رواية موف أون

موف أون

2025,

رومانسية

مجانا

خربطت ويه زوجها وصارت وحيدة، وقررت تسافر حتى تبدي حياة جديدة وتتخلص من آلام الماضي، بس القدر خلاها تلتقي بـبشير، اللي هو همين جان دا يعاني من أثر وفاة مرته ويريد يربي بنته نضال وحدها. بيبيتهم دتحاول تقنع بشير يتزوج سارة حتى نضال يكون عدها أم، وبنفس الوقت منال دتتصارع ويه مشاعرها بعد ما قابلت بشير لأول مرة وكسرت تليفونه. الأحداث دتدور بين محاولات منال إنها تستعيد حياتها وهدوئها، وبين بشير اللي ديحاول يتجاوز الماضي ويوافق على الزواج لخاطر بنته، وصدفة اللقاءات بيناتهم تزيد الأمور تعقيد.

منال

تعاني من صراعات داخلية بسبب علاقتها بزوجها السابق وتصرفاته اللي تغيرت بشكل جذري. هي تبحث عن مساحة لنفسها ولحياتها، وتسعى للابتعاد عن الفوضى والألم اللي عاشته. رغم نجاحها المهني كمديرة تنفيذية، تشعر بفراغ داخلي كبير. هي حنونة وتهتم بعائلتها، وتحاول جاهدة تتجاوز الماضي وتصنع مستقبل أفضل.

بشير

، رجل أثرت بيه وفاة زوجته فضيلة بشكل عميق. هو أب حنون لبنته الوحيدة نضال، ويحاول يربيّها ويهتم بيها بكل طاقته، لدرجة إنه فضل تعليمها بالبيت بعد ما توفت أمها. بشير يمر بصراع داخلي حول فكرة الزواج مرة ثانية، خاصة بعد إلحاح عائلته. هو شخص هادئ وعملي، لكن الماضي يظل يطارده ويأثر على قراراته. يهتم جداً براحة بنته وسعادتها.

نضال

بنت بشير الصغيرة

ميمونة

أخت بشير وصديقة منال المقربة
تم نسخ الرابط
موف أون

منال:
كعدت على الكرسي، صافنة وتايهة بأفكاري، بالي راح لأحداث قبل أسبوع. جان وكتها شوية بعد صلاة العصر، وكاعدة بمكتبي، ومحسورة شلون حياتي اللي جنت اشوفها كلش تمام فجأة تخربطت بلحظة. هو تصرفاته كلش اتغيرت، والي سواه ذاك الأسبوع خلاني احس شكد محتاجة مساحة.

ما كدرت بعد اتجاهل حقيقة إنه هو جان يصدك كل كلمة تكولها اله وبدون تفكير. مشاكله بالعصبية بس زادت الطين بلة، وغوشت حكمه وما خلت مجال للعقل. بدل ما يحاول يفتهم، جان يعصب حيل، وبس يخلص يرجع يزحف يعتذر.

باوعت على اللوحة الشفافة مال اسمي على مكتبي، والحروف الكبيرة "مدير تنفيذي" جانت تباوعلي. تحملت هالهم تقريباً سنة كاملة، بس بعد ما اكدر. لازم اروح – اعوفه هو، اعوف هالخرابيط، اعوف كلشي.

مديت ايدي على تليفون المكتب، ودكيت على المساعدة مالتي.

"نعم ست"، جاوبتني من أول دكة.

"احجزيلي تذكرة لإيرلندا"، كلتها واني ابلع الغصة اللي صارت بحنجرتي. "راح ابقى هناك فترة".

ورا ما سديت الخط، وكفت وبديت افر بالمكتب الواسع، صوت كعب حذائي جان يتردد بكل خطوة. ذكريات الماضي غلبتني، وجانت تجر گلبي.

تذكرت الوكت اللي انهرت بيه تماماً ورا ما توفى مفتي، وجنت واكفة على البلكونة فوك السياج، وجنت افكر بالشي اللي ما ينفكر بيه. اتذكرت شلون هو لزمني من خصري بنفس اللحظة اللي جنت بيها راح اوكع. نبرته جانت كلش هادية ومطمنة، ومن وعدني إن الأمور راح تصير احسن.

رجعتلي ذكرى شلون جان يدافع عني كدام أقاربه، وياها كلماته: "مستحيل أذيج ولا اخلي أحد يفرقنا". ضحكت بمرارة.

مشيت للمراية اللي بكامل طولي يم الكرسي مالتي، وباوعت على شكلي. اني بعد مو منال نفسها اللي جنت عليها قبل أربع سنين. المرة اللي بالمراية لابسة حمرة وشعر صناعي وعباية غالية، وشالها الأسود ملفوف على راسها وكتوفها بطريقة أنيقة. بس رغم كل هالثروة والسلطة اللي جمعتها، ما احس بشي غير الفراغ.

الالم لزمني – مو بس عاطفي وإنما جسدي، جان ياكل بگلبي. عضيت اصبعي الإبهام، دا احاول اخنك الوجع، بس ما فاد. الرجال اللي جنت احبه من كل گلبي هجرني عاطفياً. وحتى بكل الفلوس اللي عندي، ماكو شي يكدر يملي الفراغ اللي خلاه.

تذكرت تحذيرات ميمونة. جان لازم اسمع كلامها وابتعد عنها. هسة اني اللي دا ادفع الثمن.

عصبيته صارت ما تنطاق، ووجودي جان يستفزه. جلسات علاج العصبية اللي رتبتها اله ورا عيد زواجنا الأول جانت واضحة إنها على الفاضي. هو بعد مو الرجال اللي حبيته – الرجال اللي جان يملي غرفة المعيشة ورد ورا كل عركة، اللي جان يبتسملي حتى لو جان يكره يبتسم، اللي جان يلزمني ويبوسني بهيج شغف جنت احس روحي اسعد مرة بالدنيا.

هسه كل هذا صار مجرد ذكرى بعيدة.

انهاريت، دموعي جانت تجري على وجهي واني مليانة قهر وحزن. حسيت روحي وحيدة تماماً، حتى لو امي واخواني وخواتي بعدهم عايشين. كلهم بنص الدنيا بعاد عني، واني هنا، متشبثة بس بإرث ابوي – الشركة اللي عافها وراها، واللي وسعتها لبلد ثاني. جان عندي خطط جبيرة للتوسع أكثر، بس بعد كل هذا ما يهم.

لازم اروح.

مسحت دموعي، ودرت وجهي للمراية، شكلي جان مغوش بسبب الدموع. لزمت تليفوني ودكيت على "مي مي"، وكتلها تحضيرلي جنطتين. بعدين لزمت تليفوني الثاني، والآيباد مالتي، وحقيبة اللابتوب.

لميت كم شغلة احتاجها، وتوجهت للباب. صوت كعب حذائي جان يتردد بالمكتب واني رايحة للمصعد.

ما اكدر بعد اتحمل هذا الشي.

لازم اطلع.






بشير

كعدت وشفت نضال يمي، باوعت على الطفلة اللي عمرها ثلاث سنين نايمة بهدوء على الجرباية. الحياة جانت كلش متعبة من ماتت أمها. قررت اخليها بالبيت، بعيد عن المدرسة العادية، وهسه هي تتعلم ويا مدرسة خصوصية.

صارلي أشهر، بيبيتي، أمي، وخالاتي كلهم يلحون عليّ حتى اتزوج مرة ثانية. تنهدت واني أفكر بالموضوع، وهزيت راسي. فكرة الزواج مرة ثانية ما جانت عاجبتني.

باوعت على صورة مرتي المرحومة اللي محطوطة على الميز الصغير يم الجرباية. ضليت صافن عليها شوية قبل لا اروح للحمام. ورا ما سبحت بسرعة، لبست دشداشة كحلية، وياها قبعة زنة بوكار سودة، واخذت نعالي الأسود الهرمز من رف الأحذية. عدلت قبعتي كدام المراية اللي بالكنتور مالتي، سمعت دكة على الباب.

فتحت الباب وشفت بيبيتي واكفة.

"صباح الخير"، سلمت عليها، ونزلت راسي شوية احتراماً الها.

"شلونك؟" سألتني وهي تدخل للغرفة.

"الحمد لله"، جاوبتها واني واكف عدل.

ابتسمتلي شوية، بعدين تعابير وجهها تغيرت. "بشير، اجيت احاجيك على دراسة نضال، المدرسة كالت عدها نقص بالرياضيات."

"إي هي المدرّسة حجّت وياي بالموضوع بس راحت عن بالي كلش،" جاوبتها.

تنهدت بيبيتي وهزت راسها، وعبّست حواجبها. "هذا مو شي بسيط تاخذه بسهولة، بشير. الرياضيات أساس، إذا تعاني هسه، راح يصير أصعب عليها بعدين."

"أدري،" كلت واني افرك ورا ركبتي. "بس... الشغل كلش هواية، وما صار عندي مجال اكعد وافكر بالموضوع زين."

"الشغل راح يبقى موجود دائماً،" كالت بحزم، صوتها جان هادئ بس قوي. "جهالك أولويتك. نضال تحتاج توجيهك، مو بس توجيه المدرسة."

هزيت راسي، وحسيت بوخزة ذنب. "صح كلامج. راح أخصص وقت. شنو تقترحين؟ نجيبلهة مدرسة ثانية؟"

"هذا يمكن يساعد،" كالت بيبيتي وهي تكعد على كرسي. "بس أكثر من هيج، تحتاج تشجيع. مرات مو المادة بحد ذاتها هي المشكلة، بس الاعتقاد إنها ما تكدر تسويها."

لزمت ساعة ايدي، وضليت أباوع عليها شوية. بيبيتي – مرة عربية گلبها طيب – مو كلش طويلة ولا قصيرة، خشمها مدبب، حواجبها غامقة، وشفايفها صغار. بشرتها فاتحة وطبيعتها الهادئة تعكس شجاعتها وصدقها. شكرت الله بصمت لأنه انطاني شخص مثلها بحياتي.

"بشير؟" صاحت بصوت ناصي، وطلعتني من أفكاري.

"ها بيبي؟" جاوبتها بابتسامة.

"احجي شي يمه." باوعتلي بقلق.

"خلي نجيب مدرسة جديدة،" كلت أخيراً، واني ادخل محفظتي وتليفوني بجيبي.

"اوه، وبعد، عفية هذا انطيه لمدرسة نضال من تجي،" كلت واني انطيها ظرف بني.

"ماشي،" جاوبتني.

"باي بيبي."

"سوق بأمان حبيبي."

هزيت راسي، ورحت لغرفة الطعام حتى آخذ علبة مشروب طاقة من الثلاجة قبل لا أطلع من البيت.

وخلال الطريق للمكتب، بالي ضل يروح ويجي على كلام بيبيتي. لازم اكمل بالزواج؟ سارة بنية حبابة وأخلاقها زينة، بس اني ما مهتم بيها. مع ذلك، اكدر اتجاهل احتياجات بنتي؟

وصلت للمكتب، صفيت السيارة، ودخلت البناية.

"صباح الخير سيدي،" سلمت ليندا موظفة الاستقبال.

"صباح النور،" جاوبتها واني رايح للمصعد. دست الزر مال الطابق الخامس، وبسرعة انفتحت الأبواب بصوت.

مشيت لمكتبي وبسرعة غطست بالشغل.

وبين ما جنت غارگ بالشغل، دك تليفوني – جانت أماني، اختي المرحة، اللي بيها شوية جنون. ضحكت واني اجاوب المكالمة.

"صباح الخير عكّي!" صاحت بفرح.

"صباح النور أماني. شلونج؟"

"زينة،" جاوبتني، بس بعدين سكتت.

رفعت حاجب. "بس خابرتي حتى تضوجيني، مو؟"

"لا، والله... أمم..." تلعثمت.

"شكو أماني؟"

"نضال... وكعت بالمسبح بالغلط. هسة فاقدة الوعي، وحرارتها كلش مرتفعة!" صاحت بسرعة وبنفس واحد.

"شنو؟! شلون صار هيج؟" سألتها، واني بسرعة دا أجمع الأوراق المتناثرة من مكتبي.

"إي... جنت اركض وراها يم المسبح، وهي شوية تزحلقت،" اعترفت بصوتها مليان خوف.

"أماني! شجنتي تفكرين من جنتي تركضين وراها يم المسبح؟" صاحت بيها واني احس بوجع قوي براسي.

"آسفة!" همست، وبعدين سدت الخط فجأة.







 عجلت وطلعت من المكتب، قفزت بسيارتي، وسقت بسرعة. بالي جان يركض واني لازم السكان بقوة. خسرت فضيلة، وما اتحمل اخسر طفلتي الوحيدة همين. دست على دواسة البنزين بقوة أكبر، وگلبي يدك حيل بصدر.

اللحظة اللي وصلت بيها للبيت، صفيت السيارة بسرعة ونسيت اطفي المحرك. ركضت جوا، واتجهت مباشرة لغرفة نضال.

لكيت بيبي كاعدة على سجادة الصلاة، تقرا الأذكار بهدوء. أماني جانت كاعدة على حافة الجرباية، لازمة ايد نضال الصغيرة الشاحبة، ووجهها مليان ندم. ميمونة، أختي الثانية، جانت ممددة على القنفة، تتصفح بتليفونها.

"السلام عليكم،" سلمت، ولفت انتباههم.

"وعليكم السلام،" جاوبوا كلهم بنفس الوقت.

أماني ظلت مدنكة راسها، تستعد للرزالة اللي تعرف راح تجيها. باوعتلها بنظرة غضب قبل لا التفت على بيبي.

"بيبي، شلونها؟"

"بعدها ما كعدت، ودكتورة العائلة بالطريق،" جاوبت بيبي. بهاللحظة، دخلت الخادمة، ووراها الدكتورة.

"صباح الخير بيبي،" سلمت بابتسامة حارة.

"صباح النور حبيبتي. شلونج؟"

"زينة، الحمد لله."

"آسفين على الاتصال المفاجئ. جان كلش محتاجين مساعدتج."

"أبد ماكو مشكلة. أتفهم،" كالت، وخلت جنطتها السودة على الميز وبدت تشتغل راساً.

بين ما الدكتورة تفحص نضال، بيبي اشرتلي اجيها يم كعدة الصالة حتى نحجي على انفراد.

"بشير، لازم احاجيك،" كالت، واني كعدت كعدة القرفصاء على الزولية كدامها.

"اني اسمع بيبي."

"شفت شنو صار هسه، مو؟"

"اي، شفت."

"لعد تعرف بنتك تحتاج أكثر من بس رعايتك. هي تحتاج حب أم، بشير."

تنهدت بعمق. "بس بيبي، كتلج راح افكر بالموضوع."

ظلوا يلحون عليّ اتزوج مرة ثانية من كد ما اتذكر، بس ما اكدر اقنع نفسي اتزوج أي وحدة إلا إذا نضال وافقت عليها.

"لا يمه. أريد جواب صريح هسه. باوع لحالة نضال. هي تحتاج وجود أم بحياتها." صوت بيبي جان حازم، وتعابير وجهها جدية.

كعدت ساكت، اباوع عليها صافن، وثقل كلامها يضغط عليّ. بعد لحظة، تنهدت وانطيتها جوابي.

"تمام بيبي... راح اتزوج سارة." ابتسمت غصب عني، رغم إن گلبي جان ثكيل.

وجه بيبي نور بالفرح. "هذا هو بنيتي!" صاحت، وهي تبتسم من الأذن للأذن.

واحنا ثنينا ضحكنا، والتوتر بالغرفة خف، ولو للحظة وحدة.

بعد أيام

الحدث اللي صار ويا نضال قبل كم يوم خلاني افكر بعمق بحياتي. الدكتورة كالت عدها التهاب رئوي مزمن، وهذا خلاني افكر بالحديث اللي صار بيني وبين بيبي. رجعت ظهري على كرسي المكتب، واني اتميل يمين ويسار بهدوء، غارگ بأفكاري. اتذكرت المرحلة الصعبة اللي مريت بيها بعد وفاة فضيلة – شلون صرت غارق بالحزن، ودخلت باكتئاب وعصبية. لجأت للمخدرات حتى الاكي راحة، بس هذا بس زاد الأمور سوء، وبالأخير دخلت مركز تأهيل بروسيا لمدة سنة كاملة. نفضت هالذكرى المؤلمة وباوعت على ساعة الحايط – جانت الساعة 6:38 بالليل.

وكفت، واني اشكر الله بصمت إن الشغل صار هو هوسي الجديد. جان إدمان أحسن بهواية من الإدمان اللي جان راح يكلفني حياتي.

رحت للموقف مال السيارات واتوجهت للبيت. من وصلت، مشيت لجناح أهلي ورحت راساً لغرفة أمي. جانت تحجي بالتليفون، على الأغلب ويا أم سارة. كعدت على الكرسي الملكي الوحيد بزاوية الغرفة الواسعة، انتظرها بصبر تخلص.

"هاي أم سارة،" كالت بابتسامة من سدت المكالمة.

"إي، تخيلت،" جاوبتها، واني أمشي باتجاهها.

"مساء الخير أمي،" سلمت عليها، وبست ظهر ايدها وخلّيتها على كصتي – لفتة احترام تقليدية.

"مساء النور يمه،" كالت بحنان، وهي تبادلني الابتسامة واني كعدت يمها على الجرباية.

"بيبي كالتلي إنك أخيراً وافقت! كلش فرحانة! سارة هم متحمسة. بالحقيقة، أمها هي اللي اقترحت الفكرة، وأبوها جان صديق مقرب لأبوك،" كالت بصوتها مليان حماس.

ابتسمتلها ابتسامة قوية، وهي ردت بابتسامة تفهّم.

"اني فخورة بيك لأنك دتمشي لقدام. لا تظل محبوس بالماضي – كلشي يصير لسبب،" كالت، وهي تفرك ذراعي بحركة مريحة.

"اوه، وبالمناسبة، أعمامك، واخوتك، والممثلين اللي عينهم أبوك راح يروحون لعائلة سارة يخطبوها. من يخلص هذا، نبدي بتحضيرات العرس،" أضافت، وهذا فاجأني.

"هذا كلش سريع،" كلت واني اضحك.

باوعتلي نظرة مشاكسة. "اوه، عفية. صارلنا هواية دا نحاول نقنعك. بعد ماكو داعي للتأخير!"

بعد توقف قصير، هزيت راسي. "اني همين فرحان لأن دأمشي لقدام."

تعبيرات وجه أمي صارت أنعم. "عفية حاول تنجح هالزواج. لا تصعّبها على سارة – هي دتعوف حياتها بدبي حتى تكون وياك، فاصبر عليها."

وعدتها راح اسوي اللي أكدر عليه، على الأقل لخاطر نضال. حجينا بعد شوية، قبل لا اكللها تصبحين على خير، ورحت لجناح بابا.

كالعادة، نضال جانت تركض بصالة بابا، وهو يشجعها.

"السلام عليكم،" سلمت، ولفت انتباههم.

"وعليكم السلام،" جاوب بابا بلهجته العربية المميزة.

"ما شاء الله! أبوك هنا – روح هاجمه!" كالت بمرح.

ضحكت نضال وركضت باتجاهي، ولفت ايديها الصغار حول رجلي. نزلت، وشلتها بيدي، وقرصت خشمها الصغير، وهذا خلاها تضحك.

"شلونها كب كيك مالتي؟" سألتها، واني اباوع عليها مبتسم.

"زينة بابا. اشتاقيتلك،" كالت بصوتها الطفولي، وهي تحضني من ركبتي.

"واني هم اشتاقيتلج حبيبتي،" جاوبتها، واني امشي باتجاه بابا.

"مساء الخير بابا،" سلمت، وبست ظهر ايده وخليتها على كصتي.

"مساء النور يمه. شلونك؟ شلون الشغل؟" سأل، وهو يشع بالفخر.

"الحمد لله، كلشي تمام. شلون صحتك؟"

"احس أحسن من أي وقت مضى هسه، بما إن ابني مستعد يمشي لقدام. هذا يعنيلي الدنيا كلها،" كال، رغم إن لمحة قلق ظلت بتعبيرات وجهه. بعدين، بابتسامة مشاكسة، أضاف، "وأتوقع أحفاد أكثر بالطريق همين، ها؟" حرك حواجبه بخبث.

ضحكت على حس الفكاهة المعتاد مالته. بابا جان دائماً هو المرح، ويخفف حتى أثقل اللحظات. بسرعة، حول كلامه لوحدة من دروس الحياة مالته، وحثني على اترك الماضي بمكانه.

بعد ما كتلها تصبح على خير، شلت نضال – اللي جانت نامت بحضني – ورجعتها لبنايتي. واني لازمها قريب، تمنيت بصمت إن هالزواج راح ينجح. إذا مو إلي، فعلى الأقل الها. من شفت عائلتي هيج فرحانة، أدركت إن يمكن، بس يمكن، حان الوقت حتى اني أمشي لقدام صدك.






منال

كعدت من وكت، سبحت بسرعة، ولبست ملابسي قبل لا اروح للمطبخ، وين لكيت ماما دتطبخ ريوك.

"صباح الخير ماما،" سلمت عليها، وحضنتها حضن سريع.

"صباح النور حبيبتي. شلونج؟" سألتني بحرارة.

"زينة،" جاوبتها، والتحقت بيها حتى نكمل. حضرت صندوق غدا أيان، بس ليلى ما جانت تحتاج واحد – جانت تشوف صناديق الغدا طفولية كلش.

بعدين، رجعت لغرفة الطعام وشفت ماما دتصبل لأيان و ليلى جانت نص أكلها، اثنيناتهم لابسين زي مدرستهم بشكل مرتب، وشكلهم ذكي.

"صباح الخير يا منال،" صاحوا بنفس واحد بدون ما يرفعون راسهم عن اطباقهم.

"صباح النور،" جاوبتها، واني صبيت لنفسي شوية بطاطا وصلصة بيض. كعدت واكلت بهدوء، مستمتعة بالصباح الهادئ. من خلصت، رحت لغرفتي حتى اخذ جنطتي.

ماما وصلّت أيان وليلى للمدرسة، وبما إن ما جان عندي سيارة خاصة بيّ بعد، هي وصلّتني للشغل. صارلي شهرين من حصلت الشغل، واني أخيراً بديت اتأقلم وياه.

جانت جمعة مشمسة بشهر آذار، وبما إن طلعت من الشغل من وكت، قررت أمر على قصر العرب. صارلي هواية كلش ما زايرته، خصوصاً ميمونة. ما شفت هاي المهرجة المخبلة من العيد اللي فات، مع إننا بعدنا على اتصال.

من وصلت، نزلت من التكسي وكفت كدام البوابة السودة الكبيرة. لوحة ذهبية عليها اسم "آل العرب" محفور بأحرف بارزة جانت تلمع تحت الشمس. حارسين جانوا واكفين على جانبي البوابة، واقفين بشكل مستقيم وايديهم ورا ظهورهم.

"مساء الخير سيدتي. شلون اكدر اساعدج؟" صوت انبعث من جهاز الاتصال الداخلي.

ضغطت الزر الجوا. "اني منال، صديقة ميمونة."

"اوه، منال! شلونج؟"

"زينة،" جاوبتها، واني بعدني لازم الزر.

بهمسة ناعمة، انفتحت البوابة، وكشفت عن رجل قصير لابس زي أمني رمادي وأسود.

"آه! سيدتي، أهلاً وسهلاً بيج!" سلم بابتسامة، وابتعد على جهة حتى يخليني اعبر.

"أوكا سامويل، شلونك؟" سألته بحرارة.

"اني زين! صارلي هواية ماشايفج!"

"اي، جنت كلش مشغولة،" شرحتله.

هز راسه بسرعة ورجع لمكانه.

مشيت عبر الساحة الواسعة كدام البيت، واني اتفرج على المنظر مال أربع بنايات مختلفة. واني اتمشى باتجاه البوابة اللي تؤدي للبيت الرئيسي، عيوني دارت على اليمنة، وين صفوف من السيارات الأنيقة جانت صافطة بترتيب. بعدين، على يساري، لاحظت كلب يركض باتجاهي، كلب راعي ألماني أبيض ومنفوش.

"سنو!" صوت صغير صاح، وظهرت بنية صغيرة. جانت عدها شفايف وردية متورمة، حواجبها غامقة وكثيفة، وشعرها الطويل المجعد مربوط بضفيرتين.

"نضال!" ركضت ورا البنية خادمة لابسة زي موحد. الكلب قفز باتجاهي، ينبح بحماس.

"سنوي!" صاحت البنية الصغيرة بحماس، وهي تنزل حتى تشيل الجرو النشيط.

"كلش آسفة سيدتي. مساء الخير،" كالت الخادمة، وهي تبتسم بلطف بخدودها السمينة.

"مساء النور. شلونج؟" سألتها، واني اقلد نبرتها المبهجة.

"زينة، شكراً. منو جايتله هنا؟"

"اني جايت لميمونة. موجودة؟"

"اي، كلهم جوا،" جاوبت الخادمة، وهي تأشر باتجاه وحدة من البنايات الأبعد.

"شكراً،" كلت، وابتسمتلها ابتسامة صغيرة قبل لا اكمل طريقي.

بجزء ميمونة من البيت، دست جرس الباب. خادمة لابسة فستان أسود ويا صدرية بيضة ولفة راس مطابقة فتحت الباب.

"مساء الخير،" سلمت، ودخلتني جوا.

"مساء النور. شلونج؟" سألتها.

"زينة، شكراً. عفية كعدي، منو جايتله و ممكن اعرف اسمج؟" سألت بابتسامة عريضة.

"اني جايت لميمونة، اني منال."

"تمام. تحبين شاي لو مي؟"

"مي زين، شكراً،" جاوبتها، واني ابادلها الابتسامة.

هزت الخادمة راسها ورجعت بسرعة ويا كلاص مي بارد ويا شريحة ليمون.

"شكراً،" كلت، واخذت رشفة. رجعت ظهري على القنفة، وتنهدت بارتياح.

بعد لحظات قليلة، رجعت الخادمة. "كالت تكدرين تقابليها فوك."

هزيت راسي، وخليت الكلاص على الميز، واتوجهت باتجاه الدرج، واني اتصفح تليفوني واني امشي. واني دا اكتب، ضربت بشخص، وصوت طشر التليفون على الكاع فاجأني.

"انتي عمية؟" صاح الشخص، وهو يشيل تليفونه المكسور.

رفعت راسي وشفت رجال طويل، أسمر، ويا سوالف مرتبة، ولابس دشداشة رصاصية. للحظة، بس وكفت هناك، انصدمت بشكله شكد جان وسيم.

"هيي!" كال، وهو يطك اصابعه كدام وجهي.

"انتي مخبلة؟ كسرتي تليفوني، ومكدرتي حتى تعتذرين؟" نبرته جانت حادة، والقهر واضح على وجهه مع انه بعده يبين هادي.

اني بقيت تعابير وجهي هادئة. "جنت راح اعتذر، بس طريقة تصرفك توضح إنك عصبي بطبيعتك. بصراحة، شكلك احسن بهواية من تصرفاتك. بس على العموم، الأخطاء تصير."

باوعلي نظرة حادة. "ما اعرف ليش هاي البنات يظلن يصادقن هيج ناس،" تمتم بصوت ناصي، وهو يمر من يمي ويمشي.

هزيت راسي وكملت صعود الدرج. بالعلالي، لمحت ميمونة تركض باتجاهي، وجهها مشع بالحماس.

"اشتاقيتلج كلللش هواية!" صاحت، وهي تحضني حضن قوي.

"واني هم اشتاقيتلج، بس دتخنقيني،" كلت واني الهث.

"اووبس،" كالت وهي تضحك من عافتني.

"بعدج دتسبين مو؟" ضحكت عليها، واني ارمش بعيوني عليها.

"عفية! طلعت مني بالغلط!" اعترضت.

"بكيفج." درت عيني واني احنا نمشي لغرفتها.

الخادمة جابتلنا أكل ومرطبات.

حجينا وضحكنا ساعات لحد ما صار وقت صلاة العصر.

"امم، ميمونة؟" بديت، واني اطوي الحجاب اللي صليت بيه.

"ها؟"

"ضربت بشخص قبل شوية، و... اعتقد كسرت تليفونه."

"منو؟"






"ما أدري. شفته جوا واني رايحة لغرفتج."
"وصفيه،" حثتني.
"هو طويل، أسمر، عنده سوالف، وجان لابس دشداشة رصاصية."
فكرت ميمونة للحظة. "اوه! هذا أكيد عكّي بشير."

"منو هذا؟"
"متتذكرين؟ هو أول واحد انولد بهاي العائلة. اللي جان عايش بلندن ويا خالتنا اللي تضوج... ونفس الرجال اللي أميرة جانت معجبة بي بشكل مو طبيعي."
"اووو، هو. سمعت إنه تزوج أحسن صديقة لسميرة."
"إي، بس هي توفت قبل ثلاث سنين، ورا ما سووا عقيقة بنتهم."
"هذا شي كلش مو زين،" تمتمت.
"فعلاً هو هيج. هو بعد ما رجع مثل قبل من ذاك الوقت،" كالت ميمونة بهدوء. "هم يادوب رجعوا لنيجيريا، هو تقريباً أخذ نضال وانتقل لباريس ورا كلشي صار. جنت ازورهم مرات قبل ما اتخرج."
"يعني، نضال بنته؟" سألتها.
"إي. هي مليانة طاقة – ومخبوصة بهذا الجرو من وصل،" كالت ميمونة بابتسامة.
قضينا باقي المساء نسولف عن حياتها ببريطانيا قبل ما تتخرج وترجع لنيجيريا بشكل دائم. ورا صلاة المغرب، مشينا لجناح أهلها، واحنا نضحك ونسولف.
من دخلنا، عطر البخور الحلو ملأ الجو، والبرودة القوية مال مكيف خلت شعري يوكف.
"خلي نروح لغرفة بيبي،" اقترحت ميمونة.
صعدنا الدرج ودكينا باب بيبي، ودخلنا ويا سلام ناعم.
"صدق الله العظيم،" همست بيبي، وسدت القرآن. عيونها لمعت من شافتني.
"آه، منال! شلونج؟" سألت بحرارة، وهي توكف تسلم عليّ.
"زينة، الحمد لله،" جاوبتها، واني مبتسمة.
"شلون أمج واخوانج؟"
"كلهم زينين،" جاوبتها.
"صار هواية كلش يمه. نسيتينا؟"
"عفية! مستحيل أنساج،" كلت واني اضحك.
بهاللحظة، دك تليفوني. استأذنت وطلعت لغرفة الطعام حتى اجاوب المكالمة.
"مرحبا ماما، شلونج؟" كلت واني لازمة التليفون على أذني.
"زينة. شلون بيبي؟"
"كلهم زينين،" جاوبتها، واني اباوع ورا كتفي.
"شلون صحة نضال؟" سألت ماما.
"نضال كلش زينة،" جاوبتها، بس من درت وجهي، عيني اجت بعين بشير. جان واكف هناك، شكله ضايج، ووجهه عابس دائماً. درت عيني وتجاهلته، وركزت على المكالمة.
"اتمنيت متنسين تاخذين دوائها؟"
"اوه يا ربي، نسيته بمكتب سميرة،" اعترفت، واني خجلانة.
"انتي هاي البنية، كلش مطفية!"
"ماما، جنت مستعجلة!" دافعت عن نفسي، واني نادمة على نسياني.
"على العموم، تعالي للبيت بسرعة، الوقت ديتأخر. كولي لبيبي راح ادز الدوا باجر."
"اوكي، باي،" كلت وسديت المكالمة. درت وجهي بس لكيت بشير بعده واكف هناك، ايديه مدفوعة بجيبه، ويباوعلي بغضب. حاولت أمشي من يمه، بس هو وكف بطريقي، سد عليّ الدرب.
"شلون تعرفين سميرة؟ وشنو تريدين من بنتي؟" سأل، وصوته جان هادي بشكل مفاجئ هالمرة.
رفعت حاجب على السؤال، واني شوية مستمتعة بحمايته الزايدة. "تعرف، الناس مترابطة بطرق غير متوقعة. اصدقائك ممكن يكونون اصدقائي. احنا كلنا عائلة وحدة جبيرة."

"ضحك باستهزاء، مو عاجبه. "ما سألت عن درس جغرافية. بس جاوبي على السؤال،" كال، ورفع صوته شوية، رغم انه بعده مسيطر على نبرته.
باوعتله نظرة حادة "سيد بشير آل العرب،
"سيد بشير، إذا دتدور على أجوبة حقيقية، أقترح توجه أسئلتك لسميرة. هي عدها صبر تجاوب على قلقك بتفكير." مشيت من يمه بس وكفت بنص الخطوة. "اوه، وبالمناسبة، هذا مو جغرافية – هاي بس حقيقة،" أضفت بابتسامة ساخرة قبل لا اكمل صعود الدرج.
بجناح بيبي، غرقت بالقنفة وتمددت. "بيبي، ماما قبل شوية اتصلت. كالت راح تدز دوا نضال باجر،" كلت بنفس اللحظة اللي دخل بيها شخص ويا سلام مبهج.
"آه، بشير، رجعت! شلون جان الاجتماع؟" سألت بيبي.
فزيت من جوايا وبشير كعد على الجرباية، تليفونه بيده. أكيد صلحه.
"الحمد لله، جان زين،" جاوب، حتى بدون ما يرفع راسه.
بيبي التفتت باتجاهي. "بشير، قابل بنت الدكتورة كولو،" كالت بابتسامة فخر.
بشير باوعلي نظرة باردة. "إي، احنا التقينا،" كال بجفاف.
قررت اشرد. "بيبي، لازم اروح للبيت. الوقت ديتأخر،" كلت، واني واكف واشيل جنطتي على كتفي.
بهاللحظة، دخلت أمي. جانت تخبل – بشرتها الغامقة جانت تلمع تحت الأضواء الهادئة، وحواجبها الحادة والمعقوفة نطتها مظهر أنيق وملكي.
"منال! شلونج؟" سألت بحرارة، وهي تحضني حضن ناعم.
"زينة، الحمد لله،" جاوبتها، واني استنشق ريحة الحمرة الحلوة منها.





"شلون أمج واخوانج؟" سألت بابتسامة حارة، وكشفت عن سن ذهب يلمع بين باقي اسنانها.
"كلهم زينين،" كلت.
"سلميلي على أمج! اوه، لحظة – راح انطيج كم علبة بخور تاخذينها الها،" كالت قبل لا تستعجل وتطلع.
كعدت مرة ثانية، احاول أتجاهل بشير، اللي بعده جان ملتهي بتليفونه. سكوته جان كلش يناسبني. بعد لحظات، رجعت أمي ويا جنطتين ورق سودة أنيقتين، ومكتوب عليهن "D'scent" بالذهبي.
"هسه طالعة؟" سألت، وهي تنطيني الجنطتين.
"إي، ماما."
"منو راح يوصلج؟" سألت، والقلق تسلل لصوتها.
"راح اطلب تكسي،" كلت، واني ارفع كتفي.
"لا لا. كلش خطر بهالوقت، وانتي بنية، فدوة لله. بشير راح يوصلج،" أصرت.
رفع بشير حاجب بس ما رفع راسه. "شنو صار للسواق؟" تمتم.
بيبي زجرته بمرح. "السواق اشتغلوا بما فيه الكفاية اليوم. خليهم يرتاحون."
"ماشي، زين،" كال بشير، وهو يوگف على مضض. "يلا نمشي."
ودعتهم، وميمونة مشت وياي للباب الأمامي.
"وين التوم؟ ما شفتهم من اجيت،" سألت واني هي تفتح الباب.
"أمل على الأغلب بغرفتها، وأماني احتمال ببيت صديقتها،" جاوبت ميمونة بنفس اللحظة اللي وكفت بيها مرسيدس بيضة أنيقة.
حضنتها وصعدت للكرسي الخلفي، بس سمعت صوت بشير الجاف قطع الصمت.
"إذا ما غلطان، اني ما أشبه سايقج،" كال بدون ما يباوعلي.
درت عيني، وذبيت الجنط الورقية على الكرسي الخلفي، وصعدت بالكرسي الأمامي بدلاً من ذلك.
"شنو عنوانج؟" سأل، وعيونه على الطريق.
"رقم 4، ويك سبرينغ، مايتاما،" جاوبته، وعيني ثابتة لقدام.
الرحلة جانت صامتة بشكل محرج. ولا واحد بينا حجه كلمة، وهذا جان كلش يناسبني. بسرعة، وصلنا لبيتي، ونزلت، واخذت الجنط الورقية من الكرسي الخلفي.
قبل حتى لا ادك الباب، ليلى فتحت الباب بقوة، ووجهها نور.
"أهلاً وسهلاً أختي الحلوة!" صاحت، وهي تحضني وتخطف الجنط من ايدي.
باوعتلها بنظرة فضول. "شوكت آخر مرة حضنتيني هيج؟"
"ما ادري، بس انتي تستاهلينها اليوم،" ابتسمت واني دخلنا جوا.
نزعت حذائي، وخلّيته على الرف، واني اتفرج على ليلى وهي تفتش بالجنط الورقية مثل طفلة فضولية.
"عرفت هالحدنة ما جانت صادقة،" تمتمت.
"جنت بس اريد اشوف شنو بيها!" اعترفت، وهي تبتسم بخبث.
"الله يساعدج،" كلت واني اهز راسي.
"آمين، اووه! انتظري، هذا بخور آل العرب؟" صاحت بلهفة، وهي ترفع علبة وكأنها كنز.
رفعت كتفي. "إي."
"والله، احب هاي العائلة. بما إن عندج أحسن صديقة هناك، وماما دكتورتهم العائلية، وبابا جان صديق أبوهم، يمكن يوم من الأيام اصير جنتهم. أو على الأقل انتي لازم تصيرين،" كالت بحلم.
"انتي مخبلة،" كلت، واني اضحك على أفكارها المجنونة.
"جادة ترى."
"بالتأكيد مو جدية" ضحكت، واني اهز راسي. "وين ماما؟"
"بغرفتها، اعتقد."
"وأيان؟"
"بغرفته."
"ليلى، اني كلش جوعانة. تكدرين تسويلي نودلز؟"
"اكيد، بس خليني اشوف شنو بعد هنا،" كالت، واني بعدني غارقة بمحتويات الجنط الورقية.
"تعرفين هذا لماما، مو؟" حذرتها.
"ما راح آكله، بس دأشوف – لأسباب أمنية،" ابتسمت.
اخذت الجنط منها وكفت. "رجعيها. وعفية، من تسوين النودلز، لا تغركيها بهذا الفلفل مالج اللي يكدر يكتل واحد."
ضحكت، ورجعت العلب للجنطة.
دكيت باب ماما ودخلت ويا سلام ناعم، خليت الجنط على جربايتها واني كعدت يمها.
"رجعتي،" ابتسمت بحرارة.
"إي. عمتي أمي كالتلي انطيج ذني."
"طوه، الله ساركي أمينة، هيج مرة حبابة،" كالت ماما بابتسامة حنونة.
"هي فعلاً هيج،" وافقت، واني اوگف حتى اطلع. "راح اروح لغرفتي – تعبانة."
"طوه، تصبحين على خير. نومة العوافي،" كالت ماما، وحضنتني حضن سريع.
"وانتي هم، ماما،" همست، واني اتوجه لغرفتي.
ورا حمام سريع ووضوء، صليت. بنفس اللحظة اللي خلصت بيها، اجت ليلى ويا النودلز مالتي، وهي تسولف بدون توقف عن ولد اسمه فواز من مدرستها. اكلنا سوية وهي تكمل حجيها، وما كدرت ما اضحك.
الحياة ويا ليلى جانت دائماً فوضوية، بس مستحيل ابدلها بأي شي.
بالرغم من وفاة أبوي، احنا بعدنا دا نسعى حتى نلكي السعادة ونمشي لقدام بحياتنا، وهذا شي اني كلش شاكرة وسعيدة بيه والحمد لله.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء