رواية خطايا راهبة
خطايا راهبة
2025, كاترينا يوسف
رومانسية
مجانا
راهبة اسمها كارول، بتدرس رياضيات في مدرسة ثانوي، وبتتعرف على طالب عندها اسمه زاكاري. بيكبر الإعجاب ما بينهم، بس ظروف إنها راهبة وهو طالب بتخليهم ميكملوش. بيفترقوا سنين، وكل واحد فيهم بيكمل حياته ودراسته، لحد ما بيتقابلوا تاني بالصدفة وهما الاتنين ناضجين وناجحين. القصة بتوضح مشاعرهم المتلخبطة وإزاي العلاقة بتتطور بين حدود الظروف وبين أحلام كل واحد فيهم.
الأخت كارول
راهبة ومدرسة رياضيات، لسه متخرجة وعندها حوالي 21 سنة في بداية القصة. هي شخصية ذكية، حساسة، وواعية لمشاعرها بس ملتزمة بوعودها كراهبة. بتظهر قوتها في التعامل مع الطلاب وفي سعيها للعلم لحد ما بتاخد الدكتوراه.زاكاري
طالب في الثانوية، عنده حوالي 18 سنة في بداية القصة. وسيم، ذكي جدًا في الرياضيات، ومرح وشقي لكن بطريقة مهذبة. عنده شخصية جذابة وبيظهر إعجابه الشديد بالأخت كارول من اللحظة الأولى. بيكبر وبيكون رجل ناضج وناجح في مجال الملاحة البحرية.
مشيت ناحية البوابة. البوابة اللي هتوصلني للطّيارة، واللي هتاخدني بعيد عن هنا، أروع مدينة في الدنيا. الطّيارة اللي هترجعني سانتا في، ترجعني الجامعة، ترجعني للفصول والتلاميذ، ترجعني دير سانت ماري. وقفت ولفيت. كان واقف هناك بيتفرج عليا. خدت خطوة واحدة ناحيته وبعدين رجعت جري في حضنه. حضني جامد وباسني. حاولت أدوب في حضنه، أبقى واحد معاه... للأبد. "آخر نداء للرحلة 451 لمطار سانتا في الدولي"، الصوت جه من سماعات الإعلان. بعدين الموظفة قالت، من غير سماعات الإعلان، "يا مدام لو عايزة تلحقي الطيارة دي، الأحسن تمشي دلوقتي." بعدنا عن بعض وابتسم لي ابتسامة حزينة وقال، "بحبك يا كارول." قلت بهدوء، "بحبك يا زاكي." بصيت في عينيه وقلت، "ردًا على سؤالك يوم الأربع اللي فات الصبح... أيوة يا حبيبي... أيوة... هتجوزك." لفيت وجريت من البوابة اللي كانت بتقفل ومشيت ناحية الطيارة. المضيفة اللي قفلت الباب كانت ماشية ورايا وقالت، "مش سهل تسيبيه، مش كده؟" ابتسمت لها وقلت. "من أصعب الحاجات اللي عملتها في حياتي." "أنا فاهمة قصدك، بس هترجعوا لبعض قريب، أنا عارفة." "أيوة، هنرجع." لقيت مكاني وبعد ما شلت شنطتي اللي معايا تحت الكرسي، واتأكدت إن ترابيزة الأكل متثبتة وإن الكرسي في وضعه الطبيعي، رجعت راسي لورا، وغمضت عيني وفكرت في إزاي الأمور بقت مجنونة كده... وحلوة أوي كده. غريبة، عادةً في النقطة دي، اللي بيحكي بيقول حاجة زي، "أبدأ منين؟" أو "مش متأكد كل ده بدأ إمتى." بس أنا م عنديش المشكلة دي. أنا عارفة بالظبط ده بدأ منين. من حوالي سبع سنين، كنت واقفة في فصل في مدرسة سانت ستيفن الثانوية، في منطقة صعبة شوية في بالتيمور. دي كانت أول وظيفة تدريس ليا، لسه متخرجة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومعايا شهادة في الرياضيات. كنت لسه واخدة عهودي النهائية في رهبنة القديس بنديكت. كنت راهبة ودلوقتي مدرسة ثانوي. والحقيقة، كنت عايزة أبقى راهبة، بس كنت أفضل أكون في مكان تاني. تدريس مجموعة من طلبة الثانوية الصعبين مكانش هو بالظبط اللي كنت عايزة أعمله. لكن، أنا خدت عهد الطاعة فلما الأم الرئيسة قالت، "كارول، هتروحي سانت ستيفن في بالتيمور." قلت "نعم يا أمي." سانت ستيفن كان فيها كمان "الإخوة المسيحيين دي لا سال" (الإخوة المسيحيين الفرنسيين) بيدرسوا هناك. زينا، مهمتهم كانت تعليم أبناء وبنات الفقراء والطبقة العاملة. كانوا مجموعة إخوة صعبين، مبيقبلوش أي كلام فاضي، بس الأطفال كانوا بيحبوهم جدًا. دلوقتي، مش عايزة تتخيلوا إننا الراهبات كنا ناس سهلة. إحنا "البينيز" ممكن نكون بنفس صعوبة "الفرنسيين." والأطفال كانوا بيحبونا كمان، زي الإخوة؟ أيوة أعتقد كده. هما كانوا ممكن يكونوا مخيفين جسديًا أكتر، أما إحنا الراهبات فكان الموضوع بقوة الإرادة. كان أول يوم دراسة وكنت في فصلي. كنت واقفة جنب الشباك ببص بره لما سمعت حد دخل الأوضة. كان اتقالي إن زاكاري ميلر هيكون أول واحد يدخل. مامته بتوصله بدري، عشان لازم تكون في الشغل في مكتب مصنع قريب. لفيت وشفت شاب وسيم داخل الفصل. كان طوله حوالي متر و تمانين سم، شعره بني فاتح وعينيه زرقا فاتحة. كان جسمه رياضي، أكتافه عريضة، ووسط رفيع، ومشيه خفيف وسهل. كنت ممكن أتخيل إنه يقدر يختار أي بنت هنا في سانت ستيفن، في الحقيقة، غالبًا في أي مكان. ابتسمت وقلت، "صباح الخير، أنا الأخت كارول. أنت أكيد زاكاري. اتقالي إنك عادةً أول طالب بيوصل." بص لي. عينيه الزرقا كانت واسعة زي طبقين. بقه اتفتح ودخل في دسك، والدسك وقع على الأرض بزاكاري واقع عليه وكتبه طايرة في كل حتة. جريت بسرعة ناحيته وساعدته يقوم من على الدسك. كان بيتمتم، بيحاول يجمع كام كلمة. لما شفت إنه كويس، قعدت في واحد من الديسكات وسألته بضحك، "يا إلهي، زاكاري. هو أنا شكلي مخيف للدرجة دي إنك تقع على الديسكات وانت بتحاول تهرب؟" عينيه وسعت أكتر، لو ده كان ممكن، وتهته، "لأ، لأ، لأ، يا أختي أنت مش مخيفة... مش خالص." "يعني قبيحة، مش كده؟" قلت بابتسامة. "لأ يا أختي، أنت مش قبيحة، أنت أجمل ست شفتها في حياتي كللللللللللللها." معرفش مين كان مصدوم أكتر لما سمع كده. لما أدرك اللي قاله وشه بقى أحمر أغمق وتمتم، "لأ... لأ أنا... أنا... أنا مكانش قصدي كده..." مقدرتش أمنع نفسي من إني أهزر معاه. "يبقى أنا مش جميلة." "يا إلهي... يا ربي... مكانش قصدي كده... أنت جميلة، بس أنا المفروض مقولش..." قلبي مال ناحيته وحطيت إيدي على كتفه وقلت، "أقولك إيه يا زاكاري، إيه رأيك تاخد كتبك وتطلع بره وبعدين ترجع تاني ونعتبر إن ده محصلش. ونبدأ من الأول خالص." قام، ولم كتبه، وهو ماشي ناحية الباب، قلت بصوت واطي، "شكرًا يا زاكاري. محدش قالي كده قبل كده." "يبقى كل اللي هنا لازم يكونوا عميان." ده كل اللي قاله وهو ماشي للباب وخرج. كنت متوقعة إنه هيخرج ويرجع على طول. بس ده محصلش. الفصل بدأ يتملي ببطء، لكن مفيش زاكاري. بعض الطلاب التانيين علقوا على غيابه. كنت بدأت أفتكر إنه ممكن يكون محرج أوي إنه يرجع. هل أنا كنت هزرت معاه كتير؟ قبل ما الجرس يرن بالظبط، زاكاري دخل الأوضة ببطء شديد. واحد من الشباب قال، "إزيك يا زاكي، كنت فين؟" كان كأنه مسمعش ده. كان بيبصلي. عشان نكمل التمثيلية بتاعتنا، قلت، "أنا الأخت كارول، هكون مدرّسة فصلكم السنة دي. وأنت مين؟" بدأ يتمتم تاني وقال، "أنا زاكي، لأ لأ، أنا زاكاري... زاكاري... آه زاكاري ميلر." "طب يا زاكاري زاكاري زاكاري ميلر، أعتقد إني هناديلك زاكاري بس، لو مش فارق معاك، كده أسهل شوية،" قلت بضحك. الفصل لقط الموضوع وبدأ يضحك ومجموعة، اللي عرفت بعدين إنهم في فريق السباحة، بدأوا يهتفوا، "زاكاري زاكاري زاكاري... زاكاري زاكاري زاكاري." قومت موقفاهم على طول. بس، وهو ماشي في الممر، مقدرتش أمنع نفسي إني أقول، "خد بالك يا زاكاري. متتخبطش في الدسك." احمر شوية وقعد في مكانه. قضيت وقت الحصة الأولى وأنا بحكي للفصل إني لسه متخرجة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وإني لسه واخدة عهودي النهائية، وإنهم أول فصل أدرّسه. إنهم أول فصل ليا كان ليها تأثير أكبر من أي حاجة تانية. واحدة من البنات صرخت، "يااه ده يخلينا إحنا الأوائل بتوعك." باقي الفصل لقط الموضوع ومن ساعتها بقوا يسموا نفسهم "الأوائل." فصل الحصة الأولى كان كمان فصل الدين بتاعي، بس زاكاري كان كمان في فصول التفاضل والتكامل المتقدمة وحساب المثلثات. كان طالب شاطر، وممتاز في التفاضل والتكامل وحساب المثلثات. كان بيفهم كل حاجة أقولها. كان ممكن يكون هزار شوية، وممكن يهزر أوقات، بس عمره ما كان بطريقة مزعجة أو مؤذية. كان شاب طيب بطبعه. قريبًا بقيت واعية لحقيقة إنه معجب بيّ. أوقات كنت بلقطه بيبصلي. لما كنت بعمل كده كان بيبص بعيد بسرعة. لقيت إنه مش وحش إن الشاب الوسيم ده يعجب بيّ. أدركت إنه مش أصغر مني بكتير. كان حوالي تمنتاشر سنة وأنا لسه كملت واحد وعشرين. بس مكنش فرق السن هو اللي عامل الفارق، كان فرق السلطة. أنا كنت المدرسة وراهبة وهو كان الطالب. السنة عدت بسرعة. كنت طايرة من الفرح لما زاكاري خد منحة لجامعة ستانفورد في كاليفورنيا. هو نسب الفضل ليا في إنه خدها. أنا كنت كتبت له خطاب توصية. مكانتش أفتكر إن خطاب من مدرسة عندها ترم واحد خبرة مع طالب ليه وزن كبير، بس هو كان شايف إنه ليه. زاكاري خلص السنة وهو الوصيف في التخرج وخد ميدالية التفاضل والتكامل، أنا ماليش دخل في ده، بس متفاجئتش لأنه كان جايب درجة كاملة. خسر قدام ماري بيث، الأولى على الدفعة بنص درجة بس. هو مكنش متضايق من ده خالص. تعليقه الوحيد كان، "يااه، أنا بحب ماري بيث، هي ذكية وبنت لطيفة أوي." في آخر يوم دراسة، فصل الحصة الأولى بتاعي اتقابل في فصلنا بعد المدرسة. ادوني تمثال كريستال محفور عليه "إلى أعظم مدرّسة في العالم. شكرًا لكونك مدرّستنا، مرشدتنا، وخاصةً صديقتنا. مع حب أول فصل ليكِ... الأوائل." وكان عليه تاريخ آخر يوم دراسة. مقدرتش أشكرهم كفاية. وهما ماشيين ببطء كنت بسلم على إيديهم وبتطبطب على البنات. آخر واحد خرج كان زاكاري. مسك إيدي في إيده وابتسم لي. "يا أختي، كنت عايز أشكرك على كل اللي عملتيه عشاني. ومقصودش الخطاب بس." وطيت عليه و حضنته حضن صغير. "شكرًا يا زاكاري." بص لي وسؤال في عينيه. "عشان أنت أنتِ،" ضحكت "وعشان بتقع على الديسكات." احمر شوية وعصر إيدي. وهو خارج من الفصل رجع راسه وقال بصوت واطي، "مغيرتش رأيي في اللي قلتهولك أول يوم." بعدين، هو اختفى في الطرقة، كنت متفاجئة شوية إنه قال كده. ابتسمت ولما لفيت ورجعت لمكتبي، شفت واحدة من ملاحظات الورق الصفرا اللزقة دي على الكريستال. بصيت كويس. الورقة كانت محطوطة فوق النقش بالظبط. كان فيه سهم بيشاور بين كلمة "أعظم" و "مدرّسة" وبخط واضح أوي مكتوب، "وأجمل." عينيه اتملت دموع. مسحتهم بسرعة، خدت التمثال بتاعي، والورقة لسه لازقة، ورحت لعربيتي ورجعت للدير. في حفل التخرج، زاكاري ألقى كلمته بعد ماري بيث. وهو بيقرب من المنصة، بص لي وابتسم. كنت ببتسم، تلميذي المفضل واقف هناك بيلقي كلمة. حسيت إني فخورة أوي. بصراحة، مش فاكرة هو اتكلم عن إيه بالظبط. كنت مشغولة أوي بمجرد إني أتفرج عليه. تعابير وشه، حركاته، عينيه وإزاي كانت بتبص بعيد بسرعة لما عينيه كانت تيجي في عينيا. الكلام أكيد كان حلو لأنه خد تصفيق مدوّي، خصوصًا من فريق السباحة. وهو نازل من المسرح، بدأوا الهتاف ده، "زاكاري زاكاري زاكاري... زاكاري زاكاري زاكاري..." بعد ما الحفل خلص، طلعت على بهو المدرسة، بدور عليه وعلى عيلته. شفته بيجري على السلم وعرفت هو رايح فين. طالع الدور التالت عشان يخلص تفريغ دولابه. ركبت الأسانسير، بصفتي مدرسة كنت أقدر أعمل كده. وأنا ماشية في الطرقة، سمعت باب دولاب يتفتح بخبطة. كان مركز أوي في إنه يخرج كل حاجة لدرجة إنه مسمعنيش وأنا بمشي وراه. قلت، "كنت متوقعة إني ألاقيك هنا." لف وقال، "كنت عايز أقولك إزاي أنا فخورة بيك. ومعايا حاجة صغيرة ليك. عشان متنسانيش بسرعة أوي." سلمته علبة صغيرة. خد العلبة وهو بيبدأ يفتحها، تمتم، "مش محتاج أي حاجة عشان أفتكرك بيها يا أختي." فتح العلبة. كان فيها تميمة فضة صغيرة، على شكل نظارة من النوع القديم اللي بتتعلق على الأنف؛ نظارة بنتسليه. بص لي لفوق وقلت، "يمكن دول يساعدوك تشوف الحاجات زي ما هي." رد بصوت واطي أوي، "يا أختي، أنا مش محتاج نضارة عشان أشوف الحاجات كده." كملت كلامي، "طب خلاص، يمكن يمنعوك من إنك تتخبط في الديسكات في ستانفورد." "بما إنك مش هتكوني هناك مش هقلق من إني أتعرض لأي هجوم من الديسكات في ستانفورد،" قال بابتسامة عريضة. "زاكاري، أنت مفيش أمل فيك،" ضحكت. حسيت خدودي بتسخن وأنا بحمر. وطيت عليه وبوسته بوسة خفيفة على خده. "بتمنالك كل التوفيق، بس بطريقتك دي في الشغل، مش هتحتاج أي حاجة. هتعمل طريقك بنفسك." فضل واقف بيبصلي بعينيه الزرقا الكبيرة دي، بقه كان بيتحرك بس مفيش صوت بيطلع. بعدين سمعنا صوت والده من على السلم، "زاك، يلا نمشي، عندنا حجز للساعة سبعة." مشى في الطرقة وقال، "آه، يا أختي، كنت أتمنى إني أشوفك. بجد عايز أشكرك على كل اللي عملتيه لزاك. الخطاب ده كان رائع أوي... بس كنتي بتكتبي عن مين بالظبط؟" كنت شايفه زاك خد الهزار ده منين. ضحكت وقلت، "كنت بكتب عن واحد من طلابي المفضلين." الأستاذ ميلر كان مبتسم، "بما إنك راهبة، مش هعلق على اختيارك للمفضلين." سلمت على إيديهم وودعتهم وأنا ماشية، سمعت الأستاذ ميلر. "إزيك يا زاك، ارجع لعالم الأحياء. يا خبر، أنت بجد معجب بيها، مش كده؟" لفيت عند الزاوية بس وقفت عشان أسمع. أيوة كنت بتصنت. مقدرتش أمنع نفسي. "يا زاك، هي راهبة. متفكرش فيها كده. بس، أنا شايف اللي أنت شايفه فيها. هي ست جميلة." قال بصوت واطي متفهم. "آه يا بابا، مش كده الموضوع. أنا بحبها، بس أنا عارف إنها راهبة. بس، ممكن أحلم مش كده؟" الأستاذ ميلر ضحك، "زاك، أنت شبه أبوك زيادة عن اللزوم وده مش صحي. بس متقلقش، سرك في بير." زاك قال، "عارف، شكرًا يا بابا." سمعتهم وهما ماشيين في الطرقة. مشيت ببطء لحد ساحة انتظار عربيات المدرسين. كان في دموع في عينيا. هتوحشني يا ولد، هتوحشني أوي. هل المدرسة كانت معجبة بتلميذها؟ أعتقد أيوة. مسحت عينيا، شجعت نفسي وسوقت لغرفتي في بيت الأم الرئيسة. الحياة مشيت، المرة اللي بعدها شفت فيها زاك كانت في يونيو اللي بعده. هو وصاحب ليه اسمه مارتي، كان هو كمان في فصلي وكان في فريق السباحة، جم يزوروني. زاك كان شكله حلو أوي، كان لسه رشيق، ولسه عنده الابتسامة المبهجة اللي بتعدي والفرحة الخفيفة. بس، كان فيه فرق وخدت ثانية قبل ما أدرك قد إيه السنة اللي فاتت نضجته. معرفش بقاله قد إيه واقف بره فصلي قبل ما ألاحظه. لما بصيت لفوق كان عنده نفس النظرة اللي كانت عنده أول يوم في الحصة الأولى. "لسه شايف إني جميلة،" فكرت في سري وإحساس دافئ بدأ يسري في جسمي. ابتسمت ودخل الأوضة. ضحكت كده شوية وقلت، "خد بالك من الديسكات يا زاكاري." مشى بطريقة حذرة ومبالغ فيها أوي، كأنه ماشي في حقل ألغام. لما وصل لي وقف ومسك إيديا الاتنين في إيده وقال، "يا أختي كارول، يا سلام على رؤيتك يا فرحة للعين." زقيته وقلت، "زاكاري، م اتغيرتش خالص." ابتسم وقال، "يا إلهي، ولا أنتِ. أنتِ جميل... " سكت، بعدين ضحك ضحكة صغيرة وهز راسه وقال، "يا أختي، شكلك جميل زي ما انتِ." مكنش الطالب القديم. كان كبر. فضلنا واقفين ماسكين إيدين بعض، بنتكلم عن سنتنا وبعدين مارتي دخل الأوضة فجأة. سبت إيد زاكي ولفيت أرحب بمارتي. مشيوا بعد وقت قصير. بما إني كنت لسه واخدة الماجستير بتاعي، اتبعثت للغرب الأوسط، على مينيابوليس، مينيسوتا عشان أدرّس في واحدة من كلياتنا وبعدين لوس أنجلوس لما بدأت أشتغل على الدكتوراه بتاعتي. مشفتش زاك لمدة الست سنين اللي بعد كده. خلال السنين دي فقدت الاتصال بيه تمامًا، بس كنت أحيانًا بتوصلني رسايل من واحدة أو اتنين من البنات اللي كانوا من "الأوائل." كل اللي كانوا يعرفوه عن زاك إنه لسه وسيم وإنه في الجيش. مسمعتش عنه أي حاجة تانية. بس ده مكنش معناه إني عمري ما فكرت فيه. كنت لسه محتفظة بالكريستالة دي (كنت بسميها جبل الجليد) والورقة الصفرا اللزقة اللي عليها. الورقة الصفرا مكانتش بتلزق تاني وكنت بستخدم شريط لاصق عشان أثبتها. زاكاري بقى واحد من الذكريات الحلوة اللي بنعتز بيها. بعد ما خدت الدكتوراه بتاعتي، اتبعثت لجامعة صغيرة بره سانتا في، نيو مكسيكو. كنت بدرس مواد بحبها، لطلاب عايزين يتعلموا. كان عندي فصلين لطلبة البكالوريوس وكم فصل لطلبة الدراسات العليا. كنت في الجنة. كنت محظوظة إني لقيت بحث ليا منشور في مجلة مرموقة، وفي مارس من السنة اللي بعدها اتطلب مني ألقي كلمة في مؤتمر لعلماء الرياضيات، في سانت لويس. الناس اللي بتنظم المؤتمر كانوا هيدفعوا فاتورة الطيران وغرفة الفندق، بس أنا كنت مسئولة عن وجباتي. الفلوس اللي اديتهالي الرهبنة كانت أكتر من كافية لدفع تمن أكلي، طالما مش هاكل بره كل ليلة. كنت مرتاحة للوضع. وكنت متحمسة أوي إني ألقي كلمتي. وكنت متوترة أوي كمان. كنت هتكلم قدام ناس يعرفوا موضوعي كويس أوي، إن لم يكن أفضل مني، وكتير منهم كانوا وضعوا نظريات أنا اشتغلت بيها. وصلت الفندق يوم الأحد العصر، بما إني كنت هلقي كلمتي يوم الإثنين الصبح كانوا عايزين أكون هناك يوم الأحد. بعد ما فضيت شنطي، نزلت اللوبي. كنت هخرج أتمشى، عمري ما رحت سانت لويس وعايزة أشوف المدينة. فكرت كمان بما إن دي أول ليلة ليا هنا ممكن أتبسط وأتعشى بره. وأنا ماشية في اللوبي شفت اللي افتكرته وش مألوف. بصيت كويس وفكرت، "يا إلهي، ده زاك... ده زاكاري ميلر." كان كبر أوي. اللي ماشي في اللوبي مكنش ولد صغير لكن راجل. راجل وسيم وناضج أوي. بدا إنه بيعرج شوية... بس مخدتش بالي. فتحت بقي. كنت محظوظة إنه مفيش ترابيزات أو ديسكات قدامي وإلا كنت خبطت فيها. ومن غير تفكير صرخت، "زاكاري زاكاري زاكاري ميلر." بص لي وابتسم. بعدين كان كأنه شاف اللي بيكلمه بجد. عينيه وسعت وبقه اتفتح. في لحظة بقى الولد اللي عنده تمنتاشر سنة في فصلي في سانت ستيفن. لسه فاكر إني جميلة؟ الطريقة اللي كان بيبصلي بيها خلتني أحس بده بجد. خد كام خطوة وبعدين وقف وبص حواليه. فكرت إن فيه حاجة غلط وقلت، "زاك، فيه حاجة غلط؟" بص لي وابتسم الابتسامة الشقية دي وقال، "ببص بس على الديسكات المستخبية، متقدرش تكون حذر زيادة عن اللزوم عارفة." بدأت أضحك ومسكت إيديه الاتنين في إيدي وقلت، "يا زاكاري ده جميل أوي إني أشوفك. بس، بتعمل إيه في سانت لويس؟" "أنا هنا في مؤتمر الملاحة البحرية، هلقي كلمة بكرة بعد الظهر بدري. المنظمين كانوا عايزيني هنا الليلة. فأنا هنا. بس، بتعملي إيه في سانت لويس، آخر مرة سمعت كنتي هنا في الغرب الأوسط، بتدرسي في كلية." "أنا في نيو مكسيكو دلوقتي، بره سانتا في بالظبط. دي جامعة صغيرة وبدرس رياضيات لطلاب البكالوريوس والدراسات العليا. بعتوني هناك بعد ما خدت الدكتوراه بتاعتي. أنا بحبها،" قلت. ابتسم وقال، "ده يفسر ليه شكلك برونزي وصحي. دكتوراه؟ أنا بجد منبهر. قوليلي أناديكي دكتورة أختي كارول ولا أختي دكتورة كارول؟" كان شعور حلو إني أشوف إنه متغيرش، لسه بيحب يهزر. ضحكت، "كارول بس هيكون كويس." بعدين أدركت اللي قلته وغمضت عينيا، عارفة هو هيقول إيه. سمعته بيضحك وبعدين قال، "لأ، مش هقول اللي أنتِ متوقعاه... ده هيكون سهل أوي." بعدين ابتسم لي ابتسامة عريضة وقال، "بس ممكن يكون صعب، طول عمرك كنتِ الأخت كارول، بس هحاول، كارول." "لسه مقولتليش بتعمل إيه هنا. ولا ده سر، في مهمة سرية وكنت ممكن أفضحك." قلبت عيني وبعدين قلت، "أنا هتكلم في مؤتمر علماء الرياضيات، أنا كمان هتكلم بكرة، بس الصبح وده السبب في إني هنا الليلة." كملت كلامي، "ده حلو أوي، هما بيدفعوا كل حاجة، طيارتي والأوضة. المصروف الوحيد اللي عليا هو وجباتي. أنا مسئولة عن ده." زاكاري ابتسم ابتسامة عريضة وقال، "ده رائع، دلوقتي مش هتقدري ترفضي دعوتي على العشا. أنا متأكد إن الرهبنة عندها ميزانية محدودة شوية، فأنا ناوي أتحمل المصاريف." "في الحقيقة أنا هقابل اتنين من زمايلي في الجيش الليلة و..." بدأت أضحك وقاطعته، "زاك، أنت مش عايزني معاك وسط شوية من زمايلك في الجيش." --- الفصول الجايه هتبقى مدفوعه وبعملات بسيطه مش كتير قولت اقولكم بس
تعليقات
إرسال تعليق