روايه لساني سلاحي
لساني سلاحي
2025, سعود بن عبدالعزيز
اجتماعية أسرية
مجانا
نستكشف رحلة بطلتنا أمالفي وسط نظرات الفضول والانتقادات التي تطاردها حتى في أبسط المواقف، كركوبها الحافلة. تزداد التوترات حين تواجه ثرثرة الراكبات وتقرر التصدي لهن بشجاعة. بعد ذلك، تعود إلى منزلها لتجد أخاها زغرب في المطبخ ببدلته الرسمية الغريبة، ويتبادلان السخرية المعتادة بينهما
أمالفي
البطلة الجريئة ذات اللسان الحاد التي لا تتردد في مواجهة الآخرين.زغرب
شقيقها الذي يتمتع بروح فكاهية ولا يخلو من التصرفات الغريبة.فيداليا
الأخت الصغرى ذات الطبع الحاد والنوم الصاخب، لكنها تملك مكانة خاصة في العائلة
كان المطر ينزل، وخطواتي صارت أسرع وأنا على وشك أركب الباص. "الركاب الكرام، أبقوا في مقاعدكم"، صرخ السواق بصوت عالي لما شافني داخل الباص. وأنا أدور على مقعدي، حسّيت إن فيه ناس بدأوا يطالعون فيني، خصوصًا ثنتين حريم كانوا يسولفون مع بعضهم بصوت واطي. فيه شيء غلط فيني؟ على حد علمي، أنا متروّش، مشطت شعري عدل، لبست لبسي المريح، وحتى فطرت قبل ما أطلع. جلست بمكاني بالباص، ولحظتها انتبهت إن فيه واحد كان يمشي وراي، بس الغريب إنه ما قعد بالمكان الفاضي جنبي. الهمسات اللي اسمعها من الناس حولي بدت تضايقني، والطريقة اللي يتكلمون فيها أزعجتني أكثر. "يضحك، مو المفروض يجلس جنب زوجته؟" "موضوعهم غريب، والله." "هالزوجين ما راح يكملون مع بعض طويل." "أتفق معك." "أشكالهم كذا ما كان المفروض يتزوجون من الأساس." لحظة… يتكلمون عني أنا وهذا الرجال؟ التفت وراي بسرعة، وبعيوني لمحت الحريم اللي قاعدين ينشرون هالكلام عني. عقدت حواجبي وناظرتهم بنظرة استغراب، بعدين زفرت ولفيت عيوني عنهم. سمعتهم يلهثون شوي، بس بصراحة، ما همّني. ليه يحبون يحشرون أنفسهم بحياة غيرهم؟ حياتهم فاضية لهالدرجة؟ عيب صراحة. وأنا في الطريق، هالحريم ما كان عندهم شغل غير إنهم يعطون الناس في الباص أفكار عني وكأني شخص ناكر للمعروف. كانوا يفضحوني بطريقة غير مباشرة، بس واضحة. ما كنت أبغى أسوي مشكلة أو أثير فوضى، لكن صبري صار أنحف من الورقة. أول ما وقف الباص عند محطتي، قمت بسرعة واتجهت لهم بدون أي تردد. قلت لهم بنبرة واضحة: "يا للخسارة، تعرفون معنى كلمة الذوق؟ أحس هذا الشيء اللي ناقصكم. المرة الجاية قبل ما تنشرون كلام عن حياة الناس، تأكدوا إن عندكم كرامة أولًا. خففوا من اللقافة." وبعدها نزلت من الباص واتجهت للبيت. الحريم انصدموا من كلماتي، تخيلوا، شاب صغير يعطي هالعجائز درس في الأخلاق! مهزلة، صح؟ بس كلامي كان في محله. لو كانوا محترمين كان سكتوا بدل ما يحشّون في خلق الله. هذه واحدة من أكبر مشاكل المجتمع، إذا ما وقف أحد عند حده، بيستمرون الناس يتمادون أكثر. السيوف والسكاكين مالها فايدة قدام لسان الناس اللي ما عندهم حياء. يمكن كان المفروض أتجاهلهم، بس صراحة أعصابهم كانت واصلة لي. ليه ما يلقون لهم حياة بدل ما يحشّون في الناس كأنهم ما عندهم شيء يسوونه؟ كذا بس يخلون نفسهم أضحوكة. أول ما وصلت البيت، لاحظت إن القفل كان مفتوح، والباب حتى ما كان مسكر تمامًا. أكيد رجعوا مرة ثانية. بمجرد ما جتني هالفكرة، مشيت بسرعة باتجاه المطبخ، لأن الأصوات اللي كانت تطقطق وتخشخش جايه من هناك. شفت الرجال لابس بدلة رسمية، واقف يطبخ. قلت له: "على الأقل كان قفلت الباب وأنت داخل!" التفت لي وهو مبتسم ابتسامة خفيفة، وبعدين رجع يركز على الطبخ. "تسك، عشان ترفسني برا؟ يالله يا أمالفي، أنا عارف وش بتسوين من قبل حتى ما تتكلمين." بعدها طفى النار وأخذ صحن التقديم من الدولاب. "كان بيكون شيء حلو لو تمدحيني اليوم، ترى لبست أحسن لبسي بس عشان أهرب من قبضة أمي." ضحكت بسخرية وقلت: "يا رجال، شكلك خرا، مين اللي بيلبس بدلة رسمية في المطبخ؟ ما قد شفت أحد يسويها. وبالذات بدلة ثلاث قطع! أنت غبي نوعًا ما." وجهه تغير وصار مصدوم، حط يده على صدره كأنه تأثر بعمق. "ما كنت أدري إن أختي صارت أوقح مني بهالشكل! يا للكارثة!" قالها بصوت درامي وهو يمثل إنه بيطيح. لوحت بيدي وقلت: "وقف تمثيل يا زغرب، تمثيلك ما يركب على الحريم أبدًا." رد علي بسرعة: "ولا أنتِ تصلحين بعد! تخيلي، بنت وتتصرفين برجولية أكثر مني! مو غريبة إن أمي تكره تشوفك بلبسي وبنطلوناتي." بس رفعت عيوني عليه بدون ما أرد. "ولا أنتِ تصلحين بعد! تخيلي، بنت وتتصرفين برجولية أكثر مني! مو غريب إن أمي تكره تشوفك بلبسي وبنطلوناتي." قالها بنبرة ساخرة، بس أنا بس رفعت عيوني عليه ولفيت وجهي. قلت وأنا متكأة على الكرسي، مقاطعة كلامه: "بلا هالكلام الفاضي، ترى قمصانك وبناطيلك أنثوية أكثر من الهدايا اللي جابتهم لي أمي في آخر عشر أعياد ميلاد!" عقدت رجولي وشبكت إيدي على صدري، كأني أبغى أوضح له إنه مستحيل ألبس الشيء اللي أمي تحاول تفرضه عليّ. "آه.. صح،" قالها مستسلم وهو يسحب كرسي ويجلس جنبي. "بالمناسبة، الشركة فاتحة وظيفة جديدة، أعتقد إنها تتعلق بتصميم الأزياء للفنانين." قالها وهو يحط الأكل في طبقي. رفعت عيوني له بصدمة: "مستحيل." "إيه والله، أمي فصلت آخر مصممة أزياء لأنها تعمدت تخلي الأقمشة ما تناسب ألوان ملابس الفنان الجديد." وقف شوي وبعدين كمل: "وتدرين ليه؟ لأنها غارت. تخيلي، أمي مسوية دراما لأن فنانة سمراء دخلت المجال. كارين العائلة طلعت عن طورها." رفعت حواجبي وقلت باستهزاء: "يا ساتر، مسرحية عنصرية كاملة." ضحك وقال: "إيه، صح؟" سألت وأنا آخد لقمة من الأكل اللي طبخه: "وفيداليا؟ ما شفتها هنا." "في غرفتك، تعرفين إنك قفلتي غرفنا وهي ميتة تعب." بعدين مد يده وخطف الملعقة مني، "وهذي بأخذها، لا تأكلين أكلي بدون صحن. كل مرة تاكلين منه كذا، يخترب الطعم." لفيت عيوني عليه وتركته في المطبخ، متوجهة لغرفتي، حيث أختي نايمة الحين. أول ما دخلت، شفتها مرمية على سريري، شخيرها واضح كأنه صوت بقرة. صغيرة في الحجم، بس صوتها وقت النوم كارثة. عشان كذا، غرفتها هنا جدرانها سميكة ومعزولة عن الصوت، بس عشان نقدر ننام بسلام. ولأن غرفتها كانت مقفلة، طلعت مفاتيحي من جيبي ورحت أفك أقفال الغرف. وبعد ما خلصت، رجعت لها عشان أصحيها. "قومي،" قلت وأنا أهزها. فتحت عيونها بتكشيرة لأنها تكره أحد يزعجها وهي نايمة. رغم شخيرها العالي، بس نومها خفيف، أي صوت غريب عنها يصحيها بسهولة. وحتى الآن، ما أدري كيف هالشيء ممكن يصير. كأنها ما نامت أصلًا. زمجرت وقالت وهي تغطي وجهها بمخدتي: "أمالفي، يا بنت الـ... كان على الأقل تطرقي باب غرفتي!" رفعت يدي وصفعت رجلها، قامت مفزوعة من السرير وهي تصرخ: "إيش ال... آه." واضح إنها لاحظت إن المكان مو مكانها. هزيت راسي بضيق، غبية. "إيه، آه. يلا برا من غرفتي." نطقت وأنا أشدد على كلمة "غرفتي"، عشان تفهم إنها مو غرفتها ولا لازم تتعود إنها سرير عام. اخذت لها عشر ثواني كاملة قبل ما ترميني بحضن قوي. "وحشتيني يا بنت الـ... يلا بروح الحين، شكرًا إنك صحيتيني!" قالتها بسرعة وهي تقوم من السرير وتمشي باتجاه الباب. هززت راسي وأنا أعدل السرير، أرجعه زي ما كان مرتب. "تسك، عقلها خفيف." ما عندي وسواس قهري، بس أكره الفوضى، خصوصًا لما تكون من غيري. رأيكم يهمني .
اخيرا سعودي مابين كل العرب دول 🤍
ردحذف