موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        روايه بيكي بلايندرز - حب توماس وبيث

        بيكي بلايندرز

        2025, علياء عمرو

        تاريخية

        مجانا

        أهلها ماتوا وحبيبها "تومي شلبي" رجع من الحرب متغير. بتورينا إزاي بيث بتحاول تتأقلم مع الواقع الجديد وتساعد تومي اللي بيعاني من صدمة الحرب وكوابيسها، بالرغم من كل الصعوبات. الرواية بتغوص في علاقتهم المعقدة والحب اللي بينهم، وبتكشف كمان عن عالم "البيكي بلايندرز" والمشاكل اللي بتواجههم مع رجوع تومي وإخوته. في خمس سطور، القصة بتوصف رحلة بيث وتومي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية عشان يلاقوا الراحة والأمان لبعضهم في عالمهم القاسي.

        توماس شلبي

        حبيب بيث، قائد عائلة البيكي بلايندرز. رجع من الحرب متغير، بارد، ومتوتر، وبيعاني من كوابيس ليلية بتخليه ينفصل عن اللي حواليه. بالرغم من قسوته الظاهرية، إلا إنه بيحب بيث جداً وبيعتبرها نقطة ضعفه الوحيدة

        بولي

        عمة أولاد شلبي، وهي بمثابة الأم ليهم. ست قوية وذكية، بتدير أعمال العائلة في غياب الأولاد أثناء الحرب. بتحاول تحافظ على ترابط العائلة وتدعمهم في كل الأوقات.

        جون

        واحد من إخوة تومي، بيث بتعتبره أقرب أصدقائها. تأثر بالحرب وبيواجه صعوبات في النوم. بيث بتلاقي فيه راحة كبيرة.

        بيث

        شابة فقدت أهلها وأخوها في فترة قصيرة. بتحاول تتأقلم مع الحزن وتداعيات الحرب اللي رجعت حبيبها "تومي" متغير تماماً. قوية، حنونة، وعندها إحساس بالمسؤولية تجاه عائلة شلبي اللي بتعتبرها عيلتها التانية.

        أرثر

        الأخ الأكبر لتومي وجون.
        تم نسخ الرابط
        روايه بيكي بلايندرز - حب توماس وبيث

        بيثاني كلوفر كانت قاعدة فوق، على سريرها، بتقرا في الجوابات اللي الشلبيين كانوا باعتينها من ساعة ما مشيوا للحرب. كانت محتفظة بكل الجوابات ومخبياها في علبة خياطة قديمة تحت سريرها. العلبة كانت مليانة جوابات مختلفة من التلات ولاد الشلبي وأخوها الكبير كالفن، كلهم اللي اتسحبوا للجيش عشان الحرب في فرنسا. كان من أسبوع واحد بس لما بولي رجعت البيت مستعجلة، وإيديها بتترعش وهي بتدي لبيث الظرف الكبير اللي كان عليه ختم "مهم" بخط أحمر كبير. وفي الزاوية، كان مكتوب اسم بيثاني كلوفر وعنوانها.
        
        بيث مَضيَّعتش وقت، وفتحت الجواب بسرعة، بس لما قرت إن أخوها الكبير مات في الميدان، حياتها حست إنها انهارت بالكامل. بولي كانت تعرف بيثاني كلوفر طول عمرها بس حلفت إنها عمرها ما شافت حاجة بالصعوبة دي زي صرخات بيث اللي كانت بتتردد في أوضة المعيشة وهي قاعدة قدام النار، والكلمات الوحيدة اللي كانت بتقولها هي اسم أخوها وهي بتعيط أكتر مع إدراكها للموقف. ده كان من أسبوع. بس ربنا وحده اللي يعلم كالفن مات امتى بالظبط وبيث كانت بتفضل صاحية بتعيط كل ليلة وهي بتتساءل إذا كان الدور هيجي على الشلبيين بعد كده.
        
        آدا دخلت أوضة بيث في بيت بولي وقعدت على سريرها ومدت إيدها لبيث بهدوء وهي كمان بتبص في علبة الجوابات الصدأ. "كل حاجة هتبقى تمام يا بيث، فاضل كام يوم بس والولاد هيرجعوا البيت قريب!" آدا قالت بصوت واطي وهي بتضحك، مع إنها كانت من أصغرهم إلا إنها كبرت وبقت أنضج لما الولاد مشيوا، زي ما كل الستات حصل لهم كده. "أعتقد إنك صح يا آدا يا حبيبتي." بيث اتكلمت بهدوء، وحطت الجوابات في العلبة وزحفلتها تاني تحت السرير.
        
        "ممكن تسرحي لي شعري؟" آدا سألت، وعملت وش بتترجى بيث اللي زفرت بضيق. "يا إلهي أنا كنت خلاص هفكر إنك بقيتي بتحبيني. يا بنت يا قليلة الأدب." هي ضحكت، صوتها كان مجرد همس وهي بتسرح شعر آدا البني القصير. الباب الأمامي اتفتح فجأة وبيث شهقت بصدمة، وطلعت بسرعة من أوضتها لأول السلم عشان تشوف بولي شلبي وعليها أكبر ابتسامة شافتها في حياتها. "إيه اللي مخليكي مبسوطة أوي كده يا بول؟" بيث قالت بتريقة، وآدا جت وقفت جنبها فوق السلم، والبنتين بصوا لبعض بصة فيها معرفة.
        
        "هيرجعوا البيت النهاردة." بولي صرخت بابتسامة، وحطت إيدها على بوقها وهي بدأت تضحك بحماس. "هيرجعوا البيت يا بنات. هيرجعوا البيت!" قلب بيث سقط في بطنها وآدا بدأت تنط وتصرخ من الفرحة. "بولي لو بتهزري، أنا هحلف بجد..." بيث بدأت تتكلم بس ابتسامة بولي على وشها قالتلها ألف كلمة. "أنا مش بهزر يا بيث. يا إلهي. هيرجعوا البيت. يلا روحوا جهزوا نفسكم على ما أجهز ولاد جون." بولي أشارت، وجريت لجوه. بيث بصت لآدا بصدمة، وهي بتتفرج عليها وهي بتنط عملياً ناحية أقرب مراية عشان تتأكد إن شكلها مظبوط.
        
        "يلا ما تقفيش زي الموميا. تومي راجع، مش عايزة تبقي حلوة؟" آدا ضحكت، وسحبت بيث لأوضتها بشدة. بيث أخيراً ابتسمت، ورفعت عينيها وهي قلبها بدأ يدق بسرعة وهي بتحاول تسرح شعرها الأشقر المتلخبط. كانت عارفة إنها هتتألم لما ما تشوفش أخوها مستنيها وإيديه مفتوحة وابتسامة مشرقة، بس كانت عارفة كمان إنه هيكون غلط إنها ما تبقاش موجودة لعيلتها التانية، التلات ولاد اللي كبرت معاهم طول عمرها. وقفت وهي حاطة إيدها على قلبها اللي كان بيدق مليون ميل في الساعة.
        
        "تعالوا يا بناتي الحلوين. أنا خلاص جهزت ولاد جون، لازم نروح محطة القطر فوراً." بولي نادت، ولفت ونزلت السلالم عشان تجمع مجموعة ولاد جون، كلهم اللي كانوا قاعدين في المطبخ بلعبهم. آدا مَضيَّعتش وقت ومسكت إيد بيث وسحبتها لتحت السلالم، والبنتين كانوا في قمة السعادة عشان يشوفوا ولادهم راجعين لسمول هيث.
        
        بيث وتومي كانوا نفس السن وكبروا أصحاب عمرهم كله، صداقتهم في الأول كانت بسبب مفاوضات أهلهم في الشغل، بس لما كبروا بقوا ما يتفارقوش، كانوا بيعملوا كل حاجة تقريباً سوا، وبيث اتكسر قلبها لما تومي راح الحرب. نصها التاني اختفى. الشخص اللي كانت بتسهر معاه وتتكلم وتتسلل عشان تقابله. الشخص اللي كان بيكتب لها شعر وكان بيقعد عند الرصيف يستناها كل ليلة عشان يقضوا تقريباً كل وقتهم مع بعض. أول ولد باستو وأول وآخر إعجاب ليها. هو كان تومي بتاعها.
        
        جون وأرثر وبيث كانوا قريبين من بعض وهما أطفال بس الولاد الاتنين كانوا فاهمين إنها بنت تومي. ربطتهم علاقة زي الأخوات، وحيثما كان الشلبيين، كانت بيثاني كلوفر دايماً بتتبعهم. بس أي حد كان يقدر يشوف إن بيث وتومي كانوا بيحبوا بعض بجنون قبل الحرب. بمجرد ما الولاد مشيوا، بيث نقلت في واحدة من الأوض الفاضية في بيت بولي، وبتحاول أقصى ما عندها إنها تساعد في رعاية عيال جون الكتير.
        
        بيث بصت بين آدا والمطبخ قبل ما تشتم في سرها. "أنا آسفة بجد يا بول. ماقدرش أستنى. لازم أروح..." بيث كانت يا دوبك خلصت جملتها، وفتحت الباب الأمامي بسرعة بابتسامة الطفولة دي. آدا انفجرت في نوبة ضحك وبولي صرخت بس ما كانش فيه فايدة، بيث كانت خلاص مشيت وآدا كانت بتتبعها بسرعة. الشوارع كانت مليانة ناس، كلهم ماشيين في اتجاه واحد؛ محطة القطر، فبيث حرصت إنها تشق طريقها بينهم.
        
        كانت مسافة قصيرة للمحطة، فبيث وصلت بسرعة في خلال دقيقتين وقدرت تزحم طريقها وسط الزحمة. آدا زفرت وراها وهي بتنهج شوية. "يا إلهي يا بيث، انتي سريعة أوي!" البنتين قدروا بس يضحكوا ضحكة خفيفة بس اتقطعت بسبب صوت القطر العالي وهو بيوصل والناس بدأت تسقف. بيث رفعت نفسها عشان تشوف أحسن، وفحصت كل باب قطر، وقلبها بيدق بسرعة من الترقب. "شايفاهم؟ هما هناك؟" آدا سألت، وهي بتحاول تشوف ناحية أبواب القطر.
        
        بيث لمحت جون وأرثر الأول. يا دوبك نزلوا من باب القطر وهي حست بالدموع في عينيها. "ده جون وأرثر. لسه نازلين." ابتسمت، وسحبت آدا وسط الزحمة. "جون شلبي! أرثر شلبي!" بيث صرخت، والراجلين بصوا في الزحمة لحد ما أخيراً شافوهم. "بيثاني!" جون صرخ، وسحب البنت في حضن قوي وأرثر ضم أخته الصغيرة. "يا إلهي، إحنا في الجنة يا أرثر! أنا شايف ملاك!" جون ابتسم، وباس صاحبة عمره على خدها. "وحشتيني أوي!" بيث ابتسمت، ورجعت لورا عشان تبص على وشه. "انتي وحشتيني أكتر."
        
        
        
        
        "دوري!" آدا صرخت، وراحت ناحية جون. "أنا بقى هضطر أحضنك يا أرثر." بيث ضحكت، وصوتها كله تريقة والراجل الكبير بدأ يضحك. "يا صباح الفل على بنت تومي شلبي." أرثر قال بصوت عالي، وحضنها حضن رقيق. "يا صباح الفل على جدي العزيز." بيث ردت، وده خلى أرثر يضحك تاني بصوت عالي ويزقها بعيد. "لسه جريئة زي ما هي، بيثاني بتاعتنا، مش كده يا جون؟" أرثر ضحك، وهما الاتنين الشلبيين مبتسمين.
        
        "بما إننا جبنا سيرة تومي، هو فين بقى؟" صوت بيث كان هادي بالرغم من دقات قلبها السريعة اللي كانت مالية بطنها. "المفروض يكون نازل في أي لحظة." جون رد، وهو بيراقب بيث وهي بتحاول تظبط شعرها وفستانها وفي نفس الوقت بتبص حواليها في المحطة. "شكلك حلو أوي، ما تتوتريش. هو هيبقى مبسوط أوي لما يشوفك." خدود بيث احمرت، وابتسامتها كانت دافية وهي بتهز كتفها. "لو ما كانش مبسوط لما يشوفني، أنا هاخدك بكل سرور يا جون. مليان مجاملات من ساعة ما رجعت." جون ما لحقش يرد لأن أرثر صرخ. "أهو هناك، أهو دلوقتي!"
        
        راس بيث لفت، وعينيها ركزت على تومي اللي كان بيخرج من أبعد باب في المحطة، راسه لتحت. من غير ولا كلمة زيادة للناس التانية، انطلقت لقدام، بتعدي بخجل وسط الزحمة وعينيها لازقة في جنب راسه. "تومي!" عينيه الزرقا الباهتة اتحركت عشان تقابل عينيها وبيث ما قدرتش تمنع الدموع اللي بدأت تنزل. عينيه كانت فاضية ولأول مرة في حياتها، ما قدرتش تعرف هو حاسس بإيه وهما بيبصوا لبعض. "تومي." المرة دي طلعت كهمسة.
        
        هو خد خطوة لقدام وده كل اللي بيث كانت محتاجاه، رجليها حركتها ناحيته لحد ما جسمهم خبط في بعض وهي كانت ماسكة فيه. هو كان جامد وغريب بس بعد ثانية، سمح لجسمه إنه يرتاح في لمستها، بيستمتع بالاهتمام اللي كان عايزه أوي وهو بعيد. إيديه اتحركت عشان تضم راسها وضهرها، وماسك فيها كأنها ممكن تتزحلق في أي ثانية. "وحشتني أوي." همست، بالرغم من المحطة الصاخبة والمليانة ناس. كانت حاسة بدموعه على كتفها بس لما حاولت تبعد، هو بس حضنها أقوى.
        
        بولي شقت طريقها في المحطة، وعيال جون كانوا بالفعل بيجروا على أبوهم اللي شالهم في دراعاته. هي حضنت الولاد الاتنين زيادة بس بعدين خطر على بالها إنها ناقصاها حد. "تومي فين؟" بولي سألت، وحواجبها مكرمشة. "تتخيلي فين يا عمتو بول؟" جون ابتسم، وشاور ناحية آخر المحطة مكان ما تومي وبيث كانوا واقفين حاضنين بعض. "أنا ليه أصلاً مستغربة؟" بولي ضحكت، ورفعت عينيها. لو كنتي عايزة تلاقي تومي، كان لازم تلاقي تومي وبيث.
        
        "ممكن نروح نقول لتومي إزيك دلوقتي؟ هما بقالهم كتير أوي بيحضنوا بعض." آدا اتذمرت، وحاولت تمشي في المحطة بس بولي مسكت دراعها، وسحبتها بالراحة. "تومي هيجي لما يكون جاهز يا آدا. اديله بس شوية وقت مع بيث. أنا متأكدة إن عندهم كلام كتير يقولوه لبعض."
        
        "عمرك ما هتغيب تاني بالشكل ده أبداً، عارف كده صح؟" بيث همست، وهي بتبعد عشان تشوف لمحة من العينين الزرقا دي اللي كانت بتخلي قلبها يتشقلب. "مش عايز أسيبك تاني أبداً." تومي همس، وإيده بتلمس بخفة على عظم خدها. "أبداً تاني."
        
        
        
        
        
        بيثاني كلوفر: "كل الناس شايفاني البنت الضعيفة الصغيرة اللي دايماً محتاجة توماس شلبي ينقذها من أي خطر وأنا زهقت من القرف ده."
        توماس شلبي: "قولي لبيثاني إنها صح يا بول، هي مش محتاجاني أنقذها، بس سواء عجبها ولا ما عجبهاش أنا دايماً هكون موجود عشان أنا عمري ما حسيت إني مكسور أوي كده من غيرها، ودي كانت ليلة واحدة بس." الفصل الأول: كوابيس الليل كانت بيث عارفة إن إخوة شلبي لما هيرجعوا من الحرب مش هيكونوا زي الأول، بس ما توقعتش إن التغيير هيكون جذري كده. مفيش حاجة كانت هتحضر أي حد للتغييرات اللي حصلت لكل واحد فيهم. جون كان لسه زي ما هو، مرح وغرامي، وأرثر كان لسه دب طيب ومحبوب، بس تومي كان بارد ومتوتر طول الوقت، وكان بينتفض من أقل لمسة أو صوت. بعيد أوي عن الشاب اللطيف والمحب اللي كان بيكبر عليه، واللي كان دايماً بيشتاق للمسة جسدية من حبيبته الشقرا بتاعة طفولته. قبل الحرب، تقريباً كل ليلة كانت بيث بتتسلل لبيت بولي وتجري على أوضة نوم تومي وتتسلل للسرير جنبه، وبيث وتومي كانوا بيفضلوا صاحيين يتكلموا ويضحكوا تقريباً طول الليل لحد ما يناموا وهما متشبكين في دراعات بعض. ده كان روتين ليلي، حاجة بدأت وهما أطفال. لكن لما تومي رجع من الحرب، كان بيقفل باب أوضة نومه كل ليلة خوفاً من إنه يأذي بيث في واحد من كوابيسه الليلية. هي حست بإهانة بسيطة كمان، هو كان بيرفضها عملياً. بس بيث كانت محرجة أوي إنها تسأل وتومي كان عنيد أوي إنه يقول أي حاجة، عشان كده توتر غريب كان معلق في الهوا، زي سحابة سودا. كل الأفكار سابت راسها وهي بتتعثر وهي داخلة بيتها جنب جون وهما متشابكين الأذرع والضحك بيتدفق من بوقهم على المشاكل اللي عملوها، فقاعة من السعادة بتحاوطهم هما الاتنين. ده خفف شوية من حقيقة إن جون ما نامش بقاله أسابيع زي تومي ومفروض أرثر. كان عندهم دايماً رابط لا يمكن إنكاره، جون وبيث. أفضل أصدقاء من ساعة ما اتقابلوا. حاجة تومي ما كانش بيحبها أوي بس اضطر يتعود عليها بما إن بيث كانت بتحب أوي مش بس جون لكن كل إخوته. "يا جماعة!" أرثر هتف بسعادة، وهو بيبتسم وهو بيبص على أخوه وبيث. بيث ما قدرتش غير إنها تبتسم لأرثر، ولوحت بإيدها عشان تقول مرحباً وهي بتفحص الأوضة. ابتسامتها بدأت تتلاشى لما شافت تومي، راسه بين إيديه وهو بيدعك عينيه من التوتر. سابت جون وأرثر اللي بدأوا يتكلموا مع بعض وببطء شقت طريقها ناحية تومي اللي لسه ما لاحظش وجودهم. ببطء مدت إيدها، وحطتها برفق على كتفه وبالرغم من نفوره، تومي فضل ثابت. أخد نفس بطيء قبل ما يقوم بزفير ويترك بيث واقفة تتفرج وهي محرجة. كانت بتتمنى أكتر من أي حاجة إنها تمد إيدها وتحضنه وتمسكه جامد زي ما عملت لما اتقابلوا أول مرة في محطة القطر. بيث كانت بتتعامل مع شياطينها الخاصة وبالرغم من إنهم ما كانوش دراماتيكية زي الخروج من الحرب، إلا إنهم كانوا لسه بيطاردوا عقلها. مامتها ماتت قبل شهرين من ما الولاد مشيوا للحرب، التهاب الشعب الهوائية كان بياكل جسمها ببطء وكان بعد أسبوع واحد بس من ما مشيوا إنها لقيت أبوها ميت عند الأرصفة. أصعب خسارة فيهم كلهم كانت أخوها الكبير، كالفن. بيث كانت عايزة تسأل عنه، عايزة تعرف مات إزاي، حتى إمتى بس ده هيكون أنانية لو سألت لأن الولاد كلهم كانوا بيعتبروه أخ بنفس القدر. كانت عارفة إنها أنانية إنها تتوقع منهم يكونوا زي ما هم، بس ده كان لسه بيطارد عقلها، زي ما كان بيطارد بولي وآدا. الولاد اللي كانوا يعرفوهم ويحبوهم زمان بقوا مجرد هياكل فاضية لنفسهم. شكلهم هو هو بس عمرهم ما هيكونوا زي الأول. بس كل ليلة وحيدة كانت بتنام قبل ما الرجالة ترجع من الحرب، كانت بتصلي لبولي إنه يرجع أولاد شلبي بسلام. بالرغم من إنه رجعهم، إلا إنهم ما كانوش زي الأول أبداً. بيث كانت غالباً بتلاقي الراحة في أرثر لما الأمور بتسوء، بس جون كان بالتأكيد أقرب أصدقائها. شخصياتهم بتكمل بعض وجون كان ممتع وما بيهتمش نص الوقت وأحياناً لما بتتعامل مع شغل جاد كده بتحتاج شخص واحد في حياتك يكون ما بيهتمش. جون غالباً فكر في إنه يتجوز البنت بعد ما مارثا ماتت قبل الحرب بس أرثر وبخه على الفكرة وحذره لو تومي عرف هينسلخ حياً، عيلة ولا لأ. ده كان حقيقي برضه، بالرغم من إنهم ما كانوش مع بعض، كل واحد في سمول هيث كان عارف إن بيثاني كلوفر وتومي شلبي لبعض. أرثر سعل بخفة عشان يلفت انتباه الشقرا. عيون بيث حادت من ضهر تومي لأرثر اللي أومأ لها عشان تقعد زي ما بقية الترابيزة قعدت، ومع احمرار في خدودها، بيث قعدت بابتسامة صغيرة لأرثر. "طيب أنا ناديت على الاجتماع ده عشان عندي أخبار مهمة جداً. سكاد بوت ولوفلوك رجعوا من بلفاست امبارح بالليل." أرثر بدأ، وهو بيشاور على الراجلين اللي واقفين على شماله. "كانوا بيشتروا حصان عشان يلقحوا بيه فرسهم. كانوا في حانة في شانك هيل رود امبارح وفي الحانة دي كان فيه عسكري، بيوزع دول." أرثر شال كوم ورق واداه لآدا. حواجب بيث اتكرمشت، وهي بتبص لبولي اللي عملت نفس تعبير الارتباك. "لو طولك أكتر من خمس أقدام وتقدر تحارب، تعالى برمنجهام." جون قرأ بصوت عالي، وهو بيسلم الورقة لبولي. "هما بيجندوا رجالة أيرلنديين بروتستانت عشان يجوا هنا كقوات خاصة." أرثر شرح، وإيديه متقاطعة على صدره. آدا بصت لأرثر بارتباك، وحواجبها مرفوعة. "يعملوا إيه؟" "عشان ينضفوا المدينة يا آدا." تومي بدأ، وعينيه على أرثر. "هو رئيس المفتشين. آخر أربع سنين كان بيطهر الجيش الجمهوري الأيرلندي من بلفاست." حواجب أرثر اتعقدت وهو بيبص على أخوه. "يا إلهي، إيه القرف ده." بيث اتذمرت، وهي بترجع بضهرها على الكرسي. بصت لجون وبمجرد ما عيونهم اتقابلت بدأوا يضحكوا بصمت. "إيه اللي خلاك تعرف كتير أوي كده؟" أرثر زمجر، كونه يتقزم قدام أخوه الأصغر ده كان مجرد إحراج له، خصوصاً في اجتماع عائلي. "عشان تومي إله، ما كنتش تعرف؟" بيث همست بسخرية، وهي بتمد إيدها على الترابيزة لزجاجة الويسكي. "لأني سألت العساكر اللي شغالين عندنا." تومي رد، متجاهلاً كلام بيث وهو مركز عينيه على أرثر. "ليه ما قولتليش؟" الأوضة سكتت والراجلين بيبصوا لبعض. "أنا بقولك دلوقتي." تومي رد، أرثر خد رشفة من قارورته وهو بيزفر بضيق. "ليه بيبعتوه برمنجهام؟" بولي سألت بهدوء، وهي بتبص لتومي. "كان فيه كل الإضرابات دي في مصنع بي إس إيه ومصنع أوستن مؤخراً. دلوقتي الجرايد بتتكلم عن التمرد والثورة. أنا أعتقد إنه بيدور على الشيوعيين." تومي رد ببرود، وهو بيحط إيديه على ضهر كرسي بيث. "يعني العسكري ده هيسيبنا في حالنا، صح؟" بيث سألت، بجدية مفاجئة في نبرة صوتها كأن مفتاح اتغير. "فيه أيرلنديين في جرين لينز سابوا بلفاست عشان يهربوا منه. بيقولوا إن الكاثوليك اللي كانوا بيعارضوه كانوا بيختفوا بالليل." تومي رد، وعينيه على إيديه اللي كانت بتلامس برفق لوح كتفها بطريقة كأنها بتطمنها. "آه بس إحنا مش الجيش الجمهوري الأيرلندي. إحنا حاربنا للملك. على أي حال إحنا البيكي بلايندرز. إحنا مش خايفين من العساكر." جون هتف، وهو بيضحك لوحده. "هو صح." أرثر تمتم. "لو جم لنا هنعلمهم ابتسامة لكل واحد فيهم." جون أعلن. تومي ما قدرش غير إنه يهز راسه، وعينيه بتلمع وهو بيبص لأخوه الكبير بحواجب مكرمشة. "يبقى كده يا أرثر، خلصنا؟" أرثر تجاهل تومي، وهو بيبص لبولي اللي قاعدة على الترابيزة. "إيه رأيك يا عمتو بول؟" عيون بولي بصت لبيث وهي بدأت تتكلم، وهي بتهز راسها للشقرا. "العيلة دي بتعمل كل حاجة مع بعض. ما عندكش حاجة تانية تقولها في الاجتماع ده يا توماس؟" ضغطت عليه. تومي هز راسه. "لأ." صمت للحظة بسيطة. "مفيش حاجة تخص الستات." بيث حركت كتفها من قبضته وطلعت زفير بصوت عالي، وهي بتلف عشان تبصله بغضب. "المشروع ده كله كان شغل ستات وأنت كنت في الحرب. إيه اللي اتغير؟" بيث زمجرت، وعينيها بتخترق جمجمته. تومي بص لتحت على الستات الاتنين. "إحنا رجعنا." بيث حست إن قلبها بدأ يدق أقوى في صدرها من الغضب. وقفت من على كرسيها، وطلعت من الأوضة بغضب وهي بتهز راسها. هو اتغير آه، بس ما كانش غافل. مش كل الرجالة رجعوا وكانوا بيقولوا تعليق زي ده ما كانش إلا مهين. آدا وقفت عشان تتبع بيث، بس نظرة تومي الصارمة خلتها تقف. "سيبيها يا آدا. بيثاني محتاجة وقت عشان تحزن." الهوا في الأوضة حس إنه تقيل، التوتر كان عالي وتومي خرج وراها من الباب، وعينيه الخالية من المشاعر بتراقبها وهي ماشية في شوارع برمنجهام الضلمة. بيث فتحت عينيها بتعب لما سمعت صرخة صغيرة جاية من الناحية التانية في الطرقة. بعد ما سابت الاجتماع، كانت راحت المقابر. بما إن كالفن مات في فرنسا، ما كانش عنده قبر في سمول هيث، فبدل كده، قعدت عند قبور مامتها وباباها لحد ما الدنيا بقت ضلمة. دي كانت طريقة عشان تنضف دماغها، وتتكلم مع أهلها عن التغييرات اللي حصلت في حياتها في الشهور اللي فاتت. لما الليل جه والمقابر بقت ضلمة، بيث راحت لبيت بولي ونامت. جون وأرثر كانوا بره بيشربوا في الجاريسون، بولي في الكنيسة، تومي ما كانش له أثر، فبيث غطت فين في السرير ونامت هي كمان. بس بعد كام ساعة بس من نومها، صحيت على الصرخة اللي في الطرقة اللي بدأت تعلى أكتر. قعدت تسمع وهي بتعلى ولبست قميص نومها، وراحت بالراحة للطرقة عشان ما تصحيش فين. وقفت في الطرقة، مستنية الصوت يتكرر عشان تعرف جاي من أنهي أوضة. خدت لحظة بس سمعت صرخة تانية وبيث كانت متأكدة إنها جاية من أوضة تومي. تومي، لأول مرة من ساعة ما رجع، نام نوم عميق، الحرب كانت مالية دماغه وهو بيتقلب في نومه، بيحاول يهرب من عقله بيأس. من كتر إرهاقه، تومي نسي يقفل باب أوضة نومه، فلأول مرة من شهور، بيث لقت طريقها لأوضته. حواجبها اتكرمشت من الارتباك، وهي بتراقبه وهو بيصرخ من الألم تقريباً وهو بيتقلب، دراعاته بتتحرك ورجليه بتركل زي المجنون. كان لازم تكون حذرة وهي بتصحيه عشان ما تتأذيش في نفس الوقت، عشان كده هي لفت دراعاته المتحركة برفق ومسكت كتفه وهزته. عيون تومي اتفتحت فجأة، وجسمه قام قعدة وهو بيلهث عشان ياخد نفسه، ودرعاته لسه بتخون دماغه وهو بيحركها. "تومي؟" بيث همست، إيدها لسه ماسكة كتفه وهي بتبص عليه. "توم؟" صوتها كان أهدى دلوقتي وهو سمح لجسمه إنه يرتاح، وعينيه بصت عليها بخوف بيث عمرها ما شافته قبل كده. "أنت كويس يا حبيبي، أنت كويس." بيث همست، وهي قاعدة على طرف السرير وبتشده في حضن قوي. وهو بيلهث، تومي مسك جسمها، الهوا دخل رئتيه وهو قدر أخيراً يتنفس. بيث حاولت تبعد بس زي محطة القطر، دراعاته مسكتها جامد وهو بيكمل محاولاته عشان ياخد نفسه. "خليكي. لو سمحتي." كانت يا دوبك مسموعة بس بيث سمعتها، واتحركت عشان تنام جنبه في السرير وتشده تاني ليها. "كله تمام يا تومي." همست، وإيدها بتسرح في شعره الأسود وهو ماسك فيها. "مجرد كابوس وحش، مش أكتر." تومي طمنها، صوته كان تعبان. "أنتي كويسة؟" بيث ما قدرتش غير إنها تبتسم، وإيدها بتتحرك على ضهره العاري. "يمكن كنتي هتعرفي لو ما كنتيش بتتجنبيني بكل قوتك. بس لو أنت كويس، أنا كويسة." تومي ما قدرش غير إنه يرفع عينه وهو بيضحك، بالرغم من إن بيث ما كانتش قادرة تشوفه في ضلمة أوضته. "كان عندي مشترين في لندن، طلبت من رجالي يسرقوا أربع عجل بمواتير بنزين. أعتقد إنهم كانوا سكرانين، أكيد خدوها من مخزن الاختبار بدل مخزن التصدير- خدوا الصندوق الغلط يا بيث." تومي صمت شوية، وإيده بتتحرك على وشها. "جوه لقينا 25 رشاش لويس، 10 آلاف طلقة ذخيرة، 50 بندقية نصف آلية، 200 مسدس بطلقاتهم." بيث قعدت، حواجبها مكرمشة وهي بتبص عليه. "هما فين دلوقتي؟" تومي بص عليها، والصمت لفهم وهما بيوزنوا خياراته. "تومي هما فين بالظبط؟" هو قعد، وإيده ماسكة إيدها. "في ساحة تشارلي سترونج. قاعدين في آخر إسطبل." بيث ما قدرتش غير إنها تزفر، وإيدها وصلت عشان تشد في جذور شعرها بقلق. "يا إلهي. يا إلهي." همست، دماغها بدأت تدور. "وعشان كده المفتش هنا. يا إلهي." "بيث، أوعدك إن مفيش أي حاجة هتحصل مع المفتش." هو صمت، للحظة لاحظ الدموع في عينيها. "إحنا بيكي بلايندرز يا حبيبتي، مفيش أي حاجة هتحصل لأي حد فينا." بيث ما قدرتش تمنع القلق اللي اجتاح جسمها، هي لسه خسرت عيلتها ودلوقتي عندها خوف من إنها تخسر عيلتها التانية. "أنا بس خايفة يا تومي، أنا لسه رجعتكم كلكم ومش عايزة أخسركم تاني." صوتها ما كانش أكتر من همس وده خلى تومي يبتسم. "أوعدك من كل قلبي إنك عمرك ما هتخسريني تاني." بيث قلدت ابتسامته، وشدته عشان ينام جنبها تاني. "أنتي لافاني حوالين صباعك الصغير، زي دايماً." تومي همس، وإيده بتسرح في شعرها الأشقر. "هنبقى كويسين، مش كده؟" تومي بص لتحت لما مفيش رد عشان يلاقي بيث نايمة نوم عميق، وعلى وشها ابتسامة صغيرة.

        الكاتبه هدى محمد

        huda_1

        الأعمال

        الاَراء

        رواية ثمن الخيانة

        ثمن الخيانة

        2025, أدهم محمد

        جريمة

        مجانا

        5

        قاتلة خطيرة بتشتغل تحت ستار تاجرة حرير ناجحة، راحت حفلة تنكر عشان تنفذ مهمة قتل، لكن خطتها اتقلب عليها بسبب خيانة شريكها باز. بعد تلات شهور، أختها كاساندرا بتكمل تدريبها في نقابة القتلة وبتنجح في الاختبارات الصعبة عشان تبقى عضو رسمي، وبتحاول تكتشف سر اختفاء أختها ليليا. وسط كل ده، باز، زعيم النقابة وحبيب كاساندرا، بيخطط يدور على ليليا بنفسه، وده بيحط كاساندرا في مكانة جديدة ومسؤولية كبيرة جوه النقابة.

        ليليا

        قاتلة محترفة، بتشتغل تحت غطا تاجرة حرير ناجحة. قوية وشاطرة في إخفاء هويتها الحقيقية، لكنها بتواجه خيانة من أقرب الناس ليها.

        كاساندرا

        أخت ليليا الصغرى، وعندها طموح كبير إنها تنضم لنقابة القتلة. عنيدة ومصممة تثبت نفسها، حتى لو ده خلى علاقتها بأختها متوترة.

        اللورد سيباستيان

        زعيم نقابة القتلة وحبيب كاساندرا. شخصية قوية ومؤثرة، بس بيظهر جانب من الغموض والتعقيد في علاقته بليليا وكاساندرا.
        تم نسخ الرابط
        رواية ثمن الخيانة

        معظم الناس راحت حفلة التنكر الصيفي على أمل إنهم يلاقوا الحب؛ هي راحت وهي ناويه توصل الموت.
        
        كان معاها سبع أسلحة مخفيين، كانوا أكتر باتنين من اللي خططت ليهم في الأول، ودا من غير السم.
        
        الدبوسين اللي كانوا ماسكين شعرها الغامق في كتلته من الكيرلي واللفات كانوا سهلين الوصول في القتال القريب. المساحة بين صدرها والكورسيه الغامق بتاع الفستان كانت قوية كفاية عشان تستحمل وزن الخنجر الصغير، وصدرها الواضح خلى إخفاء المقبض بنفس الكفاءة. الكورسيه نفسه كان متخيط في جسم الفستان، وسايب مساحة بسيطة لإخفاء سكينة. لحسن الحظ، الطرف اللي ورا كان مفتوح كفاية من تحت إنها تقدر تخزن واحد بين العظم جنب رباط الكورسيه.
        
        خنجر تاني كان محطوط براحة في الرباط اللي على فخدها الشمال، مستخبي بسهولة تحت فساتينها الواسعة. واتأكدت إن الجزم اللي لابساها هتخبي سكينة عند كل سمانة.
        
        ممكن نقول إن ليليا كورتوفا كانت دايماً بتوصل مستعدة.
        
        انحنت على تسريحتها عشان تشوف نفسها أقرب في المراية وهي بتحط أحمر شفاه على شفايفها وبودرة على جفونها. مكنش في حاجة مميزة زيادة عن اللزوم في مظهرها، بس عينيها كانت بتلمع كفاية، وشفايفها كانت مليانة كفاية، وصدرها كان طري كفاية لدرجة إنها كانت بتلفت انتباه أي راجل – وست – كان ليها الشرف إنها تقابله.
        
        الإغراء كان مميت زي ما كان ممتع، وضحاياها اكتشفوا دا بأكثر الطرق إيلاماً.
        
        "هتموتي من السخونية لو خرجتي كدا النهاردة."
        
        نظرة ليليا اتنقلت لانعكاس الست اللي واقفة في باب أوضتها، ومقدرتش تتمالك نفسها من الضحك على ملاحظات أختها الصغيرة بخصوص لبسها الغامق.
        
        "محتاجة مكان أخبي فيه سكاكيني يا كاساندرا، والفستان دا هو أسلم طريقة أعمل كدا"، قالت وهي بترجع انتباهها لانعكاسها.
        
        "لسه بقولك إنك محتاجة واحد بس"، ردت أختها وهي مجمعة دراعتها على صدرها وساندة على باب الأوضة الفخمة.
        
        "وعشان كدا المهمة دي بتاعتي، وإنتِ لسه في أول سنة تدريب ليكي." بعد ما لبست خاتم مليان سم في إيدها الشمال، ظبطت الكورسيه بتاعها آخر مرة، وبعد ما نفشت شعرها المرفوع آخر نفشة، ليليا لفت عشان تواجه أختها.
        
        ليليا كانت بشرتها أغمق، وأختها الصغيرة كانت أفتح بكتير، والقاتلة كانت دايماً بتتساءل ليه كاساندرا عايزة تمشي وراها في أعماق العالم الخفي. كاساندرا كانت بتلمع زي شعاع الشمس، مش ساكنة في الضلال. كان المفروض تبقى في القصر، بتدلع اللورد دا أو الأمير دا، بدل ما تستخبى ورا ستارة، وبتحاول تفك أحسن طريقة عشان تقتلهم.
        
        بس كاساندرا أصرت وأثبتت نفسها في تدريباتها كويس كفاية، ودلوقتي بتجهز لاختباراتها اللي هتبدأ بعد شهور قليلة. مفيش حاجة ليليا تقدر تعملها أو تقولها عشان تغير رأيها؛ كانت عارفة إن أختها كبيرة كفاية إنها تدير نفسها، بس كان في دم عيلة كورتوفا الكبيرة إنها تقلق عليها.
        
        "ممكن على الأقل تعملي حاجة مفيدة وإنتِ واقفة كدا؟" ليليا سألت أخيراً، وهي بتمسك عقد لأختها.
        
        كاساندرا كشرت حواجبها من ابتسامة أختها الساخرة، وفكت دراعاتها مع زفير متضايق. "على الأقل باز هيكون موجود عشان يخلي باله منك،" كاساندرا قالت بسخرية وهي بتاخد السلسلة من إيد ليليا.
        
        "ليه؟" ليليا ردت بغضب وهي مش مصدقة وهي بتدي ضهرها لكاساندرا، وسحبت شعرها بالراحة عشان توضحه. "دي مش مهمته."
        
        مع هزة كتف، كاساندرا ابتسمت وهي بتقابل نظرة أختها في المراية. "هو مقالش إنه رايح لمهمة. هو قال إنه استلم دعوة."
        
        مع نظرة غاضبة خفيفة، ليليا واجهت المراية، وسمحت لغضبها يغمرها بهدوء. باز - اللورد سيباستيان جايلن - كان قائد نقابة القتلة، والمنافس الوحيد الحقيقي لليليا في العالم الخفي. ده، بخلاف إصراره على إن أختها تبقى حبيبته، كان سبب كافي لليليا إنها تكره الراجل ده.
        
        مكناش المفروض نستغرب ليليا لما اكتشفت إن باز هيكون هناك، فكرت وهي بتاخد القناع اللي هيخفي وشها بالليل. لمساته الفضية على خلفية سودة كانت لايقة على فستانها تماماً، وهتغطي وشها كفاية إن نظرة سريعة تخلي هويتها سرية لحد ما ييجي الوقت المناسب.
        
        أي حد مهم كفاية في مدينة لاثوس هيكون في مهرجان انقلاب الصيف، وبالرغم من إنه قائد النقابة بتاعتهم، باز كان كمان دبلوماسي معروف جوه أسوار المدينة.
        
        وهي بتربط قناعها ورا ودانها، ليليا ابتسمت لنفسها ابتسامة خفيفة. بغض النظر عن شغلها بالليل كقاتلة، كتاجر حرير ناجحة في المدينة، هي كمان جالها دعوة للمهرجان.
        
        ويا لسوء حظ هدفها أكتر.
        
        "عربيتك وصلت يا سيدتي!" الخادمة نادت من السلالم اللي تحت، وقطعت أفكار ليليا.
        
        قبل ما تقدر ترد، كاساندرا كانت سبقتها. "هتكون هناك في لحظة يا لوكاس!"
        
        ليليا رفعت حاجبها فوق قناعها، لفت وقربت من أختها. "إنتِ بجد لازم تتعودي على الألقاب دي. مش هتروح في أي حتة، ولا الخدم."
        
        كاساندرا تمتمت وهي ماشية ورا أختها نازلة السلالم. "السيدة كورتوفا - تاجرة جميلة بالنهار، قاتلة مميتة بالليل."
        
        ليليا لفت عشان تواجه أختها وفساتينها بتلف معاها. "مش عندك أي تدريب المفروض تعمليه؟ أنا متأكدة إن ويل هيحب فرصة تانية يوقعك على مؤخرتك."
        
        كاساندرا هزت كتفها بس. "باز اداني أجازة النهاردة."
        
        ليليا مالت راسها على جنب بتساؤل. "ليه مش هتروحي معاه النهاردة أصلاً؟"
        
        كاساندرا ابتسمت ابتسامة خفيفة، بس ليليا قدرت تشوف لمعة خيبة أمل عدت على وشها. اختفت في لحظة، وحل محلها لمعان في عينيها، بنفس القدر اللي كانت فيه شقية. "عشان هو مش محتاجك تتشتتي أكتر النهاردة من اللي أكيد هتتشتتيه."
        
        "وايه معنى الكلام ده بقى؟" ليليا سألت، وهي بتضم دراعاتها حوالين الكورسيه الضيق بتاعها.
        
        كاساندرا ابتسمت بس وهي بتلوح لأختها وهي طالعة السلالم في الاتجاه المعاكس.
        
        "استمتعي بحفلة التنكر يا سيدة كورتوفا!"
        
        العربة خدت ليليا عبر المدينة نحو الحقول اللي بتحيط بأطراف المدن المجاورة. مهرجان الانقلاب الصيفي كان بيستضيفه أي لورد محلي يقدر يقدم للمجلس أكتر فلوس، ومحظوظ السنة دي كان اللورد أندرو ميليان.
        
        استهداف المسؤولين الحكوميين ماكانش حاجة غريبة على ليليا - اتعاملت مع كتير منهم في الماضي. بس كان في حاجة في جو الليلة دي - مستوى الضيوف، عواقب أفعالها - ليليا حست كأن الآلهة اللي فوق بتراقبها وهي بتنفذ مهام الليلة، وده خلاها تتجمد من البرد بالرغم من دفء المساء اللي كان محاوطها.
        
        كانت طلبت من باز معلومات أكتر عن العميل اللي دفع عشان الهدف، زي ما عملت في كل مهماتها، بس هو كان سري أكتر من العادي المرة دي. بدل كده، هو بس قالها إنه تاجر أجنبي اتظلم من اللورد ميليان في الماضي. كانت سألته أكتر، بس هو بلغها بالسعر المطلوب، وإن مهمة الهدف ده هتغطي تدريب كاساندرا، واختبارها، ورسومها للنقابة.
        
        كانت أكتر من كافية عشان ليليا تسكت.
        
        أياً كان اللي عايز اللورد ميليان يموت كان مش مستخسر أي فلوس.
        
        عضت على ضوافرها وهي بتفكر - عادة عصبية مش لايقة بسيدة أبداً، أختها كانت هتسخر. بس كان ضوفر واحد وعلى إيدها اليمين بس، ولو ده لوحده كان كافي يهدّي أعصابها ويخليها تخلص المهام اللي بتواجهها كل ليلة، يبقى كده خلاص.
        
        قريبًا، الطريق تحت العربة بقى مش مستوي أكتر، وهو بيخض ليليا وهي قاعدة. قدرت تشوف الريف بينبض بالحياة مع أضواء وأصوات الاحتفالات الخارجية اللي بتحتفل بانقلاب الصيف، فعرفت إنها قريبة. الألوان الحمرا والبرتقالية والصفرا المتداخلة لزينة الورق والفوانيس اللي محددة حدود الحفلة، كلها كانت بتتجمع عند نقطة مركزية - نار ضخمة طالعة للسما.
        
        فوراً، حست كأنها هتسيح تحت الطبقات اللي لابساها بمجرد ما تقرب من النار دي، وليليا لعنت أختها عشان طلعت صح.
        
        العربة وقفت في صف مع عربيات تانية والركاب بتوعها اتحركوا من أماكنهم. باب عربة ليليا اتفتح، ومسكت الإيد اللي اتمدت لها وهي بتنزل بحذر على الأرض الصلبة.
        
        "سيدة كورتوفا."
        
        بس الإيد اللي مسكت إيدها مكنتش بتاعة السواق بتاعها.
        
        باز ابتسم، عينيه الزرقا بتلمع من خلال قناع دهبي كان لايق على شعره الأشعث وهو بيشبك دراعه بدراعها. كان ساحر، ليليا كانت عارفة كويس، وده خلاه خطر.
        
        "اللورد جايلن،" ليليا ردت بأسنان مضغوطة، وهي بتميل أقرب عشان تتظاهر بالمودة. "ايه اللي بتعمله هنا؟"
        
        "أنا هنا لنفس السبب اللي إنتِ فيه يا ليل،" قال وهو مبتسم وبيهز راسه للورد اللي معدي. "أنا اتدعيت."
        
        "إنت بالذات عارف أحسن من كده. أنا مش محتاجة مرافق."
        
        "أنا مقلتش إني مرافقك. قلتلك - أنا اتدعيت."
        
        قادها من خلال المساحة الفاضية اللي بتستخدم كساحة رقص، حيث كانت الأزواج بتدور بالفعل في لمحات من الألوان والحرير والريش. كل واحد كان لابس قناع عشان يزود الغموض والسحر لأمسية الصيف.
        
        ليليا مكنتش هتسمح للمجاملات إنها تشتتها.
        
        
        
        
        
        
        "مفيش وقت للكلام ده، وكاس هتبقى هتجنن لما تعرف ليه مخلتهاش تيجي،" ليليا فلتت الكلمة وباز كان بيقودهم.
        "متشغليش بالك بكاساندرا،" هو أكدلها. "إنتِ محتاجة تركزي على الراجل اللي هتقتليه النهاردة."
        الإيد اللي على دراعها شدت شوية لما باز لف يواجه راجل وجوده لوحده كان بيشع قوة، حتى من بعيد. كان لابس أفخم هدوم ممكن الفلوس تجيبها، وخصل شعره الغامق كانت بتطير في نسيم الصيف الدافي من تحت الربطة اللي كانت عند رقبته. كان بيتكلم مع اتنين ضيوف لابسين هدوم فخمة زيه، بس كان واقف كأنه ملك في بلاطه. وكأنه حس بوجود جمهور، عينيه الرمادية بصت ناحيتهم، غامقة زي العاصفة تحت قناعه الفضي اللي كان مغطي كل وشه ماعدا شفايفه.
        لو مكنتش هتقتله، ليليا كانت عايزة تعرفه أكتر.
        "إنتِ بتبصي يا ليل،" همس في ودانها وهو بيناولها كوباية نبيذ فوار.
        "وإنت كمان،" هي ردت بسرعة، خدت النبيذ بشكل أعمى وعينيها لسه على هدفها.
        بالعادة، شمت النبيذ وقلبته في الكوباية ببطء، ولما مفيش أي دليل على سم كان واضح، خدت رشفة صغيرة وحبستها في بوقها، مستنية أي تأثيرات مش ظاهرة. أول ما اعتبرته آمن، بلعت وخدت رشفة تانية.
        
        "قولي لي عنه،" همست، حاسة بابتسامة باز الساخرة جنبها. بس سواء كانت على سؤالها أو عشان هي افتكرت إنه ممكن يسمم مشروبها، مكنتش متأكدة.
        باز خد رشفة من النبيذ بتاعه قبل ما يتكلم، وعينيه رجعت للراجل اللي قدامهم.
        "اللورد أندرو تاجر ودبلوماسي بره لاثوس، بس فلوسه جديدة - طايشة، على حسب كلام البعض. دفع دهب كتير أوي عشان يستضيف تجمع الانقلاب الصيفي السنة دي، وفي ناس بتعتقد إنه عمل كده بس عشان يورّي غناه أكتر، ويخلي التانيين يبانوا ضعفا، وفي نفس الوقت يجذب انتباه العملاء المحتملين. لسوء حظه، نجاحه المتزايد خلاه يعمل أعداء كتير، والتجار المحليين شافوا وصوله تهديد صريح للتجارة في مدينتهم."
        باز خد رشفة تانية من النبيذ وابتسم بابتسامة ذئبية. "وهنا ييجي دورك."
        ليليا خلصت كوبايتها قبل ما تجمع ردها. "التجار دول أكيد عرضوا مبلغ خرافي عشان تنزل لمستواهم."
        "البعض طلب خدمات شخصية."
        ليليا كشرت حواجبها وهي بتلف له وفستانها بيلف معاها. "احنا مبنخليش شغلنا شخصي يا باز - دي أول قاعدة عندنا."
        "أنا مش محتاجك تقعدي تسمعيني قانون الشغل يا ليليا،" باز قال بحدة وعينيه بتلمع في عينيها. "وأنا أقترح إنك تفتكري ده بنفسك لما تبقى هدومك فوق وسطك أول ما تسحبيه في الضلمة."
        مكنتش تقدر تعمل غير إنها تبص له بغضب، وحذرة أوي من الجمهور المحتمل حواليهم. هي مكنتش بتصدق أبداً إن طرقها تقليدية، بس باز مكنش بيفوت فرصة يفكرها بكرهه.
        "أتمنى مكونتش قطعتكم."
        ليليا لفت بسرعة ناحية الغريب المجهول اللي بيحاول يقاطع كلامهم، بس قبل ما تقدر تعضه وتطرده، أدركت إنها واقفة وش لوش مع اللورد أندرو ميليان. اترددت للحظة واحدة بس، وسمحت لنفسها تبص لباز بلمحة واحدة وهو هز راسه بخفة ورجع لورا قبل ما توجه انتباهها لمضيف الأمسية.
        انحنت شوية، وابتسامة رسمتها على وشها كانت عارفة إنه هيعتبرها عشانه هو بس. "أبداً يا سيدي. في الحقيقة، أنا شفتك واقف هناك وكنت خايفة أقاطع."
        هو ابتسم في المقابل، وعرض عليها دراعه. "للسيدة الجميلة اللي زيك، أنا هعتبرها مقاطعة مرحب بيها."
        ليليا خدت ذراع اللورد وسمحت له يقودها حول أرض المهرجان. كان ده كله جزء من اللعبة اللي بتلعبها - هتبتسم وتغمز بعينيها، تهز راسها أحياناً وهي بتعمل نفسها بتسمع أي حاجة كانوا عايزين يتكلموا عنها.
        "إنها حفلة جميلة،" ليليا قالت أخيراً بصوت هادي وهي بتفكر في أغمق الضلال وأهدى الزوايا.
        أندرو بصلها من طرف عينه، وأطراف شفايفه ملتفة شوية. "سمعت من لهجتك إنك أكيد من لاثوس."
        "وأنا سمعت من لهجتك إنك مش منها،" هي ردت بذكاء.
        ابتسم رداً على كلامها. "ثوريا يا سيدتي، بس خلينا منيش نتكلم عني. اللي عايز أعرفه أكتر عنك إنتِ. بتعملي إيه لما مش بتكوني بتحضري مهرجانات النار في نص الصيف؟"
        سؤاله خرجها من خيالها، وعقلها كان already بيفكر في الإجابة اللي هتديها. الحقيقة؟ هوية مزيفة؟ بس هي كانت في قائمة الضيوف، وبقدر ما كان أي حد تاني مهتم، هي كانت لسه السيدة ليليا كورتوفا.
        فكانت الحقيقة.
        "حرير،" قالت بفخر، وهي بتقف أطول شوية وهي بتكمل. "أنا تاجرة حرير."
        
        قابلها بابتسامة عارفة. "يبقى إنتِ عارفة جودة البضاعة اللي وصلت من بره؟"
        هي سخرت وقلبت عينيها الغامقة علامة على الاعتراف والضيق. "قلت لمسك الدفاتر بتاعي إني مش هقبل الطلب، بغض النظر عن مدى محاولة البياعين إنهم يدفعوه. أفضل أضيع الدهب اللي دفعته كوديعة على إني أرمي أكتر في المحيط على القرف ده."
        أندرو أطلق ضحكة مدوية، وهي ردت بابتسامة خاصة بيها.
        وللحظة خاطفة، وهما بيناقشوا إعجابهم بأوزان معينة من بضاعتهم المحبوبة، وأي الألوان المفضلة من أي بائعين بتتباع أحسن في أي موسم، ليليا تساءلت لو فيه أي فرصة لإعادة النظر في موقفها.
        كان فعلاً هيكون عيب إنها تقتله.
        "إيه؟" سأل وهو شافها بتبص في اتجاهه للمرة الثالثة. قدرت تعرف إنه حاول يخفي السخرية من نبرة صوته.
        "ليه مسألتنيش عن اسمي؟" هي ضغطت بسنة بسيطة من ميلان راسها.
        "احتفال الانقلاب الصيفي حفلة تنكر لسبب،" هو بلغها وهما مكملين طريقهم. "الكل بيحضر عشان ليلة من الغموض والسحر، زي ما سمحت الآلهة على مر السنين. أنا مين عشان أكسر الوعد ده، بغض النظر عن مدى رغبتي في المعرفة؟"
        وقف ماشي، وتوقف في جزء أهدى من محيط الاحتفال. واجه ليليا، ومقدرتش تحدد إذا كانت الحرارة اللي فاضلة من نار الانقلاب الصيفي أو النظرة الثاقبة اللي كانت بتخترق صدرها لحد قلبها، بس وشها سخن لما إيد حركت خصلة شعر ورجعتها على كتفها العاري.
        "أنا نفسي جداً أتعرف عليكي أكتر،" هو بلغها، ونفسه كان نسيم أبرد عليها.
        "طيب، اسمح لي أجيب لنا مشروب قبل ما نبدأ،" هي قالت بنعومة وهي بتلف بعيد عن نظرته، ونفسه، ومسكته. عرفت إنه كان بيراقبها وهي بتتمشى ناحية ترابيزة المرطبات اللي كانت على مسافة قصيرة وأدركت إن المهمة دي هتكون أصعب مما خططت له.
        لأول مرة في تاريخ ليليا كورتوفا المهني، اترددت.
        "ماتخليهاش شخصية يا ليل."
        هي عملت شغل ممتاز عشان تتأكد إنها مش شخصية، ومع ذلك...
        من طرف عينها، لمعة ذهب لفتت انتباهها، وشافت باز بيتكلم casually مع ضيف تاني في الحفلة. لمحت عينه، وبصت له بغضب خفيف على وجوده اللي طول. وكأنه بيرد، طلع ساعته الجيب بشكل casual كأن عنده ميعاد، وبصلها بصه مقلقة. ليليا افترضت إن وقتها بيخلص، أو صبره بدأ ينفد.
        في الحالتين، مكنتش هتسمح لباز يتحكم في أفعالها. أبداً.
        بضغطة من إبهامها، غطا خاتمها اتفتح، ودلق محتوياته فوراً في المشروب اللي تحته. كان فيه ناس كتير حواليها، عيون كتير، ولأول مرة، مكنتش عايزة هدفها يعرف إنها هي اللي وصلته الموت. جرعة السم دي كانت هادية، قاتلة، وبطيئة.
        وهي بتلف تاني ناحية رفيقها، إيديها كانت ثابتة على الكاسات قدامها وهي ماشية، إيدها الشمال ممدودة برشاقة وهي بتقدم المشروب المسمم للورد المنتظر.
        ابتسم تحت قناعه وهو بيقبل عرضها، وليليا خدت رشفة خجولة من كاسها وهي بتتفرج على النبيذ في إيده بيلف ويتقلب، بيتحول من الوردي الفاتح لبرتقالي غامق وملفوف.
        الكاس وقع من إيدها، ورمى شظايا وكحول على الأرض وفستانها وهي بتتفرج في رعب كامل.
        "لأ،" همست وهي مش مصدقة وعينيها متركزة على الكأس في إيد اللورد أندرو ميليان. المضادات كانت بتطلب كتير لما تكون محاولات الاغتيال تهديد وشيك، ومبتتجابش إلا من مصادر جوه أغمق أسواق العالم الخفي.
        وهي متعرفش غير شخص واحد بس اللي وصل للمصدر ده.
        نظرتها راحت بسرعة في الفوضى اللي بدأت تتشكل حواليها عشان تدور على الشخص ده. وبالفعل، باز فضل واقف على طرف ساحة الحفلة، لوحده دلوقتي، ساند على جذع شجرة ودرعانه متقاطعة على صدره.
        مع ابتسامة مقرفة، عارفة وواضحة على وشه.
        الخوف الشديد بتاع ليليا انتشر في معدتها. مفيش حد - مفيش حد - كان عنده وصول للمعلومة دي بره النقابة، والوحيد اللي عنده السلطة - أو القدرة - على إنتاج المضاد بكمية كبيرة بالشكل ده...
        غضب سام سرى فيها لما عينيها ثبتت على باز تاني، بس قبل ما تقدر تاخد الخطوة المدمرة دي ناحيته، دراعات ثبتتها من ورا، ورامتها على ركبها. اتلوت واتقلبت عشان تتخلص من قبضتهم، بس مفيش فايدة - اتنين كانوا على كل جنب، دراعاتهم مثبتة، أكتافها متكتفة، وواقف قدامها بيسد عنها رؤيتها لباز، ومعاه مفيش غير كره في وشه المقنع، كان أندرو ميليان.
        "كان لازم أعرف إن اهتمام ست مثقفة ومتمرسة زي دي هيكون نهايتي."
        الكره في كلامه ضرب ليليا أقوى مما كان المفروض، وجرأت تبص في عينيه اللي زي العاصفة دي مرة أخيرة. بس قبل ما تقدر تبدأ تشرح وتخرج من الموقف، إيد مش باينة شالت القناع من على وشها، وشدت الدبابيس من شعرها وليليا جزت على أسنانها من الألم.
        سمعت شهقات اللي حواليها - هي السيدة ليليا كورتوفا، واحدة من تجار الحرير المشهورين في لاثوس. الناس دي كانت تعرفها.
        ووقعت.
        ودانها كانت بتزن والقلق شد على صدرها. اللورد ميليان كان بيتكلم مع المتفرجين عشان يهدي مخاوفهم بخصوص المشاجرة ضد ست بمكانتها. صدرت أوامر للحراس اللي كانوا ماسكينها، بس عينيها ليليا فضلت على الشجر على حافة الساحة.
        باز شال قناعه، ورماه في الأدغال، وده أجبر ليليا تبص آخر مرة على وش سيد نقابة القتلة.
        وش الراجل اللي خانها.
        كره شديد غلى جواها وهو بيقدم لها آخر ابتسامة متغطرسة، وبلمحة من إيده كوداع أخير، دفع نفسه بعيد عن الشجرة ومشى، واختفى في الليل.
         
         
         
         من تلات شهور
        فضلتي تجري.
        ورق الشجر الناشف كان بيخشخش، والأغصان المكسورة كانت بتطقطق تحت رجليها وكاساندرا بتجري في ليل الخريف. مكنش فارق معاها الصوت اللي بتعمله في الغابة – هما متدربين إنهم يلاقوها، حتى لو فضلت ساكتة ومتجمّدة في مكانها.
        كانوا تلاتة منهم – أحسن قتلة النقابة – وكانوا بيطاردوها بشراسة ناس ملقوش فرصة يعملوا صيد جديد بقالهم كتير أوي. حست بوجودهم وراها أكتر ما سمعتهم – دي كانت ميزة اكتسبتها من تدريبها، وفي يوم من الأيام كانت متأكدة إنها هتفيدها في نجاحها جوه النقابة.
        ودلوقتي عرفت بالظبط ليه.
        فضلتي تجري.
        الشمس كملت نزولها تحت الأفق، وده كان إشارة لبداية العد التنازلي المطول لحد ما تشرق تاني مع الفجر. أول ما نور الصبح بدري يظهر، اختبارها هيكون خلص، وكاس هتبقى عضو رسمي في نقابة القتلة.
        كانت محتاجة بس إنها تعيش الليلة عشان تعدي الاختبار الأخير.
        كانت تعرف الرجالة اللي بيطاردوها شخصياً. اتدربت معاهم قبل الاختبارات، وحافظت على علاقات معاهم، وكانت عارفة بنفسها إنهم الأفضل في لاثوس. إنهم يكونوا من أفضل تلاتة أعضاء في النقابة ويكملوا مهماتهم أحسن من باقي الأعضاء، ده كان مكافأتهم.
        وفي ده، لو مسكوها، يقدروا يعملوا اللي يختاروه فيها – مكنش فارق مين هما أو هي إيه بالنسبة لهم. لليلة واحدة بس، النقابة هتتغاضى عن قانونها، وممكن جداً تموت.
        فضلتي تجري.
        الساعات عدت وهي بتلف وتتجنب طريقها في الغابة الضلمة. الاختبارات كانت مختلفة كل مرة، زي ما قالولها – مفيش اختبارين زي بعض لأي قاتل مبتدئ. وعشان كده، مفيش طريقة صحيحة ممكن الواحد يحضر بيها نفسه للاختبار الأخير قبل الانضمام، غير المهارات اللي اكتسبها بالفعل من أسابيع – شهور – التدريب اللي قبل كده.
        المرارة طلعت في حلق كاس وهي بتاخد نفسها بصعوبة وهي بتشق طريقها في الشجيرات الكثيفة. مهما أختها حاولت تثنيها، كاس كانت عارفة إيه اللي هيتطلب منها في اللحظة اللي هتطلب فيها من القائد إنها تكون عضو في نقابة القتلة. كانت عارفة إن اليوم ده هييجي، واشتغلت بجد عشان توصل للمكان اللي هي فيه، ومهما أختها حاولت تقنعها إنها بتعمل الاختيار الغلط، كاس، كانت عارفة إن ده هو مكانها.
        بس الأفكار دي عن أختها وقفت حركتها في الآخر، وده خلاها تتردد، ولو بشكل بسيط، وهي بتحاول تتسلق شجرة قريبة عشان تريح جسمها المجهد. للحظة واحدة بس، قالت لنفسها وهي بتستقر بين الجذع وفرع كبير. الأصوات اللي بتطاردها من الأرض تحت هديت. فقبلت الهدنة المؤقتة دي كهدية من الآلهة، خصوصاً لما حست إن طاقتها بتضعف، وادت لنفسها وقت عشان تروق دماغها وتركز تاني.
        وهي مغمضة عينيها، كاس كانت ممكن تسمع صوت أختها اللي بتوبخها. ليليا مكنتش عايزة كورتوفا الأصغر تنضم للنقابة أبداً. مكنتش عايزاها تبقى جزء من الخيانة والغدر اللي ساكن تحت جلد العالم السفلي للمدينة. طبعاً، أختها كانت بتعمل كويس كفاية كنائبة رئيس النقابة، بس مهما كان الأمر نفاق، ده مكنش أبداً حاجة ليليا كانت بتتمناها لأختها.
        يمكن ده كان السبب الرئيسي اللي خلى كاس عايزاها أوي.
        جزت على فكها وهي بتاخد نفس عميق من مناخيرها. ليليا مرجعتش في الوقت المناسب لاختبار كاساندرا برضه، ومكنش إلا في اللحظة دي إنها أدركت قد إيه غيابها كان مضايقها. يا ريت كان ممكن تاخد إرشاد واقتراحات أختها قبل ما الاختبارات تبدأ، بس هي لسه مرجعتش. في ده، كاس مقدرتش متسألش لو ليليا هترجع أبداً من مهمتها، أو إيه اللي هيتطلبه الأمر عشان ترجع لو جه الوقت.
        
        هل موت أختها هيكون سبب كافي؟ هل ليليا هترجع أخيراً للاثوس لو كاس مقدرتش تكمل الليلة؟
        أصوات من تحت خلت كاس تتخض من أفكارها، ولعنت ضعفها، واكتشفت بسرعة إنها اتأخرت كتير وهي بتفكر في مصير أختها. القتلة اللي تحت مكنش عندهم سبب إنهم يكونوا هاديين، افتكرت وهي بتصغر نفسها على الفرع فوقيهم. هما مكنوش غير مفترسين بقوة وسرعة صافية – هما مش اللي حياتهم بتعتمد على تجنبهم.
        
        
        
        kNSLybzjTtbL1QP8XHv9

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء