موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      زكري لا تُنِسي - أحمد عماد

      زكري لا تُنِسي

      2025, أحمد عماد

      دراما

      مجانا

      قصة قصيرة مأخوذة عن قصة حقيقة والتعبير من وحى خيال الكاتب. لقاء عابر في الإسكندرية مع رجل أربعيني يجلس يوميًا أمام البحر منذ عشر سنوات، بعد أن فقد زوجته غرقًا فيه. يحاول الراوي فهم سبب جلوسه، ليكشف الرجل أن وجوده هناك ليس ليرى زوجته بل ليشعر بها، مؤكدًا أن الحب الحقيقي يتجاوز الرؤية المادية. يوضح الرجل أن هذه هي آخر نقطة التقيا فيها

      الرجل الأربعيني

      قضى عشرة أعوام منها يجلس يوميًا أمام البحر في الإسكندرية
      تم نسخ الرابط
      زكري لا تُنِسي - أحمد عماد

      في إحدى رحلاتي إلى الإسكندرية، صادفني أحدهم بقصة رجلٍ يبلغ من العمر خمسةً وأربعين عاماً، قضى منها قرابة عشرة أعوام وهو يجلس أمام البحر كل ليلة. وعندما سألته عن السبب، قال لي إن زوجته غرقت في هذا المكان.
      
      في اليوم التالي، ذهبت إلى هذا الرجل لأتحدث معه. كنت أطرح عليه كثيراً من الأسئلة، ولكنه لم يُجِب.
      
      قلت له: "إنها ليست هنا."
      
      فنظر إليَّ لبرهة وقال لي بصوتٍ يبوح بالبكاء: "أنا أعلم أنها ليست هنا."
      
      فسألته: "إذن لماذا تجلس أنت هنا؟"
      
      قال: "حقاً، أنا لا أراها، ولكنني أشعر بها."
      
      ثم أضاف: "إن المرء الذي يرى بعينيه فقط ليس إنساناً... فالحيوانات ترى. عليه أن يرى بقلبه أولاً."
      
      تعجبت من حديثه، فهو ليس بمجنون كما يقول عنه البعض، ولكنه حقاً أحبَّ بحدِّ الجنون.
      
      ثم نظرت إليه وقلت له: "هل استمرارك في الجلوس هنا سيُعيدها؟ أنت تجلس هنا منذ عشرة أعوام ولم يتغير شيء!"
      
      فضحك بسخرية وقال لي: "لم تكن عشرة أعوام... عشرة أعوام إلا ليلةً واحدة قضيتها بجوارها في القبر حين دُفِنت."
      
      قلت: "لِمَ لا تجلس بجانب القبر بدلاً من الجلوس هنا؟"
      
      قال: "هذا آخر مكانٍ التقينا فيه سوياً، هذا المكان الذي التقطت فيه أنفاسها الأخيرة، هذا المكان الذي خرجت فيه روحها."
      
      فسألني: "هل تشعر بالوحدة؟"
      
      قلت: "أحياناً أشعر أنني وحيدٌ تماماً."
      
      فقال: "أنا أفضل منك... أنا أملك شيئاً لا تملكه أنت. أنا لا أشعر بالوحدة عندما أجلس هنا، لأنها تنتظرني كل ليلة."
      
      وأنا أغادر الإسكندرية، حملت معي صورة ذلك الرجل وهو يجلس أمام البحر في انتظار أبدي. فهمت أن الحب الحقيقي لا يعرف الموت، وأن القلوب العاشقة تحوّل الأماكن إلى معابد للذكرى.
      
      علمني أن الوحدة ليست في غياب الآخرين، بل في غياب مَن نحب. وأن هناك مَن يجد في الذكريات صُحبةً أجمل من الواقع.
      
      في تلك الليلة الإسكندرية، تعلمت أن العين ترى الغياب، لكن القلب يرى الحضور الأبدي.
       
      

      بعد الموت - الفصل العاشر والأخير :قبل أن أنسى

      قبل أن أنسى

      2025, أحمد عماد

      رومانسية

      مجانا

      فلاش باك الفصل العاشر : قبل أن أنسى | طفل منطوٍ ومختلف، يدافع عن مسن يتعرض للتنمر، فتظهر فتاة غامضة تدعمه وتصبح صديقته المقربة. تنمو صداقتهما وتتحول إلى رابط عميق، لكن القدر يفرق بينهما بحادث مأساوي، حيث تموت الفتاة أمام عينيه. يترك هذا الحادث بطل الرواية وحيداً ومجروحاً، غارقاً في ذكرياتهما المشتركة.

      الطبيب

      رجل يرتدي زي أبيض، يتصرف بشكل هادئ وحاول طمأنة البطل بأنه بخير، لكنه يبدو متردد وغير صريح في بعض الأمور.

      المرأة السوداء

      امرأة ترتدي ملابس سوداء، تبكي بصمت وتعانق البطل بحنان، تزعم أنها والدته.
      تم نسخ الرابط
      قبل أن أنسى

      فجأة، شعرتُ بنسمةٍ باردة تمرّ على وجهي، كأنها تحمل شيئًا من صوتها. أغمضتُ عيني… وبدأ المشهد يعود.
      
      لم أكن طفلًا عاديًا. كنتُ أميل إلى الصمت، لا أجد متعة في اللعب كما يفعل الآخرون، ولا أفهم سر الضحك الصاخب على أشياء لا تضحكني.
      
      كنتُ أرى العالم بطريقة مختلفة. الأشياء الصغيرة كانت تهمّني، وتفاصيل الوجوه كانت تثير فضولي. وكان هناك دائمًا شعور داخلي بأنني مختلف... لكنني لم أكن أعرف كيف أعبّر عن ذلك.
      
      في إحدى الأيام، وأنا في الصف الخامس، كنتُ جالسًا في فناء المدرسة وحدي. الشمس كانت تميل نحو الغروب، والهواء يحمل رائحة غبار خفيف. فجأة، سمعتُ ضحكات مرتفعة، متبوعة بأصوات سخرية.
      
      اقتربتُ ببطء، ورأيت مجموعة من الأولاد يقفون قرب سور المدرسة، يسخرون من رجل مسنّ من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان يمرّ يوميًا من ذلك الطريق. لم يكن يؤذي أحدًا، فقط يمشي بصمت، بعصاه، وعيناه لا تنظران إلى أحد.
      
      أحسستُ بانقباض في صدري. لا أعرف ما الذي دفعني، لكنني اقتربت منهم وقلتُ بصوت مرتجف:
      
      "كفّوا عن ذلك… أهذا مضحكٌ بالنسبة لكم؟"
      
      ضحك أحدهم، وكان أطول مني، وقال: "ومن أنت لتأمرنا؟"
      
      ثم دفعني بيده فسقطتُ أرضًا.
      
      كنتُ أسمع ضحكاتهم، لكنني لم أتحرك. شعرتُ بالخذلان... وبالغضب.
      
      وفجأة، جاءت فتاة صغيرة، لم ألاحظ وجودها من قبل، وانحنت بجانبي، مدت يدها نحوي، وقالت بصوت خافت:
      
      "انهض… لا تدعهم يرون ضعفك."
      
      كانت عينها صافية، وفيها حزنٌ لا يشبه عمرها. أمسكتُ بيدها ونهضت، وبينما كنتُ واقفًا بجانبها، التفتَ الأطفال نحوها، وبدأوا يسخرون منها أيضًا.
      
      "أوه، ها هي البطلة!"
      "إنه يستعين بفتاة!"
      
      كانت ترتجف قليلاً، لكن وجهها ظل ثابتًا. حينها، شعرتُ بشيء يتغيّر داخلي… كأن شيئًا كان نائمًا واستيقظ.
      
      تقدمتُ نحو الفتى الذي دفعني، ونظرت إليه بثبات، ثم قلت:
      
      "الضعيف هو من يهاجم من لا يستطيع الرد. وأنت… أضعفنا جميعًا."
      
      لم يرد. فقط انصرف مع البقية، وهم يتهامسون.
      
      في ذلك اليوم، مشينا سويًا نحو بوابة المدرسة دون أن نتكلم كثيرًا. فقط، كانت تنظر أمامها بصمت، وأنا كنتُ أشعر بشيءٍ جديد… شيء يشبه الأمان.
      
      سألتُها ونحن على وشك الفراق:
      
      "ما اسمك؟"
      
      قالت دون أن تلتفت إلي:
      
      "ستتذكره حين تحتاج إليه."
      
      ورحلت.
      
      منذ ذلك اليوم، صارت جزءًا من عالمي، لا كصديقة عابرة، بل كظلٍّ لا يفارقني. كنا نذهب إلى المدرسة معًا، نعود معًا، نقرأ الكتب نفسها، نرسم على دفاتر الرياضيات حين نملّ من الأرقام، ونتبادل الرسائل على قصاصات صغيرة نخفيها بين طيّات الحقائب.
      
      كانت تملك قلبًا أكبر من سنها، وكنتُ أملك عقلًا أرهقه التفكير. كنا مختلفين… لكنها وحدها كانت تفهم صمتي، وتبتسم حين أكون غاضبًا دون أن تسأل لماذا.
      
      مرّت السنوات، وكبرت صداقتنا حتى تحوّلت إلى شيء لا اسم له، لكنه كان واضحًا بيننا. كأن أرواحنا تعرف ما لا نجرؤ على قوله.
      
      وفي تلك السنة… كان كل شيء يسير نحو الأفضل.
      
      كنا نخطط للدراسة معًا، للحياة معًا، ربما للمستقبل الذي لا نملك مفاتيحه، لكننا كنا نؤمن أنه سيكون لنا. لم نكن بحاجة إلى وعود، يكفينا أن ننظر في أعين بعضنا لنعرف أن كل شيء سيكون بخير.
      
      لكن الحياة لا تؤمن بالاستقرار، ولا بالعدالة.
      
      في أحد الأيام، تأخرتُ عن موعد اللقاء المعتاد. كنتُ أقف على الجهة المقابلة من الطريق، أبحث عنها بعيني، وإذا بها تظهر فجأة… تلوّح لي من بعيد، تبتسم تلك الابتسامة التي تعني كل شيء.
      
      بدأت تعبر الطريق نحوي، تركض بخفة كأنها طفلة، وأنا ألوّح لها بقلق لأنني لمحْتُ سيارة مسرعة تقترب…
      
      صرختُ:
      
      "توقّفي!"
      
      لكن الصوت لم يكن أسرع من القدر.
      
      في لحظة واحدة، دوّى صوت التصادم.
      
      ثم ساد الصمت.
      
      وجدتُ نفسي على الأرض، لا أشعر بجسدي، الدماء تغطي يدي، ورأسي يثقل. نظرتُ بجانبي… كانت هناك.
      
      جسدها الصغير ملقى، بلا حراك.
      
      زحفتُ نحوها، أمدّ يدي كأنني أستطيع إعادة الزمن. كانت عيناها نصف مفتوحتين، تشبهان السماء قبل المطر… كنتُ أرتجف، وقلتُ بصوت مبحوح:
      
      "لا ترحلي… أرجوكِ… انتظريني..."
      
      لكنها لم تجب.
      
      قبل أن أفقد وعيي، كانت صورنا كلها تمرّ أمام عينيّ: ضحكتها، صوتها، لمستها، دفاترنا، دفئها…
      
      ثم… الظلام.
      
      النهاية
      
      

      بعد الموت | الفصل التاسع:مَن مات فيّ؟

      :مَن مات فيّ

      2025, أحمد عماد

      رومانسية

      مجانا

      تمت كتابة هذه الرواية بأسلوب يجمع بين الغموض والدراما النفسية، وتتناول موضوعات عميقة مثل الهوية وفقدان الذاكرة والحب والفقدان. تبدأ بلحظة صحو غامضة داخل مستشفى، يجد البطل نفسه محاطًا بأشخاص يزعمون أنهم عائلته. تتصاعد الأحداث مع إنكاره لهم وشكوكه في كل ما يُقال له. الغموض يسيطر على الأجواء، والأسئلة تتكاثر بلا إجابات واضحة. هل فقد الذاكرة فعلًا، أم أن هناك سرًا أكبر خلف الجدران البيضاء؟

      الطبيب

      رجل يرتدي زي أبيض، يتصرف بشكل هادئ وحاول طمأنة البطل بأنه بخير، لكنه يبدو متردد وغير صريح في بعض الأمور.

      المرأة السوداء

      امرأة ترتدي ملابس سوداء، تبكي بصمت وتعانق البطل بحنان، تزعم أنها والدته.
      تم نسخ الرابط
      بعد الموت | الفصل الأول : الصحوة

      بعد نهاية الحفل، لم أحتمل البقاء. لم أودّع أحدًا. لم أنظر خلفي. قررتُ أن أعود إلى وطني… بصمت، كما أتيتُ إليه يومًا.
      
      سافرتُ ليلًا. طوال الطريق كنتُ صامتًا، كأنني أراقب حياتي من الخارج، كشخصٍ غريبٍ عن نفسه.
      
      وحين وصلتُ، لم أذهب إلى المنزل. ذهبتُ مباشرة إلى المقابر. هناك، وسط الصمت الأبدي، بدأتُ أبحث كالمجنون بين القبور… أبحث عن اسمٍ لا أعرف إن كنتُ أتذكره فعلاً أم فقط أشعر به.
      
      وفجأة، توقفتُ.
      
      كانت هناك… حجارة باردة، كتب عليها اسمها.
      
      اسمٌ لطالما راودني في أحلامي، اسمٌ كنتُ أظنه خيالاً… لكنه الآن حقيقي، منقوشٌ على شاهدٍ صامت.
      
      ركعتُ بجانب قبرها، وانهارت دموعي دون مقاومة. بقيتُ أنظر إليه طويلًا، ثم همستُ بصوت مرتجف:
      
      "عندما وقع الحادث مرة أخرى، ورآني الناس أبكي، وسألوني لماذا… قلت لهم: هي لم تنجُ. ظنّوا أنني فقدتُ صوابي، لكنهم لم يعرفوا… أنني كنتُ أتحدث عنكِ."
      
      وضعتُ يدي على الحجر، كأنني أتحسس أطراف روحها:
      
      "منذ ذلك اليوم، حين سمعتُ أمي تقول: ماذا لو علم أنها توفيت في الحادث؟، أدركتُ أن هناك شيئًا ناقصًا… شيئًا مكسورًا في داخلي. ولم أكن أعرف من."
      
      "واليوم فقط… عرفت."
      
      صمتُّ للحظة، ثم وضعتُ رأسي على القبر وقلتُ بصوتٍ مختنق:
      
      "لم يمت جسدها فقط، بل مات جزءٌ مني معها، ولن أحيا حتى أجد ذاتي في صمتِ هذه القبور."
      
      أغلقتُ عيني، وتركتُ الدموع تأخذ مجراها. جلستُ بجانب القبر طويلًا، حتى بدأ الفجر في الظهور، ولفّني نورٌ باهت كأنّه يهمس لي:
      
      من فقد شيئًا بداخله، لا يسترده إلا بعد الموت.
      
      

      بعد الموت - الفصل الثامن: الحقيقة تتجلى

      الحقيقة تتجلى

      2025, أحمد عماد

      رومانسية

      مجانا

      تمت كتابة هذه الرواية بأسلوب يجمع بين الغموض والدراما النفسية، وتتناول موضوعات عميقة مثل الهوية وفقدان الذاكرة والحب والفقدان. تبدأ بلحظة صحو غامضة داخل مستشفى، يجد البطل نفسه محاطًا بأشخاص يزعمون أنهم عائلته. تتصاعد الأحداث مع إنكاره لهم وشكوكه في كل ما يُقال له. الغموض يسيطر على الأجواء، والأسئلة تتكاثر بلا إجابات واضحة. هل فقد الذاكرة فعلًا، أم أن هناك سرًا أكبر خلف الجدران البيضاء؟

      الطبيب

      رجل يرتدي زي أبيض، يتصرف بشكل هادئ وحاول طمأنة البطل بأنه بخير، لكنه يبدو متردد وغير صريح في بعض الأمور.

      المرأة السوداء

      امرأة ترتدي ملابس سوداء، تبكي بصمت وتعانق البطل بحنان، تزعم أنها والدته.
      تم نسخ الرابط
      بعد الموت | الفصل الأول : الصحوة

      في أحد الأيام، وبينما كنتُ أعبر الطريق في طريقي إلى العمل، كانت الأفكار تتقاذف في رأسي كأمواج متلاطمة. لم أكن أشعر باستقرار داخلي، فقط ضجيج، وتشتت، وشعور غامض بأن شيئًا ما مفقود… أو ربما مدفون.
      
      كانت هناك صورة ثابتة في ذهني، تتكرر بشكلٍ مزعج، كأنها لوحة باهتة لحادث مرعب. لم تكن واضحة، لكنها كانت تحتوي على صرخة، وارتطام، ودماء. لم أكن أعرف إن كانت من خيالي، أم من ماضٍ نسيتُه، لكنه لا يريد أن ينساني.
      
      في لحظة، شعرت أن كل شيء حولي توقف. السيارات، الناس، السماء... حتى خطواتي بدت وكأنها تتحرك على أرضٍ ليست لي. كنتُ أتنفس، لكنني لا أشعر أنني حيٌّ تمامًا.
      
      وفي مساء اليوم ذاته، كنتُ أقف على الطريق، أنتظر السيارة التي ستنقلني إلى حفل التكريم الذي أعدّته الشركة لي. كنتُ أنظر إلى الأفق بلا تركيز، ولا زال رأسي يعجّ بالصراعات، وبذلك الحادث الغامض الذي يزورني في صمت.
      
      وفجأة، رأيتُ فتاة تعبر الطريق أمامي. للحظة، بدا المشهد وكأنه تكرار لما كنتُ أراه في ذهني منذ أيام. نظرتُ إلى يساري، فوجدتُ سيارة مسرعة قادمة نحوها.
      
      في تلك اللحظة، لم أفكر. اندفعتُ نحوها كالمجنون، دفعتُها بكل قوتي بعيدًا عن الطريق، ووقعتُ أنا أرضًا. كان الزمن بطيئًا، وكان صوت التصادم قريبًا جدًا… لكنه لم يحدث.
      
      نجونا معًا.
      
      اجتمع الناس من حولي، ساعدوني على الوقوف، وأخذوني إلى جانب الطريق. شعرتُ بأن كل شيء في داخلي انهار دفعة واحدة، وبدأتُ أبكي كطفل.
      
      نظر الجميع بدهشة وقالوا:
      
      "لقد نجوتَ أنت والفتاة من الحادث، فلماذا تبكي؟!"
      
      نظرتُ إليهم والدموع تنهمر من عيني، وقلتُ بصوتٍ مختنق:
      
      "بالنسبة لي… فقد نجوتُ، أما بالنسبة لها… فلم تنجُ."
      
      تبادلوا النظرات في صمت، بعضهم ظنّ أنني فقدتُ عقلي، وآخرون شعروا بالشفقة.
      
      جاءت السيارة، فركبتها وأنا أرتجف. لم أكن أعلم هل ما حدث الآن واقعٌ أم حلم؟ لكنني كنتُ واثقًا أن شيئًا بداخلي قد استيقظ.
      
      وصلتُ إلى مكان الاحتفال، وكان في استقبالي حشد كبير من الزملاء والمديرين والإعلاميين. صعدتُ إلى المنصة بعد أن قدمني المتحدث بكلماتٍ منمقة عن النجاح والطموح، وطلب مني أن أروي قصتي للجميع.
      
      أمسكتُ الميكروفون، ونظرتُ في وجوههم، ثم بدأتُ حديثي:
      
      "قبل وصولي إلى هنا، لم أكن أعرف من أنا. استغرقتُ وقتًا طويلًا في التفكير، ولم أعرف ماذا سأخبركم عن حياتي السابقة. كنتُ أشعر أنني وُلدتُ في الثامنة عشرة من العمر، ولكن اليوم فقط… أدركتُ من أنا."
      
      توقفتُ لحظة، وكلماتي بدأت تتدفق بقوة:
      
      "لقد رأيتُ حادثًا أمامي جعلني أتذكر كل شيء... رأيتُ مثله من قبل، منذ خمس سنوات، عندما كنتُ في الثامنة عشرة من عمري. بعد ذلك الحادث، فقدتُ ذاكرتي. ومنذ ذلك اليوم، كنتُ أبحثُ عن السبب، عن المعنى، عن نفسي."
      
      "الطبيب قال لأهلي إن الحقيقة ستدمّرني إن عرفتُها، فنصحهم بعدم إخباري بأي شيء. وذات يوم، سمعتُ والدتي تقول: 'في بعض الأحيان، تكون الحقيقة قاسية ويجب إخفاؤها لأنها تسلب من الإنسان مصيره.' كنتُ غاضبًا، حزينًا، تائهًا… أما الآن، فأنا ممتن."
      
      صمتتُ مجددًا، ثم أضفتُ بصوتٍ مختنق:
      
      "كنتُ أعتقد أن إصابتي بفقدان الذاكرة أمرٌ سيئ، ولكنني أدركتُ اليوم أنه أنقذني. دائمًا كنتُ أختار أصعب الطرق للنجاة، والآن أتمنى… أن أُصاب في حادث آخر بفقدان الذاكرة. وإن لم أنجُ، فقد نجوت!"
      
      أنهيتُ حديثي، ثم حييتُهم بهدوء، ونزلتُ عن المنصة.
      
      

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء