موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      وسط سبع رجالة - رواية مراهقة

      وسط سبع رجالة

      2025, تريزا عبدالمسيح

      شبابية

      مجانا

      انضمت فجأة لفرقة "إنهايبن" المكونة من سبع شباب، وهما كانوا فاكرين الموضوع مقلب في الأول. بتورينا إزاي ليليا بتثبت نفسها كراقصة ومغنية موهوبة، وإزاي بتحاول تتأقلم مع كونها البنت الوحيدة في الفرقة. الرواية بتسلط الضوء على تحدياتها في إثبات ذاتها، وبتوريك اللحظات الكوميدية والعلاقات اللي بتبدأ تتكون بينها وبين الأعضاء، خصوصاً نيكي وجونجون اللي بيكتشفوا موهبتها بدري.

      ليليا

      بنت عندها 16 سنة، دخلت فرقة "إنهايبن" كالعضوة التامنة. ليليا قوية وموهوبة في الرقص والغناء، وبتثبت نفسها رغم إن الأعضاء في الأول كانوا فاكرين إنها مقلب. شخصيتها مستقلة ومبتحبش إن حد يقلل منها عشان هي بنت. عندها حس فكاهة واضح، وبتحاول تتأقلم مع الحياة الجديدة اللي كلها شباب.

      جونجون

      واحد من أعضاء "إنهايبن"، وأول واحد اكتشف موهبة ليليا في الرقص. جونجون شخص هادي وملاحظ، وبيكون من أول الناس اللي بتصدق إن ليليا بجد جزء من الفرقة.

      نيكي

      العضو الأصغر في الفرقة (في نفس سن ليليا تقريباً)، نيكي بيكون فضولي جداً بخصوص ليليا وموهبتها. هو كمان من أوائل اللي بيصدقوا في ليليا وبيعجب بقدراتها، وبيكون مرح ومتحمس.
      تم نسخ الرابط
      وسط سبع رجالة - رواية مراهقة

      "أخيرًا طلعنا على المسرح."
      
      سمعت الأعضاء وهما بيدخلوا. سمعت شهقاتهم وهما بيتفرجوا على السكن وبيدخلوا كل أوضة. أنا بقى طبعي كده، استخبيت تحت البطانية على سريري، اللي كان السرير اللي فوق جنب الشباك في آخر الأوضة. سمعت الباب بيتفتح والأنوار بتشتغل.
      
      "ياااه.. هنا اللي هننام فيه." واحد منهم قال. بصيت شوية من تحت البطانية من جنب سريري، شفت إيد، وده خلى عنيا تتفتح على آخرها.
      
      فجأة، ولد بيشد نفسه لفوق وأول ما بيشوف جسمي المستخبي تحت البطانية، بيصرخ وبيسيب إيده.
      
      من غير ما أفكر، مسكت إيده وشديته تاني عشان ما يتأذاش، وبعض الأعضاء التانيين صرخوا لما شافوني وأنا بكشف عن نفسي.
      
      "أنتوا أخيراً وصلتوا." ابتسمت لهم كلهم وهما بيبصولي بصدمة. "ايه ده.. أنتي مين؟" الشاب اللي كان هيقع سألني، وأنا سبت إيده وقعدت كويس، ظبطت شعري وبعدين اتنهدت.
      
      "أهلاً يا جماعة." ابتسمت، وحنيت راسي وأنا قاعدة قبل ما أبص عليهم تاني.
      
      "أنا كيم ليليا، العضوة التامنة في إنهايبن."
      
      
      
      زي ما كنت متوقعة، بصولي كأني مجنونة. واحد منهم بدأ يضحك والباقيين ضحكوا معاه بكسوف.
      
      "ما تتوقعوش إني أقولكم أوبا، أنا أسترالية وعشت مع فانز الكيبوب اللي بيقولوا 'يا تايهيونج أوبا بتاعي' وده رعبني طول حياتي." قلت لهم قبل ما أبص على الشاب اللي سادد طريقي عشان أقوم من السرير.
      
      "استني أنتي مش بتهزري..."
      
      "أنت هيسونج صح؟" سألته فهز راسه، ونزل من السلم ورجع لورا. "أيوه يا هيسونج، أنا مش بهزر. أنا البنت الوحيدة في فرقتكم، ممكن تعاملوني زي الولاد ومش هزعل. بس فيه حدود، مش عايزة أتربط بأي حد فيكم."
      
      "واو، دي بتدخل في الموضوع على طول."
      
      "أيوه يا جاي، كبنت صغيرة كان لازم أثبت طول الوقت إن كوني بنت ده مش معناه إني أقل من الراجل وده اللي علمني." ابتسمت قبل ما أشق طريقي ناحية الباب. "اختاروا سرايركم، أنا هعمل الأكل."
      
      سمعتهم بيوشوشوا إنها مقلب، وكنت عارفة إنهم هيفتكروا كده، بس أنا لازم أثبت نفسي تاني.
      
      "أنتوا موافقين على رز مقلي؟ لسه مجبتش طلبات كتير!" صرخت وأنا مستنية الردود. سمعت شوية "أه" فبدأت أطبخ الرز. بعد ما غسلته وحطيته في حلة الرز، بدأت أقطع الخضار.
      
      فجأة كلهم دخلوا وقدموا نفسهم كأني مديرة عليهم وبعدين فضلوا باصينلي.
      
      "يعني... أنتي جد؟" رفعت راسي وبصيت على جاي وهزيت راسي. "أنتوا ممكن تفتكروا إنه مقلب، بس مع الوقت هتشوفوا إنه مش مقلب."
      
      "محتاجة مساعدة؟" جونجون سألني فهزيت راسي. "ممكن تجيب جزرتين وتبدأ تقطعهم مكعبات؟" سألته فهز راسه، وبص حواليه ولقى كل حاجة قبل ما يبدأ. "طيب سنك كام؟"
      
      "خمستاشر."
      
      "واو أصغر مني!" نيكي قال وأنا وقفت ثانية قبل ما أهز راسي. "آسفة أنا قلت سني الدولي، أنا عندي 16 سنة. نفس سنك بس أكبر منك بكام شهر." قلت له وسمعت شوية "واو".
      
      "كنت فاكر إنك نفس سني..." سونجهون قال وأنا هزيت راسي. "أنا مش طويلة، بس أنا طويلة بالنسبة لسني وبتصرف أكبر من سني مش كده؟" سألتهم وكلهم هزوا راسهم. سألوا أسئلة عشوائية وأنا بدأت أقلي المكونات والفراخ اللي مستوية نص سوا.
      
      "يبقى أنتي أسترالية كمان؟" أعتقد جيك سأل بما إنه قال 'كمان' وهزيت راسي قبل ما أبص عليه تاني. "اتولدت وتربيت في ميلبورن، نقلت هنا من حوالي سنة."
      
      "بتوحشك؟"
      
      "طبعاً، سبت كل أصحابي وعيلتي هناك. بس فيه سبب إني نقلت هنا." قلت وأنا حلة الرز بتصفر.
      
      خلصت الأكل بسرعة وهما كلهم كانوا بيتكلموا براحة، قدمت لهم الأكل وأكلت بهدوء وهما بيضحكوا مع بعض. بسرعة نيكي وأنا اتطلب مننا نروح أوضتنا لأننا كنا صغيرين على إننا نظهر في التلفزيون في وقت متأخر كده، فجهزنا للنوم ورحنا سرايرنا.
      
      "هاه..." نيكي فجأة طلع على السرير اللي جنبي وقعد هناك، وفضل باصصلي. "أيوه...؟" سألته فمال راسه. "يعني أنتي جد بجد؟" سألني فهزيت راسي. "أنتي رابر ولا مغنية ولا راقصة...؟" سأل، وعينيه كانت مليانة فضول وهو بيحاول يفهم إزاي فجأة الفرقة اللي كانت كلها ولاد بقت مختلطة.
      
      "أنا راقصة ومغنية." قلت له فبدأ يتحمس. "تمام، بما إنه مفيش مكان نرقص فيه هنا، غني حاجة." قال وأنا رفعت حاجب. "عشان أثبت إني بجد في الفرقة دي...؟" سألته فهز راسه.
      
      "تمام... إيه الأغنية؟"
      
      "أغنية اختبار الأداء بتاعتك." قال وأنا هزيت راسي، ونزلت من على سريري وطلعت حاجة من تحت السرير اللي تحت. "إيه اللي أنتي..." نيكي سكت بس فهم لما شافني بطلع جيتار. حطيته على السرير وطلعت مكاني.
       
      
      
      بدأت أعزف الجيتار قبل ما أبدأ أغني.
      
      شروق الشمس وأنتِ على صدري
      مفيش ستاير في المكان اللي عايشة فيه
      شروق الشمس افتحي عينيكِ
      عشان ده كان مقدرله ليلة واحدة بس
      ومع ذلك، بنغير رأينا هنا
      كوني حبيبتي، كوني عزيزتي
      قريبة منكِ بشفاهي
      أنوفنا تلمس بعضها، أحس بإنفاسك
      ادفعي قلبك وابتعدي، أيوه
      كوني صيفي في يوم شتوي يا حبيبتي
      مش شايفة أي حاجة غلط
      بيننا إحنا الاتنين
      كوني لي، كوني لي، أيوه
      في أي وقت، في أي وقت
      
      بدأت أغني "فولين أول إن يو" لشون مينديز. في نص الأغنية وقفت أغني وبصيتله، عينيه كانت واسعة. بدأ يسقف بابتسامة قبل ما يطلع حاجة من جيبه.
      
      "خدِ." مسك معصمي ولبسني أسورة سودة مصنوعة يدوي، شد الخيوط عشان يضيقها وابتسم. "سنو هيونج وأنا عملناها للأعضاء وعملنا واحدة زيادة للعضو السري، اللي هي أنتي." ابتسم وأنا ابتسمت كمان، فيه حد صدقني دلوقتي.
      
      "آسف لو أخدت وقت، كلنا كنا فاكرين إنه هيكون ولد لأنهم عمرهم ما قالولنا إنه ممكن تكون بنت كمان. بس دلوقتي لما بفكر فيها، هما عمرهم ما قالوا إنه هيكون ولد برضو..." سكت وأنا هزيت كتفي.
      
      "فاهمة، فما تقلقش."
      
      "ليه اخترتي تكوني في فرقة مع ولاد بدل بنات تانيين؟" سألني وأنا هزيت كتفي بس. "أنا بفضل الرقصات اللي بيعملوها لفرق الولاد، هما دايماً بيقللوا من فرق البنات ومهارتهم في الرقص." قلت بصراحة وهز راسه، موافقني.
      
      "شفت راقصات كتير شاطرين جداً، بس الشركات مش بتخليهم يبرزوا موهبتهم." ضاف وأنا هزيت راسي. "عموماً، أنا بتمرن طول اليوم فمجهدة، هروح أنام." قلت له فهز راسه، ونزل من السرير اللي جنبي وراح على السرير اللي فوق قصاد سريري.
      
      "مش ده سريرك...؟" سألته وأنا بشاور على السرير اللي كان قاعد عليه فهز راسه. "قعدت هنا عشان ده أقرب واحد، بس لا ده سرير جونجون." قال وأنا هزيت راسي، واستريحت في ترنجي وتيشرتي الواسع. "تصبح على خير." تمتمت قبل ما أغمض عيني.
      
      
      
      
      
      ليليا
      
      7:00 الصبح
      
      الولاد كلهم كانوا لسه نايمين، نومهم تقيل أوي. مش هيصحوا قريب... صح؟ عشان كده لما صحيت، أخدت هدومي ورحت على طول للحمام عشان أغير. مكسلتش أخد دش عشان كنت ناوية أستحمى بعدين. غسلت سناني ورحت المطبخ، أكلت شوية كورن فليكس قبل ما أروح أوضة التليفزيون/أوضة التدريب على الرقص عشان كانت واسعة.
      
      7:15 الصبح
      
      أكيد مش هيكونوا صحيوا...
      
      حطيت تليفوني على الأرض، وشغلت أغنية "لايتس أوت" لـ "صن آند آيل" وبدأت أعمل تصميم الرقصات اللي كانت بتعملها بنت اسمها بيلي سوك في لوس أنجلوس. عليت الصوت لدرجة أقدر أسمعها، بس متصحيش الأعضاء.
      
      غمضت عيني وبدأت أرقص على تصميم الرقصات اللي كنت فكراها.
      
      في الآخر وقفت مكاني، عيني مغمضة وأنا بسمع الموسيقى بتخلص.
      
      "واو..."
      
      فتحت عيني فجأة.
      
      وجهة نظر جونجون
      
      أنا محتاج أعمل حمام بجد.
      
      عيني كانت نص مغمضة وأنا قعدت على سريري، نفشت شعري قبل ما أبص حواليا على باقي الأعضاء، وبعدين عيني راحت على السرير الفاضي اللي جنبي.
      
      مادققتش أوي، فنـزلت من السلم ومشيت ناحية الباب اللي كان... مفتوح بالفعل؟ سمعت موسيقى وأنا بخرج فوقفت في نص طريقي وبصيت حواليا، قبل ما أشوف ليليا وعينيها مغمضة وهي بترقص لوحدها.
      
      هي مذهلة...
      
      اتفرجت عليها وهي بتخلص ببطء، عينيها لسه مغمضة وهي واقفة مكانها، بتاخد أنفاسها.
      
      "واو..." تمتمت، مخدتش بالي لحد ما فتحت عينيها وبصتلي. "أهلاً." تمتمت بابتسامة خفيفة وهي بتوطي على الأرض وتاخد تليفونها، وقفت الموسيقى اللي كانت شغالة على الأغنية اللي بعدها.
      
      "أنتي راقصة شاطرة." قلتلها بصراحة وهي ابتسمت. "لسه عايزة أتحسن كتير، بس شكراً." حنت راسها شوية قبل ما تبص في تليفونها.
      
      "الساعة 7 الصبح... ليه صحيتي؟" سألتني وفجأة افتكرت ليه. "آه... كنت محتاج أروح الحمام." ضحكت بخفة قبل ما أمشي ببطء وأروح للحمام.
      
      
      
      
      
      ليليا
      
      ضحكت بهدوء كده قبل ما أقعد على المخدة اللي كانت على الأرض، قعدت أقلّب في تليفوني قبل ما تجيلي رسالة.
      
      طفل بالمعنى الحرفي.
      
      مرحباً أنا عارف إنك صاحية
      وغالباً فاضية فإزيك؟ اتأقلمتي؟
      
      إزاي عرفت إني صاحية، الساعة ٧ الصبح
      
      لأنك دايماً بتصحي بدري
      عشان ترقصي لوحدك قبل ما
      تعملي أي حاجة عندك.
      
      ...
      تمام أنا كويسة..؟
      أعتقد واحد بس منهم صدق
      إني معاهم في الفرقة.
      فاكرين إنه مقلب.
      طيب قوليلهم عني
      وممكن يصدقوكي؟
      لو قلتلهم عنك
      هيعتقدوا بجد إنه مقلب يا برو.
      هتكلم معاهم أنا بقى، لما
      يصحوا كلميني وأنا
      هتكلم.
      مش عايزة يعرفوا
      أنت مين.
      ليه لأ؟
      عشان هيفتكروا
      إني دخلت بسببك.
      طيب قوليلهم إنك
      اضطريتي تثبتي نفسك
      أكتر بسببي.
      أنا كويسة، واحد منهم
      صدقني فإحنا هنستنى.
      تمام طيب بالتوفيق.
      شكراً.
      
      تعالي بيتي لما
      تقدري، أمي هتعملك
      أكلك المفضل.
      أيوه، عمتي قالتلي خلاص.
      
      تمام هشوفك قريب بقى؟
      أكيد. مع السلامة.
      
      حطيت تليفوني ونفخت. أكيد مكنتش هكمل رقص، إحساس إن واحد منهم بس بيراقبني وأنا برقص مريحنيش. مكنتش مرتاحة معاهم كفاية عشان أوريهم إيه اللي أقدر أعمله وإيه اللي مقدرش. حالياً يقدروا يتخيلوا بس.
      
      شفت جونجون وهو ماشي للأوضة وأعتقد إنه رجع ينام. بعد كذا دقيقة شغلت موسيقى هادية عشوائية، فردت رجلي ووطيت لقدام، لمست صوابع رجلي وأنا مناخيري لمست ركبي.
      
      بعد كذا دقيقة من التمارين حسيت بملل فقررت أجهز وأستحمى. مشيت على أطراف صوابعي في أوضة النوم والولاد السبعة كانوا بيشخروا بهدوء، جبت شنطتي اللي كانت في الدولاب وطلعت شوية هدوم.
      
      مشيت للحمام وقلعت هدومي، بصيت لنفسي في المراية. بصيت لشعري الطويل والغامق اللي كان مموج طبيعي، وعيني الغامقة، شكلها كان أكبر بما إن أبويا أسترالي، أعتقد إن كان عندي شفايف ومناخير متوسطة الحجم، والنمش بتاعي اللي دايماً كانوا بيقولولي أخبيه.
      
      جسمي... عمري ما عرفت أفكر فيه إزاي. كل الناس كانوا بيقولولي إني رفيعة جداً وجميلة وإزاي خلاص كبرت ومبقاش عندي خدود بيبي، بس الحفاظ على جسم الكل بيتوقعه مكنش سهل.
      
      لفيت وشي عن المراية وربطت شعري كحكة، دخلت الدش واستحميت. بعد ما خلصت غيرت هدومي، لبست ترنج رمادي، سويتر أسود قصير بس مش قصير أوي، الجو هيكون تلج النهارده.
      
      أخدت هدومي القديمة، حطيتها في كيس بلاستيك قبل ما أحطها في شنطتي العادية عشان أغسلها بعدين لما يكون عندي هدوم أكتر أغسلها.
       
      
      
      وأنا خارجة من الأوضة، والولاد السبعة لسه نايمين، سبت شعري ونزلت الطاقية بتاعتي (البونيه)، مسكت تليفوني واتنهدت من الملل.
      
      طفل بالمعنى الحرفي
      
      يا ليليا، قالولنا إمبارح
      إننا هنروح الشركة النهاردة. هتكوني
      هناك؟
      
      لو رايح الصبح،
      أيوه.
      
      يبقى ممكن أشوفك،
      متمثليش إنك تعرفيني.
      بس عندي هدية ليكي.
      
      أنا--
      شكراً.
      بس بجد مكنش ليه لزوم.
      
      مش فارقلي هلاقي
      هلاقيكي النهاردة وهديها لك.
      
      ...
      متمثليش إنك شاكة.
      عموماً أنا زهقان و
      الكل نايم.
      
      مكالمة فيس تايم واردة من "طفل بالمعنى الحرفي".
      
      "ليه-" قاطعني ضحكة. "عندي وقت فاضي." قال وأنا ماشية لأوضة التلفزيون اللي رقصت فيها قبل كده، وقعدت ساندة على الحيطة. "عندك أي أسئلة؟" سألني فهزيت كتفي، ظبطت الكاميرا عشان يشوفني كويس.
      
      "أنا عارفة إنك مش هتعرف بجد... بس تفتكر هيكون إزاي بالنسبة لي...؟ أنا البنت الوحيدة في فرقة مختلطة كلها ٧ شباب." سألته فقعد مكانه، بيفكر شوية قبل ما يهز كتفه. "طيب تخيلي إزاي هيكون لو بنت انضمت لفرقتك."
      
      "آه، ده هيكون غريب."
      
      رد فعله السريع خلاني أضحك. "هخاف إن واحد من الأعضاء ممكن يعجب بيها لو هكون صريح." قال وأنا كتمت ضحكة. "إيه؟" لاحظ وشي. "أنتوا كلكم مثليين يعني إيه اللي بتقوله ده."
      
      "إيه!"
      
      "أنا بكذب؟"
      
      "... بعضنا ثنائي الميول..."
      
      "أغلبكم مثليين بس، متكدبش حتى. أنتوا كلكم بتحبوا بعض." كدت أضحك بصوت عالي لما شفت وشه المغلوب. "الوضع اللي حاطة فيه تليفونك ده شكله زي بث مباشر."
      
      "إزاي عرفت شكل بث مباشر بتاعي."
      
      "أنا معجب يا صاحبي، يعني يمكن لما أشوفها أنت بقفل، بس أعضائك التانيين..." ابتسمت وعينيه وسعت. "أنت طفل."
      
      "السن مجرد رقم."
      
      "أنا هقفل الخط!"
      
      "أنا بهزر يا صاحبي، بعد ما عرفتني عليهم شكلهم إخوة جذابين ومخيفين...؟" سألت عن اللي بقوله بس هزيت راسي بطريقة غريبة عشان ده كان غريب. "هتجاهل ده."
      
      "أنا كمان." رديت وضحكنا إحنا الاتنين.
      
      موظف دخل فجأة وبص لي لثانية قبل ما يميل راسه. "أنتي جاهزة خلاص...؟" الراجل قال وأنا هزيت راسي، دورت وش تليفوني بعيد عشان ميشوفوش مين اللي بتكلمه.
      
      "ممكن تصحيهم؟" سألني وهزيت راسي، اداني ابتسامة ومشى. "يا صاحبي، لما أقول صرخ ممكن تصرخ عشاني؟" سألته فضحك. "يعني أنا المنبه بتاعك؟" سألني وهزيت راسي.
      
      مشيت لأوضة النوم وحطيت تليفوني على أعلى صوت قبل ما أبص عليه. "اصرخ."
      
      "اصحوا يا عيال يا صُغار، عايزين تتطردوا في أول يوم شغل ليكم؟ متخلوش الست دي تستنى، هي مستنية خلاص—"
      
      المكالمة انتهت.
       --- يتبع
       
      

      رواية المشاغب والذكية

      المشاغب والذكية

      2025, سهى كريم

      رواية كورية

      مجانا

      بنت شاطرة حياتها بتتقلب لما بتتنقل فصل جديد وبتقابل كيم تايهيونج، الشاب المشاغب. الاتنين دول مبيطقوش بعض وكل يوم خناقات ومقالب لدرجة إنهم بقوا بيتطردوا من الحصص سوا تقريباً كل يوم. الخناقات دي بتخليهم يقربوا من بعض بشكل غريب، وبيكتشفوا أماكن سرية زي مخزن تايهيونج اللي بيحكي فيه عن نفسه لأول مرة. الرواية بتوريلنا إزاي علاقة العداوة دي ممكن تتحول لحاجة تانية خالص

      الأستاذة جيل

      مبتسمحش بالفوضى في فصلها. دايمًا بتلاحظ خناقات لي هايجين وتايهيونج وبتعاقبهم بشكل مباشر. بتظهر عليها علامات الضيق واليأس من تصرفاتهم المتكررة. رغم إنها بتعاقبهم، بس واضح إنها بتحاول تفرض النظام وتحافظ على الهدوء في المدرسة، خصوصًا لما بتاخدهم لمكتب الناظر كإنذار أخير.

      لي هايجين

      شاطرة ومجتهدة في دراستها، كانت دايمًا بتجيب درجات كويسة وكانت رئيسة الفصل في سنتها الأولى. شخصيتها بتبان في الأول إنها منظمة وبتخطط لحياتها كويس. بس لما بتقابل تايهيونج، بتدخل في مشاكل كتير وبتتصرف بعصبية، وبتتضايق منه بسهولة. رغم إنها بتحاول تبان قوية وجريئة قدامه، إلا إنها بتكون خايفة منه شوية، وممكن تبقى قلقانة من عواقب تصرفاتهم. كمان بيبان إنها حساسة لدرجة إنها بتعاني لما بتحس بإهمال من أهلها.

      كيم تايهيونج

      هو الشاب المشاغب في المدرسة، مبيحبش يلتزم بالقواعد وواضح إنه بيعمل مشاكل كتير. بيحب يعمل مقالب ويضايق هايجين بالذات. شخصيته بتبان إنه مغرور ومش بيهتم باللي حواليه، وحتى بيعتبر نفسه ذكي في تهرب من المذاكرة والواجبات. لكن ورا كل ده، بيبان إنه وحيد شوية وإنه بيدور على مكان خاص بيه زي "مخبئه السري". أحيانًا بتظهر له لمحات من الجانب البريء أو الطيب، وده بيخلي شخصيته معقدة أكتر.
      تم نسخ الرابط
      رواية المشاغب والذكية

      "كل ده بسببك يا حمار!" همستله وأنا متعصبة وسناني ماسكة في بعض.
      
      كنت رافعة دراعاتي لفوق أوي، مش عشان اتجننت بالظبط، مع إن ده ممكن يكون حصل لو كان صبري خلص خالص. مدرسة الرياضيات خلتني أنا والحمار ده نقف بره الفصل عقاب عشان اتخانقنا في حصتها.
      
      "اسكتي. مش ذنبي أنا، انتي اللي ضربتيني في عيني الأول،" دافع عن نفسه.
      
      طلعت زفير عميق، "كم مرة قولتلك إنها كانت بالغلط!"
      
      "إزاي تضربي حد في عينه بالغلط؟!"
      
      دراعاني كانوا بيسيبوني. غالبًا كنت رافعاهم بقالي حوالي ربع ساعة. مدرسين اتنين عدوا من جنبنا، وبصولنا بغضب وهما ماشيين في الممر، بس دراعاتي كانت وجعاني أوي لدرجة إني مكنتش قادرة حتى أهتم إني اتحرج. بس مهما كانت دراعاتي وجعاني، مكنتش أجرؤ أنزلها عشان مدرسة الرياضيات مكنش ينفع حد يستعبط معاها، محدش كان بيجرؤ يعارضها، غالبًا ما عدا تايهيونج.
      
      قالت لو لقت دراعاتنا نازلة هتبعتنا ننضف الحمامات، ودي حاجة كنت بكرهها أوي عشان حمامات المدرسة كانت قذر، بالعافية كنت بقدر أغسل أي وسخة.
      
      دقايق عدت وعضلات دراعاتي كانت بتشد أوي. بدأوا ينزلوا أكتر وأكتر لحد ما نزلتهم الاتنين جنبي أخيرًا، وطلعت أنين بصوت عالي.
      
      لكن بعد ثانية، حسيت إيد لفت حوالين معصمي، ورفعت دراعي لفوق.
      
      "مش عايز أتعاقب زيادة بسببك، عشان كده لازم ترفعي دراعاتك،" قال تايهيونج بجمود، وهو مركز عينيه قدامه.
      
      كشرت، وطلعت صوت ضيق من الزهق بسبب إن دي كانت تالت مرة الأسبوع ده أقف فيها بره الفصل معاه.
      
      أنا اسمي لي هايجين، ودي كانت سنتي التانية في الخرم الأسود ده، أو زي ما بتقولوا عليه، ثانوي. الأمور كانت ماشية تمام في سنتي الأولى. كنت بلا شك من أذكى الأطفال في المدرسة، وكنت دايمًا بجيب درجات كويسة في الامتحانات. مكنتش اجتماعية أوي، بس كان عندي أصحاب بتكلم معاهم كل يوم. وفي مرة، كنت رئيسة الفصل عشان المدرسين كانوا شايفين إني قدوة كبيرة لزملائي، مع إني أنا نفسي كان بيجيلي أيام كسل.
      
      كنت فاكرة إن حياتي متخططلها كويس— هجيب درجات كويسة، وأتخرج، وبعدين الاقي شغلانة بمرتب كويس وأعيش في راحة ورفاهية طول حياتي.
      
      مكنتش أعرف إن سنتي التانية هتكون بشعة. بعد ما اتنقلت لفصل جديد السنة اللي بعدها، الجو اتغير، والناس اللي حواليا اتغيروا. وقابلته. تايهيونج. كيم تايهيونج.
      
      مكنتش بهتم بالمقالب اللي كانت بتحصل في المدرسة. لسوء حظي، كان لازم أقابل البلطجي ده بالذات، بالصدفة. مكنتش أعرف إزاي بدأنا نكره بعض، بس ده اللي حصل. كنا عكس بعض تمامًا. في الأول، كان بيعمل مقالب بسيطة، كنت بختار إني أتجاهلها وأعتبرها مجرد لفتة ودودة. بس مع مرور الوقت، هو شكله اعتبرها تحدي عشان يجنني. غالبًا كان بيستغرب ليه أنا الوحيدة اللي مكنش عندي أي رد فعل على مقالبه لما أنا بصراحة مكنتش بهتم بوجود أي حد في المدرسة.
      
      تايهيونج قدر في لحظة يخليني أفقد صبري. المدرسين مكنوش بيهتموا لما كنت بشتكي، فكنت بتصرف بطريقتي. بدأت بغباء أردله المقالب، وقضيت وقت كتير في تخطيط تخريبي اللي بعده أكتر من المذاكرة. بالنسبة لي، كان إحساس بالرضا كبير إني أشوفه بيقع من كرسيه والفصل كله يضحك عليه، أو إني ألاحظه بيعاني مع صفحات كتابه اللي كانت لازقة في بعضها.
      
      اتخانقنا، واتخانقنا. خناقتنا كانت أغلب حواراتنا اليومية. كانها الخناقات اللي بينا كونت صداقة من غير ما نعرف. مع ذلك، مكنش ممكن يعدي يوم من غير ما نرمي ورق مكرمش على دماغ بعض لما يكون عندنا فرصة.
      
      بس بعد كده، درجاتي بدأت تقل بالتدريج. مكنتش بهتم خلاص، مش متأكدة إذا كان ده بسبب تايهيونج أو لأني كنت بمر بمرحلة كنت فيها مرهقة جدًا من أي حاجة وكل حاجة. لسه كنت بحاول ألم نفسي، بس أغلب الوقت كنت مشغولة بإني أدخل في مشاكل.
      
      مهما كان أهلي محبطين، كانوا مشغولين بشغلهم أوي لدرجة إنهم مكنوش مهتمين أوي بصحتي. أفضل إني مشتكيش عشان كان عندي شوية حرية لنفسي، بس أوقات تانية كنت بحس بإهمال كبير كطفلة وحيدة. بس ده مكنش مهم أوي لأني كنت بقدر دايمًا أعتمد على جدتي للراحة من وقت للتاني، مع إنها عايشة بعيد عن البيت.
      
      وبالإضافة لقائمة مقالب تايهيونج الطويلة، وجودي في البيت مكنش بيمنعه من إنه يكون مصدر إزعاج. كان بيبعت رسايل لا نهاية لها، ويملى صندوق رسايلي برسايل ملهاش معنى، وكنت دايمًا لازم أقفل تليفوني عشان أذاكر بالليل.
      
      بقالها شهور قليلة بس، بس كان الموضوع صعب أوي إني أستحمل تصرفاته.
      
      جرس الحصة الخامسة في اليوم رن أخيرًا. مقبض باب الفصل عمل صوت، وإحنا فورًا فردنا دراعاتنا لفوق. الأستاذة يونج دخلت من ورانا ووقفت قدامنا بالظبط، ونزلت نضارتها على أنفها وهي بتبص لينا احنا الاتنين.
      
      "ده آخر إنذار ليكوا إنتوا الاتنين،" قالت بصرامة، وحواجبها كانت معقودة وهي مكشرة.
      
      بعد ما لفت ومشيت، فورًا نزلت دراعاتي بارتياح ومرخت كتافي عشان أريح العضلات المشدودة. الحمد لله، مكنش لازم أغسل الحمامات المرة دي.
      
      "سمعتها، ده آخر إنذار ليها،" تمتمت، مش متأكدة إذا كان تايهيونج سمعني بس أنا كررت ده عشان أضمن إنه مش هيوقعني في مشاكل المرة الجاية. هو بس سخر، ورفع حاجب واحد.
      
      تجاهلت غروره، ولفيت بسرعة عشان أدخل الفصل. في اللحظة دي، تايهيونج زقني على الجنب بكوعه، وشق طريقه قبلي.
      
      كنت غلطانة طبعًا لما فكرت إنه مش هيعملي مشاكل ولو لمرة واحدة.
      
      
      
      
      
      
       خلص وقت الفسحة وكل الطلبة طلعوا من الفصول بيجروا، مالوا الطرقة ودخلوا الكانتين.
      
      قفلت دولابي بعد ما شلت حاجتي وكنت خلاص رايحة الكانتين، لما فجأة شفته - الواد المتغطرس - ماشي مع صاحبينه، جيمين وجونجكوك. كانوا هدومهم طالعة بره البنطلون والكرافتات بتاعتهم مش مربوطة كويس على الرقبة. كان واضح أوي إنهم المشاغبين الكبار في المدرسة.
      
      لفيت الناحية التانية بدل ما أروح الكانتين وحاولت أتجنبهم.
      
      "ياااااه!"
      
      يا لهوي.
      
      سرعت خطواتي وكملت ماشي على طول.
      
      "لي هايجين!"
      
      لفيت ورايا وتايهيونج كان بيجري ناحيتي، وجالي عرق بارد.
      
      الحمد لله حمام البنات كان على بعد كام خطوة، فجريت ودخلت واستخبيت في كابينة. اتنهدت براحة، بس صوت ضربات قلبي كان ممكن يتسمع. أنا بس عايزة أتجنب الضفدع ده على قد ما أقدر. هو دايمًا بيجيب لي مشاكل.
      
      استنيت جوه حوالي 5 دقايق لحد ما مسمعتش أي صوت بره. فتحت باب الكابينة بالراحة وبصيت بره الحمام. مفيش حد. الحمد لله.
      
      طلعت على طراطيف صوابعي. لسوء الحظ، مكنتش لسه مشيت كتير لما حسيت حد جاي ناحيتي.
      
      هو، وبقوة كبيرة، شدني تاني لحمام البنات وخبطني في الحيطة.
      
      "آآآه كيم تايهيونج إيه اللي عايزه،" قولت وأنا بفرك كوعي اللي اتخبط في الحيطة. كنت بتنفس بصعوبة وبسرعة، بتوتر. كنت بتمنى إنه ميكونش عنده طلبات غريبة، في مرة قالي أحط فوطة صحية في شنطة مدرسة، وهددني إنه هيفضحني لو قولت لحد.
      
      "عملتي واجب الإنسانيات اللي هيتسلم النهارده؟" سأل.
      
      "أ-أيوه،" قولت، بحاول أبان جريئة بس كنت خايفة منه شوية. شوية صغيرين.
      
      "خليني أنقله."
      
      بصيتله، وبعدين قلبت عيني.
      
      "بجد يا ڤي؟ جريت ورايا كل ده عشان إجابات الواجب؟ من إمتى بتهتم بالواجب؟" قولت وكتفت دراعاتي.
      
      "اسكتي واديهولي. عليه درجات،" قال.
      
      "بعدين،" رديت وحاولت أزقه بس خبطني في الحيطة تاني.
      
      "آآآه!"
      
      "عايزه دلوقتي،" قال.
      
      "يا خسارة،" رديت. هو سد الباب بدراعاته الاتنين مفرودين من أوله لآخره. متضايقة، دوست على رجله، جامد أوي. "يا متخلف،" قولت وطلعت.
      
      "خدي بالك يا لي هايجين!" سمعته بيزعق وأنا سرعت خطواتي ناحية الكانتين.
      
      خلصت الفسحة ورجعت الفصل. كانت حصة الإنسانيات.
      
      "صباح الخير يا فصل،" الأستاذة جيل سلمت علينا وإحنا ردينا عليها بنبرة روتينية. "شكله كده متحمسين لدرس النهارده،" قالت بسخرية، "دلوقتي كل واحد يطلع الواجب اللي طلبته الأسبوع اللي فات. فكرتكم إنه عليه درجات."
      
      كل واحد فتح شنطته وطلع الواجب اللي خلصوه. بصيت ورايا على تايهيونج اللي كان على بعد ترابيزتين بزاوية ناحية اليمين. بصلي بغضب، وأنا ابتسمت بسخرية. الغريب إنه ابتسم هو كمان بسخرية.
      
      لفيت ناحية شنطتي وفتحتها. طلعت ورقة الواجب، اللي كنت مخلّصاها بتعب كبير الليلة اللي فاتت.
      
      لكن، ويا روفي، برص طلع مع الورق. وقعت الورق وصرخت بأعلى صوتي لما شفت واحد من أقذر المخلوقات اللي بكره أشوفها. كنت هقع لورا على الكرسي، بس قدرت أقف وبعدت عنه. كل واحد في الفصل بصلي، ما عدا تايهيونج، اللي انفجر في الضحك وهو شايفني خايفة من برص.
      
      بس بعد كده دققت النظر. مكنش بيتحرك. أدركت إنه برص بلاستيك مصنوع من مطاط. بصيت لتايهيونج بغضب. "أنت!"
      
      كان لسه بيضحك. شلت البرص البلاستيك ورميته عليه، "أنت اللي عملت كده مش كده؟!"
      
      ضحكته اختفت، يمكن عشان زعل لما رميت عليه البرص البلاستيك. "يا لي هايجين،" وقف ومشي ناحيتي، بيحاول يعمل خناقة.
      
      "إنتوا الاتنين! إيه اللي بيحصل؟!" الأستاذة جيل بصت لينا. كل واحد في الفصل سكت وهو بيتفرج على الدراما اللي بتحصل.
      
      "بتتخانقوا تاني؟" سألت.
      
      "هي اللي بدأت الأول،" تايهيونج شاور علي بصابعه.
      
      "لا! هو اللي حط البرص البلاستيك في شنطتي،" شرحت.
      
      "أنا معملتش حاجة أنا بس كنت-"
      
      "إنتوا الاتنين، بره الفصل دلوقتي. دراعات مرفوعة."
      
      لا تاني. دي بتتكرر للمرة الـ 17 وأنا واقفة بره فصل مدرسة ودراعاتي مرفوعة، مع المجنون ده. بدأت أقلق إن المدرسين هياخدوا إجراءات تأديبية كبيرة ضدي. أنا بس مكنتش بقدر أتحكم في نفسي.
      
      "زهقت من ده،" قولت ورفعت إيدي.
      
      "ده كله غلطتك أنتِ،" قال.
      
      مكنش عندي طاقة أجادل تاني، فضلت ساكتة وكملت واقفة هناك ودراعاتي مرفوعة.
      
      لحسن الحظ، حصتها كانت قصيرة. الجرس رن ومددت دراعاتي كويس.
      
      "كان المفروض أحط برص حقيقي في شنطتك دلوقتي،" قال وضربني بكوعه.
      
      "يا ريت،" قولت وقلبت عيني.
      
      الأستاذة جيل طلعت من الفصل وإحنا افتكرنا إنها ببساطة هتمشي.
      
      "إنتوا الاتنين، امشوا ورايا على المكتب،" قالت.
      
      يا نهار أبيض.
      
      أنا وتايهيونج بصينا لبعض بصة فاضية شوية، وبعدين مشينا وراها على مضض.
      
      بصيت لتحت وإحنا ماشيين للمكتب، بنتبع صوت كعبها وهو بيخبط في الأرض.
      
      لما صوت الخبط وقف، رفعت راسي وبصيت على الباب اللي عليه يافطة مكتوب عليها، "مكتب الناظر". بلعت ريقي. الأستاذة جيل خبطت على الباب ولفته. بعدين، عملتلنا إشارة بعينيها عشان ندخل المكتب.
      
      اتنهدت. أنا هتدمر خالص.
      
      
      
      
      
      
      "لي هايجين!" نادى الناظر.
      "نعم؟" رديت بصوت واطي.
      "كيم تايهيونج!"
      "نعم؟" رد هو.
      
      الناظر اتنهد وطلب مننا نقعد.
      
      "ممكن أعرف إيه اللي بيحصل؟" سأل الناظر.
      
      تايهيونج شاور عليا وأنا شاورت عليه. "هو حط البرص البيكيا في شنطتي!" قولت.
      
      "هي رمته عليا."
      "أنت اللي بدأت الأول، مين قلك تحط البرص ده في شنطتي؟"
      "اخرسي، ده غلطتك، انتي مسمعتيش كلامي!"
      
      كنا هنتخانق، أنا وقفت وزعقت فيه، وهو عمل نفس الحكاية.
      
      "يا جماعة كفاية!" زعقت الأستاذة جيل. بس مكنش ممكن نسمعها عشان كنا مشغولين بالخناق.
      
      "تتوقع إني هخليك تنقل..."
      
      قاطعني وهو غطى بوقي. بعدين بص للأستاذة جيل اللي كانت حواجبها معقودة وبتبص علينا.
      
      "إنتوا معندكوش احترام خالص؟!" أخيراً قدرت تتكلم. "هتنضفوا حمامات المدرسة بعد ما تخلصوا دروس. ومحدش هيمشي لحد ما تخلصوا! فاهمين؟!"
      
      "بس يا أستاذة جيل..."
      "مفيش بس! اطلعوا بره دلوقتي!" زعقت.
      
      تايهيونج فتح الباب. خرج من المكتب بعصبية ورزع الباب وراه، بوقاحة.
      
      أنا لفيت بصة محرجة للأستاذة جيل والناظر. "أنا آسفة!" اعتذرت بلطف وبدأت أبعد عشان أمشي. من طرف عيني، شفت الأستاذة جيل والناظر بيهزوا راسهم.
      
      طلعت من المكتب وجريت ورا تايهيونج.
      
      "يااااه!" زعقت. لفلي.
      
      "إيه؟"
      
      "أنت... أنت بجد..." شهقت وأنا باخد نفسي بالعافية، "أنت بجد..."
      
      "طاقتك ضعيفة أوي!" قال.
      
      "ياااااه! يا أنت! لازم أغسل الحمامات بسببك! أنت عارف الحمامات قذرة قد إيه؟ آآآه!" بكيت، كنت على وشك إني أعيط.
      
      "تخس، ضعيفة!" ضحك ضحكة خفيفة ولف عشان يمشي على الفصل. "مش فارقلي!" قال وضهره ليا.
      
      قلبت عيني وكشرت.
      
      بعدين أدركت إنه كان ماشي ببطء أوي. "ليه ماشي كده؟ جدتي ممكن تمشي أسرع منك."
      
      "جدتك ماتت."
      
      "لا، هي ممتتش!" ضربت دراعه. "جدتي لسه عايشة في بلدها. هزورها في يوم من الأيام."
      
      ضحك ضحكة وحشة، "لو بتقولي كده."
      
      قال، "مش همشي بسرعة. دي حصة علوم ومخلصتش بحثي كمان. الأستاذة جين بتزهق وهتديني محاضرة عن إني مخلصتش البحث ومسجلتش ملاحظات وحاجات كده، فهتمشى في المدرسة دلوقتي."
      
      "لازم نعمل بحث؟ عن إيه؟" سألت.
      
      "واو، أنت أسوأ مني."
      
      بما إني مكنتش عملت أي بحث لحصة العلوم، ومكنتش أعرف إني لازم أعمل كده، أنا كمان قررت أتمشى في المدرسة. بصراحة، أنا نفسي مكنتش أعرف ليه اخترت أمشي معاه. أنا بس مشيت.
      
      نزلنا لغرفة الرسم، كان الوضع محرج، مكنش فيه حد في مستوى غرفة الرسم، كان هدوء ومكلمناش خالص. بعدين، جنب غرفة الرسم، شفنا بيانو كبير.
      
      جريت عليه وقعدت.
      
      "أنتي بتعرفي تعزفي ده؟" رفع حاجبه وسند على البيانو.
      
      "أيوة!" قولت وحطيت صوابعي على المفاتيح.
      
      عزفت مقطوعة كنت متعودة أتقنها. غمضت عيني ولسه بعزف بسلاسة. حتى وعيني مغمضة، كنت بقدر أحس بأي مفتاح أعزفه.
      
      قدرت أقول إنه كان معجب بيا أوي - وشه كان ملامحه ثابتة وبوقه كان مفتوح.
      
      "اقفل بوقك، هتخش دبانة!" قولت بعد ما خلصت عزف.
      
      لقيته بيبصلي. حول نظره وبقى ملامحه ثابتة. "يلا نمشي!" قال.
      
      "لفين؟" سألت وغطيت مفاتيح البيانو وأنا بقف عشان أمشي وراه.
      
      ماتكلمش وبقيت فضولية أعرف هو رايح فين.
      
      وصلنا لمخزن، بعيد أوي عن الفصول. كان في نفس الدور، الدور التالت، وكان مهجور أكتر.
      
      "ده!" قال، "ده مخبئي السري."
      
      "أ... أوكيه..." رديت بحرج ودخلت جوه. المخزن كان مليان صناديق وفوضى. كان فيه كمان ازايز فاضية وكام سيجارة مرميين. شفت ورق مرمي على الأرض، ورسومات على الحيطان، وأنا متأكدة إنه هو اللي عملها. كان مكان زبالة. بس كان دافي أوي، مكان مثالي نقعد فيه في الجو البرد ده.
      
      "لما جيت المدرسة دي أول مرة، مكنش عندي حد!" اتكلم فجأة. "لقيت المكان ده، وقعدت هنا كل يوم في الفسحة. لحد ما لقيت جيمين وجونجكوك. دلوقتي بيجوا هنا أوقات يدخنوا كمان."
      
      "بتدخن؟" شهقت.
      
      ابتسم بسخرية وطلع سيجارة من جيبه وحطها في بوقه. كان على وشك يولع الطرف التاني من السيجارة لما ضربت إيده والسيجارة والولاعة وقعوا على الأرض.
      
      "مش دلوقتي، مش بقدر أستحمل ريحة الدخان!" قولت وكتفت دراعاتي.
      
      "طيب ليه بتقوليلي كل ده؟" سألت.
      
      "مش عارف، بس حسيت إني عايز أقول كده!" رد.
      
      فجأة قرب مني وهمس بصوته العميق، "ده سر بينا، متقوليش لحد!"
      
      طلع صباعه الصغير واستناني عشان أشبكه.
      
      حسيت إني غريبة شوية. كنا دايمًا بنتخانق، بس أعتقد إنه خد دوا غلط. بالراحة قدمت صباعي الصغير وشبكته في صباعه، وابتسمت تلقائيًا. هو كمان ابتسم، ودي كانت أول مرة أشوفه يبتسم كده.
      
      أقصد، هو دايمًا بيبتسم، بس دايمًا كان ابتسامة شر، ابتسامة سخرية.
      
      المرة دي، شفته بيبتسم، شكله كان نقي، بريء، زي طفل صغير.
      
      سبت صباعه الصغير وقعدت على كومة صناديق.
      
      "ممكن تيجي هنا في أي وقت تحبي، وتطلعي غضبك، حزنك، زعلك، أي حاجة!" قال، ومكنش باين عليه إنه تايهيونج اللي أعرفه.
      
      جرس المدرسة رن وطلعنا احنا الاتنين من المخزن.
      
      كنا ماشيين ومقدرتش أبطل أفكر في اللي حصل دلوقتي لما فجأة وقف ولفلي.
      
      "إيه؟" قولت.
      "إيه؟ عايزة تتفرجي عليا وأنا بعمل بيبي؟" رد. أدركت إننا كنا ماشيين جنب حمام الأولاد.
      
      لفيت بسرعة ومشيت بسرعة عشان أرجع الفصل.
      
      آآه، محرج أوي!
      
      

      روايه كاريوكي

      كاريوكي

      2025, كاترينا يوسف

      رومانسية

      مجانا

      طالبة جامعية ملتزمة بتدرس في سول، بس حياتها الهادية بتتقلب لما صاحبتها ميساكي بتسحبها لليلة كاريوكي صاخبة. في نفس اليوم، إيلين بتتصدم بعربية شاب اسمه منجاي، وده بيفتح باب لمغامرات غير متوقعة. الرواية بتوصف إزاي إيلين بتكتشف جوانب جديدة في شخصيتها وبتواجه تحديات في علاقاتها وصداقاتها، كل ده وسط أجواء كوريا الجنوبية الشتوية.

      ميساكي

      زميلة إيلين في السكن وصاحبتها المقربة. شخصية مفعمة بالحياة والطاقة، بتحب المرح والخروج، ودايمًا بتشجع إيلين إنها تخرج من قوقعتها وتجرب حاجات جديدة. هي السبب الرئيسي في إن إيلين تروح الكاريوكي وتتعرف على مجموعة "الملائكة".

      منجاي

      شاب بيلتقي بإيلين بشكل غير متوقع لما بيخبط عجلتها. شخصية ودودة ولطيفة، وباين عليه إنه مسالم، لكن بيظهر إنه جزء من مجموعة ميساكي، وبيدخل حياة إيلين بشكل مفاجئ ومؤثر.

      سونجوا

      حبيب إيلين، شخصية بتميل للتحكم شوية وبتضايق لما إيلين بتركز على دراستها أكتر منه. علاقتهم فيها توترات بسبب اختلاف أولوياتهم، وده بيظهر بوضوح في نهاية المقتطف.
      تم نسخ الرابط
      روايه كاريوكي

      إيلين كانت بتتساءل إزاي الملائكة الحارسة ممكن تطير بتقل هموم الدنيا على جناحاتها. كانت بتتساءل إزاي بيخبوا أسرارهم الغامقة، وإزاي بيقدروا يخبوا هوياتهم المُرَّة بين رمشات رموشهم الطويلة، وإزاي ممكن يبتسموا ويضحكوا رغم النار السودة اللي بتلسع تحت سطح أرواحهم المنهكة.
      
      كانت زمان بتفتكر إن زميلتها في السكن واحدة من الكائنات المعذبة دي، لغز مشتعل بيستخدم روح مشرقة عشان يخبي مشاكله المرة. كانت بتفتكر إن تصرفات ميساكي المجنونة مجرد تمثيل، بس كل ما عرفتها أكتر، إيلين أدركت إن زميلتها دي مجرد كائن نشيط. بنت جامحة.
      
      وأيوه، بالرغم من الدوشة والفوضى، إيلين لسه بتحب زميلتها. كانت بتحب طريقة ميساكي وهي بتخبي ضحكاتها ورا صوابعها المطلية بالبمبي، وإزاي بتعيش حياتها بسرعة، وإزاي بتطلع البريق في معظم الناس. وعلى عكس ما إيلين كانت بتفتكر، ميساكي ما كانتش شيطانة.
      
      بس أكيد ما كانتش ملاك.
      
      "إيلين!" صرخت ميساكي وهي بتخطف كتف إيلين وتهزها زي قلم الألوان. لحد لحظات فاتوا، كانوا الاتنين بيدرسوا في شقتهم في سول، ومتقطعين أحيانًا بصوت كلاكسات العربيات من الشارع اللي تحت – إيلين كانت بتدرس، ميساكي كانت مشتتة (كالعادة). المباني البيضا اللي قصادهم كانت بتعكس درجات الرمادي والأبيض الباهتة للسما العصرية على شقتهم اللي كانت ألوانها محايدة برضه، وده كان بيرمي ضباب باهت وكسول على عقولهم المنهكة.
      
      يمكن إيلين بس هي اللي كانت حاسة بالإرهاق. ميساكي ما كانتش أبدًا بتفقد لمعانها.
      
      "لازم تيجي معانا الليلة دي،" ميساكي اتوسلت وشفتها اللي تحت طلعت لقدام. "هييحبوكي! أوعدك..." صوتها اختفى في صرخات بعيدة لما إيلين بصت من الشباك. عينيها بقت مبرقة، وكسل العصر كان بيغمرها، بيرحب بيها زي موجة ودودة.
      
      إيلين كانت محتاجة تنام.
      
      لما ميساكي كانت بتتحمس، كانت بتتكلم بسرعة. "ميسا،" إيلين قالت أخيرًا وهي رافعة إيديها. "ميسا، اهدي شوية!"
      
      زميلتها ابتسمت، عينيها البني الفاتحة لسه بتلمع. "آسفة،" ضحكت ميساكي وهي بتحاول تتكلم أبطأ. "بس من فضلك! لازم تيجي معانا ليلة الكاريوكي!"
      
      إيلين رمشت مرتين. اسمها عمره ما اتحط في نفس الجملة مع كاريوكي. "مش عارفة-"
      
      "أنا بتكلم عنك طول الوقت،" ميساكي كملت كلامها وهي مش مهتمة، "الطاقم كله عايز يقابلك..." ده كان أقل وصف ممكن يتقال عن إن ميساكي بتتكلم بجسمها كله. بإيديها الصغيرة اللي بتحرك الكلام على شفايفها بلون الكريز وعينيها اللي بتلمع من الحماس، كل جملة كانت بتطلع من بقها كانت بتلمع بشغف حقيقي.
      
      إيلين نفخت خدودها وقعدت من كرسيها الخشب. "مش عارفة يا ميسا،" إيلين قاطعتها. "ده مش باين عليه نوع الخروجة اللي بحبها."
      
      هالة ميساكي المتفجرة خفتت شوية. "آه،" أدركت وهي بتمرر إيديها في شعرها اللي فيه خصلات شقرا. "طيب." سكتت للحظة، وبعدين خطفت تليفون إيلين. كتبت عنوان بسرعة ورجعتهولها. "لو غيرتي رأيك، هنكون هنا الساعة سبعة."
      
      إيلين قدرت تبتسم ابتسامة باهتة، وهي بتشد خصلة من شعر ميساكي الأشقر. "هنشوف." وقفت من الكرسي اللي بيزيق، وموجة جديدة من النعاس غمرتها على طول. "عندي حصة."
      
      ميساكي لوحت بإيديها، وقعدت تلقائيًا في المكان الفاضي. "انبسطي،" قالت بابتسامة مشرقة، "بحبك!"
      
      إيلين لبست جاكيت عليها وبر على كتفها وقلدت تصرفات زميلتها. "وأنا كمان بحبك."
      
      الهوا البارد بتاع سول استقبل إيلين بقوة. ارتعشت، وشدت على الشال اللي ميساكي ادتهولها هدية. عمرها ما هتفهم إزاي الشتا في كوريا بيكون ساقعة موت، والصيف حر مولع. أم الطبيعة عمرها ما كانت بتقرر هنا.
      
      ذكريات حلوة اتجمعت على سطح مخ إيلين اللي زي رف الكتب. صور وضحكات بعيدة عدت قدام عينيها وهي بتفتكر الأسطح اللي عليها تلج في المركز السياحي المشهور في سول – قصر جيونج بوكجونج – اللي مامتها وباباها كانوا بياخدوها ليه في إجازات الشتا. افتكرت ليالي إعدادي اللي قضتها في ساحة التزلج على الجليد في لوت وورلد، وهي بتتزحلق بشكل كارثي زي غزال لسه مولود وإزاي صحابها التانيين كانوا بيتزحلقوا على الجليد برشاقة الراقصين.
      
      الشتا. إيلين في يوم من الأيام كانت بتحب الشتا.
      
      بس كل ما كبرت، التقدير ده بدأ يخفت. لما الجو بقى ساقعة، ولما الشمس ما كانتش بتظهر وشها تقريبًا، المشاعر المبهجة طارت وبقت مجرد ذكريات للبنت اللي كانت زمان بتستنى عند الشبابيك المتغطية بالضباب عشان تشوف ندفة تلج واحدة. لأن دلوقتي، إيلين كانت بتكره طريقة التلج وهو بيتسرب لأجزاء بوتها البالية، وإزاي الهوا كان قوي لدرجة إنه كان هيوقعها تقريبًا، وإزاي بشرتها كانت بتنشف، وإزاي السما كانت رمادي، رمادي أوي، دايمًا رمادي.
      
      هبة هوا ساقعة تانية عدت، ورجعت شعرها اللي كان مجنون أصلاً في الهوا. قشعريرة زحفت على رقبتها، والبرد كان بيقرص خدودها اللي لونها تفاحي.
      
      محطة المترو كانت زحمة، كالعادة، دوشة وزحمة بطلاب جامعة سول الوطنية التانيين اللي رايحين حصصهم بعد الظهر. إيلين ضيقت عينيها وسط الزحمة، بتدور على الوش المألوف اللي تعبت عشان تيجي عشانه هنا. بصت في ساعتها.
      
      أخيرًا، ظهر حبيبها سونجوا.
      
      جرى عليها وهو لابس جاكيت نفخ أبيض فاتح، وإيديه محشورة جوه جيوبه. "نونا،" حبيبها حيّاها، وخبطها بكتفه. "الجو ساقعة أوي النهاردة."
      
      إيلين بصت في عينيه البني. "آه،" قالت ببساطة، صوتها كان مكتوم تحت طيات شال ميساكي. "ساقعة." كان ساقعة كل يوم.
      
      الأتنين وقفوا في صمت، بيتفرجوا على القطارات وهي بتعدي وبيسمعوا صوت المحطة اللي بيتردد. إيلين كان عندها خيار إنها تروح محطة تانية أقرب كانت على بعد كام بلوك بس من شقتها، بس سونجوا أصر إنهم يتقابلوا قبل ما يروحوا الجامعة.
      
      إيلين بصت على سونجوا وهو بيطلع تليفونه، وكتب رسالة بسرعة، وحط إيديه في جيوبه تاني. هبة هوا عدت بينهم، ورمت شال ميساكي بره وخبطته زي علم أبيض.
      
      سونجوا أخيرًا لف ناحيتها، وابتسامة ساحرة بتلعب على شفايفه الشاحبة. "عايزة تيجي عندي الليلة دي؟"
      
      جزء من إيلين انكمش من الاقتراح. في الحقيقة، هي ما كانتش عايزة تروح شقته الصغيرة أوي (ولأ، مش عشان ريحة الكحول الرخيص اللي دايمًا موجودة). فابتسمت بلطف على قد ما قدرت بس هزت راسها بلا. "كنت ناوية أدرس الليلة دي،" قالت، بس صوتها اتغرق بسرعة في صوت المترو اللي بيقرب.
      
      "إيه؟" سونجوا صرخ فوق صوت القطار المستمر.
      
      "لازم أدرس!"
      
      سونجوا تنهد شوية. "بس انتي بقالك فترة بتدرسي أوي."
      
      إيلين بصت له، فتحت بقها وقفلته. أيوه، فكرت ردًا، ده اللي جيت الجامعة عشانه. سونجوا كان بيبقى كده لما إيلين بتستخدم الدراسة كحجة عشان تسيبه لوحدها، فعادة كانت بتصالحه عن طريق إنها تجيب له معجنات الفول الحلو المفضلة بتاعته من المخبز المحلي. "أنا عندي مشكلة في تاريخ علم النفس،" تمتمت.
      
      "أنا لسه مش فاهم ليه لازم تاخدي حصة تاريخ،" تمتم سونجوا، وشه كان رتيب.
      
      حاجة جوه إيلين دبلت. "ده تاريخ علم النفس."
      
      "أنا عارف."
      
      وقفوا في صمت لحظة، والقطارات كانت بتملى الصمت.
      
      "هاجبلك معجنات فول أحمر بكره،" نفخت وهي بتغير الموضوع بسرعة على قد ما قدرت، وأخيرًا أجبرت نفسها إنها تبص في عينيه. "صوتها حلو؟"
      
      
      
      
      
      ابتسم بسرعة تاني، الهوا كان بيطير شعره الغامق على عينيه. "هاتي اتنين. زميلي في السكن كان عايز يجربهم."
      
      ممتنة إنه مكانش بيتنرفز، إيلين عضت على شفتها، هزت راسها، وشدت القلنسوة بتاعتها على راسها وهما بيركبوا المترو.
      
      "أعتقد إني مكانتش بكدب على سونجوا بالكامل،" إيلين فكرت بمرارة وهي بتحاول تقرا خط إيدها اللي عامل زي خربشة الفراخ. كان واضح من الفترة اللي فاتت إنها فعلاً بتعاني في المادة دي.
      
      الحصة كانت خلصت من حوالي تلاتين دقيقة، بس إيلين كانت لسه سايقة عجلة من غير هدف في الجامعة، بتحاول تفهم اللي لسه اتعلمته. كانت بتكره ركوب العجل في الشتا - الطريقة اللي وشها بيحس بيها إنه متيبس وساقع بعد كل ركوبة - بس حست إن دي الطريقة الوحيدة عشان تحس إنها مخدرة عقليًا وجسديًا.
      
      عقل إيلين كان بيميل إنه يسرح في أيام زي دي، لما الهوا بيكون خفيف، لما السما بتكون بتتقفل، وتخبي الشمس ودفئها، وبتحس إن روحها بتختفي في نسيان أبيض متغطي بالتلج.
      
      وهي مكملة تزغد في مذكراتها، إيد ماسكة دراعات العجلة وإيد ماسكة كراستها المتكرمشة. هي بس مكانتش بتقدر تركز في الحصة لما الجو بيبقى كده. رفعت راسها للسما المليانة سحب، إيلين كملت سواقة العجلة على الرصيف المتشقق في حرم جامعة سيول الوطنية، وعينيها بتدمع من الهوا الساقع.
      
      ابتسامة حبيبها ظهرت في دماغها تاني، وإيلين أطلقت تنهيدة. سونجوا كان عنده حق غالبًا في إنه يحط دراستها قبل منه. كل اللي إيلين كانت بتعمله هو الدراسة. طبعًا، هي ممكن تلاقي وقت تشوفه فيه من وقت للتاني، صح؟
      
      "بس لو أنا مش عايزة أشوفه؟" صوت تاني في دماغها رد. إيلين فتحت وغمضت عينيها ببطء، وبتدوس على البدال أسرع.
      
      عربية ضربت كلاكس فجأة.
      
      عيني إيلين اتفتحت على آخرها. قبل ما تقدر تتفاعل أو حتى تفهم إيه اللي هيحصل، هي اتدفعت من غير هدف للشارع، وخبطت في عربية رمادي اللي بان إنها ظهرت من العدم. صرخة طلعت منها وهي بتتحدف من على عجلتها لورا، وبتتدحرج على الرصيف الخشن اللي تحتها. الأرض المتغطية بالتلج الخفيف استقبلتها بقرصة تلج قاسية. إيلين غطت راسها، غمضت عينيها جامد، واستنت إن العربية تدوسها. بس هي سمعت بس صوت خبطة عالية وصوت فرامل بتتضرب.
      
      كام راس اتلفت ناحيتها، وصوت شهقات وصراخ.
      
      "يا إلهي!"
      
      "شفت ده؟"
      
      "هي كويسة؟"
      
      إيلين فتحت عين واحدة، وبعدين التانية، وبتزغد في اللي حواليها. العربية الرمادي كانت عدت على عجلتها، وبعدين رجعت تاني، وظهرت دراعات العجلة المتطبقة، والعجل اللي بقى مسطح، والكرسي المكسور. قعدت ببطء، وهي بترمش في السحاب اللي فوقيها وبتحسس على جسمها عشان تشوف لو فيه أي إصابات. ألم حرقان في وركها لأنه خد أغلب الصدمة، وكان فيه خدش كبير في وشها، بس – إيلين وقفت ببطء – هي ممكن تمشي. زفرت بسرعة، وحطت إيدها على قلبها اللي كان بيدق بسرعة.
      
      وقفت هناك في الهوا الساقع، وقلبها بيدق، وبصت على العجلة المكسرة. كانت هتقع على ركبها.
      
      أخيرًا، باب العربية الرمادي الأمامي اتفتح، وظهر طالب تاني من جامعة سيول الوطنية. للحظة، كان فيه لمحة قلق عدت على وشه وهو بيمرر إيده في شعره الأسود، بس القلق ده اتحول بسرعة لحيرة. "إيه... إيه اللي حصل..." قال بالإنجليزية، وهو بيبص بعبوس على البنت اللي لسه خبطها بعربيته.
      
      "إيه اللي حصل في إيه؟" إيلين ردت بالإنجليزية، وهي بتقرب خطوة، بالرغم من إن إيديها لسه بتترعش. "انت لسه خبطتني بعربيتك يا عبقري!"
      
      الولد بص عليها، وبقه مفتوح، وعينيه البني واسعة. "مش هتقدر تحطي اللوم ده كله عليا،" قال، صوته كان عامل زي المية على الزجاج (بالرغم من الكلام اللي كان بيقوله). "عربيتي كانت بتتحرك بالعافية! انتي اللي سرّعتي للشارع من غير ما تاخدي بالك."
      
      "أنا مجرد مشاة!" صرخت. "المفروض تخليني أعدي."
      
      "كنتي بتبصي لفوق."
      
      إيلين فتحت بقها عشان ترد بس قفلته. هو كان عنده حق. عينيها كانت مقفولة. ولما كانوا مفتوحين، كانت بتبص للسحاب. مقدرتش غير إنها تبص له بذهول، كبريائها كان أكبر من إنها تكمل جدال. "بس عجلتي..." تمتمت وهي بتحط إيديها المرتعشة في جيوبها. هو مكانش ماشي بسرعة، بس يبدو إن كان فيه زخم كفاية عشان يدوس على عجلتها.
      
      الولد ابتسم فجأة؛ ابتسامة مشرقة، حقيقية. "طيب، انتي كويسة؟" سأل، وهو بيحول للكوري فجأة وكأنه بيختبر إذا كانت اللغة مألوفة ليها. من غير ما يستناها ترد، مشي ناحية العجلة المتطبقة، ورفعها برفق من الرصيف.
      
      إيلين بصت عليه. "أنا كويسة،" ردت، وهي كمان حولت للكوري. هما الاتنين كانوا محظوظين إنه خبط مؤخرة عجلتها. وإنه كان سايق ببطء في منطقة الجامعة. الولد حاول يرفع العجلة من الأرض ويسندها، بس وقعت على طول تقريبًا، والعجلة السايبة وقعت خالص. كان المنظر كوميدي تقريبًا.
      
      الولد عبّس، وهو بيحفر في جيبه. "ممكن آخد رقم تليفونك؟" سأل بالإنجليزية.
      
      "رقمي؟" بصت بذهول، وهي بتتأتئ فجأة وواعية لعدد الناس اللي لسه بيتفرجوا على آثار الحادثة.
      
      "اهدي،" كمل، "أنا هاصلحلك عجلتك."
      
      
      
      
      
      
      
      إيلين ماقدرتش غير إنها تبص بذهول أكتر. "تصلح؟" إيلين بصت بذهول، وهي بترمي إيدها ناحية العجلة المتكسرة. "دي ماتتصلحش."
      
      الولد فضل واقف، ماسك تليفونه. "ها... أحوش فلوس عشان أجيبلك واحدة جديدة، إذن."
      
      إيلين كانت عايزة تتخانق معاه، وتثبت موقفها، وتطلب منه أي حاجة، بس ماقدرتش تفوت الفرصة. "بس... إزاي أنت—"
      
      بصلها، ورفع حاجب، وكأنه فضولي بجد إيه شكواها من عجلة ببلاش. مين ممكن يرفض عجلة ببلاش؟
      
      هي لسه كانت عايزة تجادله، بس في النهاية كانت طالبة جامعية مفلسة. أخيرًا لقت الكلمات اللي ترد بيها، وقالت "ماشي،" وببطء خدت تليفونه في إيديها الناشفة. "شـ شكرًا." وإيديها بتترعش شوية، كتبت الأرقام المألوفة في تليفونه، والجراب البرتقالي الفاتح كان بيلمع بوضوح على خلفية الألوان البيضا والرمادية في حرم الجامعة الشتوي.
      
      اتنهدت. سونجوا مش هيوافق على ده.
      
      "أنا اللي خبطتك، في النهاية،" قال، صوته كان هادي وكأنه عرف إنها لسه بتترعش شوية. "أنا منجاي، على فكرة."
      
      إيلين رجعت التليفون البرتقالي ليه. "إيلين."
      
      منجاي حك شعره الغامق تاني. "أنا آسف إني كسرت عجلتك يا إيلين،" قال من فوق كتفه وهو بيشيل العجلة المكسورة لعربيته.
      
      إيلين ماعرفتش تقول إيه.
      
      "آه،" منجاي بدأ، وهو بيرفع صباعه عشان يخبط على عظمة خده. "عندك جرح صغير هنا. محتاجة... بلاستر؟"
      
      إيلين فورًا رفعت إيدها لخدها، وهي بتدعك الجلد المفتوح بالغلط. عضت على سنانها، وهي بتتكرمش من ألم حاد ضرب في وشها. "أنا غالبًا محتاجة أطهره الأول،" إيلين تمتمت لنفسها.
      
      "أنا عندي بلاستر في—" منجاي قطع كلامه. بسرعة، سند العجلة المكسرة على جنب عربيته وفتح باب الراكب. إيلين بصت من غير كلام وراسه اختفت تحت التابلوه وظهرت ورا الزجاج الأمامي.
      
      "لقيت واحد!" رجع بسرعة، وهو بيقشر الغلاف. ولدهشة إيلين، رفع بلاستر عليه صور هيلو كيتي. حواجبها طلعت لفوق. "هنا." منجاي بدأ يرفع البلاستر لوشها، بس بسرعة سحب إيديه واداهولها بالأتنين. إيلين خدته بسرعة.
      
      قبل ما تقدر تكون جملة مفهومة، منجاي لف بسرعة ورجع للعربية. "هاجبلك عجلة جديدة قريب!" قال، وهو بيحطها في الشنطة. "أتمنى... خدك يتحسن؟"
      
      اتحرك بسرعة، وقفل الشنطة بقوة ونط في كرسي السواق قبل ما تقدر ترمش.
      
      إيلين بلعت ريقها. "شكرًا لـ—"
      
      بسرعة ما وصل، منجاي شغل الموتور وساق ومشي، أعمق جوه الحرم الجامعي.
      
      إيلين بصت على عربيته وهي بتختفي في المسافة، والبلاستر في إيديها، والعجلة مش موجودة، وخدها بيحرقان مع كل هبة هوا جديدة بتلطش في وشها.
      
      "شكرًا لك،" تمتمت أخيرًا، "منجاي."
      
      
      
      
      
      
      مستحيل إيلين كانت تتخيل إنها ممكن في يوم من الأيام تدخل أوضة كاريوكي. بس يا سبحان الله، متخبية في البلد كانت مكان ميساكي المفضل للكاريوكي. وهناك كانت إيلين. واقفة عند الباب.
      
      إيلين ما كانتش بتشوف نفسها شخصية عفوية. في الحقيقة، هي نادرا ما كانت بتروح مناسبات مش مكتوبة في مفكرتها. ومع ذلك، وبطريقة ما، بعد الأحداث الفوضوية اللي حصلت بدري في اليوم ده، إيلين ما كانتش عايزة تموت وهي بتقول إنها بس درست طول فترة جامعتها.
      
      إيلين نفخت خدودها، وهي بتبص على نفسها وهي بتتنفس الهوا اللي بيختفي في الضلمة. هي مش هتخلي مخاوفها تمنعها من ليلة ممتعة. على الأقل، هتحاول.
      
      الأضواء الوردية الفلورسنت اللي بره مبنى كاريوكي NRB انفجرت على المباني الطوب في الحارة. الألوان كانت بتنبض بالحياة، عشان ترحب بإيلين في الدوشة والفوضى اللي جوه أوض الكاريوكي. إيلين بلعت ريقها ببطء ودعكت صوابعها في بعض تحت جوانتيها الجلد، لسه بتحاول تقرر إذا كانت غبية تمامًا ولا لأ.
      
      الساعة سبعة، فكرت، وهي بتطلع تنهيدة تانية في الهوا الساقع.
      
      "هيحبوكي!" كلمات ميساكي طارت في دماغ إيلين تاني. مش هيضر إنها تخرج المرة دي بس، صح؟ هي ما خرجتش من أول الترم، وده كان عشان "العشا الإلزامي" الفظيع اللي كام طالب من سنها الأكبر أصروا عليه. وهي لسه ما كلمتهمش من ساعتها.
      
      بس نتمنى إن المرة دي ما تبقاش وحشة زي ما إيلين كانت متوقعة. أخيرًا، بعد ما خدت نفس تاني، إيلين رفعت راسها لفوق ومشيت جوه المبنى اللي نوره ساطع.
      
      "لين، انتي جيتي!" صوت عالي نادى. جوه مبنى الكاريوكي كان النور خافت، بيرمي توهج غريب على منطقة الانتظار الفاضية. كانت ليلة أربع، فالمبنى كان فاضي إلى حد ما، ما عدا كام طالب تاني قرروا يغنوا بدل ما يدرسوا. إيلين أخيرًا لفت ناحية الصوت العالي والمألوف، واستقبلتها تلقائيًا ميساكي مبتسمة. "سون هي خلاص غنت أغنية،" البنت بدأت، وهي بتشد إيلين ناحية واحدة من الأوض. "وجي وو على وشك تبدأ." ميساكي قادتها من المساحة الأكبر وفي ممر، وهي بتاخد وقتها عشان تبص في كل باب في الممر. كل باب كان فيه شباك، بيسمح لإيلين تشوف لمحة جوه كل أوضة كاريوكي. بالرغم من عزل الصوت والأبواب المقفولة، قدرت تسمع الأصوات السكرانة والضحك اللي جاي من الأوض.
      
      إيلين استعجلت المشي، وهي بتحاول تطابق الوشوش بالأسماء في دماغها المتلخبط. "سون هي هي الطويلة، صح؟" حاولت تقول. "عندها نمش؟" هي ما توقعتش إن ميساكي هتبتسم وتأوم.
      
      "صحيح،" ميساكي ردت زي أم فخورة وهي بتفتح باب بقوة. "جي وو شعرها بمبي." قبل ما إيلين تقدر ترد، اتسحبت في أوضة ضلمة منورة بأضواء نيون زرقا وصفرا منقطة على الحيطان زي دهان مشع.
      
      خمس رؤوس لفت ناحية الباب المفتوح، اتنين منهم كانوا البنت الطويلة اللي عندها نمش والجميلة ذات الشعر البمبي اللي ميساكي وصفتها قبل كده. "خمنوا مين أخيرًا قرر يظهر!" ميساكي أعلنت، ومرة تانية سحبت إيلين للمركز.
      
      لدهشتها، إيلين استقبلتها كورال من الترحيب والابتسامات، ودعوات ومشروبات.
      
      "إيلين، سعيد جدا إني قابلتك أخيرًا!"
      
      "زميلة ميساكي في السكن، صح؟"
      
      كام تحية تانية بالكوري عدت من ودانها ودماغها لسه بتحاول تستوعب المنظر والوشوش الجديدة. وهي بتحاول تبتسم أحسن ابتسامة ليها، حيّتهم واتحركت ببطء ناحية مؤخرة الأوضة.
      
      هي قعدت بسرعة جنب ولد طويل عينيه كانت بتلمع كل ما يرمش. "أنا هاخد الأغنية اللي جاية!" الولد صرخ، بالرغم من إن الأوضة كانت صغيرة كفاية عشان الكل يسمع.
      
      "لا!" حد من المجموعة صرخ.
      
      "إيمز، لا!"
      
      حتى ميساكي كانت بتتأوه. "أنا كنت فاكرة إن دور جي وو!"
      
      بالرغم من البكاء والصراخ، الولد – إيمز – وقف، نفض هدومه، وخد الميكروفون اللامع من الترابيزة اللي في النص. "ده دوري،" قال، وهو بيصفي زوره بصوت عالي وبشكل درامي.
      
      إيلين رفعت حاجبها لما باقي المجموعة بدأوا يغطوا ودانهم. لحن بيانو بطيء ومتصاعد بدأ يدوي من السماعات القوية والاوضة كلها لفت ناحية التلفزيون اللي بيعمي العين على الحيطة. قبل ما أي حد منهم يعرف، الكلمات المربعة ظهرت على الشاشة.
      
      إيمز خد نفس عميق وغنى.
      
      إيلين ندمت إنها جت هنا في اللحظة اللي أول نوتة طلعت من شفايفه.
      
      هي ماعرفتش إيه اللي كان طالع من أحبال إيمز الصوتية، بس أكيد ما كانش موسيقى. باقي صحابه باين عليهم اتفقوا معاه وهو بيكمل الأغنية، وهو بيصرخ ويعوي زي كلب مجروح في الميكروفون.
      
      بطريقة ما، إيلين لقت نفسها بتضحك وهي بتلف لميساكي.
      
      ميساكي رجعت راسها لورا، وهي بتضحك بصوت عالي. "هو بيغني من قلبه!" ردت، وهي بتاخد رشفة من أي مشروب كانت طلبته. "خليه ياخد وقته."
      
      البنتين رجعوا للولد اللي بيغني والأنوار كلها عليه. "بنمشي مع بعض على الطريق المهجور،" غنى بصوت عالي، وبشغف، والبيانو المنتشر كان بيشيل نغماته المعذبة في الهوا الضبابي.
      
      المجموعة كلها كانت بتبص عليه بذهول، وبيبتسموا بغباء وهما مغطيين ودانهم.
      
      "إزاي أقدر أحب وجع القلب..."
      
      اتكرمشوا.
      
      "... لما انت اللي بحبه،" غنى إيمز، وهو قابض على قلبه.
      
      المجموعة كملت تتفرج بذهول.
      
      إيلين حست بضحكة تانية تهرب منها. كان فيه عرق بارز من رقبته. "هو متحمس أوي للموضوع ده، مش كده؟"
      
      "ليلة الكاريوكي هي ليلة إيمز المفضلة، طبعًا،" صوت تاني رد. إيلين لفت شوية عشان تشوف البنت اللي عندها نمش، سون هي، اللي كانت بتحاول تخبي ضحكتها من غير نجاح.
      
      "وبطريقة ما، هو بيعرف يغني الجزء الرجالي والجزء النسائي،" ميساكي ضحكت، وهي كمان فشلت. أخيرًا، اللحظة اللي المجموعة كانت مستنياها، إيمز خلص أغنيته اللي بتحرق القلب بشغف، "حبنا عميق زي المحيط، واستنوا لحد ما ينشف هيكون وداعنا."
      
      البيانو خفت تدريجيًا في صمت وبسرعة اتحل محله تصفيق متقطع من المجموعة. هتفات، وتشجيع، وضحك بسرعة ملأ الهوا اللي كان حزين قبل كده.
      
      "جميل يا إيمز!" بنت تانية صرخت بسخرية. "عمرك ما بتفشل!"
      
      "وداني بتنزف!" ولد اتأوه.
      
      إيلين شخرت.
      
      "ده، يا صديقتي،" ميساكي بدأت وهي بتلف عشان تبص في عيني إيلين، "هو الجانب المظلم لـ 'الملائكة'." إيلين بصت ليها، وبعدين لباقي المجموعة، وفجأة أدركت إن دي هي المجموعة اللي ميساكي كانت هتموت وتخليها تقابلها. افتكرت أخيرًا إن أغلب صحاب ميساكي كانوا راقصين معاصرين وحديثين. هي كانت قاعدة مع كام واحد من "ملائكة" جامعة سيول الوطنية.
      
      بالرغم من كلمات ميساكي الدرامية، باقي مجموعة الرقص ضحكوا، ورفعوا مشروباتهم وشربوها زي ما يكون مفيش بكره.
      
      "طيب، ده كان فظيع،" سون هي قالت بتنهيدة درامية. خطفت المايك من إيمز اللي كان زعلان واديته للبنت اللي شعرها بمبي. "خلي جي وو تنضف وداننا."
      
      الباقي هللوا، وهم بيرددوا اسم جي وو.
      
      بس قبل ما جي وو تقدر تقول كلمة واحدة، الباب اتفتح بسرعة، وغرق نور الشارع الأصفر الأوضة النيون. الكل لف ناحية الباب لما الشخص دخل بسرعة، وقفل الباب لما أضواء الديسكو النيون ضربت مباشرة على وشه.
      
      إيلين بصت بذهول للشخص.
      
      "مين-مين!"
      
      "جيمي!"
      
      "جاي أخيرًا هنا!"
      
      دماغ إيلين بالعافية كانت بتلاحق الحماس اللي طالع من باقي أعضاء الطاقم.
      
      ميساكي وقفت، وحطت الميكروفون التاني في إيدين مينجاي نفسه. "إيه اللي أخّرك أوي يا مينجاي؟" سألت، وهي بتوجهه لمقاعد المنتصف.
      
      "كنت بشتري عجل،" الولد قال بلامبالاة، وهو بيمرر إيده في شعره. إيلين ماقدرتش غير إنها تبص له أكتر، مليون سؤال بيدق في دماغها.
      
      ميساكي تجاهلته. "أتمنى ما تزعلكش، بس أنا عزمت زميلتي في السكن!" مسكت دراع إيلين وشدتها ناحية الوافد الجديد. "هي مش بتخرج كتير."
      
      إيلين حست عينيها بتوسع وخدودها بتسخن. "أهـ أهلًا،" تمتمت، صوتها واطي بشكل محرج.
      
      ولدهشتها، عيني مينجاي بس نورت وابتسامة لطيفة انتشرت على وشه. "إيلين!" قال بمرح. "ما كنتش أعرف إنك صاحبة ميساكي!"
      
      ميساكي لفت دراعها حوالين كتف إيلين قبل ما الأخيرة تقدر تستوعب إيه اللي بيحصل. "إزاي تعرفي صاحبتي المفضلة يا جيمي؟" ميساكي سألت.
      
      "آه،" ضحك بهدوء. "أنا خبطتها بعربيتي النهاردة."
      
      الدوشة اللي في الخلفية وقفت.
      
      "أنت إيه؟"
      
      
      
      
      
      
      ميساكي شهقت بصوت عالي، وهي بتعصر إيلين أقوى من الأول. "إيلين!" ميساكي بصت بذهول، "ما قولتليش إن المجنون ده خبطك! كويسة؟ كسرتي أي عظم؟ إيه اللي حصل لـ-"
      إيلين مسكت خدود صاحبتها المنتفخة. "أنا كويسة!" قالت بسرعة، وبصوت عالي كفاية عشان كل فريق الرقص يسمعها. "هو بس كسر عجلتي، ده كل اللي حصل." لفت لمنجاي، اللي كان بيحك ورا راسه.
      "أتمنى البلاستر نفع؟" حاول يقول. "مرة تانية، أنا آسف."
      إيلين ما قدرتش تتمالك نفسها من الضحك لما ذكر بلاستر هيلو كيتي بتاعه. "كان غلطي أنا،" ردت ببطء، وهي ماسكة إيديها قدامها.
      "بما إن جيمي هنا،" صوت إيمز رن في الأوضة وهو بيشبك دراعه في دراع منجاي. "وقت الغنى يا معلم!"
      الأوضة اتحولت لكورال من الهتافات لما منجاي اتزق لمنتصف الكنبة. عينيه وسعت، بس لسه فيه ابتسامة حقيقية على وشه. "آه، من فضلكم. مش هقدر أعمل ده وأنا فايق."
      "ديو إذن!" ميساكي ردت. "هنجيبلك حاجة تشربها وأنت بتسخن."
      منجاي لف لإيمز. "رئاتك مستعدة لده؟"
      إيمز ابتسم وأومأ. بس المجموعة صفّرت احتجاجًا.
      "مش إيمز تاني، من فضلك،" ميساكي اتوسلت. "آه!" ابتسمت، وادت المايك التاني لإيلين على طول. "إيلين لسه ما غنتش!"
      المجموعة فجأة بقت بتشجع وإيلين بقها اتفتح. "يا إلهي."
      لمحت نظرة منجاي، وهي بتتمنى إنه يطلعها من الموقف المحرج ده، بس هو بس ابتسم. "ما فيش حد هنا بيعرف يغني،" قال بطمأنينة وهو بيضحك، "يعني، ما عدا جي وو غالبًا. إحنا مش بنحاول نغني كويس. بس انبسطوا، ماشي؟"
      
      انتباه المجموعة اتجه بعد كده للشاشة العملاقة لما حد قلب في قائمة الأغاني. ميساكي فجأة شهقت بصوت عالي. "هي، هي، هي!" صرخت فوق الدوشة، وهي بتشاور على الشاشة. "إيلين بتحب الأغنية دي! ليه ما تغنوش الأغنية دي؟"
      إيلين بصت بسرعة لفوق، عينيها بتحاول تلاقي الأغنية اللي هي المفروض بتحبها. "إيه الأغنية اللي اخترتيها دلوقتي يا ميساكي أونو؟" سألتها بأكثر صوت مرعب ليها.
      الأغنية اتحددت، ومنجاي بدأ يضحك. السماعات بدأت تشغل اللحن والأوضة بسرعة اتملت بصوت "ياه، ياه" خافت.
      إيلين أتأوهت، دماغها أخيرًا استوعبت الأغنية. "أكيد بتهزري يا ميسا." ده كان هيصبح محرج أوي. بس ماقدرتش تتجاهل موجة الحنين اللي غمرتها لما اللحن المألوف ملأ ودانها.
      منجاي قابل نظرتها. "جاهزة؟"
      ضحكت بسخرية. "لأ."
      هو غنى المقطع الأول. "أنت... ناري،" غنى.
      إيلين بلعت ريقها. "الرغبة... الوحيدة..." غنت، صوتها انكمش لأقل درجة.
      "صدقي لما أقول..."
      والأوضة كلها شاركت بأصواتهم النشاز وهي بتصرخ، "أنا عايزها كده!" بأعلى صوت عندهم.
      ألعاب نارية انفجرت في صدرها لما المجموعة خدت الأغنية في إيديها، كل واحد بيغني في مقام مختلف. الصوت كان وحش. وحش تمامًا. بس لما الأضواء الساطعة انفجرت على الحيطان والميكات اللامعة بعتت انعكاسات على وشوش المغنيين، قلبها تحرر من توتره.
      يمكن الخروج ما كانش سيء أوي بعد كل ده.
      "شفتي؟" ميساكي سألت وهي ماسكة إيد إيلين. "ما كانش سيء أوي." المجموعة أخيرًا خلصت فقرة الغنا بتاعتها، وكل عضو طلع بصوت مبحوح وطبلة أذن مكسورة. كانت بعد منتصف الليل والكثير من "ملائكة" جامعة سيول الوطنية كانوا أكتر من إنهم بس سكرانين، بس شوارع سول كانت لسه مليانة حركة، أضواء المدينة البيضا المبهرة بتلمع بألوان وتنور طريقهم للبيوت.
      المجموعة كانت بتترنح ورا بعضها، ماسكين إيدين بعض وبيطبطبوا على خدودهم اللي لونها أحمر نبيتي. إيمز، أكتر واحد سكران فيهم، اسرع لقدام المجموعة، والهوا الساقع كان بيطير شعره الغامق حواليه. "هاجب شوية فراخ مقلية!" صرخ، بصوت عالي لدرجة إن البلد كلها تقدر تسمعه. "مين عايز يجي معايا!"
      ولدهشة إيلين، تقريبًا كل المجموعة رفعت عينيها اللي عليها آثار سُكر لملك الفراخ المقلي بتاعهم. إيلين هزت راسها بسرعة. "أنا- أنا هاروح البيت."
      ميساكي بدأت تتبع إيمز بس لفت لصاحبتها. "كويسة تروحي لوحدك؟" سألت بهدوء. "هاجي معاكي. الوقت متأخر أوي."
      إيلين هزت راسها بسرعة - باين عليها كانت أكتر واحدة فيهم فايقة. "أنت عارفة إنها على بعد خطوة. إحنا خدنا الطريق ده ميت مرة."
      "ابعتيلي رسالة لما توصلي،" ميساكي ردت بعناد. "لو ما بعتليش، أنا هاتصل بالـ-"
      إيلين لوحتلها. "هاكون كويسة يا ميسا. روحي انبسطي."
      لحسن الحظ، المجموعة فهمت، وابتسمت ولوحت بإيديها. "شكرًا إنك جيتي معانا يا إيلين!" سون هي نادت من فوق كتفها وجي وو مسكت إيدها. "هنوفرلك شوية فراخ!" الراقصين الجوعانين تبعوا إيمز في شوارع سول الصاخبة، بيضحكوا ويهللوا زي مجموعة من الأغبياء.
      منجاي ظهر فجأة جنبها. "أنا ما أثقش في كلام سون هي،" قال بالإنجليزية، وهو بيبتسم. إيلين شخرت بهدوء، وهي بتلوح لميساكي وهي بتتبع باقي المجموعة.
      "وليه كده؟" إيلين سألت، وهي كمان حولت للإنجليزية.
      "كلهم عندهم شهية وحوش،" منجاي قال بتنهيدة عالية، "أنا عملت غلطة لما دفعت لهم تمن أكلهم مرة."
      ضحكت، وهي عارفة إن ميساكي تقدر تاكل تلات فراخ كاملة لو عايزة. رفعت راسها، عينيها بتتحرك عبر أضواء المدينة الساطعة. "أنت رايح ترجع الشقق؟" سألت.
      منجاي أومأ، وهو بيتبع نظرتها. الاتنين رجعوا للمجموعة اللي لسه مليانة طاقة وبصوا وهما بيختفوا في مطعم الفراخ المقلي المحلي زي خيول مهوسة.
      إيلين لفت راسها للطريق المعتاد بتاعها، بس وقفت وقابلت نظرة منجاي. هل هو كان هيوصلها البيت؟ منجاي باين عليه عرف إيه اللي إيلين بتفكر فيه، لأنه هو كمان وقف، وبان عليه الحرج فجأة. "شقّتي في الطريق ده كمان،" وضح بسرعة، "أنا بس... ما كنتش عايزك تستخدمي الاختصار ده بعد الضلمة."
      إيلين أومأت ببطء. الاختصار ده كان غالبًا من أكتر المناطق المشبوهة في الجامعة، وعمره ما كان فكرة كويسة لأي حد يمشي لوحده متأخر أوي، أو أبدًا.
      تحت نور القمر، الاتنين مشيوا في شوارع سول، وعملوا محادثة هادية والنجوم بتسمعهم. إيلين لفت للراقص اللي عينيه بتلمع وماشي جنبها، وعشرات الأسئلة بتجري في دماغها. "إزاي... هتدفع تمن عجلتي؟" اختارت إنها تسأل. في اللحظة اللي الجملة طلعت من شفايفها، حست بالذنب فورًا إنها بتتدخل في شؤونه.
      بس منجاي أومأ تاني. "أنا باخد فلوس... من بابا أحيانًا،" قال ببطء، بحذر والقمر بيرسم ملامحه. ابتسم على ده، بس ما كانش فيه فرحة على وشه. إيلين استنته يكمل، بس هو ما وضحش.
      كملوا المشي، أهدى دلوقتي، وأصوات المدينة الصاخبة خفتت. ببطء، سابوا الفوضى ودخلوا الحرم الجامعي النايم. الاتنين عدوا على السوبر ماركت المحلي، وأضوائه البيضا القوية كانت بترمي ظلالهم على الرصيف الطوب.
      فجأة، باب المحل الزجاجي اتفتح وصوت أجراس رنت، وكشفت عن آخر وش إيلين كانت عايزة تشوفه الليلة دي. قلبها وقع على الأسفلت اللي تحتها.
      "سـ سونجوا،" إيلين اتنهدت، والندم غرقها زي الحبر في المية. وهناك كان واقف، في إطار الباب بجاكيته الأبيض الثقيل، وكيس بلاستيك في إيده اللي لابسة جوانتي.
      "نونا؟" سونجوا بص بذهول، والغضب لمع على ملامحه. عينيه اتجهت لمنجاي، وبعدين لإيلين تاني لما هبة هوا ساقعة طارت شعره الغامق من عينيه. "بتعملي إيه هنا؟" لف. "ومين ده؟"
      منجاي انحنى شوية، بسرعة، "أهلًا،" حيّا بالكوري. "منجاي لي."
      إيلين ماقدرتش تتكلم.
      سونجوا تجاهل منجاي تمامًا. "كنت فاكرك بتدرسي،" اتهمها.
      "سونجوا، استنى-"
      "مش زي ما باين عليه،" منجاي رد بسرعة، "إيلين اتسحبت للكاريوكي معانا-"
      "مش عايز أسمع منك،" سونجوا رد بغضب. للحظة، بان كأنه هيبدأ يتنرفز، بس هو بس نفخ بصوت عالي. "كلميني لما ما تكونيش بتكدبي في وشي."
      "إيه؟ أنا أوعدك إني—"
      هو رماهم هما الاتنين بنظرة أخيرة قبل ما يلف ويرجع للحرم الجامعي، وهو بيخبط كتف منجاي في طريقه.
      الأتنين وقفوا في صمت، بيتفرجوا على سونجوا وهو بيختفي. منجاي كسر الصمت بسرعة، وهو بيلف ليها. "أنا آسف أوي."
      "مش غلطتك،" إيلين ردت، وهي بتهز راسها. هو دايمًا بيبان كأنه بيعتذر عن حاجات مش مسؤول عنها. بصت على جزمتها، وبعدين رجعت لعينيه البني. "يلا... يلا نروح البيت."
      منجاي وافق بصمت، ومع بعض، مشيوا في الطريق، وأعمدة الإضاءة الصفرا بتنور طريقهم.
      إيلين دعكت إيدها على وشها، ونظرة سونجوا بتلمع في دماغها.
      كانت محتاجة تشتري كمية كبيرة من معجنات الفول بكره.
       
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء