بوابة النور - الفصل الثاني من روايه أرض مصر المدفونة
بوابة النور
2025, أحمد هشام
مغامرات تاريخية
مجانا
تدور أحداث الفصل ده في متاهة ضلمة تحت الأرض بعد انهيار أرضي حَبَس فريق الحفر، وفيه بنشوف معاناة هنتر وتيانا وهونجو في اكتشاف المكان. بيكتشفوا باب سري بيؤدي لغرفة بتنور ذاتيًا، وبتظهر فيها مكنة غامضة بتكلمهم بلغة مش معروفة. المكنة دي بتنور المكان وتفتح لهم طريق للنجاة في اللحظة اللي بتوصل فيها تيانا تنادي على هنتر.
هونجو
مدير حفريات كيني ذو خبرة كبيرة وشخصية قيادية وهادئة. بيتمتع بغريزة بقاء قوية نتيجة لخبرته العسكرية، وده بيدي له ثقة في المواقف الصعبة. بيقدر جهود هنتر في التواصل وبيفكر بحكمة، وبيبين إنه شخص عملي ومُعتمد عليه.تيانا
زوجة هنتر وزميلته في العمل، وهي عالمة كيمياء ومهندسة عبقرية حاصلة على درجة الدكتوراه. تتميز بدقتها وحرصها الشديد على التفاصيل، وتُعتبر العقل المدبر وراء الكثير من العمليات الفنية والتقنية في البعثة. دائمًا ما تُسعى للتحقق والتأكد من كل شيء قبل البدء في أي عملشنودة
واحدة من أفراد الطاقم اللي اتصابت إصابة خطيرة (كسر في الرجل) وده بيبرز مدى خطورة الوضع وبيزيد من التحديات اللي بتواجه المجموعة.
صحى هنتر وهو حاسس بوجع. كان عارف إن عنده كدمات وخربيش وجروح، بس كان بيسأل نفسه لو يقدر يزود عليهم كسور في العضم، نزيف داخلي، أو شد عضلي وخلع في المفاصل. سَنَد على إيديه ورجليه بالعافية وفتح عينيه. على الأقل قدر يعمل كده. حس براحة بسيطة لما فهم إن تحريك أطرافه معناه إن الوقعة مسببتلوش شلل. مشافش حاجة. استنى بصبر لحد ما عينيه اتعودت على الضلمة. فكر إنه ينده، بس الوجع الشديد في راسه منعه إنه يحاول. الاستنى مكنش بيعمل حاجة. ولا شعاع نور واحد دخل الفراغ اللي هو فيه. تيانا كان عندها تجربة مشابهة، بس هي مقدرتش تقف على إيديها ورجليها. رجلها الشمال كانت محشورة بين صخرة وحتة من معدات الحفر، ومقدرتش تتحرك. مكنتش فاكرة أي حاجة عن الوقعة غير إن حياتها عدت قدام عينيها بسرعة. الدوخة اللي حست بيها لما الجاذبية اختفت رجعتها لطفولتها. فاكرة لما كانت بتعمل الفطار لأختها الصغيرة، جيني، وأمها نايمة على الكنبة بتفوق من سكرة. فاكرة لما استخدمت شيك مصاريف الكلية عشان تخرج أمها من السجن لما اتقبض عليها وهي سايقة سكرانة. فاكرة الدكتورة فيونا كريسويل، أستاذة الكيميا المتقدمة والموجهة بتاعتها، وهي بتديها مكان تعيش فيه، وتشغلها مساعدة أستاذ، وبعدين لقت لها شغل بعد التخرج في شركة بتصنع نكهات صناعية. مع الوقت، تيانا لقت نفسها في أكاديمية هايدلبرغ للعلوم بتعمل تحديد عمر الكربون المشع زي ما كانت بتعمل مع الموجهة بتاعتها. وهناك، وهي بتحدد عمر الاكتشافات الأثرية، قابلت الراجل اللي غير حياتها. لما تيانا فاقت، سمعت الراجل ده بينادي اسمها، "تيانا!" "تياااااااانا!" "أنا هنا يا حبيبي." "أه، هنتر، أنا هنا." تيانا همست بصوت واطي وهي بتحاول تخفي الوجع من صوتها. حست بصوابع على رجلها. "تيانا، تيانا، دي انتي؟" هنتر قال. تيانا اتكلمت، "أيوه، أنا. أنا محشورة. أعتقد إن فيه عمود ساند على رجلي. مفيش ضغط على الرجل ومش بتوجع أوي، فاعتقد إني مش متصابة إصابة خطيرة. ممكن تشيل أي حاجة من على رجلي؟" "هممم! لا، مش أظن." هنتر رد وهو بيوطي ركبتيه لتحت أوي، ومسك العمود، ورفعه بكل قوته. "فين هونجو لما نحتاجه؟" صوت كيني عميق اتكلم، "أنا هنا يا بوانا." هونجو بدأ يدي أوامر غريزياً، "معظمنا بخير. جيب، حاج، أندوِيل، تعالوا ساعدونا نرفع." الخمس رجالة حسوا بإيديهم عمياني عشان يمسكوا في العمود التقيل. أول ما كل واحد مسك مسكة قوية، هونجو بدأ يعد، "موجا، مبيل، تاتو، ارفعوا!" كله كح وهو بيرفع العمود. العمود موصلش عدل لفوق. كان متشابك في الصخور اللي كسرت وقعته. بعد ما هزوا العمود، اتحرك لفوق. تيانا تَنِت ركبتها وزقِت لورا براحة إيديها. أخدت نفس عميق من الراحة لما حست إن رجلها بتتحرك بحرية في الفتحة وتطلعلها الحرية. "شكراً ليكم كلكم. أنا حرة." قالت. فجأة هنتر باسها. نسوا الضلمة والصمت للحظات وهما بيحضنوا بعض. هنتر وتيانا وهونجو جمعوا الناس. كان معاهم حوالي خمستاشر راجل. جيب وحاج، المصريين، كانوا كويسين. أندوِيل، التنزاني، كان عنده كام جرح وحش، ربطوها كويس بعلبة إسعافات أولية للطوارئ. باقي الطاقم كان عندهم خبطات وجروح وكدمات، بس، بطريقة شبه إعجازية، مفيش إصابات خطيرة. شنودة أصابها أسوأ إصابة. مقدرتش تقف، ومن لمسهم قدروا يعرفوا إن رجلها ورمت. شبه مؤكد إنها كسرت عظم. استحملت كويس، بس من أنينها، قدروا يعرفوا إنها حاسة بوجع شديد. بالمشي ببطء وأذرعهم ممدودة، قدروا يحددوا معالم الأوضة. طرف واحد كان فيه كومة من الصخور الطرية والمسامية، نفس الصخور اللي حفروا فيها، ونفس الصخور اللي انهارت تحتيهم. الجانب التاني من الأوضة، المثير للاهتمام، كان فيه شبابيك. الشبابيك كانت متغطية بقضبان معدنية. الجانب اللي فيه الصخر كان باين إنه مايل لفوق، بس الكومة الخشنة كانت شديدة الانحدار ومش ممكن تطلعها. "باين إننا محبوسين." تيانا قالت وهي بتشاور على الحاجة الواضحة. كانت تقصد تفتح حوار عشان حد يقترح يعملوا إيه. "إيه اللي باين؟ مش شايف أي حاجة." هنتر رد. "ضلمة كحل." هونجو ضاف. "يلا نخبطه." هنتر اقترح. مقدروش يشوفوا وش هونجو في الضلمة، بس كان باين عليه علامات حيرة. "آسفة، نخبط إيه يا حبيبي؟" تيانا ردت. "الحيطة. لو الجهاز لسه متجه غرب ناحية الحيطة دي بالشبابيك المقفولة، يبقى يلا نشغله! مانعرفش إيه ورانا أو إيه على شمالنا أو يميننا، بس عارفين إن فيه حاجة ورا الشبابيك دي. هونجو، هل الجهاز ده لسه ممكن يشتغل؟" هونجو كان مصدوم. "معرفش يا مستر برايس." "طيب، يلا نشوف." هونجو كان عنده عدد من التنزانيين شغالين معاه وكان جايبهم من موقع حفريات أولدوفاي جورج، بس كان بيحاول يضم المصريين للشغل على قد ما يقدر عشان يشجع روح الزمالة. آخر حاجة كان عايز يتعامل معاها هي الخناقات بين العمال المصريين والتنزانيين. جيب وحاج كانوا بينضموا كتير عشان كانوا بيتكلموا إنجليزي مقبول. أندوِيل كان بينضم عشان كان له تاريخ شغل طويل مع هونجو، وكان قوي جسمانياً، ومكنش بيعمل غلطات كتير. "جيب، حاج، أندوِيل! يلا نروح نبص على الجهاز. هنفحصه ونحاول نشغله." ومع الكلمة دي، الأربعة كانوا بيفتشوا الجهاز عمياني، بيحاولوا يعرفوا إذا كانوا يقدروا يشغلوه تاني. تيانا انضمت ليهم بسرعة. هنتر ساعد على قد ما قدر. بعد حوالي ساعة، اتقابلوا. تيانا اتكلمت، "سلامة المكنة مش متأثرة كتير. أعتقد نقدر نشغلها، بس عندنا مشكلة. القبضات بتستخدم جكات هيدروليكية عشان تدفع نفسها من جدران النفق. من غير جدران نفق تدفع نفسها منها، المكنة مش هتتحرك في أي مكان، هتدور بس وتقطع في الهوا." بعد صمت طويل ومطول، تيانا اتكلمت تاني، "أي أفكار؟" هنتر اتكلم، "طيب، المكنة على بعد كام متر بس من الحيطة ومتوجهة في الاتجاه الصح. إيه رأيكم لو فكينا رأس القطع وخليناها تقع بعيد عن المكنة على الحيطة؟" صمت طويل تاني، "ده ممكن ينجح." تيانا قالت بصوت واطي. "أيوه، ده ممكن ينجح." هونجو ضاف. "بس مش هتكون بالسهولة دي. رأس القطع مش مربوطة بمسامير، دي متثبتة بمسامير برشام. هنحتاج نحفر كل مسمار برشام. عندنا جهاز حفر هيشتغل، بس هياخد وقت، خصوصاً في الضلمة. وكمان، معندناش حاجة نطلع بيها المسامير دي. هنضطر نحفرها وبعدين نشغل المكنة ونأمل إن المسامير ضعيفة كفاية وإن التروس تهتز كفاية عشان تفكها." تيانا شرحت. وكملت، "عندنا السندويتشات اللي شنودة جابتها للغدا وعندنا الشاي وعندنا كام جالون مياه. براميل الألومنيوم اللي بيشيلوا فيها المياه والشاي شبه مستحيلة الكسر. للأسف، الإمدادات دي مش هتكفينا كتير. لو هنعمل حاجة، لازم نعملها دلوقتي." وبكده، كلهم بدأوا يشتغلوا. هونجو وأندوِيل شغلوا الجهاز على المسامير. مكنش عندهم أي إحساس بالوقت في الحفرة الضلمة دي. الضوء الصغير على طرف جهاز هونجو اللي بيشتغل بالبطارية كان بيادوب بينور المسامير. في نفس الوقت، فوق على السطح، اندلعت أزمة كبيرة. باقي طاقم موقع الحفر رموا كل حاجة واستخدموا كل معدات الحفر اللي عندهم عشان يحفروا بغضب يدوروا على فريق حفر الأنفاق المفقود. المكالمات طلعت في كل حتة في العالم. أهل هنتر الأغنياء عرضوا بسرعة إنهم مش هيوفروا أي مصاريف لأي حد في العالم يقدر يوصل لدهشور، ويحقق في الوضع، ويقدم معلومات عن عمق الدفن، وفرصهم في النجاة، والوقت اللي هياخدوه عشان يطلعوهم، أو إزاي بالظبط يطلعوهم. أعداد كبيرة من خبراء الهندسة حجزوا رحلات طيران في آخر لحظة لدهشور. مقدرش يعدوا الوقت اللي فات، بس معظم الطاقم كانوا فاكرين إن اليوم خلص. أعضاء الطاقم اللي مكنش عندهم حاجة يعملوها بقوا خايفين أكتر كل ما الوقت بيمشي. سمعوا صوت الجهاز العالي وسمعوا أصوات هونجو وأندوِيل، بس مفيش حاجة تانية. في النهاية، هونجو خلص. "آخر واحد خلص. أعتقد جه الوقت." هونجو قال لعيلة برايس. "معرفش لو كل المواتير هتشتغل، بس الموتور الأساسي باين إنه كويس. أتمنى على الأقل موتور التشغيل يشتغل. الأسلاك اللي بتوصل البطارية بمفتاح التشغيل مش اتقطعت، ده كويس على أي حال. نشغله ولا إيه؟" تيانا سألت. "أيوه." هنتر وهونجو ردوا في نفس الوقت. "تمام، يلا بينا." صوت الزنة بتاعة موتور التشغيل ظهر بسرعة قبل ما صوت زئير الموتور الرئيسي يصم الودان ويملى الأوضة. صوت تاني مش منتظم قوي ملأ الأوضة. مسامير البرشام اللي ماسكة رأس القطع في إطار المكنة كانت بتترج في مكانها. بعد شوية، مع صوت تزييق وخبطة، رأس القطع وقعت. خبطت في الحيطة وقطاعات الديسكات بتلف. الجزء العلوي من الحيطة اللي القطاعات لمسته في الأول استسلم في لحظات. الجزء السفلي من الحيطة اتفتت تحت القطاعات ووزن رأس القطع. لما الرأس انفصلت عن باقي مكنة الحفر، القطاعات فقدت طاقتها. فقدان الطاقة مكنش مهم لأن في الوقت اللي القطاعات بطلت تلف، كان فيه فتحة كبيرة اتفتحت في الحيطة. الطاقم كان كل اللي عليه إنه يطفي الموتور، يطلع على الركام، ويمشي الأوضة اللي جنبها. وهم بيستكشفوا مكانهم الجديد، عرفوا قد إيه هما تعبانين. من غير ما حد يعرف، كان قرب نص الليل. هنتر اتكلم، "فيه سراير هنا. الحتت دي اللي داخلة في الحيطة، هي، أو على الأقل كانت سراير. ده أكيد نوع من الثكنات اللي تحت الأرض." "أو سراديب." تيانا ردت بقرف. "مكنتش هقول كده. إيه ده، فيه خربشة على الحيطة هنا، مجرد خطوط خربشة، كلها في صف واحد." هنتر لاحظ. "ده كان سجن." هونجو قال بصوت واطي. "كانوا بيعدوا وقتهم هنا." مع معرفة هنتر وتيانا بماضي هونجو العسكري، ومعرفتهم أكتر بإنه مبيحبش يتكلم عنه، فضلوا ساكتين. في النهاية، هنتر تولى المسؤولية، "بصوا، فيه مساحة كافية لينا كلنا، يلا ننيم شنودة في واحدة من الأماكن الواطية دي وبعدين كل واحد يختار مكان ويحاول ينام." الكل كان تعبان أوي إنه يعترض. أدوا شنودة جرعة مضاعفة تلات مرات من الأسبرين من علبة الإسعافات الأولية. تيانا وهنتر اختاروا مكان واسع في الحيطة، وناموا لازقين في بعض، وقلعوا قمصانهم وجاكتاتهم وحطوها فوق الجزء العلوي من جسمهم. فضلوا دفيانين بإن جلد صدر هنتر كان ملاصق لجلد ضهر تيانا. محدش نام كويس الليلة دي. مهربش النوم من هنتر وتيانا، لكنهم استراحوا على فترات متقطعة. حسوا إنهم فضلوا صاحيين طول الليل، بس في الحقيقة كانوا بيغفوا ويصحوا بشكل متقطع. من غير بطاطين أو مخدات، ومع القلق اللي بييجي مع إن الواحد يكون مدفون حي، محدش قدر يدخل في نوم عميق ومنعش. هونجو هو أول واحد بدأ يتمشى. هنتر قدر يسمع خطواته بتعمل دبدبة خفيفة في المتاهة اللي كانت صامتة تمامًا. الصمت في المتاهة الضلمة اللي زي الفحم كان طاغي ومُرهق لأي محاولة لكسره. هنتر كان فاكر إنه فعلًا بيسمع التراب وهو بيرتفع في الهوا وبينزل تاني على الأرض بين خطوات هونجو. قام هنتر وهمس لهونجو، "خباري يا أصبوحي؟" هنتر كان متعود يحيي هونجو باللغة السواحلية عشان يبين اهتمامه بلغة هونجو الأم. هنتر مكنش واخد باله إن لغة هونجو الأم الحقيقية هي لغة قبيلته، الدولو. لغة هونجو التانية كانت السواحلية، ولغته التالتة كانت الإنجليزية. على الرغم من إن كينيا وتنزانيا الاتنين اعتمدوا السواحلية كلغة وطنية، إلا إن عدد قليل جدًا من الناس كانوا بيتكلموها كلغة أساسية. أصلها من شعب البانتو على الجانب الآخر من القارة وببطء شقت طريقها للشرق. السواحلية بقت لغة التجارة بين أفريقيا والعالم العربي، ونتيجة لكده، أكتر من تلت اللغة مشتق من العربية. هونجو كان بيتكلم السواحلية بطلاقة ودرسها كتير في المدرسة، لكنه محسش بأي قرب ليها. ومع ذلك، هو فهم إن هنتر بيحاول يتواصل معاه وقدر المجهود ده. لكن الصبح ده، هونجو مهتمش بالرسميات؛ رمى المظاهر جانبًا وببساطة رد، "صباح الخير يا هنتر." "مش كويس أوي، للأسف. بص يا هونجو، ممكن تتمشى معايا؟" "اتفضل." مشوا هنتر وهونجو في صمت لبعض الوقت وإيديهم ممدودة، بيتحسسوا طريقهم باستمرار على طول الجدران الحجرية الباردة. بعد فترة، هنتر اتكلم، "اسمع يا هونجو، احنا في ورطة كبيرة هنا. الكل هيبص لي عشان التوجيهات وأنا، بصراحة، معرفش أقولهم إيه. انت قائد. عندك غريزة البقاء صح؟ من وقتك في الجيش؟ على أي حال، اللي بقوله هو، 'عايز مساعدتك.' الكل بيثق فيك. بص يا هونجو، أنا آسف إن ده حصل، يمكن أنا زودتها زيادة عن اللزوم. أنا هتحمل المسؤولية كاملة لما نطلع من هنا. بس الأول، لازم نطلع." هونجو اتكلم بنبرته المميزة والمحسوبة، نبرة بتوصل ثقة عالية جدًا، "يا مستر برايس، احنا في ده مع بعض. شكرًا إنك جيت لي. دلوقتي، احنا ببساطة لازم نكون أقوياء وعندنا خطة. معنويات الناس هتنهار غير كده." خد هنتر نفس عميق وطلعه، "تمام. إيه الخطة؟" "يا سيدي، أنا خايف. أنا خايف زي أي حد هنا، بس سواء صدقت ولا لأ؛ أنا كنت في مواقف أسوأ." هونجو رد. "أنا مصدقك." هنتر قال بصراحة. هنتر كان بيحترم مدير موقع الحفريات بتاعه احترام كبير. "بخصوص الخطة..." هونجو بدأ. قاطعه هنتر، "ايه ده؟ حاسس بده؟" "أيوه، ده بيحس وكإنه... باب." "أيوه، أعتقد إن ده المقبض هنا." هنتر قال وهو بيمسكه وفتح الباب القديم. الباب اتحرك بسلاسة على مفصلاته المثالية، وآثار الزمن متأثرتش بالباب كتير، لو كانت أثرت أصلًا. دخلوا الأوضة وفضلوا يحركوا إيديهم على الجدران. فجأة، اتجمدوا لما الضلمة بدأت تختفي. أجزاء من الجدران بدأت تلمع. في لحظة، ظهرت خطوط من الضوء البرتقالي الدافئ والناعم. الأوضة بدأت تاخد أشكال وتفاصيل. "واو..." هنتر تمتم بصوت واطي وهو بيطلع نفس. "ما أنغو..." هونجو تمتم في نفس الوقت. الضوء بدأ خافت، بس نور تدريجياً مع اعتياد عينيهم عليه. "جيوسن، داريجات ماسولي هاد ذا رهيوسيدات." صوت أنثوي لطيف لكن حازم اتكلم. الصوت كان جاي من كل حتة حواليهم. هونجو وهنتر بصوا يمين وشمال بس مشافوش مصدر للصوت. هنتر اتكلم، "دي... مكنة؟" "أنا معرفش اللغة دي." هونجو قال. فجأة، ظهرت كرة هولوغرافية خضرا زمردية قدامهم. هنتر وهونجو الاتنين بصولها بانبهار، متسمرين في الكرة الخضرا. هنتر افتكر إنها بتلف. غريزياً، مد هنتر إيده عشان يلمسها. هونجو فكر في نفسه إنه لازم يوقف قائده الشجاع، لكن غرابة التجربة كلها خلته متجمد مكانه. لما صوابع هنتر لمست الكرة اتغير لونها من أخضر لبرتقالي. بسرعة، إيد هنتر كلها بقت معلقة جوه الكرة. الكرة الهولوغرافية الخضرا اللي لسه ثابتة نورت هالة برتقالية حوالين كف هنتر وصوابعه. "إيتامبول زوت فاداتيروف، داريجات تشيور ستات." الصوت اتكلم تاني بنفس النبرة الرتيبة. في نفس الوقت، ذراع آلي فيها جهاز مقعر في آخرها نزلت من السقف وفضلت معلقة على بعد سنتيمترات بس فوق رأس هنتر. هنتر وهونجو الاتنين كانوا متجمدين مكانهم. "سترايلاير،" الصوت أمر، دلوقتي بنبرة أهدى، لكن آمرة أكتر. الصوت كان أعطى هنتر أمر. هنتر سمع طقة والصوت اتكلم تاني، المرة دي بنبرة معلوماتية مسطحة. "إدهاميلرير." الكرة الخضرا اختفت. مكانها، ظهر رمز مألوف عالميًا. الهولوجرام دلوقتي أظهر مستطيل أخضر طويل فارغ ثنائي الأبعاد. جوه المستطيل، شريط أخضر بيملا الفراغ ببطء. هنتر وهونجو بقوا عارفين إن المكنة بتنزل بيانات، أو بتثبت برامج، أو بتعمل تهيئة، أو يمكن بس بتفكر في حاجة. هونجو فكر تاني إنه لازم يعمل حاجة، بس إيه؟ هنتر فضل باصص بانبهار. الشريط اتملى. الصدمة الأولانية بدأت تختفي وهنتر اتكلم. "ايه رأيك يا هونجو؟" هونجو هز راسه بس. "هو الجهاز ده بيقرا أفكاري؟" تاني، هونجو هز راسه. "أنا، عارف، كنت هتردد أكتر إني أقعد هنا وأتفرج على الجهاز ده لو مكنتش محبوسين هنا." هنتر كذب؛ هو دايماً كان بيتصرف باندفاع قبل ما يفكر. هنتر اتعلم، على مر السنين، إنه يهدي نفسه، وإنه ميتسرعش في الكلام، وإنه يفكر في الحاجات بشكل أعمق قبل ما ياخد قرارات. تيانا ساعدته كتير في المجهود ده. ومع ذلك، لما بتتاح الفرصة، جانب هنتر الاندفاعي كان بيسيطر تمامًا على شخصيته. بعد حوالي ربع ساعة، الشريط وصل أخيراً لوجهته. "أهلاً بيكم يا زوار." الصوت اتكلم. كتف هنتر وهونجو اتنفضوا لفوق وعينيهم وسعت. "شكراً." هنتر رد. "تحبوا الأنوار تكون شغالة؟" الصوت سأل. "أيوه." المرة دي هنتر وهونجو الاتنين ردوا. "استمتعوا بـ... المتاهة." بين كلمة "بـ" وكلمة "المتاهة" هنتر قدر يسمع تشويش. وكمان، الشريط الأخضر ظهر تاني لفترة قصيرة. بدأ يملى ببطء، وبعدين اتحرك بسرعة البرق للآخر لما المكنة خلصت تفكيرها واستقرت على "المتاهة" ككلمة مناسبة. الهولوجرام اختفى والأنوار في غرفة الخدمات الصغيرة طفت. لما المغامرين الاتنين دخلوا الأوضة، سابوا الباب موارب ودلوقتي النور كان داخل من الطرقة. "هنتر! هنتييييييير! فين أنت؟" صوت أنثوي مألوف صرخ. "يلا بينا، نرجع للطاقم." هنتر قال لهونجو وهم بيتمشوا خارجين من الباب للطرقة المنورة.