حين يلتقي الحب بالقسوة (الفصل الخامس)
حين يلتقي الحب بالقسوة 5
2025, ريم محمد
رومانسية فانتازيا
مجانا
في هذا الفصل، تُستدعى سيرافينا لعشاء خاص مع الماركيز فالين، لتجد نفسها وسط أجواء تجمع بين الغموض والرقة. بينما تساعدها مربيتها أميليا في التجهيز، تنكشف مشاعر خفية من ولي العهد تشارلز، ما يثير ارتباكها. لقاء فالين يتحوّل من مناسبة رسمية إلى لحظة حميمية، تحمل إشارات عن ارتباط قدري بينهما. وتختتم الليلة بطلب بسيط يكشف رغبة سيرافينا في استكشاف أسرار القصر، وبداية رحلة لا تعرف إلى أين ستقودها.
سيرافينا
تم نقلها للعيش في قصر غامض لسببٍ لا تفهمه بعد، وتشعر دومًا بأن هناك سرًا كبيرًا يحيط بها. رغم غموض ماضيها، إلا أن بداخلها قوة لم تكتشفها بعد، وقلب مليء بالفضول والمشاعر المتضاربة.أميليا
تحمل في قلبها حبًا صادقًا لسيرافينا، وتراها كابنتها. ليست مجرد خادمة، بل مرآة للماضي، وتحمل أسرارًا كثيرة قد تكون مفتاحًا لحقيقة سيرافينا.الماركيز فالين دراكونيا
مالك القصر الذي دُعيت سيرافينا للعشاء معه. يتميز بحضور آسر وهيبة نادرة، يبدو كمن يحمل ألف سر خلف كل كلمة وكل نظرة. اهتمامه بسيرافينا غير متوقع، وكأنها تعني له أكثر مما يظهر.
طرقات خفيفة على الباب قطعت أفكاري الهائمة، نادتني أميليا، مربّيتي التي لطالما شعرت أنها أكثر من خادمة؛ كانت ملاذي الوحيد في هذا القصر الغريب. "سيدتي، هل يمكنني الدخول؟" صوتها الرقيق كان ينم عن توتر غريب. "ادخلي، أميليا. ماذا هناك؟" كان لدي إحساس غامض أن شيئًا ما يحدث. جلست أترقب بينما خطت خطواتها الواثقة نحوي، لكنها لم تخفِ قلقها. "سيدتي... الماركيز دراكونيا يدعوكِ لتناول العشاء معه." "العشاء؟" تمتمتُ بتردد وأنا أراقب تعابير وجهها بحثًا عن إجابة غير منطوقة. ابتسمت ابتسامة مطمئنة وأردفت: "نعم، سيدتي. يبدو أنه يريد التحدث إليك شخصيًا." شعرت بفضول لا يُقاوَم. "حسنًا، أعتقد أن العشاء معه فكرة جيدة. ربما أكتشف شيئًا عن سيرافينا في هذا القصر، أو... عن تلك القوة المقدسة التي تحدث عنها الكاهن الأعلى. إن كان ما يقولونه صحيحًا، ربما اكتشف لماذا هي مرشحة للزواج من إحدى العائلات الخمس." نهضت ببطء وقلت بحزم: "أميليا، قومي بتجهيزي." "أمرك، آنستي." بينما كانت أميليا تمشط شعري الذهبي الطويل، أخذت أراقب انعكاسي في المرآة. في البداية، لم أهتم بمظهر سيرافينا، ولكن كلما دققت النظر، أدركت كم كانت فاتنة. شعرها الذهبي الطويل ينساب كشلال من الحرير، وعيناها بلون الزمرد كانت تبرق وكأنها كنز لا يقدر بثمن. "سيدتي، أعتقد أن هذا الحلق سيتناسب تمامًا مع لون عينيك." تناولت الحلق بحذر وهمست: "إنه جميل... ابتسمت أميليا، وقالت بخفة: "أنتِ رائعة الجمال، سيدتي. أي شخص سيراكِ الليلة لن يستطيع صرف نظره عنك." بينما كانت أميليا تفتح الصناديق وتبحث عن المجوهرات المناسبة، قالت: "سيدتي، هذه كلها هدايا من ولي العهد. عندما علم أنك ستذهبين إلى منزل الماركيز، طلب مني وضعها في العربة." "ولي العهد؟ تشارلز فعل هذا؟" شعرت بدهشة غمرتني، ولم أستطع إخفاء احمرار وجنتي. "نعم، سيدتي. لقد كان حريصًا جدًا في اختيار الهدايا. سمعت من الخادمات أنه أمضى صباحه في البحث عن المجوهرات المناسبة بنفسه." تخيلت تشارلز وسط المتاجر، مترددًا بين القطع، وعيناه تلمعان بشغف غريب. وجهي احمرّ أكثر، وابتسامة صغيرة تشكلت دون إرادتي. اللقاء مع الماركيز بعد أن أصبحت جاهزة، وقفت أمام المرآة. هذه هي سيرافينا، أو بالأحرى... هذه أنا الآن. قادنا الخادم عبر الممرات الطويلة في قصر الماركيز حتى وصلنا إلى باب كبير ومهيب. كان يعكس عظمة المكان وصاحبه. فتح الباب، وظهر الماركيز فالين يجلس بكل وقار على كرسيه الكبير. ما إن رأى وجودي، حتى نهض بخفة، ابتسامة ناعمة تزين ملامحه الجذابة. "آنستي، يشرفني وجودك هنا." مد يده بخفة، وأمسك بيدي ليقودني إلى الكرسي المجاور له. جلست وأنا أشعر بخجل طاغٍ، عينيه لم تفارقانني، وكأنهما تدرسان كل تفصيلة في وجهي. "أتمنى أن تكون هذه الأمسية مميزة كما تستحقين." صوته كان هادئًا، لكن وقع كلماته جعلني أشعر وكأنني في دوامة من المشاعر. هذا المساء... قد يحمل أكثر مما توقعت. بينما جلست على الكرسي بجانب الماركيز فالين، شعرت بنظراته تخترقني برقة، وكأنها تحمل في طياتها أكثر مما يظهر على السطح. حاولت التظاهر بالهدوء، لكن قلبي كان ينبض بعنف تحت تأثير حضوره المهيب. "هل استمتعتِ بجولتك في القصر، آنستي؟" سألني بصوت عميق. "نعم، المكان مذهل. يبدو أن كل زاوية فيه تخبر قصة." ابتسم ابتسامة غامضة، وقال: "لو سمحتِ لي، سأروي لكِ قصة أخرى... لكنها تخصني." فاجأتني كلماته، ونظرت إليه بفضول. "قصة تخصك؟" "نعم. منذ أن سمعت عنك لأول مرة، كنت أشعر بشيء غريب... وكأنه قدر يربطني بك. الآن، وأنا أجلس بجانبك، أدركت أن ذلك الإحساس لم يكن خطأً." كلماته جعلت وجنتاي تحمرّان بشدة، وخفضت بصري لأتجنب نظراته الحادة. لكن قبل أن أستطيع الرد، وقف فجأة واقترب مني، مما جعل المسافة بيننا تنعدم تقريبًا. "فالين؟" همست بصوت مرتجف. لم يجبني، بل انحنى ببطء، وعيناه مثبتتان على عينيّ، وكأنه يبحث عن إذن صامت. شعرت بأنفاسه الدافئة تلامس وجهي، وقبل أن أستوعب ما يحدث، طبع قبلة خفيفة على جبيني. كانت القبلة مفاجئة، لكن لم تكن باردة أو جريئة، بل كانت مليئة بالدفء والحنان. شعرت بدفء غريب يسري في جسدي، وكأن شيئًا داخليًا كان ينتظر تلك اللحظة ليتحرر. "أعتذر... لم أستطع مقاومة ذلك." همس بهدوء، وكأن صوته كان مزيجًا من الخجل والجرأة. نظرت إليه، محاولًة استيعاب ما حدث، لكنني لم أجد الكلمات المناسبة للرد. كل ما استطعت فعله هو الابتسام بخجل. "لن أجبرك على شيء، آنستي. لكنني أردت أن أخبرك بطريقة مختلفة... كم أنكِ مميزة بالنسبة لي." "تلك اللحظة تركتني في حالة من الارتباك" جلس الماركيز فالين على رأس المائدة، محاطًا بجو من الهيبة والرقي. أمامه، كانت الأطباق مرتبة بعناية تعكس الفخامة، لكنني كنت أشعر وكأنني أواجه اختبارًا لا أعرف قواعده. "تفضلي، آنستي. لا تدعي الطعام يبرد." قال فالين بصوته الهادئ، لكن نظراته كانت تراقبني باهتمام. شعرت بيدي ترتجف قليلاً بينما أمسك بالشوكة. الكونتيسة أدلين، التي كانت مسؤولة عن تعليمي آداب المائدة، لم تنهِ دروسي بعد. أمام هذا الكم من الأدوات، لم أكن أعرف من أين أبدأ. أخذت نفسًا عميقًا وحاولت أن أبدو طبيعية، لكن توتري كان واضحًا. لم أكن أتوقع أن يلاحظ، لكن ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه وهو ينهض فجأة من مكانه. "يبدو أن لديكِ بعض القلق، آنستي." قال بهدوء وهو يتقدم نحوي. قبل أن أتمكن من الرد، سحب الكرسي بجانبي وجلس بالقرب مني، مما جعلني أشعر بالحرج أكثر. "لا تقلقي، لن أسمح لهذا الموقف بإرباكك." أخذ الشوكة من يدي بلطف وبدأ يشرح، صوته منخفض وكأن كل كلمة كانت موجهة لي وحدي: "انظري، نبدأ دائمًا بالأدوات من الخارج إلى الداخل. الشوكة الصغيرة للسلطة، الكبيرة للطبق الرئيسي، وهكذا." بينما كان يشرح، شعرت بحرارة كفه تلامس يدي للحظة عندما أرشدني إلى الطريقة الصحيحة للإمساك بالشوكة. نظرت إليه بخجل، لكن عينيه كانتا هادئتين، وكأنهما تخبراني أن كل شيء بخير. "هكذا، ليس بالأمر الصعب، أليس كذلك؟" قال بابتسامة خفيفة. تمتمت: "شكراً... أنا فقط... لم أتعلم هذه الأشياء من قبل." "هذا لا بأس به. الجمال الحقيقي ليس في إتقان آداب المائدة، بل في الحضور الذي يترك أثرًا. وأعتقد أنكِ تتقنين ذلك ببراعة." كلماته جعلت وجهي يحمرّ بشدة، ولم أستطع منع نفسي من خفض بصري. لكنه لم يتوقف، بل أكمل بنبرة مرحة: "وأظن أن خجلكِ الآن أكثر جمالًا من أي شيء آخر على هذه المائدة." ضحكت بخفة رغم توتري، وشعرت أن الموقف تحول من إحراج إلى لحظة خاصة جدًا بيننا. عندما انتهيت من تناول أول قضمة بطريقة صحيحة، قال بابتسامة مشجعة: "رائع، أعتقد أنني أستحق مكافأة على تدريسي الجيد، أليس كذلك؟" "وما نوع المكافأة التي تريدها؟" سألته بتردد. "لا شيء كبير. ربما فقط... أن تبتسمي لي هكذا مرة أخرى." كانت ابتسامته خفيفة، لكنها حملت دفئًا جعل قلبي ينبض بعنف. شعرت أن العشاء تحول إلى درس ليس فقط في آداب المائدة، بل في بداية شيء أعمق. بعد أن انتهينا من تناول الطعام، شعرت أن الهواء في قاعة العشاء أصبح ثقيلًا بسبب الحوارات والنظرات التي تبادلناها. كان هناك الكثير من التساؤلات تدور في رأسي، ولكن أكثر ما أزعجني هو شعوري المستمر بالغرابة تجاه هذا الجسد الذي أعيش فيه. نظرت إلى الماركيز فالين الذي بدا مشغولاً بالتفكير، ثم قلت بخفوت: "سيد فالين، هل لي أن أطلب الإذن للذهاب إلى مكتبتك؟ أود أن أستعير بعض الكتب." رفع حاجبه قليلاً قبل أن يبتسم ابتسامة خفيفة: "بالطبع، آنستي. المكتبة مفتوحة لكِ في أي وقت. الحارس بالخارج سيرشدك إليها." شعرت بالامتنان، وانحنيت برقة قبل أن أتبع الحارس عبر الممرات الطويلة للقصر. كانت الجدران مزينة بلوحات زيتية قديمة، وأضواء الشموع تضفي على المكان جوًا غامضًا ومهيبًا. "المكتبة هنا، سيدتي." قال الحارس بلطف، وفتح بابًا ضخمًا ببطء. دخلت إلى الغرفة المهيبة، حيث رفوف الكتب امتدت إلى السقف، وتلال من المعارف تنتظر من يستكشفها. لكن فجأة، وقبل أن أغلق الباب خلفي، دخل أحد الحراس بسرعة وهمس بشيء في أذن الماركيز فالين، الذي لحق بنا فجأة. "يبدو أن شيئًا يحتاج انتباهي، آنستي." قال بصوت اعتذاري وهو ينظر إلي. "خذي وقتكِ في المكتبة. أنا أثق أنكِ ستجدين شيئًا مثيرًا للاهتمام." بقيت وحدي وسط الرفوف، أتصفح الكتب بحذر. كان كل كتاب يروي قصة أو يحمل معلومة قديمة، لكن شيئًا ما جذبني فجأة. على أحد الرفوف العلوية، كان هناك كتاب مغبر يحمل عنوانًا غريبًا: "القوة المحرمة". مددت يدي بسحب الكتاب، وشعرت وكأن شيئًا ما في الداخل يهمس باسمي. فتحته ببطء، وصفحاته القديمة كانت مكتوبة بخط يدوي دقيق، لكنها حملت طاقة غريبة كأنها تنبض بالحياة. بينما كنت أقلب الصفحات، وقعت عيناي على رسم غريب لرمز يشبه القمر محاطًا بنجوم متشابكة. أسفل الرسم، كانت هناك عبارة مكتوبة: "القوة المحرمة هي لعنة وبركة، وهي تختار من يستحقها فقط." تسارعت نبضات قلبي. هل يتعلق هذا الجسد الذي أعيش فيه بهذه القوة؟ هل يمكن أن يكون ذلك سر سيرافينا؟ وضعت يدي على الكتاب، وأخذت نفسًا عميقًا. كنت أعلم أنني على وشك اكتشاف شيء قد يغير كل شيء. بينما كنت غارقة في قراءة الكتاب الغامض "القوة المحرمة"، شعرت بوجود غريب خلفي، كأن الهواء في المكتبة أصبح أكثر برودة وثقلاً. رفعت عيني عن الصفحات بحذر، وتحركت ببطء لأستدير. هناك، عند مدخل المكتبة، كان يقف شاب طويل القامة، بشعر أسود كالليل يتلألأ كأنه مرصّع بالنجوم. كانت عيناه الحمراء تتوهج تحت الضوء الخافت كجمرة ملتهبة، تحمل برودًا يخترق الروح. كان يرتدي معطفًا أسود طويلًا، تطوقه زخارف فضية تعكس مكانته النبيلة. "هل لي أن أسأل، ماذا تفعلين هنا، آنستي؟" قال بصوت عميق وهادئ، لكن نبرته كانت تحمل شيئًا يصعب تفسيره؛ مزيج من الفضول والاحتقار الخفيف. تلعثمت قليلاً قبل أن أقول: "كنت أبحث عن كتاب... وأنت، من تكون؟" اقترب بخطوات واثقة، وصوت حذائه يُحدث صدى خافتًا في المكتبة. ثم انحنى قليلاً، وكأن حركته محسوبة بدقة لإظهار احترام زائف. "آسف على وقاحتي. دعيني أقدم نفسي. أنا ديميتريوس رافينسكار، دوق عائلة رافينسكار، و... أحد المرشحين للزواج منكِ، آنسة سيرافينا." تجمدت في مكاني، واحتبست أنفاسي للحظة. لم يكن مجرد شكله مثيرًا للرهبة، بل طريقته في الحديث، كأن كل كلمة محسوبة ليبقيك في حالة من التوتر. "زواج؟" همست بدهشة، ولم أستطع منع وجهي من الاحمرار. ابتسم ابتسامة باهتة، لكنها لم تصل إلى عينيه الحمراء التي ظلت تراقبني بحدة، كأنها تحاول اختراق أفكاري. "نعم. لم تسمعي؟ نحن من العائلات الخمس. مصيركِ... أو بالأحرى، مصير تلك القوة المقدسة التي تمتلكينها، هو أن ترتبطي بأحدنا." شعرت برغبة في الرد، لكن لساني انعقد، فيما كان يتقدم أكثر، حتى أصبح على بعد خطوات قليلة مني. "لكن يبدو أنكِ مندهشة. هل كنتِ تظنين أن الماركيز فالين هو الوحيد الذي يراقبك؟" ارتبكت أكثر، وتراجعت خطوة للخلف حتى اصطدمت بالرفوف. ضحك بخفة، لكن صوته كان يخلو من الدفء. "لا تقلقي. لست هنا لإرهابك... على الأقل، ليس الليلة." نظر إلى الكتاب الذي كنت أمسك به وسأل بهدوء: "القوة المحرمة؟ مثير للاهتمام أنكِ اخترتِ هذا الكتاب تحديدًا. هل تعتقدين أنه يمكن أن يساعدكِ؟" رفعت رأسي بشجاعة وقلت: "لماذا تهتم بما أقرأ؟" اقترب أكثر، حتى شعرت بأنفاسه الباردة، وهمس: "لأنني أريد أن أعرف إن كنتِ بالفعل تستحقين تلك القوة... وتستحقين أن تكوني دوقة رافينسكار." كان صوته أشبه بوعد مغمور بالغموض. قبل أن يبتعد، استدار فجأة وكأنه يتذكر شيئًا، ثم قال بابتسامة غامضة: "آه، بالمناسبة، أعجبتني الطريقة التي ارتبكتِ بها عندما رأيتني. إنها لطيفة." ترك المكتبة بخطوات هادئة، لكن حضوره ظل كظلال باردة تملأ المكان. وقفت في مكاني، أتنفس بصعوبة، وعيني ما زالتا متعلقتين بالباب الذي خرج منه. من هو هذا الرجل حقًا؟ ولماذا أشعر أن لقاءنا الأول لن يكون الأخير؟ فجأة، شعرت بألم حاد في رأسي. ضغطتُ بيدي على جبيني، ثم انهارت الصور أمام عينيّ، كأن بابًا غامضًا انفتح فجأة. وجدت نفسي في مكان مألوف وغريب في الوقت ذاته. كانت هناك فتاة صغيرة، ترتدي فستانًا أبيض ناصعًا، تجلس وحيدة في حديقة مليئة بالأزهار المضيئة. تلك الفتاة... كانت أنا، لكني لم أكن أنا. سمعتُ صوت امرأة، صوتها كان يشبه اللحن: "عليك أن تتذكري، يا سيرافينا. أنتِ لستِ كغيركِ من البشر. قوتكِ ليست بركة فقط، بل لعنة أيضًا. هذه القوة ستجعل الجميع يسعون لامتلاككِ، ولكن..." قاطعتها فتاة أخرى، صغيرة الحجم، لكنها ترتدي ثيابًا كأنها كاهنة: "إن لم تُصبحِ عروسًا لأحد من العائلات الخمس الكبرى، فإن هذه القوة ستخرج عن السيطرة، وستكونين خطرًا على الإمبراطورية كلها!" ارتبكتُ في الذكرى، كأن الكلمات كانت تحمل وزناً أكبر من أن أستوعبه. لماذا عليّ أن أتزوج؟ لماذا أنا؟ عدتُ إلى الواقع، أنفاسي متسارعة ويدي ترتجفان. أدركت الآن أن حياتي ليست مجرد صدفة أو قدر عادي. "القوة المقدسة..." تمتمتُ بصوت منخفض. لم يكن لدي وقت طويل للتفكير. فجأة، ظهر وميض في الغرفة، وأحاط بي نور ساطع. شعرت بالحرارة تشتعل داخلي، وكأن شيئًا كان يحاول الخروج. بدأت النوافذ تهتز، والكتب تتطاير من رفوفها. كنتُ عاجزة عن الحركة، لكن داخلي كان يغلي بالطاقة. نظرتُ إلى يدي، فرأيت نورًا أبيض يشع منهما، كما لو أن النجوم نفسها اجتمعت بداخلي. "سيرافينا!" كان صوت تشارلز يقترب بسرعة، لكنني لم أستطع الرد. كل ما شعرت به هو أنني سأنفجر. ثم فجأة، ظهر فالين. وقف أمامي، عينيه الفضيتين تتوهجان بشيء من الحدة والدهشة. "أنتِ..." قال بصوت منخفض، كأنه اكتشف سرًا عظيمًا. مد يده نحوي، وكأنه يحاول السيطرة على الطاقة المنبعثة مني. "ركزي، سيرافينا! لا تدعيها تسيطر عليكِ!" مع كلماته، شعرت بشيء داخلي يهدأ تدريجيًا. الطاقة التي كانت تخرج مني عادت لتستقر في أعماقي جلستُ على الأرض، أنفاسي متقطعة وعيناي لا تزالان تدمعان من شدة الإرهاق. نظر إليّ تشارلز وفالين بوجوه تحمل مزيجًا من القلق والدهشة. "ألم تخبرينا أنكِ تملكين هذه القوة؟" سأل تشارلز بصوت غاضب. "لم أكن أعرف..." تمتمتُ، نظري يحدق في الأرض. فالين، ، بدا أكثر جدية من أي وقت مضى. "القوة التي تملكينها ليست عادية، سيرافينا. إذا كان المعبد يصفها بالمقدسة، فهناك سبب لذلك. لكنني أعتقد أنهم يخشونها أكثر مما يقدسونها."