روايه كافيين الحب

كافيين الحب

2025, كاترينا يوسف

رومانسية

مجانا

جيسيكا، بنت دماغها سايحة وبتعمل مصايب وهي سكرانة. بتقابل واحد مز اسمه جيك في كافيه وبتدلق عليه القهوة. الحياة بتلعب معاها وبتكتشف إن جيك ده هو الإشبين بتاع خطيب أختها. الموقف بيقلب كوميديا وإحراج، وجيسيكا بتحاول تسيطر على مشاعرها ناحيته، خصوصًا مع وجود صاحبته سيرينا. في الآخر، جيسيكا بتقرر تبص لقدام وتنسى اللي فات، سواء جيك كان مجرد محطة أو بداية لحاجة أكبر.

جيسيكا

حظها وحش شوية في الحب. بتشتغل في دار نشر وبتدرس أدب إنجليزي. شخصيتها قوية، بس ساعات بتتصرف بغباء لما بتتوتر أو بتشرب. عندها مشكلة إنها بتتهته لما بتتفاجئ أو بتتحرج.

سكوت

حبيب جيسيكا السابق. خانها قبل ست شهور، بس بعد كده اعتذرلها وبقوا أصحاب بشكل أو بآخر. ظهوره بيسبب لجيسيكا انتكاسات في مشاعرها.

جيك

الشاب الوسيم اللي جيسيكا بتقابله بالغلط. إشبين برايان وصاحبه المقرب. شخصيته جذابة ومغرورة شوية، وبيحب يهزر ويضايق جيسيكا. له تاريخ مع البنات الكتير.
تم نسخ الرابط
كافيين الحب

عيني تقلانة أوي من قلة النوم، بالعافية فاتحاهم وأنا واقفة. الاتنين مع بعض مخلياني مش قادرة أستنى في الطابور بتاع محل القهوة المفضل بتاعي، اللي هو جنب شقتي على طول، بس عشان جرعة الكافيين الصبح اللي لازم أخدها، بتحمل. حاطة كل أملي في حبوب القهوة اللي بيحمّصوها هناك إنها تنقذني من صداع الخمرة الفظيع اللي عندي. تقريبًا أنا الوحيدة اللي ألومها على إحساسي ده. آه، صاحبتي الانتيم حنة برضه تتحمل جزء من اللوم؛ هي بتستحمل الشرب أحسن مني بكتير، فالشرب معاها في نص الأسبوع مكنتش أحسن أفكاري.

ريحة القهوة الطازة المحمّصة مالية المكان وريحتها تحفة، جسمي كله بيتهز من كتر ما أنا مستنية أدوقها. عارفة، كلام مدمنة صافية، بس القهوة دي هي شريان الحياة بتاعي. وفي اللحظة دي هي تقريبًا الحاجة الوحيدة اللي ممكن تعدل دماغي اللي سايحة دي.

نايمة نص نوم على رجلي ومستنية الطابور يتحرك، واحد قدامي لفت نظري. كلامه العالي في التليفون مع "أعز صاحبه جو" صعب تتجاهله، ووصفه الحي للحفلة اللي حضرها امبارح بيوجع لي دماغي زيادة. الطريقة اللي بوزو بيتعوج بيها بسخرية بتضايقني أكتر من الطبيعي بالنسبة لواحد غريب، بس أنا مفيش عندي طاقة أصلاً أحلل أفكاري المعادية دي. بما إنه شكله حلو، أنا متأكدة إن فيه قصة بنت ورا كل فشرة.

قبل ما أقدر أقفل دماغي، عقلي بدأ يسرح في اللي ممكن يخلّي البوزة دي على وشه (وأنا هنا كنت فاكرة إني دماغي فاصلة مؤقتًا). بدأت أسرح، وأفكر امتى آخر مرة كانت فيه ابتسامة زي دي موجهة ناحيتي.

خطيبي السابق سكوت، خطيبي من ست شهور فاتوا، كان وشه بياخد الابتسامة الشيطانية دي بأكتر طريقة مثيرة ممكنة. كنت بحبها زمان. مكنتش أعرف إن الابتسامة دي كانت بتسخر مني قد إيه. لسه سامعة كلام أحسن صاحبه وهو بيقولي لازم أفوق عشان هو بيخوني كل ما يلاقي فرصة. صاحبه الحقيقي خانه عشان حس بالذنب ناحيتي إني كنت ساذجة أوي. كنت فاكرة بجد إني خلاص تخطيت الموضوع، يعني، يا عم، بقالها ست شهور خلاص. وإحنا كنا مرتبطين لمدة سنة ونص بس. بس امبارح بقى، حصلتلي انتكاسة خرافية.

عيني بتقفل على اللحظة المحرجة أوي اللي افتكرتها من امبارح بليل. أنا غبية أوي لما بشرب.

شفت سكوت في نفس النادي اللي أنا وحنة رحنا له امبارح، وانتهى بينا الحال بنتكلم على حلبة الرقص. كنا مخليين كلامنا خفيف ومحايد من ساعة ما كل دراما انفصالنا حصلت. ممكن أكون غبية، بس أنا مبحبش أشيل الطين. لما قرب مني بعد شهر من انفصالنا عشان يعتذر بجد على كل حاجة، سامحته وقررنا نفضل أصدقاء نوعًا ما. فدي كانت أنا امبارح وأنا بتعامل كصديقة. لحد ما سكرت على الآخر أنا وحنة وانتهى بينا الحال وسكوت روحنا. طبعًا، حنة نزلت بيتها قبلي. معرفش إمتى قررنا إن مناقشة اختيارات علاقاتنا البايظة فكرة كويسة في حالتنا اللي كنا فيها دي، بس ده اللي حصل. وبعد كام تعليق حاد، انهرت. وأنا قصدي انهيار كامل وتام. فضلت أعيط في حضنه لمدة عشر دقايق كاملة، بسأله ليه كان لازم يوجعني كده.

صوت جرس الباب بيطلعني من أفكاري للحظة ومقدرتش أتحكم في نفسي إني أكش من ذكرى إني كنت منهارة بعياطي امبارح. تعبت أوي عشان أتخطاه، بس كنت كويسة خلاص بقالي فترة. أنا غبية موت لما بسكر.

صداع دماغي بيزيد بس مع ذكريات امبارح بالليل وبلف بضيق بعيد عن الراجل اللي بيتكلم في التليفون قدامي. بس مبقتش قادرة أوقف أفكاري. أمسية امبارح بترجع بقوة.

سكوت كان مصدوم بجد وهو شايفني بعيط في حضنه، والطريقة الوحيدة اللي عرف بيها يهديني كانت إنه يبوسني. مسك راسي بإيديه الاتنين وقربني لأقسى بوسة باسها لي في حياته. وأنا رديت على طول، من غير تفكير. الإحباطات من كل اللي حصل صبت في تلامس جسمينا وخليتنا نتعامل مع الوضع الحالي بالطريقة الوحيدة اللي كنا بنعرفها.

كنا بنشد وبعدين بندفع بعض، بنعض شفايف بعض بقوة، ولا واحد فينا كان بيرجع. إيديه اتحركت لضهري وسحبني لصدره في حضن مؤلم تقريبًا، بس سخن بشكل فظيع. لما إيده دخلت تحت قميصي وإيديه الخشنة لمست جلدي اللي كان سخن، قدرت أخيراً أطلع من الدوخة وأزقه، وأفصل أجسامنا المتشابكة. كنا بننهج بشدة، وبنبص لبعض بصدمة وشهوة سوداء نقية. وبعدين دماغي أخيراً استوعبت اللي بيحصل - فوقني على طول.
مد إيده لذراعي في محاولة إنه يسحبني تاني، بس أنا كنت غضبانة من نفسي لدرجة إني مقدرش أسيب الأمور توصل للدرجة دي. كنت أتمنى إن دماغي العقلاني يظهر بدري. دي كانت يمكن أول مرة في ست شهور أدرك فيها إنه مكنش متأثر بانفصالنا زي ما كنت فاكرة. بس أنا بجد مكنتش عايزة أخلي أفكاري تروح في السكة دي.
حاولت أتفاهم معاه وأقوله إني مش عايزة أبقى مرتبطة بيه كده تاني أبداً بالرغم من اعترافاتي اللي كنت بعيط فيها. وبعد ما اتكلمنا، وافق على إنه مش هنمشي في الموضوع ده أكتر من كده. كان عارف إن إحنا كنا تركيبة من النوع اللي بيتخبط وبيتحرق. طول عمرنا كده. مكنش هو عايز يبدأ حاجة تاني برضه. دي كانت مجرد الطريقة اللي كنا بنتعامل بيها مع مناقشاتنا اللي ملهاش لازمة زمان. في السرير.
حضنا بعض وقبل ما أنزل من العربية، سحبني تاني مرة وعينيه الحزينة بصت في عيني قبل ما يتكلم.

"أنا آسف يا جسيكا. آسف إني مقدرتش أكون اللي انتي كنتي محتاجاه. بس إني أشوفك النهاردة بتعيطي في حضني كده..."
وسكت كده وبعدين تنهد، والندم والحزن باينين على وشه.
"خليني أقول، أنا عندي قلب في الآخر. عشان هو لسه متكسر لمليون حتة."
أكيد هو كان كداب وخاين وغبي، بس مكنش شخص وحش. وكلامه لمس قلبي. كنت عارفة إنه كان عنده مشاعر ليا زمان. كان فيه حاجات تانية بس هو كان محتاج يحلها قبل ما يدخل في علاقة جدية. بس أنا حسيت بشوية رضا لما سمعت الكلام ده. قبل ما ألف عشان أمشي بصيت عليه كويس آخر مرة، عينيه الزرقا المخضرة الجميلة، فكه القوي اللي عليه ذقن خفيف ملفوف حوالين شفايفه المذنبة ونازل لذراعه العضلية، إيده بتقفل وتفتح بقبضة. أنا بصراحة فاكرة إن كان فيه مشاعر حقيقية بينا في وقت من الأوقات، بس في اللحظة دي إحنا الاتنين أدركنا إن دي آخر مرة هنكون فيها مرتبطين ببعض. وأنا كنت كويسة مع الموضوع ده. أعتقد إحنا الاتنين كنا كده. اديته بوسة صغيرة على شفايفه قبل ما أنزل من العربية والحاجة الوحيدة اللي فاكراها بعد كده إني صحيت بدماغ وزنها حوالي عشرة طن.

صوت مألوف بتاع الباريستا المفضل بتاعي بول بيطلعني من أفكاري.
"أهلاً يا جيس، هتطلبي حاجة النهاردة ولا بس بتبصي في الفراغ؟"
هزيت راسي ولفيت عيني بسخرية، وهو ضحك على حالتي البائسة.
"أمريكانو، شوت دوبل النهاردة، لو سمحت."
"كنت عارف إن فيه سبب إن شكلك زي الزفت النهاردة. قضيتي ليلة طويلة؟"
دلوقتي أنا اللي ابتديت أضحك.
"ممكن تقول كده."




 
 
 هو لف وحضر القهوة بتاعتي، وغمزلي قبل ما يناولني الكوباية ويتمنى لي يوم سعيد. أنا فتحت الغطا بتاع الكوباية وشميت ريحة القهوة بعمق، ودماغي تقريبًا ارتاحت من مجرد الريحة. بدأت ألف عشان أمشي، وطبعًا، مع دماغي اللي سايحة وجسمي النايم اللي ملوش أي رد فعل، خبطت جامد في صدر عريض ورايا، ووقعت نص القهوة بتاعتي على قميص البولو الأبيض النظيف بتاعه. هو فحيح من الألم، غالبًا من قهوتي السخنة أوي، وأنا رفعت عيني وبصيت لأكثر عيون خضرا نافذة شفتها في حياتي. بصيت بصدمة وإعجاب للغريب المذهول ده وبقي مفتوح من كتر ما هو شكله حلو بشكل سخيف. سكوت مين؟

شعره قصير وغامق، وفكه مربع، وذقن خفيف مظبوط على وشه. وشفايفه المليانة، يا إلهي، ليه أنا ببص على شفايفه؟ هو بيبص لي بشوية ضيق، بس لما شافني مش عارفة أتكلم، ظهرت على وشه ابتسامة بطيئة.
"إ-إ-آسفة. أنا آسفة أوي-ي. أنا حرقتك؟" أنا تهتهت.
هو بس هز راسه وبص على قميصه. أنا كشيت لا إراديًا لما تابعت بصته. جزء كبير من قميصه اتوسخ ببقعة قهوة بني غامق. مسكت مناديل من جنبي وبدأت أطبطب على قميصه، وإيدي ماشية على صدره اللي كان ناشف بشكل مش معقول تحت لمستي. يا إلهي، أنا هكسف نفسي خالص لو ملمتش نفسي دلوقتي. ده مجرد واحد حلو عشوائي. هو مسك إيدي بالراحة، وقفني عن حركاتي الجنونية في محاولة إني أرجع قميصه أبيض، واللي كنت فيها غالبًا بزود الطين بلة. أقسم إيدي حاسة إنها اتعلمت بشكل ما لما لمسها. إيه ده بجد؟ أعتقد إني ممكن أكون لسه سكرانة.
"يا هلا، هلا، متقلقيش. عادي. مش لازم تعملي كده."
بصيت له تاني ودلوقتي مفيش على وشه غير الضحك. عينيه ماسكاني تمامًا ومش قادرة أبص بعيد.
"إلا لو كنتي عايزة تفضلي تلمسيني، وده برضه عادي معايا." ابتسامة صغيرة شدت شفايفه. أنا وشي احمر أوي وهو ضحك على خجلي.
"آه، آسفة. هبطل د-دلوقتي." يا رب، ممكن أبطل تهتهة؟
"خدي، خليني أشتريلك قهوة تانية." واخد الكوباية الفاضية تقريبًا من إيدي ورماها في الزبالة. "أنا جيك، بالمناسبة."
مد إيده ليا وأنا حطيت إيدي الصغيرة في إيده. جلد إيديه الكبيرة سخن على إيدي ومقدرتش أمنع الوخز اللي طلع في دراعي.
"أنا جيسيكا. ومينفعش خالص تشتريلي قهوة تانية، بس أنا أكيد هشتريلك واحدة. ولو تديني قميصك ممكن أوديه دراي كلين."
هو رفع حواجبه باستغراب وابتسملي بلعب. عنده غمازات، عنده غمازات بجد لما بيضحك. هو في حاجة مش كليشيه خالص في الراجل ده؟
وبعدين استوعبت أنا قلت إيه وليه هو بيضحك عليا تاني.
"يا إلهي، أنا بفضل أحرج نفسي زيادة. طبعًا مش هتقلع قميصك هنا وإيه اللي هتلبسه عشان تروح... أي مكان كنت رايحه كده كده. ممكن أدفع تمن واحد جديد." أنا ضحكت بضيق قبل ما أكمل.
"أنا آسفة، أنا مش غبية كده عادةً. النهاردة بس مش أحسن صباح ليا. مش إن ده يهمك في حاجة. و... أنا برغي تاني. آسفة." أنا لفيت عيني على نفسي في سري. أنا غبية.
بصيت حواليا وقعدت على الترابيزة اللي جنبي، وخدت نفس عميق. كنت خبطت دماغي في السطح الخشبي البارد لو مكنتش في مكان عام. هو قعد جنبي، بيبصلي عن قرب.
"جيسيكا، تشرفت بمعرفتك. ومتقلقيش على القميص، أنا عندي كتير منهم. بطلي اعتذار."
حاولت أهز راسي بامتنان لمحاولته الواضحة إنه يحسسني إني أحسن.
"لكن، محاولتك إنك تخلعيني وإحنا لسه يدوب بدلنا أسماءنا جريئة أوي."
بصيت له بصدمة، وعيني واسعة من الإحراج وعدم التصديق لكلامه.
بس وشه فضل فيه لعب وضحك على عدم تصديقي الواضح. حاولت أسترخي قبل ما أرد لما أدركت إنه بيهزر. إيده وصلت وسحبت خصلة شعر سايبة ورا ودني. أنا اتخضيت من حركته، بس هو ملقاش ده غريب.
"اهدي، أنا بس بهزر معاكي."
غمز كده وأنا حسيت إن اللي جوايا بدأ يدوب من نظرته النافذة. هو شاطر في ده.
"آه، آه. مكنتش بفكر في اللي قلته، آسفة." أنا بصيت لتحت عشان ألم نفسي قبل ما أبص له تاني.
"ومتعملش على نفسك نمرة. مش كل ست عايزة تخلعك من أول نظرة."
أخيرًا، غروري رجع. شكرًا جزيلاً.
وشه بان عليه المفاجأة لأول مرة. كده أحسن. بالرغم من إن إني أخلعه كان هيبقى أول حاجة على أجندتي النهاردة لو مكنش، حسنًا، غريب.
هو ضحك بصوت عالي المرة دي ووشه كله نور، ومبين الغمازات اللعينة دي تاني.
"شاطرة، شايف."
مقدرتش أمنع نفسي إني أبتسم. دلوقتي بجد لازم أشتريله القهوة دي.
"طيب، إيه القهوة اللي بتشربها-..."
كلامي اتقطع قبل ما أخلص سؤالي لما شقراء زي الموديل وقفت قدام جيك وسحبت انتباهه بعيد عني.
"جيك، آسفة إنك اضطريت تستنيني. يا إلهي، إيه اللي حصل لقميصك؟"
هي متجاهلتنيش بأي شكل وهو بص عليها.
"مجرد حادثة صغيرة. كنت فاكر إني هقابلك بره؟"
أنا بدأت أقوم من الكرسي بتاعي بما إني واضح إني مقاطعة حاجة هنا. هو بص لي تاني ومسك دراعي بسرعة قبل ما أقدر أتراجع.
"إيه ده، ماشية خلاص؟"
"آه، لازم أمشي. آسفة تاني على الفوضى. لسه حابة أشتريلك قهوة كاعتذار." بصيت على الشقراء وذوقي مسمحليش أبقى وقحة، بالرغم من إنها كانت بتبصلي بغضب. "ولصاحبتك برضه، طبعًا."
هو كان على وشك يقول حاجة لما هي قاطعته. "مش لازم، إحنا هنشتري مشروباتنا بنفسنا. صح يا حبيبي؟"
النظرة اللي هو بصلها بيها مكنتش ودودة خالص والضيق باين على ملامحه بوضوح، بس أنا بدأت أتراجع بسرعة على أي حال. بعد تذكرة فشل علاقاتي الليلة اللي فاتت، مش عايزة أدخل في دراما جديدة. حتى لو كانت مع واحد من أحلى الرجالة اللي شفتهم في حياتي. قبل ما يقدر يرد أي حاجة، لفيت ومشيت من غير ما أبص ورايا، وقهوة الصبح بتاعتي اتنسيت في السكة.
خدت نفس عميق أول ما طلعت، وهوا الخريف النضيف دخل في مناخيري وحاولت أروّق دماغي وأنا ماشية لعربيتي وبسوق نفسي للمحاضرات. لسه قدامي أطول يوم. ومن غير قهوة كمان على ما يبدو.

---



بعد كام يوم، بالليل كان فيه خطوبة أختي ومفضلش غير كام ساعة بس على ميعاد ما أكون هناك. حنة، صاحبتي الانتيم، هتيجي معايا وهي اللي هتيجي تاخدني عشان نروح سوا.

أختي ريبيكا أكبر مني بعشر سنين والفرق ده خلاها أكتر زي أمي التانية منها أختي. على الأقل لحد ما كبرت كفاية عشان تبدأ تشوفني كشخص كبير وتقدر تشاركني أسرار الكبار اللي محدش يعرفها. هي أحسن أخت ممكن أتمناها. لحسن حظها لقت راجل أحلامها ومكنتش ممكن أكون أسعد منها. هي تعبت كتير السنين اللي فاتت وخطيبها برايان كان السبب إني شفتها بتبتسم بعد شهور طويلة كانت بتنام وهي بتعيط.

بعد انفصال بايظ مع حبيبها بتاع أيام الثانوية وطفل، اللي مبقاش طفل دلوقتي عشان هو هيتم ١٨ سنة كمان شهرين، الأمور سخنت بسرعة وسابت أختي بتعاني من ليالي كتير مابتنامهاش. ابنهم مايك، اختصار لـ مايكل، ابن أختي، وتقريبًا واحد من قليلين اللي بحبهم أكتر من أي حد، أخد الموضوع بصعوبة أوي لما اتطلقوا. تصرفاته بقت مش طبيعية خالص، واخد دور المراهق المدلل اللي جاي من بيت مفكك. نص اللي حصل ده كنت فاهماه، أهلي اتطلقوا وأنا عندي خمس سنين، بس النص التاني كنت عايزة أخنقه. بالرغم من كده، هو واحد من أكتر الناس اللي بحبهم وبما إن فرق السن بينا قليل، هو أقرب حد ليا لأخ.

أنا لسه خارجة من الجامعة اللي بدرس فيها أدب إنجليزي، بخلص آخر سنة ليا هنا على أمل إني ألاقي فرصة شغل تحفة في دار النشر اللي بشتغل فيها حاليًا كـ مساعدة شخصية لواحدة من أهم المحررين. دي كانت أقرب حاجة ممكن أوصلها للوظيفة اللي عايزها، وكمان مرتبها مكفيني إني أقدر أدفع إيجار شقة صغيرة أوضة وصالة في مدينتنا، اللي هي ملكي لوحدي لأول مرة في حياتي. جالي رسالة صوتية من حنة، بتقولي إنها هتيجي تاخدني الساعة ٦:٢٠ بالليل وإنها مش عايزة حد يزعجها لحد الوقت ده، عشان هي قضت ليلة طويلة. شخصية عسل أوي.

أنا لسه مجبتش هدية الخطوبة ولا اشتريت طقم مناسب. يا ريت لو لمرة واحدة بس مكنتش الشخص اللي بيأجل كل التزاماته لآخر لحظة ممكنة.

روحت تيفاني عشان أجيب هدية الخطوبة وبعدين لفيت ناحية المول عشان أجبلي فستان شيك. عادةً بحب التسوق، بالرغم إني دايمًا بحس بالذنب لو صرفت فلوس كتير على الهدوم. النهاردة بالذات، مش كده خالص. معرفش ليه كنت مستنية كل ده قبل ما أشتري طقم.

لفيت في اتجاه محل الأزياء الراقية اللي بحبه، على أمل إني أكون محظوظة على الأقل إني ألاقي فستان مناسب في وقت قليل كده. في الآخر اشتريت فستان أسود دلوع وجزمة جيمي تشو اللي كانت أحلى من إنها تتفوت. هضطر أضيق الحزام الشهر ده ومصرفش تاني، بس كانت تستاهل. هم تحفة. سبت المول وروحت على البيت على طول. فاضلي ساعتين عشان أجهز، فياريت أبدأ. ريبيكا مش هتقدر تأخيري (زي كل مرة).

الساعة ٦:١٥ كنت واقفة قدام المراية في شقتي، ببص على شكلي. وأنا بحط آخر طبقة من الماسكارا ومستنية حنة تيجي، دماغي سرحت في الراجل اللي قابلته من كام يوم في محل القهوة. أنا كشيت من ذكرى إني دلقت عليه القهوة كلها، بس مش قادرة أتخلص من صورته. كان تحفة. وأنا مش بتعجب بسهولة كده.

طبعًا، القدر أكيد بيلعب معايا تاني بما إني أخيرًا قابلت راجل لأول مرة بعد سكوت يخطف أنفاسي، بس القدر بيحطه مع شقراء مقرفة حوالين دراعه وأنا في الآخر مخدتش ولا قهوته. ولا قهوتي كمان.

سمعت صوت الآيفون بتاعي بيرن في الأوضة التانية، بيعرفني إن حنة تحت مستنياني، وبصيت على نفسي آخر بصة. الفستان الأسود الدلوع واصل لنص الفخد وبيحتضن منحنيات جسمي في كل الأماكن الصح. هو فستان مفتوح الظهر مبين ضهري المشدود اللي هو نتيجة تعب في الجيم وده جزء من جسمي فخورة بيه جدًا. أنا مش واثقة في نفسي أوي، بس بشكل عام، أنا راضية جدًا عن شكلي. عندي رجلين طوال نوعًا ما، ووسط منحني، وأرداف حلوة، ووسط رفيع. صدري حلو، بس مش كبير أوي أتباهى بيه وبطريقة ما ده ماشي مع شكلي كله. عندي شعر بني فاتح مموج واصل تقريبًا لنص ضهري وتركيبة عيون مثيرة للاهتمام بين الرمادي والأخضر مع لمسة بني. أنا مش عندي شكل عارضة أزياء، وساعتها صورة صديقة جيك الشقراء المتغطرسة عدت على دماغي، بس بيجيلي اهتمام كافي من الجنس الآخر عشان غروري يبقى راضي.

لبست جزمة جيمي تشو الجديدة بتاعتي ومعاها شنطة يد نفس اللون ونزلت تحت. حنة حضنتني بسرعة لما قعدت في كرسي الراكب ومدحت شكلي. هي شكلها تحفة في فستانها الأخضر الغامق اللي من غير أكمام، وكعبها الأسود العالي، وشعرها الأحمر الطويل المفرود. هي من البنات اللي بتلفت انتباه الرجالة والستات مهما راحت فين. مش إنها يهمها رأي الناس فيها، هي واثقة في نفسها وساحرة جدًا، وده اللي بيزود جاذبيتها.






بدأنا نسوق في طريقنا لمكان الخطوبة، وأنا بدأت أحكي لها قصة حادثة القهوة، اللي خلتها بتضحك طول الطريق تقريبًا لحد ما ركنا قدام المكان. بس، أنا قدرت أثير اهتمامها بالطريقة اللي وصفت بيها الراجل الغامض. أنا عارفة إنها مدركة إني مكنتش معجبة بواحد كده من بعد سكوت.

لما دخلنا التراس اللي معمول بشكل جميل أوي بديكور أبيض وذهبي، وبيلمع تحت السما الصافية اللي شكلها زي آلاف النجوم، أنا كنت مذهولة. أختي اختارت المكان ده صح أوي وظبطته تحفة. لمحنا بيكا وبرايان بيتكلموا مع واحد من المعازيم، ولما قربنا منهم، كوبايتين شامبانيا اتحطوا في إيدينا. أختي حضنتني جامد.

"أهلاً يا جميلة، أنا فرحانة أوي إنك هنا. أنا بدأت أحس إني متوترة من الموضوع كله. تفتكري كل حاجة شكلها تمام؟ لسه شايفه كرسي شريطه مش ماشي مع الباقيين، وواحد من الجرسونات دلق شامبانيا بالغلط على أخت مرات برايان، وأحسن واحد عند برايان لسه مجاش، آه بس انتي لسه مقابلتيهوش و..."

أنا قطعتها قبل ما تدخل في حالة فزع كاملة.

"يا أختي الكبيرة، كل حاجة شكلها تحفة بجد وانتي شكلك جميل بشكل مش طبيعي. بلاش قلق، هو مثالي خلاص."

يا إلهي، أنا بحبها، بس هي مهووسة بالتفاصيل. هي هزت راسها بامتنان وحضنتني تاني. أنا تقريبًا نسخة أصغر منها؛ إحنا تقريبًا نفس الطول، ونفس تركيبة الجسم، ما عدا إن صدرها أكبر وشعرها البني الفاتح أقصر شوية. النهاردة هي منورة في الفستان الحريري الأخضر الفاتح اللي ماشي تحفة مع عينيها اللي لونها أخضر مصفر تقريبًا.

أنا لفيت عشان أحضن برايان جامد وهو خد فاصل من الكلام العادي اللي كان بيقوله لـ حنة. هو خلاني ألف، مبين الفستان بتاعي وأعلن إني شكلي يجنن. أختي خبطته بهزار على دراعه في محاولة إنها تخليه يبطل يبص عليا كده.

الضحك انفجر في دايرتنا وهو باسها بوسة صغيرة على خدها. يا إلهي، أنا بحبهم أوي.

ابن أختي بدأ يقرب من ناحية الشمال، سحبني في حضن ولف بيا. حلو أوي إني أشوفه هنا. أنا حضنته تاني وهو شاور لـ حنة. دردشنا شوية كمان مع مايك ولمحت شعر أمي الأحمر القصير على الناحية التانية، واقفة جنب المدخل، بتسلم على الناس.

كنت على وشك أروح أشوفها لما بيكا سحبتني تاني عشان تعرفني أخيرًا على أحسن صاحب برايان / الإشبين بتاع الخطوبة، ومرافقته للسهرة. أنا سمعت حاجات كتير عنه، إنه وسيم أوي وإنه ماشي من بنت لبنت. أنا كنت فضولية أوي إني أقابله بجد.

لفيت ووشي بدأ ياخد ابتسامة ودودة لما كدت أفقد توازني من المنظر اللي قدامي.

أنا بالغلط دلقت شوية من الشامبانيا على السجادة من الصدمة وكل واحد بص عليا وعلى خيبتي، بس أنا معرفتش أرد بأي حاجة. فضلت باصة على الغريب الجميل لما برايان بدأ يعرف صاحبه جيك.

وطبعًا، وطبعًا هو نفس الراجل بتاع محل القهوة بكل جاذبيته، المرة دي لابس بدلة رمادي غامق وحالق ذقنه جديد.

أنا متدمرة خالص.





عينيه الخضرا اللي بتلمع دي كانت موجهة ناحيتي مباشرة. ريقي نشف وبقيت بالعافية بقدر أعرّف نفسي. "أ-أنا جيس-يكا."

يارب يكون فهم إني مش عايزة حد يعرف إيه اللي حصل. هو بيبصلي بنظرة مرحة وأنا متخيلة بس إيه شكل الكارثة اللي كنت فيها اليوم اللي فات.

"أهلاً أخيرًا عرفت جيسيكا المشهورة. أنا جيك." ابتسامة صغيرة بترقص على شفايفه وهو بيسلم عليا. ليه أنا وشي بيحمر كده؟!!

"ودي سيرينا." بيشاور على الشقرا اللي شفته معاها اليوم اللي فات. هي بتسلم عليا، عاملة نفسها كإننا متقابلناش قبل كده، وبتبصلي من فوق لتحت وابتسامتها مصطنعة أوي. تقريبًا نسيت أقدم حنة لحد ما هي كحت بصوت خفيف.

"آه، آسفة؛ دي صاحبتي الانتيم حنة." هي سلمت عليهم هما الاتنين وابتسمت بأدب، وهي بتفحص جيك بخفة.

"لسه فاكر موضوع القهوة." مفيش مفر من ابتسامته الخبيثة. يا أرض ابلعيني. كنت عارفة إنه مش هيقدر يقفل بقه.

أختي وبرايان بصولي نظرات حيرة وأنا شايفة حنة بتجمع الخيوط في دماغها. حتى مايك رفع راسه من تليفونه، مبين اهتمام خفيف باللي بيحصل. أنا هزيت راسي وابتسمت بتصلب، وبعدين اعتذرت بطريقة مش مهذبة أوي، وسحبت حنة ورايا وشديتها ناحية حمام السيدات. هي مشيت ورايا بسرعة، وإحنا الاتنين تجاهلنا النظرات المحتارة اللي سيبناها ورانا.

لما وصلنا التواليت أخيرًا، قفلت علينا بالمفتاح وبدأت أتنفس بصعوبة، كنت على وشك إني أتنفس بسرعة زيادة (هايبر فنتيليت). حنة لسه مصدومة، بس أنا عارفة إنها هتفوق بسرعة وتغرقني بالأسئلة.

"ده هو الراجل اللعين بتاع اليوم اللي فات؟ اللي كنتي مفتونة بيه وبتتكلمي عنه لمدة عشرين دقيقة كاملة وإحنا جايين هنا؟" مفيش عندي وقت أرد قبل ما هي تكمل رغيها.

"الراجل ده بجد مز أوي، مكنتيش بتكدبي. والشقرا سيرينا دي مغرورة زي ما تخيلت. هتعملي إيه؟ ده طالع من مسلسل تركي. مش مصدقة!"

من الرغي، هي اتحولت لضحك كامل وعينيها دمعت. أخيرًا، قدرت أنضم للمحادثة.

"آه، هو. أنا مش لاقية كلام أعبر بيه عن قرف الموقف ده دلوقتي، فبطلي تضحكي." بالرغم من إني حاسة إن أطراف بوقي عايزة تضحك معاها على سخرية الموقف.

"يارب ميكونش قال لكل الناس على خيبتي الكبيرة وقد إيه وشي احمر. ده محرج أوي. ليه ده بيحصلي أنا دايماً؟"

مكنتش عارفة أضحك ولا أعيط على سخافة الموقف. هو بجد كان سخيف. بس الجزء الصغير مني اللي كان بيتساءل لو هشوفه تاني، راضي جدًا عن نفسه.

حاولت أتجاهل الصوت اللي في دماغي، بس مهما كان مستوى الإحراج اللي حسيته، مقدرتش أنكر قد إيه كان مز بشكل مش طبيعي بالبدلة وإن إعجابي بيه تضاعف من أول مرة شفته فيها. اللعنة، اللعنة، اللعنة.

حنة كانت بتبصلي وعارفة بالظبط إيه اللي بفكر فيه لما ابتسامة خبيثة ظهرت على وشها.

"إحنا هننبسط أوي النهاردة." مع الإعلان ده، سحبوني من حمام السيدات ورجعنا للحفلة. ده وقت العرض.

رجعنا الحفلة عشان نلاقي أماكنا عشان البرنامج كان بدأ خلاص. قاعدة على ترابيزة طويلة على يمين العروسة، أنا كنت جنب أمي آنا. هي ست رائعة وشكلها يجنن، سنها مش باين عليها بالرغم من إنها في نص الخمسينات. هي أكتر شخص حنون ومتفاهم في حياتي؛ مش ممكن أكون ممتنة أكتر من كده إني عنديها أم.

على الناحية التانية مني كانت حنة. عيلة برايان كانت على شماله. بما إن جيك كان واحد من أقرب الناس ليه، هو كان قاعد كام كرسي بعيد عني. كنت مبسوطة بوجود مسافة فيزيائية بيني وبينه، بس مقدرتش أمنع نظراتي إنها تروح في اتجاهه من وقت للتاني. أقدر أحلف إن كام مرة هو كمان راسه لفت ناحيتي.

كنت بحاول أفتكر الحاجات اللي أختي قالتها لي عن 'أحسن صاحب برايان'، بس مقدرتش أفتكر كتير. هي ذكرت إنه مز، وده مقدرش أجادل فيه. أنا فاكرة بشكل غامض إنها قالت حاجة عن إنهم كانوا عايشين قريب من بعض وهما أطفال وجيك كان بيلعب في بيت برايان كتير عشان أهله مكنوش موجودين كتير. أنا عارفة إن جيك أصغر منه بكام سنة، فده معناه إنه حوالي ٣٠ سنة. يعني غالبًا أكبر مني بخمس سنين على الأقل. همم... أنا دايماً كنت بفضل أرتبط برجالة أكبر مني... ماشي، مش دي النقطة.

بيكا قالت برضه إنه بيواعد بنات كتير وإنها بتتمنى إنه ميجيش فرحهم مع أي واحدة تافهة. أنا فاكرة بشكل خفيف إنها قالت إنها شافته مؤخرًا مع نفس الست كذا مرة، فانا خمنت إن دي سيرينا.

كنت بفصل وبأرجع أركز كده طول بقية البرنامج الرسمي، لحد ما الموسيقى بدأت تشتغل والحفلة بدأت تولع. شفت حنة كانت في مودها وأنا كمان حسيت إني دايخة شوية من كتر الشامبانيا اللي شربتها.

أختي لقتني بعد كام "رقصة خطوبة" وسحبتني على جنب. كنت عارفة هي هتسأل إيه.

"إيه الحوار ده كله مع جيك؟ انتي تعرفيه؟" كنت أتمنى إن ده يكون علامة إنه مذكرش الحادثة لأي حد.

"قصة طويلة، بس باختصار،" أنا عملت حركة إيدي عشان أبين إني متضايقة من الموضوع قبل ما أكمل، "أنا قابلته بالغلط اليوم اللي فات في محل القهوة بتاعي ووقعت قهوة سخنة لسه معمولة على قميصه الأبيض. وانتهى بينا الحال بنتكلم ولما كنت على وشك إني أشتريله كوباية، الشقرا سيرينا دي ظهرت. مش عايزة أي دراما، أنا ببساطة هربت من الموقف. كنت فاكرة إني عمري ما هشوفه تاني، بس إحنا هنا... دي قصة حياتي."

كانت بتبصلي بعدم تصديق وبعدين انفجرت في الضحك. آه، مرحبًا بيكي في النادي. كلماتها اللي بعد كده، كانت غير متوقعة شوية.

"وإنتي لقيتيه مز لدرجة إنك بدأت تتهتهي؟"

بدأت أضحك على سؤالها المباشر، بس بجد، إزاي كنت أتوقع إنها مش هتاخد بالها من قلة كلامي. أنا كده كده تمتمت بموافقتي وحاولت أمشيها وأنا بطلب منها إنها تروح تستمتع بليلتهما، وإننا هنتكلم بعدين.

دورت على حنة ومايك وسحبتهم هما الاتنين لساحة الرقص. قررت إني أبطل أفكر فيه خالص وأسترخي بس في صحبة أكتر ناس بحبهم.

مكنتش أعرف إن ليلتي مش هتخلص مريحة زي ما كنت أتمنى.





رقصنا واتجننا في ساحة الرقص، وكنت بحاول على قد ما أقدر مابصش عليه. حنة وفّت بوعدها واتأكدت إننا نكون ملفوتين للنظر في الرقص. مايك زهق مننا بعد كام أغنية ورجع مكانه يلعب بتليفونه. بصراحة، أنا حتى اتفاجئت إنه قعد كل المدة دي. لازم أتكلم معاه لوحدنا قريب وأشوف هو مستحمل الوضع ده كله إزاي.

حنة وأنا فضلنا نرقص شوية وبعدين تعبنا أخيرًا، قررت أروح حمام السيدات وهي رجعت للترابيزة عشان تجدد مشروبها.

لما وصلت عند الزاوية، عيني وقفت على راجل واقف قدام باب المكان اللي أنا رايحاه. طبعًا، نجم الليلة.

في لحظة الذعر، ترددت ثابتة مكاني، بفكر ألف وارجع بعدين ولا أمشي على طول وأعمل نفسي مفيش حاجة حصلت. كنت بفكر في الخيارين دول فترة طويلة على ما يبدو لما هو رفع راسه من تليفونه وعينيه وقفت على عيني.

اتسمرت مكاني لحظة، مش قادرة أتحرك تحت نظرته. إزاي ممكن واحد غريب تمامًا يخطفني كده بالكامل؟ جسمي ودماغي بيتفاعلوا معاه حتى من بعيد.
وبعدين خبطت نفسي في دماغي. أنا مش هعمل دور المصدومة لدرجة إني مش عارفة أتكلم تاني.

خدت نفس عميق وكملت طريقي هناك. عينيه مسبتنيش، بتبصلي من تحت لفوق. حسيت بقشعريرة طالعة من صوابع رجلي لحد فوق كأن جلدي متوصل بعينيه اللي بتلف عليا كلها. بدأت أقرب منه طول الوقت بحاول يائسة إني أقدر إيه اللي بيفكر فيه، بس وشه كان متخبي بعناية من أي مشاعر. خلاص، دلوقتي أو لا.

"أهلاً بيكم،" أهلاً بيكم؟؟ أنا في ابتدائي ولا إيه؟

"أنا كده كده كنت عايزة أشكرك إنك مقلتش لحد على الحادثة اللي حصلت اليوم اللي فات. أنا لسه آسفة جدًا ونفسي أقدر أعتذرلك."

كنت بحاول أكون مهذبة بجد، بس حتى في وداني، الكلام ده كان فيه إيحاء شوية. عقلي الباطن مش رقيق أوي الظاهر. أعتقد إنه خد باله من تلميحي غير المقصود لما حاجة سخنة عدت في عينيه، بس هو خفاها بسرعة.

هو مردش أي حاجة فترة، فضل بس يبصلي بعينيه الخضرا المكثفة دي، بيقيمني بصمت. باين عليا مقدرتش أبطل أبص عليه أنا كمان، غرقانة في عينيه الحلوة، مستنياه يتحرك. ليه أنا بتفاعل معاه كده كان فوق استيعابي.

بعد فترة، هو فك شوية التوتر بانه هز راسه بإيماءة صغيرة ووراني ابتسامته المثيرة اللي فيها غمازات.

"متقلقيش. انتي كنتي حلوة نوعًا ما. آه، وأنا قلت لـ برايان. مكنتش أعرف إن ده سر حربي." هو كان بيسخر مني، بس قاله بصوت خفيف وابتسامة دافية، وده خلاني أسترخي شوية. هو قال إني كنت حلوة نوعًا ما؟

"عادي بجد، مش أحسن لحظاتي. ممكن نبدأ من جديد؟" أنا مدت إيدي قدامه، مستنياه يمد إيده.

"أهلاً، أنا جيسيكا كافاناج، أخت بيكا. تشرفت أخيرًا بمعرفتك."

هو كان بيقيم الموقف شوية وبعدين بدأ يبتسم وهو بيسلم عليا.

"تشرفت بمعرفتك يا جيسيكا، أنا جيك أدامز. إشبين برايان. سمعت عنك حاجات حلوة كتير. بس مكنتش أعرف إن شكلك كده يجنن."




عيني اتفتحت بصدمة على كلامه وفجأة حسيت إني حرّانة أوي في هدومي. حقيقة إنه لسه ماسك إيدي مش بتساعد خالص. حسيت بطاقة بتهزني في المكان اللي صوابعه لمست فيه جلدي ورجلي اترعشت لا إراديًا.

"أنا آس-فة؟"

صوته بقى أوطى وأهدى، وسحبني سنتي أقرب منه وخلاني أشم ريحة البرفان بتاعه من قربنا.

"قلتلك شكلك جميل أوي ولازم تعرفي إزاي تقبلي الإطراء."

كنت دايخة من إني محاطة بريحة البرفان بتاعه اللي بتصوت "جنس" وكلامه خلاني أحس بوخز في كل الأماكن الغلط.

هو كمل، "بس بما إنك أخت أخويا اللي يعتبر أخويا، مفروض ملمسكيش. ودي حاجة مؤسفة بجد لو هتسأليني."

أخت أخويا اللي يعتبر أخويا؟ وأنا اللي كنت فاكرة دماغي دي لخبطة كلمات غريبة. حسيت بقشعريرة في كل جسمي وبدافع مفاجئ سحبت إيدي من إيده. مقدرش أخليه يفتكر إني معجبة بيه بشكل ميؤوس منه لدرجة إني مقدرش أتحكم في نفسي.

"إيه اللي خلاك تفتكر إني عايزة تلمسني؟ أنا يا دوب أعرفك."

عينيه اللي مترصعة برموش كثيفة بنات تموت عليها قيمت تعبيرات وشي، واضح إنه بيفكر في طريقة يرد بيها. مرة تانية مد إيده عشان يرجع خصلة شعر ورا ودني وكان على وشك يرد لما باب الحمام اتفتح وخرجت سيرينا.

هي بصتلي بصة وحشة وبغريزة، أنا بعدت عنه كام سنتي. حاجة زي الضيق عدت على وشه، بس قبل ما أقدر أفهم هو بيفكر في إيه، سيرينا حطت إيديها حوالين رقبته، وهي بتوشوش حاجة في ودنه.

خمنت إن دي إشارتي، بصيت عليه مرة تانية ودخلت حمام السيدات، وقفلت الباب وطلعت نفس مكنتش عارفة إني كنت حابساه. إيه اللي حصل ده كله؟

بعد عشر دقايق من التنفس العميق، هديت نوعًا ما وخرجت من حمام السيدات. عضلاتي فكت من التوتر المكبوت لما أدركت إن مفيش حد واقف على الناحية التانية.

حنة كانت مستنياني لما دخلت القاعة الرئيسية ولاحظت إن الحفلة بتقرب تخلص. قررنا نقول وداعًا للضيوف الباقيين وعيلتي، ونتجه للعربية.

أنا بحاول يائسة إني مأفكرش بقية الليل في حقيقة إن جيك وسيرينا مشيوا خلاص وأنا كنت بتكلم مع نفسي في الحمام. أنا مفروض ميهمنيش هو بيعمل إيه كده كده، صح؟



الفجر طلع، الشمس دخلت أوضتي. صحيت ودماغي لسه فيها كل تفاصيل إمبارح. مش عارفة أنا مبسوطة ولا متضايقة من اللي حصل مع جيك.

قمت من السرير، بصيت من الشباك. الهوا كان لسه ساقع. حسيت إني عايزة أبدأ من جديد. يمكن اللي حصل ده كان إشارة لحاجة تانية خالص.

بصيت حواليا في الأوضة، كل حاجة مترتبة وهادية. حسيت بهدوء غريب جوايا. قررت إني مش هفكر كتير في اللي فات. الحياة بتمشي، وأنا لازم أمشي معاها.

خدت نفس عميق، وحسيت إني عندي طاقة جديدة. طاقة إني أبص للمستقبل. يمكن جيك ده كان مجرد موقف، أو يمكن بداية لحاجة أكبر. مفيش حاجة مضمونة، بس أنا جاهزة لأي حاجة.

ابتسامة خفيفة ظهرت على وشي. أنا جاهزة. مش مهم إيه اللي حصل، المهم إيه اللي جاي.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء