قرية المنسيين - روايه فانتازيا
قرية المنسيين
2025, Adham
فانتازيا
مجانا
250 جنبيه
500 جنبيه
بنت بتعيش في قرية لوكفيو المتدينة والمحافظة، واللي أهلها تبنوها. بيني مختلفة عن أهل القريه، بتحب كل حاجة سودة وروايات الرعب، وده بيخليها منبوذة، خصوصًا من كورتني كاول المتنمرة. الأحداث بتتصاعد في الفصل الدراسي، وبيني بتكتشف إن فيه عالم تاني بره قريتها، وبتحس إن أهلها خانوها لما أخفوا عنها ده. القصة بتسلط الضوء على تناقض القيم بين بيني ومجتمعها، وبتكشف عن أسرار مظلمة ممكن تكون ورا المظاهر الدينية للقرية وقائدها الغامض.
بيني سلوان
مختلفة عن مجتمعها المتدين في قرية لوكفيو. تحب اللون الأسود وروايات الرعب، وتشعر بالانعزال. تكتشف عالمًا خارج قريتها وتشعر بالخيانة من أهلها لعدم إخبارهم إياها. تعمل في متجر أسطوانات وهي فخورة باستقلاليتها.كورتني كاول
متنمرة الفصل والخصم الرئيسي لبيني. فتاة قوية البنية وشريرة، تستمتع بمضايقة بيني. لديها مشكلة في التحكم في غضبها، وهذا السر تعرفه بيني.القسيس جوزيف
قائد كنيسة لوكفيو ورئيس القرية. شخصية محترمة ومهابة في القرية، ولكن بيني تراه مخيفًا وتشعر بأنه يخفي سرًا مرعبًا بسبب مظهره الشاحب وعينيه الغامضتين.ريتشارد وكارولين
والدا بيني بالتبني. شخصيتان متدينتان ومحافظتان، يحاولان تغيير بيني لتناسب قيم القرية ويصليان من أجلها.
الإنسان بيشوف اللي عايز يشوفه. في كل حي، قرية ومدينة، فيه حوادث كان ممكن تتمنع لو حد تاني كان منتبه، بس العين اللي ممكن تفيد بتكون غايبة في الوقت المناسب. لما الأستاذ كولين بوكيت، المطور العقاري الغني، اتسرقت جائزة الجولف الغالية بتاعته من جنينته، الجيران ما شافوش الحرامي، بالرغم إن الجريمة حصلت في عز النهار. بس كلهم كانوا يعرفوا مين الأستاذ بوكيت، لأنه بنى فندق في نفس مكان قاعة الشباب. ولما شيلا كودمور وقعت من بلكونة شقتها في مايفير على الإسفلت تحت، الشهود القليلين، بعد ناس كتير عدت من جنب جسمها الملفوف في الشارع ومفتكراه كومة هدوم قديمة، ما شافوش الأيادي المعقودة اللي زقتها. الموت ده كان صدمة لكل اللي في المنطقة، لأنهم كلهم كانوا يعرفوا شيلا والطريقة اللي جابت بيها ثروتها. فيه حاجات تانية، حاجات أكبر، الناس ما بتاخدش بالها منها. زي مساعد رئيس الوزراء، اللي طلع ساحر، ومجموعة الساحرات اللي يمتلكوا معظم المحلات في شارع أكسفورد. أو إيه رأيك في حفلة مصاصي الدماء اللي بتتعمل في بال مول كل سنة في شهر ديسمبر؟ هما ما يعرفوش بوجود السحرة، الأشباح، العفاريت، المستذئبين والهياكل العظمية اللي بتتكلم، أو الشاران والبهلوانات والسحرة الكبار. منين بتيجي كل المخلوقات دي؟ من نفق صغير في جسر لندن، ومع ذلك البشر ما يعرفوش حاجة. شخص واحد بس كل أربع سنين بيتعرف السر ده – عمدة لندن – وحتى هو بيكون متردد يشوف الحاجات دي. بس دي طريقة تفكير العقل البشري. وكانت الدنيا بتمطر جامد في جسر لندن في عصر يوم من أيام أبريل. اللي حاولوا يتوقعوا الجو البريطاني اللي ما يتوقعش، دفعوا الثمن وهم واقفين في محطات الأتوبيسات بشورتات، تنانير قصيرة وشباشب. زوجان أفريقيان بشعر مجعد، ملفوفين في معاطف خندق طويلة وغامقة، عدوا من جنب ناس كتير لابسة خفيف وهم رايحين لباب عربية القطر بتاعتهم، نزلوا من الأبواب أول ما وصلوا للرصيف رقم تلاتة عشر، ومشوا لحد بوابات التذاكر. "الناس دي ما بتتعلمش أبدًا." "احكي لي عن كده." الزوجان سابوا أرصفة المحطة ونزلوا درج في اتجاه الخط الشمالي. كانوا لابسين نظارات شمس بالرغم من غياب الضوء، وكوفيات مغطية النص التحتاني من وشوشهم. لما طلعوا بره، الست فتحت شمسيتها السودا ومسكتها فوق راسهم. الراجل ابتسم بامتنان. "إمتى هنلاقيه؟" سأل الراجل اللي اتكلم الأول. "ما اعرفش،" قالت الست. "يا إلهي، بقاله شهر واحد بس حوالينا واحنا في مشاكل كتير أوي." "ما تثقش أبدًا في ساحر." الراجل ابتسم ابتسامة ساخرة رغم عنه. قربوا من محل العجل ولفوا عشان يمشوا تحت النفق الطويل والمظلم لشارع ستينر. "الريس هيبقى زعلان، مش كده؟" قالت الست. الراجل وقف وبص لرفيقته وحواجبه مرفوعة. "هو عمره ما بيزعل مننا يا رايدر." "لا، أنا بتكلم عن الوفيات. هو هيزعل على الوفيات." "تفتكري هو عارف بالفعل؟" قال الراجل. "لازم يكون عارف. هو بيعرف كل حاجة." الست، رايدر، مررت إيدها على الحيطة الطوب. بعد لحظة، وقفت قدام أغمق طوبة وشَدِّتها. مجموعة مفصلات طلعت من فوق، مع خط فاصل، وغطا اتفتح منها، كاشفًا عن فتحة مفتاح تحتيه. رايدر طلعت مفتاح ذهبي صغير من جيبها، لفته في القفل، وباب سري اتفتح على الأرض قدامهم. كانت لسه هتنزل، لما الراجل مسكها. "آخر مرة أكلنا إمتى؟" "إيه؟" قالت، "إحنا أكلنا الصبح-" "لا..." قال بخجل. "تحبي نروح مكان؟" "آه." ما لحقتش تخلص كلامها قبل ما يسحبها عبر الشارع ويرجعها للشارع الرئيسي. "فورست!" صرخت. "إيه؟" نادى عليها وهو بيعدي الشارع. ما كانش فارق معاه إنهم بيعملوا مشهد - ساعات كانوا حذرين زيادة عن اللزوم، بالرغم إنهم كانوا شبه البشر بما يكفي. عرف إن ده تفكير سخيف؛ كانوا شبه البشر بما يكفي بمعايير الزاحفين. لما تكون واقف جنب ساحرة بوش أخضر، أو شبح، ده بيبقى حتمي إلى حد كبير. البشر ممكن يكونوا ضايقوه أحيانًا، بتباهيهم المستمر في المطر، بس ما قدرش يمنع نفسه من حسد حريتهم في إظهار جلدهم ولسه يبانوا طبيعيين. مشى الزوجان في هايز جاليريا، كانت زحمة زي كل أيام السبت التانية. هايز كان مكان جميل، بسوقه الداخلي وديكوراته الدهبية. كان بيمثل كل حاجة بيحبها فورست في المدينة؛ الفن اللي متعلق على العوارض المعدنية السميكة، الناس اللي واقفة بحذر جنب أكشاكهم المصنوعة يدويًا، واللي عليها معروضات من تحف غريبة ومختلفة من بلاد بعيدة. المبنى كان عامل زي ساحة سماوية، والسقف الشفاف كان بيقسم الشمس لملايكة مثلثات صغيرة في اليوم الحلو. عدوا من جنب نافورة على شكل قارب تجديف معدني وطلعوا سلم صغير. منظر نهر التايمز كان على شمالهم، وسكان لندن المبلولين والمليانين مية على يمينهم. المطر كان بينزل على النهر زي إبر فضية، وبيخترق السطح الصافي، ويبعت تموجات وموجات تتكسر على جدران الجاليريا. "إنت واخدني للمكان اللي أنا فاكرة إنك واخدني ليه؟" سألت رايدر وهي بتلهث وبتحاول تواكب خطوات فورست الطويلة والسهلة. "أيوة،" قال فورست. "بقالنا كتير. كتير أوي." عدوا من ميدان تاور بريدج، وعدوا على جزارين، مخابز، ومحلات خمور. الناس بصت على الزوجين وهما معديين. رايدر ما فهمتش ليه؛ أكيد كانوا لابسين تقيل أوي، بس ما كانوش لابسين بشكل غير لائق. فورست وقف أخيرًا عند باب أخضر مدمج في حيطة حجرية. كان فيه شباك زجاج ملون ومقبض باب مرصع بالجواهر. بعد تلات خبطات، استقبلهم في مقهى صغير للزاحفين. كان دافئ ومريح، فيه ترابيزات خشب بلوط مستديرة وبار طويل مزين بزجاجات سائل وردي، أزرق وأخضر. مرايات صغيرة كانت ماشية على الحيطان الطوبية وباب أخضر تاني كان في الضهر. "أهلًا بيكم يا جماعة،" قال راجل نحيف لابس مريلة. سلم على إيد فورست، وباس خد رايدر، ودفعهم لترابيزة في ضل الأوضة. كان فيه بس زوجين تانيين في المقهى وما بصوش وهم بيعدوا فورست ورايدر. رايدر قلعت نظاراتها الشمسية، وكذلك فورست، وبصت في عينيه القرمزيتين. كانت بتشوف نفسها منعكسة فيهم، حتى كانت بتشوف دمه بيتحرك ورا قزحية عينيه زي البحر اللي بيتكسر على الشباك الدائري لسفينة قديمة. "مش هبوظ اللحظة ولا حاجة،" قالت بابتسامة، وورّت أسنانها الحادة المدببة. "بس أنا متأكدة إن الرئيس مستنينا في البيت." "ممكن يستنى." قال فورست. ضيق بوقه وهو بيستوعب قد إيه الكلام ده كان متمرد، وقلب في القايمة بتوتر. "يعني، لو عايز يستنى." "إنت غبي،" قالت رايدر. "وعلى أي حال، الرئيس غالبًا زهق وراح الملاهي أو حاجة." "هو بيحب الملاهي." وافق فورست. سرق نظرة لرايدر، فتح بوقه عشان يقول حاجة، بس اتقطع كلامه بصراخ مزعج للأذن من بره. نطوا، مسكوا نظاراتهم وجريوا بره المقهى، بس كان فات الأوان. سحابة دخان بنفسجية كانت غلفت الممر كله، وكان فيه بشر مذعورين بيجروا فيها يدوروا على مخرج. "خلي بالك يا رايدر." قال فورست وهما بيعدوا من السحابة. ست كانت على الأرض وكان فيه دم بينزل من ودنها. ولد مراهق كان بيلف حوالين نفسه بتوهان. "فورست، شايفه؟" "لا، هو مش موجود هنا أصلًا." فورست مسك الست، وبعدين الولد، وجرى بيهم تاني للمقهى. رايدر دخلت بعدها بثانية، بتجر وراها ست تانية شابة. "هما كويسين؟" قال صاحب المقهى. ساعد يسند الضحايا على الحيطة البعيدة. الزوجان التانيين من قبلها كانوا متجمعين حواليهم بمناشف ومراوح. "ده من عمله؟" سأل قزم، أصلع بأذنين مدببتين. "آه،" قالت رايدر. "وإحنا جينا متأخر." الضحايا التلاتة كانوا بيتهزوا على الحيطة. عينيهم كانت متغطية بفيلم أزرق أبيض، بيبصوا على مكان هما بس اللي شايفينه. بشرتهم الشاحبة كانت بتشد، وجروح جديدة كانت بتفتح على دراعاتهم. ماتوا بعد لحظة. "ما ينفعش يفضل يعمل كده،" قال صاحب المقهى بحزن. "يعني، غطائنا هينكشف. ناس بريئة هتفضل تموت." "قول لي حاجة ما أعرفهاش،" قال فورست. بص من باب المقهى. الدخان كان بيبدأ يصفى، وكان لسه فيه ناس كتير بتتحرك حواليه. من اللي قدر يشوفه، كتير من البشر كانوا فاكرين إنها نوع من المقالب، لو ابتساماتهم المذهولة ممكن تقول حاجة. "رجعوهم بره تاني،" قال الراجل الأصلع، اللي كان واقف ورا فورست دلوقتي. "قبل ما الدخان يصفى." بمساعدة صاحب المقهى، عمل كده بالظبط، مستني الصرخات المدوية اللي هتصدر في لحظة إدراك الكل إن الدخان ما كانش مقلب أبدًا. "يا إلهي!" صرخ حد، وظلال حشد مرتبك طلعت من شباك الزجاج الملون. "تفتكر ده الوقت اللي نشوف فيه الرئيس؟" سألت رايدر. فورست أومأ لها برأس حزين. "يلا بينا." تنهد. أومأوا لصاحب المقهى وللباقين في الأوضة، اللي نادوا بتطمين، واندفعوا من الباب الخلفي اللي بيودي للناحية التانية من الممر. جريوا فيه، بيدفعوا الناس وهما ماشيين. "هو بيهاجم كل ما بنرتاح!" صرخت رايدر. ما كلفتش نفسها تفتح شمسيتها المرة دي. "أعرف،" قال فورست. "أكتر حاجة مزعجة إنه عمره ما بيكون موجود." بحلول الوقت اللي عدوا فيه الشارع الرئيسي، الاتنين كانوا لاهثين. فورست عبس. يا ريته ما حاول يكون رومانسي وبس رجع البيت على طول! يومهم كله اتدمر. حسنًا، كان المفروض إنهم راحوا لزعيمهم في المقام الأول؛ على الأقل كان عندهم حاجة يقولوها له المرة دي. مرة تانية، رايدر شدت الطوبة والباب السري اتفتح. الشمس كافحت ضد الجيش الرمادي الكئيب في السما، كسبت المعركة، واخترقت فتحات دهبية من خلال أشكالهم الرمادية. الضوء ارتد من البرك على طول الطريق وأنار المجرى اللي كان في الباب السري. رايدر ثبتت نفسها، ونطت فيه وانزلقت. عادة، كانت بتصرخ كأنها في لعبة رولر كوستر، بس ما كانتش في مزاج للمرح المرة دي. ضوء صغير اخترق الضلمة، ولمسوا أرض بيتهم، الكهف. فورست تبعها، وهو بيفكر في رعب وخوف المجرم – تاركوينيوس بلودبين. في ميدان تاور بريدج، الحشد كان متجمع حوالين الجثث الميتة، بس مع مرور الوقت، الدائرة الخايفة تضاءلت وتبددت، لحد ما فضل بس عدد قليل من المتفرجين. لما الشرطة أخيرًا جت عشان تقيّم الوضع، كان فيه شاهد واحد بس، وما كانش فاكر أي حاجة حصلت ولا منين جت السحابة البنفسجية. الضباط كانوا مندهشين؛ كان فيه أحداث غريبة كتير في الشهر اللي فات، وكلهم كانوا بيتميزوا بنفس سحابة الموت البنفسجية دي. لسبب ما، محدش شاف الجاني، ومع ذلك الوفيات فضلت مستمرة. الشاهد الأخير مشي بتوتر من مكان الحادث، وساب الضباط يحكوا راسهم ويتعاملوا مع الفوضى الدموية اللي قدامهم. العيون اللي ممكن تفيد: غايبة تاني. فيه أساطير كتير عن تأسيس قرية لوكفيو. بعضهم بيقول إن ربنا خصص المكان ده لأتباعه الصالحين، وحطهم في اختبارات وما سمحش بالبقاء إلا للنخبة. فيه ناس تانية بتقول إن سكان لوكفيو ظهروا ببساطة، نبتوا من الأرض زي ماسورة مياه انفجرت. وعدد قليل بيحكي قصة أقرب للواقع: مجموعة من المتعبدين الصالحين لفوا البلد يدوروا على مكان يستقروا فيه. المجموعة راحت المدن الأول، بس اتفزعوا من الاحتفالات الصاخبة، فجروا للريف خوفًا وخجلًا. في النهاية حبسوا نفسهم في تلال كمبريا، وأسسوا قرية لوكفيو، وسموها كده عشان فعلهم ده في نفي الذات، وقرروا إنهم ما يخرجوش للعالم الخارجي تاني أبدًا. سكان لوكفيو في العصر الحديث حافظوا على تقواهم واتأكدوا إن علاقاتهم بالخارج تكون قليلة جدًا، مستنيين اليوم اللي هياخدوا فيه للسما. كانت بيت القديسين. البيوت النظيفة جدًا، والجناين المرتبة، والشجيرات المقصوصة بدقة كانت دليل على المقولة القديمة "النظافة من الإيمان". كنيسة لوكفيو كانت واقفة شامخة في المركز، برجها بيعلوا فوق أسطح البيوت، بيشع زي منارة لكل الحجاج يشوفوها. حدود من أشجار البلوط - اتسمت "الحدود المقدسة" للغرباء - كانت بتحاوطها، قافلة كل الظلام والعناصر الشريرة في العالم. القرويين كانوا بيلبسوا هدوم حلوة وبسيطة، وبيمشوا على الأرض بأحذية قماش وصنادل. تسريحات الشعر كانت عادةً متظبطة ومثبتة بكذا دبوس عشان تحافظ على الخصل المرفوعة والكعك في مكانها. ما كانوش بيحبوا اللي بيمشي ضد التيار، اللي بيخالفوا العادات، المنتقدين - وده معناه إنهم ما كانوش بيحبوا بيني ديدو سلوان. كانت ماشية في الشارع المرصوف بالحصى وفي سحابة سودة وراها. بيني سلوان كانت لابسة أسود في أسود، من القبعة المخملية اللي بتغطي راسها، لأظافرها الصارخة المدببة، لبوتها الجديد "نيو روك" اللي بكعب عالي في رجليها. أوضتها كانت سودة وكل روايات الرعب بتاعتها كانت متغطية بجلد أسود. كانت مصدر إحراج لريتشارد وكارولين سلوان، اللي تبنوها وهي عندها تلات سنين وكانت عايشة في دار أيتام خربانة وشبه مهجورة في لندن، بس كانوا بيصلوا ويتمنوا إنها تتغير في يوم من الأيام. بسبب اندماجها الشديد في قراءتها العاشرة لرواية دراكولا، ما شافتش كورتني كاول إلا لما فات الأوان، وفي الوقت ده كانت قاعدة على الأرض في بركة مية، وشنطة المدرسة بتاعتها وقعت جنبها بخبطة عالية. بيني ضيقت عينيها على التهديد اللي طوله ستة أقدام ومسكت شنطتها قبل ما تقف على رجليها. "يا لهوي،" قالت كورتني. "ما شفتكيش هناك." "ولا يهمك،" قالت بيني. "ده مفهوم، بصراحة، بما إنك تخينة أوي كده." الابتسامة الساخرة زحلقت من وش كورتني زي المية. "عارفة، أنا مستغربة إنك قادرة تهزري كده. ما كنتيش شجاعة كده امبارح. أيوة، أنا شفتك،" أضافت، لما بيني كشرت، "وانت بتجري هنا من حدود الشجر، وشايلة كل كتب السحر دي." "مش كتب سحر." "متأكدة. كلنا عارفين إنك مجرد ساحرة صغيرة اتخلوا عنها. إنتِ فاشلة أوي. أنا مستغربة إن أهلك ما رجعوكيش؛ واخدوش فلوسهم تاني. أنا كنت عملت كده." دارت على كعبها ورجعت من حيث أتت، ماشية بغطرسة في الطريق نحو المدرسة الكئيبة. بيني كشرت وراها. كانت بتشتري روايات رعب أكتر من الناحية التانية من الحدود المقدسة، وكان لازم تخبيهم عشان أهلها منعوها تقراهم. ما فهمتش ليه؛ كلهم اشترتهم بفلوسها، من ساعة ما أهلها وقفوا مصروفها من سنة. هي دلوقتي بتشتغل في تي ريكس ريكوردز في البلدة وكانت فخورة جدًا باستقلاليتها. بعد ما فضلت تبص على ضهر كورتني فترة طويلة، وكانت بتتمنى خلالها إنها تكون ساحرة بجد وتعرف تعويذة تحول كورتني لضفدعة، مشيت أخيرًا للمدرسة وسقطت في كرسيها في الخلف. غضبها زاد لما شافت إن كورتني طردت جابرييل من مكانه. جابرييل كان زميل بيني في الجلوس. "قومي،" قالت لكورتني، وإيديها مفرودة على الترابيزة. "لأ." تنهدت بيني، خبطت شنطتها على الأرض ووقعت في الكرسي اللي جنبها. ما كانش فيه مكان تاني تقعد فيه. مسحت الفصل بعينيها تدور على طريقة تطلع بيها كورتني من كرسيها وكشرت. ما كانش فيه كتير يتشاف، بصراحة. كانت أوضة رطبة ومظلمة، وفيها خيوط عنكبوت متدلية زي أغصان من السقف ولافتات دهب على الجدران منقوش عليها آيات مشهورة من الإنجيل. الحاجة الوحيدة الكويسة كانت الشباك اللي جنبها، واللي كان بيقدم منظر للقرية كلها. كانت عبارة عن كتل من اللون الأزرق والأخضر؛ العشب كان بيتموج كل ما الهوا يهب، والتلال البنفسجية في المسافة كانت بترتفع للسما زي عمالقة نايمين، والأشجار كانت متدلية على الشبابيك، بترش العابرين بحبوب اللقاح والحرير. الست تشيري دخلت الأوضة بابتسامة واسعة، حيّت الفصل، وكتبت التاريخ على الحيطة. "كل واحد يقف،" قالت. وقفوا وبدأوا قسم الصبح اللي كل طلاب الصف الحادي عشر لازم يكرروه: التطويبات من إنجيل متى الأصحاح الخامس. "طوبى للمساكين بالروح: فإن لهم ملكوت السماوات. طوبى للحزانى: فإنهم يتعزون..." بيني كتمت تثاؤب. عقلها رجع لأيام أسعد، لما كانت بتحب المدرسة وبتستمتع بحياة لوكفيو. الحاجات اتغيرت. يمكن بعد ما اكتشفت إن فيه عالم بره الحدود المقدسة؟ ذكريات اليوم ده غمرتها: فاكرت إنها سمعت صرخات من الناحية التانية من الشجيرات والأشجار، وشافت أضواء وضوضاء حفلة. البلدة المجاورة كانت عاملة احتفال بمناسبة اليوبيل الذهبي للملكة. بيني كانت بتتفرج، مذهولة وخايفة، تشوف أطفال تانيين، لابسين هدوم بكل ألوان قوس قزح وناس من مختلف مناحي الحياة. كان شكلها ممتع لدرجة إنها اخترقت الحدود واختفت في البلدة. لما رجعت للوكفيو، حست بالخيانة. أهلها ما قالولهاش عن العالم ده، عن الحفلات. هي يا دوب كانت احتفلت بعيد ميلادها في الوقت ده. بعد كده، كانت بتخرج كل يوم، واكتشفت حبها للكتب. كل ما كبرت، أذواقها بقت أدق وما بقتش بتسحب من المكتبة إلا أحسن روايات الرعب. ده كان من أربع سنين. دلوقتي، هي منبوذة. "طوبى للودعاء: فإنهم يرثون الأرض..." لاحظت إن زمايلها في الفصل كانوا باين عليهم السعادة بشكل غريب وهم بيكرروا القسم الصبح ده. كان قرب ميعاد اجتماع أولياء الأمور. التقارير الكويسة معناها توصيات ممتازة من المدرسين، واللي هتعدي للقسيس جوزيف، قائد كنيسة لوكفيو، ورئيس القرية. هو كان بيزور المدرسة بانتظام، عشان كده المدرسين دايمًا كان عندهم "كيك طوارئ" في تلاجة غرفة المدرسين عشانه. الكل دايمًا كان بيبان مذهول لما بيدخل أي أوضة، بس بالنسبة لبيني كان مخيف. يمكن كتب الرعب هي اللي خلتها تحس كده، بس ما قدرتش تمنع نفسها من التفكير إن القسيس جوزيف عنده سر مرعب. وشه كان شاحب وهزيل. أحيانًا، ممكن تشوف وميض أحمر في عينيه لما الشمس تخبط فيهم، وطريقة ردائه الأسود اللي كان بيطير وراه وهو ماشي كانت بتخليه يبان كأن شبح بيتبعه. ارتعشت من الفكرة. "طوبى للجياع والعطاش إلى البر: فإنهم يشبعون..." بيني نضفت زورها. عملت كده بهدوء، بس صوتيات الأوضة خلتها تبان كأنها لسه مخرجة رئتها. الصوت تردد على الجدران الأربعة المظلمة وناس كتير لفت عشان تحدق فيها بسبب إزعاجها للقسم. لحقت نفسها في الوقت المناسب لـ: "طوبى للرحماء: فإنهم يرحمون..." الساعة كانت بتدق تيك-تيك-تيك ببطء. ما أدركتش إنها كانت منحنية، بتنسحب ببطء جوه نفسها لحد ما بصت على آنا على الترابيزة التانية اللي جنبها، اللي كانت واقفة مستقيمة زي القلم، ودقنها مرفوعة، متجهة للسقف. بيني كشرت، وراقت زملائها في الفصل مرة تانية. عينيهم كانت واسعة ولامعة، بتستحضر الأطفال الفضائيين الغريبين دول من "قرية الملعونين"، فيلم رعب قديم شافته مع مديرها في تي ريكس ريكوردز في البلدة. وشوشهم فضلت قدام وأجسامهم ساكنة، حتى ابتسامة كورتني المعتادة كانت اختفت وحل محلها ابتسامة مجنونة. "طوبى لأنقياء القلب: فإنهم يعاينون الله..." رجليها بدأت تتخدر فغيرت وضعها من رجل لرجل عشان الدورة الدموية ترجع تشتغل تاني. بالغلط مالت أبعد من اللازم للشمال، وانتهى بيها الأمر إنها لمست كورتني. في لحظة جنون، بيني بصت عليها عشان تعتذر، بس سرعان ما عضت لسانها لما شافت نظرة الشر المطلق على وش كورتني، اللي أكيد كانت متضايقة إنها فاقت من غيبوبتها. بيني أدت لها إشارة بإصبعها الأوسط ودارت لوش الفصل، مبتسمة من جوه على الصدمة اللي سمعتها. "طوبى لصانعي السلام: فإنهم يدعون أبناء الله. طوبى للمطردين من أجل البر: فإن لهم ملكوت السماوات." كورتني كانت بتتنفس بصوت عالي دلوقتي. قلب بيني نط. يمكن، أخيرًا، ده هيكون هو؟ هل ده هيكون اليوم اللي كورتني هتفقد أعصابها فيه قدام شخص بالغ معروف، وسمعتها هتتلوث للأبد؟ ويا له من توقيت رائع: قبل أسبوعين من اجتماع أولياء الأمور الكبير. بيني كانت الوحيدة - بعيدًا عن السيد والسيدة كاول - اللي كانت تعرف عن مشكلة غضب كورتني. شافتها أول مرة وهي عندها ست سنين، بتلعب في الحديقة. أهل كاول وأهل بيني كانوا منغمسين في حديث عميق، وده ساب بيني وكورتني مع بعض. حاجة حصلت أدت لجدال، اللي كورتني صرخت فيه بشكل تهديدي لدرجة إن عيلة كاول اضطروا يجروا على البيت، بيجروا بنتهم وراهم. السيد والسيدة سلوان ما اتضايقوش، بس الانفجار ده أذهل بيني لدرجة إنها قضت الأسابيع اللي بعدها بتراقب عيلة كاول، وشاهدت صرخات خصمتها اللي وشها بيحمر، وسمعت صرخات السباب الحادة اللي زي صرخات الهاربي، والارتعاش المشؤوم اللي كان بيصيب جسمها. بعد كده، السيد كاول كان بيحبس بنته في العلية. كل ما كورتني كانت بتغيب عن المدرسة، بيني كانت بتعرف ده معناه إيه. استمرت في الميل لليسار، وابتسامة ساخرة بدأت تظهر على وشها ردًا على تنفس كورتني اللاهث والمتعب. شافت المتوحشة بتقبض إيديها في قبضات، وأدت لها دفعة قوية جدًا. "طوبى لكم، متى طردوكم وعيروا، وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كذبًا. افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في---" بطلي تسندي عليا يا غريبه