مافيا مصرية - الفصل الأول

مافيا مصرية

2025, Jumana

رواية جريمة

مجانا

بنت زعيم مافيا إيطالي وأمها مصرية. بتسيب عالم أهلها الإجرامي عشان تدور على قوة حقيقية وتأثير على الناس بطرق ذكية. بتواجه أعداء كتير وبتستخدم ذكائها وتلاعبها عشان تحقق أهدافها. الرواية بتستكشف صراعها بين عالمها القديم وحلمها في بناء إمبراطوريتها الخاصة، وبتوريك إن الكارما ممكن تكون قاسية.

لينا عياد

بنت زعيم المافيا الإيطالي سيلڤيو أديمارو وحفيدة الرئيس المصري المقتول. بتسعى للسلطة والنفوذ بطرق ذكية وتلاعب نفسي، مش بالعنف. عايزة تبعد عن سمعة عيلتها الإجرامية وتبني اسمها الخاص في عالم السياسة والنخبة. بتبين إنها قوية وذكية لكن عندها جانب قاسي.

سيلڤيو

والد سيلينا، رجل أعمال إيطالي شاطر ومؤسس في عيلة مافيا جالانتيه. كان واحد من "الكويسين" في عالمهم الإجرامي، وحب آيرا وحمى بنته سيلينا رغم رفض عيلته. بيظهر إنه مسيطر وقلقان على بنته.

هانا

صديقة سيلينا في الجامعة، طيبة وساذجة. بنت رئيس برلمان كوريا الجنوبية، وده اللي بيخليها مهمة لسيلينا بسبب علاقات عيلتها القوية. بتظهر إنها عاطفية وسهلة التأثر.
تم نسخ الرابط
مافيا مصرية

الرواية دي أحداثها بتدور في عالم أنا اللي خلقته، يعني مش قصدي إنها تعكس العالم اللي إحنا عايشين فيه. وكمان بطلة القصة نصها مصري، ومش مسلمة. شخصياتي معقدة وليها شخصيات مميزة. هتلاقي نفسك بتكره جوانب معينة فيهم وبتحب جوانب تانية. دي قصة رومانسية مظلمة، افتكروا النقطة دي كويس. هيكون فيه مواضيع تانية مقلقة (مع تحذيرات في بداية كل فصل)

مقدرش أمنعكم تعلقوا كلام كراهية لبعض، بس أرجوكم كونوا لطفاء مع بعض في التعليقات. سهل ننسى إن فيه شخص قاعد ورا الشاشة مش محصن ضد الكلام الجارح اللي بيترمي عليه من غير داعي. فخليكوا واعيين لما بتردوا على تعليق حد. في الآخر، إحنا كلنا بنيجي هنا عشان نهرب من حياتنا الزبالة. خلينا منخلقش مساحة سلبية تانية لناس بتدور على الهروب من واحدة بالفعل ❤️
ممنوع سرقة شغلي.
أنا موافقتش على أي نسخ أو أشكال من شغلي غير اللي بكتبها على صفحتي.
مفيش مشكلة تاخدوا إلهام من كتابتي، بس مش هتسامح أبداً مع الشغل المسروق بشكل فاضح.
حقوق النشر © 2025 Jumana - كل الحقوق محفوظة

____________________

فيه حاجة كده بتتكون مع الوقت.
حتى وإحنا كبني آدمين بنتطور، وبنميز نفسنا عن باقي الكائنات الحية، الأساس اللي بنشتغل عليه بيلف ويدور حوالين نفس الحاجة.
التميز.
بنكافئ عليه، وبناخد منه إثبات لذاتنا، وبنحس إن لازم نميز نفسنا بسببه. وفي الحقيقة، عقدة التميز دي ما هي إلا وسيلة دفاع، بنستخدمها عشان نعوض ضعفنا وإننا بنحس إننا أقل من غيرنا.
دي فكرة إنسانية أصيلة، فكرة عالمنا بيستخدمها لما بييجي يحط القواعد.
فيه اللي بيحط القواعد، وفيه اللي بيفرضها، وفيه اللي بيلتزم بيها. بس فيه قلة قليلة ومهمة كفاية إنها تكسر القواعد من غير ما تبوظ النظام. دول اللي ماسكين مفتاح النجاح البشري الحقيقي.
السلطة.
رجل الأعمال الشاطر عارف إمتى يستخدم سلطته، إمتى يخبيها، وإمتى يكبرها عشان ياخد اللي هو عايزه.
سيلڤيو أديمارو كان رجل أعمال شاطر.
رجالة أديمارو اتولدوا عشان يقودوا. وأبو سيلڤيو هو أول واحد دخل السلطة الحقيقية في العيلة.
شاف فرصة واستغلها، استثمر في شركة محلية كانت بتنتشر في بلدة صغيرة في جنوب إيطاليا. شركة كبرت واتضاعفت لحد ما بقت مافيا جالانتيه المشهورة دلوقتي.
اللي بدأ كمجموعة إجرامية صغيرة اتحول لقوة ضاربة من العلاقات والأعمال، روابطها عميقة جداً ومكانتها عالية لدرجة إنهم مبيتلمسوش.
وده كله بفضل شغل تلات رجالة أعمال شاطرين.
ريكاردو جالانتيه - الراجل اللي لقى الشغل وقعد في أعلى منصب في عيلة مافيا. إيده اليمين، أرتورو موريتو - الراجل اللي كان بيعمل الشغل القذر، والتالت؛ سيلڤيو أديمارو - الراجل اللي كان بيحافظ على التحالفات.
سيلڤيو كان أصغر واحد في التلاتة، والغريب إنه كان واحد من الكويسين.
كان محبوب من كتير، إن لم يكن الكل، عشان كده كانوا بيبعتوه يضمن التحالفات ويبني الولاءات.
بس دي مجرد بداية قصتنا.

القاهرة، مصر، ١٩٩٩
من زمان أوي، مصر كانت معروفة إنها منجم للموارد، والمصريين كانوا من أغنى الناس في العالم.
موقعها الجغرافي على النيل عمل تربة تحفة خلت فيه أحسن بضايع للتصدير، وأكبر عدد من المشترين، وأقوى اقتصاد.
كانوا شركاء أعمال مثاليين. وده السبب اللي خلى سيلڤيو أديمارو يتبعت عشان يكسب رئيس مصر.
كان أقرب ما يكون للملك، بيتعامَل كملكي، ومحترم من الكل. وعنده أرض وموارد ونفوذ أكتر بكتير من أي زعيم عالمي تاني في وقته.
لحظ سيلڤيو، المصريين كانوا مضيافين جداً، ورئيسهم مكنش مختلف. اتعرض عليه مكان يقعد فيه في القصر اللي هو بيته، وخدموه بأحسن الأكل.
تحول من إنه يشتغل من غير تعب مع عصابات ومجرمين لحياة زي الآلهة، كل مشاكله بتتحل على يد الناس اللي تحت أمره.

بس كان سهل الواحد ينحرف عن الطريق في حياة الوقت فيها مكنش مهم. والوقت الزيادة ده مكنش بس إدّى سيلڤيو وقت إنه يتساءل إيه اللي ورا الحياة اللي اتمتع بيها طول رحلته، لأ ده إدّاله كمان ميزة إنه يطارد الفضول ده.
طارده لحد ما وقف قدام باب خشب كبير ليلة من الليالي، في الجناح الشمالي من القصر. مكان كان ممنوع على معظم الناس إنهم يزوروه.
فتح الباب بالعافية وطلع البرج، ووقف لما لقاها.
البنت كان شكلها في سنه، بس عينيها كانت بتلمع أخضر زمردي ملوش مثيل، عكس عينيه هو اللي كانت باهتة وملوثة بكل اللي شافه في حياته. بس ده مكنش اللي شلّه في مكانه وسحره.
كان جمالها.
آيرا عياد كانت تجسيد للجمال الإلهي نفسه. شعر أسود طويل، كثيف زي هوا الصحرا. ملامح حادة، مدهشة وخلابة زي نور القمر اللي داخل من الشبابيك. بشرة برونزية وعينين خضرا لدرجة إنها عملت تناقض ساحر مع بشرتها الغامقة.
سيلڤيو مكنش إلا ولد عنده تمنتاشر سنة، وقع ضحية لجمال نادر ملوش حل.
الليلة دي غيرت مجرى رحلته كلها.
كان بيقضي أيامه جنب الرئيس، بيعرض عليه شغل، وبيشتغل على تحالف مع مافيا جالانتيه. ولياليه، بيشتاق للآلهة المصرية اللي عرف إن أبوها – الرئيس – حبسها عشان يحميها.
ورغم إنها اتحذرت من كل الرجالة، آيرا سمحت له إنه يقعد معاها في السر. أبوها ممكن يكون بيفكر في مصلحتها، بس هي كانت محرومة من التواصل البشري بقالها كتير أوي.
الراجل كان وسيم أوي وقلبها كان طيب أوي عشان تقاوم ابتسامة حلوة كده. لحد ما وقعت في حب قوي لدرجة إنها إدّته كل عقلها وجسمها وروحها.
كانت قصة حب جميلة، حكاية صعبة عن حب ممنوع ازدهر في السر.
لحد ما مبقاش سر.
كانت حامل منه.
سيلڤيو أديمارو قضى تسع شهور في مصر. ويوم الجمعة التلاتاشر من نوفمبر، اتولدت.
أصغر وريثة لثروة عياد بس أديمارو بالدم.
مكنتش بس أول بنت في عيلة كلها رجالة إيطاليين أصيلين، لأ دي كانت أول واحدة من نوعها.
أول إيطالية غير أصيلة.
سيلڤيو أديمارو كان راجل عيلة، وكل اللي في مافيا جالانتيه كانوا بيصنفوا كده. بس لو فيه حاجة عن عيلته، إنهم مكنوش بيتصرفوا كويس مع الغرباء. دمهم إيطالي أصيل وبيخلفوا إيطاليين أصيلين.
مكنتش هتناسبهم.
عيلته كانت قاسية، كانوا هيمسكوها يقطّعوها.
وممكنش وقت طويل قبل ما خبر بنته غير الشرعية ينتشر بين دايرته القريبة، لكن رغم رفضهم لوجودها، استخدموا البنت عشان يضمنوا تحالف مع المصريين.
بس زي ما اتقال، سيلڤيو – عكس الاتنين التانيين – كان واحد من الكويسين.
حب بنته رغم كل اللي قالوه، وكان هيحميها بأي تمن. ولما جه وقت رجوعه لبيته، رجع لوحده.
زارها على قد ما قدر، وراقبها وهي بتكبر من بعيد. بس زي آيرا، بنت سيلڤيو اتمنعت من حياة أبوها. سابوها تتربى في القاهرة، مع جدتها وجدها وأمها. ومنتقلتش تعيش مع أبوها في أمريكا – اللي استقر فيها بعد سنين، بعد وفاة أمها.
لكن حتى في أمريكا، كانت على مسافة، وبيتهزأ بيها ويتم استبعادها باستمرار من قليل من أفراد العيلة اللي كانوا يعرفوا عنها.
اتولدت لأب نبيل وأم طيبة. سيلينا أديمارو مكنتش عندها أي حاجة من اللي خلى والديها كويسين.
كانت قوة لا يستهان بها، مختلفة تماماً عن أبوها – راجل قوي، اللي عمل بنفسه منطقة مانهاتن السفلى المعروفة باسم "ليتل إيتالي" أو إيطاليا الصغيرة اللي هي عليها النهارده.
فتح محلات، وهجّر عيلته لحد ما مانهاتن السفلى بقت مليانة بس بالإيطاليين اللي بيشتغلوا تحت إدارة أعمال جالانتيه.
كانت لعبة قوة، خطوة استراتيجية منه.
بس زي ما اتقال، التميز كان عيب بشري أصيل.
سيلڤيو أديمارو كان رجل أعمال شاطر، لكن اللي كان متربص في الظل كان واحد أحسن. واحد أكثر استراتيجية بكتير، واحد أكثر تميزاً بكتير. واحد كان بالفعل حاطط عينه على اللي هو عايزه.
سيلڤيو المسكين مكنش فاهم إلا لما فات الأوان، لحد ما لقى نفسه محشور في الزاوية ومحكوم عليه بالهلاك. لأن لما الشيطان بيكون عايز تاجك، بياخده ويسيبك تتوسل على ركبك عشان شوية رحمة.


سلينا
"مرفوض تمامًا-" بالتحديد؛ مقرف، ومحبط، ونعمة إلهية. "-هو ده اللي حصل." بس مش هتجرأ إني أرمي الحقيقة المرة على وش البنت الهيستيرية اللي بتعيط على الطرف التاني من الخط.
بصراحة، دي معجزة إني قدرت أسكت كل ده، خصوصًا وإني قاعدة هنا بسمعها بتعيط على راجل نص نص بقالي عشر دقايق.
دي مشكلة الستات اللي بيدخلوا عواطفهم مع رجالة. بيدوا التحكم الكامل في مشاعرهم لراجل، اللي هو، بحسب التعريف، خيبة أمل.
في حين إن إحنا الباقيين، سواء عيالهم، أمهاتهم، أخواتهم، أو الستات اللي ناموا معاهم، بنكون معرضين لخيبة الأمل دي اللي بيطلعوها من كل مسام مسدودة وعديمة الفايدة في جسمهم.
هانا مش بس لسه مفهمتش الفكرة البسيطة دي، دي كانت أسوأ أنواع الضحايا. النوع اللي بيشوف الخير فيهم.
دي أول حاجة لاحظتها في أول سنة في الجامعة عن رفيقة أوضتي اللي اتحولت لصديقة. بس هي كانت أسوأ نوع من الصديقات. طيبة، ساذجة وبريئة زيادة عن اللزوم عشان تاخد أي نصيحة مني. حتى لو كانت دي الطريقة الوحيدة الصح لحل مشاكلها.
ببص على اللون الأحمر الغامق اللي مغطي ضوافري اللوزية وبفكر بسرعة إزاي هلاقي فني ضوافر مش عايزة أقتلها في أمريكا.
"لينا؟" شهقة مكتومة بتملى الخط، أعلى من الباقيين. "أنتي بتسمعيني حتى؟"
"ممم." بقلب عيني، وبحط التليفون على السبيكر وبمد إيدي في شنطتي عشان أطلع اللابتوب بتاعي. "توماس، وسخ، البنت السمرا الصغيرة من مادة القانون السياسي ١٠١."
لو تلات سنين في أكسفورد علموني حاجة، فهي إزاي أبقى خبيرة في الاستماع من غير ما أسمع بجد.
وده بيخليها تسيبني وترجع لانهيارها العصبي، وأنا برفع كاس الشمبانيا الفاضي بتاعي، بشاور لواحدة من المضيفتين عشان تيجي.
لكن هما الاتنين مشغولين أوي بيبصوا على الحراس الشخصيين اللي واقفين على كل ناحية من البار.
"لو الكلام ده انتشر... شكلي هيكون وحش أوي." صوت هانا الناعم بيترعش على الخط ورغم الضيق اللي بيغلي جوايا، مبحبش أسمعه بيتكسر. "أ-أنا بس عايزاه يحس بالسوء اللي حسيت بيه لما شفته هو وهي-"
بتنهد، زهقت.
الرحلة دي لنيويورك مكنتش بس مفاجئة، وبصراحة، غصب عني، دي كمان بقضيها محبوسة على ارتفاع مئات الأقدام في الجو مع موظفين عديمي الفايدة، وبسمع انهيار عصبي فوضوي، وأنا فايقة تماماً.
"فيه حاجة واحدة بس الرجالة اللي زي توماس بيهتموا بيها." ببص على الحارس اللي جنبي وبأرفع حاجب للراجل الجامد.
بياخد لحظة عشان يبصلي بس لما بيبص، بنقل نظري منه لكاسي الفاضي، طلبي واضح.
"أ-أنا مش عارفة." صديقتي الساذجة الصغيرة بترد على الخط وعيني بتخترق عيني الراجل المتردد. "فلوس؟"
كنت عايزة مشروب تاني.

مكنش هياخدها لأنه كان فاكر إنه أكبر من إنه يخدمني.
بتاخد حوالي عشرين ثانية من نظرتي عشان "شريك" الأبله يمسك كاسي مني بغيظ ويستدير عشان يمشي ناحية البار في آخر الطيارة.
وقتها بس برجع انتباهي لصديقتي الهيستيرية الصغيرة. "لأ،" توماس ويبلر مكنش بس وريث، ده كان كمان قريب بعيد للعيلة المالكة. كان غبي زي الحجر، ومع ذلك قدر يدخل أكسفورد وقضى وقته بين المحاضرات بيطير ستات عشان يشخوا كوكايين غالي على صدورهم.
لكن سجله كان نظيف زي الفل ولولا إني كنت بقدر أشم متعاطي الكوكايين وأنا نايمة، كان قدر يخبي مشكلته الصغيرة.
المعلومات كانت أعلى أشكال القوة في قاموسي، ورغم إني مكنش عندي عيلة قوية بشكل تقليدي – يعني عيلة اكتسبت مكانتها بطريقة نظيفة، كان عندي اليد العليا بين كل زملائي من الطبقة العليا.
قذارة.
"الحفاظ على صورة عيلته." بفتح اللابتوب على رجلي. "طول ما بابا مبسوط، يقدر يعمل اللي هو عايزه – أو مع اللي هو عايزه في السر." أنا مؤمنة إيمان قوي بالكارما، دي كانت نوعي المفضل من الكلاب.
لكن إني أسيب الأمور تحصل بشكل طبيعي مكنش ممتع. أما إني أطبق الكارما بتاعتي زي ما أنا عايزة؟ ده كان الخيار الوحيد الممكن.
الماوس بتاعي بيضغط على الفولدر المشفر بتاعي وبقف بالمؤشر على الفولدر اللي باسمه. "هيكون مؤسف لو خبر العلاقة دي وصل لأبويا العزيز."
كان هيدمره تماماً.
هانا ليم - بنت تاي ليم، رئيس برلمان كوريا الجنوبية، كانت الجسر الوحيد اللي أبو توماس كان عنده عشان يحافظ على سلطته. مفيش حد كان بيكسب رضا تاي ليم، بس لما كنت بتكسب دعمه، كان مدى السلطة اللي عندك مالوش حدود.
أخبار زي دي مش بس هتقطع علاقاته بالراجل اللي عنده أعلى مكانة في مجتمع كوريا الجنوبية دلوقتي، دي كمان هتدفنه حي.
خصوصًا لما يكون السبب الوحيد اللي تاي ليم متحمل بيه عيلة توماس هو إن بنته غرقانة في حب ابنه.
خبر الانفصال ده ومغامراته هيكون كارثي لكن الأهم، هيكون مسلي جداً إني أتفرج عليه وهو بيتفكك.
"لأ..." الشهقة في صوتها بتقولي إنها عارفة دماغي رايحة فين. "ده هيكون قاسي أوي.... لينا، مقدرش. مش هعمل."
لحسن حظها، أنا أقدر وهعمل.
لو كان فيه حاجة الأديمارو بيتمسكوا بيها، فهي مبدأ العين بالعين.
مكنش بنسيب الأمور تعدي. مكنش بنسلك الطريق الصح.
لما حد بيظلمك، بتنتقم. لما الأمور مبتنفعش، بتلعب بيها عشان تنفع. ولما حد بيخونك، بتدفنه في الأرض لدرجة إنه مبيقدرش يعمل أي حاجة غير إنه يبص للتراب وهو بيبتلعه وعينيه زي عين الكلب الصغير المرعوب اللي بيعيط وبيطلب المساعدة.
كان شيء علاجي بجد.
"أنا فاهمة تمامًا." ببرر، وأنا بقلب في مجموعة الصور اللي مخزناها للاحتفاظ بيها. "خلينا بس نسلك الطريق الصح."
توماس في بورا بورا بيشم خط من مرات رئيس الوزراء. توماس في نادي تعري، مع عميد جامعتنا. والأهم، فيديو لتوماس في النادي ده، بيشتم عن مدى أهمية الراجل اللي هو عليه مقارنة بكل الناس العادية الكسولة. وده كان بس سطح كلامه اللي هيبعت بيه نفسه للهاوية قريب.

وكأن الكون بيكافئني على اللي لقيته، بيناولوني كاس الشمبانيا بتاعي "شريك" الأبله اللي باين عليه متضايق.
"اسمعي بقى هتعملي إيه." الطعم اللذيذ المخملي لمشروبي بيوصل للساني قبل ما آخد رشفة تانية وأبدأ أكتب الإيميل، "اعملي له بلوك، خدي إجازة سبا عشان تفكي دماغك، ولما ترتاحي خالص، الكون هيصلح الفوضى دي."
"أنتي بجد فاكرة كده؟" الأمل بيملا صوتها.
"متأكدة." الكون المزعوم كان بيكتب الإيميل دلوقتي، وبيرفق الصور وبيبعتها لأكبر عمود إشاعات في المملكة المتحدة.
صوت خفيف بيبين لي إني لسه مدمرة حياة حد برفع صباعي، وبخلص مشروبي احتفالاً.
"خليكي واثقة شوية يا هانا. الأمور هتترتب لوحدها." القدر مكنش إلا عذر بايخ البشر بيستخدموه عشان يغطوا على حقيقة إنهم خايفين من المجهول.
مقدرتش أفتكر آخر مرة كنت خايفة فيها، ناهيك عن إني أسيب مجال للمجهول.
"أنا بجد مش عارفة كنت هعمل إيه من غيرك يا لينا." يمكن كانت هتغرق في بحر مشاعرها الدرامية. "صيفي هيكون تعيس أوي من غيرك. مش عارفة إزاي هتخطى الموضوع ده."
ابتسامة بترسم على شفايفي. فكرة إنها تعيسة ومعاها بس الأفاعي المتكبرة اللي بتسميهم صحابها، بتخليني أحس بشكل غريب بالتقدير. "شكراً."
هي ساكتة، وكأنها مستنية إني أقول حاجة تانية، بس أنا معنديش حاجة تانية أقولها، وهكذا بتنهيدة درامية تانية، صديقتي بتتكلم. "هتوحشيني، بس هشوفك قريب. بوسات."
"بوسات." بزوم، ورغم إني بحاول أدخل حنية في نبرة صوتي، الكلمة بتطلع مليانة سخرية.
مكنتش بكره هانا. مكنش عندي مشكلة في وجودها. حتى إني كنت بهتم بيها كفاية إني أشوف كل الصحاب اللي حواليها وأعتبرهم أفاعي مستنية تنقض على ثروتها.
أنا، من ناحية تانية، كنت مختلفة.
مكنتش بهتم بفلوسها. كنت بهتم بالعلاقات والمكانة اللي هتكون مفيدة ليا في يوم من الأيام في سعيي للقمة. ولحد ده الوقت، كنت محتاجة سمعتها تكون نضيفة ومحدش لمسها. فلو ده معناه إني أتكلم معاها عن المشاعر وحاجات تانية عديمة الفايدة مليش دعوة بيها، هعملها.
مكنش الموضوع شخصي، ولا كنت بفكر في مصلحتها الأسوأ. في الحقيقة، كنت صديقة مثالية بكل معنى الكلمة.
الفرق الوحيد كان معرفتي بالصداقة اللي بينا وإني مكنتش بصدق إنها حقيقية. الحقيقة إني مكنتش بحب حد كفاية عشان أكون صديقته.
تليفوني رن، وده خرجني من أفكاري ومع إغلاق اللابتوب بهدوء، بصيت على الاتنين وتلاتين رسالة، كلهم مبعوتين من نفس الرقم.
وصلتي الطيارة بأمان؟
قدرتي تتعرفي على الطيار؟
اتأكدتي إن معاكي كل حاجاتك؟
سكر الدم بتاعك عامل إيه؟
كلام فاضي، كلام فاضي، كلام فاضي.





يا ريتني أقدر أقعد هنا وأقول إن بابايا مكنش مسيطر بالدرجة دي، بس دي هتكون كدبة، ومع إني كنت بحب الكذب الكويس، إلا إن حاجة بابا إنه يعاملني كبنت صغيرة طول الوقت كانت بتعملي صداع نصفي شديد ومكنتش بكذب كذب نص نص.

لكن كان واضح إن فيه حاجة غلط جداً عشان يأمرني أرجع نيويورك، المكان اللي دايماً كان بيحاول يطردني منه.
خمس رسايل تانيين بيوصلوا لي وبزهق أوي، برد على رسايله بواحدة من عندي.
أنا أعتقد أني أتعرض لمضايقة.
صباعي لسه محوم على زرار الإرسال لما رده بيجي.
من مين؟!
هما حواليكي دلوقتي؟
فين رجالي؟
هما المفروض بيحموكِ.
اتصلي بيا حالاً.
بيتصل بيا.
برفض المكالمة وبرد عليه برسالة.
راجل عجوز مبيوقفش رسائل.
تلات نقط بيظهروا في زاوية الشاشة وبعدين بيختفوا كأن الفهم استقر عنده.
أنا أعتقد إنه في مدينة نيويورك.
مرة تانية تلات نقط بيظهروا، بس المرة دي بيبعتلي رسالة واحدة بتنضح بعدم موافقته.
ده مش مضحك.
أنا لا أتفق.
أنا أجد ذلك مضحكاً.
أنا تقريباً بسمع تنهيدته المتعبة، ولما حاجة غير التسلية بتتسرب لجوايا وأنا بفكر إزاي لسه مضايقاه بقلقه، بعرف إن ده وقت إني أقفل تليفوني.
بفكر إني أسأل بابا ليه استدعاني تاني للمدينة اللي كنت بحاول أخرج منها بكل قوتي، لكن بقرر إني بجد مش عايزة أعرف.
الراجل ده كان زعيم عصابة وورا ابتساماته اللطيفة كان عالم من الجريمة. عالم قررت أسيبه ورايا لما مشيت أعيش بعيد عشان الجامعة.
مكنتش بقيم القوة اللي بيملكها الجانب الإيطالي من عيلتي في عالم النشاط الإجرامي.
كنت أحسن من كل ده. أحسن منهم كلهم.
كنت بتمنى قوة حقيقية، تأثير على الجماهير. العنف والتهديدات كانت سائدة جداً ومفتقدة لأي إبداع. كنت عايزة أزرع الخوف من خلال ألعاب العقل والتلاعب. كنت عايزة أقوى الناس يجبروا نفسهم على ابتسامات مؤدبة في وشي بينما كانوا بيفوروا بعدم ارتياح في وجودي.
آخر حاجة كنت محتاجاها هي إن اسمي يرتبط بعائلة إجرامية سيئة السمعة. خصوصًا لما يكون هدفي إني أخليه مرتبط بالسياسيين، والملوك، وكل النخبة التانية في العالم.
فلما كنت في أكسفورد، مكنتش سيلينا أديمارو - بنت سيلڤيو أديمارو - المؤسس الوحيد الحي لعائلة جالانتيه الإجرامية. كنت لينا عياد - حفيدة رئيس مصر المقتول اللي اتحولت لطالبة من الطبقة المتوسطة بمنحة، وبتعمل لنفسها اسم في جامعة أكسفورد.
وبمجرد ما دماغي بتبدأ تلف في مدى الفوضى اللي حياتي فيها، مش بقدر أمنع نفسي إني أحس بعينين واسعة بتراقبني.
"صلح مشكلة التحديق بتاعتك،" بتمتم، مش بتكلف نفسي حتى أبص للراجل اللي واقف قريب أوي لدرجة إني لو بصيت لفوق، هقدر أشوف دماغه الضئيلة من خلال فتحات أنفه الكبيرة. "ده مقلق."

الراجل مش بيرد، ولا أنا فارق معايا خصوصاً وأنا ماسكة كاسي الفاضي. "إعمل حاجة مفيدة وهاتلي كاس تاني بالمرة."
مكنتش كده قاسية أوي كده في العادي. كنت بميل للهيمنة الخفية أكتر، بس رجالة بابا كانوا بيطلعوا أسوأ ما فيا.
لما محستش إن الراجل أخد كاسي، في الآخر بصيت له.
"أنا مش هنا عشان أخدمك." الراجل بيتكلم بصوت خشن وبحرص ومقدرتش أحدد إيه الغلط في صوته، بس مش فارق معايا.
"موافقين." مش بنزل إيدي. "أنت هنا عشان تعمل أي حاجة أقولك تعملها." بسحب عيني على وشه الشاحب الغضبان. "وإلا لو عايز خصيتك الصغيرة متعلقة على جناح طيارتي الخاصة، أقترح عليك تبطل شكوى."
عينيه بتضيق لبرهة وهي بتتحرك ناحية الخاتم الدهبي في صباع خاتمي. "دي مش طيارتك الخاصة."
دماغه الضئيلة لسه لازقة في تفاصيل الكلام.
"دي بتاعة بابايا." ابتسامة متعالية بترسم على شفايفي وأنا برفع الخاتم بينا. "ودي كمان."
أي راجل بيشتغل عند بابايا هيعرف خاتم سيلڤيو أديمارو. كان هدية من ريكاردو جالانتيه نفسه في أول إنجاز كبير ليهم.




"حلوة مش كده." بتلمع تحت النور، والراجل بيفضل ساكت، بيغلي بس ده كل اللي يقدر يعمله، لأن قطعة الدهب الصغيرة دي بتفكرني بمركزي الأعلى، حاجة أنا ناوية استغلها لأقصى درجة.
بيزمجر في وشها. "وهتبان حلوة أوي برضو بعد ما أبلغ أبويا إنه وظف راجل فاشل وبعدين أستخدم مسدسك عشان أضرب بيه من مناخيرك لدماغك اللي قد حبة البسلة دي."
ممكنش هتعمل كده أبداً. المسدسات مكنتش تخصصها، بس هو مكنش محتاج يعرف ده، ومن الضيق اللي بينضح منه، هو مصدق كدبتي.
جسم الراجل كله كان متصلب وهو بياخد كاسي وبيمشي ناحية البار وأنا بسند لورا وببص عليه. لحد ما نظري بيروح للأجسام الأربعة التانيين عند البار، تحديداً للحارس الشخصي اللي بيتشات مع المضيفة.
هو طويل، ومفتول العضلات، وجذاب نوعاً ما. زي باقي الرجالة اللي بيشتغلوا عند بابايا. بس بشرته مع ملامحه أفتح بكتير.
بس ده مش اللي بيلفت انتباهي. هي لغة جسده وإزاي مبيبانش عليه مهتم بالمضيفة. واضح من طريقة عينيه اللي بتزغلل لما تتكلم ونظرته اللي بتفضل فوق راسها.
ومع ذلك، هو لسه بيطول في المحادثة.
يمكن يكون زهقان، أو عايز يبل ريقه، بس طريقة لغة جسده اللي مش متناسقة بتثير اهتمامي.
تعبير وشه بيقابله حارس شخصي تاني، وأنا قصدي كده بالظبط لأنه بيبان نسخة كربونية من الأولاني.
إخوات. توأم.
وبمجرد ما هبدأ أتكلم، بيرجع الراجل اللي عنده مشكلة في التحديق، وبيناولني كاس الشمبانيا بتاعي.
أخيراً.
باخده، وبقرب الكاس من شفايفي وببص له من وضعي وأنا قاعدة. "مكنتش صعبة أوي دلوقتي، صح؟"
نظرة الموت اللي بيبعتهالي بتدفي قلبي الصغير البارد كفاية إني آخد رشفة كبيرة. "هل أنتوا الإيطاليين دايماً متكبرين كده؟"
بضيق عيني عليه، وقلقي أكتر على إنه مش إيطالي من إهانته الحقيرة. "بس للناس اللي واضح إنهم مفتقرين للقدرة على التفكير لوحدهم."
بيتمتم حاجة تحت أنفاسه.
"لهجتك." برتاح في قعدتي وبقلب اللي فاضل من مشروبي في كاسي، "منين؟"
بيبصلي بطرف عينه، وصوته غريب كأنه بيقلل من لهجته. "معنديش لهجة."
كنت هضحك لو محصنيش إني بدأت أشك فيه. "أنت كذاب فاشل."
بميل لقدام وبمد إيدي في شنطتي. الحركة بتلفت انتباه كل الرجالة اللي في الطيارة. اللي جنبي بيتشنج والتوأم اللي عند البار بينزلوا إيديهم ببطء لوسطهم.
صوابعي بتمسك في معدن بارد ولما برفعه ببطء من شنطتي، كلهم بيقدموا خطوة لقدام، بس بيقفوا لما بطلع توكة شعري.
بنشغل بتثبيت خصلة من شعري لورا، بينما كتف الراجل بينزل جزء صغير لحد ما بيثق كفاية إنه يثبتلي نظرة شماتة.
"روسيا." بقه بيعمل تجعيدة وبيلغي التمثيل، لهجته سميكة جداً. "لهجتي من روسيا."
مبتكلمش، بدل كده بثبته بنظرة غاضبة قبل ما حركة من آخر الطيارة تلفت انتباهي وبضطر أتفرج على الأخين التوأم وهما بيقطعوا زور المضيفتين.
بفتح بقي عشان أتكلم، بس مش بقدر أقول أي حاجة ولا بقدر أجبر غريزتي إنها تشتغل بسرعة كفاية.
كأن كل حاجة بتحصل بالحركة البطيئة وأنا بقع في الفخ اللي عايزينه.
نظرتي الكسولة بتروح للكاس اللي في إيدي وبغمض عيني على السائل الفوار اللي فاضل قبل ما صوابعي ترتخي، وتخليه يتزحلق منها ويتكسر على الأرض.
قرف.
مش سامعة هما بيقولوا إيه، ولا بستوعب أي حاجة بتحصل، كل اللي أقدر أعمله هو إني أبص على اللمعة الراضية في عينيه الجاحظتين لحد ما، أخيراً، بغرق في الفراغ.
آه يا قرف.
الكارما بجد بنت لذينة.
𓆩❤︎𓆪
------

يا جماعة وحشتوني أوي...
إيه رأيكم؟
أنا عارفة إن مفيش قصة كتير دلوقتي بس عايزة أعرف أفكاركم.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء