موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      بوابة النور - الفصل الثاني من روايه أرض مصر المدفونة

      بوابة النور

      2025, أحمد هشام

      مغامرات تاريخية

      مجانا

      تدور أحداث الفصل ده في متاهة ضلمة تحت الأرض بعد انهيار أرضي حَبَس فريق الحفر، وفيه بنشوف معاناة هنتر وتيانا وهونجو في اكتشاف المكان. بيكتشفوا باب سري بيؤدي لغرفة بتنور ذاتيًا، وبتظهر فيها مكنة غامضة بتكلمهم بلغة مش معروفة. المكنة دي بتنور المكان وتفتح لهم طريق للنجاة في اللحظة اللي بتوصل فيها تيانا تنادي على هنتر.

      هونجو

      مدير حفريات كيني ذو خبرة كبيرة وشخصية قيادية وهادئة. بيتمتع بغريزة بقاء قوية نتيجة لخبرته العسكرية، وده بيدي له ثقة في المواقف الصعبة. بيقدر جهود هنتر في التواصل وبيفكر بحكمة، وبيبين إنه شخص عملي ومُعتمد عليه.

      تيانا

      زوجة هنتر وزميلته في العمل، وهي عالمة كيمياء ومهندسة عبقرية حاصلة على درجة الدكتوراه. تتميز بدقتها وحرصها الشديد على التفاصيل، وتُعتبر العقل المدبر وراء الكثير من العمليات الفنية والتقنية في البعثة. دائمًا ما تُسعى للتحقق والتأكد من كل شيء قبل البدء في أي عمل

      شنودة

      واحدة من أفراد الطاقم اللي اتصابت إصابة خطيرة (كسر في الرجل) وده بيبرز مدى خطورة الوضع وبيزيد من التحديات اللي بتواجه المجموعة.
      تم نسخ الرابط
      أرض مصر المدفونة

      صحى هنتر وهو حاسس بوجع. كان عارف إن عنده كدمات وخربيش وجروح، بس كان بيسأل نفسه لو يقدر يزود عليهم كسور في العضم، نزيف داخلي، أو شد عضلي وخلع في المفاصل. سَنَد على إيديه ورجليه بالعافية وفتح عينيه. على الأقل قدر يعمل كده. حس براحة بسيطة لما فهم إن تحريك أطرافه معناه إن الوقعة مسببتلوش شلل. مشافش حاجة. استنى بصبر لحد ما عينيه اتعودت على الضلمة. فكر إنه ينده، بس الوجع الشديد في راسه منعه إنه يحاول. الاستنى مكنش بيعمل حاجة. ولا شعاع نور واحد دخل الفراغ اللي هو فيه.
      
      تيانا كان عندها تجربة مشابهة، بس هي مقدرتش تقف على إيديها ورجليها. رجلها الشمال كانت محشورة بين صخرة وحتة من معدات الحفر، ومقدرتش تتحرك. مكنتش فاكرة أي حاجة عن الوقعة غير إن حياتها عدت قدام عينيها بسرعة. الدوخة اللي حست بيها لما الجاذبية اختفت رجعتها لطفولتها.
      
      فاكرة لما كانت بتعمل الفطار لأختها الصغيرة، جيني، وأمها نايمة على الكنبة بتفوق من سكرة. فاكرة لما استخدمت شيك مصاريف الكلية عشان تخرج أمها من السجن لما اتقبض عليها وهي سايقة سكرانة. فاكرة الدكتورة فيونا كريسويل، أستاذة الكيميا المتقدمة والموجهة بتاعتها، وهي بتديها مكان تعيش فيه، وتشغلها مساعدة أستاذ، وبعدين لقت لها شغل بعد التخرج في شركة بتصنع نكهات صناعية.
      
      مع الوقت، تيانا لقت نفسها في أكاديمية هايدلبرغ للعلوم بتعمل تحديد عمر الكربون المشع زي ما كانت بتعمل مع الموجهة بتاعتها. وهناك، وهي بتحدد عمر الاكتشافات الأثرية، قابلت الراجل اللي غير حياتها.
      
      لما تيانا فاقت، سمعت الراجل ده بينادي اسمها، "تيانا!" "تياااااااانا!"
      
      "أنا هنا يا حبيبي." "أه، هنتر، أنا هنا." تيانا همست بصوت واطي وهي بتحاول تخفي الوجع من صوتها. حست بصوابع على رجلها.
      
      "تيانا، تيانا، دي انتي؟" هنتر قال.
      
      تيانا اتكلمت، "أيوه، أنا. أنا محشورة. أعتقد إن فيه عمود ساند على رجلي. مفيش ضغط على الرجل ومش بتوجع أوي، فاعتقد إني مش متصابة إصابة خطيرة. ممكن تشيل أي حاجة من على رجلي؟"
      
      "هممم! لا، مش أظن." هنتر رد وهو بيوطي ركبتيه لتحت أوي، ومسك العمود، ورفعه بكل قوته. "فين هونجو لما نحتاجه؟"
      
      صوت كيني عميق اتكلم، "أنا هنا يا بوانا." هونجو بدأ يدي أوامر غريزياً، "معظمنا بخير. جيب، حاج، أندوِيل، تعالوا ساعدونا نرفع."
      
      الخمس رجالة حسوا بإيديهم عمياني عشان يمسكوا في العمود التقيل. أول ما كل واحد مسك مسكة قوية، هونجو بدأ يعد، "موجا، مبيل، تاتو، ارفعوا!"
      
      كله كح وهو بيرفع العمود. العمود موصلش عدل لفوق. كان متشابك في الصخور اللي كسرت وقعته. بعد ما هزوا العمود، اتحرك لفوق. تيانا تَنِت ركبتها وزقِت لورا براحة إيديها. أخدت نفس عميق من الراحة لما حست إن رجلها بتتحرك بحرية في الفتحة وتطلعلها الحرية.
      
      "شكراً ليكم كلكم. أنا حرة." قالت.
      
      فجأة هنتر باسها. نسوا الضلمة والصمت للحظات وهما بيحضنوا بعض.
      
      هنتر وتيانا وهونجو جمعوا الناس. كان معاهم حوالي خمستاشر راجل. جيب وحاج، المصريين، كانوا كويسين. أندوِيل، التنزاني، كان عنده كام جرح وحش، ربطوها كويس بعلبة إسعافات أولية للطوارئ. باقي الطاقم كان عندهم خبطات وجروح وكدمات، بس، بطريقة شبه إعجازية، مفيش إصابات خطيرة. شنودة أصابها أسوأ إصابة. مقدرتش تقف، ومن لمسهم قدروا يعرفوا إن رجلها ورمت. شبه مؤكد إنها كسرت عظم. استحملت كويس، بس من أنينها، قدروا يعرفوا إنها حاسة بوجع شديد.
      
      بالمشي ببطء وأذرعهم ممدودة، قدروا يحددوا معالم الأوضة. طرف واحد كان فيه كومة من الصخور الطرية والمسامية، نفس الصخور اللي حفروا فيها، ونفس الصخور اللي انهارت تحتيهم. الجانب التاني من الأوضة، المثير للاهتمام، كان فيه شبابيك. الشبابيك كانت متغطية بقضبان معدنية. الجانب اللي فيه الصخر كان باين إنه مايل لفوق، بس الكومة الخشنة كانت شديدة الانحدار ومش ممكن تطلعها.
      
      "باين إننا محبوسين." تيانا قالت وهي بتشاور على الحاجة الواضحة. كانت تقصد تفتح حوار عشان حد يقترح يعملوا إيه.
      
      "إيه اللي باين؟ مش شايف أي حاجة." هنتر رد.
      
      "ضلمة كحل." هونجو ضاف.
      
      "يلا نخبطه." هنتر اقترح.
      
      مقدروش يشوفوا وش هونجو في الضلمة، بس كان باين عليه علامات حيرة.
      
      "آسفة، نخبط إيه يا حبيبي؟" تيانا ردت.
      
      "الحيطة. لو الجهاز لسه متجه غرب ناحية الحيطة دي بالشبابيك المقفولة، يبقى يلا نشغله! مانعرفش إيه ورانا أو إيه على شمالنا أو يميننا، بس عارفين إن فيه حاجة ورا الشبابيك دي. هونجو، هل الجهاز ده لسه ممكن يشتغل؟"
      
      هونجو كان مصدوم. "معرفش يا مستر برايس."
      
      "طيب، يلا نشوف."
      
      هونجو كان عنده عدد من التنزانيين شغالين معاه وكان جايبهم من موقع حفريات أولدوفاي جورج، بس كان بيحاول يضم المصريين للشغل على قد ما يقدر عشان يشجع روح الزمالة. آخر حاجة كان عايز يتعامل معاها هي الخناقات بين العمال المصريين والتنزانيين. جيب وحاج كانوا بينضموا كتير عشان كانوا بيتكلموا إنجليزي مقبول. أندوِيل كان بينضم عشان كان له تاريخ شغل طويل مع هونجو، وكان قوي جسمانياً، ومكنش بيعمل غلطات كتير.
      
      "جيب، حاج، أندوِيل! يلا نروح نبص على الجهاز. هنفحصه ونحاول نشغله." ومع الكلمة دي، الأربعة كانوا بيفتشوا الجهاز عمياني، بيحاولوا يعرفوا إذا كانوا يقدروا يشغلوه تاني.
      
      تيانا انضمت ليهم بسرعة. هنتر ساعد على قد ما قدر.
      
      بعد حوالي ساعة، اتقابلوا. تيانا اتكلمت، "سلامة المكنة مش متأثرة كتير. أعتقد نقدر نشغلها، بس عندنا مشكلة. القبضات بتستخدم جكات هيدروليكية عشان تدفع نفسها من جدران النفق. من غير جدران نفق تدفع نفسها منها، المكنة مش هتتحرك في أي مكان، هتدور بس وتقطع في الهوا."
      
      بعد صمت طويل ومطول، تيانا اتكلمت تاني، "أي أفكار؟"
      
      هنتر اتكلم، "طيب، المكنة على بعد كام متر بس من الحيطة ومتوجهة في الاتجاه الصح. إيه رأيكم لو فكينا رأس القطع وخليناها تقع بعيد عن المكنة على الحيطة؟"
      
      صمت طويل تاني، "ده ممكن ينجح." تيانا قالت بصوت واطي.
      
      "أيوه، ده ممكن ينجح." هونجو ضاف.
      
      "بس مش هتكون بالسهولة دي. رأس القطع مش مربوطة بمسامير، دي متثبتة بمسامير برشام. هنحتاج نحفر كل مسمار برشام. عندنا جهاز حفر هيشتغل، بس هياخد وقت، خصوصاً في الضلمة. وكمان، معندناش حاجة نطلع بيها المسامير دي. هنضطر نحفرها وبعدين نشغل المكنة ونأمل إن المسامير ضعيفة كفاية وإن التروس تهتز كفاية عشان تفكها." تيانا شرحت.
      
      وكملت، "عندنا السندويتشات اللي شنودة جابتها للغدا وعندنا الشاي وعندنا كام جالون مياه. براميل الألومنيوم اللي بيشيلوا فيها المياه والشاي شبه مستحيلة الكسر. للأسف، الإمدادات دي مش هتكفينا كتير. لو هنعمل حاجة، لازم نعملها دلوقتي."
      
      وبكده، كلهم بدأوا يشتغلوا. هونجو وأندوِيل شغلوا الجهاز على المسامير. مكنش عندهم أي إحساس بالوقت في الحفرة الضلمة دي. الضوء الصغير على طرف جهاز هونجو اللي بيشتغل بالبطارية كان بيادوب بينور المسامير.
      
      في نفس الوقت، فوق على السطح، اندلعت أزمة كبيرة. باقي طاقم موقع الحفر رموا كل حاجة واستخدموا كل معدات الحفر اللي عندهم عشان يحفروا بغضب يدوروا على فريق حفر الأنفاق المفقود. المكالمات طلعت في كل حتة في العالم. أهل هنتر الأغنياء عرضوا بسرعة إنهم مش هيوفروا أي مصاريف لأي حد في العالم يقدر يوصل لدهشور، ويحقق في الوضع، ويقدم معلومات عن عمق الدفن، وفرصهم في النجاة، والوقت اللي هياخدوه عشان يطلعوهم، أو إزاي بالظبط يطلعوهم. أعداد كبيرة من خبراء الهندسة حجزوا رحلات طيران في آخر لحظة لدهشور.
      
      مقدرش يعدوا الوقت اللي فات، بس معظم الطاقم كانوا فاكرين إن اليوم خلص. أعضاء الطاقم اللي مكنش عندهم حاجة يعملوها بقوا خايفين أكتر كل ما الوقت بيمشي. سمعوا صوت الجهاز العالي وسمعوا أصوات هونجو وأندوِيل، بس مفيش حاجة تانية. في النهاية، هونجو خلص.
      
      "آخر واحد خلص. أعتقد جه الوقت." هونجو قال لعيلة برايس.
      
      "معرفش لو كل المواتير هتشتغل، بس الموتور الأساسي باين إنه كويس. أتمنى على الأقل موتور التشغيل يشتغل. الأسلاك اللي بتوصل البطارية بمفتاح التشغيل مش اتقطعت، ده كويس على أي حال. نشغله ولا إيه؟" تيانا سألت.
      
      "أيوه." هنتر وهونجو ردوا في نفس الوقت.
      
      "تمام، يلا بينا."
      
      صوت الزنة بتاعة موتور التشغيل ظهر بسرعة قبل ما صوت زئير الموتور الرئيسي يصم الودان ويملى الأوضة. صوت تاني مش منتظم قوي ملأ الأوضة. مسامير البرشام اللي ماسكة رأس القطع في إطار المكنة كانت بتترج في مكانها. بعد شوية، مع صوت تزييق وخبطة، رأس القطع وقعت. خبطت في الحيطة وقطاعات الديسكات بتلف. الجزء العلوي من الحيطة اللي القطاعات لمسته في الأول استسلم في لحظات. الجزء السفلي من الحيطة اتفتت تحت القطاعات ووزن رأس القطع. لما الرأس انفصلت عن باقي مكنة الحفر، القطاعات فقدت طاقتها. فقدان الطاقة مكنش مهم لأن في الوقت اللي القطاعات بطلت تلف، كان فيه فتحة كبيرة اتفتحت في الحيطة. الطاقم كان كل اللي عليه إنه يطفي الموتور، يطلع على الركام، ويمشي الأوضة اللي جنبها.
      
      وهم بيستكشفوا مكانهم الجديد، عرفوا قد إيه هما تعبانين. من غير ما حد يعرف، كان قرب نص الليل. هنتر اتكلم، "فيه سراير هنا. الحتت دي اللي داخلة في الحيطة، هي، أو على الأقل كانت سراير. ده أكيد نوع من الثكنات اللي تحت الأرض."
      
      "أو سراديب." تيانا ردت بقرف.
      
      "مكنتش هقول كده. إيه ده، فيه خربشة على الحيطة هنا، مجرد خطوط خربشة، كلها في صف واحد." هنتر لاحظ.
      
      "ده كان سجن." هونجو قال بصوت واطي. "كانوا بيعدوا وقتهم هنا."
      
      مع معرفة هنتر وتيانا بماضي هونجو العسكري، ومعرفتهم أكتر بإنه مبيحبش يتكلم عنه، فضلوا ساكتين.
      
      في النهاية، هنتر تولى المسؤولية، "بصوا، فيه مساحة كافية لينا كلنا، يلا ننيم شنودة في واحدة من الأماكن الواطية دي وبعدين كل واحد يختار مكان ويحاول ينام." الكل كان تعبان أوي إنه يعترض.
      
      أدوا شنودة جرعة مضاعفة تلات مرات من الأسبرين من علبة الإسعافات الأولية. تيانا وهنتر اختاروا مكان واسع في الحيطة، وناموا لازقين في بعض، وقلعوا قمصانهم وجاكتاتهم وحطوها فوق الجزء العلوي من جسمهم. فضلوا دفيانين بإن جلد صدر هنتر كان ملاصق لجلد ضهر تيانا. محدش نام كويس الليلة دي.
      
      
      
      
      
      
      
      مهربش النوم من هنتر وتيانا، لكنهم استراحوا على فترات متقطعة. حسوا إنهم فضلوا صاحيين طول الليل، بس في الحقيقة كانوا بيغفوا ويصحوا بشكل متقطع. من غير بطاطين أو مخدات، ومع القلق اللي بييجي مع إن الواحد يكون مدفون حي، محدش قدر يدخل في نوم عميق ومنعش.
      
      هونجو هو أول واحد بدأ يتمشى. هنتر قدر يسمع خطواته بتعمل دبدبة خفيفة في المتاهة اللي كانت صامتة تمامًا. الصمت في المتاهة الضلمة اللي زي الفحم كان طاغي ومُرهق لأي محاولة لكسره. هنتر كان فاكر إنه فعلًا بيسمع التراب وهو بيرتفع في الهوا وبينزل تاني على الأرض بين خطوات هونجو.
      
      قام هنتر وهمس لهونجو، "خباري يا أصبوحي؟"
      
      هنتر كان متعود يحيي هونجو باللغة السواحلية عشان يبين اهتمامه بلغة هونجو الأم. هنتر مكنش واخد باله إن لغة هونجو الأم الحقيقية هي لغة قبيلته، الدولو. لغة هونجو التانية كانت السواحلية، ولغته التالتة كانت الإنجليزية. على الرغم من إن كينيا وتنزانيا الاتنين اعتمدوا السواحلية كلغة وطنية، إلا إن عدد قليل جدًا من الناس كانوا بيتكلموها كلغة أساسية. أصلها من شعب البانتو على الجانب الآخر من القارة وببطء شقت طريقها للشرق. السواحلية بقت لغة التجارة بين أفريقيا والعالم العربي، ونتيجة لكده، أكتر من تلت اللغة مشتق من العربية. هونجو كان بيتكلم السواحلية بطلاقة ودرسها كتير في المدرسة، لكنه محسش بأي قرب ليها. ومع ذلك، هو فهم إن هنتر بيحاول يتواصل معاه وقدر المجهود ده.
      
      لكن الصبح ده، هونجو مهتمش بالرسميات؛ رمى المظاهر جانبًا وببساطة رد، "صباح الخير يا هنتر."
      
      "مش كويس أوي، للأسف. بص يا هونجو، ممكن تتمشى معايا؟"
      
      "اتفضل."
      
      مشوا هنتر وهونجو في صمت لبعض الوقت وإيديهم ممدودة، بيتحسسوا طريقهم باستمرار على طول الجدران الحجرية الباردة.
      
      بعد فترة، هنتر اتكلم، "اسمع يا هونجو، احنا في ورطة كبيرة هنا. الكل هيبص لي عشان التوجيهات وأنا، بصراحة، معرفش أقولهم إيه. انت قائد. عندك غريزة البقاء صح؟ من وقتك في الجيش؟ على أي حال، اللي بقوله هو، 'عايز مساعدتك.' الكل بيثق فيك. بص يا هونجو، أنا آسف إن ده حصل، يمكن أنا زودتها زيادة عن اللزوم. أنا هتحمل المسؤولية كاملة لما نطلع من هنا. بس الأول، لازم نطلع."
      
      هونجو اتكلم بنبرته المميزة والمحسوبة، نبرة بتوصل ثقة عالية جدًا، "يا مستر برايس، احنا في ده مع بعض. شكرًا إنك جيت لي. دلوقتي، احنا ببساطة لازم نكون أقوياء وعندنا خطة. معنويات الناس هتنهار غير كده."
      
      خد هنتر نفس عميق وطلعه، "تمام. إيه الخطة؟"
      
      "يا سيدي، أنا خايف. أنا خايف زي أي حد هنا، بس سواء صدقت ولا لأ؛ أنا كنت في مواقف أسوأ." هونجو رد.
      
      "أنا مصدقك." هنتر قال بصراحة.
      
      هنتر كان بيحترم مدير موقع الحفريات بتاعه احترام كبير.
      
      "بخصوص الخطة..." هونجو بدأ.
      
      قاطعه هنتر، "ايه ده؟ حاسس بده؟"
      
      "أيوه، ده بيحس وكإنه... باب."
      
      "أيوه، أعتقد إن ده المقبض هنا." هنتر قال وهو بيمسكه وفتح الباب القديم. الباب اتحرك بسلاسة على مفصلاته المثالية، وآثار الزمن متأثرتش بالباب كتير، لو كانت أثرت أصلًا. دخلوا الأوضة وفضلوا يحركوا إيديهم على الجدران. فجأة، اتجمدوا لما الضلمة بدأت تختفي. أجزاء من الجدران بدأت تلمع. في لحظة، ظهرت خطوط من الضوء البرتقالي الدافئ والناعم. الأوضة بدأت تاخد أشكال وتفاصيل.
      
      "واو..." هنتر تمتم بصوت واطي وهو بيطلع نفس.
      
      "ما أنغو..." هونجو تمتم في نفس الوقت.
      
      الضوء بدأ خافت، بس نور تدريجياً مع اعتياد عينيهم عليه.
      
      "جيوسن، داريجات ماسولي هاد ذا رهيوسيدات." صوت أنثوي لطيف لكن حازم اتكلم.
      
      الصوت كان جاي من كل حتة حواليهم. هونجو وهنتر بصوا يمين وشمال بس مشافوش مصدر للصوت.
      
      هنتر اتكلم، "دي... مكنة؟"
      
      "أنا معرفش اللغة دي." هونجو قال.
      
      فجأة، ظهرت كرة هولوغرافية خضرا زمردية قدامهم. هنتر وهونجو الاتنين بصولها بانبهار، متسمرين في الكرة الخضرا. هنتر افتكر إنها بتلف. غريزياً، مد هنتر إيده عشان يلمسها. هونجو فكر في نفسه إنه لازم يوقف قائده الشجاع، لكن غرابة التجربة كلها خلته متجمد مكانه. لما صوابع هنتر لمست الكرة اتغير لونها من أخضر لبرتقالي. بسرعة، إيد هنتر كلها بقت معلقة جوه الكرة. الكرة الهولوغرافية الخضرا اللي لسه ثابتة نورت هالة برتقالية حوالين كف هنتر وصوابعه.
      
      "إيتامبول زوت فاداتيروف، داريجات تشيور ستات." الصوت اتكلم تاني بنفس النبرة الرتيبة.
      
      في نفس الوقت، ذراع آلي فيها جهاز مقعر في آخرها نزلت من السقف وفضلت معلقة على بعد سنتيمترات بس فوق رأس هنتر. هنتر وهونجو الاتنين كانوا متجمدين مكانهم.
      
      "سترايلاير،" الصوت أمر، دلوقتي بنبرة أهدى، لكن آمرة أكتر. الصوت كان أعطى هنتر أمر. هنتر سمع طقة والصوت اتكلم تاني، المرة دي بنبرة معلوماتية مسطحة. "إدهاميلرير."
      
      الكرة الخضرا اختفت. مكانها، ظهر رمز مألوف عالميًا. الهولوجرام دلوقتي أظهر مستطيل أخضر طويل فارغ ثنائي الأبعاد. جوه المستطيل، شريط أخضر بيملا الفراغ ببطء. هنتر وهونجو بقوا عارفين إن المكنة بتنزل بيانات، أو بتثبت برامج، أو بتعمل تهيئة، أو يمكن بس بتفكر في حاجة. هونجو فكر تاني إنه لازم يعمل حاجة، بس إيه؟ هنتر فضل باصص بانبهار. الشريط اتملى.
      
      الصدمة الأولانية بدأت تختفي وهنتر اتكلم. "ايه رأيك يا هونجو؟"
      
      هونجو هز راسه بس.
      
      "هو الجهاز ده بيقرا أفكاري؟"
      
      تاني، هونجو هز راسه.
      
      "أنا، عارف، كنت هتردد أكتر إني أقعد هنا وأتفرج على الجهاز ده لو مكنتش محبوسين هنا." هنتر كذب؛ هو دايماً كان بيتصرف باندفاع قبل ما يفكر.
      
      هنتر اتعلم، على مر السنين، إنه يهدي نفسه، وإنه ميتسرعش في الكلام، وإنه يفكر في الحاجات بشكل أعمق قبل ما ياخد قرارات. تيانا ساعدته كتير في المجهود ده. ومع ذلك، لما بتتاح الفرصة، جانب هنتر الاندفاعي كان بيسيطر تمامًا على شخصيته. بعد حوالي ربع ساعة، الشريط وصل أخيراً لوجهته.
      
      "أهلاً بيكم يا زوار." الصوت اتكلم.
      
      كتف هنتر وهونجو اتنفضوا لفوق وعينيهم وسعت.
      
      "شكراً." هنتر رد.
      
      "تحبوا الأنوار تكون شغالة؟" الصوت سأل.
      
      "أيوه." المرة دي هنتر وهونجو الاتنين ردوا.
      
      "استمتعوا بـ... المتاهة." بين كلمة "بـ" وكلمة "المتاهة" هنتر قدر يسمع تشويش. وكمان، الشريط الأخضر ظهر تاني لفترة قصيرة. بدأ يملى ببطء، وبعدين اتحرك بسرعة البرق للآخر لما المكنة خلصت تفكيرها واستقرت على "المتاهة" ككلمة مناسبة. الهولوجرام اختفى والأنوار في غرفة الخدمات الصغيرة طفت. لما المغامرين الاتنين دخلوا الأوضة، سابوا الباب موارب ودلوقتي النور كان داخل من الطرقة.
      
      "هنتر! هنتييييييير! فين أنت؟" صوت أنثوي مألوف صرخ.
      
      "يلا بينا، نرجع للطاقم." هنتر قال لهونجو وهم بيتمشوا خارجين من الباب للطرقة المنورة.
      
      

      أرض مصر المدفونة

      أرض مصر المدفونة

      2025, أحمد هشام

      مغامرات تاريخية

      مجانا

      في عمق صحراء مصر، هنتر برايس وزوجته تيانا، عالمان آثار شغوفان، بيكتشفوا أسرار قديمة ليها علاقة بمدينة شامبالا الغامضة والأهرامات المصرية. بعد فترة حب سريعة، بيوصلوا لموقع حفر مهم في الصحراء المصرية. هناك، بيبدأوا عملية حفر خطيرة باستخدام آلة ضخمة، على أمل إنهم يلاقوا اكتشاف تاريخي يثبت نظرياتهم. لكن بدل ما يلاقوا اللي بيتوقعوه، بيواجهوا مفاجأة غير متوقعة تماماً بتغير كل حاجة.

      هنتر برايس

      عالم آثار شاب، يؤمن بأن ملوك شامبالا هم من بنوا أهرامات مصر. يسعى جاهدًا لإثبات نظرياته ويقوده شغفه الكبير نحو الاكتشافات التاريخية. طاقته وحماسه يدفعانه نحو الشهرة، حتى خارج الأوساط الأكاديمية.

      تيانا

      زوجة هنتر وزميلته في العمل، وهي عالمة كيمياء ومهندسة عبقرية حاصلة على درجة الدكتوراه. تتميز بدقتها وحرصها الشديد على التفاصيل، وتُعتبر العقل المدبر وراء الكثير من العمليات الفنية والتقنية في البعثة. دائمًا ما تُسعى للتحقق والتأكد من كل شيء قبل البدء في أي عمل

      هونجو

      قائد فريق العمل الميداني في موقع الحفر. رجل قوي وحازم، يتحدث السواحلية ويعمل بجد مع طاقمه المصري والتنزاني. يثق به هنتر وتيانا لقيادة عمليات الحفر بفضل خبرته وقدرته على إدارة الفريق.
      تم نسخ الرابط
      أرض مصر المدفونة

      هنتر برايس كان بيعتقد إن ملوك شامبالا هما اللي بنوا أهرامات مصر. الشغف ده، عشان يربط بين المدينة المخفية في جبال الهيمالايا والآثار المصرية القديمة، هو اللي كان بيغذي عمله.
      
      صورته المبتسمة ظهرت على غلاف مجلة "أركيولوجي توداي" (الآثار اليوم) تلات مرات في آخر سنتين. ومجلة "كارنت" (الحالية) عملت معاه حوارات كتير قبل ما تختار جعفر آدم عبد القادر "مبتكر العام 2025". عبد القادر ده كان له دور كبير في توحيد الدول العربية تحت راية "الاتحاد العربي" اللي لسه متشكل جديد، واللي كان راية شعبوية وثورية وديمقراطية.
      
      علماء الآثار في كل حتة في العالم كانوا بيغلوا من الحسد مع زيادة شهرة هنتر، حتى برا الأوساط الأكاديمية. شباب هنتر وطاقته والناس اللي بتدعمه بفلوس كتير، كل ده خلاه مشهور. إنجازات هنتر بقت تتنشر في الإعلام العادي.
      
      بعد ما شغله وصل لطريق مسدود، هنتر قرر يروح بنفسه للمعمل اللي كان بيعمل كل تحاليل الكربون المشع بتاعته. حجز طيارة في آخر لحظة لألمانيا. هنتر قضى الطريق للمعمل وهو بيفكر إزاي يربط بين رسومات وادي السند والبنايات الحجرية الجديدة من آخر حفر. كان يأمل إن تواريخ التحاليل تدعم النظرية اللي كتب عنها في آخر مقال له في "جورنال الآثار العالمي".
      
      واحدة من طالباته القدامى في الدراسات العليا كانت بتبعت له رسايل من غير توقف. كانوا خرجوا مرتين. هنتر كان بيحس إنه في بيته وهو بيشتغل، لكن في أي مكان تاني، خاصة معاها، كان بيحس إنه متلخبط. كان المفروض تبقى عظيمة. ما كانش عنده وقت يفكر في الموضوع ده؛ لازم يركز. هنتر قفل موبايله وهو داخل لموقف العربيات بتاع أكاديمية هايدلبرغ للعلوم.
      
      "ده رائع!" صرخ هنتر بابتسامة واسعة وعينين مبرقة.
      
      الست اللي ورا الميكروسكوب كانت عبقرية. كان عندها كل الإجابات الصح على وابل أسئلة هنتر الغاضبة. كانت بتجاوب على كل سؤال بسرعة وبوضوح. إجاباتها كانت دقيقة وفي الصميم. ما كانتش بتقف أبدًا. كانت بتتوقع أسئلته قبل ما يسألها. وكمان، أدت له تقريبًا نفس التواريخ اللي كان بيتمناها. فرحة هنتر بقت معدية. الست وقفت في نص كلامها وابتسمت.
      
      "تعرف، معظم الناس ما بتجيش هنا بنفسها عشان تاخد نتايجها." قالت وهي بتضحك.
      
      هنتر ضحك بصوت عالي. "أنا مش زي معظم الناس. قولي لي تاني إزاي بتظبطوا الجهاز."
      
      الطلب ده صدم تيانا. معظم الناس ما بتهتمش إزاي جهاز التحليل بيشتغل، هما بس عايزين الإجابة.
      
      "أحب أوريك حاجة." قالت بابتسامة ماكرة.
      
      قادته لجوه، لورا، حيث كانت الرفوف مليانة صناديق عليها أسماء متراصة حوالين آلة كبيرة شكلها معقد. جوه الآلة، هنتر شاف جذع شجرة.
      
      "دي شجرة صنوبر بريستلكون. لما ماتت، كانت من أقدم الكائنات الحية المعروفة في العالم." مرت صوابعها ببطء على الحلقات في نص الجذع.
      
      "صح، بتعد الحلقات عشان تعرف العمر، وبعدين بتقارنه بمعدل تحلل الكربون الثابت. دي كان عمرها قد إيه؟" سأل هنتر. وهو بيسأل، بص على الجذع القديم ومرر صوابعه على الحلقات.
      
      تيانا بصت لهنتر وكأنها بتهمس، "قديمة يا هنتر برايس. قديمة جدًا. أكتر من أربع آلاف سنة."
      
      بينما كانت صوابع هنتر بتتحرك على الحلقات، لمست صوابع تيانا. كان المفروض يسحب إيده، لكنه ما عملش كده. بعد بضع أجزاء من الثانية من تواصل العينين اللي حس إنها ساعات، ميل رأس هنتر لقدام. باسوا بسرعة مرة، وبعدين مرة تانية. وبعدين، كان فيه صمت محرج.
      
      "يلا نتكلم عن الموضوع ده أكتر." قال هنتر.
      
      "أنا أوافق." ردت تيانا.
      
      بعد ست شهور، وبعد قصة حب سريعة، هنتر وتيانا اتجوزوا. في شهر العسل بتاعهم، كانوا بيجدفوا بقارب مليان مؤن ومعدات في مجرى مائي مليان طحالب، في غابة حارة ورطبة.
      
      "ده مثير أوي." قال هنتر.
      
      "أنت بجد بتعرف تكسب قلب البنت." ردت تيانا وهي بتمسح العرق من حواجبها.
      
      دراعها كان بيوجعها من التجديف. ومع ذلك، ما كانتش تقدر تستنى لحد ما توصل للبحيرة المعزولة. كانت بتتوقع تلاقي هناك رواسب مياه عذبة مبهرة هتكون مهمة جدًا لأبحاثها.
      
      "أنتِ مش أي بنت." قال هنتر وهو مبتسم.
      
      "يلا ناخد استراحة." قالت تيانا. "دراعاي بتوجعني."
      
      بعد دقايق من استمتاعهم بأصوات ومشاهد وروائح الغابة الاستوائية، تيانا اتكلمت بحزن، "هنتر، إزاي هنخلي الموضوع ده يمشي؟"
      
      "قصدك إيه؟" رد هو.
      
      "قصدي، أنت دايماً رايح في مكان ما. إحنا دايماً بنعمل حاجات. إزاي هنقدر نحافظ على كل ده متماسك؟"
      
      بعد صمت، رد هنتر، "فين ما أروح، وأي حاجة ألاقيها؛ هفضل أحبك دايماً."
      
      "ده ما جاوبش على سؤالي." فكرت تيانا في نفسها. لكنها حست بدفا، وما قالتش أي حاجة.
      
      مع تقدم حياتهم، هنتر وتيانا بقوا فريق قوي. كانوا بيكملوا جمل بعض لما بيفكروا مع بعض. وبعدين في يوم من الأيام، فضولهم العلمي وداهم لأسرار لا يمكن تخيلها. هيتمنوا إنهم يقدروا يدفنوا الأسرار دي تاني في المقابر المظلمة اللي طلعت منها.
      
      
      
      
      
      
      انكسر ظلام وهدوء الليل المصري، زي ما كان بيحصل كل يوم من سنين طويلة. أول ما ظهرت نقط الضوء البرتقالي والأصفر اللامع على الكثبان الرملية المتعرجة في الصحراء اللي مالهاش نهاية، صحي هنتر برايس.
      
      دلوقتي، عيلة برايس كانوا عايشين في خيمة عسكرية متطورة جداً في موقع الحفر، عشان يكونوا قريبين من الشغل. الخيمة بتاعتهم كان فيها كل وسائل الراحة العصرية التقليدية زي الماية الجارية والكهربا.
      
      هنتر بص على مراته تيانا وهي نايمة كام لحظة قبل ما ينزل من السرير، ولبس بنطلون كاكي يتحول لشورت، ولف قميص قطن أبيض بأزرار على كتافه. اتمايل وخرج في أول وهج لضوء الصبح، وشينودة جاب له قهوة وتوست.
      
      المصريين ما كانش عندهم ألقاب عائلية زي الأمريكان. كانوا بيستخدموا اسم أبوهم كاسم تاني، وساعات اسم جد أبوهم كاسم تالت. الاسم الأخير ده كان بيبقى لقبهم العائلي فعلياً، مع إن عامل المطبخ، شينودة، كان اسمه "شينودة" وبس.
      
      شرب قهوة سودة محمصة بعناية وحرص، وقضم من عيش طازة لسه مخبوز الصبح في مطبخ موقع الحفر، وهو بيفكر إزاي وصلوا للنقطة دي وإيه اللي هيلاقوه تاني يوم، بعد الحفر الكبير.
      
      في صباح يوم الحفر الكبير، هنتر فضل صاحي على الأقل ساعة قبل ما يقرر إنه مش قادر يكتم حماسه أكتر من كده. نط من السرير، وحرفياً رمى الملايات من عليه. الساعة 4:48 صباحاً، صحى مراته تيانا بهدوء لكن بحزم.
      
      "صباح الخير ليكي، ليكي، ليكي،" غنى هنتر بهدوء وبصوت مش حلو.
      
      "أووووف يا هنتر." قالت تيانا بصوت مبحوح.
      
      استمر في هزها والغنى، بس النغمات بقت أقل حيوية وأضعف.
      
      "ماشي، ماشي، أنا صحيت. هي الساعة كام أصلاً؟" تمتمت تيانا.
      
      "4:48، أنا عارف إن المنبه بيرن على خمسة، بس ما قدرتش أستنى، لازم نبدأ. النهاردة ممكن يكون اليوم الكبير." قال هنتر وهو بيشدد على كلمة "الكبير".
      
      بدأت تيانا تتكلم بلطف في الأول، وبعدين بشكل عملي أكتر، "يا حبيبي، ده لطيف أوي، بس أنت عارف إننا لسه بنبدأ النهاردة. إحنا ما نعرفش الصخر ده هيكون قد إيه. ممكن ما يكونش فيه حاجة خالص، مجرد تكونات جيولوجية غريبة أو أساسات قديمة لهرم أو مصطبة ما اتبنتش. على أي حال، الأنفاق اللي تحت كلها انهارت، ولو كانت بتوصل لمكان ما، أشك إننا هنلاقيها في أول يوم استخدام لآلة حفر الأنفاق. وكمان، على فكرة، لسه مش متأخر إننا نعمل تحقيق جيوتقني شامل تاني من الناس اللي نصح بيهم جرابينبوهلر. أنا بس بقول..."
      
      ميل هنتر راسه على الجنب وهو بيقاطعها، "أنا افتكرت إن ما عندناش ميزانية لكل ده. أنت عارفة، إحنا خرجنا عن المألوف هنا بالفعل. أعتقد إننا تجاوزنا موضوع الطبقات والمراحل، على الأقل في الوقت الحالي. الأنفاق اللي استكشفناها، إحنا بالفعل فحصنا كل شبر فيها بدقة شديدة. إحنا عندنا دفعة قوية ماشية هنا مع الاكتشاف وكل حاجة. لازم نستغل الدفعة دي. مين عارف هيفضلوا مخلينا نستعير آلة حفر الأنفاق لحد إمتى. ده غير، إحنا مشينا على مبدأ 'لو في شك، إكسرها' قبل كده، وأنا أقول إن ده نفعنا كويس أوي."
      
      ابتسمت تيانا ونهضت من السرير بغنج وهي بترد، "أيوة، أيوة، أنت عارف إنك بتوعظ اللي متفق معاك. بس لازم يكون فيه حد بيلعب دور محامي الشيطان هنا. لازم، أنت عارف، نراجع نفسنا من وقت للتاني. نخلي الحوار مفتوح. نتأكد إننا ما نسبقش الأحداث."
      
      قربت منه وحطت إيديها حوالين وسطه.
      
      "أنتِ بس فضلي اسألي أسئلتك واعملي اللي بتعمليه. لو كان الأمر بإيدي، الموقع ده كله كان زمانه اتصفى واتغربل لعمق خمسة أميال دلوقتي، والاكتشاف كان زمانه اتدمر أو ضاع في الخلبطة." قال هنتر وهو بيحاوطها بدراعيه وقبلها بخفة على شفايفها وبعدين ببطء حوالين رقبتها.
      
      "أنا بحبك يا حبيبي وأتمنى إننا نلاقي اللي أنت عايزه النهاردة. أنا رايحة آخد دش." قالت تيانا وهي بتفك حضنهم بلطف.
      
      
      
      
      
      
      
      أطلق هونجو أوتشوكا الأوامر على الطاقم. تسابق الرجال لوضع الأدوات في مكانها وإنهاء التجهيزات الأخيرة في النفق، آلة الحفر، والمعدات.
      
      اقترب هنتر وتيانا من هونجو مع انتهاء التجهيزات.
      
      سلم هنتر بتحرج بسيط: "أخبار الصباح يا هونجو، أنت صاحي بدري النهاردة يا سيدي."
      
      رد هونجو بابتسامة ساخرة: "بخير أوي، وأنت إيه أخبارك؟"
      
      "آااه، مش فاهم، مش فاهم، آسف يا هونجو، بس ده أقصى حاجة أقدر أتكلمها باللغة السواحلية للأسف." رد هنتر بكتفيه مرفوعة.
      
      طمأنه هونجو: "مفيش قلق يا سيد برايس. النهاردة مفيش حاجة هتحصل غلط. أنا هتأكد من كده. إحنا جاهزين نحط حلقات الدعم، الآلة اتجربت، اتدربنا كويس، وإحنا أقويا وجاهزين."
      
      "تمام يا هونجو، إحنا عندنا ثقة كبيرة فيك وفي طاقمك. بينما كلكم بتركبوا، أنا عايز أعمل كام فحص سريع على الحفار هنا." قالت تيانا.
      
      كانت هي اللي بتدير كل حاجة تقريباً في المشروع، بغض النظر عن الألقاب الرسمية أو تفويضات المسؤولية المفترضة.
      
      هنتر وهونجو وطاقم العمل المكون من ست أفراد قعدوا متزاحمين في المساحة الضيقة داخل جدران آلة الحفر. الطاقم كان بيتكون من أربع رجال مصريين مجتهدين ساعدوا عائلة برايس في العثور على الاكتشاف، بالإضافة إلى اتنين من الرجال اللي جابهم هونجو معاه من تنزانيا. كانوا بيتكلموا كلام بسيط وهم مستنيين تيانا تخلص قائمة فحص السلامة بتاعتها وتشغل الحفار الكبير. تيانا، اللي معاها دكتوراه في الهندسة الكيميائية من الجامعة الأسترالية الوطنية، تلقت تدريب مكثف من عملاء "جرابينبوهلر" قبل ما يسلفوا الآلة للبعثة. تيانا كانت أستاذة في مجالها. عمرها ما قابلت مشكلة تقنية ما قدرتش تحلها. هونجو انضم ليها في كتير من التدريب، ورغم إن ولا واحد فيهم كان حفر نفق قبل كده، إلا إنهم حسوا إنهم قد المهمة.
      
      "حسناً، أعتقد إننا جاهزين على قد ما هنقدر نكون." قالت تيانا وهي بتتسلق جوه الآلة مع الباقيين.
      
      أمسك هونجو اللاسلكي وطلب من المشغلين يشغلوا المحرك. ارتفع ضجيج يصم الآذان حواليهم مع دندنة محرك الديزل بقوة أربعة آلاف حصان. الصخور اللينة تراجعت ببطء لكن بسهولة تحت قوة هيدروليكية هائلة. هنتر وتيانا شافوا قطع صغيرة من الصخور بتمر جنبهم على سير ناقل لظهر الآلة. هناك، الطاقم الثابت كان بيفرغ الصخور وينقلها خارج نظام النفق تحت الأرض. تيانا كانت بتراقب مجموعة كبيرة من العدادات والمقاييس، وبتعمل تعديلات هنا وهناك عشان تتأكد إن الآلة بتلتزم بمسارها المحدد مسبقاً. طول الوقت، هونجو وطاقمه كانوا بيشتغلوا على وضع حلقات دعم فولاذية في النفق، متأكدين إن الفتحة اللي حفروها حديثاً هتستحمل الحمل الميت وتمنع الانهيار.
      
      هنتر، اللي كان هيتجنن من قلة الشغل المهم اللي يعمله، اتسحب جنب تيانا وصرخ فوق هدير المعدات: "الصخر ضعيف! إحنا بنحقق تقدم كويس! أعتقد إننا هنتجاوز مية قدم النهاردة!"
      
      "أيوة! ممكن!" صرخت تيانا فوق هدير الحفار اللي بيصم الآذان. حست فوراً باحتكاك في حلقها. لو المحادثة استمرت كتير، هتصحى الصبح تلاقي صوتها أجش جداً.
      
      العملية مشيت من غير أي مشاكل طول الصبح. شينودة جاب الغدا من مقر الموقع حوالي الظهر. بطّأوا الشغل بس ما وقفوش. كانوا بيتناوبوا على وضع الدعامات وبيأكلوا وهما شغالين. في وقت متأخر من بعد الظهر، طاقم المطبخ جاب قدر كبير، وصل سخان كهربائي صناعي، وعملوا شاي ساخن للكل. هنتر كافح عشان ما يحرقش شفايفه من السائل الساخن أوي وهو بيحس إن معدته طلعت لقفصه الصدري.
      
      بعد كده، كلهم افتكروا بالظبط إيه اللي كانوا بيعملوه لما الجاذبية اختفت. تيانا كانت بتفحص مقاييس الضغط، وبتتأكد إن الهيدروليكيات لسه شغالة بالكامل. هونجو كان بيراقب حلقة دعم فولاذية بتدخل مكانها، ومستنيها تعدي العلامة اللي هيحتاجوا يبدأوا يوجهوها عندها. شينودة كان بيجيب كوباية شاي ساخن أوي لواحد من رجال هونجو.
      
      اخدوا كل الاحتياطات اللازمة، بس ما حدش كان يعرف إن النفق اللي قضوا اليوم كله في حفره كان على بعد أمتار قليلة بس فوق غرفة هائلة مليانة هوا. الغرفة دي، اللي اتبنت من حوالي ست آلاف سنة، كانت بتجيب الهوا من سطح الأرض وتنزله من خلال الصخور الضعيفة والمسامية لداخل متاهة ضخمة. على عكس الأهرامات المبهرجة، مبدع الغرفة الضخمة دي قفلها وأخفاها بقصد إزالتها من تاريخ البشرية.
      
      أفراد البعثة اتخبطوا بعنف لما فقدوا كل إحساس بالاتجاه. الصخور والأدوات وقطع الآلات هاجمتهم في سقوط حر عنيف. نزلوا في فوضى.
       
      

      رواية خيانة حبيب - رومانسية

      خيانة حبيب

      2025, أحمد هشام

      للمراهقين

      مجانا

      بتكتشف إن حبيبها بيخونها يوم عيد علاقتهم السنوي، فبتقرر تنتقم منه بطريقتها الخاصة. بعد كده بتروح حفلة بتتعرف فيها على شاب جديد وبتقضي معاه ليلة، وبتكتشف بعدها بشهر ونص إنها حامل. الرواية بتسلط الضوء على صدمتها وتفكيرها في المستقبل المجهول مع طفل هيجي للحياة من غير أب معروف.

      جيسيكا

      بتتعرض للخيانة من حبيبها ديريك. شخصيتها قوية ومبتسمحش لحد يكسرها، وبتحب تاخد حقها بنفسها. بتتصرف باندفاع أحيانًا لكنها بتواجه المواقف الصعبة.

      ديريك

      حبيب جيسيكا اللي خانها، ومعروف عنه إنه "مش كويس" على حد قول أدريانا.

      لوك

      الشاب الوسيم اللي جيسيكا قابلته في النادي، وقضت معاه ليلة. لسه تفاصيل شخصيته مش واضحة أوي، بس باين إنه غني.
      تم نسخ الرابط
      رواية خيانة حبيب - رومانسية

      "آه، عارفة، دي سنتين بالظبط، أنا متحمسة أوي." بقول لأختي ياسمين في التليفون.
      
      "عارفة، أنا مبسوطة أوي ليكوا انتوا الاتنين. هتحتفلوا إزاي؟"
      
      "أنا رايحة بيته أفاجئه، وبعدين نقضي بقية اليوم سوا، نعمل أي حاجة." هزيت كتافي بالرغم إنها مش شايفاني.
      
      "طب خلاص متخليش حد يعطلك، اقفلي، وروحي لراجلِك."
      
      "ماشي ماشي، سلميلي على كل الناس."
      
      "مكنتش هحتاج أسلم لو كنتي جيتي زرتينا."
      
      "آه ماشي. بحبك."
      
      "بحبك، سلام." قفلت السكة ونمت على الكنبة في شقتي. وفي الآخر لما لقيت عندي طاقة قمت ومشيت أوضتي أجهز نفسي.
      
      حطيت مكواة الشعر في الفيشة في الحمام عشان تبقى جاهزة أستخدمها لما ألبس. لبست تي شيرت أزرق فيه تصميم دانتيل مغطي ضهري كله، مع شورت جينز كام أساور، ودخلت الحمام عملت كيرلي خفيف في شعري الأشقر الفاتح.
      
      المكياج كان خفيف، حطيت بس آي لاينر، وماسكرا، وروج بينك فاتح. مسكت تليفوني والهدية اللي جبتها له، لبست صندل بكعب بيج، وخدت مفاتيح العربية اللي جبتها لما اتخرجت وطلعت من الباب.
      
      وصلت عند عمارة شقته ولقيت مكان أركن فيه. مشيت على طول للأسانسير، والهدية في إيدي، ودوست رقم الدور بتاعه. الأسانسير صفر والباب اتفتح، نزلت ومشيت لباب شقته ودخلت لوحدي.
      
      "يا هلا؟ ديريك؟" جزمته عند الباب يبقى لازم يكون هنا، في أي حتة.
      عديت المطبخ وأوضة المعيشة، ورايحة ناحية أوض النوم.
      
      كل ما بقرب من أوضته، بسمع أنين وصرخات وتنهدات. مش محتاجة أفتح الباب عشان أعرف إيه اللي بيحصل جوه. بصراحة، أنا غضبانة ومجروحة، بس أبويا علمني مظهرش ضعف قدام عدوي.
      
      أنا مش بزعل، أنا باخد حقي.
      
      مشيت بهدوء من شقته ورايحة على الجراج، ومشيت ناحية عربيته. بعمل زي كاري أندروود، لحد كبير بحاول أخليها قانونية، بس بدل ما أستخدم مضرب بستخدم الكعب بتاعي.
      
      رجعت لورا وعجبتني الشغلانة شوية قبل ما أمشي لعربيتي بس قبلها خدت صورة؛ حان وقت المرحلة التانية من انتقامي. ياللا نضحك ضحكة شريرة.
      
      دخلت الشقة وحطيت مفاتيحي على رخامة المطبخ، وطلعت الهدايا بتاعته من الشنطة؛ أحسن صورة لينا كانت متاخدة على البحر السنة اللي فاتت، وتذكرتين صف أول عشان يشوف ماتش فريق نيو يورك نيكس. جبت صورة لينا وولاعة وولعتها وحرقت شكل جسمه، وقصيت الصورة نصين، وبعدين خدت ليها صورة. كنت ممكن أقطع التذاكر أو أي حاجة، بس ده يعتبر فلوس بتترمي على الأرض.
      
      وقفت وبدأت أفكر تاني في اللي عملته، حسيت إني ممكن أكون زودتها، بس بعدين افتكرت قد إيه من عمري ضيعته في علاقتنا وهو كان ممكن يكون بيخوني مع أي واحدة. الأفكار دي بس بتزود غضبي.
      
      عملت الصور كولاج، كام دمعة نزلت على وشي على تليفوني، بعتتها له وبعدين مسحت رقمه وقفلت تليفوني.
      
      بعد كام ساعة، الساعة سبعة، أدريانا، صاحبتي الانتيم، دخلت الأوضة بسرعة، شعرها البني بيطير وراها وهي قعدت على الكنبة اللي أنا قاعدة عليها.
      
      "إيه اللي جابك هنا؟ استني، دخلتي إزاي؟" ده كان غريب لأنها عايشة في كاليفورنيا، وإحنا في نيو يورك.
      
      "إجازة وكنت في المنطقة وحبيت أعدي والباب كان مفتوح، إيه رأيك؟" سألت من غير ما تستنى إني أرد، "خلتني سجلت اسمنا في قائمة افتتاح نادي جديد اسمه "الجحيم"، هيبقى حلو أوي، لازم تيجي معايا."
      
      "مش عارفة يا ري، مش في مزاجي أروح أي حتة." اتنهدت ووشها باين عليه القلق.
      
      "يا حبيبتي إيه اللي حصل؟"
      
      "ديريك ده حقير خاين." قلت بعصبية.
      
      "أنا كنت عارفة إنه مش كويس من أول ما عرفتيهولي، بس انتي عارفة عشان كده لازم نروح النادي، انتي بالذات، تلاقي شاب حلو، وتفكي عن نفسك لليلة واحدة."
      
      حركت إيدي على وشي وبفكر في فكرتها. بعد كام دقيقة اديتها الإجابة اللي عايزاها، "يلا بينا نسهر ونسكر."
      
      "كنت عارفة إنك هترجعي لعقلك." قالت وهي بتشدني أوضتي عشان نختار لبسنا.
      
      بعد ساعتين، الساعة تسعة ونص، أخيراً طلعنا من الشقة بسبب أدريانا وحبها للكمال.
      
      بعد عشر دقايق وصلنا نادي فيه أنوار نيون مكتوب عليها "الجحيم". نزلنا من التاكس، ادينا السواق فلوسه، أنا وأدريانا مشينا لمدخل النادي، عدينا على طول الصف الطويل من الناس اللي مستنيين يدخلوا.
      
      "أدريانا دلفينا، زائد واحد، أنا على القائمة." قالت من غير ما تفوت ثانية.
      
      البودي جارد بص في الورقة اللي ماسكها في إيده ودخلنا جوه.
      
      يلا بينا نبدأ المرح.
      
      مكنتش أعرف قد إيه الجملة دي هتطلع صح.
      
      
      
      
      كنت حاسة بالمزيكا بتدب في السماعات وريحة العرق القوية. بصيت على ساحة الرقص، كانت عاملة زي بحر من الاحتكاك والتقبيل.
      
      "أنا رايحة أجيب حاجة أشربها..." بقول لأدريانا اللي كانت سابتني خلاص، غالبًا عشان تروح ترقص مع أي حد.
      
      مشيت ناحية البار وقعدت على كرسي، "هاخد كوبا ليبري." أنا ناوي أسكر الليلة ومحدش يقدر يوقفني.
      
      وبينما البارمان بيناولني مشروبي، شاب وسيم كده قعد على الكرسي اللي على شمالي، وطلب هاينكن.
      
      بخفة كده رميت كام نظرة وأنا بشرب.
      
      نظرة: عنده دقن خفيفة مخليه شكله خشن كده.
      
      شربت شوية.
      
      نظرة: واخد تان شكله طبيعي وحلو؛ غريب شوية على نيو يورك، بس عادي.
      
      شربت شوية.
      
      نظرة: شعر بني متسرح بطريقة اللي هو "أنا لسه صاحي من النوم"؛ بس شكله حلو عليه.
      
      شربت شوية.
      
      نظرة: قميص أبيض بأزرار وياقة، من المقاس شكله رياضي أوي. يا ترى هيبقى إيه شعوري لو لحست عضلات بطنه؟
      
      لا! يا جيسيكا يا وحشة!
      
      شربت شوية.
      
      نظرة: بيبصلي! وقفوا المهمة! أكرر وقفوا المهمة!
      
      شربت شوية.
      
      شربت شوية.
      
      شربت بقية المشروب بسرعة.
      
      شرقت شوية.
      
      هموت من الإحراج.
      
      "انتي كويسة؟"
      
      يا إلهي بيكلمني! أعمل إيه بس؟ نفس عميق، هدوء وتركيز.
      
      "هاه؟ آه أيوة أنا كويسة، بس دخل في زور غلط." يا جيسيكا يا غبية، الناس مفيهاش زمارة! ولا إيه؟ هبحث عنها بعدين.
      
      "أنا لوك." مد إيده عشان أسلم عليه.
      
      مسكت إيده وابتسمت واديتله اسمي، "جيسيكا."
      
      بعد كتير من المشروبات وساعات من الكلام سألني إذا كنت عايزة أروح بيته. وافقت ورحت أدور على أدريانا عشان أقولها إني ماشية.
      
      "أنا ماشية من هنا."
      
      "آه، بدري كده؟" كشرت، "احنا حتى مالحقناش نقضي وقت سوا."
      
      "أيوة، المرة الجاية، بس أنا لازم أمشي دلوقتي." رديت وأنا بشاور على لوك اللي لسه مستنيني.
      
      "آه، آه. طيب يلا روحي واتبسطي." ابتسمت وهي بتشاورلي أبعد. مشيت في ساحة الرقص المزدحمة راجعة للوك، عند الباب من قدام.
      
      "جاهزة نمشي؟" ابتسم؛ أنا دبت.
      
      "أيوة، خدني معاك." ضحكت وأنا بتعثر وأنا خارجة من "الجحيم".
      
      بعد حوالي ربع ساعة وصلنا لواحدة من أغلى عمارات الشقق في نيويورك. "انتا عايش هنا؟"
      
      "أيوة، حلوة صح." ضحك وهو بيمشي بينا احنا الاتنين ناحية الأسانسيرات. الأبواب قفلت وسابتنا لوحدنا. بدأت أرقص على مزيكا الأسانسير، وألف وأهز وسطي، أعتقد إني حتى عملت تواوير شوية. تعثرت ووقعت على صدر لوك، "آسفة." ضحكت.
      
      رفعت نفسي على أطراف صوابعي عشان أبوسه وهو قرب دماغه مني، شفايفنا لمست بعض كده فجأة واحنا سكرانين، بعدنا عن بعض لما الأسانسير صفر والباب اتفتح. قادني لبابه وساب إيدي للحظة عشان يفتح باب جناح بنتهاوس جميل.
      
      "واو." تمتمت. وبالكاد كان عندي وقت ألف قبل ما لوك يخبط شفايفه على شفايفي، واحنا الاتنين بنرجع لورا، خبطت في حاجة حاساها باب وبدأت أدور على أوكرة الباب من غير ما أوقف البوسة. أخيرا لقيتها وفتحت الباب ورجعت لورا لحد ما ركبي خبطت في إطار السرير ووقعنا على السرير.
      
      "انتي متأكدة إنك عايزة ده؟" سأل لوك وهو بيلهث بين البوسات.
      
      "طبعًا." الكلمة دي بس هي اللي كانت محتاجها عشان ياخدني للسما ويرجعني.
      
      صحيت على صوت الدش شغال وإحساس إن راسي هتتقسم نصين. قعدت بتعب في السرير المريح، بقي حاسس إني بلعت شوية كور قطن، اتمددت وتألمت من الوجع في المنطقة اللي تحت.
      
      "يا إلهي، يا إلهي، يا إلهي، إيه اللي حصل الليلة اللي فاتت؟" مسكت ملاية السرير حوالين جسمي ولبست هدومي اللي كانت محطوطة على الكرسي في الزاوية.
      
      بهدوء فتحت وقفلت الباب وعديت أوضة المعيشة على المدخل، طلعت بره من غير ما أبص ورايا أبداً، وكعوبي بتتدلدل في إيدي. وصلت للوبي الأمامي من غير أي عوائق ووقفت تاكسي.
      
      دخلت شقتي ورحت على طول على الدش. قلعت هدومي وفتحت الماية ودخلت تحتها، وخليت دقات الماية السريعة على ضهري تهدّي عضلاتي المتوترة. الماية قلبت ساقعة بسرعة فقفلت الماية ولفيت نفسي في فوطة ومعاها شعري.
      
      لبست بنطلون يوجا أسود، وتوب أزرق، وشرابي البينك الفرو. دخلت المطبخ/أوضة المعيشة وبلعت قرصين تيلينول عشان يساعدوا في الغثيان والصداع.
      
      ببطء كده، رحت على الكنبة ورميت نفسي عليها من الضهر ونمت نوم عميق من غير أحلام.
      
      
      
      
      
      
      فات حوالي شهر ونص على "الموضوع" ده، للأسف أدريانا مشيت من كام يوم، والأسوأ من كده إني بقيت برجع في أوقات عشوائية من اليوم، الحمد لله الدكاترة في العيادة قالوا إنها مجرد نزلة معوية وادوني دوا ودلوقتي بقيت كويسة.
      
      كمان والدتي كانت بتزن عليا أزورها هي وبقية العيلة، وعشان كده أنا دلوقتي محشورة بين راجل كبير وتعبان بيعتبر كتفي مخدته الشخصية، وراجل عجوز ومنحرف أوي في رحلة مباشرة لشارلوت، نورث كارولينا.
      
      أكيد دي أطول ساعة وأربعين دقيقة في حياتي، الطيارة هبطت ونزلنا، بس مش قبل ما الراجل العجوز يديني رقمه ويبعتلي بوسة في الهوا.
      
      قاومت رغبتي في الاستفراغ، اتنفضت ومشيت لمنطقة استلام الشنط. فضلت مستنية عند السير لحد ما شنطتي الحمرا الباهتة وصلت وخدتها بسرعة قبل ما تلف الدورة تاني وأضطر استنى أكتر.
      
      مشيت لقدام ووقفت تاكسي واديته العنوان لبيت والدتي. بتفرج على المناظر اللي بتعدي وأنا بسأل نفسي إذا كان فيه حاجة اتغيرت من آخر مرة زرتهم. بسرعة التاكسي وقف قدام بيت طفولتي. نزلت ودفعت للراجل الكويس ومشيت على الممشى بشنطتي، وبعدين على السلالم، وضربت جرس الباب.
      
      الباب فتحته جاسمين اللي كانت حامل أوي، "إيه اللي جابك هنا؟ يا لهوي، خشي جوه!" صرخت وهي بتشدني لجوه ومعايا شنطي.
      
      "مين هنا دلوقتي، ومينفعش تشديني كده وانتي حامل؟"
      
      "ده مايكل بس، وماما، وتيتة، وجيسون، وأنا، ودلوقتي انتي، وأنا حامل مش معاقة." ابتسمت. دخلت من أوضة المعيشة للمطبخ، وريحة شوربة اللحمة المشهورة بتاعة ماما، وعيش طازة لسه خارج من الفرن، وفطيرة تفاح داخلة الفرن.
      
      "إزيك يا ماما، عاملة إيه؟"
      
      "أحسن دلوقتي عشان انتي هنا. إيه اللي خلاكي تتأخري كده عشان تيجي تزوريني يا ست البنات؟"
      
      "يا ماما بالذات، كنتي مبسوطة لما مشيت عشان الأوضة الزيادة اللي بقت فاضية."
      
      "لا أبداً، أنا حتى ملمستش أوضتك." قالتها بفخر.
      
      "واو، كويس ليكي عشان لو فاكرة صح، أول ما ياسمين راحت الجامعة، غيرتي ديكور أوضتها."
      
      "أيوة يا ماما، وجيسي خلاص نقلت وانتي لسه معملتيش أي حاجة!" صرخت جاسمين بمرح.
      
      "آه اخرسي، يا جيسيكا روحي رصي السفرة." قالتها لياسمين وهي فاتحة دراعتها عشان تحضني.
      
      رصيت السفرة وساعدت في وضع الأكل، وقعدت على الكرسي اللي كنت دايماً بقعد عليه لما كنت عايشة هنا. لما الكل قعد، قلنا الشكر وبدأنا ناكل من أكل ماما اللذيذ.
      
      الكلام كان ماشي بسهولة على السفرة، مفيش ولا لحظة صمت حتى واحنا بناكل، إلا لو ماما، أو في حالة مايكل مراته، مسكوكي وبخوا فيكي. لو تسأليني، بيبقى مضحك أوي لما تشوف رجالة كبار بيتبخ فيهم من ستات نص حجمهم.
      
      لما الليل جه، الأطباق خلصت، مايكل وياسمين وجيسون ابنهم، كانوا مشوا. أنا نمت في أوضة طفولتي، وإحساس الحنين للماضي غلبني.
      
      سبت أفكاري تدور في دماغي، ورحت في نوم عميق من غير أحلام.
      
      🌅
      
      🌄
      
      خبطة عالية على الباب سحبتني من الهدوء الجميل اللي اسمه النوم، فجعتني لدرجة إني كنت هقع من على السرير. والدتي دخلت وهي بتمسح إيديها في مريلتها، لابسة وش بيقول "مفيش هزار". "قومي، في شغل كتير النهاردة ومقدرش أشوفك قاعدة كده مبتعمليش حاجة."
      
      حتى في الإجازة، بخلص بعمل نوع من الشغل.
      
      ماما نوعًا ما زي ميريل ستريب وريبا في شخص واحد، باستثناء أن شعر ماما بني ولهجتها مش قوية زي ريبا، بس انت فاهم قصدي.
      
      قمت ببطء ورتبت سريري بينما ماما مشيت في الطرقة، غالبًا للمطبخ عشان تبدأ الفطار. دخلت الحمام ودورت تحت الحوض على معجون أسنان. بعد ما دورت أكتر لقيت علبة فوط صحية.
      
      "يا نهار أسود. دورتي متأخرة." كل حاجة بقت مفهومة دلوقتي، الترجيع، ريحة معينة بتخليني أتعب، إزاي مخدتش بالي من ده قبل كده؟ يا لهوي لوك، مفيش شك إنه هو الأب، بس إزاي أقوله، أو لعيلتي، وعيلته، ده غير إني أتصل بيه أصلاً. يا ربي أنا حتى معرفش اسمه الأخير.
      
      استني دقيقة، أنا حتى معرفش إذا كنت حامل فعلاً ولا لأ، يبقى مفيش داعي للقلق. لميت أعصابي ولقيت معجون الأسنان، وبعد ما جهزت نزلت المطبخ عشان أفطر.
      
      وأنا باكل والدتي بصتلي، "عندي قائمة حاجات مطلوبة. روحي هاتيها من السوبر ماركت واحسي بالراحة لو عايزة تجيبي حاجة لنفسك."
      
      "تمام مفيش مشكلة." رديت.
      
      "يلا بينا دلوقتي مفيش وقت نضيعه." قالت وهي بتخبطني بفوطة المطبخ.
      
      لبست جزمتي ومسكت مفاتيح العربية ومشيت ناحية الباب، "مع السلامة" صرخت قبل ما أقفل الباب.
      
      التسوق خلص بسرعة، في طريقي للبيت وقفت عند الصيدلية عشان أشتري اختبار حمل. طلعت بره البلد شوية احتياطي لو شفت حد يعرفني أو يعرف والدتي، وينتهي بإن الموضوع يكبر لو التحليل طلع سلبي.
      
      اخترت تلاتة من أدق التحاليل ووديتهم عشان أحاسب عليهم وأنا بشتري كيس سكاكر استوائية.
      
      البنت اللي على الكاشير شكلها أكبر مني شوية بس شكلها أصغر عشان شعرها البنفسجي اللي عاملاه. حطيت الحاجات على الترابيزة وهي بصتلي ورفعت حاجبها.
      
      "حامل بقى."
      
      "نعم؟"
      
      "انتي حامل، منتظرة بيبي، معاكي طفل، بكرش، بتاكلي لاتنين، في الطريق للعيلة، في حلة البودنج، مقربة، اتنفختي..." فضلت ترغي وهي بتعمل سكان للتحاليل.
      
      "خلاص، أيوة، فهمت، ممكن أكون حامل."
      
      "مش باين عليكي متحمسة أوي."
      
      "إيه اللي المفروض أتحمسله بالظبط؟ أنا عندي 25 سنة بس. وبالكاد بعرف أعتني بنفسي ده غير كائن بشري تاني والأب، يا ربي مش عارفة أبدأ معاه منين، أنا حتى معرفش اسمه الأخير." رغيت وأنا مجهدة.
      
      "آسفة، مكنتش أعرف إنه موضوع حساس. على فكرة، فيه حمام في الضهر لو احتجتي."
      
      "شكراً." ابتسمت ليها ابتسامة خفيفة.
      
      "أنا ماجي، على فكرة. قولت ممكن تحبي تعرفي اسم الشخص اللي لسه حكيتي له سرك."
      
      "جيسيكا، بس معظم الناس بتناديني جيسي أو جس."
      
      "فكري فيها بالطريقة دي، ممكن متطلعيش حامل أصلاً." قالتها بتفاؤل.
      
      أنا حامل.
       
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء