رواية ليلة ظالمة

ليلة ظالمة

2025,

رومانسية

مجانا

طالبة جامعية بتشتغل في كافيه، بتلاقي نفسها فجأة في عالم غريب ومخيف بعد ما بتشوف حاجات مش طبيعية. بتقابل شاب غامض بينقذها من خطر كبير، بس الأحداث الغريبة بتزيد، وبتكتشف إن في أسرار كتير حواليها، وإن حياتها مش عادية زي ما كانت فاكرة. القصة بتدور حوالين اكتشافها لذاتها ولمين هي، ومواجهتها لقوى خارقة للطبيعة.

أستاذ لوقا

زميل لزي لين في الكافيه، بيبان عليه إنه مرهق من الحياة بشكل عام، وبيقول كلام غريب زي "اوعي تمشي ورا النور". شخصيته ودودة لكن ممكن يكون عارف حاجات أكتر مما بيبين.

المديرة لينا

مديرة الكافيه اللي بتشتغل فيه زي لين. شخصيتها حازمة بس ودودة في نفس الوقت. بتستغرب إن زي لين بتيجي الشغل بدري وبتشك إنها بتهرب من المحاضرات.

الزبون الغامض

يظهر في الكافيه بعينين حمرا، وبيعمل حاجات خارقة للطبيعة زي إنه بيحول الست لرماد، وبيختفي فجأة. صوته مألوف لزي لين، وده بيزيد من الغموض حواليه. بيظهر إنه بيحمي زي لين وبيخاف عليها.
تم نسخ الرابط
 ليلة ظالمة

الكتاب ده قصة خيالية. الأسماء والشخصيات والشركات والأماكن والأحداث والمواقف. أي تشابه بينها وبين أشخاص حقيقيين، سواء عايشين أو ميتين، أو أحداث حصلت بجد، هو مجرد صدفة.

أنا بفضل القصص الخفيفة أو المتوسطة اللي نهايتها متوقعة. فلو ده مش مجالك، ممكن تشيلها من مكتبتك عادي. أنا مش شاطر في التعديل وساعات ببقى دماغي مهوية وأنا بكتب، فلو لقيت أي كلمة مكتوبة غلط أو أخطاء نحوية، يا ريت تبلغني عشان أقدر أصلحها.
ملحوظة: يرجى العلم إن القصة دي مش مناسبة للجمهور الصغير. فيها ألفاظ قوية وعنف ومشاهد حساسة (وكمان فيها حاجات تقليدية كتير) ممكن تكون مش مريحة لناس. لو ده مش اللي بتحبه، ممكن تمشي.

_______


"أنا تعبت."

دي كانت أول جملة سمعتها لما دخلت محل القهوة اللي بشتغل فيه. كان صوت أستاذ لوقا وهو ساند وشه بإيده ومسح الأرض. ابتسمت. شكله كان تعبان من الحياة نفسها، مش من الشغل.

"إيه ده يا زي لين؟ إنتي جيتي بدري النهاردة ولا إيه؟" دي كانت تحية المديرة ليا أول ما دخلت أوضة الموظفين. ابتسمت لها بس ورحت على دولابي عشان ألبس اليونيفورم بتاعي.

"مش مبسوطة إني جيت بدري يا أستاذة لينا؟" قلتها بنبرة فيها هزار. سمعت ضحكتها الخفيفة قبل ما ترد:

"مش كده خالص. بس مستغربة عشان لسه وقت الدراسة — استني، إنتي طفشتي من المحاضرات؟!" صرخت بصدمة.

"لأ طبعًا!" دافعت عن نفسي. سمعت تنهيدة عميقة منها. ابتسمت بس ولبست المريلة قبل ما أطلع من أوضة اللوكرات وأروح على مكاني — عند الكاونتر. كان في زمايلي رجالة ينفعوا يكونوا جرسونات، فعشان كده أنا بقعد عند الكاونتر.

وأنا بنظف قسم ماكينة القهوة، لمحت حد قاعد جنب الشباك الأزاز وباصص بره من غير أي تعبيرات على وشه ورجليه فوق بعض. استغربت إنه مفيش أي حاجة على ترابيزته. بصيت على أستاذ رامي وأستاذ لوقا اللي كانوا مشغولين بينظفوا الترابيزات والأرضية. ده وقت الذروة عشان كده مفيش زباين كتير. مش واخدين بالهم إن في زبون محدش خد منه طلب؟

قربت من الراجل ده بالراحة. شكله مخدش باله إني بقرب منه لأنه فضل باصص لبره.

ياترى في إيه بره؟

بسبب فضولي بصيت أنا كمان على اللي بيبص عليه. مفيش أي حاجة غريبة غير العربيات اللي معدية في الشارع. هو عايز يفضل يبص عليهم لحد ما يزهق؟ شكله ميهموش أي حاجة حواليه.

"عايزة حاجة يا أنسة؟" اتنفضت شوية من الخضة لما اتكلم فجأة، فرحت موطية راسي بسرعة وحكيت ورا وداني بإحراج.

"أحم... كنت بس عايزة آخد طلب حضرتك." قلتها بصوت واطي. الكافيه ده خدمة ذاتية بس مفيش زباين كتير وأنا مش مشغولة.

"أيس أمريكانو، دبل شوت."

"حاضر يا فندم." قلتها ورحت بسرعة على قسم ماكينة القهوة. معرفش ليه، بس حسيت بحاجة غريبة بخصوص الزبون ده. صوته حسيته مألوف. كأني سمعته في مكان ما قبل كده؟

مش عارفة.

بعد ما عملت له طلبه، رحت له بسرعة وأنا ماسكة صينية عليها القهوة. حطيتها على ترابيزته وابتسمت له. بس الابتسامة دي اختفت فجأة لما شفت وشه كله.

قلبي وقع لما عيني جت في عينيه الحمرة.

عينيه حمرا بشكل يخوف!

كأني اترميت عليا مية ساقعة. كنت عايزة أصدق نفسي إن ده مجرد هلوسة، لأنه بقت سودا تاني.

بس أنا شفتها حمرا بجد!

"إنتي كويسة يا أنسة؟" رجعت للواقع لما الراجل اتكلم. هزيت راسي بس وهديت نفسي قبل ما أمشي بعيد عنه وأروح على الحمام. إيه اللي بيحصلي ده؟

حطيت إيدي على جنبين الحوض وبصيت لنفسي في المراية. فجأة، استغربت إزاي كانت أيامي وأنا طفلة. ومنين أنا أصلاً. مستغرباه بس، إزاي وصلت في نص الغابة ومليانة كدمات؟ إزاي انتهى بيا المطاف هناك؟ يا نهار أبيض! أسئلة كتير بتلف في دماغي ومحتاجة إجابات بشكل مش طبيعي!

كل اللي أعرفه إني قضيت حياتي عايشة لوحدي. إزاي قدرت أعيش؟ معرفش برضه. بس عمري ما عانيت. دايماً كان في حد بيبعتلي الحاجات اللي محتاجاها. كنت صغيرة وقتها ومن غير ما أدرك مكنتش بستغرب ده.

بس أنا دلوقتي عندي 21 سنة.

فكرت يمكن اللي كان بيبعتلي الحاجات دي عارف إني لوحدي عشان كده كان بيساعدني. اتأكدت إني افتكر كل الحاجات والفلوس اللي استخدمتها وبدأت أشتغل عشان أسددها.

الموضوع لسه مستمر لحد دلوقتي. بس أنا مبقتش أعتمد على كده زي الأول. بشتغل وبدرس من وأنا عندي 18 سنة.

أخدت نفس عميق وغسلت إيدي قبل ما أطلع من الحمام. صفيت دماغي وركزت على الشغل بس.

الوقت عدى بسرعة. الزباين بدأت تمشي واحد ورا التاني، والليل كان دخل بره. مبقاش غير أنا وأستاذ رامي وأستاذ لوقا عشان نرتب وننظف. المديرة دايماً بتمشي بدري.

"إحنا ماشيين يا زي لين." قالها أستاذ لوقا وهو بياخد شنطته.

"عايزة تيجي معانا؟ الساعة بقت عشرة والدنيا خطر لو روحتي لوحدك، خصوصاً إنك بنت." ابتسمت بس بسبب كلام أستاذ رامي.

"أنا كويسة. إنتوا روحوا بس." المكان اللي قاعدة فيه قريب من محطة الأتوبيس. يعني، مواصلة واحدة وبكون هناك. بصوا لبعض الأول واتنهدوا.

"تمام، بس لو حسيتي بأي حاجة غريبة أو حسيتي إن في حد ماشي وراكي، متتردديش إنك تتصلي بالبوليس." دي كانت نصيحة أستاذ رامي وهو ماشي بره.






"زي لين؟"

"إيه يا أستاذ لوقا؟"

"اوعي تمشي ورا النور، تمام؟" قالها وخرج. ضحكت أنا بس بصوت واطي وكملت مسح الأرض.

عدت كام دقيقة، وبصيت أتأكد لو نسيت حاجة قبل ما أدخل أوضة اللوكر أغير هدومي.

بعد ما غيرت هدومي، قفلت باب الكافيه الرئيسي وبدأت أمشي في طريق هادي. كل حاجة كانت ماشية تمام وأنا ماشية في أمان. بس حسيت بقلق لما لقيت نور عمود الإضاءة بيطفي ويولع.

يا لهوي، حاجة تخوف.

فضلت ماشية وأنا حاضنة نفسي. حسيت كمان إن شعري وقف على رقبتي ودراعاتي.

يا لهوي، على حد علمي، مكنتش بحس الإحساس ده كل ما أعدي من هنا. بس ليه الدنيا مختلفة النهاردة؟

وقفت مكانى لما بصيت على أضلم حتة في الشارع.

هي دايماً ضلمة هناك؟ مش فاكرة.

حسيت بهالة مخيفة ومهددة في المنطقة دي خلتني مش مرتاحة.

كأنه... في حد بيبص عليا؟ مش عارفة؟ يمكن أنا بتخيل بس.

"أه، يبقى إنتي اللي هناك؟"

"شهقة!" اتنفضت من الخضة لما سمعت صوت بارد. بصيت حواليا لحد ما عيني جت على واحدة ست ساندة على عمود ومرجعة دراعاتها لورا. مش عارفة أوصف إحساسي دلوقتي. قلق ممزوج بخوف وندم. كان المفروض روحت مع أستاذ رامي وأستاذ لوقا.

"لما أشوفك عايشة ومبتعرفيش أي حاجة، بيجيلي إحساس إني عايزة أطعنك كتير أوي."

إيه ده؟ إيه اللي بتقوله الست دي؟ ليه عايزة تطعنني؟ أنا عملت لها إيه؟

"لما أشوفك هنا، فاكرة إني مش هعرف؟" فجأة ظهر راجل.

كان مديني ضهره فمشفتش وشه. كان واقف قدامي وإيده اليمين ماسكة دراعي اليمين. كأنه بيحميني من الست دي اللي كانت بتبصلي بغل.

"إيه... إيه اللي بتعمله هنا؟" سألت الست بصدمة. "هو بيحب البنت دي أوي. متقولش إنك إنت كمان؟" ضافت وهي متضايقة. حسيت بالغضب والغيرة في صوتها.

إيه اللي بيتكلموا فيه ده؟ وإيه علاقتي أنا بالموضوع ده؟ هو بيحبني؟ مين؟

"إنتي عملتي كتير أوي." قالها الراجل بنبرة خطيرة. شفت إزاي وش الست شحب.

الراجل ساب إيدي اللي كانت ماسكة دراعي. بحركة سريعة، شفت كرة نار حمرا في إيده الشمال وصوبها على الست اللي كانت مصدومة. يا... يا لهوي! إيه اللي بيحصل ده؟!

مكنتش مصدقة اللي شفته. كرة النار قربت من الست بسرعة. وفي لمح البصر، اتحولت لرماد واختفت زي الرمل في الهوا.

إيه ده بحق الجحيم؟

"إنتي كويسة؟" الراجل بصلي. ولصدمتي، طلع هو نفس الزبون اللي كان في الكافيه واللي كان طول الوقت بيبص بره الشباك الأزاز. مش قادرة أصدق. كل حاجة حاسة إنها مش حقيقية.

إيه اللي بيحصل؟ اللي شفته ده بجد؟ ليه عمالة أشوف حاجات غريبة النهاردة؟ أعتقد إني اتجننت.






"هو النهاردة كام في الشهر تاني؟"

اتنهدت ومشيت لوحدي في صالة المدرسة ناحية الفصل وأنا مش مركزة.

لحد دلوقتي لسه متضايقة من اللي حصل إمبارح بالليل. عيني مكنتش مصدقة اللي شافته. يعني... إزاي عمل كده؟ إزاي قدر يطلع حاجة مش معقولة من إيده ويخلي الست رماد؟ محدش هيصدقني لو حكيت لهم ده. أو الأسوأ، يمكن يفتكروني مجنونة أو هربانة من مستشفى المجانين.

أنا لازم أنسى اللي حصل إمبارح بالليل. السحر مش موجود، تمام؟ فاهدي يا زي لين. ده اللي بيحصل لما الواحد بيبقى ناقص نوم.

بس لسه الموضوع معلق في دماغي. الراجل ده. كنت خلاص هتكلم معاه ليلة إمبارح بعد ما وصلني للبيت، فجأة اختفى من قدامي كإنه فقاعة. وبسبب اللي حصل ده، زادت عندي الشكوك في الحاجات اللي مش حقيقية.

اتنهدت تاني ومشيت ناحية مكاني.

كلنا قعدنا لما مدرسنا بتاع أول حصة وصل. الحصة كانت كويسة وزملائي في الفصل حاولوا على قد ما يقدروا يتفاعلوا مع الأرقام والحروف اللي كانت مكتوبة على السبورة البيضا.

كويس، مش هقدر أعترض عليهم. حتى أنا بتعب في الرياضة. مهما حاولت أفهم أو أشغل دماغي، مفيش حاجة بتحصل. بحس بدوخة بس لما بشوف الأرقام. وبعدين، ليه لازم يكون في حروف في حل المسائل؟ هل هنستخدم ده لما نشتري حاجة من المحل؟ لأ طبعاً، مش كده؟ كويس إني اتولدت نشيطة، وإلا مكنتش هبقى عندي منحة دراسية دلوقتي.

طول الحصة كنت ببص بره الشباك. مش عارفة إيه اللي بيحصل. المشهد اللي حصل إمبارح بالليل كان بيتدفق في دماغي زي ماكينة شغالة وبتلف، ومبتوقفش. حاسة إني متضايقة أوي. أعتقد إني هتجنن بس من التفكير فيه.

ليه مش عايز يخرج من دماغي؟

"آنسة زي لين مونارك؟" وقفت من غير ما أحس وبصيت للشخص اللي ناداني. كانت مدرسة الإنجليزي بتاعتنا، وهي كمان مستشارتنا. حصص الصبح بتاعتنا هي رياضيات، وبعدها فيليپيني، تاريخ، وإنجليزي. وكل حصة مدتها ساعة. يعني، أنا فضلت أبص بره الشباك أكتر من تلات ساعات. يا إلهي! فضلت سرحانة المدة دي كلها؟

"عزيزتي، لو مش مهتمة بحصتي، تقدري تمشي عادي." كانت بتقول كده وهي مبتسمة، وده اللي خلاها مخيفة.

"أنا آسفة يا مدام تريسيا." بصيت لتحت.

"بس اتأكدي إنك هتركزى."

"تمام يا فندم." رديت بصوت واطي ورجعت قعدت.

الحصة خلصت بدري، وزملائي كانوا بيسبقوا بعض وهم طالعين من الفصل كأنهم متحمسين أوي عشان يتغدوا. طلعت تليفوني من جيب الجاكيت بتاعي وبصيت في الساعة. لسه بدري أوي على الغدا.

اتنهدت بس وقمت عشان أطلع من الفصل. مش حاسة إني عايزة أتغدى. حاسة إني مش هقدر أبلع الحاجات الغريبة اللي شفتها إمبارح، يمكن أرجع الأكل.

كنت ناوية أروح على السطح أشم هوا. بحب أقعد هناك. الهوا المنعش بيديني إحساس بالراحة.

لما وصلت على السطح رحت على طول عند السور وسندت ضهري عليه وأنا حاطة إيدي في جيوبي. بحب إزاي الهوا بيطير شعري.

"إيه اللي بتعمليه هنا؟"

شفت إنزو — ممثل الفصل بتاعنا — واقف في الزاوية. شكله كان متلخبط وهو بيبصلي.

طب هو؟ بيعمل إيه هنا؟

"إنتي بتيجي هنا كتير؟" سألني. هزيت راسي بخجل ووطيت راسي عشان أتجنب بصولته العميقة ليا. عمري ما اتكلمت معاه. هو... أعلى مني بكتير.

سمعت ضحكته الخفيفة فبصيت له باستغراب. في حاجة بتضحك؟

"إنتي دايماً كده،" قال وهو مبتسم. "هل تعرفي إنه من قلة الذوق متتوصيش لحد بيكلمك؟"

هنا وقفت مكاني. صوته بقى بارد وجاد. فجأة قلقت أكتر خصوصاً لما شفت وشه الجاد جداً. عينيه اللي مفيهاش تعبيرات بتبصلي، بتركيز. جسمي كله بقى ضعيف وركبي بتترعش عشان كده مسكت السور بإحكام. ضغط كبير خلاني عايزة أجري بعيد من هنا. بعيد عن الراجل ده.

بدأ يقرب مني بالراحة فقلقت وخفت أكتر لأسباب مش مفهومة. "متخافيش، تمام؟ مش هأذيكي." قالها.

قال إيه؟ متخافيش؟ هو مجنون؟ مين اللي مكنش هيخاف لما يكون قدام شخص اتغير وجوده فجأة؟

"ومش هأذيها أبداً. ماليش الحق إني أذيكي، وإلا هكون ميت بسببه." ضاف جملة خلتني أستغرب أكتر.

هاه؟ إيه اللي بيقوله ده؟






"يعني إيه قصدك؟" سألت وأنا تايهة وفضولية في نفس الوقت. بصلي تاني، مبتسماً بصدق.

أنا مصدومة. ودلوقتي هو بيبتسم. إيه مشكلة الراجل ده؟ ثنائي القطب ولا إيه؟

"هتعرفي قريب." آخر حاجة قالها قبل ما يمشي من المكان. فضلت واقفة مكاني. مش قادرة أستوعب الكلمات اللي قالها. كنت خايفة بس متلخبطة في نفس الوقت.

هزيت راسي بس وحاولت أحط الأسئلة في دماغي على جنب. أنا متلخبطة أوي. حاسة إن دماغي هتنفجر في أي وقت بسبب الأسئلة اللي ملهاش إجابة.

اتنهدت وبعدين حطيت دراعاتي على السور. بصيت للمساحة الواسعة للملعب من هنا. في كام طالب بشوفهم بيتجولوا، وبعضهم مشغولين بالدردشة مع أصحابهم. يا ريت لو كان عندي شخص واحد بس أتكلم معاه. أضحك معاه وأكون معاه وقت الفسحة.

استغربت لما لاحظت إن الدنيا بدأت تضلم بالتدريج. بصيت في الساعة بس لسه بدري في النهار.

الساعة لسه جاية 12 الظهر.

بصيت تاني لتحت وشفت الطلاب بيجروا بسرعة يدخلوا المبنى. وقتها بس لاحظت السما اللي مغيمة.

استني. على حد علمي، درجة الحرارة النهاردة من 23 لـ 30 درجة مئوية. هل في تغير مفاجئ في الجو؟

"يا إلهي!" صرخت من الخضة لما فجأة حصل رعد قوي. افتكرت إن حد بيصورني عشان كان في ضوء كده انعكس عليا قبل ما يحصل الرعد. بجد؟ هتمطر بجد؟

جريت ناحية الباب ودخلت جوه المبنى. وأنا نازلة السلالم بسرعة سمعت حد بيتكلم في السماعة.

"كل الحصص اتلغت بسبب التغير المفاجئ في الجو." الجملة دي كانت بتتقال باستمرار في السماعة. شفت الدهشة على وشوش الطلاب اللي قابلتهم. وقفت عن الجري وبصيت إيه اللي حصل بره من خلال الشباك الأزاز.

رعد وبرق ومعاهم مطر غزير. كأنهم بيتجمعوا مع بعض. السما بقت ضلمة أوي. كل حاجة شكلها غريب. هل في عاصفة مفاجئة؟

استغربت أكتر لما فجأة الرعد والبرق والمطر وقفوا. بس الضلمة لسه موجودة في كل حتة. السحاب المغيم بدأ ينفصل بالتدريج وطلعت شمس من وراه. الشمس نورت المكان كله بشكل ساطع.

"إيه اللي بيحصل بحق الجحيم؟" قالها طالب بصدمة وهو مش مصدق. وقتها بس لاحظت إننا كتير متجمعين هنا عشان نبص على السما.

الكل شهق، أنا كمان. فجأة الجو اتغير وفي لمح البصر، السحابة الكبيرة والتقيلة انقسمت وظهر قمر أسود.

اس-استنى! إيه ده؟ ده كسوف شمسي؟! يا لهوي! بس هو الكسوف الشمسي بيبقى كده؟

غطيت بوقي وأنا مش مصدقة من اللي اكتشفته. غريب وعجيب. مخيف.

"يا جماعة! ابعدوا عن الشباك ده!" سمعت صرخة حد. جرينا كلنا أسرع من البرق بعيد عن الشباك. وقبل ما أعرف، حصل انفجار قوي.

غطيت وداني وغمضت عيني. بس بسبب قوة الانفجار، كلنا وقعنا على الأرض. حسيت ببلاطة ساقعة على خصري اليمين. عيطت من الألم. وقتها بس لاحظت إن جنبي خبط في السلم.

"إنتي كويسة يا زي لين؟ يا لهوي! راسك بتنزف!"

مسكت راسي بسرعة. حسيت إنها مبلولة فبصيت في إيدي. فجأة اتخضيت لما شفت عليها دم.

حسيت إن في حد شالني وبعدني عن المكان ده. كنت عايزة أشكر الشخص اللي شالني بس شكلي صوتي راح. كأن في حاجة بتسد حلقي ومنعاني أتكلم. ونظري كان بيضلم بالتدريج.

كنت عمالة أسمع شتائم الراجل اللي شالني كذا مرة. صوته مألوف بالنسبة لي بس دماغي مش قادرة تتعاون معايا في اللحظة دي عشان أفتكر هو صوت مين وإمتى سمعته.

كنت عايزة أشوفه وأشكره. بطريقة ما، حسيت إنه شعور حلو لما يكون في حد قلقان عليك. قدرت أبتسم برضه رغم إن جسمي كان بيوجعني أوي.

"شكرًا لك..." قلتها بصوت واطي قبل ما يغرقني الضلام.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء