رواية الحرب العالمية الثانية

الحرب العالمية الثانية

2025, مينا مسعود

تاريخية عسكرية

مجانا

تدور أحداث هذه الرواية في ألمانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وتركز على قصة شاب ألماني يدعى ألاريك، يجد نفسه في صراع بين قيمه الإنسانية وولائه لوطنه الذي يتبنى أفكارًا نازية متطرفة. تتناول الرواية موضوعات معقدة مثل الصداقة، والحب، والولاء، والخيانة، وتأثير الحرب على الأفراد والمجتمع.

ألاريك

شاب ألماني يجد نفسه في صراع بين قيمه الإنسانية وولائه لوطنه.

إيزابيلا

حبيبة ألاريك، تتبنى الأفكار النازية.

أدولف

أخو ألاريك الأصغر.
تم نسخ الرابط
رواية الحرب العالمية الثانية

 
ألمانيا
3 سبتمبر 1939: كنت ماشي مع أصحابي في شوارع برلين وهما بيرموا كلام على حصص المدرسة. حبيبتي، إيزابيلا، كانت ماسكة إيدي وإحنا ماسكين علب صودا.

"كان لازم تشوف يا ألاريك! قلت لليهود الطماعين دول في وشهم إنهم مش هيرفعوا راس أهلهم"، صاحبي المقرب، أبيلارد، قال كده. إيزابيلا مسكت إيدي جامد وهي بتضحك.

"بص يا آبي؟" سألته. بصلي.

"إيه؟" سأل.

"أنت يا صاحبي، وشك عايز ضرب بالجزمة"، قلتله وهو ضحك وأنا زقيته.

"أنت اللي وشك عايز ضرب بالجزمة"، رد. هزيت راسي.

"إيه رأيك منبدأش خناقة هنا؟" إيزابيلا سألت وهي بتبصلي. ابتسمت وهزيت راسي، لحد ما سمعنا دبابات ماشية في الشارع. وقفنا وبصينا على جيشنا. علم النازية كان مرفوع بفخر وهما ماشيين.

"سمعت إنهم هيغزوا بولندا النهاردة"، آبي همس لنا وإحنا مشينا على طرف الرصيف. بصينا عليهم وهما بيلفوا في الشارع اللي قدامنا.

"هتلر عارف إنها بتاعتنا وهو بس بيرجع أرضنا"، إيزابيلا قالت كده وبصيت بعيد عن الدبابات، وبصيت عليها هي.

"دول الإنجليز والفرنسيين اللي قطعوا أكتر من نص بلدنا"، قلت. إيزابيلا ابتسمت لي.

"وأدولف عارف كده. عشان كده هو أحسن قائد لألمانيا. طلعنا من الكساد بفضله"، إيزابيلا قالت.

"السيد الوطني هنا قرأ كتاب كفاحي"، آبي قال وهو بيخبط كتفي. اتألمت من الخبطة ودعكت كتفي.

"يا ابن الـ... دي وجعت"، قلتله وزقيته. ضحك ورفع إيده.

"مش ذنبي إنك ضعيف كده"، قال. لفيت عيني ومشيت قدام ناحية محل الآيس كريم.

"أنت عارف إن الآريين أقوياء"، إيزابيلا قالت. ابتسمت لآبي وهو هز كتفه وفتح باب محل الآيس كريم.

"أنت عارف إنه أضعف آري شفناه من كل أصحابنا"، آبي قال وهزيت راسي وإحنا لقينا ترابيزة.

"أنت عبيط أوي يا أبيلارد"، قلت وإيزابيلا ضحكت وهو بصلي بضيق. هزيت راسي والويتر جه.

"أهلاً، أقدر أساعدكم بإيه؟" الويتر سأل.

"موزة بالآيس كريم لينا كلنا"، إيزابيلا قالت والويتر مشي يجيب الموز بالآيس كريم. حطيت إيدي حوالين كتفها وهي عدلت جيبتها ووشها احمر.

"أنت عارف؟ أنت... إيه اللي بيعملوه هنا؟" آبي سأل لما جرس الباب الأمامي رن. إيزابيلا وأنا بصينا وشفنا تلات ولاد يهود داخلين. راحوا قعدوا على ترابيزة وإحنا كلنا بصينا عليهم.

هكون صريح، مكنتش فاهم إيه المشكلة مع اليهود. كانوا ناس كويسين ومكنتش فاكر إن الانهيار الاقتصادي كله بسبب اليهود اللي عايشين. مكنتش فاهم، بس أعتقد إن دي طبيعة الحكومات، بتعمل اللي بتفتكره أحسن للكل.

"لازم حد يمشيهم"، إيزابيلا قالت وبصيت عليها باستغراب.

"إحنا هنمشيهم"، آبي قال لما الويتر جاب الموز بالآيس كريم، ورمى واحدة عليهم، وده خلى الكل يرمي حاجات عليهم. أنا معملتش حاجة غير إني اتفرجت. حسيت إني غبي وماليش لازمة. كان لازم أدافع عنهم.

"أنا ماشي"، قلت وأنا قمت من الترابيزة.

"ألاريك!" إيزابيلا صرخت وأنا ماشي. التلات ولاد اليهود كانوا بره في الزقاق. وقفت وبصيت عليهم.

"زاك، يلا نمشي"، واحد من الولاد قال وهو بيشد الولد اللي كان واقف أقرب واحد. كلهم كانوا متوترين وحطيت إيدي في جيبي. كلهم رجعوا لورا بخوف وأنا وقفت.

"مش هأذيكم. هطلع ده بس عشانكم"، قلت وأنا دخلت الزقاق وطلعت إيدي بالراحة. طلعت منديل الجيب بتاعي وهما بصوا عليا. "خدوا ده عشان تنضفوا". زاك مشي قدام وأخد المنديل من إيدي.

"شكراً"، قال. هزيت راسي ولفيت عشان أروح البيت. حطيت إيدي في جيوب الجاكيت وبدأت أمشي. "ليه بتعمل معانا كده كويس؟" سأل. بصيت ورايا ووقفت وهزيت كتفي.

"أنتوا ألمان زيي. ليه مش هساعد واحد ألماني زيي؟" سألت وابتسم وهو ماشي. فضلت رافع راسي ومقدرتش أمنع نفسي من الابتسامة. نظراتهم كانت كلها راحة وفرحة إني مش هأذيهم.

الخوف بيعمل حاجات غريبة في الناس، أعتقد. الناس عايزة تتأكد إنها آمنة ولما حاجة بتكون مختلفة مش عايزينها حواليهم. مكنتش فاهم، ولما كنت بسأل أهلي، كانوا بيقولوا لي إني حتى وأنا عندي تمنتاشر سنة صغير عشان أفهم. كنت بس أتمنى إني أفهم في يوم من الأيام.








الحرب

بدأت أفتح باب البيت وبصيت على التلات أوض اللي كانوا بيت عيلتي. مقارنة بآبي وإيزابيلا، أنا مكنش عندي حاجة، بس إيزابيلا كانت بتعتبر مواعدتها ليا نوع من التمرد. مكنش بيهمني أوي إيه اللي عندي وإيه اللي معنديش. كنت بستمتع أكتر بعيلتي ودعمهم ليا، بدل ما أخرج مع حد عشان أتمرد على أهلي.

"ألاريك!" أختي الصغيرة، أديلين، صرخت وهي بتجري عبر الأوضة الصغيرة ورمت نفسها في حضني وهي بتضحك. حضنتها وبصيت على أهلي وأخويا الصغير، أدالولف.

"إزيك يا أديلين؟ ذاكرتي كويس النهاردة؟" سألت وأنا نزلتها. حطت إيديها ورا ضهرها وبصتلي وأنا واقف بطولي.

"جبت أعلى درجة في القراءة النهاردة"، قالت وابتسمت لها. ربتت على راسها وأنا بصيت على أدالولف.

"وأنت يا أدال؟" سألت. اداني ابتسامة صغيرة.

"خليت اليهود اللي في الفصل يعرفوا مكانهم لما جبت أعلى درجة في الرياضة"، قالي وهزيت راسي.

"وأنت يا ألاريك؟" أمي سألتني. ابتسمت وبصيت عليها.

"الدراسة ماشية تمام. مدرسيني بيقولوا إني هدخل كلية الطب بسهولة بالدرجات اللي بجيبها"، قلتلها. أهلي بصوا لبعض بفرحة. كانوا دايماً عايزيني أدخل كلية الطب ومكنتش هخيب ظنهم.

"ده كويس جداً. أنا متأكد إنك بتبعد عن حثالة اليهود دول. دول هيسمموا عقلك"، أبويا قال. ابتسمت غصب عني وهزيت راسي.

"أكيد طبعاً"، قلتله وهز راسه وأمي جريت على المطبخ الصغير بتاعنا.

"لازم أبدأ أجهز العشا قبل ما نموت من الجوع الليلة"، قالت. لمست جيبي وابتسمت.

"يا أمي، في الحقيقة كنت عايز أخرج الكل نتعشى بره النهاردة. أخدت زيادة في الشغل وعايز احتفل"، قلت. بعد محل الآيس كريم والكلام مع الولاد اليهود، رحت الشغل اللي بشتغله، واللي لو أبويا عرف إنه بتاع راجل يهودي هيقتلني، والراجل، مستر كورنفيلد، اداني زيادة عشان أنا مخلص ليه وطيب مع اليهود التانيين.

"أنت متأكد؟ أنت تعبت عشان الفلوس دي"، أبويا قال. هزيت راسي وأديلين نطت عليا.

"يا ريت تروحي تلبسي أحسن فستان عندك. إحنا رايحين مطعم"، قلتلها وجريت على أوضة النوم اللي أهلي بيناموا فيها واللي فيها كل هدومنا.

"ألاريك، أنت متأكد إن ده اللي عايز تعمله بفلوسك؟" أبويا سأل. هزيت راسي.

"لو مش عشان الزيادة، يبقى عشان إن ألمانيا بتسترد كل الأرض اللي كانت بتاعتنا من الأول"، قلتله وهو ضحك عليا.

"كنت عارف إن ابني عبقري"، قال وابتسمت وأمي دخلت الأوضة عشان تساعد أديلين. بصيت على الأرض وأخدت نفس عميق.

"فرنسا وبريطانيا بيعلنوا الحرب على ألمانيا!" ولد بيبيع الجرايد صرخ يوم 4 سبتمبر. كنت ماشي للشغل بس اضطريت أقف لما سمعت. حرب؟ الحرب العظمى كان المفروض تنهي كل الحروب بس دلوقتي إحنا في حرب تاني.

"جرنال واحد لو سمحت"، قلت وأنا حطيت فلوس في إيده. اداني الجرنال وحطيته تحت دراعي وأنا جريت على مكتب مستر كورنفيلد.

"أنت متأخر يا ألاريك. نادراً ما بتتأخر"، مستر كورنفيلد قال وأنا دخلت ورا المكتب. حطيت الجرنال على مكتبه وبص عليه.

"اضطريت أشتري ده"، قلتله. رفعه وقراه بعناية. حط الجرنال وحط إيده قدام بقه.

"التجنيد هيبدأ فوراً"، قال وهو بيبصلي، "لكل الولاد الآريين". بلعت ريقي وهو هز راسه.

"أنا لسه مكملتش تمنتاشر سنة"، قلت، حتى لو هو عارف. كان اشترى لي جاكيت جديد كنت بلبسه أغلب الوقت من ساعتها.

"لازم تكون شجاع لأني مش عارف إذا كنت هفضل هنا كتير"، قال. بصيت عليه وهو فضل باصص على مكتبه.

"يا مستر كورنفيلد، قصدك إيه؟" سألت. رجع بضهره وهز راسه.

"الحل النهائي بتاع هتلر هيبدأ تنفيذه. إحنا أصلاً مضطرين نلبس نجمة داود طول الوقت"، قال وقعدت قدامه. كان راجل صغير ومكنتش متخيل أي حاجة تانية.

"إلا إذا..." همست.

"إلا إذا إيه؟" سأل. مشيت على الخزنة وسحبت ورق الهجرة المزيف اللي كنا عملناه بس عشان نشوف إذا كنا نقدر.

"أنت وعيلتك تسافروا بريطانيا"، قلت. هز راسه.

"ده هيكون أحسن وهنقدر نتواصل برضه"، قال لما كان فيه خبط عالي على الباب. بصينا الاتنين وسحبت الورق بهدوء وهو حرك رف الكتب على جنب. مخبأي لما البوليس بيجي. هما دايماً بيخبطوا وأنا دايماً بستخبى.

"حظ سعيد"، قلت من غير صوت قبل ما أقفل الباب عشان أستخبى. ده هيكون مثير للاهتمام.

 

بصيت من شق رف الكتب عشان أشوف إيه اللي بيحصل في المكتب. من الشباك، شفت الجستابو واقفين. مستر كورنفيلد فتح الباب والجستابو اقتحموا المكان.

"فيه حد تاني معاك؟" واحد من الجستابو سأل. مستر كورنفيلد، اللي كان راجل فخور، وقف باستقامة وهز راسه.

"عيلتي فوق"، قال. كنت عارف إن عيلته عايشة هناك بس كنا بنحاول نتجنب بعض. الإنكار كان مفتاح النجاة في الأيام دي في وضع زي اللي كنا فيه.

"روحوا"، الجستابو قال وهو بيبص لاتنين تانيين. أخدت نفس عميق وهما طلعوا السلم.

"إيه الموضوع ده كله؟" مستر كورنفيلد سأل. واحد من الجستابو ضربه بالقلم وحسيت عيني توسعوا من الصدمة.

"اخرس يا يهودي! إيه اللي يخليك تفتكر إنك تتكلم مع آري كأنه ند ليك؟" الجستابو الرئيسي قال ومستر كورنفيلد بيدعك خده.

"بابا!" بنت صغيرة صرخت وهي جريت على مستر كورنفيلد. ست وولد في سني تقريباً دخلوا في مجال رؤيتي. عرفت الولد. زاك. الولد اللي اديته منديل جيبي.

"يلا نمشي"، الجستابو الرئيسي قال وهو أشار للباب. محدش من عيلة كورنفيلد اتحرك، وده خلى الجستابو يغضب أكتر ويسحب أصغر واحد فيهم لقدام.

"ليه بتعملوا كده؟" زاك سأل وهما زقوه بعيد عن أخته. مستر كورنفيلد حط إيده على كتف زاك.

"امشوا بس"، الجستابو قال ومستر كورنفيلد قدم زاك ومراته وزاك ماسك أخته الصغيرة.

قعدت في صمت مصدوم. كل عضلة في جسمي كانت متوترة ومكنتش عايز غير إني أجري وراهم بس كنت عارف إن ده هيسبب مشاكل أكتر من اللي موجودة أصلاً.

بعد ساعة، حركت رف الكتب ولقيت المكتب متدمر. اعتبرت نفسي محظوظ إنهم سابوا رف الكتب في حاله. مشيت لوسط الأوضة وهزيت راسي وأنا ببص حواليا. إزاي ده ممكن يحصل؟

روحت البيت وحطيت إيدي في الجاكيت وأنا ماشي ورأسي مليانة بفكرة إني مش عارف الجستابو خدوا عيلة كورنفيلد فين.

لما روحت البيت، لقيت عيلتي قاعدين في دايرة ومش بيقولوا كلمة. مكنتش عارف ليه عاملين كده لحد ما أديلين جريت وحضنتني ودموع بتنزل على خدودها المدورة والشاحبة.

"ورق التجنيد بتاعي وصل، مش كده؟" سألت. أبويا هز راسه ووقفت باستقامة.

"يبقى هخدم ألمانيا بأقصى ما أستطيع"، قلت. أدالولف جري وحضني هو كمان.

"هنلاقي طريقة نخرجك ونضمن إن-" أمي بدأت. هزيت راسي.

"هخدم بلدي ومش هتقدروا تمنعوني. لو معملتش كده، هيبقى حد تاني. وكمان جدي وجد جدي خدموا ألمانيا وهخليهم فخورين"، قلت وأنا سبت أخواتي.

فضلت صاحي في السرير الليلة دي وببص على السقف. سرير. أقصد الأرض عشان أخواتي ياخدوا الكنبة والترابيزة ويناموا كويس. مكنتش عارف أنام بسبب كل اللي حصل خلال اليوم.

"ألاريك؟ أنت لسه صاحي؟" أدالولف سأل من الترابيزة. قعدت وبصيت عليه. كان ساند على كوعه.

"أنا صاحي. فيه إيه؟" سألت. اتنهد وبص على الترابيزة.

"لازم تروح الحرب؟" سأل. بصيت عليه باستغراب.

"لازم. يمكن أكسب فلوس كفاية عشان تاخد أوضتك الخاصة"، قلتله. ابتسم وضحك شوية بس اختفت بسرعة.

"مش بيهمني ده. عايز أشوفك كل يوم"، قال واتنهدت.

"هكتبلك كل يوم وهحكيلك عن الحرب"، قلت. حرك رجليه وقعد على الترابيزة زي أي شخص عادي.

"قريت كتاب كل شيء هادئ على الجبهة الغربية"، قالي. بصيت عليه.

"ده كتاب ممنوع! إيه اللي كنت بتفكر فيه؟" همست-صرخت في أخويا الصغير.

"حفلة حرق الكتب الشهر اللي فات، كانت مغرية أوي. خطفته لما محدش كان شايف. قريت كل كلمة. الحرب بشعة"، قال.

"عملت إيه بالكتاب؟ قول لي إنك اتخلصت منه"، طلبت منه. هز راسه.

"أخدته لمخبأي"، قال. اتنهدت لحد ما كمل، "مع كتب تانية أنقذتها". بصيت عليه.

"أنت مجنون؟" سألت. بصلي.

"زي ما أنت مجنون لما بتشتغل عند راجل يهودي"، قال. بصينا على أوضة أهلي وبعدين بصينا لبعض تاني.

"بكرة هنتكلم في مخبأك"، قلت. هز راسه ونام تاني. كان لازم أحمي أخويا.








المنبوذين

مشيت ورا أدالولف لمخبأه وزحفنا جواه. لما دخلنا، بصيت حواليا وشفت رفوف كتب وأشياء كان المفروض تتحرق، بس واضح إن أخويا أنقذها.

"أدالولف، ليه عندك كل ده؟ إيه لو حد مسكك؟" سألته وهو هز كتفه.

"مش فاهم ليه لازم نحرق كل الحاجات دي. دي حقائق ومينفعش نخبي الحقيقة"، قالي، "وواضح إنك مش فاهم برضه."

"محدش يقدر يربطني بيه، بس لو حد لقى دول، هتبدأ حملة تفتيش"، قلتله. اتأفف.

"إيه لو حد دخل المكتب وشافك؟" سأل. عضيت شفتي اللي تحت.

"يهود تانيين شافوني بس عمر ما آري شافني. وكمان محدش هيقلق من ده تاني"، قلتله. بصلي باستغراب.

"قصدك إيه؟" سأل وأنا قعدت على الأرض.

"الجستابو خدوه. هو وعيلته كلها. معرفش الجستابو واخدينهم فين بس عارف إن ده مش صح"، قلت. قعد جنبي وأنا بصيت عليه وهو بيعض شفته.

"لو قلت لأبويا أي حاجة من دي، أنا ميت"، قال. أدالولف كان عنده ستة عشر سنة، بس أديلين كانت معجزة وعندها سبع سنين بس. أعتقد الناس ممكن تقول إن أنا وأدالولف كنا قريبين وبنعمل حاجات كتير مع بعض، بس ده كان بيتضمن نخبي حاجات عن أبونا كنا عارفين إنها هتخليه يشوفنا أقل من رجالة.

"هو أنا عمري قلتله إنك مثلي؟" سألت. اتنهد. قالي قبل ست شهور إنه مثلي وفي الزمن ده أخويا كان هيتعرض للهجوم بسبب ميوله الجنسية، يمكن حتى يتقتل.

"لأ"، قال. هزيت راسي واتنهد وهو نزل راسه. كان مكسوف من ميوله الجنسية وعارف العواقب لو حد عرف.

"يبقى ليه هقوله عن مخبأك والكتب؟" سألت. هز كتفه ولمست كتفه.

"أعتقد إني عارف كل اليهود ومنبوذين هتلر رايحين فين"، قال. بلعت ريقي.

"هنا أنا هقف"، قلت، "مفيش حاجة هتحصلك." حضني لما سمعت حفيف ورانا.

"هايكو! ده أخويا. متقلقش. هو عارف عن ميولي الجنسية"، أدالولف قال. بصيت على الولد اللي أدالولف بيشاور عليه.

"أهلاً"، هايكو قال وهو قعد جنب أخويا. كان باين عليه الارتباك وبعدين لاحظت إنه مسك إيد أخويا.

"بقالكم قد إيه مع بعض؟ واتقابلتوا فين؟" سألت. سحبوا إيديهم وحطوها في حضنهم.

"سنة وشوية"، أدالولف قال.

"ومينفعش نقولك عشان ده هيعرض مئات تانيين للخطر"، هايكو قال. هزيت راسي وهما بصوا لبعض.

"ألاريك، ممكن تساعدنا"، أدالولف قال. بصيت عليهم باستغراب.

"في إيه؟" سألت، "مش هقول لحد عن علاقتكم."

"مش ده. عندنا أصحاب مثليين مختفيين. أدالولف كان بيحقق بس مش شايف إنه صح"، هايكو قال.

"إيه اللي بيحصل في رأيكم؟" سألت وأنا ببص على أخويا. أخد نفس عميق.

"أعتقد إن الحكومة بتتخلص من أي حد شايفينه تهديد للنظام الطبيعي"، أدالولف قالي وبصيت على هايكو.

"إزاي هيتخلصوا منهم من غير ما الكل يعرف هما فين؟" سألت. هايكو بص على أدالولف وأدالولف اتنهد.

"أعتقد إنهم بيقتلوهم. ده الشيء الوحيد اللي منطقي"، أدالولف قال. تبادلت نظرة مع هايكو وهو هز كتفه. مسكت إيد أخويا وهزيت راسي.

"مفيش حاجة هتحصل لحد. الناس مش قاسية لدرجة إنها تقتل ناس أبرياء"، قلت.

"وكمان، كل أصحابنا متكتمين على ميولهم الجنسية، ممكن يكونوا بيقضوا وقت مع أحبائهم"، هايكو قال. أدالولف هز راسه.

"أنا يمكن بس متوتر على الفاضي"، أدالولف قال وهو بيحاول يبان إيجابي.

"أكيد"، قلت. هز راسه وقفل عينه. هايكو حط إيده حوالين كتفه وباس جبينه.

"أدالولف، لازم تفتكر إن الخوف مش هيساعدنا نستخبى. لازم تبقى قوي"، هايكو قاله بهدوء وأدالولف هز راسه.

"عارف. بس مش عارف هنفضل في ألمانيا لحد إمتى أنا وأنت"، أدالولف قال.

"عايز تسيب ألمانيا؟" سألت. بصوا عليا.

"بنتعلم إنجليزي عشان ننقل لمجتمع مثليين في أمريكا"، هايكو قالي، "وأوراق." بصيت على حضني وفجأة أدركت إني ممكن أوديهم أمريكا بأوراق أمريكية.

"تعالوا معايا"، قلت وأنا بدأت أخرج من المخبأ.

هايكو وأدالولف مشيوا ورايا وفتحت باب مكتب مستر كورنفيلد. تبادلوا نظرة وأنا فتحت الباب ومشيت على الخزنة.

"إيه المكان ده؟" أدالولف سأل. طلعت ورق الهجرة واتنين من التذاكر.

"طريقكم للخروج"، قلت وأنا بتأكد من التذاكر. كانوا لليلة دي وكنت عارف إنهم لو مخرجوش، المجتمع هيقتلهم، لو مش أبويا.

"دي أوراق هجرة وتذاكر لنيويورك"، هايكو قال وأنا لقيت قلم عشان أكتب أسمائهم على أوراق الهجرة.

"متسألوش أسئلة. انتوا الاتنين آريين ومحدش هيسألكم وإنتوا بتركبوا الطيارة"، قلت وأنا بملى أوراق أدالولف.

"يمكن تيجي معانا"، أدالولف قال. بصيت عليه وهايكو بيكتب اسمه على الورق.

"مينفعش أهرب من الجيش. خلوني أخدم وبعدين هجيلكم هناك"، قلت وحضني.

"شكراً"، قال وابتسمت له ولهايكو اللي هز راسه شكراً.

"أدالولف، لازم نمشي. مينفعش نفوت الطيارة"، هايكو قال. ابتسمت وأدالولف هز راسه. وبعدين زي الطيور في الشتا، اختفوا. وده كان أحسن ليهم.

تعليقات

  1. كنت بدور على حد بيكتب روايات عن الحروب فكمل فيها وهقراها طبعا

    ردحذف

إرسال تعليق

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء