موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        رواية عائلة في الميناء

        عائلة في الميناء

        2025, Jumana

        رومانسية

        مجانا

        بتحاول تحافظ على بيتها وحانتهم القديمة في بالتيمور سنة 1812، وقت ما الحرب مع بريطانيا كانت لسه معلنة والبلد في فوضى. أخوها تشارلز، الجندي، عايزها تسيب كل حاجة وتهرب معاهم عشان يحموا أختهم الصغيرة لوتي من راجل فرنسي شرير اسمه لو كوكين عايز يتجوز لوتي غصب عنها. فيدليا بترفض تسيب بيت أهلها اللي بيجمع ذكرياتهم، وبتفضل تواجه لو كوكين لوحدها بعد ما تشارلز بيضطر يمشي مع كتيبته، وده بيخليها في موقف صعب جداً.

        فيدليا

        متمسكة ببيتها وذكريات أهلها. بتشتغل في حانة عيلتها وبتحاول تحمي أختها الصغيرة. عنيدة ومبتخافش تواجه الصعاب.

        تشارلز

        أخو فيدليا الكبير، جندي في الجيش الأمريكي. بيحاول يحمي أخواته وبيخاف عليهم جداً، بس بيضطر يسيبهم عشان واجبه العسكري.

        لوطي

        أخت فيدليا وتشارلز الصغيرة، عندها 16 سنة وبتشتغل في الاختراعات. بريئة وشكلها مش بتدرك الخطر اللي حواليها.
        تم نسخ الرابط
        رواية عائلة في الميناء

        بالتيمور، 21 يونيو 1812
        
        فيدليا رمت عجينة العيش على ترابيزة الشغل المتآكلة بتاعتها، والقوة اللي رمت بيها خلت الرجلين الخشب تتهز.
        
        "إزاي تطلب مني أسيب بيتي؟" قالت وهي بتغرز كف إيدها في العجينة الطرية. بقالها تسع سنين بتعجن عيش على الترابيزة دي، وعملت حتة غويطة في السطح البني الناعم.
        
        حانتهم، اللي كانت عبارة عن حظيرة خشب قديمة باباها كان صلحها، ما كانتش حاجة فخمة. بس الألواح، اللي ناعمة من سنين الضباب، كانت لسه بتحمي العيلة من برد مينا بالتيمور.
        
        تشارلز، أخوها الكبير، سَنَد على الترابيزة عشان يثبتها. "أنا مش بطلب. أنا بامر."
        
        شعر فيدليا الكيرلي النحاسي كان متلملم في طرحة قديمة، بس خصلة منه هربت ونزلت على خدها. زقت الخصلة المتمردة دي عن وشها بظهر إيدها وبصتله بغضب. "أنا مش عسكرية زيك."
        
        "وده بالظبط ليه ما تقدريش تقعدي." عينين تشارلز الزرقا الفاتحة، اللي كانت ملفته على بشرته الغامقة، حذرتها ما تناقشوش. "الرئيس ماديسون لسه معلن الحرب على بريطانيا العظمى. فيه شغب في الشوارع. راجل مات."
        
        فيدليا فركت العجينة في الترابيزة تاني. الخشب أنّ من الاعتراض. هيوقع في أي يوم دلوقتي وهي خايفة من تكلفة تصليحه.
        
        بعد سنين من الصراعات الصغيرة بين أمريكا وسيدها القديم، بريطانيا العظمى كانت عندها الجرأة إنها تجبر البحارة الأمريكان يدخلوا البحرية البريطانية وتمنع التجارة مع نابليون. الرئيس ماديسون كان أعلن الحرب على بريطانيا العظمى من أربع أيام، وفي الليلة دي شوية ديمقراطيين مؤيدين للحرب هجموا على مطبعة الفدراليين المعارضين للحرب. المطبعة اتحرقت، والفدراليين اتضربوا في الشوارع، وواحد من المخربين وقع من شباك.
        
        غبي، فيدليا فكرت.
        
        "إحنا عشنا شغب قبل كده،" تمتمت وهي بتشتغل العجينة بغضب. "فاكرة شغب الدكتور اللي كان بيتعلم جراحة على الجثث؟ ناس كتير ماتت وقتها وحانتنا كانت كويسة."
        
        "بس دلوقتي بابا مات، وده مش زي أي شغب عشناه قبل كده." صوت تشارلز علي، وخبط إيده على الترابيزة، "أنا لازم أروح وحدتي النهاردة."
        
        فيدليا اتنفضت. نبرة صوته دخلت برد في جسمها وهي غرست صوابعها في العجينة الطرية عشان تخبي رعشتهم. تشارلز عمره ما زعق لها، ولا في 18 سنة عمرها كلها.
        
        بصتله بغضب. "أنا أعرف أحسن منك إن بابا مات. مين فاكرك كان بيأكل العيلة دي من ساعة ما اتقتل؟"
        
        عينيه نزلت على بنطلونه الكحلي الغامق، والحمالات السودا بتاعته كانت متعلقة من وسطه. دي كانت أول مرة تشوفه لابس هدوم جديدة. بس دي كانت جزء من زيه العسكري وهي كانت عايزة ترجع لما تشوفها. إزاي يقدر يسيبهم؟
        
        "كل اللي بطلبه منك إنك تفكري في الأحسن للوطي،" تشارلز قال، ووشه الغاضب اختفى وبقى الأخ الكبير اللطيف والمألوف اللي كانت بتحبه جدًا.
        
        فيدليا حطت العجينة في طبق خشب عشان تخمر وغطتها بفوطة قديمة. الفوطة كانت صفرا من كتر السن ومهلهلة من الأطراف، مامتها كانت بتستخدمها كده لما وصلوا بالتيمور أول مرة من عشر سنين.
        
        ---
        
        بعد ما قشرت بواقي العجين من بين صوابعها بمريلة المطبخ البني الفاتح بتاعتها، خدت لحظة عشان تكحت العجين من تحت ضوافرها، وبعدين شالت طبق أكل ودسته في إيد تشارلز.
        
        "خد،" قالت، "دول جاهزين يطلعوا." شالت طبقين تانيين ومشيت وراه لباب المطبخ، ووقفت تبص على الحانة اللي ورا.
        
        باباها كان قضى ساعات وهو بيبني ترابيزات من خشب الطوافي وبيجمع كراسي مرمية من السفن. كانت لسه بتشوف مامتها بتطير هنا وهناك، وشايلة أطباق مليانة أكل وروم بإيديها الاتنين. فيدليا غمضت عينيها عشان تشيل المنظر ده، وقلبها كان واجعها.
        
        مع إن أهلها ماتوا، زباين فيدليا الجعانين لسه موجودين. بحار عجوز بخروم في قبعته الصوف الحمرا كان بيبص من غير حركة في النار اللي بتولع وتطفي. مدام فالوي، مرات الحداد، كانت قاعدة في الزاوية مع ستاتين تانيين، وأولادهم بيلعبوا بعرايس قماش على رجليهم.
        
        "أنا بفكر في لوتي،" قالت. حطت طبق قدام الراجل العجوز اللي لابس القبعة الحمرا. فضل من غير حركة.
        
        لوتي، أختهم اللي عندها ستاشر سنة، رفعت راسها من مكان ما كانت قاعدة على السلالم، وبتشخبط في كشكول اختراعاتها. عينيها الزرقا الواسعة كانت باينة عليها مذهولة شوية. قفلت الكشكول بسرعة وقامت وقفت.
        
        "كنت بشتغل،" قالت وهي بتبتسم لهم ابتسامة خجولة. سحبت قماشة من مريلتها ومسحت ترابيزة. "والله."
        
        تشارلز ابتسم لها، مع إن عينيه فضلت بهتانة. لما لوتي اطمنت إنها مش في مشكلة عشان اتلهت تاني، تشارلز رجع بص لفيدليا.
        
        "أرجوكي، فيدليا،" سد طريقها، وبقى شكله خيال في الضوء الساطع اللي جاي من الشبابيك.
        
        قدرت تحس بقوة عينيه اللي بتترجاها، حتى وهي بتبص بعيد.
        
        "تعالي معايا،" توسل. "أنا... فكرة إني أسيبكوا انتوا الاتنين هنا لوحدكوا بتملاني رعب."
        
        بصت وراه، من الشبابيك، على خليج تشيسابيك اللي ورا. حصان رمادي بهتان على ماكينة الطين، كان بيشتغل بجد وهو بيجرف الطين من المينا. وركه اللي باين عظمه كان بيتحرك تحت فروه المترب وهو بيلف ويلف في حزام الشغل بتاعه.
        
        هي كانت دايماً بتتخيل إنها هي كمان هتفضل هنا للأبد، وتشتغل كل يوم. إزاي تقدر تسيب كل اللي فاضل من عيلتها؟
        
        حركة سريعة لفتت نظرها وشدت انتباهها.
        
        راجل مشي من مبنى الكنيسة الأبيض الطويل اللي في الشارع المقابل ووقف قدام شباكهم، وهو بيمشط شعره الخفيف على الحتة اللي ما فيهاش شعر في راسه.
        
        
        
        
        
        ---
        "لوطي!" فيدليا همست، والهلع ملى صدرها.
        لوطي كانت بتمسح ترابيزة ببطء، راسها الشقرا لسه تايهة، وما سمعتش شكلها.
        فيدليا خبطت الطبق على الترابيزة. الشوربة اتدلقت على الخشب القديم والعيش وقع على الأرض اللي كانت لسه ممسوحة. "إنه هو."
        تشارلز اتلفت بسرعة؛ ومن غير صوت، مسك لوطي من دراعها وسحبها لفوق على السلالم لغرف المعيشة بتاعتهم. أختهم الصغيرة صرخت وهي معترضة، بس سكتت لما تشارلز كتم بوقها بإيده.
        فيدليا واجهت المدخل، وكانت بتتمنى إنها كانت خدت سكين من اللي في المطبخ.
        الباب اتفتح بعنف وخبط في الحيطة. الستات اللي في الزاوية شهقوا ولموا عيالهم من على الأرض. الراجل اللي لابس القبعة الحمرا أخيراً رفع راسه، وعينيه التعبانة وسعت.
        
        ---
        
        راجل قصير وتخين بشعر أسود خفيف وأسنان أسود دخل.
        مسيو لو كوكين.
        سبع حراس مستأجرين دخلوا وراه؛ بنادقهم متعلقة على كتافهم وجزمهم المكسرة الموحلة سايبة بقع على أرضها.
        بهمسات خافتة، زباينها هربوا من غير ما يدفعوا. كابتن نابليون المفضل كان سمعته سبقاه، ومحدش كان بيجرؤ يقف في طريقه.
        "صباح الخير يا آنسة،" غنى كده ومسك إيدها جامد. باس كف إيدها بوسة مبلولة وبص وراها. "فين خطيبتي الصغيرة؟ جيت عشان كوباية روم دافي، تقدمها إيديها الجميلة الصغيرة."
        لحس شفايفه وفيدليا نفسها غليت.
        "خلصانين،" شدت إيدها من ماسكته وفركتها في مريلتها الوسخة.
        "الروم بتاعك؟" هددها، وعينيه البني بقت غامقة. "ولا أختك؟"
        "الاتنين."
        نقّر بلسانه، وهز راسه. اتحرك حواليها عشان يدفي إيديه جنب النار، بالرغم من حرارة يونيو اللي كانت شديدة. ده خلاها تتعصب. النار دي كانت عشان تدفي حلة العصيدة.
        لو كوكين نفض صوابعه التخينة، واتنين من حراسه بدأوا يقلبوا الترابيزات والكراسي. اتنين تانيين جريوا ورا فيدليا ناحية مطبخها. ودانها رنت من الغضب وهي مسكت واحد من الرجالة دول من ياقة قميصه الخشنة، وشدته بعيد عن مكانها المقدس.
        "اطلع بره بيتي،" رمته على الأرض وخطفت الطبق من الترابيزة. رفعته فوق راسها، وشعرها الأحمر الكيرلي وقع من الطرحة القديمة.
        لو كوكين خطف معصم إيدها من ورا قبل ما تقدر تهجم ولفها لورا.
        شهقت من الألم والطبق وقع على الأرض واتكسر. الرجالة كملوا قلب الترابيزات، وراجل بأنف خنزير قلب حلة العصيدة، فدلقت العصيدة الكريمية على النار المشتعلة وعلى الأرض. بـ "بوم" و "فحيح"، انفجر بخار ورماد، وانتشر في الأوضة في سحابة كريهة.
        كتلة اتكونت في زور فيدليا لما شافت حانة مامتها بتتدنس.
        "مفيش حد هنا،" الحارس اللي بأنف خنزير بلغ. ركل آخر كرسي واقف ووقع.
        فيدليا قاومت في قبضة لو كوكين وهو بيبص في وشها بشهوانية.
        "فين هي؟" أنفاسه السخنة كانت ريحتها مقرفة من الأسنان المسوسة والويسكي القديم.
        بصتله بغضب، ورفضت إنها تخاف.
        الألواح اللي فوقيهم صرصرت وعينين فيدليا اتجهت بسرعة ناحية السلالم.
        "أنت،" لو كوكين أشار بإصبعه ناحية الراجل اللي بأنف خنزير. "فتش فوق."
        "لا!" فيدليا صرخت، وادركت متأخر إنها كده أكدت شكوكه.
        الحارس المستأجر علق حزام بندقيته على كتفه وطلع السلالم اتنين اتنين.
        ***
        قبالة ساحل خليج ديلاوير، 21 يونيو 1812
        
        ---
        
        اللورد ويليام جريفيل كان بيراقب الساحل في صمت، ورقبته كانت بتوخزه، شديد اليقظة.
        السفينة "يوريديس" كانت بتتمايل ببطء تحت رجليه، وكل صرير وأنين للخشب اللي متعود على البحر كان صوته عالي قوي في ودانه. وزن نفسه على السور وميل على الطرف. خليج ديلاوير، اللي متغطي بالضباب، كان ممتد لجوه زي صباع ملفوف.
        "ده أقصى قرب أقدر أوصلك بيه،" الكابتن روبرتس انضم لويليام. "اتنين من رجالي هيجدفوا بيك للشط."
        "مش ممكن ندخل خليج تشيسابيك؟" ويليام سأل. ما عجبتهوش فكرة إنه يغري الأمريكان المتعطشين للحرب أكتر من الكابتن، بس رسالته للرئيس ماديسون كانت مسألة حياة أو موت. حتى ليلة زيادة يقضيها وهو بيلف حوالين الطرف الشمالي لخليج تشيسابيك ممكن تعني الهزيمة.
        "تلقيت كذا بلاغ عن سفن بريطانية تم الاستيلاء عليها جوه الخليج. بالتيمور هتكون أحسن مكان للرسو، بس حتى لو عدينا من السفن الأمريكية، حصن ماكهنري اللي على التل ممكن يغرقنا بمدفع واحد،" الكابتن روبرتس قال وهو بيهز راسه. كتفين الراجل الكبير اللي دايماً محنيين ووشه اللي زي لحاء شجرة بلوط عجوز كان بيخبي وراهم عقل حاد وده اللي خلاه مثالي لتهريب الجواسيس للأراضي الأجنبية.
        ويليام عدل جاكيته البني السادة وأومأ براسه. ما يقدرش يطلب من الكابتن إنه يخاطر بحياة طاقمه.
        إدموند دي لاسي انضم ليهم، وطبيعته المرحة اللي كانت دايماً موجودة كانت خافتة. "مفيش أمل نوصل هناك على رجلينا،" قال.
        الراجل الأشقر مرر إيده في شعره الفاتح، اللي كان قصير على الموضة الحالية؛ عكس شعر ويليام الطويل الغامق. كتف بكتف، الراجلين وقفوا عند السور. الاتنين كانوا لابسين جواكت بني زي بعض بس جاكيت ويليام كان مفرود على جسمه الرشيق، بينما جاكيت إدموند كان مشدود على ضهره العريض المليان عضلات. بالرغم من اختلافاتهم، الاتنين كانوا أقدم الأصدقاء والزملاء في التجسس. مع بعض، كانوا بيشكلوا فريق قوي.
        "هيبقى لازم نجيب شوية خيل،" ويليام قال.
        "يعني نسرق؟" إدموند قال وهو بيهز راسه. "مستحيل."
        "أنا كمان مش عاجبني الموضوع،" ويليام طبطب على كتف صاحبه، "بس هيكون خطر جداً لو أجرنا أو اشترينا. ما نقدرش نخاطر إن حد يتعرف علينا."
        إدموند تمتم تحت أنفاسه.
        "الزورق جاهز،" الكابتن روبرتس قال، وهو بيشاور على اتنين من طاقمه.
        "يا رب ده ينفع،" ويليام قال، وهو بيبص بصه أخيرة على الشط. "بريطانيا العظمى ما تقدرش تتحمل حرب على جبهتين."
        ***
        بالتيمور، 21 يونيو 1812
        خبطة.
        الراجل اللي بأنف خنزير طار لورا وتدحرج على السلالم.
        إحساس بالرضا لسع فيدليا كل ما راس الراجل وكوعه يخبطوا في درجة لحد ما وقع على الأرض وهو بيئن.
        تشارلز نزل بخطوات بطيئة وثقيلة كانت بتهز السلالم القديمة. كان لابس جاكيته الكحلي الغامق، وعلامة الـ X البيضا على صدره وقبعته اللي فيها ريش كانت بتعرفه كجندي في الفوج الأمريكي.
        الحراس المستأجرين رجعوا خطوة لورا ولو كوكين بص لهم بغضب. بس كونه فرنسي، حتى هو ما تجرأش إنه يتحدى جندي بالزي العسكري على الأراضي الأمريكية.
        
        ---
        
        "مسيو لو كوكين،" تشارلز قال، وهو بيراقب الراجل القصير ده زي ما قطة ممكن تفكر في ناموسة مزعجة بتزن حوالين ودنها.
        فيدليا شدت دراعها بالعافية وجريت لجنب تشارلز. هو مسك إيدها وشدها وراه، وكتفه خبط في مناخيرها. من وراه، بصت على السلالم لغرفة المعيشة الضيقة اللي الأخوات كانوا بيشاركوها.
        لوطي ما كانش ليها أثر؛ ممكن تكون مستخبية تحت السرير.
        لو كوكين وطى راسه للتحية. "مسيو أتويل. يا لها من مفاجأة. كنت فاكرك سافرت إمبارح."
        "واضح،" تشارلز أشار للغرفة المدمرة، قماشة جاكيته الجديدة والناشفة كانت يا دوب بتتكسر لما رفع دراعه.
        "كنت بس بحل سوء تفاهم مع أختك،" لو كوكين قال، وصوته ناعم زي الروم اللي كان بيفضله جداً.
        نظرة تشارلز بقت أشد وراح لإيده عشان يمسك السكين اللي إيده من الكريز اللي كان بيحتفظ بيها مدسوسة في وسط بنطلونه.
        
        
        
        
        
        ---
        الشمس اللي بتغيب كانت بتطفي وتنور من الشبابيك وفيدليا شهقت. مسكت دراع أخوها قبل ما يسحب السكينة.
        الباب اتفتح تاني، والمرة دي دخل الملازم سميث، الضابط القائد بتاع تشارلز. كان أكبر في السن، وبطنه كبيرة من كتر الشرب، بس وشه اللي مليان حفر من الجدري واللي فيه جيوب تحت عينيه ما سابش مجال للنقاش.
        فيدليا قدرت تحس عضلات دراع تشارلز بتتشد تحت صوف جاكيته الجديد الخشن. ببطء، ساب السكينة، صوابعه لسه متعلقة على المقبض. بهزة من راسها، شدت إيده بعيد.
        كتفين لو كوكين انحنت لجوه، وأشار على الأوضة المدمرة.
        "الملازم سميث،" قال، بصوت طفولي مليان دلع، "أنا جيت أمريكا بدعوة من رئيسكم ماديسون وشوف شعبك بيعاملني إزاي."
        الملازم سميث استوعب الموقف بلمعة سريعة من عينيه الغامقة وحواجبه نزلت.
        "أتويل،" قال.
        تشارلز وقف انتباه بالتحية. "الملازم سميث، سيدي."
        "أختك الشيطانة عاملة مشاكل تاني؟" الراجل شخر، وحفر الجدري كرمشت في ابتسامة ساخرة.
        فيدليا استهزأت باعتراض. "تاني؟" تمتمت. التاجر الغني اللي سرق رغيف عيش بالريحان من كشكها في سوق ليكسينجتون السنة اللي فاتت ضربها، ومع ذلك فيدليا هي اللي اتمسكت من العساكر وأجبرها الملازم سميث تدفع تمن الجاكيت اللي اتقطع لما مسكت الحرامي.
        "لو اضطريت أقبض عليها تاني عشان ضربت راجل،" سميث كمل، "مش هيكون عندي خيار غير إني أجلدها."
        تشارلز غير وضع جسمه، وسد عليها الرؤية بكتفه العريض.
        "اشرح الفوضى دي،" أمر الملازم سميث، وهو بيقرب لحد ما صوابع جزمته لمست جزمه تشارلز. سابت بقعة من البولش الأسود على الجلد الباهت في جزمه تشارلز.
        حراس لو كوكين المستأجرين اتفرقوا وطلعوا بره الباب، وما فضلش غير الراجل اللي بأنف خنزير يحرس الفرنسي.
        فيدليا وقفت على صوابع رجليها، وكان فيه رد مرير بيحرق لسانها، بس تشارلز مسك دراعها وشدها بقوة وراه تاني.
        
        ---
        
        "مسيو لو كوكين ما عجبوش الأكل، سيدي،" تشارلز قال، والكلمات كانت هادية وموزونة.
        "الست دي وقعت طبق على رجلي،" مسيو لو كوكين قال، وفجأة بدأ يعرج ويشاور على الطبق الواقع والعيش المتناثر.
        "لا، أنا ما عملتش-" فيدليا اعترضت، بس تشارلز رجع لورا وداس على صباع رجلها بكعب رجله، وهي حطت إيدها على بوقها عشان توقف صرخة الألم. تشارلز عمره ما عمل حاجة زي كده، ولا حتى وهو طفل.
        "أنا اللي عملت كده يا سيدي،" تشارلز قال. "إيدي كانت زلقة."
        بصت من حوالين دراعه واتجمدت تحت نظرة الملازم الغامقة. كان بيبص لها، عينيه بتحسب.
        "أطالب بتعويض عن إصاباتي،" لو كوكين رمى رجله 'المصابة' بضعف ولّوى وشه الدهني في تعبير كشرة.
        ضهر تشارلز اتصلب، والقماش الأزرق الغامق اتشد على لوحين كتفه.
        فيدليا بصت من ضهر أخوها الطويل المفرود للترابيزات المقلوبة والعصيدة المنسكبة، اللي بقت دلوقتي طين أسود، منتشرة على ألواح الأرضية المتآكلة.
        الملازم سميث تنهد بتعبير يوحي بمعاناة طويلة ولف للكابتن الفرنسي بإيماءة سريعة من راسه. "ده حقك. إيه اللي يرضي كبرياءك؟"
        لو كوكين عدل نفسه، وكل أثر للألم اختفى.
        "الأخت الأصغر لأتويل. اديهالي،" قال. سائل بني طلع من الفراغات بين أسنانه السفلية وهو بيبتسم.
        "يا خنزير،" فيدليا همست، وهي بتهجم لقدام.
        تشارلز مد إيده لسكينته في نفس اللحظة، وسحبها نص المسافة من حزامه.
        لو كوكين خاف، وهو بيشتم بالفرنسي.
        الملازم سميث رفع إيده. رجاله جهزوا بنادقهم، والحراب كانت موجهة لتشارلز وفيدليا.
        الصمت ضرب الأوضة زي دفقة مياه باردة.
        "صابع رجل مخبوط بالعافية يبرر إنك تاخد ست شابة،" الملازم سميث شخر، وهو بيميل على لو كوكين. "وإنت بتسمي نفسك راجل؟"
        السخرية في صوته شكلها هدت غضب لو كوكين الشهواني والفرنسي رجع لورا بانحناءة اعتذارية.
        الملازم سميث خرج الهوا من مناخيره في فحيح طويل وبطيء. "عشر جلدات عشان صابع رجل مخبوط. راضي؟"
        طرف شفايف لو كوكين رفع. قرب من فيدليا، رجله بقت سليمة فجأة.
        "أتطلع لمشاهدة ذلك،" همس.
        تشارلز مسك لو كوكين من رابطة عنقه، ولف الحرير حوالين صوابعه لحد ما الفرنسي بدأ يغرغر.
        "أتويل،" الملازم سميث صرخ.
        تشارلز ساب الفرنسي ووقف انتباه تاني، بس فيدليا قدرت تشوف إيديه المقبوضة بترتعش من الغضب.
        "بما أن مسيو أتويل اعترف، هو اللي هيتحمل العقاب،" الملازم قال للو كوكين، ونبرة صوته كانت بتحذر من أي اعتراض.
        "لا!" فيدليا اعترضت، بس تشارلز لف وضغط إيده على شفايفها.
        
        ---
        
        
        "شكراً يا فندم،" تشارلز قال، ونظرته كانت بتخترقها.
        "عقابك هتاخده بعد ما نوصل البيت الأبيض. الرئيس ماديسون بعتلنا خبر إننا لازم نتحرك فوراً،" الملازم سميث شاور لرجاله، وهما علقوا أسلحتهم تاني على كتافهم.
        فيدليا قاومت إيد أخوها، وهي بترجوه في صمت إنه ما يمشيش.
        
        عينيه الزرقا لانت، وحواجبه كرمشت.
        "أرجوكي،" همس. "تعالي معايا."
        فيدليا حركت راسها لجنب، ونفضت إيده. وهي بتتنفس بصعوبة، بصت لأخوها بغضب. "مش هسيب بيتنا، حتى لو إنت سبته."
        "أتويل،" الملازم سميث قال من عند الباب.
        عينين تشارلز لمعت بالدموع، وفيدليا شهقت وهو شدها في حضن قوي. ريحة جاكيته الجديد، اللي لازقة في مناخيرها، خلت الدموع تحرق في زورها.
        
        بتردد، رفعت إيدها عشان تحضنه.
        بس كانت بطيئة جداً.
        
        بعد عنها وبص على لوتي في الدور اللي فوق.
        فيدليا شافته بيغمض عينيه في صمت، كأنه بيتألم.
        لف ومشى ناحية الباب، جزمه بتخبط بصوت تقيل على الأرض. قدرت تحس اهتزاز كل خطوة في عضمها وده هز رئتيها.
        
        كتفه العريض غمّق المدخل وهو ماشي، والخسارة المفاجئة لضوء الشمس عمت فيدليا.
        ركب حصانه وبصلها بآخر نظرة أخيرة.
        كان المفروض تجري له، على الأقل تحضنه عشان تودعه... بس كبرياؤها كان عنيد جداً.
        
        فضلوا يبصوا لبعض فترة طويلة قبل ما يضرب حصانه برجله ويتبع قائده.
        
        فيدليا اتهزت في الظلام اللي بدأ يتجمع في الحانة، اللي كانت فاضية دلوقتي ما عدا لو كوكين وواحد من رجاله.
        صوابعها اللي باين عليها العضم لفت حوالين معصمها، الألم الحاد صحّى فيدليا من ذهولها.
        لو كوكين شدها، وسحبها لدرجة إنها فقدت توازنها لحد ما بقوا وش لوش.
        
        "هتبقى حاجة مؤسفة يا آنسة،" همس في ودنها، "لو، في كل فوضى الشغب دي، أختك الحبيبة... اختفت."
        
        

        معمل التجارب السرية - رواية غامضة

        معمل التجارب السرية

        2025, أحمد هشام

        فلسفية

        مجانا

        بنت اسمها ديانا، بتصحى تلاقي نفسها متكتفة في سرير في مكان غريب مش مستشفى، بعد عملية معرفش إيه هي. بتكتشف إن اللي عامل فيها كده واحد اسمه دكتور سويني، بيحاول يعمل عليها تجربة عشان تبقى إنجازه الأكبر. ديانا بتحاول تهرب منه وتفهم إيه اللي حصلها، وهو بيرفض يسيبها عشان بيقول إنها هتموت من غيره، وبيفضل يراقبها ويتحكم فيها لحد ما بيفك إيديها عشان تشوف النتيجة اللي عملها.

        ديانا

        بنت جامعية بتصحى تلاقي نفسها محبوسة ومتكتفة في مكان غريب بعد عملية مش فاكراها. بتكتشف إنها ضحية تجربة غريبة، وبتحاول تفهم إيه اللي حصلها وتهرب من اللي خطفها. شخصيتها قوية وبتحاول تقاوم رغم كل اللي بتمر بيه من وجع وقلق.

        دكتور سويني

        خطف ديانا وعملها العملية الغريبة. شخصية غامضة بيشوف ديانا كـ "إنجازه" كلامه بارد ومخيف وواضح إنه مريض نفسي بيعمل تجارب على البشر. هدفه إنه ينجّح تجربته بغض النظر عن أي حاجة تانية.
        تم نسخ الرابط
        معمل التجارب السرية - رواية غامضة

        من ساعة ما دخلت الجامعة السنة اللي فاتت، كان فيه ليالي كتير بصحى فيها سكرانة ومش فاكرة حاجة، وألاقي نفسي في أوضة نوم صاحبتي. بس بطريقة ما، قبل ما أفتح عيني، عرفت إن الصبح ده مختلف.
        
        وجع انتشر في صدغي واشتد وبقى نار ماقدرش أتحملها ورا عيني. بوقي كان ناشف، وحرقان نزل في زوري وأنا باخد نفس عميق. كان فيه حكة تحت مناخيري. مديت إيدي عشان أهرش، بس حاجة حفرت في رسغي. شديت دراعي بس ما اتحركتش كتير قبل ما معدن ساقع يضغط على جسمي. شديت دراعي تاني، وكان فيه صوت طنين معدني. سحبت دراعي التاني ناحية وشي، بس نفس الحلقة المعدنية المزعجة كانت ماسكاني مكاني.
        
        وجع حاد نزل على جنب جمجمتي. حاولت أفتح عيني عشان أبص على رسغيني. لما فتحت عيني، لقيت الدنيا ضلمة. جاتلي رغبة إني أمد إيدي وألمس وشي، بس كنت محبوسة. حاولت أشد نفسي وضهر إيدي وجعني.
        
        كنت بنهج بصعوبة. كان فيه صوت صفير خفيف وثابت جنبي. فتحت بوقي عشان أتكلم، بس ما طلعش غير صوت ضعيف. قفلت بوقي وحاولت أجمع ريق عشان أبل لساني.
        
        "مساعدة."
        
        كنت عايزة أصرخ، بس صوتي يا دوبك كان همس.
        
        "ساعدوني." صوتي كان خشن. ما كانش صوتي أنا. "من فضلكم، حد."
        
        قبضت إيدي وعملتها كفوف وسحبت دراعاتي. كان فيه طنين تاني للمعدن ووجع حاد في رسغيني.
        
        دي ما كانتش صحوة من ليلة سكر. أنا مشربتش أي حاجة إمبارح. افتكرت وأنا مروحة من التمرين والمزيكا عالية في وداني لما حد مسكني من ورا. إيد كبيرة اتحطت على بوقي وبعدها إحساس بوخزة حادة في دراعي.
        
        ضغط اتكون في صدري وأنا لسه بحاول أحرر نفسي. الصفير اللي جنبي زادت سرعته وبقى أسرع.
        
        "من فضلكم!" صرخت. لفيت ضهري وأنا بحاول أزق نفسي من السرير اللي كنت نايمة عليه. "من فضلكم، ساعدوني!"
        
        الصافير زاد سرعته أكتر.
        
        كان فيه صدى خطوات. كتمت نفسي ورجعت نمت على السرير. الخطوات زادت بصوت أعلى لما شخص قرب مني.
        
        "من فضلك، من فضلك سيبني أمشي،" قلت.
        
        الخطوات وقفت والعجل عمل صوت صرير. إيد استقرت على راسي. اتحركت فجأة للجنب وبعيد عن الشخص. جزيت على سناني والوجع نزل في رقبتي. الإيد طبطبت على شعري وحاولت أبعد نفسي عن الشخص.
        
        "اهدي يا ديانا،" قال صوت راجل. "إنتي محتاجة ترتاحي."
        
        "أنا فين؟" سألت.
        
        "إنتي في فترة النقاهة،" قال. "العملية نجحت. بس ده مش معناه إنك بقيتي في أمان. أنا كان عندي مريضة واحدة بس قبل كده وماتت بعد العملية بيوم واحد."
        
        شفايفي ارتعشت. الراجل رجّع خصلة من شعري ورا وداني. ظبط حاجة تحت مناخيري، وخمنت إنها كانت أنبوبة أكسجين.
        
        "إنت عملت فيا إيه؟" سألت. "إنت عرفت اسمي منين؟"
        
        "ما كنتش متهور. لقيت كارنيه الصحة بتاعك في محفظتك،" قال لي. "أما بالنسبة للعملية، هقولك عنها بعدين. مش عايز قلقك يأثر على تعافيكي."
        
        "من فضلك -"
        
        "نبضك عالي والأكسجين منخفض،" قاطعني. "خدي نفس عميق."
        
        عضيت على شفتي وسحبت رسغيني ضد أي حاجة كانت ماسكاني. إيد الراجل الدافية غطت رسغي اللي كان أقرب له.
        
        ---
        
        "ديانا، أنا عايزك تعملي كده،" قال. "لو مهدتيش هضطر أديكي مهدئ. في حالتك الحالية ده ممكن يسبب تثبيط الجهاز التنفسي وده هيبوظ كل تعبي."
        
        "إنت عملت فيا إيه؟" سألت.
        
        الوجع الشديد ورا عيني زاد. قبضت صوابعي على الملايات. شميت وساعتها أدركت إني ببكي.
        
        "اتنفسي عشاني،" قال الراجل.
        
        ما كنتش عارفة إيه اللي بيحصل، بس كنت عارفة إني مش عايزة أموت. قفلت بوقي وخدت نفس عميق من مناخيري. عملت كده مرتين كمان قبل ما أحس إن الراجل حط إيده تاني على راسي.
        
        "برافو عليكي يا شاطرة،" قال لي. "حاولي تتنفسي من مناخيرك. هبص عليكي كمان ساعة. لو ما اتحسنتيش هضطر أديكي قناع أكسجين."
        
        إيده نزلت على إيدي. لف رسغي عشان يفحصه.
        
        "إنتي كنتي بتقاومي القيود بتاعتك،" قال. "ما ينفعش تعملي كده. إنتي رسغيكي اتكدمت والكانولا بتاعتك اتحركت من مكانها. لو عشتي ووصلتي للعشا، عايز أقدر أوريكي من غير أي علامات."
        
        "عشا إيه؟" سألت.
        
        "مفيش داعي تقلقي دلوقتي."
        
        شهقت لما حسيت بوخزة حادة في ضهر إيدي. ضغط عليها. سمعت الراجل بيفتش في درج. معدن وعبوات بلاستيكية كانوا بيعملوا صوت خربشة ضد بعض. سائل بارد اتمسح على داخل دراعي تحت كوعي مباشرة. ساب ضهر إيدي.
        
        "آه!" صرخت لما كان فيه وخزة تانية في دراعي.
        
        "دي ما تطلعيهاش،" قال. "مش هضطر أعملها تاني."
        
        "من فضلك، سيبني أروح البيت،" قلت. "أوعدك لو سبتني أمشي مش هقول لأي حد عن ده."
        
        عجل كرسي الراجل عمل صوت صرير. خد نفس عميق والكرسي صر.
        
        "ما اقدرش أسيبك تمشي،" قال. "هتموتي من غيري."
        
        "إنت هتموتني؟" صوتي اتكسر.
        
        "هأموتك؟" كرسيه صر تاني. "ديانا، ده آخر حاجة عايزها. هعمل أي حاجة عشان أخليكي عايشة. لو التجربة دي نجحت، هتبقي أكبر إنجازاتي."
        
        "إنت عملت فيا إيه؟"
        
        
        
        
        
        "متقلقيش يا قطة."
        
        الراجل مشي حوالين السرير. مياه كانت بتنزل من حنفية. وقفت، وخطوات قربت، والمخدات اتشدت من ورايا. ده خلاني أقعد مستقيمة أكتر. حاجة ساقعة لمست شفايفي ونطيت.
        
        "إنتي محتاجة تشربي،" قال.
        
        المياه نزلت على دقني وهو بيرفع الكوباية. المياه كانت زي الجنة على لساني الناشف وزوري. سحب الكوباية بعيد ومسح إيده على شعري تاني.
        
        "خدي قسط من الراحة،" قال لي. "أنا اديتلك شوية مسكنات عشان تهدي الوجع. هنزل أبص عليكي كمان ساعة."
        
        سمعت خطواته وهو بيبعد عني. كان فيه صوت طقة لما الباب اتقفل.
        
        المسكنات اللي الراجل إداهالي أكيد بدأت تشتغل. الوجع اللي في صدغي بقى مجرد نبضات محتملة. النار لسه بتحرق ورا عيني.
        
        لفيت راسي للجنب وحسيت بحاجة بتتحرك على عيني. هزيت راسي للجنب التاني والقماش اتحرك على وشي. حاولت أنفضه، بس الوجع رجع لراسي.
        
        شديت رسغيني ضد القيود، بس ده كان بلا فايدة. كنت متكتفة في السرير. سحب دراعي هيبوظ الكانولا بتاعتي، وهضطر يركبلي واحدة تانية.
        
        الراجل المريض ده خدرني وجاب جسمي فاقد الوعي لمستشفى عشان يعملي عملية من نوع معين. إيه نوع المستشفى اللي ممكن تسمح بده؟ مش هيكون مريب إني متكتفة في السرير؟
        
        كتمت نفسي. كل اللي قدرت اسمعه كان صوت الصفير بتاع الجهاز اللي جنبي. فين الممرضات؟ المرضى التانيين؟ كان صوتي كأني الوحيدة اللي هنا.
        
        "ألو؟" ناديت.
        
        صمت.
        
        اتنهدت بصعوبة وحاولت أقوم، بس ماقدرتش أبعد كتير. رفست رجلي وكاحلي كان حر. سحبت رجلي على السرير لحد ما وصلت للطرف. حاولت أطلع البطاطين من حوالين رجلي. هوا ساقع لمس صوابعي. سحبت رجلي التانية على السرير. خبطت في أنبوبة بلاستيك. تتبعتها بصوابعي عشان أشوف إيه هي واكتشفت إنها كانت ماشية بين رجلي. رجلي الاتنين كانوا متدليين من طرف السرير. كنت عايزة أسيح من السرير على الأرض. نزلت رجلي لتحت، بس ماقدرتش أحس بالأرض. رسغيني منعوني إني أنزل أكتر من كده. سحبت نفسي تاني على السرير.
        
        الراجل قالي إني هحتاج أرتاح وإلا هموت. كنت محتاجة أهدى لحد ما يفك رسغيني ويشيل أي حاجة مغطية عيني.
        
        سندت ضهري على كوم المخدات وحاولت أروّق دماغي عشان أقدر أنام.
        
        ---
        
        اتنهدت بصعوبة وراسي كانت بتندفع لقدام. مديت إيدي لقدام عشان أزق الشخص بعيد، بس المعدن كان حافر في رسغيني. حاجة اتثبتت حوالين ضهري قبل ما أتسند تاني على المخدات. بلاستيك حفر في وشي وكان محاوط مناخيري وبوقي. دفع من الهوا خبط في وشي. لفيت راسي للجنب، بس الماسك ما اتحركش. إيد استقرت على راسي.
        
        "اتنفسي يا ديانا،" قال الراجل. "مستويات الأكسجين عندك منخفضة."
        
        البطاطين اتقفلِت عليا جامد. كان بيظبط البطاطين اللي أنا رفستها من عليا.
        
        "افتكرت إني قولتلك ترتاحي،" قال.
        
        "كنت برتاح،" قلت. صوتي اتردد من خلال الماسك. "أنا بتحرك وأنا نايمة."
        
        خد نفس عميق.
        
        "إيه المستشفى دي؟" سألت.
        
        "إنتي مش في مستشفى." الكرسي صر وهو بيتحرك ناحيتي. "إنتي في المعمل بتاعي."
        
        "من فضلك، سيبني أمشي،" قلت. "سيبني أروح مستشفى."
        
        "ما اقدرش أسيبك تمشي،" قال. "إنتي محتاجاني. إنتي عملتي عملية فريدة جداً، وإنتي محتاجاني عشان تفضلي عايشة. إنتي قعدتي عايشة أكتر من أي مريض من مرضاي التانيين."
        
        "كام واحد تاني كان فيه؟"
        
        "إنتي المريضة رقم اتناشر."
        
        كان فيه صفارة تانية، بس دي كانت أعلى صوت وأسرع. كانها تليفون محمول.
        
        "لازم أرد على دي،" قال. طبطب على راسي. "حاولي تنامي شوية."
        
        الكرسي صر وإيده سابت شعري.
        
        "دكتور سويني بيتكلم،" قال. "آه، أيوه يا سيد كارلايل. الكلية الجديدة بتاعتك عاملة إيه؟"
        
        صوته خفت وهو بيبعد أكتر عن السرير.
        
        
        
        
        
        
        كنت بغفل وبصحى. صوت الصفارة اللي جنبي والوجع اللي ورا عيني كانوا بيخلوني صاحية. كل مرة كنت بصحى فيها، قلبي كان بيدق بسرعة، وكنت بنسى أنا فين، وكنت بشد المعدن اللي حوالين رسغيني. ما سمعتش دكتور سويني وهو بيرجع المعمل تاني.
        
        راسي كانت لسه بتوجعني بنبض، وكان فيه وجع جديد في بطني. معدتي كانت بتصوصو. آخر مرة أكلت فيها كانت وقت الغدا قبل ما أروح تمرين المضمار. ماكنتش أعرف ده كان من قد إيه.
        
        ---
        
        الخطوات رددت ودكتور سويني رجع. دفع راسي لقدام وسحب القناع البلاستيك من وشي. حشر حاجة في ودني وكان فيه صوت صفارة.
        
        "مفيش سخونية،" قال. "إنتي أحسن بكتير الصبح ده. جعانة؟ جبتلك أكل."
        
        "أيوه،" قلت.
        
        استخدمت كوعي عشان أزق نفسي لفوق أكتر على السرير. الكرسي صر وهو بيتحرك ناحيتي.
        
        "افتحي بوقك،" قال لي.
        
        "أقدر أعملها لوحدي،" قلت. "فك إيدي."
        
        "مش هفك الضمادات بتاعتك،" قال. "ما اقدرش أشيلها غير بالليل."
        
        "ممكن تخلي الضمادات. بس سيب إيدي."
        
        خد نفس عميق. العجل صر وكان فيه صوت خشخشة. مسك إيدي وفك رسغيني.
        
        فركت الجلد اللي كان بيوجعني وزقيت نفسي لفوق أكتر على السرير. لمست وشي. شاش ناعم كان تحت أطراف صوابعي. نزلت إيدي على صدري. كان فيه روب خفيف بيغطيني. أسلاك كانت لازقة في جلدي وتتبعتها وهي رايحة لجنب السرير. صوابعي خبطت في أنبوبة بلاستيك بتاعة الكانولا بتاعتي. سويني حط إيده على كتفي.
        
        "متشديش أي حاجة ولا تحاولي تقومي،" قال لي. "لو عملتي كده هضطر أحبسك بعد ما أفك الضمادات بتاعتك."
        
        "هتشيل القيود لما ده يتشال من وشي؟"
        
        "أيوه، بس لو التزمتي."
        
        حط حاجة خفيفة على رجلي.
        
        "عملتلك ساندوتش،" قال.
        
        كرسيه صر، وبعدين سمعت صوت نقر كيبورد. نزلت إيدي على الحاجة اللي على رجلي. مشيت صوابعي على الطبق البارد لحد ما حسيت بالعيش. خدت قضمة من الساندوتش. العيش كان ناشف، وطعم المستردة والبولوغنا المقرف ملى بوقي. مفيش حاجة في الدنيا بكرهها أكتر من المستردة.
        
        "فيه حاجة غلط؟" سأل.
        
        يا نهار أبيض.
        
        أكيد كنت بعمل وش قرف وأنا باكل.
        
        "ما بحبش المستردة،" قلت.
        
        "هفتكر ده،" قال.
        
        خلصت الساندوتش وسويني كان بيكتب على اللي افترضت إنه كومبيوتر. فكرت إني أرمي البطاطين من عليا وأجري، بس ده كان ملوش لازمة. كنت متوصلة بأسلاك وأنابيب كتير لدرجة إني كنت هتكعبل وأقع على الأرض. سويني كان هيمسكني ويربطني تاني في السرير. مش هيسيبني أبداً، ومش هيكون عندي فرصة تانية إني أجري. مين عارف إيه اللي هيحصل لما أشيل الضمادات دي أصلاً؟ ممكن أكون عميا، وساعتها مش هعرف أجري فين.
        
        سويني ناولني كوباية مياه. فضيت الكوباية. خطفها من إيدي وشال الطبق.
        
        "الوجع عامل إيه؟" سأل.
        
        "أحسن، بس لسه بيوجعني،" قلت. "هموت؟"
        
        "عندي إحساس حلو بخصوصك،" قال. "أعتقد إنك هتقدري تكملي. مش قادر أستنى لما أشوف إبداعي."
        
        مسك رسغي، والحلقة المعدنية ضيقت على جلدي.
        
        "من فضلك، لا،" قلت. مسكت رسغي الحر ورا جسمي. "أوعدك إني مش هجري."
        
        "لازم يكون كده يا قطة،" قال. "ما اقدرش أخليكي تبوظي شغلي عشان تبدأي تتوتري."
        
        صوابعه اللي بتعرق لفت حوالين رسغي الحر. شديت دراعي بعيد. مسك رسغي تاني وداده لفة حادة. صرخت والوجع طلع في دراعي. استغل لحظة ضعفي عشان يدفع رسغي لتحت ويقفله تاني في القيد.
        
        "خدي قسط من الراحة،" قال لي.
        
        
        
        
        
        
        ---
        الوقت كان بيمشي ببطء شديد. سويني كان بيجي كل ساعة تقريباً، بس عمره ما اتكلم معايا. كنت بتظاهر إني نايمة لما كان بيمشي حوالين السرير. الكرسي كان بيصر وكنت بسمعه وهو بيكتب على الكيبورد كام دقيقة.
        
        ---
        
        كتلة كونت في زوري لما سمعته بيقرب بالكرسي ناحية السرير. صوابعه لمست باطن دراعي. قشعريرة سرت في العمود الفقري بتاعي.
        
        "صاحية يا ديانا؟" سأل.
        
        ماقدرش أمثل إني نايمة للأبد. هو قال إنه هيشيل الضمادات بتاعتي الليلة وهيفك رسغيني. ده غالباً السبب إنه نزل هنا.
        
        "أيوه،" قلت قبل ما أطلع نفس متقطع.
        
        "حاسة بإيه؟"
        
        "راسي لسه بتوجعني،" قلت. "هتفضل كده لحد إمتى؟"
        
        "مش متأكد. هخليكي على المسكنات بتاعتك الكام يوم اللي جايين."
        
        شد الجزء العلوي من الروب بتاعي لتحت، وحاجة ساقعة لمست صدري. بعدت عن سويني ورفعت إيدي. كنت عايزة أبعده، بس ماقدرتش أبعد إيدي كتير.
        
        "اهدي،" قال. "أنا بسمع صدرك. خدي كام نفس عميق عشاني."
        
        خدت نفس عميق. قبضت صوابعي في كف إيدي. حرك السماعة الطبية بتاعته على صدري. برودة الهوا على صدري العريان. كنت عايزة أشد الروب بتاعي لفوق وأتكوّر على نفسي.
        
        ---
        
        لما خلص، شد الروب بتاعي لفوق تاني. عجل كرسيه صر، وسمعته بيفتش في درج. كنت بتمنى إنه يكون بيدور على مفتاح القيود. سمعته وهو بيمشي حوالين الأوضة. مجموعة جديدة من العجل كانت بتتحرك ناحيتي.
        
        سويني شد البطاطين لورا. مسكت حفنة من الملايات قبل ما يقدر يسحبهم لتحت. شديت الجزء الصغير اللي معايا تاني على جسمي. هو قعد يحاول يفك صوابعي عشان يسحبهم.
        
        "ديانا، متقاوميش،" قال. "لازم أشيل القسطرة بتاعتك."
        
        خطف البطاطين من إيدي.
        
        قسطرة؟
        
        أختي الكبيرة، مارسي، كانت ممرضة. لما كانت لسه بتدرس، كانت بتحكيلي كل قصصها المقرفة لما كانت بترجع البيت في الإجازات. حكتلي عن تعلم تركيب القسطرة. ساعتها أدركت إنها الأنبوبة البلاستيك اللي بين رجلي. ما كنتش عايزاه ينزل تحت، بس كنت عارفة إني ماليش اختيار.
        
        افتكرت إن الموضوع كان محرج لما كان بيلمس صدري، بس ده كان أسوأ بكتير. لما شد الجزء السفلي من الروب بتاعي لفوق، عضيت جامد على شفتي اللي تحت. صوابعي اتكوّرت في الملاية اللي بتغطي المرتبة. قلبي كان بيدق وهو بيلمس جلدي. كنت بفضل أفكر نفسي إنه دكتور وإنه بيشوف الناس عريانة طول الوقت.
        
        إحساس بالراحة غمرني لما نزل الروب بتاعي ورجع البطاطين عليا. مشي بعيد عني وحرك حاجة في الأوضة.
        
        ---
        
        كان فيه صوت خشخشة، وبعدين إيد سويني على رسغي. فتح القفل اللي كان حوالين إيدي. مد إيده عبر السرير وحرر إيدي التانية. زقيت نفسي عشان أقعد مستقيمة أكتر. رفعت ركبتي لصدري ولفيت دراعاتي حوالين نفسي. دراعي كان بيوجعني، واللصق اللي ماسك الكانولا كان بيشد جلدي.
        
        "مش قادر أستنى لما أشوف شغلي،" قال سويني.
        
        السرير نزل لتحت لما قعد على طرف المرتبة. حط إيده على ركبتي.
        
        "جاهزة إني أشيل الضمادات؟" سأل.
        
        خدت نفس عميق وقبضت صوابعي على جلدي قبل ما أهز راسي بالموافقة.
         
        

        Anageem Stars المؤلف

        Anageem_1

        الأعمال

        الاَراء

        روايات يوسف - موقع روايه

        yousef_7

        الأعمال

        الاَراء

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء