هبه والمنتقم - الفصل السابع
هبه والمنتقم
2025, خضراء سعيد
اجتماعية
مجانا
في بيت قديم بالصعيد، تتذكر الشقيقتان رقية ونجاة طفولتهما بالضحك. ينضم إليهما عم عبد الرحيم وصديق العائلة سعيد بذكريات وقصص مضحكة من الماضي. تدخل رباب، وتشاركهم هموم الحياة وجمال الذكريات. فجأة، تظهر ابنة نجاة بفضول طفولي، ليملأ المكان ضحك جديد
نجاة
الشقيقة الأخرى، مرحة ويبدو أنها تستمتع باستعادة مواقف طفولتهما.سعيد الفحام
صديق للعائلة من القرية، يظهر مرحًا ويساهم في إحياء ذكريات الماضي.صفا
ابنة نجاة، طفلة صغيرة تمثل الحاضر ببراءتها وفضولها.
في بيت قديم في قرية من قرى الصعيد، الشمس داخله من الشباك، والريحة ريحة تراب وذكريات. الشقيقتين، "رُقيّة" و"نجاة"، قاعدين على حصيرة قديمة ف أوضة الجِدّة، والضحك مالي المكان. رقيّة:وهي ماسكة ألبوم صور متغبر يا سلام يا نجاة… فاكرة اليوم ده؟ ده يوم ما لبستِ جلابيتي وقلتي للمدرس إني أنا اللي عيّانة! نجاة:تضحك بصوت عالي أيوه يا شيخة! وقعدت أتحايل عليه بالعياط… وهو مسكين صدّقني! وانتِ كنتِ ف الحوش بتاكلي من شجرة الجوافة! رقيّة:والله ما كنت عارفة أضحك ولا أعيط… كان قلبي هيوقف من الخوف لما سمعت صوت عمي جاي علينا بالعصاية! نجاة:تمسك صورة تانية وهنا… ده يوم العيد لما لبسنا نفس الفستان! فاكرة لما أمك قالت: "اللي هيوسخ هدومه مش هاياكل كحك!" رقيّة:وقوم أنا أقع ف الطين! وانتِ واقفة تضحكي عليّا وتزعقي: "يالا بقى مش ها ناكل كحك بَسَببِك!" يضحكوا هما الاتنين بصوت عالي، وبعدين يسكتوا لحظة وسكون يملأ المكان. نجاة:بُصي يا رُقيّة… البيت ده فيه ريحة أمّنا، وريحة ضِحكِنا… مش قادرة أسيبه. رقيّة:ولا أنا… بس يمكن لما نفتحه كل سنة، نفتكر، ونضحك… ونفتكر نفسنا زمان. تتبادلوا نظرة فيها حنية، ويكملوا تقليب في الصور. الشمس كانت نازلة بهدوء، لمّا دخلت شُعاعها من شباك الأوضة القديمة في بيت زهرة أم رقيّة ونجاة. التراب كان بيطير في الهوا كإنه بيرقص على نغمة الزمن اللي فات. الحصيرة القديمة اتفردت، ورقيّة ونجاة قاعدين عليها، قدّامهم صندوق خشب صغير، متغطي بقماشة مشغولة بإيد أمهم زمان. رقيّة: تمسح التراب من صورة يااااه… بصّي هنا، دي صورتنا واحنا لابسين فساتين العيد، فاكرة لما كنا بنلف في البلد نوريهم "الكُلفة" الجديدة؟! نجاة:تضحك وهي تمضغ لقمة من عيش ناشف لقيته في العلبة.فاكرة إيه… ده سعيد الفحّام وقتها قال: "هو العيد جه وإحنا مش واخدين بالنا؟!" يُسمع صوت عصاية بتخبط في الأرض… يدخل عم عبد الرحيم، جسمه انحنى من كتر السنين، لكن عنيه لسه فيها حياة. عم عبد الرحيم:سلام عليكم يا بنات زهرة. رقيّة ونجاة:وعليكم السلام ورحمة الله، يا عم عبد الرحيم! اتفضّل… عم عبد الرحيم:كنّا بنحفر بير وسمعت صوتكم، قولت أعدّي أقول سلام… فاكرين يوم ما وقعتوا الطشت في البير وافتكرتوني جني؟! رقيّة:تضحك بصوت عالي ده يوم ما جريت على أمّي وصرخت: "البير خلف جني يا أمّا!" نجاة:وإنت طلعت تقول: "مين رمى الطشت فوق دماغي؟!" يضحكوا، ويدخل سعيد الفحّام، لابس جلابيته القديمة، ووشه عليه أثر الفحم. سعيد:خير يا ناس؟ مال البلد اتملت ضحك فجأة! رقيّة:يا مرحب بيك يا سعيد… فاكر بطاطا العيد؟! سعيد:فاكر؟ ده أنا لحد النهارده أشم ريحة الفحم وأفتكركم… خبيتوا الفحم عندك يا رقيّة، ولّعتوا فيه، ونار قامت من الحوش! نجاة:والمطافي جت، والجيران قالوا: "عيال زهرة قلبوا البلد فُرن!" يمر صوت ناعم من بعيد… ربّاب، لابسة جلابية بسيطة، فيها شَك، لكنها باينة عليها الشقاوة والتعب، وجهها فيه طيبة وتعب سنين. رباب:أنا من ساعة ما رجعت من المصنع، ما سمعتش ضحك زي كده… تعب السنين كله راح. نجاة:تعالي اقعدي، احنا بنفتّش في الذكريات. رباب:الذّكرى الحلوة زي نَفَس الصبح… تخليك تنسى دخان المصنع ورجلك اللي بتوجعك من الوقفة. رقيّة:وإنتي شقيتي يا بنت البلد، ولا حد حاسس بتعبك. رباب:بس لما لقيت نفسي جنبكم، افتكرت إن فيه راحة تانية… راحة القلب. يسود صمت لحظات، وكل واحد منهم يبص على الأرض، كأنهم بيشوفوا أرواح زمان… صوت ضحك خفيف ييجي من وراهم، بنت صغيرة، "صفا"، بنت نجاة، تقف على باب الأوضة. صفا:يا تيتا… هو انتِ وقعتِ في بير بجد؟! الكل يضحك… وتبدأ الشمس تغيب، بس الدفا لسه في المكان. زاهر دخل الأوضة زي العاصفة، صوته عالي ونبرته مليانة سيطرة: أنتِ حتتوظفي عند كريم، وده مش طلب... دي تعليمات. فيه أوراق لازم تطلعيها من مكتبه، من غير ما يحس. هبة بصتله بدهشة وخوف، قلبها كان بيدق بسرعة: إنت بتتكلم جد؟ إنت عايزني أتجسس؟ قالها ببرود: ما تهوليش، إحنا بناخد حقنا، مش أكتر. هبة كانت دايمًا بتعتبر زاهر أخوها الكبير وسندها، بس المرة دي، حسّت إنها مجرد أداة في لعبة مش بتاعتها. حاولت ترفض، لكنه هددها: لو ما عملتيش كده، انسي إنك تلاقي شغل، وانسي كمان كل اللي صرفته عليك. بعد أسبوع، بدأت تشتغل في شركة كريم. هو كان مختلف عن الصورة اللي رسمها زاهر، كريم كان راجل هادي، ذكي، ومحترم. في مرة سألها: مالك؟ حاسس إنك دايمًا مش على بعضك. ابتسمت بصعوبة، وغيّرت الموضوع. كل يوم كان قلبها بيتقطع بين ضميرها، وخوفها من زاهر. قربها من كريم خلاها تشوف فيه إنسان حقيقي، مش خصم. وبالصدفة، اكتشفت إن زاهر هو اللي سرق من كريم قبل كده، وكريم عمره ما عرف مين، لكن اختها هي اللي بتدفع التمن. قررت تهرب من اللعبة دي، وجهزت نفسها لمواجهة زاهر. رجعت له في وشه، وقالت: أنا مش هكمل، ومش حسمحلك تستغلني تاني. لو حاولت تأذيني، أنا اللي حفضحك. هبة بعد ما وصلها تهديد زاهر، راحت لكريم مفزوعة، لكن المرة دي ماكانش كريم متفهم زي قبل كده. بصلها ببرود وقال: "أنا ساعدتك وغطّيتك… بس شكلي كنت غلطان." اتشدّدت ملامحه،وصوته بقى قاسي :انتي كنتي جزء من مؤامرة عليا، ومش بسهولة حعدّيها. لو عايزة تثبتي إنك مش لسه بتلعبي على الحبلين، حتثبتيها بطريقتي." هبة اتلخبطت، قالتله: أنا عملت كل اللي طلبته، و... قاطعها بجمود: يبقى كمّليه... بس المرة دي، حيكون ليكي دور أكبر... مراتي. سكتت، وشها اتجمد، مش مستوعبة اللي سمعته: إيه؟ قالها بنبرة كلها تحدي:تجوزيني. ده الحل الوحيد اللي حيخلّي الناس تصدق إنك معايا مش ضدي... وفي نفس الوقت، حتكوني تحت عيني. هبة ما قدرتش ترد. دماغها اتقلبت. ترجع لأخوها؟ اللي فجأة ظهر بعدها بيوم، وسحبها من شعرها حرفيًا وقال:فاكرة نفسك فوق؟ أنا لسه ماسك زمامك، وإياكِ تفكري تنسي مين السبب إنك لسه واقفة على رجلك. كانت محصورة بين كريم اللي عايز يرتبط بيها مش حبًا، بل سيطرة، وزاهر اللي بيستغلها وبيعاملها زي ورقة في لعبته. سما بقت بتصحى كل يوم على كابوس… كابوس مش في النوم، لا، كابوس صاحي معاها على طول. الموبايل في إيديها، والرسائل من مجدي ما بتقفش:فكرتي في كلامي؟ ولا أنزّل أول صورة؟ كانت بتحاول تفكر، تهرب، تعمل أي حاجة، بس دايمًا الصوت في دماغها بيقول: لو حد عرف، حتتبهدلي. حتقلب الضحية متهمة.
تعليقات
إرسال تعليق