روايه البلدة الخفية
البلدة الخفية
2025, أدهم محمد
تاريخية
مجانا
بلد مستخبية تحت الأرض، الفصول الأربعة فيها مش معناها صيف وشتا، دي معناها حروب على المكانة والجواز. وسط الدسائس والفضيحة، عيلة "إيفرارد" الغنية بتواجه تحدي كبير: بناتهم لسه متجوزوش. وفجأة، الأخ الكبير "بينديكت"، اللي الكل شايفه غامض وجاد، بيعلن إنه هيتجوز، الخبر ده بيقلب الدنيا في العيلة كلها، وخصوصًا عند المربية "أجاثا" اللي بيثير فضولها دايماً.
أجاثا
هي مدرسة. ليست من طبقة النبلاء ولكنها متعلمة جيدًا. تعمل لدى عائلة "إيفرارد" وتحب القراءة والعلوم ولكن توائم "إيفرارد" يفضلون القصص الرومانسية. تتميز بذكائها وهدوئها، ويبدو أنها تكن فضولًا خاصًا تجاه "بينديكت إيفرارد".إيما
واحدة من أصغر بنات "إيفرارد"، وتُعتبر توأمًا لإيزابيلا رغم الفارق البسيط في السن. مرحة ومغامرة، وتبدو متمردة على فكرة الزواج والقيود الاجتماعية، وتفضل الحرية.ليدي
والدة الأبناء الثمانية، سيدة قلقة على مستقبل أبنائها، خصوصًا بناتها اللاتي لم يتزوجن بعد. تحاول جاهدة تزويج بناتها وتصف تصرفاتهن بالطفولية أحيانًا.
في بلد مش بعيد، كان فيه مكان عايش في الماضي. المؤسسين سموه "البلدة". اسم غريب لمكان، ومكانه خلاه أغرب. تحت الأرض، البلدة كانت مستخبية، أسرارها متلمستش. تحت صخور عالية ضخمة، المكان اللي جمال الطبيعة قابل شطارة البشر، كهوف واسعة اتقلبِت لمدن مليانة حياة. هنا، الأرض اتشكّلت لقرى صغيرة وطرق متعرجة، وفوق الرؤوس، الفتحات الضخمة اللي سموها "خروم" كانت بتخلي شمس وهوا نضيف ينزلوا لتحت. وسط المتاهة اللي تحت الأرض دي، أهل البلدة – نبلاء وتجار وعمال زي بعض – كلهم كان ليهم هدف واحد: يعرفوا يتعاملوا مع الفصول الأربعة ويستمروا في الحياة. فصول البلدة مكنتش تعني دفء الشمس اللطيف أو صوت المطر الهادي، ولا حفيف ورق الشجر اللي وقع أو سكون التلج. لأ، خالص. العناصر اللي فوق الأرض كانت بتبعد عن الدورات الخطيرة في البلدة، عشان هنا، الفصول الأربعة كانت معناها حرب. كل ربع سنة كان ساحة معركة مليانة دسائس وطموح. معركة يائسة على المكانة والجواز. الجنود؟ أمهات بتعرف تتلاعب، بنات لسه طالعة ومستعجلة، ورجالة مش عايزة. أسلحتهم، ممكن تسأل؟ دهب العروسة بيتشال زي السيف، الفساتين زي الدروع (أو عدم وجودها كمناورة ذكية)، فن الإغراء كخنجر متخبي في دانتيل ومحادثات مثيرة، والأقوى من كل دول: الفضيحة. حلوة ومخيفة، مستعدة تدمر السمعة والعلاقات على حد سواء. فصل "الشيلز" كان بين يوليو وسبتمبر. وبالرغم من سمعته عن الحفلات الباهتة والترفيه الممل، الفصل ده كان بيوعد برومانسية ملهاش مثيل. الفصل اللي فات ده كان مجرد مشي بطيء لأقل فصول إثارة على الإطلاق. فصل "جرانفيل" اللي كان بيتعمل في أكتر بلدة متدينة، كان أكتر فصل فيه قيود. الفساتين متكنش ينفع تكون تحت عضم الرقبة، ولا ست واحدة تمشي في قاعة الرقص من غير جوانتي، والأدب الاجتماعي كان بيطلب مسافة متقلش عن خمسة قدم – أي مخالفة للقاعدة دي كانت بتنتهي بالجواز تحت أنف رجل ورع مدين. بس الأجرأ والأيأس هم اللي كانوا بيستجرأوا يتحدوا الفصل ده، ويا رب أرواحهم الشجاعة ترتاح في سلام لحد اللعنة الأبدية. آمين. الأمل كان بيرجع تاني مع بداية يناير في فصل "ويلوفير". لما البرلمان بيكون في جلسة، الأمهات وبناتهم كانوا بيفرحوا لما بيقلعوا فساتينهم المرعبة. النفوس الشجاعة دي، البطلات الحقيقيات لساحة المعركة الاجتماعية، كانوا بيخططوا للجوازات والخطوبات بتفاصيل موجعة، من المجوهرات اللي بتلمع اللي بتزين شعرهم لحد الحرير حوالين رجليهم الرقيقة (نعال قوية للرقص المستمر أفضل بكتير). للي بيعتبروا نفسهم يستاهلوا، فصل "ويلوفير" كان بيوعد بسحر لو الواحد عرف يعمل الخلطة الصح من الشقاوة والأدب. بس مفيش حد يقدر يختلف إن أكتر الفصول المنتظرة والفاضحة على الإطلاق كان فصل "ويكهيرست". كان أكتر بكتير في التبذير من باقي الفصول، ودي كانت مناسبة السحر الشقي. الست مكنش ينفع أبداً تحضر فصل "ويكهيرست" وهي لابسة أقل من منافساتها. الجوانتيات، اللي يا دوب أرق من الهمس، كانت بتضمن إن مفيش راجل يقدر ينكر الدفء الرقيق للمسة البنت. الفساتين كانت خفيفة على قد ما مصممين الأزياء يقدروا يعملوها، عشان لو الراجل كان غبي لدرجة إنه مياخدش باله من اللمسة الرقيقة، أكيد مكنش هيكون أعمى لدرجة إنه مياخدش باله من جاذبية جسم الست. ده كان فصل أحلام كتير من البنات اللي لسه طالعة. وبالنسبة لكتير من الرجالة، كان مكان صيد لمهر أكبر (الجوانتيات الخفيفة والفساتين الخفيفة مكنتش دايماً أحسن أسلحة للي ميعرفوش يستخدموها كويس). وفي الوقت اللي قادة البلدة كانوا بيتقابلوا مع المجلسين للجولة التانية من اللعبة السياسية للسنة، باقي المجتمع الراقي كان لابس دروعه الأنيقة، خبيثين بشكل مستخبي زي ما المفروض يكونوا. الجوازات الفاضحة، المليانة شغف وغضب خلال فصل "ويكهيرست" مكنتش حاجة غريبة. وده كان صح، عشان الربع التاني من السنة كان أحسن تسلية. بعد كل ده، مين مش عايز يشوف فضيحة حلوة؟ والأكتر من كده لو الفضيحة دي كانت فيها حد من عيلة "إيفرارد"؟ أي حد هيتفق إن الشغل عند أغنى عيلة في "ويكهيرست" كان فرصة الكل بيتمناها، وبالأخص لو العيلة دي كانت عيلة "إيفرارد". العيلة دي مجاتش من أصل بسيط. هما اتولدوا في عز، أو بالأصح، ورثوه. تاريخ عيلتهم المحير بيقول إنهم كانوا من أوائل الناس اللي جم مع المؤسسين عشان يبنوا البلدة من قرون فاتوا. بجانب ألقاب وعقارات لا تعد ولا تحصى، عيلة "إيفرارد" كانت بتملك كمان المناجم اللي بره "ويكهيرست"، وخط المجوهرات الفاخر بتاعهم كان بيزين كتير من صفوة البلدة. ثروتهم ومكانتهم كانت حق مكتسب متوارث بعناية لقرون. اسمهم كان بيجيب حلم الثراء والفخامة. كل الناس كانت عايزة تبقى صاحبتهم وكل الناس كانت عايزة تبقى سلف لورثتهم. بس نسل "إيفرارد" الحالي كان على وشك الموت البطيء. الأطفال، كلهم تمنية، مكنوش مستعجلين إنهم يجيبوا لأمهم الحية، السيدة "أليس إيفرارد"، حفيد. والأسوأ من كده، إن الأطفال كانوا بيعتقدوا إن مستقبل المربية أهم بكتير من إنهم يلاقوا مستقبل ليهم هما. "أنتوا الاتنين هتظهروا في الموسم ده. مش هتحتاجوا أجاثا تاني"، قالت السيدة "أليس". أصغر طفلين من عيلة "إيفرارد"، إيما و إيزابيلا، بصوا لأمهم بسرعة، وعنيهم كانت مفتوحة على آخرها من الرعب. "بس يا ماما!" قالوا في نفس واحد. "أجاثا بقى لها معانا سنة وسبع شهور بس!" صرخت إيما. "يا دوب علمتنا أي حاجة لحد دلوقتي!" إيزابيلا ضافت. "أنتوا اتعلمتوا كفاية من السنين الكتير والمربيات الكتير اللي جم ومشيوا. أنتوا الاتنين هتعملوا كويس لو بطلتوا تتصرفوا زي الأطفال،" قالت أمهم بهدوء وسهولة، وكأن أحدث مشاغبة لبناتها الاتنين مكلفتهاش عربية وعجلتها وحصان ضايع. أجاثا فضلت ساكتة في ركن، شفايفها بترسم ابتسامة مستخبية. هي مكنتش عايزة حد يقول عليها مربية. المربيات عادة كانوا ستات من طبقة النبلاء الصغار اللي بيلاقوا نفسهم محتاجين يكسبوا فلوس. أجاثا كانت محتاجة فلوس، بس هي مكنتش من النبلاء. هي كانت مجرد خادمة لحد ما معلمتها السابقة، ماري هافرستون، علمتها القراءة ووفّرت لها مدرسين عشان تكمل تعليمها العالي. هي كانت بتفضل إنهم يقولوا عليها مدرسة بدل مربية، وهي كانت عارفة إن عيلة "إيفرارد" عارفين ده كويس جداً. هي نادراً ما كانت بتدي تلامذتها دروس عن الأتيكيت الصح أو الأدب، عشان لو ركزوا فيه، كانوا أحسن منها. خبرتها كانت في الحساب والعلوم، بس التوأم، بالرغم من إمكانياتهم الكبيرة، مكنوش بيبينوا اهتمام كبير بالمواد دي. في الحقيقة، هما كانوا بيحبوا القصص أكتر – الرومانسية بالذات. إيما و إيزابيلا إيفرارد مكنوش توأم بجد. هما اتولدوا بفارق تسع شهور بس، وإيما كانت الأصغر فيهم. اتولدت بدري، وكل الناس كانت فاكرة إنها مش هتعيش. لكن، إيما المغامرة والذكية جداً كبرت وبدأت تعمل مشاكل جنب أختها الكبيرة، إيزابيلا. كل الناس كانت بتقول عليهم توأم، وهما مكنوش بيعترضوا. الاتنين كان شعرهم أسود وعنيهم خضرا زي كل أطفال عيلة "إيفرارد"، بس إيما كان وشها أنحف شوية بينما إيزابيلا كان وشها مليان من الأطراف. "أنتوا الاتنين لازم تلاقوا عريس قبل الموسم الثاني أو الثالث ليكم،" صوت السيدة "أليس" كان بيقول، وده رجع انتباه أجاثا تاني جوه صالون عيلة "إيفرارد" الكبير. "هي لازم تلاقي عريس الأول،" قالت إيزابيلا وهي بتشاور على أختهم الكبيرة، مارجريت، اللي كانت قاعدة بهدوء على كرسي وكتاب في إيدها. مارجريت، زي أجاثا، كانت عدت سن الجواز وهي عندها سبعة وعشرين سنة. أجاثا كانت دايماً بتتساءل ليه الست دي مفيش عندها أي اهتمام بالجواز. مش عشان مكنش عندها عرسان، بالعكس أخت "إيفرارد" الخامسة كانت من أكتر الناس اللي بيتمناها في "ويكهيرست". مع شكل عيلة "إيفرارد" المميز من الشعر الأسود والعينين الخضرا، أنفها الرقيق وبشرتها المشرقة ضافوا لمسة من الكمال لجمالها. بس عقلها الذكي هو اللي كان بيدهش أجاثا أكتر حاجة. مارجريت كان ممكن تتجوز أي حد تتمناه. "أنا مش فاكرة إني—" بدأت مارجريت، بس إيما قاطعتها وقالت، "مش لازم نتجوز بجد،" وهي بتقلب عينيها. "لو جبنا أطفال، مش هياخدوا اسم "إيفرارد". فليه نتعب نفسنا بجد؟ عندنا الإخوة اللي يجيبوا ورثة كتير للألقاب اللي عمرنا ما هنورثها." "طب، أنا عكسك أنتي وماجي، أنا ناوية أتجوز. بس أتفق إن دلوقتي مش الوقت المناسب،" إيزابيلا قالت لإيما، وهي بتقوم من مكانها. "عشان كده لسه فيه حاجة لأجاثا." "ممكن تبقى رفيقتي،" اقترحت مارجريت، وعينيها نورت فجأة من الحماس. "أجاثا، تحبي تكوني رفيقتي؟" "هتبقى رفيقتنا لو اختارت إنها تبقى رفيقة يا ماجي،" إيما اعترضت. أجاثا كحت عشان تكسر صمتها. "أنا بتفق إن خدماتي كمربية مبقتش ضرورية لأي واحدة فيكم،" قالت للتوأم. التوأم بدأوا يعترضوا، بس أجاثا كملت بهدوء وقالت، "أنتوا الاتنين عندكم سبعة عشر سنة وهتظهروا لأول مرة في موسم "جرانفيل" ده." "هموت في الموسم ده، أقسم بالله،" إيما قالت، وهي بتقلب عينيها. "لو مش من الملل الشديد، يبقى أكيد من الياقات العالية السخيفة." "أجاثا هتكون الرفيقة المثالية للموسم الأول لينا،" إيزابيلا قاطعت. "أنا مش شايفه إن فيه دور ليا هنا—" "زي ما قلت، ممكن تكوني رفيقتي،" مارجريت أصرت. "أنتِ عملياً فاتك سن الجواز يا ماجي،" إيما قالت بملل. "مش محتاجة رفيقة." السيدة "أليس" تنهدت تنهيدة طويلة. "إحنا خرجنا خالص عن موضوعنا الأول. كنا بنتكلم عن العرسان المناسبين في "ويكهيرست" قبل ما الاتنين دول يحرفوا مسارنا عمداً." ضيقت عينيها على التوأم. "وأنتوا الاتنين محتاجين عريس." "عريس؟ لينا إحنا الاتنين؟ وهنشاركه؟ يا ماما، أكيد فيه رجالة كفاية في البلدة!" إيزابيلا صرخت برعب مصطنع. "ده مش اللي قصدته!" صوت السيدة "أليس" الحاد خلى الكل يتألموا وهي بتهوي على نفسها بإيدها. "أنتوا يا عيال بتموتوني." "أنا أعتقد إن القتل أقل أولوياتنا—" "إيما،" حذرت أجاثا، وهي بتهز راسها. البنت قفلت بقها واتأففت. "أنا آمل ألاقي شغل جديد قبل ما الموسم ده يخلص." "أجاثا وأنا بالفعل ناقشنا خططها،" قالت السيدة "أليس" فوق أنينهم. "مفيش حاجة تقدروا تعملوها." "مفيش حاجة تقدروا تعملوها في إيه؟" سأل صوت من مدخل الباب. كل الرؤوس لفت في نفس واحد. "إيه اللي بيحصل؟" بعينيه الخضرا الثاقبة وحاجبه المرفوع علامة استفهام، "بينديكت إيفرارد" استكشف الغرفة. نظره لمس أجاثا بسرعة قبل ما يحول انتباهه بسرعة لأمه وأخواته. "بينديكت!" صرخت إيزابيلا. "أنت لسه واصل حالا؟" سألت السيدة أليس. "أيوه. الظاهر ولادك سابوا شغل كتير مش خلصان قبل ما يختفوا في رحلة الصيد بتاعتهم." "بس أنت بتخلص كل شغلك في ديفونشاير،" قالت مارجريت وهي متلخبطة. "أنا كنت فاكراك مش هترجع البيت إلا بعد الأجازات؟" إيما ضافت وهي مكشرة. "عندي حاجات مهمة تانية لازم أتعامل معاها في ويكهيرست،" قال وهو بيتكلم بلامبالاة. "محدش رد على سؤالي." "مفيش حاجة. إحنا كنا بنناقش قلة المتجوزين في العيلة دي،" مارجريت كدبت بسلاسة. "أنا معرفش عن الباقيين، بس أنا هتجوز – أتمنى يكون قريب،" قال بنديكت، فكه المستطيل كان صلب كالعادة، والندوب البيضا اللي على وشه – اتنين طوال على اليمين، وواحدة تانية على الشمال، كانوا شبه شفافين تحت ضوء الصالون. حواجبه الكثيفة كانت مرفوعة شوية، وكأنه متوقع إن عيلته هتضحك على كلامه. بس مفيش حد عمل كده. كانوا لسه بيفكروا إذا كان بيهزر ولا لأ. أجاثا كانت من ضمنهم. في التسعة عشر شهر اللي قضتهم مع عيلة إيفرارد، أجاثا شافت بنديكت إيفرارد في مناسبات قليلة جداً. بما إنه كان بيقضي معظم وقته في عزبة ديفونشاير بتاعته، ومبيجيش ويكهيرست إلا كل فترة عشان يطمن على العيلة أو يتعامل مع أمور الشغل، أجاثا كانت تقدر تعد على صوابع إيد واحدة المرات اللي حاول فيها يهزر. للأسف، مفيش ولا لحظة من اللحظات دي جابت ضحك تلقائي أو تسلية. كأكبر أولاد إيفرارد، ورب البيت، بنديكت إيفرارد، لورد ديفونشاير، كان بيعتبره كل الناس تقريباً – بما فيهم اللي مش من العيلة، بس بالذات العيلة – ممل وجاف جداً. وشه اللي مليان ندوب، واللي دايماً كان بيبان جاد زيادة عن اللزوم، مغيرش كتير من نظرة الناس ليه، ولا هو حاول يغير آراءهم. بنديكت إيفرارد مكنش من النوع اللي بيتكلم كلام فاضي، وكان بيفضل الصمت على الكلام. هي كمان كانت تقدر تعد على صوابعها المرات اللي لف فيها ورمى سؤال عليها لما كانوا في نفس الأوضة. وكل الأسئلة كانت دايماً عن أخواته. ممكن الواحد يقول إنهم غرب. هو ميعرفش عنها حاجة، وهي بطريقة ما عملت انطباع إنها مش مهتمة تعرف عنه أكتر، بالرغم من إن كل حاجة عن بنديكت إيفرارد كانت بتثير فضولها. أولاً، مصدر ندوبه، الموضوع اللي مفيش مرة اتناقش جوه البيت، كان لغز كبير بالنسبة لها. أجاثا كمان ساعات كانت بتتساءل إزاي يقدر يمضي يوم كامل من غير ما ينطق كلمة واحدة. ساعات، زي النهاردة كده، هي مكنتش بتاخد بالها إنه رجع ويكهيرست إلا لما بيكون مشي. يمكن من الأسباب الكتير اللي خلت بنديكت إيفرارد ميتعتبرش أبداً ساحر هو إنه محاولش أبداً يكون كده. حضوره كان بيجذب الانتباه من غير ما يحتاج يعلي صوته؛ كلامه، لو اتكلم أصلاً، كان ممكن يكون جارح. في المرات القليلة اللي قعدت فيها في نفس الأوضة معاه، هو نادراً ما كان بيتحمل عدم الكفاءة، أو الغباء، أو الجهل، ومفيش حاجة كانت بتضايقه أكتر من لما الناس ميفهموش هو بيتكلم عن إيه. هو الوحيد في عيلته اللي كان بياخد الأمور بجدية تامة عشان إخواته مكنوش مختلفين عن الباقيين. هو بنديكت إيفرارد اللي عيلته كانت بتنظر له بمزيج من الاحترام والخوف، وأمه بالذات كانت كده. مجرد إشارة من إيده كانت ممكن تسكت الكل، ونظرة واحدة كانت ممكن تخلي التوأم ساكتين لساعات. أجاثا سمعت خادمة بتقول إنه كان لورد ديفونشاير بقاله فترة طويلة لدرجة إن ده ممكن يكون خلاه صلب زي المجوهرات اللي بيطلعوها من المناجم. هو شال كل المسئوليات لما أبوهم مات، وهو أخدها بجدية زيادة عن اللزوم. هي سمعت السيدة أليس بتشتكي من نفس الحاجة دي مرات لا تحصى. "إيه قصدك إنك هتتجوز؟" كانت السيدة أليس هي اللي كسرت الصمت أخيراً. أجاثا بصت في وشه بتركيز، وهي بتدور بيأس على أي إشارة للي بيفكر فيه أو حاسس بيه، بس مفيش فايدة. هو كان صعب إنك تفهمه. "طلبت إيد ليدي فرانسيس هايمور. أنا لسه مستني، بس أنا متفائل إنها هي وعيلتها هيوافقوا." الطريقة العادية اللي قال بيها الخبر هي اللي خلت الكل يصعب عليه يصدق. ومع ذلك، هو كمان الاسم اللي ذكره هو اللي خلى الكل يشهقوا من المفاجأة. أجاثا شافت وش بنديكت بيتشنج، إشارة خفية لابتسامة. "هما هيجوا يتعشوا معانا بعد تلات أيام من دلوقتي، وأنا متوقع مفيش غير أحسن تصرف." عينيه مسحت الأوضة، ووقفت تاني على أجاثا لثانية واحدة بس قبل ما تبعد. "بس كده،" قال للسيدات اللي كانوا فاتحين بقهم من الصدمة. قبل ما يخرج من الصالون، ضاف، "أنا هشتغل في مكتبي وأتمنى محدش يزعجني." بينديكت اختفى في لحظة، زي دايماً. أجاثا رمشت كذا مرة، مش متأكدة من اللي شافته، أو إذا كان هو موجود أصلاً. "إحنا كلنا سمعنا نفس الحاجة؟" كانت إيما هي اللي كسرت الصمت أخيراً. "إيسا، قوليلي إيه اللي سمعتيه بنديكت قاله." "طلب إيد ليدي فرانسيس هايمور للجواز. وهما هيتعشوا معانا." وبعدين قامت القيامة. "يا إلهي! أكيد ده حقيقي! لازم يكون حقيقي!" السيدة أليس قامت وجريت بره الباب، ووراها مارجريت وبعدين التوأم. "بينديكت!" صوت السيدة أليس اختفى وهي وبناتها بيجروا ورا بنديكت. لما فضلت لوحدها، أجاثا أجبرت ابتسامتها اللي متعودة عليها بينما أصوات سيدات إيفرارد الفرحانة كانت طالعة من مكان ما من فوق. بينديكت إيفرارد؟ هيتجوز؟ أجاثا كانت مذهولة. هو دايماً كان بيرفض الفكرة، ومحدش كان بيسترأ يفرضها عليه. "هايمور!" صوت السيدة أليس تردد من مكان ما. "بس هما شقر!" إيما أو إيزابيلا ناحت. "هي مش رفيعة زيادة عن اللزوم؟" إيما أو إيزابيلا ضافوا. "أنتِ متأكدة إنهم هيوافقوا؟ هما مش بيحبونا،" سألت مارجريت. أجاثا سمعت الشائعات اللي بتقول إن عيلة هايمور كانت من القليلين اللي مكنوش بيحبوا عيلة إيفرارد. كان بيتقال في الهمس إن في وقت من الأوقات، لورد هايمور اتهم عيلة إيفرارد إنهم بيطاردوا مناجم الياقوت بتاعته. القيل والقال كمان قال إن ليدي هايمور حذرت صاحباتها إنهم يبعدوا بناتهم عن إخوة إيفرارد الأشرار. "اخرسوا بقى يا تلاتة،" قالت السيدة أليس. "فرانسيس العزيزة مش زي أهلها خالص." أجاثا بلعت الإحساس بعدم الارتياح اللي كان بيتكون جواها. رمشت كذا مرة قبل ما تحاول تقف، بس لقت نفسها مش قادرة تتحرك. سخرت بعدم تصديق. بينديكت إيفرارد، الوحش، هيتجوز؟
تعليقات
إرسال تعليق