روايه أنغام كوريا

أنغام كوريا

2025, سهى كريم

اجتماعية

مجانا

امرأة أمريكية من أصل أفريقي، تسافر إلى سيول لحضور مؤتمر أكاديمي، وهناك تواجه تحديات مهنية وشخصية، وتكتشف جوانب جديدة في نفسها. تتناول الرواية موضوعات مثل الهوية الثقافية، والصداقة، والحب، والتغلب على الصعاب وتعكس الجانب الموسيقي والثقافي في كوريا الجنوبيه.

بريانا

بطلة الرواية، امرأة طموحة وقوية، تسعى لتحقيق النجاح المهني والشخصي.

هنا

صديقة بريانا المقربة، امرأة مرحة وداعمة، تساعد بريانا على التأقلم في سيول.

الرجل الغامض

شخصية جذابة وغامضة، يثير اهتمام بريانا ويقلب حياتها رأسًا على عقب.
تم نسخ الرابط
روايه أنغام كوريا

"السنة الدراسية الجاية، لازم نِشد حيلنا أوي في قسم الدراسات الدولية. إحنا قلّينا حوالي 5% عن السنة اللي فاتت في عدد الطلبة الأجانب اللي بيسجلوا عندنا، وكمان عدد الطلبة اللي بياخدوا كورسات في المجال ده قل. علشان كده المؤتمر اللي في سيول ده هيفرق معانا جامد. أنا معتمده على كل واحد فيكوا إنه يجمع الخلاصة اللي تخلينا نرجع ونقلب الترابيزة"، بريانا قالت بثقة لرؤساء الأقسام في اجتماعهم الأسبوعي. "روحوا وربنا يكرمكوا"، ابتسمت وهي بتشوفهم بيلموا حاجتهم علشان يخرجوا من أوضة الاجتماعات اللي كانت جنب مكتبها.

لما بريانا رجعت مكتبها، قفلت الباب وطلعت نفس طويل مكنتش عارفة إنها حبساه. وهي بتمشي بالراحة ناحية مكتبها، دماغها كانت مليانة مشاعر مختلفة. عدّت إيديها على طرف المكتب، بتظبط اللافتة اللي عليها اسمها—بريانا تايلر، دكتورة الفلسفة - رئيس الجامعة. مع إن زمايلها كانوا بيقدروها والطلبة كلهم بيحبوها، محدش كان يتخيل الحمل اللي على كتافها علشان كانت ست شابة أمريكية من أصل أفريقي—الأولى من نوعها—في منصبها في جامعة وينسبورو. سابت أهلها في الساحل الشرقي علشان تدي نفسها فرصة حقيقية علشان تخرج من تفكير الفقر اللي كان حواليها.

وهي بتغرق بالراحة في كرسيها الفخم اللي بيطل على لوس أنجلوس، بدأت تدلك في راسها بالراحة علشان تستريح. كانت بتأمل إن المؤتمر اللي جاي ده مش بس ينعشها مهنياً، لكن كمان تقدر تلاقي كام لحظة لنفسها وتستمتع بالثقافة في سيول.

وهي بتسند ضهرها على الكرسي، صوت رنة تليفونها الخفيف على المكتب قطع تفكيرها. بصت على الشاشة وابتسمت—كانت صاحبتها المقربة، هنا.

"إنتي لميتي حاجتك ولا لسه؟" صوت هنا المرح رن في السماعة. بريانا ضحكت بخفة، وسندت ضهرها على الكرسي.

"إنتي عارفاني أكتر من كده. أنا لسه مابدأتش."

"طبعاً. إنتي كنتي مشغولة طول الوقت علشان تتأكدي إن كل واحد عنده نظام" هنا قالت بتريقة. "بجد يا بري، ساعات بستغرب إنتي إزاي ماسكة نفسك كده. المهم، أنا هاجيلك بعد الشغل. مسافرين بكرة، ومش هاسمحلك تكرري موضوع اللمة الكتير ده."

بريانا ضحكت، و أخيراً بدأت تخف التوتر اللي كان بيتراكم طول اليوم.

"خلاص. بس متعمليش نفسك مش بتلمي كتير. فاكرة باريس؟"

"باريس كانت بحث"، هنا ردت. "ده مؤتمر. فرق كبير."

لما المكالمة خلصت، بريانا زقت نفسها من على الكرسي وبدأت تفكر هتحتاج إيه. فكرة إنها هتشترك في الرحلة دي مع هنا رفعت من روحها المعنوية. بريانا خلصت بسرعة و اتأكدت إن رسائل الرد التلقائي شغالة.

بعد اللي حسّت إنه أطول مشوار للبيت، بريانا وصلت بيتها وشافت هنا قاعدة مستنياها في الممر.

"إنتي أكيد مشيتي قبل مني بكتير"، بريانا قالت لهنا.

"يا إما كده يا إنتي اتأخرتي أوي"، هنا ابتسمت. "بهزر، أنا لسه واصلة من كام دقيقة."

فضلوا يتكلموا وهما داخلين وراحوا أوضة نوم بريانا. صوت السوستة وهي بتتفتح املى الأوضة، وهنا بترمي الهدوم من دولاب بريانا على السرير. "لأ. ده رسمي أوي. ده؟ ده كاجوال أوي"، هنا كانت بتفحص كل لبس بعناية.

"أنا مصاحباكي ليه أصلاً؟" بريانا اتأوهت، وهي بتسحب بليزر كحلي أنيق من الكومة.

"ده شكله كويس وينفع، صح؟" هنا رفعت البليزر، ونسقته مع بلوزة واسعة، وهزت راسها. "تمام، ده ينفع. بس متنسيش الجزمة المريحة. سيول مدينة مشي يا بت."

"أنا مبسوطة إني ليا صاحبة وأخت مثقفة زيك يا هنا. سيباستيان رأيه إيه في إنك مسافرة أسبوع لبلدك؟" بريانا سألت هنا وهي بتكمل اختيار اللبس.

"هو متفهم. عارف إنه هيوحشني، بس احنا مابعدناش عن بعض من ساعة ما اتجوزنا... يعني لسه عرسان. هو عارف إن ده مفيد ليا علشان شغلي، أنا اللي بنسق برنامج السفر للخارج. وكمان، فيه ميزتين للرحلة دي" هنا قالت وهي بتطبق بلوزة لبريانا. "أولاً- ها أزور بلدي. ماروحتهاش غير مرة واحدة من ساعة ما أهلي نقلوا وأنا في سن المراهقة. ثانياً- ها أقضي وقت مع صاحبتي المقربة. ممكن أعرفك على الحياة الليلية في سيول وإحنا هناك."

بريانا ابتسمت "أنا يا دوب أعرف كام كلمة كوري ... أعرف اللي يكفي علشان أكون مؤدبة من اللي مستر تشو علمهولي في الشغل، بس مش كفاية علشان أعرف أتكلم" بريانا قالت وهي بتقفل شنطتها. "شكراً إنك ساعدتيني يا هنا. الرحلة طويلة و لازم أتأكد إن التمانية اللي معايا يعدوا من الأمن ... يا لهوي" بريانا قالت بسخرية.

حضنوا بعض ووعدوا إنهم يستريحوا. الطاقة اللي بينهم خففت من الجو، وخليّت المؤتمر اللي جاي يبدو أقل ترويعاً.

الصبح جه أسرع مما كانت بريانا تتمنى. طيارتهم اللي من لوس أنجلوس كانت 13 ساعة من غير توقف وبتطلع الساعة 10 الصبح، وده هيوصلهم سيول الساعة 5 بالليل.

بعد ما أخدت شاور، اختارت أهدأ لبس ممكن، ونضارة بدل العدسات، وأخدت شنطتها وحاجتها الضرورية وخرجت من الباب.

بعد ما قابلوا الكل في المطار وخلّصوا إجراءات الأمن بسرعة بفضل الـ "TSA Pre-check" اللي بريانا عملته ليهم، استنوا طيارتهم بصبر. وبما إن بريانا أقنعت رئيس الجامعة يكرمهم ويديهم درجة أولى، قرروا يستنوا لما يركبوا الطيارة علشان ياكلوا حاجة. مع إن بريانا سافرت قبل كده بالطيارة، كانت متوترة من الرحلة دي... بس توتر حلو. خلال الرحلة، هي وهنا قعدوا يتكلموا عن الحاجات اللي ممكن يعملوها بين المؤتمر، علشان كان عندهم وقت فاضي. بس أغلب الوقت، كانوا بيريحوا نفسهم من التعب اللي مكنوش واخدين بالهم إنهم محتاجينه. فجأة، بريانا سمعت واحد من الطيارين بيقول "أنيونغهاسيو! أهلاً بكم في مدينة سيول الجميلة، كوريا. هننزل كمان حوالي 20 دقيقة." بريانا صحيت من النوم على الإعلان، وفتحت عينيها بالراحة. نور الكابينة الخفيف كان بيقول إن الليل قرب، وأضواء المدينة كانت بتلمع بالخفيف من الشباك اللي هنا كانت بتبص منه. "أخيراً!" هنا همست، والحماس باين في صوتها. "هتعجبك أوي هنا." بريانا قعدت، وفردت رجليها على قد ما تقدر في كرسي الدرجة الأولى. الرحلة الفاخرة كانت عكس تجاربها المعتادة في الدرجة الاقتصادية، بس توترها من التعامل مع بلد غريب مع فريقها منعها إنها تستمتع بالرحلة بشكل كامل. "إنتي عاملة نفسك محرومة من الكيمتشي الكويس طول عمرك"، بريانا قالت بتريقة، وابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفها. هنا لفت عينيها بضحك، بس ابتسامتها كانت بتقول كل حاجة. لما الطيارة بدأت تنزل، دماغ بريانا كانت مليانة توقعات. حقيقة إنها في سيول—الثقافة، والأكل، وحتى تحديات تمثيل جامعة وينسبورو على مستوى دولي—أخيراً حسّت بيها. حسّت بالمسؤولية المعتادة على كتافها، بس المرة دي، كان فيه بصيص أمل إن الرحلة ممكن تكون أكتر من مجرد شغل. الوصول لمطار إنتشون الدولي كان منظم وفوضوي في نفس الوقت. المجموعة اللي من تمنية مشيوا من الجمارك، وهنا كانت ماشية قدامهم بسهولة، وبريانا كانت بتلم باقي الفريق. ريحة المعجنات الطازة من كافيه قريب وصوت الإعلانات الكورية الخفيف من السماعات رسموا صورة حية للبيئة الجديدة بتاعتهم. "وصلنا"، بريانا اتنهدت، والتوتر اختفى من جسمها لما خرجوا في هوا الليل المنعش. هنا بصت عليها، وضربتها بكوعها. "هتعجبك أوي هنا يا بريانا. سيول ليها طريقة تفاجئك بيها." المجموعة ركبوا في وسيلة النقل اللي كانت متظبطة ليهم، فان سوداء أنيقة واسعة تكفي شنطهم وأجسامهم اللي كانت تعبانة. والسيارة بتلف في شوارع المدينة، بريانا لقت نفسها بتقرب من الشباك، ومبهورة بالأضواء الزاهية، والأرصفة المزدحمة، والمباني الشاهقة. حتى من بعيد، كانت حاسة بطاقة المدينة—مزيج من الحداثة والجذور الثقافية العميقة. هنا قربت منها بابتسامة عارفة. "هنخلص المؤتمر، بس أوعدك، هخليكي تشوفي سيول زي أهلها. بكرة، هنستكشف شوية قبل ما الدنيا تتبهدل." بريانا ضحكت بالراحة، وهي ممتنة لوجود صاحبتها اللي بتهديها. "طول ما أنا مش هحرج نفسي بعدم معرفتي بالكوري، أنا معاكي." الفان وقفت قدام فندقهم، برج شاهق أنيق في قلب المدينة. لما نزلوا، بريانا بصت على منظر الأضواء المتلألئة، وقررت بهدوء. الرحلة دي مش بس للشغل—دي علشان تخرج من منطقة الراحة بتاعتها وتتقبل المفاجآت. "تمام يا فريق"، قالت وهي بتلف لزمايلها. "ريحوا شوية. بكرة، هنبدأ شغل على طول." المجموعة اتفرقوا، والحماس والتعب من السفر باين على وشوشهم. بريانا مشيت ورا هنا للأسانسير، وركبوا في صمت مريح. لما فتحت أوضتها، بريانا بصت نظرة أخيرة على المدينة المزدحمة من تحت. دي كانت فرصتها علشان تعمل تأثير—مش بس في الشغل، يمكن كمان شخصياً. تليفونها رن برسالة من هنا: "بكرة هتبدأ مغامرة سيول بتاعتك! استعدي للمفاجآت. 😊" بريانا ابتسمت، وحطت شنطها ووقعت على سرير الفندق الوثير. المؤتمر كان قريب، بس لأول مرة من فترة طويلة، حسّت بحاجة بتتحرك جواها. حماس؟ أمل؟ يمكن حتى إمكانية؟ بكرة، المغامرة هتبدأ بجد. "ززززز، ززززز، تليفون بريانا غنى أغنية الساعة 7 الصبح بتوقيت كوريا. مدّت إيديها ودست على زرار التأجيل. كانت ظابطة المنبه بدري علشان تاخد كام دقيقة نوم زيادة. حسب حساباتها من بالليل، كانت تقدر تدوس على زرار التأجيل مرتين بس قبل ما تقوم بجد. وهي بتجر نفسها من السرير بعد ما المنبه رن للمرة الأخيرة، كان عندها فراشات في بطنها. كانت مش متأكدة إذا كان ده علشان صحت في ناحية تانية من العالم، ولا علشان حاسة إنها مش متحكمة في يومها غير في حضور كام نشاط من المؤتمر. في كل الأحوال، كان لازم تبدأ اليوم. قابلت فريق وينسبورو تحت في اللوبي علشان يفطروا سوا ويقرروا مين هيروح أنهي جلسة فرعية النهاردة. فندق المؤتمر كان جنب الفندق اللي كانوا نازلين فيه عن طريق ممر علوي، فكان سهل يتنقلوا. "هنا يا دكتورة بري!" واحد من الموظفين صرخ. لوحت بإيديها وراحت ناحيته. "نمتم كويس؟" واحد من فريقها سأل. "أنا عارف إن الإقامة كانت ممتازة. أحسن نوم نمته من سنين لو تسألوني" قال وهو بيضحك بخفة. بريانا ابتسمت وهزت راسها. "أيوة، نمت كويس أوي. ناكل حاجة علشان نحط خطة عمل" بريانا قالت وهما ماشيين ناحية صالة الفندق. كلهم أخدوا فطار كونتيننتال وقعدوا على ترابيزة. "أنا شايفين إننا نمشي على الخطة اللي حطيناها قبل ما نمشي، مين هيروح إيه" هنا اقترحت. "متفقين—أعتقد إننا كل واحد اختار جلسات يقدر يحضرها تخلينا متوزعين في المجالات اللي متخصصين فيها. كده نقدر نتعاون فيها لما نرجع" واحد من فريقهم قال. "تمام—دي خطة كويسة. أنا عايزة كل واحد فيكم يبعتلي ملخص لجلساته. أنا وعدت دكتور جونز إني هبعتله تقرير يومي، علشان يشوف إن المؤتمر ده كان مفيد للمستقبل. كل يوم الصبح ممكن نتقابل على الفطار علشان نطمن على بعض." "مع إن المؤتمر ده يومين ونص بس، أنا خليته خمسة أيام وقلت لدكتور جونز إننا هنغرق نفسنا في الثقافة، وده هيساعدنا في تحديد الأهداف" بريانا قالت وهي بتعمل علامات تنصيص في الهوا. "بس بجد، وإحنا هنا علشان الشغل، عايزة تستمتعوا بالثقافة، بس لو سمحتوا خليكم فاكرين إنكم بتمثلوا وينسبورو." الكل هز راسه وعمل علامة الإعجاب وهما بيخلصوا فطارهم. "يلا بينا!" هنا صرخت وهما قايمين علشان يروحوا الجلسة الافتتاحية. اليوم عدى بسرعة، وبريانا كانت بتفتكر اللي هنا قالتهالها وهي قاعدة في لوبي الفندق، بتدلك رجليها. تليفونها رن ورفعته. طبعاً كانت هنا. "إيه يا بت! لسه مخلصة آخر جلسة. إنتي فين🤔؟" بريانا لبست جزمتها تاني وبعتت رسالة "في اللوبي ندمانة على لويس فيتون اللي لبستهم النهاردة 😣 ... يا لهوي... المهم، هستناكي هنا." بعد شوية، هنا ظهرت وهي بتلمع من الحماس وقالت "الشغل خلص النهاردة، يبقى وقت الاستكشاف!" جسمها الصغير اللي طوله 165 سم وشعرها الأسود المتقصص كان بينط بنفس الحماس اللي بتتكلم بيه. "تمام... بس ممكن نغير الأول علشان... يعني" بريانا قالت وهي بتشاور على رجليها. "أيوة، وعندي ليكي لبس تحفة تلبسيه، أنا اللي ساعدتك تلمي حاجتك. مش هاخد وقت في التغيير" هنا قالت وهي بتلمع. "قبل ما نمشي، لازم أبعت التقرير لدكتور جونز—الكل بعتلي ملخصه، وإنتي ممكن تقوليلي ملخصك في الأسانسير" بريانا قالت وهي بتمشي بالراحة ناحية الأسانسير مع هنا. هنا مشيت ورا بريانا لأوضتها، وقفلت الباب بالراحة وراهم. "تمام يا هنا، إيه التحفة اللي محضراها ليا المرة دي؟" بريانا قالت بتريقة، وهي بترمي نفسها على السرير بتنهيدة درامية وبتخلع كعبها اللي بيوجعها. هنا ابتسمت وقعدت جنب شنطة بريانا، وفتحتها بحركة فنية. "ثقي فيا، ده هيبقى تحفة. وقت إنك تطلعي الموضة اللي جواكي يا بتوع سيول!" طلعت بلوزة لونها وردي فاتح بأكمام منفوخة رقيقة بتضيق عند المعصم. فتحة صدرها على شكل قلب كانت متزينة بأزرار لؤلؤ صغيرة، أنيقة وبسيطة. بعد كده طلعت جيبة واسعة من الوسط لونها أبيض لامع، طرفها واسع فوق الركبة بشوية. "و علشان نكمل اللوك"، هنا قالت وهي بترفع بوت كاحل لونه كريمي ناعم بكعب صغير، "لأني مش هسمحلك تدمرى نفسك في لويس فيتون دول تاني." بريانا رفعت حاجبها بس مبتسمة. "إنتي فكرتي في ده كويس أوي، صح؟" "طبعاً. يلا بسرعة! لما أرجع، تكوني جاهزة—سيول مستنياكي!" هنا قالت وهي بتلمع قبل ما تجري تغير في أوضتها. بريانا لبست اللبس، والقماش الناعم والخفيف كان مظبوط عليها كأنه معمول ليها مخصوص. البلوزة كانت حاضنة منحنياتها في الأماكن الصح، والجيبة كانت مدياها شكل لعوب. حطت أقراط لؤلؤ صغيرة وسوار فضي رقيق من اختيارات هنا. لما هنا رجعت، عينيها وسعت. "واو. ده هو. إنتي تحفة. شايفه؟ كده تكسري الدنيا في سيول." بريانا لفت قدام المرايا، وابتسامتها كانت خجولة بس حقيقية. "تمام، تمام، كسبتي. ده حلو. استني ثانية، أبعت الإيميل ده بسرعة ونمشي." بريانا كتبت بسرعة، وقفلت اللاب توب وأخدت شنطتها اللي بتتعلق على الكتف. هي وهنا خرجوا في المدينة المزدحمة. شوارع سيول كانت مليانة طاقة. أضواء النيون كانت بتلون الأرصفة، وصوت الناس اللي ماشية كان مختلط بصوت خفيف لمغنيين الشوارع. بريانا حاولت تركز في كلام هنا المرح، بس دماغها كانت بتسرح. كانت حاسة بنظرات الناس. حمل كونها غريبة كان ضاغط عليها، مخليها واعية أوي لكل نظرة، لكل نظرة تانية. كانت قرأت قصص وشافت فيديوهات عن إزاي الأقليات الأجنبية بتظهر في كوريا، بس التجربة مختلفة. مجاملات هنا كانت بتعيد نفسها في دماغها، بس القلق كان لسه بيتسرب جواها. "بري؟ ... بري، إنتي سامعاني؟" صوت هنا القلقان قطع تفكيرها. بريانا رمشت، وابتسمت بسرعة. "آسفة، سرحت في أضواء المدينة." هنا عبست، ومش مقتنعة. "أنا عارفاكي كويس أوي. ده كتير عليكي مرة واحدة؟" بريانا ترددت قبل ما تهز راسها. هنا ضغطت على كتفها بحنان علشان تطمنها. "يلا بينا، أنا عارفة مكان تحفة ناخد فيه نفسنا. ده كافيه صغير هادي على بعد تلات بلوكات. الأجواء فيه خرافية، والأكل هيساعدك تحسي بالاستقرار تاني." بريانا ابتسمت بخفة، وبصت على جزمتها. "يبقى اختيار الجزمة كان صح." مشوا سوا، وهنا بتحافظ على الكلام خفيف. لما وصلوا الكافيه، كانهم دخلوا عالم تاني. أضواء خرافية كانت محوطة المدخل، وبتنور النباتات اللي جنب الباب بنور هادي. جوه، العفش الخشب، والجاز الهادي، والرفوف اللي مليانة كتب وتحف قديمة عملوا جو دافي وحنين. "المكان ده تحفة"، بريانا همست، وهي حاسة إن توترها بدأ يخف. هنا ابتسمت. "ده مكان مميز ليا. بابا كان بيجي هنا كتير علشان صاحبه كان صاحبه. قبل ما يموت، صاحبه اداله لبنت اخته، وهي محافظه عليه دافي زي ما هو." بريانا انبهرت بالترابط. "حاسه... كأنه حضن." "بالظبط كده"، هنا وافقت. "ومتقلقيش، بيتكلموا كذا لغة هنا. هتعرفي تطلبي عادي." قعدوا على ترابيزة جنب الشباك ومعاهم أطباق تيوكبوكي، وكيمتشي، ورامين، وكمان ازايز رامون فوارة. بريانا أكلت أكتر ما كانت متوقعة، ومستمتعة بكل لقمة من الأكل المريح والمليان طعم. "عارفة إيه؟" بريانا قالت، وهي بتلعب بصوابعها. "نجيب حلويات." هنا كانت هتقع منها عيدان الأكل. "إنتي مين، وإيه اللي عملتيه في بريانا؟" "يا بنتي، وإحنا في سيول، صح؟" بريانا ضحكت. "إنتي اختاري." بس أول ما هنا بدأت تقوم، الباب رن، وراجل طويل ومتأنتك دخل. الجاكت الأسود المفصل، وشعره اللي مترتب بعناية، وخطواته الواثقة كانوا ملفتين للنظر. بريانا اتجمدت، وعينيها اتعلقت بيه. "مز"، هنا همست، وقربت منها. "ومألوف. شفناه قبل كده؟" خدود بريانا احمرت لما الراجل بص عليها، وعينيه اتقابلت مع عينيها. لما ابتسم—ابتسامة صغيرة ومؤدبة—قلبها كان هينط من مكانه. هنا ابتسمت بمكر. "روحي كلميه." "إيه؟ مستحيل!" بريانا همست بغضب. "هسيح في الأرض." هنا قامت، وابتسامتها الماكرة وسعت. "تمام. أنا هروح." "هنا، أوعي تعملي كده!" بريانا همست، بس فات الأوان. صاحبتها المقربة كانت ماشية ناحيته.

باب الكافيه رن بالراحة وراهم، وبريانا وهنا خرجوا في ليل سيول المنعش. خدود بريانا كانت لسه فيها حمرة خفيفة، وماسكة شنطتها اللي بتتعلق على الكتف جامد، كأنها ممكن تثبت أفكارها اللي بتلف. "إنتي اتجمدتي خالص جوه"، هنا قالت بتريقة، وابتسامتها كانت شيطانية بوضوح. "حتى مقولتيلوش مع السلامة للواد الغامض. إيه لو كانت دي فرصتك؟" "فرصتي لإيه؟ إهانة علنية؟" بريانا اتأوهت، ولفت عينيها. "ثقي فيا، أنا وفرت على الكل إحراج غير مباشر." هنا ضربتها بخفة، ومش مهتمة. "إنتي مستحيلة. ابتسم لك—مرتين! مرتين! ده مش أي حاجة يا بري. مش بتتسائلي إيه اللي ممكن يحصل لو بس... استسلمتي للحظة شوية؟" بريانا فتحت بقها علشان تعترض، بس وقفت نفسها. الحقيقة إنها كانت بتتساؤل. فكرة إنها تستسلم للأفكار دي كانت بتخوفها. ابتسامة الراجل العابرة دي ولعت جواها حاجة مش عارفة تسميها—مزيج من الفضول والدفء اللي خلاها قلقانة. سيول كانت زي لحن غريب بتتعلم تدندنه، كل نغمة فيه كانت ممكن توصل لكورال يغير حياتها. بس هي مش من النوع اللي بيرتجل. مش دلوقتي. "تمام، بلاش كآبة بقى"، هنا أعلنت، وشدت بريانا من دوامة أفكارها. "إنتي محتاجة إعادة ضبط. وعندي ليكي الحل: مشوار على نهر هان. أجواء هادية، مناظر تحفة، ومين عارف؟ ممكن تشكريني بعدين." من غير ما تديها فرصة تعترض، هنا مسكت دراع بريانا، ووجهتها للشوارع المزدحمة. الهوا كان مليان أصوات الموسيقى اللي طالعة من المحلات القريبة، وكلام الكابلز اللي ماشيين إيد في إيد. وهما ماشيين، بريانا لقت نفسها بتسرق نظرات لأفق المدينة المتوهج، وأفكارها بترجع للكافيه. هل هنا كانت صح؟ هل كانت بتمنع نفسها من لحظات ممكن يكون ليها معنى؟ بس حتى والمدينة بتناديلها بوعود المغامرة، ماضيها كان بيشدها زي المرساة. فاكرة علاقتها الأخيرة—تفكك بطيء لنفسها في حياة حد تاني، لحد ما أدركت إنها ادت كتير من غير ما تاخد حاجة في المقابل. النظام، والتركيز، والتحكم بقوا درعها من ساعتها. مش متأكدة إذا كانت جاهزة تقلعهم. "تمام"، هنا قطعت الصمت، ونبرتها خفيفة. "سؤال جدي: بعيد عن الواد الغامض المز، استمتعتي بالنهاردة؟" بريانا ترددت، وبعدين هزت راسها، وشفايفها عملت ابتسامة صغيرة بس حقيقية. "أيوة. ولازم نعمل ده تاني قبل ما المؤتمر يخلص." "أكيد!" هنا قالت بفرح، وطاقتها كانت معدية. "بس دلوقتي، أعتقد لازم نرجع. يوم كبير بكرة." بريانا بطأت خطواتها، وخدت نفس عميق. هوا الليل المنعش كان فيه ريحة الكستناء المشوية وحاجة تانية مش عارفة تسميها، مميزة لسيول. "أيوة"، همست، "بس ممكن نمشي الطريق الطويل للرجوع. شوية بس." هنا ابتسمت، وربطت دراعها بدراعها. "تمام. لسه لازم أعمل فيس تايم مع سيباستيان قبل ما يروح الشغل، يعني مفيش مشي طول الليل، وعد. بس اشربي كل حاجة يا بري. إنتي في سيول!" بريانا ابتسمت بخفة وهما مكملين في الشارع اللي فيه نور خفيف. دلوقتي، هتخلي إيقاع المدينة يشيلها، حتى لو شوية بس. بس في دماغها، مش قادرة تطلع من دماغها الإحساس إن قصتها هنا لسه يادوب بدأت. لما رجعوا الفندق أخيراً، بريانا خلعت جزمتها ورمت نفسها على السرير الوثير بتنهيدة. الليل كان دوامة، ومع إن التعب كان بيشدها، أفكارها كانت مليانة بكل اللي حصل. "عارفة إيه؟" همست لنفسها. "الوقت متأخر، بس لازم أريح دماغي." لأول مرة من أسابيع—أو حتى شهور—قررت تدي نفسها إذن إنها تهدي. دورت في شنطتها على أملاح الاستحمام اللي بريحة اللافندر، حاجة رفاهية صغيرة كانت لمّاها كحاجة زيادة ممكن تحتاجها. الفندق كمان كان مرقي ليها الخدمات في أوضتها علشان كانت كاتبة نفسها كالمضيفة. لقت شوية رغوة حمام فاخرة وقررت تستخدمها. بعد شوية، الحمام اتملى بريحة اللافندر المهدئة، وبريانا غرقت في البانيو الكبير اللي فيه مية دافية بتنهيدة رضا. أكتافها المتوترة استرخت، ولحظة صغيرة، الهموم والتفكير الزيادة اختفوا. لما خرجت أخيراً، ملفوفة في روب الفندق القطني، حست إنها أخف. "تمام، إيه دلوقتي؟" همست. عينيها وقعت على ريموت التلفزيون، جهاز بصراحة ممسكتوش من شهور علشان تتفرج على حاجة بتركيز. دايماً كان حاجة شغالة في الخلفية. بما إنها عندها الفرصة، قررت تستمتع بحاجة بجد... بس إيه؟ قعدت على السرير وقلبت بين القنوات لحد ما وصلت لـ MNet، قناة موسيقى كي بوب. الأوضة اتملت فجأة بمناظر مشرقة وموسيقى مبهجة، عكس الهدوء اللي متعودة عليه في روتينها اليومي. مع إن بريانا كانت بتسمع موسيقى كي بوب، كان عندها كام فرقة بس عارفاهم وبتحبهم. هنا والطلبة اللي كانت بتقابلهم كانوا دايماً بيتكلموا عن فرق مختلفة، بس عمرها ما كانت بتعرف تواكبهم كلهم. غير كده، كانت بتسمع الموسيقى بس، عمرها ما اتفرجت على الفيديوهات ولا غرقت في الكلام اللي بيدور أونلاين عنهم. الفضول غلبها، ولقت نفسها منبهرة بالعروض. والفيديوهات شغالة، فتحت اللاب توب بتاعها من غير ما تاخد بالها علشان تبحث عن الفنانين، وبتكتب ملاحظات للمتعة. "هنا هتكون فخورة. دلوقتي عرفت مين فوورتكس، وأقدر أختار باياس... وكمان... عرفت إن "فايرستورم" أغنية فرعية لـ بويز7" بريانا ابتسمت بخبث وضحكت بخفة. عدلت الروب بتاعها وقعدت على السرير، وقفلت اللاب توب. وهي قايمة علشان تحطه على المكتب، بالاد كي بوب ساحر اشتغل. "تمام، تمام... دي جامدة. لازم أضيفها لقائمة التشغيل بتاعتي. مين الفرقة دي؟" لفت علشان تقعد على السرير تاني وتتفرج على أداء الفيديو علشان تحاول تعرف اسم الفرقة، إكليبس، بس اتصدمت. الكاميرا عملت زووم على واحد من المغنيين الرئيسيين في الفرقة، شخصية جذابة بحضور مغناطيسي بيغني أغنية اسمها "شادولايت"، وقلبها دق بسرعة. الراجل كان شبه الراجل اللي في الكافيه بالظبط. "مستحيل"، بريانا همست، وفركت عينيها وقربت من شاشة التلفزيون. جانبها المنطقي تدخل بسرعة. دي مجرد صدفة. سيول مدينة كبيرة، والناس ممكن يكونوا شبه بعض. غير كده، إيه الاحتمالات؟ طلعت تليفونها بسرعة علشان تضيف الأغنية لقائمة التشغيل بتاعتها. بس برضه، مقدرتش تمنع إحساس شك خفيف وهي بتتفرج على الفيديو. هل ده هو؟ وإذا كان هو... مين بالظبط اللي قابلته النهاردة؟ هزت راسها، وبريانا ضحكت غصب عنها وحطت تليفونها على الشاحن. "أنا بفكر زيادة عن اللزوم تاني"، همست، وهي بتقفل التلفزيون. بس وهي بتقفل الأنوار وبتستقر تحت الأغطية، السؤال فضل في دماغها. بطريقة ما، كان عندها إحساس قوي إن طرقها مع الراجل الغامض لسه مخلصتش تتقاطع.

تعليقات

authorX