موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      ايفار بلا عظم - رواية الفايكنج

      إيفار

      2025, تاليا جوزيف

      تاريخية

      مجانا

      هيدي قصة إيفار "بلا عظم"، المحارب الفايكينغي يلّي كان يشوف فالكيري خاصّة فيه، (اسمك/اسمكِ)، من صغرو. هي كانت رفيقتو وسندُه، تخفّف عنّو ألمو وتوجيهو، حتّى بوقت يأسو من حالتو الجسدية. كانت بتوعدو بمستقبل عظيم حدّ أودين ومعاها بـفالهالا. وبالنهاية، بتظهرلو بآخر معركة بحياتو، وبتاخد روحو لعالم تاني، محقّقة وعدها ليه.

      إيفار

      محارب فايكينغي بيعاني من إعاقة جسدية (ما عنده عظم برجليه)، بس هالشي ما بيمنعه يكون قائد شرس وذكي. بيتميز بذكائه الحاد وغضبه الشديد، وهوي شخصية معقدة بتصارع بين قوته وضعفه. الأهم من كل هيدا، هو إيمانه بوجود فالكيري خاصة فيه بتحميه وبتوجهه.

      (اسمك/اسمكِ)

      هي الفالكيري الخاصة بـإيفار. شخصية روحانية وجميلة، بتظهر لإيفار من لما كان طفل صغير. هي مش مجرد خادمة للآلهة، بل هي رفيقته، حبيبته، ومصدر قوته وأمله. دورها محوري بتهدئة إيفار وتوجيهه، وبتوعده بمصير عظيم بعد الموت.
      تم نسخ الرابط
      ايفار

      تعا معي، خلينا نروح برحلة على كاتيغات، مملكة راغنار "ذو السروال الأشعر" سيغوردسون. بتمنى ارجعك للوقت يلّي كانوا فيه الفايكينغ أخطر المحاربين، وأمهر البحّارة يلّي استكشفوا العالم. لزمن كانوا فيه الوثنيين عم يحاربوا المسيحيين.
      
      هون رح تلاقي صور لكثير من شخصياتك المفضلة. قصص عن الحب، الشهوة، الحرب والأساطير. عن ملوك، آلهة، محاربات الدّرع، وأبطال. بتمنى نتسلّى باني ضمّن أكبر قدر ممكن من ثقافة الفايكينغ. ويكون في شخصيات للقراء كبعض المخلوقات يلّي بتتربص بالأساطير القديمة. فبتمنى تستمتع، وتحس حالك جزء من هيدا العالم.
      
      --------
      
      
      إيفار (بلا عظم)
      
      بعرف إنو لازم بلّش بـراغنار؛ بس كان لازم جبلك هيدا المقطع لشخصيتي المفضّلة أول شي. بتمنى يعجبك.
      
      كان شايفُن بساحات المعارك قبل. وهلّق عم بيشوفُن بساحة المعركة؛ "مُختاري القتلى"، لابسين دروعُن يلّي بتلمع، سيف بإيد، وترس بالإيد التانية. عم يفتشوا عن يلّي سقطوا ويلّي انعتبروا بيستاهلوا يقعدوا حدّ أودين. الـآينهيريار يلّي رح يحاربوا مع "الأب الكُل" والباقيين، لمّا يجي راغناروك، ولمّا فينرير ابن الإله لوكي يتحرّر من قيودو ويهجم عليهُن.
      
      بس كان في وحدة عم يفتّش عليها. وحدة كان يتمنّى تجي تاخدو لمّا يعمل يلّي لازم يعملو ليخلّي هفيتسرك عايش؛ وهيدي كانت الفالكيري تبعو. الـ(اسمك/اسمكِ) تبعو.
      
      صحيح إنو كل وحدة من الـفالكيريات كانت حلوة. أحلى وأكمل من أي إمرأة شافها بحياتو. بس بعيونو، الـ(اسمك/اسمكِ) كانت أحلاهن كلّن.
      
      شافها أول مرة لمّا كان ولد صغير. عيونو وساع لمّا كان يلقطها عم تطلع فيه. كانت تحط أصابعها ع شفايفها، لمّا يكون بدو يخبر التانيين، يخبر إخواتو عن الإمرأة الحلوة يلّي قاعدة مش بعيد. إيفار بيتذكّر كيف هزّ راسو وحط إصبعو ع شفايفو. ضحكتها كانت تخلّيه يحسّ بالسعادة، يحسّ بالأمان. مع إنو خبر إمو عنها، أسلاوغ بس ابتسمت لحالها، قبل ما تقلو إنها شافتها بالمنام. وإنها فالكيري، انبعتت لتعتني فيه، لتحميه. إيفار الصغير صار مبسوط ليشوفها، مشتاق يشوفها. ما كان يحس بالهدوء إلّا لمّا تظهر حدّ تختو وتحكيه. لمّا تحكيلو قصص عن أسكارد، فالهالا، والآلهة.
      
      كل ما كبر، ضلّ يشوفها، مع إنو ما كان يذكُر شي عنها، متأكد إنو إخواتو رح يضّحكوا عليه، وإنو التانيين رح يفكّروه مجنون ليصدّق إنو عندو فالكيري انبعتت من الآلهة لتعتني فيه. هيدا كلو، وغير هيك، كان بدو يخلّيها إلو لحالو، ما بدو يشارِكها مع حدا. ما بدو ياخد هالمجازفة إنو إذا قال شي، الـ(اسمك/اسمكِ) تبعو فجأة ترجع ع أسكارد، وما تنشاف أبداً مرة تانية؛ أو إنها رح تظهر للكل؛ وتصير الـفالكيري مش إلو لحالو بعد.
      
      كانت دايماً موجودة لمّا يكون بحاجتها. قادرة تسيطر ع غضبو، تخفّف الألم برجليّه؛ الشغلة الوحيدة يلّي كان بيقدر يتمسّك فيها، بيقدر يوثق فيها عن جد. المرة الوحيدة يلّي كان قاسي عليها، كانت لمّا صارت الحادثة بينو وبين مارغريت. لمّا ما قدر يعمل يلّي لازم يعملو الرجل. صرخ عليها لمّا ظهرت. الـفالكيري حطّت إيدها ع كتفو، بس انزاحت. إيفار طالب يعرف ليش الآلهة عملوا فيه هيك. ليش إنو خلاّص مش كافي إنو صار مشلول؛ ليش لازم ياخدوا منّو القدرة ليكون رجل حقيقي. يشبع إمرأة، وحتى ينجب أولاد. دموع عم تنزل ع خدودو، لمّا طلع فيها. إيفار وقع بحضنها وصار يمزّق فستانها بأظافرو، عم يتوسّل ليعرف السبب. يتوسّل ليعرف ليش الآلهة خلوه ناقص، لمّا حتى سيغورد بيقدر يستمتع بالنسوان. بيقدر يستمتع بـمارغريت. دموعو، غضبو ما خفّوا إلّا لمّا نامت معو ع التخت، أصابعها عم تسرح بشعرو. صوتها الناعم، لمّا ضمّتو لصدرها، شوي شوي خلّتو ينام نوم عميق، وهي عم تشرحلو إنو لو كان كامل، كان رح يكون خطير كتير. وإنو الآلهة خلقوه متل ما هو، ليحافظوا ع سلامة التانيين؛ مشان ما يصير قوي كتير. بس وعدتو إنو لمّا يجي الوقت المناسب، رح يعرف شو يعني عن جد يكون عندو إمرأة. إمرأة ما رح يضطر يشاركها مع حدا تاني. رح تكون إلو إلو لحالو للنهاية. إيفار متأكد إنو الإمرأة الحلوة، قصدها هي. وإنو بغضّ النظر عن شو ممكن يصير بهالعالم، شو ممكن يعاني، لمّا يوصل لنهايتو، مكافأتو رح تكون كرسي بقاعات فالهالا، وفالكيري إلو لحالو. هالفكرة، هالأمل، هلّق عم يدفع إيفار يلّي بيبدو غير قابل للتدمير، ليواجه مصيرو.
      
      القتال كان بعدو مشتعل حواليه. إيفار شدّ حيلو قبل ما يطلق زئير ويضرب سيفو بصدرو.
      
      "أنا إيفار بلا عظم!" صرخ فوق أصوات الموت.
      
      "بتعرفوا مين أنا! بتعرفوا إنكن ما فيكن تقتلوني! مهما حاولتوا! لأنو أنا رح عيش للأبد!" كفّى إيفار. مش متأكد إذا كان عم يصرخ ع العدو، أو ع الآلهة. زئيرو، ضحكتو عم تتردد بالساحة الفوضوية. إيفار فجأة حسّ بـالفالكيري تبعو معو، وصارت طعنات سيفو متل طعنات الرجال والنسوان حواليه.
      
      "خايفين من الموت؟ لأ!" نادى، سيفو مرة تانية ضرب صدرو بإشارة تحدّي.
      
      "مش ناويين نموت بتختنا كرجال عجايز، بل نتغدّى مع أحبابنا بـفالهالا!" كفّى، المحارب زأر مرة تانية، قبل ما يلتفت ويشوف شب صغير خايف واقف قدامو وعيونو وساع، إيفار متأكد إنو الشاب خاف لدرجة انو تبوّل ع حالو، لأنو كان عم يرجف. الخنجر يلّي كان بإيدو، مبين وكأنو بأي لحظة رح يوقع بالأرض المليانة دم تحت رجليهن.
      
      "لا تخاف." قال إيفار للرجال بابتسامة، وهو عم يشوف فوق كتف عدوّه، فالكيري؛ الفالكيري تبعو، لابسة أحلى دروعها، عم تمد إيدها إلو. الرجل، تردّد للحظة، قبل ما يغرس نصلو بالفايكينغ، مرة بعد مرة. إيفار واقف للحظة، الدم عم ينسكب من تمّو قبل ما يلتفت ليطلع بـهفيتسرك. كلمة "أخ" تركت شفاهن، قبل ما تنكسر رجلَي إيفار ويسقط بالوحل. هفيتسرك ركض لجنب إيفار، بينما (اسمك/اسمكِ) واقفة فوقهن التنين. أعداؤه طلبوا يوقفوا القتال، لمّا إيفار العظيم "بلا عظم" كان بحضن أخوه، الدموع عم تطلع بعيونو.
      
      "أنا خايف." بكى إيفار، بينما (اسمك/اسمكِ) طلعت فيه.
      
      "ما في داعي تكون هلّقد.........." قالت (اسمك/اسمكِ)، قبل ما هفيتسرك أكّدلو إنو ما حدا رح ينسى إيفار "بلا عظم".
      
      "أنت رح تقعد بحدّ "الأب الكُل" يا إيفار. لتكون واحد من أعظم محاربيه. وأنت وأنا أخيراً رح نقدر نكون سوا." كفّت الـفالكيري. مرة تانية مدّت إيدها إلو ليقبض عليها. إيفار حسّ حالو عم يمد إيدو، وهو عم ياخد آخر نفس إلو بهالعالم.
      
      "تعال، فالهالا ناطرة، يا حبيبي." خبرتو الـفالكيري، بينما هنّي التنين وقفوا للحظة فوق جثتو وهفيتسرك. إيفار ابتسم، وهو قرب ليقبّلها، قبل ما مسك إيدها، وخلّاها تقودو للحياة التانية.
      
      

      بداية جديدة - الفصل الثاني من روايه (بيت أحمد)

      بداية جديدة

      2025, سلمى إمام

      اجتماعية

      مجانا

      سيلا اللي بتحاول تهرب من ماضيها مع أهلها وخصوصًا أمها بعد ٨ سنين من الخصام، بس بنت خالتها جيجي بتحاول تقنعها إنها تواجههم. في نفس الوقت، بنشوف أحمد، صاحب سيلا، وهو بيقفل شغله وبيقابل زبونة اسمها رافن بتجيله من غير ميعاد عشان تشتري جزمة، ورافن بتحاول تغازله بشكل واضح. الفصل بيظهر التوتر بين سيلا وماضيها، والمواقف اليومية اللي بيواجهها أحمد في شغله.

      سيلا

      ليها علاقة قوية بصاحبها أحمد. بتظهر إنها لسه متأثرة بالماضي ومش عايزة تواجهه، وده اللي بتشوفه بنت خالتها جيجي.

      جيجي

      بنت خالة سيلا وصاحبتها المقربة. بتهتم بسيلا وبتخاف عليها، وعايزة تشوفها تتصالح مع أهلها عشان تعرف تعيش حياتها من غير الأعباء دي. شخصيتها واضحة وصريحة وبتدفع سيلا إنها تواجه مشاكلها.

      أحمد

      صاحب سيلا المقرب، وشغال في تجارة الجزم البراندات. واضح إنه بيهتم بسيلا جدًا وعايز يشوفها ناجحة وسعيدة. شخصيته قوية وواثق في نفسه، وبيعرف يتعامل مع المواقف المختلفة، سواء كان في الشغل أو مع أصحابه. كمان بيظهر إنه حذر وبيشيل سلاح.
      تم نسخ الرابط
      روايه بيت أحمد

      سيلا 
      
      رفعت رجلي على الكنبة، كانت الساعة دلوقتي واحدة الضهر وكنت لسه بالبيجامة. كنت بقلّب في سوق الأسهم، بحاول أشوف لو عايزة أدخل في صفقة تسلا دي. بنت عمتي، جيجي، كانت قاعدة جنبي ساندة ضهرها على الكنبة، بتقلب في تليفونها كإنها مش فارق معاها أي حاجة في الدنيا. "هتروحي الشغل النهاردة؟" جيجي سألت. هزيت راسي. "لأ، أحمد قالي متقلقيش متجيش." "يا حظك يا بختك. وأنا متأكدة إنه لسه بيدفعلك، مش كده؟" ضحكت وابتسمت بخبث. "وأكيد" قلت بصوت واطي. جيجي هزت راسها. "إنتي اللي حظك حلو يا بت." في نفس اللحظة، تليفون جيجي رن. بصيت شفت إن الاسم اللي ظاهر "ماما". طبقت شفايفي. جيجي لاحظت إني متضايقة وقامت، ودخلت أوضة نوم الضيوف عشان ترد على المكالمة. كملت اللي كنت بعمله على تليفوني لحد ما أحمد بعتلي رسالة. أحسن واحد ❤️ يا عايزة تاكلي رامن النهاردة بالليل لما أخلص شغل؟ ابتسمت لرسالة أحمد، إحنا دايمًا بنروح مطعم الرامن المفضل بتاعنا كام مرة في الشهر. صوابعي فضلت متعلقة فوق التليفون وكنت لسه هرد لحد ما جيجي رجعت أوضة المعيشة. "سيلا،" قالت وصوتها كان جاد شوية زيادة عن اللزوم. "ها؟" بصيتلها، ورفعت حاجب. "عايزة أقولك على حاجة، بس متزعليش،" جيجي قالت وهي بتعض شفايفها بتوتر. بصيتلها من تحت لفوق. "بصي يا جي، إنتي عارفة إني مقدرش أوعدك بحاجة، بس إيه الموضوع؟" خدت نفس عميق قبل ما تقول بسرعة، "ماما قالت إن طنط رشيدة جاية عشا عيد الشكر." "استني استني!" ضحكت، ونزلت تليفوني على طول. "جيجي، بطّئي شوية يا شيخة! ابدئي من الأول." قلبت عينيها وتنهدت، وبعدين قالت تاني، المرة دي أبطأ، "ماما قالت إن طنط رشيدة جاية عشا عيد الشكر..." "أه," رديت، ومعدتي وجعتني شوية. "طب، يبقى أنا مش هروح." قبل ما أمد إيدي على تليفوني حتى، جيجي خطفته من إيدي، وسابتني قاعدة وبقي مفتوح من الصدمة. "سيلا لاااا. لازم تروحي. يعني دي مامتك... ممكن أقول حاجة؟" جيجي سألت بتردد. "جيجي أنا مش فارق معايا مين هي—" بدأت قبل ما أوقف نفسي. كنت قايلة لنفسي إني مش هزعل نفسي في موضوع أهلي، ناهيك عن أمي. كنت بس بحاول أسيب كل اللي حصل من 8 سنين في الماضي. "إيه اللي عايزة تقوليه يا جيجي؟" قلت وأنا بهدي نفسي. "سيلا بقالنا 8 سنين، مش بحب أشوفك عايشة في العشرينات من غير أهلك. أنا بهتم بيكي أوي. مش شايفة إن جه الوقت تقعدي تتكلمي معاهم؟ أو على الأقل معاها هي بس؟" بصيت لجيجي، والكلام بدأ ياثر فيا، بس قلبي كان بيجري بسرعة خلاص. مكنتش عايزة أروح هناك، مش النهاردة. مش لما كنت لسه يا دوبك حاسة إني ماسكة زمام حياتي. بس جيجي كان عندها حق. الألم كان دايمًا موجود، بيطوف تحت السطح – خصوصًا لما كنت بشوف ناس عندهم الترابط العائلي ده، اللي مش لازم يستخبوا أو يهربوا من ماضيهم. "أنا مش مستعدة للمحادثة دي لسه يا جيجي،" قلت بهدوء، بحاول أخلي صوتي ثابت. "بقالنا تمن سنين، زي ما قلتي. أنا كويسة." جيجي تنهدت، ورجعت قعدت جنبي، صوتها بقى ألطف دلوقتي. "أنا عارفة إنك كويسة، بس مش لازم تشيلي ده لوحدك. مامتك... دي مامتك يا سيلا. لسه عيلتك. حتى لو عشان تصفي الأجواء بس، فاهمة؟" سندت ضهري على الكنبة، وطبقت دراعاتي على صدري. مكنتش عايزة أعترف بده، بس جيجي كان عندها حق. الفراغ اللي سابه أهلي ده كان حاجة مقدرتش أتجاهلها تاني. بس الغضب اللي كان عندي... الخيانة—كان لسه بيحرق جوايا. حقيقة إنهم طردوني وأنا عندي ستاشر سنة بسبب غلطة—من غير حتى ما يتكلموا أو يحاولوا يفهموا إيه اللي كنت بمر بيه—كانت زي الجرح اللي عمره ما هيخف. مكنتش حاجة أقدر أتجاهلها، مهما حاولت. "معرفش لو أقدر أستحمل ده يا جيجي،" همست أخيرًا. "لو كان الموضوع مهم بجد، كانوا هما اللي هيكلموني. التليفون بيكلم من ناحيتين." جيجي مدت إيديها وحطتها على إيدي. "عارفة إن الموضوع مش سهل، بس ساعات بنضطر نواجه حاجات عشان نقدر نكمل حياتنا يا سيلا. إنتي مش البنت الصغيرة الخايفة دي تاني. إنتي ست دلوقتي." مكنتش قادرة أتكلم للحظة، وزن كلامها كان بيغرق جوايا. يا ترى جيجي عندها حق؟ يا ترى جه الوقت عشان أواجه الجزء ده من ماضيي؟ بس مكنتش متأكدة لو أنا مستعدة أفتح الجروح القديمة دي. مش دلوقتي. مش مع كل حاجة بنيتها. "هفكر في الموضوع،" قلت بهدوء، بحاول أدفع الغصة اللي تكونت في حلقي. "بس مقدرش أوعدك بحاجة." بعد 30 دقيقة "يعني مش بتشوفيني ببعتلك رسايل؟ آه استنى لأ، إنتي بتشوفيني ببعتلك رسايل. إنتي أكيد نسيتي إنك فاتحة خاصية الـ 'seen'" صوت أحمد وصلني أول ما رديت على التليفون، صوته عميق ومليان غيظ. قلبت عيني، وبعدت التليفون شوية قبل ما أرجعه ودني. "يا عم، كنت مشغولة. عايز إيه؟" "مشغولة بإيه؟ إنتي مروحتيش الشغل النهاردة أصلاً،" رد عليا، صوته مليان غيظ مصطنع. ابتسمت بخبث، وغرقت أكتر في الكنبة. "كنت بتكلم مع جيجي يا أحمد. أسفي الشديد على إهمالك." أطلق تنهيدة درامية. "يا بت إنتي هزارك كتير. المهم، أنا عايز أشوف لو عايزة ناكل رامن النهاردة بالليل. عندهم كاريوكي أو أي حاجة تانية، قلت ممكن تحبي تروحي." قعدت، وضحكت. "كاريوكي؟ من امتى بتحب الكاريوكي؟" "من ولا مرة." قال، صوته سلس وبيغيظ. "بس إنتي بتحبي الحاجات دي، فأنا مستعد أضحي عشان المصلحة العامة." "اخرس،" قلت، وأنا ببتسم بالفعل. "هتيجي امتى؟" "كمان عشرين دقيقة. كوني جاهزة—وخدي معاكي شنطة." ابتسمت بخبث وهزيت راسي. "ماشي. ابعتلي رسالة لما توصل." "تمام، اتفقنا. بحبك." قال قبل ما يقفل المكالمة. ------ أحمد
      كنت قاعد في مطبخ شغلي، بلم حاجتي عشان أروح عند سيلا. كان لازم أكلم سيلا بخصوص إنها مش بترد على رسايلي. الرامن ده أكلتنا المفضلة إحنا الاتنين. مكنتش شفتها بقالي يومين، وكنت عايز أقضي وقت مع أعز أصحابي. أنا اديتها إجازة النهاردة بما إنها قالتلي إمبارح إنها ناوية تعمل فلوس كويسة من أسهم تسلا النهاردة. دايمًا طبعًا عايز أشوف أعز أصحابي يكسبوا. دخلت اللابتوب بتاعي في الشنطة وخلصت لم حاجتي لحد ما سمعت خبط على الباب. "إيه القرف ده؟" تمتمت. الناس بتيجي المكان ده بميعاد بس، فكون حد هنا دلوقتي ده كان حاجة غريبة. مسكت المسدس بتاعي اللي كان في جيب السويت شيرت، وحطيت عيني على عين الباب. كشرت وشي باستغراب لما شفتها البنت اللي جت مع دري اليومين اللي فاتوا. "إيه اللي بتعمله هنا دي..." تمتمت تحت أنفاسي قبل ما أفتح الباب. فتحت الباب وكانت واقفة بوش متوتر. مكنتش بصيتلها كويس قبل كده، كانت بنت حلوة. "إيه الأخبار؟" سلمت عليها. "أهلاً... أنا آسفة.. أنا عارفة إني كنت محتاجة ميعاد بس أنا خارجة عيد ميلاد أختي النهاردة وكنت محتاجة جزمة بجد. هدفع زيادة؟" قالت وهي بتميل راسها وبتبتسم. "لأ، مفيش مشكلة." ابتسمت لها ووسعتلها الطريق عشان تدخل. "طيب بتدوري على إيه؟" سألتها. "آه، أنا عايزة كوتشيات بوتيجا الجديدة، عندك منهم بينك؟" سألت. هزيت راسي. "طبعًا." رحت على الحيطة اللي كنت حاطط عليها كل الجزم البراندات. وأنا بقلب في علب الجزم، أدركت إني معرفش مقاس جزمتها. "إيه، إيه المقاس اللي محتاجاه... آه..." "مقاس ٨، واسمي رافن" ردت. مسكت علبة الجزمة مقاس ٨ وحطيتها على جزيرة المطبخ. "ماشي تمام. مقاس ٨، رافن. أنا أحمد بالمناسبة." ابتسمت. "تشرفت بمعرفتك. حبيبتك هنا؟" سألت وهي بدأت تبص حواليها. كشرت حواجبي باستغراب، لحد ما افتكرت المقابلة اللي كانت بينا آخر مرة كانت هنا. "آه سيلا، لأ دي أعز أصحابي. أنا بس قلت إنها حبيبتي عشان الواد دري ده دايمًا بيحاول يتصاحب عليها، مكنتش أقدر أسيب حاجة زي دي تحصل." قلت. رافن ضحكت. "أه، دري ده مش ولا بد خالص. هو ابن عمي وأنا بحبه وكل حاجة، بس مش بلومك." قالت وهي بتلوح بكتفها. رافن كملت تجرب الكوتشيات. "شكلهم حلو عليا؟" سألت وهي بتلف تبصلي وهي بتبص في المراية. "طبعًا" أكدت لها. "ماشي تمام، عايزةهم." قالت وهي بتبتسم وبترجع الجزم في العلبة. "تمام... هتبقى ٩٩٥ دولار، هتدفعي إزاي النهاردة؟" سألت. "ممكن أدفع بـ Zelle (زيلي)." ردت. هزيت راسي وتبادلنا معلومات الـ Zelle. "ماشي تمام، وصلتني. متشكر إنك اشتريتي من عندي." قلت وأنا بمدلها الشنطة. رافن زحلقت الشنطة على كتفها. "شكرًا يا أحمد. إنت وسيم أوي بالمناسبة." ابتسمت بخبث، ولحست شفايفي من كتر العادة. "متشكر ليكي. إنتي قمر بالمناسبة." ابتسمت، وثقتها كانت واضحة وهي بتقرب شوية. "طيب، عندك كارت بيزنس أو حاجة؟ ممكن أحتاج أشتري منك تاني قريب." "لأ، أنا مش بتعامل بالكروت، بس ممكن أديكي رقمي لو مفيش مشكلة،" قلت وأنا بطلع تليفوني تاني. "ده أكيد ينفع،" قالت، صوتها فيه غزل كافي عشان يلفت انتباهي. تبادلنا الأرقام بسرعة، وهي رجعت تليفونها في شنطتها. "شكرًا تاني يا أحمد. هكلمك." هزيت راسي، ابتسامتي الخبيثة لسه موجودة. "ماشي، خلي بالك من نفسك يا رافن." وهي ماشية، مقدرتش أمنع نفسي من إني أضحك لوحدي. دي مكنتش أول مرة زبونة تحاول تتصاحب عليا، بس حاجة في ثقتها كانت مميزة.

      بوابة النور - الفصل الثاني من روايه أرض مصر المدفونة

      بوابة النور

      2025, أحمد هشام

      مغامرات تاريخية

      مجانا

      تدور أحداث الفصل ده في متاهة ضلمة تحت الأرض بعد انهيار أرضي حَبَس فريق الحفر، وفيه بنشوف معاناة هنتر وتيانا وهونجو في اكتشاف المكان. بيكتشفوا باب سري بيؤدي لغرفة بتنور ذاتيًا، وبتظهر فيها مكنة غامضة بتكلمهم بلغة مش معروفة. المكنة دي بتنور المكان وتفتح لهم طريق للنجاة في اللحظة اللي بتوصل فيها تيانا تنادي على هنتر.

      هونجو

      مدير حفريات كيني ذو خبرة كبيرة وشخصية قيادية وهادئة. بيتمتع بغريزة بقاء قوية نتيجة لخبرته العسكرية، وده بيدي له ثقة في المواقف الصعبة. بيقدر جهود هنتر في التواصل وبيفكر بحكمة، وبيبين إنه شخص عملي ومُعتمد عليه.

      تيانا

      زوجة هنتر وزميلته في العمل، وهي عالمة كيمياء ومهندسة عبقرية حاصلة على درجة الدكتوراه. تتميز بدقتها وحرصها الشديد على التفاصيل، وتُعتبر العقل المدبر وراء الكثير من العمليات الفنية والتقنية في البعثة. دائمًا ما تُسعى للتحقق والتأكد من كل شيء قبل البدء في أي عمل

      شنودة

      واحدة من أفراد الطاقم اللي اتصابت إصابة خطيرة (كسر في الرجل) وده بيبرز مدى خطورة الوضع وبيزيد من التحديات اللي بتواجه المجموعة.
      تم نسخ الرابط
      أرض مصر المدفونة

      صحى هنتر وهو حاسس بوجع. كان عارف إن عنده كدمات وخربيش وجروح، بس كان بيسأل نفسه لو يقدر يزود عليهم كسور في العضم، نزيف داخلي، أو شد عضلي وخلع في المفاصل. سَنَد على إيديه ورجليه بالعافية وفتح عينيه. على الأقل قدر يعمل كده. حس براحة بسيطة لما فهم إن تحريك أطرافه معناه إن الوقعة مسببتلوش شلل. مشافش حاجة. استنى بصبر لحد ما عينيه اتعودت على الضلمة. فكر إنه ينده، بس الوجع الشديد في راسه منعه إنه يحاول. الاستنى مكنش بيعمل حاجة. ولا شعاع نور واحد دخل الفراغ اللي هو فيه.
      
      تيانا كان عندها تجربة مشابهة، بس هي مقدرتش تقف على إيديها ورجليها. رجلها الشمال كانت محشورة بين صخرة وحتة من معدات الحفر، ومقدرتش تتحرك. مكنتش فاكرة أي حاجة عن الوقعة غير إن حياتها عدت قدام عينيها بسرعة. الدوخة اللي حست بيها لما الجاذبية اختفت رجعتها لطفولتها.
      
      فاكرة لما كانت بتعمل الفطار لأختها الصغيرة، جيني، وأمها نايمة على الكنبة بتفوق من سكرة. فاكرة لما استخدمت شيك مصاريف الكلية عشان تخرج أمها من السجن لما اتقبض عليها وهي سايقة سكرانة. فاكرة الدكتورة فيونا كريسويل، أستاذة الكيميا المتقدمة والموجهة بتاعتها، وهي بتديها مكان تعيش فيه، وتشغلها مساعدة أستاذ، وبعدين لقت لها شغل بعد التخرج في شركة بتصنع نكهات صناعية.
      
      مع الوقت، تيانا لقت نفسها في أكاديمية هايدلبرغ للعلوم بتعمل تحديد عمر الكربون المشع زي ما كانت بتعمل مع الموجهة بتاعتها. وهناك، وهي بتحدد عمر الاكتشافات الأثرية، قابلت الراجل اللي غير حياتها.
      
      لما تيانا فاقت، سمعت الراجل ده بينادي اسمها، "تيانا!" "تياااااااانا!"
      
      "أنا هنا يا حبيبي." "أه، هنتر، أنا هنا." تيانا همست بصوت واطي وهي بتحاول تخفي الوجع من صوتها. حست بصوابع على رجلها.
      
      "تيانا، تيانا، دي انتي؟" هنتر قال.
      
      تيانا اتكلمت، "أيوه، أنا. أنا محشورة. أعتقد إن فيه عمود ساند على رجلي. مفيش ضغط على الرجل ومش بتوجع أوي، فاعتقد إني مش متصابة إصابة خطيرة. ممكن تشيل أي حاجة من على رجلي؟"
      
      "هممم! لا، مش أظن." هنتر رد وهو بيوطي ركبتيه لتحت أوي، ومسك العمود، ورفعه بكل قوته. "فين هونجو لما نحتاجه؟"
      
      صوت كيني عميق اتكلم، "أنا هنا يا بوانا." هونجو بدأ يدي أوامر غريزياً، "معظمنا بخير. جيب، حاج، أندوِيل، تعالوا ساعدونا نرفع."
      
      الخمس رجالة حسوا بإيديهم عمياني عشان يمسكوا في العمود التقيل. أول ما كل واحد مسك مسكة قوية، هونجو بدأ يعد، "موجا، مبيل، تاتو، ارفعوا!"
      
      كله كح وهو بيرفع العمود. العمود موصلش عدل لفوق. كان متشابك في الصخور اللي كسرت وقعته. بعد ما هزوا العمود، اتحرك لفوق. تيانا تَنِت ركبتها وزقِت لورا براحة إيديها. أخدت نفس عميق من الراحة لما حست إن رجلها بتتحرك بحرية في الفتحة وتطلعلها الحرية.
      
      "شكراً ليكم كلكم. أنا حرة." قالت.
      
      فجأة هنتر باسها. نسوا الضلمة والصمت للحظات وهما بيحضنوا بعض.
      
      هنتر وتيانا وهونجو جمعوا الناس. كان معاهم حوالي خمستاشر راجل. جيب وحاج، المصريين، كانوا كويسين. أندوِيل، التنزاني، كان عنده كام جرح وحش، ربطوها كويس بعلبة إسعافات أولية للطوارئ. باقي الطاقم كان عندهم خبطات وجروح وكدمات، بس، بطريقة شبه إعجازية، مفيش إصابات خطيرة. شنودة أصابها أسوأ إصابة. مقدرتش تقف، ومن لمسهم قدروا يعرفوا إن رجلها ورمت. شبه مؤكد إنها كسرت عظم. استحملت كويس، بس من أنينها، قدروا يعرفوا إنها حاسة بوجع شديد.
      
      بالمشي ببطء وأذرعهم ممدودة، قدروا يحددوا معالم الأوضة. طرف واحد كان فيه كومة من الصخور الطرية والمسامية، نفس الصخور اللي حفروا فيها، ونفس الصخور اللي انهارت تحتيهم. الجانب التاني من الأوضة، المثير للاهتمام، كان فيه شبابيك. الشبابيك كانت متغطية بقضبان معدنية. الجانب اللي فيه الصخر كان باين إنه مايل لفوق، بس الكومة الخشنة كانت شديدة الانحدار ومش ممكن تطلعها.
      
      "باين إننا محبوسين." تيانا قالت وهي بتشاور على الحاجة الواضحة. كانت تقصد تفتح حوار عشان حد يقترح يعملوا إيه.
      
      "إيه اللي باين؟ مش شايف أي حاجة." هنتر رد.
      
      "ضلمة كحل." هونجو ضاف.
      
      "يلا نخبطه." هنتر اقترح.
      
      مقدروش يشوفوا وش هونجو في الضلمة، بس كان باين عليه علامات حيرة.
      
      "آسفة، نخبط إيه يا حبيبي؟" تيانا ردت.
      
      "الحيطة. لو الجهاز لسه متجه غرب ناحية الحيطة دي بالشبابيك المقفولة، يبقى يلا نشغله! مانعرفش إيه ورانا أو إيه على شمالنا أو يميننا، بس عارفين إن فيه حاجة ورا الشبابيك دي. هونجو، هل الجهاز ده لسه ممكن يشتغل؟"
      
      هونجو كان مصدوم. "معرفش يا مستر برايس."
      
      "طيب، يلا نشوف."
      
      هونجو كان عنده عدد من التنزانيين شغالين معاه وكان جايبهم من موقع حفريات أولدوفاي جورج، بس كان بيحاول يضم المصريين للشغل على قد ما يقدر عشان يشجع روح الزمالة. آخر حاجة كان عايز يتعامل معاها هي الخناقات بين العمال المصريين والتنزانيين. جيب وحاج كانوا بينضموا كتير عشان كانوا بيتكلموا إنجليزي مقبول. أندوِيل كان بينضم عشان كان له تاريخ شغل طويل مع هونجو، وكان قوي جسمانياً، ومكنش بيعمل غلطات كتير.
      
      "جيب، حاج، أندوِيل! يلا نروح نبص على الجهاز. هنفحصه ونحاول نشغله." ومع الكلمة دي، الأربعة كانوا بيفتشوا الجهاز عمياني، بيحاولوا يعرفوا إذا كانوا يقدروا يشغلوه تاني.
      
      تيانا انضمت ليهم بسرعة. هنتر ساعد على قد ما قدر.
      
      بعد حوالي ساعة، اتقابلوا. تيانا اتكلمت، "سلامة المكنة مش متأثرة كتير. أعتقد نقدر نشغلها، بس عندنا مشكلة. القبضات بتستخدم جكات هيدروليكية عشان تدفع نفسها من جدران النفق. من غير جدران نفق تدفع نفسها منها، المكنة مش هتتحرك في أي مكان، هتدور بس وتقطع في الهوا."
      
      بعد صمت طويل ومطول، تيانا اتكلمت تاني، "أي أفكار؟"
      
      هنتر اتكلم، "طيب، المكنة على بعد كام متر بس من الحيطة ومتوجهة في الاتجاه الصح. إيه رأيكم لو فكينا رأس القطع وخليناها تقع بعيد عن المكنة على الحيطة؟"
      
      صمت طويل تاني، "ده ممكن ينجح." تيانا قالت بصوت واطي.
      
      "أيوه، ده ممكن ينجح." هونجو ضاف.
      
      "بس مش هتكون بالسهولة دي. رأس القطع مش مربوطة بمسامير، دي متثبتة بمسامير برشام. هنحتاج نحفر كل مسمار برشام. عندنا جهاز حفر هيشتغل، بس هياخد وقت، خصوصاً في الضلمة. وكمان، معندناش حاجة نطلع بيها المسامير دي. هنضطر نحفرها وبعدين نشغل المكنة ونأمل إن المسامير ضعيفة كفاية وإن التروس تهتز كفاية عشان تفكها." تيانا شرحت.
      
      وكملت، "عندنا السندويتشات اللي شنودة جابتها للغدا وعندنا الشاي وعندنا كام جالون مياه. براميل الألومنيوم اللي بيشيلوا فيها المياه والشاي شبه مستحيلة الكسر. للأسف، الإمدادات دي مش هتكفينا كتير. لو هنعمل حاجة، لازم نعملها دلوقتي."
      
      وبكده، كلهم بدأوا يشتغلوا. هونجو وأندوِيل شغلوا الجهاز على المسامير. مكنش عندهم أي إحساس بالوقت في الحفرة الضلمة دي. الضوء الصغير على طرف جهاز هونجو اللي بيشتغل بالبطارية كان بيادوب بينور المسامير.
      
      في نفس الوقت، فوق على السطح، اندلعت أزمة كبيرة. باقي طاقم موقع الحفر رموا كل حاجة واستخدموا كل معدات الحفر اللي عندهم عشان يحفروا بغضب يدوروا على فريق حفر الأنفاق المفقود. المكالمات طلعت في كل حتة في العالم. أهل هنتر الأغنياء عرضوا بسرعة إنهم مش هيوفروا أي مصاريف لأي حد في العالم يقدر يوصل لدهشور، ويحقق في الوضع، ويقدم معلومات عن عمق الدفن، وفرصهم في النجاة، والوقت اللي هياخدوه عشان يطلعوهم، أو إزاي بالظبط يطلعوهم. أعداد كبيرة من خبراء الهندسة حجزوا رحلات طيران في آخر لحظة لدهشور.
      
      مقدرش يعدوا الوقت اللي فات، بس معظم الطاقم كانوا فاكرين إن اليوم خلص. أعضاء الطاقم اللي مكنش عندهم حاجة يعملوها بقوا خايفين أكتر كل ما الوقت بيمشي. سمعوا صوت الجهاز العالي وسمعوا أصوات هونجو وأندوِيل، بس مفيش حاجة تانية. في النهاية، هونجو خلص.
      
      "آخر واحد خلص. أعتقد جه الوقت." هونجو قال لعيلة برايس.
      
      "معرفش لو كل المواتير هتشتغل، بس الموتور الأساسي باين إنه كويس. أتمنى على الأقل موتور التشغيل يشتغل. الأسلاك اللي بتوصل البطارية بمفتاح التشغيل مش اتقطعت، ده كويس على أي حال. نشغله ولا إيه؟" تيانا سألت.
      
      "أيوه." هنتر وهونجو ردوا في نفس الوقت.
      
      "تمام، يلا بينا."
      
      صوت الزنة بتاعة موتور التشغيل ظهر بسرعة قبل ما صوت زئير الموتور الرئيسي يصم الودان ويملى الأوضة. صوت تاني مش منتظم قوي ملأ الأوضة. مسامير البرشام اللي ماسكة رأس القطع في إطار المكنة كانت بتترج في مكانها. بعد شوية، مع صوت تزييق وخبطة، رأس القطع وقعت. خبطت في الحيطة وقطاعات الديسكات بتلف. الجزء العلوي من الحيطة اللي القطاعات لمسته في الأول استسلم في لحظات. الجزء السفلي من الحيطة اتفتت تحت القطاعات ووزن رأس القطع. لما الرأس انفصلت عن باقي مكنة الحفر، القطاعات فقدت طاقتها. فقدان الطاقة مكنش مهم لأن في الوقت اللي القطاعات بطلت تلف، كان فيه فتحة كبيرة اتفتحت في الحيطة. الطاقم كان كل اللي عليه إنه يطفي الموتور، يطلع على الركام، ويمشي الأوضة اللي جنبها.
      
      وهم بيستكشفوا مكانهم الجديد، عرفوا قد إيه هما تعبانين. من غير ما حد يعرف، كان قرب نص الليل. هنتر اتكلم، "فيه سراير هنا. الحتت دي اللي داخلة في الحيطة، هي، أو على الأقل كانت سراير. ده أكيد نوع من الثكنات اللي تحت الأرض."
      
      "أو سراديب." تيانا ردت بقرف.
      
      "مكنتش هقول كده. إيه ده، فيه خربشة على الحيطة هنا، مجرد خطوط خربشة، كلها في صف واحد." هنتر لاحظ.
      
      "ده كان سجن." هونجو قال بصوت واطي. "كانوا بيعدوا وقتهم هنا."
      
      مع معرفة هنتر وتيانا بماضي هونجو العسكري، ومعرفتهم أكتر بإنه مبيحبش يتكلم عنه، فضلوا ساكتين.
      
      في النهاية، هنتر تولى المسؤولية، "بصوا، فيه مساحة كافية لينا كلنا، يلا ننيم شنودة في واحدة من الأماكن الواطية دي وبعدين كل واحد يختار مكان ويحاول ينام." الكل كان تعبان أوي إنه يعترض.
      
      أدوا شنودة جرعة مضاعفة تلات مرات من الأسبرين من علبة الإسعافات الأولية. تيانا وهنتر اختاروا مكان واسع في الحيطة، وناموا لازقين في بعض، وقلعوا قمصانهم وجاكتاتهم وحطوها فوق الجزء العلوي من جسمهم. فضلوا دفيانين بإن جلد صدر هنتر كان ملاصق لجلد ضهر تيانا. محدش نام كويس الليلة دي.
      
      
      
      
      
      
      
      مهربش النوم من هنتر وتيانا، لكنهم استراحوا على فترات متقطعة. حسوا إنهم فضلوا صاحيين طول الليل، بس في الحقيقة كانوا بيغفوا ويصحوا بشكل متقطع. من غير بطاطين أو مخدات، ومع القلق اللي بييجي مع إن الواحد يكون مدفون حي، محدش قدر يدخل في نوم عميق ومنعش.
      
      هونجو هو أول واحد بدأ يتمشى. هنتر قدر يسمع خطواته بتعمل دبدبة خفيفة في المتاهة اللي كانت صامتة تمامًا. الصمت في المتاهة الضلمة اللي زي الفحم كان طاغي ومُرهق لأي محاولة لكسره. هنتر كان فاكر إنه فعلًا بيسمع التراب وهو بيرتفع في الهوا وبينزل تاني على الأرض بين خطوات هونجو.
      
      قام هنتر وهمس لهونجو، "خباري يا أصبوحي؟"
      
      هنتر كان متعود يحيي هونجو باللغة السواحلية عشان يبين اهتمامه بلغة هونجو الأم. هنتر مكنش واخد باله إن لغة هونجو الأم الحقيقية هي لغة قبيلته، الدولو. لغة هونجو التانية كانت السواحلية، ولغته التالتة كانت الإنجليزية. على الرغم من إن كينيا وتنزانيا الاتنين اعتمدوا السواحلية كلغة وطنية، إلا إن عدد قليل جدًا من الناس كانوا بيتكلموها كلغة أساسية. أصلها من شعب البانتو على الجانب الآخر من القارة وببطء شقت طريقها للشرق. السواحلية بقت لغة التجارة بين أفريقيا والعالم العربي، ونتيجة لكده، أكتر من تلت اللغة مشتق من العربية. هونجو كان بيتكلم السواحلية بطلاقة ودرسها كتير في المدرسة، لكنه محسش بأي قرب ليها. ومع ذلك، هو فهم إن هنتر بيحاول يتواصل معاه وقدر المجهود ده.
      
      لكن الصبح ده، هونجو مهتمش بالرسميات؛ رمى المظاهر جانبًا وببساطة رد، "صباح الخير يا هنتر."
      
      "مش كويس أوي، للأسف. بص يا هونجو، ممكن تتمشى معايا؟"
      
      "اتفضل."
      
      مشوا هنتر وهونجو في صمت لبعض الوقت وإيديهم ممدودة، بيتحسسوا طريقهم باستمرار على طول الجدران الحجرية الباردة.
      
      بعد فترة، هنتر اتكلم، "اسمع يا هونجو، احنا في ورطة كبيرة هنا. الكل هيبص لي عشان التوجيهات وأنا، بصراحة، معرفش أقولهم إيه. انت قائد. عندك غريزة البقاء صح؟ من وقتك في الجيش؟ على أي حال، اللي بقوله هو، 'عايز مساعدتك.' الكل بيثق فيك. بص يا هونجو، أنا آسف إن ده حصل، يمكن أنا زودتها زيادة عن اللزوم. أنا هتحمل المسؤولية كاملة لما نطلع من هنا. بس الأول، لازم نطلع."
      
      هونجو اتكلم بنبرته المميزة والمحسوبة، نبرة بتوصل ثقة عالية جدًا، "يا مستر برايس، احنا في ده مع بعض. شكرًا إنك جيت لي. دلوقتي، احنا ببساطة لازم نكون أقوياء وعندنا خطة. معنويات الناس هتنهار غير كده."
      
      خد هنتر نفس عميق وطلعه، "تمام. إيه الخطة؟"
      
      "يا سيدي، أنا خايف. أنا خايف زي أي حد هنا، بس سواء صدقت ولا لأ؛ أنا كنت في مواقف أسوأ." هونجو رد.
      
      "أنا مصدقك." هنتر قال بصراحة.
      
      هنتر كان بيحترم مدير موقع الحفريات بتاعه احترام كبير.
      
      "بخصوص الخطة..." هونجو بدأ.
      
      قاطعه هنتر، "ايه ده؟ حاسس بده؟"
      
      "أيوه، ده بيحس وكإنه... باب."
      
      "أيوه، أعتقد إن ده المقبض هنا." هنتر قال وهو بيمسكه وفتح الباب القديم. الباب اتحرك بسلاسة على مفصلاته المثالية، وآثار الزمن متأثرتش بالباب كتير، لو كانت أثرت أصلًا. دخلوا الأوضة وفضلوا يحركوا إيديهم على الجدران. فجأة، اتجمدوا لما الضلمة بدأت تختفي. أجزاء من الجدران بدأت تلمع. في لحظة، ظهرت خطوط من الضوء البرتقالي الدافئ والناعم. الأوضة بدأت تاخد أشكال وتفاصيل.
      
      "واو..." هنتر تمتم بصوت واطي وهو بيطلع نفس.
      
      "ما أنغو..." هونجو تمتم في نفس الوقت.
      
      الضوء بدأ خافت، بس نور تدريجياً مع اعتياد عينيهم عليه.
      
      "جيوسن، داريجات ماسولي هاد ذا رهيوسيدات." صوت أنثوي لطيف لكن حازم اتكلم.
      
      الصوت كان جاي من كل حتة حواليهم. هونجو وهنتر بصوا يمين وشمال بس مشافوش مصدر للصوت.
      
      هنتر اتكلم، "دي... مكنة؟"
      
      "أنا معرفش اللغة دي." هونجو قال.
      
      فجأة، ظهرت كرة هولوغرافية خضرا زمردية قدامهم. هنتر وهونجو الاتنين بصولها بانبهار، متسمرين في الكرة الخضرا. هنتر افتكر إنها بتلف. غريزياً، مد هنتر إيده عشان يلمسها. هونجو فكر في نفسه إنه لازم يوقف قائده الشجاع، لكن غرابة التجربة كلها خلته متجمد مكانه. لما صوابع هنتر لمست الكرة اتغير لونها من أخضر لبرتقالي. بسرعة، إيد هنتر كلها بقت معلقة جوه الكرة. الكرة الهولوغرافية الخضرا اللي لسه ثابتة نورت هالة برتقالية حوالين كف هنتر وصوابعه.
      
      "إيتامبول زوت فاداتيروف، داريجات تشيور ستات." الصوت اتكلم تاني بنفس النبرة الرتيبة.
      
      في نفس الوقت، ذراع آلي فيها جهاز مقعر في آخرها نزلت من السقف وفضلت معلقة على بعد سنتيمترات بس فوق رأس هنتر. هنتر وهونجو الاتنين كانوا متجمدين مكانهم.
      
      "سترايلاير،" الصوت أمر، دلوقتي بنبرة أهدى، لكن آمرة أكتر. الصوت كان أعطى هنتر أمر. هنتر سمع طقة والصوت اتكلم تاني، المرة دي بنبرة معلوماتية مسطحة. "إدهاميلرير."
      
      الكرة الخضرا اختفت. مكانها، ظهر رمز مألوف عالميًا. الهولوجرام دلوقتي أظهر مستطيل أخضر طويل فارغ ثنائي الأبعاد. جوه المستطيل، شريط أخضر بيملا الفراغ ببطء. هنتر وهونجو بقوا عارفين إن المكنة بتنزل بيانات، أو بتثبت برامج، أو بتعمل تهيئة، أو يمكن بس بتفكر في حاجة. هونجو فكر تاني إنه لازم يعمل حاجة، بس إيه؟ هنتر فضل باصص بانبهار. الشريط اتملى.
      
      الصدمة الأولانية بدأت تختفي وهنتر اتكلم. "ايه رأيك يا هونجو؟"
      
      هونجو هز راسه بس.
      
      "هو الجهاز ده بيقرا أفكاري؟"
      
      تاني، هونجو هز راسه.
      
      "أنا، عارف، كنت هتردد أكتر إني أقعد هنا وأتفرج على الجهاز ده لو مكنتش محبوسين هنا." هنتر كذب؛ هو دايماً كان بيتصرف باندفاع قبل ما يفكر.
      
      هنتر اتعلم، على مر السنين، إنه يهدي نفسه، وإنه ميتسرعش في الكلام، وإنه يفكر في الحاجات بشكل أعمق قبل ما ياخد قرارات. تيانا ساعدته كتير في المجهود ده. ومع ذلك، لما بتتاح الفرصة، جانب هنتر الاندفاعي كان بيسيطر تمامًا على شخصيته. بعد حوالي ربع ساعة، الشريط وصل أخيراً لوجهته.
      
      "أهلاً بيكم يا زوار." الصوت اتكلم.
      
      كتف هنتر وهونجو اتنفضوا لفوق وعينيهم وسعت.
      
      "شكراً." هنتر رد.
      
      "تحبوا الأنوار تكون شغالة؟" الصوت سأل.
      
      "أيوه." المرة دي هنتر وهونجو الاتنين ردوا.
      
      "استمتعوا بـ... المتاهة." بين كلمة "بـ" وكلمة "المتاهة" هنتر قدر يسمع تشويش. وكمان، الشريط الأخضر ظهر تاني لفترة قصيرة. بدأ يملى ببطء، وبعدين اتحرك بسرعة البرق للآخر لما المكنة خلصت تفكيرها واستقرت على "المتاهة" ككلمة مناسبة. الهولوجرام اختفى والأنوار في غرفة الخدمات الصغيرة طفت. لما المغامرين الاتنين دخلوا الأوضة، سابوا الباب موارب ودلوقتي النور كان داخل من الطرقة.
      
      "هنتر! هنتييييييير! فين أنت؟" صوت أنثوي مألوف صرخ.
      
      "يلا بينا، نرجع للطاقم." هنتر قال لهونجو وهم بيتمشوا خارجين من الباب للطرقة المنورة.
      
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء