هبه والمنتقم: البارت الخامس

هبه والمنتقم

2025, خضراء سعيد

اجتماعية

مجانا

في ظلمة حجرتها، جلست سما على سريرها تحتضن ركبتيها، وعيناها مثبتتان على هاتفها، كأنها تنتظر قدرًا مجهولًا. خارج النافذة، تتساقط الأمطار بغزارة، لكنها لا تسمع شيئًا، صوت مجدي يتردد في رأسها كصدى تهديد، رسالة جديدة تصلها، تزيد من رعشة يديها، والخوف يتملك قلبها، الصور المسروقة سلاح يهددها، وكل رنة هاتف تزيد من رعبها، تتمنى لو تختفي، لكن صوتًا خافتًا في داخلها يرفض الاستسلام.

سما

فتاة شابة تعاني من ابتزاز عاطفي. وتجسد الصراع الداخلي بين الضعف والرغبة في المقاومة.

مجدي

استغلال الثقة لتحقيق أهداف خبيثة، وهو المحرك الرئيسي للصراع في القصة.

والدة سما ووالدها

يمثلون خلفية سما العائلية المضطربة، ويزيدون من شعورها بالوحدة والعزلة
تم نسخ الرابط
رواية هبه والمنتقم

في نفس البناء الذي تقطن به هبه في شقة أخرى الأوضة كانت ضلمة، ما فيهاش غير نور خفيف جاي من الشباك المقفول بستارة قديمة باهتة.
على طرف السرير، كانت سما قاعدة، حاضنة رُكَبها، وبِتبص في موبايلها كإنها مستنيّة حاجة…
معجزة تنقذها، أو رسالة تهدّها.
برا، المطر بينزل، بس هي مش سامعة حاجة.
الصوت اللي جوا دماغها أعلى من أي مطر.
صوت أبوها وهُو بيزعّق لأمها، صوت أمها وهي بتقول "خلاص بقى" وهي بتكتم في دموعها،
صوت المُدرسة اللي قالت لها:
"يا سما، هو إنتي دايمًا سرحانة ليه؟"
وفوق كل ده، صوت الرسالة اللي لسه وصلت حالًا.
"إنتي نسيتي الصور ولا إيه؟
ما تلومييش غير نفسك."
"مجدي"... الشخص اللي كانت بتحلف إنه بيحبها.
الشخص اللي خلّاها تحس إنها مش لوحدها، وإنها حلوة ومحبوبة ومهمة.
كان بيصحّيها برسالة كل يوم:
"صباح الخير يا أجمل بنوتة في الدنيا."
وكان بيسألها:
"أكلتي؟ نمتِ كويس؟ حلمتي بإيه؟"
دلوقتي بقى بيبعت لها تهديدات، صوت رسالته يخوّف أكتر من أي حاجة.
فتحت الدرج بتاع المكتب، طلّعت كشكول الرسم بتاعها، اللي بقاله شهور مرمي.
أول صفحة كان فيها وش بنت بتضحك.
بصّت عليه، ومسحت الضحكة، ورسمت دمعة.
جمبها، كتبت بقلم رصاص خفيف:
"في الأول قال لي: إنتي شبه القمر...
ما كنتش أعرف إن القمر دايمًا لوحده، والنور بتاعه بيتاكل بالوجع."
بصّت على الشباك، ومدّت إيديها وفتحت الستارة.
كانت عايزة تصرخ…
كان جواها صوت بيقول: "هو أنا لو اختفيت، حد هياخد باله؟"
بس محدّش سأل.
ولا حد شاف.ولا حد سمع.
كانت سما قاعدة في أوضتها، الضلمة لسه ماليه المكان، بس في قلبها فيه نور صغير بدأ يولّع…
مش نور أمل، لأ…
نور غضب، خوف، توتر… كله متلخبط.
كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها.
وفجأة…
كانت ماسكة موبايلها، وبتراجع الرسايل اللي بعتها لمجدي، كل كلمة، كل صورة، كل لحظة صدّقته فيها، كأنها بتحاول تفهم بأي لحظة خانت فيها عقلها قبل قلبها.
الليل كان ساكن، بس قلبها ما كانش، بين كل رسالة والتانية كانت بتاخد نفس عميق كأنها بتغوص في بحر ذكرياتها اللي غرقاها.
وفجأة...
رنّ الموبايل.
رقم غريب.
اتجمدت صوابعهــا على الشاشة، قلبها بيدق بسرعة، وشيء في داخلها بيقولها "ما ترديش".
رفضت المكالمة، لكن بعد ثواني...
وصلتها رسالة.
فتحتها، وعيونها اتسعت.
"لو ما نفذتيش اللي هقولك عليه، كل الصور اللي عندي هتبقى على الإنترنت قبل ما الفجر يطلع."
الدم انسحب من وشها، إيديها بدأت ترتعش، والموبايل قرب يقع من بين صوابعهــا.
كانت لوحدها في أوضتها، بس فجأة حسّت كأن في ألف عين بتراقبها، كأن الحيطان نفسها بتتآمر عليها.
رسالة ورا التانية، تهديد ورا تهديد، وكلهم بصوت مجدي اللي كان دايمًا بيطمنها إنها "أمانه في عيونه".
بس دلوقتي، العيون دي بقت سكاكين.
وهي... محاصرة.
تمام، خليني أكمل لك المشهد بأسلوب روائي فيه تصاعد بالرعب والقلق:
دخلت صورتها على المراية، بس ما عرفِتش نفسها.
بشرتها شاحبة، وعيونها مبلولة بالخوف.
قربت من السرير، قعدت على طرفه وهي ماسكة الموبايل كأنه قنبلة موقوتة.
كل رسالة جديدة كانت بترن، قلبها بينط معاها.
تحاول تمسح الصور؟ بس إزاي وهو معاها؟
تحاول تكلم حد؟ طب تقولهم إيه؟
"كنت واثقة فيه... واداني أمان، وسرقني."
صوتها حتى ما كانش يطلع وهي بتحاول تتمرن تقول الجملة دي.
تلفتت حواليها، كأنها مستنية يخرج من ورا الباب، من الدولاب، من الحيط.
رسالة جديدة.
فتحتها غصب عنها.
"هبدأ بالصورة اللي كنتي لابسة فيها الفستان الأحمر، فاكرة؟ الناس هتحب يشوفوها."
ضربات قلبها وصلت لأذنيها.
دموعها وقعت، بس ما كانتش دموع ندم، كانت دموع فزع.
مش بس على نفسها، على أهلها، على شكلهم في عيون الناس لو اتفضحت.
قامت بسرعة، فتحت الشباك، النفس ما كانش كفاية.
كانت بتنهار، وأصعب شيء... إنها لحالها.
قربت تكتبله: "إنت عايز إيه؟"
بس وقفت.
لو رديت، هيدوس أكتر.
لو سكتت، يمكن يسكت.
بس هو مش بيسكت... ولا بينسى.
قعدت على الأرض، ضامة ركبها لصدرها، والموبايل بين إيديها،
وفي كل دقة جديدة... كانت بتحس إنها بتخسر حتة منها. 

تعليقات

authorX