رواية ثمن الخيانة

ثمن الخيانة

2025, أدهم محمد

جريمة

مجانا

5

قاتلة خطيرة بتشتغل تحت ستار تاجرة حرير ناجحة، راحت حفلة تنكر عشان تنفذ مهمة قتل، لكن خطتها اتقلب عليها بسبب خيانة شريكها باز. بعد تلات شهور، أختها كاساندرا بتكمل تدريبها في نقابة القتلة وبتنجح في الاختبارات الصعبة عشان تبقى عضو رسمي، وبتحاول تكتشف سر اختفاء أختها ليليا. وسط كل ده، باز، زعيم النقابة وحبيب كاساندرا، بيخطط يدور على ليليا بنفسه، وده بيحط كاساندرا في مكانة جديدة ومسؤولية كبيرة جوه النقابة.

ليليا

قاتلة محترفة، بتشتغل تحت غطا تاجرة حرير ناجحة. قوية وشاطرة في إخفاء هويتها الحقيقية، لكنها بتواجه خيانة من أقرب الناس ليها.

كاساندرا

أخت ليليا الصغرى، وعندها طموح كبير إنها تنضم لنقابة القتلة. عنيدة ومصممة تثبت نفسها، حتى لو ده خلى علاقتها بأختها متوترة.

اللورد سيباستيان

زعيم نقابة القتلة وحبيب كاساندرا. شخصية قوية ومؤثرة، بس بيظهر جانب من الغموض والتعقيد في علاقته بليليا وكاساندرا.
تم نسخ الرابط
رواية ثمن الخيانة

معظم الناس راحت حفلة التنكر الصيفي على أمل إنهم يلاقوا الحب؛ هي راحت وهي ناويه توصل الموت.

كان معاها سبع أسلحة مخفيين، كانوا أكتر باتنين من اللي خططت ليهم في الأول، ودا من غير السم.

الدبوسين اللي كانوا ماسكين شعرها الغامق في كتلته من الكيرلي واللفات كانوا سهلين الوصول في القتال القريب. المساحة بين صدرها والكورسيه الغامق بتاع الفستان كانت قوية كفاية عشان تستحمل وزن الخنجر الصغير، وصدرها الواضح خلى إخفاء المقبض بنفس الكفاءة. الكورسيه نفسه كان متخيط في جسم الفستان، وسايب مساحة بسيطة لإخفاء سكينة. لحسن الحظ، الطرف اللي ورا كان مفتوح كفاية من تحت إنها تقدر تخزن واحد بين العظم جنب رباط الكورسيه.

خنجر تاني كان محطوط براحة في الرباط اللي على فخدها الشمال، مستخبي بسهولة تحت فساتينها الواسعة. واتأكدت إن الجزم اللي لابساها هتخبي سكينة عند كل سمانة.

ممكن نقول إن ليليا كورتوفا كانت دايماً بتوصل مستعدة.

انحنت على تسريحتها عشان تشوف نفسها أقرب في المراية وهي بتحط أحمر شفاه على شفايفها وبودرة على جفونها. مكنش في حاجة مميزة زيادة عن اللزوم في مظهرها، بس عينيها كانت بتلمع كفاية، وشفايفها كانت مليانة كفاية، وصدرها كان طري كفاية لدرجة إنها كانت بتلفت انتباه أي راجل – وست – كان ليها الشرف إنها تقابله.

الإغراء كان مميت زي ما كان ممتع، وضحاياها اكتشفوا دا بأكثر الطرق إيلاماً.

"هتموتي من السخونية لو خرجتي كدا النهاردة."

نظرة ليليا اتنقلت لانعكاس الست اللي واقفة في باب أوضتها، ومقدرتش تتمالك نفسها من الضحك على ملاحظات أختها الصغيرة بخصوص لبسها الغامق.

"محتاجة مكان أخبي فيه سكاكيني يا كاساندرا، والفستان دا هو أسلم طريقة أعمل كدا"، قالت وهي بترجع انتباهها لانعكاسها.

"لسه بقولك إنك محتاجة واحد بس"، ردت أختها وهي مجمعة دراعتها على صدرها وساندة على باب الأوضة الفخمة.

"وعشان كدا المهمة دي بتاعتي، وإنتِ لسه في أول سنة تدريب ليكي." بعد ما لبست خاتم مليان سم في إيدها الشمال، ظبطت الكورسيه بتاعها آخر مرة، وبعد ما نفشت شعرها المرفوع آخر نفشة، ليليا لفت عشان تواجه أختها.

ليليا كانت بشرتها أغمق، وأختها الصغيرة كانت أفتح بكتير، والقاتلة كانت دايماً بتتساءل ليه كاساندرا عايزة تمشي وراها في أعماق العالم الخفي. كاساندرا كانت بتلمع زي شعاع الشمس، مش ساكنة في الضلال. كان المفروض تبقى في القصر، بتدلع اللورد دا أو الأمير دا، بدل ما تستخبى ورا ستارة، وبتحاول تفك أحسن طريقة عشان تقتلهم.

بس كاساندرا أصرت وأثبتت نفسها في تدريباتها كويس كفاية، ودلوقتي بتجهز لاختباراتها اللي هتبدأ بعد شهور قليلة. مفيش حاجة ليليا تقدر تعملها أو تقولها عشان تغير رأيها؛ كانت عارفة إن أختها كبيرة كفاية إنها تدير نفسها، بس كان في دم عيلة كورتوفا الكبيرة إنها تقلق عليها.

"ممكن على الأقل تعملي حاجة مفيدة وإنتِ واقفة كدا؟" ليليا سألت أخيراً، وهي بتمسك عقد لأختها.

كاساندرا كشرت حواجبها من ابتسامة أختها الساخرة، وفكت دراعاتها مع زفير متضايق. "على الأقل باز هيكون موجود عشان يخلي باله منك،" كاساندرا قالت بسخرية وهي بتاخد السلسلة من إيد ليليا.

"ليه؟" ليليا ردت بغضب وهي مش مصدقة وهي بتدي ضهرها لكاساندرا، وسحبت شعرها بالراحة عشان توضحه. "دي مش مهمته."

مع هزة كتف، كاساندرا ابتسمت وهي بتقابل نظرة أختها في المراية. "هو مقالش إنه رايح لمهمة. هو قال إنه استلم دعوة."

مع نظرة غاضبة خفيفة، ليليا واجهت المراية، وسمحت لغضبها يغمرها بهدوء. باز - اللورد سيباستيان جايلن - كان قائد نقابة القتلة، والمنافس الوحيد الحقيقي لليليا في العالم الخفي. ده، بخلاف إصراره على إن أختها تبقى حبيبته، كان سبب كافي لليليا إنها تكره الراجل ده.

مكناش المفروض نستغرب ليليا لما اكتشفت إن باز هيكون هناك، فكرت وهي بتاخد القناع اللي هيخفي وشها بالليل. لمساته الفضية على خلفية سودة كانت لايقة على فستانها تماماً، وهتغطي وشها كفاية إن نظرة سريعة تخلي هويتها سرية لحد ما ييجي الوقت المناسب.

أي حد مهم كفاية في مدينة لاثوس هيكون في مهرجان انقلاب الصيف، وبالرغم من إنه قائد النقابة بتاعتهم، باز كان كمان دبلوماسي معروف جوه أسوار المدينة.

وهي بتربط قناعها ورا ودانها، ليليا ابتسمت لنفسها ابتسامة خفيفة. بغض النظر عن شغلها بالليل كقاتلة، كتاجر حرير ناجحة في المدينة، هي كمان جالها دعوة للمهرجان.

ويا لسوء حظ هدفها أكتر.

"عربيتك وصلت يا سيدتي!" الخادمة نادت من السلالم اللي تحت، وقطعت أفكار ليليا.

قبل ما تقدر ترد، كاساندرا كانت سبقتها. "هتكون هناك في لحظة يا لوكاس!"

ليليا رفعت حاجبها فوق قناعها، لفت وقربت من أختها. "إنتِ بجد لازم تتعودي على الألقاب دي. مش هتروح في أي حتة، ولا الخدم."

كاساندرا تمتمت وهي ماشية ورا أختها نازلة السلالم. "السيدة كورتوفا - تاجرة جميلة بالنهار، قاتلة مميتة بالليل."

ليليا لفت عشان تواجه أختها وفساتينها بتلف معاها. "مش عندك أي تدريب المفروض تعمليه؟ أنا متأكدة إن ويل هيحب فرصة تانية يوقعك على مؤخرتك."

كاساندرا هزت كتفها بس. "باز اداني أجازة النهاردة."

ليليا مالت راسها على جنب بتساؤل. "ليه مش هتروحي معاه النهاردة أصلاً؟"

كاساندرا ابتسمت ابتسامة خفيفة، بس ليليا قدرت تشوف لمعة خيبة أمل عدت على وشها. اختفت في لحظة، وحل محلها لمعان في عينيها، بنفس القدر اللي كانت فيه شقية. "عشان هو مش محتاجك تتشتتي أكتر النهاردة من اللي أكيد هتتشتتيه."

"وايه معنى الكلام ده بقى؟" ليليا سألت، وهي بتضم دراعاتها حوالين الكورسيه الضيق بتاعها.

كاساندرا ابتسمت بس وهي بتلوح لأختها وهي طالعة السلالم في الاتجاه المعاكس.

"استمتعي بحفلة التنكر يا سيدة كورتوفا!"

العربة خدت ليليا عبر المدينة نحو الحقول اللي بتحيط بأطراف المدن المجاورة. مهرجان الانقلاب الصيفي كان بيستضيفه أي لورد محلي يقدر يقدم للمجلس أكتر فلوس، ومحظوظ السنة دي كان اللورد أندرو ميليان.

استهداف المسؤولين الحكوميين ماكانش حاجة غريبة على ليليا - اتعاملت مع كتير منهم في الماضي. بس كان في حاجة في جو الليلة دي - مستوى الضيوف، عواقب أفعالها - ليليا حست كأن الآلهة اللي فوق بتراقبها وهي بتنفذ مهام الليلة، وده خلاها تتجمد من البرد بالرغم من دفء المساء اللي كان محاوطها.

كانت طلبت من باز معلومات أكتر عن العميل اللي دفع عشان الهدف، زي ما عملت في كل مهماتها، بس هو كان سري أكتر من العادي المرة دي. بدل كده، هو بس قالها إنه تاجر أجنبي اتظلم من اللورد ميليان في الماضي. كانت سألته أكتر، بس هو بلغها بالسعر المطلوب، وإن مهمة الهدف ده هتغطي تدريب كاساندرا، واختبارها، ورسومها للنقابة.

كانت أكتر من كافية عشان ليليا تسكت.

أياً كان اللي عايز اللورد ميليان يموت كان مش مستخسر أي فلوس.

عضت على ضوافرها وهي بتفكر - عادة عصبية مش لايقة بسيدة أبداً، أختها كانت هتسخر. بس كان ضوفر واحد وعلى إيدها اليمين بس، ولو ده لوحده كان كافي يهدّي أعصابها ويخليها تخلص المهام اللي بتواجهها كل ليلة، يبقى كده خلاص.

قريبًا، الطريق تحت العربة بقى مش مستوي أكتر، وهو بيخض ليليا وهي قاعدة. قدرت تشوف الريف بينبض بالحياة مع أضواء وأصوات الاحتفالات الخارجية اللي بتحتفل بانقلاب الصيف، فعرفت إنها قريبة. الألوان الحمرا والبرتقالية والصفرا المتداخلة لزينة الورق والفوانيس اللي محددة حدود الحفلة، كلها كانت بتتجمع عند نقطة مركزية - نار ضخمة طالعة للسما.

فوراً، حست كأنها هتسيح تحت الطبقات اللي لابساها بمجرد ما تقرب من النار دي، وليليا لعنت أختها عشان طلعت صح.

العربة وقفت في صف مع عربيات تانية والركاب بتوعها اتحركوا من أماكنهم. باب عربة ليليا اتفتح، ومسكت الإيد اللي اتمدت لها وهي بتنزل بحذر على الأرض الصلبة.

"سيدة كورتوفا."

بس الإيد اللي مسكت إيدها مكنتش بتاعة السواق بتاعها.

باز ابتسم، عينيه الزرقا بتلمع من خلال قناع دهبي كان لايق على شعره الأشعث وهو بيشبك دراعه بدراعها. كان ساحر، ليليا كانت عارفة كويس، وده خلاه خطر.

"اللورد جايلن،" ليليا ردت بأسنان مضغوطة، وهي بتميل أقرب عشان تتظاهر بالمودة. "ايه اللي بتعمله هنا؟"

"أنا هنا لنفس السبب اللي إنتِ فيه يا ليل،" قال وهو مبتسم وبيهز راسه للورد اللي معدي. "أنا اتدعيت."

"إنت بالذات عارف أحسن من كده. أنا مش محتاجة مرافق."

"أنا مقلتش إني مرافقك. قلتلك - أنا اتدعيت."

قادها من خلال المساحة الفاضية اللي بتستخدم كساحة رقص، حيث كانت الأزواج بتدور بالفعل في لمحات من الألوان والحرير والريش. كل واحد كان لابس قناع عشان يزود الغموض والسحر لأمسية الصيف.

ليليا مكنتش هتسمح للمجاملات إنها تشتتها.






"مفيش وقت للكلام ده، وكاس هتبقى هتجنن لما تعرف ليه مخلتهاش تيجي،" ليليا فلتت الكلمة وباز كان بيقودهم.
"متشغليش بالك بكاساندرا،" هو أكدلها. "إنتِ محتاجة تركزي على الراجل اللي هتقتليه النهاردة."
الإيد اللي على دراعها شدت شوية لما باز لف يواجه راجل وجوده لوحده كان بيشع قوة، حتى من بعيد. كان لابس أفخم هدوم ممكن الفلوس تجيبها، وخصل شعره الغامق كانت بتطير في نسيم الصيف الدافي من تحت الربطة اللي كانت عند رقبته. كان بيتكلم مع اتنين ضيوف لابسين هدوم فخمة زيه، بس كان واقف كأنه ملك في بلاطه. وكأنه حس بوجود جمهور، عينيه الرمادية بصت ناحيتهم، غامقة زي العاصفة تحت قناعه الفضي اللي كان مغطي كل وشه ماعدا شفايفه.
لو مكنتش هتقتله، ليليا كانت عايزة تعرفه أكتر.
"إنتِ بتبصي يا ليل،" همس في ودانها وهو بيناولها كوباية نبيذ فوار.
"وإنت كمان،" هي ردت بسرعة، خدت النبيذ بشكل أعمى وعينيها لسه على هدفها.
بالعادة، شمت النبيذ وقلبته في الكوباية ببطء، ولما مفيش أي دليل على سم كان واضح، خدت رشفة صغيرة وحبستها في بوقها، مستنية أي تأثيرات مش ظاهرة. أول ما اعتبرته آمن، بلعت وخدت رشفة تانية.

"قولي لي عنه،" همست، حاسة بابتسامة باز الساخرة جنبها. بس سواء كانت على سؤالها أو عشان هي افتكرت إنه ممكن يسمم مشروبها، مكنتش متأكدة.
باز خد رشفة من النبيذ بتاعه قبل ما يتكلم، وعينيه رجعت للراجل اللي قدامهم.
"اللورد أندرو تاجر ودبلوماسي بره لاثوس، بس فلوسه جديدة - طايشة، على حسب كلام البعض. دفع دهب كتير أوي عشان يستضيف تجمع الانقلاب الصيفي السنة دي، وفي ناس بتعتقد إنه عمل كده بس عشان يورّي غناه أكتر، ويخلي التانيين يبانوا ضعفا، وفي نفس الوقت يجذب انتباه العملاء المحتملين. لسوء حظه، نجاحه المتزايد خلاه يعمل أعداء كتير، والتجار المحليين شافوا وصوله تهديد صريح للتجارة في مدينتهم."
باز خد رشفة تانية من النبيذ وابتسم بابتسامة ذئبية. "وهنا ييجي دورك."
ليليا خلصت كوبايتها قبل ما تجمع ردها. "التجار دول أكيد عرضوا مبلغ خرافي عشان تنزل لمستواهم."
"البعض طلب خدمات شخصية."
ليليا كشرت حواجبها وهي بتلف له وفستانها بيلف معاها. "احنا مبنخليش شغلنا شخصي يا باز - دي أول قاعدة عندنا."
"أنا مش محتاجك تقعدي تسمعيني قانون الشغل يا ليليا،" باز قال بحدة وعينيه بتلمع في عينيها. "وأنا أقترح إنك تفتكري ده بنفسك لما تبقى هدومك فوق وسطك أول ما تسحبيه في الضلمة."
مكنتش تقدر تعمل غير إنها تبص له بغضب، وحذرة أوي من الجمهور المحتمل حواليهم. هي مكنتش بتصدق أبداً إن طرقها تقليدية، بس باز مكنش بيفوت فرصة يفكرها بكرهه.
"أتمنى مكونتش قطعتكم."
ليليا لفت بسرعة ناحية الغريب المجهول اللي بيحاول يقاطع كلامهم، بس قبل ما تقدر تعضه وتطرده، أدركت إنها واقفة وش لوش مع اللورد أندرو ميليان. اترددت للحظة واحدة بس، وسمحت لنفسها تبص لباز بلمحة واحدة وهو هز راسه بخفة ورجع لورا قبل ما توجه انتباهها لمضيف الأمسية.
انحنت شوية، وابتسامة رسمتها على وشها كانت عارفة إنه هيعتبرها عشانه هو بس. "أبداً يا سيدي. في الحقيقة، أنا شفتك واقف هناك وكنت خايفة أقاطع."
هو ابتسم في المقابل، وعرض عليها دراعه. "للسيدة الجميلة اللي زيك، أنا هعتبرها مقاطعة مرحب بيها."
ليليا خدت ذراع اللورد وسمحت له يقودها حول أرض المهرجان. كان ده كله جزء من اللعبة اللي بتلعبها - هتبتسم وتغمز بعينيها، تهز راسها أحياناً وهي بتعمل نفسها بتسمع أي حاجة كانوا عايزين يتكلموا عنها.
"إنها حفلة جميلة،" ليليا قالت أخيراً بصوت هادي وهي بتفكر في أغمق الضلال وأهدى الزوايا.
أندرو بصلها من طرف عينه، وأطراف شفايفه ملتفة شوية. "سمعت من لهجتك إنك أكيد من لاثوس."
"وأنا سمعت من لهجتك إنك مش منها،" هي ردت بذكاء.
ابتسم رداً على كلامها. "ثوريا يا سيدتي، بس خلينا منيش نتكلم عني. اللي عايز أعرفه أكتر عنك إنتِ. بتعملي إيه لما مش بتكوني بتحضري مهرجانات النار في نص الصيف؟"
سؤاله خرجها من خيالها، وعقلها كان already بيفكر في الإجابة اللي هتديها. الحقيقة؟ هوية مزيفة؟ بس هي كانت في قائمة الضيوف، وبقدر ما كان أي حد تاني مهتم، هي كانت لسه السيدة ليليا كورتوفا.
فكانت الحقيقة.
"حرير،" قالت بفخر، وهي بتقف أطول شوية وهي بتكمل. "أنا تاجرة حرير."

قابلها بابتسامة عارفة. "يبقى إنتِ عارفة جودة البضاعة اللي وصلت من بره؟"
هي سخرت وقلبت عينيها الغامقة علامة على الاعتراف والضيق. "قلت لمسك الدفاتر بتاعي إني مش هقبل الطلب، بغض النظر عن مدى محاولة البياعين إنهم يدفعوه. أفضل أضيع الدهب اللي دفعته كوديعة على إني أرمي أكتر في المحيط على القرف ده."
أندرو أطلق ضحكة مدوية، وهي ردت بابتسامة خاصة بيها.
وللحظة خاطفة، وهما بيناقشوا إعجابهم بأوزان معينة من بضاعتهم المحبوبة، وأي الألوان المفضلة من أي بائعين بتتباع أحسن في أي موسم، ليليا تساءلت لو فيه أي فرصة لإعادة النظر في موقفها.
كان فعلاً هيكون عيب إنها تقتله.
"إيه؟" سأل وهو شافها بتبص في اتجاهه للمرة الثالثة. قدرت تعرف إنه حاول يخفي السخرية من نبرة صوته.
"ليه مسألتنيش عن اسمي؟" هي ضغطت بسنة بسيطة من ميلان راسها.
"احتفال الانقلاب الصيفي حفلة تنكر لسبب،" هو بلغها وهما مكملين طريقهم. "الكل بيحضر عشان ليلة من الغموض والسحر، زي ما سمحت الآلهة على مر السنين. أنا مين عشان أكسر الوعد ده، بغض النظر عن مدى رغبتي في المعرفة؟"
وقف ماشي، وتوقف في جزء أهدى من محيط الاحتفال. واجه ليليا، ومقدرتش تحدد إذا كانت الحرارة اللي فاضلة من نار الانقلاب الصيفي أو النظرة الثاقبة اللي كانت بتخترق صدرها لحد قلبها، بس وشها سخن لما إيد حركت خصلة شعر ورجعتها على كتفها العاري.
"أنا نفسي جداً أتعرف عليكي أكتر،" هو بلغها، ونفسه كان نسيم أبرد عليها.
"طيب، اسمح لي أجيب لنا مشروب قبل ما نبدأ،" هي قالت بنعومة وهي بتلف بعيد عن نظرته، ونفسه، ومسكته. عرفت إنه كان بيراقبها وهي بتتمشى ناحية ترابيزة المرطبات اللي كانت على مسافة قصيرة وأدركت إن المهمة دي هتكون أصعب مما خططت له.
لأول مرة في تاريخ ليليا كورتوفا المهني، اترددت.
"ماتخليهاش شخصية يا ليل."
هي عملت شغل ممتاز عشان تتأكد إنها مش شخصية، ومع ذلك...
من طرف عينها، لمعة ذهب لفتت انتباهها، وشافت باز بيتكلم casually مع ضيف تاني في الحفلة. لمحت عينه، وبصت له بغضب خفيف على وجوده اللي طول. وكأنه بيرد، طلع ساعته الجيب بشكل casual كأن عنده ميعاد، وبصلها بصه مقلقة. ليليا افترضت إن وقتها بيخلص، أو صبره بدأ ينفد.
في الحالتين، مكنتش هتسمح لباز يتحكم في أفعالها. أبداً.
بضغطة من إبهامها، غطا خاتمها اتفتح، ودلق محتوياته فوراً في المشروب اللي تحته. كان فيه ناس كتير حواليها، عيون كتير، ولأول مرة، مكنتش عايزة هدفها يعرف إنها هي اللي وصلته الموت. جرعة السم دي كانت هادية، قاتلة، وبطيئة.
وهي بتلف تاني ناحية رفيقها، إيديها كانت ثابتة على الكاسات قدامها وهي ماشية، إيدها الشمال ممدودة برشاقة وهي بتقدم المشروب المسمم للورد المنتظر.
ابتسم تحت قناعه وهو بيقبل عرضها، وليليا خدت رشفة خجولة من كاسها وهي بتتفرج على النبيذ في إيده بيلف ويتقلب، بيتحول من الوردي الفاتح لبرتقالي غامق وملفوف.
الكاس وقع من إيدها، ورمى شظايا وكحول على الأرض وفستانها وهي بتتفرج في رعب كامل.
"لأ،" همست وهي مش مصدقة وعينيها متركزة على الكأس في إيد اللورد أندرو ميليان. المضادات كانت بتطلب كتير لما تكون محاولات الاغتيال تهديد وشيك، ومبتتجابش إلا من مصادر جوه أغمق أسواق العالم الخفي.
وهي متعرفش غير شخص واحد بس اللي وصل للمصدر ده.
نظرتها راحت بسرعة في الفوضى اللي بدأت تتشكل حواليها عشان تدور على الشخص ده. وبالفعل، باز فضل واقف على طرف ساحة الحفلة، لوحده دلوقتي، ساند على جذع شجرة ودرعانه متقاطعة على صدره.
مع ابتسامة مقرفة، عارفة وواضحة على وشه.
الخوف الشديد بتاع ليليا انتشر في معدتها. مفيش حد - مفيش حد - كان عنده وصول للمعلومة دي بره النقابة، والوحيد اللي عنده السلطة - أو القدرة - على إنتاج المضاد بكمية كبيرة بالشكل ده...
غضب سام سرى فيها لما عينيها ثبتت على باز تاني، بس قبل ما تقدر تاخد الخطوة المدمرة دي ناحيته، دراعات ثبتتها من ورا، ورامتها على ركبها. اتلوت واتقلبت عشان تتخلص من قبضتهم، بس مفيش فايدة - اتنين كانوا على كل جنب، دراعاتهم مثبتة، أكتافها متكتفة، وواقف قدامها بيسد عنها رؤيتها لباز، ومعاه مفيش غير كره في وشه المقنع، كان أندرو ميليان.
"كان لازم أعرف إن اهتمام ست مثقفة ومتمرسة زي دي هيكون نهايتي."
الكره في كلامه ضرب ليليا أقوى مما كان المفروض، وجرأت تبص في عينيه اللي زي العاصفة دي مرة أخيرة. بس قبل ما تقدر تبدأ تشرح وتخرج من الموقف، إيد مش باينة شالت القناع من على وشها، وشدت الدبابيس من شعرها وليليا جزت على أسنانها من الألم.
سمعت شهقات اللي حواليها - هي السيدة ليليا كورتوفا، واحدة من تجار الحرير المشهورين في لاثوس. الناس دي كانت تعرفها.
ووقعت.
ودانها كانت بتزن والقلق شد على صدرها. اللورد ميليان كان بيتكلم مع المتفرجين عشان يهدي مخاوفهم بخصوص المشاجرة ضد ست بمكانتها. صدرت أوامر للحراس اللي كانوا ماسكينها، بس عينيها ليليا فضلت على الشجر على حافة الساحة.
باز شال قناعه، ورماه في الأدغال، وده أجبر ليليا تبص آخر مرة على وش سيد نقابة القتلة.
وش الراجل اللي خانها.
كره شديد غلى جواها وهو بيقدم لها آخر ابتسامة متغطرسة، وبلمحة من إيده كوداع أخير، دفع نفسه بعيد عن الشجرة ومشى، واختفى في الليل.
 
 
 
 من تلات شهور
فضلتي تجري.
ورق الشجر الناشف كان بيخشخش، والأغصان المكسورة كانت بتطقطق تحت رجليها وكاساندرا بتجري في ليل الخريف. مكنش فارق معاها الصوت اللي بتعمله في الغابة – هما متدربين إنهم يلاقوها، حتى لو فضلت ساكتة ومتجمّدة في مكانها.
كانوا تلاتة منهم – أحسن قتلة النقابة – وكانوا بيطاردوها بشراسة ناس ملقوش فرصة يعملوا صيد جديد بقالهم كتير أوي. حست بوجودهم وراها أكتر ما سمعتهم – دي كانت ميزة اكتسبتها من تدريبها، وفي يوم من الأيام كانت متأكدة إنها هتفيدها في نجاحها جوه النقابة.
ودلوقتي عرفت بالظبط ليه.
فضلتي تجري.
الشمس كملت نزولها تحت الأفق، وده كان إشارة لبداية العد التنازلي المطول لحد ما تشرق تاني مع الفجر. أول ما نور الصبح بدري يظهر، اختبارها هيكون خلص، وكاس هتبقى عضو رسمي في نقابة القتلة.
كانت محتاجة بس إنها تعيش الليلة عشان تعدي الاختبار الأخير.
كانت تعرف الرجالة اللي بيطاردوها شخصياً. اتدربت معاهم قبل الاختبارات، وحافظت على علاقات معاهم، وكانت عارفة بنفسها إنهم الأفضل في لاثوس. إنهم يكونوا من أفضل تلاتة أعضاء في النقابة ويكملوا مهماتهم أحسن من باقي الأعضاء، ده كان مكافأتهم.
وفي ده، لو مسكوها، يقدروا يعملوا اللي يختاروه فيها – مكنش فارق مين هما أو هي إيه بالنسبة لهم. لليلة واحدة بس، النقابة هتتغاضى عن قانونها، وممكن جداً تموت.
فضلتي تجري.
الساعات عدت وهي بتلف وتتجنب طريقها في الغابة الضلمة. الاختبارات كانت مختلفة كل مرة، زي ما قالولها – مفيش اختبارين زي بعض لأي قاتل مبتدئ. وعشان كده، مفيش طريقة صحيحة ممكن الواحد يحضر بيها نفسه للاختبار الأخير قبل الانضمام، غير المهارات اللي اكتسبها بالفعل من أسابيع – شهور – التدريب اللي قبل كده.
المرارة طلعت في حلق كاس وهي بتاخد نفسها بصعوبة وهي بتشق طريقها في الشجيرات الكثيفة. مهما أختها حاولت تثنيها، كاس كانت عارفة إيه اللي هيتطلب منها في اللحظة اللي هتطلب فيها من القائد إنها تكون عضو في نقابة القتلة. كانت عارفة إن اليوم ده هييجي، واشتغلت بجد عشان توصل للمكان اللي هي فيه، ومهما أختها حاولت تقنعها إنها بتعمل الاختيار الغلط، كاس، كانت عارفة إن ده هو مكانها.
بس الأفكار دي عن أختها وقفت حركتها في الآخر، وده خلاها تتردد، ولو بشكل بسيط، وهي بتحاول تتسلق شجرة قريبة عشان تريح جسمها المجهد. للحظة واحدة بس، قالت لنفسها وهي بتستقر بين الجذع وفرع كبير. الأصوات اللي بتطاردها من الأرض تحت هديت. فقبلت الهدنة المؤقتة دي كهدية من الآلهة، خصوصاً لما حست إن طاقتها بتضعف، وادت لنفسها وقت عشان تروق دماغها وتركز تاني.
وهي مغمضة عينيها، كاس كانت ممكن تسمع صوت أختها اللي بتوبخها. ليليا مكنتش عايزة كورتوفا الأصغر تنضم للنقابة أبداً. مكنتش عايزاها تبقى جزء من الخيانة والغدر اللي ساكن تحت جلد العالم السفلي للمدينة. طبعاً، أختها كانت بتعمل كويس كفاية كنائبة رئيس النقابة، بس مهما كان الأمر نفاق، ده مكنش أبداً حاجة ليليا كانت بتتمناها لأختها.
يمكن ده كان السبب الرئيسي اللي خلى كاس عايزاها أوي.
جزت على فكها وهي بتاخد نفس عميق من مناخيرها. ليليا مرجعتش في الوقت المناسب لاختبار كاساندرا برضه، ومكنش إلا في اللحظة دي إنها أدركت قد إيه غيابها كان مضايقها. يا ريت كان ممكن تاخد إرشاد واقتراحات أختها قبل ما الاختبارات تبدأ، بس هي لسه مرجعتش. في ده، كاس مقدرتش متسألش لو ليليا هترجع أبداً من مهمتها، أو إيه اللي هيتطلبه الأمر عشان ترجع لو جه الوقت.

هل موت أختها هيكون سبب كافي؟ هل ليليا هترجع أخيراً للاثوس لو كاس مقدرتش تكمل الليلة؟
أصوات من تحت خلت كاس تتخض من أفكارها، ولعنت ضعفها، واكتشفت بسرعة إنها اتأخرت كتير وهي بتفكر في مصير أختها. القتلة اللي تحت مكنش عندهم سبب إنهم يكونوا هاديين، افتكرت وهي بتصغر نفسها على الفرع فوقيهم. هما مكنوش غير مفترسين بقوة وسرعة صافية – هما مش اللي حياتهم بتعتمد على تجنبهم.


kNSLybzjTtbL1QP8XHv9

تعليقات

  1. اشتريتها قبل كده واجمل ما يمكن 🤍🤍 لكن لازم منها جزء ثاني عشان نهايتها غامضه اوي

    ردحذف

إرسال تعليق

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء