وجهي الآخر - حتى وإن نسيت هناك من يتذكر

وجهي الآخر

2025, تريزا عبد المسيح

رومانسية

مجانا

فتاة تدعى ناتاليا تطاردها أحلام غامضة بعيون رمادية، تنقلب حياتها رأسًا على عقب بلقاء غير متوقع برجل يحمل نفس النظرة الساحرة والخطيرة. هذا اللقاء يثير في نفسها مشاعر متضاربة من الخوف والألفة، ويفتح الباب لذكريات مدفونة وهويتها الحقيقية التي تجهلها. تتصاعد الأحداث وتتشابك الأسرار، لتكشف عن ماضٍ مفقود وعلاقة قوية تربطها بهذا الغريب

ناتاليا (أوليفيا)

تحمل في داخلها ندوباً من الماضي المفقود وتطاردها أحلام غامضة بعيون رمادية. تبدو حذرة ومنطوية، خاصة في العلاقات العاطفية، ولكنها قوية ومستقلة. لقاؤها المفاجئ بالرجل الغامض يقلب عالمها رأساً على عقب ويوقظ فضولها لمعرفة حقيقة ماضيها.

الرجل ذو العيون الرمادية

رجل غامض يظهر فجأة في حياة ناتاليا ويحمل نفس العيون التي تراها في أحلامها. يتمتع بجاذبية وسحر خاص، ولكنه يبدو أيضاً خطيراً وقادراً على السيطرة. ينادي ناتاليا باسم "أوليفيا"، مما يشير إلى ارتباط قوي بماضيها الذي لا تتذكره. دوافعه وهويته الحقيقية لا تزال غامضة.

إيمي

صديقة ناتاليا المقربة وزميلتها في السكن. تحاول دائماً إخراج ناتاليا من غباءها وتشجيعها على الاستمتاع بالحياة. على الرغم من أنها تبدو قوية، إلا أنها تحمل أيضاً آثار تجربة عاطفية مؤلمة في الماضي.
تم نسخ الرابط
وجهي الآخر - حتى وإن نسيت هناك من يتذكر

جرس المدرسة صوته دوّى في الحوش، وبيعلن نهاية اليوم الدراسي لكل العيال. والعيال جريت من المبنى فرحانة إنها سابت المكان اللي كان ممل أوي ده، البنت الصغيرة الرقيقة فضلت واقفة بتدور على وش واحد بس تعرفه، بس للأسف ما شافتهوش. ويا دوب كانت هتستسلم وتروح، صوت نده عليها.

"أوليفيا!" الصوت كان عالي في كل حوش المدرسة. أوليفيا بصت حواليها لحد ما عينيها البنيين الكبار شافوا عينين رماديين فضي. أوليفيا ابتسمت وراحت ناحية الولد.

"كنتي بجد ناوية تسيبيني وتمشي؟" سأل. أوليفيا هزت راسها بسرعة بمعنى لأ. الولد ضحك بصوت واطي. ده كان صاحب أوليفيا الانتيم من زمان أوي، من ساعة ما تتذكر. كانت بتحبه حتى لو كان بيحب يمتلكها وعصبيته كانت أقصر عصبية شافتها في حياتها. "يلا بينا نخرج من هنا" وقال كده ومسك إيد أوليفيا وجريوا.

الصاحبين الانتيم جريوا لجوة الغابة وهما بيضحكوا ويهزروا، لحد ما شافوا بيت الشجرة المهجور اللي يعرفوه كويس. من ساعة ما عرفوا مكانه وهما بيتقابلوا هناك كل يوم بعد المدرسة. ساعات كانوا بيتسحبوا بالليل عشان يشوفوا بعض. بس النهارده كان يوم مختلف. النهارده أوليفيا ما قدرتش تقعد بالساعات في بيت الشجرة زي ما بتعمل عادة بعد المدرسة.

"لازم أروح البيت. بابا وماما. كانوا عايزيني أروح البيت على طول بعد المدرسة." أوليفيا قالتها بصوت واطي. الولد كان عايز يتخانق بس بدل كده اتنهد وهز راسه.

"تمام. بس خليكي هنا قبل الغروب." قالها بحزم. هي هزت راسها، فرحانة إنه فهم. وبعدين جريت بسرعة على بيتها.

أوليفيا دخلت البيت وهي مبتسمة، بس أول ما عدت من الباب، ابتسامتها اتقلبت لوش مكشر بسرعة. شنط كتير مرصوصة ومتعبية جنب باب الدخول. أوليفيا دخلت لجوة البيت وشافت أبوها في المطبخ وحواليه ورق كتير على الترابيزة، ومامتها شكلها لسه مخلصة عياط.

"ماما... بابا؟" أوليفيا قالتها باستغراب. وأول ما الكلمة طلعت منها، أبوها وأمها بصوا ناحيتها بسرعة. جريوا عليها هما الاتنين وحضنوها جامد. مامتها بدأت تبوس خدها ودموع جديدة نزلت على خد أمها.

"يا أوليفيا كنا قلقانين عليكي أوي" أمها قالتها وهي بتشهق. أوليفيا كانت مستغربة ليه مامتها قلقانة. هي دايماً بتروح لوحدها. وأغلب الوقت ما بترجعش غير بالليل.

"دلوقتي أوليفيا وصلت، لازم نمشي. حالا." أبو أوليفيا قالها بسرعة. أوليفيا ما لحقتش تعترض وأبوها مسك دراعها جامد وسحبها ناحية الباب.

أوليفيا بدأت تحاول تفلت من إيد أبوها. "استنى مش هينفع أمشي دلوقتي، لازم أقول باي باي لـ..." كلام أوليفيا اتقطع لما قبضة أبوها زادت.

أبوها مسك الشنط من غير ما يسيب دراع أوليفيا. "مفيش وقت للكلام ده دلوقتي يا أوليفيا" أمها قالتها بس ما بصتش عليها. كانت مشغولة أوي وهي بتحاول توصل للعربية.

"بـ بس لازم، هيزعل أوي لو مـ مشيت من غير ما أقوله مع السلامة..." كلام أوليفيا اتقطع تاني لما أبوها زقها بالراحة بس بحزم جوة العربية. أبوها ركب كرسي السواق وطلع بالعربية بسرعة.

أبو أوليفيا كان سايق بسرعة أوي ما عجبتهاش. "ناوليني التليفون بتاعك يا حبيبتي." أبو أوليفيا قال لأمها. أمها طلعت التليفون من شنطتها وناولته لأبو أوليفيا.

أبوها مسك التليفون بلهفة فالت من إيده ووقع تحت الكرسي. "يا خراشي." شتم. أوليفيا اتفاجئت. أهلها عمرهم ما شتموا. أبو أوليفيا تمتم بحاجة وهو بيوطي يجيب التليفون من تحت الكرسي.

كل حاجة حصلت بسرعة أوي "بابا خلي بالك!" أوليفيا صرخت وهي بتشاور على غزال في نص الطريق. أبوها لف الدريكسيون بسرعة عشان يتفادى الغزال. العربية اتقلبت كام مرة لحد ما وقفت خالص وهي مقلوبة على ظهرها.

ست سمرا ببشرة باهتة جريت بسرعة جوة أبواب المستشفى. "مينفعش تدخلي هنا يا آنسة." الدكتور قال للست السمرا.

"أنا قريبة أوليفيا وصوفيا وكونور تايلور. أنا عمة أوليفيا. حضرتك اتصلت بيا وقلت إن فيه حـ حادثة" الست حاولت تبقى قوية بس صوتها خانها. الدكتور بص للست بعينين فيها شفقة.

"أنا دكتور ويليام" مد إيده ناحية الست. هي بصت على إيده قبل ما تسلم عليه بالراحة وردت عليه "فيث" قالت اسمها بسرعة وهي بتحاول تفهم إيه اللي حصل.

"أنا آسف إني بقول كده يا آنسة فيث بس الحادثة كانت مميتة، قتلت الراجل والست اللي كانوا في كرسي السواق والكرسي اللي جنبه في ساعتها." فيث صوتها اتخنق بدموع نزلت على خدها. أخوها ومرات أخوها ماتوا. وبعدين فكرة خطرت في بالها.

"والبنت الصغيرة؟ هي كمان مـ ماتت؟" كانت بتأمل... لأ، كانت بترجي إنها لسه عايشة.

"هي نجت، أنا آسف إني بقولك كده بس... هي مش هتفتكر أي حاجة." دكتور ويليام قال لفيث بحزن.

"إيه اللي حضرتك تقصده إنها مـ مش هتفتكر أـ أي حاجة؟" فيث سألت وهي خايفة شوية من الإجابة.

"هي فقدت ذاكرتها." فيث شهقت مش مصدقة. "إحنا بنحاول بكل الطرق نساعدها تفتكر، بس لو ده ما نفعش، أنصحك تاخديها لأماكن تعرفها. تورّيها حاجات مألوفة ليها. فيه أمل إنها..." الدكتور كلامه اتقطع بفيث.

"لأ! مش عايزها تفتكر أي حاجة" فيث قالتها بقوة. دكتور ويليام شكله استغرب بس هز راسه برضه. فيث ما كانتش متأكدة إزاي هتتعامل مع الموضوع ده، بس كانت متأكدة إنها مش عايزة أوليفيا تفتكر.

الساعة دلوقتي 8:30. الشمس غربت خالص، والقمر والنجوم نوروا الليل. الولد الصغير قعد على الصخرة مستني أوليفيا. ما فهمش ليه اتأخرت كده، عمرها ما اتأخرت.

بدأ يفكر في كل الأسباب الممكنة لتأخيرها. فكر يمكن أهلها ما رضوش يخرجوها من البيت. أو يمكن حصل لها حاجة. يمكن اتأذت. الولد عارف طريقة حياته. أي حد كان ممكن يأذيها بسهولة عشان يوصل له هو.

بالأفكار دي جري بأقصى سرعة على بيت أوليفيا. حس بشوية غرابة أول ما رن الجرس. عمره ما دخل بيت أوليفيا قبل كده، ولا أوليفيا دخلت بيته. عمرها ما كانت هتيجي بيته.

الولد رن الجرس تاني. بعد الرنة التالتة، طلع مطوته من جيبه ودخل البيت بالراحة. بص حوالين البيت باستغراب. كان مكركب أوي، كأن حد كان بيحاول يعبي حاجات بسرعة في آخر لحظة.

لما بص أكتر، شاف إن حد كان بيحاول يعبي حاجات بسرعة. مشيوا. هي مشيت. ما كانش مصدق. مشيت وما قالتلوش. حس... بالخيانة. مسك أي حاجة عينه جت عليها وكسرها في الأرض وعلى الحيطان. بعد ما هدي شوية، مسك برواز صورة أوليفيا المكسور.

"هتبقي بتاعتي يا أوليفيا."
 
 
 ______________
 
 
 
بعد 8 سنين

انتفضت مفزوعة وأنا باخد نفسي بالعافية. شفتهم تاني. العيون الرمادي الفضي اللي شكلها مألوف أوي، بس عمري ما شفتها قبل كده. كانوا بيبصوا لجوة روحي. كنت خايفة أوي بس في نفس الوقت حسيت إني... في أمان بطريقة ما.

جريت صوابعي في شعري. بقالي أسابيع ما حلمتش الحلم ده. أول ما فكرت إن الكابوس ده خلاص خلص. ساعات كنت بحلم كوابيس عادية. بس العيون الرمادي دي هي اللي بتخوفني. عمري ما عرفت أحدد ملامح الوش، بس العيون الرمادية العاصفة دي بس. طلعت تنهيدة عالية.

أظن إني بتجنن.

بصيت على المنبه. الساعة 5 الصبح. اتأوهت ورجعت نمت على السرير تاني وأنا بحاول أجبر جسمي يرجع ينام.

بطني صوتت وعرفت إن محاولتي إني أرجع أنام فاشلة. قعدت وعديت إيدي في شعري الكيرلي قبل ما أقوم وأروح المطبخ.

قررت أعمل فطار ليا ولصاحبتي اللي في الشقة إيمي - وده اختصار لـ أميليا. أنا وإيمي عايشين في شقة أوضتين نوم حجمها كويس، وكل واحدة ليها حمام خاص. كنت مصممة إننا نجيب شقة بحمامين عشان إيمي بتاخد وقت طويل أوي عشان تجهز.

أول ما خلصت عمايل الفطار، كنت لسه هقول لإيمي إن الفطار جاهز بس وقفت لما بصيت على الساعة لقيتها 5:52 الصبح. مستحيل إيمي تقوم بدري كده. قعدت أفكر أصحّيها ولا لأ.

لو صحيتها هتبقى متضايقة، بس لو ما صحيتهاش أكلها هيبرد. اخترت الاختيار التاني وأنا عارفة إن إيمي مش هتفرق معاها تاكل فطار بارد. خلصت فطاري وبعدين رجعت أوضتي وقلعت هدومي. مسكت فوطة ودخلت الحمام بتاعي وفتحت الدش.

بعد ما غسلت شعري وجسمي، طلعت من الدش ولفيت الفوطة حوالين جسمي قبل ما أرجع أوضتي. لبست الأندر بتاعي بسرعة وقررت ألبس بنطلون جينز وتيشرت أسود بكم طويل ساقط الكتف وبوتي أسود. رفعت شعري كعكة منكوشة وخرجت من أوضتي ورحت المطبخ. اتفاجئت لما شفت إيمي قاعدة على جزيرة المطبخ وبتاكل أكلها. بصت عليا وبعدين كملت كتابة على تليفونها وهي بتاكل.

دخلت المطبخ وقعدت جنب إيمي.

"العفو." قلتها وال sarcasm باين في صوتي. إيمي بصت عليا وبعدين ابتسمت وبقها مليان بان كيك. يا خراشي. كرمشت وشي وبصيت الناحية التانية وأنا بحاول أطلع المنظر المقزز ده من دماغي.

"كان ممكن تعمليهم أغمق شوية، طريين أوي." بصت على أكلها وغزته بالشوكه بالراحة. كلامها بدأ يستقر في دماغي. دي بتتخانق على الأكل اللي هي مكسلة تعمله.

"مش لازم تاكليه." اتضايقت شوية من كلامها على أكلي. كنت عارفة إنها مش جد، بس برضه كلامها زعلني.

"لو أنا ما أكلتوش مين هياكله؟" ابتسمت، بس المرة دي بلعت الأكل. بصيت لها بغيظ. لما شافت تعبير وشي ضحكت. "أنا بس بهزر معاكي يا تاليا." تمتمت بكلام مش كويس بس شكلها ما سمعتوش أو عملت نفسها ما سمعتوش.

بعد ما خلصت أكل، رجعت أوضتها عشان تجهز. رحت على طول على أوضة المعيشة وفتحت التليفزيون وبدأت أتفرج على المسلسلات اللي فاتتني. بعد حوالي ساعتين، إيمي خرجت من أوضتها لابسة بنطلون جينز ضيق وتيشرت وعليه بلوزة شفافة وكعب عالي وشعرها المفرود مرفوع ديل حصان. لازم أعترف إن إيمي جذابة أوي. شكلها ممكن تكون موديل فيكتوريا سيكريت.

رفيعة بس عندها منحنيات في الأماكن الصح. مفيش أي نتوء أو علامة في بشرتها الصافية. عندها عينين زرقاء جميلة وطولها 165 سم. شعرها الفراولة الطويل ناعم طبيعي وبيوصل لغاية نص ظهرها عكس شعري أنا. شعري بني كيرلي طبيعي وبيوصل لغاية نص ضهري، وعيني بني، وطولي 163 سم.

"كنت بفكر..."
"إحنا الاتنين عارفين إن ده خطر أوي." بصت لي بغيظ وأنا ضحكت.
"تاليا،" اتنحنت. "أنا بتكلم جد." شورت لها تكمل. عضت شفتها اللي تحت بتوتر وعرفت إن أي حاجة هتقولها مش هتعجبني.
"بعد الشغل، كنت عايزة تخرجي معايا... نتبسط شوية." بصيت لها شوية وأنا بفكر في كلامها.
"أو ممكن نقعد في البيت نتفرج على نتفليكس وناكل آيس كريم" قلتها نص بهزار.
الحقيقة إني كنت أفضل أقعد في البيت بدل ما أخرج معاها لـ... أي مكان هي عايزة تروح. أنا مش بتاعة الحفلات. يا دوب بقف في الركن وأتفرج على الناس وهي بترقص وبتتبسط. نفس الكلام مع الولاد. مش معنى كده إني عندي صعوبة إني ألاقي رجالة، بس أنا مش عارفة أقول إيه أو أعمل إيه. عمري ما كان عندي صاحب. كل ما ولد كان بيجي يكلمني كنت بقول له إني مش مهتمة.
ده غير إن طريقة فراق إيمي مع صاحبها إيفان كسرت قلبها وخلتني مش عايزة أتكلم مع أي راجل تاني أبداً. كانوا مع بعض 3 سنين. حتى ادته عذريتها، وبعدها بـ 3 شهور قال لها خلاص، وقال لها الكلام ده في التليفون. إيمي اتوجعت أوي. قعدت تعيط كل يوم لأسابيع حتى لو كانت بتحاول تخلي الكل يصدق إنها كويسة، بس أنا ما صدقتش. كنت عارفة إنها مش كويسة. عمرها ما دخلت في علاقة تانية من ساعتها. كانت لسه بتغازل الشباب بس عمرها ما وصلت لمرحلة "إنهم يبقوا حاجة" زي ما بتقول. بعد كده دايماً كنت بحاول أكون حذرة لما يتعلق الموضوع بالرجالة.
"يلا بقى يا تاليا." اتنحنت "عمرك ما بتتبسطي." كانت عاملة زي الطفلة اللي عايزة بسكوتة. حتى عملت بوز. قلبت عيني من تمثيلها.
"إيه رأيك أقولك هفكر في الموضوع." حاولت أتفاهم معاها عشان تسيبني في حالي. فكرت للحظة. كأنها بتناقش نفسها هتوافق على إجابتي ولا لأ. أظن إنها وافقت عشان قلبت عينيها.
"تمام، بس يا ريت تفكري بجد." قالتها بحزم. هزيت راسي، وده شكله كان كفاية عشان لفت وراحت ناحية الباب وقالت "باي" وهي بتقفل الباب جامد. قعدت أفكر أعمل إيه النهارده. مش هينفع أروح الشغل، عشان ده يوم إجازتي. ممكن أروح شغل إيمي وأضايقها بس هي مش بتاخد بريك غير الساعة 3. أظن إني هروح أشوف ماما.

ركنت العربية قدام بيت ماما ونزلت ورحت ناحية الباب. فتحت الباب ودخلت. كان هدوء. هدوء زيادة عن اللزوم. دخلت لجوة البيت أكتر وبرضه ما شفتش حد. يمكن ماما خرجت تشتري طلبات البيت. ويا دوب كنت هلف وأمشي، حد نط من ورا الكنبة.
"آآآه!" صرخت. أظن إني نطيت 3 متر في الهوا. بصيت لتحت وأنا ماسكة قلبي وشفت أخويا الصغير على الأرض بيضحك، ومش بتكلم عن ضحك عادي، بتكلم عن ضحك لدرجة إنه بيتلوى على الأرض ودموعه نازلة من كتر الضحك. "جيسون!" وبخته. جيسون وقف من على الأرض لما ضحكه بدأ يهدا.
"يا لهوي يا ناتاليا، عمري ما شفت حد بينط النطة دي قبل كده." بصيت له بغيظ.
"فين ماما؟" سألت كأن كل اللي حصل ده ما حصلش، وأنا بحاول أنقذ نفسي من إحراج أكتر.
"يا ناتاليا، مش لازم تكوني متضايقة مني، دي كانت مجرد هزار." قال وبعدين انفجر في موجة ضحك تاني وأنا ببص له بغيظ. ده أخويا عنده 8 سنين. شكله بالظبط زي ماما بس شعره بني بدل الأشقر. أنا كنت متبنية. ماما قالت لي إنها ما تعرفش إيه اللي حصل لأهلي، بس الحاجة الوحيدة اللي تعرفها إنهم ما كانوش عايزيني. زعلت شوية من كلامها في الأول بس أنا مبسوطة إني هي أمي.





"فين ماما يا جيسون؟" قلتها وأنا باضغط على أسناني. جيسون اتنهد وتمتم "إنتي مملة أوي." وبعدين شاور على المطبخ. كركشت شعره ومشيت ناحية المطبخ وجيسون بيبص لي بغيظ وبيحاول يظبط شعره. ضحكت عليه. دخلت المطبخ وشفت ماما بتبص في التلاجة. أكيد بتحاول تشوف هتعمل أكل إيه النهاردة. شعر ماما الدهبي الطويل اللي بيوصل لوسطها كان مرفوع كعكة، وكانت لابسة لبس "العواجيز" بتاعها - زي ما بسميه - وشبشب الأرانب بتاعها.
"إيه يا ماما." قلت وأنا لسه على باب المطبخ. ماما لفت بسرعة وبصت لي وابتسمت.
"يا لهوي، مين اللي قرر يشرفنا." قلبت عيني ليها. أنا دايماً بروح لما بيكون عندي وقت.
"يا ماما إنتي عارفة إني بكون في الشغل."
"يبقى إيه اللي جابك دلوقتي؟"
"عشان معنديش شغل." قلتها بنبرة اللي هو "إيه السؤال الغبي ده؟"
"متكلمنيش بالطريقة دي يا ست أنتِ." وبختني. ضحكت عليها وساعدتها في عمايل العشا. اتكلمنا عن الشغل وعن إيمي. هي دايماً قلقانة على إيمي من ساعة ما سابت صاحبها. إيمي زي بنتها لماما، وماما زي أم لإيمي، عشان إيمي عمرها ما حبت أمها. بعد ما اتكلمنا بعت لإيمي مسدج وقلت لها إني جاية الكافيه عشان كنت زهقانة.

دخلت من باب الكافيه، الجرس اللي متعلق فوق الباب رن عشان يعرف كل اللي في الكافيه إني وصلت. عيني جت على إيمي وهي ماشية ناحيتي.
"أخدتي قرارك، ويا ريت يكون آه." بصيت لها باستغراب. وبعدين افتكرت إني كنت المفروض أقول لها هخرج معاها بالليل ولا لأ. بصراحة كنت نسيت خالص بس مش هقول لها كده.
"لسه بفكر." قلت لها حتى لو ما كنتش بفكر. إيمي شكلها اتضايقت لحظة بس ما اشتكتش. "بريكك قد إيه؟" سألت وأنا بحاول أشغل دماغها عن إجابتي. أنا كده كده عارفة، يعني أنا بشتغل هنا.
"تلاتين دقيقة." قالتها بالراحة كأنها بتشرح لخمس سنين. ضيقت عيني ليها.
"يبقى إنتي بتضيعي وقت." قلت لها وسحبتها على كابينة. اتكلمنا - هي اللي اتكلمت - عن الزباين العاديين، وإن الرجالة زبالة، وإنهم مش بيدوروا غير على حاجة واحدة بس، والناس اللي ما بتحبهمش في شغلنا، والمدير "حمار" تاني - ده كلامها مش كلامي أنا.
بعد ما التلاتين دقيقة خلصت رجعت للشغل وأنا اشتريت قهوة. أخدت قهوتي وخرجت من الباب.
وأنا ماشية ناحية عربيتي، مديت إيدي عشان أطلع المفاتيح من شنطتي. وما كنتش مركزة خبطت في صدر جامد أوي. عرفت إنه راجل اللي خبطت فيه عشان كان عامل زي حيطة الطوب. حتى ما اتزحزحش لورا، عكسي أنا. بالعافية حافظت على توازني.
عادة لما غراب بيتخبطوا في بعض، الراجل بيحاول يلحق البنت قبل ما تقع. ده حتى ما حاولش. أول ما عرفت أقف تاني، بصيت لفوق وبصيت له بغيظ، بس وقفت لما عينيه الرمادي الفولاذي اتلاقت مع عيني البنيين.
شهقت وعيني وسعت.
حسيت إني لسه بحلم، بس كنت عارفة إني مش بحلم. بصيت في العيون الرمادي الساحرة اللي شكلها بالظبط زي اللي في حلمي بس دي كانت أقسى وأغمق و... أخطر.
عيني مسحت بقية وشه بجرأة. عينيه الرمادي الفضي الحادة كانت بتخترق عيني. شعره الأسود الغراب كان شكله ناعم أوي لدرجة إني كنت عايزة أجري صوابعي فيه. خط فكه كان مثالي ومحدد وعليه لحية خفيفة. كتفه كان عريض وشفايفه كانت مليانة ومتنية بغضب.
شكله كان كأن ربنا خلقه مخصوص عشان بنات حواء.
نفضت أفكاري بسرعة وبصيت تاني في عينيه الرمادي وندمت أول ما عملت كده. النظرة اللي كان بيبصها لي خلتني عايزة أجري وأستخبى. قلبي حسيت إنه هيقف في أي لحظة. ساعتها لاحظت إن قهوتي اللي كانت في إيدي دلوقتي كلها عليه.
"أنا آسفة. ما كنتش مركزة. وحضرتك اللي مشيت على طول ناحيتي. مـ ما كنتش أقصد. أنا آسفة جداً." اعتذرت وأنا بحاول أمسح القهوة من على بدلته. مش عارفة ليه بس كنت مرعوبة. الهالة اللي طالعة منه كانت بتصرخ سيطرة وبتطلب خضوع. بصيت لفوق بتردد وشفت العيون الرمادي دي بتبص لي بـ... دهشة.
"أوليفيا؟" إله اليونان قالها بصوت واطي ومش متأكد. صوته عميق وسرى رعشة في ضهري. استغراب غمرني. بصيت حواليا أشوف لو فيه حد ورايا بس ما شفتش حد. وبعدين بصيت له تاني وشفت إنه بيبص لي.
"امم... أظن لازم أمشي، وأنا آسفة جداً على البدلة." قلت له وبدأت ألف من حواليه بس اتفاجئت لما إله اليونان مسك دراعي وسحبني ناحيته تاني.
"أوليفيا..." سكت. شكله كان عايز يقول حاجة بس مش عارف إيه هي.
"اسمي ناتاليا، أنا معرفش حد اسمه أوليفيا." إله اليونان بص لي باستغراب، وأنا استغليت الفرصة دي وهربت من إيده وجريت على عربيتي. أول ما ركبت العربية بصيت ورا أشوف لو لسه واقف، بس ما كانش موجود. كأنه اختفى في الهوا. شغلت العربية بسرعة وسقت روحت البيت وأنا بحاول أنسى اللي حصل ده.

تعليقات

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء