موصى به لك

الأقسام

الأفضل شهريًا

    الأعلى تقييمًا

      رواية جعلتني فصيحًا - جنى عماد

      جعلتني فصيحًا

      2025, چنى عماد

      رومانسية

      مجانا

      براء، شاب يعمل في شركة خاصة، يحمل قلبه مشاعر خفية نحو زميلته هاجر، الفتاة المتحفظة التي تسعى للابتعاد عن الأنظار. رغم حرصها، يجد براء نفسه يراقبها بصمت، ويتسلل الفضول إلى قلبه عندما يكتشف دفترها المليء بالأمنيات. مع مرور الأيام، يزداد يقينه بأنه يريد أن يكون جزءًا من حياتها، ليقرر أخيرًا مصارحتها بعرض زواج صادق

      براء

      شاب يعمل في شركة خاصة، يحمل مشاعر خفية تجاه زميلته هاجر، يسعى للوصول إليها بطريقة تحفظ كرامتها وتتماشى مع مبادئه.

      هاجر

      فتاة متحفظة وملتزمة، تعمل في نفس الشركة، تحاول الابتعاد عن الاختلاط، لكنها تلفت انتباه براء دون أن تقصد، وتحمل في داخلها أحلامًا رومانسية بريئة.

      أمنية

      زميلة هاجر في العمل، تمتلك طبعًا مشاكسًا وفضوليًا، تراقب تصرفات براء وتلمح لمعرفة مشاعره تجاه هاجر.
      تم نسخ الرابط
      رواية جعلتني فصيحًا

       في أحد الشركات الخاصة، وبالأخص داخل تلك الغرفة التي تحتوي على أكثر من مكتب، كل مكتب يحمل فردًا يعمل في تلك الشركة، كان بها مجموعة من الأشخاص المختلطين، شبابًا ونساءً، كان يجلس ذلك الشاب المُدعى براء، ينقر بأصابعه على مكتبه بتوتر، باله مأهول بالأفكار، يريد أن يسأل.. عليها!، وعلى غيابها!!
      هو فقط يريد أن يطمئن عليها، لكن كيف؟ كيف وهي إن علمت ستترك عملها حتمًا؟!! خوفًا من أن تكن هي السبب في نظر رجل إليها -من وجهةِ نظرِها- وحملها لذنبِ.
      
      _هو في ناس مجاتش ولا ايه يا شباب؟؟
      
      قطع سيل أفكاره صوت رجولي، كان زميلًا لهم بالعمل يسأل، وهذا حقًا ما أنقذه، ردت عليه فتاة من الحاضرين تقول:
      
      _لأ دي هاجر بس اللي مش موجودة.
      
      _ليه هو في حاجة؟؟!!
      
      هذا ما قاله مسرعًا بلهفة، الغبي كشف نفسه أمام مجموعة فتيات يظنون دائمًا السيء!! عكس هاچر بكل تأكيد.
      
      نظرت له نفس الفتاة والتي تُدعى أمنية بنظرات لا تنم عن خير، بل تنم عن كل الخبث في عينيها بابتسامتها، واضعة يدها أسفل ذقنها:
      
      _لأ، هتيجي.. مـتـقـلـقـش.
      
      "لا تقلق"!!
      أقالت "لا تقلق"؟!!
      هي حتمًا كشفت أمره تلك الخبيثة، نظر في أوراق الحسابات التي أمامه مسرعًا متصنعًا الإنشغال وعدم اهتمامه بالأمر، كما لو أن الأمر لا يعنيه، لكن بالطبع أنتم تعلمون قلق فؤاده الآن دون أي داعٍ بكل تأكيد!!
      
      دقائق قصيرة وجاءت هاچر، جاءت تلك الفتاة البريئة عن أفعال الفتيات في تلك الأيام، بخمارها الزيتي وملابسها الفضفاضة، جاءت من أسرت قلب رجل مسكين يدعى براء، دون أي مجهود، بل كل محاولاتها كانت تكمن في التخفي عن الأنظار، وكم كانت تخشى نزولها للعمل خشيةً من الإختلاط بالشباب، جلست على مكتبها، بجانبها اليمين أمنية، وجهة اليسار الحائط، اختارت آخر مكتب متواجد بالغرفة، بعيدًا عن كل زملاء العمل الذين ليسوا من جنسها.
      
      _أنتِ اتأخرتِ ليه يا هاجر، كل ده يا بنتي؟؟!!
      
      هذا ما قالته أمنية موجهة حديثها إلى من أتيت للتو، تلك الهاچر، فردت عليها الأخرى بنبرة محذرة متكئة على حروف كلماتها:
      
      _هـاچـر! اسـمـي هـاچـر!! ومش كل شوية هفضل اقول.
      
      عقبت أمنية على حديثها ساخرة مقلدة نبرتها في الحديث بمشاكسة:
      
      _ماشي يا.. هــاچــر!!
      
      رفعت هاچر حاجبها بابتسامة متعجبة، وردت على سؤال صديقتها السابق:
      
      _على العموم يعني، أنا كنت استأذنت من امبارح إني ممكن اتأخر شوية؛ كنت بجيب شوية حاجات كده قبل ما آجي وروّحتها الأول فكنت عارفة إني هتأخر، فعلشان كده استأذنت.
      
      أومأت أمنية بتفهم وهي ترجع بنظرها إلى عملها، قائلة لها هي الأخرى:
      
      _طب الحقي بقى خلصي شغلك علشان لو عرفتِ تروحي بدري؛ علشان باباكِ.
      
      أومأت هاچر وهي تمسك الأوراق تساويهم أمامها، لتبدأ في العمل بإخلاصٍ كهواية مفضلةٍ لها، والمسكينة لا تدري أن هناك من يراقبها من بعيد، وعندما كانت على وشك العلم حين رفعت رأسها بغتة إيان ما كان يتابعها بنظره، أخفض هو رأسه سريعًا ولم تلاحظ.
      
      مر وقتٌ ليس بطويلٍ أو بقصير، والآن.. من المفترض أن يشرح لها زميل ما عن ما يجب فعله، لكن كيف سيذهب لتلك الـ «معقدة» كما تُلقب بالنسبة للكثيرين!!
      
      حسم أمره واستقام واقفًا ذاهبًا إليها ببعض الأوراق، اقترب من المكتب لكن بينهما مسافة كافية وقال مناديًا يلفت انتباهها:
      
      _أستاذة هاجر.
      
      حسنًا، هي الوحيدة الذي يقول لها "أستاذة"؛ احترامًا لها، لكن.. لمَ تلك النظرة الحادة بالله؟؟!!
      
      هذا ما كان يفكر به تلقائيًا، امتدت يده بالأوراق دون أن يتزحزح، بل هي من تزحزت مسافة أخرى مبتعدة قليلًا!!
      
      بدأ يشرح ما يجب أن تفعله هي الآن بعده، لكن.. كان هناك نفس المراقب لها، يشتعل صدره بغيرة يحاول كبتها، لكن.. ليس له أي شأن أن يتكلم، لكن يقسم أنه سيكون له شأنًا عما قريب، ويسعى بقصارى جهده لذلك، حتى أنه منذ فترة بدأ يأخذ ساعات عمل إضافية بعدهم، بعدما يرحل الكثير؛ وذلك ليجمع أكبر قدر من المال ليستطع.. ليستطع أن يكن له شأن بها!
      
      مر الوقت، بل الكثير من الوقت، وذهب كل من بالمكتب حوله، لكنه ظل جالسًا يعمل، رغمًا عن ألم رأسه الذي سيفتك جمجمته، لكن.. هاچر تستحق، وبكل تأكيد.
      

      نظر إلى مكتبها المقابل له، رأي دفترًا ساكنًا على سطح المكتب، يراه دائمًا معها وتضعه في درجٍ بمكتبها، ربما نسته اليوم. كان فضوله كالشمعة تشتعل، وللحق، فضوله هو من قاده، والنتيجة هو جلوسه على كرسي مكتبها يمسك الدفتر بين راحتيه، فتح أول صفحة ووجد بخط مزخرف عريض في منتصف الصفحة «ربــمــا تــتــحــقــق»، قاده فضوله أكثر، ففر على صفحة أخرى: _ربـمـا تـتـحـقـق! ربما، ربما سأجد لي ملاذًا، متجسدًا على هيئة شخص، ربما سأجد أمانًا، يحاوطني ويحتضن قلبي. ربما، يأتي الشخص الصالح، الذي يصلحني ويصلح علاقتي بالله، ويرمم جروح قلبي بكلماتٍ فصيحة حنونة، يحتضن آلامي ويخفيها. أتمنى.. فقط أتمنى، أن يكون حنونًا، صالحًا، غير مستهزئًا بي، وبكلماتِي التي أكتبها. أريده إن قلت له جزء من شعرٍ أو خاطرة، يكمله هو لي بشغف مبتدئ يتعلم السير مثلًا!! أحلامها بسيطة.. مثلها! يتمنى في أقل وقتٍ ممكن، أن يُكتب في هذا الدفتر "قد تحقق" بدلًا من "ربما". كاد أن يكمل باقي الصفحات، لكن داهمه الصداع من جديد، لن يستطع الإكمال أكثر من ذلك حقًا، فتخلى عن فرصة زيادة الأجر للساعات الإضافية اليوم، واستأذن من رب عمله ورحل. مر الليل وقمره، واسدلت ستائر ضوء الشمس، أتت هاچر مبكرًا في ذلك اليوم عندما تذكرت أنها لم تخبئ دفترها، وربما وقع في يد أحد! لم يأتِ براء ولم تلاحظ هي، هي حتى لا تعلم كم رجل يكون بالغرفة!! مر يوم آخر وأتى براء، وبعد مدة العمل الرسمية ذهب الجميع، وانتظر هو ساعات إضافية لعله يأخذ أجر أكبر، تسحب وذهب لمكتبها، علم مكان الدرج الخاص بدفترها وفتحه، وقرأ صفحات أخرى من الدفتر. وهكذا مرت الكثير من الأيام: يأتي الجميع، يذهبون بعد مدة العمل الرسمية، يظل هو يعمل وقبل أن يرحل يقرأ بعض الصفحات. في يومٍ ما بعد مدة ربما طويلة نوعًا ما، كان يقف أمام بوابة شركتهم الصغيرة بالخارج، ينتظر مجيء شخص ما، وكلنا نعلم من المقصود بالشخص!! أتى الشخص المنتظر فنادى هو سريعًا وهو يراها تسرع خطواتها: _هـاچـر!! وقفت بغتة ونظرت مكان المنادي، لفت نظرها النداء وخاصةً أن لا أحد يقول اسمها كما تحب أن يقال، لكنه قاله! حسنًا نظرت، لكن نظرها حادة كالصقر، رافضة أي تعامل أو حديثٍ يُدار بينهما أو بين أي شاب، توتر المسكين وتلجلج، ضاعت كل التجارب الذي أدّاها الأمس بغرفته، نظر لها ولأول مرة ينظر لها وهي تعلم، كادت أن تذهب وتتركه، وربما تحرجه، لكنه قال سريعًا: _أتقبلين أن أكون ملاذًا لكِ؟، أتقبلين أن أكون أمانًا يحاوطكِ ويحاوط قلبك؟، أتقبلين أن أرمم جروح قلبك وآلامه؟، أتقبلين أن أكون سكنًا تسكني إليه؟، وأن تكوني سكنًا أسكن إليه؟، أتقبلين أن نصنع مودة ورحمة بيننا؟؟ استعاد أنفاسه التي هربت منه، لكنه أكمل بتوتر أكبر: _أتقبلين أن تكوني زوجتي يا.. يا هــاچــر؟! نفس الأمنيات؟؟ نفس الأمنيات التي سألتها من الله يقدمها هو لها؟؟!! رقت نظراتها، ارتسمت ابتسامة بسيطة جدًا على ثغرها، حاولت اخفائها لكنها ظهرت وأعلنت تمردها، أخرجت ورقة وقلم من حقيقة كتفها وكتبت شيء دون أن تتكلم، مدت يدها بالورقة وأمسكها هو بتعجب، قرأ ما به فوجده رقم هاتف، أكتبت رقم هاتفها؟!! نظر لأسفل الرقم فوجد جملة"رقم والدي"، ارتسمت ابتسامة بلهاء على وجهه، وهو ينظر لها بفرحة غامرة قائلًا ببلاهة: _بجد؟!!! أعلنت ابتسامتها العصيان وظهرت، فأومأت هاچر بخفة ودخلت الشركة، رحلت وتركته قبل أن تظهر ابتسامتها الواسعة التي تحاول كبتها، وهكذا.. تمت أول خطوة بالنسبة له، دون أي تجاوز أو محرمات، علاقة بدايتها كانت مرضاة لله، دون أي حديث يدور بينهما، دون أي كلمات حب وغرام متبادلة، دون قلوبٍ تُرسل أو مكالماتٍ تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، علاقة كانت بدايتها خطبة، وآخرها زواج بإذن ربه. #اسكريبت_چينيا

      هناك قطتين! - چنى عماد

      هناك قطتين!

      2025, چنى عماد

      رومانسية عبثية

      مجانا

      تبدأ الرواية بموقف بسيط حول خوف مريم من القطط، لكنه يتحول إلى لحظة تقارب بينهما عندما يساعدها مازن في التغلب على هذا الخوف. تتطور الأحداث بروح مرحة ومليئة بالمشاكسات اللطيفة، ما يضفي على العلاقة بينهما دفئًا خاصًا. وبنهاية المشهد، تصبح مريم، التي كانت تهاب القطط، مالكةً لإحداها، بينما يجد مازن نفسه فائزًا بقلبها أكثر من أي وقت مضى!

      مريم

      تمتلك حسًا طفوليًا يجعلها تتصرف بتلقائية، لكنها تخفي بعض مخاوفها وتحاول الظهور بمظهر القوية

      مازن

      يتمتع بشخصية واثقة ومشاكسة. يحب القطط بشدة ويستخدم حبه لها كوسيلة للتقرب من مريم والتخفيف عنها

      القطة

      قد تبدو مجرد كائن ثانوي، لكنها تلعب دورًا مهمًا في تقريب مريم ومازن من بعضهما البعض
      تم نسخ الرابط
      هناك قطتين!

       
      _يع أنتَ مبتقرفش!!
      
      هذا ما قالته مريم موجهة هذا الحديث إلى زوجها مازن -أو لنكن دقيقين، هو مجرد عقد قران- وهي تتقهقر للوراء، فرد هو ضاحكًا وهو مازال جالسًا على وضع القرفصاء يمسد على شعر تلك القطة التي رآها للتو تلتف حول قدميه أثناء سيرهم على أرصفة الشوارع:
      
      _اقرف من ايه يابنتي؟ دي قطة.
      
      أردفت باشمئزاز أجادت صنعه:
      
      _برضه، المفروض تقرف، أنتَ مش ضامنها.
      
      رفع يده؛ ليسحب يد مريم؛ لتمسد هي الأخرى على شعر القطة قائلًا:
      
      _تعالي بس لاعبيها دي حلوة أوي والله ونضيفة.
      
      سحبت يدها بسرعة، وللتو ظهر خوفها واضحًا للعيان، وهي المسكينة التي حاولت مداراته قدر استطاعاتها، وما أكد خوفها هي نبرتها المتلجلجة وهي تتقهقر للخلف أكثر:
      
      _لـ.. لأ لأ، أنا بقرف منهم مبحبهمش.
      
      وهذا ما جعله يرفع حاجبه الأيمن مراوغًا لها بقوله:
      
      _بتقرفي منهم ولا بتخافي منهم يا روميتا؟؟ اعترفي متخافيش.
      
      _لأ بقرف منهم يا مازن!! مبخافش أنا، هخاف من قطة ليه يعني؟ شايفاها ديناصـ.. يا ماما!! ابعدها عني!!
      
      أكملت آخر كلمات جملتها وهي تتشبث بذراعه حينما اقتربت منها القطة، وكأنها للتو رأت ديناصور يقترب منها وليست قطة!!
      
      ضحك بملئ شدقيه عندما فهم لتوه خوفها، هو الذي يعرفها من سنة تقريبًا لم يكن يدري أنها تخاف من القطط!! أكثر الحيوانات الأليفة المحببة لقلبه!!
      
      استقام واقفًا وأمسك بيد مريم بلطفٍ مقرب إياها للقطة، حاولت الإبتعاد وإفلات يدها لكن قوته تغلب!
      
      قال وهو يقرب يدها ببطء للقطة الذي التفّت حول نفسها:
      
      _متخافيش، المسيها بس وطبطبي عليها، مش هتعضك متقلقيش.
      
      حاول إدخال بعض المزاح في جملته الأخيرة، بالفعل استجابت مريم لطلبه، ولكنها ما زالت تشعر بالرهبة جهتهم!
      
      ولكن.. بمجرد أن لمست فرو القطة المشمشي الناعم كالحرير، تناست كل رهبةٍ أو خوف، تناست أنها من المفترض أن تشعر بالخوف كالعادة، تناست وهي تمسد على ظهر القطة بحنوٍ، هي تنظر لها مبتسمة عندما راقها الأمر، ومازن ينظر لها هي مبتسمًا، كل منهما ينظر لقطته! وهكذا نلخص هذا المشهد الذي إن لاحظه الأناس، ستتطاير الفراشات من أعينهم محلقة فوق رؤوسِهم.
      
      _مش يلا ولا ايه؟؟ الستاير هتخلص مش هنلحق نجيب حاجة!!
      
      هذا ما قاله مازن بنبرة ضاحكة عندما طال الأمر، فضحكت هي الأخرى عندما لاحظت شرودها مع القطة، وكأنها صديقتها المقربة منذ الصغر!
      
      جاورته في السير وهي تنظر خلفها كل ثانية قبل أن ترحل، هي ستشتاق للقطة حقًا، إذًا فلتملئ عينيها بالنظر إليها قبل أن ترحل تمامًا، وهي تعلم تمام العلم أنها بالتأكيد.. لن تراها ثانيًا!
      
      وأخيرًا، وجدوا المكان الذي يريدون منه شراء الستائر لشقتهم، ولكنهم.. وجدوه مغلقًا! بعد مدة للعثور عليه، يجدونه مغلقًا!!!
      
      ذهبوا محبطين بخيبةِ أمل، كان يريدون شيئًا محددًا من هُنا، نظرت مريم لمازن بحزنٍ وهي تقول:
      
      _يا خسارة بجد، اللي أنا قولتلك عليه كان عاجبني أوي.
      
      نظر لها بأسى؛ لا يريد أن يراها حزينة، لكنه بالأخير قال محاولًا خلق ابتسامة:
      
      _خلاص نيجي بكرة، هو أنا عندي كام روميتا اجيبلها اللي عايزاه يعني؟؟
      
      ظهرت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تقول ببلاهة:
      
      _بجد؟
      
      أومأ برأسه مبتسمًا بمعنى "حقًا"، فأردفت هي:
      
      _كنت هنكد واقولك جيبلي القطة تهون عليّ وشوف بقى هتجيبها ازاي، بس خلاص بقى سماح المرة دي، نعوض النكد في حاجة تانية.
      
      خطرت فكرة برأسه، كما لو أن مصباحًا مضيئًا أُنير فوق رأسه، فسحب يدها وهو يخطو بقدم سريعة قائلًا بحماسٍ لا ينطفئ:
      
      _تعالي معايا يا مريم.
      
      وقفت بغتة قائلة:
      
      _رايح فين بس يا مازن؟!!
      
      _هشتريلك قطة، وتفضل معاكِ، لعل ده يكون سبب متنكديش عليا لحد ما نتجوز مثلًا!
      
      قال ذلك بحماسٍ غريب، جعلها تسحب يدها قائلة بتلعثم:
      
      _لأ لأ، أنا اه حبيتها بس مس لدرجة أربي في البيت، وكمان ماما وبابا مبيحبوش يربوا حاجة، لأ يا مازن لأ.
      
      رد عليها قائلًا بنفس الحماس برغم كلماتها الرافضة:
      
      _خلاص، هتفضل معايا أنا، لحد ما نتجوز وتكون في شقتنا، واهي مش هتقعد مع مامتك أو باباكِ، بالنسبة لإنك خايفة ده.. متخافيش، هما بجد كائنات لطيفة، عاملة زي البنات كده، وكمان هكون أنا معاكِ فعادي يعني.
      
      قال جملته الأخيرة بغمزة عبثية من عينه اليمنى مشاكسًا، وهذا ما جعلها تبتسم بخجلٍ أنثوي رقيق، ورفعت كتفها بمعنى "لك الراحة، تصرف كما شئت".
      
      استمروا في السير في طريقهم إلى محل بيع الحيوانات الأليفة، وفتحت مريم مجرى حديث بقولها المستنكر:
      
      _ألا يا مازن! يعني ايه زي البنات دي؟ ايه التشبيه اللي بين القطط والبنات مش فاهمة؟؟
      
      رد هو شارحًا مقصده:
      
      _بصي يا ستي، القطط تحسيها كائنات رقيقة أوي، شبه البنات بالظبط، تحسي كده الاتنين لونهم pink وبفيونكة، زي ما للبنات معاملة خاصة، برضه لازم للقطط معاملة خاصة، لازم تكوني لطيفة مع القطط علشان ميتقلبوش عليكِ، زي ما البنات بتعمل بالظبط.
      وحاجات كتير أوي، مش هعرف اشرحلك، بس أنا بالنسبالي القطط شبه البنات.
      
      هي حقًا لم تفهم شيء، ولا تعلم بماذا يجب أن ترد، ولا تعلم هل الذي قاله ذمًا أم مدحًا، لكنها رأت مخرجًا بسؤالٍ آخر:
      
      _طب هتحب القطة أكتر مني يا مازن؟
      
      نظر لها بتعجبٍ، لكنه بالأخير رد بابتسامته المعهودة:
      
      _أنا جايب القطة، علشان يبقى معايا قطتين، قطة أساسية وقطة لسة هشتريها، وخليكِ عارفة إن القطة الأساسية عمرها ما تقارن بأي قطط تانية.
      
      وهنا لم يكن مقصده على القطة! تعلم أنه غزل، ولكنها لا تدري بما ترد، وما أنجدها من الرد هو وصولهم للمكان المنشود، دلفوا المكان بهدوءٍ يُجر وراءهم، تحرك مازن صوب قطة محددة بالقفص، كان ينظر بابتسامة وهو يستشير مريم:
      
      _ايه رأيك في دي؟؟
      
      لم يأتيه رد، فنظر لها رآها تنظر على قطة أخرى، أشارت عليها بطول ذراعها وهي تقول:
      
      _جيب دي، أنا عايزة دي.
      
      تحركا الاثنان نحو القطة المقصودة، نظر أمامها وقطب حاجبيه وهو ينظر لها بابتسامة متعجبة:
      
      _دي شبه اللي شوفناها برة وكنا بنلعب معاها!
      
      أومأت مريم بحماس طفولي، فأومأ هو بموافقة بقوله مبتسمًا:
      
      _حاضر، يبقى نختار دي علشان عيونك الحلوين.
      
      الفرحة تغمرها، والبهجة تحاوطها، والزهور تزدهر من حولها.
      
      وجهت نظرها للقطة مبتسمة برقة، وهو ينظر لها مبتسمًا، كما لو أن المشهد يعاد، لكن الفرق.. أنها أصبحت تمتلك قطة الآن بعد خوفها، وهو أصبح يمتلك قطتان!
      
      #اسكريبت_چينيا
      

      رواية كأنها قمر - چنى عماد

      كأنها قمر

      2025, چنى عماد

      دراما اجتماعية

      مجانا

      "قمر" تمثل الفتاة التي تحمل في قلبها جروح العالم، ورغم آلامها، تجد في حب يوسف الأمل الذي يتجاوز المظاهر. السطور مليئة بالصدق العاطفي والتعبير الدقيق عن صراع الذات، مما يجعلها قصة تلامس القلوب. بأسلوب مؤثر، تظهر الرواية قوة الشخصيات في مواجهة الظلم الاجتماعي، وتؤكد أن الحب الحقيقي يتجاوز كل شيء.

      قمر

      البطلة الرئيسية، فتاة مميزة تعاني من التنمر بسبب بقع بيضاء على وجهها نتيجة للبهاق. هي شخصية مليئة بالتحديات العاطفية والنفسية، لكنها تتعلم في النهاية أن حب يوسف لها يتجاوز مظهرها.

      يوسف

      خطيب قمر، الذي يحبها بصدق رغم مظهرها، ويُظهر دعمه وحبه غير المشروط. شخصيته تمثل الحب الحقيقي الذي لا يهتم بالمظاهر.

      سهيلة، منة، شروق

      صديقات قمر اللاتي يلعبن أدوارًا مهمة في أحداث الرواية
      تم نسخ الرابط
      رواية كأنها قمر

       هنالك أصدقاء كالحائط حين نميل،
      وهناك من يدّعون الصداقة لمجرد التدمير.
      
      هنالك الغرباء الذين يساندوننا من بعيد،
      وهناك المقربين -ظاهريًا- لنا يغرسون سيفًا بتار وهم يبتسمون في وجهنا.
      
      هنالك من نفتح لهم قلوبنا يأخذون منها ما يشاءون،
      وهناك من يفتحون هم قلوبهم لتأخذنا في عناقٍ.
      
      هنالك من نجلس معهم في زحام،
      وبالرغم من ذلك نشعر بقسوة الوحدة والخواء.
      
      ختامًا يعوضنا الله بما لا ندركه ولا يخطر بالعقول، يعوضنا بشخصٍ يكون بمثابة حياة، يعوضنا بشخصٍ يغنينا عن العالم وما به.
      
      ربما نألم، ربما نتألم، لكن ما نحن به على يقين، أن عوض الله عظيم.
      
      ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
      
      في أحد مطاعم مدينة الإسكندرية الساحلية، حيث يلتقي صوت الأمواج مع ضحكات الفتيات في مطعم مطل على البحر، كانت تجلس مجموعة من الفتيات اللواتي تجمعهن صداقة تتأرجح بين أضواء الحب والمودة -أو ربما كان ذلك مجرد ظل ظاهر من تناغم العلاقات-، كان لكل واحدة منهن ربيعها الخاص، إلا أن واحدة منهن كانت تحمل بين طياتها صيفًا يتسلل إليه ليل الخريف.
      
      كانت قمر، تلك الفتاة المميزة، تتألق بينهن رغم اختلافها الظاهر، لا يهم أن تميزها بسبب ما يُسمى بالبهاق، الجانب الإيجابي أنها مميزة!!
      
      كانت العلامات البيضاء التي زخرفت وجهها بمثابة توقيع القدر لها، كما لو أنها تحمل في وجهها رسالة فريدة من نَوعها، أنها استثنائية في هذا العالم.
      
      كانت قمر تلك الفتاة المميزة تجلس برفقة أصدقائها: سهيلة، منة، وبالأخير شروق حول الطاولة، حيث تدور الأحاديث بينهن بحرية، يغمرها الألفة وتفاصيل الحياة اليومية، وبينما كانت أصواتهن تتناغم في حديثهن بعد تناول وجبتهن التي طلبوها من النادل، كانت منة، التي لا تزال شرارة الحماس في عينيها، تتساءل بفضول لا يخلو من الابتسامة:
      
      _ها بقى!! هتطلبوا الحلو ولا نتمشى شوية وخلاص؟؟
      
      أول من رد عليها كانت قمر وهي تسحب هاتفها تضعه بحقيبتها الصغيرة بابتسامة بسيطة:
      
      _لأ أنا ولا هطلب حلو ولا هتمشى، يوسف جاي النهاردة وعايزة الحق امشي بقـ..
      
      ولم تكاد تكمل آخر حروف الكلمة إذ وقاطعها تعقيب سهيلة، تعقيب لم تفهمه -أو ربما هذا ما أظهرته-:
      
      _هو أنتِ مبتتكسفيش من يوسف يا قمر؟؟
      
      تعجبت حقًا من هذا السؤال، رغم أنها تفهم مقصده، لكنها بالأخير استفهمت بابتسامة متعجبة مع قطبها لحاجبيها:
      
      _لأ مش فاهمة يعني ايه؟ هتكسف من خطيبي ليه؟؟
      
      كانت الكلمات معلقة في الهواء؛ حرجًا من الموقف، واشمئزازًا من حديث سهيلة.
      
      استندت سهيلة بظهرها بالمسند الخلفي لمقعدها وهي تقول مع رفعها لكتفيها:
      
      _يعني، إنه ما شاء الله يعني حلو وملامحه حلوة، وأنتِ.. مش قصدي حاجة أكيد بس البهـ..
      
      كادت أن تُكمل حديثها المسموم، لولا أن نكزتها منة من أسفل الطاولة وتكلمت شروق الأكثر عقلانية من بينهن بحدة:
      
      _سهيلة!! أنتِ بتقولي ايه؟؟!!!!
      
      ردت سهيلة ببراءة ثعلب المكر ينهشه من الداخل:
      
      _أنا مش قصدي حاجة طبعًا يا قمر، اوعي تكوني زعلتِ! أنا بسأل عادي بنفضض، يمكن تكوني مش بترتاحي أو كده.
      
      ما بالها تشعر بسهمٍ من لهب قد قُذف صوب فؤادها للتو؟؟ كيف لمجرد كلمات بسيطة أن تفعل بقلبها الأفاعيل؟؟ وبالرغم من ذلك.. فإنها اصطنعت ابتسامة مزيفة، باطنها متألم، حزين، ولكنها قد تظهرعلى وجه صاحبها بهيئةٍ أخرى.
      عقبت قمر على حديثها بتلك الابتسامة قائلة:
      
      _لأ عادي، أنا فاهماكِ أكيد، بس الحمد لله احنا الاتنين مرتاحين في الخطوبة.
      
      ربتت شروق على ظهرها مبتسمة بودٍ حقيقي يخلو من أي ضغينة أو نفاقٍ، قائلة:
      
      _ربنا يتمملكوا على خير يا حبيبتي.
      
      وهنا تكلمت منة المتحمسة دومًا لأي شيء، حتى ولو كان لا علاقة لها به:
      
      _ربنا يتمملكوا على خير يارب ونلبس الفساتين بقى، انجزولنا!!!
      
      ضحكت قمر، ولكن ضحكتها باهتة، فقط لتجاري منة التي ضحكت لتوها، وهُنا كان دور سهيلة أن تتكلم قائلة بابتسامة منافقة:
      
      _ربنا يتمملكوا على خير يا قلبي.
      
      بالله لماذا تراها تصك على فكيها الآن؟!!! تبًا.
      
      أقُلت منذ بُرهة أن قمر كانت تود الرحيل؟؟ ها هي مازالت جالسة بابتسامة متوترة تفرك كفيها، وإن سألتموني لماذا؛ خوفًا من أن يقولون عليها سريعة الحزن، ودون أي داعٍ أو مبرر، وهذا ما اعتقدت فعليًا أنهم سيقولونه.
      
      مرت نصف ساعة أخرى عليهن، وهنا رحلت قمر بعد سألهن إن كانوا سيبتاغون أي شيءٍ، وردوا بالنفي.
      
      وبمجرد أن خرجت من المقهى.. هبطت دموعها! كسيل جارف لا يستطع أحد إيقافه، وضعت كفها على فمها تمنع صوتها من الظهور، تبكِ بقهرٍ، انتظرت السيارة التي تسمى 'أوبر' التي قد طلبتها بمجرد خروجها من المطعم، وعندما وصلت دلفتها سريعًا، وفتحت هاتفها وخاصةً على تطبيق الكاميرا، فتحتها ترى وجهها، تتلمس البقع التي به، ما ذنبها إن كان الزمن أراد أن تكن استثنائية؟!!
      
      لاحظت نظرات الجالس على المقعد الأمامي "السائق"، كان يحمل في نظراته شفقة تتسلل إليها بوضوح، وذلك جعلها تستجمع قوتها، مانعة عَبراتها من الهبوط وإظهار ضعفها، حتى ولو كان لمدة قصيرة لا تتعدى الدقائق.
      
      وصلت أسفل منزلها وهرولت إليه؛ كأنه حصن منيع يحميها من شر كلمات البشر السامة، والتي أنضم لحزبهم أحد من أصدقائها المقربين، والمحببين لقلوبها!
      
      صعدت درجات السلالم على وجه السرعة، دخلت غرفتها مباشرةً، متجاهلة والدتها التي تنادي باسمها، جلست على طرف الفراش تستجمع أنفاسها التي هربت منها، ولم تمر دقائق قصيرة حتى انهمرت في نوبة بكاء ثانيةً.
      
      ظلت أمها تنادي عليها من الخارج، وتدق بيدها الباب لعلها تخرج إليها، وتطمئنها، ولكن هذا لم يجدِ نفعًا.
      
      _يا قمر اخرجي يلا، يلا يوسف في الطريق مينفعش كده.
      
      كان هذا قول والدتها، تحثها على الخروج وتجهيز الطعام معها، ولم تجد ردًا غير صياح ابنتها العزيزة باكية:
      
      _مش عايزاه ييجي!! خليه ملهوش دعوة بيا!! كفاية بقى أنا مش عايزاه!!!
      
      وهنا قالت الأم بقلبٍ منشطر لبكاء ابنتها:
      
      _في ايه بس يا قمر؟ هو يوسف زعلك في حاجة؟؟ يزعلك ازاي بس ده شايلك فوق راسه وبيحبك، لو زعلك طيب اخرجي نستناه وأنا اللي هكلمه.
      
      مرت ما يقارب النصف دقيقة أو أقل بقليل، حتى فتحت قمر باب غرفتها، لتقف بين يدي والدتها، مواجهةً لها، ظهرت بعينين بها خيوط كلون الدماء، ثم قالت بانكسار:
      
      _ما دي المشكلة، دي المشكلة يا ماما؛ إنه مبيزعلنيش، ليه خطبني أصلًا وأنا كده؟
      
      سرعان ما أدركت ما ترمي إليه ابنتها، أدركت أنها وللتو تعرضت لتنمر عنيف بسبب بقع وجهها، عاد لها التنمر من جديد التي كانت تتلقاه من زملائها في الصغر، فـ..انتشلتها الأم!!، انتشلتها الأم كما لو أنها تحميها من وحشية العالم وقسوته بين أضلعها، احتضنتها كما لو أنها هكذا تمحي من ذاكرتها كل ما تعرضت له من أسى، ولم تبخل عليها قمر بذلك، فسرعان ما احتضنتها تبكِ، ربتت الأم قائلة بدموع حزينة لدموع ابنتها:
      
      _يا حبيبتي يا بنتي، والله أي حد يتمناكِ يا قمر، يوسف بيحبك بجد متضيعيهوش، متضيعوهوش علشان أوهام في دماغك يابنتي.
      
      قبل أن ترد رن هاتفها، في حقيبة يدها، وللتو لاحظت أنها لم تخلعها عن عنقها، أخرجته وهي تمسح دموعها فوجدت المتصل يوسف، أسرعت تقول لوالدتها بعدما أنار اسمه شاشة هاتفها:
      
      _يوسف يا ماما! أكيد تحت وبيتصل علشان يطلع.
      
      وكأن أصابهم ماس كهربائي، لا يدرون من أين يأتون أو يذهبون، قالت والداها وهي تحثها على الولوج للغرفة:
      
      _طب، بصي.. غيري أنتِ اللبس ده على ما استقبله أنا.
      
      أومأت قمر مسرعة وقالت إيان نظرها للهاتف ودخولها الغرفة:
      
      _ماشي ماشي، وأنا هبعتله رسالة اقوله يطلع.
      
      رفضت المكالمة وأرسلت له رسالة نصية تحثه على الصعود لهم، وإن سألتموني لماذا لم ترد عليه؟ سأرد أنها لم تكن تريد أن يظهر صوتها الباكي له.
      
      أما عن الأم، فأسرعت ترتب ما تجده أمامها، وتضبط وضعية الوسائد على الأريكة، ثم سمعت جرس الباب يعلن عن وصول الشخص المنتظز -يوسف-، فتحت الباب بابتسامتها البشوشة ترحب به:
      
      _ازيك يا يوسف يابني؟ عامل ايه؟؟
      
      رد وهو يمد يده بحقيبة بيضاء، وبالتأكيد تحمل الحلوى المفضلة لقمر:
      
      _الله يسلمك يا طنط، كويس الحمد لله.
      
      _تعبت نفسك ليه بس؟ مكانش له لزوم.
      
      هذا ما قالته وهي تأخد منه الأكياس تخفيفًا عنه مبتسمة بوجهه، فرد بقوله:
      
      _ولا تعب ولا حاجة.
      
      حثته على الولوج بكلمة "اتفضل" بنفس الابتسامة المتبادلة بينهما، جلس على أقرب أريكة قابلته وحين إذًا قالت هي:
      
      _قمر خارجة علطول اهي، هي بس لسة جاية من برة كانت مع صحباتها.
      
      أومأ باحترامٍ قائلًا:
      
      _لأ عادي، براحتها.
      
      جلست على الأريكة المقابلة له وهي تسأله عن أحواله وأحوال عائلته بلطف، منتظرة خروج قمر ابنتها، وحينما صدر صوت الباب معلنًا عن خروج أميرتهم، ذهبت الأم إلى المطبخ بعدما استأذنت؛ تقديرًا له.
      
      و.. طلت الأميرة!!، أو بالأخص أميرته، تلك الفتاة التي دهستها الحياة تحت وطأة الزمن، تلك التي عانت وشربت من الأسى والحزنِ كؤوس، تتجرعه يوميًا كما تتجرع المياه لتعيش.
      
      كان مبتسمًا تقديرًا لرقتها المعهودة و.. ما هذا؟؟!!!
      
      _ايه اللي أنتِ حطاه في وشك ده!!
      
      اختفت الابتسامة وحل محلها العبوس، رفع حاجبه كدليل على غضبه وضيقه، جلست بجانبه وقالت:
      
      _ازيك يا يوسف؟
      
      وكأنه يرفض تغيير مجرى الحديث، فاعتدل في جلسته مواجهًا لها، وقال:
      
      _هنبقى نسلم بعدين، بقولك ايه اللي أنتِ حطاه ده؟!! أنتِ كنتِ خارجة كده؟؟
      
      نظرت له بتحدٍ وأعين تحمل من الإصرار ما يكفي ويفيض، قائلة:
      
      _ده فاونديشن بس، ولأ مكنتش خارجة بيه، بس بعد كده هحطه وأنا خارجة علطول.
      
      _وأنا مش موافق على الكلام ده يا قمر.
      
      شعر بطيف الغضب يحوم حوله، أربما تختبره مثلًا؟!!
      
      وهنا قد ظهر الانكسار، انكسار عينيها وعَبراتها التي تعلن استسلامها، تعلن عدم قدرتها على الصمود بعد الآن، تعلن حاجاتها للهبوطِ الآن، فقالت بنبرة منكسرة مخذولة:
      
      _وأنا مش قادرة اخرج بشكلي ده تاني، أنا تعبت من كتر الكلام.
      
      وهنا تمردت دموعها وعصتها، خذلتها وهبطت عَبرة فارة وكأنها نالت حريتها للتو، نكست رأسها خجلًا منه.
      ارتخت أعصاب يوسف وهو ينظر إليها بهدوء، يعلم مدى معاناتها ولكن.. ما باليد حيلة!
      
      اقترب قليلًا وعانق يدها بين يده قائلًا بحنوٍ:
      
      _في ايه بس يا قمر؟ في حاجة حصلت؟
      
      هنا رفعت رأسها قائلة:
      
      _هو أنتَ خطبتني ليه يا يوسف؟
      
      استنكر سؤالها، أهي لا تعلم مدى حبه لها؟، ولكنه بالأخير جاوب بكل صدقٍ:
      
      _ده سؤال! علشان بحبك طبعًا يا قمر.
      
      _ايه اللي جابرك؟
      
      _قلبي، قلبي حَبّك وحلف ما يحب غيرك.
      
      _ازاي بشكلي ده؟
      
      _أنتِ أجمل واحدة في الكون.
      
      تلاقت الأعين في تواصل خفي، تواصل كان أعمق من مجرد كلمات، وهنا أردف يوسف بهيامٍ واضح جليًا عليه، كمدمن للتو نال كأسه:
      
      _أنتِ قمر يا قمر!
      
      ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
      
      أحيانًا تكون الكلمات كخناجر مسمومة تُغرس في القلب، قد تراها وقد لا تراها، لكنها تترك أثرًا لا يُمحى.
      لذا، انتبه لكل حرف تنطقه، فقد تكون كلمة عابرة منك سببًا في جرحٍ لا يلتئم.
      فاحذر، احذر أن تكون طعنة لروح لم تقصد إيذاءها!
      
      #اسكريبت_چينيا
      
      رسائل أقدم الصفحة الرئيسية

      Pages

      authorX

      مؤلفون تلقائي

      نظام شراء