سايلوس بوابة الاعماق - الفصل الأول
سايلوس بوابة الاعماق
2025, سما أحمد
دراما رومانسية
مجانا
فتاه تعيش في مدينة جنوة الإيطالية، وتكافح بين قسوة زوجة أبيها وتجاهل والدها، بينما تعمل كنادلة وتحلم بالاستقلال. تجد في "كايل" حبًا ودعمًا لم تعرفه من قبل، لكن حياتها تنقلب رأسًا على عقب بعد لقائه الأخير، حيث تجد نفسها وسط دوامة من الأسرار والخيانة والمصير المجهول، حتى تنتهي غارقةً في البحر، بين الموت والأمل.
أماليا
فتاة في العشرين من عمرها، تدرس الهندسة المعمارية وتعمل كنادلة في مطعم صغير. نشأت في بيئة قاسية بعد وفاة والدتهاكايل
يبدو في البداية وكأنه المنقذ الوحيد في حياة ليا، لكنه يخفي الكثير من الأسرار. شخصيته جذابة، هادئ لكنه يحمل في داخله صراعات كثيرةفيكتور
والد ليا، رجل أعمال ناجح لكنه قاسٍ ومستبد. بعد وفاة زوجته، تغير تمامًا وأصبح شخصًا أنانيًا
وسط ظلام البحر وبرودة الليل، كانت هناك فتاة تغرق. نظراتها مليئة بالخوف والخذلان. لم تحاول المقاومة، كأنها استسلمت للمصير. كانت تشعر بجسدها يهبط للأسفل ببطء، المياه تحيط بها من كل جانب، عيناها نصف مغلقتين، لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير. "هل هذه نهايتي؟ هل ينتهي كل شيء هنا؟ هل سأموت هكذا، بلا معنى، بلا فرصة للنجاة؟" حاولت رفع يدها، لكن جسدها كان ثقيلاً. أنفاسها بدأت تنقطع، والمياه تغزو رئتيها. في تلك اللحظة، لم يكن الخوف مما سيحدث بعدها، بل كان من الألم، من الظلم، من كل ما عاشته حتى هذه اللحظة. "لماذا؟ لماذا فعلتم بي هذا؟ لماذا كل هذا الألم؟" قبل أن تفقد وعيها تمامًا، رأت ظلًا يقترب من سطح المياه، كان سريعًا، كأنه يخترق البحر للوصول إليها. هل هو حقيقي؟ أم أنها تتخيل؟ لم تستطع التفكير أكثر، لأن الظلام ابتلعها تمامًا. قبل الحادث إيطاليا.. جنوة 7:10 AM المدينة الساحلية، البحر الأدرياتيكي يمتد حتى الأفق، والشمس ما زالت خجولة خلف السحب الخفيفة. أصوات النوارس تمتزج مع هدير الموج، والنسيم البارد يعبث بأوراق الأشجار المصطفة على جانبي الطريق. المبنى الراقي يطل على الميناء، شرفة زجاجية في الطابق الخامس، ستائرها تتحرك مع الهواء. تسود الشقة أجواء هادئة إلا من صوت المياه المنسابة في الحمام. بخار الماء يملأ المكان، وقطرات تتساقط ببطء على المرآة. الفتاة تقف أمامها، جسدها يلتف بمنشفة بيضاء، شعرها الطويل المبلل يلتصق بظهرها. ترفع يدها، تتلمس أثر كدمة خفيفة على جانب وجهها، عيناها مليئتان بالإرهاق. فجأة، تنزل يدها سريعًا، كأنها ترفض الاعتراف بوجودها. تفتح خزانة الملابس، تخرج قميصًا أبيض فضفاضًا وسروال جينز فاتحًا. تبدأ بارتداء ملابسها، ولكن قبل أن تنتهي، يُفتح الباب بعنف. تقف امرأة في منتصف الأربعينات عند الباب، عيناها ضيقتان بغضب، ذراعاها معقودتان فوق صدرها. المرأة (بحدة): "أيتها الفتاة الغبية! تأخرتِ على العمل! هيا!" تتوقف عن إغلاق أزرار قميصها، تنظر إلى المرأة بنظرة خاوية، لا تجيب. أصابعها ترتجف قليلًا، لكنها تكمل ارتداء ملابسها بصمت. تتنهد بضيق، ثم تستدير خارجة من الغرفة، صوت خطواتها الحادة يتلاشى في الممر. تقف للحظة، تأخذ نفسًا عميقًا، تحاول كبح مشاعرها، ثم تلتقط حقيبتها وتخرج. صوت إغلاق الباب يملأ الفراغ. "مرحبًا، ربما يجدر بي أن أعرّفكم على نفسي. أنا أماليا، أو كما يناديني الجميع: ليا. أبلغ من العمر عشرين عامًا وأدرس الهندسة المعمارية. لم أختر هذا المجال عبثًا، بل لأنه كان شغف والدتي الراحلة، المهندسة المشهورة التي لطالما ألهمتني. أما عن العائلة... فهناك أبي، فيكتور، الذي لم يعد يشبه الرجل الذي كنت أعرفه. بجانبه تقف زوجته، فيرينا، تلك المرأة المزعجة التي تحرضه ضدي كلما سنحت لها الفرصة. ثم هناك أختي، ميرا... لكن لا تنخدعوا بالألقاب، فبعض الروابط العائلية ليست كما تبدو." "منذ طفولتي، عرفت معنى العذاب. فقدت أمي عندما كنت في العاشرة من عمري، ومع رحيلها تغير كل شيء. لم يمر وقت طويل حتى أحضر والدي عشيقته إلى منزلنا، وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة. لم تأتِ وحدها، بل جلبت معها ابنتها المزعجة، التي تكبرني بعامين. منذ ذلك اليوم، لم يعد المنزل كما كان، ولم يعد والدي الرجل الذي عرفته." ولكن تغير كل شيء منذ سنة. لأول مرة، شعرت أن هناك ضوءًا وسط العتمة التي تحيط بي. عندما دخل كايل إلى حياتي، بدا وكأنه طوق نجاة وسط بحر من الوحدة. لم يكن مثل أبي القاسي الذي لم يرَ فيّ سوى عبئًا، ولا مثل زوجته التي لم تفوّت فرصة لإهانتي، ولا حتى مثل ميرا التي لم ترَني يومًا كأختها. كايل كان مختلفًا. كان يستمع إليّ عندما كنت بحاجة إلى الحديث، وكان يمسح دموعي عندما كنت أختبئ في غرفتي هربًا من قسوة المنزل. كان يبتسم لي وكأنني أهم شخص في العالم، وكان صوته دافئًا وهو يهمس: "أنتِ أقوى مما تظنين، ليا." كلماته كانت تمنحني القوة. كنت أصدقه. كنت أراه ملاذي الوحيد في عالم لم يمنحني سوى الألم. أنا حقًا أحبه، إنه أفضل رجل في العالم. لا أطيق الانتظار لرؤيته اليوم بعد العمل. آه، كدت أنسى أن أخبركم أين أعمل! أنا نادلة في مطعم صغير، وراتبي بالكاد يكفيني. لكنه أفضل من لا شيء. هل تتساءلون كيف أعيش في شقة راقية رغم أن مرتبي ضئيل؟ بسيطة، هذه الشقة كانت ملكًا لأمي. أمي كانت مهندسة معمارية مشهورة، واحدة من الأفضل في مجالها. بعد وفاتها، كان من المفترض أن تكون هذه الشقة لي، لكنها أصبحت تحت سيطرة أبي. تمامًا كما استحوذت زوجته على كل شيء آخر في حياتي. ولكن أمي لم تكن ساذجة. كانت تعلم أن فيكتور سيستولي على كل شيء، لذلك تركت لي مبلغًا كبيرًا في البنك باسمي. أعتقد أنها كانت تخطط لشيء، ربما أرادت أن تؤمن مستقبلي بعيدًا عنه، لكنها رحلت قبل أن تخبرني. أما أبي، فيدّعي أنه رجل عصامي، أنه بدأ من الصفر، لكنه في الحقيقة سرق كل شيء. هو رجل أعمال يملك شركة مقاولات، بناها بأموال أمي، لكنه لم يعترف بذلك أبدًا. كان يتحدث عنها وكأنها مجرد شريكة سابقة، لا كأنها المرأة التي جعلت منه ما هو عليه اليوم. وميرا؟ تعيش في رفاهية بفضل أموال أمي، تتجول بثياب باهظة، تسافر، تخرج كل ليلة إلى الحفلات، بينما أنا… أعمل كنادلة في مطعم صغير، بالكاد أغطي مصاريفي. ليس لأنني لا أملك المال، بل لأنني لا أريد أن ألمس شيئًا من أموال أمي حتى لا أشعر أنني مثلهم. أخيرًا، وصلت إلى المطعم بعد نصف ساعة من المشي. كنت متعبة، لكن هذا لم يكن جديدًا. عملي هنا لم يكن صعبًا جسديًا بقدر ما كان مرهقًا نفسيًا. كنت مضطرة إلى تحمل الزبائن الوقحين، والمدير المتطلب، والزميلات اللواتي لا يتوقفن عن الثرثرة. لكنني كنت أتحمل كل ذلك، لأن هذا العمل يمنحني شيئًا واحدًا مهمًا: استقلالي. دخلت من الباب الخلفي، ألقيت التحية على زملائي بسرعة، ثم ارتديت مئزري واستعديت لبدء يوم جديد من العمل الرتيب. المطعم – الساعة 10:30 صباحًا حملت صينية المشروبات وسارت بين الطاولات بخطوات سريعة، محاولةً تجاهل الإرهاق الذي بدأ يتسلل إلى قدميها. زبون يطلب فنجان قهوة آخر، وآخر يشتكي من تأخر طلبه. يوم آخر ممل كعادته. لكن وسط الزحام، وقعت عيناها على شخص مألوف يجلس في الزاوية البعيدة. كايل. كان جالسًا على طاولة منفردة، مرتديًا قميصًا أسود يكشف عن عضلات ذراعيه، وأمامه كوب من القهوة بالكاد شرب منه. ابتسم عندما التقت نظراتهما، فأحست ليا بدفء مفاجئ يسري في صدرها. اقتربت منه بخطوات سريعة، وتساءلت في سرها: لماذا لم يخبرني أنه سيأتي؟ ليا (بمرح): "زيارة مفاجئة؟ ما الذي أتى بك إلى هنا؟" كايل (بابتسامة هادئة): "اشتقت إليكِ، أردت رؤيتك." كلماته جعلت قلبها يخفق بسعادة. جلست أمامه لثوانٍ، رغم علمها أن المدير لن يكون سعيدًا بذلك. ليا: "كان بإمكانك أن تنتظرني بعد العمل." كايل (مترددًا): "كنت أريد الحديث معكِ في أمر مهم." شعرت بنبرة غريبة في صوته، لكن قبل أن تتمكن من كم مقعدها بسرعة، وأحست بوجنتيها تحترقان من الإحراج. ليا (معتذرة): "آسفة، سأعود للعمل حالًا!" رمقها كايل بنظرة غريبة قبل أن ينهض ببطء. كايل: "سأنتظرك الليلة، لدينا ما نتحدث عنه." ثم استدار وخرج من المطعم، تاركًا وراءه إحساسًا غريبًا في قلبها. ماذا يريد أن يخبرني؟ ولماذا يبدو مختلفًا اليوم؟ لكنها لم تعلم أن تلك الليلة ستغير حياتها إلى الأبد. حلّ الليل سريعًا، وكأن الساعات قد تسارعت بلا رحمة. وقفت ليا أمام المرآة، تنظر إلى انعكاسها وهي ترتدي فستانًا أنيقًا بلون الكحلي الداكن، بسيط لكنه مناسب لعشاء رومانسي. شعرها انسدل بنعومة على كتفيها، وعيناها زرقاوان تلمعان بانتظار لحظة اللقاء. الليلة مميزة. كايل يبدو غريبًا اليوم، لكن ربما يريد مفاجأتي؟ ربما سيعترف بشيء مهم؟ أخذت نفسًا عميقًا، حاولت كبح توترها، ثم حملت حقيبتها وخرجت من الشقة. المطعم الراقي – الساعة 8:45 مساءً عندما وصلت، كان كايل ينتظرها عند مدخل المطعم، مرتديًا بذلة رمادية أنيقة، وابتسامة ساحرة تزين وجهه. كايل: "تبدين جميلة الليلة." ليا (بخجل): "وأنت تبدو أنيقًا أيضًا." أمسك بيدها وسار بها إلى الداخل. كانت الأجواء هادئة، الطاولات مضاءة بشموع خافتة، والموسيقى تعزف مقطوعة رومانسية. لكن رغم كل هذا الجمال، كان هناك شيء غريب جلسنا على الطاولة، وأتى النادل ليأخذ طلبنا. كايل ابتسم لي ابتسامته الساحرة المعتادة، ذلك النوع من الابتسامات التي كانت تجعل قلبي ينبض أسرع. طلبنا سباجتي باللحم، وهو طبقي المفضل، وكأنه ما زال يتذكر كل شيء عني. أجواء المطعم كانت هادئة، الأضواء الخافتة تضفي لمسة رومانسية، والموسيقى التي يعزفها العازف في الزاوية كانت كفيلة بأن تجعل أي لحظة مثالية. في تلك اللحظة، مدّ كايل يده وأمسك بيدي بلطف، إبهامه يداعب أصابعي بخفة، ثم رفعها إلى شفتيه وطبع عليها قبلة خفيفة. همس بصوت منخفض: "أحب هذه اللحظات معكِ، ليا." كان يجب أن أشعر بالسعادة… لكن هناك شيء غريب. شيء في نظراته، في طريقته، وكأنه يخفي عني شيئًا لا أستطيع رؤيته بعد.
أقل ما يقال عنها إبداااع
ردحذفبكت السّماء فسقطت دمعتان، فأنبتت الأرض زهرتان، بسمتك، ووجهك الفتّان.
ردحذف