رواية جعلتني فصيحًا - جنى عماد
جعلتني فصيحًا
2025, چنى عماد
رومانسية
مجانا
براء، شاب يعمل في شركة خاصة، يحمل قلبه مشاعر خفية نحو زميلته هاجر، الفتاة المتحفظة التي تسعى للابتعاد عن الأنظار. رغم حرصها، يجد براء نفسه يراقبها بصمت، ويتسلل الفضول إلى قلبه عندما يكتشف دفترها المليء بالأمنيات. مع مرور الأيام، يزداد يقينه بأنه يريد أن يكون جزءًا من حياتها، ليقرر أخيرًا مصارحتها بعرض زواج صادق
براء
شاب يعمل في شركة خاصة، يحمل مشاعر خفية تجاه زميلته هاجر، يسعى للوصول إليها بطريقة تحفظ كرامتها وتتماشى مع مبادئه.هاجر
فتاة متحفظة وملتزمة، تعمل في نفس الشركة، تحاول الابتعاد عن الاختلاط، لكنها تلفت انتباه براء دون أن تقصد، وتحمل في داخلها أحلامًا رومانسية بريئة.أمنية
زميلة هاجر في العمل، تمتلك طبعًا مشاكسًا وفضوليًا، تراقب تصرفات براء وتلمح لمعرفة مشاعره تجاه هاجر.
في أحد الشركات الخاصة، وبالأخص داخل تلك الغرفة التي تحتوي على أكثر من مكتب، كل مكتب يحمل فردًا يعمل في تلك الشركة، كان بها مجموعة من الأشخاص المختلطين، شبابًا ونساءً، كان يجلس ذلك الشاب المُدعى براء، ينقر بأصابعه على مكتبه بتوتر، باله مأهول بالأفكار، يريد أن يسأل.. عليها!، وعلى غيابها!! هو فقط يريد أن يطمئن عليها، لكن كيف؟ كيف وهي إن علمت ستترك عملها حتمًا؟!! خوفًا من أن تكن هي السبب في نظر رجل إليها -من وجهةِ نظرِها- وحملها لذنبِ. _هو في ناس مجاتش ولا ايه يا شباب؟؟ قطع سيل أفكاره صوت رجولي، كان زميلًا لهم بالعمل يسأل، وهذا حقًا ما أنقذه، ردت عليه فتاة من الحاضرين تقول: _لأ دي هاجر بس اللي مش موجودة. _ليه هو في حاجة؟؟!! هذا ما قاله مسرعًا بلهفة، الغبي كشف نفسه أمام مجموعة فتيات يظنون دائمًا السيء!! عكس هاچر بكل تأكيد. نظرت له نفس الفتاة والتي تُدعى أمنية بنظرات لا تنم عن خير، بل تنم عن كل الخبث في عينيها بابتسامتها، واضعة يدها أسفل ذقنها: _لأ، هتيجي.. مـتـقـلـقـش. "لا تقلق"!! أقالت "لا تقلق"؟!! هي حتمًا كشفت أمره تلك الخبيثة، نظر في أوراق الحسابات التي أمامه مسرعًا متصنعًا الإنشغال وعدم اهتمامه بالأمر، كما لو أن الأمر لا يعنيه، لكن بالطبع أنتم تعلمون قلق فؤاده الآن دون أي داعٍ بكل تأكيد!! دقائق قصيرة وجاءت هاچر، جاءت تلك الفتاة البريئة عن أفعال الفتيات في تلك الأيام، بخمارها الزيتي وملابسها الفضفاضة، جاءت من أسرت قلب رجل مسكين يدعى براء، دون أي مجهود، بل كل محاولاتها كانت تكمن في التخفي عن الأنظار، وكم كانت تخشى نزولها للعمل خشيةً من الإختلاط بالشباب، جلست على مكتبها، بجانبها اليمين أمنية، وجهة اليسار الحائط، اختارت آخر مكتب متواجد بالغرفة، بعيدًا عن كل زملاء العمل الذين ليسوا من جنسها. _أنتِ اتأخرتِ ليه يا هاجر، كل ده يا بنتي؟؟!! هذا ما قالته أمنية موجهة حديثها إلى من أتيت للتو، تلك الهاچر، فردت عليها الأخرى بنبرة محذرة متكئة على حروف كلماتها: _هـاچـر! اسـمـي هـاچـر!! ومش كل شوية هفضل اقول. عقبت أمنية على حديثها ساخرة مقلدة نبرتها في الحديث بمشاكسة: _ماشي يا.. هــاچــر!! رفعت هاچر حاجبها بابتسامة متعجبة، وردت على سؤال صديقتها السابق: _على العموم يعني، أنا كنت استأذنت من امبارح إني ممكن اتأخر شوية؛ كنت بجيب شوية حاجات كده قبل ما آجي وروّحتها الأول فكنت عارفة إني هتأخر، فعلشان كده استأذنت. أومأت أمنية بتفهم وهي ترجع بنظرها إلى عملها، قائلة لها هي الأخرى: _طب الحقي بقى خلصي شغلك علشان لو عرفتِ تروحي بدري؛ علشان باباكِ. أومأت هاچر وهي تمسك الأوراق تساويهم أمامها، لتبدأ في العمل بإخلاصٍ كهواية مفضلةٍ لها، والمسكينة لا تدري أن هناك من يراقبها من بعيد، وعندما كانت على وشك العلم حين رفعت رأسها بغتة إيان ما كان يتابعها بنظره، أخفض هو رأسه سريعًا ولم تلاحظ. مر وقتٌ ليس بطويلٍ أو بقصير، والآن.. من المفترض أن يشرح لها زميل ما عن ما يجب فعله، لكن كيف سيذهب لتلك الـ «معقدة» كما تُلقب بالنسبة للكثيرين!! حسم أمره واستقام واقفًا ذاهبًا إليها ببعض الأوراق، اقترب من المكتب لكن بينهما مسافة كافية وقال مناديًا يلفت انتباهها: _أستاذة هاجر. حسنًا، هي الوحيدة الذي يقول لها "أستاذة"؛ احترامًا لها، لكن.. لمَ تلك النظرة الحادة بالله؟؟!! هذا ما كان يفكر به تلقائيًا، امتدت يده بالأوراق دون أن يتزحزح، بل هي من تزحزت مسافة أخرى مبتعدة قليلًا!! بدأ يشرح ما يجب أن تفعله هي الآن بعده، لكن.. كان هناك نفس المراقب لها، يشتعل صدره بغيرة يحاول كبتها، لكن.. ليس له أي شأن أن يتكلم، لكن يقسم أنه سيكون له شأنًا عما قريب، ويسعى بقصارى جهده لذلك، حتى أنه منذ فترة بدأ يأخذ ساعات عمل إضافية بعدهم، بعدما يرحل الكثير؛ وذلك ليجمع أكبر قدر من المال ليستطع.. ليستطع أن يكن له شأن بها! مر الوقت، بل الكثير من الوقت، وذهب كل من بالمكتب حوله، لكنه ظل جالسًا يعمل، رغمًا عن ألم رأسه الذي سيفتك جمجمته، لكن.. هاچر تستحق، وبكل تأكيد. نظر إلى مكتبها المقابل له، رأي دفترًا ساكنًا على سطح المكتب، يراه دائمًا معها وتضعه في درجٍ بمكتبها، ربما نسته اليوم. كان فضوله كالشمعة تشتعل، وللحق، فضوله هو من قاده، والنتيجة هو جلوسه على كرسي مكتبها يمسك الدفتر بين راحتيه، فتح أول صفحة ووجد بخط مزخرف عريض في منتصف الصفحة «ربــمــا تــتــحــقــق»، قاده فضوله أكثر، ففر على صفحة أخرى: _ربـمـا تـتـحـقـق! ربما، ربما سأجد لي ملاذًا، متجسدًا على هيئة شخص، ربما سأجد أمانًا، يحاوطني ويحتضن قلبي. ربما، يأتي الشخص الصالح، الذي يصلحني ويصلح علاقتي بالله، ويرمم جروح قلبي بكلماتٍ فصيحة حنونة، يحتضن آلامي ويخفيها. أتمنى.. فقط أتمنى، أن يكون حنونًا، صالحًا، غير مستهزئًا بي، وبكلماتِي التي أكتبها. أريده إن قلت له جزء من شعرٍ أو خاطرة، يكمله هو لي بشغف مبتدئ يتعلم السير مثلًا!! أحلامها بسيطة.. مثلها! يتمنى في أقل وقتٍ ممكن، أن يُكتب في هذا الدفتر "قد تحقق" بدلًا من "ربما". كاد أن يكمل باقي الصفحات، لكن داهمه الصداع من جديد، لن يستطع الإكمال أكثر من ذلك حقًا، فتخلى عن فرصة زيادة الأجر للساعات الإضافية اليوم، واستأذن من رب عمله ورحل. مر الليل وقمره، واسدلت ستائر ضوء الشمس، أتت هاچر مبكرًا في ذلك اليوم عندما تذكرت أنها لم تخبئ دفترها، وربما وقع في يد أحد! لم يأتِ براء ولم تلاحظ هي، هي حتى لا تعلم كم رجل يكون بالغرفة!! مر يوم آخر وأتى براء، وبعد مدة العمل الرسمية ذهب الجميع، وانتظر هو ساعات إضافية لعله يأخذ أجر أكبر، تسحب وذهب لمكتبها، علم مكان الدرج الخاص بدفترها وفتحه، وقرأ صفحات أخرى من الدفتر. وهكذا مرت الكثير من الأيام: يأتي الجميع، يذهبون بعد مدة العمل الرسمية، يظل هو يعمل وقبل أن يرحل يقرأ بعض الصفحات. في يومٍ ما بعد مدة ربما طويلة نوعًا ما، كان يقف أمام بوابة شركتهم الصغيرة بالخارج، ينتظر مجيء شخص ما، وكلنا نعلم من المقصود بالشخص!! أتى الشخص المنتظر فنادى هو سريعًا وهو يراها تسرع خطواتها: _هـاچـر!! وقفت بغتة ونظرت مكان المنادي، لفت نظرها النداء وخاصةً أن لا أحد يقول اسمها كما تحب أن يقال، لكنه قاله! حسنًا نظرت، لكن نظرها حادة كالصقر، رافضة أي تعامل أو حديثٍ يُدار بينهما أو بين أي شاب، توتر المسكين وتلجلج، ضاعت كل التجارب الذي أدّاها الأمس بغرفته، نظر لها ولأول مرة ينظر لها وهي تعلم، كادت أن تذهب وتتركه، وربما تحرجه، لكنه قال سريعًا: _أتقبلين أن أكون ملاذًا لكِ؟، أتقبلين أن أكون أمانًا يحاوطكِ ويحاوط قلبك؟، أتقبلين أن أرمم جروح قلبك وآلامه؟، أتقبلين أن أكون سكنًا تسكني إليه؟، وأن تكوني سكنًا أسكن إليه؟، أتقبلين أن نصنع مودة ورحمة بيننا؟؟ استعاد أنفاسه التي هربت منه، لكنه أكمل بتوتر أكبر: _أتقبلين أن تكوني زوجتي يا.. يا هــاچــر؟! نفس الأمنيات؟؟ نفس الأمنيات التي سألتها من الله يقدمها هو لها؟؟!! رقت نظراتها، ارتسمت ابتسامة بسيطة جدًا على ثغرها، حاولت اخفائها لكنها ظهرت وأعلنت تمردها، أخرجت ورقة وقلم من حقيقة كتفها وكتبت شيء دون أن تتكلم، مدت يدها بالورقة وأمسكها هو بتعجب، قرأ ما به فوجده رقم هاتف، أكتبت رقم هاتفها؟!! نظر لأسفل الرقم فوجد جملة"رقم والدي"، ارتسمت ابتسامة بلهاء على وجهه، وهو ينظر لها بفرحة غامرة قائلًا ببلاهة: _بجد؟!!! أعلنت ابتسامتها العصيان وظهرت، فأومأت هاچر بخفة ودخلت الشركة، رحلت وتركته قبل أن تظهر ابتسامتها الواسعة التي تحاول كبتها، وهكذا.. تمت أول خطوة بالنسبة له، دون أي تجاوز أو محرمات، علاقة بدايتها كانت مرضاة لله، دون أي حديث يدور بينهما، دون أي كلمات حب وغرام متبادلة، دون قلوبٍ تُرسل أو مكالماتٍ تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، علاقة كانت بدايتها خطبة، وآخرها زواج بإذن ربه. #اسكريبت_چينيا