رواية الجيل الأخير
الجيل الأخير
2025, هاني ماري
خيال علمي
مجانا
كارثة كبرى أدت إلى تدمير العالم كما نعرفه، مخلفةً قلة من الناجين. تجمع الصدفة بين سبعة أفراد من ثقافات وخلفيات مختلفة، يواجهون تحديات الثقة والتعاون في عالم قاسٍ ومظلم. بينما يحاولون البقاء معًا، يبدأون في اكتشاف مهاراتهم الفردية التي تساهم في بناء مأوى مشترك، مما يمنحهم فرصة جديدة للحياة
ديميتري
فقد عائلته في الكارثة، لكنه يستخدم قوته الذهنية للبقاء على قيد الحياة وقيادة المجموعة نحو التنظيم.ليلى
نجت من الكارثة بفضل غرائزها الحادة وقدرتها على التكيف مع الطبيعة. كانت تعيش بمفردها لفترة طويلةميغيل
عامل بناء سابق يعتمد على خبرته العملية لتحويل الحطام إلى ملجأ آمن. يمتلك قلبًا طيبًا وإرادة قوية
وسط دمار العالم وانهيار الحضارة كما نعرفها، تهاوت المدن، وساد الخراب. السماء رمادية دائمًا، والأرض جرداء كأنها تعاقب من بقي عليها وسط هذا المشهد، محطة قطارات مهجورة كانت ملجأً مؤقتًا لأرواح متعبة كانت خطواته ثقيلة وهو يدخل المحطة، عيناه تراقبان كل زاوية، يده تمسك بعصا معدنية قديمة، يبدو أن الصدأ أكل أطرافها. جلس في ركنٍ مظلم، يحاول أن يلتقط أنفاسه. بعد دقائق قليلة، سمع صوت خطوات خفيفة. فتاة تدخل ببطء، تحمل حقيبة صغيرة على كتفها، وعينيها تراقبان المكان بحذر. "من أنتِ؟" قالها بصوت خافت لكنه حاد. تراجعت خطوة للخلف، ممسكة بحقيبتها بقوة. "عابرة سبيل... فقط أبحث عن مكان آمن." نظرت إليه بتمعن قبل أن تضيف: "وأنت؟" "لستُ مضطرًا للإجابة." قالها ببرود، لكنه ظل يتابع حركاتها بعينيه. قبل أن يتطور الموقف، ظهر شخص ثالث. شاب ذو شعر طويل مغطى بالتراب، يحمل بين يديه قطعة معدنية مكسورة. دخل ببطء، ثم وقف على بعد خطوات منهما. "يبدو أنني لست الوحيد الذي يبحث عن مأوى هنا." قالها بنبرة خفيفة، ثم ألقى بنفسه على الأرض دون أن ينتظر دعوة. "من تكون؟" سأل الرجل الأول بنبرة حذرة، مشددًا قبضته على عصاه. "اسمي ماساكي. من اليابان." أجاب الشاب وهو يشير بيده إلى القطعة المعدنية التي يحملها. "لا تقلقوا، لست هنا للسرقة. فقط أحتاج إلى مكان للبقاء." "وأنا كذلك." قالت الفتاة وهي تنظر إليهما بحذر. "أنا ليلى، من شمال إفريقيا." "جميل... ليلى وماساكي. ولكن لا تتوقعوا مني أن أثق بكم بهذه السهولة." قال الرجل الأول بنبرة متجهمة. "وأنت؟" سألته ليلى وهي ترفع حاجبها. تردد للحظة، ثم قال: "ديميتري... من روسيا." مرت لحظات من الصمت الثقيل، وعيونهم تراقب بعضها بريبة. لكن التوتر زاد حينما دخلت امرأة طويلة القامة، ذات ملامح صارمة، وعينين حادتين كأنهما تخترقان كل شيء. لم تتحدث في البداية، بل نظرت إلى الجميع بنظرة تقييم قبل أن تقول: "هل لديكم طعام؟" "وهل نبدو وكأننا نملك وليمة؟" قالها ماساكي بسخرية. لم تجبه، بل جلست على الأرض وفتحت حقيبة جلدية كانت تحملها، وأخرجت سكينًا صغيرًا تستخدمه لتقطيع شيء بدا كأنه بقايا طعام. بعد دقائق، ظهر صوت خطوات ثقيلة. رجل ضخم الجثة، بشعر أشعث ولحية غير مهذبة، يرافقه شاب نحيل ذو ملامح حادة. تقدم الضخم وقال بصوت أجش: "لا نبحث عن المتاعب. فقط نحتاج إلى مكان نقضي فيه هذه الليلة." "وهل نبدو مرحبين؟" قالت المرأة ذات السكين بنبرة حادة. "اسمي ميغيل. من أمريكا الجنوبية." قال الضخم وهو يشير إلى الشاب النحيل بجانبه. "وهذا صديقي عمر... من الشرق الأوسط. لا نريد قتالًا، فقط نبحث عن مأوى." تبادل الجميع النظرات بتوتر، لكن في النهاية جلسوا جميعًا على الأرض، يحاولون فهم ما الذي يجمعهم في هذا المكان الموحش. "ما الذي أتى بكم هنا؟" سأل عمر وهو يراقب النار التي أشعلها ميغيل. "النجاة." قالت ليلى بصوت هادئ، ثم نظرت إلى ديميتري. "وأنت؟" "السبب نفسه. العالم انتهى... ونحن فقط نحاول الاستمرار." كانت الكلمات بسيطة، لكنها حملت ثقلًا كبيرًا. كل منهم كان يحمل قصة، وألمًا، وخوفًا من الآخر. ومع ذلك، أدركوا أن البقاء معًا قد يكون الخيار الوحيد للنجاة في عالم لم يعد يرحم أحدًا. جلس الجميع حول النار التي اشتعلت ببطء، تلقي بظلالها على وجوههم المرهقة. لم يكن هناك شعور بالأمان، لكن الصمت لم يعد يحتمل. بدأ ديميتري، الذي كان يجلس متكئًا على عصاه، ينظر إلى الجميع بنظرة ثقيلة. "حسنًا، طالما أننا عالقون هنا، قد يكون من الجيد أن نتعرف على قصصنا. كيف نجا كل واحد منا؟" قالها وهو يوجه كلامه إلى المجموعة. نظر ماساكي إليه أولاً، ثم قال: "حسنًا... لا أمانع أن أبدأ." وضع القطعة المعدنية المكسورة جانبًا، واعتدل في جلسته. "كنت أعيش في طوكيو عندما بدأت الكارثة. المباني انهارت، والطرقات امتلأت بالجثث. كان الأمر أشبه بجحيم حي. حاولت الهرب مع عائلتي، لكننا فقدنا الاتصال ببعضنا في الزحام. لم يبقَ لي شيء سوى حقيبة صغيرة كانت على ظهري. كنت أتنقل بين الأنقاض، أبحث عن طعام أو ماء. وجدت نفسي وحدي... تمامًا وحدي." صوته انخفض في النهاية، كأن الذكرى تثقل صدره. "وأهلك؟" سألت ليلى بصوت منخفض. هز رأسه ببطء وقال: "لا أعرف. ربما ماتوا... ربما نجوا. لكنني لم أستطع العثور عليهم." ساد الصمت للحظة، ثم قطعته ليلى وهي تقول: "حسنًا، دوري. كنت أعيش في المغرب، في بلدة صغيرة قريبة من البحر. عندما بدأت الكارثة، كان كل شيء فوضويًا. أمواج البحر كانت تبدو وكأنها تريد ابتلاعنا، والناس كانوا يهربون في كل اتجاه. فقدت أبي وأمي في أول يوم. كل ما استطعت فعله هو الهروب إلى الجبال. قضيت أيامًا هناك، أتنقل من مكان لآخر، حتى وصلت إلى هذه المنطقة. لا أعرف حتى كيف قطعت كل هذه المسافة." "كيف بقيتِ على قيد الحياة كل هذه المدة؟" سألها ميغيل بدهشة. "تعلمت أن أثق بغرائزي. كنت أهرب من أي تجمعات بشرية، لأن البشر أصبحوا أكثر خطرًا من أي شيء آخر." أجابت ليلى وهي تنظر إلى النار. ضحك ميغيل ضحكة قصيرة وقال: "أوافقك الرأي. البشر يمكن أن يكونوا أسوأ الكوارث." أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتحدث: "أما أنا، فقد كنت أعيش في ريو دي جانيرو عندما حدثت الكارثة. الأمر كان كابوسًا. العصابات استولت على الشوارع، وكان القتال من أجل البقاء يوميًا. كنت أعمل كعامل بناء، وهذا ما أنقذني. عرفت كيف أستخدم الأدوات من حولي للبقاء على قيد الحياة. لكن... خسرت زوجتي وابني. كنت أحاول حمايتهم، لكنني فشلت." أطرق الجميع رؤوسهم بصمت، وكان من الواضح أن الألم مشترك بينهم. "وأنت يا عمر؟" سأل ماساكي الشاب النحيل الذي كان يجلس بعيدًا قليلًا عن الباقين. رفع عمر رأسه ببطء وقال: "كنت أعيش في سوريا. الحرب جعلتنا معتادين على الفوضى، لكن الكارثة... كانت شيئًا آخر تمامًا. كنت أعمل مع والدي في ورشة لتصليح السيارات. عندما بدأت الأمور تسوء، حاولنا البقاء في منزلنا، لكن لم يكن هناك أمان. في النهاية، اضطررت للهرب وحدي بعد أن فقدت عائلتي. تعلمت أن أعيش على القليل... وأتجنب البشر قدر الإمكان." "وأنتِ؟" سأل عمر المرأة ذات السكين، التي كانت حتى الآن صامتة. نظرت إليهم بعينيها الحادتين وقالت: "اسمي إيفا. من ألمانيا. كنت أعمل كممرضة في أحد المستشفيات. عندما بدأت الكارثة، حاولنا مساعدة الناس، لكن الأمر خرج عن السيطرة بسرعة. المستشفى تحول إلى ساحة حرب. حاولت الهرب، وأخذت معي بعض الإمدادات. منذ ذلك الوقت، وأنا أتنقل بين الأماكن المهجورة، أبحث عن طعام وماء. الثقة؟ لا أثق بأحد." "لا عجب أنك تحملين سكينًا." قال ميغيل بابتسامة خفيفة. نظرت إليه إيفا بحدة وقالت: "السكين كان سبب نجاتي في أكثر من مرة." في النهاية، وجه الجميع أنظارهم إلى ديميتري، الذي كان صامتًا طوال الوقت. "ماذا عنك؟" سألته ليلى. ابتسم بسخرية وقال: "قصتي لا تختلف كثيرًا. كنت أعيش في موسكو. عندما بدأت الكارثة، حاولت البقاء في المدينة، لكن الفوضى كانت أكبر من أن تُحتمل. كنت ضابطًا سابقًا في الجيش، وهذا ساعدني في الدفاع عن نفسي. لكنني خسرت كل من أحب... الجميع." توقف للحظة، ثم أضاف: "الشيء الوحيد الذي تعلمته هو أنني يجب أن أبقى قويًا، لأن العالم الآن لا يرحم الضعفاء." ساد الصمت مرة أخرى، لكن هذه المرة لم يكن ثقيلًا كما كان. كان بينهم شيء مشترك: ألم الفقدان، والرغبة في البقاء. وعلى الرغم من أنهم لم يثقوا ببعضهم تمامًا بعد، إلا أن تلك القصص جعلتهم يدركون أنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم الموحش. بعد تبادل القصص، بدأت النار تخفت تدريجيًا، لكن شيئًا آخر اشتعل بينهم: إحساس بالهدف المشترك. رغم انعدام الثقة الكاملة، بدأوا يدركون أن بقائهم يعتمد على العمل كفريق. قطع ميغيل الصمت بصوته الأجش: "إذا كنا سنبقى هنا، علينا أن نفكر في خطة. هذا المكان لا يمكن أن يكون ملجأ دائمًا. محطة القطار مفتوحة، والرياح تجلب معها البرد. إذا لم نبنِ شيئًا يحمي أجسادنا، سنموت جميعًا." أومأ ماساكي برأسه وقال: "أوافق. نحن بحاجة إلى مكان آمن. لكن قبل أن نبدأ، يجب أن نحدد ما يجيد كل واحد منا. من الواضح أن كل واحد هنا لديه مهارات معينة." رفعت إيفا سكينها وقالت بثقة: "أنا أعرف كيف أتعامل مع الإصابات، وكيف أبحث عن نباتات صالحة للأكل. كما أنني أجيد الدفاع عن نفسي." ابتسم ميغيل قليلاً وقال: "جيد. أما أنا، فكما قلت، كنت عامل بناء. أعرف كيف أستخدم ما حولي لبناء أي شيء تقريبًا. سنحتاج إلى أدوات وخشب، وربما بعض الحجارة إذا أردنا مأوى قويًا." "وأنا أجيد التخطيط والتفكير الاستراتيجي." قال ديميتري وهو يتكئ على عصاه. "حياتي كضابط سابق علمتني كيفية قيادة الفرق، ووضع خطط تناسب الموارد المحدودة." "وأنا..." قال عمر بتردد. "أجيد إصلاح الأشياء. تعلمت ذلك في ورشة والدي. إذا وجدنا أي أدوات أو معدات قديمة، يمكنني إصلاحها أو إعادة استخدامها." أضافت ليلى وهي تنظر إلى حقيبتها الصغيرة: "أنا سريعة الحركة وأعرف كيف أبحث عن المؤن. قضيت أشهرًا أتنقل بين القرى والجبال دون أن يتمكن أحد من الإمساك بي." "حسنًا." قال ماساكي وهو ينظر إلى المجموعة. "أنا مهتم بالتكنولوجيا، حتى لو لم يعد هناك أجهزة متطورة كما في السابق. لكنني أستطيع التعامل مع الأجهزة البسيطة، مثل المولدات الصغيرة أو البطاريات، إذا وجدنا أي شيء قابل لإعادة التشغيل." نظر الجميع لبعضهم البعض، ثم قال ديميتري: "هذا جيد جدًا. لدينا فريق متنوع بمهارات مميزة. الخطوة الأولى الآن هي وضع خطة لبناء مأوى مناسب." بدأوا بالتخطيط. اقترح ميغيل أن يستخدموا الحطام الموجود حول محطة القطار. بعض الأخشاب المكسورة، أعمدة معدنية قديمة، وحتى الحجارة التي يمكن جمعها من المنطقة المحيطة. "لكننا بحاجة إلى تقسيم الأدوار." قال ديميتري بحزم. "ميغيل سيقود عملية البناء. عمر سيبحث عن أي أدوات يمكننا استخدامها. ليلى وماساكي، أنتما ستتوليان جمع المؤن والبحث عن مواد مفيدة. إيفا ستبقى هنا لحراسة المكان، والتأكد من أن لا أحد يصاب بمكروه. أما أنا، فسأتولى مراقبة المنطقة ووضع خطة لتحصين المكان." تبادل الجميع النظرات، ثم أومأوا برؤوسهم موافقين. لأول مرة، شعروا أنهم ليسوا وحدهم في هذا العالم القاسي. مع أول ضوء للصباح، انطلقت ليلى وماساكي للبحث عن المؤن. كانا يتحركان بحذر، يراقبان كل زاوية. وجدا بالقرب من المحطة بعض الصناديق القديمة، وبعض الأدوات الصدئة. "يمكننا استخدام هذه." قال ماساكي وهو يفحصها. في الوقت نفسه، كان ميغيل يوجه ديميتري وعمر في جمع الأخشاب والأعمدة المعدنية. بدأوا في وضع الأساسات باستخدام الحجارة الثقيلة التي جمعوها من المنطقة المحيطة. كانت حركة ميغيل مليئة بالثقة، كأن البناء كان جزءًا من جسده. "هذا العمود يجب أن يكون في المنتصف." قال ميغيل وهو يشير إلى قطعة معدنية طويلة. "سيحمل السقف إذا ثبتناه جيدًا." إيفا بقيت في المحطة، عيناها تراقبان الطريق بحذر، وسكينها جاهزة لأي تهديد محتمل. بين الحين والآخر، كانت تفحص الحقائب التي جمعوها، وتتأكد من وجود أي أعشاب صالحة للاستعمال. بعد ساعات من العمل الشاق، بدأت الملامح الأولية للمأوى تظهر. كان عبارة عن هيكل خشبي ومعدني بسيط، لكنه قوي بما يكفي لتحمل الرياح الباردة التي تهب في الليل. عندما تجمعوا حول النار مرة أخرى، بدأوا يتبادلون الأفكار لتحسين المكان. "نحتاج إلى وسيلة لتخزين الماء." قالت إيفا وهي تفكر بصوت عالٍ. "وإلى تقوية السقف أكثر." أضاف ميغيل. "وأيضًا، يجب أن نفكر في طريقة لتوليد الطاقة. ربما نجد بطاريات أو حتى ألواح شمسية في مكان ما." قال ماساكي بحماسة. تبادلوا الابتسامات الخفيفة. ورغم الإرهاق، شعروا بأنهم يحققون شيئًا. لم يكن مجرد مأوى، بل كان بداية جديدة، وربما أول خطوة نحو إعادة بناء حياتهم المدمرة. كل شخص كان يؤدي دوره، وكل مهارة كانت تساهم في هذا المشروع المشترك. وبينما كانوا يعملون، بدأ شيء آخر ينمو بينهم: الثقة. رغم اختلافهم، ورغم كل ما مروا به، كانوا الآن فريقًا واحدًا، يقف متحدًا في مواجهة عالم لا يرحم.
ليها فصل تاني اكيد!
ردحذفبعشق القصص دي اوى ❤️❤️🥰🥰
ردحذفانا بشوف ان النوع ده من القصص لازم يكون ليه مستقبل اكبر لاني بصراحه ما بشوفش قصص ياما من النوع ده
ردحذفوبالنسبه للكاتب كفو عليك بجد 👍🥰
تسلم ❤❤
حذف