موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        بنت البشر في عالم الجان

        بنت البشر في عالم الجان

        2025,

        فانتازيا

        مجانا

        بنت بشرية عايشة وسط جنيات بيكرهوها في عالم "إليسيا" السحري السام ليها. بتواجه خطر الموت لو راحت حفلة الربيع، وبتتعرض للتنمر المستمر من جنيات تانية. لكن بيظهر الأمير كاليات، جني من بلاط معادي، وبينقذها في لحظة حرجة. الرواية بتستكشف صراعها من أجل البقاء والأمان، ودورها كإنسانة ضعيفة في عالم مليان قوى سحرية.

        مورجانا

        يتيمة عايشة في بلاط جولاه الملكي. بتعاني من سحر "إليسيا" السام للبشر، ومن التنمر من الجنيات حواليها. بتدور على الأمان والقبول في عالم غريب عنها.

        الأمير ديمون

        الأخ بالتبني لمورجانا، أمير من بلاط جولاه، وجني قوي بيتحكم في المايه والتراب. بيحاول يحمي مورجانا ويهتم بيها، لكنه مشغول بواجباته الملكية.

        الملكة لارانيا

        الأم بالتبني لمورجانا وملكة بلاط جولاه. بتهتم بمورجانا بطريقتها، لكنها مقيدة بتقاليد مجتمع الجنيات الصارمة، خصوصاً في ما يخص زواج الإناث

        الأمير كاليات

        أمير من بلاط أيبروس المعادي لبلاط جولاه. بيظهر في لحظة حرجة وينقذ مورجانا، وبيتميز بقوته وجماله.
        تم نسخ الرابط
        بنت البشر في عالم الجان

        مورجانا كانت عارفة إنها لو راحت حفلة الربيع الليلة، الأغلب إنها هتموت.
        
        زورها كان ناشف وهي بتخلص آخر جملة في مقالها عن حرب الساحرات. دي كانت آخر مهمة ليها، سابتها للآخر عشان تشغل نفسها بيها عن اللي المفروض كانت بتعمله بجد.
        
        "إنتي ليه لسه مجهزتيش؟"
        
        مورجانا اتنفضت واتلفتت، ودلقت زجاجة حبر أسود على المكتب كله.
        
        أخوها بالتبني، الأمير ديمون من بلاط جولاه، كان واقف في باب أوضتها. لابس بدلة لبني فاتح ماشية مع لون عينيه. تاج دهبي بيلمع على شعره الأشقر القصير.
        
        "شوفي إنتي عملتي إيه." وش مورجانا احمر. الحبر كان واقع على كتاب مفتوح، "تاريخ حرب الساحرات". طبطبت على البقعة بكم فستانها الغامق واتنهدت. يا ريت لو كانت جنية زي ديمون، بتعرف تتحكم في الماية والتراب، كانت قدرت تشيل الحبر بسهولة.
        
        بس للأسف، هي إنسانة.
        
        ديمون اتريق ووشاور بإيده، واستخدم سحره المائي عشان يمسح الحبر اللي على الكتاب والمكتب. بص على الهالات السودا اللي تحت عينيها.
        
        "ماعرفتيش تنامي تاني إمبارح بالليل؟" ريحته اللي عاملة زي القرنفل والياسمين فاقت وهو داخل أوضتها.
        
        الشمس الغايبة كانت داخلة من البلكونة المفتوحة ومعدية على الكتب اللي على مكتبها وعلى الحيطان اللي لونها روز كوارتز. كان فيه شجرة برقوق صغيرة في الركن، بيطير فيها اليراع بين الورق. ديمون سند على مراية دهبي عليها فراشات زرقا بتتحرك وكتف دراعاته. "عشان كده سبتي مهمتك لآخر لحظة؟"
        
        "إنت بتعمل إيه هنا؟"
        
        "كنت جاي أشوفك لو جهزتي لحفلة الربيع."
        
        بطن مورجانا اتلخبطت. حفلة الربيع دي كانت واحدة من الحفلات اللي بتتعمل تكريمًا لاحتفالات الفصول اللي فيها الجنيات الأرستقراطيات والأغنيا بيشكروا الآلهة عشان خلقت أرض إليسيا، وعشان ادتهم التحكم في العناصر: الهوا والنار والتراب والمايه. التراب كان يعتبر أقوى عنصر لأنه بيدي اللي بيستخدمه القدرة على التحكم في جاذبية إليسيا.
         

        من رأي الجنيات، التحكم في العناصر بيديهم الحق إنهم يحكموا جنات إليسيا عشان دي قوة خاصة بيهم هما بس. بس جنيات العيلة المالكة كانوا أقوى. ملوك بلاط أيبروس وبلاط جولاه الاتنين بيتحكموا في عنصرين. الفرق الوحيد بينهم هو إن ملك وملكة بلاط أيبروس قوتهم جاتلهم من أليجرا، أقوى ساحرة على مر العصور، قبل ما الملك إريك من بلاط جولاه يعدمها. ملوك بلاط جولاه بيتولدوا بقدرتهم على التحكم في عنصرين، وده خلاهم يفتكروا إنهم أعلى من ملوك أيبروس. "لازم أروح بجد؟" مورجانا همست. "أيوه،" ديمون رد. "انتي قربتي تبقي بالغة وانتي جزء من العيلة دي. انتي عارفة إن الإناث لازم يتشافوا في مجتمع الجنيات." غضب كده قعد يطفي ويولع جوه صدر مورجانا. "عشان الإناث زي الخنازير اللي بتتباع في المزاد في القرية؟" ديمون اتنهد. "دي عادة وأمي مستنياكي هناك. كان المفروض تتعرفي على مجتمع الجنيات السنة اللي فاتت، بس عرفتي تتهربي من الموضوع ده." "هتم تمنتاشر سنة كمان يومين؛ مش أحسن نستنى حفلة الصيف؟" "التقليد إنك تخرجي في حفلة الربيع."

        "تقليد." مورجانا اتريقت. "إنت عمرك ما اتعرضت على البلاط؟" بصت بغيظ على الجني اللي عنده 300 سنة بس شكله أصغر منها بكام سنة بس. عمر البني آدم بالنسبة للجنيات لحظة، زي عمر حشرة. "أنتي عارفة الإجابة على ده." ديمون بصلها بصة كلها توبيخ. "اخدتي جرعتك الصبح؟" شاور على الإبريق الكريستال المليان سائل بنفسجي بيلمع كان على ترابيزة جنب السرير. خلطة مورجانا كانت محتاجة تاخدها كل يوم عشان بتساعدها تعيش مع سحر إليسيا اللي كان سام للبشر. الإكسير ده كان بيبطئ امتصاصها للسحر من أرض إليسيا، بس من غيره كانت هتفقد عقلها في خلال أسابيع والسحر كان هيمزقها. كانت معجزة إنها عاشت المدة دي كلها، بس خطر الموت، خطر إنها تمتص كتير من سحر إليسيا بجسمها البشري الضعيف، ده كان حاجة بتفكر فيها باستمرار. الآثار الجانبية للإكسير ما كانتش بتساعد. لما مورجانا خدته لأول مرة وهي طفلة، كان بيجيلها صداع يومي وقئ، بس مع الوقت الآثار الجانبية اتحسنت. لحد الكام شهر اللي فاتوا لما بدأت تسوء تاني. "طبعًا أخدته."

        "على الأقل ده حماية أكتر شوية للمراسم." "يارب،" مورجانا اتنهدت. "لو السحر ما موتنيش يبقى الملل هيموتني، مش هلاقي حد أتكلم معاه في الحفلة الغبية دي." "هتكوني معايا." "هتكون مشغول أوي مع أعضاء المجلس." "هفضى ليكي لحظة لما أقدر. فلين وفاليريو هيكونوا هناك، هيتسلوكي." "دول أصحابك إنت."

        "طب يمكن الحفلة دي تكون فرصة كويسة إنك تعملي صحاب." ديمون بصّلها بصة ليها معنى. "مع مين؟ كل الناس بتكرهني." "مش كل الناس." صمت محرج عدّى، وديمون بص في الأرض. "لازم تستعجلي وتجهزي. أنا هراجع مقالك وهتأكد إنه كويس كفاية للمدرس بتاعك." سند على مكتبها وقراه بصوت عالي، "في يوم من الأيام، الساحرات كانوا زي الجنيات بالظبط وكانوا بيقدروا يستخدموا عنصر واحد. لكن، مع كل جيل جديد من الساحرات بقوا بيقدروا يستخدموا الأربعة عناصر، وده خلاهم أقوى مخلوقات في إليسيا. "بس قائدة مجمع العذراوات، أليجرا، اتمردت على جنيات بلاط جولاه واعترضت على القرار اللي كان بيحمي الجنيات والجنيين من سحر الساحرات السام. هي اللي أشعلت حرب الساحرات وقسمت بلاط الجنيات من ألف سنة. "قبل الحرب، إليسيا كانت تحت حكم بلاط جولاه، لحد ما الخونة من الجنيات انضموا للساحرات وسموا نفسهم بلاط أيبروس. الأيبروسيين والساحرات خسروا الحرب ونتيجة لكده كل الساحرات اتعدموا، وحاجاتهم اتحرقت." "إيه رأيك؟" ديمون كشر مناخيره. مورجانا قامت وخطفت المقال منه. "شكرًا على التشجيع." "كون إنها آخر سنة ليكي، مش معناه إنك تبقي كسلانة." "أنا مش كسلانة!" "المفروض تذاكري كويس." "علشان إيه؟ عشان أتجوز بارون عنده هوس بالبشر؟" "مورجانا!" خدود ديمون احمرت. مورجانا كتّفت دراعاتها. "إيه؟ الأم دايمًا عايزة أيليس وأنا نتجوز جوازة كويسة. ده واجبنا، عكس واجبك إنت. أنا عندي لحد ما أكمل خمسة وعشرين سنة عشان ألاقي عريس ولا هيطردوني من القلعة." "فاضل ليكي شوية لحد ما توصلي للسن ده. ممكن تعملي اللي إنت عايزاه لما دروسك تخلص. ممكن تكملي دراستك لو عايزة." مورجانا اتريقت. كأن أمها هتسمح لديمون يقف في طريق أي خطوبة محتملة. وكأن مورجانا ممكن تذاكر في فصل كله جنيات، تاني أبدًا. "متقلقيش كتير من الخطوبة. اتبسطي الليلة، لمرة واحدة بس،" ديمون قال. "مقدرش أخلي حذري يقل." "ممكن. ده مكان عام وأنا هكون موجود. محدش هيحاول يعمل أي حاجة." مورجانا بلعت ريقها، افتكرت آخر مرة كانت فيها في مكان عام. كان من سنتين تقريبًا ورا شجر في المدرسة لما إلفينيا، جنية رفيعة شعرها كراميل وعنيها شريرة، ولعت شعر مورجانا بالكبريت. زمايلها الجنيات ضحكوا زي الغربان، ومورجانا صرخت لحد ما واحد من المدرسين المناوبين جري وجه وطفاها بسحره المائي. لما روحت البيت الضهر ده، وديمون ولارانيا سألوها إيه اللي حصل، كدبت وقالت إن خلطة في الفصل باظت. لكن ديمون مصدقش مورجانا. وغضبان، ديمون طرد الحارس اللي كان المفروض يحميها لأنه كان في الحمام وقت الهجوم. "بس افتكري تدريب القتال بتاعك وهتبقي كويسة. يلا بقى، استعجلي وجهزي نفسك للحفلة. أنتي عارفة الأم بتكره قد إيه لما بنكون متأخرين." ديمون خبط بإيديه على كتاف مورجانا، مشتتًا ذاكرتها. وبعدين سابها عشان يقابل فلين، قائد الحرس، وفاليريو، قائد الجواسيس، عشان يتأكدوا إن الأمن هيكون مشدود في الحفلة. وبالإضافة لكونهم قادة، فلين وفاليريو كانوا أحسن أصحاب ديمون. مع إن ديمون كان واثق من سلامتها، مورجانا كانت عارفة إن فرصة إنها تخرج حية هتكون ضعيفة لو قابلت اللي بيضايقوها في الحفلة. عشان كده كانت خايفة أوي تروح الليلة. مش بس كده، دي كانت أول حفلة ليها. ماكانتش عايزة تجذب أي عرسان. كانت عايزة تتساب في حالها وفي أمان.

        مورجانا قررت إن حمام دافي هيساعد يهدي الأعصاب والقلق اللي كان بيتحرك في بطنها زي عش نمل. دخلت حمامها الخاص، اللي حيطانه كانت معموله من زجاج بحري لونه تركواز، والأرضية كانت بلاط شفاف مليان قواقع ونجوم بحر. التسريحة بتاعتها كانت منورة بياقوتة كبيرة وكانت متزينة كمان بمرجان مجفف. الحمام كله كان متصمم على طريقة جزر الأندين. مجموعة جزر في جنوب إليسيا حيث بيعيش الجنيات والجنيين المائيين. كان بيحكمها اللورد ناصر أندين، جني مائي قوي لدرجة إنه كان بيقدر يتحكم في مد وجزر محيط أندين. لكن بالرغم من قوته، زي كل اللوردات في بلاط جولاه، كان لسه بيسمع كلام الملك إريك. مورجانا طلعت في البانيو بتاعها اللي عامل زي الصدفة الضخمة، مليان فقاقيع دافية بريحة اللافندر. بس عضلاتها كانت لسه مشدودة ومتقشفة. عقلها كان شارد، بيفكر في كل الطرق اللي ممكن اللي بيضايقوها يأذوها أو يقتلوها الليلة. دول جنيات وكل العناصر تحت تصرفهم وهي مجرد إنسانة ضعيفة من غير سحر. وبسرعة، كانت بتلبس فستان أبيض بيلمع وجميل. مورجانا ما لحقتش توصله لوسطها لما بابها اتفتح بعنف والملكة لارانيا دخلت الأوضة وهي ماشية، فستانها النبيتي الفخم بيخشول. شعرها البني الغامق كان معمول كعكة واطية ومعقدة، وتاج من الألماس والياقوت مزين راسها. ريحة الورد بتاعة لارانيا ملت الأوضة، ومناخيرها اتسعت لما شافت مورجانا نص لابسة. "هكون جاهزة قريب،" مورجانا صرخت بصوت رفيع. "بجد؟ مش باينلي كده. شعرك لسه منشفش." لارانيا لوحت بإيدها ومسحت المايه اللي مضايقة من شعر مورجانا. "استعجلي. الوفود من بلاط أيبروس هيوصلوا قريب. أنا هستناكي بره." وبعدين لفت وخرجت من الأوضة. رفض لارانيا المفاجئ ماكانش علامة كويسة. مورجانا جريت على دولابها وفتشت في علبة مجوهرات بتلمع وخدت قطعة شعر ألماس. جرت للمراية وحشرتها في شعرها الأسود المجعد. على الأقل الفستان كان ماشي مع بشرتها الخمرية. لكن بطن مورجانا اتلوت كأن تعبان ملفوف حوالين أمعائها. هي بجد ماكانتش عايزة تروح حفلة الربيع. ومش بس عشان اللي بيضايقوها، سحر احتفال الربيع كمان كان هيقربها من الموت. احتفال الجنيات هيشاركوا فيه قبل بداية الحفلة. بالرغم من كده، مورجانا أجبرت نفسها إنها تخرج بصعوبة للصالة، حيث كانت الملكة لارانيا قاعدة على كنبة فاتحة ومعاها اتنين حراس على جنبها. التكشيرة اللي على وش لارانيا لانت. "يا حبيبتي. إنتي جميلة أوي أنا متأكدة إنك هتلاقي عريس قبل نهاية الليلة." مورجانا فضلت ساكتة وزورها اتقفل. ماكانتش عايزة تتجوز أي جني وتضطر تسيب القلعة، كأنها حيوان أليف مش مرغوب فيه بيتقدم لمالك جديد. الهبل الذكوري ده بتاع الإناث اللي بيتقدموا لأرستقراطية بلاط جولاه لازم يموت في رأيها. "يلا بينا، احنا اتأخرنا أصلاً." لارانيا شَبَكِت دراعها في دراع مورجانا. سحبتها في ممرات القلعة، اللي كانت مصنوعة من روز كوارتز. ويستاريا بنفسجية كانت متدلية من السقف، ونباتات متسلقة مليانة ورد من البوغينفيليا كانت بتتسلق على الحيطان زي ستاير بينك. ريحة الورد كانت مسكرة أوي. خانقة. قلب مورجانا كان بيدق بعنف.

        الحراس كانوا واقفين عند المداخل زي الحراس الفضية، لابسين دروع مصنوعة من الإيروديوم، نوع من الصلب موجود بس في إليسيا. "داين وألستون وإلفينيا هيروحوا حفلة الربيع؟" "طبعًا." لارانيا هدت مشيتها. "هما جزء من الأرستقراطية." إصبع بارد نزل على ضهر مورجانا. "بس مفيش حاجة تقلقي منها يا حبيبتي. هتكوني في أمان." لارانيا طبطبت على دراع مورجانا كأنها بتطبطب على راس كلب. بصمت، مورجانا مشيت ورا لارانيا في سلم حلزوني ملفوف حوالين شجرة عملاقة بيطير فيها العفاريت الصغيرة واليَراع بين الأغصان. رجعت بذاكرتها لآخر مرة شافت فيها المتنمرين دول. كان من سنة لما ألستون وداين حاصروها في الفصل في الشتا. ألستون كان ابن البارون فينش، وداين كان ابن الإيرل ألفرج، وهما من أبشع الجنيات اللي قابلتهم مورجانا في حياتها. إلفينيا كانت هي القائدة بتاعتهم وكانت بتكره البشر كره خاص عشان أهلها كانوا دايمًا بيدافعوا عن طرد المواطنين نص جنيات من إليسيا. بالنسبة ليهم، البشر ليهم نفس حقوق التراب. التلاتة دول كانوا بيتنمروا على مورجانا طول سنين دراستها وكانوا دايمًا بيعملوا خطة عشان يخلوا حياتها جحيم. بس في الليلة المشؤومة دي كانوا استنوا الفصل يخلص عشان إلفينيا تسد الباب. المدرس كان أول واحد يمشي، وده ادى إلفينيا الفرصة إنها تخلي بقية الفصل يخرج ماعدا مورجانا. الخوف زحف في بطن مورجانا كأنها بلعت أم أربع وأربعين. الحارس اللي كان المفروض يكون معاها كان سابها لوحدها في آخر حصة. كان قال إن فيه مشكلة في العربة وكان لازم يرتب عربية جديدة عشان تاخدها البيت. المتنمرين دول شافوها فرصة مثالية عشان يضربوا. لما بقوا هما الأربعة بس اللي فاضلين، مورجانا جريت على الشبابيك، فاكرة إنها ممكن تهرب. مكاتب كانت بتخبط في فخدها، وضحكات حادة أحاطت بيها زي قطيع ضباع. ألستون كان ماشي وراها بخطوات هادية، عينيه فاضية وغامقة زي بيرين ناشفين. شعره الأسود وبشرته الشاحبة فكرت مورجانا بمخلوق في قصص البشر اللي ديمون اديهالها مرة. مخلوق اسمه مصاص دماء بيطارد المقابر. داين كان عكس ألستون في الشكل، كان شكله ملاك بشعره الأشقر الفاتح ووشه الطفولي. سد طريق مورجانا، وهي جريت لآخر الفصل. محاصرة، زي غزال بيواجه أسود. "ارجوكوا سيبوني لوحدي." توسل مورجانا كان ضعيف، خافت، زي كحة عفريت صغير. خدودها كانت مبلولة بالدموع. "زبالة بشرية زيك مش مكانها هنا،" إلفينيا اتريقت. ألستون لزق مورجانا في الحيطة بسحره الترابي. شريط منه اتلف حوالين زورها زي تعبان. هي شاطت برجليها، ورئتها مولعة، صرختها فاضية. مرة تانية، هي اتنقذت بالصدفة المحضة لما طالب أكبر منها عدى جنب الفصل وشاف اللي بيحصل وجاب مدرس. التلاتة المتنمرين دول كلهم خدوا حجز.

        مورجانا روحت البيت وهي بتعيط وورّت لارانيا العلامة الحمرا حوالين رقبتها، بتترجى إنها تخرجها من المدرسة. وشها أبيض، لارانيا وافقت إنها تذاكر في القلعة. ديمون قرر يدربها على القتال. دلوقتي، مورجانا واجهت احتمال إنها تشوف المتنمرين الفظيعين دول تاني. لفت ركن، وباب قاعة الرقص الكبيرة بان. كانوا دهب وعليهم ورد محفور بشكل معقد. جنب الأبواب كان أخوها وأختها بالتبني. ديمون كان بيتكلم مع الأميرة أيليس، اللي كانت مديّة ضهرها للارانيا ومورجانا. أصوات كانت بتهمس من ورا الباب. كان فيه جنيات كتير أوي في قاعة الرقص دي. جنيات كتير أوي. "إيه اللي مأخرهم كده؟" أيليس اشتكت. من الشبابيك العالية دخلت شمس العصر، اللي خلت شعر أيليس الدهبي بيلمع كأنه مرشوش بتراب الجنيات. ديمون ابتسم ابتسامة سريعة للارانيا ومورجانا. أيليس لفت وعنيها علقت على فستان مورجانا زي الشوك اللي بيشبك في قميص. بطن مورجانا انقبضت. بالمقارنة بأيليس، هي حست إنها فلاحة. أيليس كانت لابسة فستان حرير أزرق وتاج من الألماس اللي بيشع. مورجانا ماقدرتش ماتلاحظش إزاي لون فستان أيليس ماشي مع بنطلون وجاكيت ديمون. ثنائي ملكي حقيقي. "مورجانا ماكانتش جاهزة عشان كده اتأخرنا." لارانيا ضمت شفايفها. "بس الجمال بياخد وقت." "مش شايفة ليه مورجانا المفروض تكون هنا أصلاً. ده تقليد إن إناث الجنيات يتقدموا للبلاط." أيليس كشرت مناخيرها. ديمون بص لتوأمه، يعني اتكلمي كويس. "إيه؟" أيليس هزت كتفها. مورجانا كشرت. كانت هتدي أي حاجة عشان تكون في أي مكان تاني. وبعدين لارانيا دخلتهم على السجادة الحمرا وعملوا صف. مورجانا كانت في الآخر. المذيع، جن قزم لابس بدلة مخملية زرقاء، انحنى للارانيا. "جاهزين للإعلان عنكوا يا صاحبة الجلالة؟" "أيوه." قلب مورجانا كان بيدق بسرعة، وإيديها بتعرق، وهي بتفكر في كل العيون اللي هتكون عليها. عيون هتكون مليانة قرف وازدراء. ليه ماقدرتش تفضل في أوضتها زي ما كانت بتعمل دايمًا لما يكون عندهم حفلات الفصول دي؟ عشان إنتي قربتي تبقي بالغة. كأن ديمون حس قلقها بص ورا كتفه. "إنتي تقدري تعمليها يا مورجانا." "شكرًا،" هي قالت بصوت خشن. الجن القزم مسك مقابض الأبواب وفتحهم على آخرهم.

        الهمس في قاعة الرقص اختفى. بطن مورجانا اتقلبت كأنها شربت لبن رايب. "جلالة الملكة، الملكة لارانيا ملكة بلاط جولاه!" أعلن القزم. الملكة لارانيا انزلقت من الأبواب برشاقة البجعة، راسها مرفوعة. شوية تصفيق وراها، وبق مورجانا نشف وهي بتبص للسقف. وبسرعة أوي أعلنوا عن ديمون، وبعدين أيليس. قلب مورجانا كان بيدق بعنف وهي بتقف عند الأبواب، رنين عالي في ودانها. "الليدي مورجانا من بلاط جولاه!" صوت القزم رجع صدى، كأنه بيزعق من قاع بير عميق. خطت مورجانا عبر المدخل، وريحة ورود وفاكهة مسكرة لفت حواليها كأنها شريط لذيذ. سقف قاعة الرقص كانت بتنزل منه الويستاريا، واليَراع كان بيرقص بين البتلات. تحت رجليها الأرض كانت مفروشة بفسيفساء من بتلات مختلفة. على الأعمدة البيضا من الكوارتز كانت ورد، وأوركيد، وزنابق. شجر صغير كان متناثر في الأرض وجنبهم ترابيزات مليانة توت مسكر، وخوخ، وتفاح. كان فيه كاسات شمبانيا بتلمع ونبيذ ياقوتي، جاهزين للأخذ. "اتحركي،" القزم همس. مورجانا ماكانتش واخدة بالها إنها ثابتة في المدخل. وشها بيسخن، أسرعت على السجادة الحمرا وخدت لفة حادة لمكان كان فيه زحمة من الجنيات الأرستقراطيين والأغنياء. كانوا مبهرين في فساتين وبدل بكل الألوان. دم مورجانا كان بيتدفق بعنف، والجنيات الجميلة والأنيقة كانوا بيلفوا عليها زي الذئاب اللي شامة أرنب. شفايف ابتسمت وسنان كشرت. عيون مورجانا راحت للأرض. حاولت ما تدورش على اللي بيضايقوها. كانت عارفة إنهم موجودين. كانت حاسة بده. السجادة الحمرا كانت ماشية وسط الزحمة لحد منصة، حيث عيلتها قاعدة على عروش مصنوعة من الدهب والأحجار الكريمة. كرسي فاضي لمورجانا كان على المنصة تحت أيليس. في النص كان الملك إريك على أفخم عرش في النص. كان لابس بدلة من قطيفة غامقة وعليها تاج دهبي على شعره البلاتيني الطويل. بص لمورجانا بتعبير جامد. واقفين تحت المنصة كان فيه جنيتان بيعملوا أول ظهور ليهم الربيع ده. كانوا لابسين فساتين بيضا بتلمع زي فستان مورجانا، رمز لكونهم لسه في أول ظهور. لكن، مورجانا حست إن فستانها بيرمز ليها كطعم للقروش. بصت لديمون اللي كان باصص عليها وعينيه واسعة. هز راسه كأنه بيقول، اتحركي. مورجانا رمشت وأجبرت رجليها اللي كانت مخدرة إنها تمشي وسط بحر الأرستقراطيين اللي بيسخروا. بطنها كانت بتتقلب وهي بتنحني لأمها. مورجانا وقفت جنب أوكتافيا، زميلة سابقة ليها بشرتها شاحبة، شعرها بينك، وريحتها بتونيا. فستان لارانيا خشخش وهي بتقف. "يا أعضاء بلاط جولاه الكرام. أنا فخورة بتقديم الليدي سيلا، والليدي أوكتافيا، والليدي مورجانا كأول ظهور ليهم الربيع ده!" تصفيق وراها. "الستات دول أعضاء استثنائيين في مجتمعنا واللي هياخدهم زوجات هيكون جني محظوظ بجد." لارانيا ابتسمت. "الليدي سيلا موهوبة بشكل خاص في الرقص، بتحب القراءة، وهي واحدة من أحسن مستخدمي النار." لارانيا أشارت لجنية جميلة شعرها لافندر وبشرتها غامقة. "الليدي أوكتافيا عندها حس في الطبخ واستخدمت سحر التراب بتاعها عشان تساعد في بناء بيوت في قرية جولاه."

        همسات إعجاب انتشرت في الزحمة والستات واللوردات بصوا لأوكتافيا باهتمام. "الليدي مورجانا هي عضو في عائلة جولاه، بتحب الجناين والخياطة." مورجانا رمشت. هي عمرها ما زرعت حاجة في حياتها، وهي بتكره الخياطة. "كإنسانة هي قدرت تنجو من سحر إليسيا وده بيعبر عن قوة شخصيتها. هتكون إضافة رائعة لأي بيت." لارانيا ابتسمت بحرارة لابنتها بالتبني. خدود مورجانا احمرت ورجعت وشها للزحمة، بتتمنى لو تقدر تزحف في كهف وتموت. أغلب الجنيات كانوا بيحاولوا يكتموا ضحكتهم ورا شفايفهم مضمومة. ماكانوش هيفكروا فيها بجد للجواز. خصوصًا لما الجواز بيتم على أساس القوة العنصرية، أو المكانة. بعد الإعلان المهين ده، مورجانا قعدت على كرسيها، سعيدة إن الموضوع خلص. الباقيات اللي بيعملوا أول ظهور ليهم اختفوا في الزحمة. لوردات بلاط جولاه كانوا متفرقين في الزحمة. اللورد أوسياه إلوين، صاحب مناجم الإيروديوم وحاكم أراضي إلوين كان قريب من الأمام. كان بيستخدم سحر الهواء ولابس بدلة برتقالي محروق من الشمس بتكمل بشرته الغامقة. جفونه كانت بتلمع دهب من بودرة الفراشات. جنبه كان اللورد ديفلين دراناداك، أبو الملكة لارانيا. كان بيستخدم سحر الماء بوش صارم وشعر أبيض قصير. ديفلين كان لابس بدلة كحلي بسيطة، مش بيحب الزينة أو المجوهرات. أرضه كانت مزدهرة عن طريق مزارع الخضروات والمواشي.

        الزحمة هدت، لما القزم أعلن، "أقدم لكم، الليدي أورورا فريجارد والليدي ويلو فريجارد من بلاط أيبروس!" جنيتان شكلهم أكبر من مورجانا بحوالي عشر سنين مشيوا على السجادة الحمرا. كانوا لابسين دروع غامقة وسوايف مربوطة في وسطهم ومجموعة سكاكين متخبية في أحزمتهم. ويلو وأورورا كانوا توأم، بشرتهم بني، شعرهم كستنائي، وعيونهم عسلية. اللي اسمها ويلو كان عندها وشم وحش على رقبتها كان شبه الأساونج أوي، جنية متوحشة بتحب تاكل قلوب وكبد البشر. رعب اتلف في بطن مورجانا، لما همسات طلعت بين الزحمة. بعض الجولايتس همسوا إهانات للمستجدين. عيون أيليس ضاقت لما الجنيتان الأيبروسيتين قربوا. ملامح إريك ولارانيا تحولت لأقنعة باردة. وشفايف ديمون اتقرفت. لأ، الأيبروسيين ماكانوش مرحب بيهم في بلاطهم. من ساعة ما انضموا للساحرات في الحرب، عداوة كانت بتنمو بين البلاطين. الجنيتان الأيبروسيتين كان وشوشهم فاضية، كأنهم متعودين على المعاملة دي. مورجانا كانت مذهولة بوجودهم لأنها عمرها ما شافت حارسة سيدة. دي كانت خطوة تقدمية غريبة من الأيبروسيين لأن ولا واحدة من السيدات في بلاط جولاه كان مسموح ليها تكون جزء من الحرس. تحت حكم الملك إريك، أعلى إنجاز وهدف أساسي ممكن سيدة تحققه هو الجواز والأمومة. الأيبروسيتين الاتنين وقفوا قدام العرش ووقفوا باهتمام. "أقدم الملك ماجنوس، والملكة أوديسا، والأمير كاليات من بلاط أيبروس،" أعلن القزم. مورجانا مالت لقدام، فضولها زاد. كانت متحمسة تشوف شكل العائلة الملكية الأيبروسية عامل إزاي. اليوم ده كان أول مرة تشوف فيها أي أيبروسي. الملك ماجنوس والملكة أوديسا مشيوا لقدام، دراع في دراع، وعيون مورجانا وسعت. الملك ماجنوس كان جني ملفت للنظر ببشرة زيتونية، عيون برونزية، وشعر أسود قصير. كان لابس تاج بسيط من الدهب الأبيض، وبدلة سودا فخمة عليها تطريز نبات الثعبان الأبيض. الملكة أوديسا كانت إلهية بنفس القدر ببشرة شاحبة، عيون ياقوتية، وشعر ناري لامع. كانت لابسة تاج متناسق من الدهب الأبيض، وفستان أسود بطبقات من الأورجانزا الفضية، خلاها تبدو كأنها متغطية بسماء الليل.

        مورجانا كانت سمعت كل أنواع الحكايات عن الأيبروسيين في البلاط، عن إنهم أشرار وإنهم بيفرحوا بألم الآخرين. كانت متخيلة إن العائلة المالكة هتكون مخيفة زي السلوغ، جنيات مرعبة بعيون بتلمع، أسنان ومخالب حادة، بيصطادوا في قطعان وبيمزقوا الجنيات. كان بيتقال إن السلوغ هما تجسيد للأموات اللي عملوا أعمال لا تغتفر. كانوا بيعيشوا في الجبال اللي بتفصل بين البلاطين، مستقلين عن حكم بلاط أيبروس أو جولاه. لكن لأ، الملك والملكة الأيبروسيين ماكانوش شكلهم وحوش ولا باين عليهم الشر. بس مورجانا كانت عارفة إن المظاهر ممكن تكون خداعة. وراهم كان ابنهم، الأمير كاليات، اللي كان باين عليه نفس سن مورجانا. نفسها انحبس في زورها. كاليات كان أجمل جني شافته في حياتها. بشرته زيتونية، عظام خد عالية، وشفايف مليانة. كاليات كان لابس بدلة غامقة عليها تطريز نبات البلادونا على الياقة والأساور. تاج من الدهب الأبيض كان ملفوف حوالين شعره الغامق الكثيف. خدود مورجانا اتحرقت لما عيون كاليات الزمردية الجذابة قابلت عينيها. بصت بعيد، بطنها اتقلبت. صمت متوتر ساد المكان. كاليات بص بعيد عنها وكان دلوقتي بيبص لديمون بغيظ. "أهلاً بكم في احتفال الربيع، يا مواطني بلاط جولاه وبلاط أيبروس،" أعلن الملك إريك. "النهاردة بنرد الجميل للآلهة على النعم اللي قدمتهالنا خلال موسم الربيع. الشكر للآلهة." الزحمة همست شكرها. "يا ريت تنضموا ليا واحنا خارجين للمراسم. بعد كده، هنتغذى على ثمار الربيع وهنفتكر ده كوقت خير، وإثمار، وبدايات جديدة." تصفيق انتشر في الأوضة لما الملك إريك وقف. الأيبروسيين بعدوا ووقفوا على حافة السجادة الحمرا عشان يفسحوا الطريق لإريك. مشي من قدامهم، وبعده لارانيا، ديمون، وبعدين أيليس. مورجانا كانت آخر واحدة. اتجرأت تبص تاني للأمير كاليات وعينيه قابلت عينيها تاني. وشه كان فاضي كأنه بيبص على حاجة مش مهمة. مش ملفتة للنظر. مورجانا بصت بعيد، بطنها كانت بترف لما حمرة زحفت على رقبتها. الجنيات عدوا من بابين زجاج مزدوجين وخرجوا على الساحات الواسعة اللي ورا القلعة. الهوا النقي كان راحة مرحب بيها من الروائح المسكرة والمخنقة للورود في قاعة الرقص. ألوان بنفسجي ودهبي خططت السما من الشمس الغايبة وهما ماشيين على طريق حجري وطلعوا فوق تل. في المسافة كانت الغابة اللي بتمتد لأميال. نسيم بارد حرك الشجر. تحت شجرة بلوط عملاقة كان واقف الرائي الأعلى؛ جني محني، مجعد اسمه بالتازار عنده كتلة شعر أبيض. كان لابس رداء أبيض عليه حواف عليها علامات دهبية من طائفة الرائيين وكان ماسك عصاية. عند رجليه كان فيه خط من الأرض اللي لسه متقلبة ومزروعة بالبذور. كرات مليانة نور كانت طايرة في الهوا جنبه. "روحي هناك يا مورجانا. الجزء ده مش ليكي." لارانيا أشارت لمكان تحت شجرة صفصاف.

        مورجانا مشيت بعيد، وعيلتها وقفت صف قدام التراب ومعاهم الأيبروسيين. بقية الجنيات اتجمعوا وراهم، زي المتفرجين اللي على وشك يتفرجوا على مسرحية. الرائي الأعلى داس بعصايته، وسكت الهمس اللي طالع من الزحمة. "النهاردة لازم نكرم الآلهة من خلال احتفال الربيع. كرمز لامتناننا، لازم أقوى جنيات إليسيا يغذوا الأرض بدمهم،" قال بالتازار. "الشكر للآلهة،" همست الزحمة. العائلات المالكة في بلاط جولاه وبلاط أيبروس رفعوا دراعهم وكفوف إيديهم في وش التراب. الرائي الأعلى خبط بعصايته وقطع كفوف إيديهم بسحر التراب. الدم نقط من إيديهم على الأرض، عامل ريحة حديد في الهوا. الجنيات الملكيين رجعوا لورا لما فروع طلعت من الأرض وكبرت وبقت شجر صغير. جروحهم خفت في ثواني. السحر كان بيطن، بيتردد على جلد مورجانا، ورفع شعرها. ريحته كانت زي وردة بتتفتح، إحساسه زي الشمس وهي بتشرق على الأرض، وطعمه زي بق مليان فراولة حلوة ومُعصير. الجنيات كلهم أخدوا نفس عميق لما سحر الربيع غطاهم. بس قلب مورجانا كان بيدق بعنف وهي بتعمل كل اللي تقدر عليه عشان تخبي قلقها. قد إيه الضرر اللي عمله سحر الاحتفال؟ قد إيه قربت من الموت بسببه؟ هل إكسيرها هيكون كفاية إنه يوقفه؟ نقطة عرق نزلت على رقبتها، وهي غمضت عينيها، وحاولت تهدّي نفسها. "وبكده، سحر الربيع بينتشر لأبعد أركان إليسيا وبنشكر الآلهة على هداياها!" قال الرائي الأعلى. مع انتهاء الاحتفال، كل الجنيات رجعوا يمشوا ناحية القلعة ويتكلموا في مجموعات ودودة. مورجانا فضلت قريبة ورا ديمون، مش متأكدة من مكانها في كل ده. الرقص كان شغال على ودنه ومورجانا مستخبية ورا شجرة دردار صغيرة. ترابيزة فاكهة ونبيذ جنبها، حاجز ممتاز، عشان الجنيات كانوا مهتمين بالأكل أكتر منها. كانت بتبص على الجنيات وهما بيرقصوا برشاقة في قاعة الرقص، ضحكاتهم وثرثرتهم بتنتشر في الهوا زي أجراس الرياح. المزيكا كانت حيوية، ومورجانا كانت هتحب ترقص لو ماكانتش متأكدة أوي إن الجنيات هيضحكوا عليها.

        بدل كده، قضت وقتها وهي بتدور على المتنمرين بتوعها في الزحمة. لمحة شعر أشقر على يمينها خلت مورجانا تنط، فاكرة إنه داين. بس كانت أيليس بس، حاطة دراعها الشاحب حوالين بريجيد تارجون. بريجيد كانت أحسن صديقة لأيليس، وبنت تاجر غني. كانت جميلة بفستان بيشع، وشعرها أسود مجعد، وبشرتها غامقة. كانوا بيضحكوا، ويخبطوا كاسات النبيذ بتاعتهم ببعض. صداقتهم خلت الوحدة تزيد في بطن مورجانا، زي الأعشاب اللي بتخنق الحياة من جنينة. لما كان عندها عشر سنين، حاولت تخلي أيليس تلعب معاها على أمل إنهم يكونوا أخوات. بدل كده، أيليس وبختها وكانت دايمًا مشغولة أوي إنها تلعب. مناخيرها كانت بتكشر كأن مورجانا حشرة مقرفة دوست عليها. "مش شايفة إن عندي حاجات تانية أعملها؟" أيليس وبختها. مورجانا حاولت تاني لما كان عندها خمستاشر سنة، المرة دي طلبت من أيليس تساعدها تختار لبس للمدرسة. أيليس اتريقت، "ليه؟ كأن حد مهتم شكلك عامل إزاي." بعد كده مورجانا وقفت محاولات. مورجانا مسحت الزحمة بعنيها عشان تشوف أخوها. ديمون كان في آخر قاعة الرقص، بيتكلم مع العمة جوين. جنية شاحبة شعرها بلاتيني ولابسة فستان فضي. كده بقى يعني هيفضل معاها زي ما وعد. إلياس، لورد إقليم أورون انضم ليهم. كان ابن جوين، وجني وسيم بعيون زرقا وشعر غامق. إقليم أورون غني بمناجم الدهب والأحجار الكريمة وكان هو السبب في أغلب ثروة بلاط جولاه. أخت إلياس، سيرينا، كان عندها بشرة أمها الشاحبة وشعر أبوها اللي لونه شوكولاتة. بالرغم من إنهم كانوا قرايب بالتبني، سيرينا ماكانتش بتعترف بوجود مورجانا. كانت بتمشي جنب مورجانا كأنها جزء من الديكور جنب الترابيزات وحضنت أيليس. مورجانا ما اهتمتش، كأنها هي وسيرينا أصحاب. شكل مألوف لفت نظر مورجانا وتلج جمّد اللي جواها. على طرف قاعة الرقص كان ألستون، لابس بدلة بنفسجي من البروكار وشارب كاس نبيذ أحمر. جنبه كان داين، لابس بدلة لونها زي قيء البيبي. وهناك كانت إلفينيا، اللي كانت لابسة فستان بشع مليان حجر التوباز. من كشرة إلفينيا وتململها، الفستان كان مش مريح زي ما باين عليه. مورجانا رجعت لورا في الضلمة، بتأمل إنهم ما شافوهاش. بس بطريقة ما عيون ألستون الغامقة لقيتها، زي نسر بيشوف فأر صغير بيهرب في العشب الطويل. هي اتجمدت، قلبها بيدق بسرعة. ابتسامة مصاص دماء بطيئة انتشرت على وشه. بلعت صرختها. ديمون كان بعيد أوي، ومورجانا ماكانتش تقدر تعتمد على إريك أو أيليس لأي مساعدة. بس هناك، في الزحمة كانت لارانيا، بتشق طريقها ناحية أنطونيو أندين اللي كان لابس فستان أزرق سماوي. كان جنب جوزها، ناصر أندين، لورد جزر الأندين اللي كان لابس بدلة خضرا فاتحة زي رغوة البحر. مورجانا جريت ناحية أمها، الذعر بيخرمش زورها زي حيوان بري. خبطت في جنيات بيرقصوا. لارانيا لفت في اتجاه مورجانا.

        "يا أمي!" مورجانا لوحت بإيدها، بس زوجين بيرقصوا خبطوها على الأرض. ألم هز ركبتيها. الزوجين كملوا رقص كأنها ولا حاجة. وشها أحمر، مورجانا قامت بصعوبة. لحسن الحظ، كان فيه حتة فاضية قدام، حيث كان ملك وملكة بلاط أيبروس بيدوروا. الجنيات كانوا بيجروا من طريقهم، زي أسراب السمك اللي بتهرب من زوج قروش. مورجانا هتقدر توصل لأمها أسرع لو راحت ناحية ملك وملكة أيبروس. الأمير كاليات كان قريب معاهم الحارسين الأيبروسيين، ابتسامة مبهرة على وشه وهو بيتكلم معاهم. فجأة، كاليات بص فوق وقابل نظرة مورجانا. ابتسامته اهتزت وحواجبه كشرت. مورجانا بصت بعيد، يائسة إنها توصل لأمها. الزحمة اتحركت وسدت طريقها لما ملك وملكة أيبروس مشيوا. "لأ!" عيون مورجانا لسعتها الدموع. إيد نزلت على كتفها. "رايحة فين؟" ألستون سأل. لفت. داين وإلفينيا كانوا حواليه، ابتسامات سخرية على وشوشهم. "سيبوني لوحدي." مورجانا بعدت إيد ألستون. "بقالنا كتير ماشفناكيش." عيون إلفينيا سابت أثرها على مورجانا زي جزار على وشك يقطع بقرة. "عيلتي هنا." عيون داين الزرقا اتلفتت على الزحمة. "طب وإيه؟ هما مش بيتفرجوا." "وغير كده، احنا بنتكلم بس. مفيش حاجة غلط في كده." ألستون مرر صباعه على خد مورجانا. هي اتنفضت ورجعت خطوة لورا. إلفينيا مسكت رسغها، ضوافرها بتغرز زي الكماشة. "مش هتفلتّي المرة دي." "فيه جنيات كتير أوي حوالينا. مش هتقدري تعملي حاجة." "مش هقدر؟" إلفينيا شدت مورجانا لقدام، كانت قريبة كفاية إنها تشم ريحة النبيذ في نفس إلفينيا. "ولا واحد من الجنيات مهتم بيكي." وكأنها عايزة تثبت وجهة نظرها، مجموعة صحاب أيليس رقصوا من جنبهم زي ورق الشجر اللي بيدور في جدول مياه بيضحك. أيليس ما لاحظتش مورجانا خالص. بدل كده، كانت بتضحك مع بريجيد ورايحة ناحية نص قاعة الرقص. "ولما نخلص منك، هما هيفتكروا إن واحد من الأيبروسيين عملها." إلفينيا ابتسمت بخبث. "أيوه، زي الجني اللي نص جني ده لوكاس اللي اتقتل على إيد واحد من الأيبروسيين الأسبوع اللي فات في القرية،" قال داين. "غرق في بحيرة جولاه." "أيوه، دايماً بيتورطوا في مشاكل،" ألستون وافق. "هيكون سهل نلوم واحد منهم." هز راسه ناحية الأيبروسيين الملكيين، ورا مورجانا. الأمير كاليات كان باصص عليهم، وتكشيرته زادت. أمل كبير نبت في صدر مورجانا. يمكن هو يقدر يساعدها؟ مورجانا اتحركت في اتجاهه، بس إلفينيا شدتها لورا. "ماتفكريش حتى. الأيبروسيين بيكرهوا البشر." وبكده، أمل مورجانا اختفى زي حلم مع أول شعاع شمس. "مش فاهم ليه العيلة المالكة محتفظة بيها،" داين قال لألستون.

        "هي زي حيوان أليف ليهم." ألستون مال راسه. "ياريت كان عندي حيوان أليف بشري." راس مورجانا دارت. هل كان الخوف اللي مخليها دايخة أوي كده؟ ولا كان عرق الجنيات الخانق اللي ريحته زي ورد بايظ تحت الشمس الحامية؟ "دايماً كنت عايز أقتل بني آدم." ألستون قرب وشه من وش مورجانا وكان كأنها بتبص في عيون تعبان. من غير تفكير تاني، مورجانا خبطته براسها وألم انفجر في جبهتها. ألستون صرخ، دم طلع من مناخيره. مورجانا فكت نفسها وجريت وسط الزحمة. صرخات طلعت وهي بتخبط الجنيات على جنب. دورت في الزحمة على أمها، بس لارانيا كانت اختفت. شهقة مخنوقة خرجت من شفايفها، وجريت لمكان الزحمة اللي كان أخف. لو قدرت تخرج بره، هتقدر تفقدهم. مورجانا اندفعت من البابين الزجاج المزدوجين. مجموعات صغيرة من الجنيات بصوا عليها بتركيز. بعضهم رفع حواجبه واتريّق، وآخرين رجعوا لمحادثاتهم كأن مفيش حاجة حصلت. القمر كان بيشع ونسيم بارد لمس جبين مورجانا. جنيات مختلفين كانوا بيتحركوا في الساحات، بيشربوا، وبيتكلموا. مورجانا بصت ورا كتفها. داين وألستون وإلفينيا اختفوا، بس ده ماكانش معناه إنها في أمان. كانت محتاجة تفضل تتحرك. مورجانا جريت على طريق محاوط القلعة. خطواتها كانت بتعمل صوت خربشة على الزلط وهي بتهرب عبر الشجيرات والممرات البلورية المقوسة، لحد ما وصلت لضهر القلعة حيث كانت الحدائق. كل حاجة كانت ساكتة، ماعدا دقات الدم في ودانها. انحنت على حيطة القلعة والعرق بينزل على رقبتها. بعد لحظة بصت من ورا الركن، عشان تشوف لو هي في أمان. ماكانش فيه حد هناك. مورجانا اتنهدت براحة. هي فقدتهم. بس لو لقوها، كانت واثقة إنها هتقدر تهرب منهم في المتاهة، بالنظر لإنها كانت على بعد أمتار قليلة بس. اليراع كان بيتحرك في المتاهة، زي فوانيس عايمة شايلها أشباح. ضحكات خافتة كانت بتيجي من الضلمة، جنيات سكرانين مستمتعين باللي المتاهة بتقدمه. بالرغم من إن ديمون كان دربها على القتال، مورجانا كانت عارفة إنها ماعندهاش أي فرصة ضد إلفينيا وداين وألستون. من فترة كانت سألت ديمون تعمل إيه لو اتحاصرت على إيد جني تاني. هو بصلها بصة جادة أوي لدرجة إن رعشة نزلت على رقبتها. "تجري،" قال. مورجانا كانت محتاجة تلاقي ديمون أو لارانيا وتقولهم إيه اللي حصل. قامت وكانت بتنفض فستانها وهي بتلف الركن. في اللحظة دي مورجانا خبطت في صدر حد.

        وقفت أنفاسها وهي بتبص للشخص اللي خبطت فيه. كان الأمير كاليات. بصت فيه لثواني، عينيها مليانة دموع وخوف. كان وشه فاضي من أي تعبير، بس نظراته كانت حادة ومثبتة عليها. "أنتِ كويسة؟" سأل بصوت هادي، بس كان فيه نبرة قلق. قبل ما تقدر ترد، ظهر ألستون وداين وإلفينيا من وراها، وابتساماتهم الشريرة على وشوشهم. "يا هلا بيكي يا مورجانا،" إلفينيا قالت بصوت ساخر. "كنتِ فاكرة إنك هتفلتي مننا؟" كاليات بص ليهم ببرود، وعينيه ضاقت. "إيه اللي بيحصل هنا؟" "ولا حاجة يا سمو الأمير، مجرد سوء تفاهم بسيط،" ألستون رد بسرعة، وابتسامته اختفت. مورجانا بصت لكاليات، حاسة بقلبها بيدق بعنف. هل ممكن يساعدها بجد؟ كاليات بص لمورجانا تاني، وبعدين رجع بص للمتنمرين. "أنا مش حابب منظركم هنا. امشوا." عيون إلفينيا وسعت بصدمة، وداين وألستون رجعوا خطوة لورا. ماقدروش يعترضوا على أمر أمير من بلاط أيبروس، خصوصًا الأمير كاليات اللي كان معروف بقوته.

        "حاضر يا سمو الأمير،" ألستون قال بصوت مخنوق، وسحب داين وإلفينيا معاه. اختفوا بسرعة في الضلمة. كاليات بص لمورجانا، والبرود اللي في عينيه اختفى وحل محله تعبير هادي. "أنتِ بخير بجد؟" مورجانا هزت راسها ببطء، مش قادرة تصدق اللي حصل. "أيوه... شكرًا." كاليات ابتسم ابتسامة خفيفة. "إيه اللي بتعمليه هنا لوحدك؟" "كنت... كنت بدور على أمي." "تعالي معايا، أنا هوصلك ليها." كاليات مد إيده. مورجانا ما اترددتش لحظة، حطت إيدها في إيده. كانت إيده دافية وقوية، وإحساس الأمان غمرها زي موجة دافية. مشيت جنبه، حاسة إنها لأول مرة من وقت طويل، في أمان بجد.

        رواية بنت قلبي - كوريا

        بنت قلبي

        2025,

        عائلية

        مجانا

        يونجي كان مستني بنته بفارغ الصبر، لكنه بيتصدم لما يكتشف إن خطيبته ننامي ولدت من بدري وسابت المستشفى وحاولت تتنازل عن البيبي للتبني من غير ما يعرف. يونجي بيتصدم وبيبقى مش مصدق إنها عملت كده بعد حبهم، وبيفضل يتساءل ليه خانته بالشكل ده، ولسه بيحاول يستوعب الصدمة دي كلها لما ننامي بتتصل بيه.

        يونجي

        كان متحمس جداً لاستقبال بنته الأولى، لكنه بيتصدم صدمة كبيرة لما بيكتشف إن حبيبته ننامي كدبت عليه وسابت المستشفى وحاولت تتنازل عن البيبي للتبني من ورا ضهره. شخصيته بتبان حساسة وعاطفية جداً، وبيواجه صدمة نفسية قوية بسبب خيانة ننامي.

        ننامي

        حبيبة يونجي وأم البيبي. بتكدب على يونجي بخصوص معاد ولادة البيبي وبتحاول تتنازل عنها للتبني بدون علمه. دوافعها مش واضحة في الجزء ده من القصة، وده بيخليها شخصية مثيرة للجدل.

        جيمين

        صديق يونجي المقرب وعضو في نفس الفرقة. بيهون على يونجي الصدمة. هو اللي بيلاقي يونجي واقع بعد الصدمة وبيكون أول حد جنبه. واضح إن علاقته بيونجي قوية جداً.

        كوك

        صديق تاني ليونجي وعضو في الفرقة. بيظهر إنه مهتم بصحة يونجي وبيحاول يساعده، زي ما أداله عصير تفاح عشان يحس أحسن. بيعكس جانب من دعم الأصدقاء ليونجي في الأزمة دي.
        تم نسخ الرابط
        بنت قلبي

        فين كنت زمان لو مكنتش مشيت اليوم ده.
        
        هل حياتي كانت هتبقى كده؟
        
        هل كنت هعدي بكل الامتحانات دي؟
        
        هل كان كل ده يستاهل؟
        
        {من وجهة نظر يونجي}
        
        "يا روحي... مش قادر استنى لما أوصل وأشوفك... عاملة إيه دلوقتِ؟"
        
        يونجي بيبص على تليفونه وهو شايف وش حبيبته الجميلة، ملامحها باين عليها قلق خفيف.
        
        "كويسة... قربت تولد... التقلصات مش بعيدة عن بعضها دلوقتِ... المفروض تيجي على الصبح..."
        
        "الطيارة ماشية بأقصى سرعة... يا ريتني كنت هناك عشان أساعدك تقابلي بنتنا..."
        
        "مفيش مشكلة يا يونجي... إنت لسه راجع من جولة... إحنا كنا عارفين إن ده ممكن يحصل..."
        
        "أنا عارف... بس لسه عايز أكون جنبك دلوقتِ قبل ما تيجي تقلصات تانية..."
        
        "الدكتور جاي يا يونجي، هكلمك تاني قريب ماشي؟"
        
        "ماشي يا روحي، وحشتيني من دلوقتي."
        
        "بحبك..."
        
        "وأنا كمان بحبك."
        
        بعد ما يونجي قفل مكالمة الفيديو، رجع راسه لورا وابتسم ابتسامة عريضة، صدره دافي وهو بيفكر إنه هيحضن بنته اللي جاية في الطريق.
        
        أخيراً جاية...
        
        مش قادر أتحمل حماسي...
        
        "يا هيونج... نونا كويسة؟"
        
        "أيوه كويسة يا تشيم، قالت إن البيبي قرب ييجي..."
        
        "بس... إحنا لسه قدامنا أربع ساعات..."
        
        "أنا عارف... مش قادر أستنى لما أرجع لها... مش مصدق إن ده بيحصل.."
        
        جيمين بيتحرك في كرسيه قبل ما يطلع كيس لونه وردي فاتح على حجره بخجل، عينيه بتلمع بدفى.
        
        "يا هيونج... كنت عايز استنى لما البيبي تيجي... بس عايز أديهولك دلوقتي..."
        
        "يا تشيم، المفروض تديه لننامي لما نشوفها... هي اللي بتولدها."
        
        "أنا عارف بس برضه... إنت هتبقى أب... عايزك إنت اللي تفتح هديتي."
        
        يونجي بيبتسم بحنان ويهز راسه قبل ما ياخد الكيس، إيده بتتحسس بين ورق المناديل الوردي.
        
        "يا تشيم..."
        
        "مقدرتش أقاوم لما شفته في المحل."
        
        يونجي بيبتسم ابتسامة عريضة وهو ماسك طقم الدب القطيفة الأسود والأبيض في إيديه، الألوان شبه شخصية كوما-مون.
        
        "شكراً. ننامي هتحبه أوي كمان."
        
        "مش قادر أستنى لما أشوف البيبي بتاعتك. أخيراً هبقى عمو تشيمتشيم!"
        
        "بجد؟ عمو تشيمتشيم؟"
        
        "يلا يا هيونج، من حقي أختار اسمي كعمو!"
        
        "هيونج! البيبي جت ولا لسه؟"
        
        "لأ يا كوك، بس المفروض تيجي قريب... على ما ننزل من الطيارة هتكون اتولدت."
        
        "واو... مش قادر أستنى لما أشوفها! أنا متأكد إنها هتكون كيوت أوي."
        
        "طبعاً هتكون. دي بنتي، و... ننامي جميلة..."
        
        "الإنترنت هينشغل بيكم أوي يا هيونج، تويتر هيولع من الناس اللي بتكتب عنك وعن نونا."
        
        "أيوه... أنا متأكد إن ده هيكون فيه حلو ووحش..."
        
        "كتير من المعجبين هيفرحوا بيك يا هيونج، كلهم هيعجبهم إنك لقيت حد تحبه. الآرميز مش هيكونوا وحشين معانا لمجرد إننا حبينا."
        
        "عندك حق، معجبينا دول أحسن ناس بجد."
        
        "مع إن... يا هيونج ممكن تحاول تستريح شوية... هتكون مشغول مع نونا لما ننزل من الطيارة وإحنا لسه جايين من جولة.."
        
        "عندك حق يا كوك. إنت كمان استريح."
        
        "تمام يا هيونج! تصبح على خير!"
        
        يونجي بيشوف كل الشباب بيستقروا في كراسيهم وناموا، عينيه بتبص على طقم الدب الصغير اللي في إيديه.
        
        هتكون صغيرة كده...
        
        بنتي الجميلة...
        
        إني أحضنك في إيديا هيكون أعظم حاجة في حياتي...
        
        دلوقتي عندي أكتر من مزيكتي والشباب...
        
        هيكون عندي إنتي وماماكي...
        
        
        
        
        
        
        [بعد ٤ ساعات] أخيراً... إحنا بنهبط... أنا متحمس لدرجة إني معرفتش أنام... يونجي بيمسك شنطته اللي فوق راسه وبيتحرك بسرعة لقدام الطيارة وكل الشباب التانيين بيقوموا بكسل عشان ياخدوا شنطهم. "هيونج... إنت... إنت منمتش خالص؟" "مقدرتش يا تشيم. متحمس أوي. أخيراً بنهبط. هشوف بنتي." "هقابل بنت أختي!" "أنا كمان!" "كلكم هتقابلوها... مش قادر استنى..." "يمكن تقدروا تروحوا البيت من غير ما حد يشوف البيبي لسه.." "ننامي هتكون مع البيبي في عربية من ورا عشان محدش يشوفهم. إحنا هنسافر عادي." "هيقولوا إيه عن إننا رايحين مستشفى؟" "بي دي نيم ظبط كل حاجة. هيقول بس إننا محتاجين فحوصات عادية بعد الجولة." "بي دي نيم ده ذكي أوي..." "يلا يا شباب! على العربية!" الشباب كلهم بيتحركوا بسرعة للعربية السودة اللي مستنياهم والمعجبين بيزعقوا وماسكين يافطات، يونجي مبتسم ابتسامة عريضة وبيشاورلهم كلهم. "هيونج هيفكروا إن فيه حاجة غريبة. إنت مبتشاورش أبدًا." صح. مينفعش أبوظ الخطة. أول ما الشباب كلهم ركبوا العربية، اتحركوا على طول للمستشفى، عيون يونجي لازقة في الطريق. مقدرتش أتحمل حماسي أكتر من كده. ده أحسن يوم في حياتي... بنتين حلوين مستنييني...
        "هيونج خش إنت! إحنا هنركن العربية ونيجي!"
        يونجي هز راسه بسرعة ومسك الشنطة الوردية اللي جيمين إدالهاله في الطيارة وهو بيطير من باب العربية، رجليه كانت مهزوزة شوية من السفر.
        أنا جاي يا ننامي...
        ريحة المستشفى القوية الصادمة ضربت مناخير يونجي أول ما دخل المبنى، رجله بتخبط في أرضية المشمع وهو واقف في الأسانسير.
        أخيراً.
        أول ما باب الأسانسير اتفتح، يونجي جرى على الكاونتر وبص على موظفة الاستقبال، قلبه بيدق بسرعة في صدره.
        "مرحباً، خطيبتي ننامي فوكوكا لسه والدة بنتنا... هي في أوضة كام؟"
        "اسم حضرتك؟"
        "مين يونجي."
        الست بصت على شاشة الكمبيوتر بتاعتها وكشرت، عينيها بصت على يونجي.
        "ننامي فوكوكا؟"
        "أيوه."
        "يا سيد مين... الآنسة فوكوكا سابت المستشفى من أربع ساعات ونص."
        "إيه؟"
        
        
        
        
        
        
        "إيه؟"
        
        "باين هنا إنها سابت أوضتها من أربع ساعات ونص..."
        
        هي... روحت البيت؟
        
        العربية مكنتش وصلت لسه..
        
        "يعني استني... هي خدت البيبي و روحت؟"
        
        "أمم... باين هنا... يا أستاذ مين... إيه علاقتك بالطفل؟"
        
        "الأب. أنا أبوها."
        
        الست سكتت لثواني وهي بتدوس على الكيبورد بضوافرها الطويلة، عينيها بتترفع ليونجي.
        
        "يا أستاذ مين... الآنسة فوكوكا قالت إن البيبي هتتحط للتبني."
        
        لون وش يونجي اتخطف وهو بيبص على الست، قلبه بيدق جامد من القلق.
        
        "إيـ... إيه... لـ... لأ... ده... استني... لأ مينفعش تحطوها للتبني! دي بنتي!"
        
        "خليني أنادي المدير يا أستاذ مين. إديني ثانية."
        
        يونجي جرى بسرعة على أقرب سلة زبالة ورجع كل اللي أكله فيها، إيديه كانت بتترعش جامد من التوتر.
        
        مستحيل.
        
        مستحيل.
        
        إزاي سابت المستشفى من أربع ساعات؟
        
        ده معناه إن البيبي اتولدت قبل كده؟
        
        "يا أستاذ مين؟"
        
        يونجي بالعافية قدر يقف على رجليه وهو ساند نفسه على الحيطة الطوب، عينيه راحت ببطء على الراجل اللي قدامه.
        
        "أ-أيوه؟..."
        
        "محتاجين ناخد عينة دي إن إ منك. إحنا آسفين جداً على الإزعاج ده، الآنسة فوكوكا مقالتلناش إن الأب هيكون موجود. هي قالت إن الطفل ملوش أب."
        
        كل اللي يونجي قدر يعمله هو همس مخنوق وهو ساند على الحيطة بالكامل، قلبه بيتفتفت حتت.
        
        "هـ... هـ... هل... بـ... بنتي... ر-راحت؟..."
        
        معرفش لو أقدر أتحمل ده.
        
        حاسس إني هدوخ.
        
        "لأ يا أستاذ مين، البيبي كانت هتتبنى من أهل في الخارج، أول ما نتايج الدي إن إ تطلع ممكن تستلمها."
        
        يا إلهي.
        
        الخارج.
        
        كانت هتروح الخارج.
        
        إزاي ننامي تعمل كده.
        
        "إمتى... إمتى اتولدت بالظبط..."
        
        "اتولدت بالظبط من حداشر ساعة."
        
        حداشر ساعة...
        
        كدبتي...
        
        قلتي إن مكنش عندك أي تقلصات.
        
        كنتي بتعملي إيه في الست شهور اللي فاتت دي اللي كنت غايب فيها...
        
        كنت بكلمك كل ساعة.
        
        فوّت وجبات بين الحفلات عشان نتكلم.
        
        "يا أستاذ مين لو سمحت تابعني، هناخد عينة دم ونبعتها للمعمل."
        
        "ماشي يا دكتور... إديني ثانية..."
        
        
        
        
        
        "يا أستاذ مين؟"
        
        يونجي حاسس إن نظره بيختفي وهو بيقع على الأرض، صدره بيوجعه ألم فظيع.
        
        ليه سبتيني؟...
        
        "هيونج! هيونج!"
        
        دماغي...
        
        يونجي فتح عينيه وحس بإيدين على خدوده، تعبير جيمين القلقان كان أول حاجة شافها.
        
        "هيونج! إنت كويس؟!"
        
        "فين... استنى... فين الدكتور؟! هو فين؟! فين بنتي؟!"
        
        "هيونج اهدى! الدكتور جه وشكشك صباعك وقال إن كان فيه سوء تفاهم! إيه اللي حصل؟"
        
        يونجي حاسس إن قلبه اللي مكسور أصلاً اتكسر أكتر وهو بيبص على جيمين، والدموع بدأت تنزل من على وشه.
        
        "هي... هي راحت يا تشيم... ننامي... هي مشيت... حاولت تحط البيبي للتبني في الخارج... هي... هي... قالت مفيش أب أصلاً!"
        
        يونجي دفن وشه في إيديه وبدأ يعيط بصوت عالي وكل الشباب في الأوضة اتصدموا، صوت هوبي كان أعلى من الباقي.
        
        "أنا افتكرتك لسه كنت بتكلمها! هي مكنتش لسه ولدت!"
        
        "هي ولدت البيبي من حداشر ساعة يا هوبي. هي كدبت عليا."
        
        "إيه... ليه نونا تعمل كده..."
        
        "من امتى الدكتور جه يا تشيم؟.."
        
        "من حوالي ساعة... طلعنا من الأسانسير وشفناك بتقع... في الأول افتكرت عشان مفيش نوم... هما كانوا عايزين يدخلوك أوضة بس إحنا قعدناك على الكرسي ده ورفعنا رجلك..."
        
        "سنتين. سنتين واحنا مع بعض. هي اللي كانت عايزة تخلف طفل أصلاً... في الأول كنت خايف... بس... ليه حاولت تحط البيبي للتبني من ورا ظهري..."
        
        "هيونج لازم تشرب ده، هيساعدك تحس أحسن."
        
        جونجكوك حط عصير تفاح في إيد يونجي وهو بيهز راسه، إيده بتدعك صدغه.
        
        "شكراً يا كوك... أنا خبطت دماغي ولا إيه؟"
        
        "هو... إنت خبطتني... لما شفتك بتقع جريت بسرعة عشان ألحقك... إنت خبطت راسك جامد على كتفي."
        
        "مفيش مشكلة... شكراً يا تشيم."
        
        "العفو يا هيونج."
        
        يونجي فتح علبة عصير التفاح وشربها كلها وهو بيتنهد، زوره ناشف وفيه عقدة ثابتة.
        
        هي سابتني...
        
        حاولت تسيب بنتنا...
        
        ليه؟
        
        ليه عايزة تعمل فيا كده؟
        
        "إمتى النتايج هتطلع؟"
        
        "الدكتور قال ممكن تاخد لحد يومين... قالوا إننا مرحب بينا نقعد هنا... الممرضة اللطيفة قالت إن المدير هيحط اختبار الدي إن إ في أول القائمة عشان نخلص الموضوع ده."
        
        "لو ننامي كانت مستعدة تتبنى بنتنا... ده معناه إنها وقعت على التنازل عن حقوقها فيها.."
        
        "هيونج.."
        
        دموع أكتر نزلت من على خدود يونجي وهو بيدفن وشه في حضنه، صوته كان همس رفيع.
        
        "ليه مقالتليش إنها مش عايزاها... أنا كنت هاخدها... مكنتش لازم تعمل فيا كده... فينا..."
        
        "هل... هل تفتكر عندها سبب-"
        
        "مفيش سبب لإنها متدينيش فرصة أحب طفلي يا تشيم! إزاي تعمل كده؟! بعد كل الساعات... الشهور... هي عمرها ما نطقت بكلمة. مكنتش باينة غريبة ولا أي حاجة.."
        
        "عندك حق... شفت نونا لما رحنا الإجازة بتاعت الأسبوع ده وكانت باينة مبسوطة..."
        
        يونجي مسك منديل ومسح عينيه وهو بيمشي إيديه في شعره.
        
        "أنا بس مش فاهم ليه تعمل كده."
        
        يونجي نام على الكنبة الجلد في أوضة الانتظار وتليفونه بيهتز على الأرض، عينيه وسعت وجسمه وقع على الأرض وهو بيبص على هوية المتصل.
        
        "دي ننامي."
         
        

        رواية زواج سياسي

        زواج سياسي

        2025, سهى كريم

        رواية كورية

        مجانا

        مترجمة لغة إشارة بتعاني من ظروف صعبة بسبب مشاكلها القديمة في الكلام وجوازها السياسي من باي سي-وون، متحدث البيت الأزرق. بتتحط تحت ضغط كبير من أهل جوزها عشان تستقيل وتساعد في حملة الانتخابات الرئاسية. وسط كل ده، بيحصلها حوادث غريبة ومقلقة في عربيتها، وبتكتشف إن جوزها ده هو نفسه الشخص اللي كانت متجوزاه وعاملها بقسوة زمان. القصة بتوضح صراعها الداخلي مع وحدتها وشعورها بالعجز، وإزاي بتحاول تستحمل كل اللي بيحصل حواليها.

        باي سي-وون

        متحدث البيت الأزرق، شخصية قوية وحادة في كلامها وتصرفاتها. بيعتبر نجم سياسي صاعد بس في نفس الوقت هو جوز هي-جو اللي بيعاملها بقسوة وبرود، وكأنها مجرد أداة لتحقيق أهدافه السياسية، خصوصًا بعد اختفاء خطيبته الحقيقية.

        والدة هي-جو

        كانت مغنية مشهورة زمان واتجوزت رئيس، وهي شخصية بتضغط على هي-جو عشان تتخلى عن حياتها وشغلها وتخدم مصالح العيلة السياسية، وبتشوف في نقاط ضعف بنتها ميزة ممكن تستغلها.

        هي-جو

        مترجمة لغة إشارة، بتعاني من صعوبة في الكلام من صغرها وده خلاها تحس إنها دايمًا منعزلة. حياتها صعبة بسبب جوازها السياسي اللي فرض عليها، ودايمًا بتحاول تتأقلم مع الضغوط النفسية والعائلية اللي بتواجهها، خصوصًا مع شعورها بالعجز والوحدة.
        تم نسخ الرابط
        رواية زواج سياسي - كوريا

        ده حادث بيتذاع على الهوا مباشرة.
        
        "دي أمطار غزيرة عمرنا ما شفناها قبل كده." الأمطار الغزيرة اللي فضلت فترة طويلة عملت انهيارات أرضية قريبة، وحوالي خمسمية واحد من السكان في القرية اتنقلوا بسرعة لمراكز إيواء مؤقتة...
        
        أثناء إذاعة الأخبار بتاعة الكارثة، حصل موقف بسيط، موقف عادي يعني.
        
        كوني أقول عليه بسيط، دي كلمة قليلة فعلاً—كان غلطة صغيرة، بجد. المشكلة كانت تحت، مش فوق.
        
        في حتة صغيرة خالص من الشاشة، بتشغل دايرة صغيرة.
        
        في الدايرة دي، مترجمة لغة الإشارة، هي-جو، رفعت صباعها اللي في النص وفضلت ثابتة كده.
        
        "إيه ده...!"
        
        من الخضة، كل حاجة قدامي ابيضّت.
        
        من بره الاستوديو، صوت المخرج وهو قايم متعصب وبيزعق كان بيوصل بالعافية، حتى من ورا الحيطة الإزاز التخينة.
        
        "ده عمره ما حصل في كل الفترة دي...!"
        
        عينيها رجفت لحظة، بس فضلت هادية وكملت لغة الإشارة، مش عارفة إمتى البث هيرجع تاني.
        
        تعبير وشها وهي بتبص في شاشة عرض النصوص فضل ثابت.
        
        بس ثانية، ثانيتين، تلات ثواني...
        
        فضلت رافعة صباعها اللي في النص وثابتة عشر ثواني كاملة، والعرق بدأ ينزل بالراحة.
        
        "خلاص كده..."
        
        مع إنها فضلت تعمل إشارات، بس دماغها كانت متلخبطة خالص.
        
        على الشاشة، كانت لسه بتزعق "جبل—جبل!" بهستيريا، في الوقت اللي أوضة التحكم كانت خلاص بقت فوضى.
        
        كاتب السيناريو كان بيشد في شعره، والمخرج المساعد بيرد على التليفون بسرعة وهو بيوطي راسه كذا مرة عشان يعتذر.
        
        في اللحظة دي، ولحسن الحظ، المشهد اتغير لتغطية مراسل على الهوا.
        
        شي جو أخيرًا مسحت الحمرة والتوتر من وشها.
        
        "يا مترجمة، أنتي كويسة؟"
        
        كاتب السيناريو من قسم الأخبار قرّب منها، وشي جو يا دوب هزت راسها وهي مش مركزة.
        
        "هروح أخد دوايا، حاسة إني محتاجة آخد دوايا."
        
        المخرج كان باين عليه بيكلم رئيسه في التليفون، عمال يهز راسه ويوطي وهو بيحك دماغه.
        
        في الحقيقة، طول ما الصباع اللي في النص والإبهام مفتوحين مع بعض، ده معناه "جبل"، بس بسبب عطل غريب، الصباع اللي في النص بس هو اللي بان.
        
        ياريت الناس كانت تفهم إن دي غلطة مش مقصودة، بس غالبًا الصوت العالي هو اللي بيكسب.
        
        وفعلًا، بعد فترة قصيرة، المخرج خرج ووشه مقلوب.
        
        "شي-جو، أنا آسف، آسف بجد..."
        
        حك شعره المنكوش وهو متضايق.
        
        ---
        
        "--- فيه خبر عاجل!"
        
        في اللحظة دي، بانج——! باب أوضة التحكم اتفتح، والمخرج المساعد دخل يجري.
        
        "ده بخصوص حادثة خطف. المتحدث باسم البيت الأزرق محتاج إحاطة عاجلة!"
        
        "إيه؟"
        
        "البيت الأزرق بعت ورقة رسمية بيطلب فيها من كل المحطات إنها تذيع في نفس الوقت!"
        
        لما سمع كده، وش المخرج اتغير بسرعة، ولبس السماعات اللي كانت متعلقة على رقبته بسرعة. "بسرعة، حطوا ترجمة طوارئ وشوفوا لو نقدر ننقل بسلاسة للمذيع!"
        
        ---
        
        الخلفية الزرقا الغامقة ملت الشاشة.
        
        منصة زرقا عليها شعار البيت الأزرق.
        
        المتحدث باسم البيت الأزرق اللي واقف قدام المنصة شال الجو اللي كان محرج قبل كده زي الموج.
        
        لابس بدلة سودة متفصلة بعناية، ونظراته الحادة كانت متركزة على الكاميرا مباشرة.
        
        هي-جو كتمت نفسها وبصت له.
        
        "شي-جو، تقدري تعملي ترجمة مباشرة دلوقتي..."
        
        المخرج اللي كان بيتكلم عادي قاطع كلامه فجأة.
        
        "آه، آسف، أنا... كح، هتصل بيكي تاني."
        
        كان باين عليه متوتر شوية ومشي بسرعة.
        
        "إحاطات البيت الأزرق مفيهاش ترجمة بلغة الإشارة."
        
        هي-جو غالبًا فهمت قصد المخرج.
        
        "أنا اتغيرت؟"
        
        
        
        
        
        هي-جو حسّت بمرارة كبيرة وهي قايمة تاخد شنطتها اللي كانت محطوطة في ركن الاستوديو.
        لما كانت صغيرة، كانت مش بتتكلم بسبب مشكلة في النطق، ويمكن عشان كده كانت دايمًا بتحس إن العالم حواليها بعيد زي حوض السمك.
        مكان خانق مش ممكن الواحد يتكلم فيه. مهما فتحت بقها، كل اللي بيطلع مجرد فقعات من قاع البحر.
        شي-جو اللي كبرت في قاع البحر ده، اضطرت تتعلم تتواصل بلغة الإشارة.
        ده ماكانش صعب أوي على شي-جو إنها تتأقلم معاه. لكن، حتى ده بقى صعب أوي كده.
        إحساس العجز المتعب لفّها تاني.
        
        "أهلًا بيكم كلكم، أنا المتحدث باسم البيت الأزرق، باي سي-وون."
        
        بس الراجل ده كان مختلف.
        الصوت العميق والقوي وقّف هي-جو، اللي كانت على وشك إنها تسيب الاستوديو.
        النوع ده من الصوت نادر لما الواحد بيسمعه.
        النطق التقيل والحاد بيضرب في القلب مباشرة. القلب بيدق من غير تعب النهاردة.
        
        "يوم ٥، المفاوضات عشان الـ ١٦ مواطن بتوعنا اللي اتخطفوا في جنوب غرب جمهورية أرجان بدأت الصبح ده."
        
        الموظفين اتجمعوا قدام الشاشة الكبيرة في نفس الوقت.
        كلهم فردوا ضهرهم، وباين إنهم مش مركزين في المحتوى بس، لكن كانوا مبهورين بالهالة القوية دي.
        شي-جو ماكانتش استثناء.
        
        "فرقة عمل الحكومة وصلت الموقع وعملت مفاوضتين وجهًا لوجه، بس اتنين من الرهائن اتقتلوا." الجماعة المسلحة بتطلب انسحاب القوات الكورية الجنوبية الفوري ودفع فدية--
        النبرة، اللي خالية من أي مشاعر، قاسية بس أقوى من كونها مجرد حادة. "لو مطالبنا ماتنفذتش، هيتم قتل رهائن تانيين."
        الراجل اللي كان بيبص للكاميرا مباشرة كانت نظراته قوية بشكل استثنائي.
        شعر الراجل وعينيه السودة كانوا غامقين أوي، عكس بشرته اللي كانت باردة زي التلج.
        الراجل ده، اللي بينقل أعلى الأوامر، كان عنده حاجات كتير هي ماكانتش عندها.
        هو نجم سياسي صاعد ممتاز عنده حساسية سياسية—شخص بيتكلم بصراحة.
        "ماتتساهلوش مع الحكومة." الحكاية بتاعته وهو بينتقد تساهل الصحفيين بقت معروفة على نطاق واسع.
        
        ---
        
        اللي الرئيس محتاجه هو "لسان" يقدر يحارب بشدة، عشان كده الحرب النفسية مع المراسلين بتكون قوية بشكل استثنائي في كل لحظة.
        من ساعة ما مسك منصبه كأصغر متحدث باسم البيت الأزرق، الشخص ده ما دخلش في أي جدل أو تغيير.
        المتحدثين السابقين كانوا بيتغيروا كتير أو يستقيلوا أربع أو خمس مرات في المتوسط لأسباب زي الانتهازية، التحرش الجنسي، الضغط الخارجي، والتصريحات المتهورة، في حين إن سجل باي سي-وون النضيف ده مفيش كلام إنه غير مسبوق.
        
        "بعد كده، هشرح موقف البيت الأزرق."
        
        مسك جوانب المنصة بإيديه الاتنين بقوة، وميل جسمه ناحية الميكروفون.
        لكن، راسه فضلت ثابتة تمامًا، ونظراته الحادة كانت باردة زي السكينة.
        الحركة السريعة والصمت دول كمان وصلوا نية، وباين عليه مخضرم ومحنك.
        خمسة وتلاتين سنة.
        على الساحة السياسية، اللي زي ساحة معركة، دي قصة شبه مستحيلة لراجل في التلاتينات إنه يتحكم في الرأي العام بالطريقة دي، بس لما نفكر في جده الأكبر وجده، الموضوع طبيعي أوي.
        هو اتولد كده.
        باي سي-وون نفسه رسالة واضحة.
        
        『مفيش أي خطة للتفاوض على الفدية مع الخاطفين.』
        
        النظرة اللي كانت باين إنها بتخترق الكاميرا خلت شي-جو ترتعش من غير ما تتحكم في نفسها.
        
        "إحنا مش متجوزين."
        
        في الكلمات اللي مفيهاش رحمة دي، لمحة من الازدراء ظهرت فجأة.
        
        "أنتي مجرد رهينة مبعوتة ليّ."
        
        من تلات سنين، هي-جو اللي لسه متجوزة جديد، بصّلها بصة باردة.
        دي كانت آخر محادثة بين الزوجين.
        تلات سنين جواز سياسي.
        تلات سنين من غير تواصل.
        الزوجين بس بيوصلوا لبعض رسايل، عمرهم ما بيتكلموا مع بعض مباشرة.
        أصلًا، شي-جو كانت يا دوب بتتكلم، وجوزها كان بيتعامل معاها كإنها مش موجودة.
        كل يوم، بتحس بالبرد في بيتهم اللي لسه متجوزين فيه، اللي مساحته ٧٠ متر مربع. جوزها بتشوفه في التلفزيون أكتر ما بتشوفه في البيت.
        هل دي تعتبر حياة زوجية مش محظوظة أوي؟
        
        『بخصوص المبادئ اللي لازم نلتزم بيها، مفيش أي تساهل إطلاقًا.』
        
        هي-جو قعدت تلعب بإصبعها اللي مفيش فيه خاتم كعادتها.
        ومع كده، ماقدرتش تشيل عينيها من على جوزها اللي مفيش في قلبه رحمة.
        ده كان إحساس غبي ماقدرتش تتخلص منه من أول مرة شافته فيها.
        
        "يا بنتي، خلاص بقى وقت إنك تسيبي شغلك."
        
        "......!"
        
        أخيرًا، جه الوقت.
        شي-جو كانت على وشك تمسك كوباية الشاي السخنة، بس إيدها وقفت في الهوا.
        بعد ما سابت محطة التلفزيون، كانت بتتهرب من مكالمات مامتها، بس مامتها ما اترددتش ورتبت المقابلة دي عن طريق أهل جوزها.
        هي-جو حست إن مامتها ومامة جوزها اللي قاعدين قدامها كانوا غريبين أوي.
        مامة جوزها أستاذة في جامعة كورية من عيلة علمية، في حين إن مامتها، كيم يون-هي، كانت زمان نجمة الغناء في نادي سيلينا وفي الآخر بقت الزوجة الشرعية للرئيس. منظرهم وهما قاعدين سوا كان غريب أوي بجد.
        لكن، لسبب ما، الستات دول اتحدوا مع بعض عشان يضغطوا على هي-جو. "خلال شهر، هيتم تشكيل فريق الانتخابات. عشان كده لازم تستقيلي وتنزلي مع فريق حملة أبو جوزك."
        نبرة مامة جوزها كانت هادية، بس شي-جو حست إن راسها هتنفجر.
        كانت متوقعة من زمان إن يوم زي ده هيجي وعارفة الدور اللي هتلعبه. "سي-وون بيشتغل في البيت الأزرق وميقدرش يشارك في أنشطة الحملة. بس لو قدرتي تساعدي، ده هيكون أقوى دعم لينا."
        هي-جو قفشت إيدها اللي كانت متخدرة وبعدين سابتها.
        ده جواز سياسي عشان السلطة؛ أبو جوزها هو المرشح الرئاسي اللي جاي، وجوازها مجرد سد خانة.
        عيلة باي سي-وون سلالة سياسية، خرجت أول نائب رئيس، ورئيس وزرا، وقاضي قضاة، وأعضاء برلمان، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس اللجنة الانتخابية المركزية، وقادة أحزاب، ومعروفة بأنها العيلة اللي مسكت "كل منصب ماعدا الرئيس." هدفهم الوحيد هو كسب الانتخابات دي، وشي-جو "اتبعت مؤقتًا" عشان تحافظ على وحدة العيلة دي.
        قبل يوم واحد من الفرح، خطيبة باي سي-وون الحقيقية، واللي هي البطلة الأساسية للجوازة دي، اختفت فجأة.
        
        
        
        
        
        
        شي-جو ماكانش عندها اختيار غير إنها توافق على عقد الجواز المهين ده.
        مفيش فستان فرح، مفيش بوكيه ورد، بس محامين وتوقيعات.
        1. العروسة متنفعش تطلب طلاق.
        2. خصوصًا وقت الانتخابات، الطلاق ممنوع.
        غرامة خرق العقد توصل لـ 2 مليار.
        زي ما قال باي سي-وون، شي-جو "بديل".
        عشان تسد الفراغ اللي سابته أختها، اترمَت كده عادي، زي عود القطن، دايمًا مش متساوية.
        
        "يا بنتي، أنتي محتاجة تعملي حاجة واحدة بس، وهي إنك تمشي ورا مرشحنا باي وتستفيدي من قدراتك."
        "......"
        "إحنا ناويين نعلن عن هويتك كمترجمة لغة إشارة في الوقت المناسب."
        صوابع شي-جو فجأة رجفت.
        "بالطريقة دي، صورة عيلتنا هتكون أحسن بكتير، والمسافات اللي صعب نعدّيها هتقل كمان." "الأصوات هتزيد لوحدها."
        شي-جو حست إنها مخنوقة، بس كانت متعودة تكتم غضبها اللي جواها.
        ماكانش عندها القوة إنها تكسر القفص الخانق ده.
        
        "غير كده، يا حبيبتي، أنتي كبرتي في أوضة النادي اللي ورا وماكنتيش بتتكلمي."
        إيد الأم اللي ماسكة كوباية الشاي وقفت شوية.
        "ده مش كويس كده؟"
        "......"
        "بالنسبة للسياسيين، إن يكون عندهم عيب ممكن يجيب تعاطف ده جذاب أوي."
        هي-جو ما اتهزتش.
        إحساسها بالعجز كان متجذر فيها من زمان. من وهي عندها تسع سنين، كابنة تانية لـ"شان جينغ ديلي"، مشاعرها كانت خلاص اتطفت.
        أنا بس حاسة إن سوء الحظ ده بقى مصدر فخر لناس معينة، وده بصراحة مضحك أوي.
        
        "سمعت إن مشكلة النطق عندك اتحسنت كتير من وأنتي صغيرة."
        كانت عايزة تقول "آه"، بس مفيش صوت طلع. تيتا ورّت ابتسامة رضا.
        "الأحسن إنك متتكلميش، مش كده؟"
        "......!"
        هي-جو بصت لمامتها، بس كيم يون-هي فضلت تشرب شايها بعناد.
        هي أكيد افتكرت الوقت اللي كانت فيه عندها مشكلة في النطق، بس لسه بتتصرف كإن مفيش حاجة حصلت.
        "لسه فيه شهر، فحضّري كويس."
        شهر واحد، شهر واحد.
        دلوقتي مفيش غير شهر واحد بس.
        فجأة، حست بثقل في صدرها. حتى بعد ما مامة جوزها مشيت، قلبها فضل يدق بسرعة.
        إيديها ماكانتش كفاية، وحتى رجليها بدأت توجعها، وده خلى شي-جو تدرك إنها ماخدتش دواها.
        "......!"
        في لحظة، حست إن اللي حواليها بيضيق عليها، كإن أعراض الغرق رجعت، بس قفلت عينيها جامد وحاولت تستحمل الألم اللحظي ده.
        دي مجرد مشكلة بسيطة، عامليها كإنها مجرد نفس.
        في الآخر، التنفس في حوض السمك بيتطلب مجهود كبير.
        خليها تعدي، كإن مفيش حاجة حصلت أبدًا.
        لو ماخدتيهاش بجدية، مش هتبقى مشكلة.
        
        ---
        
        "أنتي...!"
        في اللحظة دي، إيد قوية مسكت دراعها.
        "إيه اللي حصل في برنامج النهاردة؟"
        "......"
        "فضحتيني، مش قلتلك متديش لأهل جوزك أي حاجة يمسكوها عليكي؟"
        هي بس كانت عايزة تاخد دواها بسرعة وبعدين تنام.
        هي-جو بصت في الساعة، وبان على وشها علامات النعاس.
        دكتورها النفسي اللي بتتابعه من زمان قال إن تعبها المزمن وصعوبة الكلام عندها بسبب الاكتئاب.
        عسر الهضم وألم الصدر برضه من أعراض الاكتئاب، بس هي-جو مابتحسش بأي حاجة ناحيتهم.
        من وهي صغيرة، كانت شايلة الأعباء دي واتعودت عليها.
        
        "أنتي بس محتاجة تعيشي بهدوء. ده صعب أوي كده؟ كمان كام شهر، هتبقي مرات رئيس..."
        "......"
        "مبلمة كده زي المجنونة! إيه المشكلة؟"
        دراعها اللي كان ماسكه، اتهز بقوة.
        "أنتي خدتي مكان واحدة تانية، سرقتي راجل واحدة تانية، على الأقل المفروض تعملي أحسن...! أنتي حتى مش قادرة تتعاملي مع باي سي-وون دلوقتي..."
        شي-جو، اللي كانت ساكتة زي كرة قطن مبلولة، فجأة نفضت إيديها. مقاومتها خلت رد فعل جين يون-هي أقوى.
        أطراف بقها اللي كان جذاب اترفعت ببرود. "أنتي غالبًا ورثتي نص قدر أمك بس."
        صوابعها بدأت تسقع تدريجيًا.
        مع إنها كانت تقدر تستحمل أي حاجة تانية، بس الكلمات اللي اخترقت قلبها كانت صعبة إنها تستحملها.
        هي-جو حست كإنها قنبلة على وشك الانفجار، وبالعافية ماسكاها جوا بقها.
        قدر زي قدر أمها، بس على عكسها، هي ماخدتش حب جوزها.
        يا ترى إيه الكلمات اللي كانت أصعب عليها إنها تستحملها؟
        
        
        
        
        للأسف، صورة ظهر باي سي-وون ظهرت في دماغ شي-جو، والإجابة كانت واضحة.
        قلبها المكسور خلاها زورها يوجعها.
        
        "سيبي شغلك في أقرب وقت وروحي مع أهل جوزك. هقوله يحاول يمسح فيديو النهاردة. عشان كده..."
        متلمسونيش.
        هي على وشك إنها تنهار، بتحاول تفضل هادية، بتستحمل في صمت.
        مع إنها على وشك انهيار عصبي، بتحاول تعيش في هدوء.
        هي بتغرق نفسها بكل يأس.
        من غير ما تتكلم، من غير ما تعمل أي حاجة.
        فجأة، جين يون-هي بطلت تتكلم وبصت لهي-جو بتعبير غريب.
        
        "إيه... إيه التعبير ده؟"
        هي-جو بصت على صورتها اللي منعكسة على حيطة الرخام الناعمة.
        "آه――."
        وشها كان جامد تمامًا، بتضحك كإن عندها تشنج.
        عينيها كانت بتوجعها أوي لدرجة إنها حست إنها هتموت.
        أول ما ركبت العربية، برد غريب لفّها.
        سمعت إنها عاصفة مطرية تاريخية، وقبل ما أحس، المطر الغزير كان بدأ بالفعل.
        
        ---
        
        فتحت درج التابلوه ودورت على علبة الدوا الأول. من غير مية، مضغت الحبوب ناشفة وبعدين فتحت الملاحة.
        "ابدأ الملاحة للوجهة."
        صوت الآلة الرتيب خلاها تضحك من غير ما تتحكم في نفسها.
        الوجهة؟
        بيت عرسان من غير دفا مش مختلف عن تابوت. يعني الملاحة دي بتدلّها على التابوت، صح؟
        شي-جو، بتعبير كئيب، دارت الدركسيون وفتحت الراديو. لكن—
        
        "......مش شغال؟"
        مفيش أي استجابة خالص.
        دلوقتي حتى الآلة بدأت تتجاهلني.
        
        "آه..."
        شي-جو ما اشتكتش، بس ركزت على السواقة.
        الاستسلام والتسوية هما أكتر حاجة بتعرف تعملها، وهما كمان اللي الكل متوقع منها إنها تعمله.
        عشان هي مش بنت "شنج جينغ ديلي" الحقيقية.
        عشان هي البنت اللي جت بيها مرات الأب.
        عشان هي بديل الأخت اللي اختفت.
        عشان هي أصغر من جوزها بست سنين.
        العقبات اللي زي الصخور دي خلتها دايمًا تبان ضعيفة وسخيفة.
        في اللحظة دي—
        
        "الآن يبدأ، إذاعة JBS، بس أنا دلوقتي محبوسة جوا، بتمنالكم يوم مثالي..."
        صوت المذيع، جينجل المحطة الإذاعية، أغاني البوب، جينجلات الإعلانات، ترددات الراديو المختلفة اتلخبطت مع بعض، كإنها علقت، وبدأت تشتغل بشكل عشوائي.
        "......!"
        هي-جو بخضة، خبطت على التابلوه، بس مفيش فايدة.
        
        "بعد كده، اسمعوني من فضلكم، أهلًا بيكم كلكم، أنا دي جي شين، متحدث البيت الأزرق بتاع النهاردة، اتخطفت، اتقتل، اتقتل، اتقتل......"
        مع إنه مستحيل، بس يبدو إن الصوت زاد.
        الترددات المختلفة المتقطعة صوتها كإنها رسالة موحدة.
        حاولت تقفل الراديو تاني، بس مفيش فايدة.
        
        "إيه اللي بيحصل النهاردة ده...؟!"
        اليوم ده طويل بشكل لا يطاق.
        من محطة الإذاعة لحد دلوقتي، مفيش حاجة ماشيت كويس.
        شي-جو، اللي فضلت تخبط على التابلوه من غير توقف، أخيراً انهارت على الكرسي.
        
        "بايك سي-يان، متحدث البيت الأزرق النهاردة، 'سقوط لا نهاية له' لجاك كايز، اسمعوا الأغنية دي الأول، خطف، قتل، قتل..."
        هي-جو خبطت على التابلوه بتوتر. ونتيجة لكده، المساحات بدأت تشتغل بشكل عشوائي.
        بتتكلموا بجد؟ أنتم بتهزروا معايا بجد...!
        
        "خارج المسار."
        في نفس الوقت، نظام الملاحة عمل إعادة تشغيل، وصوت تحذير أحمر طلع.
        "خارج المسار."
        "خارج المسار."
        "خارج المسار."
        الأصوات الميكانيكية، الواحدة ورا التانية، بعتت قشعريرة في الناس.
        في اللحظة دي، وش شي-جو بدأ يتصلب تدريجيًا.
        
        "إيه اللي بيحصل ده بالظبط...؟!"
        حاولت توقف العربية على جنب الطريق، بس العربية كانت خلاص خرجت عن السيطرة.
        والأسوأ، المطر الغزير خلى الرؤية قدامها مش واضحة.
        على الرغم من إن المساحات كانت بتمسح الزجاج الأمامي باستمرار، بس مية المطر فضلت تنزل.
        العربية فضلت ماشية ناحية أماكن شي-جو ماعرفتهاش، وفجأة وقفت بصوت صرير.
        عشان الطريق كان زلق من المطر، العربية زحلقت نص دايرة، وجسم شي-جو خبط بقوة في الدركسيون.
        
        "آه..."
        لمست صدرها، ووشها باين عليه تعبير مؤلم.
        كليك—كليك—
        "......!"
        القفل اللي على الكرسي اللي ورا فتح وبعدين قفل تاني.
        
        "أنا حتى ما لمستوش."
        رقبتي اتصلبت، جسمي كله حس ببرد.
        "أنا... اتحبست؟ أنا دلوقتي—"
        في لحظة، صوت المطر الغزير ملت وداني، كإن كرات تلج نازلة بالهبل.
        ده كان زي إشارة استغاثة؛ شي-جو دخلت في حالة ذعر وسحبت مقبض الباب بجنون.
        بس كل الأزرار، كل الأجزاء، كانت باظت تمامًا.
        القفل مارضيش يفتح، والإيد اللي بتخبط على الشباك كانت خلاص ورمت واتكدمت. حتى إنها خبطت جسمها الضعيف في الشباك.
        
        "آه...!"
        كتفها حس كإنه هيتفك نصين.
        ومع كده، إحساس إنها محبوسة خلاها قلقانة أوي.
        حتى جناح شهر العسل المهجور، كانت عايزة ترجع له بسرعة.
        
        "آه...!" في اللحظة دي، عينيها شي-جو وسعت، وقفت جسمها عن الاصطدام، ومسكت الدركسيون تلقائيًا.
        في برنامج تلفزيوني معين، النص بتاع ترجمة لغة الإشارة اللي كانت عملتها فجأة جه في دماغها.
         
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء