روايه ابتسم لأجلي
ابتسم لأجلي
2025,
عائلية
مجانا
مراهقة بتعاني من أستاذها الحقود مستر جرانت، اللي بيعاملها وحش وبيديها حجز على طول. في نفس الوقت، هي بتواجه فكرة غياب باباها اللي في الجيش وإن إخواتها مقتنعين إنه مش هيرجع. ديانا بتحاول تذاكر وتتعايش مع الوتر اللي في حياتها، وبتلاقي راحة في المذاكرة مع مستر جوزيف اللطيف اللي بيكشف علاقتها بيه الأستاذ جرانت من غير قصد. وسط كل ده، وحدة ديانا وخوفها من المستقبل بيبقوا واضحين، خصوصاً مع قلة نومها ومحاولاتها المستمرة إنها متخافش من مواجهة أستاذها وتتجنب إخواتها اللي بيعاملوها كأنها طفلة.
ديانا
بتعاني من قلة النوم والوحدة بسبب غياب والدها. بتحاول تكون قوية وتواجه الصعوبات، خصوصاً مع أستاذها مستر جرانتمستر جرانت
أستاذ الرياضيات، شخصية عصبية وحادة الطباع، بيكره ديانا وبيتعمد يضايقها. بيبدو إنه بيعاني من مشاكل شخصية بتخليه غاضب طول الوقت.بيلي، وكريس. أوستن
إخوة ديانا الكبار. بيحبوا ديانا وبيخافوا عليها أوي، بس ساعات بيتعاملوا معاها كأنها طفلة صغيرة، وده بيضايقها. هما مقتنعين إن أبوهم مش هيرجع.
"مش لازم تفضل هنا بصحيح..." أنا قولت له، خايفة يزعق لي تاني. وهو زعق. "لأ، لازم أفضل. عشان بنت مراهقة مش مسموحلها تدخل أوضة الرسم لوحدها، وأنا لازق لها زي المربية." مستر جرانت قالها بمرارة، ومش فارق معاه يخبي إحباطه. أنا اتنهدت وضغطت إيدي على بعض، بحاول أكتم التوتر المخيف اللي أستاذي كان بيديهوني. هو كان بيخوفني، كتير. كان دايماً وقح أوي. محدش كان بيحب مستر جرانت. طبعاً، كل البنات حبوه في أول السنة، أنا كنت شايفاه جذاب. كل الناس كانوا كده. ولسه، بس هو كان وحش أوي، وده خلى الكل يكرهوه ويكرهوا حصته. وأنا، لسبب ما. كنت دايماً بتفاهم مع أساتذتي، كنت عارفة أقول إيه لمين بالظبط- بس مش مستر جرانت. كان صعب أوي في وقاحته وعدوانه في كلامه. بالذات ليا أنا. ميس رين كانت أستاذة الرسم المتقدم بتاعي، وكنا أصحاب أوي لما الموضوع كان بيخص الحصة دي. آه، هي كانت في الأربعينات وبدأت شعرها يبقى فيه شيب، بس هي علمتني كل اللي أعرفه. كانت بتثق فيا في كل حاجة. بالذات أوضة الرسم اللي أنا ومستر جرانت كنا واقفين فيها. لما صوابعي ضغطت على بعض، حطيتها في حجري وامتنعت عن إني أتنفس تاني. "ميس رين بعتت الإيميل ده عشان ده قانون، ممكن حضرتك تمشي وهي هتكون كويسة. ممكن أكلمها وهي هتقول لحضرتك إنك ممكن تروح البيت." أنا كنت بتكلم بعقل، بس مهما أقول هو هيرد بتعليق سخيف. كأن كل كلمة أقولها بتخليه يكرهني أكتر. عادتاً كان بيتضايق أوي من كل الطلاب التانيين لدرجة إنه كان بيبصلهم بحدة وهما كانوا بيسكتوا، بس معايا أنا. لسبب ما، كان بيعاملني أسوأ من أي حد تاني. أنا كنت من العشرة الأوائل في دفعتي- اللي كان فيها ألف وميتين طالب.- يعني كان إنجاز كبير. مكنش يهمني علاقاتي مع أساتذتي، طالما كنت مصممة على الكمال في حصصي وكنت بفهم طريقتهم في التدريس. أنا عمري ما فهمت طريقة مستر جرانت، واضطريت أجيب مدرس خصوصي رياضة عشان أتجنب هاله المرعبة. دلوقتي كان عندي مشروع رسم لازم أعمله عن الجمال والهدوء، ومع وجوده أكيد مكنتش هعرف أعمله. "يلا ابدأ وخلص بسرعة، أنا مش هروح البيت وأقع في مشكلة عشان طالبة قالتلي كده." هو تمتم من بين فكه المشدود. كنت أقدر أشوف على وشه الحلو إنه كان غضبان أكتر ما شفته قبل كده. مكنتش أعرف عنه كتير، يمكن كان عنده عيلة يروحلها. مكنتش عايزة أخليه هنا وأبوظ مشروعي في النهاية. "أنا مروحة البيت بقى." أنا قولت بصوت واطي ولميت حاجتي اللي كنت لسه حطاها. هو بصلي تاني المرة دي، أنا مشفتهوش، بس حسيت بيه. مكنتش بعرف أعمل أي حاجة صح بالنسبة له. درجاتي في حصته كانت عالية نسبياً بس بسبب المدرس الخصوصي بتاعي اللي بالعافية بقدر أتحمل تكاليفه. "بس. يلا. بسرعة." هو كان خلاص هيتجنن. كنت عارفة لو قولت كلمة زيادة هيتفجر. عمره ما كان يهمني هو بيحبني ولا لأ، بس كان يهمني هو عايز يحافظ على درجتي عالية ولا لأ. فقولت، "سلام يا مستر جرانت." وطلعت وأنا حاسة إني عاملة حاجة غلط. أنا عمري ما اتكلمت بالنبرة المستفزة دي، 'البنت الكيوت' دي مع مدرس قبل كده. مش مهم! المشروع مكنش عشانه أصلاً. سرعت خطواتي بعد ما سمعت لعنة غاضبة، ورزعة باب. غالباً باب أوضة الرسم عشان بيطلع الصرخة دي لما بيتحك في المعادن اللي مصدية. هيكون أسوأ وأحرج حاجة لو بطأت ومشيت ببطء وهو عدى من جنبي وأنا رايحة عربيتي، فلهيت نفسي بتليفوني وشفت كام مكالمة فاتتني من إخواتي. أول ما كنت هكلم أوستن- أخويا الكبير- تاني، أخويا الكبير التاني، كريس، كلمني. أنا مسالمتوش لما رديت على التليفون، عمري ما عملت كده، ولا واحد فينا كان بيعمل كده. "هو انتي مروحة البيت خلاص؟" سأل بسرعة. كنت عايزة أسأله ليه يهمه، ده مش بيته يعني، بس مكنتش عايزة أضيع وقت في خناق معاه، أنا أصلاً مش بحب أتكلم مع إخواتي. "أنا في طريقي،" وسمعت بعد ما وصلت لعربيتي الجيب، أبواب المدرسة الأمامية اتقفلت بطقطقة جامدة، وخطوات واضحة على الأسفلت. جزمة مستر جرانت الإيطالي الغالية اللي كانت بتلمع أوي، وبتطقطق كأنه ملك أو حاجة. هو غالباً كان فاكر نفسه كده. "إحنا جايين كمان عشر دقايق." هو قال. أنا متعنتش أسأل ليه مع إن الموضوع خلاني أتساءل. هما عادتاً بيطمنوا عليا بما إني عايشة لوحدي. كلهم اتخرجوا ودخلوا الجامعة، أو لسه متخرجين من الجامعة زي كريس- اللي كان أقرب واحد لعمري. بيلي، الأخ اللي في النص اللي أكبر مني بست سنين لسه متخرج من جامعة هارفارد. أوستن، الأخ الكبير، اتخرج من جامعة ديوك. كريس كان أكبر مني بخمس سنين ولسه راجع من جامعة ييل لما بدأت أنا سنة تالته ثانوي. فالسنة دي كانت أول سنة من فترة إخواتي فيها راجعين. هما كانوا بيحموني بشكل مبالغ فيه، بس مكنوش بيحتاجوا يبذلوا مجهود كبير بما إن كل اللي كنت بعمله هو المذاكرة والقراية. بابا كان في الجيش، وبقاله سنين غايب. قبل كده رجع يومين بس عشان يمشي تاني، وهو عمل كل ده عشانا. هو وماما جابوا أوستن، أخويا الكبير، وهما عندهم خمسة عشر سنة بس. كانوا كبار على طول واتنبذوا من كل الناس وبنوا عيلة. بعد تلات صبيان وقفوا. أهلي كانوا تمنتاشر سنة وتعبوا من إنهم بدأوا المسؤولية بدري. استنوا خمس سنين، يشتغلوا ويشتغلوا، وبالعافية بيعيشوا بالفلوس القليلة اللي بيجيبوها من شغلهم البسيط. ده مكنش عدل عشان مكنش ينفع يكملوا ثانوي. ومكنش ينفع يدخلوا جامعة كده بسهولة- ولا واحد فيهم كان معاه شهادة. هما كانوا فاكرين إنهم خلصوا من الأطفال في أوائل العشرينات، بس لما تمنوا بنت جابوا بنت. وأنا كنت الحرف الرابع في الأبجدية- ديانا. أوستن، بيلي، كريس، وديانا. كنا متسميين بالترتيب. أمي ماتت وأنا عندي ست سنين، فمفتكراش أوي قد إيه كانت جميلة. بعد كده بابا مكنش عارف يوفرلنا إزاي. إخواتي احتفظوا باسم عيلة ماما الأخير احتراماً ليها، وكانوا مؤمنين إنها تستاهل إن اسم العيلة يستمر. أنا احتفظت باسم بابا. ديانا أبولو. أمي كانت أنا فاليانت- بتوصفها بالظبط- حسب كلام بابا. هو كان أذكى راجل ممكن تقابله. هو عمره ما خلص ثانوي وعمره ما دخل جامعة، بس كان بيقرأ أي حاجة ممكن تحصل على الأرض. جسم الإنسان، تاريخ العالم، كان عارف الأرقام كأنه عنده أسرع آلة حاسبة في العالم في دماغه، وكان عارف النجوم. النجوم كانت أكتر حاجة بحبها معاه. بابا كان ممكن يعمل حاجات كتير أوي، ومكنش محتاج شهادة ولا أي حاجة قريبة لكده عشان أي خريج جامعة مكنش هيصمد قدام عقله الحكيم. هو كان حزين، من غير أمي. وقرر إن الجسم أهم من العقل، وحارب عشان بلدنا. اتضح إن لما أمي ماتت سابت لنا ثروة. من أجدادها. بابا مكنش عايز أي حاجة منها، فإحنا استخدمناها لاحتياجاتنا. وسرعان ما جمعنا فلوس أكتر وأكتر بسبب شغل إخواتي. دكتور، محامي، وكريس لسه بيبدأ شغله كطبيب نفسي. دلوقتي، أنا عايشة لوحدي. في البيت، كل إخواتي كانوا واقفين في المطبخ، عمالين ياكلوا أي حاجة يشوفوها وواقفين فوق التلاجة. أنا كنت واقفة وببصلهم وبس، مستنية إنهم يلاحظوني، مستنية إنهم يشرحوا هما هنا ليه. أخيراً بيلي شافني ووقف في نص ما كان بيحط معلقة بودنج في بقه. "إزيك يا ديانا." ابتسم، ومبين حتة شوكولاتة على سنانه. بيلي كان بتاع الهزار، بس لما كان بيحتاج، كان بيقلب جد على طول. دلوقتي هو كان في النص. "إنتوا هنا ليه؟" سألتهم. كلهم ركزوا معايا وأوستن قعد على كرسي البار. "بنتطمن عليكي." قال ببساطة. كانوا بيطمنوا عليا كتير أوي الفترة اللي فاتت. بعد ما بصينا لبعض شوية، استدار ولف حوالين الجزيرة وهو بيفكر. "المدرسة كانت عاملة إيه؟" "كويسة." "إحنا مش فاكرين إن بابا هيرجع." كريس قال أخيراً بإحباط. اللي قالوه ده خلاني أغضب. في الأول، رجعت لورا بعيون واسعة- كنت مصدومة أوي. بس عيوني ضاقت في نظرة غضب وهما اللي رجعوا لورا المرة دي، هما التلاتة. "إنتوا معندكوش ثقة في أبونا؟" قولت لهم وهما بصوا لبعض، مش عارفين يقولوا إيه. "هو مش هيرجع." أوستن قال. "فين دليلكوا؟" زعقت فيه. في بيتي الهادي والدافئ. عمري ما زعقت لهم قبل كده. ده خلاهم يرجعوا لورا تاني. وهما مصدومين تماماً. كنت مغلوبة على أمري. لما وصلت البيت كل اللي فكرت فيه كان الواجب اللي عليا، ودلوقتي هما بيدوني حاجات زيادة أقلق عليها. "ده واضح، ماشي؟" بيلي مشي وحاول يحضني بس أنا بعدت عنه. بيلي وأنا كنا أقرب لبعض واحنا بنكبر. هو دايماً كان بياخدني أماكن، وكنا دايماً بنتفق. كريس، عشان هو أقرب واحد ليا في السن، دايماً كان بيلاقي طريقة يضايقني بيها. أنا عمري ما كنت بحب أعمل مشاكل، عمري ما كنت بحب أتخانق. عمري ما عملت كده. كنت دايماً "الهادية المتماسكة" في العيلة، زي ما بابا كان بيقول. "صعبة، أنا عارف. بس لازم نواجهها." أنا مفكرتش مرتين في الموضوع ده، كنت عارفة إنها مش حقيقة. هما فعلاً كانوا مصدقين إنه مش هيرجع. ده كان سخيف. "ممكن تيجي تعيشي مع واحد فينا!" بيلي اقترح. "أو ممكن إحنا اللي نعيش هنا." أوستن عرض. هزيت راسي وكريس بصلي بصدمة. "يا ديانا، إنتي أكيد بتحسي بالوحدة هنا." هزيت راسي ليهم. "لأ، مش حاسة." كنت فاكرة إني بقولهم الحقيقة. أنا مكنتش حاسة بالوحدة، كنت حزينة. لو فضلوا معايا هيتكلموا مع بعض. وهيكونوا قريبين زي دايماً- وده اللي كان بيخليني أحس بالوحدة. الطريقة اللي مشينا بيها اليوم اللي قبله كانت مريحة ليا أوي. سيبنا الأمور زي ما هي، وعملنا نفسنا كإن محدش فيهم جاب سيرة بابا خالص. كنت قلقانة وأنا رايحة المدرسة. الموضوع هيكون محرج، وكنت عايزة أتجنب دولابي اللي بالصدفة كان قصاد دولاب مستر جرانت بالظبط، بس ده مكنش ممكن. مستر جرانت كان من النوع ده من المدرسين اللي بيمشوا في الممرات عشان يهدوا أعصابهم، وده كان دايماً. عمري ما كنت متأكدة هو بيعمل كده ليه أصلاً، لأنه دايماً كان بيشوفني وبيتعصب أكتر. النهاردة الصبح كان رايح جاي في الممرات المزدحمة وكوبايه القهوة في إيده. ولما كان بياخد رشفة، عينيه كانت بتدمع والبخار كان بيضرب وشه جامد ويطلع لبره. أقسم بالله كان بيشربها سخنة مولعة عشان يؤذي نفسه وبس. هو لسه مشافنيش، بس حس بنظراتي الحذرة، وأول ما لف عشان يبصلي بغضب، أنا لفيت بسرعة وفتحت دولابي بسرعة عشان أمشي في أسرع وقت ممكن. كان يوم "أيه"، بس ده عمره ما كان بيفرق. أنا كنت باخده كل يوم. هو كان الحصة الثامنة والأخيرة في اليوم، والغريب إني كنت بشفق عليه شوية عشان أنا في حصته كل يوم. أكيد صعب إنك تتجبر تدرس لحد بتكرهه كراهية عميا، وخصوصاً إنك مش بتعلمه أي حاجة غير إزاي يمسك نفسه ميردش على أستاذه. "ديانا، ده جميل." أستاذة الرسم بتاعتي قالتلي. فضلت واقفة لدقيقة قصيرة قبل ما أروح حصتي الأخيرة. "أنا آسفة إني اضطريت أقوله إنه يفضل بعد الحصة عشان يراقبك. أنا عارفة إن ده مكنش ضروري خالص، مكنش المفروض أبعتله الإيميل." كأن اليوم بتاعي كان الحصة الأولى- الثانية- الثالثة- الرابعة- الثامنة-ة-ة-ة-ة حصة... كانت طويلة أوي مع مستر جرانت، عشان كلنا كنا بنكرهه. في حصته كنت قاعدة جنب واحد من أكتر الشباب الجذابين في مدرستي. هو مكنش متواضع أوي، بس كان محترم جداً. ليا أنا، على الأقل. اسمه كان رايان. "ديانا، عملتي إيه في مشروع الرسم ده؟" سألني وهو بيفكر. "كان..." فكرت دقيقة. "مش زي ما كنت عايزاه يطلع." اتجرأت أبص لمستر جرانت ولقيته بيبصلي بنظرات غضب، أنا احمر وشي على طول وبصيت بعيد. "بس عادي." "آه، آسف." ابتسم لي ابتسامته الطفولية المشهورة. كنت هحبه لو مكنش طفل أوي كده. "هتيجي حفلة أفري جونسون الجمعة دي؟" هزيت راسي. أنا عمري ما رحت حفلات، دي مش جوي. دايماً كنت بحس إني مش في مكاني هناك. "ليه لأ؟" سألني وأنا رفعت كتفي. "طيب، عايزة تكوني مرافقتي هناك؟" واداني الابتسامة الطفولية دي تاني. "إممم-" "خلاص." مستر جرانت قام من كرسيه المتحرك واتكلم بصوت عالي وبشدة. "هنكمل شغل امبارح بما إن معظمكم مش عارفين بتعملوا إيه." بصق الكلمة، ووزع ورقة فيها ملاحظات مطبوعة. "دي مش بتاعتي، دي بتاعة مستر جوزيف." مستر جرانت تمتم لنفسه، كأنه مكسوف إنه ممكن يتشك إنه عمل حاجة كويسة لمرة واحدة. "هديكم عشر دقايق تبصوا عليهم، لو اتكلمتوا هخليكم تمشوا." اتكلم بشدة وببرود وهو قعد وبدأ يكتب على الكمبيوتر بتاعه. أنا بصيت عليهم وفهمت تماماً. أنا كنت بحب مستر جوزيف أوي، وهو كان اللي بيدرسلي خصوصي. هو راجل كبير في أوائل الستين، ولطيف جداً وكان بيراجع معايا كتير أوي عشان أفهم شغله. وأنا أكدت عليه إن الموضوع ده يكون سر إنه بيدرسلي خصوصي. كنت خايفة مستر جرانت يغضب ويصرخ فيا عشان غبية أو حاجة. "خلاص، الوقت خلص." قال بسرعة بعد حوالي خمس دقايق. في الفصل سمعت تنهدات محبطة وإيدين غاضبة بتحاول متهبدش أوي على المكاتب. أنا مكملتش قراية الملاحظات برضه. "حاجة تحزن إننا لازم نراجع حاجات زي دي عشان في عدد كبير منكم ساقطين." مستر جرانت وقف في تصلب. حاولت أتخيله هادي، سعيد. يمكن معاه بيرة في إيده أو حاجة، مكنتش متأكدة. حاولت أتخيله في مكان واحد من إخواتي: ساند كوعه على الرخامة بابتسامة سعيدة وبيشرب بيرة وهو بيتفرج على البيسبول. كان مستحيل. مكنتش قادرة أتخيله مبتسم خالص، لأني عمري ما شفته بيعمل كده. أنا مكنتش ساقطة في حصته. زي ما قولت قبل كده، أنا متأكدة إني كنت من أوائل طلابه، بس ده كان بسبب مستر جوزيف. بعد ما مستر جرانت راجع الدرس مرة تانية، الحصة خلصت. وده معناه إن المدرسة خلصت وإني قدرت أمشي من الجو اللي مليان كراهية بتاعه. كل الناس طلعوا قبل ما ألحق حتى أمسك شنطتي، فكنت آخر واحدة تقف. حسيت بعينيه عليا وحسيت كإني لازم أكون هادية عشان أمشي، وإلا هيضرب. زي الحيوان. وبعدين اتكلم، "ديانا." اتخشبت مكاني كأني اتمسكت بعمل حاجة غلط. إيه ده؟ إيه اللي عملته وحش أوي كده؟ ولا حاجة. "نعم؟" لفيت وبصيتله باحترام، وكنت عايزة أمشي بجد. ربّع دراعاته على صدره وبصلي بغضب. كده وبس، رجع لورا واداني النظرة الشريرة الفظيعة دي. كان عايزني أروح لدولابه. فروحت، بحذر. كل خطوة مكنتش بطيئة أوي - بس ثابتة. كنت الغزالة اللي بتهرب من الصياد، بس أنا مكنتش سريعة كفاية عشان أمشي من غير ما يتشاف. دلوقتي لازم أهرب وعينيه عليا. "هديكي حجز عشان إمبارح." نزلت شنطتي والحتة المعدن عملت صوت عالي، صدى في أوضته الرمادية اللي بتجيب الكآبة. "أنا آسفة، ليه؟" مكنتش مهذبة، لأني كنت غضبانه. "المنظر بتاعك كان قلة احترام." هو اتكلم بغضب. "منظري؟ بتاعي أنا؟ إنت اللي كنت بتشتكي طول الوقت إن عندك حاجات أهم تعملها من إنك تلعب دور المربية، لما أنا قولتلك بالذات إنك ممكن تمشي. ده كان غلطتك إنت!" زعقت فيه. أنا زعقت. أنا عمري ما رديت على مدرس قبل كده، ناهيك عن إني أزعق في واحد. أنا كده خلصت. هو قام فجأة، وأنا شفت إنه كان متوقع إني هخاف وأرجع خطوة لورا، بس أنا رجعتله نظرة الموت بتاعته. وده ضايقه. "لو مش هتتخانقي معايا دلوقتي، مش هيتسجل في سجلك. دلوقتي هتقعدي وتعملي أي حاجة بهدوء لحد ما أقول غير كده." مقعتش. "إنتي عارفة قد إيه سجل الحجوزات ده بيفرق مع الناس اللي بتبص عليكي للجامعة؟" سخر، وكنت عايزة أضربه بالقلم. بدل كده، قعدت على مضض وطلعت كتاب من المكتبة لجون ستاينبيك. على أمل إن كتابته العلاجية تهدّي روحي. بعد نص ساعة من الحجز بتاعي تليفوني رن. كان على وضع الاهتزاز بس كان هدوء تام في أوضته، هو أنا وبس. فإحنا الاتنين سمعناه وهو هزلي راسه. بصيت عليه كده كده وبعدين بصيتله تاني. هو مكنش باصصلي، عينيه كانت صلبة زي الحجر بتبص على الكمبيوتر بتاعه كأنه أنا. "ده... أخويا." قولتله بخجل وهو مقالش ولا كلمة. "لو بيتصل يبقى في حاجة مهمة." قولت بصوت أعلى المرة دي. هو بصلي أخيراً. "يلا بسرعة." تمتم وأنا رديت بسرعة قبل ما بيلي يقفل الخط. "إزيك يا ديانا الجميلة." قال بنبرة اعتذار. "إيه اللي حصل؟" استعجلته. "بتعملي إيه؟" سأل بلطف. "أنا في الحجز، عايز إيه؟" على الطرف التاني كان فيه ضحكة عالية، وسمعت صوت أخواتي الاتنين التانيين بيسألوا إيه اللي مضحك أوي كده. "هي بتقول إنها في 'الحجز'." ضحك تاني. "معنديش وقت للكلام ده، ليه اتصلت؟" أخويا رجع لجدية بسرعة مع تكحيرة خفيفة. "بخصوص إمبارح... كنا عايزينك تفهمي إن لما فرد من العيلة بيكون-" مسمعتش الباقي لأني قفلت السكة بسرعة وخبطت تليفوني على المكتب. وشي كان متغطي بالإحراج. إخواتي بيتكلموا معايا كأني طفلة. كأني طفلة مش فاهمة معنى الحرب. أو إن في يوم من الأيام مش هنكون كلنا مع بعض. مكنتش بكره حاجة أكتر من إني أتحسس بالتقليل مني. وبعدين في الحقيقة الغبية إنهم فعلاً مصدقين إننا مش هنشوفه تاني. ممكن تكون صح، بس أنا مكنتش مصدقاها عشان بابا من النوع اللي تحس إنه هيعيش للأبد. تليفوني رن تاني واتحرك على الترابيزة. أوستن كلمني المرة دي، بس أنا رفضت المكالمة وحطيت تليفوني في شنطتي. التلاتين دقيقة اللي بعد كده كانت كلها عبارة عن إني بفكر في طرق أتجنبهم بيها، عشان أكيد هيحاولوا يجوا البيت. "تمام،" مستر جرانت وقف واتكلم بجرأة، خلاني أتخض. "خلصنا." ولم حاجته في شنطة شغل وأنا لميت حاجتي برضه. حاولت أطلع بسرعة على قد ما أقدر، أحاول أتجنب أي احتكاك بيه. بس إحنا الاتنين وصلنا للباب في نفس الوقت وبصينا لبعض دقيقة، بنستغرب مين اللي هيطلع الأول. مستر جرانت فاجئني إنه طلع صوت خفيف ورجع لورا عشان يوسع الباب عشان أطلع أنا الأول. سمعت باب أوضته بيتقفل ورايا وأنا بطلع. خطواته سرّعت عشان يمشي قبلي وخلص بينا الحال واحنا ماشيين جنب بعض في صمت محرج مؤلم. وصلنا للأبواب المزدوجة ولما مديت إيدي للمقبض، هو مسكه وفتحهولي. بصيتله عشان أشوف وشه الغاضب اللي مش صبور، فمتعبتش نفسي إني أشكره واندفعت لعربيتي. لما وصلت البيت، مكنش فيه حد. بس ده اللي كنت بحبه. كلت كورن فليكس للعشا وخلصت واجبي، وبعدين رحت أنام بدري. بس ده كان غبي، لأني مكنتش عارفة أنام. مكنش فيه طريقة أنام بعمق لأني كنت قاعدة بفكر في بابا. فمسكت قلم وكتبتله. كتبتله عن المدرسة، اتكلمت عن أساتذتي، عن الراجل الحقير اللي بيكرهني من غير سبب، وقولتله إني كويسة في الدراسة واتكلمت عن درجاتي، واتكلمت عن إخواتي، وقبل ما أعرف، كانت الساعة واحدة الفجر. بعد كده كنت صاحية تماماً. مكنتش عارفة أنام، كنت عمالة أتمشى في أوضتي وأسأل نفسي قد إيه أنا تعبانة. كنت تعبانة. بس مكنتش قادرة أستنى نايمة، مكنتش قادرة أقفل عيني ومكنتش قادرة أنام. شربت شاي بابونج، أكلت موزة، كلت كام كرزة، سخنت لبن وعسل، بس ولا حاجة كانت هتخليني أنام. قعدت وبصيت على الرسالة تاني مرة، وبعدين مرتين. مكنتش هقدر أبعتها. مكنش فيه حد أبعتها له، مكنش عندي أي فكرة إزاي أعمل كده. والأولاد أكيد مش هيساعدوني في ده. لما كانت الساعة ستة الصبح أخيراً بدأت أحس إني ممكن أنام. وكان لازم أصحى بعد ربع ساعة. مكنش فيه طريقة أخبي بهتان بشرتي أو النعاس اللي في عيني. كل اللي كان عليا أعمله إني أحاول أفضل صاحية ومركزة، بس ده كان صعب أوي. كنت قدرت أعمل كل ده، بس فوتت الغدا ونمت شوية في المكتبة. بعد أقل من نص ساعة نوم، حسيت إني تعبانة أكتر وأكتر لحد ما وصلت لآخر حصة ليا مع مستر جرانت. دخلت بعد كل الناس، وحاولت أخبي وشي. كان مستحيل. هو قام واتكلم عن الحاجات اللي محتاجين نطلعها. بعدين راجعنا الملاحظات المكتوبة العادية اللي خلتني أحس إني مش فاهمة بكتب إيه. متعبتش نفسي إني أركز. كنت منهكة أوي وبحاول أصحى، مكنش فيه أي طريقة أقدر أركز بيها. كأنها الأبدية لحد ما الجرس رن وقمت بسرعة، بس قعدت أول ما قمت لأني دوخت أوي. لميت نفسي وقمت تاني، أبطأ المرة دي، واتجهت للباب. "رايحة فين؟" صوته العالي زأر فيا وخلاني أتنفض. راسي كانت بتوجعني من ألم النوم وبصيتله بتوهان. "البيت؟" "شكلي مكنتش واضح كفاية." قاللي. "عندك حجز معايا بقية الأسبوع." قلبي وقع وكنت عايزة أعيط بسبب لخبطة الهرمونات اللي عندي من قلة النوم الرهيبة. بس أنا قعدت تاني وسندت راسي على دراعاتي، ونمت. ... "ديانا." حد زقني بالراحة. "ديانا، اصحي." دفنت راسي في دراعاتي وتجاهلت توسلاته. "ديانا!" دراعي اتسحب من تحتي وبصيت في عينيه البنية الدافية واتنفضت. بعدين أدركت مين ده وقمت بسرعة، وده عملي صداع تاني مؤلم وكنت هقع لورا، بس مسكت نفسي قبل ما هو يمسكني. "ممكن تروحي." قال بشدة. تجاهلته وفضلت واقفة، ساندة على المكتب اللي ورايا وبدعك راسي. هو وقف عند الباب واستنى بفارغ الصبر. "ديانا؟" قال اسمي تاني. كان بدأ يضايقني. كنت بتحول لوحش نعسان. "روحي البيت ونامي عشان تقدري تركزي في حصتي." قاللي ببرود. راسي كانت بتلف وكنت عايزة أروح البيت وبس، بس كنت خايفة أنام وأنا سايقة. جاتلي فكرة، فكرة إني أنام في شنطة عربيتي الجيب لحد ما أصحى. كان قرب نوفمبر، يعني الجو كان برد أوي. كان دايماً عندي بطانية في شنطة عربيتي كمان، عادتاً عشان السينما اللي في العربية في إينيس. لميت حاجتي وطلعت معاه. "إنتي كويسة تسوقي،" ده مكنش سؤال مهم أوي. الطريقة اللي قال بيها مكنتش حتى لطيفة. هو سألها عشان لازم، ولو مسألهاش وحصلي حاجة وحشة هيكون هو في مشكلة. أنا هزيتله راسي وبس. لما وصلت لعربيتي أخيراً دخلت في الكنبة اللي ورا واتكورت كويس في اللحاف بتاعي. بعدين سمعت اسمي تاني. قعدت وفتحت الباب والنسيم البارد خلاني أقرب أكتر من البطانيات بتاعتي. "إيه اللي إنتي بتعمليه ده؟" مستر جرانت طلب بغضب. هل هو مسموحله يكلمني كده؟ "أنا باخد غفوة." قولت بوضوح. "إنتي مش متوقعة إني هقدر أسيبك كده مش كده؟ ممكن حد يسرقك أو يقتلك." هو متعبش نفسه إنه يحاول يبدو صادق، لأنه مكنش صادق. بدل كده هو فضل واقف هناك وبصلي بغضب. "تمام." قولت وبس وقفل بابي ونمت أخيراً. ... تليفوني كان بيرن بصوت عالي. كان الجو مكتوم في عربيتي وبدأت أحس إني ممكن أتخنق. فتحت الباب على آخره واستنشقت الهوا النقي، والجو بره كان ضلمة كحل. "ألو؟" رديت بانتباه وببص على الساعة. "ديانا، الساعة تسعة ونص وإنتي لسه مش في البيت." كريس زعق فيا. "آه.. صح آسفة. أنا... نمت في عربيتي." قولتله، وطلعت من عربيتي عشان أروح لمقعد السواق وسوقت للبيت وأنا تايهة وتعبانة. أخدت كام محاضرة. واحدة من كل أخ، بس كانوا طوال ومملين. أنا حتى مركّزتش معاهم. كانوا معظمهم عن إني أكون في البيت في الميعاد، وأكون مسؤولة لو عايزة أعيش لوحدي. بصراحة أنا مكنتش عايزة أعيش لوحدي. من غيرهم، كنت عايزة. بس كنت عايزة بابا يرجع. استحمت وخلصت واجبي على قد ما قدرت. ورحت أنام تاني. ... "آه، أوستن كلم أخويا وهو متجنن عشان مكنتيش بتردي على تليفونك." كول جرايز قاللي، وهو ساند جنب الدولاب اللي جنب دولابي. كول كان أخو تايلر جرايز. تايلر كان أقرب صاحب لأوستن. أنا كنت معجبة بتايلر زمان، بس استقريت على إني أحب كول. ده كان في سابع ابتدائي. "يا لهوي." قولت ببساطة وهو ضحك معايا. لازم أعترف إني لسه معجبة بيه شوية. بس ده كان الجانب الناضج منه اللي عجبني. إحنا كنا أصدقاء مقربين أكتر من أي حاجة. "صحيتي دلوقتي؟" سألني، وهو بيقرص كوعي بمرح. "أكيد. أنا بس عايزة الأسبوع ده يخلص." اتنهدت، وكان ليها معنيين. الأغلب عشان كنت عايزة أخلص من حجز مستر جرانت. وهكذا بدأ بقية اليوم اللي سرعان ما بدأ حصتي مع مستر جرانت ونظراته الغاضبة في الفصل عشان كلنا مكنش عندنا أي فكرة هو بيتكلم عن إيه. "لو بتاخدوا حصة متقدمة، لازم تكونوا قادرين تتعلموا." قال ورايان بصلي بعيون واسعة ومتضايقة. "يا له من حقير." قالها بهمس وأنا هزيت راسي. وقف قدام الفصل وراح جاي بعصبية. أنا كنت بتابع رجليه الطويلة وهي بتخبط كل خطوة كأنه بيدوس على صف كبير وشرير من الحشرات. افتكرت اليوم اللي فات لما صحيت على غير متوقع ولقيت نفسي ببص له مباشرة. عمري ما كنت قريبة منه كده قبل كده. كان غريب وده خلاني مش مرتاحة. عمري ما أدركت بجد إن عينيه بني. كانت بني كراميل سخن، بتحرق وأنت بتبص فيها. الفكرة دي خلت وشي يحمر. بعد ساعة من تدريس ملوش لازمة، كان وقت الحجز بتاعي. كنت حاسة إني جريئة. "مستر جرانت؟" لفيت وبصيتله، وصوابعه اللي كانت على الكيبورد وقفت مكانها وبصلي وهو مكشر. كان متلخبط تماماً ليه أنا بتكلم معاه. هو عارف إني بخاف منه، وده اللي هو عايزه. طب ده كان سخيف، ومش هخاف تاني. "ليه بتكرهني؟" هو بص تاني على شاشة الكمبيوتر بتاعه كأني مقلتش أي حاجة وفضل يكتب. أنا بصيتله بغضب، جامد، بس هو متحركش. فلفيت جسمي كله وبصيتله. طول الوقت، كنت براقب كل حركة بيعملها لحد ما بان غضبه. "لفي وشك!" زعق. فضلت مكاني. "ديانا، مش هطلعك من الحجز." هو همهم. "أنا بس عايزة أعرف عملت إيه عشان تكررهني أوي كده." لفيت تاني وبدأت أخبط على مكتبي بصوابعي بنفاذ صبر. هو لسه مردش. مكنش يفرق كده كده، دي آخر سنة ليا وبعدين هروح الجامعة ويمكن أقنع بابا ميرجعش الجيش تاني أبداً. كنت بكره أشوفه حزين ووحيد. قبل ما أعرف، راسي كانت على دراعاتي تاني وكنت نمت نوم عميق. ... رمالي قلم. رمالي قلم. ده كان خطر أوي. أنا لسه مصحيتش بجد غير لما كان بيزعق اسمي. "ديانا!" "إيه." قعدت وفردت جسمي. "متناميش في الحجز." بصقها. بصيت في الساعة واتخضيت. كان عندي حصة خصوصي مع مستر جوزيف وكانت بدأت خلاص. لميت حاجتي بسرعة بس مكنتش هقدر أشرحله إني باخد خصوصي في نفس المادة اللي هو بيدرسها مع حد تاني. فجأة باب مستر جرانت اتفتح وظهر وش راجل عجوز مبتسم. "أهلاً يا تشارلز." قال لمستر جرانت. "أهلاً يا مستر جوزيف." لقيت ده لطيف ومحترم إن مستر جرانت لسه عايز ينادي الراجل الأكبر منه باسمه الصحيح. بس الفكرة اختفت لما هو بعتلي نظرة سريعة زي الخنجر. مستر جوزيف بصلي بسرعة. "ها... هنعملها هنا مش كده؟" أنا اتوترت من جوايا. هو كان جاي يقعد قدامي. وبعدين قعد قدامي، ومستر جرانت كان بيتفرج. "بتعملوا إيه؟" مستر جرانت سأل. مستر جوزيف البريء بص عليه بابتسامة. "بندي حصة خصوصي." "في... إيه؟" نبرته كانت حذرة. كانت تحذير، بتقول لو كنت غبية كفاية إني أرد عليه صح، هيقتلني. "رياضيات طبعاً." ومستر جوزيف فتح كتابه بسرعة وبدأ الشغل. "إيه اللي عملتيه النهاردة؟" وأنا اديته الملاحظات اللي كنت نسختها. الموضوع بقى أسوأ وأسوأ والراجل العجوز بيتكلم. "ده بسيط أوي بصراحة..." وفضل يحكيلي إيه اللي مستر جرانت كان بيدرسه. أسوأ حاجة كانت إني فهمت الموضوع كويس أوي من مستر جوزيف وأستاذي الصغير الشرير شاف ده. وهو مكنش مبسوط خالص. "يا سيدي، مكنتش أعرف إنك بتدي حصص خصوصي مجانية. يا له من شيء لطيف." نبرة "تشارلز" كانت واضحة. وهو مبصليش، الحمد لله. "لأ، مش مجانية. أنا مبديش حصص خصوصي. هي جات ترجتني وقالت إنها هتدفع أكتر من اللي بياخده أي مدرس خصوصي!" هو ضحك بسعادة. "بس أنا برضه سمحتلها تدفع المبلغ الصح." الراجل العجوز ضافها وهو بيزق كتفي بمرح. أنا كنت بحب مستر جوزيف. كنت بحس براحة أوي حواليه. هو كان كل حاجة مستر جرانت مشها. لطيف، عجوز، أهبل، ومرح. كان زي الجد اللي دايماً كنت عايزاه. كنت أقدر أعرف إنه بيحبني برضه. حتى إنه قالي مرة إنه كان يتمنى إني أكون حفيدته بدل سيسيل جوزيف، اللي كانت في سنة تانية ثانوي واللي كانت مجرد عيلة قليلة الأدب. لسوء الحظ، مستر جوزيف كان عجوز ومرح أوي لدرجة إنه مفهمش التوتر المحرج اللي كان بيني وبين مستر جرانت. أخيراً لما خلصوا، مستر جوزيف سلم بسعادة وبعتلي تحياته وخربش شعري زي ما أي جد هزار بيعمل. ضحك على تعبير وشي اللي كان بيقول "عادي يعني." "مع السلامة يا حبيبتي!" قاللي، وبعدين لوح لمستر جرانت بسعادة. "مع السلامة يا تشارلز!" وهو مشي. كنت أتمنى إنه مكنش مشي.
تعليقات
إرسال تعليق