حب في الجامعة | رواية رومانسية
حب في الجامعة
2025, كاترينا يوسف
رومانسية
مجانا
طالبة جامعية تواجه قلقاً وعلاقة معقدة بوالدها المنفصل عن والدتها منذ طفولتها. تزداد حياتها تشويقاً بظهور "كيران" الغامض الذي يبدي اهتماماً متضارباً بها، مما يثير فضولها ويخلق توتراً جذاباً. تتخلل الأحداث جلسات علاج نفسي تساعد "جيمي" على فهم مشاعرها وعلاقاتها. وبين لقاءات مشحونة مع "كيران" وزيارات شهرية لوالدها، تسعى "جيمي" لفهم نفسها وعلاقاتها المعقدة. تتضمن الرواية صداقة قوية مع "أليس" التي تشاركها تفاصيل حياتها العاطفية.
جيمي
طالبة جامعية تعاني من قلق وعلاقة معقدة بوالدها بعد رحيل والدتها في طفولتها. تبحث عن فهم الذات وتنجذب لشخصية "كيران" الغامضة.كيران
شاب غامض يظهر اهتماماً متضارباً بـ "جيمي"، مما يثير فضولها ويخلق توتراً في علاقتهما.أليس
صديقة "جيمي" المقربة والداعمة، تشاركها تفاصيل حياتها
من كام يوم بس حصلت خناقة في النادي، بس لسه بفكر في كيران ونظرته ليا في الطرقة دي. كمان مش قادرة أبطل تفكير في اللي حصل بعد البوسة اللي بيني وبين الواد بتاع النادي ده، تايلور ولا اسمه إيه. كنت سكرانة ومش مركزة خالص مع واحد تاني، يعني مش فاكرة كل حاجة مية المية في الليلة دي. بس فاكرة كويس اللي حصل بعد ما خلصت رقص وروحت الحمام تاني. بمشي للطرقة اللي فيها الحمامات، وبعمل اللي بعمله. وأنا ببص في المراية بعد كده، لاحظت إن المكياج بتاعي اتمسح شوية حوالين شفايفي. ظبطته تاني وطلعت من الحمام. قبل ما أفهم إيه اللي بيحصل، لقيت نفسي متزقة على الحيطة، وإيدي مرفوعة فوق راسي. كنت هصرخ لولا إني شفت عينين كيران الزرقا قدامي. بيبصلي في صمت، وبينحني شوية عشان يبقى في مستواي، وعينيه بتلف على وشي كله وأنا بتلوى تحته. حسيت بحرارة بين رجليا وكيران بيلحس شفايفه بالبطيء. فخادي كانوا بيتمنوا حاجة، بس مش عارفة بالظبط بيتمنوا إيه وإحنا في مكان عام زي ده. نظراته الجامدة بقت هادية لما أنا اتنهدت بيأس. إني أكون متكتفة على الحيطة مش مشكلة خالص. بالعكس، ده بيعجبني. اللي خلاني أعمل الصوت ده هو إني عايزة ألمسه وهو يلمسني، أكتر بكتير من اللي كان بيعمله. فجأة كيران ساب إيدي وخطى لورا، وتمتم بـ "آسف" قبل ما يمشي بسرعة ويبعد عني ويختفي في وسط الناس اللي بترقص. "جيمي؟" أنتوني بينده عليا من مكتبنا، "خلصتي النسخ دي ولا لسه؟" اتنفست بصوت واضح وبصيت على البرينتر اللي قدامي، وادركت إن النسخ اتطبعت خلاص بس أنا كنت سرحانة وباصة على الحيطة. "آه اه، جاية." السخرية في الكلام ده مش غايبة عني. طلعت على المكتب وحطيت النسخ قدام أنتوني. "شكراً. زهقت إني لازم أعلق دول في كل حتة، وخصوصاً لما بعملها لوحدي. محتاج راحة،" بيتذمر. "أنا عايز أقعد هنا وأرد على التليفونات بس." لف بكرسيه وبصلي، وعامل عينين كلب صغير بكل قوته. "لأ، لأ. مش أنا، لا يا باشا. مش عايزة ألف الحرم الجامعي وأعلق دول لوحدي أنا كمان." هزيت راسي وربعت إيدي، وقعدت قصاد أنتوني على مكتبي أنا. "خلاص، خدي كيران معاكي،" أنتوني عمل حل وسط لما كيران دخل من أوضة التكنولوجيا على منطقة المكاتب. "رايح فين؟" كيران سأل وهو باصص لأنتوني بس مش عايز يبص ناحيتي. "مع جيمي عشان يعلقوا البوسترات دي. معرض التكنولوجيا الغبي ده هيجنني. أرجوك. هبقى مدين لك بواحدة. أو مش هطردك وخلاص." أنتوني ضحك على نكتته البايخة وكيران باصص على الأرض. "ممكن متجيش تاني بعد ما تخلصوا، الدنيا هادية دلوقتي." أنتوني عارف إن فيه حاجة غريبة بتحصل بيني وبين كيران، فعارفة إنه عمل كده قاصد. سألني عن الموضوع ده إمبارح، بس مرضيتش أقول أي حاجة. بس سألني لو "معجبة" بكيران ووشي احمر، فتهيألي هو كده عرف الإجابة. بدأت ألم البوسترات وأجيب حاجات تانية عشان أعلقها بيها، زي الدباسات والشريط اللاصق. معنديش طاقة أتخانق مع أنتوني دلوقتي، فوافقت على طلبه. وقفت وعدلت الفستان الصيفي بتاعي شوية لتحت، بحاول أظبط نفسي عشان أبقى شكلي كويس. ده آخر أسبوع ولا حاجة في الجو الدافي، فلازم أستغل الفرصة دي على قد ما أقدر. لبس البناطيل طول الوقت أسوأ حاجة. وكمان، بصة كيران ليا في الفستان كانت تستاهل. شلت شنطتي وبصيت لقيت كيران واقف قدامي، جاهز عشان نمشي. عينيه ثبتت عليا للحظة قبل ما يهز راسه، وكأنه فاق من حاجة. أكيد كان جري عشان يجيب حاجته وأنا كنت بلم حاجتي. كح شوية، بيحاول يعمل نفسه عادي بعد اللي حصل ده. "تمام. نروح فين الأول يا جيم؟" وقفت مكاني ورفعت حاجبي. جيم؟ إيه الخرا ده؟
"آه. ممكن نلف المبنى ده ونحط بوستر على كل لوحة، وبعدين نروح الساحة." كيران حس بإحراجي واعتذر عن الاسم الدلع. "آسف، تخيلت إني مفروض ما أناديكييش بحاجة غير اسمك الكامل. خصوصاً إنك عارفة، أنا أصلاً معرفكيش كويس." ضحكت بتوتر، "امم، لا عادي. محدش ناداني 'جيم' قبل كده، وده غريب شوية، بس بصراحة استغربت أكتر لما جت منك أنت. ممكن تناديني كده لو عايز." يا لهوي، أنا فعلاً ضحكت كده؟ يا كسوفي. كيران تمتم بـ "تمام" وإحنا واقفين عند أول لوحة برا المكتب عشان نعلق بوستر. "عايزين نقسم نفسنا ونخلص بسرعة؟ ولا نفضل مع بعض؟" سألته، بحاول أضيع التوتر اللي حوالينا. لفيت ودوست البوستر بالدباسة على اللوحة. لخبطة المشاعر اللي منه دي محيراني، لإني كل اللي بفكر فيه دلوقتي هو لما زقني على الحيطة. "نفضل مع بعض،" كيران قال بسرعة. لفيت ناحيته تاني، وعيني جت في عينه. اتدارك نفسه وبص على الأرض تاني، وسرح شعره على جنب. "مش عايز ألف الحرم الجامعي لوحدي بصراحة." مترددة، مديت إيدي ولمست دراعه. "تمام، مفيش مشكلة. يلا بينا." سيبت دراعه، مش عارفة إيه اللي خلاني أعمل كده أصلاً، وشلت شنطتي ومشيت للحتة اللي بعدها. مسمعتش صوت خطوات جنبيه، فبصيت ورايا عشان أشوف صاحبي. لقيته باصص على دراعه، الحتة اللي لمستها. اتنفست بصوت واضح عشان أشوف ده هيطلعه من حالة التجمد اللي هو فيها ولا لأ. نفعت، لإنه بص عليا، وعينيه بترمش بسرعة كأنه بيحارب دموعه. يا ترى كان بيفكر في إيه دلوقتي؟ باقي الوقت اللي قضيناه بنلف الحرم الجامعي كان عادي، أو عادي على قد ما يكون عادي بالنسبة لينا. كيران قال كام نكتة، وحسيت إن ده طبعه العادي. هو فعلاً دمه خفيف بس اللي مش فاهماه هو ليه مش بيظهر ده كتير. شكله بيكون هادي أغلب الوقت، مش كأنه خجول، بس هو مش عايز يشارك أي حاجة مع أي حد. بس قال لي إنه بيروح الجامعة دي من أول سنة في الكلية. هو في تالتة زيي فمستغربة إني مشفتهوش قبل كده. "كيران، شكراً إنك ساعدتني. مكنتش عايزة أعمل ده لوحدي بجد. مش عارفة أنتوني بيعملها إزاي." "أيوة، مفيش مشكلة. هو بني آدم كويس، حتى لو هددني بالطرد." كيران ضحك وسرح شعره بإيده، وبص على الأرض تاني ومش باصص في عيني. التيشيرت التكنولوجي الأخضر بتاعه اترفعت شوية وهو بيعمل كده، ولمحت بطنه المشدودة.
ضحكت معاه وإحنا ماشيين راجعين مكتب التكنولوجيا عشان نسيب الحاجات اللي م استخدمناهاش. "عايز نقف نشرب قهوة بسرعة؟" سألته وإحنا داخلين على الكافيه اللي في المبنى بتاعنا. "آه، أكيد. على حسابي." "لأ، مش لازم تعمل كده،" اعترضت. "أنت اللي ساعدتني النهارده." "أيوة، عارف. بس حسيت إني مدين لك بواحدة لإني كنت غريب معاكي أوي. وعشان موضوع النادي." كيران مبصش عليا وهو بيهمس آخر جزء من كلامه. كيران طلب موكا كراميل مثلجة وشاورلي أطلب أنا من الباريستا. طلبت اللاتيه الكراميل الدايت بتاعي وبعدين هو دفع. مش عارفة أقول إيه رد على كلامه. بعد كام لحظة وإحنا مستنيين المشروبات بتاعتنا، قولت بهدوء، "عشان تبقى عارف، أنا مكنتش زعلانة أوي على الموضوع اللي بتتكلم عنه ده..." بصيت على كيران من طرف عيني، بستنى أشوف رد فعله. هو كان باصص لقدام، بس شفت رعشة بسيطة في شفايفه. نزل عينيه على الأرض وتمتم، "أيوة، تخيل أنا كمان مش زعلان أوي."
بعد كام يوم، وأنا سايقة راجعة البيت عشان أشوف بابا، أليس بتتصل. وصلت تليفوني بالبلوتوث ورديت. "يا بت! كنتي فين؟" صرخت أول ما المكالمة اتوصلت. "آسفة يا جيم. كنت مشغولة أوي مع المحاضرات. وكمان... ممكن يكون قابلت حد،" أليس ضحكت بصوت خفيف. أليس مبتضحكش كده أبداً. إيه اللي خلانا احنا الاتنين نضحك فجأة؟ "امم، فين؟ ليه لسه بسمع عن الموضوع ده دلوقتي؟" "مكنتش عايزة أبوظ الدنيا. أنت عارفة حظي عامل إزاي! قابلته في النادي الليلة التانية دي وأنتِ كل شوية رايحة الحمام. رقص معايا شوية وبعدين اداني رقمه في آخر الليل. خرجنا كام مرة نشرب قهوة ونذاكر الأيام اللي فاتت دي. دمه خفيف أوي وكمان شكله حلو." أليس طايرة من الفرح وأنا فرحانة عشانها. هي عادةً مبتبقاش معجبة بحد كده، يبقى الشخص ده عمل فيها شغل جامد. "أنا مبسوطة لك أوي. مش لازم تقوليلي تفاصيل كتير دلوقتي يا ست المتفائلة، بس مستنية التفاصيل في وقت ما!" "وعد. طيب، فيه أي جديد من ناحيتك أنتِ؟" اتكلمت مع أليس عن يوم شغلي مع كيران من كام يوم. شرحت لها إزاي هو مضحك بس إزاي بيقلب الموضوع بسرعة. حتى حكيت لها عن تعليقه عن النادي. "استني استني. ارجعي ورا. إيه اللي حصل في النادي ده؟!" أليس صرخت. يا لهوي. اتضايقت شوية، لما افتكرت إني محكتلهاش عن الموضوع ده. مش عارفة ليه بس كنت عايزة أخليه سر لنفسي شوية.
"زقني على الحيطة برا الحمام، بعد ما كنت برقص مع الواد التاني. فضل باصص على وشي كام لحظة وهو ماسك إيدي فوق راسي. كان الموضوع... مثير شوية،" ضحكت، ومكسوفة شوية. "ده شكله كان سخن. يا لهوي. بس مش كان بيبوس واحدة تانية قبل كده؟" "متفكرنيش. مش فاهمة إيه اللي بيحصل معاه. كل اللي أعرفه إني محتاجة أتكلم عن الموضوع ده في العلاج ومحتاجة أبعد عن الموقف ده شوية. فيه توتر كتير أوي لما بكون حواليه ومحتاجة طريقة أكسر بيها التوتر ده." "طيب، أنا عارفة إزاي ممكن تطلعي شوية من التوتر ده..." "متكونيش منحرفة يا أليس." ابتسمت على تعليقها وقولتلها إني قربت أوصل بلدي وهبعتلها رسالة بعد معاد دكتور العلاج بتاعي. قفلت المكالمة وسقت كام دقيقة كمان لحد ما ركنت عند مكتب الدكتور بتاعي. نزلت من عربيتي الجيب البنفسجي المستعملة اللي بتشرب بنزين كتير ودخلت المكتب، ولاحظت إنهم أكيد عملوا شوية تغييرات في الديكور مؤخراً. "أهلاً يا سو. فيه دهان جديد على الحيطان؟" سألت موظفة الاستقبال. "أيوة يا حبيبتي. شكراً إنك لاحظتي. فكرنا نغير الجو شوية." رفعت حواجبي ليها كإني بسألها إزاي اللون البيج ده يعتبر "تغيير جو". "مش عارفة يا جيم. مش عارفة." ضحكت على رد فعلي وخلصت إجراءات دخولي، وقالتلي إن ستاسي هتكون متاحة قريب. جلساتي الشهرية مساء الجمعة بتكون أحسن حاجة لإني عادةً بكون آخر واحدة في المكتب، وبعرف الموظفين أكتر من المرضى التانيين. كمان بقالي سنين بشوف ستاسي، فعارفة الموظفين بتوعها كويس. ستاسي عندها عيادتها الخاصة ومعاها دكتورة علاج نفسي تانية، وهما بيشتغلوا مع بعض بقالهم كتير. المكتب الصغير ده كان دايماً مكان آمن ليا أجي فيه بمشاعري لما مكنتش مرتاحة أشاركها في أي مكان تاني. "جيمي؟" وقفت ومشيت ناحية مكتب ستاسي وهي فاتحة لي الباب. "أهلاً يا جيمي، عاملة إيه؟" ستاسي ابتسمت لي وسرحت شعرها الأشقر على كتفها وقفلت الباب وراها. "آه، زي العادة يعني." دي بتكون تحيتي المعتادة لستاسي في بداية كل جلسة من جلساتنا. بقت طقس من كتر ما حياتي كانت أي حاجة غير "عادية".
في جلستي مع ستاسي، اتكلمنا عن قلقي وهوسي الخفيف في أول الأسبوع بنظافة الشقة. شرحت لها إن أليس لسه بتساعدني في الموضوع ده، وده ناجح لحد دلوقتي. اتكلمت معاها كمان عن توتري وأنا رايحة البيت أشوف بابا بعد جلستنا، وده موضوع بيتكرر كتير في كلامنا. وفي الآخر، موضوع كيران والمشاعر اللي حسيتها ناحيته طلع على السطح. "شكله كده عامل زي السخن والبارد. تفتكري ليه كده؟" ستاسي سألت بفضول بعد ما شرحت لها موقفي الحالي مع "السيد الغامض"، زي ما أليس بتسميه. "مش متأكدة بصراحة. كأنه بيبصلي، بيبصلي بجد، وده بيأثّر فيه بطريقة ما. مش عارفة لو بفكرّه بحد وده بيخليه أقل انفتاحاً ولا بيخليه أكتر انفتاحاً. ممكن الاتنين؟ شكله بيكون واثق من نفسه أوي ساعات وساعات تانية بيكون قافل على نفسه." "إيه إحساسك تجاه تصرفاته دي؟" "متلخبطة، أعتقد. بصراحة هو واخد عقلي. مش فاكرة إن ده بيأثّر عليا بالسلب في ثقتي بنفسي أو قيمتي دلوقتي. أعتقد الموضوع كله إني بفكر كتير في اللي هو بيفكر فيه وإيه اللي ممكن أكون عملته عشان يبصلي بالطريقة دي. أنا كمان منجذبة له جداً فأكيد ده جزء من الموضوع." ضحكت على اعترافي وستاسي ابتسمت لي. أنا مبسوطة إني بقدر أكون صريحة معاها كده. "أنا مبسوطة إنه مش بيأثر عليكي على قد ما أنتِ شايفة، بس شكله كده أنتِ شايفة نفسك أقل شوية. تصرفاته دي ملهاش علاقة بيكي. أنتِ عملتي معاه 'شغل العلاج النفسي' خلاص لما حاولتي تحللي إيه المشكلة، زي مثلاً لما قلتي إنك ممكن تكوني بتفكريه بحد. ده كويس. بس متفكريش فيها على إنها 'إيه اللي ممكن أكون عملته' عشان يخليه يعمل كذا وكذا وكذا. أنتِ معملتيش حاجة. الكلام ده منطقي؟" هزيت راسي لستاسي، فاهمة قصدها. معنديش أي فكرة ليه تصرفاته مضايقاني أوي كده، بس بجد عايزة أعرف عنه أكتر. "ده كل الوقت اللي عندنا يا جيمي. أشوفك الشهر الجاي؟" ستاسي وقفت بالراحة وادتني نظرتها المعتادة اللي فيها تعاطف، عارفة إني لازم أروح أشوف بابا دلوقتي. هي عارفة قد إيه أنا بكره الموضوع ده. "أنتِ عارفة رقمي لو حصل أي حاجة." "شكراً يا ستاسي."
سقت العشر دقايق لحد بيت بابا، عارفة إني مش مستعدة أشوفه دلوقتي بالظبط. بابا هو عيلتي الوحيدة وبحبه أوي، بس لو قولت إن عندي "عقدة أب" يبقى ده كلام خفيف. بابا كان دايماً بيحب فكرة إنه يكون عنده طفل، بس عارفة إنه كان عايز ولد. بصراحة، أعتقد إنه كان عايز فريق كورة كامل من الأولاد. أنا عمري ما كنت رياضية، بس حاولت أقضي وقت معاه وأنا صغيرة عن طريق إني أتفرج على أفلام خيال علمي وألعب ألعاب فيديو. كان بيعاملني كإني النسخة الصغيرة منه، وأعتقد إني فعلًا كده في حاجات كتير. ومع فكرة إنه شايفني نسخة مصغرة منه، كان كمان عنده نفس التوقعات مني. كان عايزني أجيب شهادة في تكنولوجيا المعلومات وأشتغل معاه في الشركة اللي بيديرها. ده مكنش بيهمني وأنا صغيرة ولسه مش بيهمني دلوقتي. هو بيكره إني اخترت طريق العلاج النفسي لإنه حتى لو العلاج النفسي أثبت إنه أحسن حاجة حصلت لي في حياتي، هو مش مؤمن بيه. ركنت عربيتي في الجراج وأخدت نفس عميق قبل ما أنزل وأجيب شنطة الليلة الواحدة من الكنبة اللي ورا. دخلت من الباب الأمامي بعد ما خبطت مرة واحدة، عارفة إنه هيكون مفتوح عشاني. "يا بابا، أنا وصلت." سمعت صوت خطوات نازلة من السلم اللي على يميني. "أهلاً يا حبيبتي. كويس إني شفتك. كان عامل إيه معادك؟" على الأقل لسه بيسأل عن مواعيدي، دي حاجة كويسة. "كان كويس. ستاسي بتسلم عليك." "تمام أوي. أنا معملتش عشا. كنت بفكر نطلب أكل من برا ونتفرج على فيلم؟ إيه رأيك؟" "هايل،" اتضايقت جوايا. ده نفس الروتين اللي بنعمله من ساعة ما روحت الجامعة. باجي البيت مرة في الشهر عشان مواعيدي وأزوره، بناكل من برا ونقضي وقت نتفرج على فيلم أو نلعب ألعاب فيديو. مفيش حاجات تانية كتير في علاقتنا دلوقتي وده بيأثر عليا أكتر ما كنت عايزة. من ساعة ما قررت إني مش همشي في طريق تكنولوجيا المعلومات، مبقتش باخد اهتمام كتير وده شيء اتعودت أتقبله. "يلا نجيب أكل من المكان الجديد اللي في آخر الشارع. عندهم فراخ سمسم تحفة." "تمام، كويس. ممكن تطلب لي اللي عادةً بطلبه من أي مكان تاني؟ أنا هطلع أوضتي بسرعة وبعدين هنزل." "أكيد." طلعت السلم لأوضتي اللي قضيت فيها طفولتي، وقفت في الطرقة أبص على صوري اللي مالية الحيطان. البيت ده شكله عامل زي متحف حياتي، فدايماً بحس فيه برهبة. اترعشت شوية وأنا بفتح باب أوضتي. حطيت شنطتي على السرير، وقعدت وأخدت الصورة اللي على الكومودينو اللي جنب سريري. حضنت البرواز على صدري، متضايقة من نفسي إني لسه محتفظة بصورة ماما دي جنب سريري طول الوقت ده.
في الصورة، ماما شعرها أحمر طويل. حاضناني في حضنها وهي قاعدة على زحليقة في جنينة، وابتسامة كبيرة على وشوشنا. ماما مشيت لما كان عندي تلات سنين، فمش فاكرة حاجات كتير عنها. الصورة دي هي اللي ببص عليها لما بحاول أتخيل ذكريات أنا اللي مألفاها في دماغي. بابا دايماً بيأكد لي إن مشيها مكنش له علاقة بيا، بس إزاي ميكونش له علاقة؟ برافو لستاسي إنها بتساعدني في العقدة دي في العلاج. رجعت البرواز مكانه، وطلعت تليفوني من جيبي وبعتت رسالة سريعة لأليس. أنا: وصلت. صيني النهاردة، يا مفاجأة. أليس: كويس إنك وصلتي بالسلامة. على الأقل أكل ببلاش! استغلي الفرصة. عاملة إيه مع ستاسي؟ أنا: عندك حق. #طالبة_جامعية_مفلسة كانت كويسة مع ستاسي. مش قادرة أستنى لما أرجع بكرة. بحبك! أليس: وأنا كمان بحبك. استحملي! "يا جيمي، هتنزل؟ كنتي عايزة تتفرجي على فيلم إيه؟" بابا زعق من تحت. اتنهدت بضيق. هو يوم واحد بس في الشهر، فمفروض ميكونش عندي صعوبة كبيرة إني أكون هنا. الموضوع صعب لما بحس إني مش متقبولة في عيلتي. مش بس بابا مبقاش بيظهر كتير، لكن كمان مفيش حد من عيلته موجود في حياتي. هو مبيردش سيرة أجدادي، بس عارفة إنه معندوش إخوات. دايماً كنت بستغرب إيه اللي حصل اللي خلانا غربا عن كل الناس دي. مش غريبة إني احتاجت علاج نفسي كتير أوي كده.