اسطورة الملك الاسود 2

كان الصباح قد بزغ للتو، وشعاع الشمس ينير أرجاء القصر الكبير، إلا أن هدوء المنزل كان يُقطَع بين الحين والآخر بصوت ليان المرتفع:

«جدي! أرجوك! فقط مرة واحدة! علّمني السحر!»

رد الجد بحزم بينما يحتسي كوب الشاي: «قلت لا، يا ليان. والأمر غير قابل للنقاش.»

اعترضت ليان  بصوت متوسل: «لكن لماذا يا جدي؟ أنا كبيرة بما يكفي! لقد اتممت  الثامنة عشرة ليست عمراً صغيرا.»

ابتسم الجد بخفة وقال: «العمر ليس كل شيء يا صغيرة. السحر يحتاج لحكمة، وصدقيني... أنت تفتقدينها.»

ارتسمت على وجهها ملامح الإحباط، لكنها لم تستسلم:
«أعدك أن أكون حكيمة! أعدك أن أصغي لكل كلمة تقولها!»

نظر الجد إليها مطولاً، وكأنه يزن الأمر في عقله، ثم قال: «حسناً، سنرى. لكن إذا خالفتيني مرة واحدة، سأنهي الأمر إلى الأبد.»

لم تصدق ليان ما سمعته، فصرخت بسعادة: «أوه، شكراً يا جدي! لن تندم أبداً!»

كان الجد يعلم أنها متهورة، لكنه كان يؤمن بموهبتها، وربما ببعض الحظ الجيد الذي كانت الأسطورة تتحدث عنه...
---

أسطورة الفتاة المنشودة

بعد ساعات، اقتحم جيفان الغرفة وهو يضحك، ثم قال ساخراً: «ها هي الحمراء أخيراً تقنع الجد بتعليمها السحر!»

نظرت إليه ليان بضيق: «توقف عن مناداتي بهذا اللقب! اسمي ليان!»

رد عليها مازحاً: «لكن شعرك الأحمر يجعل من الصعب تذكّر اسمك.»

تدخل الجد بجدية: «يكفي يا جيفان. ولا تنسَ أن تحترمها، فهي ابنة عمك.»

رد جيفان بابتسامة خبيثة: «لكن يا جدي، ألا ترى؟ شعرها الأحمر غريب حقاً! لم أرَ شعراً بهذا اللون في حياتي.»

تنهد الجد وقال: «ربما لا تعرف يا جيفان، لكن هذا اللون يحمل أسطورة عظيمة. يُقال إن الفتاة ذات الشعر الأحمر هي الفتاة المنشودة.»

توقفت ليان عن الجدال ونظرت إلى جدها بدهشة: «الفتاة المنشودة؟ ماذا يعني ذلك؟»

أجاب الجد: «إنها الفتاة التي يُقال إنها تجلب الحظ العظيم، وربما تتزوج من أعظم ملك في زمانها.»

انفجر جيفان ضاحكاً: «ملك؟ هذه الحمراء؟ هل تقصد أن ملكًا مثل الملك الأسود قد يختارها؟ مستحيل!»

قال الجد بحزم: «لمَ لا؟ الحب قادر على صنع المعجزات. والملوك لا ينظرون دائماً للجمال وحده، بل يبحثون عن القدر.»

صمت الجميع، لكن فكرة أن تكون ليان مرتبطة بأسطورة أثارت بداخلها فضولًا غريبًا...

---
الملك الأسود وليلته الغامضة

في قصر بعيد، كان الملك الأسود يجلس في مكتبة ضخمة، تحيط به رفوف الكتب وأصوات المطر بالخارج تضفي على الجو رهبة وغموضًا.

دخل حارسه الشخصي ليو وقال: «سيدي، الرسالة وصلت إلى جميع الممالك كما طلبت. هل هناك أوامر أخرى؟»
ثم، توقف قليلاً، ورفع رأسه وهو ينظر إلى الأفق من خلال نافذته.
"هناك شيء في الأفق، أحس به. شيء كبير سيحدث قريبًا"

ثم اكمل الملك اسكاى بصوت منخفض: «أرسل إليَّ إحدى الجواري.»

كان صوت الملك دائمًا يحمل قوة غريبة، لا تحتمل النقاش. في قصر الجواري، دخلت الخادمة إلى إحدى الغرف، حيث جلست فتاة شاحبة ذات شعر بني، وقالت لها: «الملك يطلبك.»

ارتعشت الفتاة بينما ارتدت العصبة السوداء التي تفرض على كل من يقابل الملك تغطية أعينهم. كانت تعرف القواعد جيدًا: لا يُسمح لأحد برؤية وجهه.

دخلت إلى الغرفة المظلمة بخوف، واقتربت من السرير حيث كان ينتظرها. همس لها بأمرٍ، فامتثلت بصمت. كان عنيفًا كما يُعرف عنه، رجل لا يرحم في أي جانب من جوانب حياته.

---

اللقاء في الغابة

في طريق العودة إلى مملكة دامس، بدأت الأمطار تهطل بغزارة، فتوقف ركب عائلة ليان في وسط غابة موحشة.

تسللت ليان في منتصف الليل، بعد أن سمعت صوتًا غريبًا قادمًا من عمق الغابة. كانت تعرف أن عليها البقاء داخل العربة، لكن فضولها تغلب على تحذيرات والدها.

وسط الأشجار الكثيفة، وقف اسكاى على حافة منحدر، يراقب الأمطار بهيئة تنين عظيم. لكنه شعر بحركة خلفه، فتغير إلى هيئته البشرية بسرعة البرق.
خرجت ليان من بين الأشجار، وقفت مذهولة أمامه
وعيون رمادية تخترق السكون، موجّهة مباشرة نحوها. وقفت ليان متجمدة في مكانها، غير قادرة على تصديق ما رأته للتو.

ليان (POV):

"ما الذي رأيته للتو؟ أهو تنين أم بشري؟"
"أنا حقاً خائفة... يا ليتني استمعت إلى والدي ولم أخرج من العربة."
"هل هو ساحر شرير؟ أم ربما شيطان أو شبح؟"
"لماذا يقترب مني؟ يجب أن أهرب الآن، لكن... لماذا لا أستطيع الحركة؟"
"هاه، لن يستطيع هذا الوحش اللحاق بي إن ركضت بسرعة. أركضي، ليان، أركضي!"

ليان (End POV):

دون أن تدرك ذلك، بدأت تركض بكل ما أوتيت من قوة، ملتفتة للخلف بين الحين والآخر لتتأكد من أن المخلوق لا يلاحقها. لكن فجأة...

«بوم!»

ارتطمت بشيء صلب، لتسقط على الأرض بأنين.

قالت بتألم، وهي تمسك رأسها: «أوه، لقد كنت أركض في الطريق الصحيح... من أين ظهرت هذه الشجرة؟»

لكنها سرعان ما أدركت أن ما اصطدمت به لم يكن شجرة. رفعت رأسها ببطء شديد، لتجد أمامها رجلاً يقف بثبات، عيونه الرمادية تحدّق بها بحدة لا تخطئها العين
نظر إليها اسكاى بعينيه الرماديتين الحادتين وسأل ببرود: «من أنتِ؟ ولماذا أنتِ هنا؟»
شعرت  بقلبها يتسارع وكأن طبولاً تدق داخله. وقفت ببطء وهي تزيل الغبار عن ملابسها، ثم ردت بتردد: «أنا... ليان. كنا في طريقنا إلى مملكة دامس، لكن المطر أوقفنا... و... سمعت صوتًا...»

قاطعها بصوت حاد: «لا يهمني قصتك، أجيبي على سؤالي!»

شعرت بالخوف لكنها استجمعت شجاعتها وقالت بسخرية: «آه، إذن أنت ذلك المخلوق الأعرج الذي رأيته...»

ارتفع حاجباه قليلاً من جرأتها، لكنه لم يجب.

قبل أن يكمل أي منهما الحديث، ضرب البرق شجرة .
قفز اسكاى مبتعداً، لكن في اللحظة ذاتها، مد يده بسرعة وأمسك بليان قبل أن تصاب بأذى، ليجد نفسه قريبًا جدًا منها.

كانت المسافة بينهما بالكاد تكفي لنفس. نظرت ليان إلى عينيه الرماديتين القريبتين، وقلبها يزداد خفقاناً. كان للحظة شيء غريب يربط بينهما.

لكن حين رفعا رأسهما إلى السماء، كان القمر مغطى بالكامل بظل غامض... الخسوف قد بدأ.
في تلك اللحظة، وكانت أعينهم جميعًا موجهة نحو القمر الذي تغير لونه. في تلك اللحظة، حدث شيء غريب. تبادلوا الأرواح، وكل واحد منهما أصبح في جسد الآخر.

--وكانت أعينهم جميعًا موجهة نحو القمر الذي تغير لونه. في تلك اللحظة، حدث شيء غريب. تبادلوا الأرواح، وكل واحد منهما أصبح في جسد الآخر.
~~~~~~~~~

لعنة تبادل الأرواح

عندما استيقظت ليان، وجدت نفسها في مكان غريب. نظرت إلى يديها وصرخت: «ما هذا؟ هذه ليست يداي!»

في الوقت نفسه، كان اسكاى  ينظر إلى نفسه في بركة ماء، وعيناه مليئتان بالغضب. «ماذا فعلتِ بي؟ لماذا أنا في جسدك؟»

كان هذا بداية مغامرة لم يتوقعها كلاهما، مغامرة ستغير حياتهما وتربط مصيرهما إلى الأبد.

The end