رواية الأرواح الحائرة - رعب

الأرواح الحائرة

2025, أدهم محمد

رعب

مجانا

رعب نفسي وغموض تتبع قصة عائلة عبد الله التي اختفت بشكل غامض في منزل قديم في حي شعبي. بداية الرواية تحمل القارئ في رحلة مليئة بالغموض، حيث يتم تقديم مشاهد مرعبة عن أصوات غريبة وظلال تتحرك داخل المنزل الملعون. تتحول القصة بعد خمس سنوات إلى دراما مع عودة الابنة الكبرى

سلمى

هي الشخصية الرئيسية في الرواية. كانت ابنة العائلة التي قتلت في المنزل القديم، وعادت إلى الحي بعد خمس سنوات

عبد الله

والد سلمى، الذي كان يعمل حلاقًا في الحي. كان شخصية هادئة وحكيمة، لكن منذ أن سكنوا في ذلك المنزل، أصبح يشعر بشيء غريب.

صفية

أم سلمى، شخصية حنونة ومربية، كانت تهتم بأسرتها وتهتم بزراعة الأمل في قلوبهم. كانت تعرف أسرار البيت منذ البداية
تم نسخ الرابط
الأرواح الحائرة

   في حي شعبي، يقع منزل قديم مهدم بواجهة خشبية متآكلة. هذا المنزل كان منازل العديد من العائلات التي تأثرت بحياة الفقر والقلق، ولكن عائلة عبد الله كانت تعرف بحياة مستقرة رغم ضيق الحال. عبد الله، الأب الحكيم، كان يعمل حلاقًا في الزاوية المقابلة للمنزل، أما صفية، الأم الطيبة، فكانت تهتم بشؤون المنزل وتزرع الأمل في قلوب أطفالها. كانت الابنة الكبرى سلمى فتاة هادئة وجميلة، أما يوسف، الأخ الأصغر، فكان يشعر بالحياة أكثر في طفولته المفعمة بالمرح.

على الرغم من الحياة السوية التي عاشوها، كان هناك شيء غير مريح في المنزل. كانت جدرانه تحمل أصواتًا خافتة، كأنها تهمس بكلمات غير مفهومة. في منتصف الليل، كان عبد الله يسمع أحيانًا صرخات بعيدة، يظن أنها مجرد أصوات الرياح، لكنه كان يشعر في أعماقه أن شيئًا ما في ذلك المنزل ليس طبيعيًا.

كان الحي بأسره يتحدث عن المنزل، ففي فترات ما قبل ظهور عائلة عبد الله، كان المنزل فارغًا لسنوات طويلة، وكانت تُسمع فيه أصوات غريبة، كما كان بعض السكان يزعمون أنهم رأوا أشباحًا تظهر في النوافذ في ليالي الشتاء القارسة.

مرت سنوات عدة، وكانت الحياة في المنزل هادئة إلى حد ما، لكن شيئًا ما كان يتغير. بدأ عبد الله يشعر بأن المنزل يزداد ثقلاً، وكأن جدرانه تصدح بالألم. في إحدى الليالي، وبعد مغادرته الحلاقة، عاد إلى المنزل ليجد أن باب المدخل كان مفتوحًا. دخل ليجد العائلة في حالة ذهول.

الأم صفية كانت جالسة على الأرض في الممر، عيناها فارغتان، لا تدرك ما حولها. يوسف كان ممسكًا بلعبته القديمة، مغمض العينين وكأنه في حلم. أما سلمى، فقد كانت غائبة عن الوعي تمامًا، ملقاة على سريرها، ووجهها شاحب.

في تلك اللحظة، بدأ عبد الله يشعر بشيء غريب في الهواء، وكأنها قوة غير مرئية تحيط بالمنزل. قام بحمل صفية وركض بها إلى الشارع، لكنه شعر بيد ثقيلة على قلبه.

ثم جاءت الصدمة الأكبر. في اليوم التالي، عندما جاء الجيران للاطمئنان، اكتشفوا الجثث: الأب عبد الله، الأم صفية، والطفلان، جميعهم قتلوا بطريقة مروعة في ذات المنزل، مع علامات واضحة على التعذيب.

لكن الأغرب من ذلك هو أن سلمى، الابنة الكبرى، كانت مفقودة. جسدها لم يُعثر عليه في أي مكان داخل المنزل أو حوله. الجميع استنتج أن قاتلًا مجهولًا كان خلف هذا الجريمة، لكن لا أحد استطاع تفسير ما حدث.

سلمى، التي اختفت عن الأنظار منذ تلك الليلة العصيبة، عادت بعد خمس سنوات. لكنها لم تكن نفسها. كانت تبدو شابة في العشرينات، ولكن عيونها كانت فارغة، ووجهها شاحب للغاية. عندما دخلت الحي، لم يصدق الناس أعينهم، فهي لم تكن تخرج من المنزل منذ الحادثة، وأحاديث عديدة دارت حول موتها.

سلمى كانت تشعر بشيء غريب. كأن البيت كان يطلب منها العودة، مثل نداء لا يمكنها تجاهله. دافعها الوحيد هو اكتشاف حقيقة ما جرى لعائلتها، وكيف نجا جسدها من الموت، ومن الذي كان وراء هذه الجريمة الرهيبة.

كلما اقتربت من المنزل، كلما زاد الإحساس بأن شيئًا مظلمًا يلاحقها. كان البيت يلوح في الأفق، وكلما اقتربت منه، شعرت بأن الهواء يصبح أكثر كثافة.

عندما وصلت سلمى إلى الحي، لم يكن الوضع كما كانت تتوقعه. الحي الذي كان يضج بالحياة، أصبح اليوم مظلمًا وحزينًا، كأن الحزن يحيط بكل زاوية. منازل الجيران التي كانت مليئة بالضحكات في الماضي، أصبحت الآن مهجورة أو مغلقة. البعض ممن كانوا يعرفون العائلة، أصبحوا يتجنبون النظر في عينيها وكأنها تحمل لعنة.

لكن كانت هناك بعض الوجوه التي تذكرت سلمى بقلوب حانية، خصوصًا فاطمة، جارتهم القديمة، التي احتضنتها بحرارة عندما رأتها لأول مرة بعد سنوات. قالت لها بحزن:

"أنتِ لم تتغيري، يا سلمى... ولكن قلبي يشعر أن شيئًا ثقيلًا في قلبك، هل تعرفين كم عانينا بعد اختفائك؟ لقد كانت الجريمة في بيتكم حديث الحي لمدة طويلة. لكننا لم نكن نريد أن نتحدث عن الأمر، خوفًا من أن يلتفت أحدهم إلينا. الناس هنا كانوا يتحدثون عن أشباح تخرج من منزلكم، وكانوا يزعمون أنهم رأوا أشياء غريبة في الليل... ولكن لا أحد كان يجرؤ على الاقتراب من ذلك المكان."

سلمى ابتسمت بخجل، لكنها كانت تشعر بشيء غريب يملأ قلبها. لم يكن لديها وقت لتسمع المزيد من الحكايات، فهي بحاجة إلى أن تكتشف حقيقة ما حدث لعائلتها، وحقيقة ما كانت تشعر به عندما قررت العودة.

مرت ساعات طويلة قبل أن تجرؤ سلمى على العودة إلى منزلها. وكلما اقتربت من المنزل، كان قلبها ينبض بشدة، وكأن الجدران نفسها تناديها. عرفت أنها كانت ستواجه الكثير من الصعاب، ولكنها كانت عازمة على معرفة الحقيقة.

وصلت إلى المدخل، حيث كانت الأبواب الخشبية قد تأثرت مع مرور الزمن. هناك، في قلب المنزل، كان الشعور غريبًا. الباب كان نصف مفتوح، وكان الظلام يعم المكان، عتمة تغطي كل زاوية. مع كل خطوة تخطوها، كان الهواء يزداد برودة، وكان صرير الأرضية تحت قدميها يزداد وضوحًا.

عندما دخلت، كان المكان يشبه ما تركته تمامًا. أثاث قديم وملابس متناثرة، وذكريات على الجدران تشهد على أيام كانت جميلة. ولكن كان هناك شيء آخر، شيء مختلف.

في الزاوية البعيدة من غرفة المعيشة، كانت هناك صورة لوالدها عبد الله، وكان يبدو كما لو أنه يبتسم في الصورة، لكن عينيه كانت غامضة. لم تستطع سلمى تحديد إذا كان ذلك مجرد خيال، أم أن الصورة كانت تشير إليها بنظرات قاسية.

ثم سمعت الصوت، صوت هامس قادم من غرفة النوم. ليس صرخة، بل همسات ناعمة وكأنها تدعوها للمجيء.

دخلت سلمى بحذر إلى غرفة النوم حيث كانت والدتها صفية قد تجلس دائمًا. لكن الغرفة كانت مختلفة، كانت كأنها مليئة بالأرواح، بكل زاوية، كان هناك شعور بالوحدة والغموض. في الزاوية البعيدة، خلف الستار القديم، كان هناك صندوق خشبي صغير، يكاد لا يُلاحظ.

فتحته سلمى ببطء، وداخل الصندوق كان هناك مذكرات قديمة تخص والدتها. لكن ما أثار انتباهها هو وجود ورقة مغطاة بالدماء، مكتوب عليها بخط يد غير معروف:

"الدماء التي لا تجف، ستبقى تتبع العائلة."

في تلك اللحظة، شعرت بشيء غريب في الهواء. أصبح الجو أكثر كثافة. كانت المذكرات تشع برائحة العفن، وكأنها مفتوحة منذ زمن طويل. وكان هناك حديث متسلسل في داخل رأسها.

"هل تعلمين يا سلمى؟ كل شيء كان مخططًا له منذ البداية. عائلتك لم تكن مجرد ضحية عشوائية. أنتِ فقط كنتِ آخر من بقى. وكان هناك سبب لنجاتك."

كلما أمعنت النظر في المذكرات، كانت الكلمات تصبح أكثر وضوحًا. ظهرت تفاصيل جديدة حول المنزل، وتاريخ الدماء التي سُفكت فيه. كان هناك سر قديم، لا يزال يطارد المكان. كان البيت قد بُني على أرض كانت مملوكة لعائلة قديمة سُحقت في حادثة مروعة قبل مئات السنين. وكانت تلك العائلة قد مارست طقوسًا مظلمة، وفتحت أبوابًا لا يجب فتحها.

سلمى كانت على وشك فقدان صوابها. كان الظلام في المكان يزداد أكثر، وكان هناك شيء ثقيل يقترب منها. كانت تسمع خطوات خلفها، ولكن عندما التفتت، لم تجد أحدًا.

ثم جاء الصوت...

"أنتِ هنا الآن... لتعرفي الحقيقة، ولكنها لن تكون النهاية. هذا هو المكان الذي سيغرق في الظلام إلى الأبد."

كانت سلمى تشعر كما لو أن قلبها توقف عن الخفقان. كان الصوت الذي سمعت من قبل يتردد في أذنيها، وكأنها محاطة بأصوات خفية من كل جانب. ولكن عندما نظرت إلى الغرفة، لم تجد أي شخص. مجرد جدران، وأثاث قديم، وظلال ترقص على الحائط. لكن شعورًا غريبًا يعصر قلبها، كأن هناك شيء غير مرئي يراقبها.

خطواتها ترددت في الغرفة، وعينيها تتنقلان بين الأثاث المبعثر. كان كل شيء على حاله كما تركته منذ سنوات. لكنها كانت تعلم أن كل شيء تغير. المنزل لم يعد مجرد مكان قديم يحمل ذكريات، بل أصبح كائنًا حيًا، عاطلًا عن الحياة، لكنه مليء بالذكريات المظلمة التي لا تستطيع الهروب منها.

ثم، فجأة، ظهر أمامها ضوء خافت، ينبعث من تحت الأرضية في الزاوية البعيدة. كان الضوء يرقص بلطف، وكأن هناك شيء يحاول أن يخرج من عمق الأرض. قلبها بدأ ينبض بسرعة أكبر، وكل خطوة نحو الضوء كانت أشبه بمواجهة قدرٍ مجهول. اقتربت سلمى من المكان بحذر شديد، ثم انحنت لترتفع الألواح الخشبية من الأرض. تحت الأرضية كانت توجد فتحة مظلمة، تشع منها رائحة عفن غريبة.

بفضول لا يهدأ، نظرت سلمى إلى داخل الفتحة، ورأت صندوقًا قديمًا يبدو وكأنه مليء بالغبار. لم يكن هناك مفتاح، لكن الصندوق كان مفتوحًا، كما لو أن الزمن نفسه قد رفض أن يتركه مغلقًا. داخل الصندوق كان هناك دفتر قديم، أوراقه مهترئة وكأنها تحمل علامات الزمن. افتتحت الدفتر بحذر، وبدأت تقرأ الكلمات المكتوبة بأحرف قديمة.

"نحن العائلة الأخيرة... الدماء التي تسرّبَت عبر العروق كانت بداية لعهدٍ مظلم. لا يمكن للزمن أن يمحو ما بدأناه، ولا يمكن للدم أن يُغسل. اليوم، سيعود ما ذهب. وستكونين أنتِ، يا ابنتنا، من تجلبين العذاب الجديد."

كانت الكلمات كالحرب التي تقصف عقلها. كل كلمة كانت تثبت أن ما جرى لعائلتها لم يكن حادثًا عاديًا. بل كان جزءًا من شيء أعمق، شيء غامض.

ثم، بعد أن قرأت المزيد، فهمت أن عائلتها كانت جزءًا من طقوس قديمة تتعلق بالقوى التي لا يفهمها البشر. كل جريمة قتل كانت جزءًا من طقوس تقديم "الدماء العذبة" لأرواح مظلمة، وكان المنزل نفسه يحمل اللعنة.

لكن الأغرب من ذلك كان ما قرأته بعد ذلك:

"ولكن هناك من سيكسر دائرة الظلام، شخص سيعود للقتال مع الظلال. وستكون أنتِ، يا سلمى، من ستدفع الثمن."

في اللحظة التي قرأت فيها هذه الكلمات، شعرت بشيء ثقيل يعصف بجو الغرفة. ظلال كثيفة بدأت تتشكل في الزوايا، تتكاثف وتتحرك بشكل غير طبيعي، وكأنها تشعر بوجودها، تستشعر الخطر الذي تحمله سلمى في يدها.

فجأة، تملكتها مشاعر غريبة. كانت عيونها تتسع، وشعرت بشيء ثقيل في صدرها، كأن روحًا غريبة تجتاح جسدها. كان المنزل يهمس في أذنها، وكان قلبها يزداد قلقًا. كان الصوت يتكرر بشكل متسارع:

"لن تفرغي من هنا. لن تفرغي من هنا. نحن هنا ونحن لا نغادر."

كانت الظلال تتكاثف حولها، تأخذ شكلًا أكثر وضوحًا. ظل ضخم، أسود، يتشكل أمامها، وبدأ يقترب منها بسرعة. بدأت الأبواب تُغلق بشدة، والجدران تضيق حولها.

ثم، في اللحظة التي شعرت فيها أنها قد فقدت كل أمل، نظرت إلى الدفتر مرة أخرى، لتجد أن هناك طقوسًا قديمة مكتوبة على إحدى الصفحات. كانت طقوسًا لتحطيم اللعنة التي عاشها المنزل، ولكن كانت تتطلب دماءً جديدة لتكتمل. دماء قد تكون حياتها هي الثمن.

سلمى كانت تعلم أن ما أمامها هو خيار مستحيل. كان الثمن هو حياتها أو تخليص الروح من قبضة الظلام إلى الأبد. لكن كان هناك شيء في أعماقها، شيء غريب يصرخ: "لا تقبلي المساومة." كانت تعلم أن البيت كان يتحكم في كل شيء حولها، وكان لديها فقط فرصة واحدة لتدمير هذه اللعنة التي كانت تلاحق عائلتها منذ مئات السنين.

ثم، وقد سيطرت عليها فكرة جديدة، جرت نحو المركز المظلم في المنزل حيث كانت الظلال تتركز، وبدأت تردد كلمات الطقوس. مع كل كلمة كانت ترددها، كان الصوت يزداد صخبًا. كان الجو يصبح أكثر كثافة، وبدأت الجدران تهتز.

"أريد أن أحرركم... أريد أن أوقف هذه الحلقة."

ولكن هل ستنجح في كسر اللعنة أم أن الظلال ستدمرها قبل أن تنجح؟

سلمى كانت تقف في وسط الغرفة، كلمات الطقوس القديمة تخرج من فمها بصوت مرتجف، والظلال حولها تكاد تبتلع كل شيء. كانت تشعر بالضغط يزداد على صدرها، وكأنها في معركة مع قوى لا يمكن تصورها. قلبها ينبض بسرعة، لكن عقلها لا يستطيع أن يوقف التساؤلات التي تتراكم: هل هي قادرة على كسر اللعنة؟ وهل ستكون التضحية بحياتها الثمن الوحيد للخلاص؟

بينما كانت تردد الكلمات، بدأت جدران البيت تتحرك. كان المنزل بأسره يهتز كما لو أنه يستفيق من سبات طويل. الظلال في الزوايا تتكاثف بشكل مرعب، كأنها تود الإمساك بها من كل جانب. شعرت بشيء ثقيل يقترب من جسدها، وكأنها أصبحت جزءًا من هذه الظلال المظلمة.

ثم، فجأة، سكت كل شيء. توقف الصوت، وتوقف الهواء عن التحرك. كان البيت أصبح في صمت مطبق، وكأن الزمن نفسه قد تجمد. لحظة رهيبة من الهدوء قبل العاصفة.

لكن في تلك اللحظة، شعرت سلمى بشيء غريب في قلبها. هناك، في أعماقها، كان شعور غير قابل للتفسير. كان كأن جزءًا منها كان يُسحب بعيدًا عن جسدها، وأنه لا يمكن العودة بعد الآن. كان المنزل يأخذها، يملك روحها كما امتلك عائلتها قبلها.

في لحظة واحدة، تردد الصوت المألوف الذي سمعته في البداية، ذلك الصوت الذي كان يهمس في أذنيها:

"لن تفرغي من هنا."

ثم، بدأ المنزل في الانهيار من حولها. الجدران تتشقق، والأثاث ينهار، والظلال تزداد قوة. كان كل شيء يتفكك كما لو أنه في النهاية الحتمية التي كانت تنتظرها. كانت تشعر بأن النهاية قد وصلت، وأنها هي نفسها جزء من هذا الكابوس المظلم الذي لا يمكن الهروب منه.

لكن في اللحظة الأخيرة، لم يكن الألم هو ما شعرت به. كان هناك شعور غريب بالسلام، كما لو أن الظلال قد اقتنعت أخيرًا بحلول سلمى في هذا المكان الملعون. وقبل أن تستطيع فهم ما يجري، انقضت الظلال على جسدها بسرعة، وجذبته إلى أعماق الظلام، حيث لم يعد هناك أي أمل أو ندم.

في صباح اليوم التالي، وصل الجيران إلى منزل العائلة بعدما سمعوا أصوات الانهيار. لكن ما رأوه كان غريبًا. البيت قد اختفى تقريبًا. جدرانه كانت متهدمة، والأثاث مبعثر في كل مكان. لا شيء يدل على وجود سلمى أو أي أثر من آثار عائلتها.

كل ما تبقى من المنزل كان رائحة غريبة، وصدع عميق في الأرض حيث كانت غرفة النوم. وأبعد من ذلك، في الزوايا المظلمة، كان هناك أثر واحد واضح: صورة قديمة لعبد الله وصفية، والدماء قد تساقطت عليها.

كان الحي بأسره يحبس أنفاسه، وكأن الجميع في انتظار شيء لا يمكن تفسيره. وظل الناس يتحدثون عن ذلك المنزل الملعون الذي لا يزال يحمل أثار الأرواح المحبوسة فيه. وفي كل مرة يتحدثون عن القصة، يمر ظل غريب على الطريق أمامهم، وكأن الظلام ذاته لم يرحل.

ومع مرور الزمن، أصبح المنزل ذكرى مظلمة، نسيها البعض، بينما كان آخرون يتجنبون ذكره، خائفين من أن يُذكر اسم سلمى أو يُذكر البيت، لأنهم كانوا يعلمون أن شيئًا مظلمًا ما زال يختبئ في تلك الزوايا المظلمة.

لكن الحقيقة الوحيدة التي لم يتحدث عنها أحد هي أنه عندما حل الظلام، كان الجميع يعلم أن اللعنة لم تنتهِ بعد.

تعليقات

إرسال تعليق

authorX

مؤلفون تلقائي

نظام شراء