روايه صراع نفسي
صراع نفسي
2025, تريزا عبد المسيح
رومانسية
مجانا
حكاية مشوقة عن ناس بتواجه صعوبات في حياتها وعلاقاتها. فيها شاب اسمه چاي بيتصارع مع أفكار في دماغه وتعب مفاجئ، وبنت اسمها چوني بتحاول تساعده في موقف غريب. وصاحبتها سوميكو بتمر بخلاف مع صاحبة تانية بسبب إهمالها لصاحبتهم التالتة. الأحداث بتتطور بشكل يخليك عايز تعرف إيه اللي هيحصل بعد كده، وفيها لمحات عن الصداقة الحقيقية وقيمتها.
چاي
شاب عنده مشاكل نفسية بتجيله في أوقات صعبة، وحصلت له حاجة غريبة خلت واحدة ست تساعده وهو تعبان. شكله شخص حساس وبيفكر كتير في اللي بيحصله.چوني
بنت عندها حس إنساني عالي، جريئة وبتساعد الناس اللي محتاجة من غير تردد، حتى لو معرفتهمش. باين عليها إنها متدينة وعندها مبادئ قوية.سوميكو
صاحبة چوني المقربة، باين عليها إنها مخلصة وبتدافع عن صاحبتها لما بتشوف إنها مظلومة. ممكن تكون عصبية شوية بس قلبها طيب.آشا
صاحبة چوني وسوميكو التانية، شكلها مهتمة بمصلحتها أكتر ومش بتراعي مشاعر صاحباتها قوي، خاصة لما يتعلق الموضوع بعلاقتها بشخص تاني.
چاي "يا چاي، يا طريقي يا طريقك التاني!" الكلمتين دول كانوا لازقين في دماغه زي القُمل، وييجوا في أسوأ الأوقات. مهما حاول يتخلص منهم مش عارف، وصدقني حاول كتير. چاي غمض عينيه وخد نفس طويل، بس كل ما المزيكا تعلى، الدق في دماغه يزيد أكتر وأكتر. دوم دوم بابوم "إيه يا چاي، مالك يا صاحبي؟" صوت جه من بعيد وإيد خبطت على ظهره وزودت الصداع، يا سلام سلم. "آه- أنا كويس، ثواني وراجع!" سمع صاحبه بيزعق "إيه؟!" بس هو مردش، وبسرعة بدأ يزق الناس اللي كانوا مالين المكان اللي زي العُلية ده. لما وصل للحمام، مد إيده عشان يفتح الباب، بس للأسف كان مقفول. "يا جدع، أنا عايز أدخل الحمام!" زعق وهو بيهز الأُكرة. "ده شكل واحد تاني مستخدمه، استعمل اللي تحت!" سمع صوت راجل بيرد، وبعدها ضحكة ست. لف ضهره للباب وزهق قوي، ويا ريته ما زهِق، عشان الصوت اللي في دماغه رجع تاني. "جايرو!" كانت صرخة عالية ومزعجة للأعصاب. "أنا عايز أروح مكان هادي بس." فكر مع نفسه وهو بيزق الباب وبيبدأ يمشي ناحية الخروج. كل ما يقرب، كان بيحس إنه أبطأ، وقلبه بيدق بسرعة، ودماغه بتوجعه، ونَفَسه بيقل بالثانية. وهو بيبص حواليه في الأوضة اللي نورها أحمر خافت، شاف وشوش، بس مكنتش شبههم. كان عليها ضلمة كده غريبة. حاجة تخوف لو هتقول كده. أخيراً مد إيده وفتح الباب، ووقع في الهوا البرد بتاع شهر ديسمبر. سمع الباب بيتقفل وراه وهو بيقع على الأرض ومش قادر يسند نفسه. "اهدى، اهدى بس." فكر مع نفسه وهو بيحاول ياخد نفسه بالراحة، بس ده شكله زود الموضوع. نَفَسه بقى قصير وصعب، وبقى ماسك صدره والهوا الساقع بتاع ديسمبر كأنه بيهاجم زوره. "جايرو." صوت واطي جه من بعيد، بس مع إن دماغه كانت لسه بتوجعه، الصوت ده كان مختلف. لفت نظره، "جايرو، لازم تهدى، خد نفس عميق. أنت كويس. أوعدك إنك كويس." بس هو محَسش إنه كويس، ومكنش فيه فايدة. "بحاول." قال بصوت مخنوق وهو قافل عينيه جامد، وكوّر إيده وخبط بيها على صدره مرتين قبل ما يقع لورا. فجأة، كل حاجة وقفت. الصداع، ووجع الزور، وحتى المزيكا. چاي فتح عينيه بالراحة وشاف التلج بدأ ينزل حواليه. السكوت كان مريح، وحتى مرحب. "هو ده آخري؟" فكر وهو حاسس بالتلج بيخبط في وشه. "هموت هنا، وأنا صغير كده؟ لوحدي؟" سأل نفسه وهو بيغمض عينيه تاني، وبيحاول يبعد الأفكار دي. لو كان ده قدره، مش هيقدر يحاربه. حس بدفا في جسمه، بس مكنش زي الأول. ده كان زي حضن، ومكنش عايز يسيبه، بس مكنش عنده اختيار لما الهوا الساقع بتاع ديسمبر ملى رئتيه تاني بالعافية. چاي قام فجأة وهو بيكح جامد، وأخيراً قدر ياخد نفسه كويس. وهو بياخد نفسه بسرعة، بص لتحت ولاحظ إيد مش بتاعته خالص. بص بصعوبة ناحية صوت الست اللي كانت بتتكلم. كل اللي قدر يفهمه "أنت كويس؟ خدت حاجة؟ يمكن لازم تروح المستشفى." وراها على طول قال "لأ، أنا كويس، مش عايز مستشفى." ولما نظره بدأ يوضح، شاف قد إيه هي جميلة، فتحت بقها عشان تتكلم تاني بس حد شدها بعيد. چاي وقف لحظة لما نظره وضح خالص، وكان بيفكر هي كانت موجودة فعلاً ولا كان بيتخيل. الفكرة دي قطعتها رعشة سرت في جسمه لما بدأ يحس بالهوا على جسمه اللي كان فيه شوية عرق. قام وفتح جاكيته اللي كان لابسه. لبسه وقفل الباب وراه ونزل السلم جري. وهو ماشي ناحية بيته، مد إيده في جيبه وطلع موبايله وسجايره. مارك متشربش البونبونيرة، أنا مروح. خلي بالك من نفسك. بعد كده حط موبايله في جيبه وطلع ولاعة، وولع سيجارته وخد نفس طويل. وهو بيتجاهل الإحساس اللي كان هيخليه يرجع كل اللي شربه، طلع دخان كتير وكمل طريقه. چوني "مين دي؟!" "معرفش..." "يبقى ليه ساعدتيه؟! كان ممكن يسرقك!" "معرفش." "يا بنتي، أنتِ كويسة؟" "معرفش!" چوني زهقت وحطت إيدها في شعرها. "مش المسيح ساعد وشفى الناس العيانة؟ ليه لما أنا أعمل كده يبقى فيه مشكلة؟" سألت وهي بترفع إيديها من الكنبة اللي ورا. "يا بنتي، مش عارفة أقولك إيه، يمكن عشان المسيح مكنش سايق عربية جديدة في بيلسن ليلة رأس السنة يا چوني." صاحبتها آشا ردت، چوني هزت راسها ورجعت لورا وهي مكتفة إيديها. كانت عندها حق بمعنى ما، بس مش هتفهم. وهي بتبص من شباك عربيتها، بدأت چوني تاكل شفايفها اللي تحت من غير ما تحس، والأحداث اللي وصلتهم للموقف ده بدأت تتكرر في دماغها. "أنتِ متأكدة إن هو ده الطريق؟" سوميكو، صاحبة چوني المقربة، سألت وهي بتشد حزام الأمان. "أيوه، أنا عارفة أنا رايحة فين يا سومي." آشا ردت، وچوني كانت بتسمع وهي لسه بتلبس ورا في الكنبة. يا دوب لحقت تاخد دش وتعمل شعرها ومكياجها قبل ما تجري تاخد صحباتها عشان الحفلة. الواحد يعمل إيه بقى لما يشتغل شغلانة كاملة؟ "اممم، مش عارفة. أنتِ ماشية بالعربية طول بيلسن، وإنتِ كان ممكن تاخدي طريق مختصر من تشاينا تاون. إحنا رايحين اللوب بس... يبقى ليه ماشيين من بيلسن؟" سومي سألت تاني. آشا فتحت بقها عشان تتكلم بس چوني قاطعتها. "كانت عايزة تعدي من قدام بيت إريك تشوفه موجود زي ما قال ولا لأ، متعمليش كده في عربيتي يا آشا. أنا مش بهزر." چوني قالت والضيق بدأ يبان في صوتها. چوني مكنتش بتهزر في الحاجات دي، كانت بتسيب الناس تعمل اللي هي عايزاه، بس مش في عربيتها. كمان كانت متضايقة إن صاحبتها عاملة نفسها مش فاهمة. بالذات لما الموضوع يتعلق برجالة، وبالذات اللي مش متاحين واللي قالوا بوضوح إنهم مش هيكونوا موجودين. لما آشا فهمت إنها اتكشفت، قالت "آسفة" بصوت واطي. وهما ماشيين من قدام بيته، وللأسف، مكنش موجود. "إريك؟ أنا كنت فاكرة إنك بطلتي كلام معاه من زمان." سومي سألت وهي معقودة الحواجب. "أنا فعلاً بطلت." آشا اعترفت، "مش باين. بجد يا آشا، احترمي نفسك شوية. أنتِ تستاهلي أحسن، سيبيه في حاله." چوني قالت وده خلى آشا تنفجر. "أنا بحترم نفسي يا ست الشيخة، وعشان تبقوا عارفين أنا فعلاً بحترم نفسي. أنتِ وهي متعرفوش هو عامل إزاي زي ما أنا عارفة، يبقى اسكتوا بقى." قالت بعصبية. چوني لفت عينيها وهزت راسها وهي متضايقة في صمت. "أوه، مش عشان بتقولك حقايق مش عايزة تسمعيها يبقى كده متدينة، ليه أصلاً تجيبوا الموضوع ده؟ أنتِ اللي غريبة." سومي اتدخلت عشان صاحبتها. الاتنين كانوا هيتخانقوا لولا إن انتباه چوني اتشد لواحدة ست نايمة على فراندة بيت عشوائي كانوا معديين من جنبه. "روحي ساعديها." ده كل اللي سمعته وعملت بيه. في لحظة فتحت الباب اللي ورا ونطت بسرعة وراحت ناحية اللي اكتشفت إنه راجل. "چوني إيه اللي بتعمليه ده!" "يا أستاذ! لو سمحت؟!" زعقت وهي بتجري ناحيته بسرعة، وركعت جنبه. شافت إنه لسه بيتنفس بصعوبة، والدخان الخفيف كان بيطلع من شفايفه بالعافية. بصت على نبضه، وحست إنه ضعيف جداً. "يا ربي أعمل إيه؟" سألت والقلق بدأ يزيد جواها. "حطي إيدك على صدره." سمعت الكلام ده تاني وعملت بيه. كل اللي كانت بتفكر فيه "يا رب متخليش الراجل ده يموت قبل أوانه، ساعده يا رب." الراجل الغامض ده قعد فجأة وهو بياخد نفسه بالعافية، وكل اللي قدرت تقوله "يا إلهي، أنت كويس؟!" الراجل بص على إيديها وبعدين عليها، وكانت واضحة إنها كانت تحت تأثير حاجة. بدأت تسأله لو عايز يروح المستشفى بس هو رفض. وكان بيأكدلها إنه كويس بطريقة مش كويسة خالص، ولما نظره بدأ يوضح، چوني فتحت بقها عشان تسأله سؤال تاني بس سوميكو شدتها. سوميكو زقتها ودخلتها العربية، وركبت هي كمان، وآشا مشيت بسرعة. "مين ده؟!" آشا زعقت. چوني عضت شفايفها اللي تحت وهي بتعيد الحدث ده في دماغها مرة ورا مرة. كانت عارفة بالظبط مين ده، بس مكنتش مصدقة إنهم هيقابلوا بعض بسرعة كده. في الحقيقة، عرفت مين هو أول ما عينيهم جت في عين بعض. "يا إلهي." قالت بصوت واطي وهي بتقرب أخيراً من المبنى. "تمام، فاضل تلات ساعات لحد الساعة ما تدق، يلا بينا نتحرك. عايزة أسكر قبل ما الساعة تدق." آشا ضحكت وهما نازلين وسابوا بتاع الركنة ياخد العربية. چوني "3...2...1 سنة سعيدة!" الناس كلها زعقت والبالونات والورق الملون الدهبي والأبيض نزلوا من السقف. "قولي فلوس!!" سومي صرخت وهي بتشد چوني عشان يتصوروا سيلفي. چوني ضحكت وهي بتبعد بعد ما الصورة اتصورت. كانت مبسوطة قوي، بس برضه مش قادرة تنسى الراجل اللي مش غامض أوي ده. بصت على الساعة في موبايلها واتنهدت، "بصوا يا جماعة، أنا ماشية؟ لازم أروح أخلص التعبئة دي." قالت وهي بتقوم وبتبدأ تلم حاجتها. كانت هتنقل بعد 4 أيام، لا 3 أيام بقى، ولسه حاجات كتير عايزة تتعبى وتتفرز. "لأ يا چوني متسبيناش دلوقتي، إحنا مبسوطين قوي." سوميكو زعلت وآشا وافقتها. "أيوه وهنيجي نساعدك بكرة في التعبئة أوعدك!" آشا قالت وهي شابكة إيديها في بعض. چوني هزت راسها. "لأ لأ، أنتِ وهي بتقولولي نفس الكلام ده من الشهر اللي فات. بجد لازم أمشي." قالت وهي بتضحك ضحكة خفيفة. "أنا هنقل بعد 4 أيام، لا 3 أيام بقى." "إيه! إحنا جينا وساعدناكي في التعبئة... مرة." آشا اعترفت وده خلى چوني تضحك ضحكة قصيرة. "بالظبط، مرة واحدة. بجد لازم أمشي. هطلبلكوا أوبر ولا كريم ولا أي حاجة." "لأ لأ خلاص. أنتِ روحي وأنا هطلب لنا." سومي شجعتها وهي بتقوم وبتحضن چوني حضن سريع. "هنعدي عليكي لما نخلص." چوني حضنت صاحبتها المقربة وباستها وراحت ماشية. "كلمينا لما توصلي البيت!" چاي چاي قعد على طرف سريره وهو بيبص بذهول على نبات المونستيرا اللي قدامه. كان روح البيت، أخد دش، ودلوقتي بيحاول يفهم بالظبط إيه اللي حصل. مد إيده وراه وطلع سيجارة من علبتها، حطها بين شفايفه وولعها وخد نفس طويل. تجاهل الإحساس اللي كان هيرجعه كل اللي شربه تاني، "إيه الحكاية دي؟" سأل نفسه والدخان بيطلع بالراحة من شفايفه. كان متضايق من كل حاجة تقريباً في الوقت ده، طبعاً كان متضايق من إنه كان هيموت، بس لسبب ما ده مكنش اللي قالقه. هو مش خايف من الموت، اللي خايف منه الست اللي ساعدته، وإزاي مش قادر يعرف هي حقيقية ولا لأ. چاي كشر ووقع على ظهره على السرير وهو بيتأوه بضيق، وخد نفس تاني من سيجارته، الدخان رقص على شفايفه وهو بيفكر مع نفسه وهو بيبص على السقف. "مش المفروض تكون مهتم أكتر إنك كنت هتموت؟ انساها، اهتم بنفسك يا أهبل." فكر بمرارة، سحب نفس، شهق، طلع الدخان. "بس أنا مموتش، هي ساعدتني. مش عارف إزاي بس هي ساعدتني." قال بصوت عالي. "ليه ممكن تساعدني؟" نفخ. شهق. طلع الدخان. وهو بيبدأ يتذكر إحساس إيديها الدافي على صدره، قدر يحس بيه فعلاً. بس الإحساس ده اختفى بسرعة لما صوت الألعاب النارية بدأ يدوي في الشوارع. سحب نفس. شهق. اتنهد. بتنهيدة فيها ضيق، مسك باقي سيجارته الصغيرة بين شفايفه وزحف على السرير، وخد آخر نفس، ومد إيده وبدأ يطفيها في الطفاية اللي عملها من سنين، وبعدين مد إيده عشان يطفي النور لما فكرة نطت في دماغه. "يا نهار أسود، لأ طبعاً." قال بصوت عالي قبل ما يطفي النور وينام على جنبه التاني. وهو بينام، الفكرة اللي كان رافضها في الأول بدأت تتسلل تاني. "ده الوقت." سمع قبل ما ينام خالص. سوميكو "أنت جاماري؟" سوميكو سألت وهي بتميل على شباك عربية أوبر. "سوميكو على ما أعتقد؟" جاماري سأل وهي هزت راسها بابتسامة وفتحت باب اللينكولن. لما البنات ركبوا واستقروا، جاماري اتحرك بالعربية وبدأ يمشي ناحية المكان اللي رايحين له. "طيب، فيه عنوانين هنا. عايزيني أروح بيلسن الأول ولا هايد بارك؟" سأل وهو بيبص في المراية. "بيلسن؟ - المفروض فيه عنوان واحد بس في هايد بارك." سوميكو قالت وهي مستغربة شوية لما آشا اتكلمت. "عنوان بيلسن الأول لو سمحت. نسيت أقولك إني مش جاية معاكوا، إريك كلمني." آشا قالت بصوت واطي وسوميكو رجعت لورا بالراحة وهي بتبصلها بغضب وشفايفها مضمومة جامد. "يبقى بيلسن." جاماري قال بإحراج وهو بيلف بالعربية في الشارع وبدأ يمشي ناحية هناك. هما كانوا بقالهم حوالي 3 دقايق في العربية والجو متوتر، لحد ما آشا المتضايقة فتحت بقها أخيراً. "ممكن يعني، متعمليش كده؟" ودان جاماري صغتت شوية وهو بدأ يسمع باهتمام، عايز يعرف إيه الحكاية. "أه ممكن، بس ليه أعمل كده؟ أنتِ بتعملي حاجات مبحبهاش طول الوقت." سوميكو ردت بحدة. "أنا زهقت من البنت دي، خلاص مبقتش طايقاها." "المفروض كنا رايحين نساعد چوني، وأنتِ أهو بترجعي في كلامك تاني." "تصحيح يا سوميكو، أنا عمري ما قولت إني هساعد. أنتِ اللي وافقتي تيجي بعدين مش أنا." آشا قالت بجدية وده خلى سوميكو تسخر. "يا بنتي، أنتِ بتتكلمي جد دلوقتي؟ هي دايماً بتساعدك في أي حاجة محتاجاها وأنتِ مش قادرة تساعديها الليلة؟ عشان إريك؟ يا لها من وفاء يا آشا، وفاء عظيم منك." آشا طرقعت لسانها. "فاضل لها 3 أيام، ممكن أساعدها في أي يوم فيهم، وبعدين أنا مش هوقف سهرتي عشان سوء توقيتها." "سوء توقيت. عايزة تتكلمي عن سوء التوقيت؟ أنا مش بقول إني بريئة في الموضوع ده برضه، بس لو كنا ساعدناها زي ما اتفقنا كانت زمانها خلصت. أنا عارفة كويس إني ساعدتها مرات أكتر منك. هي مشغولة قوي وأنتِ عارفة كده يبقى متجبيش سيرة الموضوع ده." سوميكو قالت ونبرة صوتها متغيرةش طول الوقت. كانت ماسكة نفسها بالعافية عشان متزعقش في البنت دي. "كلنا مشغولين يا سوميكو، ده كان مجرد تصرف غير مسؤول وسوء توقيت وخلاص." آشا ردت وسوميكو ضحكت. "غير مسؤول؟ سوء توقيت؟ إيه سوء توقيتها لما لازم تسمعك طول الوقت وأنتِ بتشتكي لها كل مشاكلك؟ إيه سوء توقيتها لما بتكون متاحة لك دايماً لما تحبي تعملي أي حاجة بس هي عمرها ما بتاخد نفس الطاقة دي منك؟ إيه عدم مسؤولية توقيتها لما لازم تاخدك من عند إريك عشان هو مضايقك، أو مش عايز يوصلك، أو محتاجة توصيلة في أي وقت بالليل؟ إيه عدم مسؤوليتها لما خدت إجازة من شغلها عشان تساعدك في تفاهاتك يا آشا؟!" آشا فتحت بقها عشان تتكلم بس سوميكو قاطعتها ووضحت إنها لسه مخلصتش كلام. "أنا مخلصتش! إريك مبيحبكيش، بيستغلك لحد ما يعوز حاجة سهلة ومتاحة. بس إزاي أنا وچوني، عارفة، أصحابك، دايماً غلط وبنيجي في الآخر؟" سوميكو اتنهدت بضحكة مريرة. "بس أنا أعرف إيه؟ أنا بس غيرانة ومش واثقة في نفسي وهي متدينة ومتنمرة صح؟" سومي سخرت والعربية سكتت، جاماري وقف قدام اللي افترض إنه بيت إريك. "مين قالك كده؟" آشا سألت بصوت واطي وجاماري ركن العربية. "مش مهم مين قالي. المهم إنك اتكلمتي عننا كده وإحنا عمرنا ما نعمل كده فيكي." آشا نزلت من العربية ولفت عشان تاخد شنطتها. "أنتِ صاحبة وحشة يا آشا. صاحبة وحشة بجد. بتعامليها وحش وهي ممكن متقولش حاجة، بس أنا هقول. أنا زهقت." سوميكو قالت وهي بترمي شنطتها على آشا وقفلت الباب. "امشي لو سمحت." سوميكو قالت بصوت واطي وجاماري اتحرك بالعربية بالراحة. جاماري جاماري سرق نظرة على سوميكو وهو مكمل ناحية هايد بارك. بجد مكنش قادر يستوعب اللي سمعه ده، ومكنش عارف إزاي هيخلي الأمور أحسن. "ده بالظبط اللي بستاهله عشان مروحتش الشغلانة الأساسية زي ما طلبوا مني." فكر مع نفسه. بص على سوميكو ولاحظ إن عينيها مدمعة. بلع ريقه وخد نفس هو كمان قبل ما يتكلم. "مش قصدي أتدخل في اللي ملكيش فيه، بس من اللي سمعته، بجد أنا بحييكي إنك وقفتي جنب صاحبتك كده. الواحد مبقاش يشوف وفاء زي ده كتير، بالذات اليومين دول." قال بتعاطف. لما عينيهم اتقابلت في مراية العربية، جاماري بص لقدام وشغل الراديو، أغنية مكنش عارفها قوي بدأت تشتغل وسوميكو اتكلمت. "شكراً، يعني. أنا بس مش فاهمة إزاي ممكن تعمل وتقول حاجات زي دي. ده شيء متلخبط قوي." قالت واليأس باين على وشها. "لأ أنا فاهمك تماماً، صحاب كده عمرهم ما بيدوموا. بالذات لو وجهات نظرهم مش متوافقة. غالباً بينتهوا زي ما حصل معاكوا بصراحة. عن تجربة، متخليهاش ترجع حياتك تاني. حتى لو حاولت تعتذر." "أيوة مكنتش ناوية، أنا أكيد هتخانق معاها لو عملت كده." "بس هيكون الموضوع يستاهل؟" جاماري سأل بابتسامة مرحة وهو حاسس إن مزاج سوميكو بدأ يتحسن. "أوه طبعاً هيكون يستاهل." كان فيه صمت قصير ومريح بين الاتنين قبل ما سوميكو تبص من صوابعها اللي كانت بتلعب بيها. "اممم، ممكن تقف وقفة زيادة؟ أنا هدفعلك." سألت وجاماري خد نفس عميق. "أه طبعاً، ليه لأ. رايحة فين؟" سأل وسوميكو ابتسمت بفرحة. "بجد؟! شكراً! المكان حرفياً أول الشارع من البيت اللي أنا رايحاه، أهو العنوان." قالت وهي بتميل لقدام ومدت له موبايلها. لما إيديهم لمست بعض، حست إن نفسها اتقطع لحظة. "أوه أنا عارف المكان ده." جاماري قال وهو بيرجع لسوميكو موبايلها. "بجد؟" سألت وهي بترجع تقعد تاني وجاماري هز راسه. "أيوة، صاحبي چاي بيروح هناك على طول. هو أصلاً ساكن في المنطقة دي." شرح وسوميكو عملت وش رضا. "هاه، إيه الصدفة دي؟" ضحكت بخفة وجاماري اتكلم تاني. "يا لهوي، يمكن يعرفوا بعض." هزار وهو سومي ابتسمت. "طيب لو صاحبك ده لطيف زيك، أنا بتمنى إنها تعرفه." ده خلى ابتسامة خجولة تظهر على وش جاماري وهو مكمل سواقة. "بمناسبة صاحبتك چوني، البنت التانية قالت عليها متدينة؟" "أيوة، چوني بالذات. دي أبعد ما تكون عن كده. يعني ممكن تصلحلك لو كنت غلط في حاجة بس مش بطريقة 'أنت رايح النار'. هي أكتر بتقول 'أنا فاهمة أنت بتقول إيه بس هي في الحقيقة كذا وكذا وكذا'. فاهم؟" سوميكو سألت وجاماري هز راسه. "أيوة، زي تصحيح لطيف أو طريقة تعليم." "بالظبط كده!" سوميكو قالت وعينيها وسعت بفرحة عشان لقى الكلمات اللي كانت بتدور عليها. "إيه معتقدها لو مفيش مانع أسأل؟" "هم؟ أوه- هي مسيحية، إحنا الاتنين أصلاً، بس أنا واضح إن لسه فيه حاجات محتاجة أتعلمها." سومي قالت بابتسامة. جاماري ابتسم بحب لبراءة الست دي. "بجد؟! أنا كمان! كلنا لازم نتعلم حاجات جديدة كل يوم، المشوار ده درس مستمر." جاماري ابتسم ابتسامة واسعة خلت سوميكو تعمل زيه. "أنت كمان؟ يا لهوي، أنا مبسوطة لك قوي." "شكراً، وأنتِ كمان. أنا كنت بس مستغرب عشان البنت التانية كانت بتقول عليها متدينة بس، مكنش باين خالص. هي شكلها صاحبة كويسة." جاماري قال وهو مستغرب. بجد مقدرش يتكلم كتير عن موقف مفهموش، بس الشخص المتدين مش هيكون صاحب واحدة زي دي. دي أكيدة. "أيوة، هي كده. دي صاحبتي المقربة وواحدة بجد رائعة، بس لسبب ما، الناس اللي بتنجذب ليها مش كده. أعتقد ده جزء من السبب اللي خلى ربنا يجمعنا ببعض. أنا بشوف اللي هي مش شايفاه، وهي بتشوف اللي أنا مش شايفاه. دي أخت روحي بجد." سوميكو قالت بابتسامة حنونة وجاماري ركن العربية في باركينج المحل. جاماري بص على سومي وهي نازلة من العربية وراحت بسرعة جوه المحل الصغير اللي على الزاوية. لما دخلت، ضم شفايفه وهو بيفكر، لسبب ما كان عايز يعرف أكتر عن الست دي وصاحبتها كمان. "يا لهوي على اللقافة." "لأ، أنا مش لقيف. أنا فضولي شكراً جزيلاً." جاماري قال وهو بيتخانق مع أفكاره بصوت عالي. دي كانت الحقيقة. كان فضولي جداً ناحيتهم، كان فيه حاجة مش قادر يحددها بالظبط. وسوميكو بتجري طالعة من المحل، رجعت العربية بسرعة وهي بتفرك إيديها المكشوفة في بعض بتنهيدة فيها ضيق. "يا لهوي، الجو برد قوي!" وده خلى جاماري يشغل سخانات الكراسي من غير ما يقول حاجة. "أوه وده ليك." ابتسمت، وجاماري لف راسه وشافها حطتله اتنين ريسيز على مسند إيده. "ليا؟ يا سلام، شكراً." ضحك وهو بياخدهم وحطهم على الكرسي اللي جنبه. "دول المفضلين عندي، عرفتي إزاي؟" سأل بابتسامة مرحة وسوميكو كرمشت مناخيرها وردت المرح بابتسامة خبيثة. "تخمين محظوظ." الاتنين ضحكوا ضحكة خفيفة وجاماري طلع من الباركينج وبدأ يمشي ناحية المكان اللي رايحة له. كانوا على بعد دقيقتين بس، بس حسوا إنهم ثانيتين عشان الاتنين كانوا مستمتعين بوقتهم مع بعض قوي، ولما جاماري ركن العربية في الجنينة اتنهد وحط العربية في البارك، "تمام يا مدام، وصلنا المكان اللي حضرتك عايزاه. شكراً لاختيارك جاماري درايف تايمز، أتمنى لكِ أمسية سعيدة وسنة رائعة." ده خلى سوميكو تضحك بخجل واحمرار ظهر على خدودها. نزلت من العربية بسرعة وراحت ناحيته وشاورتله ينزل الشباك. ولما جاماري عمل كده، مدتله 20 دولار. "أوه، لأ الحلويات كانت أكتر من كفاية شكراً لحضرتك، خليها معاك." ضحك وهي عملت زيه. "مستحيل، أنا وعدتك إني هدفعلك، وبعدين أنت كنت أحسن سواق أوبر ركبته في حياتي. يبقى اعتبر دول هدية." ابتسمت بهدوء وهو عمل زيه. الاتنين بصوا في عيون بعض لحظة قبل ما تيجي نسمة هوا ساقعة تفوق سوميكو من شرودها. ضحكت ضحكة قصيرة، وحطت الـ 20 دولار في الشباك وجريت ناحية الباب الرئيسي. "شكراً! ليلة سعيدة!" زعقت أول ما وصلت الباب. "وأنتِ كمان!" ده كل اللي قدر يقوله قبل ما تفتح الباب وتدخل بسرعة. جاماري رفع الشباك وقعد لحظة بيفكر في اللي حصل. "3 حاجات؟" فكر وهو بياخد الـ 20 دولار عشان يحطها في المكان اللي فوق راسه، بس لما عمل كده لاحظ الرقم اللي مكتوب بالقلم الوردي تحت. "مستحيل." جاماري ضحك وهو بيعض شفايفه اللي تحت، وبابتسامة فيها رضا حط الـ 20 دولار وطلع بالعربية من الجنينة. باقي الليلة دي شكلها كان محظوظ جداً بالنسبة له. كل ما كان بياخد حد وكان لازم يضحك على نكتة بايخة، وهو بيفكر في الرقم اللي مكتوب بالوردي ده كانت ضحكته بتبقى حقيقية أكتر.
تعليقات
إرسال تعليق