رواية لست ساقطة - الفصل الثاني

لست ساقطة 2

2025, كاترينا يوسف

اجتماعية نفسيه

مجانا

تنتقل علاقتهما من مجرد لقاءات ليلية سرية إلى مواجهة مباشرة مع العالم الخارجي. عندما يأخذها آدم إلى اجتماع عمل وسط أصدقائه، تجد نفسها محط أنظار الجميع بسبب فستانها القصير، مما يجعلها تشعر بالحرج وعدم الأمان

تريزا

ما زالت في صراع بين مشاعرها المتناقضة تجاه آدم. في هذا الفصل، تبدأ في رؤية جانب جديد منه

آدم

يظهر لأول مرة جانبًا شرسًا، حيث يثور غضبًا لحماية تريزا، مما يجعلها تشعر أنها قد تكون أكثر من مجرد امرأة في حياته

رجل الحفلة

بنظرته وتعليقاته الوقحة، يثير غضب آدم ويكون الشرارة التي تكشف لنا لأول مرة حدة مشاعره تجاه تريزا.
تم نسخ الرابط
رواية لست ساقطة - الفصل الثاني

 
بقى ليا حياة ثابتة، لأول مرة من سنين. الصبح بنضف، بعد الضهر بحضر الأكل، وبالليل… كنت بروح له. مش محتاجة يقول، مش محتاجة يطلب، كنت بحس بجسمي بيتحرك لوحده ناحيته، كأن عقلي متبرمج على ده.

في الأول، كنت بحاول أقنع نفسي إني مضطرة، إني مفيش عندي حل تاني. بس بعد كام ليلة، الحقيقة بقت واضحة قدامي… أنا كنت بروح له بمزاجي.

مكنتش عارفة ده حب؟ احتياج؟ ضعف؟ ولا مجرد تعود؟ بس اللي كنت عارفاه إني كنت بحس بحاجة غريبة لما يبقى جنبي، لما يبقى فوقي، لما ينام جنبي بالساعات، وإيده ملفوفة حوالين جسمي كأني ملكه.

ماكنش رومانسي، ماكنش بيقولي كلام حلو، بس حضنه كان أمان، ولمسته كانت بتنور حاجة جوايا، حاجة كنت فاكرة إنها ماتت من زمان.

في ليلة، بعد ما خلصنا، فضلت نايمة جنبه، متكورة زي طفلة، وسمعته بيقول بصوت واطي:

— "إنتي بتروحي لي من غير ما أطلب يا تريزا."

فتح عينيه وبصلي، وابتسامة خفيفة كانت على شفايفه. ابتسامة مش عارفة معناها. كنت عايزة أسأله، بس خفت. خفت أعرف الحقيقة. خفت يقوللي إني مجرد جسد بيقضي بيه لياليه. خفت أسمع كلمة تكسرني بعد ما كنت فاكراه بيلمّني.

فغمضت عيني، وادعيت النوم…

صحيت على حاجة دافئة وناعمة بتلمس شفايفي… فتحت عيني ببطء، وقلبي كان بيدق بسرعة، لقيته قدامي، قريب أوي، وشفايفه على شفايفي، بيبوسني بشوق مكنتش متعودة عليه.

ولما بعد عني، لمس خدي بإيده، وقال بصوته اللي كان دايمًا هادي بس فيه قوة:

— "اصحي، محتاجك معايا في اجتماع عمل."

رفعت نفسي بسرعة، وأنا مش مستوعبة. إجتماع عمل؟ ومحتاجني فيه؟ ليه؟

مكنتش أعرف هو شايفني إزاي، بس ده كان أول مرة يطلب مني حاجة خارج الأوضة دي، خارج السرير، خارج الروتين اللي بقى بينّا.

لبست فستان بسيط كان عندي، سرحت شعري، وحاولت أكون شبه البنات اللي ممكن يظهروا معاه قدام الناس. مش خدامة، مش واحدة بيقضي معاها الليل وبس.

ركبنا عربيته، وسكتنا طول الطريق. مكنتش عارفة أسأله، وهو مكنش بيقول حاجة. لحد ما وصلنا لمكان راقي، فيلا كبيرة زي اللي بشوفها في المسلسلات، ودخلنا وسط ناس شيك، رجالة ببدل غالية وستات لابسين فساتين أنيقة، بيتكلموا عن البزنس والسياسة وكأن الدنيا ملكهم.

لما وقفنا وسطهم، حسيت كل العيون بتتوجه ناحيتي. وده اللي خلاني أتوتر أكتر… بس التوتر الحقيقي جه لما سمعته وهو بيقول بثقة:

— "معرفكم… دي تريزا، قريبتي."

ساعتها حسيت الدنيا لفت بيا. قريبته؟ ليه قدمّني كده؟ ليه ماقليش قبل ما نيجي؟ ليه حسيت كأن في سر أكبر من اللي كنت متخيلة؟

ابتسمت ابتسامة خفيفة، رغم إن قلبي كان مليان أسئلة، ورغم إن عينيا كانت بتدور عليه، مستنية إجابة من غير ما أتكلم.

بس زي كل مرة… ملامحه كانت غامضة، وكأنه متعود يخبي الحقيقة.


وأنا واقفة وسط الناس، كنت حاسة بكل نظرة بتتسحب على جسمي. الفستان كان قصير، مبين فخادي وركبتي، ولونه فاتح، كأنه مضيّفني أكتر قدام العيون اللي بتقلبني من فوق لتحت. رجالة عيونهم متركزة على ساقيّا، وستات بيتأملوني بنظرات مستفزة، كأنهم بيحاولوا يفهموا أنا إيه بالنسبة لآدم.

حسيت بالتوتر يجري في دمي، وكنت مستنية منه أي رد فعل، أي حاجة تخليني أفهم هو شايف الوضع إزاي… بس لما بصيت له، لقيته عادي، ولا كأنه واخد باله من حاجة. بالعكس، كان بيتكلم بهدوء، كأنه متعود على الأجواء دي، متعود يكون وسط الناس اللي شكلهم مش زينا.

حاولت أقف جنب آدم، قريبة منه، كأنه حماية ليا من العيون اللي بتاكلني، لكنه كان بيتحرك براحة، يسلم على ده، يضحك مع دي، ولما يجوا يسألوني عن علاقتي بيه، يكرر نفس الكلمة اللي خلت عقلي يلف:

— "دي قريبتي."

كنت عارفة إنه كداب، وعارفة إني مش قريبته، وعارفة إن علاقتنا مفيهاش أي حاجة تخليها شبه القرايب… بس ساكتة. مش قادرة أتكلم. مش قادرة أفهم هو ليه بيعمل كده؟ ليه جابني؟ ليه إداني الإحساس ده؟

وفجأة، حسيت بإيد خفيفة تلمس ضهري، التفت بسرعة، لقيت واحد من الرجالة الكبار في السن، لابس بدلة غالية وساعته بتلمع، بيبتسم لي بنظرة كلها معاني مش محتاجة تفسير.

— "إيه الجمال ده يا آدم؟ ما عرفتناش على قريبتك الجميلة دي قبل كده ليه؟"


قبل ما ألحق أستوعب، فجأة حسيت آدم بيشدني من عند خصري بعيد عن الراجل ده، بعنف… عنف عمري ما شفته منه قبل كده. عيونه كانت سودا، مليانة غضب، وصوته طلع عالي لأول مرة قدامي:

— "مد إيدك عليها تاني وهكسرها لك!"

الناس حوالينا سكتت، والمكان كله بقى هدوء غريب، كأنهم مش متعودين يشوفوا آدم خارج عن شعوره. الراجل اللي حاول يلمسني ضحك ببرود، لكنه سحب إيده ورفعها في الهوا كأنه بيهزر:

— "إيه يا صاحبي؟ شدّيت ليه؟ إحنا أصحاب من زمان، وبنتكلم عادي."

آدم بصله بنظرة كانت كافية تخليه يسكت، وبعدها لف بعينيه على باقي الموجودين، وقال بصوت مليان غضب واشمئزاز:

— "إنتوا كلكم وساخة. كل واحد فيكم عامل نفسه راجل محترم، وهو في الحقيقة ولا حاجة. أنا غلطت إني جبتها هنا، وغلطت إني كنت بعتبركم ناس."

شتم بصوت واضح، والستات اللي كانوا حوالينا شهقوا، والرجالة بصوا لبعض مستغربين. بعدها، آدم مسك إيدي بقوة، وسحبني ناحيته وهو بيقول بصوت قاطع:

— "يلا بينا."

خرجنا من المكان بسرعة، وأنا مش قادرة أفهم اللي حصل، قلبي بيدق بسرعة، ودماغي مليانة أسئلة. لما ركبنا العربية، كان ساكت، ماسك الدركسيون بإيده بقوة، وعروق إيده باينة، كأنه بيحاول يهدّى نفسه.

حاولت أكسر الصمت، بس قبل ما أتكلم، سمعته بيقول بصوت منخفض بس حاد:

— "أنا مش هسمح لحد يلمسك… فاهمة؟"


وصلنا البيت، وقبل ما ألحق أتحرك، لقيته بيوقف العربية فجأة، وساب كل حاجة وبصلي. نظراته كانت مختلفة، مش نفس البرود اللي كنت متعودة عليه… كان فيها حاجة أعمق، حاجة سخنة، حاجة تخوف.

وفجأة، مد إيده ولمس شفايفي بإبهامه، ببطء، كأنه بيحاول يحفظ ملمسها. قلبي كان بيدق بسرعة، مش عارفة دي رجفة خوف ولا حاجة تانية. عنيا فضلت ثابتة عليه، مش قادرة أتحرك، مش قادرة حتى أتنفس بانتظام.

إيده نزلت بهدوء، مش مستعجل، كأنه متأكد إن مفيش حاجة هتوقفه. لمس رقبتي، ونزل على كتفي، وبعدين براحته، كأنه بيدرسني، كأنه بيمتلكني، لمس جسمي… ببطء، براحة… عند صدري، عند خصري، وعينيه لسه في عينيّا، كأنه مستني مني حاجة، مستني رد فعل.

رجلي كانت تقيلة، ومخي كان بيصرخ بأسئلة مش لاقية إجابة، ولما إيده لمست فخدي، حسيت إني لازم أتكلم، لازم أفهم اللي بيحصل، فقلت بصوت واطي، مخنوق، مليان حاجة ما بين الغضب والانكسار:

— "إنت شايفني إيه؟ رخيصة أوي كده؟"

كأن الكلمة وقفت الزمن، كأنها خبطته في حتة ماكانش متوقعها. شال إيده فجأة، وبصلي نظرة غريبة، كأنه مش متأكد هو بيعمل إيه، أو يمكن مش متأكد هو حاسس بإيه.

سكت لحظة، وبعدها قال بصوت هادي، بس فيه حاجة مخيفة:

— "لو كنت شايفك رخيصة، ماكنتش زعقت عشانك النهارده."

الكلمة سابت جوايا شعور أغرب… شعور إني عايزة أفهم أكتر، بس خايفة من الإجابة.

تعليقات

إرسال تعليق

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء