رواية كأنها قمر - چنى عماد
كأنها قمر
2025, چنى عماد
دراما اجتماعية
مجانا
"قمر" تمثل الفتاة التي تحمل في قلبها جروح العالم، ورغم آلامها، تجد في حب يوسف الأمل الذي يتجاوز المظاهر. السطور مليئة بالصدق العاطفي والتعبير الدقيق عن صراع الذات، مما يجعلها قصة تلامس القلوب. بأسلوب مؤثر، تظهر الرواية قوة الشخصيات في مواجهة الظلم الاجتماعي، وتؤكد أن الحب الحقيقي يتجاوز كل شيء.
قمر
البطلة الرئيسية، فتاة مميزة تعاني من التنمر بسبب بقع بيضاء على وجهها نتيجة للبهاق. هي شخصية مليئة بالتحديات العاطفية والنفسية، لكنها تتعلم في النهاية أن حب يوسف لها يتجاوز مظهرها.يوسف
خطيب قمر، الذي يحبها بصدق رغم مظهرها، ويُظهر دعمه وحبه غير المشروط. شخصيته تمثل الحب الحقيقي الذي لا يهتم بالمظاهر.سهيلة، منة، شروق
صديقات قمر اللاتي يلعبن أدوارًا مهمة في أحداث الرواية
هنالك أصدقاء كالحائط حين نميل، وهناك من يدّعون الصداقة لمجرد التدمير. هنالك الغرباء الذين يساندوننا من بعيد، وهناك المقربين -ظاهريًا- لنا يغرسون سيفًا بتار وهم يبتسمون في وجهنا. هنالك من نفتح لهم قلوبنا يأخذون منها ما يشاءون، وهناك من يفتحون هم قلوبهم لتأخذنا في عناقٍ. هنالك من نجلس معهم في زحام، وبالرغم من ذلك نشعر بقسوة الوحدة والخواء. ختامًا يعوضنا الله بما لا ندركه ولا يخطر بالعقول، يعوضنا بشخصٍ يكون بمثابة حياة، يعوضنا بشخصٍ يغنينا عن العالم وما به. ربما نألم، ربما نتألم، لكن ما نحن به على يقين، أن عوض الله عظيم. ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ في أحد مطاعم مدينة الإسكندرية الساحلية، حيث يلتقي صوت الأمواج مع ضحكات الفتيات في مطعم مطل على البحر، كانت تجلس مجموعة من الفتيات اللواتي تجمعهن صداقة تتأرجح بين أضواء الحب والمودة -أو ربما كان ذلك مجرد ظل ظاهر من تناغم العلاقات-، كان لكل واحدة منهن ربيعها الخاص، إلا أن واحدة منهن كانت تحمل بين طياتها صيفًا يتسلل إليه ليل الخريف. كانت قمر، تلك الفتاة المميزة، تتألق بينهن رغم اختلافها الظاهر، لا يهم أن تميزها بسبب ما يُسمى بالبهاق، الجانب الإيجابي أنها مميزة!! كانت العلامات البيضاء التي زخرفت وجهها بمثابة توقيع القدر لها، كما لو أنها تحمل في وجهها رسالة فريدة من نَوعها، أنها استثنائية في هذا العالم. كانت قمر تلك الفتاة المميزة تجلس برفقة أصدقائها: سهيلة، منة، وبالأخير شروق حول الطاولة، حيث تدور الأحاديث بينهن بحرية، يغمرها الألفة وتفاصيل الحياة اليومية، وبينما كانت أصواتهن تتناغم في حديثهن بعد تناول وجبتهن التي طلبوها من النادل، كانت منة، التي لا تزال شرارة الحماس في عينيها، تتساءل بفضول لا يخلو من الابتسامة: _ها بقى!! هتطلبوا الحلو ولا نتمشى شوية وخلاص؟؟ أول من رد عليها كانت قمر وهي تسحب هاتفها تضعه بحقيبتها الصغيرة بابتسامة بسيطة: _لأ أنا ولا هطلب حلو ولا هتمشى، يوسف جاي النهاردة وعايزة الحق امشي بقـ.. ولم تكاد تكمل آخر حروف الكلمة إذ وقاطعها تعقيب سهيلة، تعقيب لم تفهمه -أو ربما هذا ما أظهرته-: _هو أنتِ مبتتكسفيش من يوسف يا قمر؟؟ تعجبت حقًا من هذا السؤال، رغم أنها تفهم مقصده، لكنها بالأخير استفهمت بابتسامة متعجبة مع قطبها لحاجبيها: _لأ مش فاهمة يعني ايه؟ هتكسف من خطيبي ليه؟؟ كانت الكلمات معلقة في الهواء؛ حرجًا من الموقف، واشمئزازًا من حديث سهيلة. استندت سهيلة بظهرها بالمسند الخلفي لمقعدها وهي تقول مع رفعها لكتفيها: _يعني، إنه ما شاء الله يعني حلو وملامحه حلوة، وأنتِ.. مش قصدي حاجة أكيد بس البهـ.. كادت أن تُكمل حديثها المسموم، لولا أن نكزتها منة من أسفل الطاولة وتكلمت شروق الأكثر عقلانية من بينهن بحدة: _سهيلة!! أنتِ بتقولي ايه؟؟!!!! ردت سهيلة ببراءة ثعلب المكر ينهشه من الداخل: _أنا مش قصدي حاجة طبعًا يا قمر، اوعي تكوني زعلتِ! أنا بسأل عادي بنفضض، يمكن تكوني مش بترتاحي أو كده. ما بالها تشعر بسهمٍ من لهب قد قُذف صوب فؤادها للتو؟؟ كيف لمجرد كلمات بسيطة أن تفعل بقلبها الأفاعيل؟؟ وبالرغم من ذلك.. فإنها اصطنعت ابتسامة مزيفة، باطنها متألم، حزين، ولكنها قد تظهرعلى وجه صاحبها بهيئةٍ أخرى. عقبت قمر على حديثها بتلك الابتسامة قائلة: _لأ عادي، أنا فاهماكِ أكيد، بس الحمد لله احنا الاتنين مرتاحين في الخطوبة. ربتت شروق على ظهرها مبتسمة بودٍ حقيقي يخلو من أي ضغينة أو نفاقٍ، قائلة: _ربنا يتمملكوا على خير يا حبيبتي. وهنا تكلمت منة المتحمسة دومًا لأي شيء، حتى ولو كان لا علاقة لها به: _ربنا يتمملكوا على خير يارب ونلبس الفساتين بقى، انجزولنا!!! ضحكت قمر، ولكن ضحكتها باهتة، فقط لتجاري منة التي ضحكت لتوها، وهُنا كان دور سهيلة أن تتكلم قائلة بابتسامة منافقة: _ربنا يتمملكوا على خير يا قلبي. بالله لماذا تراها تصك على فكيها الآن؟!!! تبًا. أقُلت منذ بُرهة أن قمر كانت تود الرحيل؟؟ ها هي مازالت جالسة بابتسامة متوترة تفرك كفيها، وإن سألتموني لماذا؛ خوفًا من أن يقولون عليها سريعة الحزن، ودون أي داعٍ أو مبرر، وهذا ما اعتقدت فعليًا أنهم سيقولونه. مرت نصف ساعة أخرى عليهن، وهنا رحلت قمر بعد سألهن إن كانوا سيبتاغون أي شيءٍ، وردوا بالنفي. وبمجرد أن خرجت من المقهى.. هبطت دموعها! كسيل جارف لا يستطع أحد إيقافه، وضعت كفها على فمها تمنع صوتها من الظهور، تبكِ بقهرٍ، انتظرت السيارة التي تسمى 'أوبر' التي قد طلبتها بمجرد خروجها من المطعم، وعندما وصلت دلفتها سريعًا، وفتحت هاتفها وخاصةً على تطبيق الكاميرا، فتحتها ترى وجهها، تتلمس البقع التي به، ما ذنبها إن كان الزمن أراد أن تكن استثنائية؟!! لاحظت نظرات الجالس على المقعد الأمامي "السائق"، كان يحمل في نظراته شفقة تتسلل إليها بوضوح، وذلك جعلها تستجمع قوتها، مانعة عَبراتها من الهبوط وإظهار ضعفها، حتى ولو كان لمدة قصيرة لا تتعدى الدقائق. وصلت أسفل منزلها وهرولت إليه؛ كأنه حصن منيع يحميها من شر كلمات البشر السامة، والتي أنضم لحزبهم أحد من أصدقائها المقربين، والمحببين لقلوبها! صعدت درجات السلالم على وجه السرعة، دخلت غرفتها مباشرةً، متجاهلة والدتها التي تنادي باسمها، جلست على طرف الفراش تستجمع أنفاسها التي هربت منها، ولم تمر دقائق قصيرة حتى انهمرت في نوبة بكاء ثانيةً. ظلت أمها تنادي عليها من الخارج، وتدق بيدها الباب لعلها تخرج إليها، وتطمئنها، ولكن هذا لم يجدِ نفعًا. _يا قمر اخرجي يلا، يلا يوسف في الطريق مينفعش كده. كان هذا قول والدتها، تحثها على الخروج وتجهيز الطعام معها، ولم تجد ردًا غير صياح ابنتها العزيزة باكية: _مش عايزاه ييجي!! خليه ملهوش دعوة بيا!! كفاية بقى أنا مش عايزاه!!! وهنا قالت الأم بقلبٍ منشطر لبكاء ابنتها: _في ايه بس يا قمر؟ هو يوسف زعلك في حاجة؟؟ يزعلك ازاي بس ده شايلك فوق راسه وبيحبك، لو زعلك طيب اخرجي نستناه وأنا اللي هكلمه. مرت ما يقارب النصف دقيقة أو أقل بقليل، حتى فتحت قمر باب غرفتها، لتقف بين يدي والدتها، مواجهةً لها، ظهرت بعينين بها خيوط كلون الدماء، ثم قالت بانكسار: _ما دي المشكلة، دي المشكلة يا ماما؛ إنه مبيزعلنيش، ليه خطبني أصلًا وأنا كده؟ سرعان ما أدركت ما ترمي إليه ابنتها، أدركت أنها وللتو تعرضت لتنمر عنيف بسبب بقع وجهها، عاد لها التنمر من جديد التي كانت تتلقاه من زملائها في الصغر، فـ..انتشلتها الأم!!، انتشلتها الأم كما لو أنها تحميها من وحشية العالم وقسوته بين أضلعها، احتضنتها كما لو أنها هكذا تمحي من ذاكرتها كل ما تعرضت له من أسى، ولم تبخل عليها قمر بذلك، فسرعان ما احتضنتها تبكِ، ربتت الأم قائلة بدموع حزينة لدموع ابنتها: _يا حبيبتي يا بنتي، والله أي حد يتمناكِ يا قمر، يوسف بيحبك بجد متضيعيهوش، متضيعوهوش علشان أوهام في دماغك يابنتي. قبل أن ترد رن هاتفها، في حقيبة يدها، وللتو لاحظت أنها لم تخلعها عن عنقها، أخرجته وهي تمسح دموعها فوجدت المتصل يوسف، أسرعت تقول لوالدتها بعدما أنار اسمه شاشة هاتفها: _يوسف يا ماما! أكيد تحت وبيتصل علشان يطلع. وكأن أصابهم ماس كهربائي، لا يدرون من أين يأتون أو يذهبون، قالت والداها وهي تحثها على الولوج للغرفة: _طب، بصي.. غيري أنتِ اللبس ده على ما استقبله أنا. أومأت قمر مسرعة وقالت إيان نظرها للهاتف ودخولها الغرفة: _ماشي ماشي، وأنا هبعتله رسالة اقوله يطلع. رفضت المكالمة وأرسلت له رسالة نصية تحثه على الصعود لهم، وإن سألتموني لماذا لم ترد عليه؟ سأرد أنها لم تكن تريد أن يظهر صوتها الباكي له. أما عن الأم، فأسرعت ترتب ما تجده أمامها، وتضبط وضعية الوسائد على الأريكة، ثم سمعت جرس الباب يعلن عن وصول الشخص المنتظز -يوسف-، فتحت الباب بابتسامتها البشوشة ترحب به: _ازيك يا يوسف يابني؟ عامل ايه؟؟ رد وهو يمد يده بحقيبة بيضاء، وبالتأكيد تحمل الحلوى المفضلة لقمر: _الله يسلمك يا طنط، كويس الحمد لله. _تعبت نفسك ليه بس؟ مكانش له لزوم. هذا ما قالته وهي تأخد منه الأكياس تخفيفًا عنه مبتسمة بوجهه، فرد بقوله: _ولا تعب ولا حاجة. حثته على الولوج بكلمة "اتفضل" بنفس الابتسامة المتبادلة بينهما، جلس على أقرب أريكة قابلته وحين إذًا قالت هي: _قمر خارجة علطول اهي، هي بس لسة جاية من برة كانت مع صحباتها. أومأ باحترامٍ قائلًا: _لأ عادي، براحتها. جلست على الأريكة المقابلة له وهي تسأله عن أحواله وأحوال عائلته بلطف، منتظرة خروج قمر ابنتها، وحينما صدر صوت الباب معلنًا عن خروج أميرتهم، ذهبت الأم إلى المطبخ بعدما استأذنت؛ تقديرًا له. و.. طلت الأميرة!!، أو بالأخص أميرته، تلك الفتاة التي دهستها الحياة تحت وطأة الزمن، تلك التي عانت وشربت من الأسى والحزنِ كؤوس، تتجرعه يوميًا كما تتجرع المياه لتعيش. كان مبتسمًا تقديرًا لرقتها المعهودة و.. ما هذا؟؟!!! _ايه اللي أنتِ حطاه في وشك ده!! اختفت الابتسامة وحل محلها العبوس، رفع حاجبه كدليل على غضبه وضيقه، جلست بجانبه وقالت: _ازيك يا يوسف؟ وكأنه يرفض تغيير مجرى الحديث، فاعتدل في جلسته مواجهًا لها، وقال: _هنبقى نسلم بعدين، بقولك ايه اللي أنتِ حطاه ده؟!! أنتِ كنتِ خارجة كده؟؟ نظرت له بتحدٍ وأعين تحمل من الإصرار ما يكفي ويفيض، قائلة: _ده فاونديشن بس، ولأ مكنتش خارجة بيه، بس بعد كده هحطه وأنا خارجة علطول. _وأنا مش موافق على الكلام ده يا قمر. شعر بطيف الغضب يحوم حوله، أربما تختبره مثلًا؟!! وهنا قد ظهر الانكسار، انكسار عينيها وعَبراتها التي تعلن استسلامها، تعلن عدم قدرتها على الصمود بعد الآن، تعلن حاجاتها للهبوطِ الآن، فقالت بنبرة منكسرة مخذولة: _وأنا مش قادرة اخرج بشكلي ده تاني، أنا تعبت من كتر الكلام. وهنا تمردت دموعها وعصتها، خذلتها وهبطت عَبرة فارة وكأنها نالت حريتها للتو، نكست رأسها خجلًا منه. ارتخت أعصاب يوسف وهو ينظر إليها بهدوء، يعلم مدى معاناتها ولكن.. ما باليد حيلة! اقترب قليلًا وعانق يدها بين يده قائلًا بحنوٍ: _في ايه بس يا قمر؟ في حاجة حصلت؟ هنا رفعت رأسها قائلة: _هو أنتَ خطبتني ليه يا يوسف؟ استنكر سؤالها، أهي لا تعلم مدى حبه لها؟، ولكنه بالأخير جاوب بكل صدقٍ: _ده سؤال! علشان بحبك طبعًا يا قمر. _ايه اللي جابرك؟ _قلبي، قلبي حَبّك وحلف ما يحب غيرك. _ازاي بشكلي ده؟ _أنتِ أجمل واحدة في الكون. تلاقت الأعين في تواصل خفي، تواصل كان أعمق من مجرد كلمات، وهنا أردف يوسف بهيامٍ واضح جليًا عليه، كمدمن للتو نال كأسه: _أنتِ قمر يا قمر! ~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~ أحيانًا تكون الكلمات كخناجر مسمومة تُغرس في القلب، قد تراها وقد لا تراها، لكنها تترك أثرًا لا يُمحى. لذا، انتبه لكل حرف تنطقه، فقد تكون كلمة عابرة منك سببًا في جرحٍ لا يلتئم. فاحذر، احذر أن تكون طعنة لروح لم تقصد إيذاءها! #اسكريبت_چينيا
هاي بنات جميلات انا كاتبه رواية #طفلة_في حب مافيا
ردحذفاسفة على التأخير بنات بس والله مشغولة شوي