موصى به لك

الأقسام

الأعلى تقييمًا

    أعمال أصلية (RO)

      الأفضل شهريًا

        Clubistiano Mu

        الأعمال

        الاَراء

        روايه أستحق حبها

        أستحق حبها

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        كائن بيراقب إلويز اللي بيحبها حب امتلاك، وبيحاول يقرب منها بأشكال مختلفة. لما بتدخل إلويز في علاقة مع كاميرون، الكائن ده بيتعذب وبيقرر يتخلص من كاميرون عشان ياخد مكانه. في النهاية، بينجح في ده وبيسكن في جسد كاميرون، لكن بيكتشف إن إلويز خايفة من كاميرون (اللي هو دلوقتي)، وبيصمم يصلح الثقة اللي كاميرون القديم كسرها عشان يحصل على حبها.

        إلويز

        عندها قدرة على التعاطف مع الناس والحيوانات. في البداية كانت سعيدة في علاقتها بكاميرون، لكن مع الوقت بتظهر عليها علامات الحزن والخوف بسبب معاملته ليها. هي شخصية بريئة وواثقة، وده بيخليها عرضة للأذى.

        كاميرون

        خطيب إلويز. في البداية كان لطيف وحنون، لكن مع الوقت بيتحول لشخص غيور ومتملك وبيسيء معاملة إلويز جسدياً ونفسياً. الكائن بيعتبره عائق وبيكرهه بشدة، وبيشوف إنه لا يستحق إلويز.

        السارد

        كائن غريب بيقدر يغير شكله وياخد أشكال مختلفة (بشر وحيوانات). بيحب إلويز بجنون لدرجة التملك، وبيراقبها وبيحاول يقرب منها. بيتعذب لما بتدخل في علاقة مع كاميرون، وبيقرر يتخلص منه عشان ياخد مكانه ويبقى معاها. هو ذكي وملاحظ، بس في نفس الوقت بيعاني من الوحدة والألم، وبيظهر عليه جنون العظمة في حبه.
        تم نسخ الرابط
        روايه أستحق حبها

        بقالها يومين. يومين من آخر مرة شفت فيها كاميرون، حبيبي. يومين من التعافي والشد العصبي.
        
        الكدمات اللي على خدي وكتفي لونها بقى مصفر ودلوقتي مبقتش بتوجعني أوي لما بلمسها. لسه بتعب وأنا بحاول متكلمش عليها لما بغسل سناني أو باخد دش. بس بقدر أتحكم في نفسي.
        
        كاميرون بيعمل كده ساعات، بيختفي يوم يشرب مع أصحابه. عادةً بعد واحدة من نوباته العصبية.
        
        مكنش كده في الأول. كان حنين وطيب، غيور حبتين بس كانت غيرته كيوت قد إيه كان باين عليه بيهتم بيا. بس بعد حوالي سنة من العلاقة، لحظات الغيرة الصغيرة اتحولت لنوبات تملك وعصبية، والحنية الدافية بالبطيء اتحولت للحظات لامبالاة باردة أو، نادرًا، لخبطات بالإيد.
        
        صوت المفتاح في البفل بيخلي قلبي يدق بسرعة. لحظة الاسترخاء الصغيرة بتاعتي اتكسرت.
        
        بجري بسرعة على الطرقة، بوقف نفسي جنب السلم أول ما الباب بيتفتح. خجولة وممتنة، زي ما بيحب بالظبط. "حمدلله على السلامة."
        
        كاميرون مبيدخلش على طول. بيقف في المدخل، بيبصلي وبس.
        
        بتحرك بتوتر، بحاول أقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيقرب مني بسرعة، إيديه بتطلع تمسك دراعي. ريحة الفودكا خفيفة، مش قوية زي العادة خالص.
        
        فيه حاجة غريبة في طريقة بصه ليا، عينيه بتتحرك على وشي كأنه بيحاول يحفظ تعبيرات وشي. عينيه واسعة ومتلخبطة، كأن دي أول مرة يشوفني فيها. مبيتكلمش. بيبص وبس.
        
        هو ممكن يكون سكران قد إيه؟
        
        الصمت بيبدأ يتقل عليا والهوا بيبان كأنه بيتقل، زي بطانية تقيلة بتلف دراعاتي ورجليا. desperate for a positive reaction، أي رد فعل، بتكلم. "وحشتني."
        
        التوتر بيتشال فجأة وابتسامة بتشق وشه. بقاوم رغبتي إني اتنفض لما فجأة بيوطي وبيطبع بوسة على جبيني.
        
        "لما بسمعك بتقولي كده ده بيخليني سعيد" بوسة على خدي، "سعيد أوي" بوسة على الخد التاني، "أوي" وأخيرًا بوسة على طرف مناخيري.
        
        بيتحرك على الجنب وبيحط إيده على ضهري من تحت، بالإيد التانية بيشاور على أوضة المعيشة. إيده دافية. "نخش؟"
        
        مش عارفة إيه اللي جاله، بس مش عايزة أديله أي سبب عشان تجيله نوبة عصبية تانية. عشان كده، بمشي وراه.
        
        النهاردة بالليل كان غريب.
        
        كاميرون حنين زيادة عن اللزوم. هادي زيادة عن اللزوم. تقريبًا زي ما كان في الأول ومع ذلك مش شبهه خالص زي ما كان متعود.
        
        ساعات، بيوترني باختياره للكلمات. بيفضل يهزر إني شكل حلو أوي يتاكل وبيقول على أكلي إنه لذيذ زيي.
        
        دلقت كوكاكولا على ركبته، وهو بس ضحك. قالي يا حلوتي الخايبة وراح المطبخ يمسح نفسه. مفيش صوابع بتترعش ولا علامات غضب. مفيش ضغط في صوته. مفيش علامات تحذير. ده بيوتر.
        
        بشوف حركة بطرف عيني، كأنه بيبتسم. فيه حاجة في وشه مخيفة. عينيه واسعة أوي وسودة. ابتسامة بتشق وشه، بتوصل من شحمة ودنه لشحمة ودنه التانية. بس لما بلف راسي عشان أبص، شكله طبيعي، بيبصلي بابتسامة حنونة ومحبة.
        
        بعد ما غسلنا المواعين سوا، بيشدني أرقص معاه بالراحة في المطبخ على أنغام أغنية 'You've got the Love' اللي كانت شغالة من الراديو. إيديه دافية. لمسته حنونة.
        
        حاسة كأننا في شهر العسل تاني.
        
        جزء مني بيحتفل بالتغيير ده. أخيرًا، شكله بقى كاميرون القديم، اللي وقعت في حبه تاني. بس جزء أصغر (غريب، بس صوته أعلى) مني بيصرخ إن فيه حاجة غلط، فيه حاجة وحشة جاية.
        
        الأسئلة بتتجمع جوايا لحد ما، قبل ما نستعد للنوم على طول، مقدرتش أمسك نفسي إني أمد إيدي على دراع كاميرون. صوابعي يا دوب لمست كم قميصه قبل ما هو يقف.
        
        بيستدير يواجهني بابتسامة واسعة.
        
        "أمم، كاميرون." بفضل العب في طرف توبي. حاسة كأن فيه حاجة بتزن في صدري. "كل حاجة تمام؟"
        
        "طبعًا، يا روحي." بيبعد خصلة شعر من على وشي بالراحة. ابتسامة حنونة ومحبة بتعمل تجاعيد حوالين عينيه الزرقا اللي تقريبًا لونها فضي.
        
        الإدراك فجأة بيصدم قلبي. إحساس بالهبوط، زي حجر وقع في معدتي. كأن الأرض اتفتتت من تحتي، وأنا واقفة على حافة رفيعة فوق الهاوية.
        
        عيون كاميرون لونها بني.
        
        
        
        
        
        
        الجو ساقعة. بشد الجاكت بتاعي أكتر على جسمي. الراجل اللي وشه ده كان متخفي ورا طبقات من التراب والوساخة وهدوم كبيرة أوي، لكنه كان ضعيف وباين عليه مشرد.
        "معلش."
        صوت هادي. بلتفت. فيه إنسان بيبصلي، واقف على بعد خطوتين بالظبط.
        "إحنا بنوزع وجبات." بتلف نص لفة، وبتشاور على مجموعة من الناس اللي بيتكلموا بصوت عالي ومتجمعين حوالين عربية مفتوحة وراها. "عايز واحدة؟"
        بهز راسي. الأكل دايماً حاجة كويسة؛ والأكل المجاني أحسن بكتير.
        ابتسامت.
        بغمض عيني في هالة النور اللي حواليهم، بضيق حدقة عيني لحد ما ملامحها بتوضح. محاطة بنور الشمس، شكلها ملاك.
        هدية إلهية مبعوثة من السما.
        فرصة تانية.
        فرصتي السادسة التالتة التامنة اتنين وخمسين.
        بخلى حركاتي بطيئة، إيدي بتترعش تقريباً، صورة للضعف.
        ابتسامتها بتفضل صبورة ومتفهمة. صوابعي بتلمس صوابعها وأنا باخد الشنطة.
        بحس بصدمة، زي حقنة من الهدوء والأغاني المريحة مباشرة في دمي.
        يا إلهي، قد إيه عقلهم لازم يكون رائع ومفتوح.
        هي مبتتنفضش. مبتشدش إيدها بحركة مفاجئة زي ما كتير عملوا قبل كده لما بيشوفوا الوش ده.
        بسرعة أوي بتلف وشها وتمشي. الاتصال بينقطع قبل ما يتكون.
        باخد نفس عميق. بقبض على الشنطة الورق كأنها الطرف اللي عايز أخطفه. بركز على ريحة الورق والبلاستيك. مش هخطف إيدهم، هسحب إيدي، هكون بطيء.
        الست بتلف وبترجع للناس التانيين. وهي ماشية وجاكتها بيترفرف في الهوا، ريحة مغرية بتخبط في وشي. حلوة أوي.
        جوع قديم ومألوف بيظهر تاني. الوخزة الوهمية لأنيابي بتهدد إنها تشق اللثة بتاعت الوش ده. تمزيق. تقطيع. التهام.
        لا! بقطع الشنطة، وبسيب محتوياتها تقع على حجري. الغطا البلاستيك للساندويتش بيتقطع بأسنان التنكر بتاعتي التخينة. طبقات العيش الهش والجبنة والخص بيتبعوا، بيتزحلقوا من سناني وبتنزل في حلقي. ببلع بشراهة، ومبتعبش نفسي أمضغ. أول ما الساندويتش بيخلص، بيتبعه الموز وكيس الزبادي. في مكان عام زي ده، مبفتكرش أقشر الموز إلا في آخر لحظة. أنا بس محتاج أملى بطني، أوقف الجوع، وأفضل مسيطر على نفسي.
        تمام. حاسس أحسن. أهدى. كويس. يلا نبقى إنسان. ممكن نبقى طبيعيين. أنا ممكن أبقى طبيعي.
        هم بيتحركوا. مجموعة المتطوعين، بيتفرقوا. بميل لقدام شوية، وداني بتتشد لقدام. ركز. أطول الأعصاب، أغير الخلايا. اسمع.
        "إلويز."
        إيه ده؟
        "أشوفك بعدين يا بنتي."
        آه، هي بتبتسم.
        "باي، إلويز."
        ده لازم يكون اسمها.
        بلف الاسم في بوقي، بتذوق حروف العلة وبقلب المقاطع.
        "إلويز." يا له من روعة.
        آه، استنى. هي ماشية. ماشية جنب اتنين من المتطوعين، رايحين في اتجاه وسط البلد، بينما التلاتة المتطوعين التانيين ماشيين في الاتجاه المعاكس أعمق في الحديقة.
        
        هي لسه بتبتسم، ابتسامة صغيرة ومش متأكدة. إيديها مليانة بشنط وجبات. "هنروح فين دلوقتي؟"
        صوتها يبدو لطيفاً أوي. جميل أوي. عايز أسمع أكتر، بس هم بقوا بعيد أوي دلوقتي.
        عايز أعرفهم.
        لازم أعرف أكتر.
        هتابعهم. لشويه صغيرين بس.
        سهل أوي إني ألبس وشوش قديمة. سهل أوي إني أستدعي ذكريات قديمة لعلاقات سابقة عشان أندمج مع الزحمة.
        بس بسرعة أوي، ده بيخلص. مهمتهم بتخلص. كل المتطوعين بيلموا حاجتهم وماشيين. وهي كمان.
        هي بتستخدم ابتسامتين مختلفتين. واحدة بتستخدمها مع الغرباء، هادية وودودة، بس فيها تحفظ. وواحدة بتستخدمها مع الأصدقاء، مشرقة وجميلة، زي نور القمر.
        البشر عندهم ابتسامات كتير أوي.
        عايز أعرف أكتر.
        عايز أعرف روتينها. إيه اللي بتحبه. إيه اللي مبتحبوش.
        عايز أشوف إيه الابتسامة اللي هتديهالحد بتحبه. دموعها. غضبها. شكها. فرحتها.
        ممكن أستمر في متابعتها. أنا اتدربت كتير أوي.
        
        أيام.
        أسابيع.
        شهور.
        
        
        
        
        
        
        بغير الوشوش اللي لبستها كتير قبل كده.
        بيبقى أصعب إني أفضل هادي لما بتتكلم معايا، بس سنين التدريب على إني أحافظ على شكلي هي اللي بتمنعني إني أطلع من الشخصية.
        أنا عارف إن بعض الوشوش دي مش مثالية. الارتباط العقلي بيها مكنش كامل وذكرياتها عمرها ما اتبلعت بالكامل. بس أنا محتاجهم، إلويز بتحب الوشوش دي. الوشوش دي بتاخد هبة الابتسامة، مع تدفق الدم تحت الجلد. الوشوش دي، بتخلي قلبها يدق أسرع. أنا متأكد إني أقدر أصلح أي تناقضات باستخدام ملامح من شكل كامل. ممكن أبقى إنسان.
        أنا اتعلمت كتير أوي.
        إلويز ذكية، ومتعلمة كويس. عندها شهادات فيها دواير بتلمع في الزاوية ومتبروزة على الحيطة بتاعتهم. بتتكلم وتكتب بطلاقة أوي. ممكن أسمعها تتكلم ساعات.
        ساعات، في طريقة تعاملها مع الناس، بحس إن إلويز بتعرف العقل زيي بالظبط. بتقدر تتواصل مع التانيين بسهولة أوي. وهي طيبة. طيبة بشكل رائع.
        مستعدة تسيب مكانها في الأتوبيس لغريب شكله مرهق أوي، الغريب مش لازم يكون كبير في السن أو حامل. مستعدة تقعد وتسمع ساعات لطفل صغير، تطمنه وتوعده إنها هتفضل معاه لحد ما مامته ترجع.
        جميلة أوي.
        مثالية أوي.
        مثالية ليا أوي.
        بس الوحدة بتنضح منها زي النهر المر.
        هي عايشة بعيد عن أهلها. المكالمات التليفونية والزيارات السنوية متقدرش تعوض الوجود المستمر للناس اللي عايشين معاك في نفس البيت.
        أنا مبحبش ريحة العزلة. عايز أحضنها قريبة مني، أملس على شعرها وأنا حاضن جسمها الضعيف قريبة مني، وأشيل عنها الإحساس ده.
        بس ساعات بتبقى غضبانة... حذرة.
        بتزقني بعيد.
        الوش ده مش مثالي.
        أحاول تاني.
        مش مثالي.
        تاني...
        مش صح.
        ...وتاني...
        
        قف! يمكن أنا بتسرع.
        لازم أمشي بالراحة.
        أعرف إلويز بتحب إيه. أكسب ثقتها في شكل مش بيهدد، شكل محبوب. حاجة متقدرش إلا إنها عايزه تحتفظ بيها قريبة منها. وبعدين بالراحة أطور نفسي لشكل إنساني. أيوه. أيوه! ده هينفع.
        
        أنا مبحبش أستخدم أشكال الحيوانات. جلدي بيبقى مشدود أوي، بيخنقني، وبعد وقت طويل بيبقى صعب أتنفس. كل خلية في جسمي بتترعش وبتشد قيود الشكل. بس أشكال الحيوانات مفيدة. المخلوقات الصغيرة اللي ليها عيون كبيرة وفرو ناعم، زي القطط والكلاب والغزلان والتعالب؛ كل الأشكال دي شكلها بتسحر العقل البشري، بتغريهم إنهم يدللوا ويبقوا لطاف ويخفضوا دفاعاتهم.
        الطيور بالذات ممتازة لجمع المعلومات، وكنت هاخد شكل طائر لو قدرت أعرف إزاي أخلي الجناحات تشتغل وشكل الريش يبقى مظبوط.
        مش مهم ده.
        بختار شكل قطة ضالة. بفضل حوالين طريق إلويز المفضل للمشي في نص اليوم، بستنى لحد ما تيجي ماشية بالراحة.
        هي هناك. دي لحظتي. أبدو كيوت. أكون متعالي. أجذب انتباههم.
        هي شافتني.
        آه، هل هي؟ أيوه. هي بتناديني، بتستخدم الصوت الصغير بتاع "شوش" ده وبتعمل حركات إيدها اللطيفة دي.
        لازم أجذبها. الأول، لازم أتصرف بتعالي.
        أبص.
        أبص بعيد.
        أتردد.
        أتردد.
        أستسلم للحركات والصوت.
        أموء بشكل مثير للشفقة وألف حوالين كاحلها.
        أجري بعيد.
        أرجع.
        ده شغال.
        ده إحساس... هي بتلمسني!
        صوابع ناعمة بتمر في فروي. دافيين. يا لها من ابتسامة جميلة. ده نشوة. عايز أكتر!
        المسني. المسني. المسني.
        لا! استنى، من فضلك. مت مشيش لسه.
        ارجعي. من فضلك.
        تمام. ده كويس. هستنى لبكرة.
        الجو هادي أوي. هادي أوي.
        أنا جعان.
        محتاج أتمدد. الشكل ده صغير أوي.
        أغير. أحرر. أشد وأفرد العضلات والأوتار. أتمدد. أحرك العظام. أغير.
        أنا جعان.
        التغيير ده نشوة. طعم الحياة الحلو أحلى.
        ثعلب تاه زيادة عن اللزوم في المدينة. غراب طار واطي أوي. وبعدين عش مليان بحياة جديدة.
        النور بيرجع.
        أغير. أكرر. أمرر الأوتار فوق العظام، أضع طبقة دهون تحت العضلات. أتحرك. أنفخ وأمدد القشور. أغير.
        ده يوم جديد.
        هم رجعوا!
        إلويز! إلويز بتاعتي!
        هي بتبتسم لي. آه، من فضلك، المسني. المسني. المسني.
        
        بقالنا كام أسبوع دلوقتي، استقرينا على روتين مريح. أنا برافق إلويز في مشيتها الصباحية، وهي في المقابل بتديني حنان وبتحكيلي عن يومها.
        هي بدأت تسيب طبق أكل قطط جنب باب الحديقة اللي بنتقابل فيها. يا لها من لفتة رائعة.
        هي بتهتم بيا!
        دايماً سعيدة أوي لما بتشوفني. ده مُرضي أوي، إني أسمع صوتها، إني أعرف إني أنا سبب ابتسامتها.
        الأسبوع اللي فات، إلويز سألتني لو عندي شريحة واتكلمت كتير عن التبني. اضطريت إني أبعد مسافة شوية بعد كده. مكنتش أقدر أخاطر إني أروح لدكتور بيطري، حتى لو ده كان معناه إنها عايزة تاخدني بيتها.
        استنى!؟ هي عايزة تاخدني بيتها!
        أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه. أيوه.
        هبقى كويس أنا أوعدك. خديني بيتك. خديني بيتك معاكي.
        أول ما الشمس بتلمس قمم الشجر، باخد مكاني جنب بوابة الحديقة، مستنيها.
        بياخد مجهود زيادة شوية عشان أوقف فروي من إنه يقف، حاسس بإثارة سائلة بتتردد في دمي.
        ديلي مش طويل أوي صح؟ وداني متناسبة؟ فروي كله نفس الطول؟
        كل حاجة مثالية. كويس.
        هي هناك!
        أهلاً! أهلاً! عاملة إيه! وحشتيني أوي!
        دفء. نور. لمسات حنونة بتجري في فروي وبتحك وداني.
        أنا بحب... أنا بحب... من فضلك، كملي كلامك. احكيلي كل حاجة. من فضلك.
        الشغل كان مرهق. آه يا حبيبتي، متقلقيش، خديني بيتك وأنا أقدر أساعد. آه من فضلك. آه من فضلك. آه من فضلك.
        أيوه! أخيراً، ده وقتها. إحنا ماشيين البيت. هي مقالتش باي أو طردتني ناحية الطبق. ده لازم يكون معناه إنها عايزة آجي بيتها معاها.
        أخيرًا، أنا خطوة واحدة أقرب لحياتنا سوا. أنا عايزهم... أنا عايز...!
        هم بيقفوا. أنا باخد كام خطوة زيادة قبل ما ألف أبصلهم.
        ليه مش بتتحركي؟ هل فيه حاجة غلط؟
        ليه هي مش بتتحرك؟
        هي بتوطي لمستوايا. وشها مكشر. ليه شكلها حزين؟
        "أنا آسفة يا حبيبي الصغير. مقدرش أخدك بيتي. خطيبي عنده حساسية."
        استنى... إيه!
        
        
        
        
        
        
        إلويز لقت حد. راجل. واحد من جنسها.
        كان لازم أدرك ده. مكنش لازم أستنى كل ده. لازم أقطعه حتت، ألتهمه. إزاي يتجرأ يلمس اللي بتاعي. لا! لأ. هم مش بتوعي لسه.
        ركز. بص على ابتسامتها. إلويز مبتسمتليش كده أبداً. لازم أكون سعيد عشانها. لازم أكون طبيعي في الموضوع ده... لازم... لازم أتفرج. لشويه صغيرين بس. أيوه، صح كده. هتفرج دلوقتي، بس عشان أتأكد إنها في أمان.
        يمكن... لو أنا محظوظ. إلويز هتزهق من ده وتسيبه.
        هتيجيلي فرصة تانية.
        وحتى لو مجاتش... يمكن أقدر أخلق واحدة.
        
        اسمه كاميرون، الحقير ناكر الجميل!
        مبيقدرش الهدية اللي ربنا من عليها بيه.
        بقالها سنة وسبع شهور. بالظبط سنة، وسبع شهور، ويومين، و13 ساعة من العذاب.
        في الأول، قدرت أتحمله.
        إلويز كانت سعيدة.
        الألم الوحيد كان بتاعي، بس ابتسامتها، آه ابتسامتها كانت سلوتي. مشياتنا الصباحية في البارك كانت جنتي. قصصها كانت مليانة بحكايات السعادة ولما كنت بفتكر إني مقدرش أستحمل أكتر من كده وأسيبها وأمشي، كانت بتدور عليا، همسات ذهبية زي العسل تسحبني تاني.
        هم عايزيني.
        هي لسه بتهتم. بتبذل مجهود عشان تفضل تشوفني، بالرغم من الروتين الإضافي للتنظيف اللي هتضطر تمر بيه لما ترجع لكاميرون الغالي بتاعها.
        إزاي ممكن محبش الصمود ده... الاستقلالية دي.
        قوتها وفرحتها، ده ألهمني إني أفضل.
        كنت عايز أوي أكشف عن نفسي. عشان أثبت إني أقدر أقدملها كل اللي هو يقدر يقدمه. أو مجرد إني أديها سبب تاخدني بيتها.
        في وقت من الأوقات كدت أسمحلها تمسكني في قفص، الطبيب البيطري هيقدر يأكد إن فروي مش هيسبب حساسية لكاميرون وبعدين تقدر تاخدني بيتها. أي تواصل أحسن من مفيش.
        استعصمت في الوقت المناسب وجريت. مقدرش أتحمل مخاطر غير ضرورية.
        كل يوم كنت بصطاد وأكل وأستناها. بتمتع بلقاءاتنا القصيرة وبستمتع بدفئها.
        روتينا استمر. لحد ما في يوم، بعد سنة من الوجود في طي النسيان، الروتين اتغير.
        بالتدريج، قصصها خدت منعطف غريب، بقت مملة ومفيهاش حياة. يوم بعد يوم، أسبوع بعد أسبوع، الزيارات للبارك بقت أقل. إلويز كانت بتعتذر على التأخير، والأكثر إثارة للقلق، كانت بتبدو إنها بتلاقي صعوبة أكبر في الابتسام. لحد ما في النهاية... هي ببساطة... مبقتش بتيجي تزورني.
        ليه؟ ليه؟ مكنتش كويس كفاية؟ متقدريش تسيبيني دلوقتي!
        حاولت ألاقي طريقة تانية أدخل بيها حياتها. قطة من غير شعر، كلب ضال، تعلب ودود، طائر أبو الحناء بجناح مكسور، كل ده أثبت إنه غطاء صعب أوي؛ خطيبها مبيحبش أي حيوانات شكلها كده.
        بما إني مكنتش مرحب بيا في بيتهم، مقدرتش غير إني أتمشى في المنطقة. بس مقدرتش أعرف كتير غير من لمحات من الشبابيك المقفولة ولقطات متقطعة من المحادثات اللي بسمعها وأنا ماشي بين العربية والباب الأمامي.
        صوت كاميرون كان بيجرح وداني، مليان ضغط وسم. صوت إلويز كان ناعم وبيسرب اعتذارات حزينة.
        كان باين إن سعادتهم الرومانسية اتغيرت للأسوأ.
        
        ده كان لازم يخليني سعيد. فكرة رحيله الوشيك من حياة حبيبتي كان لازم تملاني ببهجة الانتصار والراحة.
        بس محصلش كده.
        بدل كده، حسيت... بسخونة... وغضب. كأن فيه جمرة مولعة في صدري، بتلسع لحمي وبتحرق كل اللي باكله لرماد، عشان كده الجوع مبيخفش مهما حاولت أشبعه. مهما غيرت شكلي أو بصيت جوايا، مقدرتش ألاقي مصدر الألم.
        ومهما استنيت، كاميرون ممشيش. هم مبعتوهوش بعيد.
        بس أنا مقدرش أمشي دلوقتي. لازم أعرف ليه. ليه مش هيمشي؟ ليه مش هيتخلصوا منه؟ ليه مش هيبصولي؟
        كان لازم أعمل تحقيق أعمق. عشان كده، رجعت للطرق الأقدم، اللي اتجربت قبل كده.
        طفل محتاج مساعدة.
        غريب في الأتوبيس.
        كاشير جديد في محلهم المحلي.
        في النهاية، جهودي نجحت. متابعتهم أداني بعض الإجابات. بينما متابعة كاميرون... أداني كام إجابة زيادة.
        عرفت إيه اللي كان غلط.
        عرفت ليه اتغيروا.
        كاميرون.
        هو المسؤول.
        هو بوظها. الشرارة دي قلت. نورها اتخنق بكلمات سامة وأكاذيب مؤذية. القوة اتسحبت من صوتها. جلدها الغالي تشوه ببقايا كدمات زرقا ومصفرة باينة من تحت ياقة أو متخبية بكونسيلر محطوط وحش. هو جرحها. إزاي يتجرأ يجرحها!
        ومع ذلك، هي لسه بتبتسم له. هي لسه عايزاه.
        إلويز مثالية أوي، واثقة أوي، رائعة أوي، طيبة أوي، مسامحة أوي. هو ميستاهلهاش.
        هي لازم تكون بتاعتي. بتاعتي! حبيبتي. إلويز بتاعتي!
        استنى. طبعاً! إزاي مفكرتش في كده قبل كده!
        هي إلهية أوي، بتشتت أوي. كنت منغمس أوي في نشوة إني بتفرج عليها، إني بتكلم معاها، لدرجة إني نسيت... أنا أقدر أمتلكهم.
        أنا أقدر أكون أي حد أنا عايزه.
        بس هي مش عايزة أي حد. هي عايزة كاميرون.
        القذر ده! هو ميستاهلهمش.
        لو كانت بتاعتي، عمري ما كنت هأذيها زي ما هو عمل. إزاي يتجرأ يحاصرها بالأكاذيب وهو حتى مش عايزها.
        بس تمام، عشان أنا عايزها. هخلق الفرصة عشان أخليها بتاعتي.
        أقدر أخد مكانه. هعيد بناءها تاني. أقدر أديها كل اللي هو بيرفض يديهولها.
        أنا أستحق ابتسامتها.
        أنا أستحق حبها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        أنا عايزها.
        الألم في صدري مرحش لسه، بس أنا عارف هو إيه دلوقتي. جوع لأكثر من مجرد غذاء. لأكثر من مجرد دم ونخاع. أنا بتضور جوعاً لألمه، لحياته. هشبع ده. عشان حبيبتي، هشبع.
        
        مقرف قد إيه سهل إني ألف راسه – إني أغريه وأخليه يضل زي ما يكونش عنده هدية إلهية مستنياه في البيت.
        بلف وأعيد تشكيل جسمي لحد ما ألبس وش قاتل متسلسل التهمته من سنين. حلو بس مش لدرجة الازدراء. رشيق وجميل بس مش لدرجة التهديد. جمال وسيم بشكل عام بصوت مريح.
        روتينه ممل أوي... سهل أوي إني أقطعه.
        لقاء "بالصدفة" هنا، اجتماع "بالصدفة" هناك، وبسرعة بنكون بنشرب في بار وبنتبادل الأرقام.
        التمويه ده سطحي، بس هو مش باين عليه مهتم. كاميرون بيتغر بسهولة بكلامي الذكي وتمثيلي للضعف. لازم يكون أعمى، عشان يفكر إن الشكل ده أحلى من شكلها، وميشوفش ورا التمثيل اشمئزازي اللي بالعافية متخفي من لمسته. مش مهم، جهله وغبائه بيخلوا الموضوع أسهل عليا.
        شويه مغازلة بتؤدي لدعوة للرجوع "مكاني" وهو بيمشي برغبته في الفخ بتاعي.
        التكييف مبيشتغلش في العربية المستعملة اللي استأجرتها بالليل؛ بالكاش، مفيش أثر. ريحة أغطية الكراسي البلاستيك متعارضة مع روائح الفودكا، التوت البري، وعينات السوشي اللي اتقدمت في البار. بطوي طبقة من الجلد فوق مناخيري، بسدها من جوه.
        كاميرون باين عليه مش واخد باله من الريحة، مركز أوي في تمثيل أي قصة بيحكيها وبيحاول يمسك فخذي. عايز أقلع إيده.
        بمتنع عن ده، (دلوقتي)، وببقى عيني على الطريق وإيدي على عجلة القيادة.
        
        
        
        
        
        
        فيه مخزن في منطقة صناعية قريبة، مهجور بقاله خمس سنين. سلسلة جرايم قتل نزلت من قيمة العقار، وفضل مهجور ومنسي في آخر شارع مسدود في المنطقة من ساعتها. يافطة "للإيجار" المتربة اللي كانت برا صدت ووقعت ورا شجرة. ده غير البنية التحتية اللي بتصدي وال"أحداث الغريبة" اللي كانت كافية إنها تبعد الأطفال الفضوليين والمستكشفين الحضريين.
        ده المكان المثالي إني احتفظ بكاميرون فيه لحد ما أخلص منه.
        بوقف العربية قبل الرصيف بشوية. ببطل الموتور بلفة قوية ومقصودة للمفتاح.
        الكحول في جسم كاميرون بيبطأ أفكاره وبيخليه يتكلم ببطء. "إحنا فين؟"
        يا لسوء حظه. سكران أوي لدرجة إنه مبيحسش بالخوف. مش مهم، هيفوق قريب.
        "إيه اللي بتعمله ده؟"
        بلف عشان أواجهه، ابتسامة مهددة بتشد جلدي، وأنيابي باينة. هتأكد إن دي آخر كلمات هينطقها.
        الكحول اللي في جسمه بيخلي الكلوروفورم ميعملش مجهود كبير. ضوافره التخينة وركله اللي ملوش لازمة مبيمنعونيش إني أغطي بوقه ومناخيره بالقماشة وأسد مجاري الهواء بتاعته. صرخاته مكتومة تحت مخالبي، وبتضعف مع كل ثانية. لحد ما، مع آخر رعشة مفاجئة، بيسقط في كرسيه، من غير حركة.
        التاكسي حاسس إنه صغير أوي... أو يمكن أنا كبير أوي. أكيد كبرت لما كنت مشتت.
        باخد لحظة أتنفس بعمق.
        أتغير. أتكمش. أسحب الأوتار جوه وأجمع العظام مع بعضها.
        أول ما شكلي بيستقر تاني، بفتح الباب. نسمة الليل منعشة، برد الليل بيساعد على شحذ عقلي ويخليني مركز على المهمة اللي جاية.
        كاميرون مش تقيل بالنسبة لي. لو الأمر كان يرجع لي، كنت سحبته على وشه على الأرض، بس أنا محتاجه سليم إلى حد ما... دلوقتي.
        
        كرسي فولاذ جديد، كلابشات، علبة رباط بلاستيك، وحبل مستنيين في نص أوضة صغيرة شبه دولاب في مؤخرة المخزن.
        بربطه في الكرسي، وبتبع روتين مألوف طلعته من ذكريات الوش ده. كلابشات في الرسغين والكاحلين، وبعدين رباط بلاستيك في تلات نقط في كل الأطراف، وبعدين الحبل حوالين الصدر. أربطه جامد، بس مش جامد أوي. مش فارق معايا لو فقد أطرافه، بس ده هيخلي الأمور أصعب عليا لو جاله غرغرينا أو مات بتسمم الدم. آخر حاجة، بلف حواليه غلاف حراري بلاستيك.
        ده راحة أكتر مما يستحق.
        نفسه مستقر. نبضه مضطرب شوية بس ده متوقع.
        أتغير. أخلع الشكل ده وأتمدد. حكة بتنتشر على أطرافي، بتبدأ تحك قبل ما تهدأ أخيراً. ده بيحصل كل مرة باخد شكلي الحقيقي تاني، لما الأوردة اللي مش مقيدة بتتملي بتدفق دم جديد. بهز وأخبط رجلي وأفرد مخالبي.
        ممكن أستغنى عن أي إلهاءات وأنا بأكل.
        الأوضة حاسة إنها صغيرة أوي ولازم أدفع الكرسي لقدام عشان أقدر أقعد ورا كاميرون براحة.
        بميل راسه لقدام، ساند جبينه بكف إيد واحدة وساند نفسي على الأرض بالإيد التانية. راسه صغيرة في كفي. هيكون سهل أوي إني أقبض على إيدي وأحس بالدفء بيتسرب بين مخالبي. مش دلوقتي.
        بوّطي وبحط بوقي حوالين رقبته من ورا؛ الأنياب بتلمس تحت مفصل الجمجمة بالظبط. فوق حزمة أعصاب حيوية موجودة في العمود الفقري بالظبط.
        ريحته وحشة، لو مكنتش بقدر أقفل حاسة الشم عندي كنت غسلته الأول.
        أتمنى طعمه يكون أحسن من ريحته.
        بمد أنيابي الداخلية. الأسنان الرفيعة زي الإبرة بتتمد من سقف بوقي.
        بعض تحت مفصل العمود الفقري والجمجمة بالظبط.
        ذكرياته بتغمر حواسي.
        باكل.
        
        هي دي اللحظة. مش مصدق إن ده بيحصل أخيراً. باخد لحظة أستمتع بيها، راسي موطية تحت الباب زي راجل بيقدم احترام عند مذبح. بجهز نفسي ذهنياً لأول نظرة حقيقية ليا جوه عش إلويز.
        بحاول أحط المفتاح في البفل بالمقلوب في الأول. الذكريات اللي خدتها النهاردة لسه محتاجة وقت عشان تستقر، عشان تتهضم. بنجح في النهاية، وداني بتتشد مع صوت قفل البفل.
        أخيراً.
        الباب بيتفتح وأنا بتجمد.
        هي هنا. مستنية. واقفة في أسفل السلم، ساندة على الدرابزين في وضع مفتوح مغري.
        هي بتبصلي وبتتبسم. هي ابتسامة صغيرة، بس ابتسامة برضه.
        فضلي بصيلي. فضلي بصيلي. فضلي بصيلي.
        عايز أقرب. فبتحرك.
        هي صغيرة أوي. مثالية أوي. ناعمة أوي تحت مخالبي. أقدر أحس بنبض قلبها. أشم ريحتها، الرائحة اللطيفة بتغيم على حواسي. ده مسكر.
        أخيراً هي في إيدي. فليه هي مش حاسة بنفس الإحساس. فيه حاجة ناقصة في الاتصال.
        باين عليها قلقانة. هل عملت حاجة غلط؟ هل شكلي غلط؟ بحول عقلي لجوه. براجع كل تفاصيل الشكل ده. أنا متأكد إني نسخته بالظبط، إيه الغلط. إيه الغلط. إيه الغلط! إيه الغلط!
        
        "وحشتني."
        هم اتكلموا. آه، صوتهم جميل أوي، لطيف أوي، كيوت أوي، وجميل، وبقوا بتوعي دلوقتي. استنى، إيه اللي قالوه؟
        باخد ثانية أفكّر في كلامهم.
        هم وحشتهم؟ هم وحشتهم! لأ، هم وحشهم كاميرون، بس أنا كاميرون دلوقتي فده معناه إنهم وحشهم هو/أنا. هم وحشوني!
        أنا محتاجهم. أنا عايز...
        بكتفي ببوسة على الجبين. كدت أقع في نعومتهم، وبلاقي نفسي محتاج أكتر.
        "لما بسمعك بتقولي كده، ده بيخليني سعيد أوي،" بحط بوسة على خدها، "أوي،" بوسة على الخد التاني، "سعيد،" أخيراً، بوسة على طرف مناخيرها.
        الدفء. الصوت الصغير اللطيف اللي بيخرج منها. بحب كل ده. عايز أكتر. أكتر! صبر!
        الطرقة ساقعة؛ درجة الحرارة أقل من المثالية للبشر. مقدرش أخليها تاخد برد.
        بلف وبحط إيدي على ظهرها من تحت. "نخش؟"
        رعشة الانكماش بتتردد تحت كفي، اهتزاز خفي لعضلاتها صغير أوي لدرجة إن الإنسان الطبيعي مياخدش باله منه. بعدين بتتحرك معايا، بتبتدي من غير شكوى أو حتى تغيير بسيط في التوتر. جميلة ومطيعة أوي.
        مطيعة زيادة عن اللزوم.
        متحمسة زيادة عن اللزوم للإرضاء. نبض الخوف الخفي بيتدفق تحت جلدها.
        ده مش صح.
        أنا شفتها بتلمع قبل كده. سمعت صوتها لما كان قوي، مش مقيد بالخوف. حسيت بعضة غضبها، لمست قوة إيمانها، وسمعت اللحن الجميل المريح لقلبها في أقصى هدوئه.
        من إيه هم خايفين؟ الشكل ده مثالي، فإيه المشكلة؟
        أتحرك. هم يتجمدوا.
        أبتسم. هم يتجمدوا.
        هم بيخافوا... من الإيدين دي... والوش ده؟
        افتكرت دلوقتي. إزاي قدرت أتشتت لدرجة إني أنسى؟
        حتى لو الذكريات محتاجة وقت عشان تستقر، ده مش عذر لنسيان اللي شفته.
        دلوقتي أنا شايف ذكرياته. أصوات عالية. أكاذيب سامة متهامسة. إيد مرفوعة عشان تضرب حبيبتي... إيدي! إزاي قدرت؟ إزاي... لا! دي إيده، مش إيدي. أنا معملتش كده... مكنش أنا!
        كان كاميرون.
        في اللحظة اللي هيكون عندي كل اللي محتاجه، هقتله.
        إزاي يتجرأ يخلي ده أصعب عليا وهو حتى مش هنا! لازم أقطع الحقير ده حتت... بس مش دلوقتي.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة.
        هي أخيراً بتاعتي. عندي كل الوقت في العالم دلوقتي.
        إلويز ناعمة أوي. ريحتها حلوة أوي. رقيقة أوي مقارنة بيا. أقدر أحس بانحناء عمودها الفقري، نبضها، قد إيه جلدها ناعم، التغيرات الطفيفة عند لمسي... صعب أوي إني أمسك نفسي. عايز ألتهم كل إحساس جديد، وليمة من الحواس متخلصش.
        عايز أحضنها قريبة مني. عايز ألتف حوالين جسمها ومسيبهاش أبداً. عايز أعيد بناءها وأشوف النور ده يرجع. عايز أخليه بتاعي. عايز ألتهمه...قف! اهدى! اصبر.
        لازم أخد الموضوع ده بالراحة. أصلح الثقة اللي هو كسرها قبل ما أقدر أستمتع بحبهم.
        
        
        
        
        
        
        
        مبقتش عايزه أخوفها. مرفعش إيدي بسرعة أوي. متحركش بسرعة أوي. أخلّي وجودي معروف قبل ما أقرب. مبوظش ده زي ما بوظت حاجات كتير قبل كده. أبقى إنسان. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. أبقى طبيعي. برجع أركز تاني وأنا بحس بإحساس بارد ومبلل بيتسرب في فخذي. المشروب اتدلق. آه، بص عليهم. خايبين أوي. قد إيه كيوت. استنى. لأ. شكلهم متوتر. من فضلك متبصليش كده. هنضفه. "يا كيوتي الخايب." بخلي صوتي خفيف على قد ما أقدر. بحافظ على حركاتي ثابتة. برمي العلبة في الزبالة، بمتص أسوأ جزء من البقعة بقطعة قماش، وبجبيلك حبيبتي كوباية مياه فريش. كده أحسن. شكلها مش خايفة أوي دلوقتي. بقعة صغيرة مش حاجة بالنسبة لي. مش فارق. مفيش حاجة فارقة غير إني أخلي ده ينجح. لازم أخلي ده ينجح. الراديو بيشوش شوية لما المحطة بتتغير. لحن أغنية "You've got the Love" لفلورنس أند ذا ماشين بيبدأ يدخل الأوضة بالتدريج. مثالي! سمعتها بتسمع الأغنية دي قبل كده، أكيد دي واحدة من أغانيها المفضلة. إلويز بتتحرك بألطف الإيماءات، بتتبع قيادتي في التحرك مع الإيقاع. بحب قد إيه هي دافية. قد إيه هي بتلائم ذراعي بشكل مثالي. عايز ده يبقى للأبد. لازم أخلي ده ينجح.
        عايز حاجة؟ لمستها خفيفة أوي على ذراعي، عابرة أوي.
        أبتسم. أخليها ناعمة، مأوريش أسناني كتير. كده تمام، مثالي. الابتسامات مطمئنة للبشر. الابتسامات آمنة.
        "أه، كاميرون. كل حاجة تمام؟"
        إلويز بتلعب في طرف توبها وهي بتتكلم. أتمنى إنها مكنتش قلقانة أوي بس ده تمام، كل حاجة هتبقى تمام.
        "طبعاً يا روحي." خصلات شعر بلون العسل بتغطي عينيها. خليني أصلح ده.
        بلطف ابتسامتي وأنا برفع إيدي ببطء، بدمج حركة أكبر في ضيق عيني بدل ما أظهر أسناني. دافية أوي. ناعمة أوي.
        كويس، هي باين عليها كانت راضية بالجواب ده تقريباً.
        حاجة بتلوّي ملامحها بس بتختفي بسرعة.
        إيه التعبير ده؟ ميكونش... أكيد هو الخوف. هو كسر ثقتها، بس أنا مش هعمل كده.
        هخلي ده ينجح.
        شكلهم جميل أوي وهما نايمين. كل الحذر راح وهي مسترخية. جميلة أوي. دافية أوي. أنا مبضغطش عليها بس، من اللي أقدر أحس بيه، الأفكار اللي بتدور في عقلها هادية. كويس. هي تستاهل إنها تستريح بعد اللي عمله فيها.
        هم بتوعي دلوقتي.
        بحط بوسة بريئة على راسها.
        هي صغيرة أوي. حاسة إنها هشة أوي، ومع ذلك، مقدرش إلا إني أشد قبضتي على جسمها.
        انتي بتاعتي دلوقتي.
        بتاعتي عشان أحبها.
        بتاعتي عشان أحميها.
        بتاعتي عشان أحتفظ بيها.
        لازم أخلي ده ينجح.
        لازم... مقدرش... مقدرش أتحمل فشل تاني. مش فاكر إني أقدر أتحمل أي ألم تاني. من فضلك.
        الريحة المهدئة دي بتحاوطني.
        من فضلك، حبيني.
        وزنها في ذراعي مريح.
        حبيني.
        نبضها اللي بيرن تحت مخالبي.
        حبيني.
        أنا عايزهم.
        حبيني!
        أنا عايز كل حاجة.
        من فضلك.
         
        

        رواية موف أون

        موف أون

        2025,

        رومانسية

        مجانا

        خربطت ويه زوجها وصارت وحيدة، وقررت تسافر حتى تبدي حياة جديدة وتتخلص من آلام الماضي، بس القدر خلاها تلتقي بـبشير، اللي هو همين جان دا يعاني من أثر وفاة مرته ويريد يربي بنته نضال وحدها. بيبيتهم دتحاول تقنع بشير يتزوج سارة حتى نضال يكون عدها أم، وبنفس الوقت منال دتتصارع ويه مشاعرها بعد ما قابلت بشير لأول مرة وكسرت تليفونه. الأحداث دتدور بين محاولات منال إنها تستعيد حياتها وهدوئها، وبين بشير اللي ديحاول يتجاوز الماضي ويوافق على الزواج لخاطر بنته، وصدفة اللقاءات بيناتهم تزيد الأمور تعقيد.

        منال

        تعاني من صراعات داخلية بسبب علاقتها بزوجها السابق وتصرفاته اللي تغيرت بشكل جذري. هي تبحث عن مساحة لنفسها ولحياتها، وتسعى للابتعاد عن الفوضى والألم اللي عاشته. رغم نجاحها المهني كمديرة تنفيذية، تشعر بفراغ داخلي كبير. هي حنونة وتهتم بعائلتها، وتحاول جاهدة تتجاوز الماضي وتصنع مستقبل أفضل.

        بشير

        ، رجل أثرت بيه وفاة زوجته فضيلة بشكل عميق. هو أب حنون لبنته الوحيدة نضال، ويحاول يربيّها ويهتم بيها بكل طاقته، لدرجة إنه فضل تعليمها بالبيت بعد ما توفت أمها. بشير يمر بصراع داخلي حول فكرة الزواج مرة ثانية، خاصة بعد إلحاح عائلته. هو شخص هادئ وعملي، لكن الماضي يظل يطارده ويأثر على قراراته. يهتم جداً براحة بنته وسعادتها.

        نضال

        بنت بشير الصغيرة

        ميمونة

        أخت بشير وصديقة منال المقربة
        تم نسخ الرابط
        موف أون

        منال:
        كعدت على الكرسي، صافنة وتايهة بأفكاري، بالي راح لأحداث قبل أسبوع. جان وكتها شوية بعد صلاة العصر، وكاعدة بمكتبي، ومحسورة شلون حياتي اللي جنت اشوفها كلش تمام فجأة تخربطت بلحظة. هو تصرفاته كلش اتغيرت، والي سواه ذاك الأسبوع خلاني احس شكد محتاجة مساحة.
        
        ما كدرت بعد اتجاهل حقيقة إنه هو جان يصدك كل كلمة تكولها اله وبدون تفكير. مشاكله بالعصبية بس زادت الطين بلة، وغوشت حكمه وما خلت مجال للعقل. بدل ما يحاول يفتهم، جان يعصب حيل، وبس يخلص يرجع يزحف يعتذر.
        
        باوعت على اللوحة الشفافة مال اسمي على مكتبي، والحروف الكبيرة "مدير تنفيذي" جانت تباوعلي. تحملت هالهم تقريباً سنة كاملة، بس بعد ما اكدر. لازم اروح – اعوفه هو، اعوف هالخرابيط، اعوف كلشي.
        
        مديت ايدي على تليفون المكتب، ودكيت على المساعدة مالتي.
        
        "نعم ست"، جاوبتني من أول دكة.
        
        "احجزيلي تذكرة لإيرلندا"، كلتها واني ابلع الغصة اللي صارت بحنجرتي. "راح ابقى هناك فترة".
        
        ورا ما سديت الخط، وكفت وبديت افر بالمكتب الواسع، صوت كعب حذائي جان يتردد بكل خطوة. ذكريات الماضي غلبتني، وجانت تجر گلبي.
        
        تذكرت الوكت اللي انهرت بيه تماماً ورا ما توفى مفتي، وجنت واكفة على البلكونة فوك السياج، وجنت افكر بالشي اللي ما ينفكر بيه. اتذكرت شلون هو لزمني من خصري بنفس اللحظة اللي جنت بيها راح اوكع. نبرته جانت كلش هادية ومطمنة، ومن وعدني إن الأمور راح تصير احسن.
        
        رجعتلي ذكرى شلون جان يدافع عني كدام أقاربه، وياها كلماته: "مستحيل أذيج ولا اخلي أحد يفرقنا". ضحكت بمرارة.
        
        مشيت للمراية اللي بكامل طولي يم الكرسي مالتي، وباوعت على شكلي. اني بعد مو منال نفسها اللي جنت عليها قبل أربع سنين. المرة اللي بالمراية لابسة حمرة وشعر صناعي وعباية غالية، وشالها الأسود ملفوف على راسها وكتوفها بطريقة أنيقة. بس رغم كل هالثروة والسلطة اللي جمعتها، ما احس بشي غير الفراغ.
        
        الالم لزمني – مو بس عاطفي وإنما جسدي، جان ياكل بگلبي. عضيت اصبعي الإبهام، دا احاول اخنك الوجع، بس ما فاد. الرجال اللي جنت احبه من كل گلبي هجرني عاطفياً. وحتى بكل الفلوس اللي عندي، ماكو شي يكدر يملي الفراغ اللي خلاه.
        
        تذكرت تحذيرات ميمونة. جان لازم اسمع كلامها وابتعد عنها. هسة اني اللي دا ادفع الثمن.
        
        عصبيته صارت ما تنطاق، ووجودي جان يستفزه. جلسات علاج العصبية اللي رتبتها اله ورا عيد زواجنا الأول جانت واضحة إنها على الفاضي. هو بعد مو الرجال اللي حبيته – الرجال اللي جان يملي غرفة المعيشة ورد ورا كل عركة، اللي جان يبتسملي حتى لو جان يكره يبتسم، اللي جان يلزمني ويبوسني بهيج شغف جنت احس روحي اسعد مرة بالدنيا.
        
        هسه كل هذا صار مجرد ذكرى بعيدة.
        
        انهاريت، دموعي جانت تجري على وجهي واني مليانة قهر وحزن. حسيت روحي وحيدة تماماً، حتى لو امي واخواني وخواتي بعدهم عايشين. كلهم بنص الدنيا بعاد عني، واني هنا، متشبثة بس بإرث ابوي – الشركة اللي عافها وراها، واللي وسعتها لبلد ثاني. جان عندي خطط جبيرة للتوسع أكثر، بس بعد كل هذا ما يهم.
        
        لازم اروح.
        
        مسحت دموعي، ودرت وجهي للمراية، شكلي جان مغوش بسبب الدموع. لزمت تليفوني ودكيت على "مي مي"، وكتلها تحضيرلي جنطتين. بعدين لزمت تليفوني الثاني، والآيباد مالتي، وحقيبة اللابتوب.
        
        لميت كم شغلة احتاجها، وتوجهت للباب. صوت كعب حذائي جان يتردد بالمكتب واني رايحة للمصعد.
        
        ما اكدر بعد اتحمل هذا الشي.
        
        لازم اطلع.
        
        
        
        
        
        
        بشير
        
        كعدت وشفت نضال يمي، باوعت على الطفلة اللي عمرها ثلاث سنين نايمة بهدوء على الجرباية. الحياة جانت كلش متعبة من ماتت أمها. قررت اخليها بالبيت، بعيد عن المدرسة العادية، وهسه هي تتعلم ويا مدرسة خصوصية.
        
        صارلي أشهر، بيبيتي، أمي، وخالاتي كلهم يلحون عليّ حتى اتزوج مرة ثانية. تنهدت واني أفكر بالموضوع، وهزيت راسي. فكرة الزواج مرة ثانية ما جانت عاجبتني.
        
        باوعت على صورة مرتي المرحومة اللي محطوطة على الميز الصغير يم الجرباية. ضليت صافن عليها شوية قبل لا اروح للحمام. ورا ما سبحت بسرعة، لبست دشداشة كحلية، وياها قبعة زنة بوكار سودة، واخذت نعالي الأسود الهرمز من رف الأحذية. عدلت قبعتي كدام المراية اللي بالكنتور مالتي، سمعت دكة على الباب.
        
        فتحت الباب وشفت بيبيتي واكفة.
        
        "صباح الخير"، سلمت عليها، ونزلت راسي شوية احتراماً الها.
        
        "شلونك؟" سألتني وهي تدخل للغرفة.
        
        "الحمد لله"، جاوبتها واني واكف عدل.
        
        ابتسمتلي شوية، بعدين تعابير وجهها تغيرت. "بشير، اجيت احاجيك على دراسة نضال، المدرسة كالت عدها نقص بالرياضيات."
        
        "إي هي المدرّسة حجّت وياي بالموضوع بس راحت عن بالي كلش،" جاوبتها.
        
        تنهدت بيبيتي وهزت راسها، وعبّست حواجبها. "هذا مو شي بسيط تاخذه بسهولة، بشير. الرياضيات أساس، إذا تعاني هسه، راح يصير أصعب عليها بعدين."
        
        "أدري،" كلت واني افرك ورا ركبتي. "بس... الشغل كلش هواية، وما صار عندي مجال اكعد وافكر بالموضوع زين."
        
        "الشغل راح يبقى موجود دائماً،" كالت بحزم، صوتها جان هادئ بس قوي. "جهالك أولويتك. نضال تحتاج توجيهك، مو بس توجيه المدرسة."
        
        هزيت راسي، وحسيت بوخزة ذنب. "صح كلامج. راح أخصص وقت. شنو تقترحين؟ نجيبلهة مدرسة ثانية؟"
        
        "هذا يمكن يساعد،" كالت بيبيتي وهي تكعد على كرسي. "بس أكثر من هيج، تحتاج تشجيع. مرات مو المادة بحد ذاتها هي المشكلة، بس الاعتقاد إنها ما تكدر تسويها."
        
        لزمت ساعة ايدي، وضليت أباوع عليها شوية. بيبيتي – مرة عربية گلبها طيب – مو كلش طويلة ولا قصيرة، خشمها مدبب، حواجبها غامقة، وشفايفها صغار. بشرتها فاتحة وطبيعتها الهادئة تعكس شجاعتها وصدقها. شكرت الله بصمت لأنه انطاني شخص مثلها بحياتي.
        
        "بشير؟" صاحت بصوت ناصي، وطلعتني من أفكاري.
        
        "ها بيبي؟" جاوبتها بابتسامة.
        
        "احجي شي يمه." باوعتلي بقلق.
        
        "خلي نجيب مدرسة جديدة،" كلت أخيراً، واني ادخل محفظتي وتليفوني بجيبي.
        
        "اوه، وبعد، عفية هذا انطيه لمدرسة نضال من تجي،" كلت واني انطيها ظرف بني.
        
        "ماشي،" جاوبتني.
        
        "باي بيبي."
        
        "سوق بأمان حبيبي."
        
        هزيت راسي، ورحت لغرفة الطعام حتى آخذ علبة مشروب طاقة من الثلاجة قبل لا أطلع من البيت.
        
        وخلال الطريق للمكتب، بالي ضل يروح ويجي على كلام بيبيتي. لازم اكمل بالزواج؟ سارة بنية حبابة وأخلاقها زينة، بس اني ما مهتم بيها. مع ذلك، اكدر اتجاهل احتياجات بنتي؟
        
        وصلت للمكتب، صفيت السيارة، ودخلت البناية.
        
        "صباح الخير سيدي،" سلمت ليندا موظفة الاستقبال.
        
        "صباح النور،" جاوبتها واني رايح للمصعد. دست الزر مال الطابق الخامس، وبسرعة انفتحت الأبواب بصوت.
        
        مشيت لمكتبي وبسرعة غطست بالشغل.
        
        وبين ما جنت غارگ بالشغل، دك تليفوني – جانت أماني، اختي المرحة، اللي بيها شوية جنون. ضحكت واني اجاوب المكالمة.
        
        "صباح الخير عكّي!" صاحت بفرح.
        
        "صباح النور أماني. شلونج؟"
        
        "زينة،" جاوبتني، بس بعدين سكتت.
        
        رفعت حاجب. "بس خابرتي حتى تضوجيني، مو؟"
        
        "لا، والله... أمم..." تلعثمت.
        
        "شكو أماني؟"
        
        "نضال... وكعت بالمسبح بالغلط. هسة فاقدة الوعي، وحرارتها كلش مرتفعة!" صاحت بسرعة وبنفس واحد.
        
        "شنو؟! شلون صار هيج؟" سألتها، واني بسرعة دا أجمع الأوراق المتناثرة من مكتبي.
        
        "إي... جنت اركض وراها يم المسبح، وهي شوية تزحلقت،" اعترفت بصوتها مليان خوف.
        
        "أماني! شجنتي تفكرين من جنتي تركضين وراها يم المسبح؟" صاحت بيها واني احس بوجع قوي براسي.
        
        "آسفة!" همست، وبعدين سدت الخط فجأة.
        
        
        
        
        
        
        
         عجلت وطلعت من المكتب، قفزت بسيارتي، وسقت بسرعة. بالي جان يركض واني لازم السكان بقوة. خسرت فضيلة، وما اتحمل اخسر طفلتي الوحيدة همين. دست على دواسة البنزين بقوة أكبر، وگلبي يدك حيل بصدر.
        
        اللحظة اللي وصلت بيها للبيت، صفيت السيارة بسرعة ونسيت اطفي المحرك. ركضت جوا، واتجهت مباشرة لغرفة نضال.
        
        لكيت بيبي كاعدة على سجادة الصلاة، تقرا الأذكار بهدوء. أماني جانت كاعدة على حافة الجرباية، لازمة ايد نضال الصغيرة الشاحبة، ووجهها مليان ندم. ميمونة، أختي الثانية، جانت ممددة على القنفة، تتصفح بتليفونها.
        
        "السلام عليكم،" سلمت، ولفت انتباههم.
        
        "وعليكم السلام،" جاوبوا كلهم بنفس الوقت.
        
        أماني ظلت مدنكة راسها، تستعد للرزالة اللي تعرف راح تجيها. باوعتلها بنظرة غضب قبل لا التفت على بيبي.
        
        "بيبي، شلونها؟"
        
        "بعدها ما كعدت، ودكتورة العائلة بالطريق،" جاوبت بيبي. بهاللحظة، دخلت الخادمة، ووراها الدكتورة.
        
        "صباح الخير بيبي،" سلمت بابتسامة حارة.
        
        "صباح النور حبيبتي. شلونج؟"
        
        "زينة، الحمد لله."
        
        "آسفين على الاتصال المفاجئ. جان كلش محتاجين مساعدتج."
        
        "أبد ماكو مشكلة. أتفهم،" كالت، وخلت جنطتها السودة على الميز وبدت تشتغل راساً.
        
        بين ما الدكتورة تفحص نضال، بيبي اشرتلي اجيها يم كعدة الصالة حتى نحجي على انفراد.
        
        "بشير، لازم احاجيك،" كالت، واني كعدت كعدة القرفصاء على الزولية كدامها.
        
        "اني اسمع بيبي."
        
        "شفت شنو صار هسه، مو؟"
        
        "اي، شفت."
        
        "لعد تعرف بنتك تحتاج أكثر من بس رعايتك. هي تحتاج حب أم، بشير."
        
        تنهدت بعمق. "بس بيبي، كتلج راح افكر بالموضوع."
        
        ظلوا يلحون عليّ اتزوج مرة ثانية من كد ما اتذكر، بس ما اكدر اقنع نفسي اتزوج أي وحدة إلا إذا نضال وافقت عليها.
        
        "لا يمه. أريد جواب صريح هسه. باوع لحالة نضال. هي تحتاج وجود أم بحياتها." صوت بيبي جان حازم، وتعابير وجهها جدية.
        
        كعدت ساكت، اباوع عليها صافن، وثقل كلامها يضغط عليّ. بعد لحظة، تنهدت وانطيتها جوابي.
        
        "تمام بيبي... راح اتزوج سارة." ابتسمت غصب عني، رغم إن گلبي جان ثكيل.
        
        وجه بيبي نور بالفرح. "هذا هو بنيتي!" صاحت، وهي تبتسم من الأذن للأذن.
        
        واحنا ثنينا ضحكنا، والتوتر بالغرفة خف، ولو للحظة وحدة.
        
        بعد أيام
        
        الحدث اللي صار ويا نضال قبل كم يوم خلاني افكر بعمق بحياتي. الدكتورة كالت عدها التهاب رئوي مزمن، وهذا خلاني افكر بالحديث اللي صار بيني وبين بيبي. رجعت ظهري على كرسي المكتب، واني اتميل يمين ويسار بهدوء، غارگ بأفكاري. اتذكرت المرحلة الصعبة اللي مريت بيها بعد وفاة فضيلة – شلون صرت غارق بالحزن، ودخلت باكتئاب وعصبية. لجأت للمخدرات حتى الاكي راحة، بس هذا بس زاد الأمور سوء، وبالأخير دخلت مركز تأهيل بروسيا لمدة سنة كاملة. نفضت هالذكرى المؤلمة وباوعت على ساعة الحايط – جانت الساعة 6:38 بالليل.
        
        وكفت، واني اشكر الله بصمت إن الشغل صار هو هوسي الجديد. جان إدمان أحسن بهواية من الإدمان اللي جان راح يكلفني حياتي.
        
        رحت للموقف مال السيارات واتوجهت للبيت. من وصلت، مشيت لجناح أهلي ورحت راساً لغرفة أمي. جانت تحجي بالتليفون، على الأغلب ويا أم سارة. كعدت على الكرسي الملكي الوحيد بزاوية الغرفة الواسعة، انتظرها بصبر تخلص.
        
        "هاي أم سارة،" كالت بابتسامة من سدت المكالمة.
        
        "إي، تخيلت،" جاوبتها، واني أمشي باتجاهها.
        
        "مساء الخير أمي،" سلمت عليها، وبست ظهر ايدها وخلّيتها على كصتي – لفتة احترام تقليدية.
        
        "مساء النور يمه،" كالت بحنان، وهي تبادلني الابتسامة واني كعدت يمها على الجرباية.
        
        "بيبي كالتلي إنك أخيراً وافقت! كلش فرحانة! سارة هم متحمسة. بالحقيقة، أمها هي اللي اقترحت الفكرة، وأبوها جان صديق مقرب لأبوك،" كالت بصوتها مليان حماس.
        
        ابتسمتلها ابتسامة قوية، وهي ردت بابتسامة تفهّم.
        
        "اني فخورة بيك لأنك دتمشي لقدام. لا تظل محبوس بالماضي – كلشي يصير لسبب،" كالت، وهي تفرك ذراعي بحركة مريحة.
        
        "اوه، وبالمناسبة، أعمامك، واخوتك، والممثلين اللي عينهم أبوك راح يروحون لعائلة سارة يخطبوها. من يخلص هذا، نبدي بتحضيرات العرس،" أضافت، وهذا فاجأني.
        
        "هذا كلش سريع،" كلت واني اضحك.
        
        باوعتلي نظرة مشاكسة. "اوه، عفية. صارلنا هواية دا نحاول نقنعك. بعد ماكو داعي للتأخير!"
        
        بعد توقف قصير، هزيت راسي. "اني همين فرحان لأن دأمشي لقدام."
        
        تعبيرات وجه أمي صارت أنعم. "عفية حاول تنجح هالزواج. لا تصعّبها على سارة – هي دتعوف حياتها بدبي حتى تكون وياك، فاصبر عليها."
        
        وعدتها راح اسوي اللي أكدر عليه، على الأقل لخاطر نضال. حجينا بعد شوية، قبل لا اكللها تصبحين على خير، ورحت لجناح بابا.
        
        كالعادة، نضال جانت تركض بصالة بابا، وهو يشجعها.
        
        "السلام عليكم،" سلمت، ولفت انتباههم.
        
        "وعليكم السلام،" جاوب بابا بلهجته العربية المميزة.
        
        "ما شاء الله! أبوك هنا – روح هاجمه!" كالت بمرح.
        
        ضحكت نضال وركضت باتجاهي، ولفت ايديها الصغار حول رجلي. نزلت، وشلتها بيدي، وقرصت خشمها الصغير، وهذا خلاها تضحك.
        
        "شلونها كب كيك مالتي؟" سألتها، واني اباوع عليها مبتسم.
        
        "زينة بابا. اشتاقيتلك،" كالت بصوتها الطفولي، وهي تحضني من ركبتي.
        
        "واني هم اشتاقيتلج حبيبتي،" جاوبتها، واني امشي باتجاه بابا.
        
        "مساء الخير بابا،" سلمت، وبست ظهر ايده وخليتها على كصتي.
        
        "مساء النور يمه. شلونك؟ شلون الشغل؟" سأل، وهو يشع بالفخر.
        
        "الحمد لله، كلشي تمام. شلون صحتك؟"
        
        "احس أحسن من أي وقت مضى هسه، بما إن ابني مستعد يمشي لقدام. هذا يعنيلي الدنيا كلها،" كال، رغم إن لمحة قلق ظلت بتعبيرات وجهه. بعدين، بابتسامة مشاكسة، أضاف، "وأتوقع أحفاد أكثر بالطريق همين، ها؟" حرك حواجبه بخبث.
        
        ضحكت على حس الفكاهة المعتاد مالته. بابا جان دائماً هو المرح، ويخفف حتى أثقل اللحظات. بسرعة، حول كلامه لوحدة من دروس الحياة مالته، وحثني على اترك الماضي بمكانه.
        
        بعد ما كتلها تصبح على خير، شلت نضال – اللي جانت نامت بحضني – ورجعتها لبنايتي. واني لازمها قريب، تمنيت بصمت إن هالزواج راح ينجح. إذا مو إلي، فعلى الأقل الها. من شفت عائلتي هيج فرحانة، أدركت إن يمكن، بس يمكن، حان الوقت حتى اني أمشي لقدام صدك.
        
        
        
        
        
        
        منال
        
        كعدت من وكت، سبحت بسرعة، ولبست ملابسي قبل لا اروح للمطبخ، وين لكيت ماما دتطبخ ريوك.
        
        "صباح الخير ماما،" سلمت عليها، وحضنتها حضن سريع.
        
        "صباح النور حبيبتي. شلونج؟" سألتني بحرارة.
        
        "زينة،" جاوبتها، والتحقت بيها حتى نكمل. حضرت صندوق غدا أيان، بس ليلى ما جانت تحتاج واحد – جانت تشوف صناديق الغدا طفولية كلش.
        
        بعدين، رجعت لغرفة الطعام وشفت ماما دتصبل لأيان و ليلى جانت نص أكلها، اثنيناتهم لابسين زي مدرستهم بشكل مرتب، وشكلهم ذكي.
        
        "صباح الخير يا منال،" صاحوا بنفس واحد بدون ما يرفعون راسهم عن اطباقهم.
        
        "صباح النور،" جاوبتها، واني صبيت لنفسي شوية بطاطا وصلصة بيض. كعدت واكلت بهدوء، مستمتعة بالصباح الهادئ. من خلصت، رحت لغرفتي حتى اخذ جنطتي.
        
        ماما وصلّت أيان وليلى للمدرسة، وبما إن ما جان عندي سيارة خاصة بيّ بعد، هي وصلّتني للشغل. صارلي شهرين من حصلت الشغل، واني أخيراً بديت اتأقلم وياه.
        
        جانت جمعة مشمسة بشهر آذار، وبما إن طلعت من الشغل من وكت، قررت أمر على قصر العرب. صارلي هواية كلش ما زايرته، خصوصاً ميمونة. ما شفت هاي المهرجة المخبلة من العيد اللي فات، مع إننا بعدنا على اتصال.
        
        من وصلت، نزلت من التكسي وكفت كدام البوابة السودة الكبيرة. لوحة ذهبية عليها اسم "آل العرب" محفور بأحرف بارزة جانت تلمع تحت الشمس. حارسين جانوا واكفين على جانبي البوابة، واقفين بشكل مستقيم وايديهم ورا ظهورهم.
        
        "مساء الخير سيدتي. شلون اكدر اساعدج؟" صوت انبعث من جهاز الاتصال الداخلي.
        
        ضغطت الزر الجوا. "اني منال، صديقة ميمونة."
        
        "اوه، منال! شلونج؟"
        
        "زينة،" جاوبتها، واني بعدني لازم الزر.
        
        بهمسة ناعمة، انفتحت البوابة، وكشفت عن رجل قصير لابس زي أمني رمادي وأسود.
        
        "آه! سيدتي، أهلاً وسهلاً بيج!" سلم بابتسامة، وابتعد على جهة حتى يخليني اعبر.
        
        "أوكا سامويل، شلونك؟" سألته بحرارة.
        
        "اني زين! صارلي هواية ماشايفج!"
        
        "اي، جنت كلش مشغولة،" شرحتله.
        
        هز راسه بسرعة ورجع لمكانه.
        
        مشيت عبر الساحة الواسعة كدام البيت، واني اتفرج على المنظر مال أربع بنايات مختلفة. واني اتمشى باتجاه البوابة اللي تؤدي للبيت الرئيسي، عيوني دارت على اليمنة، وين صفوف من السيارات الأنيقة جانت صافطة بترتيب. بعدين، على يساري، لاحظت كلب يركض باتجاهي، كلب راعي ألماني أبيض ومنفوش.
        
        "سنو!" صوت صغير صاح، وظهرت بنية صغيرة. جانت عدها شفايف وردية متورمة، حواجبها غامقة وكثيفة، وشعرها الطويل المجعد مربوط بضفيرتين.
        
        "نضال!" ركضت ورا البنية خادمة لابسة زي موحد. الكلب قفز باتجاهي، ينبح بحماس.
        
        "سنوي!" صاحت البنية الصغيرة بحماس، وهي تنزل حتى تشيل الجرو النشيط.
        
        "كلش آسفة سيدتي. مساء الخير،" كالت الخادمة، وهي تبتسم بلطف بخدودها السمينة.
        
        "مساء النور. شلونج؟" سألتها، واني اقلد نبرتها المبهجة.
        
        "زينة، شكراً. منو جايتله هنا؟"
        
        "اني جايت لميمونة. موجودة؟"
        
        "اي، كلهم جوا،" جاوبت الخادمة، وهي تأشر باتجاه وحدة من البنايات الأبعد.
        
        "شكراً،" كلت، وابتسمتلها ابتسامة صغيرة قبل لا اكمل طريقي.
        
        بجزء ميمونة من البيت، دست جرس الباب. خادمة لابسة فستان أسود ويا صدرية بيضة ولفة راس مطابقة فتحت الباب.
        
        "مساء الخير،" سلمت، ودخلتني جوا.
        
        "مساء النور. شلونج؟" سألتها.
        
        "زينة، شكراً. عفية كعدي، منو جايتله و ممكن اعرف اسمج؟" سألت بابتسامة عريضة.
        
        "اني جايت لميمونة، اني منال."
        
        "تمام. تحبين شاي لو مي؟"
        
        "مي زين، شكراً،" جاوبتها، واني ابادلها الابتسامة.
        
        هزت الخادمة راسها ورجعت بسرعة ويا كلاص مي بارد ويا شريحة ليمون.
        
        "شكراً،" كلت، واخذت رشفة. رجعت ظهري على القنفة، وتنهدت بارتياح.
        
        بعد لحظات قليلة، رجعت الخادمة. "كالت تكدرين تقابليها فوك."
        
        هزيت راسي، وخليت الكلاص على الميز، واتوجهت باتجاه الدرج، واني اتصفح تليفوني واني امشي. واني دا اكتب، ضربت بشخص، وصوت طشر التليفون على الكاع فاجأني.
        
        "انتي عمية؟" صاح الشخص، وهو يشيل تليفونه المكسور.
        
        رفعت راسي وشفت رجال طويل، أسمر، ويا سوالف مرتبة، ولابس دشداشة رصاصية. للحظة، بس وكفت هناك، انصدمت بشكله شكد جان وسيم.
        
        "هيي!" كال، وهو يطك اصابعه كدام وجهي.
        
        "انتي مخبلة؟ كسرتي تليفوني، ومكدرتي حتى تعتذرين؟" نبرته جانت حادة، والقهر واضح على وجهه مع انه بعده يبين هادي.
        
        اني بقيت تعابير وجهي هادئة. "جنت راح اعتذر، بس طريقة تصرفك توضح إنك عصبي بطبيعتك. بصراحة، شكلك احسن بهواية من تصرفاتك. بس على العموم، الأخطاء تصير."
        
        باوعلي نظرة حادة. "ما اعرف ليش هاي البنات يظلن يصادقن هيج ناس،" تمتم بصوت ناصي، وهو يمر من يمي ويمشي.
        
        هزيت راسي وكملت صعود الدرج. بالعلالي، لمحت ميمونة تركض باتجاهي، وجهها مشع بالحماس.
        
        "اشتاقيتلج كلللش هواية!" صاحت، وهي تحضني حضن قوي.
        
        "واني هم اشتاقيتلج، بس دتخنقيني،" كلت واني الهث.
        
        "اووبس،" كالت وهي تضحك من عافتني.
        
        "بعدج دتسبين مو؟" ضحكت عليها، واني ارمش بعيوني عليها.
        
        "عفية! طلعت مني بالغلط!" اعترضت.
        
        "بكيفج." درت عيني واني احنا نمشي لغرفتها.
        
        الخادمة جابتلنا أكل ومرطبات.
        
        حجينا وضحكنا ساعات لحد ما صار وقت صلاة العصر.
        
        "امم، ميمونة؟" بديت، واني اطوي الحجاب اللي صليت بيه.
        
        "ها؟"
        
        "ضربت بشخص قبل شوية، و... اعتقد كسرت تليفونه."
        
        "منو؟"
        
        
        
        
        
        
        "ما أدري. شفته جوا واني رايحة لغرفتج."
        "وصفيه،" حثتني.
        "هو طويل، أسمر، عنده سوالف، وجان لابس دشداشة رصاصية."
        فكرت ميمونة للحظة. "اوه! هذا أكيد عكّي بشير."
        
        "منو هذا؟"
        "متتذكرين؟ هو أول واحد انولد بهاي العائلة. اللي جان عايش بلندن ويا خالتنا اللي تضوج... ونفس الرجال اللي أميرة جانت معجبة بي بشكل مو طبيعي."
        "اووو، هو. سمعت إنه تزوج أحسن صديقة لسميرة."
        "إي، بس هي توفت قبل ثلاث سنين، ورا ما سووا عقيقة بنتهم."
        "هذا شي كلش مو زين،" تمتمت.
        "فعلاً هو هيج. هو بعد ما رجع مثل قبل من ذاك الوقت،" كالت ميمونة بهدوء. "هم يادوب رجعوا لنيجيريا، هو تقريباً أخذ نضال وانتقل لباريس ورا كلشي صار. جنت ازورهم مرات قبل ما اتخرج."
        "يعني، نضال بنته؟" سألتها.
        "إي. هي مليانة طاقة – ومخبوصة بهذا الجرو من وصل،" كالت ميمونة بابتسامة.
        قضينا باقي المساء نسولف عن حياتها ببريطانيا قبل ما تتخرج وترجع لنيجيريا بشكل دائم. ورا صلاة المغرب، مشينا لجناح أهلها، واحنا نضحك ونسولف.
        من دخلنا، عطر البخور الحلو ملأ الجو، والبرودة القوية مال مكيف خلت شعري يوكف.
        "خلي نروح لغرفة بيبي،" اقترحت ميمونة.
        صعدنا الدرج ودكينا باب بيبي، ودخلنا ويا سلام ناعم.
        "صدق الله العظيم،" همست بيبي، وسدت القرآن. عيونها لمعت من شافتني.
        "آه، منال! شلونج؟" سألت بحرارة، وهي توكف تسلم عليّ.
        "زينة، الحمد لله،" جاوبتها، واني مبتسمة.
        "شلون أمج واخوانج؟"
        "كلهم زينين،" جاوبتها.
        "صار هواية كلش يمه. نسيتينا؟"
        "عفية! مستحيل أنساج،" كلت واني اضحك.
        بهاللحظة، دك تليفوني. استأذنت وطلعت لغرفة الطعام حتى اجاوب المكالمة.
        "مرحبا ماما، شلونج؟" كلت واني لازمة التليفون على أذني.
        "زينة. شلون بيبي؟"
        "كلهم زينين،" جاوبتها، واني اباوع ورا كتفي.
        "شلون صحة نضال؟" سألت ماما.
        "نضال كلش زينة،" جاوبتها، بس من درت وجهي، عيني اجت بعين بشير. جان واكف هناك، شكله ضايج، ووجهه عابس دائماً. درت عيني وتجاهلته، وركزت على المكالمة.
        "اتمنيت متنسين تاخذين دوائها؟"
        "اوه يا ربي، نسيته بمكتب سميرة،" اعترفت، واني خجلانة.
        "انتي هاي البنية، كلش مطفية!"
        "ماما، جنت مستعجلة!" دافعت عن نفسي، واني نادمة على نسياني.
        "على العموم، تعالي للبيت بسرعة، الوقت ديتأخر. كولي لبيبي راح ادز الدوا باجر."
        "اوكي، باي،" كلت وسديت المكالمة. درت وجهي بس لكيت بشير بعده واكف هناك، ايديه مدفوعة بجيبه، ويباوعلي بغضب. حاولت أمشي من يمه، بس هو وكف بطريقي، سد عليّ الدرب.
        "شلون تعرفين سميرة؟ وشنو تريدين من بنتي؟" سأل، وصوته جان هادي بشكل مفاجئ هالمرة.
        رفعت حاجب على السؤال، واني شوية مستمتعة بحمايته الزايدة. "تعرف، الناس مترابطة بطرق غير متوقعة. اصدقائك ممكن يكونون اصدقائي. احنا كلنا عائلة وحدة جبيرة."
        
        "ضحك باستهزاء، مو عاجبه. "ما سألت عن درس جغرافية. بس جاوبي على السؤال،" كال، ورفع صوته شوية، رغم انه بعده مسيطر على نبرته.
        باوعتله نظرة حادة "سيد بشير آل العرب،
        "سيد بشير، إذا دتدور على أجوبة حقيقية، أقترح توجه أسئلتك لسميرة. هي عدها صبر تجاوب على قلقك بتفكير." مشيت من يمه بس وكفت بنص الخطوة. "اوه، وبالمناسبة، هذا مو جغرافية – هاي بس حقيقة،" أضفت بابتسامة ساخرة قبل لا اكمل صعود الدرج.
        بجناح بيبي، غرقت بالقنفة وتمددت. "بيبي، ماما قبل شوية اتصلت. كالت راح تدز دوا نضال باجر،" كلت بنفس اللحظة اللي دخل بيها شخص ويا سلام مبهج.
        "آه، بشير، رجعت! شلون جان الاجتماع؟" سألت بيبي.
        فزيت من جوايا وبشير كعد على الجرباية، تليفونه بيده. أكيد صلحه.
        "الحمد لله، جان زين،" جاوب، حتى بدون ما يرفع راسه.
        بيبي التفتت باتجاهي. "بشير، قابل بنت الدكتورة كولو،" كالت بابتسامة فخر.
        بشير باوعلي نظرة باردة. "إي، احنا التقينا،" كال بجفاف.
        قررت اشرد. "بيبي، لازم اروح للبيت. الوقت ديتأخر،" كلت، واني واكف واشيل جنطتي على كتفي.
        بهاللحظة، دخلت أمي. جانت تخبل – بشرتها الغامقة جانت تلمع تحت الأضواء الهادئة، وحواجبها الحادة والمعقوفة نطتها مظهر أنيق وملكي.
        "منال! شلونج؟" سألت بحرارة، وهي تحضني حضن ناعم.
        "زينة، الحمد لله،" جاوبتها، واني استنشق ريحة الحمرة الحلوة منها.
        
        
        
        
        
        "شلون أمج واخوانج؟" سألت بابتسامة حارة، وكشفت عن سن ذهب يلمع بين باقي اسنانها.
        "كلهم زينين،" كلت.
        "سلميلي على أمج! اوه، لحظة – راح انطيج كم علبة بخور تاخذينها الها،" كالت قبل لا تستعجل وتطلع.
        كعدت مرة ثانية، احاول أتجاهل بشير، اللي بعده جان ملتهي بتليفونه. سكوته جان كلش يناسبني. بعد لحظات، رجعت أمي ويا جنطتين ورق سودة أنيقتين، ومكتوب عليهن "D'scent" بالذهبي.
        "هسه طالعة؟" سألت، وهي تنطيني الجنطتين.
        "إي، ماما."
        "منو راح يوصلج؟" سألت، والقلق تسلل لصوتها.
        "راح اطلب تكسي،" كلت، واني ارفع كتفي.
        "لا لا. كلش خطر بهالوقت، وانتي بنية، فدوة لله. بشير راح يوصلج،" أصرت.
        رفع بشير حاجب بس ما رفع راسه. "شنو صار للسواق؟" تمتم.
        بيبي زجرته بمرح. "السواق اشتغلوا بما فيه الكفاية اليوم. خليهم يرتاحون."
        "ماشي، زين،" كال بشير، وهو يوگف على مضض. "يلا نمشي."
        ودعتهم، وميمونة مشت وياي للباب الأمامي.
        "وين التوم؟ ما شفتهم من اجيت،" سألت واني هي تفتح الباب.
        "أمل على الأغلب بغرفتها، وأماني احتمال ببيت صديقتها،" جاوبت ميمونة بنفس اللحظة اللي وكفت بيها مرسيدس بيضة أنيقة.
        حضنتها وصعدت للكرسي الخلفي، بس سمعت صوت بشير الجاف قطع الصمت.
        "إذا ما غلطان، اني ما أشبه سايقج،" كال بدون ما يباوعلي.
        درت عيني، وذبيت الجنط الورقية على الكرسي الخلفي، وصعدت بالكرسي الأمامي بدلاً من ذلك.
        "شنو عنوانج؟" سأل، وعيونه على الطريق.
        "رقم 4، ويك سبرينغ، مايتاما،" جاوبته، وعيني ثابتة لقدام.
        الرحلة جانت صامتة بشكل محرج. ولا واحد بينا حجه كلمة، وهذا جان كلش يناسبني. بسرعة، وصلنا لبيتي، ونزلت، واخذت الجنط الورقية من الكرسي الخلفي.
        قبل حتى لا ادك الباب، ليلى فتحت الباب بقوة، ووجهها نور.
        "أهلاً وسهلاً أختي الحلوة!" صاحت، وهي تحضني وتخطف الجنط من ايدي.
        باوعتلها بنظرة فضول. "شوكت آخر مرة حضنتيني هيج؟"
        "ما ادري، بس انتي تستاهلينها اليوم،" ابتسمت واني دخلنا جوا.
        نزعت حذائي، وخلّيته على الرف، واني اتفرج على ليلى وهي تفتش بالجنط الورقية مثل طفلة فضولية.
        "عرفت هالحدنة ما جانت صادقة،" تمتمت.
        "جنت بس اريد اشوف شنو بيها!" اعترفت، وهي تبتسم بخبث.
        "الله يساعدج،" كلت واني اهز راسي.
        "آمين، اووه! انتظري، هذا بخور آل العرب؟" صاحت بلهفة، وهي ترفع علبة وكأنها كنز.
        رفعت كتفي. "إي."
        "والله، احب هاي العائلة. بما إن عندج أحسن صديقة هناك، وماما دكتورتهم العائلية، وبابا جان صديق أبوهم، يمكن يوم من الأيام اصير جنتهم. أو على الأقل انتي لازم تصيرين،" كالت بحلم.
        "انتي مخبلة،" كلت، واني اضحك على أفكارها المجنونة.
        "جادة ترى."
        "بالتأكيد مو جدية" ضحكت، واني اهز راسي. "وين ماما؟"
        "بغرفتها، اعتقد."
        "وأيان؟"
        "بغرفته."
        "ليلى، اني كلش جوعانة. تكدرين تسويلي نودلز؟"
        "اكيد، بس خليني اشوف شنو بعد هنا،" كالت، واني بعدني غارقة بمحتويات الجنط الورقية.
        "تعرفين هذا لماما، مو؟" حذرتها.
        "ما راح آكله، بس دأشوف – لأسباب أمنية،" ابتسمت.
        اخذت الجنط منها وكفت. "رجعيها. وعفية، من تسوين النودلز، لا تغركيها بهذا الفلفل مالج اللي يكدر يكتل واحد."
        ضحكت، ورجعت العلب للجنطة.
        دكيت باب ماما ودخلت ويا سلام ناعم، خليت الجنط على جربايتها واني كعدت يمها.
        "رجعتي،" ابتسمت بحرارة.
        "إي. عمتي أمي كالتلي انطيج ذني."
        "طوه، الله ساركي أمينة، هيج مرة حبابة،" كالت ماما بابتسامة حنونة.
        "هي فعلاً هيج،" وافقت، واني اوگف حتى اطلع. "راح اروح لغرفتي – تعبانة."
        "طوه، تصبحين على خير. نومة العوافي،" كالت ماما، وحضنتني حضن سريع.
        "وانتي هم، ماما،" همست، واني اتوجه لغرفتي.
        ورا حمام سريع ووضوء، صليت. بنفس اللحظة اللي خلصت بيها، اجت ليلى ويا النودلز مالتي، وهي تسولف بدون توقف عن ولد اسمه فواز من مدرستها. اكلنا سوية وهي تكمل حجيها، وما كدرت ما اضحك.
        الحياة ويا ليلى جانت دائماً فوضوية، بس مستحيل ابدلها بأي شي.
        بالرغم من وفاة أبوي، احنا بعدنا دا نسعى حتى نلكي السعادة ونمشي لقدام بحياتنا، وهذا شي اني كلش شاكرة وسعيدة بيه والحمد لله.
        
        

        Pages

        authorX

        مؤلفون تلقائي

        نظام شراء