حب بين الجنود - الفصل الثاني (ابنة عائلة عسكرية)
حب بين الجنود
2025,
رومانسية
مجانا
حياتها اتقلبت لما أبوها جابها تعيش معاه، وبعد ما اتعلقت بـ"ويل" العسكري، سابها وسافر. "آريا" بتحاول تلاقي نفسها في دنيا جديدة، وبتكتشف الصداقة الحقيقية مع "كريستينا". في نفس الوقت، "ويل" بيكتبلها من ساحة المعركة، وده بيخليها تفكر تاني في مشاعرها ناحيته، وتشوف إذا كانت هتسمع كلام عقلها وتتجنبه، ولا قلبها وهتدي للحب فرصة تانية.
آريا
بنت في آخر سنة ثانوي بتلاقي نفسها فجأة منقولة لبلد تانية عشان تعيش مع باباها اللي مكلمتوش من سنين. هي بنت حساسة وبتتأثر باللي بيحصل حواليها، وبتحاول تتأقلم مع الظروف الجديدة بس في نفس الوقت عندها فضول تعرف أسباب اللي حصل زمان بين والديها.ويل فيشر
شاب قابلته آريا في مطعم. هو جندي في الجيش ودايماً مستعد للمساعدة. بيظهر كشخصية محترمة ومهذبة، وبيرجع الأمل لآريا في إنها ممكن تلاقي حد يفهمها ويقف جنبها.كريستينا
أول واحده بتقدرها وتهتم بيها بجد. بتشجع "آريا" إنها تعبر عن مشاعرها تجاه "ويل" ومبتتكسفش تدفعها للي شايفاه صح عشان سعادة صاحبتها.
مر أسبوع كامل من ساعة ما اتكلمت مع "ويل". يمكن كان مشغول، أو يمكن أبويا كان صح. أنا اتعلقت بيه، ودلوقتي بتوجع عشان هو مكلمنيش ولا حتى بعت رسالة. الليالي اللي من غير نوم بدأت، والاكتئاب تقل عليا زي طوبة بتشدني لقاع المحيط. مفيش حاجة كانت صح، والدنيا كلها كأنها ماشية من غيري. كان فاضلي أسبوعين بس قبل ما الدراسة تبدأ، و"ويل" كان هيتسافر في مهمة في أوروبا. بالنسبة له، أنا كنت مجرد تسلية تقضي بيها الوقت. أمي أكيد يئست من محاولاتها تكلمني، لأني مسمعتش صوتها بقالي أسبوع. مش بلومها لأني رفضت أرد على رسالتها. أنا فاشلة لما بييجي الموضوع إني أبقى البنت المثالية اللي أمي عايزاها. أبويا خبط على الحيطة وهو واقف في باب أوضتي. "أنا رايح البلد. قولت يمكن تحبي تيجي معايا بدل ما أنتي قاعدة في أوضتك طول اليوم. هشتريلك الغدا كمان." ابتسم وهو بيحاول يهزر. فضلت نايمة في السرير كام دقيقة كمان بفكر في كلامه. ما أعتقدش إن الخروج من البيت هيكون حاجة وحشة. "ماشي يا بابا. هنزل في خمس دقايق." "هعد." قالها وهو مبتسم تاني قبل ما يمشي. كنت مبسوطة نوعًا ما إن أبويا بيحاول يكون الأب اللي عمره ما عرف يكونه. بعد خناقتنا ليلة ما "ويل" رجعني البيت، كأننا قربنا أكتر لبعض. احترمنا بعض أكتر أنا كده فاهمة. لبست سويتشيرت من بتوعي الأحمر اللي كان عندي من مدرستي القديمة، وغيرت من تريننج لبنطلون جينز فيه قطع عند الركب. الحاجة الوحيدة اللي كانت دايماً بتخليني مختلفة عن صحابي كانت ذوقي في اللبس. عمري ما اهتميت بلبس إيه زي ما كانوا هما بيعملوا، بس لما أفكر فيها، عمري ما اهتميت بأي حاجة أصلاً. لبست جزمة الكاوبوي بتاعتي ونزلت على السلم، لقيت أبويا واقف جنب الباب. "معاكي دقيقة زيادة." قالها وهو فاتحلي الباب. "طب كنت بفكر نروح 'فال' نتغدى، إيه رأيك؟ ما أخدتكيش هناك من ساعة ما كنتي عندك تلاتاشر سنة." 'فال' أحسن مكان في البلد للبيتزا. كان مكاني المفضل لما كنا عايشين هنا. ماما وبابا كانوا دايماً بياخدوني هناك في عيد ميلادي أو لما بابا يرجع من مهمته. "ماشي يا بابا. أنا عايزة كده." قلتها وأنا ببتسم وببص من شباك العربية بتاعته. كانت رحلة هادية في الأغلب لحد البلد. أبويا وقف عند محل الأدوات عشان يشتري شوية حاجات وبعدين كملنا طريقنا لـ 'فال'. أنا مبسوطة نوعًا ما إني قررت أقضي اليوم مع أبويا. "إيه يا بابا؟" قلتها بهدوء وبصيت عليه وأنا باكل. "آه؟" قالها وهو مركز معايا. "ليه دخلت الجيش أصلاً؟" سألت ببطء ومش عارفة رد فعله هيكون إيه، بس ارتحت لما شفت ابتسامة ظهرت على وشه. سند البيتزا بتاعته وشرب مياه قبل ما يرد. "بصي بقى." قالها. "أنا دايماً كان عندي فخر بالبلد دي. دايماً كنت عايز أعمل حاجة في المقابل. اليوم اللي تميت فيه ١٨ سنة دخلت الجيش وعمري ما بصيت ورايا لحد ما قابلت بنت لما رجعت من التدريب. كانت جميلة. عينيها زرقا بتلمع وشعرها بني مموج. من أول نظرة عرفت إني هتجوزها في يوم من الأيام." ابتسم وبص على طبق بتاعه وبعدين رجعلي تاني. هو كان بيتكلم عن أمي؟ فضلت قاعدة وبسمعه وهو بيكمل. "قابلتها هنا في المطعم ده بالظبط. بعد ما اتقابلنا، فضلت أتحايل عليها عشان تخليني أخرج معاها. في الأول رفضت. قالتلي إنها عمرها ما هتكون مع راجل جيش، بس في الآخر تعبتها ووافقت عشان أبطل أزهقها." ضحكت وشربت لما باب المطعم اتفتح والجرس رن. "كنت عارف إنها هي. طريقة تصرفها بس. وقعت في حبها في اللحظة اللي بدأت أعرفها. ضحكتها كانت جميلة. بعد أول خروجة لينا، هي اللي طلبت خروجة تانية. صيفي كان عبارة عن شغل في مزرعة أبويا وكوني معاها كل ما أقدر. لما جالي قرار السفر في مهمة، مقدرتش استحمل إني أسيبها. كنت مرعوب إنها متكونش هنا لما أرجع من المهمة." كان فيه حزن في صوته كأنه بيقول إن أمي عملت الحاجة الوحيدة اللي كان دايماً خايف منها تحصل. "قعدت غايب أربع شهور قبل ما أرجع. عمري ما توقعت إنها هتكون هنا مستنياني. ده كان أحلى حاجة. بعد أسبوع من رجوعي طلبت إيدها، وبعد سنة اتجوزنا. عرفت إن لما كنت مسافر في مهمة، أنا مكنتش بدافع عن البلد دي بس، كنت بحميها هي." ابتسم. "أمك كانت حاجة مميزة، وهي كانت السبب اللي خلاني أفضل في الجيش. كان صعب إني أسيبكم انتوا الاتنين بعد ما اتولدتي، بس كنت عارف إن شغلي ده بيخليكم في أمان وبيوفرلكم أكل وسقف فوق راسكم." "بابا؟" وقفت للحظة، مش عايزة أسأل السؤال ده. "أنت عارف ليه ماما سابتنا؟" "لأ معرفش. ليلة ما رجعت البيت، مكنتش لاقيكم انتوا الاتنين في أي مكان. كنت عرفت إنها سابتنا في اللحظة اللي شفت فيها شنطكم مش موجودة." "آه." قلتها وأنا باخد لقمة بيتزا. "كنت أتمنى تكون عارف." "اتكلمتي مع أمك من ساعة ما جيتي هنا؟" سأل بقلق. "لأ متكلمتش. أنا كده فاهمة، بعد ما خلتني أجي هنا، كنت غضبانة. تجاهلت كل رسايلها، وهي بطلت تكلمني وتبعثلي رسائل خالص." قلتها بسرعة. احنا الاتنين فضلنا ساكتين واحنا بناكل. ندمت إني سألت أبويا السؤال ده، وبالتأكيد ندمت إني قلتله إني رفضت أتكلم مع أمي. جرس الباب رن تاني، ولفيت. عيني جت في عينيه للحظة قبل ما ينزل راسه ويمشي ناحية الكاونتر. قلبي نَط وبعدين غطس. هو حتى مش عايز يبصلي. بصيت في طبقي وفضلت ألعب في البيتزا بتاعتي لحد ما حسيت إن فيه حد بيبصلي. لما بصيت تاني لقيت أبويا بيبصلي وكان فاهم قد إيه أنا متوترة من رؤية "ويل". "الساعة تقريباً اتنين، المفروض نروح البيت. عندي شغل بالليل النهارده." ابتسمت ابتسامة خفيفة وأنا عارفة إنه هيقوم يمشي بسببي. "ماشي يا بابا." مسكت علبة البيتزا وقومت وأبويا راح للكاونتر عشان يحاسب. وقفت هناك ثانية وبصيت على أبويا وهو بيسلم على "ويل" وبعدين جه ناحيتي. أنا كده فاهمة، هو كان بيتجاهلني بعد كل ده. فاضل أسبوع على المدرسة والأيام بدأت تدخل في بعضها. مخرجتش من البيت كتير، ومفيش حد أعرفه في البلد دي. أمي بعتتلي رسالة اليومين اللي فاتوا. سألتني عاملة إيه، وقولتلها كويسة. بس أنا مش حاسة إني كويسة. أبويا بيحاول يفرحني. أنا قاعدة باصة في تليفوني وكل خمس دقايق أراقبه على أمل إن "ويل" يبعتلي رسالة، بس ده محصلش. فيه خبط على باب أوضتي، والإيد بتلف والباب بيتفتح، وبابا بان. "أنا رايح الشغل. فيه أكل بايت في التلاجة للعشا، أو ممكن تطلبي بيتزا. المفروض أروح حوالي الساعة حداشر أو يمكن اتناشر بالليل، على حسب لما أخلص." قالها وهو بيبتسم ابتسامة حزينة. "ممكن أطلب بيتزا؟" قلتها بابتسامة على وشي. طلع عشرين جنيه من جيبه واداهالي. "المبلغ ده يكفي البيتزا والبقشيش. هاتي بيتزا كبيرة بس. عشان يبقى عندي حاجة آكلها لما أروح البيت." "ماشي." قلتها وأنا باخد الفلوس. "تفتكر ممكن نخرج نعمل حاجة يوم السبت؟ بس عشان نخرج من البيت؟" "هنشوف. لازم أمشي. هشوفك الصبح لو لسه صاحية لما أروح البيت. بحبك." "ماشي يا بابا. أنا كمان بحبك." قلتها بهدوء وهو بيخرج من أوضتي. بصيت في الساعة اللي كانت بتقول ٣:١٥ وقعدت هناك بحاول أفهم أعمل إيه. بصيت على رف الكتب بتاعي اللي عليه كومة كتب مقراتش مستنية تتفتح. وبعدين بصيت على مكتبي اللي عليه كشكول الرسم بتاعي مفتوح على صفحة بيضا. بصيت في المراية اللي متعلقة فوق وبصيت لنفسي. بس أنا مش شايفاني، أنا شفت بنت تايهة في الدنيا. بنت وقعت، وبينما هي بتحاول تقوم، كل حاجة بتفضل ماشية حواليها وسايباها وراها. البنت دي كان شعرها منكوش وعينيها فيها آثار دموع. ابتسامتها اختفت وهي بتتزق وتتزق وهي واقعة. البنت دي كانت تعيسة. قومت حسيت بالبرودة على الأرض تحتي واتحركت ناحية مكتبي. قعدت ومسكت قلم رصاص وبدأت أرسم. مفيش حاجة كانت باينة حقيقية. كله كان كأنه حلم وأنا مستنية أصحى، بس لسه مصحتش. لما بصيت في الساعة تاني، كانت بتقول ٥:٥٦، فمسكت تليفوني وطلبت بيتزا. الراجل اللي في التليفون قال إن البيتزا هتوصل في حوالي خمسة وأربعين دقيقة ورجعت أرسم. الوقت عدى بسرعة وأنا برسم وبرسم، بس كان فيه حاجة غريبة. مكنتش فاهمة إيه الغلط، لأن اليوم ده كان زي أي يوم تاني. لما سمعت جرس الباب، لبست السويتشيرت القديم بتاع الجيش اللي أبويا كان مديهولي ونزلت السلالم. كان فيه خبطة وبعدين جرس الباب تاني. لما وصلت للباب، كنت زهقت من الشخص اللي مستعجل على الناحية التانية. بس قبل ما أبتدي أتذمر، شفته. شفته واقف هناك بزي الجيش بتاعه. قفلت الباب جامد ووقفت هناك مش عارفة أعمل إيه. جاي على باب بيتي من غير أي تفسير أو مقدمات. لما هديت شوية فتحت الباب ببطء تاني لقيته وشه باين عليه الحيرة والألم. "ويل..." همست. وقفت أبصله. "بتعمل إيه هنا يا ويل..؟" سألته بهدوء. باين عليه التعب وهو بيتكلم. "أنا مسافر النهارده. يعني همشي بعد ما أخرج من هنا. هغيب كام شهر ويمكن أكتر، وكنت لازم أشوفك." مد إيده في جيبه وطلع ورقة. "كنت بتمنى لو ممكن تكتبيلي وأنا غايب. أنا عارف إني بطلت أتكلم معاكي وتجاهلت رسايلك ومكالماتك، بس مكنتش عايز أتعلق بحاجة عارف إني هسيبها." مسكت الورقة وبصيت على عنوان البريد اللي عليها. "مش عارفة." قلتها وأنا بحاول أرجعله الورقة. "يمكن الكتابة مش فكرة كويسة." هز راسه ومشي ناحية العربية ولف يبصلي. "طب أتمنى ليكي سنة دراسية كويسة وكده. أنا مش عارف بالظبط إمتى هرجع." ابتسمت ودخلت جوه وجريت على أوضتي فوق. من الشباك شفته وهو قاعد في عربيته قبل ما يمشي. كان باين عليه مختلف. مش عارفة إزاي ولا إيه اللي خلاه مختلف، بس كان فيه حاجة. رحت على مكتبي ومسكت كشكولي وبدأت أكتب. مكنتش عارفة ده ليا ولا ليه. عزيزي ويل، أنا مش عارفة أقول إيه ولا حتى لو ده صح. أبويا حذرني أول ليلة اتقابلنا فيها. لما مشيت، قالي إن علاقتي بيك فكرة وحشة. هو جندي بنفسه وعارف الوجع اللي بيجيبه مش بس ليه، لكن كمان للناس اللي بيتعامل معاهم. أبويا مكنش عايز يشوفني بتوجع. خصوصًا بعد ما شافه بيتسافر أكتر من مرة، وآخر مرة كان فيها، أنا وأمي مكنناش موجودين لما رجع البيت. الكتابة ممكن تعمل حاجات في قلب الواحد. زي الكلام أو الرسايل. على ما ترجع من مهمتك هتكون نسيت إني كنت موجودة أصلاً. إحنا حياتنا منفصلة ومش باين عليها تتلخبط مع بعض كويس. أرجوك افهم ده. ~ر حطيت القلم وبصيت للصفحة. وبعدين مسكت ظرف وكتبت العنوان. بالظبط بعد أسبوع هبدأ المدرسة، واليوم اللي هرجع فيه هو اليوم اللي هبعت فيه الجواب. أنا بس أتمنى إن كل ده ميكونش غلطة. ويل: أنا بقالي شهرين في بلد غريبة، ومحاط بس بصوت إطلاق النار والقنابل. الإرهاق وصل لآخره معايا، ولو نمت دلوقتي ممكن أنام في وسط الحرب اللعينة دي. بقالى شهرين متكلمتش معاها. شهرين من ساعة ما قالتلي إن الكلام مش فكرة كويسة. شهرين من ساعة ما ودعت وشها الجميل ده لآخر مرة، بس أنا دلوقتي بكتب. بكتبلها. عزيزتي آريا، بقالى شهرين، وعارف إنك قولتيلي مكلمكيش، بس لما الأمور هنا بتبقى مرعبة، بقدر أفكر فيكي وأعرف إن كل حاجة هتبقى كويسة. أنتي السبب إني عمري ما بستسلم. اليوم اللي أبوكي سلم عليا فيه في المطعم، هو نفس اليوم اللي سألني فيه إذا كنت بحبك بجد. بكل صراحة جاوبته. فيه حاجات مش مقدرلها تحصل، وحاجات تانية بتحصل لأسباب معينة، واليوم اللي اتقابلنا فيه كنتي محتاجة مساعدة حد، واختارتي الحد ده أكون أنا. ده السبب اللي مخليني أخدم، لأني عارف إني لما بكون في الخط الأمامي، أنا بحمي بلدي، وبحمي كمان الناس اللي بهتم بيهم أكتر حاجة، وده بيشملك أنتي. أتمنى إنك تفهمي ده. -ويل. حطيت القلم وسنت الخطاب وحطيته في ظرف. كتبت عنوان البريد وحطيته في كومة البريد اللي هتتبعت. حاجة بتقولي إني المفروض مابعتهوش، بس بتجاهل الإحساس ده وبخرج من الخيمة. بفكر فيها مرة كمان وأنا في طريقي للعربيات اللي بيتحمل عليها المعدات عشان تطلع دورية ليلية. تلات شهور كمان في الجحيم ده قبل ما أقدر أرجع البيت. بقالى تلات شهور والدنيا في المدرسة ماشية كويس. فيه شوية عيال كنت أعرفهم من صغري لسه فاكريني. كريستينا هي الوحيدة اللي كانت مستعدة تتعرف عليا بجد. بقت بتقضي معايا وقت كتير. أنا مش متعودة على كل الاهتمام ده. في شلة صحابي القدام، كنت أنا اللي مش باينة. البنت اللي محدش بياخد باله منها إلا لو كانوا محتاجين حاجة. كانوا بيقطعوني وأنا بتكلم، وبيتجاهلوني لما أقول حاجة. في معظم الأوقات، مكنتش بتعزم على الأماكن لما كانوا كلهم بيقرروا يخرجوا. بس هنا الوضع مختلف. رأيي فعلاً بيفرق، وبتعزم على أماكن. "ها، سمعتي حاجة عن الواد العسكري بتاعك من ساعة ما سافر؟" كريستينا هزرت وهي ماشية معايا في الممر الزحمة. "هو مش 'الوادي العسكري بتاعي'، وأنا نوعًا ما قولتله مييكلمنيش ولا يبعتلي رسايل خالص. أنا مكنتش أعرف الراجل ده أصلاً، وأبويا مكنش بيحبه، وأنا دلوقتي بقيت فاهمة ليه." "وإيه السبب؟ غير إنه عسكري شرير كبير." كريستينا قالتها وهي بتغيظني بصوت كأنها بتكلم طفل صغير. "يا ر، هو مش باين عليه إنه وحش أوي، وهو واضح إنه عنده مشاعر ليكي من اللي حكيتيهولي. ومقدرناش ننكر إنك بتتغيري تمامًا لما بتتكلمي عنه. بتبقي أسعد لما بتتكلمي عنه. حتى لو مش هتعترفي بده، أنا عارفة إنك بتحبيه أنتي كمان." "كريس، أنا قولت للراجل إني مش عايزاه يكلمني. هو عنده ٢١ سنة، قرب يبقى ٢٢، وحطي في اعتبارك إنه تجاهلني بجد قبل ما يسافر في مهمة. أنا معرفش عنك، بس لو بتحبي حد بجد، هتتجاهليه؟" فكرت في الموضوع دقيقة قبل ما تقرر إني صح. في الوقت ده، كنا قاعدين في الفصل مستنيين شرح الدرس يبدأ على الفصل ٤.٨ من دوال المثلثات. أنا كده فاهمة، كريستينا عندها وجهة نظر صح، أنا كنت أسعد لما كنت بتكلم معاه ومقدرش أمسك نفسي من الابتسامة لما بفكر فيه. فتحت كشكول مذكراتي وبدأت أكتب. أنا عارفة الحاجات اللي قولتها وإزاي اتصرفت. ولسه حاسة بنفس الإحساس ده، ومش عارفة ليه بكتب ده بصراحة. أنا كده فاهمة، أنا محتاجة صديق زي ما أنت محتاج. معرفش إيه المفروض أسأله ولا حتى إيه أحطه في الخطاب ده، لأني عمري ما كتبت خطاب قبل كده. على الأقل مش لعسكري برا البلد. دلوقتي أنا في نص الفصل بكتب ده، والمفروض أكون بكتب ملاحظات عن درس المثلثات اللي بناخده، بس بدل ده، مقدرتش أمسك نفسي من التفكير فيك وأتساءل بتعمل إيه وعامل إيه. رفعت راسي وبصيت على السبورة، وشفت أستاذي بيكتب وأنا بفكر في حاجة تانية أقولها، وبعدين بصيت تاني. كان عندي بداية خطاب لعسكري احتمال يكون نسيني أصلاً، وأنا مش عارفة أقول إيه. في عقلي، عارفة إني المفروض مكلمهوش خالص، بس في قلبي، عارفة إني ممكن أخسر حاجة عمري ما أخدت فرصة إني أحصل عليها بجد. لما خلصت الحصة، أنا وكريس مشينا لعربيتها في الجراج. "ها، بيت مين؟ بيتي ولا بيتك؟" سألتها وهي بتلعب بمفاتيحها. "ممكن نروح بيتي. أبويا في الشغل، فهنكون لوحدنا." "ماشي، بيتك يبقى بيتك. مش عايزة أتعامل مع الشياطين الصغيرين دول الليلة. تفتكري أبوكي هيفرق معاه لو باتت عندك؟" "مش أفتكر إنه هيهتم." قلتها وأنا ببتسم. كريس عندها تلات إخوات أصغر منها، اللي هما ولاد شيطان، على الأقل ده اللي بنسميهم بيه. هي بتروح بيت أي حد لما بتلاقي فرصة عشان تهرب من عيلتها. معظم الوقت بتكون في بيتي، وأنا مفيش عندي أي مشكلة مع ده. بعد ما وصلنا بيتي، رحت لعلبة البريد وطلعت كومة الرسايل منها. معظمها فواتير لبابا. فيه جواب من أمي متوجه لبابا وجواب متوجه ليا من العراق. قلبي نط وقفت أبصله ثانية. لفيت وبصيت لكريس، اللي كانت مستنياني على السلم، بتعبير وشي جامد. "إيه ده؟" نادت. جريت ناحية السلم واديتها الظرف. بصت فيه وبعدين بصتلي بنفس التعبير الجامد. "ده منه؟" سألت وهي بترجعهولي. "أنا افتكرت إنك قولتيله ميكلمكيش." "أي راجل بيسمع الكلام." قدرت أقولها بهدوء وأنا لسه ببص على الظرف. "صح. طب هتفتحيه ولا هتفضلي تبصيلو؟" قالتها وهي بتبتسم. رفعت راسي وابتسمت. "يلا بينا ندخل البيت الأول." مشينا من الباب وطلعنا جري على السلم. بصيت على كريس وهي بتبصلي والخطاب في إيدي. فتحته وبدأت أقرا. "عزيزتي آريا، بقالي شهرين وعارف إنك قولتلي مكلمكيش، بس لما الأمور هنا بتبدأ تبقى مرعبة، بفكر فيكي وأعرف إن كل حاجة هتبقى كويسة.... ده السبب اللي مخليني أخدم، لأني عارف إني لما بكون في الخط الأمامي، أنا بحمي بلدي، وبحمي كمان الناس اللي بهتم بيهم أكتر حاجة، وده بيشملك أنتي. أتمنى إنك تفهمي ده. -ويل." قعدنا احنا الاتنين وبصينا لبعض كام دقيقة قبل ما حد فينا يعرف يقول إيه. "هو بيحبك يا ر." كريس استنتجت. "يبقى كده لازم تبعتي الخطاب اللي كتبتيه النهارده في حصة المثلثات." "مش عارفة إذا كان المفروض." "لو مبعدتيش، أنا هبعته." كريس ابتسمت. "عمري ما شفت حد بيهتم بحد قد ما هو بيهتم بيكي. يبقى ابعتيه. طلعي الخطاب من شنطتك دلوقتي وحطيه في ظرف وفي صندوق البريد عشان يتبعت." طلعت لساني ليها. "ماشي." عملت اللي قالته ورحت لصندوق البريد. وقفت هناك ثانية وبحاول أقرر إذا كنت المفروض أعمل كده ولا لأ، وفي الآخر حطيته في صندوق البريد ورفعت العلامة. عملت الحاجة الوحيدة اللي قولت إني مش هعملها. ---- نهايه الفصل الثاني ----