مفتوحة من الطبيعة الغير واقعية للتفاعل كله.
        
        ثيون مال ناحيته. "إنت ممكن تحلم زي ما إنت عايز يا لقيط. عمرك ما هتبقى على بعد عشرة أقدام منها."
        
        "سيبه في حاله يا ثيون،" روب تنهد، ولف عشان يواجه الولدين بينما باقي العيلة الملكية دخلت جوه. "بالإضافة لكده، لو أي واحد فينا قرب منها على بعد عشرة أقدام، أمي هتقفل علينا في أوضنا لحد ما شعرنا يبقى أبيض."
        
        مطنشهم، جون لف ومشى، راح ناحية الإسطبلات وهو لسه الأميرة رينفري باراثيون عايشة في دماغه.
        
        في الليلة دي، رينفري قعدت قريب من أول الترابيزة في الوليمة، جنب إخواتها. القاعة الكبيرة كانت منورة كويس والمزيكا بتتردد في كل الأوضة، ومعاها صرخات الفرحة للرجالة والستات. كانت بتشرب من كاس الخمرة السخنة بتاعتها، ولفت وشها ناحية ميرسيلا. لاحظت أختها بتبص بتركيز على الناحية التانية من الأوضة، وتبعت نظرتها.
        
        "آه،" رين ابتسمت. "هو حلو، مش كده؟"
        
        
        
        
        
        "إيه؟" ميرسيلا فاقت من ذهولها، وبصت لأختها. "مش فاهمة قصدك إيه."
        
        "آه، مش فاهمة؟" رينفري قالت وهي بتغيظها، وقرصت دراع أختها، وخليت البنت الصغيرة تضحك بصوت عالي. "يعني ما تفتكريش براندون ستارك ده كيوت أوي؟"
        
        ميرسيلا صرخت، وضربت إيد أختها بعيد. "كفاية يا رين!"
        
        رين ضحكت، وسحبت إيدها.
        
        "ما كانش ينفع تغيظيها على بران." جوفري شرب من خمرته ولف ناحية رين. "لو اتجوزت سانسا ستارك، هو هيكون من عيلتها. هي ما تقدرش تاخده، مهما كانت عايزاه."
        
        "لو اتجوزت سانسا ستارك؟" رين كشرت. "جوفري، إنت معجب؟"
        
        "طبعاً لأ." جوفري بصق بقرف. "الأمراء ما بيعجبوش. التخيلات دي للستات."
        
        "صح." رين شخرت. "عندك حق، الرجالة ما عندهمش مشاعر. ده مستحيل، خصوصاً لملك ويستروس المستقبلي!"
        
        "أنا مش بقول إن ما عنديش - أنا بس بقول - أنا -" جوفري تلعثم، وشه احمر. خبط كاسه على الترابيزة بغضب، وبص لـ رين بغيظ. "إنتي فاهمة قصدي."
        
        "صح، صح." رين ضحكت. زقت كرسيها، وقامت وقعدت تعدل طيات فستانها الأخضر. "استمتع بإنك تبقى من غير مشاعر ومن غير تخيلات يا سموك."
        
        "رايحة فين؟" جوفري سأل. "ما تقدريش تمشي."
        
        "أنا مش ماشية. أنا رايحة أتخيل." رين اتحركت وراه بخفة، واتأكدت إن سانسا لسه بتبصلهم. قبل ما جوفري يقدر يتفاعل، رين بسرعة مسكت وشه وغرقته بوس على خدوده كلها. جوفري كان بطيء في رد فعله، بس بعدين صرخ كأن حد بيطعنه، وزق وشها بعيد. ضحكات ميرسيلا وتومين وآريا العالية ملت ودانها.
        
        رين رجعت لورا وهي مبتسمة، وبصت لـ سانسا، اللي كانت بتبص بفم مفتوح. رين غمزت للذئبة الصغيرة قبل ما تمسك كأسها وتخرج بخطوات واسعة من قاعة الولائم.
        
        الموسيقى ودفء القاعة اختفوا لما رين خرجت للهواء الطلق بالليل، ورا القلعة بدل الساحة. النيران اللي جنبها كانت بتطرقع، وبتدي إضاءة خافتة للمساحة المفتوحة.
        
        مالت راسها لفوق ناحية السما، وشفايفها مفتحت وهي بتعمل كده.
        
        رين كان عندها ذكريات كتير لنجوم وينترفيل. وهي صغيرة، أبوها كان خدها للشمال شهور كتير في زيارة لـ نيد ستارك. دي كانت أول مرة تشوف السما بالليل بالوضوح ده. في كينجز لاندينج، بين الأبراج العالية والنور اللي دايماً موجود، النجوم كان أصعب بكتير إنك تميزها. تلوث نور كتير أوي، ضباب كتير أوي، حاجات كتير بتسد الرؤية. لكن هنا، رين افتكرت إنها قضت أول ليلة كلها بتبص من الشباك، بتسمح للنجوم إنها تبقى لفترة قصيرة الشيء الوحيد اللي يهمها في العالم كله.
        
        دلوقتي، رين رجعت لـ وينترفيل، ومرة تانية كانت قدام أجمل سماء ليلية ممكن حد يتخيلها. شربت من الأضواء اللامعة فوق، بتستحمى في النور الأبيض.
        
        غصن اتكسر. نظرة رين راحت للصوت، وإيدها طارت ناحية الخنجر اللي مربوط على رجلها تحت جيباتها.
        
        "معذرة يا سمو الأميرة." الراجل نزل على ركبة واحدة، وحنى راسه. "ما كنتش أقصد أخض حضرتك."
        
        رين شالت إيدها من على الخنجر. بصت للولد، وذكرى بتزن في دماغها من ورا.
        
        هو مألوف ليها أوي. الشعر الكيرلي الغامق، شبه شعرها أوي. الدقن القوية، الأكتاف العريضة. لكن العينين دول. كان فيهم حزن كتير أوي. فين كانت شافته قبل كده؟
        
        جرس رن في دماغها.
        
        "جون سنو،" قالت وهي بتتنفس، وكلماتها بتختلط في هوا الليل البارد. "ابن نيد ستارك الحرام. أنا فاكراك."
        
        مال راسه لورا تاني، ولسه ما بصش في عينها.
        
        "فاكراني؟" سأل، وهو مكشر.
        
        رين ضحكت، واتحركت ناحيته. قام ببطء على رجليه تاني، ونظرته لسه تحت.
        
        "آه، طبعاً فاكراك. كنت كل سنانك واقعة."
        
        جون ضحك نص ضحكة، وحط إيديه ورا ضهره. بص في الأرض، بس رين ما فاتتهاش الابتسامة اللي كانت بتتسحب على وشه.
        
        "اتخلعت وانا بتدرب على مبارزة السيوف." كشر حواجبه. رين مشيت ناحيته ببطء، وابتسامة غريبة بتكبر على خدودها. "أنا مستغربة إنك فاكرة ده. الليدي كاتلين ما كانتش عايزاني حواليكي، كانت خايفة إن ده يضايق الملك. أميرة ويستروس بتلعب مع لقيط."
        
        "لكن فاكر النجوم؟" رينفري وقفت قصاده دلوقتي، قريبة كفاية إنها تمد إيدها وتمسكه لو عايزه. "في الليلة دي، بعد عيد ميلاد آريا البيبي الأول. قابلنا بعض في الساحة، فاكر؟ كنا إحنا الاتنين جينا عشان-"
        
        "عشان نتفرج على النجوم." جون بص لفوق ساعتها. عينيه قابلت عينها.
        
        كان غريب بالنسبة لـ رينفري، وهي بتبص في عينيه. كان فيهم حاجات كتير رينفري عمرها ما كانت هتفهمها. لكن في اللحظة دي، كانها كانت جوه راسه، وهو جوه راسها. كأنهم سمكتين تنين بيعوموا في بركة، بيحوموا حوالين بعض، منورين بنور السما بالليل.
        
        رينفري مالت راسها.
        
        "وإنت قلت... الكلمة دي. الكلمة الجميلة اللي بتحاوط الروح دي، يا إلهي، إيه كانت-"
        
        "أنا بتساءل لو القمر عارف إنه بيلمع لينا." جون هز راسه. "ذاكرتك ممتازة يا سموك."
        
        بصوا لبعض ساعتها، ورغم إنه كان غصب عنه، جون شربها بعينيه. الطريقة اللي نور القمر كان بيخبط في شعرها الأسود زي الغراب، كثيف أوي وعميق أوي، بيحك في ضهرها. حواجبها الكثيفة اللي كانت تحت عينيها العسلية البنية، كبيرة أوي وفضولية أوي، ومأطرة برموش غامقة كثيفة بشكل مستحيل. الضلال اللي كانت بترقص على عظم خدودها المقوسة ومناخيرها المايلة، وشفايفها المليانة ودقنها اللي فيها غمازة. حرير فستانها الأخضر الغامق، اللي كان نازل على أرداف عريضة ورجلين طويلة-
        
        "أهلاً بيكي يا بنت أختي الجميلة."
        
        نظرة جون ورينفري اتكسرت. جون لف، وشاف القزم، تيريون لانيستر، وهو ماشي ناحيتهم بكأس الخمرة بتاعه.
        
        "عمي تيريون." حواجب رين اترفعت، وهي بتبتسم بغمز لأحد أفراد عيلتها المفضلين. "لسه صاحي كفاية عشان يتكلم بوضوح، زي ما أنا شايف."
        
        "لخيبتي." تيريون وقف بينهم، ورفع كاسه. "شايفك عملتي صداقة."
        
        "عمي تيريون، ده-"
        
        "جون سنو. أنا عارف." تيريون ابتسم بحدة لـ جون. "عضو مستقبلي في حرس الليل، من كلام عمك."
        
        "آه يا سيدي." جون هز راسه. "عمي بنجن وأنا هنسافر مع أول نور لـ قلعة بلاك."
        
        "حرس الليل؟" رينفري سألت، صوتها كان ناعم. "هتاخد الأسود؟"
        
        جون فتح بقه عشان يرد، بس تيريون سبقه.
        
        "هو مش مغتصب ولا قاتل يا أيها الشاب." تيريون شرب بوق من كاسه. "مجرد لقيط. كان المفروض ترجعي جوه يا عزيزتي. أبوكي هيكون بيدور على مفضلته."
        
        رين ابتسمت بخبث.
        
        "حسناً يا عمي." لفت وشها عشان تواجه جون، وهزت راسها. "أتمنى لك كل التوفيق في قلعة بلاك يا جون سنو."
        
        "أتمنى لك كل الخير يا سموك." انحنى تاني. لما عدل قعدته، رين ضحكت وهزت راسها.
        
        تبادلوا نظرة أخيرة قبل ما هي تمشي بخطوات واسعة ناحية المدخل وتختفي من النظر.
        
        "محظوظة، مش كده؟"
        
        جون غمض وفتح عينيه، ولف ناحية تيريون. "أنا آسف؟"
        
        "بنت أختي. أكتر شخص محظوظ عرفته في حياتي." تيريون لوح بكاسه. "مولودة أميرة، مولودة جميلة، وعندها أقل شخصية مقززة من أي باراثيون أو لانيستر على حد سواء. ده حظ فظيع، لو سألتني."
        
        "أفترض كده."
        
        "هي ممكن تكون مرة أو دلوعة زي أمها، بس هي مش كده. ده مفاجئ أوي. سهل أوي إنك تكون مرير، يا جون سنو." تيريون خطى ناحيته. "خصوصاً لرجالة زينا."
        
        "رجالة زينا؟" جون سند على درابزين قريب، وزق الأميرة لآخر دماغه.
        
        "حسناً، إنت لقيط. أنا قزم. إحنا الاتنين... مخيبين للآمال." تيريون بص لـ جون. "بس رينفري مش هتنسى إنها أميرة، بنفس الطريقة اللي روبرت مش هينسى إنه ملك، وإنت عمرك ما هتنسى إنك لقيط، وأنا عمري ما هنسى إني قزم. عمرك ما تنسى إنت إيه. باقي العالم مش هينسى. البسها زي الدرع، وعمرها ما هتتستخدم عشان تأذيك."
        
        لف ساعتها، وشرب بوق من خمرته وهو ماشي راجع جوه. جون بص عليه وهو ماشي.
        
        جون لف وخد نفس. مال دقنه لفوق، وبص في النجوم.
        
        
        
        
        
        
        الفصل التاني
        اسم قديم أوي
        من شهر فات، غروب الشمس كان بيجيب لـ رينفري رؤى عن النجوم.
        
        كانت بتطاردها في أحلامها. نجوم بتلمع وتغمز، معلقة تحت في سما الليل، والقمر بيبتسم لها من فوق. وولد صغير شعره أسود زي الغراب جنبها، بيبص معاها عليهم. في أحلامها، رينفري كانت لسه صغيرة، لسه سنانها بارزة وخدودها سمينة. الولد كان بيوشوش ويقول: "أنا بتساءل لو القمر عارف إنه بيلمع لينا؟"
        
        وبعدين رينفري كانت بتصحى.
        
        في الصبح ده بالذات، كل اللي رينفري كانت عايزاه إنها ترجع تنام. تدفن وشها في مخدتها، تسحب الغطا على راسها وترجع لأحلامها عن النجوم والولد الصغير.
        
        للأسف، ده مكنش خيار متاح لأميرة الممالك السبعة.
        
        "هي قامت ولا لسه؟" رينفري قامت على صوت أمها، بتوشوش اللي هي خمنت إنها كوكي. "...ليه ما صحيتهاش؟ كان عندك تعليمات محددة إنها تكون لابسة وجاهزة بحلول-"
        
        "يا أمي!" رين نادت، وهي بتتقلب في السرير. فركت النوم من عينيها وهي بتقعد. "مش غلطة كوكي. أنا رفضت محاولاتها كذا مرة. هي كانت هتعمل إيه، تسحبني من السرير من شعري؟"
        
        سيرسي دخلت الأوضة بالكامل، وكانت لابسة وجاهزة لليوم، وخصلاتها الدهبية نازلة على كتفها. ابتسمت لبنتها الكبيرة ابتسامة مش واسعة، ولفت لـ كوكي.
        
        "من فضلك، ممكن تسيبونا. لازم أتكلم مع بنتي."
        
        كوكي رمت لـ رين نظرة، لكنها انحنت وخرجت من الأوضة بغض النظر. سيرسي مشيت لحد ما وصلت لـ رينفري اللي كانت قاعدة تحت الغطا، ونزلت نفسها على طرف سرير بنتها.
        
        "إحنا رجعنا البيت بقالنا تلات أيام، وده أول ظهور لينا بعد الرجوع. محتاجاكي في أحسن حالاتك."
        
        "إنتي دايماً محتاجاني في أحسن حالاتي." رين تنهدت، وزحلقت رجليها من تحت اللحاف وقعدت على السرير جنب أمها. "الصبح لسه فاتح، وإنتي بالفعل متوقعاني أكون في كمال."
        
        "كونك أميرة ليها واجباتها يا بنتي العزيزة." سيرسي سرحت واحدة من خصلات شعر رين من وشها، وودتها ورا ودانها. "في يوم من الأيام، هتتجوزي لورد كبير، وهو هيتوقع إن مراته تكون متزنة بطريقة إنتي لسه ما اتقنتيهاش."
        
        "أنا مش عايزة أتجوز لورد كبير." رين رمت نفسها على السرير تاني. "أنا عايزة أفضل ستة عشر سنة للأبد، وأشرب مع لوراس وأسرح شعر ميرسيلا."
        
        "مش عايزة تتجوزي؟" سيرسي رفعت حاجبها. "حتى لو كان... ثيون جريجوي؟"
        
        "خاصة لو كان ثيون جريجوي." رين تنهدت وقعدت تاني. "ما وعدتيش بأي حاجة، صح؟"
        
        سيرسي ضحكت. "لأ يا حبيبتي. بس بفتح الموضوع مع أبوكي. ثيون ممكن يكون اختيار كويس، عشان ننهي الحرب مع جزر الحديد. بس الملك معارض أكتر منك كمان. إنتي بنته المدللة، في النهاية. باراثيون الحقيقية بتاعته."
        
        رين سندت راسها على كتف أمها. سيرسي مدت إيدها، ومسكت وشها.
        
        "الباراثيون الحقيقية دي عايزة ترجع تنام."
        
        سيرسي سقفة وبعدين وقفت. لفت ومسكت رين من رسغها، ورفعتها على رجليها.
        
        "يلا قومي، قومي، قومي. خلينا نجهزك. ده يوم ميلادك في النهاية."
        
        "أنده لـ كوكي؟"
        
        "لأ،" سيرسي زقت رين ناحية غرفة الاستحمام. "مفيش داعي. بقالنا كتير ما قضيناش وقتنا الخاص بينا كستات. بالإضافة لكده، أنا عمري ما حبيت طريقة كوكي في تسريحة شعرك."
        
        رين قعدت في البانيو وسيرسي بدأت تشتغل على تصفيف شعرها الكيرلي، والستتين كانوا مستعجلين عشان يجهزوا لاحتفالات يوم ميلاد رين بحلول نص النهار.
        
        "ما اتكلمتش معاكي عن الموضوع ده، بس إزاي عجبك وينترفيل؟" سيرسي قالت وهي بتسرح عقد شعر رينفري.
        
        "أنا عجبني الشمال أوي." رين قالت وهي بتفكر. "الخمرة أحسن، والرجالة أحلى."
        
        سيرسي ضحكت، ورشت رين بمية الحمام بدلع. ابتسامة رين اختفت.
        
        "ما حبتش لما ذئب سانسا اضطر يتقتل، بالرغم من كده. المسكين ما عملش أي حاجة غلط. وسانسا كانت قلبها مكسور أوي."
        
        "ذئب البنت الصغيرة هاجم أخوكي. العقاب كان ضروري."
        
        "إيه رأيك في عقاب لـ جوفري؟" رين كشرت، وهي بتتحرك في البانيو. "أنا قصدي، هو اللي جابها لنفسه، لما هدد ابن الجزار. هل كان لازم بجد تقتلوا الولد؟"
        
        إيدين سيرسي بطئت في شعر رين.
        
        "جوفري ما هددش حد. هو قال كده بنفسه. بنت ستارك وابن الجزار هددوه. والذئب هاجمه. إنتي ما بتصدقيش أخوكي؟"
        
        رين كشرت.
        
        "هو كدب قبل كده يا أمي." تمتمت بهدوء. "إنتي عارفة إن عنده... ميول."
        
        سيرسي خلصت الضفيرة وبعدت عن بنتها. مالت ناحيتها، وسيرسي رفعت وش رين لفوق، وبصتلها في عينها مباشرة.
        
        "يمكن يكون. لكن هو أخوكي. إحنا لازم نحمي بتوعنا يا رينفري. حتى لو غلطانين."
        
        رينفري ما كانتش متأكدة من ده، لكنها سابت الموضوع. وقفت، ومية البانيو كانت بتنقط من على جلدها العاري، وخطت على الأرضية البلاط، ومدت إيدها عشان تحس مجموعة الضفائر المعقدة اللي أمها عملتها.
        
        بمساعدة سيرسي، رينفري اختارت فستان أخضر شيفون فضفاض بفتحة صدر أقصر مما كانت رينفري بتفضله عادة. لعبت بقلادتها الدهبية اللي على شكل أسد لانيستر واللي كانت مطابقة لقلادة أمها وأخواتها بينما الستتين خرجوا للصالة.
        
        "هي جت اهي!" صوت الملك رعد في الصالة. رينفري لفت، وشافت أبوها بيقرب، ومحاط بـ نيد ستارك وعمها رينلي. الثلاثي وصل لـ رين وسيرسي، روبرت حضن بنته. "يا بنتي، يا أحسن بنت. سبعتاشر سنة!"
        
        رين بعدت، وهي مبتسمة، ومسكت إيدين أبوها. "دي مجرد سنة تانية يا بابا."
        
        "آه، اسكتي بقى." روبرت هز راسه، وشه محمر ومفروض في ابتسامة حماسية. "إنتي بنتي الكبيرة، وإنتي غزالة أصيلة كمان. هنحتفل كأن الآلهة نفسها جت الحفلة."
        
        روبرت خد رين تحت دراعه، وسحبها بعيد عن سيرسي وناحية الصالة. الملكة مشيت وراهم، وفشلت في إخفاء الضيق اللي كان باين على وشها. رين لفت على كتفها، وهي مبتسمة لـ نيد ستارك.
        
        "يا اللورد ستارك،" ضحكت. "بناتك هيحضروا معانا؟"
        
        "هما متحمسين جداً يشوفوكي يا سموك." نيد قال وهو بيفكر.
        
        
         
        Xd7stmkBzlNvxrXC6t9e

        رواية ليلة ظالمة

        ليلة ظالمة

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        طالبة جامعية بتشتغل في كافيه، بتلاقي نفسها فجأة في عالم غريب ومخيف بعد ما بتشوف حاجات مش طبيعية. بتقابل شاب غامض بينقذها من خطر كبير، بس الأحداث الغريبة بتزيد، وبتكتشف إن في أسرار كتير حواليها، وإن حياتها مش عادية زي ما كانت فاكرة. القصة بتدور حوالين اكتشافها لذاتها ولمين هي، ومواجهتها لقوى خارقة للطبيعة.

        أستاذ لوقا

        زميل لزي لين في الكافيه، بيبان عليه إنه مرهق من الحياة بشكل عام، وبيقول كلام غريب زي "اوعي تمشي ورا النور". شخصيته ودودة لكن ممكن يكون عارف حاجات أكتر مما بيبين.

        المديرة لينا

        مديرة الكافيه اللي بتشتغل فيه زي لين. شخصيتها حازمة بس ودودة في نفس الوقت. بتستغرب إن زي لين بتيجي الشغل بدري وبتشك إنها بتهرب من المحاضرات.

        الزبون الغامض

        يظهر في الكافيه بعينين حمرا، وبيعمل حاجات خارقة للطبيعة زي إنه بيحول الست لرماد، وبيختفي فجأة. صوته مألوف لزي لين، وده بيزيد من الغموض حواليه. بيظهر إنه بيحمي زي لين وبيخاف عليها.
        تم نسخ الرابط
         ليلة ظالمة

        الكتاب ده قصة خيالية. الأسماء والشخصيات والشركات والأماكن والأحداث والمواقف. أي تشابه بينها وبين أشخاص حقيقيين، سواء عايشين أو ميتين، أو أحداث حصلت بجد، هو مجرد صدفة.
        
        أنا بفضل القصص الخفيفة أو المتوسطة اللي نهايتها متوقعة. فلو ده مش مجالك، ممكن تشيلها من مكتبتك عادي. أنا مش شاطر في التعديل وساعات ببقى دماغي مهوية وأنا بكتب، فلو لقيت أي كلمة مكتوبة غلط أو أخطاء نحوية، يا ريت تبلغني عشان أقدر أصلحها.
        ملحوظة: يرجى العلم إن القصة دي مش مناسبة للجمهور الصغير. فيها ألفاظ قوية وعنف ومشاهد حساسة (وكمان فيها حاجات تقليدية كتير) ممكن تكون مش مريحة لناس. لو ده مش اللي بتحبه، ممكن تمشي.
        
        _______
        
        
        "أنا تعبت."
        
        دي كانت أول جملة سمعتها لما دخلت محل القهوة اللي بشتغل فيه. كان صوت أستاذ لوقا وهو ساند وشه بإيده ومسح الأرض. ابتسمت. شكله كان تعبان من الحياة نفسها، مش من الشغل.
        
        "إيه ده يا زي لين؟ إنتي جيتي بدري النهاردة ولا إيه؟" دي كانت تحية المديرة ليا أول ما دخلت أوضة الموظفين. ابتسمت لها بس ورحت على دولابي عشان ألبس اليونيفورم بتاعي.
        
        "مش مبسوطة إني جيت بدري يا أستاذة لينا؟" قلتها بنبرة فيها هزار. سمعت ضحكتها الخفيفة قبل ما ترد:
        
        "مش كده خالص. بس مستغربة عشان لسه وقت الدراسة — استني، إنتي طفشتي من المحاضرات؟!" صرخت بصدمة.
        
        "لأ طبعًا!" دافعت عن نفسي. سمعت تنهيدة عميقة منها. ابتسمت بس ولبست المريلة قبل ما أطلع من أوضة اللوكرات وأروح على مكاني — عند الكاونتر. كان في زمايلي رجالة ينفعوا يكونوا جرسونات، فعشان كده أنا بقعد عند الكاونتر.
        
        وأنا بنظف قسم ماكينة القهوة، لمحت حد قاعد جنب الشباك الأزاز وباصص بره من غير أي تعبيرات على وشه ورجليه فوق بعض. استغربت إنه مفيش أي حاجة على ترابيزته. بصيت على أستاذ رامي وأستاذ لوقا اللي كانوا مشغولين بينظفوا الترابيزات والأرضية. ده وقت الذروة عشان كده مفيش زباين كتير. مش واخدين بالهم إن في زبون محدش خد منه طلب؟
        
        قربت من الراجل ده بالراحة. شكله مخدش باله إني بقرب منه لأنه فضل باصص لبره.
        
        ياترى في إيه بره؟
        
        بسبب فضولي بصيت أنا كمان على اللي بيبص عليه. مفيش أي حاجة غريبة غير العربيات اللي معدية في الشارع. هو عايز يفضل يبص عليهم لحد ما يزهق؟ شكله ميهموش أي حاجة حواليه.
        
        "عايزة حاجة يا أنسة؟" اتنفضت شوية من الخضة لما اتكلم فجأة، فرحت موطية راسي بسرعة وحكيت ورا وداني بإحراج.
        
        "أحم... كنت بس عايزة آخد طلب حضرتك." قلتها بصوت واطي. الكافيه ده خدمة ذاتية بس مفيش زباين كتير وأنا مش مشغولة.
        
        "أيس أمريكانو، دبل شوت."
        
        "حاضر يا فندم." قلتها ورحت بسرعة على قسم ماكينة القهوة. معرفش ليه، بس حسيت بحاجة غريبة بخصوص الزبون ده. صوته حسيته مألوف. كأني سمعته في مكان ما قبل كده؟
        
        مش عارفة.
        
        بعد ما عملت له طلبه، رحت له بسرعة وأنا ماسكة صينية عليها القهوة. حطيتها على ترابيزته وابتسمت له. بس الابتسامة دي اختفت فجأة لما شفت وشه كله.
        
        قلبي وقع لما عيني جت في عينيه الحمرة.
        
        عينيه حمرا بشكل يخوف!
        
        كأني اترميت عليا مية ساقعة. كنت عايزة أصدق نفسي إن ده مجرد هلوسة، لأنه بقت سودا تاني.
        
        بس أنا شفتها حمرا بجد!
        
        "إنتي كويسة يا أنسة؟" رجعت للواقع لما الراجل اتكلم. هزيت راسي بس وهديت نفسي قبل ما أمشي بعيد عنه وأروح على الحمام. إيه اللي بيحصلي ده؟
        
        حطيت إيدي على جنبين الحوض وبصيت لنفسي في المراية. فجأة، استغربت إزاي كانت أيامي وأنا طفلة. ومنين أنا أصلاً. مستغرباه بس، إزاي وصلت في نص الغابة ومليانة كدمات؟ إزاي انتهى بيا المطاف هناك؟ يا نهار أبيض! أسئلة كتير بتلف في دماغي ومحتاجة إجابات بشكل مش طبيعي!
        
        كل اللي أعرفه إني قضيت حياتي عايشة لوحدي. إزاي قدرت أعيش؟ معرفش برضه. بس عمري ما عانيت. دايماً كان في حد بيبعتلي الحاجات اللي محتاجاها. كنت صغيرة وقتها ومن غير ما أدرك مكنتش بستغرب ده.
        
        بس أنا دلوقتي عندي 21 سنة.
        
        فكرت يمكن اللي كان بيبعتلي الحاجات دي عارف إني لوحدي عشان كده كان بيساعدني. اتأكدت إني افتكر كل الحاجات والفلوس اللي استخدمتها وبدأت أشتغل عشان أسددها.
        
        الموضوع لسه مستمر لحد دلوقتي. بس أنا مبقتش أعتمد على كده زي الأول. بشتغل وبدرس من وأنا عندي 18 سنة.
        
        أخدت نفس عميق وغسلت إيدي قبل ما أطلع من الحمام. صفيت دماغي وركزت على الشغل بس.
        
        الوقت عدى بسرعة. الزباين بدأت تمشي واحد ورا التاني، والليل كان دخل بره. مبقاش غير أنا وأستاذ رامي وأستاذ لوقا عشان نرتب وننظف. المديرة دايماً بتمشي بدري.
        
        "إحنا ماشيين يا زي لين." قالها أستاذ لوقا وهو بياخد شنطته.
        
        "عايزة تيجي معانا؟ الساعة بقت عشرة والدنيا خطر لو روحتي لوحدك، خصوصاً إنك بنت." ابتسمت بس بسبب كلام أستاذ رامي.
        
        "أنا كويسة. إنتوا روحوا بس." المكان اللي قاعدة فيه قريب من محطة الأتوبيس. يعني، مواصلة واحدة وبكون هناك. بصوا لبعض الأول واتنهدوا.
        
        "تمام، بس لو حسيتي بأي حاجة غريبة أو حسيتي إن في حد ماشي وراكي، متتردديش إنك تتصلي بالبوليس." دي كانت نصيحة أستاذ رامي وهو ماشي بره.
        
        
        
        
        
        
        "زي لين؟"
        
        "إيه يا أستاذ لوقا؟"
        
        "اوعي تمشي ورا النور، تمام؟" قالها وخرج. ضحكت أنا بس بصوت واطي وكملت مسح الأرض.
        
        عدت كام دقيقة، وبصيت أتأكد لو نسيت حاجة قبل ما أدخل أوضة اللوكر أغير هدومي.
        
        بعد ما غيرت هدومي، قفلت باب الكافيه الرئيسي وبدأت أمشي في طريق هادي. كل حاجة كانت ماشية تمام وأنا ماشية في أمان. بس حسيت بقلق لما لقيت نور عمود الإضاءة بيطفي ويولع.
        
        يا لهوي، حاجة تخوف.
        
        فضلت ماشية وأنا حاضنة نفسي. حسيت كمان إن شعري وقف على رقبتي ودراعاتي.
        
        يا لهوي، على حد علمي، مكنتش بحس الإحساس ده كل ما أعدي من هنا. بس ليه الدنيا مختلفة النهاردة؟
        
        وقفت مكانى لما بصيت على أضلم حتة في الشارع.
        
        هي دايماً ضلمة هناك؟ مش فاكرة.
        
        حسيت بهالة مخيفة ومهددة في المنطقة دي خلتني مش مرتاحة.
        
        كأنه... في حد بيبص عليا؟ مش عارفة؟ يمكن أنا بتخيل بس.
        
        "أه، يبقى إنتي اللي هناك؟"
        
        "شهقة!" اتنفضت من الخضة لما سمعت صوت بارد. بصيت حواليا لحد ما عيني جت على واحدة ست ساندة على عمود ومرجعة دراعاتها لورا. مش عارفة أوصف إحساسي دلوقتي. قلق ممزوج بخوف وندم. كان المفروض روحت مع أستاذ رامي وأستاذ لوقا.
        
        "لما أشوفك عايشة ومبتعرفيش أي حاجة، بيجيلي إحساس إني عايزة أطعنك كتير أوي."
        
        إيه ده؟ إيه اللي بتقوله الست دي؟ ليه عايزة تطعنني؟ أنا عملت لها إيه؟
        
        "لما أشوفك هنا، فاكرة إني مش هعرف؟" فجأة ظهر راجل.
        
        كان مديني ضهره فمشفتش وشه. كان واقف قدامي وإيده اليمين ماسكة دراعي اليمين. كأنه بيحميني من الست دي اللي كانت بتبصلي بغل.
        
        "إيه... إيه اللي بتعمله هنا؟" سألت الست بصدمة. "هو بيحب البنت دي أوي. متقولش إنك إنت كمان؟" ضافت وهي متضايقة. حسيت بالغضب والغيرة في صوتها.
        
        إيه اللي بيتكلموا فيه ده؟ وإيه علاقتي أنا بالموضوع ده؟ هو بيحبني؟ مين؟
        
        "إنتي عملتي كتير أوي." قالها الراجل بنبرة خطيرة. شفت إزاي وش الست شحب.
        
        الراجل ساب إيدي اللي كانت ماسكة دراعي. بحركة سريعة، شفت كرة نار حمرا في إيده الشمال وصوبها على الست اللي كانت مصدومة. يا... يا لهوي! إيه اللي بيحصل ده؟!
        
        مكنتش مصدقة اللي شفته. كرة النار قربت من الست بسرعة. وفي لمح البصر، اتحولت لرماد واختفت زي الرمل في الهوا.
        
        إيه ده بحق الجحيم؟
        
        "إنتي كويسة؟" الراجل بصلي. ولصدمتي، طلع هو نفس الزبون اللي كان في الكافيه واللي كان طول الوقت بيبص بره الشباك الأزاز. مش قادرة أصدق. كل حاجة حاسة إنها مش حقيقية.
        
        إيه اللي بيحصل؟ اللي شفته ده بجد؟ ليه عمالة أشوف حاجات غريبة النهاردة؟ أعتقد إني اتجننت.
        
        
        
        
        
        
        "هو النهاردة كام في الشهر تاني؟"
        
        اتنهدت ومشيت لوحدي في صالة المدرسة ناحية الفصل وأنا مش مركزة.
        
        لحد دلوقتي لسه متضايقة من اللي حصل إمبارح بالليل. عيني مكنتش مصدقة اللي شافته. يعني... إزاي عمل كده؟ إزاي قدر يطلع حاجة مش معقولة من إيده ويخلي الست رماد؟ محدش هيصدقني لو حكيت لهم ده. أو الأسوأ، يمكن يفتكروني مجنونة أو هربانة من مستشفى المجانين.
        
        أنا لازم أنسى اللي حصل إمبارح بالليل. السحر مش موجود، تمام؟ فاهدي يا زي لين. ده اللي بيحصل لما الواحد بيبقى ناقص نوم.
        
        بس لسه الموضوع معلق في دماغي. الراجل ده. كنت خلاص هتكلم معاه ليلة إمبارح بعد ما وصلني للبيت، فجأة اختفى من قدامي كإنه فقاعة. وبسبب اللي حصل ده، زادت عندي الشكوك في الحاجات اللي مش حقيقية.
        
        اتنهدت تاني ومشيت ناحية مكاني.
        
        كلنا قعدنا لما مدرسنا بتاع أول حصة وصل. الحصة كانت كويسة وزملائي في الفصل حاولوا على قد ما يقدروا يتفاعلوا مع الأرقام والحروف اللي كانت مكتوبة على السبورة البيضا.
        
        كويس، مش هقدر أعترض عليهم. حتى أنا بتعب في الرياضة. مهما حاولت أفهم أو أشغل دماغي، مفيش حاجة بتحصل. بحس بدوخة بس لما بشوف الأرقام. وبعدين، ليه لازم يكون في حروف في حل المسائل؟ هل هنستخدم ده لما نشتري حاجة من المحل؟ لأ طبعاً، مش كده؟ كويس إني اتولدت نشيطة، وإلا مكنتش هبقى عندي منحة دراسية دلوقتي.
        
        طول الحصة كنت ببص بره الشباك. مش عارفة إيه اللي بيحصل. المشهد اللي حصل إمبارح بالليل كان بيتدفق في دماغي زي ماكينة شغالة وبتلف، ومبتوقفش. حاسة إني متضايقة أوي. أعتقد إني هتجنن بس من التفكير فيه.
        
        ليه مش عايز يخرج من دماغي؟
        
        "آنسة زي لين مونارك؟" وقفت من غير ما أحس وبصيت للشخص اللي ناداني. كانت مدرسة الإنجليزي بتاعتنا، وهي كمان مستشارتنا. حصص الصبح بتاعتنا هي رياضيات، وبعدها فيليپيني، تاريخ، وإنجليزي. وكل حصة مدتها ساعة. يعني، أنا فضلت أبص بره الشباك أكتر من تلات ساعات. يا إلهي! فضلت سرحانة المدة دي كلها؟
        
        "عزيزتي، لو مش مهتمة بحصتي، تقدري تمشي عادي." كانت بتقول كده وهي مبتسمة، وده اللي خلاها مخيفة.
        
        "أنا آسفة يا مدام تريسيا." بصيت لتحت.
        
        "بس اتأكدي إنك هتركزى."
        
        "تمام يا فندم." رديت بصوت واطي ورجعت قعدت.
        
        الحصة خلصت بدري، وزملائي كانوا بيسبقوا بعض وهم طالعين من الفصل كأنهم متحمسين أوي عشان يتغدوا. طلعت تليفوني من جيب الجاكيت بتاعي وبصيت في الساعة. لسه بدري أوي على الغدا.
        
        اتنهدت بس وقمت عشان أطلع من الفصل. مش حاسة إني عايزة أتغدى. حاسة إني مش هقدر أبلع الحاجات الغريبة اللي شفتها إمبارح، يمكن أرجع الأكل.
        
        كنت ناوية أروح على السطح أشم هوا. بحب أقعد هناك. الهوا المنعش بيديني إحساس بالراحة.
        
        لما وصلت على السطح رحت على طول عند السور وسندت ضهري عليه وأنا حاطة إيدي في جيوبي. بحب إزاي الهوا بيطير شعري.
        
        "إيه اللي بتعمليه هنا؟"
        
        شفت إنزو — ممثل الفصل بتاعنا — واقف في الزاوية. شكله كان متلخبط وهو بيبصلي.
        
        طب هو؟ بيعمل إيه هنا؟
        
        "إنتي بتيجي هنا كتير؟" سألني. هزيت راسي بخجل ووطيت راسي عشان أتجنب بصولته العميقة ليا. عمري ما اتكلمت معاه. هو... أعلى مني بكتير.
        
        سمعت ضحكته الخفيفة فبصيت له باستغراب. في حاجة بتضحك؟
        
        "إنتي دايماً كده،" قال وهو مبتسم. "هل تعرفي إنه من قلة الذوق متتوصيش لحد بيكلمك؟"
        
        هنا وقفت مكاني. صوته بقى بارد وجاد. فجأة قلقت أكتر خصوصاً لما شفت وشه الجاد جداً. عينيه اللي مفيهاش تعبيرات بتبصلي، بتركيز. جسمي كله بقى ضعيف وركبي بتترعش عشان كده مسكت السور بإحكام. ضغط كبير خلاني عايزة أجري بعيد من هنا. بعيد عن الراجل ده.
        
        بدأ يقرب مني بالراحة فقلقت وخفت أكتر لأسباب مش مفهومة. "متخافيش، تمام؟ مش هأذيكي." قالها.
        
        قال إيه؟ متخافيش؟ هو مجنون؟ مين اللي مكنش هيخاف لما يكون قدام شخص اتغير وجوده فجأة؟
        
        "ومش هأذيها أبداً. ماليش الحق إني أذيكي، وإلا هكون ميت بسببه." ضاف جملة خلتني أستغرب أكتر.
        
        هاه؟ إيه اللي بيقوله ده؟
        
        
        
        
        
        
        "يعني إيه قصدك؟" سألت وأنا تايهة وفضولية في نفس الوقت. بصلي تاني، مبتسماً بصدق.
        
        أنا مصدومة. ودلوقتي هو بيبتسم. إيه مشكلة الراجل ده؟ ثنائي القطب ولا إيه؟
        
        "هتعرفي قريب." آخر حاجة قالها قبل ما يمشي من المكان. فضلت واقفة مكاني. مش قادرة أستوعب الكلمات اللي قالها. كنت خايفة بس متلخبطة في نفس الوقت.
        
        هزيت راسي بس وحاولت أحط الأسئلة في دماغي على جنب. أنا متلخبطة أوي. حاسة إن دماغي هتنفجر في أي وقت بسبب الأسئلة اللي ملهاش إجابة.
        
        اتنهدت وبعدين حطيت دراعاتي على السور. بصيت للمساحة الواسعة للملعب من هنا. في كام طالب بشوفهم بيتجولوا، وبعضهم مشغولين بالدردشة مع أصحابهم. يا ريت لو كان عندي شخص واحد بس أتكلم معاه. أضحك معاه وأكون معاه وقت الفسحة.
        
        استغربت لما لاحظت إن الدنيا بدأت تضلم بالتدريج. بصيت في الساعة بس لسه بدري في النهار.
        
        الساعة لسه جاية 12 الظهر.
        
        بصيت تاني لتحت وشفت الطلاب بيجروا بسرعة يدخلوا المبنى. وقتها بس لاحظت السما اللي مغيمة.
        
        استني. على حد علمي، درجة الحرارة النهاردة من 23 لـ 30 درجة مئوية. هل في تغير مفاجئ في الجو؟
        
        "يا إلهي!" صرخت من الخضة لما فجأة حصل رعد قوي. افتكرت إن حد بيصورني عشان كان في ضوء كده انعكس عليا قبل ما يحصل الرعد. بجد؟ هتمطر بجد؟
        
        جريت ناحية الباب ودخلت جوه المبنى. وأنا نازلة السلالم بسرعة سمعت حد بيتكلم في السماعة.
        
        "كل الحصص اتلغت بسبب التغير المفاجئ في الجو." الجملة دي كانت بتتقال باستمرار في السماعة. شفت الدهشة على وشوش الطلاب اللي قابلتهم. وقفت عن الجري وبصيت إيه اللي حصل بره من خلال الشباك الأزاز.
        
        رعد وبرق ومعاهم مطر غزير. كأنهم بيتجمعوا مع بعض. السما بقت ضلمة أوي. كل حاجة شكلها غريب. هل في عاصفة مفاجئة؟
        
        استغربت أكتر لما فجأة الرعد والبرق والمطر وقفوا. بس الضلمة لسه موجودة في كل حتة. السحاب المغيم بدأ ينفصل بالتدريج وطلعت شمس من وراه. الشمس نورت المكان كله بشكل ساطع.
        
        "إيه اللي بيحصل بحق الجحيم؟" قالها طالب بصدمة وهو مش مصدق. وقتها بس لاحظت إننا كتير متجمعين هنا عشان نبص على السما.
        
        الكل شهق، أنا كمان. فجأة الجو اتغير وفي لمح البصر، السحابة الكبيرة والتقيلة انقسمت وظهر قمر أسود.
        
        اس-استنى! إيه ده؟ ده كسوف شمسي؟! يا لهوي! بس هو الكسوف الشمسي بيبقى كده؟
        
        غطيت بوقي وأنا مش مصدقة من اللي اكتشفته. غريب وعجيب. مخيف.
        
        "يا جماعة! ابعدوا عن الشباك ده!" سمعت صرخة حد. جرينا كلنا أسرع من البرق بعيد عن الشباك. وقبل ما أعرف، حصل انفجار قوي.
        
        غطيت وداني وغمضت عيني. بس بسبب قوة الانفجار، كلنا وقعنا على الأرض. حسيت ببلاطة ساقعة على خصري اليمين. عيطت من الألم. وقتها بس لاحظت إن جنبي خبط في السلم.
        
        "إنتي كويسة يا زي لين؟ يا لهوي! راسك بتنزف!"
        
        مسكت راسي بسرعة. حسيت إنها مبلولة فبصيت في إيدي. فجأة اتخضيت لما شفت عليها دم.
        
        حسيت إن في حد شالني وبعدني عن المكان ده. كنت عايزة أشكر الشخص اللي شالني بس شكلي صوتي راح. كأن في حاجة بتسد حلقي ومنعاني أتكلم. ونظري كان بيضلم بالتدريج.
        
        كنت عمالة أسمع شتائم الراجل اللي شالني كذا مرة. صوته مألوف بالنسبة لي بس دماغي مش قادرة تتعاون معايا في اللحظة دي عشان أفتكر هو صوت مين وإمتى سمعته.
        
        كنت عايزة أشوفه وأشكره. بطريقة ما، حسيت إنه شعور حلو لما يكون في حد قلقان عليك. قدرت أبتسم برضه رغم إن جسمي كان بيوجعني أوي.
        
        "شكرًا لك..." قلتها بصوت واطي قبل ما يغرقني الضلام.
        
        

        رواية ثمن الخيانة

        ثمن الخيانة

        2025, أدهم محمد

        جريمة

        مجانا

        5

        قاتلة خطيرة بتشتغل تحت ستار تاجرة حرير ناجحة، راحت حفلة تنكر عشان تنفذ مهمة قتل، لكن خطتها اتقلب عليها بسبب خيانة شريكها باز. بعد تلات شهور، أختها كاساندرا بتكمل تدريبها في نقابة القتلة وبتنجح في الاختبارات الصعبة عشان تبقى عضو رسمي، وبتحاول تكتشف سر اختفاء أختها ليليا. وسط كل ده، باز، زعيم النقابة وحبيب كاساندرا، بيخطط يدور على ليليا بنفسه، وده بيحط كاساندرا في مكانة جديدة ومسؤولية كبيرة جوه النقابة.

        ليليا

        قاتلة محترفة، بتشتغل تحت غطا تاجرة حرير ناجحة. قوية وشاطرة في إخفاء هويتها الحقيقية، لكنها بتواجه خيانة من أقرب الناس ليها.

        كاساندرا

        أخت ليليا الصغرى، وعندها طموح كبير إنها تنضم لنقابة القتلة. عنيدة ومصممة تثبت نفسها، حتى لو ده خلى علاقتها بأختها متوترة.

        اللورد سيباستيان

        زعيم نقابة القتلة وحبيب كاساندرا. شخصية قوية ومؤثرة، بس بيظهر جانب من الغموض والتعقيد في علاقته بليليا وكاساندرا.
        تم نسخ الرابط
        رواية ثمن الخيانة

        معظم الناس راحت حفلة التنكر الصيفي على أمل إنهم يلاقوا الحب؛ هي راحت وهي ناويه توصل الموت.
        
        كان معاها سبع أسلحة مخفيين، كانوا أكتر باتنين من اللي خططت ليهم في الأول، ودا من غير السم.
        
        الدبوسين اللي كانوا ماسكين شعرها الغامق في كتلته من الكيرلي واللفات كانوا سهلين الوصول في القتال القريب. المساحة بين صدرها والكورسيه الغامق بتاع الفستان كانت قوية كفاية عشان تستحمل وزن الخنجر الصغير، وصدرها الواضح خلى إخفاء المقبض بنفس الكفاءة. الكورسيه نفسه كان متخيط في جسم الفستان، وسايب مساحة بسيطة لإخفاء سكينة. لحسن الحظ، الطرف اللي ورا كان مفتوح كفاية من تحت إنها تقدر تخزن واحد بين العظم جنب رباط الكورسيه.
        
        خنجر تاني كان محطوط براحة في الرباط اللي على فخدها الشمال، مستخبي بسهولة تحت فساتينها الواسعة. واتأكدت إن الجزم اللي لابساها هتخبي سكينة عند كل سمانة.
        
        ممكن نقول إن ليليا كورتوفا كانت دايماً بتوصل مستعدة.
        
        انحنت على تسريحتها عشان تشوف نفسها أقرب في المراية وهي بتحط أحمر شفاه على شفايفها وبودرة على جفونها. مكنش في حاجة مميزة زيادة عن اللزوم في مظهرها، بس عينيها كانت بتلمع كفاية، وشفايفها كانت مليانة كفاية، وصدرها كان طري كفاية لدرجة إنها كانت بتلفت انتباه أي راجل – وست – كان ليها الشرف إنها تقابله.
        
        الإغراء كان مميت زي ما كان ممتع، وضحاياها اكتشفوا دا بأكثر الطرق إيلاماً.
        
        "هتموتي من السخونية لو خرجتي كدا النهاردة."
        
        نظرة ليليا اتنقلت لانعكاس الست اللي واقفة في باب أوضتها، ومقدرتش تتمالك نفسها من الضحك على ملاحظات أختها الصغيرة بخصوص لبسها الغامق.
        
        "محتاجة مكان أخبي فيه سكاكيني يا كاساندرا، والفستان دا هو أسلم طريقة أعمل كدا"، قالت وهي بترجع انتباهها لانعكاسها.
        
        "لسه بقولك إنك محتاجة واحد بس"، ردت أختها وهي مجمعة دراعتها على صدرها وساندة على باب الأوضة الفخمة.
        
        "وعشان كدا المهمة دي بتاعتي، وإنتِ لسه في أول سنة تدريب ليكي." بعد ما لبست خاتم مليان سم في إيدها الشمال، ظبطت الكورسيه بتاعها آخر مرة، وبعد ما نفشت شعرها المرفوع آخر نفشة، ليليا لفت عشان تواجه أختها.
        
        ليليا كانت بشرتها أغمق، وأختها الصغيرة كانت أفتح بكتير، والقاتلة كانت دايماً بتتساءل ليه كاساندرا عايزة تمشي وراها في أعماق العالم الخفي. كاساندرا كانت بتلمع زي شعاع الشمس، مش ساكنة في الضلال. كان المفروض تبقى في القصر، بتدلع اللورد دا أو الأمير دا، بدل ما تستخبى ورا ستارة، وبتحاول تفك أحسن طريقة عشان تقتلهم.
        
        بس كاساندرا أصرت وأثبتت نفسها في تدريباتها كويس كفاية، ودلوقتي بتجهز لاختباراتها اللي هتبدأ بعد شهور قليلة. مفيش حاجة ليليا تقدر تعملها أو تقولها عشان تغير رأيها؛ كانت عارفة إن أختها كبيرة كفاية إنها تدير نفسها، بس كان في دم عيلة كورتوفا الكبيرة إنها تقلق عليها.
        
        "ممكن على الأقل تعملي حاجة مفيدة وإنتِ واقفة كدا؟" ليليا سألت أخيراً، وهي بتمسك عقد لأختها.
        
        كاساندرا كشرت حواجبها من ابتسامة أختها الساخرة، وفكت دراعاتها مع زفير متضايق. "على الأقل باز هيكون موجود عشان يخلي باله منك،" كاساندرا قالت بسخرية وهي بتاخد السلسلة من إيد ليليا.
        
        "ليه؟" ليليا ردت بغضب وهي مش مصدقة وهي بتدي ضهرها لكاساندرا، وسحبت شعرها بالراحة عشان توضحه. "دي مش مهمته."
        
        مع هزة كتف، كاساندرا ابتسمت وهي بتقابل نظرة أختها في المراية. "هو مقالش إنه رايح لمهمة. هو قال إنه استلم دعوة."
        
        مع نظرة غاضبة خفيفة، ليليا واجهت المراية، وسمحت لغضبها يغمرها بهدوء. باز - اللورد سيباستيان جايلن - كان قائد نقابة القتلة، والمنافس الوحيد الحقيقي لليليا في العالم الخفي. ده، بخلاف إصراره على إن أختها تبقى حبيبته، كان سبب كافي لليليا إنها تكره الراجل ده.
        
        مكناش المفروض نستغرب ليليا لما اكتشفت إن باز هيكون هناك، فكرت وهي بتاخد القناع اللي هيخفي وشها بالليل. لمساته الفضية على خلفية سودة كانت لايقة على فستانها تماماً، وهتغطي وشها كفاية إن نظرة سريعة تخلي هويتها سرية لحد ما ييجي الوقت المناسب.
        
        أي حد مهم كفاية في مدينة لاثوس هيكون في مهرجان انقلاب الصيف، وبالرغم من إنه قائد النقابة بتاعتهم، باز كان كمان دبلوماسي معروف جوه أسوار المدينة.
        
        وهي بتربط قناعها ورا ودانها، ليليا ابتسمت لنفسها ابتسامة خفيفة. بغض النظر عن شغلها بالليل كقاتلة، كتاجر حرير ناجحة في المدينة، هي كمان جالها دعوة للمهرجان.
        
        ويا لسوء حظ هدفها أكتر.
        
        "عربيتك وصلت يا سيدتي!" الخادمة نادت من السلالم اللي تحت، وقطعت أفكار ليليا.
        
        قبل ما تقدر ترد، كاساندرا كانت سبقتها. "هتكون هناك في لحظة يا لوكاس!"
        
        ليليا رفعت حاجبها فوق قناعها، لفت وقربت من أختها. "إنتِ بجد لازم تتعودي على الألقاب دي. مش هتروح في أي حتة، ولا الخدم."
        
        كاساندرا تمتمت وهي ماشية ورا أختها نازلة السلالم. "السيدة كورتوفا - تاجرة جميلة بالنهار، قاتلة مميتة بالليل."
        
        ليليا لفت عشان تواجه أختها وفساتينها بتلف معاها. "مش عندك أي تدريب المفروض تعمليه؟ أنا متأكدة إن ويل هيحب فرصة تانية يوقعك على مؤخرتك."
        
        كاساندرا هزت كتفها بس. "باز اداني أجازة النهاردة."
        
        ليليا مالت راسها على جنب بتساؤل. "ليه مش هتروحي معاه النهاردة أصلاً؟"
        
        كاساندرا ابتسمت ابتسامة خفيفة، بس ليليا قدرت تشوف لمعة خيبة أمل عدت على وشها. اختفت في لحظة، وحل محلها لمعان في عينيها، بنفس القدر اللي كانت فيه شقية. "عشان هو مش محتاجك تتشتتي أكتر النهاردة من اللي أكيد هتتشتتيه."
        
        "وايه معنى الكلام ده بقى؟" ليليا سألت، وهي بتضم دراعاتها حوالين الكورسيه الضيق بتاعها.
        
        كاساندرا ابتسمت بس وهي بتلوح لأختها وهي طالعة السلالم في الاتجاه المعاكس.
        
        "استمتعي بحفلة التنكر يا سيدة كورتوفا!"
        
        العربة خدت ليليا عبر المدينة نحو الحقول اللي بتحيط بأطراف المدن المجاورة. مهرجان الانقلاب الصيفي كان بيستضيفه أي لورد محلي يقدر يقدم للمجلس أكتر فلوس، ومحظوظ السنة دي كان اللورد أندرو ميليان.
        
        استهداف المسؤولين الحكوميين ماكانش حاجة غريبة على ليليا - اتعاملت مع كتير منهم في الماضي. بس كان في حاجة في جو الليلة دي - مستوى الضيوف، عواقب أفعالها - ليليا حست كأن الآلهة اللي فوق بتراقبها وهي بتنفذ مهام الليلة، وده خلاها تتجمد من البرد بالرغم من دفء المساء اللي كان محاوطها.
        
        كانت طلبت من باز معلومات أكتر عن العميل اللي دفع عشان الهدف، زي ما عملت في كل مهماتها، بس هو كان سري أكتر من العادي المرة دي. بدل كده، هو بس قالها إنه تاجر أجنبي اتظلم من اللورد ميليان في الماضي. كانت سألته أكتر، بس هو بلغها بالسعر المطلوب، وإن مهمة الهدف ده هتغطي تدريب كاساندرا، واختبارها، ورسومها للنقابة.
        
        كانت أكتر من كافية عشان ليليا تسكت.
        
        أياً كان اللي عايز اللورد ميليان يموت كان مش مستخسر أي فلوس.
        
        عضت على ضوافرها وهي بتفكر - عادة عصبية مش لايقة بسيدة أبداً، أختها كانت هتسخر. بس كان ضوفر واحد وعلى إيدها اليمين بس، ولو ده لوحده كان كافي يهدّي أعصابها ويخليها تخلص المهام اللي بتواجهها كل ليلة، يبقى كده خلاص.
        
        قريبًا، الطريق تحت العربة بقى مش مستوي أكتر، وهو بيخض ليليا وهي قاعدة. قدرت تشوف الريف بينبض بالحياة مع أضواء وأصوات الاحتفالات الخارجية اللي بتحتفل بانقلاب الصيف، فعرفت إنها قريبة. الألوان الحمرا والبرتقالية والصفرا المتداخلة لزينة الورق والفوانيس اللي محددة حدود الحفلة، كلها كانت بتتجمع عند نقطة مركزية - نار ضخمة طالعة للسما.
        
        فوراً، حست كأنها هتسيح تحت الطبقات اللي لابساها بمجرد ما تقرب من النار دي، وليليا لعنت أختها عشان طلعت صح.
        
        العربة وقفت في صف مع عربيات تانية والركاب بتوعها اتحركوا من أماكنهم. باب عربة ليليا اتفتح، ومسكت الإيد اللي اتمدت لها وهي بتنزل بحذر على الأرض الصلبة.
        
        "سيدة كورتوفا."
        
        بس الإيد اللي مسكت إيدها مكنتش بتاعة السواق بتاعها.
        
        باز ابتسم، عينيه الزرقا بتلمع من خلال قناع دهبي كان لايق على شعره الأشعث وهو بيشبك دراعه بدراعها. كان ساحر، ليليا كانت عارفة كويس، وده خلاه خطر.
        
        "اللورد جايلن،" ليليا ردت بأسنان مضغوطة، وهي بتميل أقرب عشان تتظاهر بالمودة. "ايه اللي بتعمله هنا؟"
        
        "أنا هنا لنفس السبب اللي إنتِ فيه يا ليل،" قال وهو مبتسم وبيهز راسه للورد اللي معدي. "أنا اتدعيت."
        
        "إنت بالذات عارف أحسن من كده. أنا مش محتاجة مرافق."
        
        "أنا مقلتش إني مرافقك. قلتلك - أنا اتدعيت."
        
        قادها من خلال المساحة الفاضية اللي بتستخدم كساحة رقص، حيث كانت الأزواج بتدور بالفعل في لمحات من الألوان والحرير والريش. كل واحد كان لابس قناع عشان يزود الغموض والسحر لأمسية الصيف.
        
        ليليا مكنتش هتسمح للمجاملات إنها تشتتها.
        
        
        
        
        
        
        "مفيش وقت للكلام ده، وكاس هتبقى هتجنن لما تعرف ليه مخلتهاش تيجي،" ليليا فلتت الكلمة وباز كان بيقودهم.
        "متشغليش بالك بكاساندرا،" هو أكدلها. "إنتِ محتاجة تركزي على الراجل اللي هتقتليه النهاردة."
        الإيد اللي على دراعها شدت شوية لما باز لف يواجه راجل وجوده لوحده كان بيشع قوة، حتى من بعيد. كان لابس أفخم هدوم ممكن الفلوس تجيبها، وخصل شعره الغامق كانت بتطير في نسيم الصيف الدافي من تحت الربطة اللي كانت عند رقبته. كان بيتكلم مع اتنين ضيوف لابسين هدوم فخمة زيه، بس كان واقف كأنه ملك في بلاطه. وكأنه حس بوجود جمهور، عينيه الرمادية بصت ناحيتهم، غامقة زي العاصفة تحت قناعه الفضي اللي كان مغطي كل وشه ماعدا شفايفه.
        لو مكنتش هتقتله، ليليا كانت عايزة تعرفه أكتر.
        "إنتِ بتبصي يا ليل،" همس في ودانها وهو بيناولها كوباية نبيذ فوار.
        "وإنت كمان،" هي ردت بسرعة، خدت النبيذ بشكل أعمى وعينيها لسه على هدفها.
        بالعادة، شمت النبيذ وقلبته في الكوباية ببطء، ولما مفيش أي دليل على سم كان واضح، خدت رشفة صغيرة وحبستها في بوقها، مستنية أي تأثيرات مش ظاهرة. أول ما اعتبرته آمن، بلعت وخدت رشفة تانية.
        
        "قولي لي عنه،" همست، حاسة بابتسامة باز الساخرة جنبها. بس سواء كانت على سؤالها أو عشان هي افتكرت إنه ممكن يسمم مشروبها، مكنتش متأكدة.
        باز خد رشفة من النبيذ بتاعه قبل ما يتكلم، وعينيه رجعت للراجل اللي قدامهم.
        "اللورد أندرو تاجر ودبلوماسي بره لاثوس، بس فلوسه جديدة - طايشة، على حسب كلام البعض. دفع دهب كتير أوي عشان يستضيف تجمع الانقلاب الصيفي السنة دي، وفي ناس بتعتقد إنه عمل كده بس عشان يورّي غناه أكتر، ويخلي التانيين يبانوا ضعفا، وفي نفس الوقت يجذب انتباه العملاء المحتملين. لسوء حظه، نجاحه المتزايد خلاه يعمل أعداء كتير، والتجار المحليين شافوا وصوله تهديد صريح للتجارة في مدينتهم."
        باز خد رشفة تانية من النبيذ وابتسم بابتسامة ذئبية. "وهنا ييجي دورك."
        ليليا خلصت كوبايتها قبل ما تجمع ردها. "التجار دول أكيد عرضوا مبلغ خرافي عشان تنزل لمستواهم."
        "البعض طلب خدمات شخصية."
        ليليا كشرت حواجبها وهي بتلف له وفستانها بيلف معاها. "احنا مبنخليش شغلنا شخصي يا باز - دي أول قاعدة عندنا."
        "أنا مش محتاجك تقعدي تسمعيني قانون الشغل يا ليليا،" باز قال بحدة وعينيه بتلمع في عينيها. "وأنا أقترح إنك تفتكري ده بنفسك لما تبقى هدومك فوق وسطك أول ما تسحبيه في الضلمة."
        مكنتش تقدر تعمل غير إنها تبص له بغضب، وحذرة أوي من الجمهور المحتمل حواليهم. هي مكنتش بتصدق أبداً إن طرقها تقليدية، بس باز مكنش بيفوت فرصة يفكرها بكرهه.
        "أتمنى مكونتش قطعتكم."
        ليليا لفت بسرعة ناحية الغريب المجهول اللي بيحاول يقاطع كلامهم، بس قبل ما تقدر تعضه وتطرده، أدركت إنها واقفة وش لوش مع اللورد أندرو ميليان. اترددت للحظة واحدة بس، وسمحت لنفسها تبص لباز بلمحة واحدة وهو هز راسه بخفة ورجع لورا قبل ما توجه انتباهها لمضيف الأمسية.
        انحنت شوية، وابتسامة رسمتها على وشها كانت عارفة إنه هيعتبرها عشانه هو بس. "أبداً يا سيدي. في الحقيقة، أنا شفتك واقف هناك وكنت خايفة أقاطع."
        هو ابتسم في المقابل، وعرض عليها دراعه. "للسيدة الجميلة اللي زيك، أنا هعتبرها مقاطعة مرحب بيها."
        ليليا خدت ذراع اللورد وسمحت له يقودها حول أرض المهرجان. كان ده كله جزء من اللعبة اللي بتلعبها - هتبتسم وتغمز بعينيها، تهز راسها أحياناً وهي بتعمل نفسها بتسمع أي حاجة كانوا عايزين يتكلموا عنها.
        "إنها حفلة جميلة،" ليليا قالت أخيراً بصوت هادي وهي بتفكر في أغمق الضلال وأهدى الزوايا.
        أندرو بصلها من طرف عينه، وأطراف شفايفه ملتفة شوية. "سمعت من لهجتك إنك أكيد من لاثوس."
        "وأنا سمعت من لهجتك إنك مش منها،" هي ردت بذكاء.
        ابتسم رداً على كلامها. "ثوريا يا سيدتي، بس خلينا منيش نتكلم عني. اللي عايز أعرفه أكتر عنك إنتِ. بتعملي إيه لما مش بتكوني بتحضري مهرجانات النار في نص الصيف؟"
        سؤاله خرجها من خيالها، وعقلها كان already بيفكر في الإجابة اللي هتديها. الحقيقة؟ هوية مزيفة؟ بس هي كانت في قائمة الضيوف، وبقدر ما كان أي حد تاني مهتم، هي كانت لسه السيدة ليليا كورتوفا.
        فكانت الحقيقة.
        "حرير،" قالت بفخر، وهي بتقف أطول شوية وهي بتكمل. "أنا تاجرة حرير."
        
        قابلها بابتسامة عارفة. "يبقى إنتِ عارفة جودة البضاعة اللي وصلت من بره؟"
        هي سخرت وقلبت عينيها الغامقة علامة على الاعتراف والضيق. "قلت لمسك الدفاتر بتاعي إني مش هقبل الطلب، بغض النظر عن مدى محاولة البياعين إنهم يدفعوه. أفضل أضيع الدهب اللي دفعته كوديعة على إني أرمي أكتر في المحيط على القرف ده."
        أندرو أطلق ضحكة مدوية، وهي ردت بابتسامة خاصة بيها.
        وللحظة خاطفة، وهما بيناقشوا إعجابهم بأوزان معينة من بضاعتهم المحبوبة، وأي الألوان المفضلة من أي بائعين بتتباع أحسن في أي موسم، ليليا تساءلت لو فيه أي فرصة لإعادة النظر في موقفها.
        كان فعلاً هيكون عيب إنها تقتله.
        "إيه؟" سأل وهو شافها بتبص في اتجاهه للمرة الثالثة. قدرت تعرف إنه حاول يخفي السخرية من نبرة صوته.
        "ليه مسألتنيش عن اسمي؟" هي ضغطت بسنة بسيطة من ميلان راسها.
        "احتفال الانقلاب الصيفي حفلة تنكر لسبب،" هو بلغها وهما مكملين طريقهم. "الكل بيحضر عشان ليلة من الغموض والسحر، زي ما سمحت الآلهة على مر السنين. أنا مين عشان أكسر الوعد ده، بغض النظر عن مدى رغبتي في المعرفة؟"
        وقف ماشي، وتوقف في جزء أهدى من محيط الاحتفال. واجه ليليا، ومقدرتش تحدد إذا كانت الحرارة اللي فاضلة من نار الانقلاب الصيفي أو النظرة الثاقبة اللي كانت بتخترق صدرها لحد قلبها، بس وشها سخن لما إيد حركت خصلة شعر ورجعتها على كتفها العاري.
        "أنا نفسي جداً أتعرف عليكي أكتر،" هو بلغها، ونفسه كان نسيم أبرد عليها.
        "طيب، اسمح لي أجيب لنا مشروب قبل ما نبدأ،" هي قالت بنعومة وهي بتلف بعيد عن نظرته، ونفسه، ومسكته. عرفت إنه كان بيراقبها وهي بتتمشى ناحية ترابيزة المرطبات اللي كانت على مسافة قصيرة وأدركت إن المهمة دي هتكون أصعب مما خططت له.
        لأول مرة في تاريخ ليليا كورتوفا المهني، اترددت.
        "ماتخليهاش شخصية يا ليل."
        هي عملت شغل ممتاز عشان تتأكد إنها مش شخصية، ومع ذلك...
        من طرف عينها، لمعة ذهب لفتت انتباهها، وشافت باز بيتكلم casually مع ضيف تاني في الحفلة. لمحت عينه، وبصت له بغضب خفيف على وجوده اللي طول. وكأنه بيرد، طلع ساعته الجيب بشكل casual كأن عنده ميعاد، وبصلها بصه مقلقة. ليليا افترضت إن وقتها بيخلص، أو صبره بدأ ينفد.
        في الحالتين، مكنتش هتسمح لباز يتحكم في أفعالها. أبداً.
        بضغطة من إبهامها، غطا خاتمها اتفتح، ودلق محتوياته فوراً في المشروب اللي تحته. كان فيه ناس كتير حواليها، عيون كتير، ولأول مرة، مكنتش عايزة هدفها يعرف إنها هي اللي وصلته الموت. جرعة السم دي كانت هادية، قاتلة، وبطيئة.
        وهي بتلف تاني ناحية رفيقها، إيديها كانت ثابتة على الكاسات قدامها وهي ماشية، إيدها الشمال ممدودة برشاقة وهي بتقدم المشروب المسمم للورد المنتظر.
        ابتسم تحت قناعه وهو بيقبل عرضها، وليليا خدت رشفة خجولة من كاسها وهي بتتفرج على النبيذ في إيده بيلف ويتقلب، بيتحول من الوردي الفاتح لبرتقالي غامق وملفوف.
        الكاس وقع من إيدها، ورمى شظايا وكحول على الأرض وفستانها وهي بتتفرج في رعب كامل.
        "لأ،" همست وهي مش مصدقة وعينيها متركزة على الكأس في إيد اللورد أندرو ميليان. المضادات كانت بتطلب كتير لما تكون محاولات الاغتيال تهديد وشيك، ومبتتجابش إلا من مصادر جوه أغمق أسواق العالم الخفي.
        وهي متعرفش غير شخص واحد بس اللي وصل للمصدر ده.
        نظرتها راحت بسرعة في الفوضى اللي بدأت تتشكل حواليها عشان تدور على الشخص ده. وبالفعل، باز فضل واقف على طرف ساحة الحفلة، لوحده دلوقتي، ساند على جذع شجرة ودرعانه متقاطعة على صدره.
        مع ابتسامة مقرفة، عارفة وواضحة على وشه.
        الخوف الشديد بتاع ليليا انتشر في معدتها. مفيش حد - مفيش حد - كان عنده وصول للمعلومة دي بره النقابة، والوحيد اللي عنده السلطة - أو القدرة - على إنتاج المضاد بكمية كبيرة بالشكل ده...
        غضب سام سرى فيها لما عينيها ثبتت على باز تاني، بس قبل ما تقدر تاخد الخطوة المدمرة دي ناحيته، دراعات ثبتتها من ورا، ورامتها على ركبها. اتلوت واتقلبت عشان تتخلص من قبضتهم، بس مفيش فايدة - اتنين كانوا على كل جنب، دراعاتهم مثبتة، أكتافها متكتفة، وواقف قدامها بيسد عنها رؤيتها لباز، ومعاه مفيش غير كره في وشه المقنع، كان أندرو ميليان.
        "كان لازم أعرف إن اهتمام ست مثقفة ومتمرسة زي دي هيكون نهايتي."
        الكره في كلامه ضرب ليليا أقوى مما كان المفروض، وجرأت تبص في عينيه اللي زي العاصفة دي مرة أخيرة. بس قبل ما تقدر تبدأ تشرح وتخرج من الموقف، إيد مش باينة شالت القناع من على وشها، وشدت الدبابيس من شعرها وليليا جزت على أسنانها من الألم.
        سمعت شهقات اللي حواليها - هي السيدة ليليا كورتوفا، واحدة من تجار الحرير المشهورين في لاثوس. الناس دي كانت تعرفها.
        ووقعت.
        ودانها كانت بتزن والقلق شد على صدرها. اللورد ميليان كان بيتكلم مع المتفرجين عشان يهدي مخاوفهم بخصوص المشاجرة ضد ست بمكانتها. صدرت أوامر للحراس اللي كانوا ماسكينها، بس عينيها ليليا فضلت على الشجر على حافة الساحة.
        باز شال قناعه، ورماه في الأدغال، وده أجبر ليليا تبص آخر مرة على وش سيد نقابة القتلة.
        وش الراجل اللي خانها.
        كره شديد غلى جواها وهو بيقدم لها آخر ابتسامة متغطرسة، وبلمحة من إيده كوداع أخير، دفع نفسه بعيد عن الشجرة ومشى، واختفى في الليل.
         
         
         
         من تلات شهور
        فضلتي تجري.
        ورق الشجر الناشف كان بيخشخش، والأغصان المكسورة كانت بتطقطق تحت رجليها وكاساندرا بتجري في ليل الخريف. مكنش فارق معاها الصوت اللي بتعمله في الغابة – هما متدربين إنهم يلاقوها، حتى لو فضلت ساكتة ومتجمّدة في مكانها.
        كانوا تلاتة منهم – أحسن قتلة النقابة – وكانوا بيطاردوها بشراسة ناس ملقوش فرصة يعملوا صيد جديد بقالهم كتير أوي. حست بوجودهم وراها أكتر ما سمعتهم – دي كانت ميزة اكتسبتها من تدريبها، وفي يوم من الأيام كانت متأكدة إنها هتفيدها في نجاحها جوه النقابة.
        ودلوقتي عرفت بالظبط ليه.
        فضلتي تجري.
        الشمس كملت نزولها تحت الأفق، وده كان إشارة لبداية العد التنازلي المطول لحد ما تشرق تاني مع الفجر. أول ما نور الصبح بدري يظهر، اختبارها هيكون خلص، وكاس هتبقى عضو رسمي في نقابة القتلة.
        كانت محتاجة بس إنها تعيش الليلة عشان تعدي الاختبار الأخير.
        كانت تعرف الرجالة اللي بيطاردوها شخصياً. اتدربت معاهم قبل الاختبارات، وحافظت على علاقات معاهم، وكانت عارفة بنفسها إنهم الأفضل في لاثوس. إنهم يكونوا من أفضل تلاتة أعضاء في النقابة ويكملوا مهماتهم أحسن من باقي الأعضاء، ده كان مكافأتهم.
        وفي ده، لو مسكوها، يقدروا يعملوا اللي يختاروه فيها – مكنش فارق مين هما أو هي إيه بالنسبة لهم. لليلة واحدة بس، النقابة هتتغاضى عن قانونها، وممكن جداً تموت.
        فضلتي تجري.
        الساعات عدت وهي بتلف وتتجنب طريقها في الغابة الضلمة. الاختبارات كانت مختلفة كل مرة، زي ما قالولها – مفيش اختبارين زي بعض لأي قاتل مبتدئ. وعشان كده، مفيش طريقة صحيحة ممكن الواحد يحضر بيها نفسه للاختبار الأخير قبل الانضمام، غير المهارات اللي اكتسبها بالفعل من أسابيع – شهور – التدريب اللي قبل كده.
        المرارة طلعت في حلق كاس وهي بتاخد نفسها بصعوبة وهي بتشق طريقها في الشجيرات الكثيفة. مهما أختها حاولت تثنيها، كاس كانت عارفة إيه اللي هيتطلب منها في اللحظة اللي هتطلب فيها من القائد إنها تكون عضو في نقابة القتلة. كانت عارفة إن اليوم ده هييجي، واشتغلت بجد عشان توصل للمكان اللي هي فيه، ومهما أختها حاولت تقنعها إنها بتعمل الاختيار الغلط، كاس، كانت عارفة إن ده هو مكانها.
        بس الأفكار دي عن أختها وقفت حركتها في الآخر، وده خلاها تتردد، ولو بشكل بسيط، وهي بتحاول تتسلق شجرة قريبة عشان تريح جسمها المجهد. للحظة واحدة بس، قالت لنفسها وهي بتستقر بين الجذع وفرع كبير. الأصوات اللي بتطاردها من الأرض تحت هديت. فقبلت الهدنة المؤقتة دي كهدية من الآلهة، خصوصاً لما حست إن طاقتها بتضعف، وادت لنفسها وقت عشان تروق دماغها وتركز تاني.
        وهي مغمضة عينيها، كاس كانت ممكن تسمع صوت أختها اللي بتوبخها. ليليا مكنتش عايزة كورتوفا الأصغر تنضم للنقابة أبداً. مكنتش عايزاها تبقى جزء من الخيانة والغدر اللي ساكن تحت جلد العالم السفلي للمدينة. طبعاً، أختها كانت بتعمل كويس كفاية كنائبة رئيس النقابة، بس مهما كان الأمر نفاق، ده مكنش أبداً حاجة ليليا كانت بتتمناها لأختها.
        يمكن ده كان السبب الرئيسي اللي خلى كاس عايزاها أوي.
        جزت على فكها وهي بتاخد نفس عميق من مناخيرها. ليليا مرجعتش في الوقت المناسب لاختبار كاساندرا برضه، ومكنش إلا في اللحظة دي إنها أدركت قد إيه غيابها كان مضايقها. يا ريت كان ممكن تاخد إرشاد واقتراحات أختها قبل ما الاختبارات تبدأ، بس هي لسه مرجعتش. في ده، كاس مقدرتش متسألش لو ليليا هترجع أبداً من مهمتها، أو إيه اللي هيتطلبه الأمر عشان ترجع لو جه الوقت.
        
        هل موت أختها هيكون سبب كافي؟ هل ليليا هترجع أخيراً للاثوس لو كاس مقدرتش تكمل الليلة؟
        أصوات من تحت خلت كاس تتخض من أفكارها، ولعنت ضعفها، واكتشفت بسرعة إنها اتأخرت كتير وهي بتفكر في مصير أختها. القتلة اللي تحت مكنش عندهم سبب إنهم يكونوا هاديين، افتكرت وهي بتصغر نفسها على الفرع فوقيهم. هما مكنوش غير مفترسين بقوة وسرعة صافية – هما مش اللي حياتهم بتعتمد على تجنبهم.
        
        
        
        kNSLybzjTtbL1QP8XHv9

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء