سحر الأمواج - الفصل الثاني

سحر الأمواج 2

2025, كاترينا يوسف

غموض نفسي

مجانا

تدور أحداث الفصل في صيف 2019 داخل أكواريوم ضخم في منطقة سياحية، حيث تعمل آري كحورية بحر في عرض حي يجذب الزوار من جميع أنحاء البلاد. تبدأ القصة بوصف تجربتها وهي تسبح بين الصخور والأسماك، تستمتع بنظرات الإعجاب من الأطفال، لكنها تخفي صراعًا داخليًا حول هويتها وهل هي مجرد فتاة عادية أم حورية حقيقية. تصاعد التوتر يظهر عندما تشعر آري بضرورة العودة لاستنشاق الأكسجين من أسطوانة الغطس القديمة والمتهالكة.

آري

فتاة مراهقة في السابعة عشرة من عمرها، تعمل كحورية بحر في الأكواريوم. قوية السباحة لكنها تعاني من أفكار متشابكة حول هويتها وحياتها.

والد آري

رجل صارم يحب السيطرة على قرارات عائلته، يعارض عمل آري في الأكواريوم لأسباب تتعلق بصحتها النفسية.

لوسي

أخت آري الكبرى، شخصية داعمة تعرف كيف تدافع عن أختها عندما تحتاج ذلك
تم نسخ الرابط
رواية سحر الأمواج

الفصل الأول: الأكواريوم

صيف 2019 (من سنة تقريبًا)
الناس كانوا بصّين عليها. حرارة خفيفة بدأت تسيح في وش آري ونزلت لحد تحت عظمة ترقوتها. خبطت ديلها في الميّه وسبحت بحركة ناعمة على شكل رقم 8. شعرها الأحمر اللامع دار حواليها زي الحجاب، مغطي وشها، وهي بتتحرك ورا الصخور الطويلة اللي في آخر الأكواريوم الكبير.



المفروض تكون اتعودت على نظرات الناس دلوقتي. عادةً ما كانش عندها مشكلة مع ده. بالعكس، كانت بتحب إحساس إنها تبقى محط الأنظار. كانت بتستمتع لما تشوف نظرات الإعجاب على وشوش الناس - خاصة البنات الصغيرين اللي عنيهم كانت بتنور أول ما يشوفوها.


كان لطيف تحس إنها مش غريبة أو "فreak" زي ما دايمًا بتحس. آري فضلت تلّح وتزن على أهلها عشان يقبلوا إنها تشتغل هنا. أبوها كان مصمم هي ولوسي يقضوا الصيف يشتغلوا في واحدة من المحلات اللي بتمتلكها عيلتهم في ممشى Seabreeze Point. لوسي اختارت تشتغل في محل الآيس كريم اللي قريب من هنا - المكان اللي كل مراهقين المنطقة كانوا بيعتبروا قاعدة رسمية ليهم. آري كانت تفضل تموت عن إنها تشتغل هناك.



في مايو اللي فات، أعلنت قرارها لعيلتها بعد العشا، وهي بتبعت لهم رسالة على الموبايل رغم إنهم كلهم قاعدين في نفس الأوضة. آري: "أنا حاسة إني جاهزة أشتغل في الأكواريوم الصيف ده."



"لأ." أبوها قال بصوت عالي وهو مكتّف دراعاته قدام صدره. "مستحيل."



آري: "بس أنا عندي 17 سنة! وكان فيه بنات في سني اشتغلوا هناك قبل كده!" "ممكن تشتغلي عند شباك التذاكر لو عايزة، لكن في الحوض؟ لأ، مستحيل."



استنى بصبر وهي بتكتب ردها الغاضب على الموبايل. آري: "آه طبعًا، هيبقى موقف طبيعي جدًا... الناس هيقولوا "اتنين كبار واتنين عيال"، وأنا هطلع موبايلي وأرد عليهم: "التذكرة بـ17 دولار من فضلكم." طبيعي جدًا!"



"توم." أمها حطت إيدها على دراع أبوها بلطف. "يمكن الفكرة مش وحشة أوي..."



آري لمحت النظرة اللي مرّت بينهم. عرفت إن أبوها بدأ يتردد، ودي كانت فرصتها. رقّقت ملامح وشها وبصت له بعيون واسعة متوسلة وهي بتكتب رسالة جديدة. آري: "لو سمحت يا بابا؟"



أبوها تردد وهو بيخبط بإطراف صوابعه على ترابيزة المطبخ. آري: "أنا سبّاحة قوية. وعارفة أستخدم معدات الغطس. وكل حاجة تحت الميّة، يعني مفيش كلام أصلاً!" "آري..." أبوها تنهد. "أنتِ عارفة الدكتور قال إيه."



آري: "بابا، ده الشغل الوحيد في الكون اللي فعلًا هبقى كويسة فيه!"



كانت لوسي هي اللي حسمت الجدال في الآخر. "بطل نفاق بقى يا بابا." قعدت لوسي على كرسي المطبخ جنب آري وضغطت على دراعها بحركة أختوية متفق عليها بينهم، دايمًا بتعملها لما آري تحتاجها تتكلم بدلها.



"آري هي اللي اقترحت عليك فكرة حوريات البحر أصلاً! دلوقتي بقت واحدة من أكبر مصادر الدخل عندك. الناس بييجوا من نيويورك وفيلادلفيا مخصوص عشان يشوفوا عرض الحوريات الحي في أكواريوم Seabreeze Point!"



في النهاية أهلها وافقوا. آري بدأت شغلها هنا من كام أسبوع وكل حاجة ماشية تمام لحد دلوقتي. ضحكت لوحدها على التورية دي وهي حاطة إيدها على بوقها، وفقاعات هربت من مناخيرها. رئتها بدأت تحرقها دلوقتي. كانت محتاجة تاخد نفس جديد.



في اسطوانة غطس مدفونة في الرمل ورا الصخور، بعيد عن أنظار الناس. آري حطت منظم الهواء في بوقها وسحبت كام نفس عميق.



دي الأسطوانة لازم تتغير قريب، فكرت وهي بتتنفس. بعد الشفت هتبعت رسالة للمدير عشان يبلغهم إنهم محتاجين واحدة جديدة. الأسطوانة دي كارثة مستنيّة تحصل.



مدير الأكواريوم كان سرقها من محل الغطس بتاع Callahan جنب الرصيف 18، بعد ما واحد من مدربي الغطس قرر إنها مش آمنة عشان تتأجر للزبائن. كان فيه بقعة صدأ على جنب الأسطوانة وانتشرت لحد الصمام اللي موصل خرطوم الهواء. حتى الـ O-ring اللي بيمنع التسريب بدأ يتآكل.



آري لاحظت إن كل شوية فقاعة مريبة بتخرج من تحت السدادة. في يوم من الأيام الصمام ده هيطر ويفجر الدنيا. خبطة واحدة قوية ممكن تفكّه وتعمل تسريب كارثي.



ده كل اللي كانت محتاجاه، فكرت آري. أهلها عمرهم ما هيوافقوا تفضل تشتغل هنا لو عرفوا إن فيه مشكلة أمان. هي أصلاً معلقة في الشغل ده بشعرة رفيعة جدًا. أهلها وافقوا يدوها فرصة بشكل مؤقت، لكن دكتورها النفسي كان معارض تمامًا. آري كانت متسمعة كلامهم في الاستشارة السرية اللي حصلت في آخر جلسة ليها. "غير منصوح بيه تمامًا... تعلق غير صحي... هوس محتمل..."



يمكن كلامهم كان صح. هي فعلاً كانت بتقضي وقت كبير من حياتها غرقانة في نفس الأفكار الوهمية. بآخر نفس عميق، آري سابت منظم الهواء من بوقها وسيبته يغوص لأسفل الرمل. حرّكت ديلها المطاطي عشان تدفع نفسها ناحية نافذة العرض العالية اللي طولها عشر أقدام. شوية سمك استوائي كانوا عايمين بهدوء قدام الزجاج، لكن أول ما قربت تفرقوا بسرعة.



معظم الناس كانوا مشيوا خلال غيابها، لكن آري لمحت أسرة جديدة داخلين غرفة العرض من الناحية التانية: أبو وأم وبنت صغيرة، شكلها حوالي أربع أو خمس سنين. البنت فتحت بقها بدهشة وبدأت تشد دراع أمها بحماس.



آري سبحت ناحية الزجاج وعملت شكل قلب بإيديها قدامه. إحساس دافئ بالفخر ملا صدرها وهي شايفة نظرة الانبهار على وش البنت الصغيرة. آري لوّحت بإيديها، وبعدين نفذت شوية لفات سريعة وهي بتدور حوالي نفسها، وشعرها الأحمر اللامع ملفوف حوالي وشها في حركة سريعة زي وهج من اللون القرمزي.



البنت الصغيرة كانت لازقة وشها في الزجاج ومبحلقة من الانبهار. حتى أهلها كانوا باين عليهم إنهم مسحورين، بس مش بآري نفسها. الحقيقة إنهم ماكانوش مركزين أصلاً. آري عرفت النظرة الفارغة اللي ظهرت على وشوشهم. الموسيقى كانت بدأت تشتغل. أذانها التقطت الصدى المشوّه لأغنية SirenSong اللي جاية من السماعات اللي في آخر الغرفة. بس ماكانش ليها نفس التأثير عليها وهي جوه الحوض. التكنولوجيا دي ماكنتش مصممة إنها تشتغل تحت الميه.



البنت الصغيرة كمان باين إنها مش متأثرة بالموسيقى، على الأقل دلوقتي. وده كان نمط لاحظته آري من أول ما بدأت شغلها هنا. لسبب ما، الأطفال ماكانوش بيتأثروا بنفس القوة - خصوصًا الصغيرين اللي اتولدوا بعد ما SirenSong سيطرت على كل أنواع الموسيقى.



الأم كانت بتحاول تسحب بنتها تمشي، بس البنت رفضت. كانت عايزة تشوف آري وهي بتعوم أكتر. آري فهمت من نظرة وشها إن البنت كانت مقتنعة إنها حقيقة. حورية بحر بجد. مش مجرد مراهقة محرجة لابسة لبس سخيف وبتنط في الميه.



المشكلة إن آري ماكنتش متأكدة إن البنت غلطانة. وده السبب اللي خلا أبوها مش عايزها تشتغل هنا من البداية. وده اللي خلّى الدكتور يحذر من الموضوع. لأنهم كانوا عارفين الأفكار اللي آري مش قادرة تطردها من دماغها مهما حاولت.



حورية بحر حقيقية. نص بني آدم، نص سمكة. لما كانت عندها أربع سنين، اتمنحت أرجل واترمى بيها على الشط الرملي في مقابل صوتها. القصص دايمًا كانت مختلفة في المدة اللي المفروض التعويذة تستمر فيها. كام يوم؟ أسبوع؟ سنة؟



بس آري كانت عايشة على البر بقالها 14 سنة دلوقتي. ولا قصة قالت كده - حتى النسخة الأصلية ماجابتش حاجة زي دي. يمكن هانس كريستيان أندرسن كان لخبط في التفاصيل. أو يمكن كله كلام فاضي. رئتيها كانوا بدأوا يضيقوا دلوقتي. عادةً كانت بتقدر تمسك نفسها لثلاث دقايق كاملين، لكن وقتها كان خلاص بيخلص. حوريات البحر الحقيقية مش محتاجة اسطوانات غطس، صح؟



يمكن هي فعلاً عندها هلاوس زي ما كل الدكاترة كانوا بيقولوا. حياتها ماكنتش شبه أي قصة خيالية. لأ، في عنصر مهم دايمًا بيبقى موجود في الحواديت، وكان واضح إنه غايب تمامًا. القصص الخيالية عادةً بتحتاج أمير وسيم.



آري نفخت بقية الهوا اللي كان في صدرها بضيق. لازم تمنع دماغها من التفكير في الاتجاه ده. لو أهلها عرفوا إنها لسه بتفكر كده، أكيد هيشيلوها من الشغل ده. ممكن يجبروا عليها تشتغل في محل الآيس كريم مع لوسي. تقف هناك زي أي حد بائس، بتغرف آيس كريم بالكراميل السخن، بينما كل ولاد مدرستها الحلوين واقفين على الناحية التانية من الكاونتر، مش واخدين بالهم منها وبيعاكسوا أختها.



لأ، آري فكرت. تموت أحسن من إنها تشتغل هناك. لازم تمسك في الشغل ده بإيدها وسنانها. لازم تثبت لأهلها إنها قادرة. الموضوع كان حرفيًا حياة أو موت بالنسبة لها.



في اللحظة دي بالذات، كان الموضوع حرفيًا حياة أو موت عشان تدخل أكسجين لرئتيها. آري لفت بسرعة وراحت ناحية أسطوانة الغطس اللي ورا الصخور. فجأة لمحت حركة خاطفة من زاوية عينها. كان فيه زائر تاني دخل القاعة. المرة دي مش عيلة.



واحد لوحده، تقريبًا في نفس سنها. دخل بسرعة للغرفة، راسه بتلف يمين وشمال مستغرب، وآري وقفت مكانها بدل ما تكمل طريقها ناحية الأكسجين.



رئتيها كانوا بيصرخوا طالبين هوا، لكنها طنشتهم تمامًا. فضول غريب مالوش تفسير دفعها إنها تسبح ناحيته. وفي اللحظة دي بالذات، عينيها قابلوا عينيه لأول مرة.



تعليقات

  1. ليه بتتأخري كل ده الفصل الاول كان من شهر اصلا
    متابعه هنا❤❤

    ردحذف

إرسال تعليق

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء