رسائل مجهولة - رعب
رسائل مجهولة
2025, أدهم محمد
جريمة
مجانا
طالبة جامعية تجد نفسها متورطة في سلسلة من الأحداث الغامضة والمخيفة، حيث تبدأ برسالة تهديد غامضة تتهمها بقتل صديقها المفقود، وتتوالى الأحداث لتكشف عن ماضيها وعلاقاتها المعقدة مع شخصيات محيطة بها، وتصاعد الأحداث يزيد من التشويق والإثارة، ويضع لوسي في مواجهة مع حقائق صادمة تهدد حياتها.
لوسي ستارلينج
بطلة الرواية، طالبة جامعية تواجه اتهامات غامضة وتكشف عن ماضيها.جايس لويد
رئيس اتحاد الطلبة، شخصية جذابة وغامضة تلعب دورًا محوريًا في الأحداث.لوكاس وايت
صديق قديم للوسي، يظهر مجددًا ويثير تساؤلات حول علاقته بماضيها.
"زي ما معظم القصص بتبدأ بين راجل وست، هو خطف قلبي. خطف قلبي بماسورة حديد. الدنيا اتقلبت بيا وأنا وقعت على ضهري، دماغي خبطت في الأسفلت المبلول. نور العمود اللي فوقينا فرقع نجوم وأنا نظري غوش. اتوجعت من الألم اللي طلع في ضهري وعضيت لساني. تقل خرساني داس على صدري. كنت بنهج عشان أخد نفسي، وببص لفوق على الراجل اللي واقف فوقي. كل اللي كنت فاكراه عنه اتلاشى. جزمتة الملطخة طبعت على بلوزتي، والدم كان بيقطر من الماسورة اللي رماها على كتفه. هو ده دمي؟ تساءلت. زاح رجله من عليا ومشي بالراحة لورا عربيته. رفعت نفسي على كوعي، وبصيت على رجلي. كانوا ورموا خلاص، بس مفيش جروح مفتوحة. يبقى الدم اللي على الماسورة مش دمي... وقتها شفتها. إيد غرقانة دم، هامدة، متدلدلة من شنطة العربية. الراجل زقها جوه تاني قبل ما يلف عليا تاني، ومعاه شريط لاصق وابتسامة مش مبشرة. "أنا مكنتش مخطط لده"، قال. "أنتي بس حظك وحش." الألم، هوا الليل الساقع، كله اختفى، ومفضلش غير استنتاج بسيط إني هموت الليلة. "أنا آسف على كده"، ده كل اللي قلته. وكنت قصديها بجد. قبل خمس أيام يوم الاتنين الصبح، وصلت لتوجيه السنة الأولى قبل ما يبدأ بخمس دقايق بالضبط. شجر الخريف كان مدي ألوان حلوة للملاعب الخضرا بتاعة الجامعة. شوية طلبة كانوا متجمعين بالفعل، بس التوجيه مابدأش غير بعد عشر دقايق، وكمان عشرين دقيقة عشان معظم طلبة السنة الأولى يوصلوا. "لحقت؟" بيانكا بروكس نهجت وهي بتجري عليا. ابتسمت لصاحبتي، واديتها المنشورات اللي كانوا بيوزعوها علينا. "كانوا بيتكلموا أغلب الوقت. بيخلصوا دلوقتي قوانين ولوائح الجامعة." "أوه، كويس. والرحلة اللي بعد كده؟" "أيوه." "تمام." بيانكا رفعت نظارتها الشمس على عينيها. بصينا لبعض قبل ما تضحك وتزق كتفي بهزار. "يا بنتي متفتيش"، قالت. "مش كل الناس مثالية زي لوسي ستارلينج. كان فيه حفلة قبل التوجيه امبارح بالليل." مع إن علامات السهر كانت واضحة - شبشب وجاكيت منفوخ هي عمرها ما لبسته - مكياج بيانكا كان لسه مثالي، وشعرها الأشقر والبنفسجي المتدرج كان مربوط ديل حصان مظبوط. "متنسيش تشربي مية كتير النهاردة"، حذرتها. "يا ماما"، لفت عينيها. "بعد ما خلصت مهمتي"، رئيس التوجيه اتكلم بصوت أعلى، "يسعدني أسلم الراية لإيدين أنشط. يا ريت ترحبوا بتمثيلي طلبة الجامعة ترحيب حار." عيون متجعدة من الضحك ابتسمت للطلبة اللي طلعوا على المنصة. جو المكان اتغير، واندفع على طلبة السنة الأولى مع نسمة الخريف. همسات انتشرت زي حفيف ورق الشجر. "أهو"، بيانكا همست، "السبب اللي نص البنات هنا اختاروا الجامعة دي عشانه." ضيقت عيني على المنصة. من بين الستة ممثلين، تلاتة كانوا رجالة. واحد طويل، واحد لابس نظارة، والتالت كان عليه بقعة دهان على هدومه. "مين فيهم؟" سألت. "مش باين يعني؟" رئيس التوجيه سلم بحماس على الطالب الطويل قبل ما يلف وشه للجمهور. "أهلا بيكم يا طلبة السنة الأولى"، رحب. من غير ما يعلي صوته، كلامه وصل لكل مكان في الملعب. "هو ده"، بيانكا همست. بصيت على الراجل تاني. شعر بني رملي كان بيأطر عينين طيبين. كان طويل ولبسه أنيق، بس جسمه كان فيه عضلات توحي إنه رياضي. بس أحلى حاجة فيه كانت ابتسامته. ابتسامة صادقة نادرة تخليك تحس إنه صاحبك المقرب. "اسمي جايس لويد، وأنا رئيس اتحاد الطلبة بتاعكم"، قدم نفسه. "معايا هنا بقية ممثلي اتحاد الطلبة." زمايله رفعوا إيديهم وهو بيقدمهم. "سيندي، هيذر، آنا، هنري، وويكوس. لو احتجتوا أي مساعدة أو عندكم أي أسئلة، أي حد هنا هيكون سعيد يساعدكم." "طلبة السنة الأولى سقفوا، ومعظم البنات كانوا فعلاً مركزين مع جايس. "مع إن أنا هنا عشان أعمل جولة في حرم الجامعة، فيه حاجة لازم أقولها." ابتسامته اختفت، وسابت إحساس بالفراغ. ولا طالب واحد شال عينه من عليه. "جامعة نيو هيل بتفتخر باهتمامها براحة طلبتها"، جايس كمل. "كلكم بتدرسوا بكالوريوس في مجالات مختلفة. شوية منكم هيتخرجوا بعد كام سنة ويدخلوا مجالات شغلهم. وشوية تانيين اللي عايزين يكملوا في الطب ممكن يكملوا تعليمهم هنا. زي ما أنا بعمل." مع إن المصاريف كانت غالية، أنا ضغطت على نفسي عشان أجيب منحة وأقدر أدرس في جامعة نيو هيل عشان السبب ده. دي كانت أحسن جامعة للي بيدرسوا في المجال الطبي. "أي طريق هتختاروه، إحنا هندعمكم ونحميكم على قد ما نقدر"، جايس أعلن. "أنا بتمنى إن كلكم تفتكروا الفترة دي من حياتكم بحب. وإن ولا طالب واحد هنا يتأذى." لما ذكر الأذى، سكون موت غطى الجمهور. الكل عارف الكلام اللي هيجي بعد كده. بقالها سنتين تقريباً من لما تحذيرات الأمان دي بقت ضرورية. "الدراسة بدأت من شهر"، قال بجدية. "بس النهاردة أول يوم بنفتح أبوابنا للطلبة السنة دي. مش سر ليه ده حصل. مع إن حالات الاختفاء وقفت الشهر اللي فات، الشرطة لسه فاتحة التحقيقات دي. أكتر من أربعين شخص في المدينة دي اختفوا من غير أثر في السنتين اللي فاتوا. التشابه الوحيد بينهم إن مفيش أي تشابه بينهم أصلاً. كبار، صغيرين، رجالة، ستات. ممكن تكونوا تعرفوا شوية منهم شخصياً." نسمة هوا لعبت بشعري، وحطيت خصلة سودا ورا ودني. لما لفيت لصاحبتي، قلبي وقع. بيانكا كانت بتبص لقدام من غير ما ترمش. بقاله تلات شهور من لما شوفنا تشارلي وايت آخر مرة... دلاية الحمامة اللي في رقبتي كانت تقيلة. رئيس اتحاد الطلبة ابتسم ابتسامة خفيفة أوي، كانت ممكن تكسر قلب أي حد. "مع إن جامعة نيو هيل بتفتخر إنها مخسرتش ولا طالب واحد في الأحداث المؤسفة دي، لازم نبقى متيقظين. الطلبة يُنصحوا إنهم يمشوا في مجموعات من تلاتة ويكونوا جوه البيت الساعة عشرة بالليل." "تِش"، بيانكا ضحكت بسخرية. "تشارلي عمره ما كان بيسهر برا. القاتل ده ميهموش إذا كان نهار ولا ليل." ربتت على ضهرها. "معرفش إذا كان قاتل أصلاً. مفيش حاجة اتلاقت." "أنا عارفة"، بيانكا قالت وهي بتجز على سنانها، وزقت إيدي بعيد. "أنا عارفة إن تشارلي جثة متعفنة في حتة. هو مش هيسافر رحلة من غير محفظته وتليفونه." "شنطة الرياضة بتاعته كانت مفقودة، على العموم"، قلت. تشارلي كان دايماً شايل شنطة الرياضة بتاعته على كتفه، وميداليات المفاتيح بتتدلدل وهو ماشي. "أنتي بتحاولي تنرفزيني؟" بيانكا سألت. بصتلي نظرة باردة قبل ما تلف وشها لقدام تاني. معنديش حاجة تانية أقولها، بصيت على جزمتي، وبخبط الكلوج القديم بتاعي في بعضه. "لسه بدعي إنه يرجع بالسلامة"، قلت. وده كان حقيقي. كنت بدعي كل يوم لسلامة وسعادة اللي حواليا. ده كان كل اللي أقدر أعمله. "اتحذرتوا تكونوا حريصين مرات كتير، بس عايز أأكد على الموضوع تاني"، جايس قال. "لو أي حد فيكم حس بخطر أو شاف حاجة مريبة، يا ريت يتصل بيا أو بأي موظف." موجة تصفيق تانية ملت الملعب لجايس، وهمسات بتنتشر بين البنات. "هيتعب معاهم أوي"، بيانكا لفت عينيها. بعد ما خلص تحذير الأمان، ممثلي اتحاد الطلبة خدوا طلبة السنة الأولى في جولة في الجامعة لمدة ساعة. طول الوقت ده، كنت منبهرة بالتصميم التاريخي للمباني. مع اللبلاب اللي طالع على كل حيطة وأشجار البلوط الضخمة اللي مغطية الحدائق المعتنى بيها، حسيت إني بتمشى في قلعة من حواديت خيالية. مفيش أي شبه بينها وبين الشقة الصغيرة اللي كنت عايشة فيها مع عيلتي. ولا هوا المحل الخانق اللي كنت بشتغل فيه. الجولة خلصت أخيراً في قاعة اتحاد الطلبة، وجايس طلع على المسرح تاني. "هخربش أي بنت تانية تحاول تقرب منه"، بيانكا هددت. "إزاي هما متوهمين كده؟ كأنه هيقبل بواحدة من السنة الأولى عشوائية. الواد ده عنده كل حاجة. وسيم، غني، رئيس اتحاد الطلبة، دكتور المستقبل، كابتن فريق البيسبول." "أوه، هو كابتن فريق الجامعة؟" سألت. "يبقى أكيد يعرف جورج." "أقسم بالله أنتي عايشة تحت صخرة يا لوسي. ده جايس الآس. مع رميته القاتلة دي، سمعت إن الفريق الوطني حاولوا يستكشفوه." الممثلين اسكتوا القاعة وجايس شبك إيديه في بعض. "كده الجولة خلصت يا جماعة! أتمنى تعرفوا تمشوا بين المحاضرات بكرة. وقبل ما أنسى"، جايس لف لواحدة من الممثلين اللي ادته ورقة وشيكولاتة. "لوسي ستارلينج موجودة النهاردة؟" سأل الجمهور. "ممكن تيجي هنا؟" في لحظة، اتحولت لتمثال. أنا؟ "—وسي؟ لوسي؟" بيانكا زقت كتفي، ورجعتني للواقع. "لوسي، دي أنتي. روحي." فكي اترخى. "آه. أوه. تمام." من آخر القاعة، سبت شنطة كتفي على الحيطة وطلعت لقدام. رجلي خدتني بتوتر لحد المسرح. كنت مركزة أوي، مكنتش عارفة نظرة الناس كانت عاملة إزاي وهما بيبصوا عليا. في آخر درجة على المسرح، اتكعبلت، بس إيد لطيفة سندت كتفي قبل ما وشي يخبط في الأرض الملمعة. وشي سخن أوي. "بالراحة"، جايس ضحك. لساني كان متلخبط مش عارفة أرد. أكيد لاحظ، عشان ابتسم ابتسامة مطمئنة بسرعة، وخد كل تركيزي. عيونه البنية كانوا غنيين أوي، كانوا شبه الحمر." "ممثلو اتحاد الطلبة عايزين يقولولك كل سنة وأنتي طيبة يا لوسي." ولما مخدش رد من وشي المتخدر، زود: "النهاردة تلاتة وعشرين سبتمبر، صح؟" "أه-أيوه!" قدرت أطلع الكلمة بالعافية. "ش-شكراً جداً." جايس حط في إيدي شيكولاتة متغلفة بشريط أحمر، ومعاها ورقة صغيرة. "في جامعة نيو هيل، بنهتم بكل واحد فيكم"، قال. "ش-شكراً!" كررت. موجة تصفيق ملت القاعة وأنا جريت بسرعة ورجعت لبيانكا. "إيه الهبل ده يا لوسي؟" صاحت صاحبتي. "مقولتليش إن عيد ميلادك النهاردة." "ده نفس اليوم بقاله خمس سنين بنعرف بعض"، قلت بتريقة. "يا بختك يا شيخة. ليه عيد ميلادي لازم يكون في ديسمبر؟" اتنحت. لما الناس بطلت تبص عليا، بصيت على الشيكولاتة، وقريت الورقة. أطيب التمنيات من ممثلي اتحاد الطلبة. ابتسمت، وكنت بلعب بالشريط الأحمر وإحساس دافي بيتكون جوايا. السنة دي هتكون مختلفة. مفيش إشاعات ثانوي تاني. "شكراً لكل اللي حضروا النهاردة"، جايس أنهى كلامه. "متنسوش معرض الأندية بكرة، وطبعاً حفلة التوجيه بعد خمس أيام في داون تاون هاي رايز!" لما الكل اتصرف، أنا وبيانكا مشينا على الباركينج، ومشينا في الممر المرصوف اللي وسط الجناين. معظم الطلبة التانيين فضلوا ورا عشان يتكلموا مع الممثلين. "مش قادرة أستنى يوم السبت. نفسي أروح البار ده من زمان"، بيانكا ابتسمت. "دي هتكون أحسن حفلة توجيه لحد دلوقتي." هزيت راسي بالموافقة. أشجار بلوط ضخمة كانت مغطية طريقنا بظلال الخريف. الجولة كانت تحفة النهاردة، بس أكتر حاجة عجبتني كانت المكتبة. وقفت. "إحم، في الحقيقة يا بيانكا، ممكن تمشي أنتي. أنا عايزة أسجل عشان أخد كارنيه مكتبة." "تمام، تمام"، لوحتلي بإيدي. "أشوفك بكرة يا نيرد." "سوقي بالراحة"، قلت، وعيني ضيقت وأنا ببتسم. إيدي ورا ضهري، خدت وقتي وأنا بمشي في الممر المرصوف، وجيبتي الطويلة كانت بتتهز مع كل خطوة. ريحة الورق والحبر ملت مناخيري لما دخلت المبنى الضخم. شبابيك فيكتورية طويلة كانت بتدخل شمس الضهر الدافي. شوية طلبة كانوا بيتحركوا جوا وبرا، يا بيذاكروا يا بيدوروا على كتب. مشيت على مكتب الاستقبال، وبدور على مساعد. "محتاجة مساعدة؟" صوت تخين سأل من ورايا. كنت هتنط لما لفيت. الراجل كان واقف قريب مني أوي، وعيونه كانت بتبص جوايا. كان شكله طالب سنة رابعة، أو يمكن طالب طب، وشعره مصبوغ أبيض وبشرته كانت باهتة زي بشرتي بالظبط. وشم كان باين من أكمام الهدوم بتاعته اللي كانت مرفوعة. "محتاجة مساعدة في حاجة؟" كرر سؤاله. فيه حاجة في وشه كانت مألوفة. عيونه الزرقا كانت بتجرني لذكريات بعيدة. "أوه"، وشي احمر، لما عرفت إني بصيت عليه كتير. "أيوه، إحم. أنت بتشتغل هنا؟" "مش عارفاني؟" قال متضايق بسخرية. عيني وسعت. "افتكرتك مألوف!" قلت، ولزقت نفسي في المكتب. كانت ريحته سجاير وكولونيا. "بقاله كام سنة. صبغت شعري. عملت شوية وشم. مش بلومك"، هز كتفه. خرم في حاجبه كان بيلمع في الضوء. "بقالك قد إيه من لما مشيتي؟ مامتك اتجوزت تاني وقتها، صح؟" أخيراً افتكرت. "لوكاس وايت!" "لوسي ستارلينج. أخدتي وقتك أوي"، ابتسم، وأخيراً عرفته إنه الولد اللي شوفته آخر مرة من عشر سنين تقريباً. "عرفت إزاي إنها أنا؟" سألت. "بتهزري؟ متتغيرتيش خالص. لسه عندك عادة الهبل دي إنك تلبسي فيونكة في شعرك." بشكل تلقائي، مديت إيدي ورا راسي ولمست الشريط الأبيض. أنا فعلاً لبستهم كل المدة دي؟ "بابا كان بيربطهم لي." "أيوة، فاكر." "هوا ساقع طلع جوايا، بس كتمته قبل ما أي أفكار تتكون. لما بصيت على لوكاس تاني، كان بيبص عليا من غير ما يرمش. فضلت ثابتة تماماً، مليون ذكرى باهتة شلت حركتي. "أنا آسفة يا لوكاس"، قدرت أطلع الكلمة بالعافية، وكنت بلعب بدلايتي الدهب. "على إيه؟" "تشارلي... لسه بيدوروا عليه." "آه. أيوه. كنتوا صحاب أوي. روحتوا نفس المدرسة الثانوي في الآخر، صح؟ مش كنتي بتواعدي أخويا كمان؟" "لأ، لأ"، تجنبت ألاقي عينه. "هو وبيانكا كانوا مرتبطين." "بيانكا؟ كل ما كنت أنزل البيت من الجامعة كان بيتكلم عنك أنتي بس." "كنا مجرد أصحاب." "حتى وإحنا صغيرين كان دايماً ماشي وراكي زي الجرو." "أنت كمان كنت ماشي ورايا"، طلعت مني الكلمة بالغلط. بصينا لبعض تاني، وتساءلت لو كان فاكرها هو كمان. اليوم ده في الغابة... التوتر بيننا كان تخين. مين هيجيب الذكرى دي الأول؟ هل هنجيبها أصلاً؟ لوكاس في الآخر كسر التواصل البصري وخطى خطوة لورا، وخلاني أتنفس براحة. عيونه مسحت لبسي، وضحك زي ما كان بيضحك وإحنا صغيرين. "أخمن كده، بتدرسي أدب؟ ولا فنون جميلة؟" بصيت على لبسي. كلوج، جيبة بني طويلة، وكنزة كريمي برقبة عالية. حواجبي اتجمعوا لما ملقيتش أي حاجة تدل على استنتاجه. "تمريض في الحقيقة"، قلت. "إيه ده تاني؟" "بكالوريوس علوم تمريض." "يا خبر"، قال. "كنت أراهن بمصاريف الجامعة إنتي هتكملي في مجال إبداعي." "زوج أمي جسمه ضعيف. وأمي مش هتصغر. فكرت إن التمريض هيكون أحسن اختيار عشان أهتم بيهم." "أنتي بتحبي عيلتك أوي، صح؟" "هما كلهم غاليين عليا." هز راسه. "أنتي متتغيرتيش خالص. أراهن حتى الكلب الضال هيبقى غالي عليكي." ضحكت، مش متأكدة أوي إيه النكتة. لما بصيت حوالين المكتبة، أخيراً لاحظت إننا لوحدنا. من دقيقة بس كان فيه دستة طلبة على الأقل... لفيت لجاري القديم، وكان بيعملها تاني. بيبص عليا كأنه بيقرر حاجة. "ساكنة في سكن الجامعة؟" سأل. هزيت راسي بالنفي. "لسه ساكنة مع عيلتي." "بعيد؟" "مش أوي." نظرة لوكاس راحت لجزمتي، وبعدين رجعت لي. "لازم تاخدي بالك وأنتي ماشية لوحدك." ابتسمت له ابتسامة متعاطفة. "هعمل كده." "لو خفتي أو احتاجتي حد يوصلك للباص، ممكن تيجي لي." "شكراً يا لوكاس." مش عارفة أودي الكلام فين، نضفت حلقي. "على العموم، أنا جيت عشان أسجل عشان كارنيه مكتبة." "معاكي بطاقة الطالب؟" سأل وهو بيلف من ورا الكاونتر. مديت إيدي لشنطتي، بس وقفت لما عرفت إن مفيش حاجة على كتفي. "يا خبر، نسيت شنطتي." "نسّاية زي ما أنتي." بصيت على الساعة. كان لسه فيه حاجات كتير لازم أعملها قبل الشيفت بتاعي. "أنا- أنا هروح أجيب شنطتي وأروح البيت. هسجل بكرة بقى." "زي ما تحبي." وشي احمر وأنا بودع صاحبي القديم. "أنا همشي دلوقتي. كان حلو إني شوفتك تاني يا لوكاس." "أنتي كمان يا ستارلينج." ابتسامة اتكونت على وشي وأنا بجري على مبنى اتحاد الطلبة. في الوقت ده، القاعة كانت فاضية، والنور مطفي. خطواتي كانت بتتردد وأنا داخلة. لما لمحت شنطتي على الحيطة، جريت عليها وتأكدت إن مفيش حاجة اتسرقت. وأنا بعمل كده، ورقة صغيرة وقعت من شنطتي على الأرض. إحساس غريب وهادي طلع في عضمي. بصيت حواليا، وحسيت فجأة إني مش لوحدي. برغم قلقي، القاعة فضلت فاضية. حواجبي اتجمعوا وأنا بوطي. الإحساس الغريب ده اتحول لقشعريرة وأنا بشيل الورقة. وأنا ببص على الكلام اللي مكتوب بحبر أسود، قلبي كان بيدق جامد وريقي نشف. لوسي... لوسي الجميلة... مش فاكرة إزاي قتلتِ تشارلي وايت؟ جسمي اتجمد. مين كتب ده؟
تكتب معايا ؟
ردحذف