قلوب في الزحمة - الفصل اثاني (دماء العشق)
قلوب في الزحمة
2025, رؤى سمير
رومانسية
مجانا
في عالم لا يرى حقيقته إلا القليل، تقع زهراء، طالبة الطب، في طريق رجل غامض يدعى رعد... لا ينبض قلبه، لكن حضوره يشعل كل شيء حوله بين أسرار لا تُقال، ونظرات لا تُنسى، تبدأ رحلة خطيرة حيث لا تفرق بين العشق... والخطر اقرأه روايه الكاتبه رؤى سمير على منصه روايه
زهراء
تقع في حيرة بسبب مشاعرها المتضاربة تجاه رعد، الذي يبدو أنه يعرفها من قبل بطريقة ما، وتشعر بالخوف من هذا الشعور.رعد
دكتور في الجامعة (سيقدم أول محاضرة لزهراء وسلمى) ورجل أعمال ثري يدير شركته ومستشفى خاصة.جولييت
زوجة أبي رعد.ماريا
أخت رعد
“أوقات الحيرة مش لما الدنيا تسألنا نروح فين… الحيرة الحقيقية لما نكون عارفين الطريق، بس خايفين نكمل.” كانت الساعة قرّبت على اتنين ونص بعد الظهر، والشمس بتكوي الإسفلت، والهوى ناشف كأنه زعلان من الزحمة. سلمى وزهراء خرجوا من الكلية بخطوات سريعة، كل واحدة شايلة شنطتها وكأنهم شايلين اليوم كله فوق ضهرهم. سلمى بصّت لصاحبتها وقالت: ـ "هتروحي ترتاحي شوية قبل التمرين في المستشفى؟" زهراء عدلت نضارتها وقالت: ـ "أنا؟ دي عينيها مش شايفه قدامي… هشرب قهوة وبعدين أنام واقفة في الاستقبال." ضحكوا، بس الضحكة كان فيها تعب. واضح إن اليوم في الكلية خلّاهم كأنهم خلصوا ماتش ملاكمة مش محاضرة. اتفقت البنات يروحوا البيوت يريحوا شوية قبل ما يروحوا للمستشفى الساعة 4. سلمى خدت طريقها ناحية بيتهم في شارع جانبي هادي، كانت ماشية بخطى سريعة، بس قلبها دافي. وصلت سلمى البيت، فتحت أمها الباب بحضن كبير، حضن بيقول "أنتي بنتي وعمري وكل اللي فاضل لي". البيت كان رايق، هادي، جدرانه فيها ريحة ذكريات، وعيون أمها فيها ألف سؤال وحنان. ـ "إزيك يا حبيبتي؟ يومك كان عامل إيه؟" سلمى رمت شنطتها وقالت وهي بتحضنها: ـ "كان طويل… بس عدي. وانتي عاملة إيه؟" ـ "الحمد لله… بس كنت مستنياكي من بدري، البيت مبيكملش من غيرك." سلمى ابتسمت، بصت للصورة القديمة المعلقة في الصالة، صورة أبوها وأخوها اللي راحوا من زمان… لكن رغم الحزن، في البيت ده، في أمان. وعند زهراء، الجو مختلف… زحمة ضحك وزعيق. أول ما فتحت باب شقتها، لقت صوت أخوها آدم مالي المكان، بيغني بصوته اللي شبه القط وهو بيصرخ. ـ "آآآه يا قلبي ياااااه، أنا بحبك يا لالا!" زهراء دخلت، ضربته بالشنطة على كتفه وقالت: ـ "افصل المايك، صوتك هينزل درجاتي في الامتحان يا فنان." آدم ضحك، حضنها وقال: ـ "وحشتيني يا زوزو، فين الشاي؟" ـ "أعملك شاي وإنت بتغنيلي كمان؟ دا أنا اللي محتاجة علاج بعد يومي." من جوه، صوت أمهم ناداهم: ـ "يلا يا أولاد، الغدا جاهز." زهراء دخلت على أمها، قلبها دايمًا بيضرب أسرع وهي بتشوفها. رغم ضحكتها وهدوءها، بس التعب باين. أمها رافضة تعمل العملية، خوفها على أولادها بيمنعها حتى من التفكير في نفسها. ـ "ماما، تعبانه؟" ـ "لا يا روحي، بس أنا بطمن لما أشوفكوا بتضحكوا… بس يا زهراء، ما تنسيش تاكلي عدل، انتي شكلك شبح أكتر من مصاصين الدماء اللي بتحبيهم." ضحكوا… حتى آدم قال: ـ "لا يا ماما، فيه مصاص دماء ظهر لها فعلاً!" زهراء جمدت، قلبها خفق، وبعدين بسرعة قالت: ـ "بتقول إيه يا أستاذ؟!" ـ "قصدي، يعني، انتي حبيتيهم لدرجة إنك بقيتي بتشوفيهم في كل مكان." ضحكة مصطنعة خرجت منها، لكنها كانت عارفة… اللي شافته مش وهم. رعد حقيقي. في الجهة التانية، في برج ضخم على أطراف المدينة، رعد دخل شركته بخطوات ثابتة. السكرتيرة قامت فورًا: ـ "صباح الخير أستاذ رعد!" ـ "مساء الخير، شوفتي الوقت؟" ابتسمت بتوتر، وهو عدى على مكتبه، راجع ملفات، وقابل موظفين، كل حاجة ماشية بدقة عسكرية. بعدين قرر يروح يتفقّد المستشفى الخاصة، يطمن على الإجراءات، يدخل غرفة، يخرج من غرفة، عيونه بترصد كل تفصيلة. لكنه مشغول… مشغول بزهراء. رجع البيت في المساء، الجو في القصر كأنه فصل شتاء بارد. أبوه، ماجد، كان قاعد في الصالون، ماسك كتاب، بس واضح إن عقله مش معاه. ـ "رجعت متأخر." ـ "كنت براقب العالم اللي ناوي أعيش فيه." ماجد بص له بنظرة فيها صرامة وقال: ـ "مش لازم تحب عالم مش بتاعك يا رعد." رد بهدوء: ـ "وأنا زهقت أكون بتاع عالم مش بحبه." ماجد سكت. في اللحظة دي، الباب اتفتح بهدوء، ودخلت جولييت، زوجة الأب، نظراتها فيها خبث واضح، صوتها ناعم بس بيلسع. ـ "أهلاً يا رعد… لسه بتحلم تعيش حياة البشر؟" رعد تجاهلها، وطلع فوق. دخل أوضة أمه القديمة، لسه فيها ريحة الزمن الجميل. لمّس طرف السرير، عينه لمعت. كانت أمه مصدر الحنان الوحيد في حياته. ثم خرج، راح لأوضة ماريا، أخته. كانت قاعدة على الأرض، بتلون في دفتر، بس أول ما شافته قامت وقالت: ـ "رجعت؟" ـ "رجعت… وحسّيت إني محتاج أتكلم شوية." ماريا ابتسمت، قعدت جنبه، وقالت: ـ "السر دايمًا في الكلام. لما تتكلم، بتفهم نفسك أكتر." رعد فضل ساكت شوية، وبعدين قال: ـ "قابلت بنت… بنت مش شبه حد." ـ "زهراء؟" بص لها بدهشة: ـ "إنتي… عرفتي إزاي؟" ـ "من لمعة عينك… من ريحة أفكارك، بتتكلم عنها من غير ما تتكلم." رعد ابتسم، حط إيده على كتفها: ـ "إنتي دايمًا بتفهميني." ـ "بس يا رعد، خلي بالك… اللي قلبه دافي، سهل ينكسر." هو بص للسقف، وقال: ـ "ويمكن… أنا مستعد أتكسّر." الساعة قرّبت على أربعة، زهراء وسلمى خرجوا من البيت، رايحين المستشفى يتمرنوا. الطريق كان هادي، لكن جواهم فيه بركان. يمكن هما لسه مش عارفين، بس حياتهم خلاص دخلت على منحنى مفيهوش رجوع. في الطريق وهما راجعين من القسم، زهراء وسلّمى مشيين جنب بعض في ممر طويل، مليان ضوء نيون باهت وزحمة خطوات متسارعة. الجو مش هادي… بس اللي جوه عقل زهراء كان دوشة تانية. سلّمى قالت فجأة: ـ "بكره أول محاضرة مع الدكتور رعد… حاسة إنه مش دكتور، ده طالع من مسلسل فانتازيا." زهراء اتنهدت، وقالت وهي بتحاول تضحك: ـ "أنا مشكلتي مش في المسلسل، أنا مشكلتي إنه دخل حياتي من مشهد رعب، وبيمثل كأننا أول مرة نتقابل." بصّت قدّامها وسكتت لحظة، بعدين تمتمت كأنها بتكلم نفسها: ـ "أنا خايفة بكره… مش عشان هشرح جهاز هضمي… بس عشان قلبي اللي مش عايز يسمع كلامي." سلّمى ضيّقت عينيها وقالت: ـ "هو قالك حاجة؟ يعني اتكلم معاكي تاني؟" ـ "كفاية نظرته… كأن بيقرأ كل فكرة في دماغي. وأنا دماغي… مليانة ارتباك." وقفت قدّام باب المصعد، والمراية عكست صورتها، وعيونها اللي بتخبّي قلقها وراء ابتسامة نص نص. فكرت: «بكره… هيبدأ بجد. مش بس كدكتور… بس كتهديد عاطفي وأنا مش جاهزة. هو مش مجرد وسيم، هو وسيم ومريب، ومش طبيعي، و… للأسف، قلبي موافق.» سلّمى قالت فجأة: ـ "هو أنتِ ناوية تركّزي في المذاكرة، ولا في عدد مرات رمش الدكتور رعد؟" زهراء انفجرت ضحك وقالت: ـ "ده لو رمش أصلاً! ده كأنه تمثال بيتحرّك بس لما يبقى عايز يغيّر مصيرك."
تعليقات
إرسال تعليق