مستشفى سيول البيطرية

 أول لقاء
"هو التصوير ده ملوش نهاية ولا إيه؟!"

"وقطع! شُغل جامد جدًا يا أستاذ لي! تمثيلك عظيم كالعادة!" قال المخرج بحماس، لكن مينهوا اكتفى بابتسامة باهتة وهز إيده باعتراف بارد.

"أنا مضطر أمشي بدري، هنوقف التصوير هنا." قالها مينهوا بنبرة حاسمة وخرج من موقع التصوير من غير ما يستنى أي تعليق من المخرج. المسكين مدير أعماله جري وراه وهو بيمشي بسرعة.

الناس في فريق العمل بصّوا لبعض وهم بيهزوا كتافهم عادي، لأنهم متعودين على تقلبات مينهوا المزاجية. المخرج تنهد وقال بصوت عالي: "يلا يا جماعة، لِمّوا حاجتكم!"

الدنيا اتحولت لزحمة وكركبة، والكل بدأ يلم معداته بسرعة. كالعادة، الهمسات بدأت تنتشر بين الفريق. لكن كان فيه اتنين بيتكلموا عن موضوع مختلف.

مينهوا لي.

"مش شايف إن الممثل ده قليل الذوق؟ يمشي فجأة في نص التصوير كده؟" شاب صغير قالها وهو بيساعد واحدة من فريق العمل تلم حاجاتها. البنت وقفت وبصت له باستغراب:

"إنت جديد هنا؟"

الشاب هز رأسه بحرج وقال: "آه، أول يوم ليّا."

البنت ضحكت وقالت: "عشان كده سألت السؤال اللي كل الناس عارفة إجابته."

الشاب بصّ لها بحيرة: "يعني إيه؟"

"ببساطة، ده لي مينهوا! شايل صناعة السينما على صباعه الصغير. احنا خلاص اتعودنا على معاملته دي، فمبقيناش نستغرب."

"بس برضه... مش قلة ذوق؟"

البنت رفعت صوتها فجأة بطريقة خضت الشاب: "بص هنا يا أستاذ، لو مش عايز مينهوا يطيرك من الشغل، يبقى الأفضل تسكت خالص."

الشاب رد بانفعال: "بس أنا اتعينت عن طريق المخرج!" حسّ إنه مظلوم من حاجة ملهاش علاقة بيه.

البنت ضحكت بمكر: "طب اسمع بقى، مينهوا اللي انت شايفه ده مش هيترعش لحظة يدمر حياة المخرج نفسه. فمين تتوقع المخرج يفضّل؟ واحد عادي ولا سوبر ستار؟"

الشاب سكت وهو مش عارف يرد، والبنت زادت ضحكتها وهي بتقول: "ها؟ يبقى دي إجابتك. يلا ساعدني نلم الشنط."

في نفس الوقت، مينهوا كان قاعد في عربيته الـSUV وباصص برا الشباك بهدوء. بص على حجره ولاقي القطة بتاعته نايمة بهدوء. فجأة قال بصوت واضح:

"سووبين، روح العيادة البيطرية اللي جنبنا."

السواق هز راسه باحترام، لكن مدير أعماله يونجون بص له باستغراب وقال:

"بس يا أستاذ لي، محجزناش أي معاد."

مينهوا رد ببرود وهو بيمسح على القطة النايمة بلطف: "مش مهم. فكرت إني أوريهم القطة دلوقتي، يبقى لازم يكشفوا عليه برضه دلوقتي."

يونجون هز راسه من غير ما يعترض. مالوش فايدة النقاش، فكر وهو باصص على مينهوا اللي كان سرحان.

في مكان تاني عند عيادة لوتس البيطرية...


"دكتور جيسونج، ورديتك خلصت؟" سألت لي نام، موظفة الاستقبال، وهي بتراقب جيسونج وهو ماشي ناحيتها ماسك الموبايل وبيكتب حاجة.

خلع البالطو الأبيض وحطه في شنطته السودا اللي كان شايلها على كتفه.

"لسه ورديتي مخلصتش، باقي 5 دقايق." رد جيسونج وهو بيبص في ساعته الرقمية. "بس مضطر أجهز لبسي عشان همشي، أخدت 4 أيام إجازة، ومفيش مواعيد تاني."

نام هزت راسها بابتسامة: "طيب، استمتع بوقتك!"

"شكراً، نونا." قالها جيسونج وهو بيهز إيده ومكمل طريقه من عند الاستقبال، ولسه مركز في كتابة حاجة على الموبايل.


ماما:

إمتى هترجع؟
هاني <3:

قريب يا ماما، لازم أجهز لبسي الأول.
ماما:

تمام، كلّمنا أول ما تمشي.
هاني <3:

حاضر يا ماما، بس عندي سؤال... فيه مناسبة ولا إيه؟
ماما:

هتعرف قريب :)
كان هاني هيكتب رد لما فجأة خبط في حد، والموبايل وقع على بلاط المستشفى الأبيض. بسرعة جمعه من الأرض وبص عليه، لقى خربوش كبير على الشاشة.

رفع عينيه وشاف واحد لابس جاكيت أسود فاحم ماشي بعيد من غير حتى ما يقول آسف.

"يا جاكيت الأسود! معندكش عيون ولا إيه؟!" هتف جيسونغ بغضب.

مينهوا وقف مكانه ولف ناحيته، رافع حواجبه وكأنه متوقع إن جيسونغ يسكت أول ما يعرف مين اللي قدامه. لكن المفاجأة إن جيسونغ مكملش سكوته.

"بتبص لي كده ليه؟ أول مرة تشوف بني آدم؟"

مينهوا بص له بغضب وقال:

"عندي نفس السؤال ليك. معندكش عيون؟ وبعدين متزعقش لي بالنبرة دي، هتندم عليها."


جيسونغ رفع حاجبيه وقال: "تشي، مين إنت بقى يا عم؟"

"إيه اللي قلته؟" سأل مينهوا وهو بيبص له بغضب.

جيسونغ لف عينيه وقال: "عامل زعّل كده؟ ما تتعجبش، إنت واضح عليك كبرت." وكان بيهز إيده في حركة استفزازية، وده خلا مينهوا يزيد غضبًا.

"إنت..." قبل ما يبدؤوا يتخانقوا تاني، مس عجلة نام جريت ناحيتهم بعد ما سمعت الصوت العالي برا.

"دكتور جيسونغ، في إيه؟" وقفت لما شافت المنظر، عيونها توسعت خوفًا. "أستاذ لي؟" همست وهي مرعوبة.

جيسونغ بص لها بغضب ممزوج بالحيرة وقال: "إنتي تعرفي الراجل المتعجرف ده؟"

"خلي بالك من لسانك شوية." قال مينهوا وهو بيتحرك بغضب ناحيته، لكن جيسونغ حط إيده على صدره عشان يمنعه من التقدم. وكانوا الاثنين في نفس الطول، فكان المشهد مرعب وحتّى عنيف شوية.

مس نام اتخضت وقالت بسرعة: "دكتور جيسونغ! ده أستاذ لي!"

جيسونغ بص لها بغضب، لكن مش موجه ليها، ده كان موجه للشخص اللي قدامه. دفع مينهوا بعيد عنه، واللي فجأ مس نام والممثل.

القطة سوني قفزت وهي بتخرخر بصوت عالي بعد ما شافت صاحبها اتدفع من حد. ودي كانت اللحظة اللي شافت فيها مس نام القطة البرتقالية.

"أوه، حضرتك جيت عشان تشيك على قطتك؟" سأل مينهوا وهو لسه مكشر وبيبص لجيسونغ، اللي كان بيبص له بنفس الغضب.

"شايفين العجرفة دي؟" فكر مينهوا وهو بيبص مس نام وقال: "عايز قطتي تتفحص كويس وتروح للدكتور."

مس نام هزت رأسها بالموافقة.


جيسونغ سمع الكلام واتنهد باستخفاف.
إيه اللي فاكره ده؟ نفسه أمير؟ فكر وهو بيهز دماغه وحاول يشغل الموبايل.

"من فضلك استنى شوية، يا أستاذ. الدكتور اللي كان موجود آخر مرة..." وقفت مس نام لحظة وبصت على جيسونغ شوية، بعدين بصت على مينهوا وقالت: "خلص ورديته دلوقتي. فلازم تستنى الدكتور كين لما يوصل."

جيسونغ سمع كلام مس نام وضحك داخليًا.
أها، يبقى الأستاذ العجوز ده جاي من غير ميعاد؟ فرصة زي دي مش هتروح سدى. فكر وهو بيضحك في سرّه. بص في وشهم الاثنين ولف ببطء.

"معنديش وقت أضيعه. فين الدكتور اللي كان موجود؟ عايزهم يفحصوا قطتي."

"هممم، يا أستاذ..." مس نام اترددت شوية، وأشارت على ظهر جيسونغ اللي كان خارج من المكان زي ما هو المفروض: "هو كان آخر دكتور."

مينهوا بص على جيسونغ وهو بيختفي، وهو بينشب في أسنانه.

"قولي له يشيك على قطتي."

مس نام هزت راسها وركضت بسرعة نحو جيسونغ، مسكة في معصمه.

"إيه اللي حصل يا نونا؟" سأل جيسونغ، متصرف ببراءة وكأنه مش فاهم حاجة.

"أستاذ لي عايزك تشيك على قطته."

جيسونغ بص لمينهوا شوية، واللي كان بيبتسم وهو فاكر إن جيسونغ هيتطر يوافق، لكن جيسونغ عبس وهو رد عليه بابتسامة بنفس الطريقة.


"لكن مش فاكر إنه حجز ميعاد." قال جيسونغ بصوت عالي عشان مينهوا يسمعه. "غير كده، أنا خلصت ورديتي، ومش هاشتغل وقت إضافي." وأضاف وهو بيبص لمينهوا بابتسامة خبيثة: "لأي حد."

الممثل بص له بغضب شديد.

"هان!" همست مس نام وهي بتبص عليه بقلق، بعدين ابتسمت بشكل محرج لمينهوا، وبصت تاني لجيسونغ وقالت: "اللي بيطلبه بس 10 دقايق، عشان دي مجرد فحص عادي."

جيسونغ بص له مبتسم وقال: "لا، حتى الـ10 دقايق دول مهمين بالنسبة لي. كمان بما إن الفحص عادي، ليه مش يحجز ميعاد زي كل الناس ويستنى لبكرة؟" وغمز له وهو بيهز إيديه للممثل اللي كان هيقفز من غضبه في أي لحظة.

"إنت! هتندم على رفضك لي!"

-----
يتبع
-----