رواية المشاغب والذكية

المشاغب والذكية

2025, سهى كريم

رواية كورية

مجانا

بنت شاطرة حياتها بتتقلب لما بتتنقل فصل جديد وبتقابل كيم تايهيونج، الشاب المشاغب. الاتنين دول مبيطقوش بعض وكل يوم خناقات ومقالب لدرجة إنهم بقوا بيتطردوا من الحصص سوا تقريباً كل يوم. الخناقات دي بتخليهم يقربوا من بعض بشكل غريب، وبيكتشفوا أماكن سرية زي مخزن تايهيونج اللي بيحكي فيه عن نفسه لأول مرة. الرواية بتوريلنا إزاي علاقة العداوة دي ممكن تتحول لحاجة تانية خالص

الأستاذة جيل

مبتسمحش بالفوضى في فصلها. دايمًا بتلاحظ خناقات لي هايجين وتايهيونج وبتعاقبهم بشكل مباشر. بتظهر عليها علامات الضيق واليأس من تصرفاتهم المتكررة. رغم إنها بتعاقبهم، بس واضح إنها بتحاول تفرض النظام وتحافظ على الهدوء في المدرسة، خصوصًا لما بتاخدهم لمكتب الناظر كإنذار أخير.

لي هايجين

شاطرة ومجتهدة في دراستها، كانت دايمًا بتجيب درجات كويسة وكانت رئيسة الفصل في سنتها الأولى. شخصيتها بتبان في الأول إنها منظمة وبتخطط لحياتها كويس. بس لما بتقابل تايهيونج، بتدخل في مشاكل كتير وبتتصرف بعصبية، وبتتضايق منه بسهولة. رغم إنها بتحاول تبان قوية وجريئة قدامه، إلا إنها بتكون خايفة منه شوية، وممكن تبقى قلقانة من عواقب تصرفاتهم. كمان بيبان إنها حساسة لدرجة إنها بتعاني لما بتحس بإهمال من أهلها.

كيم تايهيونج

هو الشاب المشاغب في المدرسة، مبيحبش يلتزم بالقواعد وواضح إنه بيعمل مشاكل كتير. بيحب يعمل مقالب ويضايق هايجين بالذات. شخصيته بتبان إنه مغرور ومش بيهتم باللي حواليه، وحتى بيعتبر نفسه ذكي في تهرب من المذاكرة والواجبات. لكن ورا كل ده، بيبان إنه وحيد شوية وإنه بيدور على مكان خاص بيه زي "مخبئه السري". أحيانًا بتظهر له لمحات من الجانب البريء أو الطيب، وده بيخلي شخصيته معقدة أكتر.
تم نسخ الرابط
رواية المشاغب والذكية

"كل ده بسببك يا حمار!" همستله وأنا متعصبة وسناني ماسكة في بعض.

كنت رافعة دراعاتي لفوق أوي، مش عشان اتجننت بالظبط، مع إن ده ممكن يكون حصل لو كان صبري خلص خالص. مدرسة الرياضيات خلتني أنا والحمار ده نقف بره الفصل عقاب عشان اتخانقنا في حصتها.

"اسكتي. مش ذنبي أنا، انتي اللي ضربتيني في عيني الأول،" دافع عن نفسه.

طلعت زفير عميق، "كم مرة قولتلك إنها كانت بالغلط!"

"إزاي تضربي حد في عينه بالغلط؟!"

دراعاني كانوا بيسيبوني. غالبًا كنت رافعاهم بقالي حوالي ربع ساعة. مدرسين اتنين عدوا من جنبنا، وبصولنا بغضب وهما ماشيين في الممر، بس دراعاتي كانت وجعاني أوي لدرجة إني مكنتش قادرة حتى أهتم إني اتحرج. بس مهما كانت دراعاتي وجعاني، مكنتش أجرؤ أنزلها عشان مدرسة الرياضيات مكنش ينفع حد يستعبط معاها، محدش كان بيجرؤ يعارضها، غالبًا ما عدا تايهيونج.

قالت لو لقت دراعاتنا نازلة هتبعتنا ننضف الحمامات، ودي حاجة كنت بكرهها أوي عشان حمامات المدرسة كانت قذر، بالعافية كنت بقدر أغسل أي وسخة.

دقايق عدت وعضلات دراعاتي كانت بتشد أوي. بدأوا ينزلوا أكتر وأكتر لحد ما نزلتهم الاتنين جنبي أخيرًا، وطلعت أنين بصوت عالي.

لكن بعد ثانية، حسيت إيد لفت حوالين معصمي، ورفعت دراعي لفوق.

"مش عايز أتعاقب زيادة بسببك، عشان كده لازم ترفعي دراعاتك،" قال تايهيونج بجمود، وهو مركز عينيه قدامه.

كشرت، وطلعت صوت ضيق من الزهق بسبب إن دي كانت تالت مرة الأسبوع ده أقف فيها بره الفصل معاه.

أنا اسمي لي هايجين، ودي كانت سنتي التانية في الخرم الأسود ده، أو زي ما بتقولوا عليه، ثانوي. الأمور كانت ماشية تمام في سنتي الأولى. كنت بلا شك من أذكى الأطفال في المدرسة، وكنت دايمًا بجيب درجات كويسة في الامتحانات. مكنتش اجتماعية أوي، بس كان عندي أصحاب بتكلم معاهم كل يوم. وفي مرة، كنت رئيسة الفصل عشان المدرسين كانوا شايفين إني قدوة كبيرة لزملائي، مع إني أنا نفسي كان بيجيلي أيام كسل.

كنت فاكرة إن حياتي متخططلها كويس— هجيب درجات كويسة، وأتخرج، وبعدين الاقي شغلانة بمرتب كويس وأعيش في راحة ورفاهية طول حياتي.

مكنتش أعرف إن سنتي التانية هتكون بشعة. بعد ما اتنقلت لفصل جديد السنة اللي بعدها، الجو اتغير، والناس اللي حواليا اتغيروا. وقابلته. تايهيونج. كيم تايهيونج.

مكنتش بهتم بالمقالب اللي كانت بتحصل في المدرسة. لسوء حظي، كان لازم أقابل البلطجي ده بالذات، بالصدفة. مكنتش أعرف إزاي بدأنا نكره بعض، بس ده اللي حصل. كنا عكس بعض تمامًا. في الأول، كان بيعمل مقالب بسيطة، كنت بختار إني أتجاهلها وأعتبرها مجرد لفتة ودودة. بس مع مرور الوقت، هو شكله اعتبرها تحدي عشان يجنني. غالبًا كان بيستغرب ليه أنا الوحيدة اللي مكنش عندي أي رد فعل على مقالبه لما أنا بصراحة مكنتش بهتم بوجود أي حد في المدرسة.

تايهيونج قدر في لحظة يخليني أفقد صبري. المدرسين مكنوش بيهتموا لما كنت بشتكي، فكنت بتصرف بطريقتي. بدأت بغباء أردله المقالب، وقضيت وقت كتير في تخطيط تخريبي اللي بعده أكتر من المذاكرة. بالنسبة لي، كان إحساس بالرضا كبير إني أشوفه بيقع من كرسيه والفصل كله يضحك عليه، أو إني ألاحظه بيعاني مع صفحات كتابه اللي كانت لازقة في بعضها.

اتخانقنا، واتخانقنا. خناقتنا كانت أغلب حواراتنا اليومية. كانها الخناقات اللي بينا كونت صداقة من غير ما نعرف. مع ذلك، مكنش ممكن يعدي يوم من غير ما نرمي ورق مكرمش على دماغ بعض لما يكون عندنا فرصة.

بس بعد كده، درجاتي بدأت تقل بالتدريج. مكنتش بهتم خلاص، مش متأكدة إذا كان ده بسبب تايهيونج أو لأني كنت بمر بمرحلة كنت فيها مرهقة جدًا من أي حاجة وكل حاجة. لسه كنت بحاول ألم نفسي، بس أغلب الوقت كنت مشغولة بإني أدخل في مشاكل.

مهما كان أهلي محبطين، كانوا مشغولين بشغلهم أوي لدرجة إنهم مكنوش مهتمين أوي بصحتي. أفضل إني مشتكيش عشان كان عندي شوية حرية لنفسي، بس أوقات تانية كنت بحس بإهمال كبير كطفلة وحيدة. بس ده مكنش مهم أوي لأني كنت بقدر دايمًا أعتمد على جدتي للراحة من وقت للتاني، مع إنها عايشة بعيد عن البيت.

وبالإضافة لقائمة مقالب تايهيونج الطويلة، وجودي في البيت مكنش بيمنعه من إنه يكون مصدر إزعاج. كان بيبعت رسايل لا نهاية لها، ويملى صندوق رسايلي برسايل ملهاش معنى، وكنت دايمًا لازم أقفل تليفوني عشان أذاكر بالليل.

بقالها شهور قليلة بس، بس كان الموضوع صعب أوي إني أستحمل تصرفاته.

جرس الحصة الخامسة في اليوم رن أخيرًا. مقبض باب الفصل عمل صوت، وإحنا فورًا فردنا دراعاتنا لفوق. الأستاذة يونج دخلت من ورانا ووقفت قدامنا بالظبط، ونزلت نضارتها على أنفها وهي بتبص لينا احنا الاتنين.

"ده آخر إنذار ليكوا إنتوا الاتنين،" قالت بصرامة، وحواجبها كانت معقودة وهي مكشرة.

بعد ما لفت ومشيت، فورًا نزلت دراعاتي بارتياح ومرخت كتافي عشان أريح العضلات المشدودة. الحمد لله، مكنش لازم أغسل الحمامات المرة دي.

"سمعتها، ده آخر إنذار ليها،" تمتمت، مش متأكدة إذا كان تايهيونج سمعني بس أنا كررت ده عشان أضمن إنه مش هيوقعني في مشاكل المرة الجاية. هو بس سخر، ورفع حاجب واحد.

تجاهلت غروره، ولفيت بسرعة عشان أدخل الفصل. في اللحظة دي، تايهيونج زقني على الجنب بكوعه، وشق طريقه قبلي.

كنت غلطانة طبعًا لما فكرت إنه مش هيعملي مشاكل ولو لمرة واحدة.






 خلص وقت الفسحة وكل الطلبة طلعوا من الفصول بيجروا، مالوا الطرقة ودخلوا الكانتين.

قفلت دولابي بعد ما شلت حاجتي وكنت خلاص رايحة الكانتين، لما فجأة شفته - الواد المتغطرس - ماشي مع صاحبينه، جيمين وجونجكوك. كانوا هدومهم طالعة بره البنطلون والكرافتات بتاعتهم مش مربوطة كويس على الرقبة. كان واضح أوي إنهم المشاغبين الكبار في المدرسة.

لفيت الناحية التانية بدل ما أروح الكانتين وحاولت أتجنبهم.

"ياااااه!"

يا لهوي.

سرعت خطواتي وكملت ماشي على طول.

"لي هايجين!"

لفيت ورايا وتايهيونج كان بيجري ناحيتي، وجالي عرق بارد.

الحمد لله حمام البنات كان على بعد كام خطوة، فجريت ودخلت واستخبيت في كابينة. اتنهدت براحة، بس صوت ضربات قلبي كان ممكن يتسمع. أنا بس عايزة أتجنب الضفدع ده على قد ما أقدر. هو دايمًا بيجيب لي مشاكل.

استنيت جوه حوالي 5 دقايق لحد ما مسمعتش أي صوت بره. فتحت باب الكابينة بالراحة وبصيت بره الحمام. مفيش حد. الحمد لله.

طلعت على طراطيف صوابعي. لسوء الحظ، مكنتش لسه مشيت كتير لما حسيت حد جاي ناحيتي.

هو، وبقوة كبيرة، شدني تاني لحمام البنات وخبطني في الحيطة.

"آآآه كيم تايهيونج إيه اللي عايزه،" قولت وأنا بفرك كوعي اللي اتخبط في الحيطة. كنت بتنفس بصعوبة وبسرعة، بتوتر. كنت بتمنى إنه ميكونش عنده طلبات غريبة، في مرة قالي أحط فوطة صحية في شنطة مدرسة، وهددني إنه هيفضحني لو قولت لحد.

"عملتي واجب الإنسانيات اللي هيتسلم النهارده؟" سأل.

"أ-أيوه،" قولت، بحاول أبان جريئة بس كنت خايفة منه شوية. شوية صغيرين.

"خليني أنقله."

بصيتله، وبعدين قلبت عيني.

"بجد يا ڤي؟ جريت ورايا كل ده عشان إجابات الواجب؟ من إمتى بتهتم بالواجب؟" قولت وكتفت دراعاتي.

"اسكتي واديهولي. عليه درجات،" قال.

"بعدين،" رديت وحاولت أزقه بس خبطني في الحيطة تاني.

"آآآه!"

"عايزه دلوقتي،" قال.

"يا خسارة،" رديت. هو سد الباب بدراعاته الاتنين مفرودين من أوله لآخره. متضايقة، دوست على رجله، جامد أوي. "يا متخلف،" قولت وطلعت.

"خدي بالك يا لي هايجين!" سمعته بيزعق وأنا سرعت خطواتي ناحية الكانتين.

خلصت الفسحة ورجعت الفصل. كانت حصة الإنسانيات.

"صباح الخير يا فصل،" الأستاذة جيل سلمت علينا وإحنا ردينا عليها بنبرة روتينية. "شكله كده متحمسين لدرس النهارده،" قالت بسخرية، "دلوقتي كل واحد يطلع الواجب اللي طلبته الأسبوع اللي فات. فكرتكم إنه عليه درجات."

كل واحد فتح شنطته وطلع الواجب اللي خلصوه. بصيت ورايا على تايهيونج اللي كان على بعد ترابيزتين بزاوية ناحية اليمين. بصلي بغضب، وأنا ابتسمت بسخرية. الغريب إنه ابتسم هو كمان بسخرية.

لفيت ناحية شنطتي وفتحتها. طلعت ورقة الواجب، اللي كنت مخلّصاها بتعب كبير الليلة اللي فاتت.

لكن، ويا روفي، برص طلع مع الورق. وقعت الورق وصرخت بأعلى صوتي لما شفت واحد من أقذر المخلوقات اللي بكره أشوفها. كنت هقع لورا على الكرسي، بس قدرت أقف وبعدت عنه. كل واحد في الفصل بصلي، ما عدا تايهيونج، اللي انفجر في الضحك وهو شايفني خايفة من برص.

بس بعد كده دققت النظر. مكنش بيتحرك. أدركت إنه برص بلاستيك مصنوع من مطاط. بصيت لتايهيونج بغضب. "أنت!"

كان لسه بيضحك. شلت البرص البلاستيك ورميته عليه، "أنت اللي عملت كده مش كده؟!"

ضحكته اختفت، يمكن عشان زعل لما رميت عليه البرص البلاستيك. "يا لي هايجين،" وقف ومشي ناحيتي، بيحاول يعمل خناقة.

"إنتوا الاتنين! إيه اللي بيحصل؟!" الأستاذة جيل بصت لينا. كل واحد في الفصل سكت وهو بيتفرج على الدراما اللي بتحصل.

"بتتخانقوا تاني؟" سألت.

"هي اللي بدأت الأول،" تايهيونج شاور علي بصابعه.

"لا! هو اللي حط البرص البلاستيك في شنطتي،" شرحت.

"أنا معملتش حاجة أنا بس كنت-"

"إنتوا الاتنين، بره الفصل دلوقتي. دراعات مرفوعة."

لا تاني. دي بتتكرر للمرة الـ 17 وأنا واقفة بره فصل مدرسة ودراعاتي مرفوعة، مع المجنون ده. بدأت أقلق إن المدرسين هياخدوا إجراءات تأديبية كبيرة ضدي. أنا بس مكنتش بقدر أتحكم في نفسي.

"زهقت من ده،" قولت ورفعت إيدي.

"ده كله غلطتك أنتِ،" قال.

مكنش عندي طاقة أجادل تاني، فضلت ساكتة وكملت واقفة هناك ودراعاتي مرفوعة.

لحسن الحظ، حصتها كانت قصيرة. الجرس رن ومددت دراعاتي كويس.

"كان المفروض أحط برص حقيقي في شنطتك دلوقتي،" قال وضربني بكوعه.

"يا ريت،" قولت وقلبت عيني.

الأستاذة جيل طلعت من الفصل وإحنا افتكرنا إنها ببساطة هتمشي.

"إنتوا الاتنين، امشوا ورايا على المكتب،" قالت.

يا نهار أبيض.

أنا وتايهيونج بصينا لبعض بصة فاضية شوية، وبعدين مشينا وراها على مضض.

بصيت لتحت وإحنا ماشيين للمكتب، بنتبع صوت كعبها وهو بيخبط في الأرض.

لما صوت الخبط وقف، رفعت راسي وبصيت على الباب اللي عليه يافطة مكتوب عليها، "مكتب الناظر". بلعت ريقي. الأستاذة جيل خبطت على الباب ولفته. بعدين، عملتلنا إشارة بعينيها عشان ندخل المكتب.

اتنهدت. أنا هتدمر خالص.






"لي هايجين!" نادى الناظر.
"نعم؟" رديت بصوت واطي.
"كيم تايهيونج!"
"نعم؟" رد هو.

الناظر اتنهد وطلب مننا نقعد.

"ممكن أعرف إيه اللي بيحصل؟" سأل الناظر.

تايهيونج شاور عليا وأنا شاورت عليه. "هو حط البرص البيكيا في شنطتي!" قولت.

"هي رمته عليا."
"أنت اللي بدأت الأول، مين قلك تحط البرص ده في شنطتي؟"
"اخرسي، ده غلطتك، انتي مسمعتيش كلامي!"

كنا هنتخانق، أنا وقفت وزعقت فيه، وهو عمل نفس الحكاية.

"يا جماعة كفاية!" زعقت الأستاذة جيل. بس مكنش ممكن نسمعها عشان كنا مشغولين بالخناق.

"تتوقع إني هخليك تنقل..."

قاطعني وهو غطى بوقي. بعدين بص للأستاذة جيل اللي كانت حواجبها معقودة وبتبص علينا.

"إنتوا معندكوش احترام خالص؟!" أخيراً قدرت تتكلم. "هتنضفوا حمامات المدرسة بعد ما تخلصوا دروس. ومحدش هيمشي لحد ما تخلصوا! فاهمين؟!"

"بس يا أستاذة جيل..."
"مفيش بس! اطلعوا بره دلوقتي!" زعقت.

تايهيونج فتح الباب. خرج من المكتب بعصبية ورزع الباب وراه، بوقاحة.

أنا لفيت بصة محرجة للأستاذة جيل والناظر. "أنا آسفة!" اعتذرت بلطف وبدأت أبعد عشان أمشي. من طرف عيني، شفت الأستاذة جيل والناظر بيهزوا راسهم.

طلعت من المكتب وجريت ورا تايهيونج.

"يااااه!" زعقت. لفلي.

"إيه؟"

"أنت... أنت بجد..." شهقت وأنا باخد نفسي بالعافية، "أنت بجد..."

"طاقتك ضعيفة أوي!" قال.

"ياااااه! يا أنت! لازم أغسل الحمامات بسببك! أنت عارف الحمامات قذرة قد إيه؟ آآآه!" بكيت، كنت على وشك إني أعيط.

"تخس، ضعيفة!" ضحك ضحكة خفيفة ولف عشان يمشي على الفصل. "مش فارقلي!" قال وضهره ليا.

قلبت عيني وكشرت.

بعدين أدركت إنه كان ماشي ببطء أوي. "ليه ماشي كده؟ جدتي ممكن تمشي أسرع منك."

"جدتك ماتت."

"لا، هي ممتتش!" ضربت دراعه. "جدتي لسه عايشة في بلدها. هزورها في يوم من الأيام."

ضحك ضحكة وحشة، "لو بتقولي كده."

قال، "مش همشي بسرعة. دي حصة علوم ومخلصتش بحثي كمان. الأستاذة جين بتزهق وهتديني محاضرة عن إني مخلصتش البحث ومسجلتش ملاحظات وحاجات كده، فهتمشى في المدرسة دلوقتي."

"لازم نعمل بحث؟ عن إيه؟" سألت.

"واو، أنت أسوأ مني."

بما إني مكنتش عملت أي بحث لحصة العلوم، ومكنتش أعرف إني لازم أعمل كده، أنا كمان قررت أتمشى في المدرسة. بصراحة، أنا نفسي مكنتش أعرف ليه اخترت أمشي معاه. أنا بس مشيت.

نزلنا لغرفة الرسم، كان الوضع محرج، مكنش فيه حد في مستوى غرفة الرسم، كان هدوء ومكلمناش خالص. بعدين، جنب غرفة الرسم، شفنا بيانو كبير.

جريت عليه وقعدت.

"أنتي بتعرفي تعزفي ده؟" رفع حاجبه وسند على البيانو.

"أيوة!" قولت وحطيت صوابعي على المفاتيح.

عزفت مقطوعة كنت متعودة أتقنها. غمضت عيني ولسه بعزف بسلاسة. حتى وعيني مغمضة، كنت بقدر أحس بأي مفتاح أعزفه.

قدرت أقول إنه كان معجب بيا أوي - وشه كان ملامحه ثابتة وبوقه كان مفتوح.

"اقفل بوقك، هتخش دبانة!" قولت بعد ما خلصت عزف.

لقيته بيبصلي. حول نظره وبقى ملامحه ثابتة. "يلا نمشي!" قال.

"لفين؟" سألت وغطيت مفاتيح البيانو وأنا بقف عشان أمشي وراه.

ماتكلمش وبقيت فضولية أعرف هو رايح فين.

وصلنا لمخزن، بعيد أوي عن الفصول. كان في نفس الدور، الدور التالت، وكان مهجور أكتر.

"ده!" قال، "ده مخبئي السري."

"أ... أوكيه..." رديت بحرج ودخلت جوه. المخزن كان مليان صناديق وفوضى. كان فيه كمان ازايز فاضية وكام سيجارة مرميين. شفت ورق مرمي على الأرض، ورسومات على الحيطان، وأنا متأكدة إنه هو اللي عملها. كان مكان زبالة. بس كان دافي أوي، مكان مثالي نقعد فيه في الجو البرد ده.

"لما جيت المدرسة دي أول مرة، مكنش عندي حد!" اتكلم فجأة. "لقيت المكان ده، وقعدت هنا كل يوم في الفسحة. لحد ما لقيت جيمين وجونجكوك. دلوقتي بيجوا هنا أوقات يدخنوا كمان."

"بتدخن؟" شهقت.

ابتسم بسخرية وطلع سيجارة من جيبه وحطها في بوقه. كان على وشك يولع الطرف التاني من السيجارة لما ضربت إيده والسيجارة والولاعة وقعوا على الأرض.

"مش دلوقتي، مش بقدر أستحمل ريحة الدخان!" قولت وكتفت دراعاتي.

"طيب ليه بتقوليلي كل ده؟" سألت.

"مش عارف، بس حسيت إني عايز أقول كده!" رد.

فجأة قرب مني وهمس بصوته العميق، "ده سر بينا، متقوليش لحد!"

طلع صباعه الصغير واستناني عشان أشبكه.

حسيت إني غريبة شوية. كنا دايمًا بنتخانق، بس أعتقد إنه خد دوا غلط. بالراحة قدمت صباعي الصغير وشبكته في صباعه، وابتسمت تلقائيًا. هو كمان ابتسم، ودي كانت أول مرة أشوفه يبتسم كده.

أقصد، هو دايمًا بيبتسم، بس دايمًا كان ابتسامة شر، ابتسامة سخرية.

المرة دي، شفته بيبتسم، شكله كان نقي، بريء، زي طفل صغير.

سبت صباعه الصغير وقعدت على كومة صناديق.

"ممكن تيجي هنا في أي وقت تحبي، وتطلعي غضبك، حزنك، زعلك، أي حاجة!" قال، ومكنش باين عليه إنه تايهيونج اللي أعرفه.

جرس المدرسة رن وطلعنا احنا الاتنين من المخزن.

كنا ماشيين ومقدرتش أبطل أفكر في اللي حصل دلوقتي لما فجأة وقف ولفلي.

"إيه؟" قولت.
"إيه؟ عايزة تتفرجي عليا وأنا بعمل بيبي؟" رد. أدركت إننا كنا ماشيين جنب حمام الأولاد.

لفيت بسرعة ومشيت بسرعة عشان أرجع الفصل.

آآه، محرج أوي!

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء